الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْهَدْى وَالْأَضَاحِى
ــ
بابُ الهَدْى والأضَاحِى
وَالْأَفْضَلُ فِيهِمَا الْإِبِلُ، ثُمَّ الْبَقَرُ، ثُمَّ الْغَنَمُ. وَالذَّكَرُ وَالأنْثَى سَوَاءٌ.
ــ
فائدة: قوله: والأفْضَلُ فيهما الإِبِلُ، ثم البَقَرُ، ثم الغَنَمُ. يعنى، إذا خرَج كامِلًا. وهذا بلا نِزاعٍ. والأفْضَلُ فها الأَسْمَنُ، بلا نِزاعٍ. ثم الأَغْلَى ثَمنًا، ثم الأَشْهَبُ، ثم الأَصْفَرُ، ثم الأَسْوَدُ. جزَم به فى «الهِدايَةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، واخْتارَ فيها البِيضَ، ثم الشُّهْبَ، ثم الصُّفْرَ، ثم العُفْرَ، ثم البُلْقَ، ثم السُّودَ. وقيل: عَفْراءُ خيرٌ مِن سَوْداءَ، وبَيْضاءُ خَيْر مِن شَهْباءَ. قال أحمدُ: يُعْجِبُنِى البَياضُ. ونقَل حَنْبَلٌ، أكْرَهُ السَّوادَ. وقال فى «الكافِى»: أفْضَلُها البَياضُ، ثم ما كان أحْسَنَ لوْنًا.
فائدة: الأَشْهَبُ؛ هو الأمْلَحُ. قال فى «الحاوِيَيْن» : الأَشْهَبُ؛ هو الأبْيَضُ. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» : الأمْلَحُ؛ ما بَياضُه أكْثَرُ مِن سَوادِه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فوائد؛ منها، جَذَعُ الضَّأْنِ أفْضَلُ مِن ثَنِىِّ المَعْزِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وقطَع به الأكثرُ. قال الإِمامُ أحمدُ: لا يُعْجِبُنِى الأُضْحِيَةُ إلَّا بالضَّأْنِ. وقيلَ: الثَّنِىُّ أفْضَلُ. وهو احْتِمالٌ للمُصَنِّفِ، وأطْلَقَ وَجْهَيْن فى «الفائقِ» . ومنها، كلٌّ مِنَ الجَذَعِ والثَّنِىِّ أفْضَلُ مِن سُبْعِ بَعيرٍ وسُبْعِ بقَرَةٍ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ مُطْلَقًا، وعليه الأصحابُ. وعندَ الشَّيْخِ تَقِىِّ الدِّينِ، الأَجْرُ على قَدْرِ القِيمَةِ مُطْلَقًا. ومنها، سَبْعُ شِيَاهٍ أفْضَلُ مِن كلِّ واحدٍ مِنَ البَعيرِ والبَقرَةِ. وهل الأفْضَلُ زِيادَةُ العدَدِ، كالعِتْقِ، أو المُغالَاةُ فى الثَّمَنِ، أو الكُلُّ سواءٌ؟ قال فى «الفُروعِ»: يتَوجَّهُ ثَلَاثةُ أوْجُهٍ. قال فى «تَجْريدِ العِنايَةِ» : وتَعَدُّدٌ أفْضَلُ نَصًّا. وسألَه ابنُ مَنْصُورٍ، بدَنَتان سَمِينَتان بتِسْعَةٍ، وبدَنَةٌ بعشَرَةٍ؟ قال: ثِنْتَان أعْجَبُ إلَىَّ. ورجَّح الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ تَفْضِيلَ البَدَنَةِ السَّمِينَةِ. قال فى «القاعِدَةِ السَّابعَةَ عَشْرَةَ» : وفى سُنَنِ أبى داودَ حدِيثٌ يدُلُّ عليه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قوله: والذَّكَرُ والأُنْثَى سَوَاءٌ. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الخُلاصةِ» وغيرِها. وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «البُلْغةِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفَائقِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وقيل: الذَّكَرُ أفْضَلُ. اخْتارَه ابنُ أبِى مُوسى، وصاحِبُ «الحاوِيَيْن». وقيل: الأُنْثَى أفْضَلُ. قدَّمه فى «الفُصُولِ» . قلتُ: الأَسْمَنُ والأَنْفَعُ مِن ذلك كلِّه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أفْضَلُ، ذكَرًا كان أو أُنْثَى، فإنِ اسْتَوَيا، فقدِ اسْتَوَيا فى الفَضْلِ. قال فى «الفائقِ»: والخَصىُّ راجِحٌ على النَّعْجَةِ. نصَّ عليه. قال الإِمامُ أحمدُ: الخَصِىُّ
وَلَا يُجْزِئُ إِلَّا الْجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ؛ وَهُوَ مَا لَهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ، وَالثَّنِىُّ
ــ
أحَبُّ إليْنا مِنَ النَّعْجَةِ. قال المُصَنِّفُ: والكَبْشُ فى الأُضْحِيَةِ أفْضَلُ الغَنَمِ (1)؛ لأنَّها أُضْحِيَةُ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم. وذكَرَه ابنُ أبِى مُوسى.
قوله: ولا يُجْزِئُ إلَّا الجَذَعُ مِنَ الضَّأْنِ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: يجوزُ التَّضْحِيَةُ بما كان أصْغَرَ مِنَ الجَذَعِ
(1) فى النسخ: «من الغنم» والتصويب من المغنى 13/ 366.
مِمَّا سِوَاهُ.
ــ
مِنَ الضَّأْنِ، لمَن ذبَح قبلَ صلاةِ العيدِ جاهِلًا بالحُكْمِ، إذا لم يكُنْ عندَه ما يُعْتَدُّ به فى الأُضْحِيَةِ وغيرِها؛ لقِصَّةِ أبِى بُرْدَةَ. ويُحْمَلُ قوْلُه عليه أفْضَلُ الصَّلاةِ والسَّلامِ:«وَلَنْ تُجْزِئُ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ» . أىْ بعدَ حالِكَ.
قوله: وهو ماله سِتَّةُ أشْهُرٍ. هذا المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحاب، وقطَعُوا
وَثَنِىُّ الإِبِلِ مَا كَمَلَ لَهُ خَمْسُ سِنِينَ، وَمِنَ الْبَقَرِ مَا لَهُ سَنَتَانِ، وَمِنَ
ــ
به. وقال فى «الإِرْشادِ» : وللجَذَعِ ثَمانِ شُهورٍ.
قوله: وثَنِىُّ الإِبِلِ ما كَمَلَ له خَمْسُ سِنِين، ومِنَ البَقَرِ ما له سَنَتان. هذا
الْمَعْزِ مَا لَهُ سَنَةٌ.
ــ
المذهبُ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقال فى «الإِرْشادِ»: لِثَنِىِّ الإِبلِ سِتُّ سِنِين كامِلَةً، ولثَنِىِّ البَقَرِ ثَلاثُ سِنِين كامِلَةً. وجزَم به فى «الجامِعِ الصَّغِيرِ» .
فائدتان؛ إحْداهما، يُجْزِئُ أعْلَى سِنًّا ممَّا تقدَّم. قال فى «الفُروعِ»: ويُجْزِئُ أعْلَى سِنًّا. وفى «التَّنْبِيهِ» ، وبِنْتُ المَخاضِ عن واحدٍ. وحُكِىَ رِوايةً. ونَقَل أبو طالِبٍ، جَذَعُ إبِلٍ أو بَقَرٍ عن واحدٍ. اخْتارَه الخَلَّالُ. وسأَلَه حَرْبٌ، أتُجْزِئُ عن ثَلاثٍ؟ قال: يُرْوَى عنِ الحسَنِ. وكأنَّه سهَّل فيه. انتهى. وقال فى «الرِّعايَةِ» : وقيل: تُجْزِئُ بِنْتُ مَخاضٍ عن واحدٍ. قال أبو بَكْرٍ فى «التَّنْبِيهِ» : تُجْزِئُ بِنْتُ المَخاضِ عن واحدٍ. الثَّانيةُ، لا يُجْزِئُ بقَرُ الوَحْشِ فى الأُضْحِيَةِ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، كالزَّكاةِ. قال فى «الفُروعِ»: لا يُجْزِئُ فى هَدْىٍ ولا أُضْحِيَةٍ فى أشْهَرِ الوَجْهَيْن. وجزَم به فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، وغيرِهما. وقيل: يُجْزِئُ.
وَتُجْزِئُ الشَّاةُ عَنْ وَاحِدٍ، وَالْبَدَنَةُ وَالْبَقَرَةُ عَنْ سَبْعَةٍ، سَوَاءٌ أَرَادَ جَمِيعُهُمُ الْقُرْبَةَ، أَوْ بَعْضُهُمْ وَالْبَاقُونَ اللَّحْمَ.
ــ
قوله: وتُجْزِئُ الشَّاةُ عن واحِدٍ. بلا نِزاعٍ، وتُجْزِئُ عن أهْلِ بَيْتِه وعِيالِه. على الصَّحيح مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقيل: لا تُجْزِئُ. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» . وقال: وقيل: فى الثَّوابِ لا فى الإِجْزاءِ.
قوله: والبَدَنَةُ والبَقَرَةُ عن سَبْعَةٍ، سَوَاءٌ أرادَ جَمِيعُهم القُرْبَةَ، أو بعضُهم والباقُون اللَّحْمَ. وهذا المذهبُ. نصَّ عليه، وعليه الأصحابُ؛ لأنَّ القِسْمَةَ إفْرازٌ. نصَّ عليه. قال فى «الفُروعِ»: ولو كان بَعضُهم ذِمِّيًّا فى قِياسِ قوْله. قالَه القاضى. وقيل للقاضى: الشَّرِكَةُ فى الثَّمَنِ توجِبُ لكُلِّ واحدٍ قِسْطًا مِنَ اللَّحْمِ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والقِسْمَةُ بَيْعٌ؟ فأجابَ بأنَّها إفْرازٌ. قال فى «الفُروعِ» : فدَلَّ على المَنْعِ، إنْ قُلْنا: هى بَيْعٌ. انتهى. قال فى «الرِّعايَةِ» : ولهم قِسْمَتُها إنْ جازَ إبْدالُها. وقيل: أو حَرُمَ. وقُلْنا: هى إفْرازُ حَقٍّ. وإلَّا مَلَّكَه رَبُّه للفُقَراءِ المُسْتَحِقِّين، فبَاعُوه (1) إنْ
(1) فى الأصل، ط:«فأباعوه» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
شاءُوا. انتهى.
فوائد؛ الأُولَى، نقَل أحمدُ، فى ثَلَاثةٍ اشْتَركُوا فى بدَنَةٍ أُضْحِيَةً، وقالوا: مَن جاءَنا يريدُ أُضْحِيَةً شارَكْنَاه. فجاءَ قَوْمٌ فشارَكوهم، قال: لا تُجْزِئُ إلَّا عنِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الثَّلاثَةِ؛ لأنَّهم أوْجَبُوها عن أنْفُسِهم. قال فى «المُسْتَوْعِبِ» : مِنَ الأصحابِ مَن جعَل المسْألَةَ على رِوايتَيْن، ومنهم مَن جعَلَها على اخْتِلافِ حالَيْن، فجوَّز الشَّرِكَةَ قبلَ الإِيجابِ، ومنَع منها بعد الإِيجابِ. قلتُ: وهذا اخْتِيارُ الشيرَازِىِّ. واقْتَصَرَ عليه الزَّرْكَشِىُّ؛ فقال: الاعْتِبارُ أنْ يَشْترِكَ الجميعُ دَفْعَةً واحدةً، فلو اشْتركَ ثلَاثةٌ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فى بقَرَةٍ، وذكَر معْنَى النَّصِّ، لم يَجُزْ إلَّا عنِ الثَّلَاثَةِ. قالَه الشِّيرَازِىُّ. انتهى. الثَّانيةُ، لو اشْترَكَ جماعةٌ فى بدَنَةٍ أو بقَرَةٍ للتَّضْحِيَةِ، فذَبَحُوها على أنَّهم سَبْعَةٌ، فَبانُوا ثمانِيَةً، ذَبَحُوا شاةً وأجْزَأَتْهم. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نقَلَه ابنُ القاسِمِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال فى «التَّلْخيصِ» ، فى مَوْضِعٍ: قالَه أصحابُنا. وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الرِّعايَةِ» ، و «الزَّرْكَشِىِّ» ، وغيرِهم. ونقَل مُهَنَّا، تُجْزِئُ عن سَبْعَةٍ، ويُرْضُون الثَّامِنَ ويُضَحِّى. وهو قوْلٌ فى «الرِّعايَةِ». قال الشِّيرَازِىُّ: وقال بعضُ أصحابِنا: لا تُجْزِئُ عنِ الثَّامِنِ، ويُعِيدُ عنِ الأُضْحِيَةِ. الثَّالثةُ، لو اشْتَركَ. اثْنان فى شاتَيْن على الشُّيوعِ، أجْزَأَ على الصَّحيحِ. قال فى «التَّلْخيصِ»: أشْبَهُ الوَجْهَيْن الإِجْزاءُ. فَقاسَه على
وَلَا يُجْزِئُ فِيهِمَا الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا؛ وَهِىَ الَّتِى انْخَسَفَتْ عَيْنُهَا، وَلَا الْعَجْفَاءُ الَّتِى لَا تُنْقِى، وَهِىَ الْهَزِيلَةُ الَّتِى لَا مُخَّ فِيهَا، وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ظَلْعُهَا، فَلَا تَقْدِرُ عَلَى الْمَشْىِ مَعَ الْغَنَمِ، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالْعَضْبَاءُ؛ وَهِىَ الَّتِى ذَهَبَ أَكْثَرُ أُذُنِهَا أوْ قَرْنِهَا.
ــ
قوْلِ الأصحابِ فى التى قبلَها. وقيل: لا يُجْزِئُ. الرَّابعةُ، لو اشْتَرَى رَجُلٌ سُبْعَ بقَرَةٍ ذُبِحَتْ للَّحْمِ، على أنْ يُضَحِّىَ به، لم يُجْزِئْه. قال الإِمامُ أحمدُ: هو لَحْمٌ اشْتَراه، وليس بأُضْحِيَةٍ. ذكَرَه فى «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه.
قوله: ولا يُجْزِئُ فيهما العَوْراءُ البَيِّنُ عَوَرُها. بلا نِزاعٍ. قال الأصحابُ: هى التى انْخَسفَتْ عيْنُها وذَهبَتْ، فإنْ كان بها بَياضٌ لا يَمْنَعُ النَّظَرَ، أجْزَأَتْ، وإنْ أذْهَبَ الضَّوْءَ، كالعَيْنِ القائمةِ، ففى الإِجْزاءِ بها رِوايتَان فى الخِلافِ. وقيل: وجْهَان. وأطْلَقهما فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «الرِّعايَةِ» ، و «الفُروعِ» ؛ إحْداهما، لا تُجْزِئُ. قال فى «المُسْتَوْعِبِ»: أصَحُّهما لا تُجْزِئُ عندى. [وجزَم به فى «المُحَرَّرِ»، و «المُنَوِّرِ»](1). والثَّانى، تُجْزِئُ.
(1) زيادة من: أ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قال الزَّرْكَشِىُّ: أشْهَرُ الوَجْهَيْن الإجْزاءُ. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» : ونصُّ أحمدَ، تُجْزِئُ. قلتُ: وهذا المذهبُ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: فإنْ كان على عَيْنِها بيَاضٌ ولم يُذْهِبِ الضَّوْءَ، جازَتِ التَّضْحِيَةُ بها؛ لأنَّ عوَرَها ليس ببَيِّنٍ. وهو ظاهِرُ كلامِ كثيرٍ مِنَ الأصحابِ.
تنبيه: مفْهومُ كلامِه مِن طَريقٍ أوْلَى، أنَّ العَمْياءَ لا تُجْزِئُ. وهو صحيحٌ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وهو المذهبُ، وعليه الأصحابُ. قلتُ: لو نُقِلَ الخِلافُ الذى فى العَوْراءِ، التى عليها بَياضٌ أذْهَبَ الضَّوْءَ فقط، إلى العَمْياءِ، لَكانُ مُتَّجَهًا.
قوله: ولا تُجْزِئُ العَرْجَاءُ البَيِّنُ ظَلْعُها، فلا تَقْدِرُ على المشْى مع الغَنَمِ. لا تُجْزِئُ العَرْجاءُ، قوْلًا واحدًا فى الجُمْلَةِ. ثم اخْتلَفوا فى مِقْدارِ ما يَمْنَعُ مِنَ الإِجْزاءِ، فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، ما قالَه المُصَنِّفُ، وهى التى لا تَقْدِرُ على المَشْى مع الغَنَمِ، ومُشارَكَتِهم فى العَلَفِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ وغيرُهما. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقيل: هى التى لا تَقْدِرُ أنْ تتْبَعَ الغَنَمَ إلى المَنْحَرِ. قال أبو بَكْرٍ، والقاضى: هى التى لا تُطِيقُ أنْ تبْلُغ المَنْسَكَ، فإنْ كانت تقْدِرُ على المَشْى إلى مَوْضِعِ الذَّبْحِ، أجْزأَتْ. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «التَّلْخِيصِ» ، و «التَّرْغيبِ»: هى التى لا تقْدِرُ على المَشْى مع جِنْسِها. قال فى «الفُروعِ» : فدَلَّ على أنَّ الكبِيرَةَ لا تُجْزِئُ. وذكَرَه فى «الرَّوْضَةِ» .
قوله: والمَرِيضَةُ البَيِّنُ مَرَضُها. سواءٌ كانت بجَرَبٍ أو غيرِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وغيرُهما. وجزَم به فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفائقِ» ، وغيرِهم. قال فى «التَّلْخِيصِ» ، و «المُحَرَّرِ» و «الفُروعِ»: وما به مَرَضٌ مُفْسِدٌ للَّحْمِ كجَرْباءَ. وقال الخِرَقِىُّ، والشِّيرَازِىُّ فى «الإِيضَاحِ»: هى التى لا يُرْجَى بُرْؤُها. وقال القاضى، وأبو الخَطَّاب، وابنُ البَنَّا، وغيرُهم: المرِيضَةُ هى الجَرْباءُ. ولعَلَّهم أرادُوا مَثَلًا مِنَ الأمثِلَةِ، لا أنَّ المرَضَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مخْصُوصٌ بالجَرَبِ. وهو أوْلَى، فيَكونُ مُوافِقًا للأوَّلِ.
قوله: والعَضْباءُ؛ وهى التى ذهب أكثرُ أُذُنِها أو قَرْنِها. هذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ، وأشْهَرُ الرِّوايتَيْن. وجزَم به فى «المُحَرَّرِ» ، و «الوَجيزِ» ،
وَتُكْرَهُ الْمَعِيبَةُ الأُذُنِ بِخَرْقٍ أَوْ شَقٍّ أَوْ قَطْعٍ لِأَقَلَّ مِنَ النِّصْفِ.
ــ
وغيرِهما. وقدَّمه فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وعنه، هى التى ذهَب ثُلُثُ قَرْنِها. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. وأطْلَقهما فى «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِب» ، و «التَّلْخيصِ» . ونقَل أبو طالِبٍ، النِّصْفُ فأكْثرُ. وذكَر الخَلَّالُ، أنَّهم اتَّفَقُوا أنَّ نِصْفَه أو أكثرَ لا يُجْزِئُ. وقيل: فوقَ الثُّلُثِ لا يُجْزِئُ. قاله القاضى فى «الجامِعِ» . وذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ رِوايَةً. وكَوْنُ العَضْباءِ لا تُجْزِئُ، مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ احْتِمالُ؛ يجُوزُ أعْضَبُ الأُذُنِ والقَرْنِ مُطْلَقًا؛ لأنَّ فى صِحَّةِ الخبَرِ نظَرًا، والمَعْنَى يَقْتَضِى ذلك؛ لأنَّ القَرْنَ لا يُؤْكَلُ، والأُذُنَ لا يُقْصَدُ أكْلُها غالِبًا، ثم هى كقَطْعِ الذَّنَبِ، وأوْلَى بالإِجْزاءِ. قلتُ: هذا الاحْتِمالُ هو الصَّوابُ.
قوله: وتُكْرَهُ المَعِيبَةُ الأُذُنِ بخَرْقٍ أو شَقٍّ أو قَطْعٍ لأقَلَّ مِنَ النِّصْفِ. وكذا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأقَلُّ مِنَ الثُّلُثِ. وهو المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. ونقَلَه الجماعَةُ فى أقَلَّ مِنَ الثُّلُثِ، وفى الخَرْقُ والشَّقِّ. وتقدَّم رِوايَةٌ بعدَمِ إجْزاءِ ما ذهَب ثُلُثُ أُذُنِها أو قَرْنِها. وقَوْلٌ: لا يُجْزِئُ ما ذهَب منه أكثرُ مِنَ الثُّلُثِ. واخْتارَ صاحِبُ «الإِرْشادِ» ، أنَّه لا يُجْزِئُ ما ذهَب منه أقَلُّ مِن ثُلُثِ أُذُنِها أو قَرْنِها، ولا المَعِيبَةُ بخَرْقٍ أو شَقٍّ؛ لقَوْلِ علىٍّ رَضِىَ اللَّهُ عنه: لا يُضَحَّى بمُقابلَةٍ؛ وهى ما قُطِعَ شئٌ من مُقَدَّمِ أُذُنِها، ولا بمُدابرَةٍ؛ وهى ما كان ذلك مِن خَلْفِ أُذُنِها، ولا شَرْفاءَ؛ وهى ما شَقَّ الكَىُّ أُذُنَها، ولا خرْقاءَ؛ وهى ما ثقَب الكَىُّ أُذُنَها. وحمَلَه الأصحابُ على نَهْىَ التَّنْزيهِ.
فوائد؛ الأُولَى، ذكَر جماعةٌ مِنَ الأصحابِ، أنَّ الهَتْماءَ لا تُجْزِئُ. قال فى «التَّلْخيصِ»: لم أعْثُرْ لأصحابِنَا فيها بشئٍ، وقِياسُ المذهبِ أنَّها لا تُجْزِئُ. وجزَم بعَدَمٍ الإِجزاءِ فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفائقِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» ، و «الزَّرْكَشِىِّ» ، وغيرِهم. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: تُجْزِئُ فى أصحِّ الوَجْهَيْن. إذا عَلِمْتَ ذلك، فالهَتْماءُ؛ هى
وَتُجْزِئُ الْجَمَّاءُ وَالْبَتْرَاءُ وَالْخَصِىُّ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: لَا تُجْزِئُ الْجَمَّاءُ.
ــ
التى ذَهبَتْ ثَنايَاها مِن أصْلِها. قالَه فى «التَّرْغيبِ» ، و «التَّلْخِيصِ» ، و «البُلْغةِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، وغيرِهم. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: هى التى سقَط بعضُ أسْنانِها. الثَّانيةُ، قال فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «التَّرْغِيبِ» ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، و «الزَّرْكَشِىِّ»: لا تُجْزِئُ القَصْماءُ (1)؛ وهى التى انْكَسرَ عِلافُ قَرْنِها. الثَّالثةُ، لو قُطِعَ مِنَ الأَلْيَةِ دُونَ الثُّلُثِ، فنقَل جَعْفَرٌ فيها، لا بَأْسَ به. ونقَل هارُونُ، كلُّ ما فى الأُذُنِ وغيرِه مِنَ الشَّاةِ دُونَ النِّصْفِ لا بَأْسَ به. قال الخَلَّالُ: روَى هارَونُ وحَنْبَلٌ فى الأَلْيَةِ، ما كان دُونَ النِّصْفِ أيضًا. قال: فهذه رُخْصَةٌ فى العَيْنِ وغيرِها، واخْتِيارُ أبى عَبْدِ اللَّهِ، لا بأْسَ بكُلِّ نَقْصٍ دُونَ النِّصْفِ، وعليه أَعْتَمِدُ. قال: ورَوَى الجماعةُ التَّشْديدَ فى العَيْنِ، وأنْ تكونَ سَلِيمَةً. الرَّابعةُ، الجَدَّاءُ، والجَدْباءُ؛ وهى التى شابَ ونَشِفَ ضَرْعُها وجَفَّ، لا تُجْزِئُ. قالَه فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفَائقِ» ، وغيرِهم.
قوله: وتُجْزِئُ الجَمَّاءُ والبَتْرَاءُ والخَصِىُّ. أمَّا الجَمَّاءُ؛ وهى التى لا قَرْنَ لها، على الصَّحيحِ. وقيل: هى التى انْكَسَرَ كلُّ قَرْنِها. قالَه فى «الرِّعايَةِ» . وقال
(1) فى النسخ: «العصماء» . وللصواب ما أثبتناه، لأن «العصماء» بالعين هى بيضاء اليدين.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ابنُ البَنَّا: هى التى لم يُخْلَقْ لها قَرْنٌ ولا أُذُنٌ، فتُجْزِئُ، على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه القاضى. وصحَّحَه ابنُ البَنَّا فى «خِصالِه» . وجزَم به فى «العُمْدَةِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «المُنْتَخَبِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الكافِى» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ». وقال ابنُ حامدٍ: لا تُجْزِئُ الجَمَّاءُ. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» . وأطْلَقهما فى «المُذْهَب» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفائقِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم.
فائدة: لو خُلِقَتْ بلا أُذُنٍ، فهى كالجَمَّاءِ. قالَه فى «الرَّوْضَةِ» . وقطَع فى «الرِّعايَةِ» بالإِجْزاءِ. وأمَّا البَتْراءُ، وهى التى لا ذَنَبَ لها، فتُجْزِئُ، على الصَّحيحِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «العُمْدَةِ» ، و «الوَجيزِ» . وقدَّمه فى «الكافِى» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ». وقيل: لا تُجْزِئُ. نقَل حَنْبَلٌ، لا يُضَحَّى بأَبْتَرَ، ولا بنَاقِصَةِ الخَلْقِ. وقطَع به فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخيصِ» . وأطْلَقهما فى «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفائقِ» ، و «النَّظْمِ» ، وألْحَقَ المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ بالبَتْراءِ، ما قُطِعَ ذَنَبُها. ويَحْتَمِلُه كلامُه فى «التَّلْخيصِ»؛ فإنَّه قال: هى المَبْتُورَةُ الذَّنَبِ. قال فى «الرِّعايَةِ» : والبَتْراءُ، المَقْطوعَةُ الذَّنَبِ. وقيل: هى التى لا ذَنَبَ لها خِلْقَةٌ. وأمَّا الخَصِىُّ؛ وهو الذى قُطِعَتْ خُصْيَتاه، أو سُلَّتا فقط، فجزَم المُصَنِّفُ، أنَّه يُجْزِئُ. وجزَم به فى «المُغْنِى» ، و «العُمْدَةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وكذلك الحُكْمُ لو رُضَّتْ خُصْيَتاه أيضًا. ولو كان خَصِيًّا مَجْبُوبًا،
وَالسُّنَّةُ نَحْرُ الْإِبِلِ قَائِمَةً مَعْقُولَةً يَدُهَا الْيُسْرَى، فَيَطْعَنُهَا بِالْحَرْبَةِ فى الْوَهْدَةِ الَّتِى بَيْنَ أَصْلِ الْعُنُقِ وَالصَّدْرِ، وَيَذْبَحُ الْبَقَرَ وَالْغَنَمَ.
ــ
فالصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه لا يُجْزِئُ، نصَّ عليه. وجزَم به فى «التَّلْخيصِ» . وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» . قال فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى» ، وغيرِهم: ويُجْزِئُ الخَصِىُّ غيرُ المَجْبوبِ. وقيلَ: يُجْزِئُ. جزَم به ابنُ البَنَّا فى «الخِصَالِ» ، وفسَّرَ الخَصِىَّ بمَقْطوعِ الذَّكَرِ. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ» .
فائدة: قال فى «الفُروعِ» : ظاهِرُ كلامِ الإِمامِ أحمدَ والأصحابِ، أنَّ الحَمْلَ لا يَمْنَعُ الإِجْزاءَ. وقيل للقاضى فى «الخِلافِ»: الحامِلُ لا تُجْزِئُ فى الأُضْحِيَةِ، فكذلك فى الزَّكاةِ؟ فقال: القَصْدُ مِنَ الأُضْحِيَةِ اللَّحْمُ، والحمْلُ ينْقُصُ اللَّحْمَ، والقَصْدُ مِنَ الزَّكاةِ الدَّرُّ والنَّسْلُ، والحامِلُ أقْربُ إلى ذلك مِنَ الحائلِ، فأَجْزأَتْ.
قوله: والسُّنَّةُ نَحْرُ الإِبِلِ قائمةً مَعْقُولَةً يَدُها اليُسْرَى. هذا المذهبُ، وعليه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأصحابُ. ونقل حَنْبَلٌ، يفْعَلُ كيفَ شاءَ، بارِكَةً وقائمةً.
وَيَقُولُ عِنْدَ ذَلِكَ: بِسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُمَّ هَذا مِنْكَ وَلَكَ.
ــ
فائدة: قولُه: ويقولُ عندَ ذلك: بِسْمِ اللَّه واللَّهُ أكبرُ، اللَّهُمَّ هذا منك ولك. يعْنِى، يُسْتَحَبُّ ذلك، ويُسْتَحَبُّ أيضًا أنْ يُوَجِّهَها إلى القِبْلَةِ. قال فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، وابنُ أبى المَجْدِ فى «مُصَنَّفِه»: على جَنْبِها الأيْسَرِ. قال الإِمامُ أحمدُ: يُسَمِّى، ويُكَبِّرُ حينَ يُحَرِّكُ يدَه بالقَطْعِ. ونصَّ أحمدُ، أنَّه لا بأْسَ أنْ يقُولَ: اللَّهُمَّ تقَبَّلْ مِن فُلانٍ. وذكَر بعضُ الأصحابِ، أنَّه يقولُ:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
اللَّهُمَّ تقَبَّلْ مِنِّى كما تقَبَّلْتَ مِن إبْراهِيمَ خَلِيلك. وقالَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. ويقولُ إذا ذَبَحَ: «وَجَّهْتُ وَجْهِىَ» إلى قوله: «وَأَنَا مِنَ المُسْلِمِينَ» .
وَلَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يَذْبَحَهَا إِلَّا مُسْلِمٌ، فَإِنْ ذَبَحَهَا بِيَدِهِ كَانَ أَفْضَلَ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ، اسْتُحِبَّ أَنْ يَشْهَدَهَا.
ــ
تنبيه: أفادَنا المُصنِّفُ، رحمه الله، بقولِه: ويُسْتَحَبُّ أنْ لا يذْبَحَها إلّا مُسْلِمٌ. جَوازَ ذَبْحِ الكِتابِىِّ لها. وهو صحيحٌ، وهو المذهبُ مُطْلَقًا. وجزَم به فى «المُنَوِّرِ». قال الزَّرْكَشِىُّ: اخْتارَه الخِرَقِىُّ، وعامَّةُ الأصحابِ. وقدَّمه فى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«الهِدايَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرى» ، و «الفائقِ» . وصحَّحه فى «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» . و «التَّلْخيصِ» ، و «الخُلاصةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» . و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى» ، فى غيرِ الإِبِلِ. واخْتارَه ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» . وعنه، لا يُجْزِئُ ذَبْحُه. وعنه، لا يُجْزِئُ ذَبْحُه للإِبِلِ خاصَّةً. جزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الإِرْشادِ» . واخْتارَه الشَّيرَازِىُّ، وصحَّحه فى «النَّظْمِ» . وقال الشَّرِيفُ، وأبو الخَطَّابِ، فى «خِلافَيْهما»: جَوازُ ذَبْحِ الكِتابِىِّ على الرِّوايَةِ التى تقولُ: الشُّحُومُ المُحَرَّمَةُ على اليَهودِ لا تُحَرَّمُ علينا. زادَ الشَّرِيفُ، أو على كِتابىٍّ نَصْرانِىٍّ. قال الزَّرْكَشىُّ: ومُقْتَضَى هذا أنَّ محَلَّ الرِّوايتَيْن على القَوْلِ بحِلِّ الشُّحومِ، وأمَّا إنْ قُلْنا بتَحْريمِ الشُّحوم، فلا يَلِى اليَهودُ. بلا نزاع.
قولهَ: وإنْ ذبَحَها بيَدِه، كان أفْضَلَ. بلا نِزاعٍ، ونصَّ عليه. فإنْ لم يفْعَلْ، اسْتُحِبَّ أنْ يُوَكِّلَ فى الذَّبْحِ، ويَشْهَدَه. نصَّ عليه. وقال بعضُ الأصحابِ: إنْ
وَوَقْتُ الذَّبْحِ يَوْمُ الْعِيدِ بَعْدَ الصَّلَاةِ أوْ قَدْرِهَا، إِلَى آخِرِ يَوْمَيْنِ مِنْ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ.
ــ
عجَز عنِ الذَّبْحِ، أمْسَك بيَدِه السِّكِّينَ حالَ الإِمْرارِ، فإنْ عجَز، فَلْيَشْهَدْها. وجزَم به الزَّرْكَشِىُّ وغيرُه. وإذا وَكَّلَ فى الذَّبْحِ، اعْتُبِرَتِ النِّيَّةُ مِنَ المُوَكَّلِ إذَنْ، إلَّا أنْ تكونَ مُعَينَّةً، لا تَسْمِيَةُ المُضَحَّى عنه. وقال فى «المُفْرَداتِ»: تُعْتَبرُ فيها النِّيَّةُ. قالَه فى «الفُروعِ» . قال فى «الرِّعايَةِ» : وإنْ وَكَّلَ فى الذَّكاةِ مَن يصِحُّ منه، نوَى عندَها أو عندَ الدَّفْعِ إليه، وإنْ فَوَّضَ إليه، احْتَمَلَ وَجْهَيْن، وتكْفِى نِيَّةُ الوَكيلِ وحدَه، فمَن أرادَ الزَّكاةَ، نوَى إذَنْ. انتهى.
قوله: ووَقْتُ الذَّبْحِ يومُ العيدِ بعدَ الصَّلاةِ أو قَدْرِها. طاهِرُ هذا أنَّه إذا دخَل
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقْتُ صلاةِ العيدِ، ومضَى قَدْرُ الصَّلاةِ، فقد دخَل وَقْتُ الذَّبْحِ، ولا يُعْتَبرُ فِعْلُ ذلك، ولا فَرْقَ فى هذا بينَ أهْلِ الأمْصارِ والقُرَى ممَّن يُصَلِّى العيدَ وغيرِهم. قالَه الشَّارِحُ. وقال ابنُ مُنَجَّى، فى «شَرْحِه»: أمَّا وَقْتُ الذَّبْحِ، فظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، إذا مضَى أحَدُ أمْرَيْن؛ مِن صَلاةِ العيدِ، أو قَدْرِها؛ لأنَّه ذكَر ذلك بلَفْظِ «أو» وهى للتَّخْيِيرِ، ولم يُفَرِّقْ بينَ مَن تُقامُ صلاةُ العيدِ فى مَوْضِعِ ذَبْحِه، أو لم تُقَمْ. انتهى. واعلمْ أنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهب، أنَّ وَقْتَ الذَّبْحِ بعدَ صلاةِ العيدِ فقط، فى حَقِّ أهْلِ الأمْصارِ والقُرَى ممَّن يُصَلِّى. وعليه جماهيرُ الأصحابِ؛ منهم القاضى، وعامَّةُ أصحابِه، كالشَّريفِ أبى جَعْفَرٍ، وأبى الخَطَّاب فى «خِلافَيْهما» ، وابنِ عَقِيلٍ فى «التَّذْكِرَةِ» ، والشِّيرَازِىِّ، وابنِ البَنَّا فى «الخِصَالِ» ، والمُصَنِّفِ، والشَّارِحِ، وابنِ عَبْدُوسٍ فى «تَذكِرَتِه» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «النَّظْمِ» ، و «الفائقِ» وغيرِهم. فلو سبَقَتْ صَلاةُ إمامٍ فى البَلَدِ، جازَ الذَّبْحُ. وعنه، وَقْتُه بعدَ صلاةِ العيدِ والخُطةِ. اخْتارَه المُصَنِّفُ فى «الكافِى». وقال الخِرَقِىُّ وغيرُه: وَقْتُه قَدْرُ صلاةِ العيدِ والخُطةِ. فلم يَشْتَرِطِ الفِعْلَ. وجزَم به فى «الإِيضَاحِ» . وهو رِوايَةٌ عن أحمدَ، ذكَرَها فى «الرَّوْضَةِ». وقيل: لا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يُجْزِئُ الذَّبْحُ قبلَ الإِمامِ. اخْتارَه ابنُ أبى مُوسى. وقيل: ذلك مَخْصُوصٌ ببَلَدِ الإِمامِ. وجزَم به فى «عُيُونِ المَسائلِ» ، وهو ظاهِرُ ما جزَم به فى «الرِّعايَةِ»؛ فقال: وعنه، إذا ضَحَّى الإِمامُ فى بَلَدِه ضَحَّوْا. انتهى. قلتُ: وهذا مُتَعَيِّنٌ.
تنبيه: تابَعَ المُصَنِّفُ، رحمه الله، فى عِبارَتِه هنا أبا الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ» ، وعِبارَتُه فى «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «تَجْريدِ العِنايَةِ» ، وغيرِهم، كذلك. فالذى يظْهَرُ أنَّ كلامَ المُصَنِّفِ هنا ومَن تابَعَه المُصَنِّفُ وتابعَ المُصَنِّفَ مُوافِقٌ للمذهبِ، وأنَّ قوْلَه: بعدَ الصَّلاةِ. يعْنِى فى حَقِّ مَن يُصَلِّيها. وقوْلَه: أو قَدْرِها. فى حَقِّ مَن لم يُصَلِّ. وتكونُ «أو» فى كلامِه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
للتَّقْسيمِ، لا للتَّخْيِيرِ، ولهذا، واللَّهُ أعلمُ، لم يحْكِ صاحِبُ «الفُروعِ» هذا القَوْلَ، ولم يُعَرِّجْ عليه. وقد قال فى النَّظْمِ: وبعدَ صلاةِ العيدِ، أو بعدَ قَدْرِها لمَن لم يُصَلْ. وكذا قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، و «الحاوِى» وغيرِهما. فغايَةُ كلامِ المُصَنِّفِ، أنْ يكونَ فيه إضْمارٌ معْلومٌ، وهو كثيرٌ مُسْتَعْمَلٌ؛ إذْ يبْعُدُ جِدًّا أنْ يَأْتِى المُصَنِّفُ ومَن وافَقَه بما يُخالِفُ كلامَ الأصحابِ. لكِنَّ صاحِبَ «الرِّعايَةِ» حَكاه قوْلًا، والظَّاهِرُ أنَّه توَهَّمَ ذلك، فحَكاه قَوْلًا.
فائدة: حُكْمُ أهْلِ القُرَى، الذين لا صَلاةَ عليهم، ومَن فى حُكْمِهم، كأصحابِ الطُّنُبِ والخَرْكاوَاتِ ونحوِهم، فى وَقْتِ الذَّبْحِ، حُكْمُ أهْلِ القُرَى والأمْصارِ الذين يُصَلُّونَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه جماهيرُ الأصحابِ. فإنْ قُلْنا: وَقْتُه بعدَ صلاةِ العيدِ فى حَقِّهم. فقَدْرُها فى حَقِّ مَن لا تَجِبُ عليه كذلك. وإنْ قُلْنا: بعدَ الصَّلاةِ والخُطْبَةِ. فقَدْرُها كذلك فى حَقِّهم. وإنْ قُلْنا مع ذلك: ذَبْحُ الإِمامِ. اعْتُبِرَ قَدْرُ ذلك أيضًا، وقد عَلِمْتَ المذهبَ فى ذلك، فكذا المذهبُ هنا. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وجزَم به كثيرٌ مِنَ الأصحابِ؛ منهم صاحِبُ «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الحاوِى الكَبِيرِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ». قال الزَّرْكَشِىُّ: عامَّةُ أصحابِ القاضى على ذلك. وقال فى «التَّرْغيبِ» : هو كغيرِه فى الأصحِّ. وقال فى «التَّلْخيصِ» ، و «البُلْغَةِ»: فأمَّا أهْلُ القُرَى، الَّذين لا صَلاةَ عليهم لقِلَّتِهم، ومَن فى حُكْمِهم، فأَوَّلُ وَقْتِهم ذلك الوَقْتُ، فى أحَدِ الوَجْهَيْن. وفى الآخَرِ، أنْ يَمْضِىَ مِن يومِ العيدِ مِقْدارُ ذلك. وقال فى «الفائقِ» ، بعدَ أنْ حكَى الخِلافَ فى أهْلِ الأمْصارِ ومَن فى حُكْمِهم مِن أهْلِ القُرَى: وهو
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وَقْتٌ لأهْلِ البَرِّ فى أحَدِ الوَجْهَيْن. والثَّانى، مِقدارُه. وقال فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرَى» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ»: وَقْتُ الذَّبْحِ بعدَ صلاةِ العيدِ. وقيل: أو قَدْرِها لأهْلِ البَرِّ. وقال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى» : وَقْتُه بعدَ الصَّلاةِ، أو قَدْرِها لأهْلِ البَرِّ. وقيلَ: وغيرِهم. وقال فى «الجامِعِ الصَّغِيرِ» : لا يجوزُ إلَّا بعدَ صَلاةِ الإِمامِ وخُطْبَتِه. قال الزَّرْكَشِىُّ: وهو ظاهِرُ كلامِ أبى محمدٍ. يعْنِى به المُصَنِّفَ فى «المُغْنِى» . قلتُ: قطَع به فى «الكافِى» .
تنبيه: أطْلَقَ المُصَنِّفُ، وأكثرُ الأصحابِ، قَدْرَ الصَّلاةِ والخُطبَةِ. فقالَ الزَّرْكَشِىُّ: يَحْتَمِلُ أنْ يُعْتَبرَ ذلك بمُتَوَسِّط النَّاسِ. وأبو محمدٍ اعْتبرَ قَدْرَ صَلاةٍ وخُطْبَةٍ تامَّتَيْن فى أخَفِّ ما يكونُ.
فوائد؛ منها، إذا لم يُصَلِّ الإِمامُ فى المِصْرِ، لم يَجُزِ الذَّبْحُ حتى تزُولَ الشَّمْسُ، عندَ مَنِ اعْتَبرَ نفْسَ الصَّلاةِ، فإذا زالَتْ جازَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وقطَع به فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ». وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال ابنُ عَقِيلٍ: الذَّبْحُ يتْبَعُ الصَّلاةَ قَضاءً، كما يتْبَعُها أداءً، ما لم يُؤَخَّرْ عن أيَّامِ الذَّبْحِ، فيَتْبَعُ الوَقْتَ ضَرُورَةً. ومنها، حُكْمُ الهَدْى المَنْذورِ فى وَقْتِ الذَّبْحِ، حُكْمُ الأُضْحِيَةِ فيما تقدَّم. وتقدَّم وَقْتُ ذَبْحِ فِدْيَةِ الأَذَى واللُّبْسِ ونحوِها، فى أوَاخرِ بابِ الفِدْيَةِ، وتقدَّم وَقْتُ ذَبْحِ دَمِ التَّمَتُّعِ والقِرانِ، فى بابِ الإِحْرامِ، بعدَ قوْلِه: ويجِبُ على المُتَمَتِّعِ والقارِنِ دَمُ نُسُكٍ. ومنها، لو ذبَح قبلَ وَقْتِ الذَّبْحِ، لم يُجْزِئْه، وله أنْ يفْعَلَ به ما شاءَ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقيل: هو كالأُضْحِيَةِ، وعليه بدَلُ الواجِبِ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قوله: إلى آخِرِ يومَيْن مِن أَيَّام التَّشْرِيقِ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهب، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، وقطَع به كثيرٌ منهم. وقال فى «الإِيضَاحِ»: آخِرُه آخِرُ يوْمٍ مِن أيَّامِ التَّشْريقِ. واخْتارَ ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» ، أنَّ آخِرَه آخِرُ اليَوْمِ الثَّالثِ مِن أيَّامِ التَّشْريقِ. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. قالَه فى «الاخْتِياراتِ» ، وجزَم به ابنُ رَزِينٍ فى «نِهايَتِه» . والظَّاهِرُ أنَّه مُرادُ صاحِبِ «الإِيضاحِ» ، فإنَّ كلامَه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مُحْتَمِلٌ.
فائدة: أفْضَلُ وَقْتِ الذَّبْحِ، أوَّلُ يَوْم مِن وَقْتِه، ثم ما يَلِيه. قلتُ: وأُفَضِّلُ
وَلَا تُجْزِئُ فى لَيْلَتِهِمَا، فى قَوْلِ الْخِرَقِىِّ. وَقَالَ غَيْرُهُ: يُجْزِئُ.
ــ
اليَوْمَ الأوَّلَ، عَقِيبَ الصَّلاةِ والخُطبَةِ وذَبْحِ الإِمامِ، إنْ كان.
قوله: ولا يُجْزِئُ فى ليلَتِهما، فى قول الخِرَقِىِّ. وهو رِوايَةٌ عن أحمدَ. نصَّ عليه فى رِوايَةِ الأَثْرَمِ. واخْتارَها جماعَةٌ، منهمُ الخَلَّالُ. قال: وهى رِوايَةُ الجماعَةِ. وجزَم به فى «الإيضاحِ» ، و «الوَجيزِ». وقدَّمه فى «المُغْنِى». وقال غيرُه: يُجْزِئُ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، نصَّ عليه، وعليه جماهيرُ الأصحابِ، منهم القاضى وأصحابُه. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: اخْتارَه أصحابُنا
فَإِنْ فَاتَ الْوَقْتُ، ذَبَحَ الْوَاجِبَ قَضَاءً، وَسَقَط التَّطَوُّعُ.
ــ
المُتَأخِّرون. وصحَّحه فى «التَّلْخيصِ» وغيرِه. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وأطْلَقهما فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفائقِ» .
فائدة: قال ابنُ البَنَّا فى «خِصَالِه» : يُكْرَهُ ذَبْحُ الهَدايا والضَّحايَا لَيْلًا فى أوَّلِ يَوْمٍ، ولا يُكْرَهُ ذلك فى اليَوْمَيْن الأخِيرَيْن. قلتُ: الأَوْلَى الكراهةُ ليْلًا مُطْلَقًا.
قوله: فإنْ فاتَ الوَقْتُ، ذبَح الواجِبَ قَضاءً، وسقَط التَّطَوُّعُ. فإذا ذبَح الواجِبَ، كان حُكْمُهْ حُكْمَ أصْلِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه أكثرُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأصحابِ. وقال فى «التَّبْصِرَةِ» : يكونُ لَحْمًا يتَصَدَّقُ به، لا أُضْحِيَةً فى الأصحِّ.
وَيَتَعَيَّنُ الْهَدْىُ بِقَوْلِهِ: هَذَا هَدْىٌ. أوْ تَقْلِيدِهِ وَإشْعَارِهِ مَعَ النِّيَّةِ. وَالأُضْحِيَةُ بِقَوْلِهِ: هَذِهِ أُضْحِيَةٌ. وَلَوْ نَوَى حَالَ الشِّرَاءِ، لَمْ تَتَعَيَّنْ بِذَلِكَ.
ــ
قوله: ويتَعَيَّنُ الهَدْىُ بقولِه: هذا هَدْىٌ. أو بتَقْلِيدِه وإشْعارِه مع النِّيَّةِ. والأُضْحِيَةُ بقولِه: هذه أُضْحِيَةٌ. وكذلك قولُه: هذا للَّهِ. ونحوُه مِن ألْفاظِ النَّذْرِ. هذا المذهبُ. جزَم به فى «النَّظْمِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهما. وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «الشَّرْحِ» ، وغيرِهما. واخْتارَه المُصَنِّفُ وغيرُه. وقال فى «الكافِى»: إنْ قلَّدَه أو أشْعَرَه، وجَب، كما لو بنَى مَسْجِدًا وأَذَّنَ للصَّلاةِ فيه. ولم يذْكُرِ النِّيَّةَ. قال فى «الفُروعِ»: وهو أظْهَرُ. قال الزّرْكَشِىُّ: خالَفَ أبو
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
محمدٍ الأصحابَ؛ فقال بوُجُوبِه جازِمًا به. [وقال: لا يُتابَعُ المُصَنِّفُ على كوْنِ ذلك المذهبَ](1). وقطَع فى «المُحَرَّرِ» ، أنَّه لا يتَعَيَّنُ ذلك إلَّا بالقَوْلِ. وجزَم به فى «المُنَوِّرِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» . وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفَائقِ». قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المذهبُ المَشْهورُ المَعْروفُ. قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» : وقيلَ: أو بالنِّيَّةِ فقط. وقيلَ: مع تَقْلِيدٍ وإشْعارٍ. قال فى «الفُروعِ» : وهو سَهْوٌ. يعْنِى قوْلَه: وقيلَ: أو بالنِّيَّةِ فقط. إذْ ظاهِرُ ذلك أنَّه لا يتَعيَّنُ إلَّا بالنِّيَّةِ، فلا يتَعَيَّنُ بالتَّقْلِيدِ والإِشْعارِ مع النِّيَّةِ، على هذا القَوْلِ، ولا بقَوْلهِ: هذا هَدْىٌ وأُضْحِيَةٌ. وهو كما قال فى «الفُروعِ» ؛ فإنَّ هذا القَوْلَ هو احْتِمالٌ لأبى الخَطَّابِ، ويأْتِى قريبًا، ولم يذْكُرْ
(1) زيادة من: أ.
وَإِذَا تَعَيَّنَتْ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهَا وَلَا هِبَتُهَا، إِلَّا أَنْ يُبْدِلَهَا بِخَيْرٍ مِنْهَا.
ــ
لفْظَةَ «فقط» فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، ولا فى غيرِها. وقال فى «المُوجَزِ» ، و «التَّبْصِرَةِ»: إذا أوْجَبَها بلَفْظِ الذَّبْحِ، نحو: للَّهِ علىَّ ذَبْحُها. لَزِمَه ذَبْحُها وتَفْرِيقُها على الفُقراءِ. وهو مَعْنَى قوْلِه فى «عُيُونِ المَسائلِ» : لو قال: للَّهِ عَلىَّ ذَبْحُ هذه الشَّاةِ، ثم أتْلَفَها، ضَمِنَها؛ لبَقاءِ المُسْتَحِقِّ لها.
قوله: ولو نَوَى حالَ الشِّراءِ، لم يتَعَيَّنْ. هذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وعنه، يتَعَيَّنُ بالشِّراءِ مع النِّيَّةِ. اخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ. قالَه فى «الفائِق». وقال أبو الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ»: ويَحْتَمِلُ أنْ يتَعيَّنَ الهَدْىُ والأُضْحِيَةُ بالنِّيَّةِ. كما تقدَّم.
قوله: وإذا تعَيَّنَتْ، لم يَجُزْ بَيْعُها ولا هِبَتُها، إلَّا أنْ يُبْدِلَها بخَيْرٍ مِنها. قدَّم
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَا يَجُوزُ أَيْضًا.
ــ
المُصَنِّفُ، رحمه الله، أنَّ الهَدْى والأُضْحِيَةَ إذا تَعَيَّنا، لم يَجُزْ بَيْعُهما ولا هِبَتُهما، ولا إبْدالُهما إلَّا بخَيْرٍ منهما. وهو أحَدُ الأقْوالِ. اخْتارَه الخِرَقِىُّ، وصاحِبُ «المُنْتَخَبِ» ، والمُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» ، وغيرُهم. قال فى «المُحَرَّرِ»: فإنْ نذَرَها ابْتِداءً بعَيْنِها، لِم يَجُزْ إبْدالُها إلَّا بخَيْرٍ منها. انتهى. وقطع فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ» بجَوازِ إبْدالِها بخيْرٍ منها. وقال: نصَّ عليه. والصَّحيحُ مِنَ المذهب، أنَّه يجوزُ له نَقْلُ المِلْكِ فيه وشِراءُ خَيْرٍ منه. نقَلَه الجماعَةُ عن أحمدَ، وعليه أكَثرُ الأصحابِ. قال فى «الهِدايَةِ»: اخْتارَه عامَّةُ أصحابِنا. قال فى «الفُروعِ» : اخْتارَه الأكثرُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: عليه عامَّةُ الأصحابِ. قال فى «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»: هذا المذهبُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، يجوزُ ذلك لمَن يُضَحِّى دُونَ غيرِه. قال ابنُ أبى مُوسى فى «الإِرْشادِ»: إنْ باعَها بشَرْطِ أن يُضَحِّىَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بها، صحَّ بَيْعُه، قوْلًا واحدًا، وإلَّا فرِوايَتان. انتهى. وعنه، أنَّ مِلْكَه يزُولُ بالتَّعْيِينِ مُطْلَقًا، فلا يجوزُ إبْدالُها ولا غيرُه. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ» ، و «خِلافِه الصَّغِيرِ» . واسْتَشْهَدَ فى «الهِدايَةِ» بمَسائِلَ كثيرةٍ تَشْهَدُ لذلك. فعلى هذا، لو عَيَّنَه ثم عَلِمَ عَيْبَه، لم يَمْلِكِ الرَّدَّ، ويَمْلِكُه على الأَوَّلِ. وعليهما، إنْ أخَذَ أرْشَه، فهل هو له، أو هو كزائدٍ عنِ القِيمَةِ؟ فيه وَجْهان. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ» . وقدَّم فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، أنَّ حُكْمَه حُكمُ الزَّائدِ عن قِيمَةِ الأُضْحِيَةِ. وقدَّم فى «الرِّعايَةِ» ، أنَّه له. وقيلَ: بل للفُقَراءِ. وقيل: بل يَشْتَرِى لهم به شاةً، فإن عجَز، فسَهْمًا مِن بدَنَةٍ، فإنْ عجَزَ، فلَحْمًا. قال فى «الفُروعِ»: وذكَر فى «الرِّعايَةِ الصُّغْرى» وَجْهًا، أنَّ التَّصَرُّفَ فى أُضْحِيَةٍ مُعَيَّنةٍ كهَدْىٍ. قال: وهو سَهْوٌ.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فوائد؛ إحْداها، لو بانَ مُسْتَحَقًّا بعدَ تعَيُّنِه، لَزِمَه بدَلُه. نقَلَه علىُّ بنُ سعيدٍ. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ فيه كأَرْشٍ. الثَّانيةُ، قال فى «الفائقِ»: يجوزُ إبْدالُ اللَّحْمِ بخَيْرٍ منه. نصَّ عليه، وذكَرَه القاضى. الثَّالثةُ، لو أتْلَفَ الأُضْحِيَةَ مُتْلِفٌ، وأُخِذَتْ منه القِيمَةُ، أو باعَها مَن أوْجَبَها، ثُمَّ اشْترَى بالقِيمَةِ أو الثَّمَنِ مِثْلَها، فهل تَصِيرُ مُتَعَيِّنَةً بمُجَرَّدِ الشِّراءِ؟ يُخَرَّجُ على وَجْهَيْن. قالَه فى «القاعِدَةِ الحادِيَةِ والأرْبَعِين» . ويأْتِى نظيرُ ذلك فى آخِرِ الرَّهْنِ والوَقفِ.
وَلَهُ رُكُوبُهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ، مَا لَمْ يَضُرَّ بِهَا.
ــ
تنبيهان؛ أحدُهما، ظاهِرُ قوْلِه: إلَّا بخَيْر منه. أنَّه لا يجوزُ بمِثْلِه. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، سواءٌ كان فى الهَدْى أو الأُضْحِيَةِ، وسَواءٌ كان فى الإِبدالِ أو الشِّراءِ. نصَّ عليه. وقدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، ونَصَراه، و «الفائقِ» ، و «الفُروعِ». وقيل: يَجُوزُ بمِثْلِه. نصَّ عليه. قال الإِمامُ أحمدُ: ما لم يَكُنْ أهْزَلَ. وهما احْتِمالَان للقاضى. وأطْلَقهما فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخِيصِ» ، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الزَّرْكَشِىِّ» . الثَّانى، مفْهومُ قولِه: ولهْ رُكوبُها عندَ الحاجَةِ. أنَّه لا يجوزُ عندَ عَدَمِها. وهو صَحيحٌ، وهو المذهبُ. وهو ظاهِرُ ما جزَم به فى «الرِّعايَةِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الكُبْرَى». وقدَّمه فى «الفُروعِ» . وعنه، يجُوزُ مِن غيرِ ضَرَرٍ بها. جزَم به فى «المُسْتَوعِبِ» ، و «التَّرْغيبِ». قلتُ: وهو ظاهِرُ الأحاديثِ. وأطْلَقهما فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» .
فوائد؛ إحْداها، يضْمَنُ نَقْصَها. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وظاهِرُ
وَإِنْ وَلَدَتْ، ذَبَحَ وَلَدَهَا مَعَهَا. وَلَا يَشْرَبُ مِنْ لَبَنِهَا إِلَّا مَا فَضَلَ عَنْ وَلَدِهَا.
ــ
«الفُصولِ» وغيرِه، يَضْمَنُ إنْ رَكِبَها بعدَ الضَّرُورَةِ ونقَص. الثَّانيةُ، قوْلُه: وإنْ ولَدَتْ ذَبَح ولَدَها معها. بلا نِزاعٍ. وسواءٌ عَيَّنَها حامِلًا، أو حدَث الحَمْلُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بعدَه، فلو تعَذَّرَ حَمْلُ وَلَدِها وسَوْقُه، فهو كالهَدْىِ إذا عطِب، على ما يأْتِى.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الثَّالثةُ، قولُه: ولا يشْرَبُ مِن لَبَنِها إلَّا ما فضَل عن وَلَدِها. بلا نِزاعٍ. فلو خالَف
ويَجُزُّ صُوفَهَا وَوَبَرَهَا، وَيَتَصَدَّقُ بِهِ، إِنْ كَانَ أَنْفَعَ لَهَا. وَلا يُعْطِى الْجَازِرَ بِأُجْرَتِهِ شَيْئًا مِنْهَا.
ــ
وفعَل، حَرُمَ وضَمِنَه. الرَّابعةُ، قولُه: ويَجُزُّ صُوفَها ووَبَرَها، ويتَصَدَّقُ به، إنْ كان أَنْفَعَ لها. بلا نِزاعٍ فى الجُمْلَةِ. زادَ فى «المُسْتَوْعِبِ» ، يتَصَدَّقُ به نَدْبًا. وقال فى «الرَّوْضَةِ»: يتَصَدَّقُ به إن كانتْ نَذْرًا. وقال القاضى فى «المُجَرَّدِ» : يُسْتَحَبُّ له الصَّدَقَةُ بالشَّعَرِ، وله الانْتِفاعُ. وذكَر ابنُ الزَّاغُونِىِّ، أنَّ اللَّبَنَ والصُّوفَ لا يدْخُلان فى الإِيجابِ، وله الانْتِفاعُ بهما إذا لم يَضُرَّ بالهَدْىِ. وكذلك قال صاحِبُ «التَّلْخيصِ» فى اللَّبَنِ.
قوله: ولا يُعْطِى الجَازِرَ بأُجْرَتِه شَيْئًا منها. بلا نِزاعٍ. لكِنْ أَنْ دفَع إليه على سَبيلِ الصَّدَقَةِ أو الهَدِيَّةِ، فلا بَأْسَ؛ لأنَّه مُسْتَحِقٌّ للأَخْذِ، فهو كغَيْرِه، بل أوْلَى؛
وَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِجِلْدِهَا وَجُلِّهَا. وَلَا يَبِيعُهُ، وَلَا شَيْئًا مِنْهَا.
ــ
لأنَّه باشَرَها، وتاقَتْ نفْسُه إليها. قالَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ.
قوله: وله أَنْ ينْتَفِعَ بجِلْدِها وجُلِّها. هذا المذهبُ مُطْلَقًا، وعليه أكثرُ الأصحابِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: لا خِلافَ فى الانْتِفاعِ بجُلُودِها
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وجِلَالِها. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. ونقَل جماعَةٌ، لا يَنْتَفِعُ بما كان واجبًا. قالَ فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ أنَّه المذهبُ، فيَتَصدَّقٌ به. ونقَل الأَثْرَمُ، وحَنْبَلٌ، وغيرُهما، ويتَصَدَّقُ بثَمَنِه. وجزَم فى «الفُصولِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، وغيرِهما، يتَصَدَّقُ بجميعِ الهَدايَا الواجِبَةِ، ولا يُبْقِى منها لَحْمًا ولا جِلْدًا ولا غيرَه. وقال فى «المُسْتَوْعِبِ» وغيرِه: وتُسْتَحَبُّ الصَّدَقَةُ بجُلَالِها.
قوله: ولا يَبيعُه ولا شَيْئًا منها. يَحْرُمُ بَيْعُ الجِلْدِ والجُلِّ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ، وعليه الأكثرُ. قال فى «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ»: هذا المَشْهورُ. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا المذهبُ بلا ريْبٍ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «الهِدايَةِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، وغيرِهم. وعنه،
وَإِنْ ذَبَحَهَا فَسُرِقَتْ، فَلَا شَىْءَ عَلَيْهِ فِيهَا.
ــ
يجُوزُ، ويَشْتَرِى به آلةَ البَيْتِ، لا مأْكولًا. قال فى «التَّرْغيبِ» ، و «التَّلْخيصِ»: وعنه، يجوزُ بَيْعُهما بمَتاعِ البَيْتِ، كالغِرْبالِ، والمُنْخُلِ، ونحوِهما، فيكونُ إبْدالًا بما يحْصُلُ منه مقْصُودُها، كما أجَزْنا إبْدالَ الأُضْحِيَةِ. انتهى. وقطَع به فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ». وقال: نصَّ عليه. وعنه، يجُوزُ بَيْعُها، ويتَصَدَّقُ بثَمَنِه. وعنه، يجُوزُ، ويَشْتَرِى بثَمَنِه أُضْحِيَةً. وعنه، يُكْرَهُ. وعنه، يجوزُ بَيْعُهما مِنَ البَدَنَةِ والبَقَرَةِ، ويتَصدَّقُ بثَمَنِه دُونَ الشَّاةِ. اخْتارَه الخَلَّالُ. وقال فى «الرِّعايَةِ»: وقيلَ: لَه بَيْعُ سَواقِطِ الأُضْحِيَةِ، والصَّدَقَةُ بالثَّمَنِ. قال: قلتُ: وكذا الهَدْىُ. انتهى.
قوله: وإنْ ذبَحَها فسُرِقَتْ، فلا شَئَ عليه فيها. ولو كانتْ واجِبَةً. هذا المذهبُ. نقَلَه ابنُ مَنْصُورٍ. وجزَم به فى «المُغْنِى» ، و «المُحَرَّرِ» ،
وَإنْ ذَبَحَهَا ذَابِحٌ فى وَقْتِهَا بِغَيْرِ إِذْنٍ، أَجْزَأَتْ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى ذَابِحِهَا.
ــ
و «الشَّرْحِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» . [وقبلَ ذَبْحِه لم يَتَعَيَّنْ](1)؛ بدَليلِ أنَّ له بَيْعَه عندَنا. وتقدَّم قوْلُ أبى الخَطَّابِ، أنَّه يزُولُ مِلْكُه عنه، كما لو نَحَرَه وقبَضَه.
قوله: وإن ذبَحَها ذابِحٌ فى وَقْتِها بغيرِ إِذْنٍ، أجْزأَتْ، ولا ضمانَ على ذابِحِها. [وإذا ذبَحَها غيرُ رَبِّها، فَتارَةً ينْوِيها عن صاحِبِها، وتارةً يُطْلِقُ، وتارةً ينْويها عن نَفْسِه؛ فإنْ نوَى ذَبْحَها عن صاحِبِها، أجْزأَتْ عنه، ولا ضَمانَ على ذابِحِها](2). وهذا المذهبُ، وعليه الأصحابُ. وجزَم به فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال فى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«الفائقِ» : والمُخْتارُ، لُزُومُه أرْشُ ما بينَ قِيمَتِها صَحِيحةً ومَذْبُوحَةً. وإنْ ذَبَحها وأطْلَقَ النِّيَّةَ، فظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا الإِجزاءُ وعدَمُ الضَّمانِ، وهو ظاهِرُ كلامِه فى «المُحَرَّر» ، و «الفائقِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الوَجيزِ» ، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى» ، وغيرِهم؛ لإطْلاقِهم. وقالَه فى «التَّرْغيبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، وغيرِهما. وجزَم به فى «عُيونِ المسَائلِ» ، و «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» . والصَّحيحُ مِن المذهبِ، عدَمُ الإِجْزاءِ ووُجوبُ الضَّمانِ. قدَّمه فى «الفُروعِ» . وإنْ ذَبَحَها ونوَى عن نَفْسِه، ففى الإِجْزاءِ عن صاحِبِها والضَّمانِ رِوايَتان. ذكَرَهما القاضى. وأطْلَقهما فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الفُروعِ» ، و «الفَائقِ» ؛ إحْداهما، لا تُجْزِئُ ويَضْمَنُها. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، تُجْزِئُ مُطلَقًا، ولا ضَمانَ عليه. قدَّمه فى «الرِّعايَةِ الكُبْرَى» ، وصحَّحه فى «النَّظْمِ» . قال
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ابنُ عَبْدُوسٍ فى «تَذْكِرَتِه» : لا أثَرَ لِنيَّةِ فَضُولِىٍّ. قال فى «القاعِدَةِ السَّادسَةِ والتِّسْعِين» : حكَى القاضى فى الأُضْحِيَةِ رِوايتَيْن. والصَّوابُ، أنَّ الرِّوايتَيْن تَنْزِلان على اخْتلافِ حالَيْن، لا على اخْتِلافِ قوْلَيْن؛ فإنْ نوَى الذابِحُ بالذَّبْحِ عن نَفْسِه، مع عِلْمِه بأنَّها أُضْحِيَة الغيرِ، لم يُجْزِئه؛ لغَصْبِه واسْتِيلاِئه على مالِ الغيرِ، وإِتلافِة له عُدْوانًا، وإنْ كان الذَّابِحُ يظُن أنها أضْحِيَتُه، لاشْتِباهِها عليه، أجْزَأَتْ عنِ المالكِ. وقد نصَّ أحمدُ على الصُّورَتيْن فى رِوايَةِ ابن القاسِمِ، وسِنْدِىٍّ، مُفَرِّقًا بينَهما، مُصَرِّحًا بالتَّعْليلِ المذْكُورِ. وكذلك الخَلَّالُ فرَّقَ بينَهما، وعقَد لهما بابَيْن مُفْردَيْن. فلا تصِحُّ التَّسْوِيَةُ بينَهما. انتهى. وقيلَ: يُعْتَبَرُ على هذه الرِّوايَةِ أنْ يَلِىَ رَبُّها تَفْرِقَتَها. وقال فى القاعِدَةِ المذْكُوَرةِ: وأمَّا إذَا فرَّقَ الأَجْنَبِىُّ اللَّحْمَ، فقال الأصحابُ: لا يُجْزِئُ. وأبْدَى ابنُ عَقِيلٍ فى «فُنونِه» احْتِمالًا بالإِجْزاءِ، ومالَ إليه ابنُ رَجَبٍ وقَوَّاه، وإنْ لم يُفَرِّقْها، ضَمِنَ الذَّابِحُ قِيمَةَ اللَّحْمِ. وإِنْ كان على رِوايَةِ عدَم الإِجزاءِ، يعُودُ مِلْكًا. قال فى «الفُروعِ»: وقد ذكَر الأصحابُ فى
وَإنْ أتلَفَهَا أجنَبِىٌّ، فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا، وَإنْ أتلَفَهَا صَاحِبُهَا، ضَمِنَهَا بِأَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ مِثْلِهَا أوْ قِيمَتِهَا. فَإِنْ ضَمِنَهَا بِمِثْلِهَا وَأَخْرَجَ فَضْلَ الْقِيمَةِ، جَازَ، وَيَشْتَرِى بِهِ شَاةً أوْ سُبْعَ بَدَنَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَبْلُغِ، اشْتَرَى بِهِ لَحْمًا فَتَصَدَّقَ بِهِ، أو يَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلِ.
ــ
كلِّ تَصَرُّفِ غاصِبٍ حُكْمِىٍّ؛ عِبادَةٍ وعقْدٍ، الرِّوايَاتِ. انتهى. قال فى «القاعِدَةِ السَّادِسَةِ والتِّسْعِين»: إذا عيَّنَ أُضْحِيَةً، وذبَحَها غيرُه بغيرِ إِذْنِه، أَجْزَأَتْ عن صاحِبِها، ولم يَضْمَنِ الذَّابِحُ شيئًا. نصَّ عليه. ولا فَرْقَ عندَ الأَكْثرِين بينَ أنْ تكونَ مُعَينةً ابتداءً، أو عن وْاجِب فى الذِّمَّةِ. وفرَّقَ صاحِبُ «التَّلْخيصِ» بينَ ما وجَب فى الذِّمَّةِ وغيرِه. وقال: المُعَيَّنَةُ عمَّا فى الذِّمَّةِ يُشْترَطُ لها نِيَّةُ المالِكِ عندَ الذَّبْحِ، فلا يُجْزِئُ ذَبْحُ غيره بغيرِ إذْنِه، فيَضْمَنُ. انتهى. فعلى القَوْلِ بالضَّمانِ، يضْمَنُ ما بينَ كوْنها حَيَّةً إلى مذْبُوحَةٍ. ذكَرَه فى «عُيُونِ المَسائلِ» . واقْتَصرَ عليه فى «الفُروعِ» .
قوله: وإنْ أتْلفَها أَجْنَبىٌّ، فعليه قيمَتُها. بلا نِزاعٍ. ويكونُ ضَمانُ قِيمَتِها يومَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تَلَفِها. قال الشَّارِحُ: وَجْهًا واحدًا. فإنْ زادَتْ قِيمَتُها على ثَمَنِ مِثْلِها، فحُكْمُها حُكمُ ما لو أتْلَفَها صاحِبُها، على ما يأْتِى. فإنْ لم تبْلُغِ القِيمَةُ ثَمَنَ الأُضْحِيَةِ، فالحُكْمُ فيه على ما يأْتِى فيما إذا أتْلَفَها رَبُّها. وقال فى «الفُروعِ»: ضَمِنَ ما بينَ كوْنِها حَيَّةً إلى مذْبُوحَةٍ. ذكَرَه فى «عُيونِ المسائلِ» كما تقدَّم.
قوله: وإنْ أتْلَفَها صاحِبُها، ضَمِنَها بأكْثَرِ الأَمْرَيْن مِن مثلِها أو قِيمَتِها. ولا خِلافَ فى ضَمانِ صاحبِها إذا أتْلَفَها مُفَرِّطًا. ثم اخْتَلَفُوا فى مِقْدارِ الضَّمانِ؛ فجزَم المُصَنِّفُ هنا، أنَّه يضْمَنُها بأَكْثَرِ الأَمْرَيْن مِن مِثْلِها أو قِيمَتِها. وجزَم به فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «مَسْبوكِ الذَّهَبِ» ، و «الخُلاصةِ» ، و «الكافِى» ، و «الهادِى» ، و «النَّظْمِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ» ، وغيرِهم. قال الزَّرْكَشِىُّ: هو قوْلُ أكثرِ الأصحابِ. والصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنه يضْمَنُها بالقِيمَةِ يومَ التَّلَفِ، فيصْرِفُ فى مِثْلِها، كالأجْنَبِىِّ. اخْتارَه القاضى فى «الجامعِ الصَّغِيرِ» ، وأبو الخَطَّابِ فى «خِلافِه» . وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الفَائقِ» . وأطْلَقهما فى «التَّلْخيصِ» ، و «الزَّرْكَشِىِّ» . فعلى الأوَّلِ. يكونُ أكثرَ القِيمَتَيْن، مِنَ الإيجابِ إلى التَّلَفِ. وهو الصَّحيحُ على هذا القَوْلِ. جزَم
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
به فى «المُسْتَوْعِبِ» ، و «التَّلْخيصِ» ، و «الرِّعايَتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» . وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «النَّظْمِ». وقال فى «التَّبْصِرَةِ»: مِنَ الإيجابِ إلى النَّحْرِ. وقيل: مِنَ التَّلَفِ إلى وُجوبِ النَّحْرِ. وجزَم به الحَلْوَانِىُّ. قال فى «القَواعِدِ» : فعليه ضَمانُه بأكثرِ القِيمَتَيْن، مِن يومِ الإِتْلافِ إلى (1) يوْمِ النَّحْرِ. وقال الزَّرْكَشِىُّ: أو مِن حينِ التَّلَفِ إلى جَوازِ الذَّبْحِ، عندَ الشَّرِيفِ، وأبى الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ» ، والشِّيرَازِىِّ، والشَّيْخَيْن، وغيرِهم. انتهى. ولم أرَ ذلك عن مَن ذكر.
قوله: فإنْ ضَمِنَها بمثلِها وأَخْرَجَ فَضْلَ القِيمَةِ، جازَ، ويشْتَرِى به شاةً أو سُبْعَ بَدَنَةِ. بلا نِزاعٍ. لكنْ قال فى «المُسْتَوعِبِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ،
(1) فى الأصل، ط:«أو» .
فَإِنْ تَلِفَتْ بِغَيْرِ تَفْرِيطِهِ، لَمْ يَضْمَنْهَا.
ــ
و «الحاوِيَيْن» ، وغيرِهم: يَشْتَرِى به شاةً، فإنْ عجَز، فسَهْمًا مِن بَدَنَةٍ. انتهى. وقال فى «المُحَرَّرِ» ، كالمُصَنِّفِ: فإنْ لم يَبْلُغْ ثَمَنَ شاةٍ، ولا سُبْعَ بَدَنَةٍ أو بَقَرَةٍ، اشْترَى به لَحْمًا فتَصَدَّقَ به، أو تصَدَّقَ بالفَضْلِ. فخيَّرَه المُصَنِّفُ، إذا لم يَبْلُغِ الفاضِلُ ما يُشْتَرَى به دَمٌ، بينَ أنْ يَشْتَرِىَ به لَحْمًا يتَصدَّقُ به، وبينَ أنْ يتَصدَّقَ بالفَضْلِ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ والوَجْهَيْن. جزَم به فى «المُحَرَّرِ» . وقدَّمه فى «الفُروعِ» . والوَجْهُ الثَّانى، يَلْزَمُه شِراءُ لَحْم يتَصَدَّقُ به. وقدَّمه «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» . وأطْلَقهما فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» . وقال فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن»: وما زادَ منهما اشْتَرى بالفَضْلَةِ شاةً، فإنْ عجَز، فسَهْمًا مِن بَدَنَةٍ، فإنْ عجَز، فلَحْمًا يتَصَدَّقُ به. وقيل: بل يتَصَدَّقُ بالفَضْلَةِ.
فوائد؛ منها، قوْلُه: وإنْ تَلِفَتْ بغيرِ تَفْرِيطِه، لم يَضْمَنْها. بلا نِزاعٍ. وعندَ
وَإنْ عَطِبَ الْهَدْىُ فِى الطَّرِيقِ، نَحَرَهُ مَوْضِعَهُ، وَصَبَغَ نَعْلَهُ الَّتِى فِى عُنُقِهِ فِى دَمِهِ، وَضَرَبَ بِهَا صَفْحَتَهُ؛ لِيَعْرِفَهُ الْفُقَرَاءُ فَيَأْخُذُوهُ. وَلَا يَأْكُلُ مِنْهُ هُوَ، وَلَا أَحَدٌ مِنْ رُفْقَتِهِ.
ــ
الأكثرِ، سواءٌ تَلِفَتْ قبلَ ذَبْحِه أو بعدَه. نصَّ عليه. ونقَلَه القاضى فى «خِلافِه» ، وأبو الخَطَّابِ، فى «انْتِصارِه» ، وُجوبَ الضَّمانِ كالزَّكاةِ. قال فى «القاعِدَةِ الثَّامِنَةِ والثَّلاثِين بعدَ المِائَةِ»: وهو بعيدٌ. وقال فى «القَواعِدِ الأُصُوليَّة» : إذا نذَر أُضْحِيَةً، أو الصَّدقَةَ بدَراهِمَ مُعَينَّةَ، فتَلِفَتْ، فهل يَضْمَنُها؟ على رِوايتَيْن. وقال جماعةٌ، منهم القاضى، وأبو الخَطَّابِ: ولو تمَكَّنَ مِنَ الفِعْلِ، نظرًا إلى عدَمِ تَعْيِينِ مُسْتَحِقٍّ، كالزَّكاةِ، وإلى تعَلُّقِ الحَقِّ بعَيْنٍ مُعَيَّنَةٍ، كالعَبْدِ الجانِى. وقال أبو المعالِى: إنْ تَلِفَتْ قبلَ التَّمَكُّنِ، فلا ضَمانَ، وإلَّا فوَجْهان؛ إنْ قُلْنا: يَسْلُكُ بالنَّذْرِ مَسْلَكَ الواجِبِ شَرْعًا. ضَمِنَ، وإنْ قُلْنا: مَسْلَكَ التَّبَرُّعِ. لم يَضْمَنْ. انتهى. ومنها، لو فَقَأَ عيْنَها، تَصدَّقَ بالأَرْشِ. ومنها، لو مَرِضَت، فخافَ عليها، فذَبَحَهَا، لَزِمَه بدَلُها، ولو ترَكَها فماتَتْ، فلا شئَ عليه. قالَه الإِمامُ أحمدُ. ومنها، لو ضحَّى كلُّ واحدٍ منهما عن نَفْسِه بأُضْحِيَةِ الآخَر غلَطًا، كفَتْهُما ولا ضَمانَ؛ اسْتِحْسانًا. قالَه فى «الفُروعِ». وقال القاضى وغيرُه: القِياسُ ضِدُّهما. ونقَل الأَثْرَمُ وغيرُه، فى اثْنَيْن ضَحى هذا بأُضْحِيَةِ هذا، يَتَرادَّان اللَّحْمَ
ويُجْزِئُ.
قوله: وإنْ عَطِبَ الهَدْىُ فى الطَّرِيقِ نحَرَه فى مَوْضِعِه. وهذا بلا نِزاعٍ. ولكنْ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قال جماعةٌ مِنَ الأصحابِ: لو خافَ أنْ يَعْطَبَ، ذَبَحَه، وفعَل به كذلك.
قوله: ولا يأْكُلُ منه هو ولا أحَدٌ مِن رُفْقَتِه. يعنى، يحْرُمُ عليه الأَكْلُ هو ورُفْقَتِه
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مِنَ الهَدْى إذا عَطِبَ. وهذا المذهبُ، وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ»
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وغيرِه. وأباحَ الأَكْلَ منه القاضى، وأبو الخَطَّابِ فى «الانْتِصارِ» ، مع فقرِه. واخْتارَ فى «التَّبْصِرَةِ» إباحَتَه لرفيقِه الفَقيرِ. وقوْلُه: ولا أحدٌ مِن رُفْقَتِه. قال فى «الوَجيزِ» : ولا يأْكُلُ هو ولا خاصَّتُه منه. قلتُ: وهو مُرادُ غيرِه. وقد صرَّح الأصحابُ بأنَّ الرُّفْقَةَ الَّذِين معه، ممَّن تَلْزَمُه مُؤْنَتُه فى السَّفَرِ.
وإنْ تَعَيَّبَتْ، ذَبَحَهَا، وَأَجْزَأَتْهُ، إِلَّا أَنْ تَكُوِنَ وَاجِبَةً فِى ذِمَّتِهِ قَبْلَ التَّعْيِينِ، كَالْفِدْدة وَالْمَنْذُورِ فِى الذِّمَّةِ، فَإِنَّ عَلَيْهِ بَدَلَهَا.
ــ
قوله: فإِنْ تَعَيَّبَتْ، ذَبَحَها وأَجْزَأتْه، إلَّا أنْ تكونَ واجبةً قبلَ التَّعْيينِ، كالفِدْيةِ والمنْذُورَةِ فى الذِّمَّةِ، فإن عليه بَدَلَها (1). اعلمْ أنَّه إذا تعَيَّبَ ما عَيَّنَه، فَتارةً يكونُ قد عيَّنَه عن واجِبٍ فى ذِمَّتِه، كهَدْى التَّمَتُّعِ والقِرانِ، والدِّماءِ الواجِبَةِ فى النُّسُكِ بتَرْكِ واجبٍ أو بفعلِ مَحْظُورٍ، أو وجَب بالنَّذْرِ، وتارةً يكونُ واجِبًا بنَفْسِ التَّعْيِينِ؛ فإنْ كان واجِبًا بنَفْسِ التَّعْيِينِ، مثْلَ ما لو وجَّب أُضْحِيَة سَليمَةً، ثم حدَث بها عَيْبٌ يَمْنَعُ الإِجْزاءَ مِن غيرِ فِعْلِه، فهنا عليه ذَبْحُه، وقد أجْزَأ عنه، كما جزَم
(1) فى ط: «بذلها» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
به المُصَنِّفُ هنا. وهو المذهبُ، ونصَّ عليه فى مَن جرَّها بقَرْنِها إلى المَنْحَرِ فانْقَلَعَ. وجزَم به فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «الخِرَقِىِّ» ، و «الزَّرْكَشِىِّ»؛ وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وقال القاضى: القِياسُ لا يُجْزِئُه. فعلى المذهبِ، تخْرُجُ بالعَيْبِ عن كْونِها أضْحِيَةً. قالَه فى «القاعِدَةِ الأَرْبَعِين» ، فإذا زالَ العَيْبُ عادَتْ أُضْحِيَةً كما كانت. ذكَرَه ابنُ عَقِيلٍ، فى «عُمْدَةِ الأدِلَّة» . فلو تَعَيَّبَتْ هذه بفِعْلِه، فله بدَلُها. جزَم به فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» . وهو ظاهِرُ ما جزَم به فى «الفُروعِ» . وإنْ كان مُعَيَّنًا عن واجِبٍ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
فى الذِّمَّةِ وتعَيَّبَ، أو تَلِفَ أو ضَلَّ أو عَطِبَ أو سُرِقَ أو نحو ذلك، لم يُجْزِئْه، ولَزِمَه بدَلُه، ويَلزَمُ أفْضَلُ. ممَّا فى الذِّمَّةِ إنْ كان تَلَفُه بتَفْريطِه. قال الإِمامُ أحمدُ: مَن ساقَ هَدْيًا واجِبًا فعَطِب أو ماتَ، فعليه بدَلُه، وإِنْ شاءَ باعَه، وإنْ نحَرَه جازَ أكْلُه منه ويُطْعِمُ؛ لأنَّ عليه البَدَلَ. قالَه فى «الفُروعِ». وقال: وكذا أَطْلَقَه فى «الرَّوْضَةِ» ، أنَّ الواجِبَ يفْعَلُ به ما شاءَ، وعليه بدَلُه. انتهى. وفى بُطْلانِ تَعْيِينِ الوَلَدِ وَجْهانِ. وأطْلَقهما فى «الفُروعِ» ، و «الزَّرْكَشِىِّ» . وقال فى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
«الفُصولِ» : فى تَعْيِينِه هنا احْتِمالان. قال فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ»: إذا قُلْنا: يَبْطُلُ تَعْيِينُها، وتعودُ إلى مالِكِها. احْتَمَلَ أنْ يَبْطُلَ التَّعْيِينُ فى وَلَدِها تَبَعًا، كما ثبَت تَبَعًا، قِياسًا على نَمائِها المُتَّصِلِ بها، واحْتَمَل أنْ لا يَبْطُلَ، ويكونَ للفُقَراءِ؛ لأنَّه تَبِعَها (1) فى الوُجوبِ حالَ اتِّصالِه بها، ولم يتْبَعْها فى زَوالِه؛ لأنَّه صارَ مُنْفَصِلًا عنها، فهو كوَلَدِ المَبِيعِ المَعِيبِ إذا وَلَدَ عندَ المُشْتَرِى ثم رَدَّه، لا يَبْطُلُ البَيْعُ فى وَلَدِها، والمُدَبَّرَةُ إذا قتَلَتْ سيِّدَها، فبَطَلَ تَدْبِيرُها، لا يبْطُلُ فى وَلَدِها (2).
(1) فى الأصل، ط:«تبعا» .
(2)
انظر: المغنى 5/ 442.
وَهَلْ لَهُ اسْتِرْجَاعُ هَذَا الْعَاطِبِ وَالْمَعِيبِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.
ــ
انتهى. وقدَّم ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه» ، أنَّه يَتْبَعُها. قلتُ: الذى يظْهَرُ، أنَّه لا يَبْطُلُ تَعْيِينُه؛ لأنَّه بوُجُودِه قد صارَ حُكْمُه حكمَ أُمِّه. لكنْ تعَذَّرَ فى الأُمِّ، فبَقِى حُكْمُ الوَلَدِ باقِيًا (1).
قوله: وهل له اسْتِرْجاعُ هذا العاطِبِ والمَعِيبِ -أى إلى مِلْكِه- على رِوايتَيْن. وأطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايَتَيْن» ، و «الحاوِيَيْن» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «الزَّرْكَشِىِّ» ؛ إحْداهما، ليس له اسْتِرجاعُه إلى
(1) فى الأصل، ط:«باق» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مِلْكِه إذا كان مُعَيَّنًا؛ لأنَّه قد تعَلَّقَ به حقُّ الفُقَراءِ. وهذا المذهبُ. قال فى «الفُروعِ» : ليس له اسْتِرْجاعُه على الأصحِّ. وصحَّحه فى «النَّظْمِ» ، [و «تَصْحيحِ المُحَرَّرِ»](1). والرِّوايةُ الثَّانيةُ، له اسْتِرْجاعُه إلى مِلْكِه، فيَصْنَعُ به ما شاءَ. وهو ظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ» ، و «الفائِق» . واخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ، وابنُ أبى مُوسى. قالَه الزَّرْكَشِىُّ. وقدَّمه ابنُ رَزِينٍ فى «شَرْحِه» . وجزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «تَذْكِرَةِ ابنِ عَبْدُوسٍ» ،
(1) زيادة من: ش.
وَكَذَلِكَ إِنْ ضَلَّتْ فَذَبَحَ بَدَلَهَا ثُمَّ وَجَدَهَا.
ــ
و «المُنْتَخَبِ» .
قوله: وكَذلك إنْ ضَلَّتْ فذَبَحَ بَدَلَها ثم وجَدَها. يَعنِى، أنَّ فى اسْتِرْجاعِ الضَّالِ إلى مِلْكِه، إذا وَجدَه بعدَ ذَبْحِ بدَلِه، الرِّوَايتَيْن المُتقَدِّمتَيْن. وهذا هو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، فالحُكْمان واحِدٌ، والمذهبُ هنا كالمَذهب هناك. وجزَم به فى «الفُروعِ» ، و «الرِّعايَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، وغيرِهم. وَأمَّا المُصَنِّفُ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والشَّارِحُ، فإنَّهما قطَعا بأنَّه يذْبَحُ البَدَلَ والمُبْدَلَ، ولم يحْكِيَا خِلافًا، ولكنْ خرَّجا تخْرِيجًا، أنه كالمَسْألةِ التى قبلَها. وقال ابنُ مُنَجَّى: ويُقَوِّى لزُومَ ذَبْحِه مع ذَبْحِ الواجبِ حديثٌ. ذكَرَه. ففيه إيماءٌ إلى التَّفْرِقةِ؛ إمَّا لأَجْلِ الحديثِ، أو لأنَّ