الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ:
أرْكَانُ الْحَجِّ؛ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ، وَطَوَافُ الزِّيَارَةِ. وَعَنْهُ، أَنَّهَا أَرْبَعَة؛ الْوُقُوفُ، وَالإِحْرَامُ، وَالطَّوَافُ، وَالسَّعْىُ. وَعَنْهُ، أَنَّهَا ثَلَاثَةٌ، وَأنَّ السَّعْىَ سُنَّةٌ. وَاخْتَارَ الْقَاضِى أَنَّهُ وَاجِبٌ، وَلَيْسَ بِرُكْنٍ.
ــ
قوله: أرْكانُ الحَجِّ؛ الوُقُوفُ بعَرَفَةَ، وطَوافُ الزِّيارَةِ. بلا نِزاعٍ فيهما. فلو ترَك طَوافَ الزِّيارَةِ، رجَع مُعْتَمِرًا. نقَلَه الجماعَةُ. ونقَل يعْقُوبُ، فى مَن طافَ فى الحِجْرِ ورجَع بغدادَ، يرْجِعُ؛ لأنَّه على بَقِيَّةِ إحْرامِه، فإن وَطِئ، أحْرَمَ مِنَ التَّنْعيمِ، على حَديثِ ابنِ عَبَّاس، وعليه دَمٌ. ونقَل غيرُه مَعْناه. فالمُصَنِّفُ، رحمه الله، قدَّم أن أرْكانَ الحَجِّ، الوُقوفُ بعَرَفَةَ، وطَواف الزِّيارَةِ فقط. فليس السَّعْىُ والإِحْرامُ رُكْنَيْن، على المُقَامِ عنه. أما السَّعْىُ، ففيه ثَلاثُ رِوايَاتٍ؛
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إحْداهُنَّ، هو رُكْنٌ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وجزَم به فى «المُنَوِّرِ» . وصحَّحه فى «التَّلْخيصِ» ، و «المُحَرَّرِ» . وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفائقِ» . والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، هو سُنَّةٌ. وأطْلقَهما فى «الهِدايَةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» . والرِّوايَةُ الثَّالثةُ، هو واجِبٌ. اخْتارَه أبو الحَسَنِ التَّمِيمِىُّ، والقاضى، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفائقِ» ، وغيرُهم. وجزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «المُنْتَخَبِ» . وأطْلقَهُنَّ فى «المُذْهَبِ» . وأمَّا الإِحْرامُ، وهو النِّيَّةُ، فقدَّم المُصَنِّفُ أنَّه غيرُ رُكْنٍ، فيَحْتَمِلُ أنَّه واجِبٌ. وهو رِوايَةٌ عن أحمدَ. ذكَرَها القاضى فى «المُجَرَّدِ» . نقَلَه عنه فى «التَّلْخيصِ» . وحكَاها فى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«الفائقِ» . وقال: اخْتارَه الشَّيْخُ، يعْنِى به المُصَنِّفَ، وأخْتارَها التَّمِيمِىُّ أيضًا. ولم يذْكُرْها فى «الفُروعِ» . وعنه، أنَّه رُكْنٌ. وهى المذهبُ. جزَم به فى «المُحَرَّرِ» ، و «الوَجِيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» . وقدَّمه فى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن». قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: هذه أصحُّ، فى ظاهِرِ قوْلِ الأصحابِ. وأطْلقهما فى «الفائقِ» . وعنه، أنَّه شَرْطٌ. حَكَاها فى «الفُروعِ». قال فى «الرِّعايَةِ»: وقيلَ عنه: أَنْ الإِحْرامَ شَرْطٌ. قال ابنُ مُنَجِّى فى «شَرْحِه» : ولم أجدْ أحَدًا ذكَر أنَّ الإِحْرامَ شَرْطٌ، والأَشْبَهُ أنَّه كذلك. وبه قال أبو حَنِيفَةَ. وذلكَ أنَّ مَن قال بالرِّوايَةِ الأُولَى، قاسَ الإِحْرامَ على نِيَّةِ الصَّلاةِ،
وَوَاجِبَاتُهُ سَبْعَةٌ، الْإِحْرَامُ مِنَ الْمِيقَاتِ، وَالْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ إلَى اللَّيْلِ، وَالْمَبِيتُ بِمُزْدَلِفَةَ إِلَى بَعْدِ نِصْفِ اللَّيْلِ، وَالْمَبِيتُ بِمِنًى، وَالرَّمْىُ، وَالْحِلَاقُ، وَطَوَافُ الْوَدَاعَ.
ــ
ونِيَّةُ الصَّلاةِ شَرْطٌ، فكذا يجِبُ أنْ يكونَ الإِحْرامُ. ولأنَّ الإِحْرامَ يجوزُ فِعْلُه قبلَ دُخولِ وَقْتِ الحَجِّ، فوجَب أنْ يكونَ شَرْطًا، كالطَّهارَةِ مع الصَّلاةِ. انتهى. وقال أيضًا فى بابِ الإِحْرامِ: والأَشْبَهُ أنَّه شَرْطٌ، ذهَب إليه بعضُ أصحابِنا، كنِيَّةِ الوُضوءِ. فلعَلَّ قوْلَه هنا: لم أجِدْ أحَدًا ذكَر أنَّه شَرْطٌ. يعْنِى عن أحمدَ، وإلَّا كان كلامُه مُتَناقِضًا. وأطْلَقَ رِوايَةَ الشَّرْطِيَّةِ والرُّكْنِيَّةِ فى «الفُروعِ». وقال: فى كلامِ جماعَةٍ ما ظاهِرُه رِوايَةٌ بجَوازِ تَرْكِه. وقال فى «الإِرْشادِ» : وهو سُنَّةٌ. وقال: الإِهْلالُ فَريضَةٌ. وعنه، سُنَّةٌ.
قوله: وواجِبَاتُه سَبْعَةٌ؛ الإِحْرَامُ مِنَ المِيقاتِ. بلا نِزاع، إنْشاءً ودَوامًا. قال فى «التَّلْخيص»: والإِنْشاءُ أَوْلَى.
قوله: والوُقُوفُ بعَرَفَةَ إلى اللَّيْلِ. مُرادُه، إذا وقَف نَهارًا، فيَجِبُ الجَمْعُ بينَ اللَّيْلِ والنَّهارِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وعنه، الجَمْعُ بينَهما سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ.
قوله: والمَبِيتُ بمُزْدلِفَةَ إلى بعدِ نِصْفِ اللَّيْلِ. مُرادُه، إذا وافاها قبلَ نِصْفِ
وَمَا عَدَا هَذَا سُنَنٌ.
ــ
اللَّيْلِ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ المَبِيتَ بمُزْدَلِفَةَ إذا جاءَها قبلَ نِصْفِ اللَّيْلِ واجِبٌ، وعليه الأصحابُ. وعنه، ليس بَواجِبٍ. واسْتَثْنَى الخِرَقِىُّ مِن ذلك الرُّعاةَ، وأهْلَ السِّقايَةِ، فلم يَجْعَلْ عليهم مَبِيتًا بمُزْدَلِفَةَ. قال الزَّرْكَشِىُّ: ولم أرَ مَن صرَّح باسْتِثْنائِهما إلَّا أبا محمدٍ؛ حيثُ شرَح الخِرَقِىَّ.
قوله: والمَبِيتُ بمِنًى. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ المَبِيتَ بمِنًى فى لَيالِيها واجِبٌ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وعنه، سُنَّةٌ. وتقدَّم قرِيبًا ما يجِبُ فى تَرْكِ المَبِيتِ بها فى لَيالِيها، أو فى لَيْلَهٍ.
قوله: والرَّمْىُ. بلا نِزاعٍ، ويجِبُ تَرْتِيبُه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعنه، لا. وتقدَّم أنَّه هل هو شَرْطٌ أم لا، أو لا مع الجَهْلِ؟
قوله: الحِلَاقُ. مُرادُه، أو التَّقْصِيرُ، على ما تقدَّم. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه واجِبٌ، وعليه الأصحابُ. وعنه، ليس بوَاجِبٍ. وتقدَّم، هل هو نُسُكٌ، أو إطْلاقٌ مِن مَحْظُورٍ؟
قوله: وطَوَافُ الوَداعِ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه وصحَّحَه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: ليس بوَاجِبٍ.
تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنَّ طَوافَ الوَدَاعِ يجِبُ، ولو لم يكُنْ بمَكَّةَ. قال فى «الفُروعِ»: هو ظاهِرُ كلامِهم. قال الآجُرِّىُّ: ويطُوفُه متى أرادَ الخُروجَ مِن مَكَّةَ أو مِنًى، أو مِن نَفْرٍ آخَرَ. قال فى «التَّرْغيبِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «التَّلْخيصِ» : لا يجِبُ على غيرِ الحَاجِّ. قال فى «المُسْتَوْعِبِ» : ومتى أرادَ الحَاجُّ الخُروجَ مِن مَكَّةً، لم يَخْرُجْ حتى يُوَدِّع.
فائدة: طَوافُ الوَدَاعِ، هو طَوافُ الصَّدَرِ. على الصَّحيحِ. وقيل: الصَّدَرُ، طَوافُ الزِّيارَةِ. وقدَّمه الزَّرْكَشِىُّ.
تنبيه: شَمِلَ قوْلُه: وما عَدا هَذا سُنَنٌ. مَسائِلَ فيها خِلافٌ فى المذهبِ؛ منها، المَبِيتُ بمِنًى ليْلَةَ عَرَفَةَ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، انَّه سُنَّةٌ. قطَع به ابنُ أبى مُوسى فى «الإِرْشادِ» ، والقاضى فى «الخِلافِ» ، وابنُ عَقِيلٍ فى «الفُصُولِ» ، وأبو الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ» ، وابنُ الجَوْزِىَّ فى «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، والسَّامَرِّىُّ فى «المُسْتَوْعِبِ» ، والمُصَنِّفُ فى «الكافِى» ، وغيرُهم. وهو ظاهِرُ كلامِه فى «الخُلاصَةِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «الشَّرْح» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: يجِبُ. جزَم به فى «الرِّعايَتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» . ومنها، الرَّمَلُ والاضْطِباعُ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّهما سُنَّتان، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقالَ فى «عُيُونِ المَسائلِ»: يَجِبان. ونقَل حَنْبَلٌ، إِذا نَسِىَ الرَّمَلَ، فلا شئَ عليه. وقالَه الخِرَقِىُّ وغيرُه. ومنها، طَوافُ القُدُومِ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه سُنَّةٌ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. ونقَل محمدُ بنُ أبى حَرْبٍ (1)، هو واجِبٌ. وهو قوْلٌ فى «الرِّعايَةِ» . ومنها، الدَّفْعُ مِن عَرَفَةَ مع الإِمامِ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه
(1) محمد بن النقيب بن أبى حرب الجرجرائى. قال الخلال: كان أحمد يكاتبه ويعرف قدره، عنده عن أبى عبد اللَّه مسائل مشبعة كنت سمعتها منه. طبقات الحنابلة 1/ 331.
وَأرْكَانُ الْعُمْرَةِ؛ الطَّوَافُ. وَفِى الْإِحْرَامِ وَالسَّعْى رِوَايَتَانِ. وَوَاجِبَاتُهَا، الْحِلَاقُ، فِى إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. فمَنْ تَرَكَ رُكْنًا، لَمْ يَتِمَّ نُسُكُهُ إِلَّا بِهِ، وَمَنْ تَرَكَ وَاجِبًا، فَعَلَيْهِ دَمٌ. وَمَنْ تَرَكَ سُنَّةً، فَلَا شَىْءَ عَلَيْهِ.
ــ
سُنَّةٌ. قالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وقدَّمه فى «الفائقِ». قال الزَّرْكَشِىُّ: هو اخْتِيارُ جُمْهورِ الأصحابِ. وعنه، واجِبٌ. وقطَع الخِرَقِىُّ، أنَّ عليه دَمًا بتَرْكِه. أطْلقَهما فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفُروعِ» .
قوله: أرْكانُ العُمْرَةِ؛ الطَّوافُ -بلا نِزاعٍ- وفى الإِحْرَام والسَّعْى رِوايَتان. اعلمْ أنَّ الخِلافَ، هنا، فى السَّعْى والإِحْرامِ، وفى الإِحْرامِ أيضًا مِنَ المِيقَاتِ، كالخِلافِ فى ذلك فى الحَجِّ، على ما تقدَّم، نقْلًا ومَذهَبًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيلَ: أرْكانُها الإِحْرامُ والطَّوافُ فقط. ذكَرَه فى «الرِّعايَةِ» . وقال فى «الفُصُولِ» : السَّعْىُ فى العُمْرَةِ رُكْنٌ، بخِلافِ الحَجِّ؛ لأنَّها أحَدُ النُّسُكَيْن، فلا يَتِمُّ إلَّا برُكْنَيْن كالحَجِّ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قوله: وواجِبَاتُها، الحِلاقُ، فى إحْدَى الرِّوَايتَيْن. وهو مَبْنِىٌّ أيضًا على وُجوبِه فى الحَجِّ (1). على ما تقدَّم، فلا حاجَةَ إلى إعادَتِه.
قوله: فمَن ترَك رُكْنًا، لم يتِمَّ نُسُكُه إلَّا به. وكذا لو ترَك النِّيَّةَ له، لم يصِحَّ ذلك الرُّكْنُ إلَّا بها.
قوله: ومَن ترَك واجِبًا، فعليه دَمٌ. ولو كان سَهْوًا أو جَهْلًا. وتقدَّم فى بعضِ المَسائلِ خِلافٌ بعَدَمِ وُجوبِ الدَّمِ كامِلًا، كَتَرْكِه المَبِيتَ بمِنًى فى لَيالِيها ونحوِه، وكذا تَقدَّم الخِلافُ فيما إذا ترَكَه جَهْلًا.
(1) فى الأصل، ط:«الجمع» .