الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ظَاهِرُهُ كَرَاهَةُ ذَلِكَ. وَكَرِهَهُ لِلْخِلَافِ. وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ: يُمْنَعُ مِنْهُ. وَأَطْلَقَ فِي الْجَوَازِ وَعَدَمِهِ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْفُرُوعِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَةِ. وَيُمْنَعُ مِنْ قِرَاءَتِهِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَ الْقَاضِي: التَّخْرِيجُ لَا يَمْنَعُ، لَكِنْ لَا يُمَكَّنُ مِنْ مَسِّهِ. انْتَهَى.
وَيُمْنَعُ مِنْ تَمَلُّكِهِ، فَإِنْ مَلَكَهُ بِإِرْثٍ أَوْ غَيْرِهِ أُلْزِمَ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْهُ.
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا: كَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ تَوَسُّدَهُ. وَفِي تَخْرِيجِهِ وَجْهَانِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. وَاخْتَارَ فِي الرِّعَايَةِ التَّحْرِيمَ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُصَنَّفِ وَالْمُغْنِي وَالشَّارِحِ. قَالَ فِي الْآدَابِ: وَقَدَّمَ هُوَ عَدَمَ التَّحْرِيمِ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَجْهًا. وَكَذَا كُتُبُ الْعِلْمِ الَّتِي فِيهَا قُرْآنٌ. وَإِلَّا كُرِهَ. قَالَ أَحْمَدُ: فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ: إنْ خَافَ سَرِقَتَهُ، فَلَا بَأْسَ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَمْ يَذْكُرْ أَصْحَابُنَا مَدَّ الرِّجْلَيْنِ إلَى جِهَةِ ذَلِكَ. وَتَرْكُهُ أَوْلَى، أَوْ يُكْرَهُ.
الثَّانِيَةُ: يَحْرُمُ السَّفَرُ بِهِ إلَى دَارِ الْحَرْبِ، نَصَّ عَلَيْهِ وَقِيلَ: يَحْرُمُ إلَّا مَعَ غَلَبَةِ السَّلَامَةِ. وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: يُكْرَهُ بِدُونِ غَلَبَةِ السَّلَامَةِ وَيَأْتِي بَقِيَّةُ أَحْكَامِهِ فِي الْبَيْعِ، وَالرَّهْنِ، وَالْإِجَارَةِ.
[بَابُ الْغُسْلِ]
ِ تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ (خُرُوجُ الْمَنِيِّ الدَّافِقِ بِلَذَّةٍ) .
مُرَادُهُ: إذَا خَرَجَ مِنْ مَخْرَجِهِ، وَلَوْ خَرَجَ دَمًا، وَهُوَ صَحِيحٌ، قَوْلُهُ (فَإِنْ خَرَجَ لِغَيْرِ ذَلِكَ لَمْ يُوجِبْ) ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ.
وَعَنْهُ يُوجِبُ الْغُسْلَ. وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ. وَأَثْبَتَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ. مِنْهُمْ
ابْنُ عَبْدُوسٍ الْمُتَقَدِّمُ، وَغَيْرُهُ. وَبَعْضُهُمْ تَخْرِيجًا. مِنْهُمْ الْمَجْدُ مِنْ رِوَايَةِ وُجُوبِ الْغُسْلِ إذَا خَرَجَ الْمَنِيُّ بَعْدَ الْبَوْلِ، دُونَ مَا قَبْلَهُ عَلَى مَا يَأْتِي قَرِيبًا.
قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: فَإِنْ خَرَجَ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ. فَرِوَايَتَانِ. أَصَحُّهُمَا: لَا يَجِبُ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ، وَقِيلَ: إنْ خَرَجَ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ فَرِوَايَتَانِ مُطْلَقًا. أَصَحُّهُمَا: عَدَمُ وُجُوبِهِ. ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ صَارَ بِهِ سَلَسُ الْمَنِيِّ، أَوْ الْمَذْيُ، أَوْ الْبَوْلُ: أَجْزَأَهُ الْوُضُوءُ لِكُلِّ صَلَاةٍ. وَقَالَهُ الْقَاضِي فِي مَسْأَلَةِ الْمَنِيِّ. ذَكَرَهُ ابْنُ تَمِيمٍ. قُلْت: فَيُعَايَى بِهَا فِي مَسْأَلَةِ الْمَنِيِّ، لِكَوْنِهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إلَّا الْوُضُوءُ بِلَا نِزَاعٍ.
تَنْبِيهٌ: مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ خَرَجَ لِغَيْرِ ذَلِكَ لَمْ يُوجِبْ) الْيَقْظَانُ. فَأَمَّا النَّائِمُ إذَا رَأَى شَيْئًا فِي ثَوْبِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ احْتِلَامًا وَلَا لَذَّةً، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ. لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا، لَكِنْ قَالَ الْأَزَجِيُّ، وَأَبُو الْمَعَالِي: الْمَسْأَلَةُ بِمَا إذَا رَآهُ بِبَاطِنِ ثَوْبِهِ. قُلْت: وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ مُرَادُ الْأَصْحَابِ فِيمَا يَظْهَرُ. وَحَيْثُ وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ فَيَلْزَمُهُ إعَادَةُ مَا صَلَّى قَبْلَ ذَلِكَ، حَتَّى يَتَيَقَّنَ. فَيَعْمَلَ بِالْيَقِينِ فِي ذَلِكَ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: بِغَلَبَةِ ظَنِّهِ.
تَنْبِيهٌ: الْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ: إذَا أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ الْمَنِيُّ مِنْهُ، كَابْنِ عَشْرٍ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقَالَ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ: ابْنُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً. قَالَهُ ابْنُ تَمِيمٍ. وَفِيهِ وَجْهٌ: ابْنُ تِسْعِ سِنِينَ، جَزَمَ بِهِ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ، وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي كِتَابِ اللِّعَانِ.
فَوَائِدُ:
إحْدَاهُمَا: لَوْ انْتَبَهَ بَالِغٌ أَوْ مَنْ يُحْتَمَلُ بُلُوغُهُ. فَوَجَدَ بَلَلًا، جَهِلَ أَنَّهُ مَنِيٌّ: وَجَبَ الْغُسْلُ مُطْلَقًا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَنْهُ يَجِبُ مَعَ الْحُلُمِ. وَعَنْهُ لَا يَجِبُ مُطْلَقًا. ذَكَرَهَا الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَفِيهِ نَظَرٌ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: فَهَلْ يُحْكَمُ
بِأَنَّهُ مَنِيٌّ؟ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، أَوْ مَذْيٌ. وَإِلَيْهِ مَيْلُ أَبِي مُحَمَّدٍ فِيهِ رِوَايَتَانِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ يَغْسِلُ بَدَنَهُ وَثَوْبَهُ احْتِيَاطًا. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَعَلَّ ظَاهِرَهُ لَا يَجِبُ. وَلِهَذَا قَالُوا: وَإِنْ وَجَدَهُ يَقِظَةً وَشَكَّ، فِيهِ: تَوَضَّأَ. وَلَا يَلْزَمُهُ غُسْلُ ثَوْبِهِ وَبَدَنِهِ. وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ حُكْمُ غَيْرِ الْمَنِيِّ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ يَلْزَمُهُ حُكْمُهُمَا. انْتَهَى.
وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْغُسْلُ: لَا يَلْزَمُهُ أَيْضًا غُسْلُ ثَوْبِهِ. ذَكَرَهُ فِي الْفُنُونِ عَنْ الشَّرِيفِ أَبِي جَعْفَرٍ. وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْقَاعِدَةِ الْخَامِسَةَ عَشْرَ. وَقَالَ: يَنْبَغِي عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ: أَنْ لَا يَجُوزَ لَهُ الصَّلَاةُ قَبْلَ الِاغْتِسَالِ فِي ذَلِكَ الثَّوْبِ قَبْلَ غَسْلِهِ، لِأَنَّا نَتَيَقَّنُ وُجُودَ الْمُفْسِدِ لِلصَّلَاةِ لَا مَحَالَةَ.
تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ: إذَا لَمْ يَسْبِقْ نَوْمَهُ مُلَاعَبَةٌ، أَوْ بَرْدٌ، أَوْ نَظَرٌ، أَوْ فِكْرٌ، أَوْ نَحْوُهُ. فَإِنْ سَبَقَ نَوْمَهُ ذَلِكَ: لَمْ يَجِبْ الْغُسْلُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَنْهُ يَجِبُ. وَعَنْهُ يَجِبُ مَعَ الْحُلُمِ. قَالَ فِي النُّكَتِ: وَقَطَعَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ بِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْغُسْلُ إنْ ذَكَرَ احْتِلَامًا، سَوَاءٌ تَقَدَّمَ نَوْمَهُ فِكْرٌ أَوْ مُلَاعَبَةٌ أَوْ لَا. قَالَ: وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ. الثَّانِيَةُ: إذَا احْتَلَمَ وَلَمْ يَجِدْ بَلَلًا: لَمْ يَجِبْ الْغُسْلُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ إجْمَاعًا. وَعَنْهُ يَجِبُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَأَغْرَبَ ابْنُ أَبِي مُوسَى فِي حِكَايَتِهِ رِوَايَةً بِالْوُجُوبِ. وَعَنْهُ يَجِبُ إنْ وَجَدَ لَذَّةَ الْإِنْزَالِ وَإِلَّا فَلَا. الثَّالِثَةُ: لَا يَجِبُ الْغُسْلُ إذَا رَأَى مَنِيًّا فِي ثَوْبٍ يَنَامُ فِيهِ هُوَ وَغَيْرُهُ، وَكَانَا مِنْ أَهْلِ الِاحْتِلَامِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَنْهُ يَجِبُ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُصَافَّهُ، وَلَا يَأْتَمَّ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ. وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهَا فِي الْخِتَانِ.
وَمِثْلُهُ لَوْ سَمِعَا رِيحًا مِنْ أَحَدِهِمَا. وَلَا يُعْلَمُ مِنْ أَيُّهَا هِيَ؟ وَكَذَا كُلُّ اثْنَيْنِ تُيُقِّنَ مُوجِبُ الطَّهَارَةِ مِنْ أَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ.
قَوْلُهُ (فَإِنْ أَحَسَّ بِانْتِقَالِهِ، فَأَمْسَكَ ذَكَرَهُ، فَلَمْ يَخْرُجْ. فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ) وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْإِيضَاحِ، وَالنَّظْمِ، وَالْهَادِي، وَالْكَافِي، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَتَيْنِ وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ. إحْدَاهُمَا: يَجِبُ الْغُسْلُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ بْنُ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَحَرْبٍ. قَالَ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالشَّرْحِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَغَيْرِهِمْ: هَذَا الْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هِيَ الْمَنْصُوصَةُ عَنْ أَحْمَدَ الْمُخْتَارَةُ لِعَامَّةِ أَصْحَابِهِ، حَتَّى إنَّ جُمْهُورَهُمْ جَزَمُوا بِهِ. وَاخْتَارَهَا الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ. وَلَمْ يَذْكُرُوا خِلَافًا. قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: وَهَذَا أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ، قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: يَجِبُ عَلَى الْأَصَحِّ. وَنَصَرَهَا الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: النَّصُّ وُجُوبُهُ. وَأَنْكَرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ يَرْجِعُ. وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْإِفَادَاتِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَالْمُنْتَخَبِ، وَغَيْرِهِمْ [وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَشَرْحِ ابْنِ رَزِينٍ، وَالْفَائِقِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَغَيْرِهِمْ] وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَالثَّانِيَةُ: لَا يَجِبُ الْغُسْلُ حَتَّى يَخْرُجَ، وَلَوْ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ. اخْتَارَهَا الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَصَاحِبُ الْفَائِقِ، وَالشَّرِيفُ فِيمَا حَكَاهُ عَنْهُ الشِّيرَازِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ فِي الْفُرُوعِ. اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: فَعَلَيْهَا يُعِيدُ مَا صَلَّى لَمَّا انْتَقَلَ انْتَهَى.
وَمَا رَأَيْته لِغَيْرِهِ. فَإِذَا خَرَجَ اغْتَسَلَ بِلَا نِزَاعٍ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَا يَثْبُتُ حُكْمُ الْبُلُوغِ. وَالْفِطْرُ وَفَسَادُ النُّسُكِ، وَوُجُوبُ الْكَفَّارَةِ وَغَيْرُ ذَلِكَ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ، وَهُوَ ظَاهِرُ اخْتِيَارِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى.
وَفِيهِ وَجْهٌ آخَرُ تَثْبُتُ بِذَلِكَ جَمِيعُ الْأَحْكَامِ. وَقَالَهُ الْقَاضِي فِي تَعْلِيقِهِ الْتِزَامًا، وَقَدَّمَهُ الزَّرْكَشِيُّ. قُلْت: وَهُوَ أَوْلَى. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَهُوَ بَعِيدٌ. وَهَذَانِ الْوَجْهَانِ ذَكَرَهُمَا الْقَاضِي. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَالْفَائِقِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ، قُلْت: وَإِنْ لَمْ يَجِبْ بِخُرُوجِهِ بَعْدَ الْغُسْلِ لَمْ يَجِبْ بِانْتِقَالِهِ، بَلْ أَوْلَى.
تَنْبِيهٌ: قَالَ فِي الْفُرُوعِ، فِي الْفَائِقِ: لَوْ خَرَجَ الْمَنِيُّ إلَى قُلْفَةِ الْأَقْلَفِ. أَوْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ وَجَبَ الْغُسْلُ. رِوَايَةً وَاحِدَةً، وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ. وَحَكَاهُ ابْنُ تَمِيمٍ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ. قَوْلُهُ (فَإِنْ خَرَجَ بَعْدَ الْغُسْلِ، أَوْ خَرَجَتْ بَقِيَّةُ الْمَنِيِّ: لَمْ يَجِبْ الْغُسْلُ) . يَعْنِي: عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الْغُسْلِ بِالِانْتِقَالِ مِنْ غَيْرِ خُرُوجٍ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ. وَقَالَ الْخَلَّالُ: تَوَاتَرَتْ الرِّوَايَاتُ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الْوُضُوءُ، بَالَ أَوْ لَمْ يَبُلْ عَلَى هَذَا اسْتَقَرَّ قَوْلُهُ. قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ: هَذَا الْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ. قَالَ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: هَذَا الْمَذْهَبُ زَادَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: وَالْأَقْوَى، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. وَاخْتَارَهُ الْخَلَّالُ، وَابْنُ أَبِي مُوسَى، وَالْمَجْدُ وَغَيْرُهُمْ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالْإِفَادَاتِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَالْمُنْتَخَبِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْكَافِي، وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرِهِمْ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ. وَعَنْهُ يَجِبُ. اخْتَارَهَا الْمُصَنِّفُ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ. وَعَنْهُ يَجِبُ إذَا خَرَجَ قَبْلَ الْبَوْلِ، دُونَ مَا بَعْدَهُ. اخْتَارَهَا الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ. وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْهِدَايَةِ. وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ. وَالْخُلَاصَةِ، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَغَيْرِهِمْ. وَعَنْهُ عَكْسُهَا. فَيَجِبُ الْغُسْلُ لِخُرُوجِهِ بَعْدَ الْغُسْلِ، دُونَ مَا قَبْلَهُ. ذَكَرَهَا الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ.
وَمِنْهَا: خَرَّجَ الْمَجْدُ الْغُسْلَ بِخُرُوجِ الْمَنِيِّ مِنْ غَيْرِ شَهْوَةٍ، كَمَا تَقَدَّمَ عَنْهُ. وَأَطْلَقَهُنَّ ابْنُ تَمِيمٍ، وَالزَّرْكَشِيُّ. وَفِيهِ وَجْهٌ: لَا غُسْلَ عَلَيْهِ، إلَّا أَنْ تَنْزِلَ لِشَهْوَةٍ.
فَوَائِدُ مِنْهَا: أَنَّ الْحُكْمَ إذَا جَامَعَ فَلَمْ يُنْزِلْ وَاغْتَسَلَ ثُمَّ خَرَجَ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ كَذَلِكَ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَجَزَمَ جَمَاعَةٌ بِوُجُوبِ الْغُسْلِ هُنَا. مِنْهُمْ ابْنُ تَمِيمٍ، فَقَالَ: وَإِنْ جَامَعَ وَأَكْسَلَ، فَاغْتَسَلَ ثُمَّ أَنْزَلَ: فَعَلَيْهِ الْغُسْلُ، نَصَّ عَلَيْهِ وَفِيهِ وَجْهٌ: لَا غُسْلَ إلَّا أَنْ يُنْزِلَ لِشَهْوَةٍ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَالنَّصُّ يَغْتَسِلُ ثَانِيًا. وَمِنْهَا: قِيَاسُ انْتِقَالِ الْمَنِيِّ: انْتِقَالُ الْحَيْضِ. قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وَمِنْهَا: لَوْ خَرَجَ مِنْ امْرَأَةٍ مَنِيُّ رَجُلٍ بَعْدَ الْغُسْلِ، فَلَا غُسْلَ عَلَيْهَا. وَيَكْفِيهَا الْوُضُوءُ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَلَوْ وَطِئَ دُونَ الْفَرْجِ وَدَبَّ مَاؤُهُ فَدَخَلَ الْفَرْجَ ثُمَّ خَرَجَ. فَلَا غُسْلَ عَلَيْهَا أَيْضًا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ. وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ عَقِيلٍ: أَنَّ عَلَيْهَا الْغُسْلَ، وَهُوَ وَجْهٌ حَكَاهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِيهَا وَفِيمَا إذَا دَخَلَ فَرْجَهَا مِنْ مَنِيِّ امْرَأَةٍ بِسِحَاقٍ، ثُمَّ قَالَ: وَالنَّصُّ عَدَمُهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ الْمَقْطُوعُ بِهِ وَتَقَدَّمَ الْوُضُوءُ مِنْ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ.
تَنْبِيهَاتٌ:
أَحَدُهُمَا: يَعْنِي بِقَوْلِهِ (الثَّانِي: الْتِقَاءُ الْخِتَانَيْنِ) ، وَهُوَ تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ فِي الْفَرْجِ، أَوْ قَدْرِهَا. قَالَهُ الْأَصْحَابُ. وَصَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الرَّجْعَةِ. وَذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ تَوْجِيهًا بِوُجُوبِ الْغُسْلِ بِغَيْبُوبَةِ بَعْضِ الْحَشَفَةِ. انْتَهَى.
وَمُرَادُهُ: إذَا وُجِدَ ذَلِكَ بِلَا حَائِلٍ. فَإِنْ وُجِدَ حَائِلٌ مِثْلُ أَنْ لَفَّ عَلَيْهِ خِرْقَةً، أَوْ أَدْخَلَهُ فِي كِيسٍ لَمْ يَجِبْ الْغُسْلُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقِيلَ: يَجِبُ أَيْضًا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي
الْمُسْتَوْعِبِ، وَالنَّظْمِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفَائِقِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ. فَعَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي: هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. حَكَاهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَأَطْلَقَهُمَا، وَالصَّحِيحُ عَلَى الْمَذْهَبِ: وُجُوبُ الْوُضُوءِ أَيْضًا. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. مِنْهُمْ الْمَجْدُ، وَغَيْرُهُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ مُسْتَوْفًى فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ، بَعْدَ قَوْلِهِ " الرِّدَّةُ " فِي الْفَائِدَةِ. الثَّانِي: دَخَلَ فِي كَلَامِهِ: لَوْ كَانَا نَائِمًا، أَوْ مَجْنُونًا، أَوْ اسْتَدْخَلَتْ امْرَأَةٌ الْحَشَفَةَ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ، فَيَجِبُ الْغُسْلُ عَلَى النَّائِمِ وَالْمَجْنُونِ.
قُلْت: فَيُعَايَى بِهَا. وَقِيلَ: لَا غُسْلَ عَلَيْهِمَا، قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ. فَقَالَ: وَلَوْ اسْتَدْخَلَتْ امْرَأَةٌ حَشَفَةَ نَائِمٍ أَوْ مَجْنُونٍ. أَوْ مَيِّتٍ أَوْ بَهِيمَةٍ: اغْتَسَلَتْ. وَقِيلَ: وَيَغْتَسِلُ النَّائِمُ إذَا انْتَبَهَ، وَالْمَجْنُونُ إذَا أَفَاقَ. قُلْت: يُعَايِي بِهَا أَيْضًا. الثَّالِثُ: وَقَدْ يَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ أَيْضًا: لَوْ اسْتَدْخَلَتْ حَشَفَةَ مَيِّتٍ: أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ وَهُوَ وَجْهٌ. فَيُعَادُ غُسْلُهُ. فَيُعَايَى بِهَا، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ لَا يَجِبُ بِذَلِكَ غُسْلُ الْمَيِّتِ، قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. قُلْت: فَيُعَايَى بِهَا أَيْضًا. وَأَمَّا الْمَرْأَةُ: فَيَجِبُ عَلَيْهَا الْغُسْلُ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ. وَلَوْ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَ بَهِيمَةٍ، فَكَوَطْءِ الْبَهِيمَةِ، عَلَى مَا يَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ قَرِيبًا. الرَّابِعُ: شَمِلَ قَوْلُهُ (تَغَيَّبَتْ الْحَشَفَةُ فِي الْفَرْجِ) الْبَالِغِ وَغَيْرِهِ أَمَّا الْبَالِغُ: فَلَا نِزَاعَ فِيهِ. وَأَمَّا غَيْرُهُ: فَالْمَذْهَبُ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ: أَنَّهُ
كَالْبَالِغِ مِنْ حَيْثُ الْجُمْلَةُ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ: لَا يَجِبُ عَلَى غَيْرِ الْبَالِغِ غُسْلٌ. اخْتَارَهُ الْقَاضِي. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ. وَقَالَ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ فِي فَتَاوِيهِ: لَا نُسَمِّيهِ جُنُبًا، لِأَنَّهُ لَا مَاءَ لَهُ. ثُمَّ إنْ وَجَدَ شَهْوَةً لَزِمَهُ وَإِلَّا أُمِرَ بِهِ لِيَعْتَادَهُ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ يُجَامِعُ مِثْلُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ وَغَيْرِهِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَغَيْرُهُمْ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْأَكْثَرِينَ. وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَتَيْنِ وَغَيْرِهِمْ: يُشْتَرَطُ كَوْنُ الذَّكَرِ ابْنَ عَشْرِ سِنِينَ، وَالْأُنْثَى تِسْعٍ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: الْمُرَادُ بِهَذَا مَا قَبْلَهُ يَعْنِي كَوْنَ الذَّكَرِ ابْنَ عَشْرِ سِنِينَ وَالْأُنْثَى ابْنَةَ تِسْعٍ، وَهُوَ الَّذِي يُجَامِعُ مِثْلُهُ قَالَ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ. وَلَيْسَ عَنْهُ خِلَافُهُ. انْتَهَى.
وَيَرْتَفِعُ حَدَثُهُ بِغُسْلِهِ قَبْلَ الْبُلُوغِ. وَعَلَى الْمَذْهَبِ الْمَنْصُوصِ أَيْضًا: يَلْزَمُهُ الْغُسْلُ عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَ إرَادَةِ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ أَوْ الْوُضُوءُ، أَوْ مَاتَ شَهِيدًا قَبْلَ فِعْلِهِ. وَعَدَّ فِي الرِّعَايَةِ، وَغَيْرِهِ: هَذَا قَوْلًا وَاحِدًا ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ. وَقِيلَ: بَابُ الْمِيَاهِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَالْأَوْلَى أَنَّ هَذَا مُرَادُ الْمَنْصُوصِ، أَوْ يُغَسَّلُ لَوْ مَاتَ. وَلَعَلَّهُ مُرَادُ الْإِمَامِ. انْتَهَى.
فَائِدَةٌ: يَجِبُ عَلَى الصَّبِيِّ الْوُضُوءُ بِمُوجِبَاتِهِ. وَجَعَلَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ مِثْلَ مَسْأَلَةِ الْغُسْلِ: إلْزَامُهُ بِاسْتِجْمَارٍ وَنَحْوِهِ.
فَائِدَةٌ: قَالَ النَّاظِمُ: يَتَعَلَّقُ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ سِتَّةَ عَشَرَ حُكْمًا. فَقَالَ:
وَتَقْضِي مُلَاقَاةُ الْخِتَانِ بِعِدَّةِ أَوْجُهٍ
…
وَغُسْلٍ مَعَ ثُيُوبَةٍ تُمَهِّدْ
وَتَقْرِيرِ مَهْرٍ وَاسْتِبَاحَةِ أَوَّلٍ
…
وَإِلْحَاقِ أَنْسَابٍ وَإِحْصَانِ مُعْتَدِ
وَفَيْئَةِ مُولٍ مَعَ زَوَالٍ لِعُنَّةٍ
…
وَتَقْرِيرِ تَكْفِيرِ الظِّهَارِ تَعَدُّدِ
وَإِفْسَادِهَا كَفَّارَةً فِي ظِهَارِهِ
…
وَكَوْنِ الْإِمَاءِ صَارَتْ فِرَاشًا لِسَيِّدِ
وَتَحْرِيمِ إصْهَارٍ وَقَطْعِ تَتَابُعِ الصِّيَامِ
…
وَحِنْثِ الْحَالِفِ الْمُتَشَدِّدِ
انْتَهَى.
وَاَلَّذِي يَظْهَرُ: أَنَّ الْأَحْكَامَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ كَالْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْوَطْءِ الْكَامِلِ. لَا فَارِقَ بَيْنَهُمَا. وَقَدْ رَأَيْت لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ عَدَدَ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ. وَعَدَّهَا سَبْعِينَ حُكْمًا. أَكْثَرُهَا مُوَافِقٌ لِمَذْهَبِنَا. وَعَدُّ النَّاظِمِ لَيْسَ بِحَصْرٍ.
تَنْبِيهٌ: مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ " قُبُلًا " الْقُبُلُ الْأَصْلِيُّ. فَلَا غُسْلَ بِوَطْءٍ قَبْلَ غَيْرِ أَصْلِيٍّ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقِيلَ: يَجِبُ. قَالَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى الصَّغِيرُ: لَوْ أَوْلَجَ رَجُلٌ فِي قُبُلِ خُنْثَى مُشْكِلٍ: هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْغُسْلُ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَوْ جَامَعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْخُنْثَيَيْنِ الْآخَرَ بِالذَّكَرِ فِي الْقُبُلِ لَزِمَهُمَا الْغُسْلُ. قَالَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَتَبِعَهُ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ: هَذَا وَهْمٌ فَاحِشٌ. ذَكَرَ نَقِيضَهُ بَعْدَ أَسْطُرٍ. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَهُوَ سَهْوٌ. قَوْلُهُ (أَوْ دُبُرًا) هَذَا الْمَذْهَبُ، نَصَّ عَلَيْهِ. فَيَجِبُ عَلَى الْوَاطِئِ وَالْمَوْطُوءِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَقِيلَ: لَا يَجِبُ. وَأَطْلَقَهُمَا النَّاظِمُ. وَقِيلَ: يَجِبُ عَلَى الْوَاطِئِ دُونَ الْمَوْطُوءِ. قَوْلُهُ (مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ بَهِيمَةٍ) هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، حَتَّى لَوْ كَانَ سَمَكَةً. حَكَاهُ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ. وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ: لَا يَجِبُ بِمُجَرَّدِ الْإِيلَاجِ فِي الْبَهِيمَةِ غُسْلٌ، وَلَا فِطْرٌ، وَلَا كَفَّارَةٌ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا قَالَ. ذَكَرَهُ عَنْهُ فِي بَابِ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ وَبَابُ حَدِّ الزِّنَى. قَوْلُهُ (حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ) الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: وُجُوبُ الْغُسْلِ بِوَطْءِ الْمَيِّتَةِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ. وَقِيلَ: لَا يَجِبُ الْغُسْلُ بِوَطْءِ الْمَيِّتَةِ. فَأَمَّا الْمَيِّتُ: فَلَا يُعَادُ غُسْلُهُ إذَا وُطِئَ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. وَقِيلَ: يُعَادُ غُسْلُهُ.
قَالَ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ: وَمَنْ وَطِئَ مَيِّتًا بَعْدَ غُسْلِهِ: أُعِيدَ غُسْلُهُ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ. وَاخْتَارَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. قَالَ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ: وَيَجِبُ الْغُسْلُ عَلَى كُلِّ وَاطِئٍ وَمَوْطُوءٍ، إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْغُسْلِ، سَوَاءٌ كَانَ الْفَرْجُ قُبُلًا أَوْ دُبُرًا، مِنْ كُلِّ آدَمِيٍّ أَوْ بَهِيمَةٍ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا. انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: هَلْ يَجِبُ غُسْلُ الْمَيِّتِ بِإِيلَاجٍ فِي فَرْجِهِ؟ يُحْتَمَلُ وَجْهَيْنِ. وَتَابَعَهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ عَلَى ذَلِكَ. وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا لَوْ اسْتَدْخَلَتْ حَشَفَةَ مَيِّتٍ: هَلْ يُعَادُ غُسْلُهُ؟
فَائِدَةٌ: لَوْ قَالَتْ امْرَأَةٌ: لِي جِنِّيٌّ يُجَامِعُنِي كَالرَّجُلِ. فَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي. لَا غُسْلَ عَلَيْهَا لِعَدَمِ الْإِيلَاجِ وَالِاحْتِلَامِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَفِيهِ نَظَرٌ. وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي قَوْله تَعَالَى {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ} [الرحمن: 56] فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْجِنِّيَّ يَغْشَى الْمَرْأَةَ كَالْإِنْسِ. انْتَهَى.
قُلْت: الصَّوَابُ وُجُوبُ الْغُسْلِ. قَوْلُهُ (الثَّالِثُ: إسْلَامُ الْكَافِرِ، أَصْلِيًّا كَانَ أَوْ مُرْتَدًّا) هَذَا الْمَذْهَبُ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. مِنْهُمْ: أَبُو بَكْرٍ فِي التَّنْبِيهِ، وَسَوَاءٌ وُجِدَ مِنْهُ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ أَوْ لَا. وَسَوَاءٌ اغْتَسَلَ لَهُ قَبْلَ إسْلَامِهِ أَوْ لَا. وَعَنْهُ لَا يَجِبُ بِالْإِسْلَامِ غُسْلٌ، بَلْ يُسْتَحَبُّ. قُلْت: وَهُوَ أَوْلَى، وَهُوَ قَوْلٌ فِي الرِّعَايَةِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ فِي غَيْرِ التَّنْبِيهِ. وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: لَا غُسْلَ عَلَيْهِ إلَّا إذَا وُجِدَ مِنْهُ فِي حَالِ كُفْرِهِ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ مِنْ الْجَنَابَةِ وَنَحْوِهَا. اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ. وَحَكَاهُ الْمَذْهَبُ فِي الْكَافِي رِوَايَةً. وَلَيْسَ كَذَلِكَ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَأَغْرَبَ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي الْكَافِي، فَحَكَى ذَلِكَ رِوَايَةً، وَهُوَ كَمَا قَالَ. وَقِيلَ: يَجِبُ بِالْكُفْرِ وَالْإِسْلَامِ بِشَرْطِهِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَوْ وُجِدَ سَبَبٌ مِنْ الْأَسْبَابِ الْمُوجِبَةِ لِلْغُسْلِ فِي حَالِ كُفْرِهِ: لَمْ
يَلْزَمْهُ لَهُ غُسْلٌ إذَا أَسْلَمَ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ بَلْ يَكْتَفِي بِغُسْلِ الْإِسْلَامِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ، وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ تَمِيمٍ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ: أَسْبَابُهُ الْمُوجِبَةُ لَهُ فِي الْكُفْرِ كَثِيرَةٌ. وَبَنَاهُ أَبُو الْمَعَالِي عَلَى مُخَاطَبَتِهِمْ. فَإِنْ قُلْنَا: هُمْ مُخَاطَبُونَ، لَزِمَهُ الْغُسْلُ. وَإِلَّا فَلَا. وَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ: يَلْزَمُهُ الْغُسْلُ. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَمَنْ تَابَعَهُ. كَمَا تَقَدَّمَ لِوُجُودِ السَّبَبِ الْمُوجِبِ لِلْغُسْلِ. كَالْوُضُوءِ. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ، وَصَاحِبُ الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ. الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: لَا يُوجِبُ الْإِسْلَامَ غُسْلًا، إلَّا أَنْ يَكُونَ وُجِدَ سَبَبُهُ قَبْلَهُ. فَلَزِمَهُ بِذَلِكَ فِي أَظْهَرِ الْوَجْهَيْنِ. انْتَهَى.
وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ عَلَيْهِمَا غُسْلٌ مُطْلَقًا. ذَكَرَهُ الْأَصْحَابُ. فَلَوْ اغْتَسَلَ فِي حَالِ كُفْرِهِ أَعَادَ عَلَى قَوْلِهِمْ جَمِيعًا عَلَى الصَّحِيحِ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: لَمْ يُجْزِئْهُ غُسْلُهُ حَالَ كُفْرِهِ فِي الْأَشْهَرِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَقَالَ الْقَاضِي فِي شَرْحِهِ: هَذَا إذَا لَمْ نُوجِبْ الْغُسْلَ. وَقِيلَ: لَا يُعِيدُهُ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ، إنْ اعْتَقَدَ وُجُوبَهُ. قَالَ: بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يُثَابُ عَلَى الطَّاعَةِ فِي حَالِ كُفْرِهِ إذَا أَسْلَمَ، وَأَنَّهُ كَمَنْ تَزَوَّجَ مُطَلَّقَتَهُ ثَلَاثًا مُعْتَقِدًا حِلَّهَا، وَفِيهِ رِوَايَتَانِ. انْتَهَى.
تَنْبِيهٌ: هَذَا الْحُكْمُ فِي غَيْرِ الْحَائِضِ.
أَمَّا الْحَائِضُ إذَا اغْتَسَلَتْ لِزَوْجِهَا، أَوْ سَيِّدِهَا الْمُسْلِمِ: فَإِنَّهُ يَصِحُّ، وَلَا يَلْزَمُهَا إعَادَتُهُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فِي الْأَصَحِّ. وَقِيلَ: هِيَ كَالْكَافِرِ إذَا اغْتَسَلَ فِي حَالِ كُفْرِهِ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ. قَالَ أَبُو الْفَرَجِ بْنُ أَبِي الْفَهْمِ: إذَا اغْتَسَلَتْ الذِّمِّيَّةُ مِنْ الْحَيْضِ لِأَجْلِ الزَّوْجِ ثُمَّ أَسْلَمَتْ: يُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَلْزَمَهَا إعَادَةُ الْغُسْلِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَلْزَمَهَا. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: لَوْ اغْتَسَلَتْ كِتَابِيَّةٌ عَنْ حَيْضٍ، أَوْ نِفَاسٍ. لِوَطْءِ زَوْجٍ مُسْلِمٍ، أَوْ سَيِّدٍ مُسْلِمٍ: صَحَّ وَلَمْ يَجِبْ. وَقِيلَ: يَجِبُ عَلَى الْأَصَحِّ. وَفِي غُسْلِهَا مِنْ جَنَابَةٍ وَجْهَانِ. وَقِيلَ: رِوَايَتَانِ. فَإِذَا أَسْلَمَتْ قَبْلَ وَطْئِهِ سَقَطَ. وَقِيلَ: لَا. وَقِيلَ: إنْ وَجَبَ حَالَ الْكُفْرِ بِطَلَبِهَا. فَالْوَجْهَانِ. وَلَا يَصِحُّ غُسْلُ كَافِرَةٍ غَيْرَهَا. انْتَهَى.
تَنْبِيهٌ: أَلْحَقَ الْمُصَنِّفُ الْمُرْتَدَّ بِالْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقِيلَ: لَا غُسْلَ عَلَى الْمُرْتَدِّ إنْ أَوْجَبْنَاهُ عَلَى الْأَصَحِّ.
قَوْلُهُ (الرَّابِعُ: الْمَوْتُ) الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وُجُوبُ الْغُسْلِ بِالْمَوْتِ مُطْلَقًا. وَقِيلَ: لَا يَجِبُ مَعَ حَيْضٍ وَنِفَاسٍ. قُلْت: وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ بَعْدَ ذَلِكَ: قُلْت إنْ قُلْنَا: يَجِبُ الْغُسْلُ بِالْحَيْضِ، فَانْقِطَاعُهُ شَرْطٌ لِصِحَّتِهِ، وَأَنَّهُ يَصِحُّ غُسْلُهَا لِلْجَنَابَةِ قَبْلَ الِانْقِطَاعِ: وَجَبَ غُسْلُ الْحَائِضِ الْمَيِّتَةَ. وَإِلَّا فَلَا. انْتَهَى.
قَوْلُهُ (وَالْخَامِسُ: الْحَيْضُ. وَالسَّادِسُ: النِّفَاسُ) الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ وُجُوبُ الْغُسْلِ بِخُرُوجِ دَمِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ، جَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ وَغَيْرِهِ، قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَغَيْرِهِمْ وَصَحَّحَهُ فِي الشَّرْحِ، وَشَرْحِ الْمَجْدِ، وَالْفَائِقِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ. وَغَيْرُهُمْ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ، وَغَيْرُهُ، عَنْ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ " وَالطُّهْرُ بَيْنَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ " هَذَا تَجَوُّزٌ مِنْ أَبِي الْقَاسِمِ. فَإِنَّ الْمُوجِبَ لِلْغُسْلِ فِي التَّحْقِيقِ: هُوَ الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ. وَانْقِطَاعُهُ شَرْطُ وُجُوبِ الْغُسْلِ وَصِحَّتُهُ. فَسَمَّاهُ مُوجِبًا. انْتَهَى.
وَاقْتَصَرَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ فِي الْمُغْنِي. وَقِيلَ: هَذَا يَجِبُ بِانْقِطَاعِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ: وَمِنْهُ الْحَيْضُ وَالنِّفَاسُ إذَا فَرَغَا وَانْقَطَعَا. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: هُوَ أَشْهَرُ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ كَقَوْلِ الْخِرَقِيِّ، وَقَالَ ابْنُ الْبَنَّا كَقَوْلِ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ: وَانْقِطَاعُ دَمِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ.
تَنْبِيهٌ: تَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ: إذَا اسْتَشْهَدَتْ الْحَائِضُ قَبْلَ الطُّهْرِ. فَإِنْ قُلْنَا:
يَجِبُ الْغُسْلُ بِخُرُوجِ الدَّمِ: وَجَبَ غُسْلُهَا لِلْحَيْضِ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَجِبُ إلَّا بِالِانْقِطَاعِ: لَمْ يَجِبْ الْغُسْلُ؛ لِأَنَّ الشَّهِيدَةَ لَا تُغَسَّلُ. وَلَوْ لَمْ يَنْقَطِعْ الدَّمُ الْمُوجِبُ لِلْغُسْلِ. قَالَهُ الْمَجْدُ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَالزَّرْكَشِيُّ، وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ الطُّوفِيُّ فِي شَرْحِ الْخِرَقِيِّ: وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ: فِيمَا إذَا اسْتَشْهَدَتْ الْحَائِضُ قَبْلَ الطُّهْرِ. هَلْ تُغَسَّلُ لِلْحَيْضِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ. إنْ قُلْنَا: يَجِبُ الْغُسْلُ عَلَيْهَا بِخُرُوجِ الدَّمِ: غُسِّلَتْ لِسَبْقِ الْوُجُوبِ. وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَجِبُ إلَّا بِانْقِطَاعِ الدَّمِ: لَمْ يَجِبْ. انْتَهَى وَقَطَعَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْغُسْلُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ. مِنْهُمْ: الْمُصَنِّفُ؛ لِأَنَّ الطُّهْرَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْغُسْلِ، أَوْ فِي السَّبَبِ الْمُوجِبِ لَهُ. وَلَمْ يُوجَدْ. قَالَ الطُّوفِيُّ فِي شَرْحِهِ بَعْدَمَا ذُكِرَ مَا تَقَدَّمَ وَعَلَى هَذَا التَّفْرِيعِ إشْكَالٌ، وَهُوَ أَنَّ الْمَوْتَ إمَّا أَنْ يُنَزَّلَ مَنْزِلَةَ انْقِطَاعِ الدَّمِ أَوْ لَا. فَإِنْ نُزِّلَ مَنْزِلَتَهُ لَزِمَ وُجُوبُ الْغُسْلِ لِتَحَقُّقِ سَبَبِ وُجُوبِهِ وَشَرْطِهِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يُنَزَّلْ مَنْزِلَةَ انْقِطَاعِ الدَّمِ فَهِيَ فِي حُكْمِ الْحَائِضِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ. فَلَا يَجِبُ غُسْلُهَا؛ لِأَنَّا إنْ قُلْنَا: الْمُوجِبُ هُوَ الِانْقِطَاعُ، فَسَبَبُ الْوُجُوبِ مُنْتَفٍ، وَإِنْ قُلْنَا: الْمُوجِبُ خُرُوجُ الدَّمِ. فَشَرْطُ الْوُجُوبِ وَهُوَ الِانْقِطَاعُ مُنْتَفٍ. وَالْحُكْمُ يَنْتَفِي لِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ. انْتَهَى.
وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ وُجُوبُ الْغُسْلِ بِالْخُرُوجِ احْتِمَالَيْنِ، لِتَحْقِيقِ الشَّرْطِ بِالْمَوْتِ، وَهُوَ غَيْرُ مُوجِبٍ. انْتَهَى.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقَدْ يَنْبَنِي أَيْضًا عَلَى قَوْلِ الْخِرَقِيِّ: أَنَّهُ لَا يَجِبُ، بَلْ لَا يَصِحُّ غُسْلُ مَيِّتَةٍ مَعَ قِيَامِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ شَهِيدَةً وَهُوَ قَوِيٌّ فِي الْمَذْهَبِ، لَكِنْ لَا بُدَّ أَنْ يُلْحَظَ فِيهِ: أَنَّ غُسْلَهَا لِلْجَنَابَةِ قَبْلَ انْقِطَاعِ دَمِهَا لَا يَصِحُّ، لِقِيَامِ الْحَدَثِ. كَمَا هُوَ رَأْيُ ابْنِ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ، وَإِذًا لَا يَصِحُّ غُسْلُ الْمَوْتِ لِقِيَامِ الْحَدَثِ كَالْجَنَابَةِ. وَإِذَا لَمْ يَصِحَّ لَمْ يَجِبْ حِذَارًا مِنْ تَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ، وَالْمَذْهَبُ صِحَّةُ غُسْلِهَا لِلْجَنَابَةِ قَبْلَ ذَلِكَ، فَيَنْتَفِي هَذَا الْبِنَاءُ. انْتَهَى.
قُلْت: هَذَا الْقَوْلُ الَّذِي حَكَاهُ بِعَدَمِ صِحَّةِ غُسْلِ الْمَيِّتَةِ: لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ، وَاَلَّذِي يَظْهَرُ: أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْإِجْمَاعِ. وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا. وَقَالَ الطُّوفِيُّ فِي شَرْحِ الْخِرَقِيِّ.
فَرْعٌ: لَوْ أَسْلَمَتْ الْحَائِضُ أَوْ النُّفَسَاءُ قَبْلَ انْقِطَاعِ الدَّمِ. فَإِنْ قُلْنَا: يَجِبُ الْغُسْلُ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ مُطْلَقًا: لَزِمَهَا الْغُسْلُ إذَا طَهُرَتْ لِلْإِسْلَامِ. فَيَتَدَاخَلُ الْغُسْلَانِ. وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَجِبُ، خَرَجَ وُجُوبُ الْغُسْلِ عَلَيْهَا عِنْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي مُوجِبِهِ إنْ قُلْنَا: يَجِبُ بِخُرُوجِ الدَّمِ، فَلَا غُسْلَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ حَالَ الْكُفْرِ، وَقَدْ سَقَطَ بِالْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ. وَالتَّقْدِيرُ: أَنْ لَا غُسْلَ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ. وَعَلَى هَذَا تُغَسَّلُ عِنْدَ الطُّهْرِ نَظَافَةً لَا عِبَادَةً، حَتَّى لَوْ لَمْ تَنْوِ أَجْزَأَهَا، وَإِنْ قُلْنَا: يَجِبُ بِالِانْقِطَاعِ لَزِمَهَا الْغُسْلُ؛ لِأَنَّ سَبَبَ وُجُوبِهِ وُجِدَ حَالَ الْإِسْلَامِ. فَصَارَتْ كَالْمُسْلِمَةِ الْأَصْلِيَّةِ. قَالَ: وَهَذَا الْفَرْعُ إنَّمَا اسْتَخْرَجْته وَلَمْ أَرَهُ لِأَحَدٍ. وَلَا سَمِعْته مِنْهُ وَلَا عَنْهُ إلَى هَذَا الْحِينِ. وَإِنَّمَا أَقُولُ هَذَا حَيْثُ قُلْته تَمْيِيزًا لِلْمَقُولِ عَنْ الْمَنْقُولِ. أَدَاءً لِلْأَمَانَةِ. انْتَهَى فَائِدَةٌ: لَا يَجِبُ عَلَى الْحَائِضِ غُسْلٌ فِي حَالِ حَيْضِهَا مِنْ الْجَنَابَةِ وَنَحْوِهَا، وَلَكِنْ يَصِحُّ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ فِيهَا، وَنَصَّ عَلَيْهِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَابْنُ تَمِيمٍ. وَاخْتَارَهُ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْفَائِقِ فِي هَذَا الْبَابِ. وَعَنْهُ لَا يَصِحُّ، جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي مَوْضِعٍ، وَالْفَائِقِ فِي بَابِ الْحَيْضِ. وَعَنْهُ يَجِبُ. وَجَزَمَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وُضُوءُهَا. قَالَ فِي النُّكَتِ: صَرَّحَ غَيْرُ وَاحِدٍ بِأَنَّ طَهَارَتَهَا لَا تَصِحُّ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: يُسْتَحَبُّ غُسْلُهَا كَذَلِكَ، قَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ. قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: يُسْتَحَبُّ غُسْلُهَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ. وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ. انْتَهَى.
وَعَنْهُ لَا يُسْتَحَبُّ، قَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. وَيَصِحُّ غُسْلُ
الْحَيْضِ. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ وَغَيْرُهُمَا: وَلِذَا لَا تَمْنَعُ الْجَنَابَةُ غُسْلَ الْحَيْضِ، مَعَ وُجُودِ الْجَنَابَةِ، مِثْلُ إنْ أَجْنَبَتْ فِي أَثْنَاءِ غُسْلِهَا مِنْ الْحَيْضِ. وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِيمَا إذَا اجْتَمَعَتْ أَحْدَاثٌ. قَوْلُهُ (وَفِي الْوِلَادَةِ الْعَرِيَّةُ عَنْ الدَّمِ وَجْهَانِ) . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْفُصُولِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالْمَذْهَبِ الْأَحْمَدِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَالْفَائِقِ، وَتَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ، وَالزَّرْكَشِيُّ. قَالَ ابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ، فِي بَابِ الْحَيْضِ: وَالْوَجْهُ الْغُسْلُ. فَأَمَّا الْوِلَادَةُ الْخَالِيَةُ عَنْ الدَّمِ: فَقِيلَ لَا غُسْلَ عَلَيْهَا. وَقِيلَ: فِيهَا وَجْهَانِ. انْتَهَى.
أَحَدُهُمَا: لَا يَجِبُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْخِرَقِيِّ، وَالْوَجِيزِ، وَالْمُنَوِّرِ، وَالْمُنْتَخَبِ. وَالطَّرِيقِ الْأَقْرَبِ، وَغَيْرِهِمْ. لِعَدَمِ ذِكْرِهِمْ لِذَلِكَ. قَالَهُ الطُّوفِيُّ فِي شَرْحِ الْخِرَقِيِّ، وَالْمَجْدِ، وَالشَّارِحِ، وَابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْكَافِي، وَابْنُ رَزِينٍ فِي شَرْحِهِ فِي بَابِ الْحَيْضِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجِبُ، وَهُوَ رِوَايَةٌ فِي الْكَافِي. اخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ، وَابْنُ الْبَنَّا. وَجَزَمَ بِهِ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْإِفَادَاتِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي بَابِ الْحَيْضِ.
تَنْبِيهَانِ أَحَدُهُمَا: قَوْلُهُ " الْعَرِيَّةُ عَنْ الدَّمِ " مِنْ زَوَائِدِ: الشَّارِحِ. الثَّانِي: حَكَى الْخِلَافَ وَجْهَيْنِ، كَمَا حَكَاهُ الْمُصَنِّفُ، وَصَاحِبُ الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ، وَالْمَجْدِ، وَالنَّظْمِ، وَابْنُ تَمِيمٍ وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالْفَائِقِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَابْنُ رَزِينٍ، وَالطُّوفِيُّ فِي شَرْحِهِ وَغَيْرُهُمْ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُصُولِ: فَإِنْ عَرَتْ الْمَرْأَةُ عَنْ
نِفَاسٍ وَهَذَا لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا فِي السِّقْطِ فَهَلْ يَجِبُ الْغُسْلُ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ. وَحَكَى الْخِلَافَ رِوَايَتَيْنِ فِي الْكَافِي، وَالْفُرُوعِ.
فَائِدَةٌ: اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ فِي الْعِلَّةِ الْمُوجِبَةِ لِلْغُسْلِ فِي الْوِلَادَةِ الْعَرِيَّةِ عَنْ الدَّمِ، فَقِيلَ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَهُمْ إنَّ الْوِلَادَةَ مَظِنَّةٌ لِدَمِ النِّفَاسِ غَالِبًا. وَأُقِيمَتْ مَقَامَهُ كَالْوَطْءِ مَعَ الْإِنْزَالِ، وَالنَّوْمِ مَعَ الْحَدَثِ. وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ. وَقِيلَ: لِأَنَّهُ مَنِيٌّ مُنْعَقِدٌ. وَبِهِ عَلَّلَ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ. فَقَالَ: لِأَنَّ الْوَلَدَ مَخْلُوقٌ أَصْلُهُ الْمَنِيُّ. أَشْبَهَ الْمَنِيَّ، وَيُسْتَبْرَأُ بِهِ الرَّحِمُ. أَشْبَهَ الْحَيْضَ. انْتَهَى.
وَرُدَّ ذَلِكَ بِخُرُوجِ الْعَلَقَةِ وَالْمُضْغَةِ. فَإِنَّهَا لَا تُوجِبُ الْغُسْلَ بِلَا نِزَاعٍ. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ. فَعَلَى الْأَوَّلِ: يَحْرُمُ الْوَطْءُ قَبْلَ الْغُسْلِ، وَيَبْطُلُ الصَّوْمُ. وَعَلَى الثَّانِي: لَا يَحْرُمُ الْوَطْءُ، وَلَا يَبْطُلُ الصَّوْمُ. قَالَهُ ابْنُ تَمِيمٍ. قَالَ: وَقَالَ الْقَاضِي: مَتَى قُلْنَا بِالْغُسْلِ، حَصَلَ بِهَا الْفِطْرُ. انْتَهَى.
وَكَذَا بَنَى صَاحِبُ الْفَائِقِ وَالزَّرْكَشِيُّ هَذِهِ الْأَحْكَامَ عَلَى التَّعْلِيلَيْنِ. وَأَطْلَقَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ، فِي تَحْرِيمِ الْوَطْءِ وَبُطْلَانِ الصَّوْمِ بِهِ قَبْلَ الْغُسْلِ، الْخِلَافَ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِهِ فَائِدَةٌ: الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ الْوَلَدَ ظَاهِرٌ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَالْوَلَدُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي بَابِ النَّجَاسَاتِ. وَعَنْهُ لَيْسَ بِطَاهِرٍ فَيَجِبُ غُسْلُهُ. وَهُمَا وَجْهَانِ مُطْلَقًا. وَفِي مُخْتَصَرِ ابْنِ تَمِيمٍ ذَكَرَهَا فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ، فِي وُجُوبِ غُسْلِ الْوَلَدِ مَعَ الدَّمِ: وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ. قُلْت: الْأَوْلَى وَالْأَقْوَى: الْوُجُوبُ، لِمُلَابَسَتِهِ لِلدَّمِ وَمُخَالَطَتِهِ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّهُ لَا يُوجِبُ الْغُسْلَ سِوَى هَذِهِ السَّبْعَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا وَهُوَ صَحِيحٌ. وَيَأْتِي بَعْضُ الْمَسَائِلِ فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ، فِيهَا خِلَافٌ فِي الْأَغْسَالِ الْمُسْتَحَبَّةِ.
قَوْلُهُ (وَمَنْ لَزِمَهُ الْغُسْلُ: حَرُمَ عَلَيْهِ قِرَاءَةُ آيَةٍ فَصَاعِدًا) . وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا بِلَا رَيْبٍ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَعَنْهُ يَجُوزُ قِرَاءَةُ آيَةٍ. وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ عَنْ أَحْمَدَ: يَجُوزُ قِرَاءَةُ آيَةٍ وَنَحْوِهَا. قَالَ فِي التَّلْخِيصِ، وَقِيلَ: يَخْرُجُ مِنْ تَصْحِيحِ خُطْبَةِ الْجُنُبِ: جَوَازُ قِرَاءَةِ آيَةٍ، مَعَ اشْتِرَاطِهَا. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ فِي وَاضِحِهِ، فِي مَسْأَلَةِ الْإِعْجَازِ: لَا يَحْصُلُ التَّحَدِّي بِآيَةٍ أَوْ آيَتَيْنِ. وَلِهَذَا جَوَّزَ الشَّرْعَ لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ تِلَاوَتَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا إعْجَازَ فِيهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا طَالَ. وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: لَوْ قَرَأَ آيَةً لَا تَسْتَقِلُّ بِمَعْنًى أَوْ بِحُكْمٍ، كَقَوْلِهِ {ثُمَّ نَظَرَ} [المدثر: 21] أَوْ مَدّهَا مَدَّتَانِ لَمْ يَحْرُمْ، وَإِلَّا حَرُمَ. قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ، وَقِيلَ: لَا تُمْنَعُ الْحَائِضُ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ مُطْلَقًا. اخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وَنَقَلَ الشَّافِعِيُّ كَرَاهَةَ الْقِرَاءَةِ لِلْحَائِضِ وَالْجُنُبِ. وَعَنْهُ لَا يَقْرَآنِ، وَالْحَائِضُ أَشَدُّ وَيَأْتِي ذَلِكَ أَوَّلَ بَابِ الْحَيْضِ. قَوْلُهُ (وَفِي بَعْضِ آيَةٍ رِوَايَتَانِ) . وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْكَافِي، وَالْمُغْنِي، وَالْخُلَاصَةِ، وَالتَّلْخِيصِ وَالْبُلْغَةِ، وَالنَّظْمِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ. وَغَيْرُهُمْ. إحْدَاهُمَا: الْجَوَازُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ، قَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ: وَيَحْرُمُ قِرَاءَةُ آيَةٍ عَلَى جُنُبٍ وَنَحْوِهِ. قَالَ فِي الْإِفَادَاتِ: لَا يَقْرَأُ آيَةً. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَجُوزُ بَعْضُ آيَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَوْ كَرَّرَ، مَا لَمْ يَتَحَيَّلْ عَلَى قِرَاءَةٍ تَحْرُمُ عَلَيْهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْمُحَرَّرِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْفَائِقِ. قَالَ فِي الْمُنَوِّرِ، وَالْمُنْتَخَبِ: وَلَهُ قِرَاءَةُ بَعْضِ آيَةٍ تَبَرُّكًا. قُلْت: الْأَوْلَى الْجَوَازُ، إنْ لَمْ تَكُنْ طَوِيلَةً، كَآيَةِ الدَّيْنِ. وَالثَّانِيَةُ: لَا يَجُوزُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. وَصَحَّحَهُ فِي التَّصْحِيحِ، وَالنَّظْمِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. قَالَ فِي الشَّرْحِ: أَظْهَرُهُمَا لَا يَجُوزُ. وَاخْتَارَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ.
فَائِدَةٌ: يَجُوزُ لِلْجُنُبِ قِرَاءَةٌ لَا تُجْزِئُ فِي الصَّلَاةِ لِإِسْرَارِهَا فِي ظَاهِرِ كَلَامِ نِهَايَةِ أَبِي الْمَعَالِي. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: لَهُ تَحْرِيكُ شَفَتَيْهِ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ الْحُرُوفَ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: لَهُ تَهَجِّيهِ، قَالَ فِي الرِّعَايَةِ، وَالْفُرُوعِ: وَلَهُ تَهَجِّيهِ فِي الْأَصَحِّ. وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ فِي بُطْلَانِ صَلَاةٍ بِتَهَجِّيهِ هَذَا الْخِلَافِ. وَقَالَ فِي الْفُصُولِ: تَبْطُلُ لِخُرُوجِهِ عَنْ نَظْمِهِ وَإِعْجَازِهِ.
فَائِدَةٌ: قَالَ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى: لَهُ قِرَاءَةُ الْبَسْمَلَةِ تَبَرُّكًا وَذِكْرًا. وَقِيلَ: أَوْ تَعَوُّذًا أَوْ اسْتِرْجَاعًا فِي مُصِيبَةٍ، لَا قِرَاءَةَ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَلَى الْوُضُوءِ، وَالْغُسْلِ، وَالتَّيَمُّمِ، وَالصَّيْدِ، وَالذَّبْحِ، وَلَهُ قَوْلُ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] عِنْدَ تَجَدُّدِ نِعْمَةٍ، إذَا لَمْ يُرِدْ الْقِرَاءَةَ. وَلَهُ التَّفَكُّرُ فِي الْقُرْآنِ. انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَهُ قَوْلُ مَا وَافَقَ قُرْآنًا وَلَمْ يَقْصِدْهُ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَالذِّكْرُ. وَعَنْهُ مَا أَحَبَّ أَنْ يُؤَذِّنَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْقُرْآنِ. قَالَ الْقَاضِي: فِي هَذَا التَّعْلِيلِ نَظَرٌ. وَعَلَّلَهُ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ: بِأَنَّهُ كَلَامٌ مَجْمُوعٌ. انْتَهَى.
وَكَرِهَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ لِلْجُنُبِ: الذَّكَرِ، لَا لِلْحَائِضِ.
فَائِدَةٌ: قَالَ أَبُو الْمَعَالِي فِي النِّهَايَةِ: وَلَهُ أَنْ يَنْظُرَ فِي الْمُصْحَفِ مِنْ غَيْرِ تِلَاوَةٍ وَيَقْرَأُ عَلَيْهِ الْقُرْآنَ، وَهُوَ سَاكِتٌ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا يُنْسَبُ إلَى قِرَاءَةٍ.
قَوْلُهُ (يَجُوزُ لَهُ الْعُبُورُ فِي الْمَسْجِدِ) يَجُوزُ لِلْجُنُبِ عُبُورُ الْمَسْجِدِ مُطْلَقًا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا جَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْفَائِقِ، وَغَيْرِهِمْ. لِإِطْلَاقِهِمْ إبَاحَةَ الْعُبُورِ لَهُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ إلَّا لِحَاجَةٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَطَعَ بِهِ فِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، وَالْمَجْدِ فِي شَرْحِهِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَابْنُ تَمِيمٍ.، وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ، وَغَيْرِهِمْ. لِاقْتِصَارِهِمْ عَلَى الْإِبَاحَةِ لِأَجْلِ الْحَاجَةِ،
وَصَرَّحَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ بِذَلِكَ. وَحَمَلَ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى ذَلِكَ.
فَائِدَةٌ: كَوْنُ الْمَسْجِدِ طَرِيقًا قَرِيبًا: حَاجَةٌ. قَالَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ. وَتَبِعَهُ فِي الرِّعَايَةِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ. وَكَوْنُ الطَّرِيقِ أَخْصَرَ: نَوْعُ حَاجَةٍ. ذَكَرَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا. انْتَهَى. قَالَ فِي الْفُرُوعِ، فِي آخِرِ الْوَقْفِ: كَرِهَ أَحْمَدُ اتِّخَاذَهُ طَرِيقًا. وَمَنَعَ شَيْخُنَا مِنْ اتِّخَاذِهِ طَرِيقًا. انْتَهَى.
وَأَمَّا مُرُورُ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ: فَيَأْتِي حُكْمُهُ فِي أَوَّلِ بَابِ الْحَيْضِ، وَإِنْ شَمِلَهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا، وَيَأْتِي قَرِيبًا إذَا انْقَطَعَ دَمُهَا.
فَائِدَةٌ: حَيْثُ أَبَحْنَا لِلْكَافِرِ دُخُولَ الْمَسْجِدِ: فَفِي مَنْعِهِ وَهُوَ جُنُبٌ وَجْهَانِ. قَالَ فِي الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْآدَابِ الْكُبْرَى، وَالْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ، وَابْنُ تَمِيمٍ: ذَكَرَهُ فِي بَابِ مَوَاضِعِ الصَّلَاةِ، وَالْفُرُوعِ. ذَكَرَهُ فِي بَابِ أَحْكَامِ الذِّمَّةِ. قُلْت: ظَاهِرُ كَلَامِ مَنْ جَوَّزَ لَهُمْ الدُّخُولَ: الْإِطْلَاقُ. وَأَكْثَرُهُمْ يَحْصُلُ لَهُ الْجَنَابَةُ. وَلَمْ نَعْلَمْ أَحَدًا قَالَ بِاسْتِفْسَارِهِمْ، وَهُوَ الْأَوْلَى. وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي أَحْكَامِ الذِّمَّةِ. وَبَنَى الْخِلَافَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ عَلَى مُخَاطَبَتِهِمْ بِالْفُرُوعِ وَعَدَمِهَا.
فَائِدَةٌ: يُمْنَعُ السَّكْرَانُ مِنْ الْعُبُورِ فِي الْمَسْجِدِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَلِلْقَاضِي فِي الْخِلَافِ جَوَابٌ بِأَنَّهُ لَا يُمْنَعُ. وَيُمْنَعُ أَيْضًا مَنْ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ مِنْ اللُّبْثِ فِيهِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَالْمُرَادُ وَتَتَعَدَّى، كَظَاهِرِ كَلَامِ الْقَاضِي. قَالَ بَعْضُهُمْ: وَيَتَيَمَّمُ لَهَا لِعُذْرٍ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ ضَعِيفٌ. قُلْت: لَوْ قِيلَ بِالْمَنْعِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ، صِيَانَةً لَهُ عَنْ دُخُولِ النَّجَاسَةِ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ. وَيُمْنَعُ أَيْضًا الْمَجْنُونُ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: يُكْرَهُ، كَصَغِيرٍ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ فِيهِ. وَأَطْلَقَ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ مَنْعَ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ. وَنَقَلَ
مُهَنَّا: يَنْبَغِي أَنْ يُجَنَّبَ الصِّبْيَانَ الْمَسَاجِدَ. وَقَالَ فِي النَّصِيحَةِ: يُمْنَعُ الصَّغِيرُ مِنْ اللَّعِبِ فِيهِ، لَا لِصَلَاةٍ وَقِرَاءَةٍ، وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ ابْنِ بَطَّةَ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ (وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ اللُّبْثُ فِيهِ إلَّا أَنْ يَتَوَضَّأَ) هَذَا الْمَذْهَبُ فِي غَيْرِ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ. وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ تَوَضَّأَ. نَقَلَهَا أَبُو الْفَرَجِ الشِّيرَازِيُّ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ. قَالَهُ فِي الْفَائِقِ. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ. وَعَنْهُ يَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يَتَوَضَّأْ. ذَكَرَهَا فِي الرِّعَايَةِ. وَنَقَلَهَا الْخَطَّابِيُّ عَنْ أَحْمَدَ. وَقِيلَ: فِي جُلُوسِهِ فِيهِ بِلَا غُسْلٍ وَلَا وُضُوءٍ رِوَايَتَانِ. وَتَقَدَّمَ حُكْمُ الْكَافِرِ إذَا جَازَ لَهُ دُخُولُ الْمَسْجِدِ.
فَوَائِدُ مِنْهَا: لَوْ تَعَذَّرَ الْوُضُوءُ عَلَى الْجُنُبِ، وَاحْتَاجَ إلَى اللُّبْثِ: جَازَ لَهُ مِنْ غَيْرِ تَيَمُّمٍ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالْحَاوِي، وَغَيْرُهُمْ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَأَبُو الْمَعَالِي: يَتَيَمَّمُ. قَالَ فِي الْمُغْنِي: الْقَوْلُ بِعَدَمِ التَّيَمُّمِ غَيْرُ صَحِيحٍ، قَالَ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ: وَهُوَ الْأَقْوَى عِنْدِي. وَأَمَّا لُبْثُهُ فِيهِ لِأَجْلِ الْغُسْلِ: فَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ. وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَغَيْرُهُ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَفِيهِ بُعْدٌ، مَعَ اقْتِصَارِهِ عَلَيْهِ، وَقِيلَ: لَا يَتَيَمَّمُ. وَمِنْهَا: مُصَلَّى الْعِيدِ: مَسْجِدٌ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ. وَمَنَعَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ الْحَائِضَ مِنْهُ. وَلَمْ يَمْنَعْهَا فِي النَّصِيحَةِ مِنْهُ. وَأَمَّا مُصَلَّى الْجَنَائِزِ. فَلَيْسَ بِمَسْجِدٍ قَوْلًا وَاحِدًا. وَمِنْهَا: حُكْمُ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ بَعْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ: حُكْمُ الْجُنُبِ فِيمَا تَقَرَّرَ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ. وَقِيلَ: لَا يُبَاحُ لَهُمَا مَا يُبَاحُ لِلْجُنُبِ
كَمَا قَبْلَ طُهْرِهِمَا، نَصَّ عَلَيْهِ، وَيَأْتِي ذَلِكَ فِي بَابِ الْحَيْضِ.
قَوْلُهُ (وَالْأَغْسَالُ الْمُسْتَحَبَّةُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ غُسْلًا: لِلْجُمُعَةِ) يَعْنِي أَحَدُهَا: الْغُسْلُ لِلْجُمُعَةِ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَنَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ يَجِبُ عَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ. اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ، لَكِنْ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ اتِّفَاقًا. وَأَوْجَبَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ مِنْ عَرَقٍ أَوْ رِيحٍ، يَتَأَذَّى بِهِ النَّاسُ، وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ أَيْضًا.
تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ الِاسْتِحْبَابِ، أَوْ الْوُجُوبِ حَيْثُ قُلْنَا بِهِ أَنْ يَكُونَ فِي يَوْمِهَا لِحَاضِرِهَا إنْ صَلَّى.
فَائِدَةٌ: الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا يُسْتَحَبُّ لَهَا الِاغْتِسَالُ لِلْجُمُعَةِ. نَصَّ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ لَهَا. قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: وَمَنْ لَا يَكُونُ لَهُ الْحُضُورُ مِنْ النِّسَاءِ يُسَنُّ لَهَا الْغُسْلُ. قَالَ الشَّارِحُ: فَإِنْ أَتَاهَا مَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ: سُنَّ لَهُ الْغُسْلُ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَةُ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفَائِقِ. وَقِيلَ: لَا يُسْتَحَبُّ لِلصَّبِيِّ وَالْمُسَافِرِ. وَيَأْتِي فِي الْجُمُعَةِ وَقْتُ الْغُسْلِ، وَوَقْتُ فَضِيلَتِهِ، وَهَلْ وَهُوَ آكَدُ الْأَغْسَالِ؟ قَوْلُهُ (وَالْعِيدَيْنِ) هَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَقِيلَ: يَجِبُ.
تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ الِاسْتِحْبَابِ، أَوْ الْوُجُوبِ: أَنْ يَكُونَ حَاضِرَهُمَا وَيُصَلِّيَ، سَوَاءٌ صَلَّى وَحْدَهُ أَوْ فِي جَمَاعَةٍ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: لَا يُسْتَحَبُّ إلَّا إذَا صَلَّى فِي الْجَمَاعَةِ. قَالَ فِي التَّلْخِيصِ: لَيْسَ لِمَنْ حَضَرَهُ وَإِنْ لَمْ يُصَلِّ. قَوْلُهُ (وَالِاسْتِسْقَاءُ وَالْكُسُوفُ)
هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، قَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَقِيلَ: لَا يُسْتَحَبُّ الْغُسْلُ لَهُمَا. ذَكَرَهُ فِي التَّبْصِرَةِ، وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ.
فَائِدَةٌ: وَقْتُ مَسْنُونِيَّةِ الْغُسْلِ: مِنْ طُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِ الْعِيدِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي، وَالْآمِدِيِّ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ، وَمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَغَيْرُهُمْ. وَعَنْهُ لَهُ الْغُسْلُ بَعْدَ نِصْفِ لَيْلَتِهِ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ: وَالْمَنْصُوصُ: أَنَّهُ يُصِيبُ السُّنَّةَ قَبْلَ الْفَجْرِ وَبَعْدَهُ. وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: فِي جَمِيعِ لَيْلَتِهِ، أَوْ بَعْدَ نِصْفِهَا كَالْأَذَانِ. فَإِنَّهُ أَقْرَبُ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَيَجِيءُ مِنْ قَوْلِهِ وَجْهٌ ثَالِثٌ يَخْتَصُّ بِالسَّحَرِ كَالْأَذَانِ. قُلْت: لَوْ قِيلَ: يَكُونُ وَقْتُ الْغُسْلِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْإِدْرَاكِ وَعَدَمِهِ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ. وَوَقْتُ الْغُسْلِ لِلِاسْتِسْقَاءِ: عِنْدَ إرَادَةِ الْخُرُوجِ لِلصَّلَاةِ. وَالْكُسُوفِ: عِنْدَ وُقُوعِهِ. وَفِي الْحَجِّ: عِنْدَ إرَادَةِ فِعْلِ النُّسُكِ الَّذِي يُغْتَسَلُ لَهُ قَرِيبًا مِنْهُ.
قَوْلُهُ (وَمِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ) الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: اسْتِحْبَابُ الْغُسْلِ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ، وَعَنْهُ لَا يُسْتَحَبُّ. وَهُوَ وَجْهٌ ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ. قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا يَجِبُ وَلَا يُسْتَحَبُّ. قَالَ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ. وَعَنْهُ يَجِبُ مِنْ الْكَافِرِ. وَقِيلَ: يَجِبُ مِنْ غُسْلِ الْحَيِّ أَيْضًا. وَقِيلَ: يَجِبُ مُطْلَقًا. قَوْلُهُ (وَالْمَجْنُونِ، وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ، إذَا أَفَاقَا مِنْ غَيْرِ احْتِلَامٍ) هَذَا الْمَذْهَبُ بِهَذَا الْقَيْدِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَعَنْهُ لَا يَجِبُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمَذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ، وَالْبُلْغَةِ. وَقِيلَ: يَجِبُ مَعَ وُجُودِ الْبِلَّةِ. قَالَهُ أَبُو الْخَطَّابِ. وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَلَا يَجِبُ بِالْجُنُونِ وَالْإِغْمَاءِ غُسْلٌ، وَإِنْ وَجَدَ بِلَّةً. إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ مَنِيٌّ. وَعَنْهُ يَجِبُ بِهِمَا. وَفِيهِ وَجْهٌ يَجِبُ إنْ كَانَ ثَمَّ بِلَّةٌ مُحْتَمَلَةٌ. وَإِلَّا فَلَا. وَيَأْتِي كَلَامُهُ
فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا. قَالَ ابْنُ الْبَنَّا: إنْ قِيلَ: إنَّ الْمَجْنُونَ يُنْزِلُ: وَجَبَ عَلَيْهِ الْغُسْلُ قَالَ الطُّوفِيُّ فِي شَرْحِ الْخِرَقِيِّ، بَعْدَ كَلَامِ ابْنِ الْبَنَّا: وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى تَرْتِيبِ الْخِلَافِ عَلَى أَنَّ الْمَجْنُونَ يُنْزِلُ أَوْ لَا يُنْزِلُ. وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: إنْ تَيَقَّنَ الْحُلُمَ وَجَبَ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ تَيَقَّنَ وَجَبَ. وَإِلَّا فَرِوَايَتَانِ. قُلْت: مَأْخَذُهَا: إمَّا التَّرْتِيبُ عَلَى احْتِمَالِ الْإِنْزَالِ وَعَدَمِهِ، أَوْ النَّظَرُ إلَى أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِنْزَالِ تَارَةً، وَإِلَى الِاحْتِيَاطِ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الْإِنْزَالِ تَارَةً أُخْرَى. قُلْت: التَّحْقِيقُ: أَنْ يُقَالَ: إنْ تَيَقَّنَ الْإِنْزَالَ وَجَبَ الْغُسْلُ، أَوْ عَدَمُهُ فَلَا يَجِبُ، وَإِنْ تَرَدَّدَ فِيهِ، فَهُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ، وَإِنْ ظَنَّهُ ظَنًّا: فَهَلْ يُلْحَقُ بِمَا إذَا تَيَقَّنَ، أَوْ بِمَا إذَا شَكَّ فِيهِ؟ أَوْ يُخَرَّجُ عَلَى تَعَارُضِ الْأَصْلِ وَالظَّاهِرِ؟ إذْ الظَّاهِرُ الْإِنْزَالُ. وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ: إنْ تَحَقَّقَ الْإِنْزَالُ وَجَبَ، وَإِلَّا خَرَجَ عَلَى فِعْلِهِ عليه الصلاة والسلام: هَلْ هُوَ لِلْوُجُوبِ، أَوْ لِلنَّدْبِ؟ عَلَى مَا عُرِفَ فِي الْأُصُولِ، وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا: أَنَّهُ لِلْوُجُوبِ. وَهَذَا التَّقْرِيرُ يَقْتَضِي: أَنَّهُ وَاجِبٌ مُطْلَقًا، تَيَقَّنَ الْإِنْزَالَ أَوْ لَا. وَلَكِنَّ الْمَشْهُورَ عِنْدَهُمْ: أَنَّهُ لَا يَجِبُ بِدُونِ تَيَقُّنِ الْإِنْزَالِ. إطْرَاحًا لِلشَّكِّ، وَاسْتِصْحَابًا لِلْيَقِينِ. وَحَكَى ذَلِكَ ابْنُ الْمُنْذِرِ إجْمَاعًا، وَهُوَ مَعَ احْتِمَالِهِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهِ عَنْ أَحْمَدَ وَأَصْحَابِهِ عَجِيبٌ. انْتَهَى كَلَامُ الطُّوفِيِّ.
تَنْبِيهٌ: مَفْهُومُ قَوْلِهِ " إذَا أَفَاقَا مِنْ غَيْرِ احْتِلَامٍ " أَنَّهُمَا إذَا احْتَلَمَا مِنْ ذَلِكَ يَجِبُ الْغُسْلُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى: وَفِي وُجُوبِ الْغُسْلِ بِالْإِغْمَاءِ وَالْجُنُونِ مُطْلَقًا رِوَايَتَانِ. وَقِيلَ: إنْ أَنْزَلَا وَجَبَ، وَإِلَّا فَلَا. وَقَالَ فِي الْكُبْرَى: وَفِي الْإِغْمَاءِ وَالْجُنُونِ مُطْلَقًا. وَقِيلَ: بِلَا احْتِلَامٍ، رِوَايَتَانِ. وَقِيلَ: إنْ أَنْزَلَا مَنِيًّا. وَقِيلَ أَوْ مَا يَحْتَمِلُهُ: وَجَبَ الْغُسْلُ، وَإِلَّا سُنَّ. وَقَالَ فِي الْحَاوِي الصَّغِيرِ: وَفِي الْإِغْمَاءِ وَالْجُنُونِ بِلَا حُلْمٍ رِوَايَتَانِ. وَقَالَ
أَبُو الْخَطَّابِ: إنْ لَمْ يَتَيَقَّنْ مِنْهُمَا الْإِنْزَالُ فَلَا غُسْلَ عَلَيْهِمَا. انْتَهَى.
وَقَدْ يُفْهَمُ مِنْ الرِّعَايَتَيْنِ: أَنَّ لَنَا رِوَايَةً بِعَدَمِ الْوُجُوبِ، وَإِنْ أَنْزَلَ. وَلَمْ أَجِدْ أَحَدًا صَرَّحَ بِذَلِكَ، وَهُوَ بَعِيدٌ جِدًّا مَعَ تَحَقُّقِ الْإِنْزَالِ.
قَوْلُهُ (وَغُسْلُ الْمُسْتَحَاضَةِ لِكُلِّ صَلَاةٍ) هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَعَنْهُ يَجِبُ. حَكَاهَا فِي التَّبْصِرَةِ وَمَنْ بَعْدَهُ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ: يُسَنُّ غُسْلُهَا لِكُلِّ صَلَاةٍ. ثُمَّ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ، ثُمَّ لِكُلِّ صَلَاةِ جَمْعٍ فِي وَقْتِ الثَّانِيَةِ. وَقِيلَ: فِي السَّفَرِ، ثُمَّ فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّةً مَعَ الْوُضُوءِ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ. وَعَنْهُ يَجِبُ غُسْلُهَا لِكُلِّ صَلَاةٍ. وَقِيلَ: إذَا جَمَعَتْ بَيْنَ صَلَاتَيْنِ فَلَا. انْتَهَى.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ (وَالْغُسْلُ لِلْإِحْرَامِ) دُخُولُ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَالطَّاهِرِ وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ، وَهُوَ صَحِيحٌ، صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ. قَوْلُهُ (وَدُخُولِ مَكَّةَ، وَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، وَالْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ، وَرَمْيِ الْجِمَارِ، وَالطَّوَافِ)، هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَاخْتَارَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: عَدَمَ اسْتِحْبَابِ الْغُسْلِ لِلْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، وَطَوَافِ الْوَدَاعِ، وَالْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ، وَرَمْيِ الْجِمَارِ. وَقَالَ: وَلَوْ قُلْنَا بِاسْتِحْبَابِ الْغُسْلِ لِدُخُولِ مَكَّةَ: كَانَ الْغُسْلُ لِلطَّوَافِ بَعْدَ ذَلِكَ فِيهِ نَوْعُ عَبَثٍ لَا مَعْنَى لَهُ.
فَائِدَةٌ: قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَغَيْرِهِ: يُسْتَحَبُّ الْغُسْلُ لِدُخُولِ مَكَّةَ. وَلَوْ كَانَتْ حَائِضًا، أَوْ نُفَسَاءَ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: لَا يُسْتَحَبُّ لَهَا ذَلِكَ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَمِثْلُهُ أَغْسَالُ الْحَجِّ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ حَصْرِهِ الْأَغْسَالُ الْمُسْتَحَبَّةُ فِي الثَّلَاثَةَ عَشَرَ الْمُسَمَّاةِ: أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ الْغُسْلُ لِغَيْرِ ذَلِكَ.
وَبَقِيَ مَسَائِلُ لَمْ يَذْكُرْهَا.
مِنْهَا: مَا نَقَلَهُ صَالِحٌ: أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِدُخُولِ الْحَرَمِ. وَمِنْهَا: مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ فِي مَنْسَكِهِ. أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلسَّعْيِ. وَمِنْهَا: مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الزَّاغُونِيُّ فِي مَنْسَكِهِ عَنْ صَاحِبِ الْإِشَارَةِ، الْمَذْهَبُ: أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَيَالِيَ مِنًى. وَمِنْهَا: اسْتِحْبَابُهُ لِدُخُولِ الْمَدِينَةِ الْمُشَرَّفَةِ عَلَى سَاكِنِهَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: نَصَّ أَحْمَدُ عَلَى اسْتِحْبَابِهِ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ، قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَمِنْهَا: اسْتِحْبَابُهُ لِكُلِّ اجْتِمَاعٍ يُسْتَحَبُّ عَلَى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. قَالَ ابْنُ عُبَيْدَانَ: هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ، قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَمِنْهَا: مَا اخْتَارَهُ صَاحِبُ الرِّعَايَةِ: أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ بِالسِّنِّ وَالْإِنْبَاتِ. وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ. وَمِنْهَا: الْغُسْلُ لِلْحِجَامَةِ، عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ. اخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ، وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. وَصَحَّحَاهُ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَعَنْهُ لَا يُسْتَحَبُّ. وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ. فَوَائِدُ
الْأُولَى: الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ الْغُسْلَ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ: آكَدُ الْأَغْسَالِ. ثُمَّ بَعْدَهُ غُسْلُ الْجُمُعَةِ آكَدُ الْأَغْسَالِ. وَقِيلَ: غُسْلُ الْجُمُعَةِ آكَدُ مُطْلَقًا قَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَصَحَّحَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَقِيلَ: غُسْلُ الْمَيِّتِ آكَدُ مُطْلَقًا. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ. وَالثَّانِيَةُ: يَجُوزُ أَنْ يَتَيَمَّمَ لِمَا يُسْتَحَبُّ الْغُسْلُ لَهُ لِلْحَاجَةِ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَنَقَلَهُ صَالِحٌ فِي الْإِحْرَامِ. وَقِيلَ: لَا يَتَيَمَّمُ. وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ
مِنْ الْأَصْحَابِ فِي الْإِحْرَامِ عَلَى مَا يَأْتِي. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ عُبَيْدَانَ. وَقِيلَ: يَتَيَمَّمُ لِغَيْرِ الْإِحْرَامِ. وَالثَّالِثَةُ: يَتَيَمَّمُ لِمَا يُسْتَحَبُّ الْوُضُوءُ لَهُ لِعُذْرٍ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَظَاهِرُ مَا قَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ: أَنَّهُ لَا يَتَيَمَّمُ لِغَيْرِ عُذْرٍ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَتَيَمُّمُهُ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ يَحْتَمِلُ عَدَمَ الْمَاءِ. قَالَ: وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ فِي رَدِّهِ السَّلَامَ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ، لِئَلَّا يَفُوتَ الْمَقْصُودُ، وَهُوَ رَدُّهُ عَلَى الْفَوْرِ. وَجَوَّزَ الْمَجْدُ وَغَيْرُهُ: التَّيَمُّمَ لِمَا يُسْتَحَبُّ لَهُ الْوُضُوءُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ، فَخَفَّ أَمْرُهَا. وَتَقَدَّمَ مَا تُسَنُّ لَهُ الطَّهَارَةُ فِي بَابِ الْوُضُوءِ، عِنْدَ قَوْلِهِ " فَإِنْ نَوَى مَا تُسَنُّ لَهُ الطَّهَارَةُ ".
قَوْلُهُ: فِي صِفَةِ الْغُسْلِ (وَهُوَ ضَرْبَانِ. كَامِلٌ يَأْتِي فِيهِ بِعَشَرَةِ أَشْيَاءَ: النِّيَّةُ، وَالتَّسْمِيَةُ، وَغَسْلُ يَدَيْهِ ثَلَاثًا قَبْلَ الْغُسْلِ، وَغَسْلُ مَا بِهِ مِنْ أَذًى، وَالْوُضُوءُ) . الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ يَتَوَضَّأُ وُضُوءًا كَامِلًا قَبْلَ الْغُسْلِ، وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا. وَعَنْهُ الْأَفْضَلُ: أَنْ يُؤَخِّرَ غَسْلَ رِجْلَيْهِ حَتَّى يَغْتَسِلَ. وَعَنْهُ غُسْلُ رِجْلَيْهِ مَعَ الْوُضُوءِ، وَتَأْخِيرُ غَسْلِهِمَا حَتَّى يَغْتَسِلَ سَوَاءً فِي الْأَفْضَلِيَّةِ، وَأَطْلَقَهُنَّ ابْنُ تَمِيمٍ. وَعَنْهُ الْوُضُوءُ بَعْدَ الْغُسْلِ أَفْضَلُ. وَعَنْهُ الْوُضُوءُ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ سَوَاءٌ.
تَنْبِيهٌ: يَحْتَمِلُ قَوْلُهُ (وَيَحْثِي عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثًا يَرْوِي بِهَا أُصُولَ الشَّعْرِ) : أَنَّهُ يَرْوِي بِمَجْمُوعِ الْغَرَفَاتِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ هُنَا. وَظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ حَمْدَانَ، وَغَيْرِهِمْ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَرْوِيَ بِكُلِّ مَرَّةٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: بِكُلِّ مَرَّةٍ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَرْوِي رَأْسَهُ. وَالْأَصَحُّ ثَلَاثًا، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْفَائِقِ.
وَاسْتَحَبَّ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ تَخْلِيلَ أُصُولِ شَعْرِ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ قَبْلَ إفَاضَةِ الْمَاءِ. قَوْلُهُ (وَيُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ ثَلَاثًا) ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْإِيضَاحِ، وَالْفُصُولِ، وَالْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَالْكَافِي، وَالْمُحَرَّرِ، وَالنَّظْمِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْوَجِيزِ، وَالْفَائِقِ، وَإِدْرَاكِ الْغَايَةِ، وَغَيْرِهِمْ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَعَلَيْهِ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ. وَقِيلَ: مَرَّةً. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ، وَالْعُمْدَةِ، وَالتَّلْخِيصِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَجَمَاعَةٍ. وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ.
فَائِدَةٌ: قَوْلُهُ (وَيَبْدَأُ بِشِقِّهِ الْأَيْمَنِ) بِلَا نِزَاعٍ (وَيُدَلِّكُ بَدَنَهُ بِيَدَيْهِ) بِلَا نِزَاعٍ أَيْضًا. قَالَ الْأَصْحَابُ: يَتَعَاهَدُ مَعَاطِفَ بَدَنِهِ وَسُرَّتَهُ وَتَحْتَ إبِطَيْهِ، وَمَا يَنُوءُ عَنْهُ الْمَاءُ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ. كَلَامُ أَحْمَدَ قَدْ يَحْتَمِلُ وُجُوبَ الدَّلْكِ. قَوْلُهُ (وَيَنْتَقِلُ مِنْ مَوْضِعِهِ) ، هَذَا الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ، وَقَطَعَ بِهِ أَكْثَرُهُمْ. قَالَ فِي التَّسْهِيلِ وَغَيْرِهِ: وَغُسْلُ رِجْلَيْهِ نَاحِيَةً، لَا فِي حَمَّامٍ وَنَحْوِهِ. وَقَالَ فِي الْفَائِقِ: ثُمَّ يَنْتَقِلُ عَنْ مَوْضِعِهِ. وَعَنْهُ: لَا. وَعَنْهُ: إنْ خَافَ التَّلَوُّثَ. قَوْلُهُ (فَيَغْسِلُ قَدَمَيْهِ)، هَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقِيلَ: لَا يُعِيدُ غَسْلَهُمَا إلَّا لِطِينٍ وَنَحْوِهِ، كَالْوُضُوءِ.
تَنْبِيهٌ: يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ (وَمُجْزَى) وَهُوَ أَنْ يَغْسِلَ مَا بِهِ مِنْ أَذًى يُصِيبُهُ مِنْ فَرْجِ الْمَرْأَةِ. فَإِنْ كَانَ مُرَادُهُ: فَهُوَ عَلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَتِهِ عَلَى مَا يَأْتِي، وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ فِيهِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ أَعَمَّ مِنْ ذَلِكَ. فَيَكُونُ مُرَادُهُ النَّجَاسَةَ مُطْلَقًا، وَهُوَ أَوْلَى. وَحَمَلَ ابْنُ عُبَيْدَانَ كَلَامَهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ
أَوْ أَذًى، ثُمَّ قَالَ: وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ عَلَى سَائِرِ بَدَنِهِ، أَوْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَعْضَاءِ الْحَدَثِ. وَقَالَ ابْنُ مُنَجَّا فِي شَرْحِهِ: وَالْمُرَادُ بِهِ مَا عَلَى فَرْجِهِ مِنْ نَجَاسَةٍ أَوْ مَنِيٍّ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ. وَقَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: وَالْمُرَادُ مَا عَلَيْهِ مِنْ نَجَاسَةٍ. قَالَ: وَهُوَ أَجْوَدُ مِنْ قَوْلِ أَبِي الْخَطَّابِ: أَنْ يَغْسِلَ فَرْجَهُ. انْتَهَى.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: مُرَادُهُ النَّجَاسَةُ. وَاعْلَمْ أَنَّ النَّجَاسَةَ إذَا كَانَتْ عَلَى مَوْضِعٍ مِنْ الْبَدَنِ، فَتَارَةً تَمْنَعُ وُصُولَ الْمَاءِ إلَى الْبَشَرَةِ، وَتَارَةً لَا تَمْنَعُ. فَإِنْ مَنَعَتْ وُصُولَ الْمَاءِ إلَى الْبَدَنِ: فَلَا إشْكَالَ فِي تَوَقُّفِ صِحَّةِ الْغُسْلِ عَلَى زَوَالِهَا، وَإِنْ كَانَتْ لَا تَمْنَعُ. فَقَدَّمَ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَالْحَاوِي الْكَبِيرِ وَصَحَّحُوهُ أَنَّ الْحَدَثَ لَا يَرْتَفِعُ إلَّا مَعَ آخِرِ غَسْلَةٍ طَهُرَ عِنْدَهَا. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ. وَقَالَ فِي النَّظْمِ: هُوَ الْأَقْوَى، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ الْغُسْلَ يَصِحُّ قَبْلَ زَوَالِ النَّجَاسَةِ، كَالطَّاهِرَاتِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ طَائِفَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ. وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ. وَقِيلَ: لَا يَرْتَفِعُ الْحَدَثُ إلَّا بِغَسْلَةٍ مُفْرَدَةٍ بَعْدَ طَهَارَتِهِ. ذَكَرَهُ ابْنُ تَمِيمٍ. حَكَاهُ عَنْهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ. فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ: تَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْغُسْلِ عَلَى الْحُكْمِ بِزَوَالِ النَّجَاسَةِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي مُحَمَّدٍ فِي الْمُقْنِعِ. ثُمَّ قَالَ: لَكِنْ لَفْظُهُ يُوهِمُ زَوَالَ مَا بِهِ مِنْ أَذًى أَوَّلًا. وَهَذَا الْإِيهَامُ ظَاهِرُ مَا فِي الْمُسْتَوْعِبِ. فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْمُجْزِئِ: يُزِيلُ مَا بِهِ مِنْ أَذًى، ثُمَّ يَنْوِي. وَتَبِعَا فِي ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَبَا الْخَطَّابِ فِي الْهِدَايَةِ لَكِنَّ لَفْظَهُ فِي ذَلِكَ أَبْيَنُ مِنْ لَفْظِهِمَا، وَأَجْرَى عَلَى الْمَذْهَبِ. فَإِنَّهُ قَالَ: يَغْسِلُ فَرْجَهُ ثُمَّ يَنْوِي. وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي الْمُجْزِئِ: يَنْوِي بَعْدَ كَمَالِ الِاسْتِنْجَاءِ، وَزَوَالِ نَجَاسَتِهِ إنْ كَانَتْ. ثُمَّ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقَدْ يُحْمَلُ كَلَامُ أَبِي مُحَمَّدٍ وَالسَّامِرِيِّ عَلَى مَا قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ. وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِذَلِكَ: الِاسْتِنْجَاءُ بِشَرْطِ تَقَدُّمِهِ عَلَى الْغُسْلِ كَالْمَذْهَبِ فِي الْوُضُوءِ.
لَكِنَّ هَذَا قَدْ يَشْكُلُ عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ، فَإِنَّ مُخْتَارَهُ فِي الْوُضُوءِ: أَنَّهُ لَا يَجِبُ تَقْدِيمُ الِاسْتِنْجَاءِ عَلَيْهِ. قَالَ: وَيَتَلَخَّصُ لِي: أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْغُسْلِ تَقْدِيمُ الِاسْتِنْجَاءِ عَلَيْهِ، إنْ قُلْنَا يُشْتَرَطُ تَقَدُّمُهُ عَلَى الْوُضُوءِ، وَإِنْ لَمْ نَقُلْ ذَلِكَ وَكَانَتْ النَّجَاسَةُ عَلَى غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ، أَوْ عَلَيْهِمَا غَيْرَ خَارِجَةٍ مِنْهُمَا يُشْتَرَطُ التَّقْدِيمُ. ثُمَّ هَلْ يَرْتَفِعُ الْحَدَثُ مَعَ بَقَاءِ النَّجَاسَةِ، أَوْ لَا يَرْتَفِعُ إلَّا مَعَ الْحُكْمِ بِزَوَالِهَا؟ فِيهِ قَوْلَانِ. انْتَهَى كَلَامُ الزَّرْكَشِيُّ. وَذَكَرَ صَاحِبُ الْحَاوِي مَا وَافَقَ عَلَيْهِ الْمَجْدُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ أَنَّ الْحَدَثَ لَا يَرْتَفِعُ إلَّا مَعَ آخِرِ غَسْلَةٍ طَهُرَ عِنْدَهَا، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْمُجْزِئِ غَسْلُ مَا بِهِ مِنْ أَذًى. فَظَاهِرُهُ: أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ. فَظَاهِرُهُ التَّنَاقُضُ.
تَنْبِيهٌ: حَكَى أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ الْخِلَافَ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ وَجْهَيْنِ، أَوْ ثَلَاثًا، وَحَكَاهُ فِي الْفُرُوعِ رِوَايَتَيْنِ. قَوْلُهُ (وَيَعُمُّ بَدَنَهُ بِالْغُسْلِ) . فَشَمِلَ الشَّعْرَ وَمَا تَحْتَهُ مِنْ الْبَشَرَةِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. قَالَ فِي الْمُغْنِي: وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْأَصْحَابِ. قُلْت: وَصَرَّحَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَقِيلَ: لَا يَجِبُ غَسْلُ الشَّعْرِ، ذَكَرَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْقَوَاعِدِ. فَظَاهِرُهُ: إدْخَالُ الظُّفْرِ فِي الْخِلَافِ. وَنَصَرَ فِي الْمُغْنِي: أَنَّهُ لَا يَجِبُ غَسْلُ الشَّعْرِ الْمُسْتَرْسِلِ. وَقَالَ هُوَ وَصَاحِبُ الْحَاوِي الْكَبِيرِ: وَيَحْتَمِلُهُ كَلَامُ الْخِرَقِيِّ، لَكِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: لَا يَظْهَرُ لِي وَجْهُ احْتِمَالِ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ لِذَلِكَ. وَقِيلَ: لَا يَجِبُ غَسْلُ بَاطِنِ شَعْرِ اللِّحْيَةِ الْكَثِيفَةِ. اخْتَارَهُ الدِّينَوَرِيُّ. فَقَالَ: بَاطِنُ شَعْرِ اللِّحْيَةِ الْكَثِيفَةِ فِي الْجَنَابَةِ كَالْوُضُوءِ. وَقِيلَ: يَجِبُ غَسْلُ الشَّعْرِ فِي الْحَيْضِ دُونَ الْجَنَابَةِ.
فَوَائِدُ مِنْهَا: لَا يَجِبُ غَسْلُ مَا أَمْكَنَ غَسْلُهُ مِنْ بَاطِنِ فَرْجِ الْمَرْأَةِ مِنْ جَنَابَةٍ،
وَلَا نَجَاسَةٍ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَ الْمَجْدُ: هَذَا أَصَحُّ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ، وَمَجْمَعُ الْبَحْرَيْنِ، وَالْفَائِقُ. وَقَالَ الْقَاضِي: يَجِبُ غَسْلُهُمَا مَعَهَا إذَا كَانَتْ ثَيِّبًا، لِإِمْكَانِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرَرٍ كَحَشَفَةِ الْأَقْلَفِ، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَقَالَ فِي الْحَاوِي الْكَبِيرِ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَجِبَ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى بَاطِنِ الْفَرْجِ إلَى حَيْثُ يَصِلُ الذَّكَرُ، إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا، وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا فَلَا. قَالَ: فَعَلَى هَذَا لَا تُفْطِرُ بِإِدْخَالِ الْإِصْبَعِ وَالْمَاءِ إلَيْهِ. وَقِيلَ: إنْ كَانَ فِي غُسْلِ الْحَيْضِ وَجَبَ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى بَاطِنِ الْفَرْجِ. وَلَا يَجِبُ فِي غُسْلِ الْجَنَابَةِ وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي بَابِ الِاسْتِنْجَاءِ بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا. وَمِنْهَا: يَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى مُلْتَقَى الشَّفْرَيْنِ، وَمَا يَظْهَرُ عِنْدَ الْقُعُودِ عَلَى رِجْلَيْهَا لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ.
قَالَهُ فِي الْحَاوِي وَغَيْرِهِ. وَمِنْهَا: يَجِبُ غَسْلُ حَشَفَةِ الْأَقْلَفِ الْمَفْتُوقِ، جَزَمَ بِهِ ابْنُ تَمِيمٍ. وَقِيلَ: لَا يَجِبُ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَمِنْهَا: يَجِبُ نَقْضُ شَعْرِ رَأْسِ الْمَرْأَةِ لِغُسْلِ الْحَيْضِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ، وَنَصَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ مِنْ مُفْرَدَاتِ الْمَذْهَبِ، قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هُوَ مُخْتَارُ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ: لَا يَجِبُ. وَحَكَاهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ رِوَايَةً. وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي التَّذْكِرَةِ، وَابْنُ عَبْدُوسٍ، وَالْمُصَنِّفُ، وَالشَّارِحُ، وَالْمَجْدُ، وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ. وَقَدَّمَهُ فِي الْفَائِقِ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَالْأَوْلَى حَمْلُ الْحَدِيثَيْنِ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ.
تَنْبِيهٌ: كَثِيرٌ مِنْ الْأَصْحَابِ حَكَى الْخِلَافَ نَصًّا وَوَجْهًا. وَبَعْضُهُمْ حَكَاهُ وَجْهَيْنِ. وَحَكَاهُ فِي الْكَافِي، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَغَيْرُهُمَا: رِوَايَتَيْنِ. وَتَقَدَّمَ نَقْلُ ابْنِ الزَّاغُونِيِّ. وَمِنْهَا. لَا يَجِبُ نَقْضُ شَعْرِ الرَّأْسِ لِغُسْلِ الْجَنَابَةِ مُطْلَقًا عَلَى الصَّحِيحِ
مِنْ الْمَذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَقِيلَ: يَجِبُ. وَقِيلَ: يَجِبُ إنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ، وَإِلَّا فَلَا. اخْتَارَهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ. قُلْت: الْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ كَالْحَائِضِ وَالْحَالَةُ هَذِهِ الْعِلَّةُ الْجَامِعَةُ.
فَائِدَةٌ: قَوْلُهُ (وَيَعُمُّ بَدَنَهُ بِالْغُسْلِ) بِلَا نِزَاعٍ، لَكِنْ يُكْتَفَى فِي الْإِسْبَاغِ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: يُحَرِّكُ خَاتَمَهُ فِي الْغُسْلِ لِيَتَيَقَّنَ وُصُولَ الْمَاءِ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْمُوَالَاةُ فِي الْغُسْلِ، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ كَالتَّرْتِيبِ. وَعَنْهُ تُشْتَرَطُ الْمُوَالَاةُ. حَكَاهَا ابْنُ حَامِدٍ. وَحَكَاهَا أَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُ وَجْهًا، وَقَدَّمَهُ فِي الْإِيضَاحِ فِي آخِرِ الْبَابِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي أَوَّلِ الْبَابِ. وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي الْوُضُوءِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى الْمُوَالَاةِ. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَعَنْهُ تَجِبُ الْبُدَاءَةُ بِالْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ فِي الْغُسْلِ. فَعَلَيْهَا يَجِبُ التَّرْتِيبُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ بَقِيَّةِ الْبَدَنِ وَتَقَدَّمَ نَظِيرُهَا فِي سُنَنِ الْوُضُوءِ.
فَائِدَةٌ: إذَا فَاتَتْ الْمُوَالَاةُ فِي الْغُسْلِ أَوْ الْوُضُوءِ وَقُلْنَا بِعَدَمِ الْوُجُوبِ فَلَا بُدَّ لِلْإِتْمَامِ مِنْ نِيَّةٍ مُسْتَأْنَفَةٍ وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ أَيْضًا فِي الْمُوَالَاةِ فِي الْوُضُوءِ بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا.
تَنْبِيهَانِ: الْأَوَّلُ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: وُجُوبُ غَسْلِ دَاخِلِ الْعَيْنَيْنِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ. وَاخْتَارَهَا صَاحِبُ النِّهَايَةِ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: لَا يَجِبُ. وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ. بَلْ لَا يُسْتَحَبُّ، وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ مُسْتَوْفًى فِي الْكَلَامِ عَلَى غَسْلِ الْوَجْهِ فِي الْوُضُوءِ. وَالثَّانِي: لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ هُنَا التَّسْمِيَةَ، وَهُوَ مَاشٍ عَلَى اخْتِيَارِهِ فِي عَدَمِ وُجُوبِهَا فِي الْوُضُوءِ، كَمَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ. وَاعْلَمْ أَنَّ حُكْمَ التَّسْمِيَةِ عَلَى الْغُسْلِ كَهِيَ عَلَى الْوُضُوءِ، خِلَافًا وَمَذْهَبًا وَاخْتِيَارًا وَقِيلَ: لَا تَجِبُ التَّسْمِيَةُ لِغُسْلِ الذِّمِّيَّةِ مِنْ الْحَيْضِ. قَالَ فِي الْقَوَاعِدِ الْأُصُولِيَّةِ:
وَيَحْسُنُ بِنَاءُ الْخِلَافِ فِي أَنَّهُمْ: هَلْ هُمْ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الْإِسْلَامِ أَمْ لَا؟ .
فَائِدَةٌ: يُسْتَحَبُّ السِّدْرُ فِي غُسْلِ الْحَيْضِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَظَاهِرُ نَقْلِ الْمَيْمُونِيِّ، وَكَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ: وُجُوبُ ذَلِكَ، وَقَالَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى. وَيُسْتَحَبُّ لَهَا أَيْضًا أَنْ تَأْخُذَ مِسْكًا فَتَجْعَلَهُ فِي قُطْنَةٍ أَوْ شَيْءٍ، وَتَجْعَلَهُ فِي فَرْجِهَا بَعْدَ غُسْلِهَا، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَطِينًا لِتَقْطَعَ الرَّائِحَةَ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ الطِّينَ. وَقَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَالرِّعَايَةِ وَغَيْرِهِمَا: فَإِنْ تَعَذَّرَ الطِّينُ فَبِمَاءٍ طَهُورٍ. وَقَالَ أَحْمَدُ أَيْضًا فِي غُسْلِ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ: كَمَيِّتٍ. قَالَ الْقَاضِي فِي جَامِعِهِ: مَعْنَاهُ يَجِبُ مَرَّةً، وَيُسْتَحَبُّ ثَلَاثًا، وَيَكُونُ السِّدْرُ وَالطِّيبُ كَغُسْلِ الْمَيِّتِ.
وَيُسْتَحَبُّ فِي غُسْلِ الْكَافِرِ إذَا أَسْلَمَ: السِّدْرُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، كَإِزَالَةِ شَعْرِهِ. وَأَوْجَبَهُ فِي التَّنْبِيهِ وَالْإِرْشَادِ.
تَنْبِيهٌ: قَوْلُهُ (وَيَتَوَضَّأُ وَمَهَنَا. وَيَغْتَسِلُ بِالصَّاعِ) الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ الصَّاعَ هُنَا: خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلُثُ رِطْلٍ، كَصَاعِ الْفِطْرَةِ، وَالْكَفَّارَةِ وَالْفِدْيَةِ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَنَقَلَهُ جَمَاعَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ. وَأَوْمَأَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مُشَيْشٍ: أَنَّهُ ثَمَانِيَةُ أَرْطَالٍ فِي الْمَاءِ خَاصَّةً وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ، وَالْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ. وَقَالَ: هُوَ الْأَقْوَى. وَتَقَدَّمَ قَدْرُ الرِّطْلِ فِي آخِرِ كِتَابِ الطَّهَارَةِ وَالْخِلَافُ فِيهِ. وَالْمُدُّ: رُبُعُ الصَّاعِ. قَوْلُهُ (فَإِنْ أَسْبَغَ بِدُونِهِمَا أَجْزَأَهُ) هَذَا الْمَذْهَبُ بِلَا رَيْبٍ. وَعَلَيْهِ جُمْهُورُ الْأَصْحَابِ، وَجَزَمَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ. وَقِيلَ: لَا يُجْزِئُ. ذَكَرَهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ فَمَنْ بَعْدَهُ. وَقَدْ أَوْمَأَ إلَيْهِ أَحْمَدُ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: هَلْ يَكُونُ مَكْرُوهًا بِدُونِهِمَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ. أَحَدُهُمَا: يُكْرَهُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى. وَالثَّانِي: لَا يُكْرَهُ.
قُلْت: وَهُوَ الصَّوَابُ لِفِعْلِ الصَّحَابَةِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ لِذَلِكَ.
قَوْلُهُ (وَإِنْ اغْتَسَلَ يَنْوِي الطَّهَارَتَيْنِ أَجْزَأَهُ عَنْهُمَا) هَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَعَنْهُ لَا يَجُوزُ حَتَّى يَتَوَضَّأَ، أَمَّا قَبْلَ الْغُسْلِ أَوْ بَعْدَهُ، وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ. وَسَوَاءٌ وُجِدَ مِنْهُ الْحَدَثُ الْأَصْغَرُ أَوْ لَا، نَحْوُ أَنْ يَكُونَ قَدْ فَكَّرَ أَوْ نَظَرَ. فَانْتَقَلَ الْمَنِيُّ. ذَكَرَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي آخِرِ الْبَابِ قَبْلَهُ. وَاخْتَارَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَّهُ يُجْزِيهِ عَنْهُمَا إذَا أَتَى بِخَصَائِصِ الْوُضُوءِ، مِنْ التَّرْتِيبِ وَالْمُوَالَاةِ وَمَسْحِ رَأْسِهِ، وَإِلَّا فَلَا، وَقَطَعَ بِهِ فِي الْمُبْهِجِ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ. وَقِيلَ: أَوْ غَسَلَ رَأْسَهُ ثُمَّ رِجْلَيْهِ أَخِيرًا انْتَهَى.
وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُ الْجُنُبَ مَعَ الْغُسْلِ وُضُوءٌ بِدُونِ حَدَثٍ يُوجِبُهُ، قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ. اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَذَكَرَهُ الدِّينَوَرِيُّ وَجْهًا: أَنَّهُ إنْ أَحْدَثَ ثُمَّ أَجْنَبَ فَلَا تَدَاخُلَ. وَقِيلَ: مَنْ أَحْدَثَ ثُمَّ أَجْنَبَ، أَوْ أَجْنَبَ ثُمَّ أَحْدَثَ: يَكْفِيهِ الْغُسْلُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَيَأْتِي كَلَامُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ قَرِيبًا. وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: وَلَوْ غَسَلَ بَدَنَهُ نَاوِيًا لَهُمَا، ثُمَّ أَحْدَثَ: غَسَلَ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ وَلَا تَرْتِيبَ. وَقِيلَ: لَوْ زَالَتْ الْجَنَابَةُ عَنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ بِهِ، ثُمَّ اغْتَسَلَ لَهُمَا لَمْ يَتَدَاخَلَا، وَإِنْ غَسَلَ بَدَنَهُ إلَّا أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ تَدَاخَلَا وَقِيلَ: لَوْ غَسَلَ الْجُنُبُ كُلَّ بَدَنِهِ إلَّا رِجْلَيْهِ، ثُمَّ أَحْدَثَ وَغَسَلَهُمَا، ثُمَّ غَسَلَ بَقِيَّةَ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ أَجْزَأَهُ. انْتَهَى.
قَالَ الْقَاضِي، فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ، وَتَابَعَهُ ابْنُ عَقِيلٍ، وَالْآمِدِيُّ: لَوْ أَجْنَبَ فَغَسَلَ جَمِيعَ بَدَنِهِ إلَّا رِجْلَيْهِ. ثُمَّ أَحْدَثَ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ. قَالَ: وَلَيْسَ فِي الْأُصُولِ وُضُوءٌ يُوجِبُ التَّرْتِيبَ فِي ثَلَاثَةِ أَعْضَاءٍ، وَلَا يَجِبُ فِي الرِّجْلَيْنِ: إلَّا هَذَا. وَعَلَّلَهُ. فَيُعَايَى بِهَا. وَقَالَ: إنْ أَجْنَبَ فَغَسَلَ أَعْضَاءَ وُضُوئِهِ، ثُمَّ أَحْدَثَ قَبْلَ أَنْ يَغْسِلَ بَقِيَّةَ بَدَنِهِ: غَسَلَ مَا بَقِيَ مِنْ بَدَنِهِ عَنْ الْجَنَابَةِ. وَغَسَلَ أَعْضَاءَ وُضُوئِهِ عَنْ الْحَدَثِ عَلَى
التَّرْتِيبِ، وَإِنْ غَسَلَ بَدَنَهُ إلَّا أَعْضَاءَ وُضُوئِهِ. ثُمَّ أَحْدَثَ غَسَلَ أَعْضَاءَ وُضُوئِهِ مِنْهَا. وَلَمْ يَجِبْ تَرْتِيبٌ. انْتَهَى.
فَعَلَى الْمَذْهَبِ: لَوْ نَوَى رَفْعَ الْحَدَثِ وَأَطْلَقَ. ارْتَفَعَا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ عَكْسُهُ، كَالرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ. وَقِيلَ: يَجِبُ الْوُضُوءُ فَقَطْ.
تَنْبِيهٌ: مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: أَنَّهُ إذَا نَوَى الطَّهَارَةَ الْكُبْرَى فَقَطْ لَا يُجْزِئُ عَنْ الصُّغْرَى، وَهُوَ صَحِيحٌ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: يَرْتَفِعُ الْأَصْغَرُ أَيْضًا مَعَهُ. وَقَالَهُ الْأَزَجِيُّ أَيْضًا. وَحَكَاهُ أَبُو حَفْصٍ الْبَرْمَكِيُّ رِوَايَةً. ذَكَرَهُ ابْنُ رَجَبٍ فِي الْقَاعِدَةِ الثَّامِنَةَ عَشْرَ.
فَائِدَتَانِ
إحْدَاهُمَا: مِثْلُ نِيَّةِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ: لَوْ نَوَى بِهِ اسْتِبَاحَةَ الصَّلَاةِ، أَوْ أَمْرًا لَا يُبَاحُ إلَّا بِالْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ كَمَسِّ الْمُصْحَفِ وَنَحْوِهِ. لَا قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَنَحْوِهِ. وَالثَّانِيَةُ: لَوْ نَوَتْ مَنْ انْقَطَعَ حَيْضُهَا بِغُسْلِهَا حِلَّ الْوَطْءِ صَحَّ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ. لِأَنَّهَا إنَّمَا نَوَتْ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ، وَهُوَ الْوَطْءُ ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي.
قَوْلُهُ (وَيُسْتَحَبُّ لِلْجُنُبِ إذَا أَرَادَ النَّوْمَ، أَوْ الْأَكْلَ، أَوْ الْوَطْءَ ثَانِيًا: أَنْ يَغْسِلَ فَرْجَهُ، وَيَتَوَضَّأَ) إذَا أَرَادَ الْجُنُبُ النَّوْمَ: اُسْتُحِبَّ لَهُ غَسْلُ فَرْجِهِ وَوُضُوءُهُ مُطْلَقًا، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَعَنْهُ يُسْتَحَبُّ ذَلِكَ لِلرَّجُلِ فَقَطْ. قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ: هَذَا الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ. وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: فِي كَلَامِ أَحْمَدَ مَا ظَاهِرُهُ وُجُوبُهُ. فَعَلَى الْقَوْلِ بِالِاسْتِحْبَابِ: يُكْرَهُ تَرْكُهُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: لَا يُكْرَهُ، وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي.
وَإِذَا أَرَادَ الْأَكْلَ، وَكَذَا الشُّرْبُ: اُسْتُحِبَّ لَهُ غَسْلُ فَرْجِهِ وَوُضُوءُهُ قَبْلَهُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَعَنْهُ يُسْتَحَبُّ لِلرَّجُلِ فَقَطْ وَعَنْهُ يَغْسِلُ يَدَهُ وَيَتَمَضْمَضُ فَقَطْ. وَعَلَى كُلِّ قَوْلٍ: لَا يُكْرَهُ تَرْكُهُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا، نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ، وَصَاحِبُ الْفُرُوعِ، وَغَيْرُهُمَا، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ. وَقِيلَ: يُكْرَهُ. صَحَّحَهُ ابْنُ تَمِيمٍ. وَإِذَا أَرَادَ مُعَاوَدَةَ الْوَطْءِ اُسْتُحِبَّ لَهُ غَسْلُ فَرْجِهِ وَوُضُوءُهُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ مُطْلَقًا. وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ. وَعَنْهُ يُسْتَحَبُّ لِلرَّجُلِ فَقَطْ. ذَكَرَهُ ابْنُ تَمِيمٍ. وَعَلَيْهَا لَا يُكْرَهُ تَرْكُهُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: لَا يُكْرَهُ فِي الْمَنْصُوصِ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ. وَقِيلَ يُكْرَهُ. وَصَحَّحَهُ ابْنُ تَمِيمٍ.
تَنْبِيهٌ: الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ بَعْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ كَالْجُنُبِ، وَقَبْلَ انْقِطَاعِهِ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُمَا الْوُضُوءُ لِأَجْلِ الْأَكْلِ وَالنَّوْمِ. قَالَهُ الْأَصْحَابُ. وَقَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ: قُلْت: وَاسْتِحْبَابُ غَسْلِ جَنَابَتِهَا، وَهِيَ حَائِضٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ: يُشْعِرُ بِاسْتِحْبَابِ وُضُوئِهَا لِلنَّوْمِ هُنَا. فَوَائِدُ مِنْهَا: لَوْ أَحْدَثَ بَعْدَ الْوُضُوءِ: لَمْ يُعِدْهُ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ، لِتَعْلِيلِهِمْ بِخِفَّةِ الْحَدَثِ، أَوْ بِالنَّشَاطِ. قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ. وَقَالَ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ: أَنَّهُ يُعِيدُهُ، حَتَّى يَبِيتَ عَلَى إحْدَى الطَّهَارَتَيْنِ. وَقَالَ «لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ جُنُبٌ» وَهُوَ حَدِيثٌ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ. وَقَالَ فِي الْفَائِقِ بَعْدَ أَنَّ ذَكَرَ الِاسْتِحْبَابَ فِي الثَّلَاثَةِ وَالْوُضُوءُ هُنَا لَا يَبْطُلُ بِالنَّوْمِ. وَمِنْهَا: غَسْلُهُ عِنْدَ كُلِّ مَرَّةٍ أَفْضَلُ. قُلْت: فَيُعَايَى بِهَا.
وَمِنْهَا: يُكْرَهُ بِنَاءُ الْحَمَّامِ، وَبَيْعُهُ، وَإِجَارَتُهُ. وَحَرَّمَهُ الْقَاضِي. وَحَمَلَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ عَلَى الْبِلَادِ الْبَارِدَةِ.
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْحَكَمِ: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ مَنْ بَنَاهُ النِّسَاءُ وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَصْحَابِ: يُكْرَهُ كَسْبُ الْحَمَّامِيِّ: وَفِي نِهَايَةِ الْأَزَجِيِّ: الصَّحِيحُ لَا يُكْرَهُ. وَلَهُ دُخُولُهُ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَقَالَ ابْنُ الْبَنَّا: يُكْرَهُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْغُنْيَةِ، وَإِنْ عَلِمَ وُقُوعَهُ فِي مُحَرَّمٍ حَرُمَ. وَفِي التَّلْخِيصِ، وَالرِّعَايَةِ: لَهُ دُخُولُهُ مَعَ ظَنِّ السَّلَامَةِ غَالِبًا. وَلِلْمَرْأَةِ دُخُولُهُ لِعُذْرٍ، وَإِلَّا حَرُمَ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَكَرِهَهُ بِدُونِ عُذْرٍ ابْنُ عَقِيلٍ، وَابْنُ الْجَوْزِيِّ. قَالَ فِي الْفَائِقِ: وَقِيلَ يَجُوزُ لِضَرَرٍ يَلْحَقُهَا بِتَرْكِ اغْتِسَالٍ فِيهِ لِنَظَافَةِ بَدَنِهَا. اخْتَارَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ، وَشَيْخُنَا. انْتَهَى.
وَقَالَ فِي عُيُونِ الْمَسَائِلِ: لَا يَجُوزُ لِلنِّسَاءِ دُخُولُهُ، إلَّا مِنْ عِلَّةٍ يُصْلِحُهَا الْحَمَّامُ. وَاعْتَبَرَ الْقَاضِي وَالْمُصَنِّفُ مَعَ الْعُذْرِ: تَعَذُّرَ غَسْلِهَا فِي بَيْتِهَا. لِتَعَذُّرِهِ، أَوْ خَوْفِ ضَرَرٍ وَنَحْوِهِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ: لَا يُعْتَبَرُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُسْتَوْعِبِ، وَالرِّعَايَةِ. وَقِيلَ: وَاعْتِيَادُ دُخُولِهَا عُذْرٌ لِلْمَشَقَّةِ. وَقِيلَ. لَا تَتَجَرَّدُ. فَتَدْخُلُهُ بِقَمِيصٍ خَفِيفٍ. قَالَهُ ابْنُ أَبِي مُوسَى. وَأَوْمَأَ إلَيْهِ. وَلَا يُكْرَهُ قُرْبُ الْغُرُوبِ، وَبَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ. خِلَافًا لِلْمِنْهَاجِ. لِانْتِشَارِ الشَّيَاطِينِ. وَتُكْرَهُ فِيهِ الْقِرَاءَةُ، نَصَّ عَلَيْهِ. وَنَقَلَ صَالِحٌ: لَا يُعْجِبُنِي. وَقِيلَ: لَا تُكْرَهُ، وَالصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ: يُكْرَهُ السَّلَامُ. وَقِيلَ: لَا. وَلَا يُكْرَهُ الذِّكْرُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ يُكْرَهُ، وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ وَسَطْحِهِ وَنَحْوِهِ كَبَقِيَّتِهِ. ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ كَصَلَاةٍ عَلَى مَا يَأْتِي وَيَأْتِي: هَلْ ثَمَنُ الْمَاءِ عَلَى الزَّوْجِ أَوْ عَلَيْهَا؟ فِي كِتَابِ النَّفَقَاتِ. وَيُكْرَهُ الِاغْتِسَالُ فِي مُسْتَحَمٍّ وَمَاءٍ عُرْيَانًا. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: عَلَيْهَا أَكْثَرُ نُصُوصِهِ. وَعَنْهُ لَا يُكْرَهُ. اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفَائِقِ. وَعَنْهُ لَا يُعْجِبُنِي، إنَّ لِلْمَاءِ سُكَّانًا.