الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ:
ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى مِنًى، وَلَا يَبِيتُ بِمَكَّةَ لَيَالِىَ مِنًى،
ــ
«التَّبْصِرَةِ» ، ويَرُشُّ على بدَنِه وثَوْبِه.
قوله: ثم يَرْجِعُ إلى مِنًى، ولا يَبِيتُ بمكَّةَ ليالِىَ مِنًى. بلا نِزاعٍ فى الجُمْلَةِ.
ويَرْمِى الْجَمَرَاتِ بِهَا فِى أَيَّامِ التَّشْرِيقِ بعْدَ الزَّوَالِ، كُلَّ جَمْرَةٍ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، فَيَبْدَأُ بِالْجَمْرَةِ الْأُولَى، وَهِىَ أَبْعَدُهُنَّ مِنْ مَكَّةَ، وَتَلِى مَسْجِدَ الْخَيْفِ، فَيَجْعَلُهَا عَنْ يَسَارِهِ، وَيَرْمِيهَا بِسَبْعٍ، ثُمَّ
ــ
ويأْتِى فى الواجِبَاتِ، هل هو واجِبٌ، أم مُسْتَحَبٌّ؟
قوله: ويَرْمِى الجَمَراتِ بها فى أيَّامِ التَّشْرِيقِ بعدَ الزَّوالِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهَبِ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم، ونصَّ عليه. قال ابنُ
يَتَقَدَّمُ قَلِيلًا، فَيَقِفُ يَدْعُو اللَّه وَيُطيلُ، ثُمَّ يَأْتِى الْوُسْطَى فَيَجْعَلُهَا عَنْ يَمِينِهِ، وَيَرْمِيهَا بِسَبْعٍ، وَيَقِفُ عِنْدَهَا فَيَدْعُو، ثُمَّ يَرْمِى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ بِسَبْعٍ، وَيَجْعَلُهَا عَنْ يَمِينِهِ، وَيَسْتَبْطِنُ الْوَادِىَ، وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا، وَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ فِى الْجَمَرَاتِ كُلِّهَا.
ــ
الجَوْزِىِّ فى «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»: إذا رَمَى فى اليَوْمَيْن الأوَّلَيْن مِن أيَّامِ مِنًى قبلَ الزَّوالِ، لم يُجْزِئْه، رِوايةً واحدةً. فأمَّا فى اليَوْمِ الأخيرِ، فيجُوزُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فى إحْدَى الرِّوايتَيْن. انتهى. قال فى «الفُروعِ» : وجوَّزَ ابنُ الجَوْزِىِّ الرَّمْى قبلَ الزَّوالِ. وقال فى «الواضِحِ» : يجوزُ الرَّمْىُ بطُلوعِ الشَّمْسِ، إلَّا ثالِثَ يَوْمٍ. وأطْلقَ فى «مَنْسَكِه» أيضًا، أنَّ له الرَّمْىَ مِن أوَّلِ يوْمٍ، وأنَّه يَرْمِى فى الثَّالثِ كاليوْمَيْن قبلَه، ثم يَنْفِرُ. وعنه، يجوزُ رَمْىُ مُتَعَجِّلٍ قبلَ الزَّوالِ، وَينْفِرُ بعدَه. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، إنْ رَمَى عندَ طُلوعِها مُتَعَجِّلٌ، ثم نفر. كأنَّه لم يَرَ عليه دمًا. وجزَم به الزَّرْكَشِىُّ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فائدة: آخِرُ وَقْتِ رَمْى كلِّ يومٍ، المَغْرِبُ. ويُسْتَحَبُّ الرَّمْىُ قبلَ صلاةِ الظُّهْرِ بعدَ الزَّوالِ.
قوله فى الجَمْرَةِ الثَّانيةِ والثَّالثةِ: يَقِفُ ويَدْعُو. هذا بلا نِزاعٍ. لكنْ قال بعضُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأصحابِ: رافِعًا يدَيْه. ونقَل حَنْبَلٌ، يُسْتَحَبُّ رَفْعُ يدَيْه عندَ الجِمَارِ.
قوله: ثم يَرْمِى جَمْرَةَ العَقَبَةِ بسَبْعٍ، ويجْعَلُها عَن يَمينِه، ويَسْتَبْطِنُ الوَادِىَ، ولا يَقِفُ عندَها، ويَسْتَقْبِلُ القِبْلَةَ فى الجَمَراتِ كُلِّها. قالَه الأصحابُ قاطِبَةً. وقال الزَّرْكَشِىُّ: فيما قالَه الأصحابُ -فى أنَّه يَسْتَقْبِلُ القِبْلَةَ فى جَمْرَةِ العَقَبَةِ- نظَرٌ؛
وَالتَّرتِيبُ شَرْطٌ فِى الرَّمْى. وَفِى عَدَدِ الْحَصَى رِوَايَتَانِ؛ إِحْدَاهُمَا، سَبْعٌ. وَالْأُخْرَى، يُجْزِئُهُ خَمْسٌ.
ــ
إذْ ليس فى الحديثِ ذلك.
قوله: والتَّرتيبُ شَرْطٌ فى الرَّمْى. يعْنِى، أنَّه يُشْتَرَطُ أنْ يَرْمِىَ أوَّلًا الجَمْرَةَ التى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تَلِى مَسْجِدَ الخَيْفِ، ثم بعْدَها الوُسْطَى، ثم العَقَبَةِ. وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. فلو نَكَّسَ، لم يُجْزِئْه. وعنه، يُجْزِئُه مُطْلَقًا. وعنه، يُجْزِئُه مع الجَهْلِ.
قوله: وفى عَدَدِ الحَصَى رِوايَتان؛ إحداهُما، سَبْعٌ. وهى المذهبُ،
فَإِنْ أَخَلَّ بِحَصَاةٍ وَاجِبَةٍ مِنَ الْأُولَى، لَمْ يَصِحَّ رَمْىُ الثَّانِيَةِ. فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مِنْ أَىِّ الْجِمَارِ تَرَكَهَا، بَنَى عَلَى الْيَقِينِ.
ــ
وعليها الأصحابُ. والأخْرَى يُجْزِئُه خَمْسٌ. قال فى «المُغْنِى» (1): والأَوْلَى أنْ لا ينْقُصَ عن سَبْعٍ، فإنْ نقَص حَصاةً أو حَصاتَيْن، فلا بَأْسَ، ولا ينْقُصُ أكثرَ مِن ذلك. نصَّ عليه. وعنه رِوايَةٌ ثالثةٌ، يُجْزِئُه سِتٍّ. وتقدَّم ذلك فى أوَّلِ البابِ، عندَ قوْلِه: وعَدَدُه سَبْعُون حَصاةً.
قوله: فإنْ أخَلَّ بحصاةٍ واجبةٍ مِنَ الأُولَى، لم يَصِحَّ رَمْىُ الثَّانيةِ. وهو
(1) انظر المغنى 5/ 330.
وَإِنْ أَخَّرَ الرَّمْىَ كُلَّهُ، فَرَمَاهُ فِى آخِرِ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ، أَجْزَأَهُ، وَيُرَتِّبُهُ بِنِيَّتِهِ. وَإِنْ أَخَّرَهُ عَنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، أَوْ تَرَكَ الْمَبِيت بِمِنًى فِى لَيَالِيهَا، فَعَلَيْهِ دَمٌ. وَفِى حَصَاةٍ أَوْ لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ مَا فِى حَلْقِ شَعَرِهِ.
ــ
المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يَصِحُّ. وعنه، يصِحُّ مع الجَهْلِ دُونَ غيرِه.
فائدة: قوله: وإنْ أَخَّرَ الرَّمْىَ كلَّه -أى مع رَمْى يومِ النَّحْرِ- فرماه فى آخِرِ أيَّامِ التَّشْريقِ، أجْزَأَ. بلا نِزاعٍ، ويكونُ أداءً. على الصَّحَيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ» . وقالَه القاضى. واقْتَصَر عليه فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ». وقيل: يكونُ قَضاءً. وكذا الحُكْمُ لو أخَّرَ رَمْىَ يومٍ الى الغدِ، رَمَى رَمْيَيْن. نصَّ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عليه، وقالَه الأصحابُ.
قوله: وإنْ أَخَّرَه عن أيَّامِ التَّشْرِيقِ، أو ترَك المبِيتَ بمنًى فى لَيالِيها، فعليه دَمٌ. إذا أخَّرَ الرَّمْىَ عن أيَّامِ التَّشْريقِ، فعليه دَمٌ، ولا يَأْتِى به، كالبَيْتُوتَةِ بمِنًى إذا ترَكَها. وإذا ترَك المبيتَ بمِنًى فى لَيالِيها، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّ عليه دَمًا. نقَلَه حَنْبَلٌ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وقال: اخْتارَه الأكثرُ. وعنه، يتَصَدَّقُ بشئٍ. نقَلَه الجماعَةُ عن أحمدَ. قالَه القاضى. وعنه، لا شئَ عليه. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. وهى مَبْنِيَّةٌ على أنَّ المَبِيتَ ليس بواجِبٍ. على ما يأْتِى فى الوَاجباتِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قوله: وفى حَصَاةٍ أو لَيْلَةٍ واحِدَةٍ ما فى حَلْقِ شَعَرَهِ. إذا ترَك حَصاةً، وجَب عليه ما يَجِبُ فى حَلْقِ شَعَرَهِ. على ما مضَى فى أوَّلِ بابِ مَحْظوراتِ الإِحْرامِ. وهذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». قال القاضى: وظاهِرُ نقْلِ الأَثْرَمِ، يتَصَدَّقُ بشئٍ. وعنه، ذلك فى العَمْدِ. وعنه، عليه دَمٌ. جزَم به فى «المُحَرَّرِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «الفائقِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن». قال فى «الفُروعِ»: وهو خِلافُ نقْلِ الجماعَةِ والأصحابِ. قال ابنُ عَقِيلٍ: ضَعَّفَه شيْخُنا؛ لعدَمِ الدَّليلِ. وعنه، لا شئَ فيها.
فائدة: لو ترَك حَصاتَيْن، فإنْ قُلْنا: فى الحَصاةِ ما فى حَلْقِ شَعَرَةٍ. ففى
وَلَيْسَ عَلَى أَهْلِ سِقَايَةِ الْحَاجِّ وَالرِّعَاءِ مَبِيتٌ بِمِنًى. فَإِنْ غَرَبَتِ
ــ
الحَصاتَيْن ما فى حَلْقِ شَعَرَتَيْن، وفى ثَلاثٍ أو أرْبَعٍ أو خَمْسٍ دَمٌ. على ما تقدَّم مِنَ الخِلافِ. وإنْ قُلْنا: فى الحَصاةِ دَمٌ. ففى الحَصاتَيْن والثَّلاثِ دَمٌ، بطَريقٍ أوْلَى. وعنه، فى الحَصاتَيْن ما فى الثَّلاثِ، كجَمْرةٍ وجِمارٍ. وعنه، لا شئَ فى ترْكِ حَصاتَيْن. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: الظَّاهرُ عن أحمدَ، لا شئَ فى حَصاةٍ ولا حَصاتَيْن. فأمَّا إذا ترَك المَبِيتَ بمِنًى ليْلَةً واحِدَةً، فجزَم المُصَنِّفُ هنا، أنَّ فيها ما فى حَلْقِ شَعَرَةٍ. وهو إحْدَى الرِّواياتِ؛ لأنَّها ليستْ نُسُكًا بمُفْرَدِها، بخِلافِ المَبِيتِ بمُزْدَلِفَةَ. قالَه القاضى وغيرُه. وقال: لا تخْتَلِفُ الرِّوايَةُ أنَّه لا يجِبُ دَمٌ. وجزَم بما قالَه المُصَنِّفُ، وابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه» . واخْتارَ المُصَنِّفُ وُجوبَ الدَّمِ. وعنه، تَرْكُ لَيْلَةٍ كتَرْكِ لَيالى مِنًى كلِّها. ذكَرَه جماعَةٌ. وعنه، عليه دَمٌ. قدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، وعنه، لا شَىْءَ فيها.
فائدة: قوله: وليس على أهْلِ سِقَايةِ الحاجِّ والرِّعاءِ مَبِيتٌ بمِنًى. وهذا بِلا
الشَّمْسُ، وَهُمْ بِمِنًى، لَزِمَ الرِّعَاءَ الْمَبِيتُ، دَونَ أَهْلِ السِّقَايَةِ.
ــ
نِزاعٍ. ويَجُوزُ لهم الرَّمْىُ لَيْلًا ونَهارًا.
تنبيه: مَفْهُومُ قولِ المُصَنِّفِ: وليس على أهْلِ سِقايةِ الحاجِّ والرِّعاءِ مَبِيتٌ بمِنًى. أنَّ غيرَهم يَلْزَمُه المَبِيتُ بها مُطْلَقًا. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أكثرُ الأصحابِ. وقيلَ: أهْلُ الأعْذارِ مِن غيرِ الرِّعاءِ؛ كالمَرْضَى، ومَن له مالٌ يخافُ ضَياعَه، ونحوِهم، حُكْمُهم حكمُ الرِّعاءِ فى ترْكِ البَيْتُوتَةِ. جزَم به
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ رَزِينٍ. قال فى «الفُصُولِ»: وكذا خوْفُ فَواتِ مالِه، ومَوْتُ مَريضٍ. قلتُ: هذا والذى قبلَه هو الصَّوابُ. قال القاضى وغيرُه: يُسْتَحَبُّ أنْ يضَعَ الحصَى فى يَدِ النَّائبِ؛ ليكونَ له عمَلٌ فى الرَّمْى.
وَيَخْطُبُ الْإِمَامُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِى مِنْ أيَّامِ التَّشْرِيقِ، خُطْبَةً يُعَلِّمُهُمْ فِيهَا حُكْمَ التَّعْجِيلِ وَالتَّأْخِيرِ، وَتَوْدِيعِهِمْ. فَمَنْ أَحَبَّ أنْ يَتَعَجَّلَ فِى يَوْمَيْنِ، خَرَجَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَإِنْ غَرَبَتْ وَهُوَ بِهَا،
ــ
انتهى. ولو أُغْمِىَ على المُسْتَنيبِ، لم تنْقَطِعِ النِّيابَةُ.
فائدة: قوله: فمَن أحَبَّ أن يتَعَجَّلَ فى يَوْمَيْن، خرَج قبلَ غُروبِ الشَّمْسِ. هذا بلا نِزاعٍ. وهو النَّفْرُ الأوَّلُ، ولا يضُرُّ رُجوعُه بعدَ خُروجِه؛ لحُصولِ
لَزِمَهُ المَبِيتُ وَالرَّمْىُ مِنَ الْغَدِ.
ــ
الرُّخْصَةِ، وليس عليه فى اليَوْمِ الثَّالثِ رَمْىٌ. قالَه الإِمامُ أحمدُ. ويَدْفِنُ بقِيَّةَ الحصَى. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: لا. قال فى «الفائقِ» ، بعدَ أنْ قدَّم الأوَّلَ. قلتُ: لا يتَعَيَّنُ، بل له طَرْحُه ودَفْعُه إلى غيرِه. انتهى. فعلى الأوَّلِ، قال بعضُ الأصحابِ، منهم صاحِبُ «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن»: يدْفِنُه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فى المَرْمَى. وفى «مَنْسَكِ ابنِ الزَّاغُونِىِّ» ، أو يَرْمِى بهِنَّ، كفِعْلِه فى اللَّواتِى قبلَها.
تنبيه: شَمِلَ كلامُ المُصَنِّفِ مُرِيدَ الإِقامَةِ بمَكَّةَ. وهو كذلك، وعليه الأصحابُ. وعنه، لا يُعْجِبُنِى لمَن نفَر النَّفْرَ الأوَّلَ أنْ يُقيمَ بمَكَّةَ. وحمَلَه المُصَنِّفُ على الاسْتِحْبابِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قوله: فإنْ غَرَبَتْ وهو بها، لَزِمَه المبيتُ والرَّمْىُ مِنَ الغدِ. هذا بلا نِزاعٍ، ويكونُ الرَّمْىُ بعدَ الزَّوالِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، على ما تقدَّم. وعنه، أو قبلَه أيضًا. وتقدَّمتْ هذه الرِّوايَةُ أيضًا قرِيبًا. وهذا النَّفْرُ الثَّانى.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فائدة: ليس للإمامِ المُقيمِ للمَناسِكِ التَّعْجِيلُ؛ لأجْلِ مَن يَتأخَّرُ. قالَه
فَإِذَا أَتَى مَكَّةَ، لَمْ يَخْرُجْ حَتَّى يُوَدِّعَ الْبَيْتَ بِالطَّوَافَ، إِذَا فَرَغَ
ــ
الأصحابُ. وذكَرَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. قلتُ: فيُعايَى بها.
تنبيه: قولُ المُصَنِّفِ: فإذا أتَى مَكَّةَ، لم يَخْرُجْ حتى يُوَدِّعَ البيْتَ بالطَّوَافِ،
مِنْ جَمِيعِ أُمُورِهِ.
ــ
إذا فرَغ مِن جَميعِ أمُورِه. يقْتَضِى أنَّه لو أرادَ المُقامَ بمَكَّةَ، لا وَداعَ عليه. وهو
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كذلك، سواءٌ نوَى الإِقامةَ قبلَ النَّفْرِ أو بعدَه.
فَإِنْ وَدَّعَ ثُمَّ اشْتَغَلَ فِى تِجَارَةٍ، أَوْ أَقَامَ، أعَادَ الْوَداعَ.
ــ
قوله: فإنْ وَدَّع ثم اشْتَغَل فى تِجارَةٍ، أو أقامَ، أعَادَ الوَداعَ. إذا وَدَّعَ ثم اشْتغَلَ فى تِجارةٍ، أعادَ الوَداعَ. قوْلًا واحدًا. وإنْ اشْتغَلَ بغيرِ شَدِّ رَحْلٍ ونحوِه، أعادَ الودَاعَ أيضًا. نصَّ عليه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» . وجزَم به فى «التَّلْخيصِ» وغيرِه. وقال ابنُ عَقِيلٍ، وابنُ الجَوْزِىِّ: إنْ تَشاغَلَ فى طَريقِه بشِراءِ الزَّادِ ونحوِه، لم يُعِدْ. وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: إنْ قضَى حاجةً فى طَريقِه، أو اشْترَى زادًا أو شيئًا لنفْسِه فى طَريقِه، لم يُعِدْه. لا نعلَمُ فيه خلافًا. وقال فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن»: وإنْ اشْتَرَى حاجةً فى طَريقِه، لم يُعِدْ. زادَ فى الكُبْرَى، أو صَلَّى.
فوائد؛ منها، يُسْتَحَبُّ أنْ يصَلِّىَ بعدَ طوافِ الوَداعِ رَكعتَيْن، ويُقَبِّلَ
وَمَنْ أَخَّرَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ، فَطَافَهُ عِنْدَ الْخُرُوجِ، أَجْزَأَهُ عَنْ طَوَافِ الْوَدَاعَ.
ــ
الحَجَرَ. ومنها، يُسْتَحَبُّ دُخولُ البَيْتِ -والحِجْرُ منه- ويكونُ حافِيًا، بلا خُفٍّ ولا نَعْلٍ ولا سِلاحٍ. نصَّ على ذلك. ومنها، ما قالَه فى «الفُنونِ»: تعْظِيمُ دُخولِ البَيْتِ فوقَ الطَّوافِ، يدُلُّ على قِلَّةِ العِلْمِ. انتهى. ومنها، النَّظَرُ إلى البَّيْتِ عِبادَةٌ. قالَه الإِمامُ أحمدُ. وقال فى «الفُصولِ»: وكذا رؤْيَتُه لمَقامِ الأنْبِياءِ، ومَواضِعِ الأنْساكِ.
قوله: ومَن أخَّرَ طوافَ الزِّيارةِ، فَطافَه عندَ الخُرُوجِ، أجْزَأ عن طوافِ الوَداعِ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقالَه الخِرَقِىُّ فى «شَرْحِ المُخْتَصَرِ» ، وصاحِبُ «المُغْنِى» ، فى كتابِ الصَّلاةِ. قالَه فى «القَواعدِ» . وعنه، لا يُجْزئُ عنه، فيَطوفُ له. وأطْلَقهما فى «المُغْنِى» .
فَإِنْ خَرَجَ قَبْلَ الْوَدَاعِ، رَجَعَ إِلَيْهِ. فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ، فَعَلَيْهِ دَمٌ، إِلَّا الْحَائِضَ وَالنُّفَسَاءَ، لَا وَدَاعَ عَلَيْهِمَا.
ــ
فائدة: لو أخَّرَ طَوافَ القُدومِ، فطافَه عندَ الخُروجِ، لم يُجْزِئْه عن طَوافِ الوَداعِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه فى «الفُروعِ» . [وهو ظاهِرُ كلامِ كثير؛ حيثُ اقْتَصرُوا على المَسْألةِ الأُولَى](1). وقال فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «الهادِى» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «التَّرْغيبِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن»: يُجْزِئُه، كطَوافِ الزِّيارَةِ. وقطَعُوا به. وقالوا: نصَّ عليه. زادَ فى «الهِدايَةِ» ، فى رِوايَةِ ابنِ القاسِم، قلتُ: هذا المذهبُ. ولم أرَ لِمَّا قدَّمه فى «الفُروعِ» مُوافِقًا.
قوله: فإنْ خرَج قبلَ الوَداعِ، رجَع إليه، فإنْ لم يُمْكِنْه، فعليه دَمٌ. إذا خرَج
(1) زيادة من: ش.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قبلَ الوَداعِ، وكان قرِيبًا، فعليه الرُّجوعُ، إنْ لم يخَفْ على نَفْسٍ أو مالٍ أو فَواتِ رُفْقَةٍ، أو غيرِ ذلك، فإنْ رجَع، فلا دَمَ عليه. وإنْ كان بعِيدًا، وهو مَسافَةُ القَصْرِ، لَزِمَه الدَّمُ، سواءٌ رجَع أوْ لا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. قال فى «الفُروعِ»: لَزِمَه دَمٌ فى المنْصُوصِ. قالَه القاضى وغيرُه. وجزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «الكافِى» ، و «الرِّعايتَيْن» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «الحاوِيَيْن» ، وغيرِهم. وقال المُصَنِّفُ وغيرُه: ويَحْتَمِلُ سُقوطُ الدَّمِ عنِ البعيدِ برُجُوعِه، كالقَريبِ. ومَسافَةُ القَصْرِ مِن مِثْلِه. قال الزَّرْكَشِىُّ: وقد يُقالُ: مِنَ الحَرَمِ. وأمَّا إذا لم يُمْكنِ الرُّجُوعُ للقَريبِ، فإنَّ عليه دَمًا. وكذا لو أمْكَنَه ولم يَرْجِعْ، بطَريقٍ أوْلَى. فمتَى رجَع القَرِيبُ، لم يَلْزَمْه إحْرامٌ، بلا نِزاعٍ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: كرُجُوعِه لطَوافِ الزِّيارَةِ. وإنْ رجَع البَعِيدُ أحْرَمَ بعُمْرَةٍ لُزومًا، ويأْتِى بها وبطَوافِ الوَداعَ.
فائدة: قال فى «الفُروعِ» : لو وَدَّع ثم أقامَ بمِنًى، ولم يدْخُلْ مَكَّةَ، يتوَجَّهُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
جَوازُه، وإنْ خرَج غيرَ حاجٍّ، فظاهِرُ كَلام شَيْخِنا، لا يُوَدِّعُ. انتهى.
تنبيه: شَمِلَ كلامُ المُصَنِّفِ، وهو قوْلُه: فإنْ خرَج قبلَ الوَداعِ. كلَّ حاجٍّ، سِوى الحائضِ والنُّفَساءِ. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وقال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: أهْلُ الحَرَمِ لا وَداعَ عليهم أيضًا.
قوله: إلَّا الحائضَ والنُّفَساءَ، لا وَداعَ عليهما. بلا نِزاع. وهو مُقَيَّدٌ بما إذا لم تَطْهُرْ قبلَ مُفارَقَةِ البُنْيانِ، فإنْ طَهُرَتْ قبلَ مُفارَقَةِ البُنْيانِ، لَزِمَها العَوْدُ للوَداعِ، وإنْ طَهُرَتْ بعدَ مُفارَقَةِ البُنْيانِ، لم يَلْزَمْها العَوْدُ، ولو كان قبلَ مَسافَةِ
وَإذَا فَرَغَ مِنَ الْوَدَاعِ، وَقَفَ فِى الْمُلْتَزَمِ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ،
ــ
القَصْرِ، بخِلافِ المُقَصِّرِ بالتَّرْكِ.
قوله: وإذا فرَغ مِنَ الوَداعِ، وقَف فى المُلْتَزَمِ بينَ الرُّكْنِ والبابِ. وهذا بلا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
نِزاعٍ بينَ الأصحابِ، وذكَر أحمدُ، أنَّه يأْتِى الحَطِيمَ، وهو تحتَ المِيزابِ، فيَدْعُو. وذكَر الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، ثمَّ يَشْرَبُ مِن ماءِ زَمْزَمَ، ويَسْتَلِمُ الحَجَرَ الأسْوَدَ. ونقَل حَرْبٌ، إذا قَدِمَ مُعْتَمِرًا، فيُسْتَحَبُّ أنْ يُقِيمَ بمَكَّةَ بعدَ عُمْرَتِه ثَلَاثَةَ أيَّامٍ ثم يَخْرُجَ، فإنِ الْتَفَتَ ودَّع. نصَّ عليه. وذكَرَه أبو بَكْرٍ. وقدَّمه فى «التَّعْليقِ» وغيرِه. وحمَلَه جماعَةٌ على النَّدْبِ. وذكَر ابنُ عَقِيلٍ، وابنُ الزَّاغُونِىِّ، لا يُوَلِّى ظَهْرَه حتى يَغِيبَ. قال فى «الفائقِ»: لا يُسَنُّ له المَشْىُ
فَقَالَ: اللَّهُمَّ هَذَا بَيْتُكَ، وَأنَا عَبْدُكَ، وَابْنُ عَبْدِكَ، وَابْنُ أَمَتِكَ، حَمَلْتَنِى عَلَى مَا سَخَّرْتَ لِى مِنْ خَلْقِكَ، وَسَيَّرْتَنِى فِى بِلَادِكَ، حَتَّى بَلَّغْتَنِى بِنِعْمَتِكَ إِلَى بَيْتِكَ، وَأعَنْتَنِى عَلَى أدَاءِ نُسُكِى، فَإِنْ كُنْتَ رَضِيتَ عَنِّى، فَازْدَدْ عَنِّى رِضًا، وَإلَّا فَمُنَّ الْآنَ قَبْلَ أَنْ تَنْأَى
ــ
قَهْقَرَى بعدَ وَدَاعِه. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ» . قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: هذا بِدْعَةٌ. مَكْروهَةٌ. وذكَر جماعَةٌ مِنَ الأصحاب؛ منهم صاحِبُ «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبُوكِ الذَّهَبِ» ، و «المسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ،
عَنْ بَيْتِكَ دَارِى، فَهَذَا أَوَانُ انْصِرَافِى إِنْ أَذنْتَ لِى، غَيْرَ مُسْتَبْدِلٍ بِكَ وَلَا بِبَيْتِكَ، وَلَا رَاغِبٍ عَنْكَ وَلَا عَنْ بَيْتِكَ، اللَّهُمَّ فَأَصحِبْنِى الْعَافِيَةَ فِى بَدَنِى، وَالصِّحَّةَ فِى جسْمِى، وَالْعِصْمَةَ فِى دِينِى، وَأَحسِنْ مُنْقَلَبِى، وَارْزُقْنِى طَاعَتَكَ مَا أَبقَيْتَنِى، وَاجمَعْ لِى بَيْنَ خَيْرَىِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ.
ــ
و «الفائقِ» ، وغيرِهم، ثم يأْتِى المُحَصَّبَ، فيُصَلِّى فيه الظُّهْرَ والعَصْرَ والمغْرِبَ والعِشاءَ، ثم يهْجَعُ. واقْتَصرَ عليه فى «المُغْنِى» .
وَيَدْعُو بِمَا أَحَبَّ، وَيُصَلِّى عَلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم،
ــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
إِلَّا أنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا كَانَتْ حَائِضًا، لَمْ تَدْخُلِ الْمَسْجِدَ، بَلْ وَقَفَتْ عَلَى بَابِهِ فَدَعَتْ بِذَلِك.
ــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
فَإِذَا فَرَغَ مِنَ الْحَجِّ، اسْتُحِبَّ لَهُ زِيَارَةُ قَبْرِ النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم وَقَبْرِ صَاحِبَيْهِ، رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
ــ
قوله: فإذا فرَغ مِنَ الحَجِّ، اسْتُحِبَّ له زِيارَةُ قبْرِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم وَقَبْرِ صَاحِبَيْه. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ قاطِبَةً؛ مُتَقَدِّمُهم ومُتأخِّرُهم. وقال فى «الفُصُولِ»: نقَل صالِحٌ، وأبو طالِبٍ، إذا حَجَّ للفَرْضِ، لم يَمُرَّ بالمدِينَةِ؛ لأنَّه إنْ حدَث به حدَثُ الموْتِ كان فى سَبيلِ الحَجِّ، وإنْ كان تطَوُّعًا، بدَأ بالمدِينَةِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فائدتان؛ إحداهما، يُسْتَحَبُّ اسْتِقْبالُ الحُجْرَةِ النَّبوِيَّةِ، على ساكِنِها أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ، حالَ زِيارَتِه، ثم بعدَ فَراغِه يسْتَقْبِلُ القِبْلَةَ، ويجْعَلُ الحُجْرَةَ عن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يَسارِه، ويدْعُو. ذكَرَه الإِمامُ أحمدُ. قال. فى «الفُروعِ»: وظاهِرُ كلامِهم، قَرُبَ مِن الحُجْرَةِ أو بَعُدَ. انتهى. قلتُ: الأُوْلَى القُرْبُ قَطْعًا. وقال فى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه: إنَّه يسْتَقْبلُ ويدْعُو. قال ابنُ عَقِيلٍ، وابنُ الجَوْزِىِّ: يُكْرَهُ قصْدُ القُبورِ للدُّعاءِ. قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: ووُقوفُه أيضًا عندَها للدُّعاءِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الثَّانيةُ، لا يُسْتَحَبُّ تَمَسُّحُه بقَبْرِه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «المُسْتَوْعِبِ»: بل يُكْرَهُ. قال الإِمامُ أحمدُ: أهْلُ العِلْمِ كانوا