الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ:
وَالأُضْحِيَة سُنَّةٌ مؤكَّدَةٌ. وَلَا تَجِبُ إِلَّا بِالنَّذْرِ.
ــ
يضْمَنُ نَقْصَه فقط. قلتُ: يتَوَجَّهُ أنْ يَضْمَنَه بمثلِه حيًّا، أشْبَه المَعِيبَ الحَىَّ.
قوله: والأُضْحيةُ سُنَّةٌ مُؤكَّدَةٌ. هذا المذهبُ بلا رَيْبٍ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، ونصَّ عليه، وقطَع به كثيرٌ منهم. قال فى «الرِّعايَةِ»: ويُكْرَهُ تَرْكُها مع القُدْرَةِ. نصَّ عليه. وعنه، أنَّها واجِبَة مع الغِنَى. ذكَرَه جماعةٌ، وذكَرَه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الحَلْوَانِىُّ عن أبى بَكْرٍ. وخرَّجها أبو الخَطَّابِ، وابنُ عَقِيلٍ مِنَ التَّضْحِيَةِ عنِ اليَتِيمِ. وعنه، أنَّها واجِبَةٌ على الحاضِرِ الغَنِىِّ.
فائدة: يُشْترَطُ أنْ يكونَ المُضَحِّى مُسْلِمًا، تامَّ المِلْكِ، فلا يُضَحِّى المُكاتَبُ مُطْلَقًا. فى أحَدِ الوَجْهَيْن. قدَّمه فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرى» ، و «الفائقِ» . والوَجْهُ
وَذَبْحُهَا أَفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ بِثَمَنِهَا.
ــ
الثَّانى، يُضَحِّى بإذْنِ سَيِّدِه كالرَّقيقِ. وهو المذهبُ. قطَع به فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» . زادَ فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى» ، ولا يتَبَرَّعُ منها بشئٍ. وأطْلَقهما فى «التَّلْخيصِ» ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى» ، و «الفُروعِ» .
قوله: وذَبْحُها أفْضَلُ مِنَ الصَّدَقَةِ بثَمَنِها. وكذا العَقِيقَةُ. وهذا المذهبُ، نصَّ
وَالسُّنَّةُ أنْ يَأْكُلَ ثُلُثَهَا، وَيُهْدِىَ ثُلُثَهَا، وَيَتَصَدَّقَ بِثُلُثِهَا، فَإِنْ أَكَلَ أَكْثَرَ، جَازَ.
ــ
عليهما، وعليه الأصحابُ. وقال فى «الفُروعِ»: يتَوَجهُ تَعْيِينُ ما تقدَّم فى صدَقَةٍ مع غَزْوٍ وحَجٍّ.
قوله: والسُّنَّةُ أنْ يأكُلَ ثُلُثَها، ويُهْدِىَ ثُلُثَها، ويتَصَدقَ بثُلُثِها، وإن أكَل أكثرَ، جَازَ. هذا المذهبُ، نص عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقال أبو بَكْرٍ: يجِبُ إخْراج الثُّلُثِ هَدِيةً، والثُّلُثِ الآخَر صدَقَة. نقَلَه عنه ابنُ الزَّاغُونِىِّ فى «الواضِحِ» وغيرِه. وأطْلَقهما فيه. قال أبو بَكْرٍ فى «التَّنْبِيهِ»: لا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يدْفَعُ إلى المَساكِينِ ما يَسْتَحْيى من تَوْجيهِه به إلى خَلِيطِه. قال فى «المُسْتَوْعِب» : فيَحْتَمِلُ أنَّه أرادَ، لا يتَصَدَّق بما دُونَها؛ لأنَّه يَسْتَحْيى مِن هَدِيَّةِ ذلك، ويَحْتَمِلُ أنَّه أرادَ، أنْ لا يُجْزِئُ فى الصَّدَقَةِ إلَّا ما جرَتِ العادَةُ أنْ يُتَهادَى بمِثْلِه. انتهى. قلتُ: حكَى هذا الأخِيرَ قوْلًا فى «الرِّعايَةِ» ، و «النَّظْمِ» ، وغيرِهما. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى» ، وأنه لو تصَدَّقَ منها بأُوقِيَّةٍ، كَفَى. وهو ظاهِرُ كلامِ الزَّرْكَشِىِّ. فالمذهبُ، أنَّ الواجِبَ أقَلُّ ما يُجْزِئُ فى الصَّدَقَةِ، على ما يأْتِى.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تنبيهان؛ أحدُهما، هذا الحُكْمُ إذا قُلْنا: هى سُنَّةٌ. وكذا الحُكْمُ إذا قُلْنا: إنَّها واجِبَةٌ. فيَجُوزُ له الأكْلُ منها على القوْلِ بوُجُوبِها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. صحَّحه فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم. ونصَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وقيل: لا يجوزُ الأكْلُ منها. قدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» . وأطلْقَهما فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الزَّرْكَشِىِّ» ، وغيرِهم. فعلى المذهبِ، له أكْلُ الثُّلُثِ. صرَّح به فى «الرِّعايَةِ» . وهو ظاهِرُ كلام جماعَةٍ. وقطَع فى «الهِدَايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، وغيرِهم، أنَّه يأْكُلُ كما يأْكُلُ مِن دَمِ التَّمَتُّعِ والقِرَانِ. ويأْتِى هذا أيضًا قرِيبًا. الثَّانى، يُسْتَثْنَى مِن كلامِ المُصَنِّفِ وغيرِه، ممَّن أطْلَقَ الصَّدَقَة والهَدِيَّةَ، أُضْحِيَةُ اليَتيمِ، إذا قُلْنا: يُضَحَّى عنه. على ما يأْتِى فى بابِ الحَجْرِ. فإنَّ الوَلِىَّ لا يتَصدَّقُ منها بشئٍ، ويُوَفِّرُها له؛ لأنَّ الصَّدَقَةَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لا تحِلُّ بشئٍ من مالِه تطَوُّعًا. جزَم به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وصاحِبُ «الفُروعِ» ، وغيرُهم. قلتُ: لو قيلَ بجَوازِ الصَّدَقَةِ والهَدِيَّةِ منها باليَسيرِ عُرْفًا، لَكانَ مُتَّجَهًا. ويُسْتَثْنَى أيضًا مِن ذلك، المُكاتَبُ إذا ضحَّى، على ما قطَع به فى «الرِّعايَةِ» ، أنَّه لا يتَبَرَّع منها بشئٍ.
فوائد؛ إحْداها، يُسْتَحَبُّ أنْ يتَصَدَّقَ بأَفْضَلِها، ويُهْدِى الوَسَطَ، ويأْكُلَ الأَدْوَنَ. قالَه فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، وغيرِهما. وظاهِرُ كلامِ أكثرِ الأصحابِ، الإِطْلاقُ. وكان مِن شِعَارِ السَّلَفِ تَناوُلُ لُقْمَةٍ مِنَ الأُضْحِيَةِ، من كَبِدِها أو غيرِها تبَرُّكًا. قالَه فى «التَّلْخيصِ» وغيرِه. الثَّانيةُ، يجوزُ أنْ يُطْعِمَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الكافِرَ منها، إذا كانتْ تطَوُّعًا. قالَه الأصحابُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا فى صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ. أمّا الصَّدقَةُ الواجِبَةُ، فلا يدْفَعُ إليه منها، كالزَّكاةِ، ولهذا قيلَ: لابُدَّ مِن دَفْعِ الواجِبِ إلى فَقيرٍ وتَمْليكِه. وهذا بخِلافِ الإِهْداءِ، فإنَّه يجوزُ إلى غَنِىٍّ وإطْعامُه. انتهى. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: وتجوزُ الهَدِيَّةُ مِن نَفْلِها إلى غَنِىٍّ. وقيلَ: مِن واجِبِها إنْ جازَ الأَكْلُ منها، وإلَّا، فلا. الثَّالثةُ، يُعْتَبرُ تَمْلِيكُ الفَقيرِ، فلا يَكْفِى إطْعامُه. قالَه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: ويُسَنُّ أنْ يُفَرِّقَ اللَّحْمَ رَبُّه بنَفْسِه، وإنْ خَلَّى بينَه وبينَ الفُقَراءِ، جازَ. الرابعةُ، نَسْخُ تَحْريم الادِّخارِ مِنَ الأضاحِى مُطْلَقًا. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وقال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ احْتِمالٌ، لا فى مَجاعَةٍ؛ لأنَّه سبَبُ تَحْريمِ الادِّخارِ. قلتُ: اخْتارَ هذا الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، وهو ظاهِرٌ فى القُوَّةِ. الخامسةُ، لو ماتَ
وَإنْ أَكلَهَا كُلَّهَا، ضَمِنَ أَقَلَّ مَا يُجْزِئُ فِى الصَّدَقَةِ مِنْهَا.
ــ
بعدَ ذَبْحِها أو تَعْيينِها، قامَ وارِثُه مَقامَه، ولم تُبَعْ فى دَيْنِه. قالَه الأصحابُ. وقال فى «الرِّعايَةِ»: وقلتُ: إنْ وجَب بنَذْرٍ أو غيرِه. ولهم أكْلُ ما كان له أكْلُه مِنها، ويَلْزَمُهم ذَكاتُها إنْ ماتَ قبلَها. ثم قال: قلتُ: إنْ كان دَيْنُه مُسْتَغْرِقًا، فإنْ كان قد ذكَّاها، أو أوْجَبَها فى مرَضِ مَوْتِه، فهل تُباعُ كلُّها أو ثُلُثَاها؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْن. انتهى. وتقدَّم قريبًا، هل يجوزُ الأكْلُ مِنَ الأُضْحِيَةِ المَنْذُورَةِ أم لا؟
قوله: وإن أكَلَها كُلَّها، ضَمِنَ أَقَلَّ ما يُجْزِئُ فى الصَّدَقَةِ منها. وهذا مُفَرَّعٌ على المذهبِ مِن أنَّها مُسْتَحَبةٌ. وهذا المذهبُ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وجزَم به فى «المنَوِّرِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وصحَّحه فى «الفائقِ» ، وغيرِه. وقيل: يَضْمَنُ الثُّلُثَ. جزَم به ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «المُنْتَخَبِ» . وقدَّمه فى «الهِدايَةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايَتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» . وأطْلَقهما فى «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الزَّرْكَشِىِّ» ، وغيرِهم. وقيل: يضْمَنُ ما جرَتِ العادَةُ بصَدقَتِه. وأما على القَوْلِ بوُجوبِها، فقال أكثرُ الأصحابِ: يأْكُلُ كما يأْكُلُ مِن دَمِ التَّمَتُّعِ والقِرَانِ.
وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُضَحِّىَ، فَدَخَلَ الْعَشْرُ، فَلَا يَأْخُذْ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرَتِهِ شَيْئًا. وَهَلْ ذَلِكَ حَرَامٌ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
ــ
وقال فى «الرِّعايَةِ» : يأْكُلُ الثُّلُثَ. وتقدَّم قرِيبًا، أنَّ حُكْمَ الهَدْى المُتَطَوَّعِ به حُكْمُ الأُضْحِيَةِ فى هذه الأَحْكامِ، على الصَّحيحِ.
قوله: ومَن أرَادَ أنْ يُضَحِّىَ، فدَخَل العَشْرُ، فلا يَأْخُذْ مِن شَعَرِه ولا بَشَرَتِه شيئًا. اخْتلفَتْ عِبارَةُ الأصحابِ فى ذلك، فقال فى «المُحَرَّرِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «الحاوِيَيْن» ، وغيرِهم، كما قال المُصَنِّفُ، فظاهِرُه إدْخالُ الظفرِ وغيرِه مِنَ البَشَرَةِ. وصرَّح فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الفُروعِ» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم، بذِكْرِ الشَّعَرِ، والظُّفْرِ، والبَشَرَةِ. وقال فى «الهِدايَةِ» ، و «الخُلاصَةِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغةِ» ، و «إدْراكِ الغايَةِ» ، و «ابنِ رَجَبٍ» ، وغيرِهم: لا يأْخُذُ شَعَرًا ولا ظُفْرًا. فظاهِرُه الاقْتصِارُ على الشَّعَرِ والظُّفْرِ، ولم أرَ فى ذلك خِلافًا. فلعَل مَن خَص الشعَرَ والظفْرَ، أرادَ ما فى مَعْناهُما، أو أن الغالِبَ أنَّه لا يُؤخَذُ غيرُهما، واقْتَصرُوا على الغالِبِ.
قوله: وهل ذلك حَرَامٌ؟ على وَجْهَيْن. وأطْلَقهما فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «الفائقِ» ، و «شَرْحِ الزَّرْكَشِىِّ» ؛ أحدُهما، هو حَرام. وهو المذهبُ، وهو ظاهِرُ رِوايَةِ الأَثْرَمِ وغيرِه. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ» . ونصَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، والنَّاظِمُ. قال فى «تَجْرِيدِ العِنايَةِ» ، و «مُصَنَّفِ ابنِ أبى المَجْدِ»: ويَحْرُمُ فى الأظْهَرِ. قال فى «الفائقِ» : والمَنْصُوصُ تحْرِيمُه. وجزَم به فى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«الوَجيزِ» ، و «المُنْتَخَبِ» ، و «نَظْمِ المُفْرَداتِ» ، ونَسبَه إلى الأصحابِ. وهو ظاهِرُ كلام الخِرَقِىِّ، وابنِ أبى مُوسى، والشِّيرَازِىِّ، وغيرِهم. وإليه مَيْلُ الزَّرْكَشِىِّ. وقدَّمَه فى «الفُروعِ» . وهو مِنَ المُفْرَداتِ. والوجه الثَّانى، يُكْرَه. اخْتارَه القاضى وجماعَةٌ. وجزَم به فى «الجامِعِ الصَّغِيرِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «البُلْغةِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» ، و «المُنَوِّرِ» . وقدَّمه فى «الهِدايَةِ» ، و «تَبْصِرَةِ الوَعْظِ» لابنِ الجَوْزِىِّ، و «الخُلاصَةِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «المُحَرَّر» ، و «الرِّعايَتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «إدْراكِ الغايَةِ» ، و «ابنِ رَزِينٍ» ، وقال: إنَّه أظْهَرُ.