المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب صفة الحج - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت التركي - جـ ٩

[المرداوي]

الفصل: ‌باب صفة الحج

‌بَابُ صِفَةِ الْحَجِّ

ــ

بَابُ صِفَةِ الحَجِّ

ص: 145

يُسْتَحَبُّ لِلْمُتَمَتِّع الَّذِى حَلَّ، وَغَيْرِهِ مِنَ الْمُحِلِّينَ بِمَكَّةَ، الإحْرَامُ بِالْحَجِّ يَوْم التَّرْوِيَة -وَهُوَ الثَّامِنُ مِنْ ذِى الْحِجَّةِ- مِنْ مَكَّةَ، وَمِنْ حَيْثُ أَحْرَمَ مِنَ الْحَرَمِ، جَازَ.

ــ

قوله: يُسْتَحَبُّ للمُتَمَتِّع الذى حَلَّ، وغيرِه مِنَ المُحِلِّين بمَكَّةَ، الإحْرامُ يومَ التَّرْوِيَةِ؛ وهو الثامِنُ مِن ذِى الحِجَّةِ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه أكثرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيلَ للإمامِ أحمدَ: المَكِّىُّ يُهِلُّ إذا رأى الهِلالَ؟ قال: كذا يُرْوَى عن عُمَرَ. قال القاضى: فنَصَّ على أنَّه يُهِلُّ قبلَ يوْمِ التَّرْوِيَةِ. وقال فى «التَّرْغِيبِ» : يُحْرِمُ المُتَمَتِّعُ يومَ التَّرْوِيَةِ، فلو جاوزَه غيرَ مُحْرِمٍ، لَزِمَه دَمُ الإِساءَةِ مع دَمِ التَّمَتُّع. على

ص: 148

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأصحِّ. وقال فى «الرِّعايَةِ» : يُحْرِمُ يومَ التَّروِيَةِ أو غيرَه، فإنْ عبَرَه، فعليه دَمٌ. وتقدَّم فى بابِ الإِحْرامِ، أنَّ المُتَمتِّعَ إذا ساقَ الهَدْىَ، لم يحِلَّ، ويُحْرِمُ بالحَجِّ بعدَ طَوافِه وسَعْيِه. ويُسْتَثْنَى مِن كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه، المُتَمَتِّعُ إذا لم يَجِدِ الهَدْىَ وصامَ، فإنَّه يُحْرِمُ يومَ السَّابع، على ما تقدَّم فى الفِدْيَةِ.

فائدتان؛ إحْداهما، يُسْتَحَبُّ أن يفْعَلَ عندَ إحْرامِه هذا ما يفْعَلُه عندَ الإِحْرامِ مِنَ المِيقاتِ؛ مِن الغُسْلِ، والتَّنْطيفِ، ويَتَجَرَّدُ عنِ المَخيطِ، ويَطوَفُ سَبعًا، ويُصَلِّى ركْعَتَيْن، ثم يُحْرِمُ. الثَّانيةُ، إذا أحْرَمَ بالحَجِّ، لا يطُوفُ بعدَه قبلَ خُروجِه

ص: 149

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لودَاعِ البَيْتِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نقَلَه الأثْرَمُ. وقدَّمه فى «الفُروعِ» . وقال: اخْتارَه الأكْثَرُ. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، وأبو داودَ، لا يخْرُجُ حتى يُوَدِّعَه، وطَوافُه بعدَ رُجوعِه مِن مِنًى للحَجِّ. وجزَم به فى «الواضِحِ» ، و «الكافِى» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» . وأطْلقَ جماعةٌ رِوايتَيْن. فعلَى الأوَّلِ، لو أتَى به وسَعَى بعدَه، لم يُجْزِئْه عنِ السَّعْى الواجبِ.

قوله: مِن مَكَّةَ، ومِن حيث أحْرَمَ مِنَ الحَرَمِ، جازَ. المُسْتَحَبُّ، أنْ

ص: 150

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يُحْرِمَ مِن مكَّةَ، بلا نزاعٍ. والظَّاهِرُ، أنَّه لا تَرْجِيحَ لمَكانٍ على غيرِه. ونقَل حَرْبٌ، يُحْرِمُ مِنَ المَسْجِدِ. قال فى «الفُروعِ»: ولم أجِدْ عنه خِلافَه، ولم يذْكُرْه الأصحابُ إلَّا فى «الإِيضَاحِ» ، فإنَّه قال: يُحْرِمُ به مِنَ المِيزَابِ. قلتُ: وكذا قال فى «المُبْهِجِ» . وتقدَّم ذلك فى المَواقيتِ.

وقوله: ومِن حيثُ أحْرَمَ مِنَ الحَرَم، جازَ. يجوزُ الإِحْرامُ مِن جميع بِقَاعِ الحَرمِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. ونقَلَهَ الأَثْرَمُ، وابنُ مَنْصُورٍ، وعليه الجُمْهورُ. ونصَرَه القاضى وأصحابُه. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، مِيقَاتُ حَجِّه، مِن مكَّةَ فقط. فيَلْزَمُه الإِحْرامُ منها. قال فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الفائقِ» ، فى بابِ المَواقيتِ: ومَن بمَكةَ، فمِيقاتُه لحَجِّه منها. نصَّ عليه. وقيل: مِنَ الحرَمِ.

تنبيه: ظاهرُ كلامِه، أنَّه لو أحْرَمَ به مِن الحِلِّ، لا يجوزُ، فيكونُ الإِحْرامُ مِن

ص: 151

ثُمَّ يَخْرُجُ إلَى مِنًى فَيُصَلِّى بِهَا الظُّهْرَ، وَيَبِيتُ بِهَا.

ــ

الحرَمِ واجِبًا، فلو أحَلَّ به، كان عليه دَمٌ. وهو إحْدَى الرِّوايتَيْن. جزَم به المُصَنِّفُ، وقال: إنْ مَرَّ مِنَ الحَرَمِ قبلَ مُضِيه إلى عرفَةَ ، [فلا دَمَ عليه. و](1) الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه يجوزُ ويصِحُّ، ولا دَمَ عليه. نقَله الأَثْرَمُ، وابنُ مَنْصورٍ. ونَصَره القاضى وأصحابُه. وقدمه فى «الفُروعِ» ، كما تقدم فى مَن أحْرَمَ مِنَ الحَرَمِ. وأطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايَتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم، فى وُجوبِ الدَّمِ. وتقدَّم ذلك بأتَم مِن هذا فى بابِ المَواقيتِ، بعدَ قولِه: وأهْلُ مكَّةَ، إذا أرادُوا الحَجَّ، فمِن مَكَّةَ.

تنبيهان؛ أحدُهما، قولُه: ثم يَخْرُجُ إلى مِنًى. يُسْتَحَبُّ أنْ يكونَ خُروجُه قبلَ

(1) فى الأصل، ط:«فى» .

ص: 152

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الزَّوالِ، وأنْ يصَلِّىَ بها خَمْسَ صَلواتٍ. نصَّ عليه. الثَّانى، ظاهرُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنه لا يخْطُبُ يومَ السَّابعِ بعدَ صلاةِ الظُّهْرِ بمكةَ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وهو مِن مُفْرَداتِ المَذْهَبِ. واخْتارَ الآجُرىُّ، أنَّه يخْطُبُ، ويُعَلِّمُهم ما يفْعَلون يومَ التَّرْوِيَةِ.

ص: 153

فَإذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ، سَارَ إِلَى عَرَفَةَ، فَأَقَامَ بِنَمِرَةَ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ.

ــ

قوله: فإذا طَلَعَتِ الشَّمْسُ، سارَ إلى عَرَفَةَ، فَأقامَ بنَمِرَةَ حتى تَزُولَ الشَّمْسُ. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ، أنَّ الأُوْلَى أنه يقيمُ بنَمِرَةَ. وجزَم به فى «المُغْنِى» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «المُحَرَّر» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخيص» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، وغيرِهم. وقال مَن ذكَر الخِلافَ، غيرُ صاحِبِ «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»: وقيلَ: يقيم بعَرَفَةَ. وقال فى «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ»: وقيلَ: يُقيمُ بعُرَنَةَ، بالنُّون، قبلَ أنْ يأْتِىَ عرَفَةَ. قلتُ: وقد يَحْتَمِلُ أنْ تكونَ عرَفَةُ تصْحِيفًا مِن عُرَنَةَ. وقال الزَّرْكَشِىُّ: نَمِرَةُ موْضِعٌ بعَرَفَةَ. وهو الجبَلُ الذى عليه أنْصابُ الحَرَمِ، على يَمينِك إذا خرَجْتَ مِن مَأْزِمَىْ عرَفَةَ تُريدُ المَوْقِفَ. قالَه ابنُ المُنْذِرِ، قال: وبهذا يتَبَيَّنُ أنَّ قوْلَ صاحبِ «التَّلْخيصِ» : أقامَ بنَمِرَةَ. وقيل: بعَرَفَةَ. ليس بجَيِّدٍ؛ إذْ نَمِرَةُ مِن عرَفَةَ. انتهى. وكأنَّه لم يطَّلِعْ على كلامِ مَن قبلَه. وقال فى «الخُلاصَةِ» : وأقامَ بنَمِرَةَ أو بعَرَفَةَ. وقال فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، بعدَ أنْ ذكَرا أنَّه يُقِيمُ بنَمِرَةَ: وإنْ شاءَ أقامَ بعُرَنَةَ. وقال فى «الرِّعَايَةِ الكُبرى» ، بعدَ أنْ قدَّم الأوَّلَ: وقيلَ: يُقِيمُ ببَطنِ نَمِرَةَ. وقيل: بعُرَنَةَ. وقيل: بوَادِيها. انتهى.

ص: 154

ثُمَّ يَخْطُبُ الإمَامُ خُطْبَةً يعَلِّمُهُمْ فِيهَا الْوُقُوفَ وَوَقْتَهُ، وَالدَّفْعَ مِنْهُ، وَالْمَبِيتَ بِمُزْدَلِفَةَ، ثُمَّ يَنْزِلُ فَيُصَلِّى بِهِمُ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَذَانٍ وَإقَامَتَيْنِ.

ــ

فائدتان؛ إحْداهما، قوله: ثم يَخْطُبُ الإِمامُ خُطبة يُعَلِّمُهم فيها الوُقُوفَ ووَقْتَه، والدَّفْعَ منه، والمَبِيتَ بمُزْدَلِفَةَ. وهذا بلا نِزاعٍ، لكنْ يُقَصِّرُها (1)،

(1) فى الأصل، ط:«يقصر هنا» .

ص: 155

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ويَفْتَتِحُها بالتَّكْبير. قالَه فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّرَغيبِ» ، و «التَّلْخيص» ،

ص: 156

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «الرِّعايَتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، وغيرِهم. الثَّانيةُ، قولُه: ثم يَنْزِلُ فَيُصَلِّى بهم الظُّهْرَ والعَصْرَ، يَجْمَعُ بينَهما بأذَانٍ وإقامَتَيْن. وكذا يُسْتَحَبُّ لغيرِه ولو مُنْفَرِدًا. نصَّ عليه. ويأْتِى هذا فى كلامِ المُصَنِّفِ فى الجَمْع بمُزْدَلِفَةَ. وقد تقدَّم، هل

ص: 157

ثُمَّ يَرُوحُ إِلَى الْمَوْقِفِ، وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ إِلَّا بَطنَ عُرَنَةَ -وَهِىَ مِنَ الْجَبَلِ الْمُشْرِفِ عَلَى عَرَفَةَ إِلَى الْجِبَالِ الْمُقَابِلَةِ لَهُ إِلَى

ــ

يُشْرَعُ الأذانُ فى الجَمْع؟ فى بابِ الأذانِ، وتقدَّم فى الجَمْعِ، هل يَجْمَعُ أهْلُ مَكَّةَ ويَقْصُرون أمْ لا؟

ص: 158

مَا يلى حَوَائِطَ بنى عَامِرٍ.

ــ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 159

وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقِفَ عَنْدَ الصَّخَرَاتِ وَجَبَلِ الرَّحْمَةِ رَاكِبًا. وَقِيلَ: الرَّاجِلُ أَفْضَلُ.

ــ

قوله: ويُسْتَحَبُّ أنْ يقِفَ عندَ الصَّخَراتِ وجَبَلِ الرَّحْمَةِ راكِبًا. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «تَذْكِرَةِ

ص: 160

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ابنِ عَبْدُوسٍ»، و «المَنَوِّرِ» ، و «المُنْتَخَبِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الكافِى» ، و «الهادِى» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، وغيرِهم. وقيل: الرَّاجِلُ أفْضَلُ. اخْتاره ابنُ عَقِيلٍ وغيرُه. وقدَّمه فى «الفائقِ» ، وقال: نصَّ عليه فى رِوايةِ الحارِثِ. انتهى. وقيلَ: الكُلُّ سواءٌ. وهو احْتِمالٌ لأبى الخَطَّابِ. وعنه، التَوقُّفُ عنِ الجوابِ. وعنه، لا يُجْزِئُه راكِبًا. ذكَرَها فى «الرِّعايَةِ» .

فائدة: قال فى «الفُروعِ» ، بعدَ أنْ ذكَر الأقْوالَ الثَّلَاثةَ الأُوَلَ: فيتَوجَّهُ تخْريجُ الحَجِّ عليها. يعْنِى، هل الحَج ماشِيًا أفْضلُ أو راكِبًا، أو هما سواءٌ؟ وقال أبو الخَطَّابِ فى «الانْتِصارِ» ، وأبو يَعْلَى الصَّغِيرُ فى «مُفْرَداتِه»: المَشْىُ أفْضَلُ. وهو ظاهِرُ كلام ابنِ الجَوْزِىِّ، فإنَّه ذكَر الأخْبارَ فى ذلك. وعن جماعَةٍ بِنَ العُبَّادِ، وعندَ الشَّيْخِ تَقِىُّ الدِّينِ، أنَّ ذلك يخْتلِفُ باخْتِلافِ النَّاسِ. ونصُّه فى مُوصٍ بحَجةٍ، يُحَجَّ عنه راجِلًا أو راكبًا.

تنبيه: قولُه: عندَ الصَّخَراتِ، وجَبَلِ الرَّحْمَةِ. هكذا قال الأصحابُ. وقال

ص: 161

وَيُكْثِرَ مِنَ الدُّعَاءِ، وَمِنْ قَوْلِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْده لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَه الْحَمْدُ، يُحْيِى وَيُمِيتُ، وَهُوَ حَىٌّ لَا يَمُوتُ، بِيَده الْخَيْرُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ. اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِى نُورًا، وَفِى بَصَرِى نُورًا، وَفِى سَمْعِى نُورًا، وَيَسِّرْ لِى أَمْرِى.

ــ

فى «الفائقِ» : قلتُ: المَسنُونُ تحَرِّى مَوْقِفِ النّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، ولم (1) يثْبُتْ فى جبَلِ الرَّحْمَةِ دليلٌ. انتهى.

(1) سقط من: الأصل، ط.

ص: 162

وَوَقْتُ الْوُقُوفِ مِنْ طُلُوع الْفَجْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ يَوْمَ النَّحْرِ، فمَنْ حَصَلَ بِعَرَفةَ فِى شَىْءٍ مِنْ هَذَا الْوَقْتِ وَهُوَ عَاقِلٌ، تَمَّ حَجُّهُ.

ــ

قوله: ووقْتُ الوقُوفِ مِن طُلوعِ الفَجْرِ يومَ عَرَفَةَ إلى طُلوعِ الفَجْرِ يومَ النَّحْرِ. وهذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثير منهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وقال ابنُ بَطَّةَ، وأبو حَفْصٍ: وَقْتُ الوُقوفِ، مِنَ الزَّوالَ يومَ عرَفةَ. وحُكِىَ رِوايَةً. قال فى «الفائقِ»: واخْتارَه

ص: 167

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

شيْخُنا، يعْنِى به الشَّيْخَ تَقِىَّ الدِّينِ، وحكَاه ابنُ عَبْدِ البَرِّ إجْماعًا.

تنبيه: مفهومُ قولِه: فمَن حصَل بعَرَفَةَ فى شئٍ مِن هذا الوقْتِ وهو عاقِل، تَمَّ حَجُّه، ومَن فاتَه ذلك، فاتَه الحَجُّ. أنَّه لا يصِحُّ الوُقوفُ مِنَ المَجْنونِ. وهو صحيح، ولا أعلمُ فيه خِلافًا. وكذا لا يصِحُّ وُقوفُ السَّكْرانِ، والمُغْمَى عليه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى

ص: 168

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، وغيرِهما، كإِحْرامٍ وطَوافٍ، بلا نِزاعٍ فيهما. وقيل: يصِحُّ. وهو ظاهِرُ ما قدَّمه فى «المُحَرَّرِ» . ويدْخُلُ فى كلامِ المُصَنِّفِ -أعْنِى فى قولِه: وهو عاقِلٌ- النَّائمُ والجاهِلُ بها. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قال فى «الفُروعِ» : ويصِحُّ مع نوْم وجَهْل بها، فى الأصحِّ. قال فى «الفائقِ»: يصِحُّ مِنَ النَّائمِ، فى أصحِّ الوَجْهَيْن. وقدَّمه فى الجاهل بها. وصحَّحه فى «التَّلْخيص» ، و «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ» ، فى النَّائمِ. وجزَم به فى «المُغْنِى» ،

ص: 169

وَمَنْ فَاتَهُ ذَلِكَ، فَاتَهُ الْحَجُّ. وَمَنْ وَقَفَ بِهَا نَهَارًا، وَدَفَعَ قَبْلَ

ــ

و «الشَّرْحِ» فيهما. وقيلَ: لا يصِحُّ فيهما. وأطْلَقَهما فى «الحاوِيَيْن» ، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى». وقال فى «الرِّعايَة الكُبْرى»: والأظْهَرُ صِحَّتُه مع النَّوْمِ، دونَ الإِغْماءِ والجَهْلِ. وقال أبو بَكْرٍ فى «التَّنْبِيهِ»: لا يصِحُّ مع الجَهْلِ بها. وتَبِعَه فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، واقْتَصَرَ عليه.

قوله: ومَن فاتَه ذلك، فاتَه الحَجُّ. بلا نِزاعٍ.

قوله: ومَن وقَف بها نهارًا، ودفَع قبلَ غُرُوبِ الشمس، فعليه دَمٌ. هذا المذهبُ،

ص: 170

غُرُوبِ الشَّمْسِ، فعَليْهِ دَمٌ.

ــ

وعليه الأصحابُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، لا دَمَ عليه، كواقِفٍ ليْلًا. ونقَل أبو طالِبٍ، فى مَن نَسِىَ نفَقَتَه بمِنًى، وهو بعَرَفَةَ، يُخْبِرُ (1) الإِمامَ، فإذا أذِنَ له، ذهَب، ولا يَرْجِعُ. قال القاضى: فرَخَّصَ له للعُذْرِ. وعنه، يلْزَمُ مَن دفَع قبلَ الإِمامِ دَمٌ، ولو كان بعدَ الغُروبِ.

(1) فى الأصل، ط:«يخيير» .

ص: 171

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تنبيه: مَحَلُّ وُجوبِ الدَّمِ، إذا لم يَعُدْ إلى المَوْقِفِ قبلَ الغُروبِ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال فى «الإِيضاحِ»: ولم يَعُدْ إلى الموْقِفِ قبلَ الفَجْرِ. وقالَه ابنُ عَقِيل فى «مُفْرَداتِه» . فإنْ عادَ إلى المَوْقِفِ قبلَ الغُروبِ أو قبلَ الفَجْرِ، عندَ مَن يقولُ به، فلا دَمَ عليه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُهم. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: عليه دَمٌ، ولو عادَ مُطْلَقًا. وفى «الواضِحِ» ، ولا عُذْرَ.

ص: 172

وَإنْ وَافَاهَا لَيْلًا فَوَقَفَ بِهَا، فَلَا دَمَ عَلَيْهِ.

ــ

فائدتان؛ إحداهما، يُسْتَحَبُّ الدفْعُ مع الإِمامِ، فلو دفَع قبلَه، ترَك السُّنَّةَ، ولا شئَ عليه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وعنه، واجِبٌ، وعليه بتَرْكِه دَمٌ. اخْتارَه الخِرَقِىُّ. ويأْتى ذلك فى الوَاجِباتِ. الثَّانيةُ، لو خافَ فَوْتَ الوُقوفِ إنْ صلَّى صلاةَ آمِن، فقِيلَ: يُصَلِّى صلاةَ خائفٍ. اخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقيل: تُقَدَّمُ الصَّلاةُ ولو فاتَ الوُقوفُ. قلتُ: وفيه بُعْدٌ، وإنْ كان ظاهِرَ كلامِ الأكْثَرِ. وقيل: يُؤخِّرُ الصَّلاةَ إلى أمْنِه. وهو احْتِمالٌ فى «مُخْتَصَرِ ابنِ تَميمٍ» ، والأوَّلان احْتِمالَان فى «الرِّعايَةِ» . وأطْلقَهُنَّ فى «الفُروعِ» ، و «الرِّعَايَةِ» ، و «ابنِ تَميمٍ» . وتقدَّم ذلك فى آخِرِ بابِ صلاةِ أهْلِ الأَعْذارِ.

قوله: وإنْ وافاها ليلًا فوقَف بها، فلا دمَ عليه. بلا نِزاعٍ.

ص: 173

ثُمَّ يَدْفَعُ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى مُزْدَلِفَةَ، وَعَلَيْهِ السَّكِينَةُ، فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً أَسْرَعَ.

ــ

قوله: ثم يَدْفَعُ بعدَ غُرُوبِ الشَّمْس إلى مُزْدَلِفَةَ، وعليه السَّكِينَةُ. وهذا بلا

ص: 174

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

نِزاعٍ. لكنْ قال أبو حَكِيمٍ: ويكونُ مُسْتَغْفِرًا.

ص: 175

فَإِذَا وَصَلَ مُزْدَلِفةَ، صَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ قَبْلَ حَطِّ الرِّحَالِ.

ــ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 176

وَإنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ فِى الطرَّيقِ، تَرَكَ السُّنَّةَ وَأَجْزَأَهُ.

ــ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 178

وَمَنْ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ مَعَ الإِمَامِ بِمُزْدَلِفَةَ أوْ بِعَرَفَةَ، جَمَعَ وَحْدَه.

ــ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 179

ثُمَّ يَبِيتُ بِهَا، فَإِنْ دَفَعَ قَبْلَ نِصْفِ اللَّيْلِ، فَعَلَيْهِ دَم، وَإنْ دَفَعَ بَعْدَهُ، فَلَا شَىْءَ عَلَيْهِ، وَإنْ وَافَاهَا بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ، فَلَا شَىْءَ عَلَيْهِ، وَإنْ جَاءَ بَعْدَ الْفَجْرِ، فَعَلَيْهِ دَمٌ. وَحَدُّ الْمُزْدَلِفَةِ مَا بَينَ الْمَأْزِمَيْنِ وَوَادِى مُحَسِّرٍ.

ــ

قوله: ثم يَبِيتُ بها، فإنْ دفَع قبلَ نِصْفِ اللَّيْلِ -يعْنى مِن مُزْدَلِفَةَ- فعليه دَمٌ.

ص: 180

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وهذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وعنه، لا يَجِبُ، كرُعَاةٍ وسُقاةٍ. قالَه فى «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه. وقال فى «الفُروعِ»: ويتَخرَّجُ، لا دَمَ عليه،

ص: 181

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مِن ليالِى مِنًى. قالَه القاضى وغيرُه.

تنبيه: وُجوبُ الدَّمِ هنا مُقَيَّدٌ بما إذا لم يَعُدْ إليها ليْلًا، فإنْ عادَ إليها ليْلًا، فلا دَمَ عليه. نصَّ عليه.

ص: 182

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قوله: وإنْ دفَع بعدَه فلا شئَ عليه، وإنْ وافاها بعدَ نِصْفِ اللَّيْلِ، فلا شَئَ عليه، وإنْ جاءَ بعدَ الفجْرِ، فعليه دَمٌ. بلا نِزاعٍ فى ذلك.

ص: 183

فَإِذَا أصْبَحَ بِهَا، صَلَّى الصُّبْحَ، ثُمَّ يَأتِى الْمَشْعَرَ الْحَامَ فَيَرْقَى عَلَيْهِ، أَوْ يَقِفُ عِنْدَه، وَيَحمَدُ اللَّهَ تَعَالَى وَيُكَبِّرُهُ وَيَدْعُو،

ــ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 184

فَيَقُولُ: اللَّهُمَّ كَمَا وَقَّفْتَنَا فِيهِ وَأَرَيْتَنَا إِيَّاهُ، فَوَفِّقْنَا لِذِكْرِكَ كَمَا هَدَيْتَنَا، وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا كَمَا وَعَدْتَنَا بقَوْلِكَ، وَقَوْلُكَ الْحَقُّ:{فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ} ، إِلَى قَوْلِهِ:{غَفُورٌ رَحِيمٌ} إِلَى أَنْ يُسْفِرَ، ثُمَّ يَدْفَعُ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ،

ــ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 185

فَإِذَا بَلَغ مُحَسِّرًا، أَسْرَعَ قَدْرَ رَمْيَةِ حَجَرٍ. وَيَأْخُذُ حَصَى الْجِمَارِ مِنْ طَرِيقِهِ، أوْ مِنْ

ــ

قوله: ويَأْخُذُ حَصَى الجِمارِ مِن طَرِيقه، أو مِن مُزْدَلِفَةَ، ومِن حيث أخَذَه،

ص: 187

مُزْدَلِفَةَ، وَمِنْ حَيْثُ أَخَذَهُ، جَازَ. وَيَكُونُ أَكْبَرَ مِنَ الْحِمَّصِ وَدُونَ الْبُنْدُقِ،

ــ

جازَ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، لكنِ اسْتَحَبَّ بعضُ الأصحابِ أخْذَه قبلَ وُصولِ مِنًى. ويُكْرَهُ مِنَ الحَرَمِ، وتكْسِيرُه أيضًا. قال فى «الفُصُولِ»: ومِنَ الحُشِّ.

ص: 188

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قوله: ويكونُ أكبَرَ مِنَ الحِمَّصِ ودونَ البُنْدُقِ. فيكونُ قَدْرَ حَصَى الخَذْفِ. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» . وقيلَ: يُجْزِئُ حجَرٌ صغيرٌ وكبيرٌ. قالَه فى «الفُروعِ» . وقال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الكافِى» ، وغيرِهم: قال بعضُ أصحابِنا: يُجْزِئُه الرَّمْىُ بالكبيرِ، مع تَرْكِ السُّنَّةِ. قال فى «الفائقِ»: وعنه، لا يُجْزِئُه. نصَّ عليه. قال الزَّرْكَشِىُّ: فإنْ

ص: 189

وَعَدَدُهُ سَبْعُونَ حَصَاةً. فَإِذَا وَصَلَ مِنًى، وَحَدُّهَا مِنْ وَادِى مُحَسِّرٍ إِلَى الْعَقَبَةِ، بَدَأ بِجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، فَرَمَاهَا بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ، وَيَرْفَعُ يَدَهُ حَتَّى يُرَى بَيَاضُ إِبْطِهِ، وَلَا يَقِف عِنْدَهَا.

ــ

خالَفَ ورَمَى بحجَرٍ كبيير، أجْزأَه، على المَشْهورِ؛ لوُجودِ الحَجَرِيَّةِ. وعنه، لا يُجْزِئُه. وكذا القوْلان فى الصَّغيرِ.

قوله: وعَدَدُه سَبْعُون حَصاةً. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ، فيَرْمِى كلَّ

ص: 190

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

جَمْرَةٍ بسَبْع حَصَياتٍ. على ما يأْتى بَيانُه. وعنه، عدَدُه سِتُّون حَصاةً، فيَرْمِى كلَّ جَمْرَةٍ بسِتَّةٍ. وعنه، عدَدُه خَمْسون حَصاةً، فيَرْمِى كلَّ جَمْرَةٍ بخَمْسَةٍ. ويأْتِى ذلك أيضًا فى أثْناءِ البابِ، عندَ قولِه: وفى عدَدِ الحَصَى رِوايَتان.

تنبيه: ظاهِرُ قولِه: بدَأ بجَمْرَةِ العَقَبَةِ، فرَماها بسَبْع حَصَياتٍ، واحِدَةً بعدَ واحِدَةٍ. أنَّه لو رَماها دَفْعَةً واحِدَةً، لم يصِحَّ. وهو صحيحٌ، وتكونُ بمَنْزِلَةِ حَصاةٍ واحِدةٍ. ولا أعلمُ (1) فيه خِلافًا، وَيُؤَدَّبُ على هذه الفِعْلَةِ. نقَلَه الأَثْرَمُ، عنِ الإِمامِ أحمدَ.

فوائد؛ منها، يُشْترَطُ أنْ يعْلَمَ حُصولَ الحَصَى فى المَرْمَى. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: يكْفِى ظَنُّه. جزَم به جماعةٌ مِنَ الأصحابِ. وذكَر ابنُ البَنَّا رِوايَةً فى «الخِصالِ» ، أنَّه يُجْزِئُ مع الشَّكِّ أيضًا. وهو وَجْهٌ فى «المُذْهَبِ» وغيرِه. ومنها، لو وضَعَها بيَدِه فى المَرْمَى، لم يُجْزِئْه، قوْلًا واحِدًا. ومنها، لو طرَحَها فى المَرْمَى طرْحًا، أَجْزَأَه. على الصَّحيحِ منَ المذهبِ. جزَم به فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، وغيرِهما. وقدَّمه فى «الفُروعِ» . وظاهِرُ «الفُصُولِ» ، أنه لا

(1) فى الأصل، ط:«يشترط» .

ص: 191

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يُجْزِئُه؛ لأنَّه لم يَرْمِ بها. ومنها، لو رَمَى حَصاةً، فالْتَقَطها طائرٌ قبلَ وُصولِها، لم تُجْزِئْه. قلتُ: وعلى قِياسِه، لو رَماها فذَهَب بها رِيحٌ عنِ المَرْمَى قبلَ وُصولِها إليه. ومنها، لو رَماها، فوَقعَتْ على موْضِع صُلْبٍ فى غيرِ المَرْمَى، ثم تدَحْرجَتْ إلى المَرْمَى، أو وقعَتْ على ثَوْبِ إنْسانٍ، ثم طارَتْ، فوقَعَتْ فى المَرْمَى، أجْزأَتْه.

ص: 192

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ومنها، لو نفَضَها مَن وقعَتْ على ثَوْبِه، فوَقعَتْ فى المَرْمَى، أجْزأتْه. نصَّ عليه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، و «المُذْهَبِ» . واخْتارَه أبو بَكْرٍ. وجزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخيصِ». وقال ابنُ عَقِيلٍ: لا تُجْزِئُه؛ لأن حُصولَها فى المَرْمَى بفِعْلِ الثَّانى. قال فى «الفُروعِ» : وهو أظْهَرُ. قلتُ: وهو

ص: 193

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الصَّوابُ. وظاهِرُ «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، إطْلاقُ الخِلافِ.

قوله: ويُكَبِّرُ مع كلِّ حَصاةٍ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قال فى «التَّلْخيصِ»: يُكَبِّرُ بدَلًا عنِ التَلْبِيَةِ. ونقَل حَرْبٌ، يَرْمِى، ثم يُكَبِّرُ، ويقولُ: اللَّهُمَّ اجْعَلْه حَجًّا مَبْرُورًا، وذَنبًا مغْفُورًا، وسَعْيًا مشْكُورًا. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الإِفادَاتِ» ، و «الحاوِيَيْن»: يُكبِّرُ مع كلِّ حَصاةٍ، ويقولُ: أُرْضِى الرَّحْمَنَ، وأُسْخِطُ الشَّيْطانَ.

قوله: ويَرْفَعُ يَدَه -يَعْنِى الرَّامِىَ بها، وهى اليُمْنَى- حتى يُرَى بَياضُ إبْطِه. ذكَر ذلك أكثرُ الأصحابِ. ولم يَذْكُرْه آخَرون.

ص: 194

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فائدتان؛ إحداهما، يُسْتَحَبُّ أنْ يسْتَبْطِنَ الوادِىَ، فيَسْتَقْبِلَ، القِبْلَةَ، كما ذكَرَه المُصَنِّفُ بعدَ ذلك، ويَرْمِىَ على حاجِبِه الأيمَنِ، وله رَمْيُها مِن فوْقِها. الثَّانيةُ، يُسْتَحَبُّ أنْ يَرْمِيَها وهو ماشٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهَبِ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» . قال فى «الرِّعايَتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن»: يرْمِيها ماشِيًا. وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما: يَرْمِيها راجِلًا وراكِبًا وكيْفما شاءَ؛ لأنَّ النبىَّ صلى الله عليه وسلم رمَاها وهو على راحِلَتِه، وكذلك

ص: 195

وَيَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ مَعَ ابْتِدَاءِ الرَّمْىِ.

ــ

ابنُ عُمَرَ، [وكذا ابنُ عَمْرٍو](1)، رَمَيا سائِرَها ماشِيَيْن. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: وفى هذا بَيانٌ للتَّفْريقِ بينَ هذه الجَمْرَةِ وغيرِها. ومالَا إلى أنَّه يَرْمِيها راكِبًا. قال فى «الفُروعِ» : يَرْمِيها راكِبًا، إنْ كان، والأكثرُ ماشِيًا. نصَّ عليه.

قوله: ويَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ مع ابْتِداءِ الرَّمْى. هكذا قال الإِمامُ أحمدُ: يُلَبِّى حتى يَرْمِى جَمْرَةَ العَقَبَةِ، يقْطَعُ التَّلْبِيَةَ عندَ أوَّلِ حَصاةٍ. وجزَم به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ،

(1) سقط من: ط.

ص: 196

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه» ، و «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. [وقال ابنُ نَصْرِ اللَّه فى «حَواشِى الفُروعِ»: ونقَلَه النَّوَوِى فى «شَرْحِ مُسْلِمٍ» ، عن أحمدَ، أنَّه لا يقْطَعُ التَّلْبِيَةَ، حتى يَفْرَغَ مِن جَمْرَةِ العَقَبَةِ] (1). وتقدَّم آخِرَ البابِ

(1) زيادة من: ش.

ص: 197

فَإِنْ رَمَى بِذَهَبٍ، أو فِضَّةٍ، أو غَيْرِ الْحَصَى، أو حَجَرٍ قَدْ رُمِىَ بِهِ مَرَّةً، لَمْ يُجْزِئْهُ.

ــ

الذى قبلَه، وَقتُ قطْعِ التَّلْبِيَةِ إذا كان مُتَمَتِّعًا.

قوله: فإنْ رمَى بذَهَبٍ، أو فِضةٍ، أو غَيْرِ الحَصَى، أو بحَجَرٍ رُمِىَ به، لم يُجْزِئْه. إذا رمَى بذَهَبٍ أو فِضةٍ، لم يُجْزِئْه، قوْلًا واحدًا. وإذا رمَى بغيرِ الحَصَى، لم يُجْزِئْه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. فلا يُجْزِئُ بالكُحْلِ، والجواهرِ المُنْطَبِعَةِ، والفَيْروزَجِ، والياقُوتِ، ونحوِه. وعنه، يُجْزِئُه بغيرِه مع الكراهَةِ.

ص: 198

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وعنه، إنْ كان بغيرِ قَصْدٍ، أجْزأَه.

تنبيه: شمِلَ قولُه: الحَصَى. الحَصَى الأَبْيَضَ والأسْوَدَ، والكَذَّانَ، والأَحْمَرَ؛ مِنَ المَرْمَرِ، والبَرامِ، والمَرْوِ، وهو الصَّوَّانُ، والرُّخامِ، وحَجرِ المِسَنِّ، وغيرِها. وهو صَحيحٌ، وهو المذهبُ. وقدَّمه فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ، وابنُ رَزِين فى «شَرْحِه» ، وهو الصَّوابُ. وعنه، لا يُجْزِئُ غيرُ الحجَرِ المَعْهودِ، فلا يُجْزِئُ الرَّمْىُ بحَجَرِ الكُحْلِ والبَرامِ والرُّخامِ والمِسَنِّ ونحوِها. اخْتارَه القاضى وغيرُه. وقال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه جماعةٌ. قلتُ: جزَم به فى «الهِدايَةِ» ، و «الخُلاصَةِ» . وصحَّحه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى» . وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخيصِ» . وأطْلقَهما فى «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ». وقال فى «الفُصُولِ»: إنْ رمَى بحَصَى المَسْجِدِ، كُرِهَ وأجْزأَ، إلَّا أنَّ الشَّرْعَ نهَى عن إخْراجِ تُرابِه. قال فى «الفُروعِ»: فدَلَّ على أنَّه

ص: 199

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لو تَيَمَّمَ، أجْزَأَ، وأنَّه يَلْزَمُ مِن مَنْعِه المَنْعُ هنا. وأمَّا إذا رمَى بما رُمِىَ به، فإنَّه لم يُجْزِئْه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وقيل: يُجْزِئُ. واخْتارَه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» . وقال فى «النَّصِيحَةِ» : يُكْرَهُ الرَّمْىُ مِنَ الجِمارِ، أو مِنَ المَسْجِدِ، أو من مَكانٍ نَجِسٍ.

فوائد؛ الأُولَى، لا يُجْزِئُ؛ الرَّمْىُ بحَصًى نَجِسٍ. على الصَّحيحِ. اخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه». قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى»: ولا يُجْزِئُ بنَجِسٍ فى الأصحِّ. قال فى «الفائقِ» : وفى الإِجْزاءِ بنَجِسٍ وَجْهٌ. فظاهِرُه، أنَّ المُقَدَّمَ، عدَمُ الإِجْزاءِ. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» . وهو احْتِمال فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» . والوَجْهُ الثَّانِى، يُجْزِئُ. وقدَّمه فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» . وهو المذهبُ، على ما اصْطَلَحْناه. وهذَان الوَجْهان ذكَرَهما القاضى. وأطْلقَهما فى «الفُروعِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «الزَّرْكَشِىِّ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «الحاوِيَيْن» . الثَّانيةُ، لو رَمَى بخاتَمِ فِضَّةٍ فيه حَجَرٌ، ففى الإِجْزاءِ وَجْهان. وأطْلقَهما فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ؛ أحدُهما، لا يُجْزِئُ؛ لأنَّ الحَجَر تَبَعٌ. قلتُ: وهو الصَّوابُ. والوَجْهُ الثَّانى، يُجْزِئُ. صحَّحه فى «الفُصُولِ» . الثَّالثةُ، لا يُسْتَحَبُّ غَسْلُ الحصَى. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وإحْدَى الرِّوايتَيْن. وصحَّحه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفائقِ» . والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، يُسْتَحَبُّ. صحَّحه فى «الفُصُولِ» ، و «الخُلاصَةِ» . وقطَع

ص: 200

وَيَرْمِى بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، فَإِنْ رَمَى بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ، أَجْزَأَهُ.

ــ

به الخِرَقِىُّ، وابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» ، وصاحِبُ «المُنَوِّرِ» . وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «شَرْحِ ابنِ رَزِينٍ» . وأطْلقَهما فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفُروعِ» ، و «الزَّرْكَشِىِّ» .

قوله: ويَرْمِى بعدَ طُلوعِ الشَّمْسِ -بلا نِزاعٍ. وهو الوَقْتُ المُسْتَحَبُّ للرَّمى- فإنْ رمَى بعدَ نِصْفِ اللَّيْلِ، أجْزَأه. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ مُطْلَقًا،

ص: 201

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، لا يُجْزِئُ إلَّا بعدَ الفَجْرِ. وقال ابنُ عَقِيلٍ: نصُّه، للرُّعاةِ خاصَّةً الرَّمْىُ ليْلًا. نقَلَه ابنُ مَنْصُور. وذكَر جماعة مِنَ الأصحابِ، أنَّه يُسَنُّ رَمْيُها بعدَ الزَّوالِ. قلتُ: وهذا ضعيفٌ مُخالِفٌ لفِعْلِه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ.

فائدة: إذا لم يَرْمِ حتى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، لم يَرْمِ إلَّا مِنَ الغَدِ بعدَ الزَّوالِ، ولا يقِفُ.

ص: 202

ثُمَّ يَنْحَرُ هَدْيًا، إِنْ كَانَ مَعَهُ، وَيَحْلِقُ أوْ يُقَصِّرُ مِنْ جَمِيعِ شَعَرِهِ. وَعَنْهُ، يُجْزِئُهُ بَعْضُهُ، كَالْمَسْحِ.

ــ

قوله: ثم يَحْلِقُ، أو يُقَصِّرُ من جَميعِ شَعَرِه. إنْ حلَق رأْسَه، [اسْتُحِبَّ له](1)

(1) سقط من: الأصل، ط.

ص: 203

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أنْ يبْدَأَ بشِقِّ رأسِه الأَيْمَنِ، ثم بالأَيْسَرِ؛ اقْتِداءً بالنَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، ويُسْتَحَبُّ أنْ يَسْتَقْبِلَ القِبْلَةَ. وذكَر جماعةٌ، ويدْعُو وَقْتَ الحَلْقِ. وقال المُصَنِّفُ، وتَبِعَه الشَّارِحُ

ص: 204

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وغيرُه: يُكَبِّرُ وقْتَ الحَلْقِ؛ لأنَّهُ نُسُكٌ.

ص: 205

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فائدة: الأَوْلَى أنْ لا يُشارِطَ الحلَّاقَ على أجْرَتِه؛ لأنَّه نُسُكٌ. قالَه أبو حَكيمٍ. واقْتَصرَ عليه فى «الفُروعِ» . قال أبو حَكِيمٍ: ثم يُصَلِّى رَكْعَتَيْن. وأمَّا إنْ قَصَّرَ، فيكونُ مِن جميعِ رَأْسِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: لا مِن كُلِّ شَعَرَةٍ. قلتُ: هذا لا يُعْدَلُ عنه، ولا يَسَعُ النَّاسَ غيرُه. وتقْصيرُ كلِّ الشَّعَرِ، بحيثُ لا يَبْقَى ولا شَعَرَةٌ، مُشِقٌّ جِدًّا. قال الزَّرْكَشِىُّ: لا يجِبُ التَّقْصيرُ مِن كلِّ شَعَرَةٍ؛ لأنَّ ذلك لا يُعْلَمُ إلَّا بحَلْقِه. وعنه،

ص: 206

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يُجْزِئُ حَلْقُ بعضِه. وكذا تقْصِيرُه. وظاهِرُ كلامِه فى «الفُروعِ» ، أنَّ محَلَّ الخِلافِ فى التَّقْصيرِ فقط. فعلى هذه الرِّوايَةِ، يُجْزِئُ تَقْصيرُ ما نزَل عن رَأْسِه؛ لأنَّه مِن شَعَرِه، بخِلافِ المَسْحِ؛ لأنَّه ليس رأْسًا. ذكَرَه فى «الخِلافِ» ، و «الفُصُولِ» .

تنبيه: شَمِلَ كلامُ المُصَنِّفِ الشَّعَرَ المَضْفُورَ والمَعْقُوصَ والمُلَبَّدَ وغيرَها.

ص: 207

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ فى المُلَبَّدِ والمَضْفُورِ والمَعْقُوصِ، ليُحْلَقْ. قال القاضى فى «الخِلافِ» وغيرِه: لأنَّه لا يُمْكِنُه التَّقْصِيرُ منه كلِّه. قلتُ: حيثُ امْتنَعَ التَّقْصيرُ منه كلِّه، على القوْلِ به، تعَيَّنَ الحَلْقُ. ولهذا قال فى «الفائقِ»: ولو كان مُلَبَّدًا، تعَيَّنَ الحَلْقُ، فى المَنْصُوصِ،

ص: 208

وَالْمَرْأَةُ تُقَصِّرُ مِنْ شَعَرِهَا قَدْرَ الأُنْمُلَةِ.

ــ

وقال الشَّيْخُ، يعْنِى به المُصَنِّفَ: لا يتَعَيَّنُ. واخْتارَه الشَّارِحُ. وقال الخِرَقِىُّ فى العَبْدِ: يُقَصِّرُ. قال جماعَةٌ مِن شُرَّاحِه: يُريدُ أنَّه لا يحْلِقُ إلَّا بإذْنِه؛ لأنَّه يزيدُ فى قِيمَتِه، منهم الزَّرْكَشِىُّ. قال فى «الوَجيزِ»: ويُقَصِّرُ العَبْدُ قدْرَ أُنْمُلَةٍ، ولا يحْلِقُ إلَّا بإذْنِ سيِّدِه.

قوله: والمرأةُ تُقَصِّرُ مِن شَعَرِها قَدْرَ الأُنْمُلَةِ. يعْنِى، فأقَلَّ. وهذا المذهبُ.

ص: 209

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقال ابنُ الزَّاغُونِىِّ فى «مَنْسَكِه» : يَجبُ تقْصِيرُ قَدْرِ الأُنْمُلَةِ. قال جماعةٌ مِنَ الأصحابِ: المُسِنَّةُ لها أُنْمُلَةٌ، ويجوزُ أقَلُّ منها.

فائدتان؛ إحداهما، يُسْتَحَبُّ له أيضًا أخْذُ أظْفارِه وشارِبِه. وقال ابنُ عَقِيلٍ

ص: 210

ثُمَّ قَدْ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَىْءٍ إلَّا النِّسَاءَ. وَعَنْهُ، إلَّا الْوَطْءَ فِى الْفَرْجِ.

ــ

وغيرُه: ولِحْيَتِه. الثَّانيةُ، لو عَدِمَ الشَّعَرَ، اسْتُحِبَّ له إمْرارُ المُوسَى. قالَه الأصحابُ. وقالَه أبو حَكِيمٍ فى خِتانِه. قلتُ: وفى النَّفْسِ مِن ذلك شئٌ، وهو قرِيبٌ مِنَ العَبَثِ. وقال القاضى: يأْخُذُ مِن شارِبِه عن حَلْقِ رأْسِه. ذكَرَه فى «الفائقِ» .

قوله: ثم قد حَلَّ له كُلُّ شئٍ إلَّا النِّساءَ. هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه فى رِوايَةِ جماعَةٍ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه

ص: 211

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ» : اخْتارَه أكثرُ الأصحابِ. قال القاضى، وابنُه، وابنُ الزَّاغُونِىِّ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وجماعَةٌ: إلَّا النِّساءَ،

ص: 212

وَالْحِلَاقُ وَالتَّقْصِيرُ نُسُكٌ، إِنْ أخَّرَهُ عَنْ أَيَّامِ مِنًى، فَهَلْ يَلْزَمُهُ دَمٌ؟

ــ

وعَقْدَ النِّكاحِ. [قال ابنُ نَصْرِ اللَّهِ فى «حَواشِيه»: وهو الصَّحيحُ](1). وظاهِرُ كلامِ أبى الخَطَّابِ، وابنِ شِهَابٍ، وابنِ الجَوْزِىِّ، حِلُّ العَقْدِ. وقالَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، وذكَرَه عن أحمدَ. وعنه، إلَّا الوَطْءَ فى الفَرْجِ.

قوله: والحِلاقُ والتَّقْصِيرُ نُسُكٌ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، فيَلْزَمُه فى تَرْكِه دَمٌ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: هما نُسُكٌ فى الحَجِّ والعُمْرَةِ، فى ظاهرِ المذهبِ.

(1) سقط من: الأصل، ط.

ص: 213

عَلَى رِوَايَتَيْنِ. وَعَنْهُ، أنَّهُ إِطْلَاقٌ مِنْ مَحْظُورٍ، لَا شَىْءَ فِى تَرْكِهِ. وَيَحْصُلُ التَّحَلُّلُ بِالرَّمْى وَحْدَهُ.

ــ

قال فى «الكافِى» : هذا أصحُّ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المَشْهورُ والمُخْتارُ للأصحابِ مِنَ الرِّوايتَيْن. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، أنَّه إطْلاقٌ مِن مَحْظورٍ، لا شئَ فى تَرْكِه، ويَحْصُلُ التَّحَلُّلُ بالرَّمْى وحدَه. [قدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه»](1). وأطْلقَهما فى «المُذْهَبِ» ، و «الحاوِيَيْن» . ونقَل مُهَنَّا فى مُعْتَمِرٍ ترَك الحِلاقَ أو التَّقْصيرَ، ثم أحْرَمَ بعُمْرَةٍ،

(1) سقط من: الأصل، ط.

ص: 214

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الدَّمُ كثيرٌ، عليه أقَلُّ مِن دَمٍ. فعلى المذهبِ، فِعْلُ أحَدِهما واجِبٌ، وعليه، الثَّانِيَةُ غيرُ واجِبٍ.

ص: 215

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قوله: إنْ أخَّرَه عن أيامِ مِنًى، فهلْ يَلْزَمُه دَمٌ؟ على رِوايتَيْن. يعْنِى إذا قُلْنا: إنَّهما نُسُكٌ. وأطْلقَهما فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الكافِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفائقِ» ؛ إحداهما، لا دَمَ عليه. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ» . واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» . وجزَم به فى «المُحَرَّر» ، و «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ». [قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه»: وهو أولَى] (1). والوجه الثَّانى، عليه دَمٌ بالتَّأْخيرِ.

تنبيه: قولُه: وإنْ أخَّرَه عن أيَّامِ مِنًى. الصَّحيحُ، أنَّ محَلَّ الرِّوايتَيْن إذا أخَّرَه عن أيَّام مِنًى، كا قال المُصَنِّفُ هنا. وقدَّمه فى «الفُروعِ» . وجزَم به فى «الهِدايَةَ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ،

(1) سقط من: الأصل، ط.

ص: 216

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «الخُلاصَةِ» . وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: إنْ أخَّرَه عن أيَّامِ النَّحْرِ. فمَحَلُّ الرِّوايتَيْن عندَهما، إنْ أخَّرَه عنِ اليومِ الثَّانى مِن أيَّامِ مِنًى. وجزَم به فى «الكافِى» .

تنبيه: قولُه بعدَ الرِّوايَةِ: ويَحْصُلُ التَّحَلُّلُ بالرَّمْى وحدَه. يَحْتَمِلُ أنْ يكونَ مِن تَتِمَّةِ الرِّوايَةِ، فيَحْصُلُ التَّحَلُّلُ بالرَّمْى وحدَه، على قوْلِنا: الحِلاقُ إطْلاقٌ مِن مَحْظُورٍ. لا على قوْلِنا: هو نُسُكٌ. ويُؤَيِّدُه قوْلُه قبلُ: ثم قد حَلَّ له كلُّ شئٍ إلَّا النِّساءَ. لأنَّ ظاهِرَه، أنَّ التَّحَلُّلَ إنَّما يحْصُلُ بالرَّمْى والحَلْقِ معًا؛ لأنَّه ذكَر التَّحَلُّلَ بلَفْظِ «ثُمَّ» بعدَ ذِكْرِ الرَّمْى والحَلْقِ ويَحْتَمِلُ أنَّه كلامٌ مُسْتقِلٌّ بنَفْسِه، وأنَّ التَّحَلُّلَ يحْصُلُ بالرَّمْى وحدَه. وهو رِوايَةٌ عن أحمدَ. واعلمْ أنَّ التَّحَلُّلَ الأوَّلَ يحْصُلُ بالرَّمْى وحدَه، أو يَحْصُلُ باثْنَيْن مِن ثلَاثةٍ؛ وهى الرَّمْىُ، والحَلْقُ، والطَّوافُ.

ص: 217

فَإِنْ قَدَّمَ الْحَلْقَ عَلَى الرَّمْى أَوِ النَّحْرِ، جَاهِلًا أَوْ نَاسِيًا، فَلَا شَىْءَ

ــ

فيه رِوايَتان عن أحمدَ؛ إحداهما، لا يحْصُلُ إلَّا بفِعْلِ اثْنَيْن مِنَ الثَّلَاثَةِ المذْكُورَةِ، ويحْصُلُ التَّحَلُّلُ الثَّانى بالثَّالثِ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. قال فى «الفُروعِ»: اخْتارَه الأكثرُ. قال فى «الكافِى» : قاله أصحابُنا. وهو مُوافِقٌ للاحْتِمالِ الأوَّلِ. وهو ظاهِرُ ما جزَم به فى «المُحَرَّرِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، وغيرِهم. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يحْصُلُ التَّحلُّلُ بواحدٍ مِن رَمْى وطَوافٍ، ويحْصُلُ التحَلُّلُ الثَّانى بالباقِى. وأطْلقَهما فى «الفُروعِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، وغيرِهم. فعلى الرِّوايَةِ الثَّانيةِ، الحَلْقُ إطْلاقٌ من مَحْظُورٍ. على الصَّحيحِ. وقال القاضى فى «التَّعْليقِ»: بل نُسُكٌ، كالمَبِيتِ بمُزْدَلِفَةَ، والرَّمْى فى اليَوْمِ الثَّانى والثَّالثِ. واخْتارَ المُصَنِّفُ أنَّ الِحَلْقَ نُسُكٌ، ويَحِلُّ قبلَه. قال ابنُ مُنَجَّى: وفيه نظَرٌ. وذكَر جماعَةٌ على القوْلِ بأنَّه نُسُكٌ، فى جَوازِ حِلِّه قبلَه رِوايَتان. وفى «مَنْسَكِ ابنِ الزَّاغُونِىِّ» ، إنْ كان ساقَ هَدْيًا واجِبًا، لم يحِلَّ هذا التَّحَلُّلَ إلَّا بعدَ الرَّمْى والحَلْقِ والنَّحْرِ والطَّوافِ، فيَحِلُّ الكُلُّ. وهو التَّحَلُّلُ الثَّانى.

قوله: وإنْ قَدَّمَ الحَلْقَ على الرَّمْى أو النَّحْرِ، جَاهِلًا أو ناسِيًا، فلا شئَ عليه.

ص: 218

عَلَيْهِ. وَإنْ كَانَ عَالِمًا، فَهَلْ يَلْزَمُهُ دَمٌ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.

ــ

وكذا لو طافَ للزِّيارَةِ أو نحرَ قبلَ رَمْيِه. وإنْ كان عالِمًا، فهل عليه دمٌ؟ على رِوايتَيْن. وأطْلقَهما فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الكافِى» ، و «الهادِى» ، و «المُغْنِى» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم؛ إحداهما، لا دَمَ

ص: 219

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

عليه، ولكن يُكْرَه فِعْلُ ذلك. وهو المذهبُ، نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «المُحَرَّرِ» ، و «الوَجِيزِ» ، وغيرِهما. وقدَّمه فى «الفُروعِ» ،

ص: 220

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، وغيرِهم. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ» وغيرِه. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» وغيرُه. والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، [عليه دَمٌ. نقَلَها أبو طالِبٍ وغيرُه. وأطْلقَ ابنُ عَقِيلٍ هذه الرِّوايَةَ](1). وظاهِرُها، يَلْزَمُ

(1) سقط من: الأصل، ط.

ص: 221

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الجاهِلَ والنَّاسِىَ دَمٌ أيضًا، وظاهِرُ نقْلِ المَرُّوذِىِّ، يَلْزَمُه صَدَقَةٌ.

ص: 222

ثُمَّ يَخْطُبُ الإِمَامُ خُطْبَةً، يُعَلِّمُهُمْ فِيهَا النَّحْرَ وَالإفَاضَةَ وَالرَّمْىَ.

ــ

قوله: ثم يخْطُبُ الإِمامُ خُطْبةً. يعْنِى، يخْطُبُ يومَ النَّحْرِ بمِنًى خُطْبةً؛

ص: 223

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يُعلمُهم فيها النَّحْرَ والإِفاضةَ والرَّمْى. وهذا المذهبُ، نصَّ عليه. وجزَم به فى «المُنَوِّرِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، ونَصَراه. وصحَّحه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، وغيرِهما. قال جماعةٌ مِنَ الأصحابِ: تكونُ بعدَ صَلاةِ الظُّهْرِ. قلتُ: الأَوْلَى أنْ تكونَ بُكْرَةَ النَّهارِ؛ حتى يُعلمَهم الرَّمْىَ والنَّحْرَ والإِفاضَةَ. وعنه، لا يخْطُبُ. نصَرَه القاضى. قال المُصنِّفُ، والشَّارِحُ: وذكَر بعضُ أصحابِنا، أنَّه لا يخْطُبُ يَوْمَئذٍ. وهو ظاهِرُ كلامِه فى «الوَجِيزِ» . وجزَم به فى «التَّلْخيصِ» .

فائدة: قال فى «الرِّعايَةِ» : يفْتَتِحُها بالتَّكْبيرِ.

فائدة أخرى: إذا أتَى المُتَمَتِّعُ مكَّةَ، طافَ للقُدومِ. نصَّ عليه، كعُمْرَتِه. وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وكذا المُفْرِدُ والقارِنُ. نصَّ عليه، ما لم يكُونَا دخَلَا مكَّةَ قبلَ يومِ النَّحْرِ، ولا طافَا طَوافَ القُدومِ. وعليه الأصحابُ وقيلَ: لا يطوفُ للقُدومِ

ص: 224

ثُمَّ يفيضُ إلَى مَكَّةَ، وَيَطُوفُ لِلزِّيَارَةِ، وَيُعَيِّنُهُ بِالنِّيَّةِ؛ وَهُوَ الطَّوَافُ الْوَاجِبُ الَّذِى بِهِ تَمَامُ الْحَجِّ.

ــ

أحَدٌ منهم. اخْتارَه المُصَنِّفُ، ورَدَّ الأوَّلَ. وقال: لا نعلمُ أحدًا وافقَ أبا عَبْدِ اللَّهِ على ذلك. قال فى «القاعِدَةِ الثَّامِنةَ عَشَرَةَ» : وهو الأصَحُّ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: ولا يُسْتَحَبُّ للمُتَمَتِّعِ أنْ يطُوفَ طَوافَ القُدومِ بعدَ رُجوعِه مِن عَرَفَةَ، قبلَ الإفاضَةِ. وقال: وهذا هو الصَّوابُ.

ص: 225

وَأَوَّلُ وَقْتِهِ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ مِنْ لَيْلَةِ النَّحْرِ، وَالْأَفْضَلُ فِعْلُهُ يَوْمَ النَّحْرِ، فَإِنْ أَخَّرَهُ عَنْهُ وَعَنْ أَيَّامِ مِنًى، جَازَ.

ــ

قوله: ووَقْتُه، بعدَ نِصْفِ اللَّيْلِ مِن ليلَةِ النَّحْرِ. يعْنِى، وقْتَ طَوافِ الزِّيارَةِ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، وَقْتُه مِن فَجْرِ يومِ النَّحْرِ.

ص: 227

ثُمَّ يَسْعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، إِنْ كَانَ مُتَمَتِّعًا، أوْ لَمْ يَكُنْ سَعَى

ــ

قوله: فإنْ أخَّرَه عنه وعن أيامِ مِنًى، جازَ. وهذا بلا نِزاعٍ، ولا يَلْزَمُه دَمٌ إذا أخَّرَه عن يومِ النَّحْرِ وأيَّامِ مِنًى. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقال فى «الواضحِ»: عليه دَمٌ إذا أخَّرَه عن يَوْمِ النَّحْرِ لغيرِ عُذْرٍ. وخرَّجَ القاضى وغيرُه رِوايَةً بوُجوبِ الدَّمِ إذا أخَّرَه عن أيَّامِ مِنًى.

فائدة: لو أخَّرَ السَّعْىَ عن أيَّام مِنًى، جازَ، ولا شئَ عليه. ووَجَّهَ فى «الفُروعِ» ممَّا خرَّجه فى الطَّوافِ، مِثْلَه فى السَّعْى.

قوله: ثم يَسْعَى بينَ الصَّفا والمرْوَةِ، إنْ كان مُتَمَتِّعًا. هذا المذهبُ، وعليه

ص: 228

مَعَ طَوَافِ الْقُدُومِ، وَإنْ كَانَ قَدْ سَعَى، لَمْ يَسْعَ.

ــ

الأصحابُ، ونصَّ عليه. وعنه، يكْتَفِى بسَعْى عُمْرَتِه. اخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. وأطْلقَهما فى «الفائقِ» .

قوله: أو لم يَكُنْ سَعَى مع طوافِ القُدومِ، فإنْ كان قد سَعَى، لم يَسْعَ. هذا المذهبُ. وذكَر فى «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه رِوايَةً، بأنَّ القارِنَ يَلْزَمُه سعْيان؛ سَعْىٌ عندَ طَوافِ القُدومِ، وسَعْىٌ عندَ طَوافِ الزِّيارَةِ.

فائدتان؛ إحداهما، إذا قُلْنا: السَّعْىُ فى الحَجِّ رُكْنٌ. وجَب عليه فِعْلُه بعدَ طوَافِ الزِّيارَةِ، إنْ كان مُتَمَتِّعًا، أو مُفْرِدًا، أو قارِنًا، ولم يكُنْ سعَى مع طَوافِ القُدومِ، فإنْ فعَلَه قبلَه عالِمًا، لم يعْتَدَّ به، وأعادَه، رِوايَةً واحدةً. وإنْ كان ناسِيًا، فهل يُجْزِئُه؟ فيه رِوايَتان منْصُوصَتان، ذكَرَهما فى «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه. وصحَّح فى «التَّلْخيصِ» وغيرِه عدَمَ الإِجْزاءِ. وإنْ قُلْنا: السَّعْىُ واجِبٌ، أو سُنَّةٌ. فقال فى «الفُروعِ»: وإنْ قيلَ: السَّعْىُ ليس رُكْنًا. قيل:

ص: 229

ثُمَّ قَدْ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَىْءٍ.

ــ

سُنَّةٌ. وقيل: واجِبٌ. ففى حِلِّه قبلَه وَجْهان. قلتُ: ظاهِرُ كلامِ أكثرِ الأصحابِ، أنَّه يحِلُّ قبلَ السَّعْى؛ لإطْلاقِهم الإحْلالَ بعدَ الطَّوافِ. الثَّانيةُ، قولُه: ثم قد حَلَّ له كلُّ شئٍ. لا يَحِلُّ إلَّا بعدَ طَوافِ الزِّيارَةِ. بلا نِزاعٍ. فلو

ص: 230

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

خرَج مِن مكَّةَ قبلَ فِعْلِه، رجَع حَرامًا حتى يطُوفَ، ولو اسْتمَرَّ، بَقِىَ مُحْرِمًا،

ص: 231

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ويَرْجِعُ متى أمْكَنَه، لا يُجْزِئُه غيرُه. قالَه الأصحابُ.

ص: 232

ثُمَّ يَأْتِى زَمْزَمَ، فَيَشْرَبُ مِنْهَا لِمَا أَحَبَّ، وَيَتَضَلَّعُ مِنْهُ، وَيَقُولُ: بِسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ لَنَا عِلْمًا نَافِعًا، وَرِزْقًا وَاسِعًا، وَرِيًّا وَشِبَعًا، وَشِفَاءً مِنْ كُلِّ دَاءٍ، وَاغْسِلْ بِهِ قَلْبِى، وَامْلأهُ مِنْ خَشْيَتِكَ وَحِكْمَتِكَ.

ــ

قوله: ثم يأْتِى زَمْزَمَ فَيَشْرَبُ منها لِمَا أحَبَّ، ويتَضَلَّعُ منه. بلا نِزاعٍ. وزادَ فى

ص: 235