الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ ذِكْرِ دُخُولَ مَكَّةَ
يُسْتَحَبُّ أنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ مِنْ أعْلَاهَا، مِنْ ثَنِيَّةِ كَدَاءٍ،
ــ
بابُ ذِكْر دُخولِ مَكَّةَ
تنبيه: ظاهرُ قولِه: يُسْتَحَبُّ أنْ يَدْخُلَ مَكَّةَ. أنَّه سواءٌ كان دُخولُها ليلًا أو
ثُمَّ يَدْخُلَ الْمَسْجِدَ مِنْ بَابِ بَنِى شَيْبَةَ.
ــ
نهارًا. أمَّا دُخولُها فى النَّهارِ، فمُسْتحَبٌّ، بلا نزاعٍ. وأمَّا دُخولُها فى الليلِ، فمُسْتحَبٌّ أَيضًا، فى أحدِ الوَجْهَيْن. ذكَرَه فى «الفُروعِ» ، وهو ظاهرُ كلامِ جَماعَةٍ. وقد نقَل ابنُ هانئٍ، لا بأْسَ. وإنَّما كرِهَه مِنَ السُّرَّاقِ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يُسْتَحَبُّ دُخولُها فى الليلِ. قدَّمه فى «الفُروعِ» ؛ وهو ظاهرُ ما جزَم به كثيرٌ مِنَ الأصحابِ؛ لأنَّهم إنَّما اسْتَحَبُّوا الدُّخولَ نهارًا.
فائدة: يُسْتَحبُّ له إذا خرَج مِن مكَّةَ، أنْ يخْرُجَ مِنَ الثَّنِيَّةِ السُّفْلَى مِن كُدًى.
فَإِذَا رَأى الْبَيْتَ رَفَعَ يَدَيْهِ وَكَبَّرَ، وقَالَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، وَمِنْكَ السَّلَامُ، حَيِّنَا رَبَّنَا بالسَّلَامِ، اللَّهُمَّ زِدْ هَذَا الْبَيْتَ تَعْظِيمًا وَتَشْريفًا وَتَكْرِيمًا وَمَهَابَةً وَبِرًّا، وَزِدْ مَنْ عَظَّمَهُ وَشَرَّفَهُ، مِمَّنْ حَجَّهُ وَاعْتَمَرَهُ
ــ
تنبيه: ظاهرُ قولِه: ثم يدخلُ المسْجِدَ مِن بابِ بنى شَيْبَةَ. أنَّه لا يقولُ حين دُخولِه شيئًا. وهو ظاهرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ. وهو ظاهرُ ما قدَّمه فى «الفُروعِ» . وقال فى «الهِدايةِ» : يقولُ حينَ دخولِه: بسْمِ اللهِ، وباللهِ، ومِنَ اللهِ، وإلى اللهِ، اللهُمَّ افْتَحْ لي أبوابَ فَضْلِك. وقال فى «الرِّعايَةِ»: يقولُ: بسْمِ اللهِ، اللهُمَّ افْتَحْ لي أبوابَ فضْلِك. انتهى. قلتُ: الذى يظْهَرُ، أنَّه يقولُ، إذا أَرادَ دُخولَ المسْجِدِ، ما ورَد فى ذلك مِنَ الأحاديثِ. ولا أظُنُّ أنَّ أحدًا مِنَ الأصحابِ لا يسْتَحِبُّ قولَ ذلك؛ إذْ قَوْلُ ذلك مُسْتَحَبٌ عندَ إرادَةِ دُخولِ كلِّ مسْجِدٍ، فالمَسْجِدُ العَتِيقُ بطريقٍ أوْلَى وأحْرَى، وإنَّما سكَتوا عنه هنا اعْتِمادًا على ما قالوه هناك، وإنَّما يذْكُرون هنا ما هو مُخْتَصٌّ به. هذا ما يظْهَرُ.
قوله: فإذا رأى البيتَ، رفَع يَدَيْه وكبَّر. إذا رأَى البيتَ، رفَع يَدَيْه. نصَّ عليه.
تَعْظِيمًا وَتَشْرِيفًا وَتَكْرِيمًا وَمَهَابَةً وَبِرًّا، الْحَمْدُ لِلّه رِبِّ الْعَالَمِينَ كَثِيرًا كَمَا هُوَ أَهلُهُ، وَكَمَا يَنْبَغِي لِكَرَمِ وَجْهِهِ وَعِزِّ جَلَالِهِ، وَالحَمْدُ لِلّه اِلَّذِى بَلَّغَنِى بَيْتَهُ، وَرَآنِى لِذَلِكَ أهْلًا، وَالْحَمْدُ لِلّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، اللهُمَّ إِنَّكَ دَعَوْتَ إلَى حَجِّ بَيْتِكَ الْحَرَامِ، وَقَدْ جِئْتُكَ لِذَلِكَ، اللهُمَّ تَقَبَّلْ مِنِّى، وَاعْفُ عَنِّى، وَأصْلِحْ لِى شَأْنِى كُلَّهُ، لَا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ. يَرْفَعُ بِذَلِكَ صَوْتَهُ.
ــ
وقولُه: وكبَّر. هذا أحدُ الوُجوهِ. جزَم به الخِرَقِىُّ، وفى «الهادِى» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الوَجِيزِ» ، و «شَرْح ابنِ رَزِينٍ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «التَّسْهيلِ» ، و «الفَائقِ» ، و «الزَّرْكَشِىِّ» ، وغيرِهم، وقيلَ: ويُهَلِّلُ أَيضًا. قال فى «النَّظْمِ» : وكبَّر ومجَّد. وجزَم به فى «تَجْريدِ العِنايَةِ» . وقال فى «العُمْدَةِ» : رفَع يَدَيْه وكبّر الله وحمَّد ودَعا. وقيل: يرْفَعُ يدَيْه ويدْعُو فقط. ومنه ما قالَه المُصَنِّفُ هنا. وهو المذهبُ. وجزَم به فى «الهِدَايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الكَافِى» ، و «التَّلْخِيصِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «البُلْغَةِ» ، و «إدْراكِ الغايَةِ» . وقدَّمه فى «الفُروعِ» . وعندَ الشَّيْخِ تَقِىِّ الدِّينِ، لا يشْتَغِلُ بدُعاءٍ. واقْتصَرَ فى «الرَّوْضَةِ» على قَوْلِه: اللَّهُمَّ زِدْ هذا البَيْتَ. إلى قولِه: مِمَّن حجَّه واعْتمَرَه، تعْظِيمًا وتشْريفًا وتكْريمًا ومَهابةً وبِرًّا.
قوله: يَرْفَعُ بذلك صَوْتَه. جزَم به فى «الهِدايةِ» ، و «الفُصولِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الهادَى» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «إدْراكِ الغايَةِ» ، وغيرِهم. وقال فى «الفُروعِ»: وقيلَ: يجهَرُ به. وظاهِرُه، أنَّ المُقدَّمَ عدَمُ الجَهْرِ بذلك، ولم أرَ أحدًا قدَّمه، لكنَّ المُصَنِّفَ فى «المُغْنى» ، وتَبِعَه الشَّارِحُ، قالَا: قال بعضُ أصحابِنا: يرْفَعُ بذلك صوْتَه. فالظَّاهِرُ، أنَّه تابَعَهما، وأنَّ المسْألةَ مَسْكوتٌ عنها عندَ بعضِهم، وبعضُهم قال: يجْهَرُ. فتكونُ المسْألةُ قوْلًا واحِدًا.
ثُمَّ يَبْتَدِئُ بِطَوَافِ الْعُمْرَةِ، إِنْ كَانَ مُعْتَمِرًا، أوْ طَوَافِ الْقُدُومِ، إنْ كَانَ مُفْرِدًا أوْ قَارِنًا.
ــ
قوله: ثم يَبْتَدِئُ بطَوافِ العُمْرَةِ، إنْ كان مُعْتَمِرًا، أو طَوافِ القُدُومِ، إنْ كان مُفْرِدًا أو قَارِنًا. هذا المذهبُ بلا ريْبٍ. أعْنِى، أنَّه لا يبْتَدِئُ بشئٍ أوَّلَ مِنَ الطَّوافِ ما لم تَقُمِ (1) الصَّلاةُ. وقطَع به كثيرٌ مِنَ الأصحابِ؛ منهم صاحبُ «المُحَرَّرِ» ، و «الوَجيزِ» ، والمُصَنِّفُ، وغيرُهم. وقدمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال: هو المذهبُ. انتهى. وجزَم فى «الفُصُولِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخِيصِ» ، و «التَّرْغيبِ» ، و «البُلْغةِ» ، و «الرِّعايَة» ، وغيرِهم، يفْعَلُ ذلك بعدَ تحِيَّةِ المسْجدِ. قال فى «التلْخيصِ» وغيرِه: والطّوافُ تحِيَّةُ الكَعْبَةِ.
(1) فى الأصل، ط:«تقام بها» .
وَيَضْطَبع بِرِدَائِهِ، فَيَجْعَلُ وَسَطَهُ تَحْتَ عَاتِقِهِ الأيْمَنِ، وَطَرَفَيْهِ عَلَى عَاتِقِهِ الْأَيْسَرِ.
ــ
فائدة: يُسَمَّى طوافُ القارِنِ والمُفْرِدِ طوافَ القُدومِ، وطوافَ الوُرودِ.
قوله: ثم يَضْطَبعُ برِدائِه. الصَّحيح مِنَ المذهبِ، أنَّ الاضْطِاعَ يكونُ فى جميعِ الأسْبُوعِ. وفى «التَّرْغِيبِ» رِوايةٌ؛ يكونُ الاضْطِباعُ فى رَمَلِه فقط. وقالَه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأثْرَمُ. وأطْلقَهما الزَّرْكَشِىُّ. ولم يذْكُرِ ابنُ الزَّاغُونِىِّ فى «مَنْسَكِه» الاضْطِباعَ إلَّا فى طَوافِ الزِّيارَةِ. ونَفاه فى طَوافِ الوَداعِ.
ثُمَّ يَبْتَدِئُ مِنَ الْحَجَرِ الأَسْوَدِ، فَيُحاذِيهِ بِجَمِيعِ بَدَنِهِ، ثُمَّ يَسْتَلِمُهُ، وَيُقَبِّلُهُ، وَإنْ شَاءَ اسْتَلَمَهُ وَقَبَّلَ يَدَهُ، وَإنْ شَاءَ أشَارَ إِلَيْهِ، وَيَقُولُ: بِسْمِ اللهِ وَالله أَكْبَرُ، إِيمَانًا بِكَ، وَتَصْدِيقًا بِكِتَابِكَ، وَوَفَاءً بِعَهْدِكَ، وَاتِّبَاعًا لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم. كُلَّمَا اسْتَلَمَهُ.
ــ
قوله: ثم يَبْتَدِئُ مِنَ الحَجَرِ الأَسْود، فَيُحاذِيه بجَمِيعِ بَدَنِه. إذا حاذَى الحَجَرَ الأسْودَ بجميعِ بدَنِه، أجْزَأَ، قوْلًا واحدًا. وإنْ حاذَى بعضَ الحَجَرِ بكُلِّ بدَنِه، أجْزَأ أَيضًا، قوْلًا واحدًا. لكنْ قال فى «أسْبابِ الهِدايةِ»: وَلْيَمُرَّ بكُلِّ الحَجَرِ بكُلِّ بدَنِه. وإنْ حاذَى الحجَرَ أو بعضَه ببَعض بدَنِه، فالصَّحِيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يُجْزِئُ ذلك الشَّوْطُ. صحَّحَه فى «النَّظْمِ» . وقدَّمه فى «الفُروعِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» ، و «الحاوِيَيْن». وقيل: يُجْزِئُه. اخْتارَه جماعةٌ مِنَ الأصحابِ، منهم الشَّيْخُ تَقِى الدِّينِ. وصحَّحَه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه» . وأطْلقَهما فى «المُغْنِى» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشرحِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، و «الفائقِ» .
قوله: ثم يَسْتَلِمُه ويُقَبِّلُه، وإن شاءَ اسْتَلَمَه وقبَّل يَدَه، وإن شاءَ أشارَ إليه. خيَّرَه المُصَنِّفُ بينَ الاسْتِلامِ مع التَّقْبيلِ، وبينَ الاسْتِلامِ مع تَقْبيلِ يَدِه، وبينَ الإِشارةِ إليه. وقال فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» . و «الكَافى» ، و «المُغْنِى» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «التَّلْخِيصِ» ، و «الفائقِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، وغيرِهم، ما معْناه، أنَّه يسْتَلِمُه ويُقَبِّلُه، فإنْ شَقَّ، اسْتَلَمه وقبَّل يدَه، فإنْ شَقَّ الاسْتِلامُ، أشارَ إليه. فجعَلوا فِعْلَ ذلك مُرَتبًا. وقال فى «الفُروعِ»: ثم يَسْتَلِمُه بيَدِه اليُمْنَى. نقَل الأثْرَمُ، ويسْجُدُ عليه، وإنْ شَقَّ قبَّل يَدَه. نقَلَه الأثْرَمُ. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، لا بأْسَ. قال القاضى: فظاهِرُه، لا يُسْتَحَبُّ. وقال فى «الرَّوْضَةِ»: هل له أنْ يُقَبِّلَ يدَه؟ فيه خِلافٌ بينَ أصحابِنا، وإلَّا اسْتلَمه بشئٍ وقبَّلَه. وفى «الرَّوْضَةِ» ، فى تقْبِيلِه الخِلافُ فى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
اليَدِ، ويُقَبِّلُه، وإلا أشارَ إليه بيَدِه أو بشئٍ ولا يُقَبِّلُه فى الأصحِّ. انتهى. يعْنِى، لا يُقَبِّلُ المُشارَ به. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: فيَسْتَلِمُه ويُقَبِّلُه. بل وقيلَ: يسْتَلِمُه ويُقَبِّلُ يدَه، كما لو عسُر تقْبِيلُه. نصَّ عليه. وإنْ لمَسَه بشئٍ فى يَدِه قَبَّلَه، فإنْ عسُر لمْسُه، أشارَ إليه بيَدِه، وقامَ نحوَه. وقيلَ: ويُقَبِّلُها إذَنْ. انتهى. فظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ لا أعلمُ له مُتابِعًا، ولعَلَّه أَرادَ جوازَ هذه الصِّفاتِ، لا الاسْتِحْبابَ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فائدتان؛ إحداهما، يُسْتَحَبُّ اسْتِقْبالُ الحجَرِ بوَجْهِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: هو السُّنَّةُ. وهو ظاهِرُ الخِرَقِىِّ، وهو ظاهِرُ ما قطَع به فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرحِ»؛ فإنَّهما قالا: فإنْ لم يُمْكِنْه اسْتِلامُه وتقْبِيلُه، قامَ بحِذائِه، واسْتَقْبَلَه بوَجْهِه، وكبَّر وهلَّل (1). لكِنَّ هذا مخْصُوصٌ بصُورةٍ.
(1) انظر: المغنى 5/ 214.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وكذا قطَع به الزَّرْكَشِىُّ. وقيل: لا يُسْتحَبُّ. وأطْلَقهما فى «التَّلْخِيصِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفُروعِ». وقيل: يجِبُ. قال القاضى فى «الخِلافِ» : لا يجوزُ أنْ يَبْتَدِئَه غيرَ مُسْتَقْبِلٍ له فى الطوافِ مُحْدِثًا. وأطْلقَهُنَّ فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» . الثَّانيةُ، الاسْتِلامُ؛ هو مسْحُ الحجَرِ باليَدِ أو بالقُبْلَةِ، مِنَ السَّلام، وهو التَّحِيَّةُ. وقيلَ: مِنَ السِّلامِ؛ وهى الحجارَةُ. واحِدُها سَلِمَةٌ، [يعْنِى، بفتْحِ السِّينِ](1) وبكَسْرِ اللَّامِ، وقيل: مِنَ المُسالَمَةِ. كأنَّه فعَل ما يفْعَلُ المُسالِمُ. وقيلَ: الاسْتِلامُ أنْ يُحَيِّى نفْسَه عندَ الحجَرِ بالسَّلامَةِ. وقيل: هو مهْموزُ الأصْلِ، مأخوذٌ مِن المُلاءمَةِ؛ وهى المُوافَقةُ. وقيل: مِنَ الَّلأْمَةِ؛ وهى السِّلاحُ. كأنَّه حصَّن نفْسَه بمسِّ الحجَرِ. واللهَ أعلمُ.
قوله: ويَقولُ: بِسْم اللهِ واللهُ أكبرُ، إيمانًا بكَ، وتَصْديقًا بكِتابِك، ووفاءً بعَهْدِك، واتِّباعًا لسُنَّةِ نبِيِّك محمدٍ صلى الله عليه وسلم. كلَّما اسْتلَمَه. هكذا قالَه جماعةٌ كَثيرون
(1) سقط من: ط
ثُمَّ يَأْخُذُ عَلَى يَمِينِهِ، ويَجْعَلُ الْبَيْتَ عَلَى يَسَارِهِ. فَإِذَا أتَى عَلَى الرُّكْنِ الْيَمَانِىِّ اسْتَلَمَهُ وَقَبَّلَ يَدَهُ.
ــ
مِنَ الأصحابِ، ولم يذْكُرْه آخَرُون. وزادَ جماعةٌ على الأوَّلِ، اللهُ أكبرُ، الله أكبرُ، لا إلَه إلَّا اللهُ، واللهُ أكبرُ، اللهُ أكبرُ، وللهِ الحَمْدُ.
فائدة: قوله: ويَجْعَلُ البَيْتَ عن يَسارِه. وذلك ليُقَرِّبَ جانِبَه الأيْسرَ إليه. والذى يَظْهَرُ، أنَّ ذلك لمَيْلِ قلْبِه إلى الجانبِ الأيسَرِ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: لكَوْنِ الحرَكةِ الدَّوْرِيَّةِ تَعْتَمِدُ فيها اليُمْنَى على اليُسْرَى، فلمَّا كان الإكْرامُ فى ذلك للخارجِ، جُعِلَ لليُمْنَى.
قوله: فإذا أتَى على الرُّكْنِ اليَمانِىِّ اسْتَلَمَه وقبَّل يَدَه. جزَم المُصَنِّفُ، أنَّه يُقَبِّلُ يدَه مع الاسْتِلامِ مِن غيرِ تَقْبيلِ الرُّكْنِ. وهو أحَدُ الأقْوالِ. وجزَم به فى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«النَّظْمِ» . وقدَّمه فى «الهِدايَةِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «التَّلْخِيصِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن». وقيل: يسْتَلِمُه مِن غيرِ تَقْبيلٍ. وهو المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: وعلى هذا الأصحابُ؛
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
القاضى، والشَّيْخان، وجماعَةٌ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرحِ» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم. وقال الخِرَقِىُّ، وابنُ أبي مُوسى فى «الإرْشادِ»: ويُقَبِّلُ الرُّكْنَ اليَمانِىَّ. وقال فى
وَيَطُوفُ سَبْعًا، يَرْمُلُ في الثَّلَاثَةِ الأُوَلِ مِنْهَا، وَهُوَ إِسْرَاعُ الْمَشْى مَعَ تَقَارُبِ الخُطَى، وَلَا يَثِبُ وَثْبًا، وَيَمْشِى أرْبَعًا.
ــ
«المُذْهَبِ» : وفى تَقْبيلِ الرُّكْنِ اليَمانِيِّ وَجْهان.
فائدتان؛ إحداهما، قولُه: يَرْمُلُ فى الثَّلاثةِ الأوَلِ منها. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. ولم يَذْكُرِ ابنُ الزَّاغُونِيِّ الرَّمَلَ إلَّا فى طَوافِ الزِّيارَةِ، ونَفاه فى طَوافِ الوَداعِ. فعلى المذهبِ، لو لم يَرْمُلْ فِيهنَّ، أو فى بعضِهنَّ، لم يَقضِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقيلَ: لو ترَك الرَّمَلَ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والاضْطِباعَ فى هذا الطَّوافِ، أو لم يَسْعَ فى طوافِ القُدومِ، أتَى بهما فى طَوافِ الزِّيارَةِ أو غيرِه. وظاهرُ كلامِ الخِرَقِىِّ، أنَّه يقْضِيه إذا ترَكَه عامِدًا. قال الزَّرْكَشِيُّ: قد يُحْمَلُ على اسْتِحْبابِ الإِعادةِ. الثَّانيةُ، لو طافَ راكِبًا، لم يَرْمُلْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. صحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وقدَّمه فى «الفائقِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «الزَّرْكَشِىِّ» ، وغيرِهما. وقال القاضى: يَخُبُّ به مَرْكُوبُه. وجزَم به فى «المُذْهَبِ» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قوله: وهو إسْراعُ المَشْى مع تَقارُبِ الخُطَى. وهذا بلا نزاعٍ. لكنْ إنْ كان
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قُرْبَ البَيْتِ زِحامٌ، فظَنَّ أنَّه إذا وقَف لم يُؤْذِ أحدًا، ويُمْكِنُ الرَّمَلُ، وقَف ليجْمَعَ بينَ الَّرمَلِ والدُّنُوِّ مِنَ البَيْتِ، وإنْ لم يظُنَّ ذلك، وظَنَّ أنه إذا كان فى حاشِيَةِ النَّاسِ تمَكَّنَ مِنَ الرمَلِ، فعَل، وكان أوْلَى مِنَ الدُّنُوِّ. وإنْ كان لا يتمَكَّنُ مِنَ الرَّمَلِ أيضًا، أو يخْتَلِطُ بالنِّساء، فالدُّنوُّ مِنَ البَيْتِ أوْلَى. والتأخيرُ للرَّمَلِ أو للدُّنُوِّ مِن البَيتِ حتى يقْدِرَ عليه، أَوْلَى مِن عدَمِ الرَّمَلِ والبُعْدِ مِنَ البَيْتِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ». وقال فى «الفُصولِ»: لا ينْتَظِرُ الرَّمَلَ، كما لا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يَتْرُكُ الصَّفَّ الأوَّلَ لتعَذُّرِ التَّجافِى فى الصَّلاةِ. قال فى «التَّلْخيصِ» : والإتْيانُ به فى الزِّحامِ مع القُرْبِ، وإنْ تعَذر الرَّمَلُ، أوْلَى مِن الانْتِظارِ، كالتَّجافِى فى الصلاةِ، لا يتْرُكُ فضِيلةَ الصَّفِّ الأوليِ لتعَذُّره. وقال فى «الفُصولِ» أيضًا، فى فُصولِ اللِّباسِ مِن صلاةِ الخَوْف: العَدْوُ فى المسْجدِ على مثْلِ هذا الوَجْهِ مكْروهٌ جِدًّا. قال فى «الفُروعِ» : كذا قال، ويتوَجَّهُ ترْكُ الأوْلَى.
وَكُلَّمَا حَاذَى الْحَجَرَ وَالرُّكْنَ الْيَمَانِىَّ، اسْتَلَمَهُمَا أوْ أشَارَ إِلَيْهِمَا. وَيَقُولُ كُلَّمَا حَاذَى الْحَجَرَ: اللهُ أكْبَرُ وَلَا إِلهَ إِلَّا اللهُ.
ــ
قوله: وكُلَّما حاذَى الحَجَرَ والرُّكْنَ اليَمانِىَّ، اسْتَلَمَهما أو أشارَ إليهما. يعْنِى، اسْتلَمَهما إنْ تيَسَّرَ، وإلَّا أشارَ إليهما. كُلَّما حاذَى الحجَرَ اسْتلَمَه، بلا نِز اعٍ، إنْ تيَسَّرَ له، وإلَّا أشارَ إليه. وكُلَّما حاذَى الرُّكْنَ اليمَانِىَّ، اسْتَلمَه أيضًا. على الصَّحِيحِ مِنَ المذهب. نصَّ عليه. وقال فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن»: يسْتَلِمُهما كل مرَّةٍ. وقيلَ: اليَمانِىَّ فقط. قلتُ: وهذا القوْلُ ضعيفٌ جدًّا. وقيل: ويُقَبِّلُ يدَه أيضًا. كما قالَه المُصنِّفُ هنا، فى أوَّلِ طَوافِه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقال الخِرَقِىُّ، وابنُ أبي مُوسى: يُقَبِّلُ الرُّكْنَ اليَمانِىَّ. كما تقدَّم عنهما. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» : فإنْ عسُر، قبَّل يدَه، فإنْ عسُر لمْسُه، أشارَ إليه. . وقيل: إنْ شاءَ أشارَ إليهما. قال فى «المُسْتوْعِب» وغيرِه: وكلَّما حاذَاهما، فعَل فيهما مِنَ الاسْتِلامِ والتَّقْبيلِ، على ما ذكَرْناه أوَّلاً.
قوله: ويقولُ كُلَّما حاذَى الحجَرَ: الله أكْبَرُ، ولا إلَه إلَّا اللهُ. هكذا قاله جماعةٌ مِنَ الأصحابِ؛ منهم صاحِبُ «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الوَجيزِ» ، و «الفائقِ» ، وغيرُهم. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». وقيلَ: يُكَبِّرُ فقط. وهو المذهبُ، نصَّ عليه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» . وتقَل الأَثْرَمُ، يُكَبِّرُ ويُهَلِّلُ، ويرْفَعُ يدَيْه. وقيلَ: يقولُ: اللهُ أَكْبَرُ، ولا حوْلَ ولا قُوةَ إلَّا باللهِ.
وَبَيْنَ الرُّكْنَيْنِ: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} .
ــ
قال فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخِيصِ» ، وغيرِهما: يقولُ عندَ الحجَرِ ما تقدَّم ذِكْرُه فى ابْتِداءِ أوَّلِ الطَّوافِ. وهو قوْلُ: بسْمِ اللهِ واللهُ أكبرُ، إيمانًا بك. إلى آخرِه.
تنبيه: ظاهِرُ قولِه: ويقولُ كُلَّما حاذَى الحجَرَ. أنَّه يقولُه فى كلِّ طَوْفَةٍ، إلى فَراغِ الأُسْبُوعِ. وهو صَحيحٌ، وهو المذهبُ، نصَّ عليه. وهو ظاهرُ كلامِه فى «الوَجيزِ» ، و «الشَّرْحِ» ، وغيرِهما. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: يقولُ ذلك فى أشْواطِ الرَّمَلِ فقط. جزَم به فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَب» ، و «مَسْبُوكِ الذهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» ، و «الحاوِيَيْن» . وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» .
قوله: وبينَ الرُّكْنَيْن: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} . وهو المذهبُ. وجزَم به فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال فى
وَفِى سَائِرِ الطَّوَافِ: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا، وسَعْيًا مَشْكُورًا،
ــ
«المُحَرَّرِ» : يقولُ ذلك بينَ الرُّكيْن آخِرَ طَوافِه. وتَبِعَه على ذلك فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفائقِ» ، و «المُنَوِّرِ» . وقال فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذهبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «التَّلْخِيصِ» ، وغيرِهم: يقولُ بعدَ الذِّكرِ، عندَ مُحاذاةِ الحجَرِ فى بقِيَّةِ الرَّمَلِ: اللَّهُمَّ اجْعَلْه حَجًّا مَبْرُورًا، وسَعْيًا مشْكورًا، وذَنْبًا مغْفُورًا. ويقولُ فى الأرْبَعةِ: رَبِّ اغْفِرْ وارْحمْ، واعْفُ عمَّا تعلَمُ، وأنتَ الأعَزُّ الأكْرَمُ، اللَّهُمَّ ربَّنا آتِنا فى الدُّنْيا حسنَة، وفى الآخِرَةِ حسنَةً، وقِنا عذابَ النَّارِ. فلم يَخُصُّوا هذا بما بينَ الرُّكْنَيْن.
قوله: وفى سائِرِ الطَّوافِ: اللَّهُمَّ اجْعَلْه حَجًّا مَبْرُورًا، وسَعْيًا مَشْكُورًا، وذَنْبًا
وَذَنْبًا مَغْفُورًا، رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ، وَتَجَاوَزْ عَمَّا تَعْلَمُ، وَأَنْتَ الأَعَزُّ الْأَكْرَمُ. وَيَدْعُو بِمَا أحَبَّ.
ــ
مَغْفُورًا، رَبِّ اغْفِرْ وارْحَمْ، وتَجاوَزْ عَمَّا تَعْلَمُ، وأنتَ الأعَزُّ الأَكْرَمُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ». وقال فى «المُحَرَّرِ»: يقولُ فى بقِيَّةِ الرَّمَلِ: اللَّهُمَّ اجْعَلْه حَجًّا مَبْرُورًا، وسَعْيًا مَشْكُورًا، وذنْبًا مغْفُورًا، وفى الأرْبعَةِ: رَبِّ اغْفِرْ وارْحَمْ، واعْفُ عمَّا تعْلَمْ، وأنتَ الأعَزُّ الأكْرَمُ. وقالَه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفائقِ». وقال فى «الفُروعِ»: ويُكْثِرُ فى بقِيَّةِ رَمَلِه مِنَ الذِّكْرِ والدُّعاءِ. ومنه، رَبِّ اغْفِرْ وارْحَمْ، واهْدِ الطَّريقَ الأقْوَمَ. وتقدَّم ما قالَه فى «الهِدايَةِ» وغيرِها، فى بقِيَّةِ الرَّمَلِ، وفى الأرْبعَةِ الأشْواطِ الباقيةِ. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه: يُسْتَحَبُّ أنْ يرْفعَ يدَيْه فى الدُّعاءِ، وأنْ يقِفَ فى كلِّ شوْطٍ فى المُلْتَزَمِ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والمِيزَابِ، وعندَ كلِّ رُكْنٍ، ويدْعُوَ. وذكَر أدْعِيَةً تخُصُّ كلَّ مَكانٍ مِن ذلك. فَلْيُراجِعْه مَن أرادَه.
فائدة: تجوزُ القِراءَةُ للطَّائفِ. نصَّ عليه. وتُسْتَحَبُّ أيضًا، وقالَه الآجُرِّىُّ. وقدَّمه فى «الفُروعِ» . ونقَل أبو داودَ، أيُّهما أحَبُّ إليك؟ قال: كُلٌّ. وعنه، تُكْرَهُ القِراءةُ. قال فى «التَّرْغيبِ»: لتَغْلِيطِه المُصَلِّين. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: ليس له القِراءةُ إذا غلَّطَ المُصَلِّين. وأطْلقَهما فى «المُسْتَوْعِب» . وقال أيضًا: تستَحَبُّ القِراءةُ فيه، لا الجَهْرُ بها. وقال القاضى وغيرُه: ولأَنَّه صلاةٌ، وفيها
وَلَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ وَلَا أهْلِ مَكَّةَ رَمَلٌ وَلَا اضْطِبَاعٌ. وَلَيْسَ في غيْرِ هَذَا الطَّوَافِ رَمَلٌ وَلَا اضْطِبَاعٌ.
ــ
قراءةٌ ودُعاءٌ، فيجِبُ كَوْنُه مِثْلَها. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: جِنْسُ القِراءةِ أفْضَلُ مِنَ الطَّوافِ.
قوله: وليس فى غيرِ هذا الطَّوافِ رَمَلٌ ولا اضْطِباعٌ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأصحابِ؛ منهم المُصَنِّفُ، والمَجْدُ، والشَّارِحُ، وغيرُهم. وجزَم به كثيرٌ منهم. وقيل: مَن ترَك الرمَلَ والاضْطِباعَ فى هذا الطَّوافِ، أَتَى بهما فى طَوافِ الزِّيارَةِ، أَوْ فى غيرِه. قال القاضى، وصاحبُ «التَّلْخيصِ»: لو ترَك الرَّمَلَ فى القُدومِ، أتَى به فى الزِّيارَةِ، ولو رمَل فى القُدومِ، ولم يَسْعَ عَقِبَه، إذا طافَ للزِّيارَةِ، رمَل. ولم يذْكُرِ ابن الزَّاغُونِىِّ فى «مَنْسَكِه» الرَّمَلَ والاضْطِباعَ، إلَّا فى طَوافِ الزِّيارَةِ، ونَفاهُما فى طوافِ الوَداعِ.
فائدة: لا يُسَنُّ الرَّمَلُ والاضْطِباعُ للحاملِ المعْذورِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقال الآجُرِّيُّ: يرْمُلُ
وَمَنْ طَافَ رَاكِبًا أوْ مَحْمُولًا، أجْزَأهُ. وَعَنْهُ، لَا يُجْزِئُهُ إِلَّا لِعُذْرٍ. وَلَا يُجْزِئُ عَنِ الْحَامِلِ.
ــ
بالمَحْمولِ. [ولا يُسَنُّ الرَّمَلُ إذا طافَ أو سعَى راكِبًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. واخْتارَه المُصَنِّفُ وغيرُه. واخْتارَه القاضى. قال الزَّرْكَشِىُّ، أظُنُّه فى «المُجَرَّدِ» أو غيرِه، يجِبُ فيه](1).
قوله: ومن طافَ راكِبًا أو مَحْمُولًا، أجْزَأ عنه. قدَّم المُصَنِّفُ هنا، أنَّ الطَّوافَ يُجْزِئُ مِنَ الرَّاكبِ مُطْلَقًا. وتحْريرُ ذلك، أنَّه لا يخْلو؛ إما أنْ يكونَ
(1) زيادة من: ش.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
رَكِبَ لعُذْرٍ، أو لا، فإنْ كان رَكِبَ لعُذْرٍ، أجْزَأ طوافُه، قوْلًا واحدًا. وإنْ كان لغيرِ عُذْرٍ، فقدَّم المُصَنِّفُ الإجْزاءَ. وهو إحْدَى الرِّواياتِ. اخْتارَها أبو بَكْرٍ، وابنُ حامِدٍ، والمُصَنِّفُ، والمَجْدُ، [وغيرُهم، وقدَّمه. وجزَم به فى «المُنَوِّرِ». وهو ظاهِرُ كلام القاضى. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ»، و «الخُلاصَةِ»، و «المُحَرَّرِ»](1)، و «التَّلْخيصِ» . والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، لا يُجْزِئُه. وهو المذهبُ. نقَلَه الجماعةُ عن أحمدَ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفائقِ» ، وناظِمُ
(1) زيادة من: ش.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«المُفْرَداتِ» . قال الزَّرْكَشِىُّ: هى أشْهَرُ الرِّواياتِ، واخْتِيارُ القاضى أخِيرًا، والشَّريفِ أبي جَعْفَر. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وأطْلقَهما فى «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» . وعنه، تُجْزِئُ، وعليه دَمٌ. قال
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الزَّرْكَشِىُّ: حكَاها أبو محمدٍ، ولم أرَها لغيرِه، بل قد أنْكَر ذلك أحمدُ، فى رِوايَةِ محمدِ بنِ مَنْصُورٍ الطُّوسِىِّ (1)، فى الرَّدِّ على أبي حنيفةَ. قال: طافَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم على بَعِيرِه. وقال هو: إذا حُمِلَ، فعليه دَمٌ. انتهى. قلتُ: لا يَلْزَمُه مِن إنْكارِه ورَدِّه، أنْ لا يكونَ نُقِلَ عنه، والمُجْتَهِدُ هذه صِفَتُه، والنَّاقِلُ مُقَدَّمٌ على النَّافِى. وأطْلقَهُنَّ فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ». وقال الإمامُ أحمدُ: إنَّما طافَ عليه أفضلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، [على بعِيرِه] (2)؛ ليَراه النَّاسُ. قال جماعةٌ مِنَ الأصحابِ: فيَجِئُ مِن هذا، لا بأْسَ (3) به للإمامِ الأعْظَمِ؛ ليَراه الجُهَّالُ.
فائدة: السَّعْىُ راكِبًا كالطَّوافِ راكِبًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ
(1) محمد بن منصور بن داود الطوسى، أبو جعفر. الإمام الحافظ القدوة شيخ الإسلام، روى عن الإمام أحمد، وكان ثقة. توفى سنة أربع وخمسين ومائتين. سير أعلام النبلاء 2/ 212 - 214.
(2)
زيادة من: 1.
(3)
فى الأصل، ط:«ما بيّن» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عليه. وذكَرَه الخِرَقِىُّ، والقاضى، وصاحِبُ «التَّلْخيصِ» ، والمَجْدُ، وغيرُهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «الزَّرْكَشِيِّ» . [وقطَع المُصَنِّفُ، وتَبِعَه الشَّارِحُ، بالجوازِ لعُذْرٍ ولغيرِ عُذْرٍ](1). وأمَّا إذا طِيفَ به محْمولًا، فقدَّم المُصَنِّفُ، أنَّه يصِحُّ مُطْلَقًا. وتحْريرُه، إنْ كان لعُذْرٍ، أجْزَأ، قوْلًا واحِدًا بشَرْطِه. وإنْ كان لغيرِ عُذْرٍ، فالذى قدَّمه المُصَنِّفُ إحْدَى الرِّوايتَيْن. قال ابنُ مُنَجَّى: هذا المذهبُ. وجزَم به فى «المُنَوِّرِ» . وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، وهو ظاهِرُ ما قدَّمه فى «التَّلْخِيصِ» . والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا يُجْزِئُه. وهو المذهبُ. ولمَّا قدَّم فى «الفُروعِ» عدَمَ الإجْزاءِ فى الطَّوافِ راكِبًا لغيرِ عُذْرٍ، وحكَى الخِلاف، قال: وكذا المَحْمولُ. وقدمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفائقِ» ، وناظِمُ «المفْرَداتِ» ، وهو منها. واخْتارَه القاضى أخِيرًا، والشَّريفُ أبو جَعْفَرٍ، كالطَّوافِ راكِبًا.
فائدة: إذا طِيفَ به محْمولًا، لم يَخْكُ من أحْوالٍ؛ أحدُها، أنْ ينْوِيا جميعًا عنِ المَحْمولِ، فتَخْتَصُّ الصِّحَّةُ به. الثَّانى، أنْ ينْوِيا جميعًا عن الحاملِ، فيَصِحُّ له فقط،
(1) زيادة من: ش.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بلا رَيْبٍ. الثَّالثُ، نوَى المَحْمولُ عن نفْسِه، ولم يَنْوِ الحامِلُ شيئًا، فيَصِحُّ عنِ المَحْمولِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقطَع به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والزَّرْكَشىُّ، وغيرُهم. وقيل: لا بُدَّ مِن نيَّةِ الحاملِ. حكَاه فى «الرِّعايَةِ» . الرَّابعُ، عكْسُها،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
نوَى الحامِلُ عن نفْسِه، ولم يَنْوِ المَحْمُولُ شيئًا، فيَصِحُّ عنِ الحامِلِ. الخامسُ، لم ينْوِيا شيئًا، فلا يَصِحُّ لواحدٍ منهما. السَّادسُ، نوَى كل واحدٍ منهما عن صاحِبه، لم يصِحَّ لواحدٍ منهما. جزَم به فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الزَّرْكَشِىِّ» (1)، وغيرِهم. السَّابعُ، أنْ يقْصِدَ كلُّ واحدٍ منهما عن نفْسِه، فيقَعُ الطَّوافُ عنِ المَحْمولِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «المُغْنِى» ، و «الشرْحِ» ، و «الرِّعايَةِ» ، و «الفائقِ» ، و «الزَّرْكَشِيِّ» ؛ و «الفُروعِ» ، وقال: وصِحَّةُ أخْذِ الحاملِ الأجْرَةَ تدُلُّ على أنَّه قصَدَه به؛ لأنَّه لا يصِحُّ أخْذُها عمَّا يفْعَلُه عن نفْسِه، ذكَرَه القاضى وغيرُه. انتهى. قال فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ»: ووُقوعُه عن المَحْمولِ أوْلَى. وهو ظاهِرُ ما قطعَ به فى «الحاوِيَيْن» ، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى»؛ فإنَّهما قالا: ولا يُجْزِئُ مَن حمَلَه مُطْلَقًا. وقيلَ: يقَعُ عنهما. وهو احْتِمالٌ لابنِ الزَّاغُونِيِّ. قال المُصَنِّفُ: وهو قوْلٌ حسَنٌ. وهو مذهبُ أبي حَنِيفَةَ. وقيلَ: يقَعُ عنهما لعُذْرٍ. حكَاه فى «الرِّعايَةِ» . وقيل: يقَعُ عن حامِلِه. قلتُ: والنَّفْسُ تمِيلُ إلى ذلك؛ لأنّه هو الطَّائفُ، وقد نَواه لنَفْسِه. وقال أبو حَفْصٍ العُكْبَرِيُّ: لا يُجْزِئُ عن واحدٍ منهما.
(1) زيادة من: ا.
وَإنْ طَافَ مُنْكِسًا، أوْ عَلَى جِدَارِ الْحِجْرِ، أوْ شَاذَرْوَانِ الْكَعْبَةِ، أوْ تَرَكَ شَيْئًا مِنَ الطَّوَافِ، وَإنْ قَلَّ، أوْ لَمْ يَنْوِهِ، لَمْ يُجْزِئْهُ.
ــ
قوله: وإنْ طافَ مُنْكِسًا، أو على جِدارِ الحِجْرِ، أو شاذَرْوَانِ الكَعبَةِ، أو ترَك شَيْئًا مِنَ الطَّوافِ، وإنْ قَلَّ، أو لم يَنْوِه، لم يُجْزِئْه. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، أنَّه إذا طافَ على شَاذَرْوَانِ الكَعْبَةِ لا يُجْزِئُه، وقطَعوا به. وعندَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ، أنَّه ليس مِنَ الكَعْبَةِ، بل جُعِلَ عِمادًا للبَيْت. فعلى الأوَّلِ، لو
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مَسَّ الجدارَ بيَدِه فى مُوازاةِ الشَّاذَرْوَانِ، صحَّ؛ لأنَّ مُعْظمَه خارِجٌ عنِ البيتِ. قالَه فى «الرِّعايَة الكُبْرى» ، و «الزَّرْكَشِىِّ» ، وغيرِهما. قلتُ: ويَحْتَمِلُ عدَمُ الصِّحَّةِ.
فوائد؛ الأُولَى، لو طافَ فى المَسْجدِ مِن وَراءِ حائلٍ، كالقُبَّةِ وغيرِها، أجْزأه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكَثرُ الأصحابِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه؛ لأنَّه فى المَسْجِدِ. وقيل: لا يُجْزِئُه. وجزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» . الثَّانيةُ، لو طافَ حولَ المَسْجِدِ، لم يُجْزِئْه. على الصَّحِيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. قال فى «الفُصُولِ»: إنْ طافَ حوْلَ المَسْجِدِ، احْتمَلَ أنْ لا يُجْزِئَه. واقْتَصَرَ عليه. الثَّالثةُ، إذا طافَ على سَطْحِ المَسْجِدِ، فقالَ فى «الفُروعِ»: يتوَجَّهُ الإِجْزاءُ، كصَلاتِه إليها. الرَّابعةُ، لو قصَد بطَوافِه غَرِيمًا، وقصَد معه طَوافًا بنِيَّةٍ حقِيقيَّةٍ لا حُكْمِيَّةٍ، قال فى «الفُروعِ»: توَجَّهَ الإِجْزاءُ فى قِياسِ قوْلِهم. ويتوَجَّهُ احْتِمالٌ كعاطسٍ قصَد بحَمْدِه قِراءَةً. وفى الإِجْزاءِ عن فرْضِ القِراءَةِ وَجْهان. وتقدَّم ذلك فى صِفَةِ الصَّلاةِ. وقال فى «الانْتِصار» فى الضَّرُورَةِ: أفْعالُ الحَجِّ لا تَتْبَعُ إحْرامَه، فتتَراخَى عنه، ويَنْفَرِدُ بمَكانٍ وزَمَنٍ ونِيَّةٍ؛ فلو مرَّ بعَرَفَةَ، أو عَدا حَوْلَ البَيْتِ بِنيَّةِ طلَبِ غَريم أو صَيْدٍ، لم يُجْزِئْه. وصحَّحه فى «الخِلافِ» وغيرِه، فى الوُقوفِ فقط؛ لأنَّه لا يفْتَقِرُ إلى نِيَّةٍ.
وَإنْ طَافَ مُحْدِثًا، أوْ نَجِسًا، أوْ عُرْيَانًا، لَمْ يُجْزِئْهُ. وَعَنْهُ، يُجْزِئُهُ، وَيَجْبُرُه بِدَمٍ.
ــ
قوله: وإنْ طافَ مُحْدِثًا، أو نَجِسًا، أو عُرْيانًا، لم يُجْزِئْه. إذا طَافَ مُحْدِثًا، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، أنَّه لا يُجْزِئُه. قال القاضى وغيرُه: هو
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كالصَّلاةِ فى جميع الأحْكامِ، إلَّا فى إباحةِ النُّطْق. وعنه، يُجْزِئُه ويَجْبُرُه بدَمٍ قال فى «الفُروعِ»: وعنه، يَجْبُرُه بدَمٍ، إنْ لم يكُنْ بمَكَّةَ. ولعَلَّه مُرادُ المصَنِّفِ. وعنه، يصِحُّ مِن ناسٍ، ومَعْذُورٍ فقط. وعنه، يصحُّ منهما فقط، مع جُبْرانِه بدَمٍ. وعنه، يصِحُّ مِنَ الحائضِ، وتَجْبُرُه بدَمٍ. وهو ظاهِرُ كلامِ القاضى. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ الصِّحَّةَ منها ومِن كل معْذُورٍ، وأنَّه لا دَمَ على واحدٍ منهم. وقال: هلِ الطَّهارَةُ واجبَةٌ أو سُنَّةٌ لها؟ فيه قوْلان فى مذهبِ أحمدَ وغيرِه. ونقَل أبو طالِبٍ، والتّطوُّعُ أيْسَرُ. وتقدَّم التَّنْبِيهُ على ذلك، فى آخرِ نَواقِضِ الوُضوءِ، وأوائلِ بابِ الحَيْضِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فوائد؛ إحداها، يَلْزَمُ النَّاسَ انْتِظارُ الحائضِ لأجَلِ الحَيْضِ فقط، حتى تَطُوفَ إنْ أمْكَنَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. صحَّحه فى «الفُروعِ». وجزَم به ابنُ شِهَابٍ. وقيل: لا يَلْزَمُ. الثَّانيةُ، لو طافَ فيما لا يَجُوزُ له لُبْسُه، صحَّ، ولَزِمَتْه الفِدْيَةُ. ذكَرَه الآجُرِّيُّ. واقْتَصَرَ عليه فى «الفُروعِ» . الثَّالثةُ، النَّجِسُ
وَإنْ أحْدَثَ في بَعْضِ طَوَافِهِ، أوْ قَطَعَهُ بِفَصْلٍ طَوِيلٍ، ابْتَدَأهُ.
ــ
والعُرْيانُ كالمُحْدِثِ، فيما تقَدَّم مِن أحْكامِه.
قوله: وإنْ أحْدَثَ فى بعضِ طَوافِه، أو قطَعَه بفَصْلٍ طويلٍ، ابتَدَأه. هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ؛ لأنَّ المُوالاةَ شَرْطٌ. واعْلَمْ أنَّ حُكْمَ الطَّائفِ إذا أحْدَثَ فى أثْناءِ طَوافِه، حُكْمُ المُصَلِّى إذا أحْدَثَ فى صَلاتِه، خِلافًا ومذهبًا، على ما تقدَّم. ذكَرَه
وَإنْ كَانَ يَسِيرًا، أوْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ، أوْ حَضَرَتْ جِنَازَةٌ، صَلَّى، وَبَنَى. وَيَتَخَرَّجُ أنَّ الْمُوَالَاةَ سُنَّةٌ.
ــ
ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. ويُبْطِلُه الفَصْلُ الطَّويلُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، ونصَّ عليه. وعنه، لا تُشْتَرطُ المُوالاةُ مع العُذْرِ. ذكَرَها المُصَنِّفُ وغيرُه. هنا. ويتَخَرَّجُ أنَّ المُوالاةَ سُنَّةٌ. وهو لأبِى الخَطَّابِ. وذكًره فى «التَّلْخِيصِ» وَجْهًا. وهو رِوايَةٌ فى «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهما. وأمَّا إذا كان يَسِيرًا، أو أُقيمَتِ الصَّلاةُ، أو حضَرَتْ جِنانزَةٌ، فإنَّه مَعْفُوٌّ عنه، يُصَلِّى ويَبْنِى، كما قال المُصَنِّفُ، ولكنْ يكونُ ابْتِداءُ بِنائِه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مِن عندِ الحَجَرِ، ولو كان القَطْعُ فى أثْناءِ الشَّوْطِ. نصَّ عليه. وصرَّح به المُصَنِّفُ وغيرُه.
فائدة: لو شَكَّ فى عَددِ الأشْواطِ فى نَفْسِ الطَّوافِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يأْخُذُ إلَّا باليَقينِ. نصَّ عليه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وذكَر أبو بَكْرٍ وغيرُه، ويأْخُذُ أيضًا بغَلَبَةِ ظَنِّه. انتهى. وهو رِوايَةٌ عن أحمدَ. وقولُ أبي بكْرٍ
ثُمَّ يُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ، والأَفْضَلُ أن تَكُونَ خَلْفَ الْمَقَامِ يَقْرَأُ فِيهِمَا {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} بَعْدَ «الْفَاتِحَةِ»
ــ
مُخالِفٌ هنا لِمَا قالَه، فيما إذا شَكَّ فى عدَدِ الرَّكَعاتِ، أنَّه يأْخُذُ باليَقينِ، ويأْخُذُ بقوْلِ عَدْلَيْن. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وقيلَ: لا. وذكَر المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، ويأْخذُ أيضًا بقوْلِ عَدْلٍ، وقَطَعا به.
قوله: ثم يُصَلِّى رَكْعَتَيْنْ، والأفْضَلُ أنْ يَكونا خلفَ المَقامِ. هاتَان الرَّكْعتان سُنَّةٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وعنه، أنَّهما واجِبَتان. قال فى «الفُروعِ»: وهو أظْهَرُ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فائدة: لو صلَّى المكْتُوبَةَ بعدَ الطوافِ، أجْزأ عنهما. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، ونصَّ عليه. وعنه، يُصَلِّيهما أيضًا. اخْتارَه أبو بَكْرٍ وغيرُه.
فائدة أُخرَى: لا يُشْرَعُ تَقْبِيلُ المَقامِ ولا مَسْحُه. قال فى «الفُروعِ» : إجْماعًا. قال فى رِوايَةِ ابنِ مَنْصُورٍ: لا يَمَسُّه. ونقَل الفَضْلُ، يُكْرَهُ مَسُّه وتَقْبِيلُه. وفى «مَنْسَكِ ابنِ الزَّاغُونِيِّ» ، فإذا بلَغ مَقامَ إبْراهِيمَ، فَلْيَمَسَّ الصَّخْرَةَ بيَدِه،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ولْيُمَكِّنْ منها كَفَّه ويَدْعُو.
ثُمَّ يَعُودُ إِلَى الرُّكْنِ فَيَسْتَلِمُهُ،
ــ
قوله: ثم يَعُودُ إلى الرُّكْنِ فيَسْتَلِمُه. هذا المذهبُ، وعليه مُعْظَمُ الأصحابِ. وفى كتابِ «أسْبابِ الهِدايَةِ» لابنِ الجَوْزِيِّ، يأْتِى المُلْتَزَمَ قبلَ صلاةِ رَكْعَتَيْن.
فوائد؛ الأُولَى، يجوزُ جَمْعُ أَسابِيعَ، ثم يصَلِّى لكُلِّ أُسْبوعٍ منها ركْعتَيْن. نصَّ عليه. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وعنه، يُكْرَهُ قطْعُ الأسابيعِ على شَفْعٍ، كأُسْبوعَيْن وأرْبعَةٍ ونحْوِها. قال فى «الفُروعِ»: فيُكْرَهُ الجمْعُ إذَنْ. ذكَرَه فى «الخِلافِ» ، و «المُوجَزِ» ، ولم يذْكُرْه جماعةٌ. الثَّانيةُ، يجوزُ له تأْخيرُ سَعْيِه عن طَوافِه، بطوافٍ وغيرِه. نصَّ عليه. الثَّالثةُ، إذا فرَغ المُتَمَتِّعُ، ثم عَلِمَ أنَّه كان على غيرِ طَهارةٍ فى أحَدِ الطَّوافَيْن، وجَهِلَه، لَزِمَه الأشَدُّ؛ وهو كوْنُه فى طَوافِ العُمْرَةِ، فلم تصِح، وَلم يَحِل منها، فيَلْزَمُه دَمٌ للحَلْقِ، ويكونُ قد أدْخَلَ الحَجَّ على العُمْرَةِ، فيصِيرُ قارِنًا، ويُجْزِئُه الطَّوافُ للحَجِّ عنِ النُّسُكَيْن. ولو قدَّرْناه مِنَ الحَج، لَزِمَه إعادةُ الطَّوافِ، ويَلْزَمُه إعادةُ السَّعْىِ على التَّقْديرَيْن؛ لأنَّه وُجِدَ بعدَ طَوافٍ غيرِ مُعْتَدٍّ به. وإنْ كان وَطِئ بعدَ حِلِّه مِنَ العُمْرَةِ، حكَمْنا بأنَّه أدْخَلَ حَجًّا على عُمْرَةٍ فاسِدَةٍ، فلا يصِحُّ، ويلْغُو ما فعَلَه مِن أفْعالِ الحَجِّ، ويتَحلَّلُ بالطَّوافِ الذى قصَدَه للحَجِّ مِن عُمْرَتِه الفاسِدَةِ، وعليه دَمٌ للحَلْق، ودَمٌ للوَطْءِ فى عُمْرَتِه، ولا يحْصُلُ له حَجٌّ وعُمْرَةٌ. ولو قدَّرْناه مِنَ الحَجِّ، لم يَلْزَمْه أكثرُ مِن إعادةِ الطَّوافِ
ثُمَّ يَخْرُجُ إِلَى الصَّفَا مِنْ بَابِهِ. وَيَسْعَى سَبْعًا، يَبْدَأُ بِالصَّفَا، فَيَرْقَى عَلَيْهِ حَتَّى يَرَى الْبَيْتَ فَيَسْتَقْبلُهُ، وَيُكَبِّرُ ثَلَاثًا، وَيَقُولُ: الْحَمْدُ للهِ عَلَى مَاهَدَانَا. لَا إِلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ
ــ
والسَّعْىِ، ويحْصُلُ له الحَجُّ والعُمْرَةُ. الرَّابعةُ، يُشْترَطُ لصِحَّةِ الطَّوافِ عشَرَةُ أشْياءَ. ذكَرَها المُصَنِّفُ مُتفَرِّقَةً، إلَّا الخُروجَ عنِ المَسْجِدِ؛ النِّيَّةُ، وسَتْرُ العَوْرَةِ، وطَهارَةُ الحدَثِ، والخَبَثِ، وتكْمِيلُ السَّبْع، وجعْلُ البَيْتِ عن يَسارِه، وأنْ لا يمْشِىَ على شئٍ منه، وأنْ لا يخْرُجَ عَنِ المَسْجِدِ، وأنْ يُوالىَ بينَه، وأنْ يَبْتَدِئُ بالحجَرِ الأسْوَدِ فيُحاذِيَه. وفى بعضِ ذلك خِلافٌ تقدَّم ذِكْرُه. وسُنَنُه؛ استِلامُ الرُّكْنِ، وتَقْبِيلُه، أو ما يقومُ مقامَه مِنَ الإشارَةِ، واسْتِلامُ الرُّكْنِ اليَمانِيِّ، والاضْطِباعُ، والرَّمَلُ، والمَشْىُ فى مَواضعِه، والدُّعاءُ، والذِّكْرُ، ورَكْعَتا الطَّوافِ، والطوافُ ماشِيًا، ءوالدُّنُوُّ مِنَ البيتِ. وفى بعضِ ذلك خِلافٌ ذكَرْناه. ذكَر ذلك المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما.
قوله: ثم يَخْرُجُ إلى الصَّفا من بابِه، ويسْعَى سَبْعًا، يَبْدأُ بالصَّفا، فيَرْقَى عليه
الْحَمْدُ، يُحْيِى وَيُمِيتُ، وَهُوَ حَىٌّ لَا يَمُوتُ، بِيَدِهِ الْخَيْرُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ. لَا إِلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَريكَ لَهُ، صَدَقَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأحزَابَ وَحْدَهُ، لَا إِله إِلَّا اللهُ، وَلَا نَعْبُدُ إِلَّا إيَّاهُ، مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ. ثُمَّ يُلَبِّى وَيَدْعُو بِمَا أحَبَّ.
ــ
حتى يرَى البيتَ ويَسْتقْبِلَه. بلا نزاعٍ.
قوله: يُكَبِّرُ ثلاثًا، ويقول: لا إلَه إلَّا الله، إلى قوْلِه: ولو كَرِه الكافِرُون. يعْنِى، يقولُ ذلك إذا رَقَى على الصَّفَا، واسْتَقْبلَ الكَعْبَةَ. وكذا قال فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «التَّلْخِيصِ» و «المُحَرَّر» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، وغيرُهم مِنَ الأصحابِ. قال فى «الهِدايَةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الكافِى» ، وغيرِهم: يُكَرِّرُ ذلك ثلاثًا. وقال فى «الفُروعَ» : يقولُ ذلك ثلاثًا، إلى قوْلِه: هزَم الأحْزابَ وحدَه. ولم يذْكُرْ ما بعدَه.
قوله: ثم يُلَبِّى. يعْنِى، بعدَ هذا الدُّعاءِ. وهكذا قال فى «الهِدايَةِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن». وقال فى «المُسْتَوْعِبِ»: ويُلّبِّى عَقِيبَ كلِّ مرَّةٍ. ولم يذْكُرِ التَّلْبِيَةَ فى «التَّلْخِيصِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» ، وغيرِهم.
قوله: ويَدْعُو. اقْتَصرَ جماعة مِنَ الأصحابِ؛ منهم صاحِبُ «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ،
ثُمَّ يَنْزِلُ مِنَ الصَّفَا، وَيَمْشِى حَتَّى يأْتِىَ الْعَلَمَ، فَيَسْعَى سَعْيًا شَدِيدًا إلَى الْعَلَمِ، ثُمَّ يَمْشِى حَتَّىِ يَأْتِىَ الْمَرْوَةَ، فَيَفْعَلُ عَلَيْهَا مِثْلَ مَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا، ثُمَّ يَنْزِلُ، فيَمْشِى في مَوْضِعِ مَشْيِهِ، وَيَسْعَى في مَوْضِعِ سَعْيِهِ، يَفْعَلُ ذَلِكَ سَبْعًا، يَحْتَسِبُ بِالذَّهَابِ سَعْيَةً، وَبِالرُّجُوعِ سَعْيَةً، يَفْتَتِحُ بِالصَّفَا، وَيَخْتِمُ بِالْمَرْوَةِ. فَإنْ بَدَأَ بِالْمَرْوَةِ، لَمْ يَحْتَسِبْ بِذَلِكَ الشَّوْطِ.
ــ
و «التَّلْخيصِ» ، وغيرُهم. وقال جماعةٌ: ويرْفَعُ يدَيْه. ولم يذْكُرْ فى «المُحَرَّرِ» ، وجماعةٌ، الدُّعاءَ.
قوله: ثم يَنْزِلُ مِنَ الصَّفا، ويَمْشِى حتى يأْتِىَ العَلَمَ. هكذا قال جماعةٌ مِنَ الأصحابِ: يَمْشِى حتى يأْتِىَ العَلَمَ. منهم الخِرَقِىُّ، وصاحِبُ «المُحَرَّرِ» ، و «الفائقِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن». وقال جماعةٌ: يمْشِى إلى أنْ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يَبْقَى بينَه وبينَ العَلَمِ نحوُ سِتَّةِ أذْرُعٍ. منهم صاحِبُ «الهِدايَةِ» ، و «المُذهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «الكافِى» ، و «الشَّرْحِ». [وهو ظاهِرُ ما قدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»] (1). قال فى «الفُروعَ»: وهو أظْهَرُ.
قوله: فيَسْعَى سَعْيًا شَدِيدًا إلى العَلَمِ. هكذا قال جماهيرُ الأصحابِ، أعْنِى قالوا: يسْعَى سعْيًا شديدًا. وجزَم به فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ،
(1) زيادة من: ش.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «التَّلْخِيصِ» ، و «الكافِى» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم. قال الزَّرْكَشِىُّ: عليه الأصحابُ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن». قال فى «الفُروعِ»: وهو أظْهَرُ. وقال جماعةٌ: يَرْمُلُ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وتقدَّم، هل يفْعَلُ ذلك إنْ كان راكِبًا؟ عندَ الرَّمَلِ فى الطَّوافِ.
وَيُسْتَحَبُّ انْ يَسْعَى طاهِرًا مُسْتَتِرًا مُتَوَالِيًا. وَعَنْهُ، أنَّ ذَلِكَ مِنْ شَرَائِطِهِ.
ــ
فائدة: لا يُجْزِئُ السَّعْىُ قبلَ الطَّوافِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وقدَّمه فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، ونَصَراه، و «الفُروعِ» ، وغيرُهم مِنَ الأصحابِ. وعنه، يُجْزِئُ مُطْلَقًا مِن غيرِ دَمٍ. ذكَرَها فى «المُذْهَبِ» . وعنه، يُجْزِء مُطْلَقًا مع دَمٍ. ذكَرَها القاضى. وعنه، يُجْزِئُ مع السَّهْوِ والجَهْلِ.
قوله: ويُسْتَحَبُّ أنْ يَسْعَى طاهِرًا مُسْتَتِرًا مُتَوَالِيًا. أمَّا السُّتْرَةُ، والطَّهارَةُ، فسُنَّةٌ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. قال الزَّرْكَشِىُّ عنِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الطَّهارتَيْن: هو المذهبُ المشْهُورُ المَنْصُوصُ المُخْتارُ للأصحابِ. وقال عنِ السُّتْرَةِ: الأكْثَرون قطَعوا بذلك مِن غيرِ خِلافٍ. وقيلَ: هما فى السَّعْى كِالطَّوافِ. لها ما تقدَّم. وأمَّا المُوالاةُ، فقدَّم المُصَنِّفُ هنا، أنَّها سُنَّةٌ. وهو إحْدَى الرِّواياتِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «مُنْتَخَبِ الآدَمِىِّ» . وقدَّمه فى «النَّظْمِ» . وصحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، و «تَجْريدِ العِنايَةِ» . واخْتارَه أبو الخَطَّابِ. قالَه الزَّرْكَشِىُّ. وهو تخْريجٌ فى «الهِدايَةِ» وغيرِها. وعنه، أنَّها شَرْطٌ كالطَّوافِ. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال فى «الفُروعِ»: عليها الأكْثَرُ. قلتُ: منهم القاضى. وصحَّحه فى «الخُلاصَةِ» ، و «التَّلْخِيصِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» . وجزَم ح به فى «المُنَوِّرِ» . وقدَّمه فى «الهِدايةِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الفُروعِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» . وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِيِّ. وعنه، لا يُشْترَطُ مع العُذْرِ.
تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أن النِّيَّةَ ليستْ شرْطًا فى السَّعْىِ، وهو ظاهِرُ كلامِ أكثرِ الأصحابِ. قالَه فى «الفُروعِ». قلتُ: وفيه نظرٌ وضَعْفٌ. وقيل: هى شرْطٌ فيه. قلتُ: وهو الصَّوابُ؛ لأنَّه عِبادَةٌ. وجزَم به فى «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذهَبِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الفائقِ» ، ولا أظُنُّ أحدًا مِنَ الأصحابِ يقولُ غيرَ ذلك، ولا وَجْهَ لعدَمِ اشْتِراطِها. وزادَ فى «المُحَرَّرِ» ،
وَالْمَرْأةُ لَا تَرْقَى وَلَا تَرْمُلُ.
ــ
و «الفائقِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسِ» ، وأنْ لا يُقَدِّمَ السَّعْىَ على أشْهُرِ الحَجِّ. وصرَّح أبو الخَطابِ بخِلافِ ذلك، وقال: لا أعْرِفُ مَنْعَه عن أحمدَ. وذكَر وَلَدُ الشِّيَرازِيِّ، أنَّ سَعْيَه مُغْمًى عليه، أو سَكْرَانَ، كوُقُوفِهما. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوجَّهُ عدَمُ الصِّحَّةِ، قوْلًا واحدًا.
فَإِذَا فَرَغَ مِنْ السَّعْىِ، فَإِنْ كَانَ مُعْتَمِرًا، قَصَّرَ مِنْ شَعَرِهِ، وَتَحَلَّلَ، إلَّا أنْ يَكُونَ الْمُتَمَتِّعُ قَدْ سَاقَ هَدْيًا، فَلَا يَحِلَّ حَتَّى يَحُجَّ.
ــ
قوله:. فإنْ كان مُعْتَمِرًا، قَصَّر مِن شَعَرِه. الصَّحيح مِنَ المذهبِ -نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ- أنَّ الأفْضَلَ أنْ يُقَصِّر مِن شَعَرِه فى العُمْرَةِ؛ ليَحْلِقَ فى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الحَجِّ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال فى «المُسْتَوْعِب» ، و «التَّرْغيبِ» ، و «التَّلْخيصِ»: والحَلْقُ فى الحَجِّ والعُمْرَةِ أفْضَلُ مِنَ التقْصيرِ. وقال فى «المُحَرَّرِ» : حلَق أو قصَّر، وحَلَّ منهما.
قوله: إلَّا أنْ يكونَ المُتَمَتِّعُ قد ساقَ هَدْيًا، فلا يحِلُّ حتى يَحُجَّ. هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطع به كثيرٌ منهم. وقيل: يحِلُّ، كمَن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لم يَهْدِ. وهو مُقْتضَى ما نقَلَه يُوسُفُ بنُ مُوسى. قالَه القاضى. وقال فى «الكافِى» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهما: وعنه، له التَّقْصِيرُ مِن شَعَرِ رأْسِه خاصَّةً، دُونَ أظْفارِه وشارِبِه. انتهى. وعنه، إنْ قَدِمَ قبلَ العَشْرِ، نحَر الهَدْىَ وحَلَّ. ونقَل يُوسُفُ بنُ مُوسى، يَنْحَرُ ويحِلُّ، وعليه هَدْىٌ آخَرُ. وقال مالِكٌ: يَنْحَرُ هَدْيَه عندَ المَرْوَةِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قال المُصَنِّفُ: ويَحْتَمِلُه كلامُ الخِرقِيِّ. وتقدَّم ذلك بعَيْنِه، فى بابِ الإِحْرامِ، عندَ قولِه: ولو ساقَ المُتَمَتِّعُ هَدْيًا، لم يكُنْ له أنْ يحِلَّ. فعلى المذهبِ، يُحْرِمُ بالحَجِّ، إذا طافَ وسعَى لعُمْرَتِه، قبلَ تَحلُّلِه بالحَلْقِ، فإذا ذبَحَه يومَ النَّحْرِ، حَلَّ منهما معًا. نصَّ عليه. وتقدَّم هذا أيضًا هناك.
تنبيهان؛ أحدُهما، مَحَلُّ ما تقدَّم فى المُتَمَتِّع. أنا المُعْتَمِرُ غيرُ المُتَمَتِّعِ، فإنَّه يحِلُّ، ولو كان معه هَدْىٌ. الثَّانى، ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّه إذا لم يَسُقِ الهَدْىَ، يحِلُّ، سواءٌ كان مُلَبِّدًا رأْسَه أوْ لا. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
جماهيرُ الأصحابِ، وجزَم به كثيرٌ منهم. وقيلَ: لا يحِلُّ (1) مَن لَبْدَ رأْسَه حتى يَحُجَّ. جزَم به فى «الكافِى» . وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» .
(1) سقط من: الأصل، ط.
وَمَنْ كَانَ مُتَمَتِّعًا، قَطَعَ التَّلْبِيَةَ إِذَا وَصَلَ الْبَيْتَ.
ــ
قوله: ومَن كان مُتَمَتِّعًا، قطَع التَّلْبِيَةَ إذا وصَل البَيْتَ. وكذا قال الخِرَقِىُّ، وصاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ» ، وغيرُهم. وعنه، يقْطَعُها برُؤْيَةِ البَيْتِ. والصَّحيحُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مِنَ المذهبِ، أنَّه يقْطَعُها إذا اسْتلَمَ الحَجَرَ وشرَع فى الطَّوافِ. وعليه أكثرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه فى رِوايَةِ المَيْمُونِيِّ، وحَنْبَلٍ، والأَثْرَمِ، وأبى داودَ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» . وحمَل الأوَّلَ [على ظاهرِه](1)، والثَّانى عليه. وحمَل المُصَنِّفُ كلامَ الخِرَقِيِّ على المنْصُوصِ، وحمَلَه المَجْدُ على ظاهِرِه. قال الزَّرْكَشِىُّ: يجوزُ حمْلُه على ظاهِرِه. وجوَّز القاضى فى «التَّعْليقِ» الاحْتِمالَيْن. وحمَل ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه» كلامَ المُصَنِّفِ على المنْصُوصِ. والشَّارِحُ شرَح على
(1) زيادة من: 1.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المَنْصُوصِ، ولم يَحْكِ خِلافًا.
فائدة: لا بأسَ بالتَّلْبِيَةِ فى طَوافِ القُدوم. قالَه الإمامُ أحمدُ والأصحابُ. وحكَى المُصَنِّفُ عن أبي الخَطَّابِ، أنَّه لا يُلّبِّى فيه. قال الأصحابُ: لا يُظْهِرُ التَّلْبِيَةَ فيه. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه: لا يُسْتَحَبُّ. ومعْنَى كلامِ القاضى، يُكْرَهُ، وصرَّح به المُصَنِّفُ. وفى «الرِّعايَة» وَجْهٌ؛ يُسَنُّ. والسَّعْىُ بعدَ طوافِ القُدومِ كذلك. وهو مُرادُ الأصحابِ. قالَه فى «الفُروعِ» .
تنبيه: وأمَّا وقْتُ قطْعِ التَّلْبِيَةِ فى الحَجِّ، فيأْتِى فى كلامِ المُصَنِّفِ فى قولِه، فى البابِ الذى بعدَ هذا: ويقْطَعُ التَّلْبِيَةَ مع ابْتداءِ الرَّمْىِ.