المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب إزالة النجاسة] - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت الفقي - جـ ١

[المرداوي]

الفصل: ‌[باب إزالة النجاسة]

فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَةِ، وَالْحَوَاشِي. وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ: لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ وَتَقَدَّمَ إذَا كَانَ رَفِيقَ الْمَيِّتِ عَطْشَانُ وَلَهُ مَاءٌ أَوَّلَ الْبَابِ.

التَّاسِعَةُ: لَوْ اجْتَمَعَ حَيٌّ وَمَيِّتٌ لَا ثَوْبَ لَهُمَا، وَحَضَرَ وَقْتُ الصَّلَاةِ. فَبُذِلَ ثَوْبٌ لِأَوْلَاهُمَا بِهِ: صَلَّى فِيهِ الْحَيُّ، ثُمَّ كُفِّنَ فِيهِ الْمَيِّتُ فِي وَجْهٍ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْفُرُوعِ.

ذَكَرَهُ فِي بَابِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ. وَفِي وَجْهٍ آخَرَ: يُقَدَّمُ الْمَيِّتُ عَلَى صَلَاةِ الْحَيِّ فِيهِ. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ. وَقَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْحَيُّ أَوْلَى بِهِ مُطْلَقًا. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَهُوَ بَعِيدٌ وَيَأْتِي فِي الْجَنَائِزِ فِي فَصْلِ الْكَفَنِ لَوْ وُجِدَ كَفَنٌ وَاحِدٌ وَوُجِدَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَمْوَاتِ: هَلْ يُجْمَعُونَ فِيهِ. أَوْ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ؟ الْعَاشِرَةُ: لَوْ احْتَاجَ حَيٌّ لِكَفَنِ مَيِّتٍ لِبَرْدٍ وَنَحْوِهِ زَادَ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ: إنْ خَشِيَ التَّلَفَ فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَى الْمَيِّتِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: يُقَدَّمُ فِي الْأَصَحِّ مَنْ احْتَاجَ كَفَنَ مَيِّتٍ لِبَرْدٍ وَنَحْوِهِ. وَقِيلَ: لَا يُقَدَّمُ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ، وَابْنُ الْجَوْزِيِّ: يُصَلَّى عَلَيْهِ عَادِمَ السُّتْرَةِ فِي إحْدَى لِفَافَتَيْهِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَالْأَشْهَرُ عُرْيَانًا كَلِفَافَةٍ وَاحِدَةٍ يُقَدَّمُ الْمَيِّتُ بِهَا ذَكَرَهُ فِي الْكَفَنِ.

[بَابُ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ]

ِ قَوْلُهُ (لَا يَجُوزُ إزَالَتُهَا بِغَيْرِ الْمَاءِ) يَعْنِي الْمَاءَ الطَّهُورَ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا. وَعَلَيْهِ مُعْظَمُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. قَالَ الْقَاضِي: قَالَ أَصْحَابُنَا لَا تَجُوزُ إزَالَةُ النَّجَاسَةِ بِمَائِعٍ غَيْرِ الْمَاءِ. أَوْمَأَ إلَيْهِ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ وَعَبْدِ اللَّهِ. وَعَنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا تُزَالُ بِكُلِّ مَائِعٍ طَاهِرٍ مُزِيلٍ، كَالْخَلِّ وَنَحْوِهِ اخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ. ذَكَرَهُ فِي آخِرِ الْبَابِ. وَقِيلَ: تُزَالُ بِغَيْرِ الْمَاءِ لِلْحَاجَةِ، اخْتَارَهُ الْمَجْدُ. قَالَ حَفِيدُهُ: وَهُوَ أَشْبَهُ بِنُصُوصِ أَحْمَدَ. نَقَلَهُ ابْنُ خَطِيبِ السَّلَامِيَّةِ فِي تَعْلِيقِهِ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ

ص: 309

وَقِيلَ: تُزَالُ بِمَاءٍ طَاهِرٍ غَيْرِ مُطَهِّرٍ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الزَّرْكَشِيّ وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ: لَا تُزَالُ إلَّا بِمَاءٍ طَهُورٍ مُبَاحٍ، وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ.

قَوْلُهُ (وَتُغْسَلُ نَجَاسَةُ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ بِلَا نِزَاعٍ) وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُمَا وَالْمُتَوَلِّدُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا وَجَمِيعِ أَجْزَائِهِمَا: نَجِسٌ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ. وَقِيلَ: يُغْسَلُ وُلُوغُهُ فَقَطْ تَعَبُّدًا، وِفَاقًا لِمَالِكٍ. فَظَاهِرُ الْقَوْلِ: أَنَّهُمَا طَاهِرَانِ، وَلَكِنْ يُغْسَلُ الْوُلُوغُ تَعَبُّدًا.

وَعَنْهُ طَهَارَةُ الشَّعْرِ، اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: فَيَخْرُجُ ذَلِكَ فِي كُلِّ حَيَوَانٍ نَجِسٍ، وَهُوَ كَمَا قَالَ.

وَعَنْهُ سُؤْرُهُمَا طَاهِرٌ. ذَكَرَهَا الْقَاضِي فِي شَرْحِهِ الصَّغِيرِ. نَقَلَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ. قَوْلُهُ (وَتُغْسَلُ نَجَاسَةُ الْكَلْبِ سَبْعًا) تُغْسَلُ نَجَاسَةُ الْكَلْبِ سَبْعًا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ.

وَعَنْهُ ثَمَانِيًا. فَظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى: اخْتِصَاصُ الْعَدَدِ بِالْوُلُوغِ. قَالَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَقَطَعَ الْمُصَنِّفُ: أَنَّ نَجَاسَةَ الْخِنْزِيرِ كَنَجَاسَةِ الْكَلْبِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: هُوَ شَرٌّ مِنْ الْكَلْبِ. وَقِيلَ: لَيْسَتْ نَجَاسَةُ الْخِنْزِيرِ كَنَجَاسَةِ الْكَلْبِ.

فَلَمْ يَذْكُرْ أَحْمَدُ فِيهِ عَدَدًا. وَقِيلَ: لَا يُعْتَبَرُ فِي نَجَاسَتِهِمَا عَدَدٌ. قَالَ ابْنُ شِهَابٍ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: لَا يُشْتَرَطُ الْعَدَدُ، وَإِنَّمَا يُغْسَلُ مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ.

وَذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي شَرْحِ الْمُذْهَبِ رِوَايَةً، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: قَالَ شَيْخُنَا: ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ الْعَدَدَ لَا يَجِبُ فِي غَيْرِ الْآنِيَةِ وَتَقَدَّمَ فِي الْوُضُوءِ هَلْ تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ فِي غَسْلِ النَّجَاسَةِ أَمْ لَا؟ قَوْلُهُ (إحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ) الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: اشْتِرَاطُ التُّرَابِ فِي غَسْلِ نَجَاسَتِهِمَا مُطْلَقًا. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ

ص: 310

الْأَصْحَابِ.

وَعَنْهُ اسْتِحْبَابُ التُّرَابِ. ذَكَرَهَا ابْنُ الزَّاغُونِيِّ. نَقَلَهَا فِي الْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ. وَقَالَ: وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ: وَعَنْهُ اسْتِعْمَالُ التُّرَابِ فِي الْوُلُوغِ مُسْتَحَبٌّ غَيْرُ وَاجِبٍ. حَكَاهَا ابْنُ الزَّاغُونِيِّ. وَقِيلَ: إنْ تَضَرَّرَ الْمَحَلُّ سَقَطَ التُّرَابُ. قَالَ الْمَجْدُ، وَتَبِعَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ: وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَقِيلَ: يَجِبُ فِي إنَاءٍ وَنَحْوِهِ فَقَطْ. وَحَكَى رِوَايَةً.

تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ " إحْدَاهُنَّ بِالتُّرَابِ " لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَوْ جَعَلَ التُّرَابَ فِي أَيِّ غَسْلَةٍ شَاءَ: أَنَّهُ يُجْزِئُ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْأَوْلَوِيَّةِ. فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا: أَنَّهُ لَا أَوْلَوِيَّةَ فِيهِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَصَاحِبِ الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَالْوَجِيزِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَبَنَاهُ عَلَى قَاعِدَةٍ أُصُولِيَّةٍ.

وَعَنْهُ الْأَوْلَى: أَنْ يَكُونَ فِي الْغَسْلَةِ الْأُولَى، وَهُوَ الصَّحِيحُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالْكَافِي، وَالشَّرْحِ، وَالنَّظْمِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالزَّرْكَشِيُّ. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: الْأَوْلَى جَعْلُهُ فِي الْأُولَى إنْ غُسِلَ سَبْعًا. قَالَ فِي الْإِفَادَاتِ: لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْأَخِيرَةِ.

وَعَنْهُ الْأَخِيرَةُ أَوْلَى، وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْفُرُوعِ، وَأَطْلَقَ الْأَخِيرَتَيْنِ فِي الْمُذْهَبِ، وَعَنْهُ إنْ غَسَلَهَا ثَمَانِيًا فَفِي الثَّامِنَةِ أَوْلَى، جَزَمَ بِهِ ابْنُ تَمِيمٍ. وَقَالَ: نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: إنْ غَسَلَهُ ثَمَانِيًا، فَفِي الثَّامِنَةِ أَوْلَى.

فَوَائِدُ

إحْدَاهُمَا: لَا يَكْفِي ذَرُّ التُّرَابِ عَلَى الْمَحَلِّ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ مَائِعٍ يُوصِلُهُ إلَيْهِ. ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي، وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكْفِيَ ذَرُّهُ، وَيُتْبِعَهُ الْمَاءَ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ، وَهُوَ أَظْهَرُ، قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ.

ص: 311

الثَّانِيَةُ: يُعْتَبَرُ اسْتِيعَابُ مَحَلِّ الْوُلُوغِ بِالتُّرَابِ. قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ. وَقِيلَ: يَكْفِي مُسَمَّى التُّرَابِ مُطْلَقًا. قَالَهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ. وَقِيلَ: يَكْفِي مُسَمَّاهُ فِيمَا يَضُرُّ دُونَ غَيْرِهِ.

قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَقِيلَ: يَكْفِي مِنْهُ مَا يُغَيِّرُ الْمَاءَ. قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ. وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْفُرُوعِ. الثَّالِثَةُ: يُشْتَرَطُ فِي التُّرَابِ: أَنْ يَكُونَ طَهُورًا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: يُجْزِئُ بِالطَّاهِرِ أَيْضًا، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي التَّلْخِيصِ. قَوْلُهُ (فَإِنْ جَعَلَ مَكَانَهُ أُشْنَانًا أَوْ نَحْوَهُ، فَعَلَى وَجْهَانِ) أَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْكَافِي، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالْفَائِقِ، وَالزَّرْكَشِيُّ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَالْفُرُوعِ. إحْدَاهُمَا: يُجْزِئُ ذَلِكَ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ: هَذَا أَقْوَى الْوُجُوهِ. وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي النَّظْمِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَقُومُ غَيْرُ التُّرَابِ مَقَامَهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ، وَالْفُصُولِ، وَالْعُمْدَةِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَالتَّسْهِيلِ، وَغَيْرِهِمْ. لِاقْتِصَارِهِمْ عَلَى التُّرَابِ. قَالَ فِي الْمُذْهَبِ: هَذَا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: إنَّمَا يَجُوزُ الْعُدُولُ عَنْ التُّرَابِ عِنْدَ عَدَمِهِ، أَوْ إفْسَادِ الْمَغْسُولِ بِهِ. وَصَحَّحَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ. وَتَقَدَّمَ اخْتِيَارُ الْمَجْدِ وَغَيْرِهِ فِي إسْقَاطِ التُّرَابِ فِي نَجَاسَةِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ، إذَا تَضَرَّرَ الْمَحَلُّ.

وَعَنْهُ تُقَدَّمُ الْغَسْلَةُ الثَّامِنَةُ عَنْ التُّرَابِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي مَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالْمُحَرَّرِ فِي إقَامَةِ

ص: 312

الْغَسْلَةِ الثَّامِنَةِ عَنْ التُّرَابِ. وَقِيلَ: تَقُومُ الْغَسْلَةُ الثَّامِنَةُ مَقَامَ التُّرَابِ فِيمَا يُخَافُ تَلَفُهُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ. قَوْلُهُ (وَفِي سَائِرِ النَّجَاسَاتِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ) وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْكَافِي، وَالشَّرْحِ، وَابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ. إحْدَاهُنَّ: يَجِبُ غَسْلُهَا سَبْعًا. وَهِيَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهَا جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: نَقَلَهُ، وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هِيَ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ، وَجُمْهُورِ الْأَصْحَابِ. قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: هُوَ الْمَشْهُورُ. وَصَحَّحَهُ فِي الصَّحِيحِ، وَتَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ. وَقَالَ: اخْتَارَهَا الْأَكْثَرُ. قَالَ فِي الْمُذْهَبِ، وَالْبُلْغَةِ: هَذَا الْمَشْهُورُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ، وَنَاظِمِ الْمُفْرَدَاتِ، وَهُوَ مِنْهَا وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرِهِمْ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يَجِبُ غَسْلُهَا ثَلَاثًا، اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْعُمْدَةِ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَالْمُنْتَخَبِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الِاسْتِنْجَاءِ، وَقَدَّمَهُ مُطْلَقًا ابْنُ تَمِيمٍ، وَالْفَائِقِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَقَدَّمَهُ فِي الِاسْتِنْجَاءِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي بَابِهِ. وَالثَّالِثَةُ: تُكَاثَرُ بِالْمَاءِ مِنْ غَيْرِ عَدَدٍ، اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ، وَعَنْهُ لَا يُشْتَرَطُ الْعَدَدُ فِي الْبَدَنِ. وَيَجِبُ فِي السَّبِيلَيْنِ، وَفِي غَيْرِ الْبَدَنِ سَبْعٌ. قَالَ الْخَلَّالُ: وَهِيَ وَهْمٌ.

وَعَنْهُ يَجِبُ الْعَدَدُ إلَّا فِي الْخَارِجِ مِنْ السَّبِيلَيْنِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَاخْتَارَ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي الْمُغْنِي: لَا يَجِبُ الْعَدَدُ إلَّا فِي الِاسْتِنْجَاءِ. وَعَنْهُ يَغْسِلُ مَحَلَّ الِاسْتِنْجَاءِ بِثَلَاثٍ، وَغَيْرِهِ بِسَبْعٍ. ذَكَرَهَا الشَّارِحُ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ وَغَيْرُهُمْ. وَالْمُرَادُ بِمَحَلِّ الِاسْتِنْجَاءِ: الْخَارِجُ مِنْ السَّبِيلَيْنِ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ وَقِيلَ: وَمِنْ غَيْرِ نَجَاسَتِهِمَا. وَعَنْهُ لَا يَجِبُ فِي الثَّوْبِ وَسَائِرِ الْبَدَنِ عَدَدٌ. ذَكَرَهَا الْآمِدِيُّ. وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: أَنَّهُ يُجْزِئُ الْمَسْحُ فِي الْمُتَنَجِّسِ الَّذِي يَضُرُّهُ الْغَسْلُ، كَثِيَابِ الْحَرِيرِ وَالْوَرِقِ وَنَحْوِهِمَا. قَالَ:

ص: 313

وَأَصْلُهُ الْخِلَافُ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ بِغَيْرِ الْمَاءِ. وَأَطْلَقَ الثَّلَاثَةَ الْأُوَلَ. وَالْخَامِسَةُ وَالسَّادِسَةُ: فِي الْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالتَّلْخِيصِ.

قَوْلُهُ (وَهَلْ يُشْرَطُ التُّرَابُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) وَهُمَا فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ رِوَايَتَانِ. وَقَالَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى. يَعْنِي عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى ذَكَرَهَا أَبُو بَكْرٍ وَمَنْ تَابَعَهُ، أَعْنِي الْوَجْهَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْكَافِي، وَالْمُغْنِي، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفَائِقِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَالزَّرْكَشِيُّ، وَشَرْحِ ابْنِ مُنَجَّا، وَالْفُرُوعِ. أَحَدُهُمَا: يُشْتَرَطُ التُّرَابُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ، وَالْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُشْتَرَطُ، اخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ. قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: لَا يُشْتَرَطُ بِالتُّرَابِ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَانِ. وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: هَذَا الْمَشْهُورُ. تَنْبِيهَانِ

أَحَدُهُمَا: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: عَدَمُ اشْتِرَاطِ التُّرَابِ، قَوْلًا وَاحِدًا، عَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ. وَهِيَ وُجُوبُ الْغُسْلِ ثَلَاثًا، وَهُوَ صَحِيحٌ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ. وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ: أَنَّ حُكْمَ التُّرَابِ فِي الْغُسْلِ ثَلَاثًا حُكْمُهُ فِي الْغُسْلِ سَبْعًا. وَأَطْلَقَهُمَا فِي التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَصَرَّحَ بِأَنَّ الْخِلَافَ حَيْثُ قُلْنَا بِالْعَدَدِ.

الثَّانِي: مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي التُّرَابِ: إنَّمَا هُوَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ السَّبِيلَيْنِ. فَأَمَّا مَحَلُّ السَّبِيلَيْنِ: فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ تُرَابٌ، قَوْلًا وَاحِدًا عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ. وَحَكَى عَنْ الْحَلْوَانِيِّ: أَنَّهُ أَوْجَبَ التُّرَابَ فِي مَحَلِّ الِاسْتِنْجَاءِ أَيْضًا. وَصَرَّحَ بِوُجُوبِهِ فِي الْفَائِقِ عَنْهُ.

ص: 314

فَوَائِدُ مِنْهَا: حَيْثُ قُلْنَا: يَغْسِلُ ثَلَاثًا وَغَسَلَ سَبْعًا: لَمْ تَزُلْ طَهُورِيَّةُ مَا بَعْدَ الْغَسْلَةِ الثَّالِثَةِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَاحِدًا وَاحِدًا. وَقِيلَ: تَزُولُ طَهُورِيَّتُهُ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي. قُلْت: فَيُعَايَى بِهَا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ. وَمِنْهَا: قَالَ فِي الْفُرُوعِ: يُحْسَبُ الْعَدَدُ فِي إزَالَةِ النَّجَاسَةِ الْعَيْنِيَّةِ قَبْلَ زَوَالِهَا فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ. وَفِي ظَاهِرِ كَلَامِ صَاحِبِ الْمُحَرَّرِ: لَا يُحْسَبُ إلَّا بَعْدَ زَوَالِهَا. وَمِنْهَا: يُغْسَلُ مَا نَجِسَ بِبَعْضِ الْغَسَلَاتِ بِعَدَدِ مَا بَقِيَ بَعْدَ تِلْكَ الْغَسْلَةِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: بَعْدَ مَا بَقِيَ مَعَ تِلْكَ الْغَسْلَةِ. وَقِيلَ: يُغْسَلُ سَبْعًا إنْ اشْتَرَطْنَا السَّبْعَ فِي أَصْلِهِ، اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. أَطْلَقَ الْأَوَّلَ وَالْأَخِيرَ ابْنُ عُبَيْدَانَ. فَعَلَى الْقَوْلَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ: يُغْسَلُ بِتُرَابٍ إنْ لَمْ يَكُنْ غَسَلَ بِهِ وَاشْتَرَطْنَاهُ. وَعَلَى الثَّالِثِ: يَغْسِلُ بِتُرَابٍ أَيْضًا إنْ اشْتَرَطْنَاهُ فِي أَصْلِهِ. قَوْلُهُ (كَالنَّجَاسَاتِ كُلِّهَا، إذَا كَانَتْ عَلَى الْأَرْضِ)، الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ النَّجَاسَةَ إذَا كَانَتْ عَلَى الْأَرْضِ تَطْهُرُ بِالْمُكَاثَرَةِ، سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ كَلْبٍ، أَوْ خِنْزِيرٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ.

وَعَنْهُ لَا تَطْهُرُ الْأَرْضُ وَنَحْوُهَا حَتَّى يَنْفَصِلَ الْمَاءُ. وَقِيلَ: يَجِبُ الْعَدَدُ مِنْ نَجَاسَةِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ، مَعَهَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي مُقْنِعِهِ، وَالنَّصُّ خِلَافُهُ.

وَعَنْهُ يَجِبُ الْعَدَدُ فِي غَيْرِ الْبَوْلِ. نَقَلَهُ ابْنُ حَامِدٍ. وَحَكَى الْآمِدِيُّ رِوَايَةً فِي الْأَرْضِ: يَجِبُ لِكُلِّ بَوْلَةٍ ذَنُوبٌ. وَعَنْهُ فِي بِرْكَةٍ وَقَعَ فِيهَا بَوْلٌ تُنْزَحُ، وَيُقْلَعُ الطِّينُ. ثُمَّ تُغْسَلُ. فَوَائِدُ

الْأُولَى: الصَّخْرُ، وَالْأَجْرِبَةُ مِنْ الْحَمَّامِ، وَالْأَحْوَاضِ وَنَحْوِ ذَلِكَ: حُكْمُهَا حُكْمُ

ص: 315

الْأَرْضِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: لَا. الثَّانِيَةُ: يُعْتَبَرُ الْعَصْرُ فِي كُلِّ غَسْلَةٍ، مَعَ إمْكَانِهِ فِيمَا يَتَشَرَّبُ النَّجَاسَةَ، أَوْ دَقُّهُ، أَوْ تَقْلِيبُهُ إنْ كَانَ ثَقِيلًا، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا. قَالَ ابْنُ عُبَيْدَانَ: قَالَهُ الْأَصْحَابُ. وَقِيلَ: لَا يُعْتَبَرُ مُطْلَقًا. وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْغَسْلَةِ الْأَخِيرَةِ، وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ. وَقَالَ: الصَّحِيحُ لَا يُجْزِئُ تَجْفِيفُ الثَّوْبِ عَنْ عَصْرِهِ، وَصَحَّحَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. وَقِيلَ: يُجْزِئُ. قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ: وَجَفَافُهُ كَعَصْرِهِ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي إجْزَاءِ التَّجْفِيفِ عَنْ الْعَصْرِ فِي الْفُرُوعِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالْفَائِقِ، وَإِنْ أَصَابَتْ النَّجَاسَةُ مَحَلًّا لَا يَتَشَرَّبُ بِهَا، كَالْآنِيَةِ وَنَحْوِهَا، طَهُرَ بِمُرُورِ الْمَاءِ عَلَيْهِ، وَانْفِصَالِهِ عَنْهُ، وَإِنْ لَصِقَتْ بِهِ النَّجَاسَةُ وَجَبَ مَعَ ذَلِكَ إزَالَتُهَا. وَيَجِبُ الْحَثُّ وَالْقَرْضُ. قَالَ فِي التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ: إنْ لَمْ يَتَضَرَّرْ الْمَحَلُّ بِهَا. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: إنْ تَعَذَّرَتْ الْإِزَالَةُ بِدُونِهَا، أَوْ لَعَلَّهُ مُرَادُهُمْ.

الثَّالِثَةُ: وَلَوْ كَاثَرَ مَاءً نَجِسًا فِي إنَاءٍ بِمَاءٍ كَثِيرٍ: لَمْ يَطْهُرْ الْإِنَاءُ بِدُونِ إرَاقَتِهِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: يَطْهُرُ، وَإِنْ لَمْ يُرَقْ. وَلَوْ طَهُرَ مَاءٌ كَثِيرٌ نَجِسٌ فِي إنَاءٍ بِمُكْثِهِ: لَمْ يَطْهُرْ الْإِنَاءُ مَعَهُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. فَإِنْ انْفَصَلَ الْمَاءُ عَنْهُ حُسِبَ غَسْلَةً وَاحِدَةً، ثُمَّ يُكْمَلُ. وَقِيلَ: يَطْهُرُ الْإِنَاءُ تَبَعًا، كَالْمُحْتَفَرِ مِنْ الْأَرْضِ. وَقِيلَ: إنْ مَكَثَ بِقَدْرِ الْعَدَدِ طَهُرَ وَإِلَّا فَلَا. وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الثَّوْبِ إذَا لَمْ يُعْتَبَرْ عَصْرُهُ، وَالْإِنَاءُ إذَا غُمِسَ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ. وَأَمَّا اعْتِبَارُ تَكْرَارِ غَمْسِهِ: فَمَبْنِيٌّ عَلَى اعْتِبَارِ الْعَدَدِ. وَلَا يَكْفِي تَحْرِيكُهُ وَخَضْخَضَتُهُ فِي الْمَاءِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: يَكْفِي. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي: إنْ مَرَّ عَلَيْهِ أَجْزَاءٌ ثَلَاثَةٌ. قِيلَ كَفَى، وَإِلَّا فَلَا. انْتَهَى.

فَلَوْ وَضَعَ ثَوْبًا فِي الْمَاءِ ثُمَّ غَمَرَهُ بِمَاءٍ وَعَصَرَهُ، فَغَسْلَةٌ وَاحِدَةٌ يَبْنِي عَلَيْهَا، وَيَطْهُرُ

ص: 316

عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ وَارِدٌ كَصَبِّهِ فِي غَيْرِ إنَاءٍ. وَعَنْهُ لَا يَطْهُرُ؛ لِأَنَّ مَا يَنْفَصِلُ بِعَصْرِهِ لَا يُفَارِقُهُ عَقِيبَهُ. وَعَنْهُ يَطْهُرُ إنْ تَعَذَّرَ بِدُونِهِ. وَلَوْ عَصَرَ الثَّوْبَ فِي الْمَاءِ، وَلَمْ يَرْفَعْهُ مِنْهُ: لَمْ يَطْهُرْ حَتَّى يُخْرِجَهُ ثُمَّ يُعِيدَهُ، قَدَّمَهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ، وَمَجْمَعُ الْبَحْرَيْنِ. وَقِيلَ: يَطْهُرُ بِذَلِكَ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَابْنُ تَمِيمٍ الرَّابِعَةُ: لَوْ غَسَلَ بَعْضَ الثَّوْبِ النَّجِسِ طَهُرَ مَا غَسَلَ مِنْهُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَيَكُونُ الْمُنْفَصِلُ نَجِسًا لِمُلَاقَاتِهِ غَيْرَ الْمَغْسُولِ. قَالَ ابْنُ حَمْدَانَ، وَابْنُ تَمِيمٍ: وَفِيهِ نَظَرٌ. انْتَهَى.

فَإِنْ أَرَادَ غَسْلَ بَقِيَّتِهِ غَسَلَ مَا لَاقَاهُ. الْخَامِسَةُ: لَا يَضُرُّ بَقَاءُ لَوْنٍ أَوْ رِيحٍ أَوْ هُمَا، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ: أَوْ يَشُقُّ. وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ: أَوْ يَتَضَرَّرُ الْمَحَلُّ، وَقِيلَ: يُكْتَفَى بِالْعَدَدِ، وَقِيلَ: يَضُرُّ بَقَاؤُهُمَا أَوْ أَحَدِهِمَا. وَقَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: يُعْفَى عَنْ اللَّوْنِ دُونَ الرِّيحِ؛ لِأَنَّ قَلْعَ أَثَرِهِ أَعْسَرُ فَعَلَى الْمَذْهَبِ: يَطْهُرُ مَعَ بَقَائِهِمَا، أَوْ بَقَاءِ أَحَدِهِمَا، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقَالَ جَمَاعَةٌ: يُعْفَى عَنْهُ. مِنْهُمْ: الْقَاضِي فِي شَرْحِهِ. وَقِيلَ: فِي زَوَالِ لَوْنِهَا فَقَطْ وَجْهَانِ. وَيَضُرُّ بَقَاءُ الطَّعْمِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: لَا يَضُرُّ.

السَّادِسَةُ: لَوْ لَمْ تَزُلْ النَّجَاسَةُ إلَّا بِمِلْحٍ أَوْ غَيْرِهِ مَعَ الْمَاءِ: لَمْ يَجِبْ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ. قَالَ: وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ يَجِبُ، وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ أَحْمَدَ. وَذَكَرَهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ فِي التُّرَابِ تَقْوِيَةً لِلْمَاءِ.

قَوْلُهُ (وَلَا تَطْهُرُ الْأَرْضُ النَّجِسَةُ بِشَمْسٍ، وَلَا رِيحٍ، وَلَا بِجَفَافٍ أَيْضًا) . وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَهُوَ الْمَعْمُولُ بِهِ فِي الْمَذْهَبِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَقِيلَ: تَطْهُرُ فِي الْكُلِّ، اخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَالْفَائِقِ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وَغَيْرُهُمْ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَخَرَّجَ

ص: 317

لَنَا فِيهِمَا الطَّهَارَةَ إنْ زَالَ لَوْنُهَا وَأَثَرُهَا، وَقِيلَ: وَرِيحُهَا. وَقِيلَ: عَلَى الْأَرْضِ. وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَخَرَّجَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: الطَّهَارَةَ بِذَلِكَ عَلَى التَّطْهِيرِ بِالِاسْتِحَالَةِ. تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّ غَيْرَ الْأَرْضِ لَا تَطْهُرُ بِشَمْسٍ، وَلَا رِيحٍ، وَهُوَ صَحِيحٌ وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ. وَقِيلَ: تَطْهُرُ، وَنَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي حَبْلِ الْغَسِيلِ. وَاخْتَارَ هَذَا الْقَوْلَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَيْضًا: وَإِحَالَةُ التُّرَابِ وَنَحْوِهِ لِلنَّجَاسَةِ: كَالشَّمْسِ. وَقَالَ أَيْضًا: إذَا أَزَالَهَا التُّرَابُ عَنْ النَّعْلِ، فَعَنْ نَفْسِهِ إذْ خَالَطَهَا. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ كَذَا قَالَ.

قَوْلُهُ (وَلَا يَطْهُرُ شَيْءٌ مِنْ النَّجَاسَاتِ بِالِاسْتِحَالَةِ، وَلَا بِنَارٍ أَيْضًا إلَّا الْخَمْرَةَ) ، هَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَنَصَرُوهُ. وَعَنْهُ بَلْ تَطْهُرُ. وَهِيَ مُخْرَجَةٌ مِنْ الْخَمْرَةِ إذَا انْقَلَبَتْ بِنَفْسِهَا. خَرَّجَهَا الْمَجْدُ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَصَاحِبُ الْفَائِقِ. فَحَيَوَانٌ مُتَوَلِّدٌ مِنْ نَجَاسَةٍ كَدُودِ الْجُرُوحِ وَالْقُرُوحِ وَصَرَاصِيرِ الْكَنِيفِ طَاهِرٌ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَأَطْلَقَ جَمَاعَةٌ رِوَايَتَيْنِ فِي نَجَاسَةِ وَجْهِ تَنُّورٍ سُجِّرَ بِنَجَاسَةٍ. وَنَقَلَ الْأَكْثَرُ يُغْسَلُ. وَنَقَلَ حَرْبٌ لَا بَأْسَ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَعَلَيْهَا يَخْرُجُ عَمَلُ زَيْتِ نَجِسٍ صَابُونًا وَنَحْوَهُ، وَتُرَابُ جَبَلٍ بِرَوْثِ حِمَارٍ. فَإِنْ لَمْ يَسْتَحِلَّ عُفِيَ عَنْ يَسِيرِهِ فِي رِوَايَةٍ، ذَكَرَهَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ: إنْ تَنَجَّسَ التَّنُّورُ بِذَلِكَ طَهُرَ بِمَسْحِهِ بِيَابِسٍ. فَإِنْ مُسِحَ بِرَطْبٍ تَعَيَّنَ الْغُسْلُ، وَحَمَلَ الْقَاضِي قَوْلَ أَحْمَدَ " يُسَجَّرُ التَّنُّورُ مَرَّةً أُخْرَى " عَلَى ذَلِكَ. وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: أَنَّ الرِّوَايَةَ صَرِيحَةٌ فِي التَّطْهِيرِ بِالِاسْتِحَالَةِ، وَأَنَّ هَذَا مِنْ الْقَاضِي يَقْتَضِي أَنْ يُكْتَفَى بِالْمَسْحِ إذَا لَمْ يَبْقَ لِلنَّجَاسَةِ أَثَرٌ. وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ: أَنَّ نَجَاسَةَ الْجَلَّالَةِ وَالْمَاءِ الْمُتَغَيِّرِ بِالنَّجَاسَةِ: نَجَاسَةٌ مُجَاوِرَةٌ. وَقَالَ: فَلْيُتَأَمَّلْ ذَلِكَ. فَإِنَّهُ

ص: 318

دَقِيقٌ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا قَالَ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ: الْقُصْرُمِلُّ وَدُخَانُ النَّجَاسَةِ وَنَحْوُهَا نَجِسٌ. وَعَلَى الثَّانِي: طَاهِرٌ. وَكَذَا مَا تَصَاعَدَ مِنْ بُخَارِ الْمَاءِ النَّجِسِ إلَى الْجِسْمِ الصَّقِيلِ، ثُمَّ عَادَ فَتَقْطُرُ. فَإِنَّهُ نَجِسٌ عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ نَفْسُ الرُّطُوبَةِ الْمُتَصَاعِدَةِ وَإِنَّمَا يَتَصَاعَدُ. فِي الْهَوَاءِ كَمَا يَتَصَاعَدُ بُخَارُ. الْحَمَّامَاتِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَا يَتَصَاعَدُ فِي الْحَمَّامَاتِ وَنَحْوِهَا: طَهُورٌ، أَوْ يُخَرَّجُ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ.

قَوْلُهُ (إلَّا الْخَمْرَةَ إذَا انْقَلَبَتْ بِنَفْسِهَا)، الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ الْخَمْرَةَ إذَا انْقَلَبَتْ بِنَفْسِهَا تَطْهُرُ مُطْلَقًا، نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ، وَجَزَمَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَحَكَى الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ: أَنَّ نَبِيذَ التَّمْرِ لَا يَطْهُرُ إذَا انْقَلَبَ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَاءً. وَقِيلَ: لَا تَطْهُرُ الْخَمْرَةُ مُطْلَقًا.

فَائِدَةٌ:

دَنُّ الْخَمْرِ مِثْلُهَا. فَيَطْهُرُ بِطَهَارَتِهَا. وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ فِيمَا لَمْ يُلَاقِ الْخَلَّ مِمَّا فَوْقَهُ مِمَّا أَصَابَهُ الْخَمْرُ فِي غَلَيَانِهِ وَجْهَانِ، قَوْلُهُ (وَإِنْ خُلِّلَتْ لَمْ تَطْهُرْ) اعْلَمْ أَنَّ الْخَمْرَةَ يَحْرُمُ تَخْلِيلُهَا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَعَنْهُ يُكْرَهُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ. وَعَنْهُ يَجُوزُ. وَأَطْلَقَهُنَّ ابْنُ تَمِيمٍ فِيمَا يُلْقَى فِيهَا. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَوْ خَالَفَ وَفَعَلَ: لَمْ تَطْهُرْ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: تَطْهُرُ. وَفِي الْوَسِيلَةِ فِي آخِرِ الرَّهْنِ رِوَايَةٌ: أَنَّهَا تَحِلُّ، وَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ: لَوْ خُلِّلَتْ طَهُرَتْ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالْفَائِقِ. وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: فَإِنْ خُلِّلَتْ كُرِهَ، وَلَمْ تَطْهُرْ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ. وَعَلَى الْمَذْهَبِ أَيْضًا: لَوْ خُلِّلَتْ بِنَقْلِهَا مِنْ الشَّمْسِ إلَى الظِّلِّ، أَوْ بِالْعَكْسِ، أَوْ فُرِغَ مِنْ مَحَلٍّ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ، أَوْ أَلْقَى جَامِدًا فِيهَا: فَفِيهِ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ،

ص: 319

وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي النَّقْلِ وَالتَّفْرِيغِ فِي الْفَائِقِ وَهُمَا رِوَايَتَانِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَهِيَ طَرِيقَةٌ مُوجَزَةٌ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى. إحْدَاهُمَا: لَا تَطْهُرُ، وَهُوَ الْمَذْهَب، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَالْمُصَنِّفُ هُنَا، وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَالزَّرْكَشِيُّ. وَقِيلَ: تَطْهُرُ. كَمَا لَوْ نَقَلَهَا بِغَيْرِ قَصْدِ التَّخْلِيلِ وَتَخَلَّلَتْ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ، وَقِيلَ: تَطْهُرُ بِالنَّقْلِ فَقَطْ، وَهُوَ أَصَحُّ. ثُمَّ قَالَ قُلْت: وَكَذَا إنْ كَشَفَ الزِّقَّ فَتَخَلَّلَ بِشَمْسٍ أَوْ ظِلٍّ.

فَوَائِدُ

إحْدَاهُمَا: فِي جَوَازِ إمْسَاكِ خَمْرٍ لِيَتَخَلَّلَ بِنَفْسِهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: الْجَوَازُ، وَعَدَمُهُ. وَالثَّالِثُ: يَجُوزُ فِي خَمْرَةِ الْخَلَّالِ دُونَ غَيْرِهَا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ أَشْهَرُ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَهُوَ أَظْهَرُ، وَجَزَمَ ابْنُ تَمِيمٍ بِإِرَاقَةِ خَمْرِ الْخَلَّالِ. وَأَطْلَقَ فِي خَمْرِ الْخَلَّالِ الْوَجْهَانِ. فَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْجَوَازِ: لَوْ تَخَلَّلَ بِنَفْسِهِ طَهُرَ عَلَى الصَّحِيحِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَعَلَى الْمَنْعِ تَطْهُرُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَعَنْهُ لَا تَطْهُرُ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: لَوْ اتَّخَذَهُ لِلْخَلِّ فَتَخَمَّرَ وَقُلْنَا: يُرَاقُ، فَأُمْسِكَ لِيَصِيرَ خَلًّا، فَصَارَ خَلًّا فَفِي طَهَارَتِهِ وَجْهَانِ. وَفِي جَوَازِ إمْسَاكِ الْخَمْرِ لِيَصِيرَ خَلًّا وَجْهَانِ. فَإِنْ جَازَ فَصَارَ خَلًّا طَهُرَ، وَإِنْ لَمْ يَجُزْ لَمْ يَطْهُرْ. انْتَهَى.

وَهُمَا وَجْهَانِ أَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ، وَإِنْ اتَّخَذَ عَصِيرًا لِلْخَمْرِ، وَلَمْ يَتَخَمَّرْ، وَتَخَلَّلَ بِنَفْسِهِ: فَفِي حِلِّهِ الرِّوَايَتَانِ اللَّتَانِ قَبْلَهُ. الثَّانِيَةُ: الْخَلُّ الْمُبَاحُ: أَنْ يُصَبَّ عَلَى الْعِنَبِ أَوْ الْعَصِيرِ خَلٌّ قَبْلَ غَلَيَانِهِ حَتَّى لَا يَغْلِيَ نَصَّ عَلَيْهِ، فِي رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ. الثَّالِثَةُ: الْحَشِيشَةُ الْمُسْكِرَةُ نَجِسَةٌ عَلَى الصَّحِيحِ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ.

ص: 320

وَقِيلَ: طَاهِرَةٌ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَالْحَوَاشِي. وَقِيلَ: نَجِسَةٌ إنْ أُمِيعَتْ، وَإِلَّا فَلَا. أَطْلَقَهُنَّ فِي الْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ وَيَأْتِي حُكْمُ أَكْلِهَا فِي بَابِ حَدِّ الْمُسْكِرِ.

قَوْلُهُ (وَلَا تَطْهُرُ الْأَدْهَانُ النَّجِسَةُ) ، هَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يَطْهُرُ بِالْغَسْلِ مِنْهَا مَا يَتَأَتَّى غَسْلُهُ. مِثْلُ أَنْ تُصَبَّ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ وَتُحَرَّكَ، ثُمَّ تُتْرَكَ حَتَّى تَطْفُوَ فَتُؤْخَذَ، وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَهُوَ تَخْرِيجُ الْكَافِي. ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ. وَقِيلَ: يَطْهُرُ زِئْبَقٌ بِالْغَسْلِ؛ لِأَنَّهُ لِقُوَّتِهِ وَتَمَاسُكِهِ يَجْرِي مَجْرَى الْجَامِدِ. قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ. وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ. فَيُعَايَى بِهَا. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَا يَجُوزُ تَطْهِيرُهُ ذَكَرَهُ فِي التَّرْغِيبِ وَغَيْرِهِ وَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْبَيْعِ مَا يَتَعَلَّقُ بِبَيْعِهِ. فَوَائِدُ مِنْهَا: تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ الْخِلَافُ فِي تَنْجِيسِ الْمَائِعَاتِ بِمُلَاقَاةِ النَّجَاسَةِ. فَلَوْ كَانَ جَامِدًا: أُخِذَتْ مِنْهُ النَّجَاسَةُ وَمَا حَوْلَهَا، وَالْبَاقِي طَاهِرٌ. وَحَدُّ الْجَامِدِ: مَا لَمْ تَسْرِ النَّجَاسَةُ فِيهِ عَلَى الصَّحِيحِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَابْنُ رَزِينٍ، وَغَيْرُهُمْ. وَصَحَّحَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: حَدُّهُ مَا لَوْ كُسِرَ وِعَاؤُهُ لَمْ تَسِلْ أَجْزَاؤُهُ. وَرَدَّهُ الْأَصْحَابُ. قَالَ فِي الْفَائِقِ: قُلْت: وَيُحْتَمَلُ مَا لَوْ قُوِّرَ لَمْ يَلْتَئِمْ حَالًا. وَلَا يَطْهُرُ مَا عَدَا الْمَاءَ وَالْأَدْهَانِ مِنْ الْمَائِعَاتِ بِالْغَسْلِ، سِوَى الزِّئْبَقِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. فَلَا يَطْهُرُ بَاطِنُ حَبٍّ نُقِعَ فِي نَجَاسَةٍ بِتَكْرَارِ غَسْلِهِ وَتَجْفِيفِهِ كُلَّ مَرَّةٍ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، كَالْعَجِينِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَعَنْهُ يَطْهُرُ. قَالَ فِي الْفَائِقِ: وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ. وَمِثْلُ ذَلِكَ خِلَافًا: وَمَذْهَبًا: الْإِنَاءُ إذَا تَشَرَّبَ نَجَاسَةً، وَالسِّكِّينُ إذَا أُسْقِيَتْ مَاءً نَجِسًا، وَكَذَلِكَ اللَّحْمُ إذَا طُبِخَ بِمَاءٍ نَجِسٍ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ.

ص: 321

وَقَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: الْأَقْوَى عِنْدِي طَهَارَتُهُ، وَاعْتُبِرَ الْغَلَيَانُ وَالتَّجْفِيفُ. وَقَالَ: ذَلِكَ فِي مَعْنَى عَصْرِ الثَّوْبِ. وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ فِي مَسْأَلَةِ الْجَلَّالَةِ طَهَارَةَ اللَّحْمِ. وَقِيلَ: لَا يُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ عَدَدٌ. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ بَعْدَ أَنْ قَالَ: يُغْلَى اللَّحْمُ فِي مَاءٍ طَاهِرٍ، وَتُجَفَّفُ الْحِنْطَةُ: ثُمَّ تُغْسَلُ بَعْدَ ذَلِكَ مِرَارًا إنْ اعْتَبِرْنَا الْعَدَدَ. وَالْأَوْلَى إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ: عَدَمُ اعْتِبَارِ الْعَدَدِ. انْتَهَى.

وَلَا يَطْهُرُ الْجِسْمُ الصَّقِيلُ بِمَسْحِهِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَنْهُ يَطْهُرُ، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفَائِقِ. وَأَطْلَقَ الْحَلْوَانِيُّ وَجْهَيْنِ. وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: هَلْ يَطْهُرُ، أَوْ يُعْفَى عَمَّا بَقِيَ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ. وَعَنْهُ تَطْهُرُ سِكِّينٌ مِنْ دَمِ ذَبِيحَةٍ بِمَسْحِهَا فَقَطْ، وَيَطْهُرُ اللَّبِنُ وَالْآجُرُّ وَالتُّرَابُ الْمُتَنَجِّسُ بِبَوْلٍ وَنَحْوِهِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: لَا يَطْهُرُ. وَقِيلَ: يَطْهُرُ ظَاهِرُهُ، كَمَا لَوْ كَانَتْ النَّجَاسَةُ أَعْيَانًا وَطُبِخَ، ثُمَّ غُسِلَ ظَاهِرُهُ. فَإِنَّهُ يَطْهُرُ وَكَذَا بَاطِنُهُ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ إنْ سُحِقَ، لِوُصُولِ الْمَاءِ إلَيْهِ. وَقِيلَ: يَطْهُرُ بِالنَّارِ.

تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ (وَإِذَا خَفِيَ مَوْضِعُ النَّجَاسَةِ: لَزِمَهُ غَسْلُ مَا تَيَقَّنَ بِهِ إزَالَتَهَا) أَطْلَقَ الْعِبَارَةَ كَأَكْثَرِ الْأَصْحَابِ. وَمُرَادُهُمْ: غَيْرُ الصَّحْرَاءِ وَنَحْوِهَا. قَالَهُ فِي الْكَافِي، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَابْنُ تَمِيمٍ فِي الرِّعَايَةِ، وَالنُّكَتِ، وَالزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُمْ. قَوْلُهُ (لَزِمَهُ غَسْلُ مَا تَيَقَّنَ بِهِ إزَالَتَهَا) ، هَذَا الْمَذْهَبُ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَعَنْهُ يَكْفِي الظَّنُّ فِي غَسْلِ الْمَذْيِ [وَعِنْدَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ: يَكْفِي الظَّنُّ فِي غَسْلِ الْمَذْيِ] وَغَيْرِهِ مِنْ النَّجَاسَاتِ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ: يُحْتَمَلُ أَنْ تُخَرَّجَ رِوَايَةٌ فِي بَقِيَّةِ النَّجَاسَاتِ مِنْ الرِّوَايَةِ الَّتِي فِي الْمَذْيِ. وَذَكَرَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الْجَلَّالَةِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَخْتَصَّ ذَلِكَ بِالْمَذْيِ، لِأَنَّهُ يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ عَلَى رِوَايَةٍ، لَكِنْ لَازِمُ ذَلِكَ: أَنْ يَتَعَدَّى إلَى كُلِّ نَجَاسَةٍ يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهَا، وَهُوَ مُلْتَزَمٌ. انْتَهَى.

قُلْت: قَالَ فِي النُّكَتِ: وَعَنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ التَّحَرِّي فِي غَيْرِ صَحْرَاءَ.

ص: 322

تَنْبِيهَانِ

أَحَدُهُمَا: قَوْلُهُ (وَيُجْزِئُ فِي بَوْلِ الْغُلَامِ الَّذِي لَمْ يَأْكُلْ الطَّعَامَ النَّضْحُ) وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ: أَنَّهُ نَجِسٌ، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَقَطَعَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ: أَنَّ بَوْلَهُ طَاهِرٌ. وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ. بَلْ هُوَ ظَاهِرُهُ. فَإِنَّهُ قَالَ: وَمَا خَرَجَ مِنْ الْإِنْسَانِ مِنْ بَوْلٍ وَغَيْرِهِ، فَإِنَّهُ نَجِسٌ إلَّا بَوْلَ الْغُلَامِ الَّذِي لَمْ يَأْكُلْ الطَّعَامَ. فَإِنَّهُ يُرَشُّ عَلَيْهِ الْمَاءُ، وَاخْتَارَهُ أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ شَاقِلَا. لَكِنْ قَالَ: يُعِيدُ الصَّلَاةَ. كَمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ: إذَا صَلَّى فِي ثَوْبٍ فِيهِ مَنِيٌّ، وَلَمْ يَغْسِلْهُ وَلَمْ يَفْرُكْهُ: يُعِيدُ، وَإِنْ كَانَ طَاهِرًا. قَالَ الْأَزَجِيُّ فِي النِّهَايَةِ: وَهَذَا بَعِيدٌ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَهُوَ غَرِيبٌ بَعِيدٌ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا قَالَ. قَالَ الْقَاضِي عَنْ هَذَا الْقَوْلِ: وَلَيْسَ بِشَيْءٍ. قُلْت: فَيُعَايَى بِهَا عَلَى قَوْلِ أَبِي إِسْحَاقَ. الثَّانِي: مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ " الَّذِي لَمْ يَأْكُلْ الطَّعَامَ " يَعْنِي: بِشَهْوَةٍ. وَالنَّضْحُ: غَمْرُهُ بِالْمَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَقْطُرْ مِنْهُ شَيْءٌ.

قَوْلُهُ (وَإِذَا تَنَجَّسَ أَسْفَلُ الْخُفِّ أَوْ الْحِذَاءِ وَجَبَ غَسْلُهُ)، هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: نَقَلَهُ وَاخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ. وَقَدَّمَهُ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفُرُوعِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. وَعَنْهُ يُجْزِئُ دَلْكُهُ بِالْأَرْضِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهِيَ أَظْهَرُ. وَقَالَ: اخْتَارَهَا جَمَاعَةٌ. قُلْت: مِنْهُمْ الْمُصَنِّفُ، وَالْمَجْدُ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَالْمُنْتَخَبِ، وَالتَّسْهِيلِ، وَقَدَّمَهُ فِي مَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالشَّرْحِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالْفَائِقُ، وَابْنُ رَزِينٍ. وَعَنْهُ يُغْسَلُ مِنْ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ. وَيُدَلَّكُ مِنْ غَيْرِهِمَا. وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْكَافِي، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: وَقِيلَ: يُجْزِئُ

ص: 323

دَلْكُهُ مِنْ الْيَابِسَةِ لَا الرَّطْبَةِ. وَحَمَلَ الْقَاضِي الرِّوَايَاتِ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ النَّجَاسَةُ يَابِسَةً. وَقَالَ: إذَا دَلَكَهَا وَهِيَ رَطْبَةٌ لَمْ يُجْزِهِ، رِوَايَةً وَاحِدَةً. وَرَدَّهُ الْأَصْحَابُ. وَأَطْلَقَ ابْنُ تَمِيمٍ فِي إلْحَاقِ الرَّطْبَةِ بِالْيَابِسَةِ الْوَجْهَيْنِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ: إلْحَاقُ طَرَفِ الْخُفِّ بِأَسْفَلِهِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ مُتَّجَهٌ. قُلْت: يَتَوَجَّهُ فِيهِ وَجْهَانِ مِنْ نَقْضِ الْوُضُوءِ بِالْمَسِّ بِحَرْفِ الْكَفِّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يُنْقَضُ إلَّا مَسُّهُ بِكَفِّهِ. فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يُجْزِئُ الدَّلْكُ: لَا يُطَهِّرُهُ، بَلْ هُوَ مَعْفُوٌّ عَنْهُ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ. قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: وَلَا يُطَهِّرُهُمَا بِحَيْثُ لَا يَنْجُسَانِ الْمَائِعُ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ. قَالَ فِي الْمُذْهَبِ: فَإِنْ وَقَعَا فِي مَاءٍ يَسِيرٍ تَنَجَّسَ عَلَى الصَّحِيحِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ: وَقَالَ أَصْحَابُنَا الْمُتَأَخِّرُونَ: لَا يَطْهُرُ الْمَحَلُّ. قَالَ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ: حُكْمُهُ حُكْمُ أَثَرِ الِاسْتِنْجَاءِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْمُحَرَّرِ. وَعَنْهُ يَطْهُرُ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَفِيهِ بُعْدٌ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ. قُلْت: مِنْهُمْ ابْنُ حَامِدٍ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ، وَالْمُنْتَخَبِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ. وَإِلَيْهِ مَيْلُ ابْنِ عُبَيْدَانَ، وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الشَّرْحِ، وَالنَّظْمِ، وَالْكَافِي، وَابْنُ تَمِيمٍ. فَائِدَةٌ:

حُكْمُ حَكِّهِ بِشَيْءٍ حُكْمُ دَلْكِهِ.

تَنْبِيهٌ:

مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّهُ إذَا تَنَجَّسَ غَيْرُ الْخُفِّ وَالْحِذَاءِ: أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ الدَّلْكُ، رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَأَحَدُ الْوَجْهَيْنِ فِي ذَيْلِ الْمَرْأَةِ، قَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ، وَابْنُ تَمِيمٍ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ كَمَا نَقَلَ إسْمَاعِيلُ بْنُ سَعِيدٍ يَطْهُرُ بِمُرُورِهِ عَلَى طَاهِرٍ بِذَيْلِهَا، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّسْهِيلِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَقَالَ: ذَيْلُ ثَوْبِ آدَمِيٍّ أَوْ إزَارُهُ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ.

ص: 324

وَدَخَلَ فِي مَفْهُومِ كَلَامِهِ: الرِّجْلُ إذَا تَنَجَّسَتْ، لَا يُجْزِئُ دَلْكُهَا بِالْأَرْضِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ. وَقِيلَ: كَالْخُفِّ وَالْحِذَاءِ. حَكَاهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَاخْتَارَهُ، قَالَ فِي الْفَائِقِ: قُلْت: وَيَحْتَمِلُ فِي رِجْلِ الْحَافِي عَادَةً وَجْهَيْنِ.

قَوْلُهُ (وَلَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرٍ مِنْ النَّجَاسَاتِ إلَّا الدَّمَ، وَمَا تَوَلَّدَ مِنْهُ مِنْ الْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ) .

اعْلَمْ أَنَّ الدَّمَ وَمَا تَوَلَّدَ مِنْهُ يَنْقَسِمُ أَقْسَامًا. أَحَدُهَا: دَمُ الْآدَمِيِّ. وَمَا تَوَلَّدَ مِنْهُ مِنْ الْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ، سَوَاءٌ كَانَ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ، غَيْرُ دَمِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ. وَمَا خَرَجَ مِنْ السَّبِيلَيْنِ. الثَّانِي: دَمُ الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ لَحْمُهُ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: الْعَفْوُ عَنْهُ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ فِي هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ: الْعَفْوُ عَنْ يَسِيرِهِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَعَنْهُ لَا يُعْفَى عَنْهُ فِيهِمَا. وَقِيلَ: لَا يُعْفَى عَنْهُ إلَّا إذَا كَانَ مِنْ دَمِ نَفْسِهِ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي التَّلْخِيصِ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَلَا يَجِبُ غَسْلُ الثَّوْبِ وَالْجَسَدِ مِنْ الْمِدَّةِ وَالْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ. وَلَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى نَجَاسَتِهِ. حَكَى جَدُّهُ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ طَهَارَتَهُ. وَعَنْهُ لَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِ شَيْءٍ مِنْ النَّجَاسَاتِ فِي الصَّلَاةِ. حَكَاهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ. الثَّالِثُ: دَمُ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّهُ يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَابْنُ رَزِينٍ، وَالْمُنَوِّرِ. وَهُوَ ظَاهِرُ الْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ، لِإِطْلَاقِهِمْ الْعَفْوَ عَنْ الدَّمِ.

وَقِيلَ: لَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ، اخْتَارَهُ الْمَجْدُ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَقَدَّمَهُ فِي التَّلْخِيصِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَالزَّرْكَشِيُّ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالْفَائِقِ، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ. الرَّابِعُ: الدَّمُ الْخَارِجُ مِنْ السَّبِيلَيْنِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: الْعَفْوُ عَنْ

ص: 325

يَسِيرِهِ، وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَجَمَاعَةٍ وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُعْفَى عَنْ ذَلِكَ، اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَالزَّرْكَشِيُّ. الْخَامِسُ: دَمُ الْحَيَوَانِ الطَّاهِرِ الَّذِي لَا يُؤْكَلُ، غَيْرُ الْآدَمِيِّ وَالْقَمْلِ وَنَحْوِهِ. فَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّهُ يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْكَافِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْإِفَادَاتِ، وَالْفَائِقِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ، وَالْوَجِيزِ، وَالنَّظْمِ، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَالتَّسْهِيلِ، وَابْنُ رَزِينٍ، وَابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى.

وَقِيلَ: لَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ. فَإِنَّهُمَا قَالَا: وَمَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ، وَلَهُ نَفْسٌ سَائِلَةٌ، لَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ. وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ. فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْمَعْفُوِّ عَنْهُ: مِنْ حَيَوَانٍ مَأْكُولٍ. وَقَطَعَ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّهُ مُلْحَقٌ بِدَمِ الْآدَمِيِّ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَابْنُ تَمِيمٍ. السَّادِسُ: دَمُ الْحَيَوَانِ النَّجِسِ. كَالْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ وَنَحْوِهِمَا، فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ لَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَفِي الْفُرُوعِ احْتِمَالٌ بِالْعَفْوِ عَنْهُ كَغَيْرِهِ. وَقَالَ فِي الْفَائِقِ: فِي الْعَفْوِ عَنْ دَمِ الْخِنْزِيرِ وَجْهَانِ.

فَوَائِدُ

الْأُولَى: حَيْثُ قُلْنَا بِالْعَفْوِ عَنْ الْيَسِيرِ: فَمَحَلُّهُ فِي بَابِ الطَّهَارَةِ دُونَ الْمَائِعَاتِ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ. الثَّانِيَةُ: حَيْثُ قُلْنَا بِالْعَفْوِ عَنْ يَسِيرِهِ: فَيُضَمُّ مُتَفَرِّقًا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقِيلَ: لَا يُضَمُّ، بَلْ لِكُلِّ دَمٍ حُكْمٌ، وَإِنْ كَانَ فِي ثَوْبَيْنِ لَمْ يُضَمَّ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، بَلْ

ص: 326

لِكُلِّ دَمٍ حُكْمٌ. وَقِيلَ: يُضَمُّ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ. ذَكَرَهُ فِي بَابِ اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ. وَيَأْتِي إذَا لَبِسَ ثِيَابًا فِي كُلِّ ثَوْبٍ قَدْرٌ مِنْ الْحَرِيرِ يُعْفَى عَنْهُ: هَلْ يُبَاحُ أَوْ يُكْرَهُ؟ فِي آخِرِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ.

الثَّالِثَةُ: فِي الدِّمَاءِ الطَّاهِرَةِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا وَالْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا. مِنْهَا: دَمُ عُرُوقِ الْمَأْكُولِ طَاهِرٌ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَلَوْ ظَهَرَتْ حُمْرَتُهُ نَصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ، لِأَنَّ الْعُرُوقَ لَا تَنْفَكُّ عَنْهُ. فَيَسْقُطُ حُكْمُهُ؛ لِأَنَّهُ ضَرُورَةٌ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ: نَجَاسَتُهُ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: الْمُحَرَّمُ هُوَ الدَّمُ الْمَسْفُوحُ. ثُمَّ قَالَ الْقَاضِي: فَأَمَّا الدَّمُ الَّذِي يَبْقَى فِي خَلَلِ اللَّحْمِ بَعْدَ الذَّبْحِ، وَمَا يَبْقَى فِي الْعُرُوقِ فَمُبَاحٌ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَمْ يَذْكُرْ جَمَاعَةٌ إلَّا دَمَ الْعُرُوقِ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِيهِ: لَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِي الْعَفْوِ عَنْهُ، وَأَنَّهُ لَا يُنَجِّسُ الْمَرَقَ، بَلْ يُؤْكَلُ مَعَهَا. انْتَهَى.

قُلْت: وَمِمَّنْ قَالَ بِطَهَارَةِ بَقِيَّةِ الدَّمِ الَّذِي فِي اللَّحْمِ غَيْرِ دَمِ الْعُرُوقِ، وَإِنْ ظَهَرَتْ حُمْرَتُهُ: الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَالنَّاظِمُ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ، وَنَظْمِهَا. وَغَيْرِهِمْ. وَمِنْهَا: دَمُ السَّمَكِ، وَهُوَ طَاهِرٌ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَيُؤْكَلُ. وَقِيلَ: نَجِسٌ. وَمِنْهَا: دَمُ الْبَقِّ وَالْقَمْلِ وَالْبَرَاغِيثِ، وَالذُّبَابِ، وَنَحْوِهَا، وَهُوَ طَاهِرٌ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ، وَابْنُ رَزِينٍ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ وَغَيْرُهُمَا: هَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ. وَقَالَ: قَالَ بَعْضُ شُرَّاحِ الْمُحَرَّرِ: صَحَّحَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الِانْتِصَارِ فِي مَوْضِعٍ. وَحَكَاهُ عَنْ الْأَصْحَابِ، وَرَجَّحَهُ الْمَجْدُ. وَعَنْهُ نَجِسٌ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْكَافِي، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْهِدَايَةِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالْمُذْهَبِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ

ص: 327

وَمِنْهَا: دَمُ الشَّهِيدِ، وَهُوَ طَاهِرٌ مُطْلَقًا عَلَى الصَّحِيحِ، صَحَّحَهُ ابْنُ تَمِيمٍ. وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ. وَقِيلَ: نَجِسٌ. وَعَلَيْهِمَا يُسْتَحَبُّ بَقَاؤُهُ. فَيُعَايَى بِهَا. ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْمَنْثُورِ. وَقِيلَ: طَاهِرٌ مَا دَامَ عَلَيْهِ، قَدَّمَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَجَزَمَ بِهِ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. وَلَعَلَّهُ الْمَذْهَبُ. وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْفُرُوعِ. وَمِنْهَا: الْكَبِدُ وَالطِّحَالُ. وَهُمَا دَمَانِ. وَلَا خِلَافَ فِي طَهَارَتِهِمَا. وَمِنْهَا: الْمِسْكُ. وَاخْتُلِفَ مِمَّ هُوَ؟ فَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ سُرَّةُ الْغَزَالِ. وَقِيلَ: هُوَ مِنْ دَابَّةٍ فِي الْبَحْرِ لَهَا أَنْيَابٌ. قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: فَيَكُونُ مِمَّا يُؤْكَلُ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ: هُوَ دَمُ الْغِزْلَانِ، وَهُوَ طَاهِرٌ. وَفَأْرَتُهُ أَيْضًا طَاهِرَةٌ عَلَى الصَّحِيحِ. وَقَالَ الْأَزَجِيُّ: فَأْرَتُهُ نَجِسَةٌ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيُحْتَمَلُ نَجَاسَةُ الْمِسْكِ؛ لِأَنَّهُ جَزْءٌ مِنْ حَيَوَانٍ لَكِنَّهُ يَنْفَصِلُ بِطَبْعِهِ. وَمِنْهَا: الْعَلَقَةُ الَّتِي يُخْلَقُ مِنْهَا الْآدَمِيُّ، أَوْ حَيَوَانٌ طَاهِرٌ. وَهِيَ طَاهِرَةٌ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهَا نَجِسَةٌ؛ لِأَنَّهَا دَمٌ خَارِجٌ مِنْ الْفَرْجِ. قَالَ فِي الْمُغْنِي: وَالصَّحِيحُ نَجَاسَتُهَا، وَقَدَّمَهُ فِي الْكَافِي، وَالشَّرْحِ. قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: نَجِسَةٌ فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْمُذْهَبُ. وَحَكَاهُمَا ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَتَيْنِ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: قُلْت وَالْمُضْغَةُ كَالْعَلَقَةِ. وَمِثْلُهَا الْبَيْضَةُ إذَا صَارَتْ دَمًا. فَهِيَ طَاهِرَةٌ عَلَى الصَّحِيحِ، قَالَهُ ابْنُ تَمِيمٍ. وَقِيلَ: نَجِسَةٌ. قَالَ الْمَجْدُ: حُكْمُهَا حُكْمُ الْعَلَقَةِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي وَصَاحِبُ التَّلْخِيصِ: نَجَاسَةُ بَيْضِ نَدٍّ. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ.

تَنْبِيهٌ:

أَفَادَنَا الْمُصَنِّفُ رحمه الله: أَنَّ الْقَيْحَ وَالصَّدِيدَ وَالْمِدَّةَ نَجِسٌ، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَعَنْهُ طَهَارَةُ ذَلِكَ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. فَقَالَ: لَا يَجِبُ غَسْلُ الثَّوْبِ وَالْجَسَدِ مِنْ الْمِدَّةِ وَالْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ. وَلَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى نَجَاسَتِهِ. انْتَهَى.

ص: 328

وَأَمَّا مَاءُ الْقُرُوحِ: فَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: هُوَ نَجِسٌ فِي ظَاهِرِ قَوْلِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ. وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ: إنْ تَغَيَّرَ بِنَجِسٍ وَإِلَّا فَلَا. قُلْت: مِنْهُمْ صَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى الطَّهَارَةِ مِنْ الْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ، وَالْمِدَّةِ. وَأَمَّا مَا يَسِيلُ مِنْ الْفَمِ وَقْتَ النَّوْمِ: فَطَاهِرٌ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ.

تَنْبِيهٌ:

مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ " وَأَثَرُ الِاسْتِنْجَاءِ " أَثَرُ الِاسْتِجْمَارِ. يَعْنِي أَنَّهُ يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَقِيلَ: لَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ. ذَكَرَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَقَالَ: لَوْ قَعَدَ فِي مَاءٍ يَسِيرٍ نَجَّسَهُ، أَوْ عَرَقٍ فَهُوَ نَجِسٌ؛ لِأَنَّ الْمَسْحَ لَا يُزِيلُ النَّجَاسَةَ بِالْكُلِّيَّةِ.

تَنْبِيهٌ:

أَفَادَنَا الْمُصَنِّفُ: أَنَّهُ نَجِسٌ، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ. قَالَ ابْنُ عُبَيْدَانِ: اخْتَارَهُ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ أَنَّهُ طَاهِرٌ، اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ. مِنْهُمْ ابْنُ حَامِدٍ، وَأَبُو حَفْصِ بْنُ الْمُسْلِمَةِ الْعُكْبَرِيُّ. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ فِي بَابِ اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ. قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَغَيْرِهِمَا: يُعْفَى عَنْ عَرَقِ الْمُسْتَجْمِرِ فِي سَرَاوِيلِهِ نَصَّ عَلَيْهِ. وَاسْتَدَلَّ فِي الْمُغْنِي وَمَنْ تَبِعَهُ بِالنَّصِّ عَلَى أَنَّ أَثَرَ الِاسْتِجْمَارِ طَاهِرٌ. لَا أَنَّهُ نَجِسٌ وَيُعْفَى عَنْهُ. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُغْنِي وَمَنْ تَبِعَهُ: أَنَّهُ لَا يُعْفَى عَنْهُ إلَّا فِي مَحَلِّهِ، وَلَا يُعْفَى عَنْهُ فِي سَرَاوِيلِهِ.

قَوْلُهُ (وَعَنْهُ فِي الْمَذْيِ، وَالْقَيْءِ، وَرِيقِ الْبَغْلِ، وَالْحِمَارِ، وَسِبَاعِ الْبَهَائِمِ، غَيْرِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ. وَالطَّيْرِ، وَعِرْقِهِمَا، وَبَوْلِ الْخُفَّاشِ وَالنَّبِيذِ، وَالْمَنِيِّ: أَنَّهُ كَالدَّمِ) . يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ كَالدَّمِ، عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ. فَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ: أَنَّهُ لَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. وَأَمَّا الْمَذْيُ: فَلَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ،

ص: 329

وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِيَيْنِ. وَقَالَ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ: وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَنْهُ يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْعُمْدَةِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَالْمُنْتَخَبِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ. وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ تَمِيمٍ. قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ فِي أَقْوَى الرِّوَايَتَيْنِ، قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، خُصُوصًا فِي حَقِّ الشَّابِّ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْكَافِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّرْحِ وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَابْنُ عُبَيْدَانِ.

تَنْبِيهٌ:

أَفَادَنَا الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: أَنَّ الْمَذْيَ نَجِسٌ، وَهُوَ صَحِيحٌ. فَيُغْسَلُ كَبَقِيَّةِ النَّجَاسَاتِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ. وَعَنْهُ فِي الْمَذْيِ: أَنَّهُ يُجْزِئُ فِيهِ النَّضْحُ، فَيَصِيرُ طَاهِرًا بِهِ، كَبَوْلِ الْغُلَامِ الَّذِي لَمْ يَأْكُلْ الطَّعَامَ، جَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَالْمُنْتَخَبِ، وَالْعُمْدَةِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وَصَحَّحَهُ النَّاظِمُ، وَصَاحِبُ تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ. وَقَالَ بَعْضُ شُرَّاحِ الْمُحَرَّرِ: صَحَّحَهَا ابْنُ عَقِيلٍ فِي إشَارَتِهِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ، وَقِيلَ: إنْ قُلْنَا: مَخْرَجُهُ مَخْرَجُ الْبَوْلِ. فَيُنَجَّسُ، وَإِنْ قُلْنَا: مَخْرَجُهُ مَخْرَجُ الْمَنِيِّ فَلَهُ حُكْمُهُ. انْتَهَى.

وَعَنْهُ مَا يَدُلُّ عَلَى طَهَارَتِهِ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي الِانْتِصَارِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي نِهَايَتِهِ، وَنَظْمِهَا. فَعَلَى الْقَوْلِ بِالنَّجَاسَةِ: يُغْسَلُ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَيَيْنِ إذَا خَرَجَ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ، وَهُوَ مِنْهَا. وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَالْفَائِقُ، وَالْحَوَاشِي، وَاخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَالْقَاضِي. وَعَنْهُ يُغْسَلُ جَمِيعُ الذَّكَرِ فَقَطْ، مَا أَصَابَهُ الْمَذْيُ وَمَا لَمْ يُصِبْهُ. قُلْت: فَيُعَايَى بِهَا عَلَى هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ، وَعَنْهُ لَا يُغْسَلُ إلَّا مَا أَصَابَهُ الْمَذْيُ فَقَطْ، اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ. قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَابْنُ عُبَيْدَانِ: وَهِيَ أَظْهَرُ، أَطْلَقَهُنَّ فِي الْفُرُوعِ.

ص: 330

فَعَلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى: تُجْزِئُ غَسْلَةٌ وَاحِدَةٌ. . قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ تَمِيمٍ، وَالْفَائِقُ، وَالرِّعَايَةُ الْكُبْرَى. ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ. وَزَادَ: إنْ لَمْ يُلَوِّثْهُمَا الْمَذْيُ، نَصَّ عَلَيْهِ.

وَأَمَّا الْقَيْءُ: فَلَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّا: هَذَا الْمَذْهَبُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْمُصَنِّفُ هُنَا. وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْكَافِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَالْإِفَادَاتِ. قَالَ الْقَاضِي: يُعْفَى عَنْ يَسِيرِ الْقَيْءِ، وَمَا لَا يَنْقُضُ خُرُوجُهُ. كَيَسِيرِ الدُّودِ وَالْحَصَى وَنَحْوِهِمَا، إذَا خَرَجَ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي النَّظْمِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفَائِقِ، وَابْنُ عُبَيْدَانِ. وَأَمَّا رِيقُ الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ وَعِرْقُهُمَا عَلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَتِهِمَا: فَلَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّا: هَذَا الْمَذْهَبُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْمُصَنِّفُ هُنَا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ. وَعَنْهُ يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ. قَالَ الْخَلَّالُ: وَعَلَيْهِ مَذْهَبُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ.

قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ: هُوَ الظَّاهِرُ عَنْ أَحْمَدَ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ وَغَيْرُهُ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْكَافِي. وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ عُبَيْدَانِ. وَأَمَّا رِيقُ سِبَاعِ الْبَهَائِمِ غَيْرِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ وَالطَّيْرِ وَعِرْقِهَا، عَلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَتِهَا: فَلَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، بِنَاءً عَلَى رِيقِ الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ وَعِرْقِهِمَا، وَأَوْلَى، وَهُوَ الَّذِي قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا. وَظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْفَائِقِ. قَالَ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَنْهُ يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ. وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَقَالَ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي فِي مَوْضِعٍ

ص: 331

وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. قَالَ الْقَاضِي بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ النَّصَّ بِالْعَفْوِ عَنْ يَسِيرِ رِيقِ الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ: وَكَذَلِكَ مَا كَانَ فِي مَعْنَاهُمَا مِنْ سِبَاعِ الْبَهَائِمِ. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي أَرْوَاثِهَا. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي سِبَاعِ الطَّيْرِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْكَافِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ عُبَيْدَانِ. وَأَمَّا بَوْلُ الْخُفَّاشِ، وَكَذَا الْخِشَافُ. قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ. وَكَذَا الْخُطَّافُ. قَالَهُ فِي الْفَائِقِ: فَلَا يُعْفَى عَنْهُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَالَ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْمُصَنِّفُ هُنَا. وَعَنْهُ يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ الشَّارِحُ، وَابْنُ رَزِينٍ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْكَافِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفَائِقِ، وَابْنُ عُبَيْدَانِ.

وَأَمَّا النَّبِيذُ النَّجِسُ: فَلَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَالَ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبُ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: لَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ فِي الْأَشْهَرِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْمُصَنِّفُ هُنَا. وَعَنْهُ يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ. اخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَنِهَايَةِ ابْنِ رَزِينٍ، وَنَظْمِهَا. وَصَحَّحَهُ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ، وَقَدَّمَهُ الشَّارِحُ، وَابْنُ رَزِينٍ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْكَافِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفَائِقِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ عُبَيْدَانِ. وَأَمَّا الْمَنِيُّ إذَا قُلْنَا بِنَجَاسَتِهِ: فَلَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْمُصَنِّفُ هُنَا، وَالرِّعَايَةُ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِيَيْنِ. قَالَ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ: هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَنْهُ يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ، قَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ. قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هَذَا ظَاهِرُ النَّصِّ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ،

ص: 332

وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْكَافِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ عُبَيْدَانِ، وَالزَّرْكَشِيُّ وَيَأْتِي قَرِيبًا. إذَا قُلْنَا هُوَ نَجِسٌ: هَلْ يُجْزِئُ فَرْكُ يَابِسِهِ مُطْلَقًا، أَوْ مِنْ الرَّجُلِ؟ تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّهُ لَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِ شَيْءٍ مِنْ النَّجَاسَاتِ غَيْرِ مَا تَقَدَّمَ.

وَثَمَّ مَسَائِلُ: مِنْهَا: دَمُ الْبَقِّ. وَالْقَمْلِ، وَالْبَرَاغِيثِ. وَالذُّبَابِ وَنَحْوِهِمَا. يُعْفَى عَنْ ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَتِهِ بِلَا نِزَاعٍ. قَالَهُ الْأَصْحَابُ. وَمِنْهَا: بَقِيَّةُ دَمِ اللَّحْمِ الْمَأْكُولِ مِنْ غَيْرِ الْعُرُوقِ. يُعْفَى عَنْهُ عَلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَتِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ. وَمِنْهَا: يَسِيرُ النَّجَاسَةِ، إذَا كَانَتْ عَلَى أَسْفَلِ الْخُفِّ وَالْحِذَاءِ بَعْدَ الدَّلْكِ، يُعْفَى عَنْهُ عَلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَتِهِ، وَقَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ. وَمِنْهَا: يَسِيرُ سَلَسِ الْبَوْلِ، مَعَ كَمَالِ التَّحَفُّظِ يُعْفَى عَنْهُ. قَالَ النَّاظِمُ: قُلْت: وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ: عَدَمُ الْعَفْوِ. وَعَلَى قِيَاسِهِ يَسِيرُ دَمِ الْمُسْتَحَاضَةِ. وَمِنْهَا: يَسِيرُ دُخَانِ النَّجَاسَةِ، وَغُبَارِهَا وَبُخَارِهَا، يُعْفَى عَنْهُ، مَا لَمْ تَظْهَرْ لَهُ صِفَةٌ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْكَافِي، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالنَّظْمِ. قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَغَيْرُهُمْ: يُعْفَى عَنْ ذَلِكَ مَا لَمْ يَتَكَاثَفْ. زَادَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَقِيلَ مَا لَمْ يَجْتَمِعْ مِنْهُ شَيْءٌ وَيَظْهَرْ لَهُ صِفَةٌ. وَقِيلَ: أَوْ تَعَذَّرَ أَوْ تَعَسَّرَ التَّحَرُّزُ مِنْهُ. وَأَطْلَقَ أَبُو الْمَعَالِي الْعَفْوَ عَنْ غُبَارِ النَّجَاسَةِ. وَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِالْيَسِيرِ؛ لِأَنَّ التَّحَرُّزَ لَا سَبِيلَ إلَيْهِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهَذَا مُتَوَجِّهٌ. وَقِيلَ: لَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِ ذَلِكَ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَ: وَلَوْ هَبَّتْ رِيحٌ، فَأَصَابَ غُبَارٌ نَجِسٌ مِنْ طَرِيقٍ أَوْ غَيْرِهِ. فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْمَسْأَلَةِ.

وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ النَّجَاسَةَ بِهِ. وَمِنْهَا: يَسِيرُ بَوْلِ الْمَأْكُولِ وَرَوْثِهِ، عَلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَتِهِمَا، يُعْفَى عَنْهُ فِي رِوَايَةٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، جَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ ابْنُ عُبَيْدَانَ.

ص: 333

وَقَدَّمَهُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَعَنْهُ لَا يُعْفَى عَنْهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْحَاوِيَيْنِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ. وَزَادَ: وَمَنِيُّهُ وَقَيْؤُهُ. وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ الرِّوَايَةَ الْأُولَى فِي الْفَائِقِ. وَمِنْهَا: يَسِيرُ بَوْلِ الْحِمَارِ، وَالْبَغْلِ، وَرَوْثِهِمَا. وَكَذَا يَسِيرُ بَوْلِ كُلِّ بَهِيمٍ نَجِسٍ أَوْ طَاهِرٍ لَا يُؤْكَلُ، وَيَنْجُسُ بِمَوْتِهِ، لَا يُعْفَى عَنْهُ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَالَهُ الْمَجْدُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ يُعْفَى عَنْهُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ فِي رَوْثِ الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ. وَمِنْهَا: يَسِيرُ نَجَاسَةِ الْجَلَّالَةِ قَبْلَ حَبْسِهَا. لَا يُعْفَى عَنْهُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: يُعْفَى عَنْهُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي الرِّعَايَةِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. وَمِنْهَا: يَسِيرُ الْوَدْيِ. لَا يُعْفَى عَنْهُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: يُعْفَى عَنْهُ. رِوَايَةً فِي الرِّعَايَةِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِيهَا. وَابْنُ تَمِيمٍ.

وَمِنْهَا: مَا قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ: يُعْفَى عَنْ يَسِيرِ الْمَاءِ النَّجِسِ بِمَا عُفِيَ عَنْهُ مِنْ دَمٍ وَنَحْوِهِ فِي الْأَصَحِّ. وَاخْتَارَ الْعَفْوَ عَنْ يَسِيرِ مَا لَا يُدْرِكُهُ الطَّرْفُ. ثُمَّ قَالَ وَقِيلَ: إنْ سَقَطَ ذُبَابٌ عَلَى نَجَاسَةٍ رَطْبَةٍ، ثُمَّ وَقَعَ فِي مَائِعٍ أَوْ رَطْبٍ نَجِسٍ، وَإِلَّا فَلَا. إنْ مَضَى زَمَنٌ يَجِفُّ فِيهِ. وَقِيلَ: يُعْفَى عَمَّا يَشُقُّ التَّحَرُّزُ مِنْهُ غَالِبًا. وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: الْعَفْوَ عَنْ يَسِيرِ جَمِيعِ النَّجَاسَاتِ مُطْلَقًا، فِي الْأَطْعِمَةِ وَغَيْرِهِمْ. حَتَّى بَعْرِ الْفَأْرِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَمَعْنَاهُ اخْتِيَارُ صَاحِبِ النَّظْمِ. قُلْت: قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ قُلْت: الْأَوْلَى الْعَفْوُ عَنْهُ فِي الثِّيَابِ، وَالْأَطْعِمَةِ، لِعِظَمِ الْمَشَقَّةِ. وَلَا يَشُكُّ ذُو عَقْلٍ فِي عُمُومِ الْبَلْوَى بِهِ. خُصُوصًا فِي الطَّوَاحِينِ، وَمَعَاصِرِ السُّكَّرِ، وَالزَّيْتِ، وَهُوَ أَشَقُّ صِيَانَةً مِنْ سُؤْرِ الْفَأْرِ، وَمِنْ دَمِ الذُّبَابِ. وَنَحْوِهِ وَرَجِيعِهِ وَقَدْ اخْتَارَ طَهَارَتَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ. انْتَهَى.

ص: 334

قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، إذَا قُلْت: يُعْفَى عَنْ يَسِيرِ النَّبِيذِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ لِأَجْلِ الْخِلَافِ فِيهِ. فَالْخِلَافُ فِي الْكَلْبِ أَظْهَرُ وَأَقْوَى. انْتَهَى.

وَأَمَّا طِينُ الشَّوَارِعِ: فَمَا ظُنَّتْ نَجَاسَتُهُ مِنْ ذَلِكَ: فَهُوَ طَاهِرٌ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: هُوَ ظَاهِرُ مَا لَمْ تُعْلَمْ نَجَاسَتُهُ. قَالَ فِي الْقَاعِدَةِ التَّاسِعَةِ وَالْخَمْسِينَ بَعْدَ الْمِائَةِ: طَاهِرٌ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي مَوَاضِعَ. وَجَعَلَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ الْمَذْهَبَ، تَرْجِيحًا لِلْأَصْلِ، وَهُوَ الطَّهَارَةُ فِي الْأَعْيَانِ كُلِّهَا. قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: وَطِينُ الشَّوَارِعِ طَاهِرٌ إنْ جُهِلَ حَالُهُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنَوِّرِ، وَالْمُنْتَخَبِ، وَالنَّظْمِ. وَعَنْهُ أَنَّهُ نَجِسٌ. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: اخْتَارَهَا بَعْضُ الْأَصْحَابِ. فَعَلَيْهَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ عَلَى الصَّحِيحِ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ: يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ فِي الْأَصَحِّ. وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ وَإِلَيْهِ مَيْلُ صَاحِبِ التَّلْخِيصِ، وَهُوَ احْتِمَالُ مَنْ عِنْدَهُ فِيهِ، اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَقِيلَ: لَا يُعْفَى عَنْهُ. قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: وَلَمْ أَعْرِفْ لِأَصْحَابِنَا فِيهِ قَوْلًا صَرِيحًا. وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: أَنَّهُ لَا يُعْفَى عَنْهُ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُهِمِّ: أَنَّ ابْنَ تَمِيمٍ قَالَ: إذَا كَانَ الشِّتَاءُ فَفِي نَجَاسَةِ الْأَرْضِ رِوَايَتَانِ. فَإِذَا جَاءَ الصَّيْفُ: حُكِمَ بِطَهَارَتِهَا رِوَايَةً وَاحِدَةً. فَإِنْ عُلِمَ نَجَاسَتُهَا فَهِيَ نَجِسَةٌ. وَيُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْوَجْهَيْنِ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ وَصَحَّحَهُ فِي النَّظْمِ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَوْ تَحَقَّقَتْ نَجَاسَةُ طِينِ الشَّوَارِعِ عُفِيَ عَنْ يَسِيرِهِ، لِمَشَقَّةِ التَّحَرُّزِ عَنْهُ. ذَكَرَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا. وَاخْتَارَهُ. انْتَهَى.

وَقِيلَ: لَا يُعْفَى عَنْهُ. وَقِيلَ: يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ إنْ شُقَّ، وَإِلَّا فَلَا وَقَطَعَ ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ: أَنَّ تُرَابَ الشَّارِعِ طَاهِرٌ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَقَالَ: هُوَ أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ.

تَنْبِيهٌ:

حَيْثُ قُلْنَا: بِالْعَفْوِ فِيمَا تَقَدَّمَ. فَمَحَلُّهُ فِي الْجَامِدَاتِ دُونَ الْمَائِعَاتِ، إلَّا عِنْدَ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ. فَإِنَّ عِنْدَهُ: يُعْفَى عَنْ يَسِيرِ النَّجَاسَاتِ فِي الْأَطْعِمَةِ أَيْضًا، كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا.

ص: 335

فَائِدَتَانِ

إحْدَاهُمَا: مَا يُعْفَى عَنْ يَسِيرِهِ يُعْفَى عَنْ أَثَرِ كَثِيرِهِ عَلَى جِسْمٍ صَقِيلٍ بَعْدَ مَسْحِهِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَمَنْ بَعْدَهُ. الثَّانِيَةُ: حَدُّ الْيَسِيرِ هُنَا: مَا لَمْ يُنْقِضْ الْوُضُوءَ. وَحَدُّ الْكَثِيرِ: مَا نَقَضَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ مِنْ الْأَقْوَالِ وَالرِّوَايَاتِ. فَمَا لَمْ يُنْقِضْ هُنَاكَ فَهُوَ يَسِيرٌ هُنَا، وَمَا نَقَضَ هُنَاكَ فَهُوَ كَثِيرٌ هُنَا. وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْفُرُوعِ، لَكِنَّ ظَاهِرَ عِبَارَتِهِ مُشْكِلٌ، يَأْتِي بَيَانُهُ، وَقَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ، وَغَيْرِهِمْ. وَلَكِنْ قَدَّمَ فِي الْفَائِقِ هُنَا: مَا يَسْتَفْحِشُهُ كُلُّ إنْسَانٍ بِحَسَبِهِ. وَقَدَّمَ هُنَاكَ: مَا فَحُشَ فِي أَنْفُسِ أَوْسَاطِ النَّاسِ. وَقَدَّمَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ هُنَاكَ: مَا فَحُشَ فِي النَّفْسِ. وَقَدَّمَ هُنَا: الْيَسِيرَ مَا دُونَ شِبْرٍ فِي شِبْرٍ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَتَبِعَهُ ابْنُ عُبَيْدَانِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ بَعْضَ الْأَقْوَالِ الَّتِي فِي الْمَسْأَلَةِ هُنَا وَقِيلَ: الْكَثِيرُ مَا يُنْقِضُ الْوُضُوءَ. وَقَالَ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ: وَعَنْهُ الْكَثِيرُ مَا لَا يُعْفَى عَنْهُ فِي الصَّلَاةِ. فَظَاهِرُهُ عَدَمُ الْبِنَاءِ. وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ هُنَا: أَنَّ الْكَثِيرَ مَا فَحُشَ فِي نُفُوسِ أَوْسَاطِ النَّاسِ، كَمَا قَدَّمَهُ هُنَاكَ. وَقَدَّمَ ابْنُ تَمِيمٍ فِي الْمَوْضِعَيْنِ: مَا فَحُشَ فِي نَفْسِ كُلِّ إنْسَانٍ بِحَسَبِهِ. وَعَنْهُ الْيَسِيرُ مَا دُونَ شِبْرٍ فِي شِبْرٍ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَعَنْهُ مَا دُونَ قَدْرِ الْكَفِّ. وَعَنْهُ مَا دُونَ فِثْرٍ فِي فِثْرٍ، وَهُوَ قَوْلٌ فِي الْمُسْتَوْعِبِ. وَعَنْهُ هُوَ الْقَطْرَةُ وَالْقَطْرَتَانِ، وَمَا زَادَ عَلَيْهِمَا فَكَثِيرٌ. وَعَنْهُ الْيَسِيرُ مَا دُونَ ذِرَاعٍ فِي ذِرَاعٍ. حَكَاهَا أَبُو الْحُسَيْنِ. وَعَنْهُ مَا دُونَ قَدَمٍ، وَعَنْهُ مَا يَرْفَعُهُ الْإِنْسَانُ بِأَصَابِعِهِ الْخَمْسِ. وَعَنْهُ هُوَ قَدْرُ عَشَرِ أَصَابِعَ. حَكَاهَا ابْنُ عُبَيْدَانِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: مَا فَحُشَ فِي نَفْسِ الْمُصَلِّي، لَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ مَعَهُ، وَمَا لَمْ يَفْحُشْ إنْ بَلَغَ الْفِتْرَ لَمْ تَصِحَّ، وَإِلَّا صَحَّتْ.

قُلْت: هَذِهِ الْأَقْوَالُ التِّسْعَةُ الضَّعِيفَةُ: لَا دَلِيلَ عَلَيْهَا، وَالْمَذْهَبُ أَنَّ: الْكَثِيرَ

ص: 336

مَا فَحُشَ فِي النَّفْسِ. وَالْيَسِيرُ مَا لَمْ يَفْحُشْ فِي النَّفْسِ. لَكِنْ هَلْ كُلُّ إنْسَانٍ بِحَسَبِهِ أَوْ الِاعْتِبَارُ بِأَوْسَاطِ النَّاسِ؟ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ.

تَنْبِيهَاتٌ

أَحَدُهُمَا: قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَالْيَسِيرُ: قَدْرُ مَا نُقِضَ. وَظَاهِرُهُ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ الْيَسِيرَ قَدْرُ مَا لَمْ يُنْقَضْ. فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ " وَالْكَثِيرُ قَدْرُ مَا نُقِضَ " وَحَصَلَ سَبْقُ قَلَمٍ. فَكَتَبَ " وَالْيَسِيرُ " وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ " قَدْرُ مَا لَمْ يُنْقَضْ " وَسَقَطَ لَفْظُ " لَمْ " قَالَ شَيْخُنَا: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لَفْظُ " قَدْرُ " مُنَوَّنَةٌ، وَ " مَا " نَافِيَةٌ. فَيَسْتَقِيمُ الْكَلَامُ وَهُوَ بَعِيدٌ. الثَّانِي: مَحَلُّ الْخِلَافِ هُنَا فِي الْيَسِيرِ عِنْدَ ابْنِ تَمِيمٍ، وَابْنِ حَمْدَان فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: فِي الدَّمِ وَنَحْوِهِ لَا غَيْرُ. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ بَعْدَ أَنْ حَكَى الْخِلَافَ الْمُتَقَدِّمَ كَثِيرُ الْقَيْءِ مِلْءُ الْفَمِ. وَعَنْهُ نِصْفُهُ. وَعَنْهُ مَا زَادَ عَلَى النَّوَاةِ. وَعَنْهُ هُوَ كَالدَّمِ سَوَاءٌ، ذَكَرَهَا أَبُو الْحُسَيْنِ. وَمِلْءُ الْفَمِ: مَا يَمْتَنِعُ الْكَلَامُ مَعَهُ فِي وَجْهٍ، وَفِي آخَرَ: مَا لَمْ يُمْكِنْ إمْسَاكُهُ. ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي فِي مُقْنِعِهِ. انْتَهَى. وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِمَا: شُمُولُ غَيْرِ الدَّمِ مِمَّا يُمْكِنُ وُجُودُهُ كَالْقَيْءِ وَنَحْوِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ.

قَوْلُهُ (وَلَا يَنْجُسُ الْآدَمِيُّ بِالْمَوْتِ) . هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ، مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا، وَسَوَاءٌ جُمْلَتُهُ وَأَطْرَافُهُ وَأَبْعَاضُهُ. وَقَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ، وَقَالَهُ الْقَاضِي فِي بَعْضِ كُتُبِهِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي: لَمْ يُفَرِّقْ أَصْحَابُنَا بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ، لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْآدَمِيَّةِ وَفِي الْحَيَاةِ. وَعَنْهُ يَنْجُسُ مُطْلَقًا. فَعَلَيْهَا قَالَ شَارِحُ الْمُحَرَّرِ: لَا يَنْجُسُ الشَّهِيدُ بِالْقَتْلِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَالشَّرِيفُ أَبُو جَعْفَرٍ، وَالْمَجْدُ وَصَاحِبُ الْمُغْنِي، وَغَيْرُهُمْ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ. وَقِيلَ: يَنْجُسُ الْكَافِرُ، دُونَ الْمُسْلِمِ، وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْمُغْنِي. قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَتَابَعَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: يَنْجُسُ الْكَافِرُ بِمَوْتِهِ عَلَى كِلَا الْمَذْهَبَيْنِ فِي الْمُسْلِمِ

ص: 337

وَلَا يَطْهُرُ بِالْغُسْلِ أَبَدًا. كَالشَّاةِ. وَخَصَّ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ الْخِلَافَ بِالْمُسْلِمِ. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ فِي الْكَافِرِ. وَعَنْهُ يَنْجُسُ طَرْفُ الْآدَمِيِّ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا. صَحَّحَهُمَا الْقَاضِي وَغَيْرُهُ. وَأَبْطَلَ قِيَاسَ الْجُمْلَةِ عَلَى الطَّرْفِ فِي النَّجَاسَةِ بِالشَّهِيدِ فَإِنَّهُ يَنْجُسُ طَرْفُهُ بِقَطْعِهِ، وَلَوْ قُتِلَ كَانَ طَاهِرًا؛ لِأَنَّ لِلْجُمْلَةِ مِنْ الْحُرْمَةِ مَا لَيْسَ لِلطَّرْفِ، بِدَلِيلِ الْغُسْلِ وَالصَّلَاةِ، وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي وَغَيْرِهِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ. فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ: لَوْ وَقَعَ فِي مَاءٍ فَغَيَّرَهُ لَمْ يَنْجُسْ الْمَاءُ. ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ خِلَافًا لِلْمُسْتَوْعِبِ. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ تَمِيمٍ قُلْت: فَيُعَايَى بِهَا عَلَى قَوْلِ صَاحِبِ الْمُسْتَوْعِبِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ، قَالَ أَصْحَابُنَا: رِوَايَةُ التَّنْجِيسِ حَيْثُ اُعْتُبِرَ كَثْرَةُ الْمَاءِ الْخَارِجِ يَخْرُجُ مِنْهُ، لَا لِنَجَاسَةٍ فِي نَفْسِهِ. قَالَ: وَلَا يَصِحُّ، كَمَا لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَقِيَّةِ الْحَيَوَانِ، وَيَأْتِي إذَا سَقَطَتْ سِنُّهُ فَأَعَادَهَا بِحَرَارَتِهَا.

تَنْبِيهٌ:

مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي غَيْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ. قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. قُلْت: وَعَلَى قِيَاسِهِ سَائِرُ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. وَهَذَا مِمَّا لَا شَكَّ فِيهِ قَوْلُهُ (وَمَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ) يَعْنِي: لَا يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ إذَا لَمْ يَتَوَلَّدْ مِنْ النَّجَاسَةِ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَعَنْهُ يَنْجُسُ، اخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ يُؤْكَلُ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ أَيْضًا: لَا يُكْرَهُ مَا مَاتَ فِيهِ. وَوَجَّهَ فِي الْفُرُوعِ احْتِمَالًا بِالْكَرَاهَةِ. وَعَلَى الْمَذْهَبِ أَيْضًا: لَا يَنْجُسُ مَا مَاتَ فِيهِ عَلَى الصَّحِيحِ. وَقِيلَ: لَا يَنْجُسُ إنْ شَقَّ التَّحَرُّزُ مِنْهُ، وَإِلَّا تَنَجَّسَ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ تَمِيمٍ. وَقَالَ: جَعَلَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا الذُّبَابَ وَالْبَقَّ مِمَّا لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ. وَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ: يَنْجُسُ مَا مَاتَ فِيهِ عَلَى الصَّحِيحِ، قَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالْفُرُوعُ. وَقِيلَ: لَا يُنَجِّسُهُ.

ص: 338

قُلْت: فَيُعَايَى بِهَا. وَقِيلَ: لَا يُنَجِّسُهُ إنْ شَقَّ التَّحَرُّزُ مِنْهُ، وَإِلَّا نُجِّسَ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَعَنْهُ يَنْجُسُ إنْ لَمْ يُؤْكَلْ. فَيَنْجُسُ الْمَاءُ الْقَلِيلُ فِي الْأَصَحِّ إنْ أَمْكَنَ التَّحَرُّزُ مِنْهُ غَالِبًا.

تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ " كَالذُّبَابِ وَنَحْوِهِ " فَنَحْوُ الذُّبَابِ: الْبَقُّ، وَالْخَنَافِسُ، وَالْعَقَارِبُ، وَالزَّنَابِيرُ، وَالسَّرَطَانُ، وَالْقَمْلُ، وَالْبَرَاغِيثُ، وَالنَّحْلُ، وَالنَّمْلُ، وَالدُّودُ، وَالصَّرَاصِيرُ، وَالْجُعَلُ. وَنَحْوُ ذَلِكَ. وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ الْوَزَغَ لَهَا نَفْسٌ سَائِلَةٌ، نَصَّ عَلَيْهِ كَالْحَيَّةِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي وَقِيلَ: لَيْسَ لَهَا نَفْسٌ سَائِلَةٌ. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ، وَالْمُذْهَبِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَالْحَاوِيَيْنِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَفِي تَنْجِيسِ الْوَزَغِ وَدُودِ الْقَزِّ وَبِزْرِهِ: وَجْهَانِ.

فَائِدَةٌ:

إذَا مَاتَ فِي الْمَاءِ الْيَسِيرِ حَيَوَانٌ لَا يُعْلَمُ، هَلْ يَنْجُسُ بِالْمَوْتِ أَمْ لَا؟ لَمْ يَنْجُسْ الْمَاءُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ. قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: لَمْ يَنْجُسْ فِي أَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ. وَصَحَّحَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ: وَهُوَ الْمُرَجَّحُ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ. وَقِيلَ: يَنْجُسُ. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ. وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ وُجِدَ فِيهِ رَوْثَةٌ خِلَافًا وَمَذْهَبًا. قَالَهُ فِي الْقَوَاعِدِ وَغَيْرِهِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ.

قَوْلُهُ (وَبَوْلُ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَرَوْثُهُ وَمَنِيُّهُ: طَاهِرٌ) وَهَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَعَنْهُ يَنْجُسُ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرَّوْثِ وَالْبَوْلِ فِي الْهِدَايَةِ.

فَائِدَةٌ:

قَالَ فِي الرِّعَايَةِ، وَابْنُ تَمِيمٍ: وَيَجُوزُ التَّدَاوِي بِبَوْلِ الْإِبِلِ لِلْأَثَرِ.

ص: 339

وَإِنْ قُلْنَا: هُوَ نَجِسٌ. وَقَالَ فِي الْآدَابِ. يَجُوزُ شُرْبُ أَبْوَالِ الْإِبِلِ لِلضَّرُورَةِ. نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ، وَالْمَيْمُونِيِّ، وَجَمَاعَةٍ. وَأَمَّا شُرْبُهَا لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ، فَقَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد: أَمَّا مِنْ عِلَّةٍ فَنَعَمْ، وَأَمَّا رَجُلٌ صَحِيحٌ: فَلَا يُعْجِبُنِي. قَالَ الْقَاضِي فِي كِتَابِ الطِّبِّ: يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ، إمَّا عَلَى طَرِيقِ الْكَرَاهَةِ أَوْ عَلَى رِوَايَةِ نَجَاسَتِهِ. وَأَمَّا عَلَى رِوَايَةِ طَهَارَتِهِ: فَيَجُوزُ شُرْبُهُ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ. كَسَائِرِ الْأَشْرِبَةِ انْتَهَى. وَقَطَعَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا بِالتَّحْرِيمِ مُطْلَقًا لِغَيْرِ التَّدَاوِي. قَالَ فِي الْآدَابِ: وَهُوَ أَشْهَرُ، وَيَأْتِي هَذَا وَغَيْرُهُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْجَنَائِزِ مُسْتَوْفًى مُحَرَّرًا.

تَنْبِيهَانِ:

أَحَدُهُمَا: شَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بَوْلَ السَّمَكِ وَنَحْوَهُ. مِمَّا لَا يَنْجُسُ بِمَوْتِهِ، وَهُوَ صَحِيحٌ، لَكِنَّ جُمْهُورَ الْأَصْحَابِ لَمْ يَحْكِ فِي طَهَارَتِهِ خِلَافًا. وَذَكَرَ فِي الرِّعَايَةِ احْتِمَالًا بِنَجَاسَتِهِ. وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ رِوَايَةٌ بِنَجَاسَتِهِ.

الثَّانِي: مَفْهُومُ كَلَامِهِ: أَنَّ بَوْلَ مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ وَرَوْثُهُ إذَا كَانَ طَاهِرًا نَجِسٌ. وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَمَفْهُومُ كَلَامِهِ: أَنَّ مَنِيَّ: مَا لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ إذَا كَانَ طَاهِرًا نَجِسٌ، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ وَابْنُ عُبَيْدَانَ. وَقِيلَ: طَاهِرٌ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَةِ، وَالْفَائِقِ، وَمَحَلُّ هَذَا: فِي غَيْرِ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ. فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ فَبَوْلُهُ وَرَوْثُهُ طَاهِرٌ فِي قَوْلِنَا. قَالَهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ. وَقَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: وَجْهًا وَاحِدًا. ذَكَرَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَقَالَ: وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ نَجَاسَتُهُ، إذَا لَمْ يَكُنْ مَأْكُولًا.

قَوْلُهُ (وَمَنِيُّ الْآدَمِيِّ طَاهِرٌ) ، هَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَرُوهُ، سَوَاءٌ كَانَ مِنْ احْتِلَامٍ أَوْ جِمَاعٍ، مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ. لَا يَجِبُ فِيهِ فَرْكٌ وَلَا غَسْلٌ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: يَجِبُ أَحَدُهُمَا. فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ أَعَادَ مَا صَلَّى فِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ. وَعَنْهُ أَنَّهُ نَجِسٌ، يُجْزِئُ

ص: 340

فَرْكُ يَابِسِهِ، وَمَسْحُ رَطْبِهِ، وَاخْتَارَهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ. وَعَنْهُ أَنَّهُ نَجِسٌ يُجْزِئُ فَرْكُ يَابِسِهِ مِنْ الرَّجُلِ دُونَ الْمَرْأَةِ. قَدَّمَهَا فِي الْفَرْكِ فِي الْحَاوِي. وَعَنْهُ أَنَّهُ كَالْبَوْلِ فَلَا يُجْزِئُ فَرْكُ يَابِسِهِ، وَقَطَعَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ فِي مَنِيِّ الْخَصِيِّ. لِاخْتِلَاطِهِ بِمَجْرَى بَوْلِهِ. وَقِيلَ: مَنِيُّ الْجِمَاعِ نَجِسٌ، دُونَ مَنِيِّ الِاحْتِلَامِ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي. وَقِيلَ. مَنِيُّ الْمَرْأَةِ نَجِسٌ، دُونَ مَنِيِّ الرَّجُلِ. حَكَاهُ بَعْضُ الْأَصْحَابِ. وَقِيلَ: مَنِيُّ الْمُسْتَجْمِرِ نَجِسٌ دُونَ غَيْرِهِ.

فَائِدَةٌ: الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ الْوَدْيَ نَجِسٌ. وَعَنْهُ أَنَّهُ كَالْمَذْيِ، جَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْهِدَايَةِ وَتَقَدَّمَ حُكْمُ الْمَذْيِ قَرِيبًا، وَحُكْمُ الْمَعْفُوِّ عَنْهُ وَعَنْ الْوَدْيِ.

قَوْلُهُ (وَفِي رُطُوبَةِ فَرْجِ الْمَرْأَةِ رِوَايَتَانِ) أَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْكَافِي، وَالنَّظْمِ، وَابْنُ تَمِيمٍ ذَكَرَهُ فِي بَابِ الِاسْتِنْجَاءِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفَائِقِ وَغَيْرِهِمْ. إحْدَاهُمَا: هُوَ طَاهِرٌ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا. صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَالْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَالْمَجْدُ، وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَابْنُ مُنَجَّا، وَابْنُ عُبَيْدَانَ فِي شُرُوحِهِمْ وَغَيْرُهُمْ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَالْمُنْتَخَبِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَالْمُحَرَّرِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: هِيَ نَجِسَةٌ. اخْتَارَهَا أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ شَاقِلَا، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَقَالَ الْقَاضِي: مَا أَصَابَ مِنْهُ فِي حَالِ الْجِمَاعِ نَجِسٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْلَمُ مِنْ الْمَذْيِ. وَرَدَّهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ.

فَائِدَةٌ:

بَلْغَمُ الْمَعِدَةِ طَاهِرٌ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفَائِقِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ وَنَصَرَاهُ. وَعَنْهُ أَنَّهُ نَجِسٌ، اخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ. وَقِيلَ: كَالْقَيْءِ. وَأَمَّا بَلْغَمُ الرَّأْسِ إذَا انْعَقَدَ وَازْرَقَّ وَبَلْغَمُ الصَّدْرِ: فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ

ص: 341

طَهَارَتُهُمَا. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَالْأَشْهَرُ طَهَارَتُهُمَا، وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ الْفَائِقُ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ. وَنَصَرَاهُ. وَقِيلَ: فِيهِمَا الرِّوَايَتَانِ اللَّتَانِ فِي بَلْغَمِ الْمَعِدَةِ. قُلْت: ذَكَرَ الرِّوَايَتَيْنِ فِيهِمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ. وَقِيلَ: بَلْغَمُ الصَّدْرِ نَجِسٌ، جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمُذْهَبِ. وَقِيلَ: بَلْغَمُ الصَّدْرِ إنْ انْعَقَدَ وَازْرَقَّ كَالْقَيْءِ. وَتَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ: هَلْ يَنْقُضُ خُرُوجُ الْبَلْغَمِ أَمْ لَا؟

قَوْلُهُ (وَسِبَاعُ الْبَهَائِمِ وَالطَّيْرِ وَالْبَغْلِ وَالْحِمَارِ الْأَهْلِيِّ نَجِسَةٌ) هَذَا الْمَذْهَبُ فِي الْجَمِيعِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هِيَ الْمَشْهُورَةُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ. قَالَ فِي الْمُذْهَبِ: هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: هَذَا أَظْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ. وَقَطَعَ بِهِ الْخِرَقِيُّ، وَصَاحِبُ الْوَجِيزِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ أَنَّهَا طَاهِرَةٌ غَيْرُ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ، وَاخْتَارَهَا الْآجُرِّيُّ. وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْكَافِي، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَعَنْهُ طَهَارَةُ الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ اخْتَارَهَا الْمُصَنِّفُ. قُلْت: وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَالْأَقْوَى دَلِيلًا. وَعَنْهُ فِي الطَّيْرِ: لَا يُعْجِبُنِي عَرَقُهُ إنْ أَكَلَ الْجِيَفَ. فَدَلَّ أَنَّهُ كَرِهَهُ لِأَكْلِهِ النَّجَاسَةَ فَقَطْ. ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وَمَالَ إلَيْهِ. وَعَنْهُ سُؤْرُ الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ: مَشْكُوكٌ فِيهِ، فَيَتَيَمَّمُ مَعَهُ لِلْحَدَثِ بَعْدَ اسْتِعْمَالِهِ وَلِلنَّجِسِ. فَلَوْ تَوَضَّأَ بِهِ ثُمَّ لَبِسَ خُفًّا ثُمَّ أَحْدَثَ، ثُمَّ تَوَضَّأَ فَمَسَحَ وَتَيَمَّمَ: صَلَّى بِهِ، وَهُوَ لُبْسٌ عَلَى طَهَارَةٍ لَا يُصَلِّي بِهَا. فَيُعَايَى بِهَا. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَلْزَمَهُ الْبُدَاءَةُ بِالتَّيَمُّمِ، وَأَنْ يُصَلِّيَ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَلَاةً، لِيُؤَدِّيَ فَرْضَهُ بِيَقِينٍ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ نَجِسًا تَأَدَّى فَرْضُهُ بِالتَّيَمُّمِ، وَإِنْ كَانَ طَاهِرًا كَانَتْ الثَّانِيَةُ فَرْضَهُ، وَلَمْ يَضُرَّهُ فَسَادُ الْأُولَى. أَمَّا إذَا تَوَضَّأَ ثُمَّ تَيَمَّمَ، ثُمَّ صَلَّى لَمْ يَتَيَقَّنْ الصِّحَّةَ، لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ صَلَّى حَامِلًا لِلنَّجَاسَةِ. قَالَ فِي الْحَاوِيَيْنِ: وَهَذَا

ص: 342

أَصَحُّ عِنْدِي. وَمَتَى تَيَمَّمَ مَعَهُ، ثُمَّ خَرَجَ الْوَقْتُ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ دُونَ وُضُوئِهِ. قَالَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ.

تَنْبِيهَانِ

أَحَدَاهُمَا: قَوْلُهُ (وَسِبَاعُ الْبَهَائِمِ) مُرَادُهُ غَيْرُ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ. فَإِنَّهُمَا نَجِسَانِ، قَوْلًا وَاحِدًا عِنْدَهُ، بِدَلِيلِ مَا ذَكَرَهُ أَوَّلَ الْكِتَابِ، وَمُرَادُهُ: غَيْرُ الْهِرِّ وَمَا دُونَهَا فِي الْخِلْقَةِ، بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي بَعْدَهُ. الثَّانِي: ظَاهِرُ كَلَامِهِ: دُخُولُ شَعْرِ سِبَاعِ الْبَهَائِمِ فِي ذَلِكَ، وَأَنَّهُ نَجِسٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، قَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَغَيْرِهِمَا. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَابْنُ رَزِينٍ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَمَجْمَعُ الْبَحْرَيْنِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ. وَغَيْرُهُمْ: كُلُّ حَيَوَانٍ حُكْمُ شَعْرِهِ حُكْمُهُ فِي الطَّهَارَةِ وَالنَّجَاسَةِ. وَعَنْهُ أَنَّهُ طَاهِرٌ، قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ فِي بَابِ الْآنِيَةِ. وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ مُسْتَوْفًى فِي آخِرِ بَابِ الْآنِيَةِ.

فَائِدَةٌ:

لَبَنُ الْآدَمِيِّ وَالْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ طَاهِرٌ بِلَا نِزَاعٍ. وَلَبَنُ الْحَيَوَانِ النَّجِسِ نَجِسٌ. وَلَبَنُ الْحَيَوَانِ الطَّاهِرِ غَيْرِ الْمَأْكُولِ، قِيلَ: نَجِسٌ. وَنَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ فِي لَبَنِ حِمَارٍ. قَالَ الْقَاضِي: هُوَ قِيَاسُ قَوْلِهِ فِي لَبَنِ السِّنَّوْرِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. وَنَصَرَهُ الْمَجْدُ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى. وَقِيلَ: طَاهِرٌ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالْفَائِقِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْحَاوِيَيْنِ. وَحُكْمُ بَيْضِهِ حُكْمُ لَبَنِهِ. فَعَلَى الْقَوْلِ بِطَهَارَتِهِمَا لَا يُؤْكَلَانِ. صَرَّحَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ، وَالْحَاوِي.

قَوْلُهُ (وَسُؤْرُ الْهِرِّ وَمَا دُونَهَا فِي الْخِلْقَةِ طَاهِرٌ) ، وَهُوَ بَقِيَّةُ طَعَامِ الْحَيَوَانِ وَشَرَابِهِ، وَهُوَ مَهْمُوزٌ. يَعْنِي أَنَّهَا وَمَا دُونَهَا طَاهِرٌ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا بِلَا رَيْبٍ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَقِيلَ: فِيمَا دُونَ الْهِرِّ مِنْ الطَّيْرِ. وَقِيلَ وَغَيْرُهُ: وَجْهَانِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الطَّيْرِ ابْنُ تَمِيمٍ.

ص: 343

قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الْوَجْهُ بِنَجَاسَتِهِ ضَعِيفٌ. قَالَ الْآمِدِيُّ: سُؤْرُ مَا دُونَ الْهِرِّ طَاهِرٌ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. وَحَكَى الْقَاضِي وَجْهًا بِنَجَاسَةِ شَعْرِ الْهِرِّ الْمُنْفَصِلِ فِي حَيَاتِهَا.

فَوَائِدُ

إحْدَاهُمَا: لَا يُكْرَهُ سُؤْرُ الْهِرِّ وَمَا دُونَهَا فِي الْخِلْقَةِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْهِرِّ وَالْفَأْرِ، وَقَدَّمَهُ فِي مُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَ: وَجَزَمَ بِهِ الْأَكْثَرُ؛ لِأَنَّهَا تَطُوفُ، وَلِعَدَمِ إمْكَانِ التَّحَرُّزِ مِنْهَا كَحَشَرَاتِ الْأَرْضِ، كَالْحَيَّةِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مِثْلَ الْهِرِّ كَالْهِرِّ. وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: يُكْرَهُ سُؤْرُ الْفَأْرِ؛ لِأَنَّهُ يُنْسِي. وَحَكَى رِوَايَةً، قَالَ فِي الْحَاوِيَيْنِ: وَسُؤْرُ الْفَأْرِ مَكْرُوهٌ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ، قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ: يُكْرَهُ فِي الْأَشْهَرِ. وَأَطْلَقَ الزَّرْكَشِيُّ فِي كَرَاهَةِ سُؤْرِ مَا دُونَ الْهِرِّ رِوَايَتَيْنِ، الثَّانِيَةُ: لَوْ وَقَعَتْ هِرَّةٌ، أَوْ فَأْرَةٌ، أَوْ نَحْوُهَا مِمَّا يَنْضَمُّ دُبُرُهُ إذَا وَقَعَ فِي مَائِعٍ فَخَرَجَتْ حَيَّةً. فَهُوَ طَاهِرٌ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: لَا. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُذْهَبِ، وَالْحَاوِيَيْنِ. وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ وَقَعَتْ فِي جَامِدٍ، وَإِنْ وَقَعَتْ وَمَعَهَا رُطُوبَةٌ فِي دَقِيقٍ وَنَحْوِهِ: أُلْقِيَتْ وَمَا حَوْلَهَا، وَإِنْ اخْتَلَطَ وَلَمْ يَنْضَبِطْ حَرُمَ. نَقَلَهُ صَالِحٌ وَغَيْرُهُ. وَتَقَدَّمَ مَا حَدُّ الْجَامِدِ مِنْ الْمَائِعِ عِنْدَ قَوْلِهِ " وَلَا تَطْهُرُ الْأَدْهَانُ النَّجِسَةُ " وَتَقَدَّمَ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ، وَصَاحِبِ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ فِي آخِرِ مَا يُعْفَى عَنْهُ. الثَّالِثَةُ: لَوْ أَكَلَتْ الْهِرَّةُ نَجَاسَةً، ثُمَّ وَلَغَتْ فِي مَاءٍ يَسِيرٍ. فَلَا يَخْلُو: إمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بَعْدَ غَيْبَتِهَا أَوْ قَبْلَهَا. فَإِنْ كَانَ بَعْدَهَا: فَالْمَاءُ طَاهِرٌ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْكَافِي، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَاخْتَارَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. وَقِيلَ نَجِسٌ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ، وَالزَّرْكَشِيُّ،

ص: 344

وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: وَالْأَقْوَى عِنْدِي: أَنَّهَا إنْ وَلَغَتْ عَقِيبَ الْأَكْلِ نَجِسٌ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ بِزَمَنٍ يَزُولُ فِيهِ أَثَرُ النَّجَاسَةِ بِالرِّيقِ: لَمْ يَنْجُسْ. قَالَ: وَكَذَلِكَ يَقْوَى عِنْدِي جَعْلُ الرِّيقِ مُطَهِّرًا أَفْوَاهَ الْأَطْفَالِ وَبَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ. كُلِّ بَهِيمَةٍ طَاهِرَةٍ كَذَلِكَ. انْتَهَى، وَاخْتَارَهُ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَجَزَمَ فِي الْفَائِقِ: أَنَّ أَفْوَاهَ الْأَطْفَالِ وَالْبَهَائِمِ طَاهِرَةٌ، وَاخْتَارَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. وَنَقَلَ أَنَّ ابْنَةَ الْمُوَفَّقِ نَقَلَتْ أَنَّ أَبَاهَا سُئِلَ عَنْ أَفْوَاهِ الْأَطْفَالِ؟ فَقَالَ الشَّيْخُ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي الْهِرَّةِ «إنَّهَا مِنْ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَالطَّوَّافَاتِ» قَالَ الشَّيْخُ: هُمْ الْبَنُونَ وَالْبَنَاتُ. قَالَ: فَشَبَّهَ الْهِرَّ بِهِمْ فِي الْمَشَقَّةِ. انْتَهَى.

وَقِيلَ: طَاهِرٌ إنْ غَابَتْ غَيْبَةً يُمْكِنُ وُرُودُهَا عَلَى مَا يُطَهِّرُ فَمَهَا، وَإِلَّا فَنَجِسٌ. وَقِيلَ: طَاهِرٌ إنْ كَانَتْ الْغَيْبَةُ قَدْرَ مَا يُطَهِّرُ فَمَهَا وَإِلَّا فَنَجِسٌ. ذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَإِنْ كَانَ الْوُلُوغُ قَبْلَ غَيْبَتِهَا. فَقِيلَ: طَاهِرٌ، قَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَاخْتَارَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. قَالَ الْآمِدِيُّ: هَذَا ظَاهِرُ مَذْهَبِ أَصْحَابِنَا. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَقِيلَ: نَجِسٌ، اخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمُذْهَبِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. وَتَقَدَّمَ كَلَامُ الْمَجْدِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْكَافِي، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَالْفَائِقِ، وَالزَّرْكَشِيُّ، وَغَيْرُهُمْ. الرَّابِعَةُ: سُؤْرُ الْآدَمِيِّ طَاهِرٌ مُطْلَقًا. وَعَنْهُ سُؤْرُ الْكَافِرِ نَجِسٌ. وَتَأَوَّلَهُ الْقَاضِي. وَهُمَا وَجْهَانِ مُطْلَقَانِ فِي الْحَاوِيَيْنِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَقَالَ: وَقِيلَ: إنْ لَابَسَ النَّجَاسَةَ غَالِبًا، أَوْ تَدَيَّنَ بِهَا، أَوْ كَانَ وَثَنِيًّا، أَوْ مَجُوسِيًّا، أَوْ يَأْكُلُ الْمَيْتَةَ النَّجِسَةَ: فَسُؤْرُهُ نَجِسٌ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهِيَ رِوَايَةٌ مَشْهُورَةٌ مُخْتَارَةٌ لِكَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. الْخَامِسَةُ: يُكْرَهُ سُؤْرُ الدَّجَاجَةِ إذَا لَمْ تَكُنْ مَضْبُوطَةً، نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَغَيْرُهُ. وَتَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ رِوَايَةٌ بِأَنَّ سُؤْرَ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ طَاهِرٌ. وَيَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ فِي كُلِّ حَيَوَانٍ نَجِسٍ.

ص: 345