المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَابْنُ رَزِينٍ، وَالنَّظْمِ، وَالتَّصْحِيحِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت الفقي - جـ ١

[المرداوي]

الفصل: وَابْنُ رَزِينٍ، وَالنَّظْمِ، وَالتَّصْحِيحِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ،

وَابْنُ رَزِينٍ، وَالنَّظْمِ، وَالتَّصْحِيحِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَالْمُنْتَخَبِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالْفَائِقِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَعَنْهُ يُقْتَلُ حَدًّا. وَقِيلَ: لِفِسْقِهِ.

وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: قَدْ فَرَضَ مُتَأَخِّرُو الْفُقَهَاءِ مَسْأَلَةً يَمْتَنِعُ وُقُوعُهَا، وَهُوَ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا كَانَ مُقِرًّا بِوُجُوبِ الصَّلَاةِ. فَدُعِيَ إلَيْهَا ثَلَاثًا، وَامْتَنَعَ مَعَ تَهْدِيدِهِ بِالْقَتْلِ وَلَمْ يُصَلِّ، حَتَّى قُتِلَ: هَلْ يَمُوتُ كَافِرًا أَوْ فَاسِقًا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ. قَالَ: وَهَذَا الْفَرْضُ بَاطِلٌ. إذْ يَمْتَنِعُ أَنْ يَقْتَنِعَ أَنَّ اللَّهَ فَرَضَهَا وَلَا يَفْعَلُهَا، وَيَصْبِرَ عَلَى الْقَتْلِ، هَذَا لَا يَفْعَلُهُ أَحَدٌ قَطُّ. انْتَهَى.

قُلْت: وَالْعَقْلُ يَشْهَدُ بِمَا قَالَ. وَيَقْطَعُ بِهِ، وَهُوَ عَيْنُ الصَّوَابِ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ. وَأَنَّهُ لَا يُقْتَلُ إلَّا كَافِرًا. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: حُكْمُهُ حُكْمُ الْكُفَّارِ. فَلَا يُغَسَّلُ. وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ، وَلَا يُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا يَرِثُ مُسْلِمًا، وَلَا يَرِثُهُ مُسْلِمٌ. فَهُوَ كَالْمُرْتَدِّ. وَذَكَرَ الْقَاضِي يُدْفَنُ مُنْفَرِدًا. وَذَكَرَ الْآجُرِّيُّ: أَنَّ مَنْ قُتِلَ مُرْتَدًّا يُتْرَكُ بِمَكَانِهِ وَلَا يُدْفَنُ وَلَا كَرَامَةَ. وَعَلَيْهَا لَا يَرِقُّ، وَلَا يُسْبَى لَهُ أَهْلٌ وَلَا وَلَدٌ، نُصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَى الثَّانِيَةِ: حُكْمُهُ كَأَهْلِ الْكَبَائِرِ.

فَائِدَةٌ:

يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ حَيْثُ يُحْكَمُ بِقَتْلِهِ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَالشِّيرَازِيُّ، وَغَيْرُهُمَا وَهُوَ مُقْتَضَى نَصِّ أَحْمَدَ.

[بَابُ الْأَذَانِ]

ِ فَوَائِدُ إحْدَاهُمَا: الْأَذَانُ أَفْضَلُ مِنْ الْإِقَامَةِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: الْإِقَامَةُ أَفْضَلُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي الْفَائِقِ. وَقِيلَ: هُمَا فِي الْفَضِيلَةِ سَوَاءٌ.

الثَّانِيَةُ: الْأَذَانُ أَفْضَلُ مِنْ الْإِمَامَةِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: هَذَا أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ، وَاخْتِيَارُ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ. قَالَ فِي الْمُغْنِي: اخْتَارَهُ

ص: 405

ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَالْقَاضِي، وَجَمَاعَةٌ. وَعَنْهُ الْإِمَامَةُ أَفْضَلُ: وَهُوَ وَجْهٌ فِي الْفَائِقِ، وَغَيْرِهِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَابْنُ الْجَوْزِيِّ. وَقِيلَ: هُمَا سَوَاءٌ فِي الْفَضِيلَةِ. وَقِيلَ: إنْ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ الْقِيَامَ بِحُقُوقِ الْإِمَامَةِ وَجَمِيعِ خِصَالِهَا فَهِيَ أَفْضَلُ، وَإِلَّا فَلَا. الثَّالِثَةُ: لَهُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا. وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي: أَنَّهُ أَفْضَلُ. وَقَالَ: مَا صَلَحَ لَهُ فَهُوَ أَفْضَلُ.

تَنْبِيهَاتٌ

الْأَوَّلُ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ (وَهُمَا مَشْرُوعَانِ لِلصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ) سَوَاءٌ كَانَتْ حَاضِرَةً أَوْ فَائِتَةً. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ غَيْرَ الْفَائِتَةِ وَيَأْتِي الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ قَرِيبًا. وَيَأْتِي أَيْضًا إذَا جَمَعَ بَيْنَ صَلَاتَيْنِ، أَوْ قَضَاءِ فَوَائِتَ.

الثَّانِي: مَفْهُومُ قَوْلِهِ " الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ " أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ لِغَيْرِهَا مِنْ الصَّلَوَاتِ، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقِيلَ: يُشْرَعُ لِلْمَنْذُورَةِ. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ عُبَيْدَانَ، وَالزَّرْكَشِيُّ، وَالرِّعَايَةُ الْكُبْرَى وَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ مَا يَقُولُ لِصَلَاةِ الْعِيدِ، وَالْكُسُوفِ، وَالِاسْتِسْقَاءِ، وَالْجِنَازَةِ، وَالتَّرَاوِيحِ.

الثَّالِثُ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ (لِلرِّجَالِ) أَنَّهُ يُشْرَعُ لِكُلِّ مُصَلٍّ مِنْهُمْ، سَوَاءٌ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ أَوْ مُنْفَرِدًا، سَفَرًا أَوْ حَضَرًا، وَهُوَ صَحِيحٌ. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَالْأَفْضَلُ لِكُلِّ مُصَلٍّ أَنْ يُؤَذِّنَ وَيُقِيمَ، إلَّا أَنْ يَكُونَ يُصَلِّي قَضَاءً أَوْ فِي غَيْرِ وَقْتِ الْأَذَانِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ، وَهُوَ أَفْضَلُ لِكُلِّ مُصَلٍّ، إلَّا كُلُّ وَاحِدٍ مِمَّنْ فِي الْمَسْجِدِ، فَلَا يُشْرَعُ.

بَلْ حَصَلَ لَهُ الْفَضِيلَةُ كَقِرَاءَةِ الْإِمَامِ لِلْمَأْمُومِ. وَقَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: وَإِنْ اقْتَصَرَ الْمُسَافِرُ أَوْ الْمُنْفَرِدُ عَلَى الْإِقَامَةِ جَازَ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، نُصَّ عَلَيْهِ. وَجَمْعُهُمَا أَفْضَلُ. انْتَهَى.

وَيَأْتِي قَرِيبًا: هَلْ يَكُونُ فَرْضَ كِفَايَةٍ لِلْمُنْفَرِدِ وَالْمُسَافِرِ أَمْ لَا؟ الرَّابِعُ: مَفْهُومُ قَوْلِهِ " لِلرِّجَالِ " أَنَّهُ لَا يُشْرَعُ لِلْخَنَاثَى، وَلَا لِلنِّسَاءِ، وَهُوَ صَحِيحٌ، بَلْ يُكْرَهُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ

ص: 406

الرِّوَايَاتِ. قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: لَا يُسْتَحَبُّ لَهُنَّ فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ. وَعَنْهُ يُبَاحَانِ لَهُمَا مَعَ خَفْضِ الصَّوْتِ. ذَكَرَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ. وَقَالَ فِي الْفُصُولِ: تُمْنَعُ مِنْ الْجَهْرِ بِالْأَذَانِ. وَعَنْهُ يُسْتَحَبَّانِ لِلنِّسَاءِ. ذَكَرَهَا فِي الْفَائِقِ. وَعَنْهُ يُسَنُّ لَهُنَّ الْإِقَامَةُ، لَا الْأَذَانُ. ذَكَرَهَا فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. فَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَفِي كَرَاهَتِهِمَا لِلنِّسَاءِ، بِلَا رَفْعِ صَوْتٍ وَقِيلَ مُطْلَقًا رِوَايَتَانِ. وَعَنْهُ يُسَنُّ الْإِقَامَةُ فَقَطْ، وَيُتَوَجَّهُ فِي التَّحْرِيمِ جَهْرًا: الْخِلَافُ فِي قِرَاءَةٍ وَتَلْبِيَةٍ. انْتَهَى. وَمَنَعَهُنَّ فِي الْوَاضِحِ مِنْ الْأَذَانِ. ذَكَرَهُ عَنْهُ فِي الْفُرُوعِ فِي آخِرِ الْإِحْرَامِ.

قَوْلُهُ (وَهُمَا فَرْضُ كِفَايَةٍ) اعْلَمْ أَنَّهُمَا تَارَةً يُفْعَلَانِ فِي الْحَضَرِ، وَتَارَةً فِي السَّفَرِ. فَإِنْ فَعَلَهُمَا فِي الْحَضَرِ فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُمَا فَرْضُ كِفَايَةٍ فِي الْقُرَى وَالْأَمْصَارِ وَغَيْرِهِمَا. وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ، وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ هُمَا فَرْضُ كِفَايَةٍ فِي الْأَمْصَارِ، سُنَّةٌ فِي غَيْرِهَا. وَعَنْهُ هُمَا سُنَّةٌ مُطْلَقًا. قَالَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. وَقَالَ فِي الرَّوْضَةِ: الْأَذَانُ فَرْضٌ، وَالْإِقَامَةُ سُنَّةٌ. وَعَنْهُ هُمَا وَاجِبَانِ لِلْجُمُعَةِ فَقَطْ، اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَغَيْرُهُمَا. وَأَقَامَ الْأَدِلَّةَ عَلَى ذَلِكَ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَا نِزَاعَ فِيمَا نَعْلَمُهُ فِي وُجُوبِهَا لِلْجُمُعَةِ، لِاشْتِرَاطِ الْجَمَاعَةِ لَهَا. قُلْت: قَدْ تَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ. ذَكَرَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ، وَغَيْرُهُمَا، لَكِنَّ عُذْرَهُ أَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى ذَلِكَ. وَقَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: يَسْقُطُ الْفَرْضُ لِلْجُمُعَةِ بِأَوَّلِ أَذَانٍ، وَإِنْ فُعِلَا فِي السَّفَرِ: فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، أَنَّهُمَا سُنَّةٌ. وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ. مِنْهُمْ أَبُو بَكْرٍ، وَالْقَاضِي فِي الْمُحَرَّرِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هِيَ الْمَشْهُورَةُ. وَعَلَيْهَا أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْفَائِقِ، وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ حُكْمُ السَّفَرِ حُكْمُ الْحَضَرِ فِيهِمَا. قُلْت: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا، وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ:

ص: 407

وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ طَائِفَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ، وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفَائِقِ، وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ.

فَائِدَةٌ: فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُمَا فَرْضُ كِفَايَةٍ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ: يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْمُصَلِّي وَحْدَهُ، وَالصَّلَاةُ الْمَنْذُورَةُ، وَالْقَضَاءُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. فَلَيْسَ هُمَا فِي حَقِّهِمْ فَرْضَ كِفَايَةٍ، قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقِيلَ: بِفَرْضِيَّتِهِمَا فِيهِنَّ. وَهِيَ رِوَايَةٌ فِي الْمُنْفَرِدِ، وَاخْتَارَهُ فِي الْمُنْفَرِدِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفَائِقِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْكِفَايَةِ. وَالزَّرْكَشِيُّ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ

. تَنْبِيهٌ:

ظَاهِرُ قَوْلِهِ (إنْ اتَّفَقَ أَهْلُ بَلَدٍ عَلَى تَرْكِهِمَا قَاتَلَهُمْ الْإِمَامُ) أَمَّا إذَا قُلْنَا: إنَّهُمَا سُنَّةٌ، وَاتَّفَقُوا عَلَى تَرْكِهِمَا، فَلَا يُقَاتَلُونَ، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقِيلَ: يُقَاتَلُونَ أَيْضًا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُمَا سُنَّةٌ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ

فَائِدَةٌ:

يَكْفِي مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ فِي الْمِصْرِ.

نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَأَطْلَقَهُ جَمَاعَةٌ. وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ: يَكْفِي مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ بِحَيْثُ يُسْمِعُهُمْ. قَالَ الْمَجْدُ، وَابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُمَا: بِحَيْثُ يَحْصُلُ لِأَهْلِهِ الْعِلْمُ. وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ مَتَى أَذَّنَ وَاحِدٌ سَقَطَ عَمَّنْ صَلَّى مَعَهُ. لَا عَمَّنْ لَمْ يُصَلِّ مَعَهُ وَإِنْ سَمِعَهُ، سَوَاءٌ كَانَ وَاحِدًا أَوْ جَمَاعَةً فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ بِأَذَانٍ أَوْ غَيْرِهِ. وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يُؤَذِّنَ اثْنَانِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِيَيْنِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيُتَوَجَّهُ فِي الْفَجْرِ فَقَطْ.

كَبِلَالٍ وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَلَا يُسْتَحَبُّ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِمَا عَلَى الصَّحِيحِ، جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّارِحُ، وَغَيْرُهُمَا، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَغَيْرُهُمَا. وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يُسْتَحَبُّ الزِّيَادَةُ عَلَى أَرْبَعَةٍ لِفِعْلِ عُثْمَانَ، إلَّا مِنْ حَاجَةٍ.

وَتَابَعَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ. وَالْأَوْلَى: أَنْ يُؤَذِّنَ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ. وَيُقِيمَ مَنْ أَذَّنَ أَوَّلًا، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ الْإِعْلَامُ بِوَاحِدٍ يَزِيدُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ جَانِبٍ، أَوْ دَفْعَةٍ

ص: 408

وَاحِدَةٍ بِمَكَانٍ وَاحِدٍ. وَيُقِيمُ أَحَدُهُمْ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَالْمُرَادُ بِلَا حَاجَةٍ، وَهُوَ كَمَا قَالَ.

فَإِنْ تَشَاحُّوا أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ.

قَوْلُهُ (وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِمَا فِي أَظْهَرِ الرِّوَايَتَيْنِ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى: يَجُوزُ. وَعَنْهُ يُكْرَهُ. وَنَقَلَهَا حَنْبَلٌ. وَقِيلَ: يَجُوزُ إنْ كَانَ فَقِيرًا. وَلَا يَجُوزُ مَعَ غِنَاهُ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. قَالَ: وَكَذَا كُلُّ قُرْبَةٍ. ذَكَرَهُ عَنْهُ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَيَأْتِي فِي أَثْنَاءِ بَابِ الْإِجَارَةِ: هَلْ تَصِحُّ الْإِجَارَةُ عَلَى عَمَلٍ يَخْتَصُّ فَاعِلُهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْقُرْبَةِ.

قَوْلُهُ (فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مُتَطَوِّعٌ بِهِمَا رَزَقَ الْإِمَامُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مَنْ يَقُومُ بِهِمَا) كَرِزْقِ الْقُضَاةِ وَنَحْوِهِمْ، عَلَى مَا يَأْتِي فِي بَابِهِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّهُ إذَا وُجِدَ مُتَطَوِّعٌ بِهِمَا، لَا يَجُوزُ أَنْ يَرْزُقَ الْإِمَامُ غَيْرَهُ، لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ، وَهُوَ صَحِيحٌ وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ لَا يَجُوزُ إلَّا مَعَ امْتِيَازٍ بِحُسْنِ الصَّوْتِ.

تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ (وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُ صَيِّتًا، أَمِينًا، عَالِمًا بِالْأَوْقَاتِ) أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ، وَالْبَصِيرِ وَالْأَعْمَى، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ مِنْ الْأَصْحَابِ فِي الْعَبْدِ، وَصَرَّحَ بِهِ أَبُو الْمَعَالِي. وَقَالَ: يَسْتَأْذِنُ سَيِّدَهُ. وَقَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِي الْإِفْصَاحِ: وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُ حُرًّا بَالِغًا طَاهِرًا. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ لَا فَرْقَ. قُلْت: قَالَ فِي الْمَذْهَبِ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ حُرًّا: وَأَمَّا الْأَعْمَى: فَصَرَّحَ بِأَذَانِهِ الْأَصْحَابُ، وَأَنَّهُ لَا يُكْرَهُ إذَا عَلِمَ بِالْوَقْتِ، وَنُصَّ عَلَيْهِ.

فَائِدَتَانِ

إحْدَاهُمَا: قَوْلُهُ " وَيَنْبَغِي " مُرَادُهُ: يُسْتَحَبُّ. قَالَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ.

ص: 409

الثَّانِيَةُ: يُشْتَرَطُ فِي الْمُؤَذِّنِ ذُكُورِيَّتُهُ، وَعَقْلُهُ، وَإِسْلَامُهُ. وَلَا يُشْتَرَطُ عِلْمُهُ بِالْوَقْتِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: يُشْتَرَطُ ذَلِكَ. وَيَأْتِي ذِكْرُ بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ عِنْدَ قَوْلِهِ " وَلَا يَصِحُّ الْأَذَانُ إلَّا مُرَتَّبًا ".

قَوْلُهُ (فَإِنْ تَشَاحَّ فِيهِ نَفْسَانِ قُدِّمَ أَفْضَلُهُمَا فِي ذَلِكَ) يَعْنِي فِي الصَّوْتِ وَالْأَمَانَةِ وَالْعِلْمِ بِالْوَقْتِ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ قَوْلُهُ " ثُمَّ أَفْضَلُهُمَا فِي دِينِهِ وَعَقْلِهِ " هَذَا الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ. وَقِيلَ: يُقَدَّمُ الْأَدْيَنُ عَلَى الْأَفْضَلِ، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. قَوْلُهُ (ثُمَّ مَنْ يَخْتَارُهُ الْجِيرَانُ، أَوْ أَكْثَرُهُمْ) وَهُوَ الْمَذْهَبُ قَوْلُهُ (فَإِنْ اسْتَوَيَا أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا) وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَقُدِّمَ فِي الْكَافِي الْقُرْعَةُ بَعْدَ الْأَفْضَلِيَّةِ فِي الصَّوْتِ، وَالْأَمَانَةِ، وَالْعِلْمِ. وَعَنْهُ تُقَدَّمُ الْقُرْعَةُ عَلَى مَنْ يَخْتَارُهُ الْجِيرَانُ.

نَقْلُهَا طَاعَةٌ. قَالَهُ الْقَاضِي، قَدَّمَهُ فِي التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ: إذَا اسْتَوَيَا فِي الْأَفْضَلِيَّةِ فِي الْخِصَالِ الْمُعْتَبَرَةِ، وَالْأَفْضَلِيَّةِ فِي الدِّينِ وَالْعَقْلِ: قُدِّمَ أَعْمَرُهُمْ لِلْمَسْجِدِ، وَأَتَمُّهُمْ لَهُ مُرَاعَاةً، وَأَقْدَمُهُمْ تَأْذِينًا، وَجُزِمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْآمِدِيُّ: يُقَدَّمُ الْأَقْدَمُ تَأْذِينًا. أَوْ أَبُوهُ. وَقَالَ: السُّنَّةُ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُ مِنْ أَوْلَادِ مَنْ جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْأَذَانَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِمْ جَازَ. وَاعْلَمْ أَنَّ عِبَارَاتِ الْمُصَنَّفِينَ مُخْتَلِفَةٌ فِي ذَلِكَ.

بَعْضُهَا مُبَايِنٌ لِبَعْضٍ. فَأَنَا أَذْكُرُ لَفْظَ كُلِّ مُصَنِّفٍ.

تَكْمِيلًا لِلْفَائِدَةِ. فَقَالَ فِي الْكَافِي " فَإِنْ تَشَاحَّ فِيهِ اثْنَانِ قُدِّمَ أَكْمَلُهُمَا فِي هَذِهِ الْخِصَالِ. وَهِيَ

ص: 410

الصَّوْتُ، وَالْأَمَانَةُ، وَالْعِلْمُ بِالْوَقْتِ، وَالْبَصَرُ. فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي ذَلِكَ: أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ. وَعَنْهُ يُقَدَّمُ مَنْ يَرْضَاهُ الْجِيرَانُ ". وَقَالَ فِي الْوَجِيزِ " فَإِنْ تَشَاحَّ اثْنَانِ قُدِّمَ الْأَدْيَنُ الْأَفْضَلُ فِيهِ ثُمَّ مَنْ قُرِعَ ". وَقَالَ فِي تَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ " وَيُقَدَّمُ الْأَفْضَلُ فِيهِ، ثُمَّ الْأَدْيَنُ، ثُمَّ مُخْتَارُ جَارٍ مُصَلٍّ. ثُمَّ مَنْ قُرِعَ " وَهِيَ طَرِيقَةُ الْمُصَنِّفِ بِعَيْنِهَا.

لَكِنْ شُرِطَ فِي الْجَارِ: أَنْ يَكُونَ مُصَلِّيًا، وَهُوَ كَذَلِكَ. وَقَالَ فِي الْفَائِقِ " وَيُقَدَّمُ عِنْدَ التَّشَاحُنِ أَفْضَلُهُمَا فِي ذَلِكَ، ثُمَّ فِي الدِّينِ، ثُمَّ مَنْ يَخْتَارُهُ الْجِيرَانُ. فَإِنْ اسْتَوَيَا فَالْإِقْرَاعُ ". وَقَالَ فِي الْمُنَوِّرِ، وَالْمُنْتَخَبِ " وَيُقَدَّمُ الْأَفْضَلُ فِيهِ، ثُمَّ فِي دِينِهِ، ثُمَّ مُرْتَضَى الْجِيرَانِ، ثُمَّ الْقَارِعُ ". وَقَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ " وَيُقَدَّمُ أَعْلَمُ ثُمَّ أَدْيَنُ، ثُمَّ مُخْتَارٌ ثُمَّ قَارِعٌ " فَهَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةُ طَرِيقَتُهُمْ كَطَرِيقَةِ الْمُصَنِّفِ. وَقَالَ النَّاظِمُ " يُقَدَّمُ مُتْقِنٌ عِنْدَ التَّنَازُعِ، ثُمَّ أَدْيَنُ، ثُمَّ أَعْقَلُ، ثُمَّ مَنْ يَخْتَارُهُ الْجِيرَانُ، ثُمَّ الْإِقْرَاعُ " فَقُدِّمَ الْأَدْيَنُ عَلَى الْأَعْقَلِ، وَلَا يُنَافِي كَلَامَ الْمُصَنِّفِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى " وَإِنْ تَشَاحَّ فِيهِ اثْنَانِ، قُدِّمَ مَنْ لَهُ التَّقْدِيمُ، ثُمَّ الْأَعْقَلُ، ثُمَّ الْأَدْيَنُ، ثُمَّ الْأَفْضَلُ فِيهِ، ثُمَّ الْأَخْبَرُ بِالْوَقْتِ، ثُمَّ الْأَعْمَرُ لِلْمَسْجِدِ الْمُرَاعِي لَهُ، ثُمَّ الْأَقْدَمُ تَأْذِينًا فِيهِ. وَقِيلَ: أَوْ أَبُوهُ، ثُمَّ مَنْ قُرِعَ مَعَ التَّسَاوِي. وَعَنْهُ: بَلْ مَنْ رَضِيَهُ الْجِيرَانُ. وَقِيلَ: يُقَدَّمُ أَفْضَلُهُمَا فِي صَوْتِهِ، وَأَمَانَتِهِ، وَعِلْمِهِ بِالْوَقْتِ، ثُمَّ فِي دِينِهِ وَعَقْلِهِ ". وَهَذَا الْقَوْلُ الْأَخِيرُ طَرِيقَةُ الْمُصَنِّفِ وَمَنْ تَابَعَهُ. وَهِيَ الْمَذْهَبُ، كَمَا تَقَدَّمَ.

وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى " فَإِنْ تَشَاحَّ اثْنَانِ، قُدِّمَ الْأَدْيَنُ، ثُمَّ الْأَفْضَلُ فِيهِ، ثُمَّ الْأَخْبَرُ بِالْوَقْتِ، ثُمَّ الْأَعْمَرُ لِلْمَسْجِدِ الْمُرَاعِي لَهُ، ثُمَّ الْأَقْدَمُ تَأْذِينًا فِيهِ، ثُمَّ مَنْ قُرِعَ وَعَنْهُ مَنْ رَضِيَهُ الْجِيرَانُ ".

ص: 411

وَقَالَ فِي الْإِفَادَاتِ " فَإِنْ تَشَاحَّ فِيهِ اثْنَانِ.

قُدِّمَ أَدْيَنُهُمَا، ثُمَّ أَفْضَلُهُمَا، ثُمَّ أَعْمَرُهُمَا لِلْمَسْجِدِ، وَأَكْثَرُهُمَا مُرَاعَاةً لَهُ، ثُمَّ أَسْبَقُهُمَا تَأْذِينًا فِيهِ، ثُمَّ مَنْ رَضِيَهُ الْجِيرَانُ ثُمَّ مَنْ قُرِعَ ". وَقَالَ فِي الْحَاوِيَيْنِ " وَإِنْ تَشَاحَّا فِيهِ اثْنَانِ، قُدِّمَ الْأَفْضَلُ فِيهِ، وَالْأَدْيَنُ الْأَعْقَلُ، الْأَخْبَرُ بِالْوَقْتِ، الْأَعْمَرُ لِلْمَسْجِدِ الْمُرَاعِي لَهُ، الْأَقْدَمُ تَأْذِينًا، ثُمَّ مَنْ قُرِعَ. وَعَنْهُ مَنْ رَضِيَهُ الْجِيرَانُ ". وَقَالَ فِي إدْرَاكِ الْغَايَةِ " وَأَحَقُّهُمْ بِهِ: أَفْضَلُهُمْ، ثُمَّ أَصْلَحُهُمْ لِلْمَسْجِدِ، ثُمَّ مُخْتَارُ الْجِيرَانِ، ثُمَّ الْقَارِعُ. وَعَنْهُ الْقَارِعُ، ثُمَّ مُخْتَارُ الْجِيرَانِ ". وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ " فَإِنْ تَشَاحُّوا قُدِّمَ أَكْمَلُهُمْ فِي دِينِهِ وَعَقْلِهِ وَفَضْلِهِ. فَإِنْ تَشَاحُّوا أُقْرِعَ بَيْنَهُمْ، إلَّا أَنْ يَكُونَ لِأَحَدِهِمْ مَزِيَّةٌ فِي عِمَارَةِ الْمَسْجِدِ، أَوْ التَّقْدِيمِ بِالْأَذَانِ، وَعَنْهُ يَقُومُ مَنْ يَرْتَضِي الْجِيرَانُ ". وَكَذَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ. وَقَالَ فِي الْفُصُولِ " وَإِنْ تَشَاحُّوا قُدِّمَ مَنْ رَضِيَهُ الْجِيرَانُ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَالْأُخْرَى يُقَدَّمُ مَنْ تُخْرِجُهُ الْقُرْعَةُ " وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ. وَقَالَ فِي الْمُبْهِجِ " وَإِنْ تَشَاحَّا اثْنَانِ فِي الْأَذَانِ: أَذَّنَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْآخَرِ " وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ " وَمَعَ التَّشَاجُرِ: يُقَدَّمُ الْأَفْضَلُ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ الْأَدْيَنُ. وَقِيلَ: يُقَدَّمُ هُوَ، ثُمَّ اخْتِيَارُ الْجِيرَانِ، ثُمَّ الْقُرْعَةُ. وَعَنْهُ هِيَ قَبْلَهُمْ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ. قَالَهُ الْقَاضِي: وَعَنْهُ يُقَدَّمُ عَلَيْهِمَا بِمَزِيَّةِ عِمَارَةٍ. وَقِيلَ: أَوْ سَبْقِهِ بِأَذَانٍ " انْتَهَى. وَهِيَ أَحْسَنُ الطُّرُقِ وَأَصَحُّهَا، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَسْأَلَةَ ابْنُ تَمِيمٍ، وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ، وَالْعُقُودِ، وَالْجَامِعِ الصَّغِيرِ.

قَوْلُهُ (وَالْأَذَانُ خَمْسَ عَشْرَةَ كَلِمَةً، لَا تَرْجِيعَ فِيهِ)، الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ الْمُخْتَارَ مِنْ الْأَذَانِ أَذَانُ بِلَالٍ، وَلَيْسَ فِيهِ تَرْجِيعٌ

ص: 412

وَعَلَيْهِ الْإِمَامُ وَالْأَصْحَابُ. وَعَنْهُ التَّرْجِيعُ أَحَبُّ إلَيَّ. وَعَلَيْهِ أَهْلُ مَكَّةَ إلَى الْيَوْمِ. نَقَلَهَا حَنْبَلٌ. ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ.

فَائِدَةٌ:

قَالَ أَبُو الْمَعَالِي فِي النِّهَايَةِ: يُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ قُبَيْلَ الْأَذَانِ {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا} [الإسراء: 111] وَقَالَ فِي الْفُصُولِ: لَا يُوصَلُ الْأَذَانُ بِذِكْرٍ قَبْلَهُ، خِلَافَ مَا عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْعَوَامّ الْيَوْمَ. وَلَيْسَ مَوْطِنَ قُرْآنٍ. وَلَمْ يُحْفَظْ عَنْ السَّلَفِ. فَهُوَ مُحْدَثٌ انْتَهَى.

وَقَالَ فِي التَّبْصِرَةِ. يَقُولُ فِي آخِرِ دُعَاءِ الْقُنُوتِ {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ} [الإسراء: 111] الْآيَةَ فَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَيُتَوَجَّهُ عَلَيْهِ قَوْلُهَا قَبْلَ الْأَذَانِ.

قَوْلُهُ (وَالْإِقَامَةُ إحْدَى عَشْرَةَ كَلِمَةً) . هُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْإِمَامُ وَالْأَصْحَابُ. وَعَنْهُ: هُوَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ هَذِهِ الصِّفَةِ وَتَثْنِيَتِهَا

فَائِدَةٌ:

لَا يُشْرَعُ الْأَذَانُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ مُطْلَقًا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ الْأَذَانُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ، إلَّا لِنَفْسِهِ مَعَ عَجْزِهِ. . قَالَهُ أَبُو الْمَعَالِي. ذَكَرَهُ عَنْهُ فِي الْفُرُوعِ فِي آخِرِ بَابِ الْإِحْرَامِ.

قَوْلُهُ (فَإِنْ رَجَّعَ فِي الْأَذَانِ، أَوْ ثَنَّى فِي الْإِقَامَةِ، فَلَا بَأْسَ) . وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْإِمَامُ وَالْأَصْحَابُ. وَعَنْهُ لَا يُعْجِبُنِي تَرْجِيعُ الْأَذَانِ. وَعَنْهُ التَّرْجِيعُ وَعَدَمُهُ سَوَاءٌ.

فَائِدَةٌ:

" التَّرْجِيعُ ": قَوْلُ الشَّهَادَتَيْنِ سِرًّا بَعْدَ التَّكْبِيرِ. ثُمَّ يَجْهَرُ بِهِمَا

. قَوْلُهُ (وَيَقُولُ فِي أَذَانِ الصُّبْحِ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ مَرَّتَيْنِ) لَا نِزَاعَ فِي اسْتِحْبَابِ قَوْلِ ذَلِكَ. وَلَا يَجِبُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَعَنْهُ يَجِبُ ذَلِكَ جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ.

ص: 413

فَائِدَتَانِ:

إحْدَاهُمَا: يُكْرَهُ التَّثْوِيبُ فِي غَيْرِ أَذَانِ الْفَجْرِ. وَيُكْرَهُ بَعْدَ الْأَذَانِ أَيْضًا. وَيُكْرَهُ النِّدَاءُ بِالصَّلَاةِ بَعْدَ الْأَذَانِ وَالْأَشْهَرُ فِي الْمَذْهَبِ: كَرَاهَةُ نِدَاءِ الْأُمَرَاءِ بَعْدَ الْأَذَانِ، وَهُوَ قَوْلُهُ " الصَّلَاةُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ " وَنَحْوُهُ. قَالَ فِي الْفُصُولِ: يُكْرَهُ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُخْرِجَهُ عَنْ الْبِدْعَةِ لِفِعْلِهِ زَمَنَ مُعَاوِيَةَ. انْتَهَى.

الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَرَسَّلَ فِي الْأَذَانِ وَيَحْدُرَ الْإِقَامَةَ) وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ. لَكِنْ قَالَ ابْنُ بَطَّةَ، وَأَبُو حَفْصٍ، وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْأَصْحَابِ: إنَّهُ يَكُونُ فِي حَالِ تَرَسُّلِهِ وَحَدْرِهِ: لَا يَصِلُ الْكَلَامَ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ مُعْرَبًا، بَلْ جَزْمًا وَإِسْكَانًا. وَحَكَاهُ ابْنُ بَطَّةَ عَنْ ابْنِ الْأَنْبَارِيِّ عَنْ أَهْلِ اللُّغَةِ. قَالَ: وَرُوِيَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ قَالَ " شَيْئَانِ مَجْزُومَانِ، كَانُوا لَا يُعْرِبُونَهُمَا: الْأَذَانُ، وَالْإِقَامَةُ " قَالَ: وَقَالَ أَيْضًا " الْأَذَانُ جَزْمٌ " قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: مَعْنَاهُ: اسْتِحْبَابُ تَقْطِيعِ الْكَلِمَاتِ بِالْوَقْفِ عَلَى كُلِّ جُمْلَةٍ. فَيَحْصُلُ الْجَزْمُ وَالسُّكُونُ بِالْوَقْفِ، لَا أَنَّهُ مَعَ عَدَمِ الْوَقْفِ عَلَى الْجُمْلَةِ يَتْرُكُ إعْرَابَهَا، كَمَا قَالَ. انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَتَرَسَّلَ فِي الْأَذَانِ، وَيَحْدُرَ الْإِقَامَةَ، وَأَنْ يَقِفَ عَلَى كُلِّ كَلِمَةٍ. وَقَالَ ابْنُ بَطَّةَ: يُسْتَحَبُّ تَرْكُ الْإِعْرَابِ فِيهِمَا. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَجْزِمُهُمَا، وَلَا يُعْرِبُهُمَا. وَكَذَا قَالَ غَيْرُهُ.

قَوْلُهُ " وَيُؤَذِّنُ قَائِمًا ". يَعْنِي: يُسْتَحَبُّ أَنْ يُؤَذِّنَ قَائِمًا. فَلَوْ أَذَّنَ أَوْ أَقَامَ قَاعِدًا، أَوْ رَاكِبًا لِغَيْرِ عُذْرٍ، أَوْ مَاشِيًا: جَازَ، وَيُكْرَهُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَغَيْرُهُمَا: فَإِنْ أَذَّنَ قَاعِدًا لِغَيْرِ عُذْرٍ: فَقَدْ كَرِهَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ. وَيَصِحُّ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ لِغَيْرِ الْقَائِمِ وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ فِي الْجَمِيعِ. وَقَالَ أَحْمَدُ: إنْ أَذَّنَ قَاعِدًا لَا يُعْجِبُنِي وَجَزَمَ فِي التَّلْخِيصِ بِالْكَرَاهَةِ لِلْمَاشِي، وَبِعَدَمِهَا لِلرَّاكِبِ الْمُسَافِرِ

ص: 414

قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى: وَيُبَاحَانِ لِلْمُسَافِرِ مَاشِيًا وَرَاكِبًا فِي السَّفِينَةِ وَالْمَرَضِ جَالِسًا وَقَالَهُ فِي الْحَاوِيَيْنِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَيُبَاحَانِ لِلْمُسَافِرِ حَالَ مَشْيِهِ وَرُكُوبِهِ فِي رِوَايَةٍ. وَقَالَ فِي مَكَان آخَرَ: وَلَا يَمْشِي فِيهِمَا، وَلَا يَرْكَبُ نَصَّ عَلَيْهِ فَإِنْ رَكِبَ كُرِهَ. وَقَالَ فِي الْفَائِقِ: وَيُبَاحَانِ لِلْمُسَافِرِ مَاشِيًا وَرَاكِبًا. انْتَهَى.

وَعَنْهُ لَا يُكْرَهُ ذَلِكَ فِي الْكُلِّ. وَعَنْهُ يُكْرَهُ. وَعَنْهُ يُكْرَهُ فِي الْحَضَرِ دُونَ السَّفَرِ. قَالَ الْقَاضِي: إنْ أَذَّنَ رَاكِبًا أَوْ مَاشِيًا حَضَرًا كُرِهَ. وَعَنْهُ يُكْرَهُ ذَلِكَ فِي الْإِقَامَةِ فِي الْحَضَرِ. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: إنْ أَذَّنَ قَاعِدًا، أَوْ مَشَى فِيهِ كَثِيرًا بَطَلَ، وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي الثَّانِيَةِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَعَنْهُ إنْ مَشَى فِي الْأَذَانِ كَثِيرًا عُرْفًا بَطَلَ وَمَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ إلَى عَدَمِ إجْزَاءِ أَذَانِ الْقَاعِدِ. وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْفُرُوعِ بِعَنْهُ وَعَنْهُ. حَكَى أَبُو الْبَقَاءِ فِي شَرْحِهِ رِوَايَةً: أَنَّهُ يُعِيدُ إنْ أَذَّنَ قَاعِدًا. قَالَ الْقَاضِي: هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى نَفْيِ الِاسْتِحْبَابِ. وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى نَفْيِ الِاعْتِدَادِ بِهِ.

قَوْلُهُ (مُتَطَهِّرًا) . يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الطَّهَارَةُ لَهُ. وَهَذَا بِلَا نِزَاعٍ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةِ. وَلَا تَجِبُ الطَّهَارَةُ الصُّغْرَى لَهُ بِلَا نِزَاعٍ. وَيَصِحُّ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ، لَكِنْ تُكْرَهُ لَهُ الْإِقَامَةُ بِلَا نِزَاعٍ جَزَمَ بِهِ فِي الْفُرُوعِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالرِّعَايَةِ، وَابْنُ تَمِيمٍ وَالزَّرْكَشِيُّ، وَغَيْرِهِمْ. وَلَمْ يُكْرَهْ الْأَذَانُ نَصَّ عَلَيْهِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالزَّرْكَشِيُّ، وَالْفُرُوعِ. وَقِيلَ: يُكْرَهُ الْأَذَانُ أَيْضًا. وَهِيَ فِي الْإِقَامَةِ أَشَدُّ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالتَّلْخِيصِ. وَيَصِحُّ مِنْ الْجُنُبِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ. وَعَنْهُ يُعِيدُ. اخْتَارَهُ الْخِرَقِيُّ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ الْمُتَقَدِّمُ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْإِيضَاحِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: قَالَ فِي الْفُرُوعِ: يُتَوَجَّهُ فِي إعَادَتِهِ احْتِمَالَانِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ إنْ كَانَ أَذَانُهُ فِي مَسْجِدٍ. فَإِنْ كَانَ مَعَ جَوَازِ اللُّبْثِ، إمَّا بِوُضُوءٍ عَلَى الْمَذْهَبِ، أَوْ نَجَسٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ. صَحَّ. وَمَعَ تَحْرِيمِ اللُّبْثِ، فَهُوَ كَالْأَذَانِ، وَالزَّكَاةِ فِي مَكَان غَصْبٍ. وَفِي ذَلِكَ قَوْلَانِ الْمَذْهَبُ

ص: 415

عِنْدَ الْمَجْدِ وَغَيْرِهِ: الصِّحَّةُ وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ: الْبُطْلَانُ، وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ ابْنِ عَبْدُوسٍ الْمُتَقَدِّمِ. وَقَطَعَ بِاشْتِرَاطِ الطَّهَارَةِ كَمَكَانِ الصَّلَاةِ.

قَوْلُهُ (فَإِذَا بَلَغَ الْحَيْعَلَةَ الْتَفَتَ يَمِينًا وَشِمَالًا. وَلَمْ يَسْتَدِرْ) . هَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا. وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ. وَقَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: هَذَا الْأَظْهَرُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْمُنْتَخَبِ، وَغَيْرِهِمَا وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالنَّظْمِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالْمُحَرَّرِ. وَعَنْهُ يُزِيلُ قَدَمَهُ فِي مَنَارَةٍ وَنَحْوِهَا نَصَرَهُ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ وَغَيْرِهِ وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ، وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ، وَالْإِفَادَاتِ، وَالْمُنَوِّرِ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي الْإِعْلَامِ، وَهُوَ الْمَعْمُولُ بِهِ. زَادَ أَبُو الْمَعَالِي: يَفْعَلُ ذَلِكَ مَعَ كِبَرِ الْبَلَدِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالْفَائِقِ وَابْنُ عُبَيْدَانَ. قَالَ فِي الْإِقْنَاعِ: يَشْرَعُ إزَالَةَ قَدَمَيْهِ فِي الْمَنَارَةِ، فَعَلَى الْمَذْهَبِ: قَالَ الْفُرُوعُ: وَظَاهِرُهُ يُزِيلُ صَدْرَهُ. انْتَهَى.

قُلْت: قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: وَلَا يُحَوِّلُ صَدْرَهُ عَنْ الْقِبْلَةِ.

تَنْبِيهٌ:

ظَاهِرُ قَوْلِهِ " الْتَفَتَ يَمِينًا وَشِمَالًا " أَنَّهُ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى مَنَارَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا، أَوْ عَلَى الْأَرْضِ، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَجَزَمَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ، وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ: إنْ أَذَّنَ فِي صَوْمَعَةٍ الْتَفَتَ يَمِينًا وَشِمَالًا. وَلَمْ يُحَوِّلْ قَدَمَيْهِ. وَإِنْ أَذَّنَ عَلَى الْأَرْضِ: فَهَلْ يَلْتَفِتُ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ. ذَكَرَهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ. وَهِيَ طَرِيقَةٌ غَرِيبَةٌ.

فَائِدَتَانِ

إحْدَاهُمَا: يَقُولُ " حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ " فِي الْمَرَّتَيْنِ مُتَوَالِيَتَيْنِ عَنْ يَمِينِهِ. وَيَقُولُ " حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ " كَذَلِكَ عَنْ يَسَارِهِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَقِيلَ يَقُولُ " حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ " يَمِينًا، ثُمَّ يُعِيدُهُ يَسَارًا، ثُمَّ يَقُولُ

ص: 416

حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ " يَمِينًا، ثُمَّ يُعِيدُهُ يَسَارًا، وَقِيلَ: يَقُولُ " حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ " مَرَّةً عَنْ يَمِينِهِ، ثُمَّ يَقُولُ عَنْ يَسَارِهِ " حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ " مَرَّةً. ثُمَّ كَذَلِكَ ثَانِيَةً قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ سَهْوٌ، وَهُوَ كَمَا قَالَ وَالظَّاهِرُ: أَنَّهُ خِلَافُ إجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ.

الثَّانِيَةُ: لَا يَلْتَفِتُ يَمِينًا وَلَا شِمَالًا فِي الْحَيْعَلَةِ فِي الْإِقَامَةِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ جَزَمَ بِهِ الْآجُرِّيُّ وَغَيْرُهُ. قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِي الْفُرُوعِ: هَذَا أَظْهَرُ الْوَجْهَيْنِ. وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي فِيهِ وَجْهَيْنِ

قَوْلُهُ (وَيَجْعَلُ إصْبَعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ) . يَعْنِي السَّبَّابَتَيْنِ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْعُمْدَةِ، وَالنَّظْمِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْإِفَادَاتِ، وَالْفَائِقِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَالْمُصَنِّفُ، وَغَيْرُهُمْ وَصَحَّحَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرِهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَابْنُ تَمِيمٍ. وَعَنْهُ يَجْعَلُ أَصَابِعَهُ عَلَى أُذُنَيْهِ مَبْسُوطَةً مَضْمُومَةً.

سِوَى الْإِبْهَامِ. وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ. قَالَ فِي التَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالْهِدَايَةِ: وَلْيَجْعَلْ أَصَابِعَهُ مَضْمُومَةً عَلَى أُذُنَيْهِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَعَنْهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ مَعَ قَبْضِهِ عَلَى كَفَّيْهِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ. نَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ بَطَّةَ. فَقَالَ: سَأَلْت أَبَا الْقَاسِمِ الْخِرَقِيَّ عَنْ صِفَةِ ذَلِكَ؟ فَأَرَانِيهِ بِيَدَيْهِ جَمِيعًا. وَضَمَّ أَصَابِعَهُ عَلَى رَاحَتَيْهِ، وَوَضَعَهُمَا عَلَى أُذُنَيْهِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ الْمُتَقَدِّمُ، وَابْنُ الْبَنَّا. وَذَكَرَهُ الزَّرْكَشِيُّ عَنْ صَاحِبِ الْبُلْغَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ لَفْظُهُ. وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ. وَخَيَّرَهُ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِيَيْنِ بَيْنَ وَضْعِ أَصَابِعِهِ وَإِصْبُعَيْهِ.

فَائِدَةٌ:

يَرْفَعُ وَجْهَهُ إلَى السَّمَاءِ فِي الْأَذَانِ كُلِّهِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَنَصَّ عَلَيْهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفَائِقِ. وَنَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ عَنْ الْقَاضِي. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وَقِيلَ: عِنْدَ كَلِمَةِ الْإِخْلَاصِ فَقَطْ جَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالتَّرْغِيبِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى

ص: 417

وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَقِيلَ: يَرْفَعُ وَجْهَهُ إلَى السَّمَاءِ عِنْدَ كَلِمَةِ الْإِخْلَاصِ، وَالشَّهَادَتَيْنِ.

قَوْلُهُ (وَيَتَوَلَّاهُمَا مَعًا) . يَعْنِي: يُسْتَحَبُّ لِلْمُؤَذِّنِ أَنْ يَتَوَلَّى الْإِقَامَةَ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ. وَعَنْهُ الْمُؤَذِّنُ وَغَيْرُهُ فِي الْإِقَامَةِ سَوَاءٌ. ذَكَرَهَا أَبُو الْحُسَيْنِ. وَقِيلَ: تُكْرَهُ الْإِقَامَةُ لِغَيْرِ الَّذِي أَذَّنَ، وَعِنْدَ أَبِي الْفَرَجِ: تُكْرَهُ إلَّا أَنْ يُؤَذِّنَ الْمَغْرِبَ بِمَنَارَةٍ. فَلَا تُكْرَهُ الْإِقَامَةُ لِغَيْرِهِ. وَتَقَدَّمَ. إذَا تَشَاحَّ فِيهِ اثْنَانِ فَأَكْثَرُ. وَهَلْ تُسْتَحَبُّ الزِّيَادَةُ عَلَى الْوَاحِدِ؟ قَرِيبًا.

قَوْلُهُ (وَيُقِيمُ فِي مَوْضِعِ أَذَانِهِ، إلَّا أَنْ يَشُقَّ عَلَيْهِ)، وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ. وَقَالَ فِي النَّصِيحَةِ: السُّنَّةُ أَنْ يُؤَذِّنَ بِالْمَنَارَةِ، وَيُقِيمَ أَسْفَلَ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ فِي جَمِيعِ الْأَمْصَارِ وَالْأَعْصَارِ. وَنَقَلَ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ: يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ لِيَلْحَقَ " آمِينَ " مَعَ الْإِمَامِ.

قَوْلُهُ (وَلَا يَصِحُّ الْأَذَانُ إلَّا مُرَتَّبًا مُتَوَالِيًا) بِلَا نِزَاعٍ. وَلَا يَصِحُّ أَيْضًا إلَّا بِنِيَّةٍ. وَيُشْتَرَطُ فِيهِ أَيْضًا: أَنْ يَكُونَ مِنْ وَاحِدٍ. فَلَوْ أَذَّنَ وَاحِدٌ بَعْضَهُ وَكَمَّلَهُ آخَرُ، لَمْ يَصِحَّ بِلَا خِلَافٍ أَعْلَمُهُ.

فَائِدَةٌ:

رَفْعُ الصَّوْتِ فِيهِ رُكْنٌ. قَالَ فِي الْفَائِقِ، وَغَيْرِهِ. إذَا كَانَ لِغَيْرِ حَاضِرٍ. قَالَ فِي الْبُلْغَةِ: إذَا كَانَ لِغَيْرِ نَفْسِهِ. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: إنْ أَذَّنَ لِنَفْسِهِ. أَوْ لِجَمَاعَةٍ حَاضِرِينَ. فَإِنْ شَاءَ رَفَعَ صَوْتَهُ وَهُوَ أَفْضَلُ وَإِنْ شَاءَ خَافَتْ بِالْكُلِّ أَوْ بِالْبَعْضِ. قُلْت: وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مُرَادُ مَنْ أَطْلَقَ، بَلْ هُوَ كَالْمَقْطُوعِ بِهِ، وَهُوَ وَاضِحٌ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ إنْ أَذَّنَ فِي الْوَقْتِ لِلْغَائِبِينَ، أَوْ فِي

ص: 418

الصَّحْرَاءِ. فَزَادَ " فِي الصَّحْرَاءِ " وَهِيَ زِيَادَةٌ حَسَنَةٌ. وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: رَفْعُ الصَّوْتِ بِحَيْثُ يُسْمِعُ مَنْ يَقُومُ بِهِ لِجَمَاعَةٍ: رُكْنٌ. انْتَهَى.

فَائِدَةٌ:

يُسْتَحَبُّ رَفْعُ صَوْتِهِ قَدْرَ طَاقَتِهِ، مَا لَمْ يُؤَذِّنْ لِنَفْسِهِ. وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ وَعَنْهُ يُسْتَحَبُّ التَّوَسُّطُ [وَلَا بَأْسَ بِالنَّحْنَحَةِ قَبْلَهُمَا نُصَّ عَلَيْهِ] .

فَائِدَةٌ:

يُشْتَرَطُ فِي الْمُؤَذِّنِ ذُكُورِيَّتُهُ وَعَقْلُهُ، وَإِسْلَامُهُ وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي اشْتِرَاطِ بُلُوغِهِ وَعَدَالَتِهِ، بِخِلَافِ مَا يَأْتِي.

قَوْلُهُ (فَإِنْ نَكَّسَهُ، أَوْ فَرَّقَ بَيْنَهُ بِسُكُوتٍ طَوِيلٍ، أَوْ كَلَامٍ كَثِيرٍ، أَوْ مُحَرَّمٍ: لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ) . يَعْنِي لَوْ فَرَّقَ بَيْنَ الْأَذَانِ بِكَلَامٍ مُحَرَّمٍ: لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْكَلَامَ الْمُحَرَّمَ تَارَةً يَكُونُ كَثِيرًا، وَتَارَةً يَكُونُ يَسِيرًا. فَإِنْ كَانَ كَثِيرًا أَبْطَلَ الْأَذَانَ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ. وَفِي الرِّعَايَةِ وَجْهٌ يُعْتَدُّ بِهِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَوْ كَانَ يَسِيرًا، لَمْ يُعْتَدَّ بِالْأَذَانِ. وَأَبْطَلَهُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَصَاحِبِ مَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَغَيْرِهِمْ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفُصُولِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْإِفَادَاتِ، وَالْوَجِيزِ، وَالتَّسْهِيلِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَالْمُنْتَخَبِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ تَمِيمٍ. وَاخْتَارَهُ فِي الْفَائِقِ وَقَدَّمَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى. [وَقَالَ فِي الْحَاوِيَيْنِ: وَلَا يَقْطَعُهُمَا بِفَصْلٍ كَثِيرٍ. وَلَا كَلَامٍ مُحَرَّمٍ، وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا] وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ. وَقِيلَ. لَا يُبْطِلُهُ، وَيُعْتَدُّ بِالْأَذَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْفَائِقِ.

فَائِدَتَانِ

إحْدَاهُمَا: لَوْ ارْتَدَّ فِي الْأَذَانِ، أَبْطَلَهُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: لَا يُبْطِلُهُ إنْ أَعَادَ فِي الْحَالِ، كَجُنُونِهِ وَإِفَاقَتِهِ سَرِيعًا. وَبَالَغَ الْقَاضِي فَأَبْطَلَ الْأَذَانَ

ص: 419

بِالرِّدَّةِ بَعْدَهُ. قِيَاسًا عَلَى قَوْلِهِ فِي الطَّهَارَةِ، وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ.

الثَّانِيَةُ: الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ الْكَلَامَ الْيَسِيرَ الْمُبَاحَ، وَالسُّكُوتَ الْيَسِيرَ. يُكْرَهُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ. . قَالَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَعَنْهُ لَا بَأْسَ بِالْيَسِيرِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ. وَقِيلَ: لَا يَتَكَلَّمُ فِي الْإِقَامَةِ بِحَالٍ وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ يَرُدُّ السَّلَامَ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ. وَعَنْهُ يُكْرَهُ. وَقَالَهُ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ مِنْ كَلَامِهِ.

قَوْلُهُ (وَلَا يَجُوزُ إلَّا بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ، إلَّا الْفَجْرُ. فَإِنَّهُ يُؤَذَّنُ لَهَا بَعْدَ مُنْتَصَفِ اللَّيْلِ) الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: صِحَّةُ الْأَذَانِ، وَإِجْزَاؤُهُ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَا إشْكَالَ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ الْأَذَانِ قَبْلَ الْوَقْتِ كَثِيرًا. . قَالَهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا. وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ إلَّا قَبْلَ الْوَقْتِ يَسِيرًا. وَنَقَلَ صَالِحٌ لَا بَأْسَ بِهِ قَبْلَ الْفَجْرِ، إذَا كَانَ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ يَعْنِي الْكَاذِبَ وَقِيلَ: الْأَذَانُ قَبْلَ الْفَجْرِ سُنَّةٌ وَاخْتَارَهُ الْآمِدِيُّ. وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ الْأَذَانُ قَبْلَهَا كَغَيْرِهَا إجْمَاعًا. وَكَالْإِقَامَةِ. . قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَعِنْدَ أَبِي الْفَرَجِ الشِّيرَازِيِّ: يَجُوزُ الْأَذَانُ قَبْلَ دُخُولِ الْوَقْتِ لِلْفَجْرِ، وَالْجُمُعَةِ قَالَهُ فِي الْإِيضَاحِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ أَجْوَدُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ حَمْدَانَ. وَقِيلَ: لِلْجُمُعَةِ قَبْلَ الزَّوَالِ. لِعُمُومِ كَلَامِ الشِّيرَازِيِّ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَاسْتَثْنَى ابْنُ عَبْدُوسٍ، مَعَ الْفَجْرِ: الصَّلَاةَ الْمَجْمُوعَةَ. قَالَ: وَلَيْسَ بِشَيْءٍ. لِأَنَّ الْوَقْتَيْنِ صَارَا وَقْتًا وَاحِدًا. وَعَنْهُ يُكْرَهُ قَبْلَ الْوَقْتِ مُطْلَقًا. ذَكَرَهَا فِي الرِّعَايَةِ وَغَيْرِهَا. وَقَالَ فِي الْفَائِقِ: يَجُوزُ الْأَذَانُ لِلْفَجْرِ خَاصَّةً بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ. وَعَنْهُ لَا. إلَّا أَنْ يُعَاوِدَ بَعْدَهُ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ. انْتَهَى. وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ أَذَّنَ قَبْلَ الْفَجْرِ: أَنْ يَكُونَ مَعَهُ مَنْ يُؤَذِّنُ فِي الْوَقْتِ، وَأَنْ يَتَّخِذَ ذَلِكَ عَادَةً. لِئَلَّا يَضُرَّ النَّاسَ. وَفِي الْكَافِي: مَا يَقْتَضِي اشْتِرَاطَ ذَلِكَ.

ص: 420

فَائِدَةٌ: الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنْ يُكْرَهَ الْأَذَانُ قَبْلَ الْفَجْرِ فِي رَمَضَانَ نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالنَّظْمِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالشَّرْحِ، وَالْمَغْنَى، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَابْنِ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: يُكْرَهُ عَلَى الْأَظْهَرِ. وَعَنْهُ لَا يُكْرَهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْمُصَنِّفِ هُنَا، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَالْإِفَادَاتِ، وَغَيْرِهِمْ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفَائِقِ، وَابْنِ تَمِيمٍ. وَعَنْهُ يُكْرَهُ فِي رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ إذَا لَمْ يُعِدْهُ. نَقَلَهُ حَنْبَلٌ. وَقِيلَ: يُكْرَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَادَةً. فَإِنْ كَانَ عَادَةً لَمْ يُكْرَهْ جَزَمَ بِهِ فِي الْحَاوِيَيْنِ. وَصَحَّحَهُ الشَّارِحُ، وَغَيْرُهُ وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ. وَعَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ. وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ ذَكَرَهَا الْآمِدِيُّ. وَهِيَ ظَاهِرُ إدْرَاكِ الْغَايَةِ. فَإِنَّهُ قَالَ: وَيَجُوزُ فِيهِ لِفَجْرِ غَيْرِ رَمَضَانَ مِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ. وَعَنْهُ يَحْرُمُ قَبْلَهُ فِي رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ. إلَّا أَنْ يُعَادَ. ذَكَرَهَا أَبُو الْحُسَيْنِ

. قَوْلُهُ (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَجْلِسَ بَعْدَ أَذَانِ الْمَغْرِبِ جَلْسَةً خَفِيفَةً ثُمَّ يُقِيمَ) هَذَا الْمَذْهَبُ، أَعْنِي أَنَّ الْجَلْسَةَ تَكُونُ خَفِيفَةً جَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالْمُغْنِي، وَالْكَافِي، وَالشَّرْحِ، وَالنَّظْمِ وَالْوَجِيزِ، وَابْنِ تَمِيمٍ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَابْنِ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ، وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. وَقِيلَ: يَجْلِسُ بِقَدْرِ صَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ. جَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالْفَائِقِ، وَتَذْكِرَةِ ابْنِ عَبْدُوسٍ. قَالَ أَحْمَدُ: يَقْعُدُ الرَّجُلُ مِقْدَارَ رَكْعَتَيْنِ.

قَالَ فِي الْإِفَادَاتِ: يَفْصِلُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ بِقَدْرِ وُضُوءٍ وَرَكْعَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. وَكَذَا الْحُكْمُ فِي كُلِّ صَلَاةٍ يُسَنُّ تَعْجِيلُهَا. . قَالَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَذَكَرَ الْحَلْوَانِيُّ: يَجْلِسُ بِقَدْرِ حَاجَتِهِ وَوُضُوئِهِ وَصَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ فِي صَلَاةٍ يُسَنُّ تَعْجِيلُهَا وَفِي الْمَغْرِبِ يَجْلِسُهُ. وَقَالَ فِي التَّبْصِرَةِ: يَجْلِسُ فِي الْمَغْرِبِ وَمَا يُسَنُّ تَعْجِيلُهَا بِقَدْرِ

ص: 421

حَاجَتِهِ وَوُضُوئِهِ. وَقَالَ فِي الْإِفَادَاتِ: وَيَفْصِلُ بَيْنَ كُلِّ أَذَانٍ وَإِقَامَةٍ بِقَدْرِ وُضُوءٍ وَرَكْعَتَيْنِ. وَقَالَ فِي الْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ: يَفْصِلُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ بِقَدْرِ الْوُضُوءِ، وَصَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ إلَّا الْمَغْرِبُ. فَإِنَّهُ يَجْلِسُ جَلْسَةً خَفِيفَةً، وَاسْتِحْبَابُ الْجُلُوسِ بَيْنَ أَذَانِ الْمَغْرِبِ، وَكَرَاهَةِ تَرْكِهِ: مِنْ الْمُفْرَدَاتِ.

فَائِدَةٌ:

تُبَاحُ صَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ. ذَكَرَاهُ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ، وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ. وَقِيلَ: يُكْرَهُ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا يَرْكَعُ قَبْلَ الْمَغْرِبِ شَيْئًا. وَعَنْهُ يُسَنُّ فِعْلُهُمَا جَزَمَ بِهِ نَاظِمُ الْمُفْرَدَاتِ. وَهِيَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ أَيْضًا. وَقَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَابْنُ تَمِيمٍ: لَا يُكْرَهُ. رِوَايَةً وَاحِدَةً. وَهَلْ يُسْتَحَبُّ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ وَعَنْهُ " بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ " وَقَالَهُ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِي غَيْرِ الْمَغْرِبِ.

قَوْلُهُ (وَمَنْ جَمَعَ بَيْنَ صَلَاتَيْنِ، أَوْ قَضَاءِ فَوَائِتَ: أَذَّنَ وَأَقَامَ لِلْأُولَى. ثُمَّ أَقَامَ لِكُلِّ صَلَاةٍ بَعْدَهَا) وَهِيَ الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّارِحُ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَغَيْرُهُمْ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْإِفَادَاتِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَالْمُنْتَخَبِ، وَغَيْرِهِمْ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَابْنِ تَمِيمٍ، وَالْفَائِقِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَغَيْرِهِمْ. بَلْ لَا يُشْرَعُ الْأَذَانُ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ، وَالشِّيرَازِيُّ، وَغَيْرُهُمَا. وَعَنْهُ تُجْزِئُ الْإِقَامَةُ لِكُلِّ صَلَاةٍ مِنْ غَيْرِ أَذَانٍ اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وَعَنْهُ تُجْزِئُ إقَامَةٌ وَاحِدَةٌ لَهُنَّ كُلِّهِنَّ. وَقَالَ فِي النَّصِيحَةِ: يُقِيمُ لِكُلِّ صَلَاةٍ، إلَّا أَنْ يَجْمَعَ فِي وَقْتِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ، فَيُؤَذِّنَ لَهَا أَيْضًا. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَمَنْ جَمَعَ فِي وَقْتٍ لِلْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ، أَوْ قَضَى فَرَائِضَ: أَذَّنَ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَأَقَامَ. قَالَ فِي النُّكَتِ فِي الْجَمْعِ: إذَا جَمَعَ فِي وَقْتِ

ص: 422

الثَّانِيَةِ. وَفَرَّقَ بَيْنَهَا، صَلَّاهُمَا بِأَذَانَيْنِ وَإِقَامَتَيْنِ كَالْفَائِتَيْنِ إذَا فَرَّقَهُمَا قَطَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ، وَجَمَاعَةٌ لَمْ يُفَرِّقُوا. وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَمَنْ فَاتَتْهُ صَلَوَاتٌ، أَوْ جَمَعَ بَيْنَ صَلَاتَيْنِ. فَإِنْ شَاءَ أَذَّنَ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَأَقَامَ، وَإِنْ شَاءَ أَذَّنَ لِلْأُولَى خَاصَّةً، وَأَقَامَ لِكُلِّ صَلَاةٍ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: إذَا قَضَى فَوَائِتَ أَوْ جَمَعَ، فَإِنْ شَاءَ أَذَّنَ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَأَقَامَ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ وَمَنْ تَبِعَهُ: لَوْ دَخَلَ مَسْجِدًا، قَدْ صَلَّى فِيهِ: خُيِّرَ، إنْ شَاءَ أَذَّنَ وَأَقَامَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُمَا مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ.

قَوْلُهُ (وَهَلْ يُجْزِئُ أَذَانُ الْمُمَيِّزِ لِلْبَالِغِينَ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ) وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْكَافِي، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْفُرُوعِ، وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ إحْدَاهُمَا: يُجْزِئُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَصَحَّحَهُ فِي الْفُصُولِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالنَّظْمِ، وَالْفَائِقِ، وَحَوَاشِي الْمُحَرَّرِ لِصَاحِبِ الْفُرُوعِ، وَغَيْرِهِمْ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي، وَالْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: اخْتَارَهُ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِيضَاحِ، وَالْوَجِيزِ. وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُجْزِئُ جَزَمَ بِهِ فِي الْإِفَادَاتِ وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ. قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: لَا يُجْزِئُ أَذَانُ الْمُمَيِّزِ. لِلْبَالِغِينَ فِي أَقْوَى الرِّوَايَتَيْنِ وَنَصَرَهُ. وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْمَجْدِ فِي شَرْحِهِ وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: يُجْزِئُ أَذَانُ الْمُرَاهِقِ قَالَ الْقَاضِي: يَصِحُّ أَذَانُ الْمُرَاهِقِ، رِوَايَةً وَاحِدَةً وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى أَيْضًا فِي الْمُرَاهِقِ.

فَائِدَةٌ:

عَلَّلَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ عَدَمَ الصِّحَّةِ: بِأَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ. وَفِعْلُ الصَّبِيِّ نَفْلٌ. وَعَلَّلَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْمَجْدُ وَغَيْرُهُمَا: بِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ خَبَرُهُ.

قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا قَالَا. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يَتَخَرَّجُ فِي أَذَانِهِ رِوَايَتَانِ. كَشَهَادَتِهِ وَوِلَايَتِهِ. وَقَالَ: أَمَّا صِحَّةُ أَذَانِهِ فِي الْجُمْلَةِ، وَكَوْنُهُ جَائِزًا إذَا أَذَّنَ غَيْرُهُ: فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ. وَمِنْ

ص: 423

الْأَصْحَابِ مَنْ أَطْلَقَ الْخِلَافَ. قَالَ: وَالْأَشْبَهُ أَنَّ الْأَذَانَ الَّذِي يُسْقِطُ الْفَرْضَ عَنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ، وَيُعْتَمَدُ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُبَاشِرَهُ صَبِيٌّ، قَوْلًا وَاحِدًا. وَلَا يُسْقِطُ الْفَرْضَ. وَلَا يُعْتَدُّ بِهِ فِي مَوَاقِيتِ الْعِبَادَاتِ. وَأَمَّا الْأَذَانُ الَّذِي يَكُونُ سُنَّةً مُؤَكَّدَةً فِي مِثْلِ الْمَسَاجِدِ الَّتِي فِي الْمِصْرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ: فَهَذَا فِيهِ الرِّوَايَتَانِ وَالصَّحِيحُ جَوَازُهُ. انْتَهَى.

قَوْلُهُ (وَهَلْ يُعْتَدُّ بِأَذَانِ الْفَاسِقِ وَالْأَذَانِ الْمُلَحَّنِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ) أَمَّا أَذَانُ الْفَاسِقِ: فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِي الِاعْتِدَادِ بِهِ وَجْهَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ. وَالْفُصُولِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُغْنِي، وَالْكَافِي، وَالْبُلْغَةِ، وَالشَّرْحِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَابْنِ تَمِيمٍ، وَالْفَائِقِ. أَحَدُهُمَا: لَا يُعْتَدُّ بِهِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ. قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ: لَا يُعْتَدُّ بِهِ فِي أَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: هَذِهِ الرِّوَايَةُ أَقْوَى وَصَحَّحَهُ فِي الْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْحَاوِيَيْنِ. قَالَ فِي الْمُبْهِجِ: يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُ تَقِيًّا. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُعْتَدُّ بِهِ اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْإِفَادَاتِ وَالْمُنَوِّرِ، وَالْمُنْتَخَبِ. وَقَالَ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ: وَيَصِحُّ مِنْ صَبِيٍّ بَالِغٍ وَفَاسِقٍ عَلَى الْأَظْهَرِ.

تَنْبِيهٌ:

حَكَى الْخِلَافَ وَجْهَيْنِ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُذْهَبِ وَالْمُصَنِّفِ وَالْمَجْدِ. وَغَيْرُهُمْ. وَحَكَاهُ رِوَايَتَيْنِ فِي الْخُلَاصَةِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ وَالْفُرُوعِ. وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَغَيْرُهُمْ، وَهُوَ الصَّوَابُ. وَأَمَّا الْأَذَانُ الْمُلَحَّنُ، إذَا لَمْ يُحِلْ الْمَعْنَى: فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِيهِ وَجْهَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُغْنِي، وَالْكَافِي، وَالْبُلْغَةِ، وَالشَّرْحِ، وَالْخُلَاصَةِ وَالْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَابْنُ تَمِيمٍ. وَالنَّظْمِ، وَالْفَائِقِ وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ.

ص: 424

أَحَدُهُمَا: يُعْتَدُّ بِهِ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَبَقَاءِ الْمَعْنَى. وَهُوَ الْمَذْهَبُ صَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَالشَّرْحِ: وَشَيْخُنَا فِي تَصْحِيحِ الْمُحَرَّرِ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْإِفَادَاتِ وَالْمُنَوِّرِ، وَالْمُنْتَخَبِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُعْتَدُّ بِهِ قَدَّمَهُ ابْنُ رَزِينٍ.

فَائِدَةٌ: الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ حُكْمَ الْأَذَانِ الْمَلْحُونِ حُكْمُ الْأَذَانِ الْمُلَحَّنِ جَزَمَ بِهِ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: وَفِي إجْزَاءِ الْأَذَانِ الْمُلَحَّنِ وَقِيلَ: وَالْمَلْحُونِ وَجْهَانِ.

فَائِدَةٌ:

لَا يُعْتَدُّ بِأَذَانِ امْرَأَةٍ وَخُنْثَى. قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ: وَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ صِحَّتُهُ. لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ لَا تَمْنَعُ الصِّحَّةَ. قَالَ: فَيُتَوَجَّهُ عَلَى هَذَا بَقَاءُ فَرْضِ الْكِفَايَةِ. لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ مَنْ هُوَ فَرْضٌ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ (وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ أَنْ يَقُولَ كَمَا يَقُولُ، إلَّا فِي الْحَيْعَلَةِ فَإِنَّهُ يَقُولُ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ) الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقُولَ السَّامِعُ فِي الْحَيْعَلَةِ " لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ " فَقَطْ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالشَّارِحِ، وَالنَّظْمِ، وَالْإِفَادَاتِ، وَالْوَجِيزِ، وَالرِّعَايَةِ الصُّغْرَى وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَالْمُنْتَخَبِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ فِي النُّكَتِ: هُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَالْفَائِقِ، وَغَيْرُهُمْ. وَقِيلَ: يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا. حَكَاهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ. قَالَ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ: وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى.، وَالْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ. وَقَالَ الْخِرَقِيُّ، وَصَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ، وَغَيْرُهُمَا: يَقُولُ كَمَا يَقُولُ. وَقَالَهُ الْقَاضِي. قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ: كَانَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا

ص: 425

يَقُولُ: إذَا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ حَيْعَلَ، وَإِنْ كَانَ خَارِجَهُ حَوْقَلَ. وَقِيلَ: يُخَيَّرُ اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ. قَالَهُ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيُتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ تَجِبُ إجَابَتُهُ.

تَنْبِيهَاتٌ:

أَحَدُهَا: يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ " وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ أَنْ يَقُولَ كَمَا يَقُولُ " الْمُؤَذِّنُ نَفْسُهُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ. فَيُجِيبُ نَفْسَهُ خُفْيَةً. وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ. فَإِنَّ فِي قَوْلِهِ " وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ " مِنْ أَلْفَاظِ الْعُمُومِ. وَقِيلَ: لَا يُجِيبُ نَفْسَهُ. وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ. وَحُكِيَ رِوَايَةً عَنْ أَحْمَدَ. قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي الْقَاعِدَةِ السَّبْعِينَ: هَذَا الْأَرْجَحُ. الثَّانِي: ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَيْضًا: إجَابَةُ مُؤَذِّنٍ ثَانٍ وَثَالِثٍ، وَهُوَ صَحِيحٌ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ، ظَاهِرُ كَلَامِ أَصْحَابِنَا: يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ وَمُرَادُهُمْ: حَيْثُ يُسْتَحَبُّ، يَعْنِي الْأَذَانَ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا كَانَ الْأَذَانُ مَشْرُوعًا. الثَّالِثُ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَيْضًا: أَنَّ الْقَارِئَ، وَالطَّائِفَ، وَالْمَرْأَةَ: يُجِيبُونَهُ، وَهُوَ صَحِيحٌ. صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ. وَأَمَّا الْمُصَلِّي إذَا سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ: فَلَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يُجِيبَ، وَلَوْ كَانَتْ الصَّلَاةُ نَفْلًا بَلْ يَقْضِيَهُ إذَا سَلَّمَ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يُجِيبَهُ، وَيَقُولُ مِثْلَ مَا يَقُولُ، وَلَوْ فِي الصَّلَاةِ. انْتَهَى.

فَإِنْ أَجَابَهُ فِيهَا بَطَلَتْ بِالْحَيْعَلَةِ فَقَطْ مُطْلَقًا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: إنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا دُعَاءٌ إلَى الصَّلَاةِ. فَفِيهِ رِوَايَتَانِ أَيْضًا وَقَالَ: وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِغَيْرِ الْحَيْعَلَةِ أَيْضًا. إنْ نَوَى الْأَذَانَ، لَا إنْ نَوَى الذِّكْرَ. وَأَمَّا الْمُتَخَلِّي: فَلَا يُجِيبُهُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، لَكِنْ إذَا خَرَجَ أَجَابَهُ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يُجِيبُهُ فِي الْخَلَاءِ وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي بَابِ الِاسْتِنْجَاءِ.

ص: 426

الرَّابِعُ: شَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ، وَهُوَ صَحِيحٌ، لَكِنْ يَقُولُ عِنْدَ قَوْلِهِ " قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ "" أَقَامَهَا اللَّهُ وَأَدَامَهَا " زَادَ فِي الْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَغَيْرِهِمْ " مَا دَامَتْ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ " وَقِيلَ: يَجْمَعُ بَيْنَ قَوْلِهِ " أَقَامَهَا اللَّهُ " وَبَيْنَ " قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ ". الْخَامِسُ: أَنْ يَقُولَ عِنْدَ التَّثْوِيبِ " صَدَقْت وَبَرَرْت " فَقَطْ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ. وَقَطَعَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ أَنَّهُ يَقُولُ " صَدَقْت وَبِالْحَقِّ نَطَقْت ". السَّادِسُ: قَوْلُ الْمُصَنِّفِ " الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ " لَمْ يَرِدْ فِي الْحَدِيثِ. فَلَا يَقُلْهُمَا. وَقَدْ حَكَى لِي بَعْضُ طَلَبَةِ الْعِلْمِ: أَنَّهُ مَرَّ بِهِ فِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رِوَايَةٌ فِيهَا " الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ ".

فَائِدَةٌ:

لَوْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَالْمُؤَذِّنُ قَدْ شَرَعَ فِي الْأَذَانِ: لَمْ يَأْتِ بِتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَلَا بِغَيْرِهَا حَتَّى يَفْرُغَ جَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَابْنُ تَمِيمٍ. وَقَالَ: نُصَّ عَلَيْهِ وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَعَنْهُ: لَا بَأْسَ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ: غَيْرُ أَذَانِ الْخُطْبَةِ، لِأَنَّ سَمَاعَ الْخُطْبَةِ أَهَمُّ اخْتَارَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. قَالَ فِي الْفَائِقِ: وَمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ، وَهُوَ يَسْمَعُ التَّأْذِينَ. فَهَلْ يُقَدِّمُ إجَابَتَهُ عَلَى التَّحِيَّةِ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ.

تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ «وَابْعَثْهُ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ» بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ. هَكَذَا وَرَدَ فِي لَفْظٍ رَوَاهُ النَّسَائِيّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِمَا، وَتَابَعَ الْمُصَنِّفُ عَلَى هَذِهِ الْعِبَارَةِ صَاحِبَ الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَجَمَاعَةً وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَقُولُهُمَا إلَّا مُنْكِرِينَ.

فَيَقُولُ: " وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا " مُوَافَقَةً لِلْقُرْآنِ، وَهُوَ الْوَارِدُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا. وَرَدُّ ابْنِ الْقَيِّمِ الْأَوَّلُ فِي بَدَائِعِ الْفَوَائِدِ مِنْ خَمْسَةِ أَوْجُهٍ

فَوَائِدُ الْأُولَى: لَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ مِنْ الْمَسْجِدِ بَعْدَ الْأَذَانِ بِلَا عُذْرٍ وَنِيَّتُهُ الرُّجُوعُ

ص: 427

عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَكَرِهَهُ أَبُو الْوَفَا، وَأَبُو الْمَعَالِي. وَنَقَلَ ابْنُ الْحَكَمِ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يَخْرُجَ. وَنَقَلَ صَالِحٌ: لَا يَخْرُجُ. وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ: لَا يَنْبَغِي. وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَيَجُوزُ لِلْمُؤَذِّنِ أَنْ يَخْرُجَ بَعْدَ أَذَانِ الْفَجْرِ نُصَّ عَلَيْهِ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: إلَّا أَنْ يَكُونَ التَّأْذِينُ لِلْفَجْرِ قَبْلَ الْوَقْتِ. فَلَا يُكْرَهُ الْخُرُوجُ نُصَّ عَلَيْهِ. قُلْت: الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مُرَادُ مَنْ أَطْلَقَ. الثَّانِيَةُ: لَا يُؤَذَّنُ قَبْلَ الْمُؤَذِّنِ الرَّاتِبِ إلَّا بِإِذْنِهِ، إلَّا أَنْ يَخَافَ فَوْتَ وَقْتِ التَّأْذِينِ كَالْإِمَامِ وَجَزَمَ أَبُو الْمَعَالِي بِتَحْرِيمِهِ. وَمَتَى جَاءَ الْمُؤَذِّنُ الرَّاتِبُ، وَقَدْ أَذَّنَ قَبْلَهُ: اُسْتُحِبَّ إعَادَتُهُ نُصَّ عَلَيْهِ. الثَّالِثَةُ: لَا يُقِيمُ الْمُؤَذِّنُ لِلصَّلَاةِ إلَّا بِإِذْنِ الْإِمَامِ. لِأَنَّ وَقْتَ الْإِقَامَةِ إلَيْهِ. وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا إذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ حَالَ الْأَذَانِ. الرَّابِعَةُ: الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يُنَادِي لِلْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَالْعِيدِ بِقَوْلِهِ " الصَّلَاةَ جَامِعَةً " أَوْ " الصَّلَاةُ " وَقِيلَ: لَا يُنَادِي لَهُنَّ. وَقِيلَ: لَا يُنَادِي لِلْعِيدِ فَقَطْ، وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَا يُنَادِي لِلْعِيدِ وَالِاسْتِسْقَاءِ، وَقَالَهُ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا،.

وَيَأْتِي هَلْ النِّدَاءُ لِلْكُسُوفِ سُنَّةٌ، أَوْ فَرْضُ كِفَايَةٍ فِي بَابِهِ؟ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَنَصْبُ " الصَّلَاةِ " عَلَى الْإِغْرَاءِ، وَنَصْبُ " جَامِعَةٍ " عَلَى الْحَالِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: يَرْفَعُهُمَا. وَيَنْصِبُهُمَا وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ لَا يُنَادِي عَلَى الْجِنَازَةِ وَالتَّرَاوِيحِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ. وَعَنْهُ يُنَادِي لَهُمَا. وَقَالَ الْقَاضِي: يُنَادِي لِصَلَاةِ التَّرَاوِيحِ، وَيَأْتِي ذَلِكَ مُفَرَّقًا فِي أَبْوَابِهِ

ص: 428