المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب جزاء الصيد - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت التركي - جـ ٩

[المرداوي]

الفصل: ‌باب جزاء الصيد

بسم الله الرحمن الرحيم

‌بَابُ جَزَاءِ الصَّيْدِ

وَهُوَ ضَربَانِ، أَحَدُهُمَا، لَهُ مِثْلٌ مِنَ النَّعَمِ، فَيَجِبُ فِيهِ مِثْلُهُ. وَهُوَ نَوْعَانِ، أَحَدُهُمَا، مَا قَضَتْ فِيهِ الصَّحَابَةُ، فَفِيهِ [68 ظ] مَا قَضَتْ؛

ــ

بابُ جَزاءِ الصَّيْدِ

تنبيه: مفهومُ قولِه: وهو ضَرْبان؛ أحَدُهما، ماله مِثْلٌ مِنَ النَّعَمِ، فيَجِبُ فيه مثلُه. وهو نَوْعان؛ أحَدُهما قَضَتْ فيه الصَّحَابةُ، رِضْوانُ اللهِ عليهم، ففيه ما قَضَتْ. أنَّه لو قضَى بذلك غيرُ الصَّحابِىِّ، أنَّه لا يكونُ كالصَّحابيِّ. وهو

ص: 5

فَفِى النَّعَامَةِ بَدَنَةٌ،

ــ

صحيحٌ، وهو ظاهِرُ كلامِ الأصحابِ. وقد نقَل إسْماعِيلُ الشَّالَنْجِىُّ، هو على ما حكَم الصَّحابَةُ. وقال فى «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ أنَّ فَرْضَ الأصحابِ المسْأَلَةَ فى الصَّحابَةِ؛ إنْ كان بِناءً على أنَّ قَوْلَ الصَّحابِىِّ حُجَّةٌ، قُلْنا: فيه رِوايَتان. وإنْ كان لسَبْقِ الحُكْمِ فيه، فحُكْمُ غيرِ الصَّحابِىِّ مثلُه فى هذه الآيَةِ. وقدِ احتَجَّ بالآيَةِ القاضى، ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، كلُّ ما تقدَّمَ فيه مِن حُكْمٍ فهو على ذلك. ونقَل أبو داودَ، ويُتَّبَعُ ما جاءَ، قد حُكِمَ وفُرِغَ منه. وقد رجَع الأصحابُ فى بعضِ المِثْلِ

ص: 6

وَفِى حِمَارِ الْوَحْشِ، وبَقَرَتِهِ، وَالأَيِّلِ، وَالثَّيْتَلِ، وَالْوَعْلِ بَقَرَةٌ،

ــ

إلى غيرِ الصَّحابِىِّ، على ما يأْتِى. انتهى.

قوله: وفى حِمَارِ الوحشِ، وبقَرَتِه، والأيِّلِ، والثَّيْتَلِ، والوَعْلِ بقَرَةٌ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، فى حِمَارِ الوحشِ بَدَنَةٌ. وأطْلَقهما فى

ص: 7

وَفِى الضَّبُعِ كَبْشٌ،

ــ

«الكَافِى» . وعنه، فى كلِّ واحدٍ مِنَ الأرْبعَةِ بَدَنَةٌ. ذكَرَها فى «الوَاضِحِ» ، و «التَّبْصِرَةِ» . وعنه، لا جَزَاءَ فى بقَرَةِ الوَحْشِ.

فائدة: الأَيِّلُ، ذكَرُ الأَوْعالِ. والوَعْلُ، هو الأَرْوَى؛ وهو التَّيْسُ الجَبَلِىُّ. قالَه الجَوْهَرِىُّ (1) وغيرُه. ففى الَأَرْوَى بقَرَةٌ، كما تقدَّم فى الوَعْلِ. جزَم به فى «النَّظْمِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفَائقِ» ، وغيرِهم. وقال القاضى: فيها عَضْبٌ. وهو ما قُبِضَ قرْنُه مِنَ البَقَرِ، وهو دُونَ الجَذَعِ. وجزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الرِّعايَةِ» .

قوله: وفى الضَّبُعِ كَبْشٌ. بلا نِزاعٍ، إلَّا أنَّه قال فى «الفَائق»: فى الضَّبُعِ شاةٌ. وقال فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن»: كَبْشٌ أو شَاةٌ.

(1) فى الصحاح 1843/ 5.

ص: 8

وَفِى الْغَزَالِ وَالثَّعْلَبِ عَنْزٌ،

ــ

قوله: وفى الغَزَالِ والثَّعْلَبِ عَنْزٌ. فالغَزالُ وكذا الظَّبْيَةُ إلى حينِ يقْوَى، ويَطْلُعُ قَرْناه، هى ظَبْيَةٌ، والذَّكَرُ ظَبْىٌ، فإذا كان الغزَالُ صَغِيرًا، فالعَنْزُ الواجبَةُ فيه صَغِيرةٌ مثْلُه، وإنْ كان كبِيرًا، فمِثْلُه. وأمَّا الثَّعْلَبُ، فقطَع المُصَنِّفُ هنا، أَنَّ فيه عَنْزًا. وجزَم به فى «الهِدَايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهبِ» ، و «المُسْتَوْعِب» ، و «الخُلَاصَةِ» ، و «الهَادِى» ، و «التَّلْخِيصِ» . و «النَّظْمِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «المُنْتَخَبِ» ، و «الفَائقِ» ، و «إدْرَاكِ الغَايَةِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاويَيْن» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى». وقيل: فيه شاةٌ فى الجماعَةِ. وهو المذهبُ. جزَم به فى «المُبْهِجِ» ،

ص: 9

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «عُقُودِ ابنِ البَنَّا» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الإفادَاتِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» ، و «المُنَوِّر» ، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ» . وقدَّمه فى «الشَّرْحِ» . وحكَاه ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه» رِوايَةً. وعنه، لا شئَ عليه فيه؛ لأنَّه سَبُعٌ. وأطْلَقَهما فى «المُبْهِجِ». قال فى «الرِّعايَةِ»: قلتُ: إنْ حَرُمَ أكْلُه. انتهى.

تنييه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، إنَّه سواءٌ أبِيحَ أكْلُه أم لا؟ وهو ظاهِرُ كلامِه فى «الهِدَايَةِ» ، و «عُقُودِ ابنِ البَنَّا» ، و «الخُلَاصَةِ» ، و «الهَادِى» ، و «الشَّرْح» ، و «التَّلْخِيصِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «المُحَرَّر» ، و «الوَجيزِ» ، و «الفَائقِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» ، و «إدْرَاكِ الغايَةِ» ، وغيرِهم؛ لاقْتِصارِهم على وُجوبِ القَضاءِ مِن غيرِ قَيْدٍ. وهو أحَدُ الوَجْهيْن تغْلِيبًا. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» . قال فى «الكَافِى» ، فى بابِ مَحْظُوراتِ الإحْرامِ: وفى الثَّعْلَبِ الجَزاءُ، مع الخِلافِ فى أكْلِه؛ تغْلِيبًا للحُرْمَةِ. وذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ رِوايَةً. نقَل بَكْرٌ، عليه الجَزاءُ، هو صَيْدٌ، لكِنْ لا يُؤْكَلُ. وقيلَ: إنَّما يجِبُ الجزاءُ على القَوْلِ بإباحَتِه. وهو المذهبُ. قال الزَّركَشِىُّ: هذا أصحُّ الطَّرِيقَيْن عندَ القاضى، وأبي محمدٍ، وغيرِهما. وجزَم به فى «الحاوِيَيْن». واخْتارَه فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى». وقدَّمه فى «الفُروعِ». قال فى «الخُلَاصَةِ»: والهُدْهُدُ والصُّرَد (1) فيه الجَزاءُ، إذا قُلْنا: إنَّه مُباحٌ. قلتُ: وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ؛ حيثُ قال فى مَحْظُوراتِ الإحْرامِ: ولا تأْثِيرَ للحَرَمِ ولا للإحْرامِ فى

(1) الصرد: طائر أبقع ضخم الرأس والمنقار، نصفه أبيض ونصفه أسود، لا يُرَى على الأرض ولا يكون إلا على شجرة، يصيد العصافير.

ص: 10

وَفِى الْوَبْرِ وَالضَّبِّ جَدْىٌ،

ــ

تحْريمِ حَيَوانٍ إنْسِىٍّ ولا مُحَرَّمِ الأكْلِ. وقال فى «المُسْتَوعِبِ» : وما فى حِلِّه خِلافٌ، كثَعْلَبٍ، وسِنَّوْرٍ، وهُدْهُدٍ، وصُرَدٍ، وغيرِها، ففى وُجوب الجَزاءِ الخِلافُ. وقال فى «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»: يَحْرُمُ قتْلُ السِّنَّوْرِ والثَّعْلَبِ، وفى وُجوب القِيمَةِ بقَتْلِهما رِوايَتان. وقال فى «المُبْهِج»: وفى الثَّعْلَبِ رِوايَتان؛ إحْدَاهما، أَنَّه صَيْدٌ فيه شاةٌ. والأُخْرَى، ليس بصَيْدٍ، ولا شئَ فيه.

قوله: وفى الوَبْرِ والضَّبِّ جَدْىٌ. الصَّحيحُ مِنَ المذهب، أنَّ فى قَتْلِ الوَبْرِ جَدْيًا. جزَم به فى «الهِدَايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «الخُلَاصَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الوَجِيزِ» ، و «الإفادَاتِ» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» ، و «المُنَوِّرِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه

ص: 11

وَفِى الْيَرْبُوعِ جَفْرَةٌ لَها أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ،

ــ

فى «الفُروع» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الفَائقِ» ، وغيرِهم. وعنه، فيه شاةً. اخْتارَه ابنُ أبى مُوسى، وجزَم به فى «الهادِى». وأطْلَقَهما فى «التَّلْخِيصِ». وقيل: فيه جَفْرَةٌ. اخْتارَه القاضى. وأمَّا الضَّبُّ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ فى قتْلِه جَدْيًا، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «المُحَرَّر» ، و «الوَجيزِ» ، و «الإفادَاتِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْح» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وعنه، فيه شاةٌ. اخْتارَه القاضى، وأطْلَقَهما فى «التَّلْخِيصِ» .

قوله: وفى اليَرْبُوعِ جَفْرَةٌ لها أرْبعَةُ أشْهُرِ. هذا المذهبُ، نصَّ عليه. جزَم به فى «الهِدَايَةِ» ، و «المُذْهَب» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَب» ، و «الخُلَاصَةِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْح» ، و «المُحَرَّر» ، و «الفَائق» ، و «الوَجِيزِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» . وغيرِهم. وعنه، جَدْىٌ. وقيل: شاةٌ. وقيل: عَناقٌ.

ص: 12

وَفِى الْأَرْنَبِ عَنَاقٌ، وَفِى الْحَمَامِ؛ وَهُوَ كُلُّ مَا عَبَّ وَهَدَرَ، شَاةٌ، وَقَالَ الْكِسَائِىُّ: كُلُّ مُطَوَّقٍ حَمَامٌ.

ــ

قوله: وفى الأرْنَبِ عَناقٌ. هذا المذهبُ. نصَّ عليه. قالَه فى «الفَائقِ» . وجزَم به فى «الهِدَايَةِ» ، و «المُذْهبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَب» ، و «الخُلَاصَةِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «المُحَرَّر» ، و «الوَجيزِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن». وقيلَ: فيه جَفْرةٌ. ذكَرَه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن». لكِنْ قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: العَنَاقُ لها ما بينَ ثُلُثِ سَنَةٍ ونِصْفِها قبلَ أنْ تَصِيرَ جَذَعَةً، والجَفْرَةُ عَناقٌ مِنَ المَعْزِ لها ثُلُثُ سنَةٍ فقط. وقال فى «الفَائقِ»: الجَفْرَةُ لها أرْبَعُ شُهورٍ. وقال فى «الفُروعِ» : الجَفْرَةُ مِنَ المَعْزِ لها أرْبَعُ شُهورٍ، والعَنَاق أُنْثَى مِن وَلَدِ المَعْزِ دُونَ الجَفْرَةِ. انتهى.

قوله: وفى الَحَمَامِ؛ وهو كُلُّ ما عَبَّ وهدَر، شَاةٌ. وجُوبُ الشَّاةِ في الحَمامِ،

ص: 13

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لا خِلافَ فيه، والعَبُّ؛ وَضْعُ المِنْقارِ فى الماءِ، فيكْرَعُ كالشَّاةِ ولا يشْرَبُ قطْرةً قَطْرَةً كبَقِيَّةِ الطُّيورِ، والهَدْرُ، الصَّوْتُ. فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ الحَمامَ كُلُّ ماعَبَّ وهدَر، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقدَّمه فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وقال الكِسَائِىُّ: كُلُّ مُطَوَّقٍ حَمامٌ. وقاله (1) صاحِبُ «التَّبْصِرَةِ» ، و «الغُنْيَةِ» ، وغيرُهما مِنَ الأصحابِ. فمِمَّا يَعُبُّ

(1) فى الأصل، م:«وقال» .

ص: 14

النَّوْعُ الثَّانِى، مَالَمْ تَقْضِ فِيهِ الصَّحَابَةُ، رَضِىَ اللهُ عَنْهُمْ، فَيُرْجَعُ فِيهِ إِلَى قَوْلِ عَدْلَيْنِ مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْقَاتِلُ أَحَدَهُمَا.

ــ

ويهْدِرُ، الحَمامُ، وتُسَمِّى العرَبُ القَطا حمَامًا، وكذا الفَواخِتُ والوراشِينُ، والقُمْرِىُّ، والدُّبْسِىُّ، والشَّفانِينُ. وأمَّا الحَجَلُ، فإنَّه لا يَعُبُّ، وهو مُطَوَّقٌ، ففيه الخِلافُ.

قوله: النَّوْعُ الثَّانِى، ما لم تَقْضِ فيه الصَّحابَةُ، فيُرْجَعُ فيه إلى قَوْلِ عَدْلَين مِن

ص: 15

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أهْلِ الخِبْرَةِ، ويَجُوزُ أنْ يكونَ القَاتِلُ أَحَدَهما. نصَّ عليه، وأنْ يكونا القاتِلَيْن أيضًا، وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، إلَاّ ما تقدَّم عن صاحبِ «الفُروعِ» ،

ص: 16

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

من أنَّه يُقْبَلُ قوْلُ غيرِ الصَّحابِىِّ، فى أوَّلِ البابِ. وقيَّدَ ابنُ عَقِيلٍ المسْألةَ بما [إذا كان] (1) قتْلُه خطَأ. قال: لأنَّ العَمْدَ يُنافِى العَدالَةَ، فلا يُقْبَلُ قوْلُه، إلا أنْ يكونَ جاهِلاً تحْرِيمَه، لعدَمِ فِسْقِه. قلتُ: وهو قَوِىٌّ. ولعَله مُرادُ الأصحابِ. قال بعضُهم: وعلى قِيَاسِه، قَتْلُه لحاجَةِ أكْلِهْ. ويأتِى ف أوَاخِرِ بابِ شُروطِ مَن تُقْبَلُ شَهادَتُه، قَبُولُ شَهادةِ الإنْسانِ على فِعْلِ نفْسِه. وتقدَّم، هل تجِبُ فِدْيَةٌ فى الضفْدَعِ، والنَّملَةِ، والنحْلَةِ، وامٌ حُبَيْنٍ، والسِّنَّوْرِ الأهْلِى أم لا؟ وهل تَجِبُ فى البَطِّ والدَّجاجِ ونحوِه أم لا؟ عندَ قوْلِه: ولا تأْثِيرَ للحَرَمِ ولا للإحْرامِ فى تحْريمِ حَيوانٍ إنْسِى ولا مُحَرَّمِ الأكْلِ.

(1) زيادة من: ش.

ص: 17

وَيَجِبُ فِى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ، وَالصَّحِيحِ وَالْمَعِيبِ مِثْلُهُ، الَّا الْمَاخِضَ تُفْدَى بِقِيمَةِ مِثْلِها. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يَجِبُ فِيها مِثْلُهَا.

ــ

فائدة: فى سِنوْرِ البَرِّ، والهُدْهُدِ، والصُّرَدِ حُكُومَةْ إنْ أُلْحِقَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيلَ: مُطْلَقًا. وتقدَّم التَّنْبِيهُ على ذلك فى الثَّعلَبِ.

قوله: ويَجِبُ فى كُلِّ واحِدٍ مِنَ الكَبِيرِ والصَّغِيرِ، والصَّحِيحِ والمَعِيب، مثلُه. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، وقطَعُوا به. وقال فى «الفُروعِ»: وقِياسُ قَوْلِ أبى بَكْر فى الزَّكاةِ، يضْمَنُ مَعِيبًا بصَحيح. ذكَرَه الحَلْوَانِىُّ، وخرَّجه فى «الفُصُولِ» احتِمالاً مِنَ الرِّوايَةِ هناك، وفيها يُعتَبرُ الكبيرُ أيضًا، فهنا مِثْلُه. قالَه فى «الفُروعِ» . فلو قتَل فَرْخَ حمَام، كان فيه صَغِير مِن أوْلادِ الغنَمِ، وفى فَرخِ النَّعامَةِ جَزاءٌ، وفيما عدَاها قِيمَتُه، إلَّا ما كان أكْبرَ مِنَ الحَمامِ، ففيه ما نذْكُرُه قرِيبًا.

قوله: إلَّا المَاخِضَ تُفْدَى بقِيمَةِ مِثْلِها. هذا أحَدُ الوَجْهيْن. واخْتارَه القاضى،

ص: 18

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والمُصَنِّفُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» . وقال أبو الخَطابِ: يجِبُ فيها مِثْلُها. وهو المذهبُ، جزَم به فى «المُذْهبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَة» ، و «الهادِى» ، و «التَّلْخِيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «المُحَررِ» ، و «النظْمِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوس» . وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفَائقِ» ، وأطْلَقَهما فى «الشرحِ». وقيل: يَضْمَنُ بقِيمَةِ مِثْلِها أو بحائلٍ؛ لأنَّ هذا لا يزِيدُ فى لَحْمِها كَلَوْنِها. قالَه فى «الفَائقِ» على الأوَّلِ. ولو فَداها بغيرِ ماخِضٍ فاحتِمالان. وقال فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن»: وتُفْدَى الماخِضُ بمِثْلِها، فإنْ عَدِمَ الماخِضَ فقِيمَةُ ماخِضٍ مِثْلِها. وقيلَ: قِيمَةُ (1) غيرِ ماخِض.

فائدتان؛ إحداهما، لو جنَى على حامِلٍ، فألقَتْ جَنِينَها مَيِّتًا، ضَمِنَ نقْصَ الأمِّ فقط. وهذا المذهبُ. وجزَم به فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، وغيرِهما.

(1) فى الأصل، ط:«قيمته» .

ص: 19

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه؛ لأنَّ الحَملَ فى البَهائمِ زِيادَةٌ. وقال فى «المُبْهِج» : إذا صادَ حامِلاً، فإنْ تَلِفَ حَملُها، ضَمِنَه. وقال فى «الفُصُولِ»: يَضْمَنُه إنْ تهيأ لنَفْخِ الرُّوحِ؛ لأنَّ الظاهِرَ أنّه يَصِيرُ حَيوانا، كا يَضْمَنُ جَنِينَ امْرأةٍ بغُرةٍ (1). وقال جماعَةٌ مِنَ الأصحابِ، منهم المُصَنِّفُ فى «الكَافِى» ، وصاحِبُ «التلْخِيص» ، و «الرِّعايَةِ» ، وغيرُهم: إنْ ألْقَتْه حيًّا ثم ماتَ، فعليه جَزاؤُه. وقال جماعةٌ مِنَ الأصحابِ: إذا كان لوَقْتٍ يعيشُ لمِثْلِه، وإن كان لوَقْتٍ لا يعيشُ لمِثْلِه، فهو كالمَيِّتِ. وجزَم به فى «المُغْنِى» ، و «الشرحِ» . وقاسَ فى «القاعِدَةِ الرابِعَةِ والثمانِين» ، وُجوبَ عُشْرِ قِيمَةِ أمِّه، على قوْلِ أبى بَكْرٍ فى وُجوبِ عُشْرِ قِيمَةِ جَنينِ الدابةِ، على ما يأْتِى فى الغَصْب ومَقادِيرِ الدياتِ. وتقدَّمَتْ أحكامُ البَيْضِ المَذِرِ وما فيه مِنَ الفِرَاخِ، وكذا لو أُخْرِجَ مِن كسْرِه البَيْضَةَ فَرْخٌ فعَاشَ أو ماتَ، عندَ قوْلِه: وإنْ أتْلَفَ بَيْضَ صَيْدٍ.

(1) فى الأصول: «بعده» . والمثبت من الفروع 3/ 429.

ص: 20

وَيَجُوزُ فِدَاءُ أَعوَرَ مِنْ عَيْنٍ بأعوَرَ مِنْ عَيْنٍ أُخْرَى، وَفِدَاءُ الذَّكَرِ بِالأُنْثَى، وَفِى فِدَائِها بِهِ وَجْهانِ.

ــ

الثانية، قوله: ويَجُوزُ فِدَاءُ أعوَرَ مِن عَيْن بأعوَرَ مِن أخْرَى. وهذا بلا نِزاعٍ، وكذا يجوزُ فِداءُ أعْرَجَ مِن قائمةٍ بأعْرَجَ مِن أخْرَى؛ لأنَّه يَسِيرٌ. ولا يجوزُ فِداءُ أعْوَرَ بأعْرَجَ ولا عكْسُه؛ لعدم المُماثَلَةِ.

قوله: ويَجُوزُ فِدَاءُ الذَّكَرِ بالأنْثَى، وفى فِدائِها به وَجْهان. وأطْلَقهما فى «الهِدَايَة» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الكَافِى» ، و «التَّلْخِيصِ» ، و «البُلْغةِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الهادِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفُروعِ» ، و «الفَائق» ؛ أحدُهما، لا يجوزُ. صحَّحَه فى «النَّظْمِ». قال فى «الخُلَاصَةِ»: والأُنْثَى أفْضَلُ، فيَفْدِى بها. واقْتَصرَ عليه. وقال فى «المُحَرَّرِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، وابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه»: تُفْدَى أُنْثَى بمِثْلِها.

ص: 21

فَصْلٌ: الضَّرْبُ الثَّانِى، مَا لَا مِثْلَ لَهُ؛ وَهُوَ سَائِرُ الطَّيْرِ، فَفِيهِ قِيمَتُهُ، إِلا مَا كَانَ أكْبَرَ مِنَ الْحَمَامِ، فَهَلْ تَجبُ فِيهِ قِيمَتُهُ أوْ شَاةٌ؟ عَلَى وَجْهيْنَ.

ــ

فظاهِرُ ذلك، عدَمُ الجَوازِ. والوَجْهُ الثَّانى، يجوزُ. صحَّحَه فى «التَّصْحيح» . وجزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «مُنْتَخَبِ الآدَمِىِّ البَغْدَادِىِّ» . وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبرَى» ، و «شَرحِ ابنِ رَزِينٍ» .

قوله: الضَّربُ الثَّانِى، مالا مِثْلَ له؛ وهو سائرُ الطَّيْرِ، ففيه قِيمَتُه. بلا نِزاعٍ، إلَاّ ما اسْتَثْناه بقوْلِه: إلَاّ ما كان أكْبَرَ مِنَ الحَمامِ. كالإوَزِّ، والحُبَارَى، والحَجَلِ، على قوْلِ غيرِ الكِسَائِىِّ، والكبيرِ مِن طَيْرِ الماءِ، والكُركِىِّ، والكَرَوانِ، ونحوِه. فهل تجِبُ فيه قِيمَتُه أو شاةٌ؟ على وَجْهيْن. وأطْلَقهما فى «الهِدَايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «الكَافِى» ،

ص: 22

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «المُغْنِى» ، و «الهَادي» ، و «التَّلْخِيصِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفَائقِ» ، و «الزَّرْكَشِى» ؛ أحدُهما، تجِبُ فيه قِيمَتُه؛ لأنَّ القِياسَ خُولف فى الحَمامِ. وهو المذهبُ، صحَّحَه فى «التَّصْحِيحِ» . وجزَم به فى «المُحَرَّرِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «العُمدَةِ» . وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، وهو ظاهِرُ كلامِه فى «النَّظْمِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «المُنْتَخَبِ» ، و «إدرَاكِ الغَايَةِ» ، وغيرِهم؛ لاقْتِصَارِهم على وُجوبِ الشَّاةِ فى الحَمامِ دُونَ غيرِه. والوَجْهُ الثَّاني، فيه شاةٌ. اخْتارَه

ص: 23

وَمَنْ أتْلَفَ جُزْءًا [69 و] مِنْ صَيْدٍ، فَفِيهِ مَا نَقصْ قِيمَتِهِ، أوْ قِيمَةِ مِثْلِهِ إِنْ كَانَ مِثْلِيًّا.

ــ

ابن حامِدٍ، وابنُ أبى مُوسَى. وقدَّمه ابنُ رَزِين فى «شرحِه». قال فى «الخُلَاصَةِ»: فأمَّا طَيْرُ الماءِ، ففيه الجَزاءُ، كالحَمامِ. وقيل: القِيمَةُ. انتهى.

قوله: ومَن أتْلَفَ جُزْءًا مِن صَيْدٍ، ففيه ما نقَص مِن قِيمَتِه، أو قيمَةِ مِثْلِه إنْ كان مِثْلِيا. إذا أتْلَفَ جُزءًا مِن صَيْدٍ وانْدمَلَ، وهو مُمتَنع، فلا يخْلُو؛ إمَّا أنْ يكونَ الصيْدُ مما لا مِثْلَ له، أو له. مِثْلٌ، فإنْ كان مما لا مِثْلَ له، فإنَّه يضْمَنُه بقِيمَتِه؛ لأنَّ جُملَتَه تُضْمَنُ بقِيمَتِه، فكذلك أجْزاؤُه. وإنْ كان له مِثْلٌ، فهل يضْمَنُ بمِثْلِه مِن مِثْلِه لحمًا، أو يضْمَنُ بقِيمَةِ مِثلِه؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقهما فى «الهِدَايَة» ، و «المُذْهبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتوعِبِ» ،

ص: 24

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ؛ أحدُهما، يضْمَنُ بمِثْلِه مِن مِثْلِه لحمًا. وهو المذهبُ، وهو ظاهِرُ ما جزَم به فى «الوَجيزِ» . قال فى [«المُغْنِى» (1)، و](2)«الشرح» : وهو أوْلَى. وقدمه فى «الرعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «شَرْحِ ابنِ رَزِين» ، و «الفُروعِ». وقال: ويضْمَنُ بعضَه بمِثْلِه لَحمًا؛ لضَمانِ أصْلِه بمِثْلِه مِنَ النعَمِ، ولا مشَقَّةَ فيه؛ لجَوازِ عُدولِه إلى عَدْلِه مِن طَعام أو صَوْمٍ. وقال القاضى فى «الخِلَاف»: لا يُعرَفُ فيما دُونَ النفْسِ، فلو قُلْنا به، لم يمتنِعْ، وإنْ سلَّمْنا، فهو الأشْبَهُ بأصُولِه؛ لأنَّه لم يُوجِبْ فى شَعَرِه ثُلُثَ دَمٍ؛ لأنَّ النَّقْصَ فيما يُضْمَنُ بالمِثْلِ لا يُضْمَنُ به، كطَعامٍ مُسَوَّسٍ فى يَدِ الغاصِبِ، ولأنَّه يَشُقُّ، فلم يُوجِبْ، كما فى الزَّكاةِ. انتهى. والوَجْهُ الثَّاني، تجِبُ قِيمَةُ مِثْلِه. كما جزَم به المُصَنِّفُ هنا، وجزَم به ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه» . وقدَّمه فى «الخُلَاصَةِ» .

(1) المغنى 5/ 407.

(2)

زيادة من: ش.

ص: 25

وَإنْ نَفَّرَ صَيْدًا، فَتَلِف بِشَىْءٍ، ضَمِنَهُ،

ــ

فائدتان؛ إحداهما، قوله: لو نَفَّرَ صَيْدًا، فتَلِفَ بشئٍ، ضَمِنَه. وكذا لو نقَص فى حالِ نُفُورِه، ضَمِنَه، بلا خِلافٍ فيهما، ولا يَضْمَنُ اذا تَلِفَ فى مَكانِه بعدَ أمْنِه مِن نُفورِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يَضْمَنُ. ولو تَلِفَ فى حالِ نُفُورِه بآفةٍ سَماوِيَّةٍ، ففى ضَمانِه وَجْهان. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ». قلتُ: الأوْلَى الضَّمانُ؛ لأَّنه اجْتمَعَ سبَبٌ وغيرُه، ولا يمكِنُ إحالته على غيرِ السَّبَبِ هنا، فيُغَيَّرُ

ص: 26

وَإنْ جَرحَهُ فَغَابَ وَلَم يَعْلَمْ خَبَرَهُ، فَعَلَيْهِ مَا نَقَصَهُ، وَكَذَلِكَ إِنْ وَجَدَهُ مَيِّتًا وَلَم يعلم مَوْتَهُ بِجِنَايَتِهِ. وَإنِ انْدَمَلَ غَيْرَ مُمْتَنِع، فَعَلَيْهِ جَزَاءُ جَمِيعِهِ.

ــ

السَّبَبُ. ثم وَجَدْتُه فى «الرعايَةِ الكُبْرَى» قدَّمه، وقال: وقيلَ: لا يَضْمَنُ بآفَةٍ سَماويَّةٍ فى الأصحِّ. قلتُ: والضَّمانُ ظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ، وهو كالصَّرِيح فى كلامِه فى «الكَافِى» . الثَّانيةُ، لو رمَى صَيْدًا فأَصابَه، ثم سقَط على آخَرَ فمَاتَا، ضَمِنَهما، فلو مشَى المجْروحُ قَلِيلا، ثم سقَط على آخَرَ، ضَمِنَ المَجْروحَ فقط. على الصَّحيحِ. وقال فى «الفُروعِ»: وظاهِرُ ما سبَق، يَضْمَنُهما. قلتُ: هى شَبِيةٌ بما إذا تَلِفَ فى مَكانِه بعدَ أمْنِه، على ما تقدَّم.

قوله: وإنْ جرَحَه فَغابَ ولم يَعلَمْ خَبَرَه، فعليه ما نقَص. يعنِى، إذا كان الجُرْحُ غيرَ مُوحٍ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ عليه أرْشَ ما نقَص بالجَرْحِ. كما قال المُصَنِّفُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «المُغْنِى» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه.

ص: 27

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقيلَ: يضْمَنُه كلَّه. وهو ظاهِرُ إطْلاق كلامِ القاضى وأصحابِه، على ما يأْتِى بعدَ ذلك. فعلى المذهبِ، يُقَوِّمُه صَحِيحًا أو جَرِيحًا غيرَ مُنْدَمِلٍ، لعَدَمِ معْرِفَةِ انْدِمالِه، فيَجِبُ ما بينَهما، فإنْ كان سُدسَه، فقيلَ: يجِبُ سُدسُ مِثْلِه. قلتُ: وهو الصَّحيحُ. [وقدمه فى «الرِّعايتَيْن»، و «الحاوِيَيْن»](1)، قِياسًا على ما إذا أتْلَفَ جُزْءًا مِنَ الصَّيْدِ، على ما تقدم قربيا. وقد صرَّح فى «الهِدَايَة» ، و «المُذهب» ، و «المُسْتَوْعِب» ، وغيرِهم بذلك. وكذا فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، وقدَّموا وُجوبَ مِثْلِه مِن مِثْلِه لَحْمًا، كما تقدَّم. وقيلَ: يجِبُ قِيمَةُ سُدْسِ مِثْلِه. [وقدَّمه فى «الخُلَاصَةِ»](1). وأطْلَقهما فى «الفُروعِ» بقيلَ، وقيلَ.

قوله: وكذلك إنْ وجَدَه مَيِّتًا ولم يعلم مَوْتَه بجِنَايَتِه. إذا جَرحَه وغابَ عنه، ثم وَجدَه مَيِّتًا، ولا يَعلمُ، هل مَوْتُه بجِنايته أم لا؟ فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ حُكْمَه حُكْمُ ما جرَحَه وغابَ ولم يَعْلَمْ خَبَرَه. جزَم به فى «الوَجِيز» ، و «النظْم» ، وغيرِهما. وقامه فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وقيلَ: يضْمَنُه كلَّه هنا. وهو احتِمالٌ فى «المُغْنى» ، و «الشَّرْحِ» ؛ لأنَّه وُجِدَ

(1) زيادة من: ش.

ص: 28

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

سبَبُ إتْلافِه منه، ولم يَعْلَمْ له سبَبًا آخَرَ، فوجَب إحالته على السبَبِ المعْلُومِ. قال الشارِحُ: وهذا أقْيَسُ. قال فى «الفُروعِ» : وهذا أظْهَرُ، كنَظائرِه. وأطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ» ، و «القَواعِدِ» .

فائدة: لو جرَحَه جُرْحًا غيرَ مُوحٍ، فوَقَع فى ماءٍ، أو تَردَّى فماتَ، ضَمِنَه لتَلَفِه بسَببِه.

قوله: وإنِ انْدَملَ غيرَ مُمْتَنِعٍ، فعليه جَزاءُ جَمِيعِه. وكذا إنْ جرَحَه جُرْحًا

ص: 29

وَإنْ نَتَفَ رِيشَهُ فَعَادَ، فَلَا شَىْءَ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: عَلَيْهِ قِيمَةُ الرِّيشِ.

ــ

مُوحِيًا (1). وهذا المذهبُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيره. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وذكَر المُصَنِّف، والشَّارِحُ تخرِيجًا، أنَّه لا يَضْمَنُ سِوَى ما نقَص فيما إذا انْدَمَلَ غيرَ مُمْتَنِع. وأطْلَقَ القاضى وأصحابُه، فى كُتُبِ الخِلَافِ، وُجوبَ الجَزاءِ كامِلًا، فيما إذا جرَحه وغابَ، وجَهِلَ خَبَرَه. قلتُ: وهو ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، على ما تقدّم؛ فإن كلامَه مُطْلَقٌ. فظاهرُ كلامِهم، أنَّ الجُرْحَ لو كان غيرَ مُوحٍ، وغابَ، أنَّ عليه الجَزاءَ كامِلًا.

قوله: وإنْ نتَف رِيشَه فعَادَ، فلا شئَ عليه. وكذا إنْ نتَف شَعَرَه. وهو

(1) زيادة من: ش.

ص: 30

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. قال فى «المُسْتَوْعِبِ»: هو قوْلُ غيرِ أبى بَكْرٍ مِنَ الأصحابِ. وقدَّمه فى «الهدَايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، [و «شَرْحِ المَناسِكِ»](1)، وغيرِهم. [وصحَّحَه فى «تَصْحِيحِ المُحَرَّرِ»] (1). وقيل: عليه قِيمَتُه؛ لأنَّه غيرُ الأَوَّلِ. وجزَم به فى «الإفادَاتِ» . وأطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «القَواعِدِ الفِقْهِيّةِ». وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»: ذكَر أبو بَكْرٍ، أنَّ عليه حُكُومَةً. ويأْتِي نظيرُها إذا قطَع غُصْنًا ثم عادَ، فى البابِ الذى بعدَه، وتقدَّم، إذا أتْلَفَ بَيْضَ صَيْدٍ، فى كلامِ المُصَنِّفِ فى مَحْظُوراتِ الإحْرامِ.

فائدة: لو صادَ غيرَ مُمْتَنِعٍ بنَتْفِ رِيشِه أو شَعَرِه، فكالجَرْحِ على ما سَبق. وإنْ غابَ، ففيه ما نقَص؛ لإمْكانِ زَوالِ نقْصِه، كما لو جَرَحَه وغابَ، وجَهِلَ حالَه.

(1) زيادة من: ش.

ص: 31

وَكُلَّمَا قَتَلَ صَيْدًا حُكِمَ عَلَيْهِ.

ــ

قوله: وكُلَّما قتَل صَيْدًا حُكِمَ عليه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، ونقَلَه الجماعَةُ عنِ الإمامِ أحمدَ. وعنه، لا يجِبُ إلَّا فى المَرَّةِ الأولَى. وعنه، إنْ كفَّرَ عنِ الأَوَّلِ، فعليه للثَّانِي كفَّارَةٌ، وإلَّا فلا. وتقدَّم ذلك فى مَحْظُوراتِ الإحْرامِ،

ص: 32

وَإنِ اشْتَرَكَ جَمَاعَةٌ فى قَتْلِ صَيْدٍ، فَعَلَيْهِمْ جَزَاءٌ وَاحِدٌ. وَعَنْهُ، عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ جَزَاءٌ. وَعَنْهُ، إِنْ كَفَّرُوا بِالْمَالِ، فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَإنْ كَفَّرُوا بِالصِّيَامِ، فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ كَفَّارَةٌ.

ــ

فى قوْلهِ: وإنْ قتَل صَيْدًا بعدَ صَيْدٍ، فعليه جَزاؤُهما. بأتمَّ مِن هذا.

قوله: وإذا اشْتَرَكَ جَماعَةٌ فى قَتْلِ صَيْدٍ، فعليهم جَزاءٌ واحدٌ. وهذا إحْدى الرِّواياتِ، والمذهبُ منها (1)، وسَواءٌ باشَرُوا القَتْلَ، أو كان بعضُهم مُمْسِكًا والآخَرُ مُباشِرًا. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ، وابنُ أبى مُوسَى، والقاضى أَيضًا، والمُصَنِّفُ،

(1) فى ا: «منهما» .

ص: 33

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

والشَّارِحُ. وقدَّمه فى «الكَافِى» ، وصحَّحَه. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المُخْتارُ مِنَ الرِّواياتِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «الخُلَاصَةِ» . وعنه، على كلِّ واحدٍ جَزاءٌ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. وعنه، إنْ كفَّرُوا بالمالِ، فكفَّارَةٌ واحدَةٌ، وإنْ كفَّرُوا بالصِّيامِ، فعلَى كلِّ واحدٍ كفارَةٌ. ومَن أهْدَى، فبحِصَّتِه، وعلى الآخَرِ صَوْمٌ تامٌّ. نقَلَه الجماعَةُ عن أحمدَ. واخْتارَه القاضى وأصحابُه. وذكَرَه الحَلْوانِيُّ عنِ الأكْثَرِ. وأطْلَقهُنَّ فى «الفُروعِ». وقيلَ: لا جَزاءَ على مُحْرِمٍ مُمْسِكٍ مع مُحْرِمٍ

ص: 34

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مُباشِرٍ. قال فى «الفُروعِ» : فيُؤْخَذُ منه، لا يَلْزَمُ مُتَسَبِّبًا مع مُباشِرٍ. قال: ولعَلَّه أظْهَرُ، لا سِيَّما إذا أمْسَكَه ليَمْلِكَه، فقتَلَه مُحِلٌّ. وقيلَ: القَرارُ (1) على المُبَاشِرِ (2)؛ لأنَّه هو الذى جعَل فِعْلَ المُمْسِكِ عِلَّةً. قال فى «الفُروعِ» : [وهذا مُتَّجَهٌ، وجزَم ابنُ شِهَابٍ، أنَّ الجَزاءَ على المُمْسِكِ، وأنَّ عَكْسَه المالُ. قال فى «الفُروعِ»](3): كذا قال. وتقدَّم نظِيرُ ذلك فى مَحْظُوراتِ الإحْرامِ، فى قَتْلِ الصَّيْدِ، عندَ قوْلِه: إلَّا أنْ يكونَ القاتِلُ مُحْرِمًا. فإنَّ حُكْمَ

(1) فى الأصل، ا:«القرآن» . وانظر: الفروع 3/ 411.

(2)

فى الأصول: «المباشرة» ولا يستقيم بها المعنى، والمثبت من الفروع 3/ 411.

(3)

زيادة من: ش.

ص: 35

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المسْأَلتَيْن (1) واحِدٌ. ذكَرَه الأصحابُ. وتقدَّم هناك شَرِيكُ السَّبُعِ وشَرِيكُ الحَلالِ.

(1) فى الأصل، ط:«المسلمين» .

ص: 36