الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"
نعم" و"بئس" وما جرى مجراهما:
485-
فعلان غير متصرفين
…
نعم وبئس، رافعان اسمين
486-
مقارني "أل" أو مضافين لما
…
قارنها: كـ"نعم عقبى الكرما"
487-
ويرفعان مضمرًا يفسره
…
مميز: كـ"نعم قومًا معشره"
"فعلان غير متصرفين نعم وبئس" عند البصريين والكسائي، بدليل "فبها ونعمت"1؛ واسمان عند الكوفيين2؛ بدليل "ما هي بنعم الولد"3؛ و "نعم السيرُ على بئس العير"، وقوله "من الرجز":
744-
صبحك الله بخير باكر
…
بنعم طير وشباب فاخر
1 هذا جزء من حديث شريف رواه أبو داود والترمذي والنسائي وأحمد، وهو بتمامه $"من توضأ يوم الجمعة فيها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل".
2 انظر المسألة الرابعة عشرة من الإنصاف في مسائل الخلاف ص97-126.
3 هذا القول لأعرابي قاله بعد أن أُخبر بأن امرأته ولدت له بنتًا.
744-
التخريج: الرجز بلا نسبة في الدرر 5/ 195؛ ولسان العرب 12/ 582 "نعم"؛ والمقاصد النحوية 4/ 2؛ وهمع الهوامع 2/ 84.
اللغة: باكر: سريع. نعم طير: خير طير.
المعنى: صبحك الله بكلمة "نعم" منسوبة إلى الطائر الميمون.
الإعراب: صبحك: فعل ماضٍ مبني على الفتح، و"الكاف": ضمير متصل مبني في محل نصب مفعول به. الله: لفظ الجلالة فاعل مرفوع بالضمة. بخير: جار ومجرور متعلقان بـ"صبحك". باكرًا: نعت "خير" مجرور بالكسرة. بنعم: "الباء": حرف جر، و"نعم": اسم مجرور بالكسرة المقدرة منع من ظهورها =
وقال الأولون: هو مثل قوله "من الرجز":
745-
عمرك ما ليلى بنام صاحبه
…
"ولا مخالط الليان جانبه"
وسبب عدم تصرفهما لزومهما إن شاء المدح والذم على سبيل المبالغة، وأصلهما
= اشتغال المحل بحركة البناء الأصلي، وهو مضاف، والجار والمجرور متعلقان بـ"صبحك". طير: مضاف إليه مجرور بالكسرة. وشباب: حرف عطف ومعطوف مجرور. فاخر: نعت "شباب" مجرور بالكسرة.
وجملة "صبحك": ابتدائية لا محل لها من الإعراب.
الشاهد فيه قوله: "بنعم طير" حيث جاءت "نعم" اسمًا بدليل دخول حرف الجر عليها، وحرف الجر لا يدخل إلا على الاسم، وإضافتها لأن الإضافة خاصة بالأسماء. هذا على الرأي الكوفي. وانظر الرأي البصري في المسألة الرابعة عشرة من الإنصاف من مسائل الخلاف ص97-126.
745-
التخريج: الرجز للقناني "أبي خالد" في شرح أبيات سيبويه 2/ 416؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص99، 100؛ والإنصاف 1/ 112؛ وخزانة الأدب 9/ 388؛ 389؛ والخصائص 2/ 366؛ والدرر 1/ 76، 6/ 24؛ وشرح عمدة الحافظ ص549؛ وشرح المفصل 3/ 62؛ ولسان العرب 12/ 595 "نوم"؛ والمقاصد النحوية 4/ 3؛ وهمع الهوامع 1/ 6، 2/ 120.
اللغة وشرح المفردات: المخالط: المعاشر. الليان: ضد الخشونة.
المعنى: يقسم بأنه لم يعرف النوم في هذه الليلة. وجانبه لم يعرف اللين أيضًا.
الإعراب: "عمرك": "عمر": مبتدأ مرفوع بالضمة، وهو مضاف، "والكاف": ضمير متصل في محل جر بالإضافة، والخبر محذوف وجوبًا تقديره:"قسمي". ما: حرف نفي. "ليلي: مبتدأ مرفوع بالضمة القدرة على ما قبل الياء لانشغال المحل بالحركة المناسبة، وهو مضاف، والياء: ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. وقد تكون "ليلي" اسم "ما" العاملة عمل "ليس" على رأي الحجازيين مرفوعًا. بنام: الباء: حرف جر زائد، مجروره محذوف تقديره: "ما ليلي بليل مقول فيه نام صاحبه". نام: فعل ماض مبني على الفتحة الظاهرة. صاحبه: فاعل مرفوع بالضمة الظاهرة، وهو مضاف، والهاء: ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة. ولا: الواو حرف عطف، "لا": حرف نفي. مخالط: معطوف على "ليلي" مرفوع بالضمة الظاهرة، وقد تكون نعتًا لـ"الليل" المحذوف تبعًا للفظه، وهو مضاف. الليان: مضاف إليه مجرور بالكسرة. جانبه: فاعل "مخالط" مرفوع بالضمة الظاهرة، وهو مضاف، والهاء ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة.
وجملة القسم ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "ما ليلي بليل" لا محل لها من الإعراب لأنها جواب القسم. وجملة "نام صاحبه" الفعلية في محل رفع أو نصب صفة "ليل" المحذوف. وقيل: في محل نصب مقول القول محذوف تقديره: "والله ما ليلي بليل مقول فيه نام صاحبه".
الشاهد فيه: أن حرف الجر داخل على محذوف، والتقدير بمقول فيه:"نام صاحبه"، فحذف القول وبقي المحكي به. وقيل إنه من باب حذف الموصوف غير القول، والتقدير:"بليل نام صاحبه فيه"، فالجر دخل في الحقيقة على الموصوف المقدر لا على الصفة.
"فعل"، وقد يردان كذلك، أو بسكون العين وفتح الفاء وكسرها، أو بكسرهما. وكذلك كل ذي عين حلقية من "فعل"، فعلا كان كـ"شهد" أو اسمًا كـ"فخذ". وقد يقال في "بئس":"بِيس""رافعان اسمين" على الفاعلية "مقارني أل"، نحو:{نِعْمَ الْعَبْد} 1 و {بِئْسَ الشَّرَابُ} 2، "أو مضافين لما قارنها كنعم عقبى الكراما"، {وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِين} 3، {فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِين} 4، أو مضافين لمضاف لما قارنها كقوله "من الطويل":
746-
فنعم ابنُ أختِ القومِ غير مكذب
…
"زهير حسامًا مفردًا من حمائل"
وإنما لم يُنبه على هذا الثالث لكونه بمنزلة الثاني، وقد نبه عليه في التسهيل.
تنبيهات: الأول: اشتراط كون الظاهر معرفًا بـ"أل"، أو مضافًا إلى المعرف بها، أو إلى المضاف إلى المعرف بها -هو الغالب، وأجاز بعضهم أن يكون مضافًا إلى ضمير ما فيه "أل"، كقوله "من الطويل":
747-
فنعم أخو الهيجا ونعم شبابُها
1 ص: 30.
2 الكهف: 29.
3 النحل: 30.
4 النحل: 29.
746-
التخريج: البيت لأبي طالب في خزانة الأدب 2/ 72؛ والدرر 5/ 200؛ وشرح التصريح 2/ 95؛ والمقاصد النحوية 4/ 5؛ وبلا نسبة في همع الهوامع 2/ 85.
شرح المفردات: الحسام: السيف. الحمائل: ج الحمالة، وهي علاقة السيف.
المعنى: يقول: نعم رجلًا زهير، فهو صادق وسيف مجرد من غمده.
الإعراب: "فنعم": الفاء بحسب ما قبلها، "نعم": فعل ماض جامد لإنشاء المدح. "ابن": فاعل مرفوع بالضمة، وهو مضاف. "أخت": مضاف إليه مجرور، وهو مضاف. "القوم": مضاف إليه مجرور. "غير": حال منصوب، وهو مضاف. "مكذب": مضاف إليه مجرور بالكسرة. "زهير": مبتدأ مؤخر مرفوع أو خبر لمبتدأ محذوف تقديره: "هو زهير". "حسامًا": حال منصوب. "مفردًا": نعت "حسامًا" منصوب "من حمائل": جار ومجرور متعلقان بـ"مفردًا".
وجملة: "نعم ابن أخت القوم" في محل رفع خبر مقدم للمبتدأ "زهير". وجملة: "زهير نعم
…
" بحسب ما قبلها.
الشاهد فيه قوله: "نعم ابن أخت القوم" حيث أتى بفاعل "نعم" اسمًا مضافًا إلى اسم مضاف إلى مقترن بـ"أل".
747-
التخريج: الشطر بلا نسبة في الدرر 5/ 202؛ والمقاصد النحوية 4/ 11؛ وهمع الهوامع 2/ 85.
اللغة: الهيجا: الحرب. وأخو الهيجا: هو الذي يلازم الحرب. =
والصحيح أنه لا يقاس عليه لقلته. وأجاز الفراء أن يكون مضافًا إلى نكرة، كقوله "من البسيط":
748-
فنعم صاحبُ قومٍ لا سلاح لهم
…
وصاحب الركب عثمان بن عفانا
ونقل إجازته عن الكوفيين وابن السراج، وخصه عامة الناس بالضرورة، وزعم صاحب البسيط أنه لم يرد بنكرة غير مضافة، وليس كذلك، بل ورد لكنه أقل من المضاف، نحو:"نعم غلامٌ أنت"، و"من الوافر":
749-
"نياف القرط غراء الثنايا
…
وريد للنساء" ونعم نيمُ
= الإعراب: فنعم: "الفاء": بحسب ما قبلها، و"نعم": فعل ماض جامد لإنشاء المدح. أخو: فاعل مرفوع بالواو لأنه من الأسماء الستة، وهو مضاف. الهيجا: مضاف إليه مجرور. ونعم: "الواو": حرف عطف، و"نعم": فعل ماض جامد لإنشاء المدح. شبابها: فاعل مرفوع بالضمة. وهو مضاف، و"ها": ضمير متصل مبني في محل جر بالإضافة.
الشاهد فيه قوله: "نعم أخو الهيجا، ونعم شبابها" حيث ورد فاعل "نعم" اسمًا مضافًا إلى معرفة "الهيجا" في الجملة الأولى، وفي الجملة الثانية ورد فاعل "نعم" اسمًا مضافًا إلى ضمير يعود إلى معرفة، وهذا جائز عند بعض النحاة.
748-
التخريج: البيت لكثير بن عبد الله النهشلي في الدرر 5/ 213؛ وشرح شواهد الإيضاح ص100؛ والمقاصد النحوية 4/ 17؛ وله أو لأوس بن مغراء أو لحسان في خزانة الأدب 9/ 415، 417؛ وشرح المفصل 7/ 131؛ وليس في ديوان حسان؛ وبلا نسبة في المقرب 1/ 66؛ وهمع الهوامع 2/ 86.
الإعراب: فنعم: "الفاء": بحسب ما قبلها، و"نعم": فعل ماض جامد لإنشاء المدح. صاحب: فاعل مرفوع، وهو مضاف. قوم: مضاف إليه مجرور. لا: نافية للجنس. سلاح: اسم "لا" مبني في محل نصب. لهم: جار ومجرور متعلقان بمحذوف خبر "لا". وصاحب: "الواو" حرف عطف، و"صاحب": معطوف على "صاحب" الأولى، مرفوع، وهو مضاف. الركب: مضاف إليه مجرور. عثمان: مبتدأ مؤخر، أو خبر لمبتدأ محذوف تقديره:"هو". بن: نعت "عثمان" مرفوع، وهو مضاف. عفان: مضاف إليه مجرور بالفتحة لأنه ممنوع من الصرف، و"الألف": للإطلاق.
وجملة "نعم صاحب قوم": بحسب ما قبلها. وجملة "لا سلاح لهم": في محل جر نعت قوم. وجملة "نعم صاحب الركب": معطوفة على الجملة الأولى.
الشاهد فيه قوله: "نعم صاحب قوم" حيث ورد فاعل "نعم"، وهو قوله:"صاحب" نكرة مضافة إلى نكرة، وهذا جائز عند الفراء والكوفيين في سعة الكلام، ومنع ذلك عامة النحويين إلا في الضرورة.
749-
التخريج: البيت لتأبط شرًّا في ديوانه ص202 "وفيه "خيم" مكان "نيم"؛ ولسان العرب 12/ 598 "نوم"؛ وبلا نسبة في جمهرة اللغة ص993؛ وخزانة الأدب 9/ 416؛ والدرر 5/ 214؛ وشرح عمدة الحافظ ص789.
وقد جاء ما ظاهره أن الفاعل علم أو مضاف إلى علم، كقول بعض العيادلة:"بئس عبدُ الله أنا إن كان كذا"، وقوله عليه الصلاة والسلام: $"نعم عبدُ الله هذا"، وقوله:"من الرمل":
750-
بئس قومُ الله قومٌ طرقوا
…
فقروا جارهم لحمًا وحر
وكأن الذي سهل ذلك كونه مضافًا في اللفظ إلى ما فيه "أل"، وإن لم تكن معرفة،
= اللغة: القرط: ما يعلق في شحمة الأذن من الحلي. ونياف القرط: كناية من طول العنق. الثنايا: الأسنان الأمامية. وغراء الثنايا: كناية عن لمعانها. الريد: الترب، وهو من كان في سنه، أو كناية عن تمام خلقها. النيم: الضجيع.
الإعراب: نياف: خبر لمبتدأ محذوف تقديره: "هي"، وهو مضاف. القرط: مضاف إليه مجرور. غراء: معطوف على "نياف" بحرف عطف مقدر، وهو مضاف. الثنايا: مضاف إليه مجرور. وريد: "الواو": حرف عطف، و"ريد": معطوف على "نياف". للنساء: جار ومجرور متعلقان بمحذوف نعت لـ"ريد". ونعم: "الواو": حرف عطف، و"نعم": فعل ماضٍ جامد لإنشاء المدح. نيم: فاعل مرفوع بالضمة.
وجملة "نياف الفرط": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "هي غراء الثنايا": معطوفة على سابقتها. وجملة "هي ريد للنساء": معطوفة أيضًا. وجملة "نعم نيم": في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف تقديره: "هي". وجملة "هي نعم نيم": معطوفة على جملة "هي نياف القرط".
الشاهد فيه قوله: "ونعم نيم" حيث ورد فاعل "نعم" اسمًا نكرة غير مضاف، لا إلى نكرة ولا إلى معرف بـ"أل"، وهذا للضرورة.
750-
التخريج: البيت بلا نسبة في الدرر 5/ 206، 217؛ والمقاصد النحوية 4/ 19؛ وهمع الهوامع 2/ 85.
اللغة: الطروق: أن يأتي المرء ليلا. قروا: أطعموا. الجار: هنا الملتجئ أو المستجير. اللحم الوحر: هو الذي دبت عليه الوحرة، وهي عظاءة صغيرة حمراء خبيثة إذا دبت على طعام أو شمته امتنع أكله.
المعنى: يهجو الشاعر قومًا يقرون ضيفهم من اللحم الوحر.
الإعراب: بئس: فعل ماض جامد لإنشاء الذم. قوم: فاعل مرفوع، وهو مضاف. الله: اسم الجلالة مجرور بالإضافة. قوم: مبتدأ مؤخر، أو خبر لمبتدأ محذوف تقديره:"هم". طرقوا: فعل ماض للمجهول و"الواو": ضمير في محل رفع نائب فاعل. فقروا: "الفاء": حرف عطف، و"قروا": فعل ماض، و"الواو": ضمير في محل رفع فاعل. جارهم: مفعول به منصوب، وهو مضاف، و"هم": ضمير في محل جر بالإضافة. لحمًا: مفعول به ثان. وحر: نعت "لحمًا" منصوب وسكن للوقف.
وجملة "بئس قوم الله": في محل رفع خبر المبتدأ. وجملة "طرقوا": في محل رفع نعت "قوم" وجملة "قروا
…
": معطوفة على سابقتها.
الشاهد فيه قوله: "بئس قوم الله" حيث ورد فيه فاعل "بئس" اسمًا مضافًا إلى علم وهو قوله "الله".
وأجاز المبرد والفارسي إسناد "نعم"، و"بئس" إلى "الذي"، نحو:"نعم الذي آمن زيدٌ"، كما يُسندان إلى ما فيه "أل" الجنسية. ومنع ذلك الكوفيون وجماعة من البصريين وهو القياس؛ لأن كل ما كان فاعلًا لـ"نعم"، و"بئس" وكان فيه "أل" كان مفسرًا للضمير المستتر فيهما إذا نزعت منه، و"الذي" ليس كذلك. قال في شرح التسهيل: ولا ينبغي أن يمنع؛ لأن "الذي" جعل بمنزلة الفاعل، ولذلك اطرد الوصف به.
الثاني: ذهب الأكثرون إلى أن "أل" في فاعل "نعم" و"بئس" جنسية، ثم اختلفوا فقيل: حقيقة، فإذا قلت:"نعم الرجل زيد" فالجنس كله ممدوح، و"زيد" مندرج تحت الجنس لأنه فرد من أفراده، ولهؤلاء في تقريره قولان:
أحدهما: أنه لما كان الغرض المبالغة في إثبات المدح للممدوح جعل المدح للجنس الذي هو منهم؛ إذ الأبلغ في إثبات الشيء جعله للجنس حتى لا يتوهم كونه طارئًا على المخصوص.
والثاني: أنه لما قصدوا المبالغة عدوا المدح إلى الجنس مبالغة ولم يقصدوا غير مدح "زيد"، فكأنه قيل: ممدوح جنسه لأجله. وقيل: مجازًا، فإذا قلت:"نعم الرجل زيد" جعلت "زيدًا" جميع الجنس مبالغة، ولم تقصد غير مدح "زيد"، وذهب قوم إلى أنها عهدية، ثم اختلفوا فقيل: المعهود ذهني كما إذا قيل: "اشترِ اللحمَ"، ولا تريد الجنس ولا معهودًا تقدم، وأراد بذلك أن يقع إبهام ثم يأتي التفسير بعده تفخيمًا للأمر. وقيل: المعهود: هو الشخص الممدوح، فإذا قلت:"زيد نعم الرجل"، فكأنك قلت:"زيد نعم هو"، واستدل هؤلاء بتثنيته وجمعه، ولو كان عبارة عن الجنس لم يسغ فيه ذلك، وقد أجيب عن ذلك -على القول بأنها للاستغراق- بأن المعنى أن هذا المخصوص يفضل أفراد هذا الجنس إذا ميزوا رجلين رجلين أو رجالًا رجالًا، وعلى القول بأنها للجنس مجازًا بأن كل واحد من الشخصين كأنه على حدته جنس، فاجتمع جنسان فثنيا.
الثالث: لا يجوز إتباع فاعل "نعم" و"بئس" بتوكيد معنوي. قال في شرح التسهيل: باتفاق، وأما التوكيد اللفظي فلا يمتنع، وأما النعت فمنعه الجمهور، وأجازه أبو الفتح في قوله "من الطويل":
751-
لعمري وما عمري علي بهين
…
لبئس الفتى المدعوُّ بالليل حاتمُ
751- التخريج: البيت ليزيد بن قنافة في خزانة الأدب 9/ 405، 407؛ والدرر 5/ 203؛ وشرح =
قال في شرح التسهيل: وأما النعت فلا ينبغي أن يُمنع على الإطلاق، بل يمنع إذا قصد به التخصيص مع إقامة الفاعل مقام الجنس؛ لأن تخصيصه حينئذ منافٍ لذلك القصد. وأما إذا تؤول بالجامع لأكمل الفضائل فلا مانع من نعته حينئذ؛ لإمكان أن يراد بالنعت ما أريد بالمنعوت، وعلى هذا يحمل قول الشاعر "من الكامل":
752-
نعم الفتى المري أنت إذا هم
…
"حضروا لدى الحجرات نار الموقد"
وحمل أبو علي وابن السراج مثل هذا على البدل، وأبيا النعت، ولا حجة لهما. ا. هـ.
وأما البدل والعطف فظاهر سكوته في شرح التسهيل عنهما جوازهما، وينبغي أن لا يجوز منهما إلا ما تباشره "نعم".
= ديوان الحماسة للمرزوقي ص1464؛ والمقاصد النحوية 4/ 9؛ وبلا نسبة في همع الهوامع 2/ 85.
اللغة: لعمري: قسم بحياته. وما عمري علي بهين: كناية عن تأكيد القسم وتقويته. المدعو بالليل: الذي تستغيث به.
الإعراب: لعمري: "اللام": للابتداء، و"عمري": مبتدا مرفوع، وهو مضاف، و"الياء": ضمير في محل جر بالإضافة، وخبره محذوف تقديره:"قسمي". وما: "الواو": اعتراضية أو حالية، و"ما": حرف نفي. عمري: مبتدأ مرفوع، وهو مضاف، و"الياء": ضمير في محل جر بالإضافة. أو اسم "ما". علي: جار ومجرور متعلقان بـ"هين". بهين: "الباء": حرف جر زائد، و"هين": اسم مجرور لفظًا مرفوع محلًّا على أنه خبر المبتدأ، أو منصوب محلًّا على أنه خبر "ما". لبئس:"اللام": واقعة في جواب القسم، و"بئس": فعل ماض جامد لإنشاء الذم. الفتى: فاعل مرفوع. المدعو: نعت "الفتى" مرفوع. بالليل: جار ومجرور متعلقان بـ"المدعو". حاتم: مبتدأ مؤخر أو خبر لمبتدأ محذوف تقديره: "هو".
وجملة "لعمري
…
": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "ما عمري علي بهين": اعتراضية لا محل لها من الإعراب أو في محل نصب حال. وجملة "بئس الفتى": في محل رفع خبر المبتدأ.
الشاهد فيه قوله: "بئس الفتى المدعو بالليل حاتم" حيث ورد فاعل "بئس" منعوتًا وهو "المدعو بالليل" وهذا جائز.
752-
التخريج: البيت لزهير في ديوانه ص275؛ وخزانة الأدب 9/ 404، 407، 408؛ وشرح شواهد المغني 2/ 915؛ والمقاصد النحوية 4/ 21؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 5/ 71.
اللغة: المري: نسبة إلى بني مرة. الحجرات: الغرف أو الجهات.
المعنى: نعم الكريم أنت، يا مطعم الجياع المجدبين القادمين من أصقاع الأرض، فأنت خير مرة على كرمها.
الإعراب: نعم: فعل ماض جامد لإنشاء المدح مبني على الفتحة الظاهرة. الفتى: فاعل مرفوع بالضمة المقدرة على الألف للتعذر. المري: صفة مرفوعة بالضمة الظاهرة. أنت: ضمير رفع منفصل في =
"وبرفعان" أيضًا على الفاعلية "مضمرًا" مبهمًا "يفسره مميز كنعم قومًا معشره" وقوله "من البسيط":
753-
نعم امرأً هرمٌ لم تعر نائبة
…
إلا وكان لمرتاع بها وزرا
وقوله "من البسيط":
754-
لنعم موئلًا المولى إذا حذرت
…
بأساء ذي البغي واستيلاء ذي الإحن
= محل رفع مبتدأ. إذا: ظرف لما يستقبل من الزمان خافض لفعله متعلق بجوابه مبني على السكون في محل نصب متعلق بالفعل "نعم". هم: ضمير رفع منفصل في محل رفع فاعل لفعل محذوف من نوع الفعل الظاهر. حضروا: فعل ماض مبني على الضم لاتصاله بواو الجماعة و"الواو": ضمير متصل في محل رفع فاعل و"الألف": فارقة. لدى: ظرف مكان منصوب بالفتحة وهو مضاف متعلق بالفعل حضروا. الحجرات: مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة. نار: مفعول به منصوب بالفتحة الظاهرة وهو مضاف. الموقد: مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة.
وجملة "نعم الفتى": في محل رفع خبر مقدم. وجملة "هم": مع الفعل المحذوف في محل جر بالإضافة. وجملة "حضروا": تفسيرية لا محل لها. وجملة "أنت نعم الفتى": ابتدائية لا محل لها.
والشاهد فيه قوله: "نعم الفتى المري" فقد وصف فاعل الفعل نعم.
753-
التخريج: البيت لزهير بن أبي سلمى في شرح التصريح 2/ 95؛ وليس في ديوانه؛ وبلا نسبة في أوضح المسالك 3/ 275؛ وشرح التصريح 1/ 392.
اللغة والمعنى: لم تعر: لم تنزل، النائبة: المصيبة. المرتاع، الخائف. الوزر: الملجأ.
يمدح الشاعر هرمًا بقوله: إنه نعم الرجل، وليس لمن يصاب بنائبة من ملجأ إلاه، فإنه يدفع المصيبة عنه بجليل إحسانه.
الإعراب: نعم: فعل ماض جامد لإنشاء المدح مبني على الفتح، والفاعل: هو. امرأ: تمييز منصوب. هرم: مبتدأ مؤخر مرفوع. لم: حرف نفي وجزم وقلب. تعر: فعل مضارع مجزوم بحذف حرف العلة. نائبة: فاعل مرفوع. إلا: حرف حصر. وكان: الواو: حالية، كان: فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر تقديره:"هو". لمرتاع: جار ومجرور متعلقان بـ"وزرًا". بها: جار ومجرور متعلقان بـ"مرتاع". وزرًا: خبر كان منصوب.
وجملة "نعم امرأ
…
" الفعلية في محل رفع خبر مقدم. وجملة "هرم نعم امرأ" الاسمية لا محل لها من الإعراب لأنها ابتدائية. وجملة "لم تعر نائبة" الفعلية لا محل لها من الإعراب لأنها استئنافية. وجملة "كان لمرتاع
…
" في محل نصب حال.
والشاهد فيه قوله: "نعم امرأ هرم"، فإن "نعم" فعل ماض فيه ضمير مستتر يعود على "امرأ"، وهو متأخر لفظًا ورتبة، و"امرأ" تمييز مفسر للضمير المبهم العائد إليه.
754-
التخريج: البيت بلا نسبة في شرح عمدة الحافظ ص782؛ والمقاصد النحوية 4/ 6. =
وقوله "من الرجز":
755-
نعم امرأين حاتم وكعب
…
كلاهما غيث وسيف عضب
ونحو: {بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا} 1، وقوله "من الرجز":
756-
تقول عرسي وهي لي في عومره
…
بئس امرأ وإنني بئس المره
= اللغة: الموئل: الملجأ. المولى: السيد. البأساء: الشدة والضيق. البغي: الجور والظلم. الإحن. ج الإحنة، وهي الحقد والضغينة.
الإعراب: "لنعم": اللام للابتداء، "نعم": فعل ماض جامد لإنشاء المدح، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا على خلاف الأصل تقديره:"هو". "موئلًا": تمييز منصوب. "المولى": مبتدأ مؤخر، أو خبر لمبتدأ محذوف تقديره:"هو". "إذا": ظرف زمان متعلق بـ"نعم". "حذرت": فعل ماض للمجهول، والتاء للتأنيث. "بأساء": نائب فاعل مرفوع. وهو مضاف. "ذي": مضاف إليه مجرور بالياء لأنه من الأسماء الستة، وهو مضاف. "البغي": مضاف إليه مجرور. "واستيلاء": الواو حرف عطف، "استيلاء": معطوف على "بأساء" مرفوع، وهو مضاف. "ذي": مضاف إليه مجرور بالياء، وهو مضاف. "الأحن": مضاف إليه مجرور.
وجملة: "نعم" في محل رفع خبر مقدم للمبتدأ. وجملة: "حذرت" في محل جر بالإضافة.
الشاهد فيه قوله: "لنعم موئلًا" حيث رفع الفعل "نعم" ضميرًا مستترًا فسر التمييز الذي بعده "موئلًا".
755-
التخريج: الرجز بلا نسبة في شرح عمدة الحافظ ص782.
اللغة: حاتم وكعب: اسمان اشتهرا بالجود والكرم. الغيث: المطر، وهنا الجود. العضب: القاطع.
المعنى: يمدح الشاعر رجلين اشتهرا بالجود والكرم كما وصفهما بالشجاعة وتبديد شمل الأعداء.
الإعراب: نعم: فعل ماض لإنشاء المدح، وفاعله ضمير مستتر. فيه وجوبًا على خلاف الأصل تقديره:"هما". امرأين: تمييز منصوب بالياء لأنه مثنى. حاتم: مبتدأ مؤخر أو خبر لمبتدأ محذوف تقديره: "هو". وكعب: "الواو":حرف عطف، و"كعب": معطوف على "حاتم". كلاهما: مبتدأ مرفوع بالألف لأنه ملحق بالمثنى، وهو مضاف، و"هما": ضمير في محل جر بالإضافة. غيث: خبر المبتدأ مرفوع. وسيف: "الواو": حرف عطف، و"سيف": معطوف على "غيث" مرفوع. عضب: نعت "غيث" مرفوع بالضمة.
وجملة "نعم امرأين": في محل رفع خبر المبتدأ. وجملة "كلاهما غيث": استئنافية لا محل لها من الإعراب.
الشاهد فيه قوله: "نعم امرأين" حيث رفع بفعل المدح ضميرًا مستترًا، وجاء بعده تمييز مطابق لهذا الضمير يفسره به.
1 الكهف: 50.
756-
التخريج: الرجز بلا نسبة في جمهرة اللغة ص773، 1176؛ وشرح عمدة الحافظ ص785؛ والمقاصد النحوية 4/ 29.
اللغة: العرس: الزوجة. العومرة: الضجة.
ففي كل من "نعم" و"بئس" ضمير هو الفاعل1.
ولهذا الضمير أحكام:
الأول: أنه لا يبرز في تثنية ولا جمع، استغناء بتثنية تمييزه وجمعه، وأجار ذلك قوم من الكوفيين، وحكاه الكسائي عن العرب، ومنه قوله بعهضم:"مررت بقوم نعموا قومًا"، وهذا نادر.
الثاني: أنه لا يتبع، وأما نحو:"نعم هم قومًا أنتم"2 فشاذ.
الثالث: أنه إذا فسر بمؤنث لحقته تاء التأنيث، نحو:"نعمت امرأةً هندٌ"، هكذا مثله في شرح التسهيل، وقال ابن أبي الربيع: لا تلحق، وإنما يقال:"نعم امرأةً هندٌ"، واستغناء بتأنيث المفسر، ونص خطاب على جواز الأمرين، ويؤيد الأول قوله:"فبها ونعمت".
الرابع: ذهب القائلون بأن فاعل "نعم" الظاهر يراد به الشخص إلى أن المضمر كذلك وأما القائلون بأن الظاهر يراد به الجنس فذهب أكثرهم إلى أن المضمر كذلك، وذهب بعضهم إلى أن المضمر للشخص، قال: لأن المضمر على التفسير لا يكون في كلام العرب إلا شخصًا.
ولمفسر هذا الضمير شروط:
الأول: أن يكون مؤخرًا عنه، فلا يجوز تقديمه على "نعم" و"بئس".
= الإعراب: "تقول": فعل مضارع مرفوع. "عرسي": فاعل مرفوع، وهو مضاف، والياء ضمير في محل جر بالإضافة. "وهي": الواو: حالية، "هي": ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. "لي": جار ومجرور متعلقان بـ"تقول". "في عومرة": جار ومجرور في محل رفع خبر المبتدأ "بئس": فعل ماض جامد لإنشاء الذم، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبًا على خلاف الأصل تقديره:"هو". "امرأ": تمييز "وإنني": الواو حرف عطف، "إن": حرف مشبه بالفعل، والنون للوقاية، والياء ضمير متصل في محل نصب اسم "إن". "بئس": فعل ماض جامد لإنشاء الذم. "المرة": فاعل مرفوع بالضمة.
وجملة "تقول عرسي" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "وهي لي في عومرة" في محل نصب حال. وجملة: "بئس امرأً" في محل نصب مفعول به. وجملة: "بئس المرة" في محل رفع خبر "إن".
الشاهد فيه قوله: "بئس امرأ" حيث رفع الفعل "بئس" ضميرًا مستترًا فسر التمييز الذي بعده "امرأ".
1 أي أن في "نعم" في الشواهد السابقة، و"بئس" في الآية المتقدمة، والشاهد الأخير ضميرًا مستترًا هو الفاعل.
2 "هم": توكيد للضمير المستتر في "نعم"، و"أنتم" هو الخصوص بالمدح.
الثاني: أن يتقدم على المخصوص، فلا يجوز تأخيره عنه عند جميع البصريين؛ وأما قولهم:"نعم زيدٌ رجلًا" فنادر.
الثالث: أن يكون مطابقًا للمخصوص في الإفراد وضديه، والتذكير وضده.
الرابع: أن يكون قابلًا لـ"أل"، فلا يفسر بـ"مثل" و"غير" و"أي" وأفعل التفضيل؛ لأنه خلف من فاعل مقرون بـ"أل" فاشترط صلاحيته لها.
الخامس: أن يكون نكرة عامة، فلو قلت:"نعم شمسًا هذا الشمسُ" لم يجز؛ لأن الشمس مفرد في الوجود، فلو قلت:"نعم شمسًا شمسُ هذا اليوم" لجاز، ذكره ابن عصفور، وفيه نظر.
السادس: لزوم ذكره كما نص عليه سيبويه، وصحح بعضهم أنه لا يجوز حذفه وإن فهم المعنى، ونص بعض المغاربة على شذوذ "فبها ونعمت"، وقال في التسهيل: لازم غالبًا؛ استظهارًا على نحو: "فبها ونعمت"، وممن أجاز حذفه ابن عصفور.
تنبيه: ما ذكر من أن فاعل "نعم" يكون ضميرًا مستترًا فيها هو مذهب الجمهور، وذهب الكسائي إلى أن الاسم المرفوع بعد النكرة المنصوبة فاعل:"نعم"، والنكرة عنده منصوبة على الحال، ويجوز عنده أن تتأخر فيقال:"نعم زيدٌ رجلًا"، وذهب الفراء إلى أن الاسم المرفوع فاعل كقول الكسائي، إلا أنه جعل النكرة المنصوبة تمييزًا منقولًا، والأصل في قولك:"نعم رجلًا زيدٌ": نعم الرجلُ زيدٌ، ثم نقل الفعل إلى الاسم الممدوح، فقيل:"نعم رجلًا زيدٌ"، ويقبح عنده تأخيره لأنه وقع موقع الرجل المرفوع وأفاد إفادته. والصحيح ما ذهب إليه الجمهور لوجهين: أحدهما: قولهم: "نعم رجلًا أنت"، و"بئس رجلًا هو"، فلو كان فاعلًا لاتصل بالفعل. الثاني: قولهم: "نعم رجلًا كان زيدًا"، فأعملوا فيه الناسخ.
488-
وجمع تمييز وفاعل ظهر
…
فيه خلاف عنهم قد اشتهر
"وجمع تمييز وفاعل ظهر فيه خلاف عنهم" أي عن النحاة "قد اشتهر" فأجازه المبرد
وابن السراج والفارسي والناظم وولده، وهو الصحيح لوروده نظمًا ونثرًا، فمن النظم قوله "من البسيط":
نعم الفتاةُ فتاةً هندُ لو بذلت
…
رد اللحية نطقًا أو بإيماء1
وقوله "من البسيط":
757-
والتغلبيون بئس الفحلُ فحلُهم
…
فحلًا وأمهم زلاء منطيق
وقوله:
فنعم الزادُ زادُ أبيك زادا1
ومن النثر ما حكي من كلامهم: "نعم القتيلُ قتيلًا أصلح بين بكر وتغلب"2، وقد
1 تقدم بالرقم 520.
757-
التخريج: البيت لجرير في ديوانه ص192؛ والدرر 5/ 208؛ وشرح التصريح 2/ 96؛ وشرح عمدة الحافظ ص787؛ ولسان العرب 10/ 355 "نطق"؛ والمقاصد النحوية 4/ 7؛ وبلا نسبة في همع الهوامع 2/ 86.
اللغة: الزلاء: التي لا عجيزة لها. المنطبق: التي تعظم عجيزتها بحشية.
الإعراب: يقول: إن التغلبيين ينتسبون إلى أسوأ أبوين، فبئس الرجال فحولة رجال تغلب، والمرأة التغلبية لا عجيزة لها بل تعظمها بحشية.
الإعراب: "والتغلبيون": الواو بحسب ما قبلها، "التغلبيون": مبتدأ مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم. "بئس": فعل ماض جامد لإنشاء الذم. "الفحل": فاعل مرفوع. "فحلهم": خبر لمبتدأ محذوف تقديره: "هو"، وهو مضاف، و"هم": ضمير في محل جر بالإضافة. "فحلًا": تمييز منصوب. "أمهم": الواو استئنافية، "أمهم": مبتدأ مرفوع، وهو مضاف، و"هم": ضمير في محل جر بالإضافة "زلاء": خبر المبتدأ مرفوع. "منطبق": خبر ثان للمبتدأ.
وجملة: "التغلبيون بئس
…
" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "بئس الفحل
…
" في محل رفع خبر المبتدأ وجملة: "
…
فحلهم" استئنافية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "أمهم زلاء": استئنافية لا محل لها من الإعراب.
الشاهد فيه قوله: "بئس الفحل فحلهم فحلًا" حيث جمع بين فاعل "بئس" وهو "الفحل" والتمييز وهو "فحلًا" في كلام واحد.
1 تقدم بالرقم 519.
2 هذا قول الحارث بن عباد "في حرب البسوس" حين جاءه قتل المهلهل لابنه بجير في خبر تذكره كتب الأدب.
جاء التمييز حيث لا إبهام برفعه لمجرد التوكيد كقوله "من الكامل":
758-
ولقد علمت بأن دين محمد
…
من خير أديانِ البرية دينَا
ومنعه سيبويه والسيرافي مطلقًا، وتأولا ما سُمع، وقيل: إن أفاد معنى زائدًا جاز، وإلا فلا، كقوله:
فنعم المرءُ من رجل تهامي1
وقوله: "من الطويل":
759-
وقائلة نعم الفتى أنت من فتى
…
"إذا المرضع العوجاء جال بريمها"
758- التخريج: البيت لأبي طالب في خزانة الأدب 2/ 76، 9/ 397؛ وشرح التصريح 2/ 96؛ وشرح شواهد المغني 2/ 687؛ وشرح عمدة الحافظ ص788؛ ولسان العرب 5/ 144 "كفر" والمقاصد النحوية 4/ 18.
الإعراب: ولقد: الواو بحسب ما قبلها. واللام: موطئة للقسم، "قد": حرف تحقيق. علمت: فعل ماضٍ مبني على السكون، والتاء: ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل. بأن: الباء حرف جر، "أن": حرف مشبه بالفعل. "دين": اسم "أن" منصوب بالفتحة الظاهرة، وهو مضاف. محمد: مضاف إليه مجرور بالكسرة. من: حرف جر. خير: اسم مجرور بالكسرة الظاهرة، والجار والمجرور متعلقان بمحذوف خبر "أن"، وهو مضاف. أديان: مضاف إليه مجرور بالكسرة، وهو مضاف. البرية: مضاف إليه مجرور بالكسرة. دينا: تمييز منصوب بالفتحة الظاهرة.
وجملة: "علمت" لا محل لها من الإعراب لأنها جواب القسم. وجملة: "أن دين محمد
…
" المؤولة بمصدر في محل جر بحرف الجر.
الشاهد فيه قوله: "دينا" حيث جاء تمييزًا مؤكدًا لما سبقه.
1 تقدم بالرقم 511.
759-
التخريج: البيت لكروس بن حصن في لسان العرب 12/ 44 "برم"؛ والمقاصد النحوية 4/ 32.
اللغة: العوجاء: التي اعوجت جوعًا وهزالًا. جال: تحرك. البريم: خيط يفتل على طاقين.
المعنى: يمدح الشاعر نفسه بأنه كريم يجود على المحتاجين في أوقات الشدة.
الإعراب: وقائلة: "الواو": واو رب، "قائلة": اسم مجرور لفظًا مرفوع محلًّا على أنه مبتدأ. نعم: فعل ماض جامد لإنشاء المدح. الفتى: فاعل مرفوع. أنت: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ مؤخر. من: حرف جر زائد. فتى: اسم مجرور لفظًا منصوب محلًّا على أنه تمييز. إذا: ظرف زمان يتضمن معنى الشرط، متعلق بجوابه. المرضع: فاعل لفعل محذوف يفسره ما بعده. العوجاء: نعت "المرضع" مرفوع. جال: فعل ماض. بريمها: فاعل مرفوع، وهو مضاف، و"ها": ضمير متصل في محل جر بالإضافة. =
أي: من متفت: أي كريم، وفي الأثر "نعم المرءُ من رجل لم يطأ لنا فراشا ولم يفتش لنا كنفًا منذ أتانا". وصححه ابن عصفور.
489-
و"ما" مميز، وقيل: فاعل،
…
في نحو: "نعم ما يقول الفاضل"
"وما" في موضع النصب "مميز، وقيل فاعل" فهي في موضع رفع، وقيل: إنها المخصوص، وقيل: كافة "في نحو: نعم ما يقول الفاضل"، {بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ} 1.
فأما القائلون بأنها في موضع نصب على التمييز فاختلفوا على ثلاثة أقوال:
الأول: أنها نكرة موصوفة بالفعل بعدها، والمخصوص محذوف، وهو مذهب الأخفش والزجاجي والفارسي في أحد قوليه والزمخشري وكثير من المتأخرين.
والثاني: أنها نكرة غير موصوفة والفعل بعدها صفة لمخصوص محذوف: أي شيء.
والثالث: أنها تمييز والمخصوص ما أخرى موصولة محذوفة، والفعل صلة لما الموصولة المحذوفة، ونقل عن الكسائي.
وأما القائلون بأنها الفاعل فاختلفوا على خمسة أقوال:
الأول: أنها اسم معرفة تام أي غير مفتقر إلى صلة، والفعل صفة لمخصوص محذوف، والتقدير: نعم الشيء شيء فعلت، وقال: به قوم منهم ابن خروف، ونقله في التسهيل عن سيبويه والكسائي.
والثاني: أنها موصولة والفعل صلتها والمخصوص محذوف، ونقل عن الفارسي.
والثالث: أنها موصولة والفعل صلتها وهي فاعل يكتفى بها وبصلتها عن المخصوص، ونقله في شرح التسهيل عن الفراء والكسائي.
= وجملة "وقائلة": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "أنت نعم الفتى": في محل نصب مقول القول. وجملة "نعم الفتى": في محل رفع خبر المبتدأ. وجملة الفعل المحذوف في محل جر بالإضافة وجملة "جال بريمها": تفسيرية لا محل لها من الإعراب.
الشاهد فيه قوله: "نعم الفتى أنت من فتى" حيث جمع بين فاعل "نعم""الفتى" وبين التمييز "فتى"، وهذا جائز عند بعضهم.
1 البقرة: 90.
والرابع: أنها مصدرية ولا حذف، والتقدير: نعم فعلك، وإن كان لا يحسن في الكلام:"نعم فعلك" حتى يقال: "نعم الفعل فعلك"، كما تقول:"أظن أن تقوم"، ولا تقول: أظن قيامك.
والخامس: أنها نكرة موصوفة في موضع رفع والمخصوص محذوف.
وأما القائلون بأنها المخصوص فقالوا: إنها موصولة والفاعل مستتر، و"ما" أخرى محذوفة هي التمييز، والأصل: نعم ما ما صنعت، والتقدير: نعم شيئًا الذي صنعته، هذا قول الفراء.
وأما القائلون بأنها كافة فقالوا: إنها كفت "نعم" كما كفت "قل" و"طال" فتصير تدخل على الجملة الفعلية.
تنبيهات: الأول في "ما" إذا وليها اسم -نحو: "فنعما هي"- ثلاثة أقوال: أحدها: أنها نكرة تامة في موضع نصب على التمييز، والفاعل مضمر، والمرفوع بعدها هو المخصوص. وثانيها: أنها معرفة تامة وهي الفاعل، وهو ظاهر مذهب سيبويه ونقل عن المبرد وابن السراج والفارسي، وهو قول الفراء. وثالثها: أن "ما" مركبة مع الفعل ولا موضع لها من الإعراب، والمرفوع بعدها هو الفاعل، وقال به قوم وأجازه الفراء.
الثاني: الظاهر أنه إنما أراد الأول من الثلاثة، والأول من الخمسة لاقتصاره عليهما في شرح الكافية.
الثالث: ظاهر عبارته هنا يشير إلى ترجيح القول الذي بدأ به، وهو أن "ما" مميز، وكذا عبارته في الكافية، وذهب في التسهيل إلى أنها معرفة تامة وأنها الفاعل، ونقله عن سيبويه والكسائي.
490-
ويذكر المخصوص بعد مبتدا
…
أو خبر اسم ليس يبدو أبدا
"ويذكر المخصوص" بالمدح أو الذم "بعد" أي: بعد فاعل "نعم" و"بئس"، نحو:"نعم الرجلُ أبو بكر"، و"بئس الرجلُ أبو لهب"، وفي إعرابه حينئذ ثلاثة أوجه: أن يكون "مبتدا" والجملة قبله خبر "أو" يكون "خبر اسم" مبتدأ محذوف "ليس يبدو أبدًا" أو مبتدأ خبره محذوف وجوبًا. والأول هو الصحيح ومذهب سيبويه. قال ابن الباذش: لا يُجيز سيبويه أن يكون المختص بالمدح أو الذم إلا مبتدأ، وأجاز الثاني جماعة منهم السيرافي وأبو
علي والصيمري، وذكر في شرح التسهيل أن سيبويه أجازه، وأجاز الثالث قوم منهم ابن عصفور. قال في شرح التسهيل: وهو غير صحيح؛ لأن هذا الحذف لازم، ولم نجد خبرًا يلزم حذفه إلا ومحله مشغول بشيء يسد مسده. وذهب ابن كيسان إلى أن المخصوص بدل من الفاعل، ورد بأنه لازم، وليس البدل بلازم، ولأنه لا يصلح لمباشرة نعم.
491-
وإن يقدم مشعر به كفى
…
كـ"العلم نعم المقتنى والمقتف"
"وإن يقدم مشعر به" أي بالمخصوص "كفى" عن ذكره "كالعلم نعم المقتنى" والمقتفى" فالعلم: مبتدأ قولًا واحدًا، والجملة بعده خبره، ويجوز دخول الناسخ عليه، نحو: {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ} 1 وقوله "من مجزوء الكامل":
760-
إن ابنَ عبدِ الله نعـ
…
ـم أخو الندى وابنُ العشيرة
وقوله "من الطويل":
761-
إذا أرسلوني عند تعذير حاجة
…
أمارس فيها كنت نعم الممارسُ
1 ص: 44.
760-
التخريج: البيت لأبي دهبل الجمحي في ديوانه ص96؛ والدرر 5/ 217؛ والمقاصد النحوية 4/ 35؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 8/ 209؛ وخزانة الأدب 9/ 388؛ وشرح عمدة الحافظ ص793؛ وهمع الهوامع 2/ 87.
اللغة: الندى: العطاء. وأخو الندى: كناية عن ملازمته له.
الإعراب: إن: حرف مشبه بالفعل. ابن: اسم "إن" منصوب، وهو مضاف. عبد: مضاف إليه مجرور، وهو مضاف. الله: اسم الجلالة مجرور بالإضافة. نعم: فعل ماض لإنشاء المدح. أخو: فاعل مرفوع بالواو لأنه من الأسماء الستة، وهو مضاف. الندى: مضاف إليه مجرور بالكسرة. وابن: "الواو": حرف عطف، و"ابن": معطوف على "أخو" مرفوع، وهو مضاف. العشيرة: مضاف إليه مجرور بالكسرة، وسكن للوقف.
وجملة "إن ابن عبد الله":ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "نعم أخو الندى": في محل رفع خبر "إن".
الشاهد فيه قوله: "إن ابن عبد الله نعم أخو الندى" حيث تقدم ما هو مشعر بالمخصوص بالمدح "إن عبد الله" على فعل المدح وفاعله مكتفيا به من دون ذكر المخصوص بالمدح. وهذا جائز.
761-
التخريج: البيت ليزيد بن الطثرية في ديوانه ص84؛ والدرر 5/ 218؛ والمقاصد النحوية =
تنبيهان: الأول: توهم عبارته هنا وفي الكافية أنه لا يجوز تقديم المخصوص، وأن المتقدم ليس هو المخصوص، بل مشعر به، وهو خلاف ما صرح به في التسهيل.
الثاني: حق المخصوص أمران: أن يكون مختصًّا، وأن يصلح للإخبار به عن الفاعل موصوفًا بالمدح بعد "نعم" وبالذم بعد "بئس"، فإن باينه أُوِّلَ، نحو:{بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا} 1 أي: مثل الذين كذبوا. ا. هـ.
492-
واجعل كبئس "ساء" واجعل فعلا
…
من ذي ثلاثة كنعم مسجلا
"واجعل كبئس" معنى وحكمًا "ساء" تقول: ساء الرجلُ أبو جهل، وساء حطبُ النار أبو لهب، وفي التنزيل:{وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا} 2، و {سَاءَ مَا يَحْكُمُون} 3، "واجعل فَعُلا" بضم العين "من ذي ثلاثة كنعم" وبئس "مسجلا" أي: مطلقًا، يقال: أسجلت الشيء، إذا أمكنت من الانتفاع به مطلقًا: أي يكون له ما لهما: من عدم التصرف، وإفادة المدح أو الذم، واقتضاء فاعل كفاعلهما، فيكون ظاهرًا مصاحبًا لـ"أل"، أو مضافًا إلى مصاحبها، أو
= 4/ 34؛ وبلا نسبة في خزانة الأدب 9/ 388؛ والأشباه والنظائر 8/ 209؛ وشرح أبيات سيبويه 2/ 379.
اللغة: التعذير: العسرة.
الإعراب: إذا: ظرف زمان يتضمن معنى الشرط متعلق بجوابه. أرسلوني: فعل ماض، و"الواو" ضمير في محل رفع فاعل، و"النون": للوقاية، و"الياء": ضمير في محل نصب مفعول به. عند: ظرف متعلق بـ"أرسل"، وهو مضاف. تعذير: مضاف إليه مجرور، وهو مضاف. حاجة: مضاف إليه مجرور. أمارس: فعل مضارع مرفوع. وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: "أنا". فيها: جار ومجرور متعلقان بـ"أمارس". كنت: فعل ماض ناقص، و"التاء": ضمير في محل رفع اسم "كان". نعم: فعل ماض جامد لإنشاء المدح. الممارس: فاعل مرفوع بالضمة.
وجملة "إذا أرسلوني": ابتدائي لا محل لها من الإعراب. وجملة "أرسلوني": في محل جر بالإضافة. وجملة "أمارس": في محل جر نعت حاجة. وجملة "كنت نعم الممارس": جواب شرط غير جازم لا محل لها من الإعراب. وجملة "نعم الممارس": في محل نصب خبر "كان".
الشاهد فيه قوله: "كنت نعم الممارس" حيث تقدم ما هو مشعر بالمخصوص بالمدح "كنت" على فعل المدح وفاعله، مكتفيًا به من دون ذكر المخصوص بالمدح. وهذا جائز.
1 الجمعة: 5.
2 الكهف: 29.
3 العنكبوت: 4.
ضميرًا مفسرًا بتمييز، وسواء في ذلك ما هو على "فعل" أصالة، نحو:"ظَرُفَ الرجلُ زيدٌ"، و"خَبُثَ غلامُ القومِ عمرٌو"، وما حول إليه، نحو:"ضَرُبَ رجلًا زيدٌ"، و"فَهُمَ رجلًا خالدٌ".
تنبيهات: الأول: من هذا النوع "ساء" فإن أصله "سوأ" بالفتح فحول إلى "فَعُلَ" بالضم فصار قاصرًا، ثم ضمن معنى "بئس"؛ فصار جامدًا قاصرًا محكومًا له بما ذكرناه، وإنما أفرده بالذكر لخفاء التحويل فيه.
الثاني: إنما يُصاغ "فَعُلَ" من الثلاثي لقصد المدح أو الذم بشرط أن يكون صالحًا للتعجب منه مضمنًا معناه، نص على ذلك ابن عصفور، وحكاه عن الأخفش.
الثالث: يجوز في فاعل "فَعُلَ" المذكور الجر بالباء، والاستغناء عن "أل"، وإضماره على وفق ما قبله، نحو "من المديد":
762-
حب بالزور الذي لا يرى
…
منه إلا صفحة أو لمام
762- التخريج: البيت للطرماح بن حكيم في ديوانه ص393؛ والدرر 5/ 232؛ وشرح التصريح 2/ 99؛ وبلا نسبة في جواهر الأدب ص54؛ ولسان العرب 4/ 335 "زور"؛ والمقرب 1/ 78؛ وهمع الهوامع 2/ 89.
شرح المفردات: الزور: الزائر. الصفحة: هنا جانب الوجه. اللمام: ج اللمة، وهي الشعر الذي يجاوز شحمة الأذن.
المعنى: يقول: أحبب بالزائر الذي لا يرى منه إلا جانب وجهه أو بعض شعر وجهه، أي بالزائر الخفيف الظل.
الإعراب: "حب": فعل ماض لإنشاء المدح. "بالزور": الباء حرف جر زائد، "الزور": اسم مجرور لفظ مرفوع محلًّا على أنه فاعل "حب". "الذي": اسم موصول مبني في محل رفع نعت "الزور". "لا": حرف نفي. "يرى": فعل مضارع للمجهول. "منه": جار ومجرور متعلقان بـ"يرى". "إلا": حرف حصر. "صفحة": نائب فاعل مرفوع. "أو": حرف عطف. "لمام": معطوف على "صفحة" مرفوع، وسكن للضرورة الشعرية.
وجملة: "حب بالزور" ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة: "لا يرى
…
" صلة الموصول لا محل لها من الإعراب.
الشاهد فيه قوله: "حب بالزور" حيث جاء بفاعل "حب" التي تفيد معنى "نعم" مقترنًا بالباء الزائدة وذلك من قبل أن المعنى قريب من معنى صيغة التعجب.
و"فَهُمَ زيدٌ" و"الزيدون كرموا رجالًا"، نظرًا لما فيه من معنى التعجب.
الرابع: مثل في شرح الكافية. وشرح التسهيل. وتبعه ولده في شرحه بـ"علم الرجل"، وذكر ابن عصفور أن العرب شذت في ثلاثة ألفاظ فلم تحولها إلى "فَعُلَ"، بل استعملتها استعمال "نعم" و"بئس" من غير تحويل، وهي: عَلِم، وجَهِل، وسَمِع. ا. هـ.
493-
ومثل نعم "حبذا"، الفاعل "ذا"،
…
وإن ترد ذمًّا فقل: "لا حبذا"
"ومثل نعم" في المعنى حب من "حبذا" وتزيد عليها بأنها تشعر بأن الممدوح محبوب وقريب من النفس. قال في شرح التسهيل: والصحيح أن "حب" فعل يقصد به المحبة والمدح، وجعل فاعله "ذا" ليدل على الحضور في القلب، وقد أشار إلى ذلك بقوله "الفاعل ذا" أي: فاعل "حب" هو لفظ "ذا" على المختار وظاهر مذهب سيبويه. قال ابن خروف -بعد أن مثل بـ"حبذا زيد"- "حب" فعل و"ذا" فاعلها، و"زيد" مبتدأ وخبره حبذا، هذا قول سيبويه، وأخطأ عليه من زعم غير ذلك.
تنبيه: في قوله: "الفاعل ذا" تعريض بالرد على القائلين بتركيب "حب" مع "ذا"، ولهم فيه مذهبان: قيل: غُلِّبت الفعلية لتقدم الفعل فصار الجمع فعلًا، وما بعده فاعل، وقيل: غُلِّبت الاسمية لشرف الاسم فصار الجميع اسمًا مبتدأ وما بعده خبر، وهو مذهب المبرد وابن السراج، ووافقهما ابن عصفور ونسبه إلى سيبويه، وأجاز بعضهم كون "حبذا" خبرًا مقدمًا.
"وإن ترد ذمًّا فقل لا حبذا" زيد، فهي بمعنى "بئس"، ومنه قوله "من الطويل":
763-
ألا حبذا أهلُ الملا غير أنه
…
إذا ذكرت مي فلا حبذا هيا
763- التخريج: البيت لذي الرمة في ملحق ديوانه ص192؛ والدرر 5/ 228؛ ولكنزة أم شملة في شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص1542؛ ولذي الرمة أو لكنزة أم شملة في المقاصد النحوية 4/ 12؛ وبلا نسبة في شرح التصريح 2/ 99؛ وهمع الهوامع 2/ 69.
اللغة: الملا: الأرض. مي: حبيبة الشاعر، وهي مية.
المعنى: يقول: أحبب بأهل الأرض غير أن مية إذا ذكرت فإنها لا تستحق المدح والثناء. =
494-
وأول "ذا" المخصوص، أيا كان، لا
…
تعدل بذا؛ فهو يضاهي المثلا
"وأول ذا المخصوص" أي: اجعل المخصوص بالمدح أو الذم تابعًا لـ"ذا" لا يتقدم بحال. قال في شرح التسهيل: أغفل كثير من النحويين التنبيه على امتناع تقديم المخصوص في هذا الباب، قال ابن بابشاذ: وسبب ذلك توهم كون المراد من "زيد حبذا" زيد حب هذا، قال في شرح التسهيل: وتوهم هذا بعيد فلا ينبغي أن يكون المنع من أجله، بل المنع من أجل إجراء "حبذا" مجرى المثل.
ويجب في "ذا" أن يكون بلفظ الإفراد والتذكير "أيا كان" المخصوص: أي أي شيء كان، مذكرًا أو مؤنثًا، مفردًا أو مثنى أو مجموعًا "لا تعدل بذا" عن الإفراد والتذكير "فهو يضاهي المثلا" والأمثال لا تغير، فتقول:"حبذا زيدٌ"، و"حبذا الزيدان"، و"حبذا الزيدون"، و"حبذا هندٌ"، و"حبذا الهندان"، و"حبذا الهنداتُ"، ولا يجوز: حب ذان الزيدان، ولا حب هؤلاء الزيدون، ولا حب ذي هند، ولا حب تان الهندان، ولا حب أولاء الهندات. قال ابن كيسان: إنما لم يختلف "ذا" لأنه إشارة أبدًا إلى مذكر محذوف والتقدير في "حبذا هندٌ": حبذا حسنُ هندٍ، وكذا باقي الأمثلة، ورد بأنه دعوى بلا بينة.
تنبيهات: الأول إنما يحتاج إلى الاعتذار عن عدم المطابقة على قول من جعل "ذا" فاعلًا، وأما على القول بالتركيب فلا.
الثاني: لم يذكر هنا إعراب المخصوص بعد "حبذا"، وأجاز في التسهيل أن يكون مبتدأ والجملة قبله خبره، وأن يكون خبر مبتدأ واجب الحذف، وإنما لم يذكر ذلك هنا
= الإعراب: ألا: حرف استفتاح. حبذا: فعل ماض لإنشاء المدح، و"ذا": اسم إشارة في محل رفع فاعل. أهل: مبتدأ مؤخر مرفوع، وهو مضاف. الملا: مضاف إليه مجرور. غير: حال منصوب. أنه: حرف مشبه بالفعل، و"الهاء": ضمير في محل نصب اسم "أن". إذا: ظرف زمان متعلق بجوابه. ذكرت: فعل ماض للمجهول، و"التاء": للتأنيث. مي: نائب فاعل مرفوع. فلا: "الفاء": رابطة لجواب "إذا"، لا: حرف نفي. حبذا: فعل ماض جامد، و"ذا": اسم إشارة في محل رفع فاعل. هيا: مبتدأ مؤخر.
وجملة الشرط وجوابه في محل رفع خبر "أن". وجملة "ألا حبذا
…
": ابتدائية لا محل لها من الإعراب. وجملة "ذكرت": في محل جر بالإضافة. وجملة "لا حبذا": في محل رفع خبر مقدم. وجملة المبتدأ والخبر لا محل لها من الإعراب لأنها جواب شرط غير جازم. وجملة "أن": وما دخلت عليه في محل جر بالإضافة.
الشاهد فيه قوله: "حبذا أهل الملا" و"لا حبذا هي" حيث نرى أنه إذا أراد المتكلم المدح أو الذم استعمل لفظة "حب" بعدها "ذا" أو "لا حبذا".
اكتفاء بتقديم الوجهين في مخصوص "نعم"، هذا على القول بأن "ذا" فاعل، وأما على القول بالتركيب فقد تقدم إعرابه.
الثالث: يحذف المخصوص في هذا الباب للعلم به كما في باب "نعم"، كقوله "من الطويل":
764-
ألا حبذا لولا الحياء وربما
…
منحت الهوى ما ليس بالمتقارب
أي: ألا حبذا ذكر هذه النساء لولا الحياء، وسأذكر ما يفارق فيه مخصوص "حبذا" مخصوص "نعم" آخرًا. ا. هـ.
495-
وما سوى "ذا" أرفع بحب، أو فجر
…
بالبا، ودون "ذا" انضمام الحا كثر
"وما سوى ذا أرفع بحب أو فجر بالبا" نحو: "حب زيد رجلًا"، و"حب به رجلًا"
764- التخريج: البيت لمرار "أو لمرداس" بن هماس في الدرر 5/ 223؛ وشرح شواهد المغني ص898؛ والمقاصد النحوية 4/ 24؛ وبلا نسبة في همع الهوامع 2/ 98.
المعنى: ليتني أستطيع ذكر الحبيبة، فحيائي يمنعني من ذلك، وقد أكون منحت حبي من لا يقربه مني.
الإعراب: ألا: استفتاحية. حبذا: "حب": فعل ماض جامد لإنشاء المدح مبني على الفتحة الظاهرة، و"ذا": اسم إشارة في محل رفع فاعل والمخصوص بالمدح محذوف. لولا: حرف امتناع لوجود. الحياء: مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة وخبره محذوف. وربما: "الواو": حالية، "ربما": كافة ومكفوفة لا عمل لها. منحت: فعل ماض مبني على السكون لاتصاله بالتاء المتحركة، و"التاء": ضمير متصل في محل رفع فاعل. الهوى: مفعول به منصوب بالفتحة المقدرة على الألف للتعذر. ما: اسم موصول مبني على السكون في محل نصب مفعول به ثان. ليس: فعل ماض ناقص واسمها ضمير مستتر جوازًا تقديره هو. بالمتقارب: "الباء": حرف جر زائد، "متقارب": اسم مجرور لفظًا منصوب محلًّا على أنه خير ليس.
وجملة "ألا حبذا": ابتدائية لا محل لها. وجملة "حبذا": في محل رفع خبر مقدم للمبتدأ المخصوص بالمدح المحذوف. وجملة "لولا الحياء مع الجواب المحذوف": اعتراضية اعترضت بين صاحب الحال المخصوص بالمدح وجملة الحال "ربما منحت" وجملة "منحت": في محل نصب حال. وجملة "ليس بالمتقارب": صلة الموصول لا محل لها. "وجملة "الحياء": مع خبره المحذوف لا محل لها لأنها جملة الشرط غير الظرفي.
والشاهد فيه: حذف المخصوص بالمدح بعد حبذا كما مر في الإعراب.
"ودون ذا انضمام الحا" من حب بالنقل من حركة العين "كثر" وينشد بالوجهين قوله "من الطويل":
765-
"فقلت اقتلوها عنكم بمزاجها"
…
وحب بها مقتولة حين تقتل
أما مع "ذا" فيجب فتح الحاء.
تنبيهان: الأول: قال في شرح الكافية: وهذا التحويل مطرد في كل فعل مقصود به المدح. وقال في التسهيل: وكذا في كل فعل حلقي الفاء مرادًا به مدح وتعجب.
الثاني: قوله: "كثر" لا يدل على أنه أكثر من الفتح. قال الشارح: وأكثر ما تجيء "حب" مع غير "ذا" مضمومة الحاء، وقد لا تضم حاؤها، كقوله "من الرجز":
766-
فحبذا ربا وحب دينا
ا. هـ.
765- التخريج: البيت للأخطل في ديوانه ص263؛ وإصلاح المنطق ص35؛ وخزانة الأدب 9/ 427، 430، 431؛ والدرر 5/ 229؛ وشرح شواهد الشافية ص14؛ ولسان العرب 11/ 551 "قتل"، 15/ 227 "كفى"؛ والمقاصد النحوية 4/ 26؛ وبلا نسبة في أسرار العربية ص108؛ وسر صناعة الإعراب ص143؛ وشرح شافية ابن الحاجب 1/ 43، 77؛ وشرح عمدة الحافظ ص806؛ وشرح المفصل 7/ 129، 141، وهمع الهوامع 2/ 89.
اللغة: اقتلوها: أي امزجوها بالماء لتضعف حدتها.
المعنى: يدعو الشاعر السقاة بأن يضعفوا حدتها بمزجها بالماء لتطيب ويعذب طعمها.
الإعراب: "فقلت": الفاء بحسب ما قبلها، "قلت": فعل ماض، والتاء ضمير في محل رفع فاعل. "اقتلوها": فعل أمر، و"ها": ضمير في محل نصب مفعول به، والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل. "عنكم": جار ومجرور متعلقان بـ"أقتلوها". "بمزاجها": جار ومجرور متعلقان بـ"اقتلوها"، وهو مضاف، و"ها": ضمير في محل جر بالإضافة. "وحب" الواو حرف عطف، "حب": فعل ماض جامد لإنشاء المدح. "بها": الباء حرف جر زائد. و"ها": ضمير في محل رفع فاعل. "مقتولة": حال منصوب "حين" ظرف زمان منصوب متعلق بـ"حب". "تقتل": فعل مضارع للمجهول مرفوع، ونائب فاعله ضمير مستتر تقديره:"هي".
وجملة: "قلت" بحسب ما قبلها. وجملة "اقتلوها" في محل نصب مفعول به. وجملة "حب" معطوفة على سابقتها. وجملة: "تقتل" في محل جر بالإضافة.
الشاهد فيه قوله: "حب بها" حيث ورد فاعل "حب" غير "ذا".
766-
التخريج: الرجز لعبد الله بن رواحة في ديوانه ص107؛ والدرر 5/ 221؛ ولسان العرب 14/ 67 "بدا"؛ والمقاصد النحوية 4/ 28؛ ولبعض الأنصار في شرح عمدة الحافظ ص802؛ وهمع الهوامع 2/ 88، 89. =
خاتمة: يفارق مخصوص "حبذا" مخصوص "نعم" من أوجه:
الأول: أن مخصوص "حبذا" لا يتقدم، بخلاف مخصوص "نعم"، وقد سبق بيانه.
الثاني: أنه لا تعمل فيه النواسخ، بخلاف مخصوص "نعم".
الثالث: أن إعرابه خبر مبتدأ محذوف أسهل منه في باب "نعم"؛ لأن ضعفه هناك نشأ من دخول نواسخ الابتداء عليه، وهي لا تدخل عليه هنا، قاله في شرح التسهيل.
الرابع: أنه يجوز ذكر التمييز قبله وبعده، نحو:"حبذا رجلًا زيدٌ"، و"حبذا زيد رجلًا"، قال في شرح التسهيل: وكلاهما سهل يسير، واستعماله كثير، إلا أن تقديم التمييز أولى وأكثر، وذلك بخلاف المخصوص بـ"نعم"، فإن تأخير التمييز عنه نادر كما سبق. والله أعلم.
= الإعراب: فحبذا: "الفاء": بحسب ما قبلها، "حبذا": فعل ماض لإنشاء المدح، و"ذا": اسم إشارة في محل رفع فاعل. ربا: تمييز منصوب. وحب. "الواو": حرف عطف، و"حب": الواو: حرف عطف، و"حب": فعل ماض لإنشاء المدح، وفاعله ضمير مستتر عائد إلى "ذا" الإشارية المحذوفة. دينا: تمييز منصوب.
الشاهد فيه قوله: "حبذا ربًّا""حب دينا" حيث أتى بـ"ذا" فاعلًا لـ"حب" وقوله: "حب دينا" حيث حذفت "ذا" من الفعل "حب"، وفي هذه الحال يجوز فتح حاء "حب" أو ضمها. والضم أكثر شيوعًا.