المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل فى صفة العمرة: - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت التركي - جـ ٩

[المرداوي]

الفصل: ‌فصل فى صفة العمرة:

‌فَصْلٌ فِى صِفَةِ الْعُمْرَةِ:

مَنْ كَانَ فِى الْحَرَمِ، خَرَجَ إِلَى الْحِلِّ، فأَحْرَمَ مِنْهُ،

ــ

لا يَمَسُّونه. نقَل أبو الحارِثِ، يدْنُو منه ولا يتَمسَّحُ به، بل يقُومُ حِذاءَه فيسَلِّمُ. وعنه، يتَمسَّح به. ورخَّص فى المِنْبَرِ. قال ابنُ الزَّاغُونِىِّ وغيرُه: وَلْيَأْتِ المِنْبَرَ، فَيتَبرَّكُ به، تَبَركًا بمَن كان يَرْتَقِى عليه.

قوله فى صِفَةِ العُمْرَةِ: من كان فى الحَرَمِ، خرَج إلى الحِلِّ، فأحْرَمَ منه. الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ إحْرامَ أهْلِ مَكَّةَ، ومَن كان بها مِن غيرِهم، وأهْلِ الحَرَمِ، يصِحُّ بالعُمْرَةِ مِن أدْنَى الحِلِّ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقال ابنُ أبى مُوسى: إنْ كان مَن بمَكَّةَ مِن أهْلِها، وأرادَ عُمْرَةً واجِبَةً، فمِنَ المِيقَاتِ، فلو أحْرَمَ مِن دُونِه، لَزِمَه دَمٌ. وإنْ أرادَ نَفْلًا، فمِن أدْنَى الحِلِّ. انتهى. وتقدَّم ذلك مُسْتَوْفًى فى بابِ المَواقيتِ، فى قوْلِه: وأهْلُ مَكَّةَ إذا أرادُوا العُمْرَةَ، فمِنَ الحِلِّ.

ص: 278

وَالأَفْضَلُ أَنْ يُحْرِمَ مِنَ التَّنْعِيمَ.

ــ

قوله: والأفْضَلُ أنْ يُحْرِمَ مِنَ التَّنْعِيمِ. هذا أحَدُ الوَجْهَيْن. جزَم به فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجِّى» . والوجْهُ الثَّانى، أنَّ الأفْضَلَ أنْ يُحْرِمَ مِنَ الجِعْرَانَةِ. جزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغةِ» ، و «الرِّعايَتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفائقِ». ذكَرُوه فى بابِ المَواقيتِ. وأطْلقَهما فى «الفُروعِ». وقال: ظاهِرُ كلامِ الشَّيْخِ، يعْنِى به المُصَنِّفَ، الكُلُّ سواءٌ، وما أسْتَحْضِرُ كلامَ المُصَنِّفِ هنا، ولعَلَّه أرادَ فى «المُغْنِى» ، أو لم يكُنْ فى النُّسْخَةِ التى عندَه. والأفضَلُ بعدَهما، الحُدَيْبِيَةُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ، التَّسْوِيَةُ. ونقَل صالِحٌ وغيرُه فى المَكِّىِّ، أفْضَلُه البُعْدُ، هى على قَدْرِ تَعَبِها. قال القاضى فى «الخِلافِ»: مُرادُه مِنَ

ص: 279

فَإِنْ أَحْرَمَ مِنَ الْحَرَمِ، لَمْ يَجُزْ، وَيَنْعَقِدُ، وَعَلَيْهِ دَمٌ.

ــ

المِيقاتِ. بَيَّنَه فى رِوايَةِ بَكْرِ بنِ محمدٍ. وقال فى «الرِّعايَةِ» : الأفْضَلُ بعدَ الحُدَيْبِيَةِ، ما بَعُدَ. نصَّ عليه.

تنبيه: قوله: والأفْضَلُ أنُ يُحْرِمَ مِنَ التَّنْعِيمِ. هو فى نُسْخَةٍ مَقْروءَةٍ على المُصَنِّفِ، وعليها شرَح الشَّارِحُ، وابنُ مُنَجَّى. وفى بعضِ النُّسَخِ هذا كلُّه ساقِطٌ.

قوله: فإنْ أحْرَمَ مِنَ الحَرَمِ، لم يَجُزْ -بلا نِزاعٍ- ويَنْعَقِدُ، وعليه دَمٌ. ينْعَقِدُ إحْرامُه مِنَ الحَرَمِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وعليه دَمٌ. وقيلَ: لا يصِحُّ. قال فى «الفُروعِ» : وإنْ أحْرَمَ بالعُمْرَةِ مِن مَكَّةَ أو الحَرَمِ، لَزِمَه دَم، ويُجْزِئُه إنْ خرَج إلى الحِلِّ قبلَ طَوافِها، وكذا بعدَه، كإحْرامِه دُونَ مِيقَاتِ الحَجِّ به، ولَنا قوْلٌ؛ لا. انتهى. وتَابَعَ على ذلك المُصَنِّفَ فى «المُغْنِى». وقال فى «الرِّعايَةِ»: فإنْ أحْرَمَ بها مِنَ الحَرَمِ أو مَكَّةَ، مُعْتَمِرًا،

ص: 280

ثُمَّ يَطُوفُ وَيَسْعَى، ثُمَّ يَحْلِقُ أوْ يُقَصِّرُ، ثُمَّ قَدْ حَلَّ. وَهَلْ يَحِلُّ قَبْلَ الْحَلْقِ وَالتَّقْصِيرِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.

ــ

صحَّ فى الأصحِّ، ولَزِمَه دَمٌ. وقيل: إنْ أحْرَمَ بها مَكِّىِّ مِن مَكَّةَ أو بَقِيَّةِ الحَرَمِ، خرَج إلى الحِلِّ قبلَ طَوافِها، وقيل: قبلَ إتْمامِها. وعادَ فأَتَمَّها، كَفَتْه، وعليه دَمٌ لإِحْرَامِه دُونَ مِيقَاتِها. وإنْ أتَمَّها قبلَ أنْ يَخْرُجَ إليه، ففى إجْزائِها وَجْهان. انتهى. قال الزَّرْكَشِىُّ: فإنْ لم يَخْرُجْ حتى أتَمَّ أفْعالَها، فوَجْهان، المَشْهورُ الإِجْزاءُ. فعلى القَوْلِ بعَدَمِ الصِّحَّةِ، وُجودُ هذا الطَّوافِ كعَدَمِه، وهو باقٍ على إحْرامِه حتى يَخْرُجَ إلى الحِلِّ، ثم يطُوفُ بعدَ ذلك ويَسْعَى، وإنْ حلَق قبلَ ذلك؛ فعليه دَمٌ. وكذلك كل ما فعَلَه مِن مَحْظُوراتِ إحْرامِه، عليه فِدْيَتُه. وإنْ وَطِئَ أفْسَدَ عُمْرَتَه، ويَمْضِى فى فاسِدِها، وعليه دَمٌ، ويَقْضِيها بعُمْرَةٍ مِنَ الحِلِّ، وتُجْزِئُه عنها، وإنْ كانت عُمْرَةَ الإِسْلامِ. قال فى «الرِّعايَةِ»: ويَحْتَمِلُ أنْ يُجْزِئَ بدَمٍ.

قوله: ثم يَطُوفُ ويَسْعَى، ثم يَحْلِقُ أو يُقَصِّرُ، ثم قد حَلَّ. وهل يَحِلُّ قبلَ

ص: 281

وَتُجْزِئُ عُمْرَةُ الْقَارِنِ، وَالْعُمْرَةُ مِنَ التَّنْعِيمِ، عَنْ عُمْرَةِ الإِسْلَامِ فِى أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ.

ــ

الحَلْقِ والتَّقْصِيرِ؟ على رِوَايتَيْن. أصْلُ هاتَيْن الرِّوايتَيْن، الرِّوايَتان اللَّتان فى الحَجِّ، هلِ الحَلْقُ والتَّقْصِيرُ نُسُكٌ أو إطْلاقٌ مِن مَحْظُورٍ؟ على ما تقدَّم. ذكَرَه الشَّارِحُ، وابنُ مُنَجَّى. وتقدَّم أن الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، أنَّه نُسُكٌ. فالصَّحيحُ هنا، أنَّه نُسُكٌ، فلا يَحِلُّ منها [إلَّا بفِعْلِ](1) أحَدِهما. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ» وغيرِه. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. والرِّوايَةُ الثَّانيةُ، أنه إطْلاقٌ مِن مَحْظُورٍ، فيَحِلُّ قبلَ فِعْلِه. وأطْلقَهما فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «التَّلْخيصِ» . ويأْتِى فى وَاجِبَاتِ العُمْرَةِ أن الحِلَاقَ أو التَّقْصِيرَ واجِبٌ، فى إحْدَى الرِّوايتَيْن.

قوله: وتُجْزِئُ عُمْرَةُ القَارِنِ، والعُمْرَةُ مِنَ التَّنْعيم، عَن عُمْرَةِ الإسلامِ، فى، أصحِّ الرِّوايتَيْن. تُجْزِئُ عُمْرَةُ القارِنِ عن عُمْرَةِ الإِسْلامِ. على الصَّحيحِ مِنَ

(1) فى الأصل، ط:«بقول» .

ص: 282

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. والرِّوايَةُ الأُخْرَى، لا تُجْزِئُ عُمْرَةُ القارِنِ عن عُمْرَةِ الإِسْلامِ. اخْتارَه أبو حَفْصٍ، وأبو بَكْرٍ. وأطْلقَهما فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» . وتقدَّم ذلك فى الإِحْرامِ فى صِفَةِ القِرانِ. وأمَّا العُمْرَةُ مِنَ التَّنْعَيمِ، فتُجْزِئُ عن عُمْرَةِ الإِسْلامِ. على الصَّحيحِ مِن المذهبِ. جزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الشَّرْحِ» وغيرِه. والرِّوايَةُ الأُخْرَى، لا تجْزِئُ عن العُمْرَةِ الواجِبَةِ.

ص: 283

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فوائد؛ إحْداها، لا بأْسَ أنْ يَعْتَمِرَ فى السَّنَةِ مِرارًا. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، كراهَةُ الإِكْثارِ منها، والمُوالاةِ بينَها. قال المُصَنِّفُ: باتفاقِ السَّلَفِ. واخْتارَه هو وغيرُه، وقدَّمه فى «الفُروعِ». قال الإِمامُ أحمدُ: إنْ شاءَ كلَّ شَهْرٍ. وقال أيضًا: لابدَّ أنْ يَحْلِقَ أو يُقَصِّر، وفى عشَرَةِ أَيَّامٍ يُمْكِنُ الحَلْقُ. وقيلَ: يُسْتَحَبُّ الإكْثارُ منها. اخْتارَه جماعَةٌ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه ابنُ

ص: 284

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

رَزِينٍ فى «شَرْحِه» . ومَن كَرِهَ أطْلَقَ الكَراهةَ. قال فى «الفُروعِ» : ويتَوجَّهُ أنَّ مُرادَه، إذا عوَّض بالطَّوافِ، وإلَّا لم يُكْرَهْ، خِلافًا لشَيْخِنا، يعْنِى به الشَّيْخَ تَقِىِّ

ص: 285

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الدِّينِ. وقال فى «الفُصُولِ» : له أنْ يَعْتَمِرَ فى السَّنَةِ ما شاءَ، ويُسْتَحَبُّ تَكْرارُها فى رَمَضانَ؛ لأنها تعْدِلُ حَجَّةً. وكَرِهَ الشيْخُ تَقِىُّ الدَّينِ الخُروجَ مِن مَكةَ للعُمْرَةِ إذا كانتْ تطَوُّعًا. وقال: هو بِدْعَةٌ؛ لأنَّه لم يَفْعَلْه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، ولا صَحابىٌّ على عَهْدِه إلَّا عائِشَةَ، لا فِى رَمَضانَ ولا غيرِه اتِّفاقًا. الثَّانيةُ، العُمْرَةُ فى رَمَضانَ أفْضَلُ مُطْلَقًا. قال الإِمامُ أحمدُ: هى فيه تَعْدِلُ حَجَّةً. قال: وهى حَجٌّ

ص: 286

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أصْغَرُ. الثَّالثةُ، الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ العُمْرَةَ فى غيرِ أشْهُرِ الحَجِّ أفْضَلُ مِن فِعْلِها فيها. ذكَرَه القاضى فى «الخِلافِ» . ونقَلَه الأَثْرَمُ، وابنُ إبْراهِيمَ، عن أحمدَ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال: وظاهِرُ كلامِ جماعَةٍ التَّسْوِيَةُ. قلتُ:

ص: 287

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

اخْتارَ فى «الهَدْى» ، أنَّ العُمْرَةَ فى أشْهُرِ الحَجِّ أفْضَلُ، ومالَ إلى أنَّ فِعْلَها فى أشْهُرِ الحَجِّ أفْضَلُ مِن فِعْلِها فى رَمَضانَ. الرَّابعةُ، لا يُكْرَهُ الإِحْرامُ بها يومَ عَرَفَةَ والنَّحْرِ وأيَّامَ التَّشْريقِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نقَل أبو الحارِثِ، يَعْتَمِرُ متى شاءَ. وذكَر بعضُ الأصحابِ رِوايَةً، يُكْرَهُ. قال فى «الفائقِ»: زادَ أبو الحُسَيْنِ، يَوْمَ عَرَفَةَ، فى أصحِّ الرِّوايتَيْن. وذكَر فى «الرِّعايَةِ» ، يُكْرَهُ فى أيَّامِ التَّشْريقِ. وقال: ومَن أحْرَمَ بها قبلَ مِيقاتِها، لم تصِحَّ فى وَجْهٍ.

ص: 288