الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بَابٌ ذُكِرَ فِيهِ أَحْكَامُ الدِّمَاءِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا) وَإِنَّمَا أَتَى الْمُؤَلِّفُ بِهِ إثْرَ الْأَقْضِيَةِ وَالشَّهَادَاتِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَنْظُرَ فِيهِ أَوَّلًا لِأَنَّهُ أَوْكَدُ الضَّرُورِيَّاتِ الَّتِي يَجِبُ مُرَاعَاتُهَا فِي جَمِيعِ الْمِلَلِ بَعْدَ حِفْظِ الدِّينِ وَهِيَ حِفْظُ النُّفُوسِ فَفِي الصَّحِيحِ «أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ فِي الدِّمَاءِ» وَلِهَذَا يَنْبَغِي التَّهَمُّمُ بِشَأْنِهَا وَكَذَا فِي الدُّنْيَا وَفِي الْحَدِيثِ «مَنْ اشْتَرَكَ فِي دَمِ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَيْنَ عَيْنَيْهِ مَكْتُوبٌ آيِسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ» إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحَادِيثِ وَحَدِيثُ أَوَّلُ مَا يُقْضَى الْمُتَقَدِّمُ لَا يُعَارِضُهُ حَدِيثُ «أَوَّلُ مَا يُنْظَرُ فِيهِ مِنْ عَمَلِ الْعِبَادِ الصَّلَاةُ» لِأَنَّ هَذَا فِي خَاصَّةِ أَعْمَالِ الْعَبْدِ نَفْسِهِ وَذَاكَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ لَكِنْ اُنْظُرْ أَيَّهُمَا يُقَدَّمُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الْقَضَاءُ فِي الدِّمَاءِ وَلَمَّا كَانَتْ أَرْكَانُ الْجِنَايَةِ ثَلَاثَةً الْجَانِيَ وَالْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ وَالْجِنَايَةَ وَلِكُلٍّ مِنْهَا شُرُوطٌ ذَكَرَ جَمِيعَهَا وَبَدَأَ بِالرُّكْنِ الْأَوَّلِ فَقَالَ (ص)
ــ
[حاشية العدوي]
[بَابٌ أَحْكَامُ الدِّمَاءِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]
(بَابُ الدِّمَاءِ وَالْحُدُودِ)(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا أَتَى الْمُؤَلِّفُ بِهِ) أَيْ بِهَذَا الْبَابِ (قَوْلُهُ أَنْ يَنْظُرَ) أَيْ الْقَاضِي أَيْ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ حُكْمَ الْقَاضِي فَرْعُ شَهَادَةِ الشُّهُودِ فَنَاسَبَ أَنْ يُذْكَرَ بَعْدَهُمَا وَقَوْلُهُ فِيهِ أَيْ الْبَابِ أَيْ أَحْكَامِهِ أَوَّلًا أَيْ كُلَّ يَوْمٍ أَيْ فَحِينَ يَجْلِسُ كُلَّ يَوْمٍ يَنْظُرُ أَوَّلًا إلَى الْحُكْمِ فِي الدَّعَاوَى الْمُتَعَلِّقَةِ بِتِلْكَ الْأَحْكَامِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَوْكَدُ الضَّرُورِيَّاتِ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ لِأَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِأَوْكَدِ الضَّرُورِيَّاتِ وَقَوْلُهُ وَهِيَ أَيْ أَوْكَدُ الضَّرُورِيَّاتِ أُنِّثَ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ ضَرُورَةٌ مِنْ الضَّرُورِيَّاتِ (قَوْلُهُ فَفِي الصَّحِيحِ) دَلِيلٌ لِكَوْنِ مَا ذُكِرَ آكَدَ الضَّرُورِيَّاتِ (قَوْلُهُ وَلِهَذَا) أَيْ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْأَوَّلِيَّةِ (قَوْلُهُ يَنْبَغِي التَّهَمُّمُ بِشَأْنِهَا) أَيْ شَأْنِ أَحْكَامِهَا وَقَوْلُهُ وَكَذَا فِي الدُّنْيَا أَيْ أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ فِي الدُّنْيَا فِي الدِّمَاءِ ثُمَّ لَا يَنْبَغِي ذِكْرُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ مُتَقَدِّمٌ فِي قَوْلِهِ إلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَنْظُرَ فِيهِ أَوَّلًا أَيْ أَوَّلَ جُلُوسِهِ كُلَّ يَوْمٍ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ وَفِي الْحَدِيثِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَفِي الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ) كَأَنْ يَنْطِقَ بِالْأَلِفِ وَالْقَافِ مِنْ اُقْتُلْ (قَوْلُهُ آيِسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ) أَيْ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ أَيْ مَعَ السَّابِقِينَ أَوْ يُحْمَلُ عَلَى الْمُسْتَحِلِّ فَإِنْ قُلْت إنَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ لَيْسَ هُنَاكَ إيَاسٌ بَلْ هُوَ مُعَرَّضٌ لِلْعَفْوِ قُلْت نَعَمْ إلَّا أَنَّهُ يَنْبَغِي الِالْتِفَاتُ إلَى الظَّاهِرِ لِأَجْلِ الزَّجْرِ كَمَا قِيلَ فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا} [النساء: 93] إلَخْ (قَوْلُهُ الْجِنَايَةِ إلَخْ) لَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَى حَقِيقَةِ الْجِنَايَةِ ذَاتِ الْأَرْكَانِ الْمَذْكُورَةِ وَعَرَّفَهَا ابْنُ مَرْزُوقٍ بِقَوْلِهِ وَأَمَّا حَقِيقَةُ الْجِنَايَةِ اصْطِلَاحًا فَهِيَ إتْلَافُ مُكَلَّفٍ غَيْرِ
إنْ أَتْلَفَ مُكَلَّفٌ وَإِنْ رَقَّ غَيْرُ حَرْبِيٍّ وَلَا زَائِدِ حُرِّيَّةٍ أَوْ إسْلَامٍ حِينَ الْقَتْلِ إلَّا لِغِيلَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مِنْ شَرْطِ الْقِصَاصِ مِنْ الْجَانِي أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا غَيْرَ حَرْبِيٍّ وَلَوْ رَقِيقًا فَلَا يُقْتَصُّ مِنْ صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ لِأَنَّ عَمْدَهُمَا وَخَطَأَهُمَا سَوَاءٌ وَيُقْتَلُ الْعَبْدُ بِالْحُرِّ إنْ شَاءَ الْوَلِيُّ فَإِنْ اسْتَحْيَاهُ خُيِّرَ السَّيِّدُ فِي إسْلَامِهِ أَوْ فِدَائِهِ بِالدِّيَةِ وَلَا قِصَاصَ عَلَى الْحَرْبِيِّ لِأَنَّهُ إذَا جَاءَ تَائِبًا فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِمَا قَتَلَ قَبْلَ تَوْبَتِهِ وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ وَسَوَاءٌ كَانَ مِمَّنْ تُقْبَلُ مِنْهُ الْجِزْيَةُ كَالْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ أَوْ لَا تُقْبَلُ مِنْهُ كَالْمَجُوسِيِّ لِأَنَّ شَرْطَ الْقَاتِلِ الَّذِي يُقْتَصُّ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ مُلْتَزِمًا لِلْأَحْكَامِ وَالْحَرْبِيُّ غَيْرُ مُلْتَزِمٍ لَهَا وَيَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى الذِّمِّيِّ وَالسَّكْرَانِ وَالْمَجْنُونِ إذَا جَنَى فِي حَالِ إفَاقَتِهِ وَعَلَى الْمُكْرَهِ عَلَى تَفْصِيلٍ سَيَأْتِي وَيُشْتَرَطُ فِي الْمُكَلَّفِ الْجَانِي الَّذِي يُقْتَصُّ مِنْهُ أَنْ لَا يَكُونَ زَائِدًا فِي الْحُرِّيَّةِ أَوْ فِي الْإِسْلَامِ حِينَ الْقَتْلِ أَمَّا إنْ كَانَ زَائِدًا فِيمَا ذُكِرَ حِينَ الْقَتْلِ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ
فَلَوْ قَتَلَ الْحَرُّ الْمُسْلِمُ عَبْدًا مُسْلِمًا فَإِنَّهُ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ وَلَوْ قَتَلَ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ حُرًّا كَافِرًا فَإِنَّهُ لَا قِصَاصَ عَلَيْهِ وَعَكْسُهُ يُقْتَلُ بِهِ وَلَا تُوَازِي حُرِّيَّةُ الْكَافِرِ حُرْمَةَ الْإِسْلَامِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَتْلُ لِأَجْلِ أَخْذِ الْمَالِ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْغِيلَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ الشُّرُوطُ الْمُتَقَدِّمَةُ بَلْ يُقْتَلُ الْحَرُّ بِالْعَبْدِ وَالْمُسْلِمُ بِالْكَافِرِ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْقَتْلَ فِي الْغِيلَةِ لِلْفَسَادِ لَا لِلْقِصَاصِ وَلِهَذَا لَوْ عَفَا وَلِيُّ الدَّمِ عَنْ الْقِصَاصِ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي فِي مَحَلِّهِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ الْعَفْوُ
(ص) مَعْصُومًا لِلتَّلَفِ وَالْإِصَابَةِ (ش) هَذَا مَعْمُولٌ لِقَوْلِهِ أَتْلَفَ لِأَنَّهُ لَمَّا قَدَّمَ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الْجَانِي التَّكْلِيفُ وَكَوْنُهُ غَيْرَ حَرْبِيٍّ وَلَا زَائِدَ حُرِّيَّةٍ أَوْ إسْلَامٍ أَشَارَ إلَى مَا يُعْتَبَرُ فِي الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ نَفْسًا أَوْ جُرْحًا أَوْ طَرَفًا فَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعْصُومًا إلَى حِينِ التَّلَفِ فِي النَّفْسِ وَإِلَى حِينِ الْإِصَابَةِ فِي الْجُرْحِ فَيُعْتَبَرُ فِي النَّفْسِ الْعِصْمَةُ مِنْ حِينِ الضَّرْبِ إلَى حِينِ الْمَوْتِ وَفِي الْجُرْحِ مِنْ حِينِ الرَّمْيِ إلَى حِينِ الْإِصَابَةِ
ــ
[حاشية العدوي]
حَرْبِيٍّ نَفْسَ إنْسَانٍ مَعْصُومٍ أَوْ عُضْوَهُ أَوْ اتِّصَالًا بِجِسْمِهِ أَوْ مَعْنًى قَائِمًا بِهِ أَوْ جَنِينَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً بِتَحْقِيقٍ أَوْ تُهْمَةٍ انْتَهَى فَإِتْلَافُ مُكَلَّفٍ جِنْسٌ وَغَيْرِ حَرْبِيٍّ: يُخْرِجُ الْحَرْبِيَّ إذْ لَا يُؤَاخَذُ بِمَا اكْتَسَبَهُ مِمَّا ذُكِرَ هُنَا وَنَفْسَ إنْسَانٍ وَمَا بَعْدَهُ يُخْرِجُ إتْلَافَ الْمَالِ وَالْجِنَايَةَ عَلَى الْعِرْضِ فَلَيْسَا مِنْ هَذَا الْبَابِ وَإِضَافَةُ نَفْسٍ لِلْإِنْسَانِ يُخْرِجُ إتْلَافَ نَفْسِ غَيْرِهِ وَيُدْخِلُ نَفْسَ الْعَبْدِ وَالذِّمِّيِّ وَمَعْصُومٍ: يُخْرِجُ الْحَرْبِيَّ وَمَنْ وَجَبَ قَتْلُهُ بِمُوجِبٍ لَا يُعْفَى عَنْهُ وَإِتْلَافُ الِاتِّصَالِ بِالْجِسْمِ كِنَايَةٌ عَنْ الْجُرْحِ وَالْمَعْنَى الْقَائِمُ بِالْجِسْمِ كَالْعَقْلِ وَالسَّمْعِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا يَأْتِي وَضَمِيرُ جَنِينِهِ يَعُودُ عَلَى الْإِنْسَانِ وَعَمْدًا أَوْ خَطَأً مَنْصُوبَانِ بِإِتْلَافِ وَبِتَحْقِيقٍ: مُتَعَلِّقٌ بِهِ وَذُكِرَ تَوْطِئَةً لِعَطْفِ أَوْ تُهْمَةٍ عَلَيْهِ وَالْمُرَادُ بِهَا اللَّوْثُ الْمُوجِبُ لِثُبُوتِ الدَّمِ مَعَ الْقَسَامَةِ
انْتَهَى فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَلَا يَرِدُ أَنَّ الشَّارِحَ جَعَلَ مِنْ أَرْكَانِ الْجِنَايَةِ الْجِنَايَةَ وَهَذَا لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يَكُونُ رُكْنَ نَفْسِهِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْجِنَايَةَ ذَاتَ الْأَرْكَانِ هِيَ الْإِتْلَافُ الْمُقَيَّدُ بِالْقُيُودِ الْمَذْكُورَةِ وَالْجِنَايَةَ الَّتِي أَخَذَتْ رُكْنًا هِيَ الْإِتْلَافُ بِدُونِ التَّقْيِيدِ بِالْقُيُودِ الْمَذْكُورَةِ فَلَا إيرَادَ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ إنْ أَتْلَفَ) أَيْ عَمْدًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَالْقَوَدُ عَيْنًا وَأَمَّا الْخَطَأُ فَيُعْلَمُ مِنْ نَصِّ الْمُصَنِّفِ عَلَى الدِّيَةِ فِيمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ وَإِنْ رَقَّ) إنَّمَا نَصَّ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِالْحُرِّ لِشَرَفِ الْحُرِّ أَوْ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ كَالْبَهِيمَةِ وَفِعْلُ «الْعَجْمَاءِ جُبَارٌ» أَيْ: هَدَرٌ، وَقَوْلُهُ غَيْرُ بِالرَّفْعِ صِفَةٌ وَبِالنَّصْبِ عَلَى الْحَالِ لِأَنَّهَا تَأْتِي مِنْ النَّكِرَةِ عَلَى قِلَّةٍ كَمَا فِي الْحَدِيثِ «وَصَلَّى وَرَاءَهُ رِجَالٌ قِيَامًا» وَقَوْلُهُ وَلَا زَائِدَ حُرِّيَّةٍ بِأَنْ كَانَ مُسَاوِيًا أَوْ أَنْقَصَ وَيَجُوزُ فِي قَوْلِهِ زَائِدَ حُرِّيَّةٍ عَطْفُهُ عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ وَ " لَا " مُؤَكِّدَةٌ وَالرَّفْعُ بِعَطْفِ لَا عَلَى غَيْرُ لِأَنَّهَا اسْمٌ بِمَعْنَى غَيْرُ ظَهَرَ إعْرَابُهَا فِيمَا بَعْدَهَا وَلَا زَائِدَ إسْلَامٍ بِأَنْ كَانَ مُسَاوِيًا أَوْ أَنْقَصَ وَقَوْلُهُ حِينَ الْقَتْلِ رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ أَيْ مُكَلَّفٍ حِينَ الْقَتْلِ وَإِنْ رَقَّ حِينَ الْقَتْلِ غَيْرَ حَرْبِيٍّ حِينَ الْقَتْلِ وَلَا زَائِدِ حُرِّيَّةٍ أَوْ إسْلَامٍ حِينَ الْقَتْلِ أَيْ وَسَبَبُهُ وَهُوَ الرَّمْيُ مَثَلًا (قَوْلُهُ إلَّا لِغِيلَةٍ) الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّهُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِيمَا قَبْلَهُ لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ الْقَتْلُ فِيهِ لِلْقِصَاصِ وَهُنَا لِلْفَسَادِ (قَوْلُهُ فَلَا يُقْتَصُّ مِنْ صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ) وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمَجْنُونِ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ إلَخْ) هَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْجِزْيَةَ لَا يَخْتَصُّ بِهَا الْكِتَابِيُّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى كَوْنِهِ مُلْتَزِمًا لِلْأَحْكَامِ (قَوْلُهُ إذَا جَنَى فِي حَالِ إفَاقَتِهِ) أَيْ ثُمَّ جُنَّ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَكِنْ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ حَالَ الْجُنُونِ بَلْ يُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ إنْ رُجِيَتْ وَإِنْ أَيِسَ مِنْهَا فَالدِّيَةُ فِي مَالِهِ فَإِنْ أَفَاقَ بَعْدَ ذَلِكَ اُقْتُصَّ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ حُكْمَ حَاكِمِ يَرَى السُّقُوطَ
وَأَمَّا إذَا قَتَلَ حَالَ جُنُونِهِ فَفِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي بَابِ الْغَصْبِ وَمَا ذَكَرْنَاهُ قَرِيبًا أَحَدُ الْأَقْوَالِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَقْوَالَ ثَلَاثَةٌ فَقِيلَ هَدَرٌ وَقِيلَ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ وَقِيلَ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَأَمَّا إذَا شَكَّ هَلْ قَتَلَ حَالَ الْجُنُونِ أَوْ حَالَ الْإِفَاقَةِ فَقَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ لَا يَلْزَمُهُ قِصَاصٌ وَأَمَّا الدِّيَةُ فَلَازِمَةٌ وَهَلْ لَهُ أَوْ لِعَاقِلَتِهِ اُنْظُرْ ذَلِكَ وَلَا يَجْرِي هُنَا الْقَوْلُ بِسُقُوطِهَا عَنْهُ (قَوْلُهُ فَلَوْ قَتَلَ إلَخْ) أَيْ وَإِذَا رَمَى مُسْلِمٌ كَافِرًا فَأَسْلَمَ قَبْلَ وُصُولِ الرَّمْيَةِ إلَيْهِ وَمَاتَ عَقِبَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا قِصَاصَ عَلَى الرَّامِي لِأَنَّهُ حِينَ الرَّمْيِ كَانَ كَافِرًا (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْغِيلَةِ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ الْقَتْلُ لِأَجْلِ الْمَالِ وَفِي مَعْنَاهُ الْحِرَابَةُ (قَوْلُهُ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ) أَيْ بَلْ يُقْتَلُ لِلْحِرَابَةِ وَلَا يَسْقُطُ حَدُّهَا إلَّا بِإِتْيَانِ الْإِمَامِ طَائِعًا أَوْ تَرْكِ مَا هُوَ عَلَيْهِ نَعَمْ إذَا أَتَى الْإِمَامَ طَائِعًا أَوْ تَرَكَ مَا هُوَ عَلَيْهِ ثُمَّ عَفَا الْوَلِيُّ عَنْ الْجَانِي فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ عَفْوُهُ وَأَمَّا قَبْلَ حُصُولِ أَحَدِهِمَا فَلَا يُعْتَبَرُ عَفْوُهُ
أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ الْحَالَيْنِ مَعًا حَالَةِ الرَّمْيِ وَحَالَةِ الْإِصَابَةِ فِي الْجُرْحِ وَحَالَةِ الضَّرْبِ وَحَالَةِ الْمَوْتِ فِي النَّفْسِ وَهَذَا فِي الْعَمْدِ الَّذِي فِيهِ الْقَوَدُ وَأَمَّا الْخَطَأُ وَالْعَمْدُ الَّذِي لَا قَوَدَ فِيهِ فَتَعَرَّضَ لَهُمَا فِيمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَضَمِنَ وَقْتَ الْإِصَابَةِ وَالْمَوْتِ وَحَيْثُ اُعْتُبِرَ الْحَالَانِ مَعًا فَإِذَا رَمَى كَافِرٌ مُرْتَدًّا وَقَبْلَ وُصُولِ الرَّمْيَةِ إلَيْهِ أَسْلَمَ اُعْتُبِرَ حَالُ الرَّمْيِ فَلَا يُقْتَلُ بِهِ إنْ مَاتَ وَكَذَا لَوْ جَرَحَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ وَنَزَا وَمَاتَ فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِهِ لِمُرَاعَاةِ حَالَةِ الْجُرْحِ فَقَوْلُهُ مَعْصُومًا صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ أَيْ شَيْئًا فَيَشْمَلُ النَّفْسَ وَالطَّرَفَ وَالْجُرْحَ وَلَا يَشْمَلُ الْمَالَ لِقَوْلِهِ فَالْقَوَدُ وَلَا تَقِدْ شَخْصًا وَلَا آدَمِيًّا وَلَا عُضْوًا وَقَوْلُهُ لِلتَّلَفِ مُتَعَلِّقٌ بِ مَعْصُومًا وَاللَّامُ بِمَعْنَى إلَى الَّتِي لِانْتِهَاءِ الْغَايَةِ أَيْ مُنْتَهِيَةٌ عِصْمَتُهُ إلَى وَقْتِ التَّلَفِ وَالْإِصَابَةِ لَا بِمَعْنَى عِنْدَ وَعَلَى جَعْلِهَا لِلْغَايَةِ يُعْلَمُ مِنْهُ الْمَبْدَأُ لِأَنَّ كُلَّ غَايَةٍ لَهَا مَبْدَأٌ كَمَا مَرَّ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ
ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ الْعِصْمَةَ تَكُونُ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ أَشَارَ لِأَوَّلِهِمَا بِقَوْلِهِ (بِإِيمَانٍ) لِقَوْلِهِ عليه السلام «أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّهَا» وَلِثَانِيهِمَا بِقَوْلِهِ (أَوْ أَمَانٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ} [التوبة: 6] قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ أَوْ جِزْيَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: 29](ص) كَالْقَاتِلِ مِنْ غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ (ش) التَّشْبِيهُ فِي قَوْلِهِ مَعْصُومًا وَالْمَعْنَى أَنَّ الْقَاتِلَ دَمُهُ مَعْصُومٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِ مُسْتَحِقِّ دَمِهِ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى مُسْتَحِقِّ دَمِهِ فَلَا عِصْمَةَ لَكِنْ إذَا قَتَلَهُ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ أَيْ الْإِمَامِ الْعَدْلِ وَإِلَّا فَلَا أَدَبَ كَمَا قَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ وَقَوْلُهُ (وَأُدِّبَ) رَاجِعٌ لِلْمَفْهُومِ وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ لَا مِنْ الْمُسْتَحَقِّ فَلَا قِصَاصَ وَأُدِّبَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ جَوَابُ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ أَيْ وَإِنْ قَتَلَهُ الْمُسْتَحَقُّ أُدِّبَ (ص) كَمُرْتَدٍّ وَزَانٍ أَحْصَنَ وَيَدِ سَارِقٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُرْتَدَّ إذَا قَتَلَهُ مُسْلِمٌ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِهِ وَلَكِنْ يُؤَدَّبُ وَعَلَيْهِ دِيَتُهُ إنْ قَتَلَهُ قَبْلَ فَوَاتِ زَمَنِ الِاسْتِتَابَةِ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ أَسْلَمَ) أَيْ الْمُرْتَدُّ وَقَوْلُهُ إنْ مَاتَ أَيْ الْمُرْتَدُّ لِأَنَّهُ وَإِنْ أَسْلَمَ لَمْ يَكُنْ مَعْصُومًا حِينَ الرَّمْيِ وَلَوْ رَمَى حُرٌّ مُسْلِمٌ مِثْلَهُ بِسَهْمٍ فَارْتَدَّ الْمَرْمِيُّ قَبْلَ وُصُولِ السَّهْمِ إلَيْهِ ثُمَّ مَاتَ فَلَا قِصَاصَ لِأَنَّهُ حِينَ الْإِصَابَةِ لَمْ تَسْتَمِرَّ الْعِصْمَةُ وَلَوْ جَرَحَ مُسْلِمٌ مُسْلِمًا فَارْتَدَّ الْمَجْرُوحُ ثُمَّ نَزَا فَمَاتَ فَلَا قَوَدَ لِأَنَّهُ صَارَ إلَى مَا أَحَلَّ دَمَهُ وَلَوْ قَطَعَ مُسْلِمٌ يَدَ مُسْلِمٍ ثُمَّ ارْتَدَّ الْمَقْطُوعُ فَمَاتَ مُرْتَدًّا أَوْ قُتِلَ لَثَبَتَ الْقِصَاصُ فِي قَطْعِ الْيَدِ فَقَطْ لَا النَّفْسِ لِأَنَّ الْمَوْتَ كَانَ وَهُوَ مُرْتَدٌّ
وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ أَحَدُهَا أَنْ لَا يَكُونَ مَعْصُومًا حِينَ السَّبَبِ وَلَا حِينَ الْمُسَبَّبِ الثَّانِي أَنْ لَا يَكُونَ مَعْصُومًا حِينَ الْمُسَبَّبِ فَقَطْ وَالْحُكْمُ فِي هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ أَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ مِنْ الْجَانِي عَلَيْهِ فِيهِمَا الثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ مَعْصُومًا حِينَ السَّبَبِ وَالْمُسَبَّبِ وَبَيْنَهُمَا وَالْحُكْمُ فِي هَذَا أَنَّهُ يُقْتَصُّ لَهُ مِنْ الْجَانِي عَلَى النَّفْسِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْجَانِي زَائِدًا بِحُرِّيَّةٍ أَوْ إسْلَامٍ حِينَ السَّبَبِ وَالْمُسَبَّبِ أَوْ أَحَدِهِمَا وَيُقْتَصُّ لَهُ مِنْ الْجِنَايَةِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ مِنْ الْجَانِي حَيْثُ كَانَ مُسَاوِيًا لَهُ فِيمَا تَقَدَّمَ وَلَا يُقْتَصُّ لَهُ مِنْ الزَّائِدِ عَلَيْهِ فِيمَا ذُكِرَ وَلَا مِنْ النَّاقِصِ عَنْهُ فِيهِ الْقِسْمِ الرَّابِعِ عَكْسُ الثَّانِي وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ مَعْصُومًا حِينَ السَّبَبِ ثُمَّ تَحْصُلُ الْعِصْمَةُ حِينَ الْمُسَبَّبِ وَحُكْمُهُ أَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ (قَوْلُهُ يُعْلَمُ مِنْهُ الْمَبْدَأُ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يُعْلَمُ مِنْهُ خُصُوصُ الْمَبْدَأِ بَلْ يُعْلَمُ أَنَّ هُنَاكَ مَبْدَأً (قَوْلُهُ حَتَّى يَقُولُوا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ) أَيْ مَعَ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ وَكَأَنَّهُ سَكَتَ عَنْهُ لِأَنَّ جُمْلَةَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ صَارَتْ كَأَنَّهَا عَلَمٌ عَلَى الْمَجْمُوعِ مِنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِيمَانِ فِي الْمُصَنِّفِ الْإِسْلَامُ لَا الْإِيمَانُ الْبَاطِنِيُّ الَّذِي هُوَ التَّصْدِيقُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَيْ بِإِيمَانٍ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ مَعَ الْتِزَامِ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ فَأَطْلَقَ الْإِيمَانَ وَأَرَادَ بِهِ الْإِسْلَامَ (قَوْلُهُ أَوْ جِزْيَةٍ) وَتَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ لِفَهْمِهِ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ التَّشْبِيهُ إلَخْ) الْحَقُّ أَنَّهُ تَمْثِيلٌ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْقَاطِعَ وَنَحْوَهُ مِنْ غَيْرِ الْمُسْتَحَقِّ (قَوْلُهُ لِافْتِيَاتِهِ) أَيْ وَحَيْثُ كَانَتْ الْعِلَّةُ فِي ذَلِكَ الِافْتِيَاتَ فَلَا أَدَبَ إذَا أَسْلَمَهُ الْإِمَامُ كَمَا أَنَّهُ إذَا عَلِمَ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَقْتُلُهُ فَلَا أَدَبَ عَلَيْهِ فِي قَتْلِهِ وَلَوْ غِيلَةً وَلَكِنْ يُرَاعَى فِيهِ أَمْنُهُ فِتْنَةً وَرَذِيلَةً وَقَوْلًا لَا مِنْ الْمُسْتَحِقِّ أَيْ فِي نَفْسِهِ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدُ وَإِنْ فُقِئَتْ عَيْنُ الْقَاتِلِ إلَخْ
(قَوْلُهُ وَزَانٍ أَحْصَنَ) لَا غَيْرَ مُحْصَنٍ فَيُقْتَلُ إلَّا أَنْ يَقُولَ وَجَدْته مَعَ زَوْجَتِي وَثَبَتَ ذَلِكَ بِأَرْبَعَةٍ يَرَوْنَهُ كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ فَلَا يُقْتَلُ بِذَلِكَ لِعُذْرِ الْغِيرَةِ وَعَلَى قَاتِلِهِ دِيَتُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا مُجَرَّدُ قَوْلِهِ قُتِلَ بِهِ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِلَطْخٍ فَلَا يُقْتَلُ لِدَرْئِهِ بِالشُّبْهَةِ وَانْظُرْ إقْرَارَهُ بِزِنَاهُ بِهَا وَكَذَلِكَ قَتْلَهُ بِهَا عِنْدَ ثُبُوتِهِ بِأَرْبَعَةٍ فِي بِنْتِهِ وَأُخْتِهِ وَأُمِّهِ وَالظَّاهِرُ لَا قِصَاصَ فِي الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَيَدِ سَارِقٍ) ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَثَبَتَ عَلَيْهِ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ عَادِلَةٍ أَوْ إقْرَارِهِ وَلَوْ بَعْدَ الْقَطْعِ وَكَذَا يَدُ قَاطِعِ غَيْرِهِ حَيْثُ يَجِبُ قَطْعُهُ فَيُؤَدَّبُ الْقَاطِعُ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ وَمَحَلُّ الْأَدَبِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ إذَا وَقَعَتْ عَمْدًا (قَوْلُهُ إذَا قَتَلَهُ زَمَنَ الِاسْتِتَابَةِ) وَكَذَا بَعْدَهَا عَلَى مَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ مِنْ أَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُقْتَلُ لَأَمْكَنَ رُجُوعُهُ إلَى الْإِسْلَامِ وَنَصُّ ابْنِ شَاسٍ وَدِيَةُ الْمُرْتَدِّ فِي قَوْلٍ دِيَةُ الْمَجُوسِيِّ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ فِي نَفْسِهِ وَفِي جِرَاحِهِ رَجَعَ لِلْإِسْلَامِ أَوْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ وَذَكَرَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغُ وَمُقَابِلُهُ قَوْلَانِ أَوَّلُهُمَا مَا رَوَاهُ سَحْنُونَ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّ عَقْلَهُ عَقْلُ الدِّينِ الَّذِي ارْتَدَّ إلَيْهِ وَثَانِيهِمَا مَا رُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا لَا شَيْءَ عَلَى قَاتِلِهِ لِأَنَّهُ مُبَاحُ الدَّمِ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ
وَدِيَتُهُ ثُلُثُ خُمُسِ دِيَةِ الْمُسْلِمِ كَدِيَةِ الْمَجُوسِيِّ الْمُسْتَأْمَنِ وَكَذَلِكَ الزَّانِي الْمُحْصَنُ إذَا قَتَلَهُ مُسْلِمٌ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ وَكَذَلِكَ قَاطِعُ يَدِ سَارِقٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ فَالتَّشْبِيهُ فِي الْأَدَبِ أَيْ شَخْصٌ مُرْتَدٌّ وَشَخْصٌ زَانٍ وَشَخْصٌ سَارِقٌ فَيَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى
وَلَوْ قَالَ وَعُضْوُ سَارِقٍ لَكَانَ أَحْسَنَ أَيْ وَثَبَتَ مَا ذُكِرَ بِبَيِّنَةٍ عَادِلَةٍ أَوْ إقْرَارٍ وَقَوْلُهُ (فَالْقَوَدُ عَيْنًا) جَوَابٌ عَنْ قَوْلِهِ إنْ أَتْلَفَ مُكَلَّفٌ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُكَلَّفَ إذَا جَنَى عَمْدًا عُدْوَانًا فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ فِي حَقِّهِ الْقَوَدُ وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُلْزِمَ الْجَانِيَ الدِّيَةَ إلَّا أَنْ يَعْفُوَ مَجَّانًا أَوْ يَرْضَى الْجَانِي بِالدِّيَةِ هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَاخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَرَوَى أَشْهَبُ التَّخْيِيرَ بَيْنَ الْقَوَدِ وَالْعَفْوِ عَلَى الدِّيَةِ جَبْرًا عَلَى الْجَانِي وَقَالَ بِهِ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ فَقَوْلُهُ عَيْنًا أَيْ فَالْقَوَدُ مُتَعَيِّنٌ لَا الدِّيَةُ فَلَا يُنَافِي أَنَّ لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ الْعَفْوَ مَجَّانًا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ فَالْقَوَدُ مُتَعَيَّنٌ لَا الْعَفْوُ لِأَنَّ الْعَفْوَ لَا يُقَابِلُ الْقَوَدَ وَإِنَّمَا يُقَابِلُ الدِّيَةَ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي جَزَاءِ الْجِنَايَةِ، وَجَزَاؤُهَا الْقَوَدُ وَالدِّيَةُ لَا الْعَفْوُ
(ص) وَلَوْ قَالَ إنْ قَتَلْتنِي أَبْرَأْتُك (ش) هَذَا فِي مَعْنَى الْغَايَةِ لِلْقَوَدِ أَيْ أَنَّ الْقِصَاصَ ثَابِتٌ وَلَوْ قَالَ الْمَقْتُولُ لِلْقَاتِلِ إنْ قَتَلْتنِي أَبْرَأْتُك فَفَعَلَ فَإِنَّ الْقَاتِلَ لَا يَبْرَأُ بِذَلِكَ وَيُقْتَلُ بِهِ لِأَنَّ الْحَقَّ بَعْدَ الْمَوْتِ انْتَقَلَ لِلْوَارِثِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ اُقْتُلْنِي ابْتِدَاءً لِأَنَّهُ عَفَا عَنْ شَيْءٍ لَمْ يَجِبْ لَهُ أَمَّا إنْ قَالَ لَهُ إنْ قَطَعْت يَدَيَّ مَثَلًا فَقَدْ أَبْرَأْتُك فَفَعَلَ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ بِذَلِكَ وَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِ وَلَكِنْ عَلَيْهِ الْأَدَبُ مَا لَمْ يَتَرَامَ بِهِ الْجُرْحُ لِلْمَوْتِ وَإِلَّا فَلِوَلِيِّهِ الْقَسَامَةُ وَالْقَتْلُ أَوْ أَخْذُ الدِّيَةِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا وَقَعَ الْإِبْرَاءُ قَبْلَ إنْفَاذِ الْمَقَاتِلِ وَأَمَّا إنْ قَالَ لَهُ بَعْدَ إنْفَاذِ مَقَاتِلِهِ أَبْرَأْتُك مِنْ دَمِي أَوْ إنْ مِتُّ فَقَدْ أَبْرَأْتُك مِنْ دَمِي فَإِنَّهُ يَبْرَأُ مِنْهُ قَالَهُ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ
(ص) وَلَا دِيَةَ لِعَافٍ مُطْلِقٍ إلَّا أَنْ تَظْهَرَ إرَادَتُهَا فَيَحْلِفَ وَيَبْقَى عَلَى حَقِّهِ إنْ امْتَنَعَ (ش) يَعْنِي أَنَّ وَلِيَّ الدَّمِ إذَا عَفَا عَنْ الْقَاتِلِ عَفْوًا مُطْلَقًا أَيْ سَكَتَ فِيهِ عَنْ ذِكْرِ الدِّيَةِ فَإِنَّ الْعَفْوَ يَلْزَمُهُ فَإِذَا قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ إنَّمَا عَفَوْت لِأَجْلِ الدِّيَةِ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ مِنْ حَالِهِ وَمِنْ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ أَنَّهُ أَرَادَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ وَيَبْقَى عَلَى حَقِّهِ فِي الْقَتْلِ إنْ امْتَنَعَ الْقَاتِلُ مِنْ إعْطَاءِ الدِّيَةِ يُرِيدُ إذَا لَمْ يُطِلْ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ وَبَطَلَ حَقُّهُ لِمُنَافَاةِ الطُّولِ الْإِرَادَةَ الْمَذْكُورَةَ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الْكَذِبِ وَالِاتِّهَامِ وَلَا يَحْتَاجُ لِهَذَا الْقَيْدِ لِفَهْمِهِ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ تَظْهَرَ إرَادَتُهَا وَمَعَ الطُّولِ لَمْ تَظْهَرْ إرَادَتُهَا (ص) كَعَفْوِهِ عَنْ الْعَبْدِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ إذَا قَتَلَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا مِثْلَهُ فَعَفَا وَلِيُّ الدَّمِ عَنْ الْقَاتِلِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ فَإِذَا قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ إنَّمَا عَفَوْت عَنْهُ لِآخُذَهُ أَوْ آخُذَ قِيمَتَهُ أَوْ آخُذَ قِيمَةَ الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ أَوْ آخُذَ الدِّيَةَ إنْ كَانَ الْمَقْتُولُ حُرًّا، وَتَكُونُ مُنَجَّمَةً كَمَا يَأْتِي فَإِنَّهُ لَا يُسْمَعُ مِنْهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ تَظْهَرَ إرَادَةُ ذَلِكَ فَيَحْلِفُ وَلِيُّ الدَّمِ وَيُخَيَّرُ سَيِّدُ الْجَانِي بَيْنَ دَفْعِهِ الْعَبْدَ أَوْ دَفْعِ قِيمَتِهِ أَوْ دَفْعِ قِيمَةِ الْمَقْتُولِ إنْ كَانَ عَبْدًا أَوْ دَفْعِ دِيَتِهِ إنْ كَانَ حُرًّا وَهَلْ يَدْفَعُهَا مُنَجَّمَةً كَمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَمَا فِيهِمَا تَفْسِيرٌ لِلْمُدَوَّنَةِ أَوْ يَدْفَعُهَا حَالَّةً قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ قَالَهُ الشَّارِحُ
(ص) وَاسْتَحَقَّ وَلِيُّ دَمٍ مِنْ قَتْلِ الْقَاتِلِ أَوْ قَطْعِ يَدِ الْقَاطِعِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُكَلَّفَ إذَا قَتَلَ مُسْلِمًا عَمْدًا عُدْوَانًا فَعَدَا عَلَيْهِ مُكَلَّفٌ آخَرُ فَقَتَلَهُ عَمْدًا عُدْوَانًا فَإِنَّ دَمَ هَذَا الْقَاتِلِ يَسْتَحِقُّهُ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ الْأَوَّلِ إنْ شَاءَ قَتَلَهُ وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وَكَذَلِكَ إذَا قَطَعَ شَخْصٌ يَدَ شَخْصٍ عَمْدًا فَعَدَا عَلَى الْقَاطِعِ شَخْصٌ فَقَطَعَ يَدَهُ فَإِنَّ الْمَقْطُوعَ يَدُهُ أَوَّلًا يَسْتَحِقُّ قَطْعَ يَدِ الْقَاطِعِ إنْ شَاءَ قَطَعَ وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ
فَقَوْلُهُ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ وَدِيَتُهُ ثُلُثُ خُمُسٍ) أَيْ وَهِيَ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ دِينَارًا وَثُلُثَا دِينَارٍ (قَوْلُهُ أَيْ فَالْقَوَدُ مُتَعَيِّنٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا جَوَابُ الشَّرْطِ وَجَوَابُ الشَّرْطِ لَا يَكُونُ إلَّا جُمْلَةً فَلِذَا قَدَّرَهُ بِمَا تَرَى وَكَأَنَّهُ يُشِيرُ إلَى أَنَّ عَيْنًا مَنْصُوبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ مِنْ الْخَبَرِ وَلَمْ يُعْهَدْ ذَلِكَ فَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضٌ قَوْلُهُ عَيْنًا تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ عَنْ الْفَاعِلِ أَيْ فَيَجِبُ عَيْنُ الْقَوَدِ أَوْ عَنْ الْمُبْتَدَأِ أَيْ فَعَيْنُ الْقَوَدِ وَاجِبَةٌ وَالْمُرَادُ بِالْعَيْنِ الذَّاتُ انْتَهَى
(أَقُولُ) أَوْ مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ مِنْ فَاعِلِ يَجِبُ الْوَاقِعِ خَبَرًا وَالْمَعْنَى فَالْقَوَدُ يَجِبُ فِي حَالِ كَوْنِهِ عَيْنًا (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي جَزَاءِ الْجِنَايَةِ) بِمَدِّ الْهَمْزَةِ أَيْ مِنْ الْمُجَازَاةِ وَقَوْلُهُ وَجَزَاؤُهَا أَيْ مُقَابِلُهَا
(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ) أَيْ بَالِغًا أَوْ غَيْرَهُ وَلَا يُقْتَلُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الْأَدَبُ إنْ اسْتَمَرَّ عَلَى الْبَرَاءَةِ وَإِنْ رَجَعَ فَيَنْبَغِي قَبُولُهُ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقًّا قَبْلَ وُجُوبِهِ فَيُقْطَعُ الْقَاطِعُ وَلَوْ قَالَ اُقْتُلْ عَبْدِي وَلَك كَذَا أَوْ بِغَيْرِ شَيْءٍ فَقَتَلَهُ فَيُضْرَبُ الْقَاتِلُ مِائَةً وَيُحْبَسُ عَامًا وَكَذَا يُضْرَبُ السَّيِّدُ مِائَةً وَيُحْبَسُ عَامًا وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ قِيمَتُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَقَوْلِهِ احْرِقْ ثَوْبِي أَوْ أَلْقِهِ فِي الْبَحْرِ لِأَنَّهُ إبَاحَةٌ لَهُ مَا لَمْ يَكُنْ الْمَأْذُونُ لَهُ مُودَعًا بِالْفَتْحِ وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ لِأَنَّهُ فِي حِفْظِهِ دُونَ مَا قَبْلَهُ وَإِذَا قَالَ الْوَلِيُّ لِشَخْصٍ إنْ قَتَلْت مَنْ فِي وِلَايَتِي فَقَدْ أَبْرَأْتُك فَقَتَلَهُ فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْ الْقَاتِلِ لِأَنَّ الْوَلِيَّ لَيْسَ لَهُ تَسْلِيطٌ عَلَى النَّفْسِ
(قَوْلُهُ لِعَافٍ مُطْلِقٍ) بِكَسْرِ اللَّامِ (قَوْلُهُ عَفْوًا مُطْلَقًا) الْمُتَبَادَرُ أَنَّ مُطْلَقًا بِفَتْحِ اللَّامِ صِفَةٌ لِعَفْوٍ وَإِنْ كَانَ يُقْرَأُ فِي الْمُصَنِّفِ بِكَسْرِ اللَّامِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ مِنْ حَالِهِ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ الْحَالُ فَقِيرٌ وَنَحْوَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ يُرِيدُ إذَا لَمْ يُطِلْ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ عَقِبَ الْعَفْوِ الْحَالُ فَقِيرٌ وَأَمَّا إنْ طَالَ الْأَمْرُ بَعْدَ الْعَفْوِ وَقَالَ الْحَالُ فَقِيرٌ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ (قَوْلُهُ وَيُخَيَّرُ سَيِّدُ الْجَانِي إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَبْقَى عَلَى حَقِّهِ فِي الْقَتْلِ وَفِي ابْنِ مَرْزُوقٍ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ يَبْقَى عَلَى حَقِّهِ فِي الْقَتْلِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ غَيْرُ نَاظِرٍ فِيهِ لِلتَّفْسِيرِ الْمَذْكُورِ وَالرَّاجِحُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ
أَوْ قَطَعَ فِيهِ مَعْطُوفٌ مُقَدَّرٌ تَقْدِيرُهُ عُضْوٌ وَقَرِينَتُهُ دَمٌ وَالدَّمُ فِي النَّفْسِ وَالْعُضْوُ الْمَعْطُوفُ يُغَايِرُ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ أَيْ أَوْ عُضْوُ مَنْ قَطَعَ يَدَ الْقَاطِعِ وَالْوَلِيُّ فِي الْقَتْلِ أَجْنَبِيٌّ وَفِي الْقَطْعِ الْمَقْطُوعُ يَدُهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى مَا قَالَهُ الزَّرْقَانِيُّ وَقَوْلُهُ (كَدِيَةِ خَطَأٍ) تَشْبِيهٌ فِي الِاسْتِحْقَاقِ يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا جَنَى خَطَأً عَلَى مَنْ قَتَلَ عَمْدًا أَوْ قَطَعَ عُضْوًا عَمْدًا فَإِنَّ وَلِيَّ الْمَقْتُولِ أَوَّلًا يَسْتَحِقُّ دِيَةَ الْمَقْتُولِ ثَانِيًا خَطَأً وَأَنَّ الْمَقْطُوعَ أَوَّلًا يَسْتَحِقُّ دِيَةَ يَدِ الْمَقْطُوعِ ثَانِيًا خَطَأً فَقَوْلُهُ كَدِيَةِ خَطَأٍ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِي نَفْسٍ أَوْ عُضْوٍ (ص) فَإِنْ أَرْضَاهُ وَلِيُّ الثَّانِي فَلَهُ (ش) يَعْنِي فَإِنْ حَصَلَ لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ أَوَّلًا الرِّضَا مِنْ قِبَلِ وَلِيِّ الْمَقْتُولِ ثَانِيًا فَلَهُ أَيْ فَيَصِيرُ دَمُ الْقَاتِلِ الثَّانِي لِأَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ الثَّانِي إنْ شَاءُوا قَتَلُوهُ وَإِنْ شَاءُوا عَفَوْا عَنْهُ فَقَوْلُهُ الثَّانِي أَيْ الْمَقْتُولُ الثَّانِي وَهُوَ الْقَاتِلُ الْأَوَّلُ وَكَلَامُ تت فِيهِ نَقْصٌ وَقَوْلُهُ فَلَهُ أَيْ فَلِوَلِيِّ الثَّانِي الْقَتْلُ أَوْ الْعَفْوُ وَأَمَّا تَخْيِيرُ وَلِيِّ الْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فَقَدْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ فَإِنْ أَرْضَاهُ وَلِيُّ الثَّانِي لِأَنَّ الرِّضَا لَا يَكُونُ إلَّا مَعَ التَّخْيِيرِ وَكَلَامُ تت فِيهِ نَظَرٌ
(ص) وَإِنْ فُقِئَتْ عَيْنُ الْقَاتِلِ أَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ وَلَوْ مِنْ الْوَلِيِّ بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَ لَهُ فَلَهُ الْقَوَدُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَاتِلَ إذَا تَعَدَّى عَلَيْهِ رَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ أَوْ وَلِيُّ الدَّمِ فَقَطَعَ يَدَهُ مَثَلًا عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَلَهُ الْقِصَاصُ عَلَى مَنْ فَعَلَ بِهِ ذَلِكَ عَمْدًا سَوَاءٌ كَانَ الْفَاعِلُ أَجْنَبِيًّا أَوْ وَلِيَّ الدَّمِ سَوَاءٌ فَعَلَهُ بَعْدَ أَنْ أُسْلِمَ إلَيْهِ أَوْ قَبْلَهُ ثُمَّ يَقْتُلُونَهُ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّ أَطْرَافَ الْقَاتِلِ مَعْصُومَةٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى مُسْتَحِقِّ الدَّمِ وَإِلَى غَيْرِهِ وَلَهُ أَخْذُ الدِّيَةِ فِي الْخَطَأِ فَقَوْلُهُ يَدُهُ أَيْ طَرَفٌ مِنْ أَطْرَافِهِ وَقَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ الْوَلِيِّ بَعْدَ أَنْ أُسْلِمَ لَهُ مُبَالَغَتَانِ فَأَوْلَى مِنْ غَيْرِ الْوَلِيِّ وَمِنْ الْوَلِيِّ قَبْلَ أَنْ يُسَلَّمَ إلَيْهِ
(ص) وَقُتِلَ الْأَدْنَى بِالْأَعْلَى كَحُرٍّ كِتَابِيٍّ بِعَبْدٍ مُسْلِمٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَدْنَى يُقْتَلُ بِالْأَعْلَى مِثَالُهُ حُرٌّ كِتَابِيٌّ قَتَلَ عَبْدًا مُسْلِمًا فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ لِأَنَّهُ أَدْنَى وَالْعَبْدُ الْمُسْلِمُ أَعْلَى إذْ حُرْمَةُ الْإِسْلَامِ لَا تُوَازِيهَا حُرِّيَّةُ الْكَافِرِ وَأَمَّا الْعَكْسُ فَلَا قِصَاصَ كَمَا إذَا قَتَلَ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ حُرًّا كِتَابِيًّا فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِهِ كَمَا مَرَّ (ص) وَالْكُفَّارُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ مِنْ كِتَابِيٍّ وَمَجُوسِيٍّ وَمُؤَمَّنٍ (ش) الْكُفْرُ كُلُّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ فَالْيَهُودِيُّ وَالنَّصْرَانِيُّ وَالْمَجُوسُ وَعُبَّادُ النَّارِ وَعُبَّادُ الْأَوْثَانِ وَغَيْرُهُمْ يُقْتَصُّ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ وَلَا يُقْتَصُّ لَهُمْ مِنْ الْمُسْلِمِ لِنَقْصِهِمْ عَنْهُ فِي الدِّينِ وَمُؤَمَّنٌ اسْمُ مَفْعُولٍ دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ وَهُوَ وَمَا قَبْلَهُ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ لِشُمُولِ الْكَافِرِ لِمَا ذُكِرَ (ص) كَذَوِي الرِّقِّ (ش) أَيْ فَيُقْتَصُّ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ وَلَا يُقْتَصُّ لَهُمْ مِنْ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ لِنَقْصِهِمْ عَنْهُ بِالْحُرِّيَّةِ (ص) وَذَكَرٍ وَصَحِيحٍ وَضِدِّهِمَا
ــ
[حاشية العدوي]
(قَوْلُهُ وَقَرِينَتُهُ دَمٌ) لِأَنَّ الدَّمَ وَقَعَ مُسْتَحَقًّا وَالْمُقَابِلُ لِلْمُسْتَحَقِّ فِي غَيْرِ النَّفْسِ لَا يَكُونُ إلَّا عُضْوًا وَقَوْلُهُ وَالْعُضْوُ الْمَعْطُوفُ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَحِينَئِذٍ فَالْعَطْفُ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْعُضْوَ الْمَعْطُوفَ يُغَايِرُ الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَفِي قَطْعِ الْمَقْطُوعَةِ يَدُهُ لَا يَخْفَى مَا فِي تَسْمِيَتِهِ وَلِيًّا مِنْ الْمُسَامَحَةِ وَغَايَةُ مَا فِيهَا أَنَّهُ مَجَازٌ لُغَوِيٌّ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَجَازِ بِالْحَذْفِ فَكَانَ أَوْلَى مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ أَحْمَدَ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ غَيْرَ أَنَّهُ لَيْسَ مَجَازًا خَالِصًا بَلْ فِيهِ جَمْعٌ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ وَفِيهِ خِلَافٌ وَقَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ لِمَا قَالَهُ رَأْيٌ مِنْ أَنَّ فِيهِ لَفًّا وَنَشْرًا مُرَتَّبًا وَالتَّقْدِيرُ وَاسْتَحَقَّ وَلِيٌّ أَوْ مَقْطُوعٌ دَمَ مِنْ قَتْلِ الْقَاتِلِ أَوْ يَدَ مَنْ قَطَعَ يَدَ الْقَاطِعِ اهـ.
وَذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ التَّقْدِيرِ (قَوْلُهُ يَعْنِي إلَخْ) عِبَارَةُ بَعْضِهِمْ أَفْيَدُ وَنَصُّهُ فَإِنْ أَرْضَاهُ أَيْ أَرْضَى وَلِيُّ الدَّمِ الْأَوَّلِ وَلِيَّ الْمَقْتُولِ الثَّانِي وَهُوَ الْقَاتِلُ الْأَوَّلُ وَقَوْلُهُ فَلَهُ أَيْ فَأَمْرُ الْقَاتِلِ لَهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً وَحِينَئِذٍ فَهُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى وَاسْتَحَقَّ وَلِيٌّ دَمَ مَنْ قُتِلَ وَعَلَى قَوْلِهِ كَدِيَةِ خَطَأٍ فَهُوَ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ وَمَا بَعْدَهَا وَقَوْلُهُ لِأَنَّ الرِّضَا لَا يَكُونُ إلَّا مَعَ التَّخْيِيرِ أَيْ بَيْنَ أَنْ يُقْتَصَّ مِنْ الَّذِي قَتَلَ الْقَاتِلَ وَلَوْ بَذَلَ لَهُ وَلِيُّ الثَّانِي أَكْثَرَ مِنْ الدِّيَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ مَوْكُولٌ إلَى اخْتِيَارِ وَلِيِّ الْأَوَّلِ فِي أَنَّ لَهُ أَنْ لَا يَرْضَى بِمَا بَذَلَ لَهُ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ الثَّانِي مِنْ الدِّيَةِ أَوْ أَكْثَرَ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَلَهُ أَنْ يَرْضَى وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لِأَوْلِيَاءِ الثَّانِي أَنْ يَدْفَعُوا الدِّيَةَ إلَى أَوْلِيَاءِ الْأَوَّلِ وَيَقْتُلُوهُمْ لِأَنْفُسِهِمْ وَفَهِمَهُ اللَّخْمِيُّ عَلَى إجْبَارِ أَوْلِيَاءِ الْأَوَّلِ عَلَى قَبُولِ الدِّيَةِ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ تت فِيهِ نَظَرٌ) أَيْ لِأَنَّهُ قَالَ فَإِنْ أَرْضَاهُ أَيْ أَرْضَى وَلِيُّ الدَّمِ الْأَوَّلِ وَلِيَّ الْقَاتِلِ الثَّانِي وَقَوْلُهُ فَلَهُ أَيْ فَدَمُهُ لِوَلِيِّ الْقَاتِلِ الثَّانِي إنْ شَاءَ اقْتَصَّ أَوْ عَفَا انْتَهَى أَيْ فَصَوَابُهُ الْمَقْتُولُ وَقَوْلُهُ أَوَّلًا وَكَلَامُ تت فِيهِ نَقْصٌ الْأَوْلَى حَذْفُهُ لِأَنَّ الَّذِي فِي تت إنَّمَا هُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ وَهُوَ لَيْسَ فِيهِ نَقْصٌ إنَّمَا هُوَ خِلَافُ الصَّوَابِ
(قَوْلُهُ أَيْ طَرَفٌ مِنْ أَطْرَافِهِ) أَيْ فَقَدْ أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْخَاصَّ وَهُوَ الْيَدُ وَأَرَادَ الْعَامَّ وَهُوَ مُطْلَقُ طَرَفٍ
(قَوْلُهُ وَالْكُفْرُ كُلُّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ) أَيْ فِي بَابِ الْجِنَايَاتِ لَا فِي بَابِ الْفَرَائِضِ فَالْمِلَلُ فِيهَا ثَلَاثٌ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَمَا عَدَاهُمَا مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ وَالْمُرَادُ غَيْرُ الْحَرْبِيِّينَ لِمَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ أَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ مِنْ الْحَرْبِيِّينَ وَقَوْلُهُ وَالْمَجُوسُ أَيْ الَّذِينَ يَقُولُونَ بِأَنَّ الْإِلَهَ اثْنَانِ وَقَوْلُهُ وَهُوَ وَمَا قَبْلَهُ إلَخْ حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَقُولُ إنَّ " مُؤَمَّنٌ " مَعَ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ مُحْتَوٍ عَلَى عَطْفٍ عَامٍّ وَهُوَ مُؤَمَّنٌ عَلَى خَاصٍّ وَهُوَ كِتَابِيٌّ وَمَجُوسِيٌّ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْكِتَابِيَّ وَالْمَجُوسِيَّ كُلٌّ مِنْهُمَا دَاخِلٌ تَحْتَ أَمَانِنَا فَهُمَا مِنْ أَفْرَادِ الْمُؤَمَّنِ وَإِنْ كَانَ بِحَسَبِ مَا قَالَ لَا يَدْخُلَانِ لِأَنَّهُ فَسَّرَهُ بِمَنْ دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ مَا كَانَ فِيهِ تَحْتَ ذِمَّتِنَا مِنْ يَهُودِيٍّ وَمَجُوسِيٍّ وَنَصْرَانِيٍّ مِمَّنْ تَوَلَّدَ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ وَقَوْلُهُ لِشُمُولِ الْكَافِرِ لَيْسَ الْمُرَادُ مُطْلَقَ كَافِرٍ بَلْ مُرَادُهُ كَافِرٌ مَخْصُوصٌ وَهُوَ مُؤَمَّنٌ
(ش) ضِدُّ الذَّكَرِ الْأُنْثَى وَضِدُّ الصَّحِيحِ السَّقِيمُ فَيُقْتَصُّ لِلْأُنْثَى مِنْ الذَّكَرِ وَبِالْعَكْسِ وَيُقْتَصُّ لِلْمَرِيضِ مِنْ الصَّحِيحِ وَبِالْعَكْسِ فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى ذَوِي الرِّقِّ أَيْ وَكَذَكَرٍ وَصَحِيحٍ وَضِدِّهِمَا فِي أَنَّهُمْ يُقْتَلُونَ بِبَعْضِهِمْ وَيَصِحُّ الرَّفْعُ عَطْفًا عَلَى الْأَدْنَى
(ص) وَإِنْ قَتَلَ عَبْدٌ عَمْدًا بِبَيِّنَةٍ أَوْ قَسَامَةٍ خُيِّرَ الْوَلِيُّ فَإِنْ اسْتَحْيَاهُ فَلِسَيِّدِهِ إسْلَامُهُ أَوْ فِدَاؤُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ إذَا قَتَلَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا وَثَبَتَ عَلَيْهِ الْقَتْلُ فِيهِمَا بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِقَسَامَةٍ فِي الْحُرِّ بِأَنْ قَالَ قَتَلَنِي فُلَانٌ أَوْ يُقِيمَ عَدْلًا بِالْقَتْلِ وَيَقْسِمَ أَوْلِيَاؤُهُ فِي الصُّورَتَيْنِ فَإِنَّ وَلِيَّ الْمَقْتُولِ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَقْتُلَهُ أَوْ يَسْتَحْيِيَهُ وَإِنَّمَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْوَلِيِّ لِأَنَّ الْقَاتِلَ غَيْرُ كُفْءٍ فَإِنْ قَتَلَهُ فَوَاضِحٌ وَإِنْ اسْتَحْيَاهُ فَإِنَّ سَيِّدَهُ يُخَيَّرُ رِفْقًا بِهِ بَيْنَ أَنْ يُسَلِّمَهُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ يَفْدِيَهُ بِدِيَةِ الْحُرِّ أَوْ قِيمَةِ الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ
وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا الْقَسَامَةَ بِكَوْنِ الْمَقْتُولِ حُرًّا لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا قَسَامَةَ فِيهِ كَمَا يَأْتِي وَمَفْهُومُ بِقَسَامَةٍ أَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ بِإِقْرَارِ الْعَبْدِ لَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَهُوَ صَحِيحٌ وَالْحُكْمُ أَنَّهُ لَيْسَ لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ اسْتِحْيَاؤُهُ فَإِنْ اسْتَحْيَاهُ بَطَلَ حَقُّهُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ جَهِلَ ذَلِكَ وَمِثْلُهُ يُجْهَلُ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ وَيَبْقَى عَلَى حَقِّهِ فِي الْقِصَاصِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي الْعَمْدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَأَمَّا فِي الْخَطَأِ فَيُخَيَّرُ فِي الدِّيَةِ وَإِسْلَامِهِ فَإِنْ قَتَلَ الْعَبْدُ حُرًّا ذِمِّيًّا خُيِّرَ أَيْضًا سَيِّدُهُ فِي فِدَائِهِ بِدِيَةِ الذِّمِّيِّ وَإِسْلَامِهِ فَيُبَاعُ لِوَلِيِّ الدَّمِ إذْ لَا يَبْقَى مُسْلِمٌ فِي مِلْكِ كَافِرٍ وَقَوْلُهُ وَإِنْ قَتَلَ إلَخْ فِي قُوَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ فَالْقَوَدُ عَيْنًا
(ص) إنْ قَصَدَ ضَرْبًا (ش) هَذَا شُرُوعٌ فِي الرُّكْنِ الثَّالِثِ وَهُوَ الْفِعْلُ الْمُوجِبُ لِلْقِصَاصِ وَهُوَ تَارَةً يَكُونُ بِالْمُبَاشَرَةِ وَتَارَةً يَكُونُ بِالتَّسَبُّبِ وَبَدَأَ بِالْأَوَّلِ وَالْمَعْنَى أَنَّ شَرْطَ الْقَتْلِ الْمُوجِبِ لِلْقِصَاصِ أَنْ يَقْصِدَ الْقَاتِلُ الضَّرْبَ أَيْ يَقْصِدُ إيقَاعَهُ وَلَا يُشْتَرَطُ قَصْدُ الْقَتْلِ فِي غَيْرِ جِنَايَةِ الْأَصْلِ عَلَى فَرْعِهِ فَإِذَا قَصَدَ ضَرْبَهُ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ لَهُ وَكَذَا إذَا قَصَدَ ضَرْبَهُ بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ لَهُ مِنْهُ أَيْضًا وَلِذَا بَالَغَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ بِقَضِيبٍ) وَدَلَّ مَفْهُومُ الشَّرْطِ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَقْصِدْ ضَرْبَهُ وَثَبَتَ ذَلِكَ إمَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِإِقْرَارِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا قَوَدَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ خَطَأٌ وَفِيهِ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَقَوْلُهُ إنْ قَصَدَ ضَرْبًا أَيْ قَصَدَ ضَرْبَ مَنْ لَا يَجُوزُ لَهُ ضَرْبُهُ وَسَوَاءٌ قَصَدَ الشَّخْصَ الْمَضْرُوبَ نَفْسَهُ أَوْ قَصَدَ أَنْ يَضْرِبَ شَخْصًا عُدْوَانًا فَأَصَابَ غَيْرَهُ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ وَمَا قِيلَ إنَّهُ مِنْ الْخَطَأِ ضَعِيفٌ وَأَمَّا لَوْ قَصَدَ ضَرْبَ مَنْ يَحِلُّ لَهُ ضَرْبُهُ فَأَصَابَ غَيْرَهُ فَهُوَ خَطَأٌ بِشَرْطِ ضَرْبِ اللَّعِبِ أَوْ الْأَدَبِ وَقَوْلُنَا فِي غَيْرِ جِنَايَةِ الْأَصْلِ إلَخْ مُخْرِجٌ لِجِنَايَةِ الْأَبِ عَلَى وَلَدِهِ
فَإِنْ قَصَدَ ضَرْبَهُ لَا يَكُونُ مُوجِبًا لِقَتْلِهِ كَغَيْرِهِ لِأَنَّهُ كَانَ سَبَبًا فِي إخْرَاجِ الْوَلَدِ مِنْ الْعَدَمِ إلَى الْوُجُودِ فَلَا يُقْتَلُ بِهِ إلَّا إذَا قَصَدَ إزْهَاقَ رُوحِهِ كَمَا يَأْتِي (ص) كَخَنْقٍ وَمَنْعِ طَعَامٍ أَوْ مُثَقَّلٍ (ش) هَذَا تَشْبِيهٌ لَا مِثَالٌ لِأَنَّ مَنْعَ الطَّعَامِ لَيْسَ بِفِعْلٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّخْصَ إذَا خَنَقَ إنْسَانًا أَوْ مَنَعَهُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ قَاصِدًا قَتْلَهُ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ وَكَذَا إذَا قَتَلَهُ بِمُثَقَّلٍ كَحَجَرٍ أَوْ خَشَبَةٍ
(ص) وَلَا قَسَامَةَ إنْ أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ أَوْ مَاتَ مَغْمُورًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُكَلَّفَ إذَا ضَرَبَ شَخْصًا عَمْدًا عُدْوَانًا فَأَنْفَذَ مَقْتَلَهُ أَوْ لَمْ يَتَكَلَّمْ مِنْ حِينِ الضَّرْبِ إلَى أَنْ مَاتَ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ مِنْ غَيْرِ قَسَامَةٍ مِنْ أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ فَإِنْ أَكَلَ وَشَرِبَ وَعَاشَ ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ فَفِيهِ الْقَسَامَةُ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ أَمْرٍ عَرَضَ لَهُ وَلَوْ أَجْهَزَ شَخْصٌ عَلَى مَنْفُوذِ الْمَقَاتِلِ مِنْ غَيْرِهِ فَلَا يُقْتَصُّ إلَّا مِنْ الْأَوَّلِ وَيَرِثُ وَيُورَثُ وَعَلَى الثَّانِي الْعُقُوبَةُ بِالِاجْتِهَادِ كَمَا هُوَ أَحَدُ أَقْوَالٍ (ص) وَكَطَرْحِ غَيْرِ مُحْسِنٍ لِلْعَوْمِ عَدَاوَةً
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ وَيُقْتَصُّ لِلْمَرِيضِ مِنْ الصَّحِيحِ) أَيْ وَيُقْتَلُ كَامِلُ الْأَعْضَاءِ بِنَاقِصِهَا وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْقِصَاصِ بَيْنَهُمْ فِي غَيْرِ النَّفْسِ أَيْضًا وَقَوْلُهُ وَيَصِحُّ الرَّفْعُ أَيْ وَقُتِلَ ذَكَرٌ وَصَحِيحٌ إلَخْ أَيْ قُتِلَ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ
(قَوْلُهُ أَوْ قِيمَةِ الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا أَرَادَ أَنْ يَدْفَعَ قِيمَةَ الْعَبْدِ الْقَاتِلِ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَفِي عج وَتَبِعَهُ عب مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ قَالَ أَوْ فِدَاؤُهُ أَيْ بِقِيمَتِهِ أَوْ بِدِيَةِ الْحُرِّ أَوْ قِيمَةِ الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ اهـ.
وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ لَهُ مَا يُوَافِقُ مَا فِي عج مِنْ أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ التَّخْيِيرِ أَنْ يُعْطَى قِيمَةَ الْجَانِي (قَوْلُهُ فَإِنْ قَتَلَ الْعَبْدُ حُرًّا ذِمِّيًّا إلَخْ) لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ ذَلِكَ عَمْدًا أَوْ خَطَأً (قَوْلُهُ فَيُبَاعُ لِوَلِيِّ الدَّمِ) أَيْ وَلَهُ مَا زَادَ لَا لِسَيِّدِهِ
(قَوْلُهُ أَنْ يَقْصِدَ الْقَاتِلُ الضَّرْبَ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ الْعَدَاوَةِ وَأَمَّا لِمُجَرَّدِ الْغَضَبِ فَلَا كَذَا يُفِيدُهُ عج وَتَبِعَهُ شب وَفِي عب وَفَعَلَ ذَلِكَ لِغَضَبٍ أَوْ عَدَاوَةٍ فَيُقْتَصُّ مِنْهُ اهـ. فَجَعَلَ قَصْدَ الْغَضَبِ مِثْلَ الْعَدَاوَةِ فِي إيجَابِ الْقِصَاصِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَيَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ بِشَرْطِ ضَرْبِ اللَّعِبِ أَوْ الْأَدَبِ) أَيْ وَلَكِنْ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ بِآلَةٍ أَدَبَ لَا إنْ كَانَ بِآلَةٍ لَا يُضْرَبُ بِهَا لِلْأَدَبِ كَلَوْحٍ وَحَجَرٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ اللَّعِبَ مِنْ الْخَطَأِ كَمَا وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِهِ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا قَصَدَ إزْهَاقَ رُوحِهِ) أَيْ أَوْ ذَبَحَ أَوْ شَقَّ جَوْفَهُ وَلَوْ ادَّعَى عَدَمَ قَصْدِ قَتْلِهِ لِأَنَّ تِلْكَ الْآلَةَ لَا تُفْعَلُ إلَّا لِلْقَتْلِ (قَوْلُهُ أَوْ مُثَقَّلٍ) الْمُثَقَّلُ مَا قَابَلَ الْمُحَدَّدَ وَهُوَ مَا يُقْتَلُ بِهِ الشَّخْصُ بِالرَّضِّ أَيْ بِكَسْرِ الْعَظْمِ وَتَهْشِيمِ اللَّحْمِ وَالْمُحَدَّدُ مَالَهُ حَدٌّ يَجْرَحُ بِهِ خِلَافًا لِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لَا قِصَاصَ إلَّا فِي الْقَتْلِ بِمُحَدَّدٍ مِنْ حَدِيدٍ أَوْ حَجَرٍ لَهُ حَدٌّ أَوْ خَشَبَةٍ كَذَلِكَ أَوْ كَانَ مَعْرُوفًا بِقَتْلِ النَّاسِ كَالْمَنْجَنِيقِ وَالْإِلْقَاءِ فِي النَّارِ لَا فِي ضَرْبٍ بِقَضِيبٍ كَالْمُسَمَّى بِكُرْبَاجٍ وَظَاهِرُهُ عِنْدَهُمْ وَلَوْ قَصَدَ قَتْلَهُ
(قَوْلُهُ وَيَرِثُ وَيُورَثُ) أَيْ فَإِذَا مَاتَ أَخُوهُ قَبْلَ زُهُوقِ رُوحِهِ فَإِنَّهُ يَرِثُهُ وَقَوْلُهُ وَيُورَثُ أَيْ فَإِذَا كَانَ لَهُ أَخٌ عَبْدٌ أَوْ كَافِرٌ فَأَسْلَمَ أَوْ عَتَقَ ثُمَّ مَاتَ مَنْفُوذُ الْمَقَاتِلِ وَرِثَهُ (قَوْلُهُ كَمَا هُوَ أَحَدُ أَقْوَالِ إلَخْ) أَشَارَ أَبُو الْحَسَنِ لِهَذِهِ الْأَقْوَالِ فَقَالَ وَلَوْ أَجْهَزَ شَخْصٌ عَلَى مَنْفُوذِ الْمَقَاتِلِ مِنْ غَيْرِهِ فَقِيلَ يُقْتَلُ بِهِ الْأَوَّلُ وَلَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ وَالثَّانِي يُقْتَلُ بِهِ الثَّانِي وَيَرِثُ وَيُورَثُ وَالثَّالِثُ يُقْتَصُّ مِنْ الْأَوَّلِ وَيَرِثُ
وَإِلَّا فَدِيَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ طَرَحَ شَخْصًا فِي نَهْرٍ وَهُوَ لَا يُحْسِنُ الْعَوْمَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ عَلَى وَجْهِ الْعَدَاوَةِ وَالْقَتْلِ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ وَلَا قَسَامَةَ خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَسَوَاءٌ عَلِمَ الطَّارِحُ أَنَّ الْمَطْرُوحَ يُحْسِنُ الْعَوْمَ أَمْ لَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الطَّرْحُ عَدَاوَةً بَلْ كَانَ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ وَشَبَهِهِ وَهُوَ لَا يُحْسِنُ الْعَوْمَ أَوْ كَانَ يُحْسِنُهُ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْعَدَاوَةِ أَوْ اللَّعِبِ فَلَا يُقْتَلُ بِهِ وَلَهُ عَلَيْهِ دِيَةٌ مُخَمَّسَةٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهَا لَا مُغَلَّظَةً كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ
(ص) وَكَحَفْرِ بِئْرٍ وَإِنْ بِبَيْتِهِ أَوْ وَضْعِ مَزْلَقٍ أَوْ رَبْطِ دَابَّةٍ بِطَرِيقٍ أَوْ اتِّخَاذِ كَلْبٍ عَقُورٍ تُقُدِّمَ لِصَاحِبِهِ إنْذَارٌ (ش) لَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الْإِتْلَافِ بِالْمُبَاشَرَةِ شَرَعَ الْآنَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْإِتْلَافِ بِالسَّبَبِ وَهُوَ أَنْ يَفْعَلَ فِعْلًا يَكُونُ سَبَبًا لِلْإِتْلَافِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ حَفَرَ بِئْرًا فِي مَوْضِعٍ لَا يَجُوزُ لَهُ حَفْرُهَا فِيهِ كَطَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ حَفَرَهَا فِي مَوْضِعٍ يَجُوزُ لَهُ حَفْرُهَا فِيهِ كَبَيْتِهِ وَقَصَدَ بِذَلِكَ الضَّرَرَ كَهَلَاكِ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ وَهَلَكَ فِيهَا ذَلِكَ الْمُعَيَّنُ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ فَإِنْ هَلَكَ فِيهَا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ فَعَلَيْهِ دِيَتُهُ إنْ كَانَ حُرًّا أَوْ قِيمَتُهُ إنْ كَانَ عَبْدًا أَمَّا إنْ حَفَرَ الْبِئْرَ فِي بَيْتِهِ لِضَرُورَةٍ اقْتَضَتْ ذَلِكَ فَهَلَكَ فِيهَا إنْسَانٌ أَوْ غَيْرُهُ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ بَلْ هُوَ هَدَرٌ وَكَذَلِكَ يُقْتَصُّ مِمَّنْ وَضَعَ مَا يُزْلِقُ فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ كَقُشُورِ بِطِّيخٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَقَصَدَ بِذَلِكَ الضَّرَرَ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ وَهَلَكَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْمُعَيَّنُ وَأَمَّا إنْ هَلَكَ غَيْرُهُ فَالدِّيَةُ وَكَذَلِكَ يُقْتَصُّ مِمَّنْ رَبَطَ دَابَّةً بِطَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ وَقَصَدَ الْأَذِيَّةَ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ فَهَلَكَ بِسَبَبِ ذَلِكَ وَإِنْ هَلَكَ غَيْرُهُ فَالدِّيَةُ وَكَذَلِكَ يُقْتَصُّ مِمَّنْ اتَّخَذَ كَلْبًا عَقُورًا وَقَدْ أُنْذِرَ عَنْ اتِّخَاذِهِ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ وَهَلَكَ وَإِنْ هَلَكَ غَيْرُهُ فَالدِّيَةُ فَقَوْلُهُ (قَصَدَ الضَّرَرَ وَهَلَكَ الْمَقْصُودُ) قَيْدٌ فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ الْقَوَدُ إذَا قَصَدَ الضَّرَرَ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ وَهَلَكَ ذَلِكَ الْمُعَيَّنُ وَقَوْلُهُ (وَإِلَّا فَالدِّيَةُ) شَامِلٌ لِصُورَتَيْنِ الْأُولَى أَنْ يَقْصِدَ ضَرَرَ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ فَيُهْلِكَ غَيْرَهُ وَالثَّانِيَةُ أَنْ لَا يَقْصِدَ شَخْصًا مُعَيَّنًا وَمَفْهُومُ قَصْدِ الضَّرَرِ
ــ
[حاشية العدوي]
وَيُورَثُ وَهُوَ أَحْسَنُ الْأَقْوَالِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَفِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ الثَّانِي وَلَا يَكُونُ عَلَى الْأَوَّلِ إلَّا الْأَدَبُ أَيْ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْأَحْيَاءِ يَرِثُ وَيُورَثُ وَيُوصِي بِمَا شَاءَ مِنْ عِتْقٍ وَغَيْرِهِ ابْنُ رُشْدٍ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ أَيْ الَّذِي يَقُولُ يُقْتَلُ الْأَوَّلُ وَلَوْ قِيلَ يُقْتَلَانِ بِهِ جَمِيعًا لِأَنَّهُمَا قَدْ اشْتَرَكَا فِي قَتْلِهِ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ انْتَهَى
(قَوْلُهُ عَلَى وَجْهِ الْعَدَاوَةِ) الصَّوَابُ أَنَّهُ يُقْتَصُّ حَيْثُ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْعَدَاوَةِ سَوَاءٌ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يُحْسِنُ الْعَوْمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ وَلَا عَدَمِهِ أَوْ عَلِمَ أَنَّهُ يُحْسِنُ الْعَوْمَ وَإِنَّمَا كَانَ يُقْتَلُ حَيْثُ طَرَحَهُ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يُحْسِنُ الْعَوْمَ لِأَنَّهُ إنَّمَا طَرَحَهُ حَيْثُ يَظُنُّ أَنَّهُ لَا يَنْجُو مِنْهُ وَكَذَا إذَا طَرَحَهُ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُحْسِنُ الْعَوْمَ وَأَمَّا إذَا طَرَحَهُ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يُحْسِنُ الْعَوْمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ وَلَا بِعَدَمِهِ فَلَا
(قَوْلُهُ كَطَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ) وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَحْفِرْهَا بِهَا لِلْمَطَرِ وَإِلَّا فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ إنْ حَظَرَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ أَمَّا إنْ حَفَرَ الْبِئْرَ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ حَاصِلَ مَسْأَلَةِ الْبِئْرِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِحَفْرِهَا ضَرَرًا فَإِنْ حَفَرَهَا فِي مَحَلٍّ لَا يَجُوزُ لَهُ كَالطَّرِيقِ ضَمِنَ مَا تَلِفَ بِهَا لِأَنَّ فِعْلَهَا فِي الطَّرِيقِ يُحْمَلُ عَلَى قَصْدِ الضَّرَرِ وَإِنْ كَانَ فِي مَحَلٍّ يَجُوزُ لَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ حَفَرَهَا بِقَصْدِ الضَّرَرِ وَلَوْ فِي مَحَلٍّ يَجُوزُ لَهُ فَإِنْ حَفَرَهَا لِإِهْلَاكِ شَخْصٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مَا هَلَكَ فِيهَا وَإِنْ حَفَرَهَا لِإِهْلَاكِ سَارِقٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَهَلَكَ فِيهَا غَيْرُ آدَمِيٍّ فَالظَّاهِرُ الضَّمَانُ وَإِنْ حَفَرَهَا لِإِهْلَاكِ شَخْصٍ بِعَيْنِهِ فَإِنْ هَلَكَ ذَلِكَ الشَّخْصُ اُقْتُصَّ مِنْهُ وَإِنْ هَلَكَ غَيْرُهُ ضَمِنَ دِيَتَهُ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَإِنْ حَفَرَهَا لِمَنْ يَجُوزُ قَتْلُهُ كَحَفْرِهَا فِي بَيْتِهِ أَوْ حَائِطِهِ لِكَسَبْعٍ فَلَا يَضْمَنُ مَا هَلَكَ فِيهَا مِنْ آدَمِيٍّ سَارِقٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِنْ حَفَرَ بِئْرًا حَوْلَ زَرْعِهِ لِمَنْعِ الدَّوَابِّ عَنْهُ خَشْيَةَ أَنْ تُفْسِدَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ حَفَرَهَا لِإِتْلَافِ دَوَابِّ النَّاسِ ضَمِنَ هَذَا مَا ذَكَرُوهُ (قَوْلُهُ مَا يُزْلِقُ فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ كَرَشٍّ وَوَضْعِ قِشْرِ بِطِّيخٍ حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا فَعَلَهُ فِي الطَّرِيقِ وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ الضَّرَرَ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى قَصْدِ الضَّرَرِ وَإِنْ فَعَلَهُ فِي مَحَلٍّ يَجُوزُ لَهُ فَإِنْ قَصَدَ إتْلَافَ آدَمِيٍّ بِعَيْنِهِ مُحْتَرَمٍ وَتَلِفَ اُقْتُصَّ مِنْهُ وَإِنْ تَلِفَ غَيْرُهُ أَوْ فَعَلَهُ لِإِتْلَافِ سَارِقٍ لَا بِعَيْنِهِ أَوْ لِإِتْلَافِ مَا لَا يَجُوزُ إتْلَافُهُ وَتَلِفَ بِهِ آدَمِيٌّ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ دِيَتَهُ وَإِنْ فَعَلَهُ لِإِتْلَافِ مَا يَجُوزُ إتْلَافُهُ فَلَا يَضْمَنُ مَا تُلْفِ بِهِ مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ
(قَوْلُهُ وَإِنْ هَلَكَ غَيْرُهُ فَالدِّيَةُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ إهْلَاكَ شَخْصٍ بِعَيْنِهِ فَإِنْ قَصَدَ بِهِ إهْلَاكَ مَنْ لَا يَجُوزُ إهْلَاكُهُ وَهَلَكَ بِذَلِكَ آدَمِيٌّ مُحْتَرَمٌ ضَمِنَ دِيَتَهُ وَإِنْ هَلَكَ غَيْرُهُ كَدَابَّةٍ ضَمِنَ قِيمَتَهُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ ضَرَرًا أَصْلًا فَإِنْ اتَّخَذَ ذَلِكَ لِحَاجَةٍ فَلَا ضَمَانَ وَإِنْ جَعَلَ ذَلِكَ مَرْبِطًا لَهُ ضَمِنَ وَانْظُرْ مَنْ اتَّخَذَ دَابَّةً مَعْرُوفَةً بِالْعَدَاءِ بِبَيْتِهِ وَلَمْ يَفْعَلْ بِهَا مَا يَمْنَعُهَا مِنْ الْعَدَاءِ الَّذِي عُرِفَتْ بِهِ وَفِي الْمَوَّاقِ مَا يُفِيدُ أَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الْكَلْبِ الْعَقُورِ فَيَجْرِي فِيهَا تَفْصِيلِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ يُقْتَصُّ مِمَّنْ اتَّخَذَ كَلْبًا عَقُورًا) لَا يَخْتَصُّ بِالْكَلْبِ بَلْ يُشَارِكُهُ فِيهِ كُلُّ حَيَوَانٍ مُؤْذٍ مُتَّخَذٍ وَالْجِدَارُ الْمَائِلُ وَالْعَقُورُ مَا يَعْقِرُ وَيُؤْذِي بِلَا سَبَبٍ مِنْ الْعُقْرِ وَهُوَ الْجُرْحُ وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ إلَّا بِتَكَرُّرِ ذَلِكَ مِنْهُ وَلِذَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ إنَّ هَذَا مِنْ الْمُبَالَغَةِ (قَوْلُهُ وَقَدْ أَنْذَرَ) اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ تُقُدِّمَ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ وَنَائِبُ الْفَاعِلِ مُسْتَتِرٌ دَلَّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ أَيْ تَقَدَّمَ الْإِنْذَارُ فِيهِ وَحَاصِلُ مَسْأَلَةِ ذَلِكَ أَنَّهُ إنْ اتَّخَذَهُ لِإِهْلَاكِ مُعَيَّنٍ مُحْتَرَمٍ وَأَهْلَكَهُ اُقْتُصَّ مِنْهُ إنْ وُجِدَتْ الْمُكَافَأَةُ وَمَا يُعْتَبَرُ فِي ثُبُوتِ الْقِصَاصِ وَسَوَاءٌ كَانَ عَقُورًا أَمْ لَا أُنْذِرَ صَاحِبُهُ أَمْ لَا وَإِنْ أَهْلَكَ غَيْرَهُ ضَمِنَهُ وَإِنْ اتَّخَذَهُ لِإِهْلَاكِ مَنْ لَا يَجُوزُ إهْلَاكُهُ وَأَهْلَكَ آدَمِيًّا مُحْتَرَمًا ضَمِنَ دِيَتَهُ سَوَاءٌ كَانَ عَقُورًا أَمْ لَا اتَّخَذَهُ فِي مَحَلٍّ يَجُوزُ لَهُ أَمْ لَا وَإِنْ أَهْلَكَ غَيْرَهُ ضَمِنَ قِيمَتَهُ وَإِنْ لَمْ يَتَّخِذْهُ لِإِهْلَاكِ مَنْ لَا يَجُوزُ إهْلَاكُهُ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَقُورِ فَلَا ضَمَانَ اتَّخَذَهُ فِي مَحَلٍّ يَجُوزُ لَهُ أَمْ لَا لِأَنَّهُ مِنْ الْعَجْمَاءِ الَّتِي فِعْلُهَا جُبَارٌ أَيْ: هَدَرٌ وَإِنْ كَانَ عَقُورًا فَإِنْ اتَّخَذَهُ فِي مَحَلٍّ لَا يَجُوزُ كَمَا إذَا اتَّخَذَهُ لِحِرَاسَةِ الدَّارِ ضَمِنَ إنْ
أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْصِدْ ضَرَرًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ لَكِنْ عَلَى تَفْصِيلٍ اُنْظُرْهُ فِي الْكَبِيرِ فَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَالدِّيَةُ رَاجِعٌ لِلْأَخِيرِ وَقَوْلُهُ فَالدِّيَةُ أَيْ إنْ كَانَ الْهَالِكُ حُرًّا وَالْقِيمَةُ إنْ كَانَ غَيْرَهُ
وَلَوْ قَالَ فَالضَّمَانُ لَكَانَ أَشْمَلَ (ص) وَكَالْإِكْرَاهِ وَتَقْدِيمِ مَسْمُومٍ وَرَمْيِهِ عَلَيْهِ حَيَّةً (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَكَحَفْرِ بِئْرٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ مِنْ أَسْبَابِ الْقَتْلِ الْإِكْرَاهَ وَهُوَ نِسْبَةٌ بَيْنَ الْمُكْرَهِ وَالْمُكْرِهِ فَيُقْتَلُ الْمُكْرِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ لِتَسَبُّبِهِ وَالْمُكْرَهُ بِفَتْحِ الرَّاءِ لِمُبَاشَرَتِهِ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ مُخَالَفَةُ الْآمِرِ خَوْفَ قَتْلِهِ فَكَلَامُهُ مُجْمَلٌ يُفَصِّلُهُ الْآتِي وَمِنْ أَسْبَابِهِ مَنْ قَدَّمَ لِشَخْصٍ طَعَامًا أَوْ لِبَاسًا مَسْمُومًا فَقُتِلَ بِسَبَبِ ذَلِكَ حَيْثُ كَانَ الْمُقَدِّمُ عَالِمًا بِأَنَّهُ مَسْمُومٌ أَيْ وَلَمْ يَعْلَمْ الْآكِلُ بِهِ فَإِنْ عَلِمَ الْآكِلُ بِأَنَّهُ مَسْمُومٌ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُقَدِّمِ وَمِنْ أَسْبَابِهِ مَنْ رَمَى حَيَّةً حَيَّةً عَلَى شَخْصٍ فَقَتَلَتْهُ بِلَدْغَتِهَا وَسَوَاءٌ عَلِمَ أَنَّهَا تَقْتُلُهُ أَمْ لَا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ وَأَمَّا لَوْ مَاتَ مِنْ الْخَوْفِ فَالدِّيَةُ كَانَتْ حَيَّةً أَوْ مَيِّتَةً وَأَمَّا إنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ فَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ وَعَلَيْهِ الدِّيَةُ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا قَاتِلَةٌ وَإِلَّا اُقْتُصَّ مِنْهُ (ص) وَكَإِشَارَتِهِ بِسَيْفٍ فَهَرَبَ وَطَلَبَهُ وَبَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ وَإِنْ سَقَطَ فَبِقَسَامَةٍ وَإِشَارَتُهُ فَقَطْ خَطَأٌ وَكَالْإِمْسَاكِ لِلْقَتْلِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَشَارَ عَلَيْهِ بِسَيْفٍ أَوْ رُمْحٍ أَوْ عَصًا لِيَقْتُلَهُ فَهَرَبَ مِنْهُ فَتَبِعَهُ حَتَّى مَاتَ وَهُوَ قَائِمٌ بِأَنْ اسْتَنَدَ إلَى حَائِطٍ مَثَلًا وَالْحَالُ أَنَّ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةً فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَا رَاكِبَيْنِ أَوْ مَاشِيَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ فَلَوْ سَقَطَ فَمَاتَ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ أَيْضًا لَكِنْ بِقَسَامَةٍ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ السَّقْطَةِ فَيَحْلِفُ وُلَاةُ الدَّمِ خَمْسِينَ يَمِينًا مُتَوَالِيَةً بَتًّا أَنَّهُ مَاتَ خَوْفًا مِنْهُ وَلَوْ مَاتَ بِمُجَرَّدِ الْإِشَارَةِ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ كَانَ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا دِيَةُ خَطَأٍ مُخَمَّسَةٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَظَاهِرُهُ مِنْ غَيْرِ قَسَامَةٍ وَكَذَلِكَ يُقْتَصُّ مِمَّنْ مَسَكَ غَيْرَهُ لِشَخْصٍ لِيَقْتُلَهُ فَقَتَلَهُ لِتَسَبُّبِهِ وَيُقْتَلُ الْآخَرُ أَيْضًا لِمُبَاشَرَتِهِ وَلَوْ مَسَكَهُ لِشَخْصٍ لِيَضْرِبَهُ ضَرْبًا مُعْتَادًا فَضَرَبَهُ فَمَاتَ فَإِنَّ الضَّارِبَ يُقْتَلُ بِهِ
وَأَمَّا الْمُمْسِكُ فَإِنَّهُ يُعَاقَبُ أَشَدَّ الْعُقُوبَةِ وَيُحْبَسُ سَنَةً وَبِعِبَارَةٍ: اللَّامُ فِي لِلْقَتْلِ لِلتَّعْلِيلِ وَلَا يُقْتَلُ الْمُمْسِكُ إلَّا بِقُيُودٍ ثَلَاثَةٍ أَنْ يُمْسِكَهُ لِأَجْلِ الْقَتْلِ وَأَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الطَّالِبَ إنَّمَا يُرِيدُ قَتْلَهُ وَأَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ لَوْلَا الْمُمْسِكُ مَا قَدَرَ
ــ
[حاشية العدوي]
أُنْذِرَ أَوْ عَلِمَ أَنَّهُ يَعْقِرُ النَّاسَ وَإِنْ اتَّخَذَ فِي مَحَلٍّ يَجُوزُ لَهُ كَالزَّرْعِ وَالضَّرْعِ ضَمِنَ إنْ أُنْذِرَ عِنْدَ حَاكِمٍ أَوْ غَيْرِهِ وَإِلَّا لَمْ يَضْمَنْ وَلَيْسَ مِثْلَ الْإِنْذَارِ هُنَا عِلْمُهُ أَنَّهُ يَعْقِرُ النَّاسَ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ مَرْزُوقٍ أَنَّ عِلْمَهُ بِعُقْرِهِ يَقُومُ مَقَامَ الْإِنْذَارِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ تَقَدَّمَ لِصَاحِبِهِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ فِيهِ فَلَا ضَمَانَ وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا اتَّخَذَهُ فِي مَوْضِعٍ يَجُوزُ وَبِمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِعُقْرِهِ لِلنَّاسِ وَكَانَ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَى هَذَيْنِ الْقَيْدَيْنِ وَالتَّقَدُّمُ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَيَقُومُ مَقَامَهُ الْإِشْهَادُ وَلِذَلِكَ قَالَ مُحَشِّي تت قَوْلُهُ وَاِتِّخَاذُ كَلْبٍ عَقُورٍ لَا حَاجَةَ لِذِكْرِ قَيْدِ تَقَدُّمِ الْإِنْذَارِ لِأَنَّ الْكَلَامَ حَيْثُ قَصَدَ الضَّرَرَ وَهَلَكَ الْمَقْصُودُ وَهَذَا لَا قَيْدَ فِيهِ
وَإِنَّمَا الْقَيْدُ حَيْثُ اتَّخَذَهُ لِمَا يَجُوزُ لَهُ اتِّخَاذُهُ فِيهِ كَحِرَاسَةِ الزَّرْعِ وَالضَّرْعِ فِيهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ إذَا اتَّخَذَهُ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ فَلَا يَضْمَنُ مَا أَصَابَ حَتَّى يَتَقَدَّمَ فِيهِ إلَيْهِ وَإِنْ اتَّخَذَهُ لِمَوْضِعٍ لَا يَجُوزُ لَهُ اتِّخَاذُهُ فِيهِ كَالدُّورِ وَشِبْهِهِ وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُ عَقُورٌ ضَمِنَ مَا أَصَابَ وَقَالَ مَالِكٌ مَنْ اتَّخَذَ لَهُ فِي دَارِهِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا أَصَابَ إنْ تَقَدَّمَ فِيهِ إلَيْهِ اهـ. نَصًّا بِتَقْدِيمٍ وَتَأْخِيرٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ جَعْلَ الْكَلْبِ لِحِرَاسَةِ دَارِهِ أَوْ فُنْدُقِهِ مِنْ سَبِيلِ مَا لَا يَجُوزُ بِخِلَافِ زَرْعِهِ أَوْ ضَرْعِهِ فَيَجُوزُ خِلَافًا لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ الْقَائِلِ بِأَنَّ اتِّخَاذَهُ لِلدُّورِ وَالْفَنَادِقِ يَجُوزُ ذَكَرَهُ عج (قَوْلُهُ عَلَى تَفْصِيلٍ) أَقُولُ قَدْ بَيَّنَّاهُ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا حَفَرَهُ فِي مَوْضِعٍ لَا يَجُوزُ حَفْرُهُ فِيهِ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ وَأَمَّا إذَا حَفَرَهُ فِي مَوْضِعٍ يَجُوزُ لَهُ حَفْرُهُ فِيهِ فَلَا دِيَةَ وَقَوْلُهُ فَالدِّيَةُ أَيْ عَلَى الْعَاقِلَةِ أَيْ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا قَصَدَ جِنْسَ السَّارِقِ فَهَلَكَ فِيهَا وَاحِدٌ أَوْ أَكْثَرُ مِنْهُمْ فَإِنَّ دِيَةَ مَنْ هَلَكَ فِي مَالِ الْحَافِرِ وَإِنْ هَلَكَ مِنْ غَيْرِ السُّرَّاقِ فَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ (قَوْلُهُ نِسْبَةٌ بَيْنَ الْمُكْرَهِ وَالْمُكْرِهِ) أَيْ إلَّا أَنَّهَا قَائِمَةٌ بِالْمُكْرِهِ بِالْكَسْرِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ مُخَالَفَةُ الْآمِرِ) لَا شَكَّ أَنَّهُ إذَا أَمْكَنَهُ مُخَالَفَةُ الْآمِرِ لَا يَكُونُ مُكْرَهًا وَالْفَرْضُ أَنَّهُ مُكْرَهٌ (قَوْلُهُ حَيْثُ كَانَ الْمُقَدَّمُ عَالِمًا) فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مُقَدِّمُهُ فَلَا قِصَاصَ وَلَا أَدَبَ وَقَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْمُقَدِّمِ لَا قِصَاصَ وَلَا أَدَبَ قَالَ عج وَلَوْ وَضَعَ شَخْصٌ سُمًّا فِي طَعَامٍ وَقَدَّمَهُ لِضَيْفٍ فَعَلِمَ الضَّيْفُ بِأَنَّهُ مَسْمُومٌ ثُمَّ قَدَّمَهُ لِرَبِّهِ فَأَكَلَ مِنْهُ فَمَاتَ فَالْقِصَاصُ عَلَى الضَّيْفِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ وَأَمَّا لَوْ مَاتَ مِنْ الْخَوْفِ فَالدِّيَةُ كَانَتْ حَيَّةً أَوْ مَيِّتَةً ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ عَلِمَ أَنَّهَا تَقْتُلُ أَمْ لَا عَلَى وَجْهِ الْعَدَاوَةِ أَمْ لَا لَكِنْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ مَتَى عَلِمَ بِأَنَّهَا قَاتِلَةٌ وَهِيَ حَيَّةٌ فَمَاتَ فَالْقِصَاصُ وَإِنْ لَمْ تَلْدَغْهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا إنْ قَتَلَتْهُ وَطَرَحَهَا عَلَى وَجْهِ الْعَدَاوَةِ فَيُقْتَصُّ عَلَى أَنَّهَا تَقْتُلُ أَوْ اعْتَقَدَ أَنَّهَا لَا تَقْتُلُ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ شَيْئًا وَأَمَّا إنْ كَانَ لَا عَلَى وَجْهِ الْعَدَاوَةِ فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا تَقْتُلُ اُقْتُصَّ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا لَا تَقْتُلُ أَوْ شَكَّ فَلَا يُقْتَلُ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ لَدْغَتِهَا وَأَمَّا لَوْ مَاتَ مِنْ الْخَوْفِ فَلَا يُقْتَلُ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْعَدَاوَةِ أَمْ لَا كَانَتْ حَيَّةً أَمْ لَا عَلِمَ أَنَّهَا تَقْتُلُ أَمْ لَا هَذَا مُفَادُ الشَّارِحِ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ إذَا مَاتَ مِنْ الْخَوْفِ وَكَانَتْ حَيَّةً وَاعْتَقَدَ أَنَّهَا تَقْتُلُ فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ كَانَ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ أَمْ لَا
(قَوْلُهُ وَبَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ يَكُونُ خَطَأً وَالْمُرَادُ بِالْعَدَاوَةِ مَا يَشْمَلُ الْغَضَبَ لِمُقَابَلَتِهَا بِاللَّعِبِ قَالَهُ الْجِيزِيُّ (قَوْلُهُ لَكِنْ بِقَسَامَةٍ) قَيَّدَ الدَّمِيرِيُّ هَذَا بِأَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ وَأَمَّا عج فَنَظَرَ فَقَالَ وَهَلْ تُعْتَبَرُ الْعَدَاوَةُ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ سَقَطَ فَبِقَسَامَةٍ أَيْضًا أَوْ لَا وَقَالَ تِلْمِيذُهُ عب وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا كَانَ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ (قَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا دِيَةٌ) وَمَوْضُوعُهُ أَنَّ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةً وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ فِيهِ (قَوْلُهُ أَنْ يُمْسِكَ لِأَجْلِ الْقَتْلِ) فَإِنْ أَمْسَكَهُ لِيَضْرِبَهُ ضَرْبًا مُعْتَادًا وَلَمْ يَدْرِ أَنَّهُ يَقْصِدُ قَتْلَهُ وَلَا رَأَى مَعَهُ سَيْفًا وَلَا رُمْحًا قُتِلَ الْمُبَاشِرُ وَحْدَهُ وَضُرِبَ الْآخَرُ أَشَدَّ الضَّرْبِ وَحُبِسَ سَنَةً (قَوْلُهُ وَأَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ لَوْلَا الْمُمْسِكُ مَا قَدَرَ
عَلَى قَتْلِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الدَّالَّ الَّذِي لَوْلَا دَلَالَتُهُ مَا قُتِلَ الْمَدْلُولُ عَلَيْهِ كَالْمُمْسِكِ لِلْقَتْلِ لِتَوَافُقِهِمَا مَعْنًى فَقَوْلُهُ وَكَإِشَارَتِهِ بِسَيْفٍ الْكَافُ دَاخِلَةٌ عَلَى سَيْفٍ أَيْ وَمَاتَ وَهُوَ قَائِمٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَإِنْ سَقَطَ أَيْ وَبَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ وَمَفْهُومُ وَبَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ أَنَّهُ يَكُونُ خَطَأً
(ص) وَيُقْتَلُ الْجَمْعُ بِوَاحِدٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجَمَاعَةَ إذَا اجْتَمَعُوا عَلَى قَتْلِ شَخْصٍ عَمْدًا عُدْوَانًا فَإِنَّهُمْ يُقْتَلُونَ بِهِ وَمَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُمْ لَمْ يَتَمَالَئُوا عَلَى قَتْلِهِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ وَلَمْ تَتَمَيَّزْ الضَّرَبَاتُ وَإِلَّا قُدِّمَ الْأَقْوَى كَمَا يَأْتِي وَمَاتَ مَكَانَهُ أَوْ أُنْفِذَتْ مَقَاتِلَهُ وَأَمَّا لَوْ عَاشَ وَأَكَلَ وَشَرِبَ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَسَامَةِ وَلَا يُقْسَمُ فِي الْعَمْدِ إلَّا عَلَى وَاحِدٍ مُعَيَّنٍ لَهَا وَالْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ أَيْ بِسَبَبِ قَتْلِهِمْ وَاحِدًا
(ص) وَالْمُتَمَالَئُونَ وَإِنْ بِسَوْطِ سَوْطٍ وَالْمُتَسَبِّبُ مَعَ الْمُبَاشِرِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجَمَاعَةَ الْمُتَمَالِئَةَ عَلَى قَتْلِ شَخْصٍ يُقْتَلُونَ وَإِنْ لَمْ يَضْرِبُوهُ بِآلَةٍ تَقْتُلُ كَالْيَدِ وَالسَّوْطِ بَلْ وَلَوْ لَمْ يَلِ الْقَتْلَ إلَّا وَاحِدٌ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونُوا بِحَيْثُ لَوْ اُسْتُعِينَ بِهِمْ أَعَانُوا كَمَا أَنَّ الْمُتَسَبِّبَ يُقْتَلُ مَعَ الْمُبَاشِرِ كَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا لِيَقَعَ فِيهَا شَخْصٌ مُعَيَّنٌ فَوَقَفَ عَلَى شَفِيرِهَا فَرَدَّاهُ غَيْرُ الْحَافِرِ وَهَذَا لَيْسَ بِتَكْرَارٍ مَعَ قَوْلِهِ وَكَالْإِمْسَاكِ لِلْقَتْلِ لِأَنَّ ذَاكَ سَبَبٌ قَرِيبٌ لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ لِإِمْسَاكِهِ وَلَوْلَا هُوَ مَا قُتِلَ وَهَذَا سَبَبٌ بَعِيدٌ لِأَنَّهُ حَفَرَ الْبِئْرَ وَلَمْ يُبَاشِرْ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَرَتُّبِ الْقِصَاصِ عَلَى سَبَبٍ قَرِيبٍ تَرَتُّبُهُ عَلَى سَبَبٍ بَعِيدٍ فَلَا يُغْنِي ذَاكَ عَنْ هَذَا وَقَوْلُهُ (كَمُكْرِهٍ وَمُكْرَهٍ) تَشْبِيهٌ فِي أَنَّهُمَا يُقْتَلَانِ جَمِيعًا هَذَا لِتَسَبُّبِهِ فِي الْإِكْرَاهِ وَهَذَا لِمُبَاشَرَتِهِ
وَإِنَّمَا جَعَلْنَاهُ تَشْبِيهًا بِالْمُتَسَبِّبِ لَا تَمْثِيلًا لِأَنَّ حَافِرَ الْبِئْرِ فِعْلُهُ اتَّصَلَ بِعَيْنِ الْقَتْلِ بِخِلَافِ الْمُكْرِهِ فَإِنَّ فِعْلَهُ مَقْصُورٌ عَلَى الْمُبَاشِرِ نَعَمْ هُوَ مُتَسَبِّبٌ غَيْرُ مُشَارِكٍ وَالْمُرَادُ بِالْمُتَسَبِّبِ الْمُشَارِكُ ثُمَّ مَحَلُّ قَتْلِ الْمُكْرَهِ بِفَتْحِ الرَّاءِ مَا لَمْ يَكُنْ أَبًا فَإِنْ كَانَ أَبًا فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ بَلْ يُقْتَلُ الْمُكْرِهُ لَهُ (ص) وَكَأَبٍ أَوْ مُعَلِّمٍ أَمَرَ وَلَدًا صَغِيرًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ إذَا أَمَرَ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ أَنْ يَقْتُلَ شَخْصًا فَقَتَلَهُ فَإِنَّ الْأَبَ يُقْتَلُ بِهِ دُونَ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ سَوَاءٌ كَانَ حُرًّا أَوْ رَقِيقًا وَعَلَى عَاقِلَةِ الصَّغِيرِ نِصْفُ الدِّيَةِ فَلَوْ كَانَ الْوَلَدُ كَبِيرًا لَقُتِلَ وَحْدَهُ وَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَخَفْ الْمَأْمُورُ اُقْتُصَّ مِنْهُ وَيُعَاقَبُ الْأَبُ وَكَذَا الْمُعَلِّمُ إذَا أَمَرَ وَلَدًا صَغِيرًا بِقَتْلِ شَخْصٍ فَقَتَلَهُ فَإِنَّ الْمُعَلِّمَ يُقْتَلُ بِهِ وَحْدَهُ وَعَلَى عَاقِلَةِ الصَّغِيرِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَلَوْ كَانَ الْمَأْمُورُ كَبِيرًا لَقُتِلَ وَحْدَهُ وَيُعَاقَبُ الْمُعَلِّمُ فَلَوْ كَثُرَتْ الصِّبْيَانُ فَالدِّيَةُ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ عَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ إلَّا أَقَلُّ مِنْ الثُّلُثِ (ص) وَسَيِّدٍ أَمَرَ عَبْدًا مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَ إذَا أَمَرَ عَبْدَهُ الصَّغِيرَ أَوْ الْكَبِيرَ الْفَصِيحَ أَوْ الْأَعْجَمِيَّ بِقَتْلِ شَخْصٍ فَقَتَلَهُ فَإِنَّ السَّيِّدَ يُقْتَلُ وَأَمَّا الْعَبْدُ فَإِنْ كَانَ كَبِيرًا قُتِلَ أَيْضًا وَإِلَّا فَلَا وَيَكُونُ عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ جِنَايَةً فِي رَقَبَتِهِ لِأَنَّهُ لَا عَاقِلَةَ لَهُ وَأَمَّا لَوْ أَمَرَ عَبْدَ غَيْرِهِ فَكَأَمْرِهِ أَجْنَبِيًّا فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ يُقْتَلُ الْقَاتِلُ فَقَطْ وَيُضْرَبُ الْآمِرُ مِائَةً وَيُحْبَسُ سَنَةً (ص) فَإِنْ لَمْ يَخَفْ الْمَأْمُورُ اُقْتُصَّ مِنْهُ فَقَطْ (ش) كَأَنَّهُ قَالَ هَذِهِ الْمَسَائِلُ إذَا خَافَ الْمَأْمُورُ فَإِنْ لَمْ يَخَفْ الْمَأْمُورُ مِنْ الْآمِرِ وَقَتَلَ فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهُ فَقَطْ وَيُضْرَبُ الْآمِرُ مِائَةً وَيُحْبَسُ سَنَةً مَا لَمْ يَكُنْ
ــ
[حاشية العدوي]
عَلَى قَتْلِهِ) يُعْلَمُ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ لَا بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ كَمَا هُوَ مُفَادُ النَّصِّ
(قَوْلُهُ إذَا اجْتَمَعُوا عَلَى قَتْلِ إلَخْ) لَا يُعَارِضُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ إنْ قَصَدَ ضَرْبًا مِنْ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ قَصْدَ الضَّرْبِ عَدَاوَةٌ يُوجِبُ الْقِصَاصَ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ أَيْ: فَاعِلُ الْقَتْلِ لِلْفَرْقِ بَيْنَ قَتْلِ الْجَمَاعَةِ وَقَتْلِ الْوَاحِدِ وَهُوَ شِدَّةُ الْخَطَرِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي كَذَا فِي عج وَرَدَّهُ مُحَشِّي تت بِأَنَّ النَّقْلَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَصْدِ الْقَتْلِ وَالضَّرْبِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا قُدِّمَ الْأَقْوَى) أَيْ فَيَقْتُلُ وَيُقْتَصُّ مِنْ الْبَاقِي مِثْلَ فِعْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَقْوَى أَيْ بِأَنْ تَمَيَّزَتْ وَاسْتَوَتْ كَأَنْ اخْتَلَفَتْ وَكَانَ فِي بَعْضِهَا فَقَطْ مَا يَنْشَأُ عَنْهُ الْمَوْتُ وَلَمْ يَعْلَمْ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ الْكُلُّ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا لَمْ تَتَمَيَّزْ الضَّرَبَاتُ أَوْ تَمَيَّزَتْ وَاسْتَوَتْ أَوْ لَمْ تَسْتَوِ وَلَمْ يُعْلَمْ الْأَقْوَى فَإِنَّ الْجَمِيعَ يُقْتَلُونَ إذَا مَاتَ مَكَانَهُ أَوْ أُنْفِذَتْ مَقَاتِلُهُ أَوْ رُفِعَ مَغْمُورًا وَإِلَّا فَيُقْسِمُونَ عَلَى وَاحِدٍ وَيُقْتَلُ وَيُقْتَصُّ مِنْ الْبَاقِي وَأَمَّا لَوْ تَمَيَّزَتْ الضَّرَبَاتُ وَعُلِمَ الْأَقْوَى ضَرْبًا فَهُوَ الَّذِي يُقْتَلُ
(قَوْلُهُ وَأَمَّا لَوْ عَاشَ وَأَكَلَ) أَيْ وَلَمْ تَنْفُذْ مَقَاتِلُهُ
(قَوْلُهُ كَمَنْ حَفَرَ بِئْرًا) أَيْ وَلَا يُشْتَرَطُ التَّمَالُؤُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ لِإِمْسَاكِهِ) أَيْ لِلْقَتْلِ لَا لِلْقَتْلِ وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ حَفَرَ الْبِئْرَ وَلَمْ يُبَاشِرْ أَقُولُ هُوَ وَإِنْ لَمْ يُبَاشِرْ إلَّا أَنَّ فِعْلَهُ بَاشَرَ أَيْ أَثَرُ فِعْلِهِ بَاشَرَ وَهُوَ مَا يُشِيرُ إلَيْهِ فِيمَا سَيَأْتِي وَقَوْلُهُ فَلَا يُغْنِي ذَاكَ عَنْ هَذَا لَا يَخْفَى أَنَّهُ إنْ خَصَّصَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ هُنَا بِالْبَعِيدِ فَيَكُونُ مُغَايِرًا وَأَمَّا إنْ عَمَّمَ فَيَكُونُ أَعَمَّ (قَوْلُهُ هَذَا لِتَسَبُّبِهِ فِي الْإِكْرَاهِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ فِي لِلسَّبَبِيَّةِ أَيْ لِتَسَبُّبِهِ بِسَبَبِ الْإِكْرَاهِ (قَوْلُهُ نَعَمْ هُوَ مُتَسَبِّبٌ إلَخْ) أَتَى بِهِ دَفْعًا لِلِاعْتِرَاضِ الْوَارِدِ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا سَبَبِيَّةَ فِي ذَلِكَ مَعَ أَنَّهَا مَوْجُودَةٌ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ السَّبَبِيَّةَ الْمَوْجُودَةَ فِي ذَلِكَ هِيَ السَّبَبِيَّةُ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا مُشَارِكٌ وَالْمُرَادُ بِالسَّبَبِيَّةِ فِي قَوْلِهِ وَالْمُتَسَبِّبُ مَعَ الْمُبَاشِرِ مَا فِيهَا مُشَارَكَةٌ (قَوْلُهُ بَلْ يُقْتَلُ الْمُكْرِهُ لَهُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْأَبَ مُكْرَهٌ بِالْفَتْحِ وَسَكَتَ عَمَّا إذَا كَانَ الْمُكْرِهُ بِالْكَسْرِ الْأَبَ فَإِذَا أَكْرَهَ شَخْصًا عَلَى قَتْلِ وَلَدِهِ فَقَتَلَهُ فَيُقْتَلُ الْمُكْرَهُ بِالْفَتْحِ وَكَذَا الْأَبُ إنْ أَمَرَهُ بِذَبْحِهِ أَوْ شَقِّ جَوْفِهِ أَوْ إزْهَاقِ رُوحِهِ اُنْظُرْ عج (قَوْلُهُ وَلَدًا صَغِيرًا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مُرَاهِقًا (تَنْبِيهٌ) : لَوْ أَمَرَ الْإِمَامُ بَعْضَ أَعْوَانِهِ بِقَتْلِ رَجُلٍ ظُلْمًا فَفَعَلَ لَا خِلَافَ أَنَّهُمَا يُقْتَلَانِ مَعًا ذَكَرَهُ فِي ك (قَوْلُهُ فَالدِّيَةُ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ) أَيْ فَنِصْفُ الدِّيَةِ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ (قَوْلُهُ إلَّا أَقَلُّ مِنْ الثُّلُثِ) وَيُلْغَزُ بِهَا فَيُقَالُ عَاقِلَةٌ حَمَلَتْ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ (قَوْلُهُ وَيَكُونُ عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ إلَخْ) ظَاهِرُ النَّقْلِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَخَفْ الْمَأْمُورُ) وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْخَوْفِ عِنْدَ الْجَهْلِ وَالتَّنَازُعِ
الْآمِرُ حَاضِرًا فَيُقْتَلُ أَيْضًا هَذَا لِمُبَاشَرَتِهِ وَهَذَا لِقُدْرَتِهِ عَلَى خَلَاصِهِ وَعَبَّرَ بِالْمَأْمُورِ دُونَ الْمُكْرَهِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ الْإِكْرَاهِ الْخَوْفُ بِخِلَافِ لَفْظِ الْمَأْمُورِ وَالْخَوْفُ بِحَبْسٍ أَوْ ضَرْبٍ أَوْ أَخْذِ مَالٍ وَلَمْ يُقَيِّدْ الْمُكْرَهَ فِيمَا مَرَّ بِالْخَوْفِ لِأَنَّهُ مَعَ الْإِكْرَاهِ لَا يَكُونُ إلَّا خَائِفًا فَلِلَّهِ دَرُّهُ فِي هَذِهِ الْعِبَارَةِ
(ص) وَعَلَى شَرِيكِ الصَّبِيِّ الْقِصَاصُ إنْ تَمَالَآ عَلَى قَتْلِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُكَلَّفَ إذَا اشْتَرَكَ مَعَ صَبِيٍّ عَلَى قَتْلِ شَخْصٍ وَتَمَالَآ عَلَى قَتْلِهِ فَإِنَّ الْقِصَاصَ عَلَى شَرِيكِ الصَّبِيِّ وَحْدَهُ وَالصَّبِيُّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا عَلَى عَاقِلَتِهِ نِصْفُ الدِّيَةِ فَقَطْ فَإِنْ لَمْ يَتَمَالَآ فَإِنْ كَانَا أَوْ الْكَبِيرُ عَمْدًا فَعَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ وَعَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ نِصْفُهَا وَإِنْ كَانَا أَوْ كَبِيرًا خَطَأً فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ نِصْفُ الدِّيَةِ (ص) لَا شَرِيكِ مُخْطَإٍ أَوْ مَجْنُونٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَكَ مَعَ شَخْصٍ مُخْطِئٍ فِي قَتْلِ شَخْصٍ فَإِنَّهُ لَا قِصَاصَ عَلَى الشَّرِيكِ وَلَوْ تَعَمَّدَ لِلشَّكِّ وَعَلَى الْمُخْطِئِ نِصْفُ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَكَذَا مَنْ اشْتَرَكَ مَعَ مَجْنُونٍ عَلَى قَتْلِ شَخْصٍ فَإِنَّهُ لَا قِصَاصَ عَلَى شَرِيكِ مَنْ ذُكِرَ وَلَوْ قَالَ الْأَوْلِيَاءُ إنَّمَا حَصَلَ الْقَتْلُ مِنْهُ وَأَقْسَمُوا عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمَوَّاقِ وَمُخْطِئٌ: يُقْرَأُ بِالْهَمْزِ وَلَا يُرْسَمُ
(ص) وَهَلْ يُقْتَصُّ مِنْ شَرِيكِ سَبُعٍ وَجَارِحِ نَفْسِهِ وَحَرْبِيٍّ وَمَرِضَ بَعْدَ الْجُرْحِ أَوْ عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ قَوْلَانِ (ش) ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ أَرْبَعَ مَسَائِلَ فِي كُلٍّ قَوْلَانِ بِالْقِصَاصِ مَعَ الْقَسَامَةِ أَوْ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ مِنْهَا الْمُكَلَّفُ إذَا اشْتَرَكَ مَعَ سَبُعٍ فِي قَتْلِ شَخْصٍ وَتَعَمَّدَ شَرِيكُ السَّبُعِ الضَّرْبَ لِذَلِكَ الشَّخْصِ حَتَّى مَاتَ هَلْ يُقْتَصُّ مِنْهُ بِقَسَامَةٍ أَوْ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي بِأَيِّ الْفِعْلَيْنِ مَاتَ وَعَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ وَيُضْرَبُ مِائَةً وَيُحْبَسُ سَنَةً قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَلَوْ أَلْقَاهُ لِلسَّبُعِ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ بِلَا خِلَافٍ وَمِنْهَا مَنْ جَرَحَ نَفْسَهُ جُرْحًا يَكُونُ عَنْهُ الْمَوْتُ غَالِبًا ثُمَّ تَعَمَّدَ شَخْصٌ ضَرْبَهُ فَمَاتَ هَلْ يُقْتَصُّ مِنْ هَذَا الضَّارِبِ بِقَسَامَةٍ أَوْ عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ وَيُضْرَبُ مِائَةً وَيُحْبَسُ سَنَةً قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَمِنْهَا إذَا اشْتَرَكَ الْمُكَلَّفُ مَعَ حَرْبِيٍّ مِنْ غَيْرِ تَمَالُؤٍ فِي قَتْلِ شَخْصٍ فَمَاتَ هَلْ يُقْتَصُّ مِنْ شَرِيكِ الْحَرْبِيِّ بِقَسَامَةٍ أَوْ عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ وَيُضْرَبُ مِائَةً وَيُحْبَسُ سَنَةً قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ
وَأَمَّا مَعَ التَّمَالُؤِ فَيُقْتَصُّ مِنْهُ قَطْعًا وَمِنْهَا مَنْ جَرَحَهُ إنْسَانٌ عَمْدًا ثُمَّ مَرِضَ مَرَضًا يَمُوتُ مِنْهُ غَالِبًا فَمَاتَ وَلَمْ يُدْرَ أَمَاتَ مِنْ الْجُرْحِ أَوْ مِنْ الْمَرَضِ فَهَلْ يُقْتَصُّ مِنْ الْجَارِحِ بِقَسَامَةٍ أَوْ عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ مِنْ غَيْرِ قَسَامَةٍ وَيُضْرَبُ مِائَةً وَيُحْبَسُ سَنَةً قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَمَّا لَوْ مَرِضَ قَبْلَ الْجُرْحِ فَلَا قِصَاصَ اتِّفَاقًا لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْمَوْتَ مِنْ الْمَرَضِ وَالْجُرْحُ هَيَّجَهُ وَالْمُرَادُ بِالْمَرَضِ السَّبَبُ الَّذِي يَنْشَأُ عَنْهُ الْمَوْتُ غَالِبًا كَالسُّقُوطِ وَالضَّرْبِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَحُصُولُ الْمَرَضِ حِينَ الْجُرْحِ كَحُصُولِهِ بَعْدَهُ
(ص) وَإِنْ تَصَادَمَا أَوْ تَجَاذَبَا مُطْلَقًا قَصْدًا فَمَاتَا أَوْ أَحَدُهُمَا فَالْقَوَدُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُكَلَّفَيْنِ أَوْ الصَّبِيَّيْنِ أَوْ أَحَدَهُمَا إذَا قَصَدَا التَّصَادُمَ أَوْ التَّجَاذُبَ بِحَبْلٍ أَوْ بِغَيْرِهِ بِأَنْ جَذَبَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَدَ صَاحِبِهِ فَوَقَعَا فَمَاتَا مَعًا أَوْ أَحَدُهُمَا فَأَحْكَامُ الْقَوَدِ ثَابِتَةٌ بَيْنَهُمَا وَسَوَاءٌ كَانَا رَاكِبَيْنِ أَوْ مَاشِيَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ بَصِيرَيْنِ أَوْ ضَرِيرَيْنِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْإِطْلَاقِ فَمِنْ أَحْكَامِ الْقَوَدِ سُقُوطُ الْقِصَاصِ إذَا مَاتَا وَمِنْ أَحْكَامِهِ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا بَالِغًا وَالْآخَرُ غَيْرَ بَالِغٍ أَنْ لَا قِصَاصَ عَلَى غَيْرِ الْبَالِغِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا وَالْآخَرُ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ الْإِكْرَاهِ الْخَوْفُ) فَلَا يُنَاسِبُ ذِكْرَهُ هُنَا لِأَنَّهُ لَا يُجَامِعُ عَدَمَ الْخَوْفِ وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ لَفْظِ الْمَأْمُورِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ أَيْ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ الْمَأْمُورِ الْخَوْفُ بَلْ يُجَامِعُ عَدَمَ الْخَوْفِ فَلِذَلِكَ قَالَ فَإِنْ لَمْ يَخَفْ الْمَأْمُورُ وَالْأَوْلَى إسْقَاطُ لَفْظِ (قَوْلُهُ بِحَبْسٍ أَوْ ضَرْبٍ وَأَخْذِ مَالٍ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ أَيْ أَوْ أَخْذِ مَالٍ ثُمَّ إنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ بَعْضَ الشُّيُوخِ اعْتَمَدَ كَلَامَ عب مِنْ أَنَّ الْخَوْفَ هُنَا بِالْقَتْلِ أَوْ شِدَّةِ الْأَذَى خِلَافًا لِمَا قَالَهُ شَارِحُنَا
(قَوْلُهُ وَعَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ نِصْفُهَا) أَيْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ (قَوْلُهُ وَعَلَى عَاقِلَةِ الْمُخْطِئِ) الْحَاصِلُ أَنَّ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُخْطِئِ وَالْمَجْنُونِ نِصْفَ دِيَةِ خَطَأٍ وَعَلَى الشَّرِيكِ الْمُتَعَمِّدِ نِصْفُ دِيَةِ عَمْدٍ فِي مَالِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ شَرِيكِ الصَّبِيِّ فِي حَالِ عَدَمِ التَّمَالُؤِ إذَا قَالَ الْأَوْلِيَاءُ إنَّمَا مَاتَ مِنْ فِعْلِ الْكَبِيرِ فَإِنَّهُمْ يُقْسِمُونَ عَلَيْهِ وَيَقْتَصُّونَ مِنْهُ لِأَنَّ شَرِيكَ الصَّبِيِّ لَمْ يَصْحَبْهُ فِي فِعْلِهِ مَنْ يَصْدُرُ مِنْ فِعْلِهِ قَتْلٌ بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ وَالْمُخْطِئِ يَغْلِبُ أَنْ يَصْدُرَ مِنْ فِعْلِهِمَا الْقَتْلُ
(قَوْلُهُ وَمَرِضَ بَعْدَ الْجُرْحِ) هَذَا خِلَافُ مَا تَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى مِنْ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْعَمْدِ الْقِصَاصُ بِقَسَامَةٍ وَفِي الْخَطَأِ الدِّيَةُ بِقَسَامَةٍ كَمَا ذَكَرَهُ عج وَنَقَلَهُ فِي ك وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ فِي الْمَرَضِ بَعْدَ الْجُرْحِ الْقِصَاصَ فِي الْعَمْدِ بِقَسَامَةٍ وَفِيهِ الدِّيَةُ بِقَسَامَةٍ فِي الْخَطَأِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمَرَضِ حِينَ الْجُرْحِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْمَرَضُ قَبْلَ الْجُرْحِ فَلَا قِصَاصَ وَلَا دِيَةَ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَا يَدْرِي هَلْ الْمَوْتُ بِالْمَرَضِ أَوْ الْجُرْحِ فَإِنْ قُلْت لِمَ جَرَى الْخِلَافُ فِي شَرِيكِ السَّبْعِ وَالْحَرْبِيِّ وَلَمْ يُحْكَ فِي شَرِيكِ الْمُخْطِئِ وَالْمَجْنُونِ خِلَافٌ فَالْجَوَابُ أَنَّهُمَا لَمَّا ضَمِنَا مَا أَتْلَفَاهُ كَانَ ذَلِكَ مُضْعِفًا لِجَانِبِ شَرِكَتِهِمَا بِخِلَافِ الْحَرْبِيِّ لَمَّا لَمْ يَضْمَنْ وَالسَّبْعُ لَا يَأْتِي فِيهِ ضَمَانٌ قَوَّى جَانِبَ شَرِكَتِهِمَا فَجَرَى الْخِلَافُ
(قَوْلُهُ فَأَحْكَامُ الْقَوَدِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ وَهُوَ جَوَابُ الْمَسْأَلَتَيْنِ إذْ مَعْنَى الْمُضَافِ الْمَحْذُوفِ نَفْيًا أَوْ إثْبَاتًا الْأَوَّلُ فِي مَوْتِهِمَا وَالثَّانِي فِي مَوْتِ أَحَدِهِمَا أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّ التَّجَاذُبَ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ لِحَاجَةٍ وَسَقَطَ أَحَدُهُمَا فَهُوَ هَدَرٌ (قَوْلُهُ هَذَا مَعْنَى الْإِطْلَاقِ) أَقُولُ وَيَدْخُلُ فِي مَعْنَى الْإِطْلَاقِ قَوْلُهُ الْمُكَلَّفَيْنِ أَوْ الصَّبِيَّيْنِ أَوْ أَحَدَهُمَا
رَقِيقًا فَلَا يُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ وَيَحْكُمُ أَيْضًا بِأَحْكَامِ الْقَوَدِ فِيمَا لَوْ قَصَدَ أَحَدُهُمَا التَّصَادُمَ أَوْ التَّجَاذُبَ دُونَ الْآخَرِ (ص) وَحُمِلَا عَلَيْهِ عَكْسُ السَّفِينَتَيْنِ (ش) الضَّمِيرُ فِي عَلَيْهِ يَرْجِعُ لِلْعَمْدِ يَعْنِي أَنَّ الْمُتَصَادِمَيْنِ أَوْ الْمُتَجَاذِبَيْنِ إذَا جُهِلَ حَالُهُمَا فَإِنَّهُمَا يُحْمَلَانِ عَلَى الْعَمْدِ دُونَ الْخَطَأِ بِخِلَافِ تَصَادُمِ السَّفِينَتَيْنِ فَإِنَّهُمَا يُحْمَلَانِ عَلَى عَدَمِ الْعَمْدِ عِنْدَ جَهْلِ حَالِهِمَا وَيَكُونُ هَدَرًا وَالْفَرْقُ أَنَّ السَّفِينَتَيْنِ جَرْيُهُمَا بِالرِّيحِ وَلَيْسَ مِنْ عَمَلِهِمْ بِخِلَافِ الْفَارِسَيْنِ
وَاعْلَمْ أَنَّ السَّفِينَتَيْنِ لَا قَوَدَ فِيهِمَا وَلَوْ كَانَ تَصَادُمُهُمَا قَصْدًا وَحِينَئِذٍ فَلَا يَظْهَرُ لِحَمْلِهِ عَلَى الْقَصْدِ أَوْ عَلَى عَدَمِهِ فَائِدَةٌ إذْ فِي كُلِّ الْوَاجِبِ الدِّيَةُ فَإِنْ قُلْت الْوَاجِبُ فِي التَّصَادُمِ قَصْدًا دِيَةُ عَمْدٍ وَأَمَّا خَطَأً فَدِيَةُ خَطَأٍ فَافْتَرَقَا قُلْت كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي بَيَانِ مَا فِيهِ ضَمَانُ الدِّيَةِ وَمَا لَا ضَمَانَ فِيهِ لَا فِي بَيَانِ مَا يُضْمَنُ: دِيَةُ عَمْدٍ أَوْ خَطَأٍ؟ فَقَوْلُهُ عَكْسُ إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَالْقَوَدُ وَلِقَوْلِهِ وَحُمِلَا عَلَيْهِ إذْ تَصَادُمُ السَّفِينَتَيْنِ قَصْدًا لَا قَوَدَ فِيهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (ص) إلَّا لِعَجْزٍ حَقِيقِيٍّ (ش) رَاجِعٌ لِلْمُتَصَادَمَيْنِ أَيْ لِقَوْلِهِ وَحُمِلَا عَلَيْهِ أَيْ الْعَمْدِ عِنْدَ الْجَهْلِ إلَّا لِعَجْزٍ حَقِيقِيٍّ لَا يَسْتَطِيعُ لَهُ أَصْحَابُهُمَا صَرْفَهُمَا عَنْهُ فَلَا ضَمَانَ حِينَئِذٍ وَسَيَأْتِي إذَا تَحَقَّقَ الْخَطَأُ وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ لِلسَّفِينَتَيْنِ لِفَسَادِ الْمَعْنَى لِأَنَّهُ يَصِيرُ الْمَعْنَى عَكْسَ السَّفِينَتَيْنِ أَيْ فَإِنَّهُمَا يُحْمَلَانِ عَلَى الْعَجْزِ عِنْدَ الْجَهْلِ إلَّا لِعَجْزٍ حَقِيقِيٍّ فَإِنَّهُمَا يُحْمَلَانِ عَلَى الْقَصْدِ وَهُوَ فَاسِدٌ وَقَوْلُهُ (لَا لِكَخَوْفِ غَرَقٍ أَوْ ظُلْمَةٍ) مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ عَكْسُ السَّفِينَتَيْنِ أَيْ فَإِنَّهُمَا يُحْمَلَانِ عَلَى الْعَجْزِ عِنْدَ الْجَهْلِ فَلَا قِصَاصَ عَلَيْهِمَا وَلَا ضَمَانَ إلَّا لِكَخَوْفِ غَرَقٍ أَوْ ظُلْمَةٍ فَالضَّمَانُ ثَابِتٌ أَيْ لَا إنْ قَدَرُوا عَلَى الصَّرْفِ فَلَمْ يَصْرِفُوهُمَا لِخَوْفِ غَرَقٍ أَوْ نَهْبٍ أَوْ أَسْرٍ أَوْ حَرْقٍ حَتَّى تَلِفَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا وَمَا فِيهِمَا مِنْ آدَمِيٍّ وَمَتَاعٍ فَضَمَانُ الْمَالِ فِي أَمْوَالِهِمْ وَالدِّيَاتُ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ لِقُدْرَتِهِمْ عَلَى الصَّرْفِ إذْ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُسَلِّمُوا أَنْفُسَهُمْ بِهَلَاكِ غَيْرِهِمْ قَوْلُهُ أَوْ ظُلْمَةٍ عُطِفَ عَلَى غَرَقٍ أَيْ خَوْفِ الْوُقُوعِ فِي ظُلْمَةٍ فِي الْبَحْرِ فَإِنَّ كُلَّ مَا كَانَ مِنْهُ جَنُوبًا كَانَ مُظْلِمًا وَمَا كَانَ شَمَالًا كَانَ مُشْرِقًا كَمَا إذَا خَافَ الْوُقُوعَ فِي الْجَنُوبِ لِظُلْمَتِهِ (ص) وَإِلَّا فَدِيَةُ كُلٍّ عَلَى عَاقِلَةِ الْآخَرِ وَفَرَسُهُ فِي مَالِ الْآخَرِ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدَا التَّصَادُمَ وَلَا التَّجَاذُبَ وَهَذَا عَامٌّ فِي السَّفِينَتَيْنِ وَغَيْرِهِمَا بَلْ كَانَا مُخْطِئَيْنِ فَدِيَةُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى عَاقِلَةِ الْآخَرِ وَقِيمَةُ فَرَسِهِ فِي مَالِ الْآخَرِ
وَأَمَّا لَوْ أَخْطَأَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ فَالْقِصَاصُ عَلَى الْمُتَعَمِّدِ وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُخْطِئِ وَإِنْ مَاتَا مَعًا فَقَالَ الْبِسَاطِيُّ دِيَةُ الْمُخْطِئِ فِي مَالِ الْمُتَعَمِّدِ وَدِيَةُ الْمُتَعَمِّدِ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُخْطِئِ فَإِنْ قُلْت الْمُتَعَمِّدُ دَمُهُ هَدَرٌ قُلْت إنَّمَا يَكُونُ هَدَرًا إذَا تَحَقَّقَ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ فِيمَا لَوْ قَصَدَ أَحَدُهُمَا التَّصَادُمَ أَوْ التَّجَاذُبَ) يَظْهَرُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا وَفِيمَا إذَا مَاتَا مَعًا عَلَى مَا يَأْتِي تَوْضِيحُهُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَأَمَّا لَوْ أَخْطَأَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ إلَى آخِرِ مَا قَالَ الشَّارِحُ هُنَاكَ (قَوْلُهُ يُحْمَلَانِ عَلَى الْعَمْدِ دُونَ الْخَطَأِ) لَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَظْهَرُ فِي مَوْتِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ لِلْقَوَدِ مِنْ الْحَيِّ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُمَا يُحْمَلَانِ عَلَى عَدَمِ الْعَمْدِ) لَيْسَ مُرَادُهُ بِالْعَدَمِ الْمَذْكُورِ الْخَطَأَ بَلْ الْعَجْزُ فَلِذَا قَالَ وَيَكُونُ هَدَرًا (قَوْلُهُ وَاعْلَمْ أَنَّ السَّفِينَتَيْنِ) هَذَا حَلٌّ آخَرُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَعْنَى عَلَيْهِ عَكْسُ السَّفِينَتَيْنِ أَيْ فَإِنَّ السَّفِينَتَيْنِ يُحْمَلَانِ عَلَى الْخَطَأِ لَا عَلَى الْعَجْزِ وَقَوْلُهُ أَوْ عَلَى عَدَمِهِ أَيْ وَهُوَ الْخَطَأُ وَالنَّقْلُ مُسَاعِدٌ لِلْأَوَّلِ (قَوْلُهُ دِيَةُ عَمْدٍ) أَيْ تَكُونُ فِي مَالِهِ وَقَوْلُهُ وَأَمَّا خَطَأً فَدِيَةُ خَطَأٍ أَيْ عَلَى الْعَاقِلَةِ (قَوْلُهُ ضَمَانُ مَا فِيهِ الدِّيَةُ) أَيْ وَهُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ عَكْسُ السَّفِينَتَيْنِ وَقَوْلُهُ وَمَا لَا ضَمَانَ فِيهِ أَيْ وَهُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ إلَّا لِعَجْزٍ حَقِيقِيٍّ (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَالْقَوَدُ) أَيْ فَإِذَا تَصَادَمَتْ السَّفِينَتَانِ عَمْدًا فَلَا قَوَدَ وَقَوْلُهُ وَلِقَوْلِهِ وَحُمِلَا عَلَيْهِ أَيْ وَحُمِلَا عَلَى الْقَصْدِ عَكْسُ السَّفِينَتَيْنِ فَإِنَّهُمَا يُحْمَلَانِ عَلَى الْخَطَأِ وَقَوْلُهُ إذْ تَصَادُمُ السَّفِينَتَيْنِ قَصْدًا تَعْلِيلٌ لِلْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ فَقَوْلُهُ عَكْسُ رَاجِعٌ لِلْقَوَدِ فَقَطْ
(قَوْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) وَلِذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِي السَّفِينَتَيْنِ وَلَوْ تَعَمَّدُوا ضَمِنُوا ابْنُ يُونُسَ فِي أَمْوَالِهِمْ وَقِيلَ الدِّيَاتُ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ وَبَحَثَ فِيهِ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ هَذَا يَنْبَغِي مَا لَمْ يَقْصِدُوا هَلَاكَ الْأَنْفُسِ وَإِلَّا فَيُقْتَصُّ مِنْهُمْ فَلَا يُقَالُ يُسْتَغْنَى عَنْ هَذَا الْبَحْثِ بِقَوْلِ مَالِكٍ وَلَوْ تَعَمَّدُوا لِأَنَّهُمْ قَدْ يَقْصِدُونَ نَهْبَ الْأَمْوَالِ خَاصَّةً انْتَهَى مَا قَالَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ فِي تَقْرِيرِهِ إلَى أَنْ قَالَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلًّا مِنْ مَسْأَلَتَيْ التَّصَادُمِ وَالسَّفِينَتَيْنِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ فَتَارَةً يَتَحَقَّقُ الْقَصْدُ وَتَارَةً يَتَحَقَّقُ الْجَهْلُ وَتَارَةً يَتَحَقَّقُ الْعَجْزُ وَتَارَةً يَتَحَقَّقُ الْخَطَأُ انْتَهَى (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِلْمُتَصَادَمَيْنِ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِصُورَتَيْ اصْطِدَامِ الْفَارِسَيْنِ وَالسَّفِينَتَيْنِ وَأَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِمَّا دَلَّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ السَّابِقُ إلَّا أَنَّ تَصَادُمَ السَّفِينَتَيْنِ يُخَالِفُ تَصَادُمَ غَيْرِهِمَا فِي الْحُكْمِ إلَّا إذَا تَحَقَّقَ الْعَجْزُ عَنْ الصَّرْفِ عَنْ التَّصَادُمِ فَإِنَّهُمَا يَسْتَوِيَانِ فِي أَنَّهُ لَا مَالَ وَلَا قَوَدَ فِي تَصَادُمِ السَّفِينَتَيْنِ وَلَا فِي تَصَادُمِ غَيْرِهِمَا لَكِنْ رَدَّهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْفَارِسَيْنِ يَضْمَنَانِ فِي جُمُوحِ فَرَسَيْهِمَا لِقَوْلِهَا فِي الدِّيَاتِ إنْ جَمَحَتْ دَابَّةٌ بِرَاكِبِهَا فَوَطِئَتْ إنْسَانًا فَهُوَ ضَامِنٌ وَبِغَيْرِ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ إنَّمَا يَفِرُّ مِنْ شَيْءٍ مَرَّ بِهِ فِي الطَّرِيقِ مِنْ غَيْرِ سَبَبِ رَاكِبِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ فَعَلَ بِهِ غَيْرُهُ مَا جَمَحَ بِهِ فَذَلِكَ عَلَى الْفَاعِلِ (قَوْلُهُ وَهُوَ فَاسِدٌ) أَقُولُ قَدْ عَلِمْت صِحَّتَهُ مِمَّا قُلْنَا (قَوْلُهُ مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ عَكْسُ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا لِعَجْزٍ حَقِيقِيٍّ أَيْ مُحْتَرَزِهِ وَالتَّقْدِيرُ لَا لِعَجْزٍ تَخْيِيلِيٍّ كَمَا إذَا كَانَ لِكَخَوْفِ غَرَقٍ أَوْ ظُلْمَةٍ (قَوْلُهُ إذْ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُسْلِمُوا أَنْفُسَهُمْ بِهَلَاكِ غَيْرِهِمْ) أَيْ وَإِنَّمَا عُدَّ خَطَأً مَعَ الْقَصْدِ لِأَنَّهُمْ مُتَأَوِّلُونَ كَمَا ذَكَرَهُ فِي ك فَهُوَ خَطَأٌ حُكْمًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْخَطَأَ قِسْمَانِ خَطَأٌ حَقِيقَةً وَخَطَأٌ حُكْمًا وَهَذَا عَامٌّ إلَخْ (قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَا مَعًا) أَيْ فِي صُورَةِ مَا إذَا تَعَمَّدَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرَ (قَوْلُهُ دِيَةُ الْمُخْطِئِ فِي مَالِ الْمُتَعَمِّدِ) لِأَنَّ الْمُخْطِئَ مَقْتُولٌ عَمْدًا وَإِنْ كَانَ قَتْلُهُ لِغَيْرِهِ خَطَأً وَدِيَةُ الْمُتَعَمِّدِ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُخْطِئِ أَيْ لِأَنَّهُ مَقْتُولٌ خَطَأً وَإِنْ كَانَ قَتْلُهُ لِغَيْرِهِ تَعَمُّدًا
(قَوْلُهُ فَإِنْ قُلْت إلَخْ)
أَنَّ مَوْتَ الْمُخْطِئِ مِنْ فِعْلِهِ وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ إذْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ فِعْلِهِمَا مَعًا أَوْ مِنْ فِعْلِ الْمُخْطِئِ وَحْدَهُ أَوْ مِنْ فِعْلِ الْمُتَعَمِّدِ وَحْدَهُ وَفِيهِ بَحْثٌ إذْ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ مِنْ الْمُتَعَمِّدِ حَيْثُ مَاتَ الْمُخْطِئُ وَحْدَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَلِذَا كَانَ يُقَرِّرُ الشَّيْخُ الْبَنَوْفَرِيُّ فِيمَا إذَا مَاتَا مَعًا أَنَّ دَمَ الْمُخْطِئِ هَدَرٌ لِأَنَّ قَاتِلَهُ عَمْدًا قَدْ قُتِلَ فَهُوَ بِمَثَابَةِ مَنْ قَتَلَ شَخْصًا عَمْدًا ثُمَّ قُتِلَ وَأَنَّ دَمَ الْمُتَعَمِّدِ فِيهِ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُخْطِئِ وَذَكَرَ بَعْضٌ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا إذَا تَصَادَمَ بَالِغٌ وَصَبِيٌّ عَمْدًا وَمَاتَا مَعًا مِنْ أَنَّ دِيَةَ الْبَالِغِ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ وَلَا دِيَةَ فِي الصَّبِيِّ لِأَنَّ قَاتِلَهُ عَمْدًا قَدْ قُتِلَ وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ فِي شُرُوحِهِ وَلَا فِي شَامِلِهِ حُكْمَ مَوْتِهِمَا مَعًا وَكَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ تت وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْفَرَسِ بَلْ مَا تَلِفَ بِسَبَبِ التَّصَادُمِ حُكْمُهُ كَالْفَرَسِ (ص) كَثَمَنِ الْعَبْدِ (ش) يَعْنِي لَوْ تَصَادَمَ حُرٌّ وَعَبْدٌ فَمَاتَا فَدِيَةُ الْحُرِّ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ فِي مَالِ الْحُرِّ فَإِنْ زَادَتْ دِيَةُ الْحُرِّ عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ لَمْ يَضْمَنْ السَّيِّدُ الزَّائِدَ لِأَنَّهَا تَعَلَّقَتْ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ وَالرَّقَبَةُ قَدْ زَالَتْ وَلَوْ زَادَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ عَلَى دِيَةِ الْحُرِّ أَخَذَ السَّيِّدُ الزَّائِدَ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ جِنَايَةَ الْعَبْدِ حَالَّةٌ لَا مُنَجَّمَةٌ وَتَبِعَ لَفْظَ الْمُدَوَّنَةِ فِي التَّعْبِيرِ عَنْ الْقِيمَةِ بِالثَّمَنِ
(ص) وَإِنْ تَعَدَّدَ الْمُبَاشِرُ فَفِي الْمُمَالَأَةِ يُقْتَلُ الْجَمِيعُ (ش) يَعْنِي لَوْ تَمَالَأَ قَوْمٌ عَلَى قَتْلِ شَخْصٍ فَضَرَبَهُ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ إلَى أَنْ مَاتَ فَإِنَّهُمْ كُلَّهُمْ يُقْتَلُونَ بِهِ فَقَوْلُهُ الْمُبَاشِرُ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ إذْ لَا فَرْقَ فِي الْمُمَالَأَةِ عَلَى الْقَتْلِ بَيْنَ أَنْ تَحْصُلَ مُبَاشَرَةٌ مِنْ الْجَمِيعِ أَوْ لَا تَحْصُلَ إلَّا مِنْ وَاحِدٍ وَهَذِهِ مُكَرَّرَةٌ مَعَ قَوْلِهِ وَالْمُتَمَالَئُونَ لَكِنْ ذَكَرَهَا لِيُرَتِّبَ عَلَيْهَا قَوْلَهُ وَإِلَّا قُدِّمَ الْأَقْوَى وَقَوْلُهُ وَإِنْ تَعَدَّدَ الْمُبَاشِرُ أَيْ وَتَمَيَّزَتْ الضَّرَبَاتُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (ص) وَإِلَّا قُدِّمَ الْأَقْوَى (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَمَالُؤٌ عَلَى قَتْلِهِ يُحْتَمَلُ بَلْ قَصَدَ كُلُّ وَاحِدٍ الْقَتْلَ بِانْفِرَادِهِ وَلَمْ يَتَّفِقْ مَعَ غَيْرِهِ عَلَيْهِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قَصَدَ الضَّرْبَ لَا الْقَتْلَ وَجَرَحَهُ كُلٌّ وَمَاتَ وَلَمْ يُدْرَ مِنْ أَيُّهَا مَاتَ وَالِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ لِبَعْضِ مَنْ شَرَحَهُ وَالثَّانِي لِشَارِحِهِ تَبَعًا لِلتَّوْضِيحِ قُدِّمَ الْأَقْوَى فِعْلًا عَلَى غَيْرِهِ وَيَتَعَيَّنُ لِلْقَتْلِ وَحْدَهُ بِقَسَامَةٍ وَيُقْتَصُّ مِنْ غَيْرِهِ مِمَّنْ جَرَحَهُ وَيُعَاقَبُ مَنْ لَمْ يَجْرَحْ وَهَذَا وَاضِحٌ إذَا تَمَيَّزَتْ الضَّرَبَاتُ وَأَمَّا إنْ لَمْ تَتَمَيَّزْ فَإِنْ قُتِلَ مَكَانَهُ قُتِلُوا بِهِ وَإِنْ لَمْ يُقْتَلْ مَكَانَهُ فَفِيهِ الْقَسَامَةُ أَيْ يُقْسَمُ فِي الْعَمْدِ عَلَى وَاحِدٍ يُعَيِّنُونَهُ وَيَقْسِمُونَ عَلَيْهِ
(ص) وَلَا يَسْقُطُ الْقَتْلُ عِنْدَ الْمُسَاوَاةِ لِزَوَالِهَا بِعِتْقٍ أَوْ إسْلَامٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَتَلَ مَنْ هُوَ مِثْلُهُ كَعَبْدٍ قَتَلَ عَبْدًا ثُمَّ تَحَرَّرَ الْقَاتِلُ بِأَنْ أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ فَإِنَّ عِتْقَهُ لَا يُسْقِطُ عَنْهُ الْقِصَاصُ وَكَذَلِكَ لَوْ قَتَلَ كَافِرٌ كَافِرًا مِثْلَهُ ثُمَّ أَسْلَمَ الْقَاتِلُ فَإِنَّ إسْلَامَهُ لَا يُسْقِطُ عَنْهُ الْقِصَاصَ لِأَنَّ الْمَانِعَ إذَا حَصَلَ بَعْدَ تَرَتُّبِ الْحُكْمِ لَا أَثَرَ لَهُ وَمِثْلُ الْقَتْلِ الْجُرْحُ فَإِذَا قَطَعَ رَجُلٌ يَدَ حُرٍّ مُسْلِمٍ ثُمَّ ارْتَدَّ الْمَقْطُوعَةُ يَدُهُ فَالْقِصَاصُ فِي الْقَطْعِ وَتَرَكَ الْمُؤَلِّفُ ذَلِكَ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ وَالْجُرْحُ كَالنَّفْسِ فَالضَّمِيرُ فِي زَوَالِهَا يَرْجِعُ لِلْمُسَاوَاةِ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا زَائِدَ حُرِّيَّةٍ أَوْ إسْلَامٍ شَرْطٌ فِي الْقِصَاصِ وَمَا هُنَا بَيَانٌ لِعَدَمِ سُقُوطِهِ بَعْدَ تَوَجُّهِهِ فَمَا هُنَا مُغَايِرٌ لِمَا مَرَّ
(ص) وَضَمِنَ وَقْتَ الْإِصَابَةِ وَالْمَوْتِ (ش) هَذَا فِيمَا فِيهِ مَالٌ مِنْ جِنَايَةِ الْخَطَأِ
ــ
[حاشية العدوي]
قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ أَصْحَابَ السَّفِينَتَيْنِ يُحْمَلَانِ عِنْدَ الْجَهْلِ عَلَى عَدَمِ الْقَصْدِ وَيَكُونُ دَمُ أَهْلِ السَّفِينَتَيْنِ هَدَرًا لَا قَوَدَ فِيهِ وَلَا دِيَةَ فَكَانَ الْخَطَأُ الْمُحَقَّقُ أَوْلَى بِعَدَمِ الضَّمَانِ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْخَطَأَ الْمُحَقَّقَ تَحَقَّقَ أَنَّهُ مِنْ فِعْلٍ يَتَرَتَّبُ بِسَبَبِهِ الدِّيَةُ بِخِلَافِ حَالَةِ الْجَهْلِ الْمَذْكُورَةِ فِيمَا تَقَدَّمَ لَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّهُ بِسَبَبِ فِعْلٍ يَلْزَمُ فِيهِ الدِّيَةُ (قَوْلُهُ وَلِذَا كَانَ يُقَرِّرُ الشَّيْخُ الْبَنَوْفَرِيُّ) شَيْخُ عج فَإِنْ قُلْت الْقِيَاسُ عَكْسُ مَا قَالَهُ الْبَنَوْفَرِيُّ قُلْت مَا قَالَهُ الْبَنَوْفَرِيُّ أَلْجَأَتْ إلَيْهِ الْقَوَاعِدُ وَإِنْ كَانَ الْعَقْلُ يَقْتَضِي الْعَكْسَ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ) فِي ك هَذَا الْكَلَامَ مَعَ قَوْلِهِ قَبْلُ وَلِذَا كَانَ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّ مَا قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ غَيْرُ مَنْقُولٍ وَإِلَّا لَمَا سَاغَ الْعُدُولُ عَنْهُ (قَوْلُهُ يَعْنِي لَوْ تَصَادَمَ حُرٌّ وَعَبْدٌ) أَيْ عَمْدًا أَوْ خَطَأً وَإِنَّمَا كَانَ فِي الْحُرِّ مَعَ الْعَمْدِ الدِّيَةُ لِأَنَّ لِلْوَلِيِّ اسْتِحْيَاءَهُ حَيْثُ كَانَ حَيًّا وَيُخَيَّرُ بَعْدَ ذَلِكَ سَيِّدُهُ فِي فِدَائِهِ بِالدِّيَةِ وَإِسْلَامِهِ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ الْقَتْلُ مُحَتَّمًا وَمَاتَ تَعَلَّقَتْ الدِّيَةُ بِقِيمَةِ رَقَبَةِ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا تَعَلَّقَتْ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ) أَيْ قِيمَةِ رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَقَوْلُهُ وَالرَّقَبَةُ قَدْ زَالَتْ الْوَاوُ لِلتَّعْلِيلِ أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ بَاقِيَةً لَتَعَلَّقَتْ بِالرَّقَبَةِ (قَوْلُهُ وَقَدْ عَلِمْت إلَخْ) أَيْ أَنَّ دِيَةَ الْحُرِّ فِي قِيمَةِ رَقَبَةِ الْعَبْدِ حَالَّةٌ لَا مُنَجَّمَةٌ
(قَوْلُهُ فَضَرَبَهُ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ إلَى أَنْ مَاتَ إلَخْ) أُنْفِذَتْ مَقَاتِلُهُ أَوْ مَاتَ مَغْمُورًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ يُقْسَمُ عَلَى وَاحِدٍ وَيُقْتَلُ (قَوْلُهُ قُدِّمَ الْأَقْوَى) أَيْ وَهُوَ مَنْ مَاتَ عَنْ فِعْلِهِ أَوْ أَنْفَذَ مَقْتَلًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِعْلُهُ أَشَدَّ مِنْ فِعْلِ غَيْرِهِ وَقَوْلُهُ وَهَذَا وَاضِحٌ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ مَاتَ بِخِلَافِ قَوْلِهِ الْآتِي وَإِنْ تَمَيَّزَتْ جِنَايَاتٌ إلَخْ فَإِنَّهُ فِيمَنْ لَمْ يَمُتْ فَإِذْنٌ لَا تَكْرَارٌ (قَوْلُهُ أَيْ وَتَمَيَّزَتْ الضَّرَبَاتُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا فِي الِاجْتِمَاعِ عَلَى الْقَتْلِ مِنْ غَيْرِ تَمَالُؤٍ إذْ مَعَ التَّمَالُؤِ يُقْتَلُ الْجَمِيعُ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ ضَرْبٌ مِنْ الْجَمِيعِ وَقَوْلُهُ فَإِنْ قُتِلَ مَكَانَهُ أَيْ مَاتَ مَكَانَهُ أَيْ أَوْ أُنْفِذَ مَقَاتِلُهُ وَقَوْلُهُ قُتِلُوا بِهِ أَيْ وَهِيَ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُقْتَلُ الْجَمِيعُ بِوَاحِدٍ وَقَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُقْتَلْ مَكَانَهُ أَيْ لَمْ تَنْفُذْ مَقَاتِلُهُ بِأَنْ عَاشَ بَعْدَ ذَلِكَ مُدَّةً
(قَوْلُهُ وَلَا يَسْقُطُ الْقَتْلُ) عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ قَوَدُ الْقَتْلِ وَقَوْلُهُ عِنْدَ الْمُسَاوَاةِ صِفَةٌ لِلْقَتْلِ أَيْ الْكَائِنِ عِنْدَ الْمُسَاوَاةِ (قَوْلُهُ بِزَوَالِهَا بِعِتْقٍ أَوْ إسْلَامٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَسْأَلَةَ الْإِسْلَامِ تُقَيَّدُ بِمَا إذَا كَانَ لِلْمَقْتُولِ وَلِيٌّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ إلَّا الْمُسْلِمُونَ نُدِبَ الْعَفْوُ عَنْهُ وَعَدَمُ قَتْلِهِ اُنْظُرْ شَرْحَ عج أَوْ غَيْرِهِ.
(تَنْبِيهٌ) : كَمَا لَا يَسْقُطُ الْقَتْلُ لَا يَثْبُتُ الْقَتْلُ بِزَوَالِ الزِّيَادَةِ الْكَائِنَةِ عِنْدَ الْقَتْلِ بِرِقٍّ كَحُرٍّ كَافِرٍ قَتَلَ عَبْدًا كَافِرًا ثُمَّ فَرَّ الْقَاتِلُ لِدَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ أُخِذَ وَاسْتُرِقَّ فَلَا يُقْتَلُ بِهِ (قَوْلُهُ وَضَمِنَ وَقْتَ إلَخْ) لَمَّا كَانَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَعْتَبِرُ فِي الْقِصَاصِ الْحَالَيْنِ عَبَّرَ فِيمَا تَقَدَّمَ بِالْغَايَةِ فَقَالَ مَعْصُومًا لِلتَّلَفِ وَالْإِصَابَةِ وَيَعْتَبِرُ فِي الضَّمَانِ وَقْتَ الْإِصَابَةِ وَالْمَوْتِ لَمْ يُعَبِّرْ بِالْغَايَةِ وَشَمِلَ الْعَمْدَ وَالْخَطَأَ وَالْمَعْنَى إذَا سَقَطَ الْقِصَاصُ لِتُغَيِّرْ الْحَالِ بَيْنَ الرَّمْيِ وَالْإِصَابَةِ
أَوْ الْعَمْدِ الَّذِي لَا قِصَاصَ فِيهِ وَمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ فِي الْعَمْدِ الَّذِي فِيهِ الْقِصَاصُ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي ضَمَانِ الدِّيَةِ وَقِيمَةِ الْعَبْدِ وَقْتُ الْإِصَابَةِ فِي الْجُرْحِ وَوَقْتُ الْمَوْتِ فِي النَّفْسِ وَلَا يُرَاعَى وَقْتُ السَّبَبِ فِيهِمَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ إنَّهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ وَقْتُ السَّبَبِ ثُمَّ رَجَعَ سَحْنُونَ لِمُوَافَقَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَلَوْ رَمَى شَخْصٌ عَبْدًا فَلَمْ تَصِلْ الرَّمْيَةُ إلَيْهِ حَتَّى عَتَقَ أَوْ رَمَى كَافِرًا فَلَمْ تَصِلْ الرَّمْيَةُ إلَيْهِ حَتَّى أَسْلَمَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ عِوَضَ جُرْحِ حُرٍّ أَوْ مُسْلِمٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَمَّا عِنْدَ غَيْرِهِ فَيَضْمَنُ عِوَضَ جُرْحِ عَبْدٍ أَوْ كَافِرٍ فَقَوْلُهُ وَضَمِنَ إلَخْ رَاجِعٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ عِنْدَ الْمُسَاوَاةِ بِزَوَالِهَا أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مُسَاوَاةٌ سَقَطَ الْقَتْلُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ وَهُوَ مَا إذَا كَانَ الْقَاتِلُ أَعْلَى وَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ فَالضَّمَانُ وَوَقْتُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقْتُ الْإِصَابَةِ إلَخْ
(ص) وَالْجُرْحُ كَالنَّفْسِ فِي الْفِعْلِ وَالْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ (ش) لَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْجِنَايَةِ عَلَى النَّفْسِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ فِيمَا دُونَهَا وَهُوَ إبَانَةُ طَرَفٍ وَكَسْرٌ وَجُرْحٌ وَمَنْفَعَةٌ وَعَبَّرَ عَنْهُ الْمُؤَلِّفُ هُنَا بِالْجُرْحِ وَلَعَلَّهُ لِكَوْنِهِ هُوَ الْغَالِبُ وَأَرْكَانُهُ ثَلَاثَةٌ كَالنَّفْسِ إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْجُرْحَ الَّذِي فِيهِ الْقِصَاصُ حُكْمُهُ حُكْمُ النَّفْسِ فِي الْفِعْلِ وَالْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ وَمُرَادُهُ بِالْفِعْلِ الْجُرْحُ وَبِالْفَاعِلِ الْجَارِحُ وَبِالْمَفْعُولِ الْمَجْرُوحُ أَيْ فَيُعْتَبَرُ حَالُ الرَّمْيِ وَحَالُ الْإِصَابَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاةِ جَمِيعِ الْأَحْوَالِ وَبِعِبَارَةٍ: الْجُرْحُ بِالضَّمِّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي الْفِعْلِ لَا بِالْفَتْحِ وَإِلَّا لَزِمَ تَشْبِيهُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ لِأَنَّ الْجَرْحَ بِالْفَتْحِ: الْفِعْلُ وَقَوْلُهُ فِي الْفِعْلِ وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ إنْ قَصَدَ ضَرْبًا وَالْفَاعِلُ فِي قَوْلِهِ مُكَلَّفٌ غَيْرُ حَرْبِيٍّ إلَخْ وَالْمَفْعُولُ فِي قَوْلِهِ مَعْصُومًا لِلتَّلَفِ وَالْإِصَابَةِ بِإِيمَانٍ أَوْ أَمَانٍ وَالْمُسْتَثْنَى هُوَ قَوْلُهُ
(ص) إلَّا نَاقِصًا جَرَحَ كَامِلًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ أَوْ الْكَافِرَ إذَا قَطَعَ يَدَ الْحَرِّ الْمُسْلِمِ فَإِنَّهُ لَا قِصَاصَ عَلَى الْعَبْدِ وَلَا عَلَى الْكَافِرِ وَإِنْ كَانَ يُقْتَصُّ لَهُ مِنْهُمَا فِي النَّفْسِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَبِهِ قَالَ الْفُقَهَاءُ السَّبْعَةُ وَعَلَيْهِ عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَتَلْزَمُ الدِّيَةُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ الْمُسْلِمُ مُخَيَّرٌ فِي الْقِصَاصِ أَوْ الدِّيَةِ وَقِيلَ بِالْقِصَاصِ وَصُحِّحَ وَالِاسْتِثْنَاءُ مُسْتَثْنًى مِنْ الْفَاعِلِ فَلَوْ أَخَّرَهُ عَنْ الْمَفْعُولِ لِيَسْلَمَ مِنْ الْفَصْلِ بَيْنَ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ لَكَانَ أَوْلَى وَإِنَّمَا لَمْ يُقْتَصَّ لِلْكَامِلِ مِنْ النَّاقِصِ فِي غَيْرِ النَّفْسِ لِأَنَّ جُرْحَهُ مَعَهُ كَالْيَدِ الشَّلَّاءِ مَعَ الصَّحِيحَةِ
(ص) وَإِنْ تَمَيَّزَتْ جِنَايَاتٌ بِلَا تَمَالُؤٍ فَمِنْ كُلٍّ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ إنْ تَمَالَأَ جَمَاعَةٌ عَلَى قَتْلِ رَجُلٍ فَإِنَّهُمْ يُقْتَلُونَ بِهِ كُلَّهُمْ أَمَّا إذَا جَنَوْا عَلَيْهِ جِنَايَاتٍ مُتَعَدِّدَةً مِنْ غَيْرِ تَمَالُؤٍ وَتَمَيَّزَتْ جِنَايَاتُهُمْ فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ بِقَدْرِ مَا فَعَلَ بِالْمِسَاحَةِ وَهُوَ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ (كَفِعْلِهِ) وَلَا يُنْظَرُ لِتَفَاوُتِ الْأَيْدِي بِالْغِلَظِ وَالرِّقَّةِ بَلْ يُقْتَصُّ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ بِمِسَاحَةِ مَا جَرَحَ إذَا عُرِفَ ذَلِكَ
(ص) وَاقْتُصَّ مِنْ مُوضِحَةٍ أَوْضَحَتْ عَظْمَ الرَّأْسِ وَالْجَبْهَةِ وَالْخَدَّيْنِ وَإِنْ كَ إبْرَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَوْضَحَ إنْسَانًا عَمْدًا فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهُ وَلَوْ كَانَتْ كَإِبْرَةٍ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا بَيَّنَتْ وَأَظْهَرَتْ عَظْمَ الرَّأْسِ وَالْجَبْهَةِ وَالْخَدَّيْنِ وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ أَمَّا الْأَنْفُ وَاللَّحْيُ الْأَسْفَلُ فَلَيْسَا مِنْ الرَّأْسِ عِنْدَنَا
ــ
[حاشية العدوي]
وَرَجَعَ الْحُكْمُ لِلضَّمَانِ فَالْمُعْتَبَرُ وَقْتُ الْإِصَابَةِ أَوْ بَيْنَ الْجُرْحِ وَالْمَوْتِ فَالْمُعْتَبَرُ فِي الضَّمَانِ الْمَوْتُ وَسَحْنُونٌ يَعْتَبِرُ حَالَ الرَّمْيِ وَالْجُرْحِ
(قَوْلُهُ فَلَوْ رَمَى شَخْصٌ إلَخْ) هَذَا تَمْثِيلٌ لِلْعَمْدِ الَّذِي لَا قِصَاصَ فِيهِ وَسَكَتَ عَنْ التَّمْثِيلِ لِلْخَطَأِ وَمِثَالُهُ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ مَا فِيهِ الْقِصَاصُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ حَيْثُ اُعْتُبِرَتْ الْمُسَاوَاةُ حِينَ السَّبَبِ، وَالْمُسَبَّبُ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي أَنَّ الْقِصَاصَ أَمْرُهُ شَدِيدٌ فَغُلِّظَ فِيهِ حَيْثُ اُشْتُرِطَتْ فِيهِ الْمُسَاوَاةُ حِينَ السَّبَبِ وَالْمُسَبَّبِ بِخِلَافِ مَا لَا قِصَاصَ فِيهِ فَتَأَمَّلْهُ كَذَا لِبَعْضِ شُيُوخِ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِمَفْهُومِ) أَيْ مُتَعَلِّقٌ بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ عِنْدَ الْمُسَاوَاةِ بِزَوَالِهَا (قَوْلُهُ فَالضَّمَانُ) أَيْ لِلْمَالِ أَيْ فَيَضْمَنُ الْجَانِي الْمَالَ
(قَوْلُهُ وَكَسْرٌ) عَطْفٌ عَلَى إبَانَةٍ (قَوْلُهُ إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ وَهُوَ مِثْلُهَا فِي كُلِّ شَيْءٍ إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ (قَوْلُهُ فِي الْفِعْلِ) أَيْ فَلَا بُدَّ أَنْ يَصْدُرَ الْجُرْحُ مَعَ قَصْدٍ كَمَا أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْقِصَاصِ مِنْ قَصْدِ الضَّرْبِ عَدَاوَةً فَيَنْشَأُ عَنْهُ جُرْحٌ لَا لِلَعِبٍ أَوْ أَدَبٍ فَلَا قِصَاصَ فِيهِ وَقَوْلُهُ وَالْفَاعِلِ أَيْ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا غَيْرَ حَرْبِيٍّ وَقَوْلُهُ وَالْمَفْعُولِ أَيْ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمَجْرُوحُ مَعْصُومًا (قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاةِ جَمِيعِ الْأَحْوَالِ) الْجَمْعُ لِمَا فَوْقَ الْوَاحِدِ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا لَزِمَ تَشْبِيهُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَإِلَّا لَزِمَ اتِّحَادُ الْمُشَبَّهِ مَعَ وَجْهِ الشَّبَهِ مَعَ أَنَّهُمَا مُتَغَايِرَانِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا قِصَاصَ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ كَانَ يُقْتَصُّ لَهُمَا بِالنَّفْسِ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَقُتِلَ الْأَدْنَى بِالْأَعْلَى أَيْ وَيَلْزَمُهُ لِلْكَامِلِ مَا فِيهِ إنْ كَانَ فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ مُتَعَلِّقٌ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ وَذِمَّةِ الْحُرِّ الْكَافِرِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ فَحُكُومَةٌ إنْ بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَى الْجَانِي إلَّا الْأَدَبُ (قَوْلُهُ وَالِاسْتِثْنَاءُ مُسْتَثْنًى) أَرَادَ بِالِاسْتِثْنَاءِ الْمُسْتَثْنَى (قَوْلُهُ مُسْتَثْنًى مِنْ الْفَاعِلِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَحْذُوفٌ مُتَعَلِّقٌ بِالْفَاعِلِ وَالْمَعْنَى وَالْفَاعِلُ فِي جَمِيعِ الْحَالَاتِ إلَّا إلَخْ
(قَوْلُهُ لِأَنَّ جُرْحَهُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِأَنَّ عُضْوَهُ مَعَ عُضْوِهِ كَالْيَدِ الشَّلَّاءِ مَعَ الصَّحِيحَةِ
(قَوْلُهُ بِلَا تَمَالُؤٍ) لَا مَفْهُومَ لِذَلِكَ بَلْ وَلَوْ تَمَيَّزَتْ مَعَ التَّمَالُؤِ فَإِذَا تَمَالَأَ رَجُلَانِ عَلَى فَقْءِ عَيْنَيْ رَجُلٍ فَفَقَأَ كُلُّ وَاحِدٍ عَيْنًا أَنَّهُ يُفْقَأُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مُمَاثَلَةَ مَا فَقَأَ أَيْ وَمَوْضُوعُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مَوْتٌ وَأَمَّا إذَا تَمَالَآ عَلَى فَقْءِ عَيْنٍ وَاحِدَةٍ كَالْيُمْنَى مِنْ زَيْدٍ فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْ كُلٍّ فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ تَمَالُؤٌ فِي ذَلِكَ فَهَلْ يُقْتَصُّ مِنْ كُلٍّ أَوْ لَهُ عَلَيْهِمْ الدِّيَةُ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ
(قَوْلُهُ أَوْضَحَتْ) أَيْ أَظْهَرَتْ (قَوْلُهُ أَوْضَحَتْ عَظْمَ الرَّأْسِ) وَحَدُّ ذَلِكَ مُنْتَهَى الْجُمْجُمَةِ لَا مَا تَحْتَهَا لِأَنَّهُ مِنْ الْعُنُقِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَإِبْرَةٍ) أَيْ مَغْرِزِهَا كَإِبْرَةٍ (قَوْلُهُ فَلَيْسَا مِنْ الرَّأْسِ عِنْدَنَا) قَضِيَّتُهُ أَنَّ
بَلْ هُمَا عَظْمَاتُ مُنْفَرِدَانِ قَوْلُهُ أَوْضَحَتْ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَهِيَ الَّتِي أَوْضَحَتْ لِيَكُونَ كَالتَّعْرِيفِ لَهَا لَا صِفَةٌ لِمُوضِحَةٍ لِئَلَّا يُتَوَهَّمُ التَّخْصِيصُ وَقَوْلُهُ أَوْضَحَتْ إلَخْ هَذَا عُرْفٌ فِقْهِيٌّ وَإِلَّا فَالْمُوضِحَةُ فِي اللُّغَةِ هِيَ الَّتِي أَوْضَحَتْ الْعَظْمَ مُطْلَقًا
(ص) وَسَابِقِهَا مِنْ دَامِيَةٍ وَحَارِصَةٍ شَقَّتْ الْجَلْدَ وَسِمْحَاقٍ كَشَطَتْهُ وَبَاضِعَةٍ شَقَّتْ اللَّحْمَ وَمُتَلَاحِمَةٍ غَاصَتْ فِيهِ بِتَعَدُّدٍ وَمِلْطَاهُ قَرُبَتْ لِلْعَظْمِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَا قَبْلَ الْمُوضِحَةِ مِنْ الْجِرَاحِ سِتَّةٌ يُقْتَصُّ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْجِلْدِ وَثَلَاثَةٌ بِاللَّحْمِ فَالْمُتَعَلِّقَةُ بِالْجِلْدِ الدَّامِيَةُ وَهِيَ الَّتِي تُضْعِفُ الْجِلْدِ فَيَرْشَحُ مِنْهُ الدَّمُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْشَقَّ الْجِلْدُ ثُمَّ الْحَارِصَةُ وَهِيَ الَّتِي تَشُقُّ الْجِلْدَ ثُمَّ السِّمْحَاقُ وَهِيَ الَّتِي تَكْشِطُ الْجَلْدَ وَالْمُتَعَلِّقَةُ بِاللَّحْمِ الْبَاضِعَةُ وَهِيَ الَّتِي تُبْضِعُ اللَّحْمَ أَيْ تَشُقُّهُ ثُمَّ الْمُتَلَاحِمَةُ وَهِيَ الَّتِي تَغُوصُ فِي اللَّحْمِ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ ثُمَّ الْمِلْطَاةُ وَهِيَ الَّتِي يَبْقَى بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَظْمِ سُتُورٌ رَقِيقَةٌ وَبِعِبَارَةٍ: الْمِلْطَاءُ بِالْمَدِّ الْقِشْرَةُ الرَّقِيقَةُ الَّتِي بَيْنَ عَظْمِ الرَّأْسِ وَلَحْمِهِ وَبِهِ سُمِّيَتْ الشَّجَّةُ الَّتِي تَقْطَعُ اللَّحْمَ كُلَّهُ وَتَبْلُغُ هَذِهِ الْقِشْرَةَ (ص) كَضَرْبَةِ السَّوْطِ (ش) يَعْنِي أَنَّ ضَرْبَةَ السَّوْطِ يُقْتَصُّ مِنْهَا وَأَمَّا اللَّطْمَةُ فَإِنَّهُ لَا قِصَاصَ فِيهَا كَمَا يَأْتِي لِأَنَّ السَّوْطَ جَارِحٌ يَحْصُلُ مِنْ الضَّرْبِ بِهِ الْجُرْحُ بِخِلَافِ اللَّطْمَةِ (ص) وَجِرَاحِ الْجَسَدِ وَإِنْ مُنَقِّلَةً (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ وَاقْتُصَّ مِنْ مُوضِحَةٍ إلَخْ وَعَطَفَ هَذَا عَلَيْهِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْ بَاقِي جِرَاحِ الْجَسَدِ وَلَوْ مِنْ الْمُنَقِّلَةِ وَالْهَاشِمَةِ مَا لَمْ يَعْظُمْ الْخَطَرُ كَعِظَامِ الصَّدْرِ وَالْعُنُقِ وَالصُّلْبِ وَالْفَخْذِ وَشِبْهِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا قِصَاصَ فِيهِ وَإِنَّمَا خَصَّ الْمُنَقِّلَةَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ مِنْهَا فِي الرَّأْسِ فَنَفَى مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّ مُنَقِّلَةَ الْجَسَدِ كَذَلِكَ
(ص) بِالْمِسَاحَةِ إنْ اتَّحَدَ الْمَحَلُّ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُقْتَصُّ بِالْمِسَاحَةِ بِكَسْرِ الْمِيمِ فَيُقَاسُ الْجُرْحُ طُولًا وَعَرْضًا وَعُمْقًا فَقَدْ تَكُونُ الْجِرَاحَةُ نِصْفَ عُضْوِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَهِيَ جُلُّ عُضْوِ الْجَانِي أَوْ كُلُّهُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي الْعُضْوِ الْوَاحِدِ وَعَلَى هَذَا لَوْ عَظُمَ عُضْوُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ حَتَّى كَانَ الْقَدْرُ الَّذِي جُرِحَ مِنْهُ يَزِيدُ عَلَى الْعُضْوِ الْمُمَاثِلِ لَهُ مِنْ الْجَانِي فَإِنَّهُ لَا يُكْمِلُ مِنْ غَيْرِهِ بِلَا خِلَافٍ وَقَوْلُهُ (كَطَبِيبٍ زَادَ عَمْدًا) تَشْبِيهٌ فِي الْقِصَاصِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الطَّبِيبَ إذَا زَادَ عَلَى الْقَدْرِ الْمَطْلُوبِ الْمَأْذُونِ فِيهِ تَعَمُّدًا فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا زَادَ عَلَى الْقَدْرِ الْمَطْلُوبِ بِالْمِسَاحَةِ فَإِنْ نَقَصَ الطَّبِيبُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَإِنَّهُ لَا يُقْتَصُّ ثَانِيًا لِأَنَّهُ قَدْ اجْتَهَدَ قَالَ اللَّخْمِيُّ إذَا قَطَعَ الطَّبِيبُ فِي الْمَوْضِعِ الْمُعْتَادِ فَمَاتَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ يَسِيرًا وَوَقَعَ الْقَطْعُ فِيمَا قَارَبَ كَانَ خَطَأً وَإِنْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ فِيمَا لَا يَشُكُّ فِيهِ أَنَّ ذَلِكَ عَمْدٌ كَانَ فِيهِ الْقِصَاصُ وَإِنْ تَرَدَّدَ بَيْنَ الْخَطَأِ وَالْعَمْدِ كَانَتْ مُغَلَّظَةً
ــ
[حاشية العدوي]
اللَّحْيَ الْأَعْلَى مِنْ الرَّأْسِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي إنْ كُنَّ بِرَأْسٍ أَوْ لَحْيٍ أَعْلَى أَرَادَ بِاللَّحْيِ الْأَعْلَى الْفَكَّ الْأَعْلَى (قَوْلُهُ لَا صِفَةٌ إلَخْ) قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ جَعْلُهَا صِفَةً أَوْلَى مِنْ ادِّعَاءِ حَذْفِ الْمُبْتَدَأِ أَوْ الْمَوْصُولِ إذْ الصِّفَةُ كَمَا تَكُونُ مُخَصَّصَةً تَكُونُ كَاشِفَةً كَمَا فِي قَوْلِهِ الْأَلْمَعِيُّ الَّذِي يَظُنُّ بِك الظَّنَّ اهـ. إلَّا أَنْ يُقَالَ الْأَصْلُ فِيهَا التَّخْصِيصُ فَلَا يُنَافِي أَنَّهَا تَكُونُ كَاشِفَةً فَيَتَّجِهُ مَا قَالَهُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ وَسَابِقِهَا) أَيْ سَابِقِ أَثَرِهَا وَقَوْلُهُ مِنْ دَامِيَةٍ إلَخْ أَيْ مِنْ أَثَرِ دَامِيَةٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُوضِحَةَ وَمَا ذُكِرَ بَعْدَهَا عِبَارَةٌ عَنْ الشَّجَّاتِ وَاَلَّذِي يَتَّصِفُ بِالسَّبْقِيَّةِ وَالتَّأَخُّرِ إنَّمَا هُوَ الْأَثَرُ وَقَوْلُ الشَّارِحِ يَعْنِي أَنَّ مَا قَبْلَ الْمُوضِحَةِ أَيْ مَا قَبْلَ أَثَرِ الْمُوضِحَةِ وَقَوْلُهُ مِنْ الْجِرَاحِ بَيَانٌ لِمَا قَبْلَ أَثَرِ الْمُوضِحَةِ وَقَوْلُهُ سِتَّةٌ لَا يَخْفَى أَنَّهُ بَيَّنَ السِّتَّةَ بِمَا ذَكَرَهُ بَعْدُ مِنْ الشَّجَّاتِ الَّتِي الْجِرَاحُ السَّابِقَةُ أَثَرُهَا فَقَدْ تَسَمَّحَ وَقَوْلُهُ مِنْهُ أَيْ مِنْ جِلْدٍ (قَوْلُهُ شَقَّتْ الْجِلْدَ) أَيْ كُلَّهُ كَذَا أَفَادَهُ تت أَيْ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ انْشَقَّ بَعْضُهُ وَمُفَادُهُ أَنَّهَا إذَا لَمْ تَشُقَّ الْجِلْدَ كُلَّهُ بَلْ بَعْضَهُ لَا قِصَاصَ وَالظَّاهِرُ الْأَدَبُ وَحُرِّرَ (قَوْلُهُ وَمِلْطَاهُ) بِهَاءٍ فِي آخِرِهَا وَبِإِسْقَاطِهَا بِكَسْرِ الْمِيمِ وَبِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ قَالَهُ تت
(قَوْلُهُ عِدَّةُ مَوَاضِعَ) أَيْ فَأَخَذَتْ فِيهِ يَمِينًا وَشِمَالًا وَلَمْ تَقْرُبْ مِنْ الْعَظْمِ (قَوْلُهُ وَهِيَ الَّتِي إلَخْ) أَيْ وَهِيَ الْقِشْرَةُ الَّتِي تَكُونُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَظْمِ سُتُورٌ رَقِيقَةٌ أَيْ فَلَمْ تَكُنْ مُلَاصِقَةً لِلْعَظْمِ وَلَا يُخَالِفُ هَذِهِ مَا بَعْدَهَا لِأَنَّ كَوْنَهَا بَيْنَ عَظْمِ الرَّأْسِ وَلَحْمِهِ لَا يُنَافِي أَنْ يَكُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَظْمِ سُتُورٌ رَقِيقَةٌ (قَوْلُهُ وَبِهِ سُمِّيَتْ الشَّجَّةُ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ بِالْمِلْطَاةِ الشَّجَّةَ وَلَكِنْ الْمِلْطَاةُ لَيْسَتْ فِي الْأَصْلِ هِيَ الشَّجَّةُ بَلْ هِيَ الْقِشْرَةُ الْمَذْكُورَةُ (قَوْلُهُ وَأَمَّا اللَّطْمَةُ) حَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّ اللَّطْمَةَ وَهِيَ الضَّرْبُ عَلَى الْخَدَّيْنِ بِبَاطِنِ الرَّاحَةِ وَالْعَصَا لَا قِصَاصَ فِيهِمَا بِخِلَافِ السَّوْطِ وَالْفَرْقُ أَنَّ السَّوْطَ جَارِحٌ يَحْصُلُ مِنْ الضَّرْبِ بِهِ الْجُرْحُ بِخِلَافِهِمَا وَأَشَارَ أَبُو الْحَسَنِ لِلْفَرْقِ بَيْنَ السَّوْطِ وَاللَّطْمَةِ بِأَنَّ ضَرْبَةَ السَّوْطِ لَهَا انْضِبَاطٌ بِخِلَافِ اللَّطْمَةِ فَلَا يُمْكِنُ انْضِبَاطُهَا فَلَا قِصَاصَ فِيهَا وَمَحَلُّ كَوْنِ اللَّطْمَةِ وَالْعَصَا لَا قَوَدَ فِيهِمَا حَيْثُ لَمْ يَنْشَأْ عَنْهُمَا مَا فِيهِ الْقَوَدُ كَجُرْحٍ اهـ.
(قَوْلُهُ فَقَدْ تَكُونُ الْجِرَاحَةُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْجَبْهَةَ مَحَلٌّ وَالرَّأْسَ مَحَلٌّ وَالْعَضُدَ مَحَلٌّ وَالذِّرَاعَ مَحَلٌّ آخَرُ فَلَا يَتَعَدَّى أَحَدُهَا إلَى الْآخَرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ بَاطِنَ الْكَفِّ وَظَاهِرَهُ لَيْسَا مِنْ جُمْلَةِ الذِّرَاعِ وَأَمَّا الْأَصَابِعُ فَلَيْسَتْ مِنْ الذِّرَاعِ قَطْعًا وَلَا مِنْ الْكَفِّ وَاللَّحْيِ الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلِ مَحَلَّانِ وَكُلُّ أُنْمُلَةٍ مَحَلٌّ وَلَا تُقْطَعُ الْوُسْطَى بِالسَّبَّابَةِ وَلَا الثَّنِيَّةُ بِالرُّبَاعِيَّةِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَكْمُلُ مِنْ غَيْرِهِ) وَسَقَطَ عَقْلُهُ أَيْضًا فَيَسْقُطُ قِصَاصًا وَعَقْلًا وَهَذَا فِي الْجُرْحِ الَّذِي لَمْ يَحْصُلْ بِهِ إزَالَةُ عُضْوٍ فَأَمَّا إنْ حَصَلَ بِهِ إزَالَةُ عُضْوٍ فَلَا يُنْظَرُ لِلْمِسَاحَةِ فَيُقْطَعُ الْعُضْوُ الصَّغِيرُ بِالْعُضْوِ الْكَبِيرِ وَعَكْسُهُ (قَوْلُهُ زَادَ عَمْدًا) أَيْ وَأَمَّا إذَا زَادَ خَطَأً فَعَلَى الْعَاقِلَةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ قَدْ اجْتَهَدَ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ لَا يُنَاسِبُ الْعَمْدَ وَمِثْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَوْلُهُ كَانَ خَطَأً أَيْ فَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ
(قَوْلُهُ كَانَتْ مُغَلَّظَةً) أَيْ تُؤْخَذُ مِنْ أَرْبَعَةِ أَنْوَاعٍ مِنْ بَنَاتِ الْمَخَاضِ وَبَنَاتِ اللَّبُونِ وَالْحِقَاقِ وَالْجَذَعَاتِ
انْتَهَى وَالْمُرَادُ بِالطَّبِيبِ الْمُبَاشِرُ لِلْقِصَاصِ مَنْ الْجَانِي (ص) وَإِلَّا فَالْعَقْلُ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَّحِدْ مَحَلُّ الْجِنَايَةِ وَمَحَلُّ الْقِصَاصِ فَلَا قِصَاصَ وَيَجِبُ الْعَقْلُ عَلَى الْجَانِي فَلَا تُقْطَعُ الْوُسْطَى بِالسَّبَّابَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لِأَنَّ شَرْطَ الْقِصَاصِ اتِّحَادُ الْمَحَلِّ لِلْآيَةِ وَبِعِبَارَةٍ: أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ الطَّبِيبُ بَلْ أَخْطَأَ أَوْ لَمْ يَتَّحِدْ الْمَحَلُّ بَلْ اخْتَلَفَ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ الْعَقْلُ فَإِنْ كَانَ دُونَ الثُّلُثِ فَفِي مَالِهِ وَإِنْ كَانَ الثُّلُثُ فَأَعْلَى فَإِنَّهُ يَكُونُ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَقَوْلُهُ (كَذِي شَلَّاءَ عَدِمَتْ النَّفْعَ بِصَحِيحَةٍ وَبِالْعَكْسِ) تَشْبِيهٌ فِي لُزُومِ الْعَقْلِ دِيَةً أَوْ حُكُومَةً وَعَدَمَ الْقِصَاصِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الَّذِي يَدُهُ شَلَّاءُ عَادِمَةُ النَّفْعِ إذَا قَطَعَ يَدَ شَخْصٍ صَحِيحِ الْيَدِ فَإِنَّ الشَّلَّاءَ لَا تُقْطَعُ بِالصَّحِيحَةِ لِعَدَمِ الْمُمَاثَلَةِ وَلَوْ رَضِيَ صَاحِبُ الصَّحِيحَةِ بِذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَا تُقْطَعُ الْيَدُ الصَّحِيحَةُ بِالْيَدِ الشَّلَّاءِ لِعَدَمِ الْمُمَاثَلَةِ وَمَفْهُومُ عَدِمَتْ النَّفْعَ أَنَّهَا لَوْ كَانَ بِهَا نَفْعٌ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَالْحُكْمُ أَنَّهَا كَالصَّحِيحَةِ فِي الْجِنَايَةِ لَهَا وَعَلَيْهَا وَبِهِ صَرَّحَ الْمَوَّاقُ وَفِي كَلَامِ تت نَظَرٌ
ثُمَّ إنَّ إسْنَادَ الْعَدَمِ إلَى الْيَدِ عَلَى طَرِيقِ التَّجَوُّزِ لِأَنَّ الَّذِي يَعْدَمُ النَّفْعَ صَاحِبُهَا هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ (ص) وَعَيْنُ أَعْمَى وَلِسَانُ أَبْكَمَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الَّذِي عَيْنُهُ سَالِمَةٌ إذَا قَلَعَ حَدَقَةَ أَعْمَى فَإِنَّ السَّالِمَةَ لَا تُؤْخَذُ بِهَا لِعَدَمِ الْمُمَاثَلَةِ بَلْ فِيهِ الِاجْتِهَادُ وَكَذَلِكَ إذَا جَنَى مَنْ لِسَانُهُ فَصِيحٌ عَلَى لِسَانِ أَبْكَمَ فَإِنَّ الْفَصِيحَ لَا يُقْطَعُ بِاللِّسَانِ الْأَبْكَمِ لِعَدَمِ الْمُمَاثَلَةِ بَلْ فِيهِ الِاجْتِهَادُ
(ص) وَمَا بَعْدَ الْمُوضِحَةِ مِنْ مُنَقِّلَةٍ طَارَ فِرَاشُ الْعَظْمِ مِنْ الدَّوَاءِ وَآمَّةٍ أَفَضْت لِلدِّمَاغِ وَدَامِغَةٍ خَرَقَتْ خَرِيطَتَهُ (ش) الْمُنَقِّلَةُ هِيَ الَّتِي يَنْقُلُ مِنْهَا الطَّبِيبُ الْعِظَامَ الصِّغَارَ لِتَلْتَئِمَ الْجِرَاحُ وَتِلْكَ الْعِظَامُ هِيَ الَّتِي يُقَالُ لَهَا الْفَرَاشُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَكَسْرِهَا قَالَ الْأَصْمَعِيُّ الْفَرَاشُ الْعِظَامُ الرِّقَاقُ يُرَكَّبُ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ فِي أَعْلَى الْخَيَاشِيمِ كَقِشْرِ الْبَصَلِ يَطِيرُ عَنْ الْعَظْمِ إذَا ضُرِبَ انْتَهَى وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى فِي مُنَقِّلَةِ الْجَسَدِ فَقَوْلُهُ مِنْ الدَّوَاءِ " مِنْ ": تَعْلِيلِيَّةٌ وَالْمُرَادُ بِ طَارَ نَقْلُهُ وَقَالَ فِي التَّنْبِيهِ وَالْمَأْمُومَةُ وَهِيَ الَّتِي أَفَضَتْ إلَى أُمِّ الدِّمَاغِ اهـ.
وَأُمُّ الدِّمَاغِ جِلْدَةٌ رَقِيقَةٌ مَتَى انْكَشَفَتْ عَنْهُ مَاتَ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُؤَلِّفَ عَطَفَ هَذَا عَلَى مَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْعَقْلُ وَيَنْتَفِي فِيهِ الْقِصَاصُ لِعِظَمِ الْخَطَرِ فَالْمُنَقِّلَةُ الْكَائِنَةُ فِي الرَّأْسِ لَا قِصَاصَ فِيهَا وَأَمَّا الْمُنَقِّلَةُ فِي الْجَسَدِ فَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهَا وَيَأْتِي مَا فِي ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ إلَّا الْجَائِفَةَ وَالْآمَّةَ فَثُلُثٌ وَالْمُوضِحَةَ فَنِصْفُ عُشْرٍ وَالْمُنَقِّلَةَ وَالْهَاشِمَةَ فَعُشْرٌ وَنِصْفُهُ (ص) كَلَطْمَةِ (ش) تَشْبِيهٌ فِي عَدَمِ الْقِصَاصِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ اللَّطْمَةُ الضَّرْبَةُ عَلَى الْخَدَّيْنِ بِبَاطِنِ الرَّاحَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ اللَّطْمَةَ لَا قِصَاصَ فِيهَا وَلَا عَقْلَ بَلْ فِي عَمْدِهَا الْأَدَبُ مَا لَمْ يَنْشَأْ عَنْهَا جُرْحٌ وَإِلَّا اُقْتُصَّ مِنْهُ وَتَصِيرُ كَمَا إذَا ذَهَبَ بِهَا مَعْنًى كَسَمْعٍ وَنَحْوِهِ فَلَا يُقْتَصُّ بِالضَّرْبِ بَلْ إنْ أَمْكَنَ ذَهَابُ الْمَعْنَى بِغَيْرِ فِعْلٍ وَإِلَّا فَالْعَقْلُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَإِنْ ذَهَبَ وَالْعَيْنُ قَائِمَةٌ إلَخْ
(ص) وَشَفْرِ عَيْنٍ وَحَاجِبٍ وَلِحْيَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ شَفْرَ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالطَّبِيبِ الْمُبَاشِرُ لِلْقِصَاصِ) أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْمُدَاوِيَ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ يَنُصُّ عَلَيْهِ فِي بَابِ الشُّرْبِ فِي قَوْلِهِ كَطَبِيبٍ جَهِلَ أَوْ قَصَّرَ (قَوْلُهُ لَا تُقْطَعُ بِالصَّحِيحَةِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْبَاءَ فِي قَوْلِهِ بِصَحِيحَةٍ بَاقِيَةٌ عَلَى بَابِهَا ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْحِلَّ غَيْرُ مُتَبَادَرٍ مِنْ الْمُصَنِّفِ وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ الْمُصَنِّفِ خِلَافُهُ وَذَلِكَ أَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْهُ أَنَّ الْمَعْنَى كَذِي شَلَّاءَ مَجْنِيٍّ عَلَيْهَا عَدِمَتْ النَّفْعَ يُؤْخَذُ لَهَا الْعَقْلُ بِصَحِيحَةٍ أَيْ مِنْ ذِي صَحِيحَةٍ وَلَا يُقْتَصُّ لَهَا مِنْ الصَّحِيحَةِ أَوْ بِالْعَكْسِ أَيْ جَنَتْ الشَّلَّاءُ عَادِمَةُ النَّفْعِ عَلَى صَحِيحَةٍ فَلَا يُقْتَصُّ مِنْهَا لِلصَّحِيحَةِ بَلْ عَلَيْهِ الْعَقْلُ (قَوْلُهُ وَفِي كَلَامِ تت نَظَرٌ) أَيْ لِأَنَّهُ قَالَ وَمَفْهُومُهُ لَوْ كَانَ فِيهَا نَفْعٌ فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ لِصَاحِبِ الصَّحِيحَةِ بِهَا إنْ رَضِيَ صَاحِبُ الصَّحِيحَةِ اهـ.
وَوَجْهُ النَّظَرِ أَنَّ الرِّضَا لَا يُشْتَرَطُ وَالْمُعْتَمَدُ مَا عَلَيْهِ تت مِنْ أَنَّ الرِّضَا يُشْتَرَطُ كَمَا هُوَ الْمَنْصُوصُ (قَوْلُهُ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ) كَانَ مُقَابِلُ الظَّاهِرِ أَنَّ الْإِسْنَادَ حَقِيقِيٌّ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ إلَخْ) أَيْ وَكَذَا لَا يُقْتَصُّ مِنْ عَيْنِ أَعْمَى أَيْ حَدَقَةِ أَعْمَى جَنَى عَلَى صَحِيحَةٍ وَلَا مِنْ لِسَانِ أَبْكَمَ جَنَى عَلَى نَاطِقٍ وَإِنَّمَا عَلَى كُلٍّ دِيَةُ مَا جَنَى
(قَوْلُهُ مُنَقِّلَةٍ) بِكَسْرِ الْقَافِ الْمُشَدَّدَةِ وَحُكِيَ فَتْحُهَا وَبِفَتْحِ اللَّامِ (قَوْلُهُ مِنْ الدَّوَاءِ) هَذِهِ الزِّيَادَةُ لَيْسَتْ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلِذَلِكَ كَانَ الصَّوَابُ إسْقَاطَهَا لِأَنَّ النَّقْلَ كَمَا يَكُونُ مِنْ الدَّوَاءِ يَكُونُ مِنْ الضَّرْبَةِ نَفْسِهَا كَمَا قَرَّرَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ (قَوْلُهُ أَفَضْت لِلدِّمَاغِ) أَيْ إلَى أُمِّ الدِّمَاغِ كَمَا نُبَيِّنُ ذَلِكَ قَرِيبًا (قَوْلُهُ وَدَامِغَةٍ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْأَظْهَرُ أَنَّهُمَا مُتَرَادِفَانِ أَوْ كَالْمُتَرَادَفِينَ اهـ. أَيْ الْآمَّةُ وَالدَّامِغَةُ (أَقُولُ) وَلِأَجْلِ ذَلِكَ لَمْ يَتَعَرَّضْ شَارِحُنَا لِلْحِلِّ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَدَامِغَةٍ (قَوْلُهُ وَتِلْكَ الْعِظَامُ إلَخْ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ إضَافَةَ فِرَاشٍ إلَى الْعَظْمِ لِلْبَيَانِ وَالْفَرَاشُ جَمْعُ فَرَاشَةٍ فَلِذَلِكَ قَالَ الشَّارِحُ الْفَرَاشُ الْعِظَامُ فَقَدْ فَسَّرَهُ بِالْجَمْعِ وَمِنْهُ تَعْلَمُ تَفْسِيرَ الْمُفْرَدِ (قَوْلُهُ فِي أَعْلَى الْخَيَاشِيمِ) هَذَا يُنَافِي مَا هُوَ الْمَوْضُوعُ أَنَّ الْمُنَقِّلَةَ فِي الرَّأْسِ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالرَّأْسِ مَا فَوْقَ الرَّقَبَةِ وَقَوْلُهُ كَقِشْرِ الْبَصَلِ يَطِيرُ عَنْ الْعَظْمِ إذَا ضُرِبَ أَيْ الْعَظْمُ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُنَافِي قَوْلَهُ سَابِقًا الْمُنَقِّلَةُ هِيَ الَّتِي يُنْقَلُ مِنْهَا أَيْ هِيَ الشَّجَّةُ الَّتِي يَنْقُلُ مِنْ أَجْلِهَا الطَّبِيبُ الْعِظَامَ الصِّغَارَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِ طَارَ نَقَلُهُ) أَيْ فَالْمُرَادُ بِالطَّيَرَانِ الْمُفَادِ مِنْ طَارَ نَقْلُهُ أَيْ لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ الطَّيَرَانِ الْمُفَادِ مِنْ طَارَ حَقِيقَتَهُ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ نَقْلُهُ أَيْ نَقْلُ الطَّبِيبِ لَهُ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ بِنَقْلِهِ انْتِقَالُهُ (قَوْلُهُ أَفْضَتْ إلَى أُمِّ الدِّمَاغِ) أَيْ وَلَوْ بِمَدْخَلِ إبْرَةٍ أَيْ وَلَمْ تَخْرِقْ خَرِيطَتَهُ (قَوْلُهُ وَأُمُّ الدِّمَاغِ جِلْدَةٌ رَقِيقَةٌ) هَذَا التَّفْسِيرُ لَا يَقْتَضِي أَنَّ الدَّامِغَةَ لَا يُتَصَوَّرُ مَعَهَا الْحَيَاةُ لِإِمْكَانِ الْخَرْقِ مَعَ الِالْتِئَامِ فَالْمَوْتُ إنَّمَا نَشَأَ مِنْ الْكَشْفِ مَعَ عَدَمِ الِالْتِئَامِ لَا عَنْ مُجَرَّدِ الْخَرْقِ قَرَّرَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ (قَوْلُهُ وَيَصِيرُ كَمَا إذَا ذَهَبَ بِهَا مَعْنًى كَسَمْعٍ إلَخْ) أَيْ فَلَا يُلْطَمُ الْجَانِي بَلْ يُجْرَحُ (قَوْلُهُ وَشَفْرِ عَيْنٍ) فِيهِ شَيْءٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ الشَّفْرَ هُوَ مَنْبَتُ الْهُدْبِ فَالْأَوْلَى
الْعَيْنِ أَيْ: شَعْرُ الْهَدِبِ مِنْ فَوْقٍ وَمِنْ أَسْفَلَ وَشَعْرُ الْحَاجِبِ وَشَعْرُ اللِّحْيَةِ لَا قِصَاصَ فِيهِ وَفِيهِ الْحُكُومَةُ إذَا لَمْ يَنْبُتْ وَعَمْدُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَخَطَؤُهَا سَوَاءٌ إلَّا مِنْ جِهَةِ الْأَدَبِ فَيَفْتَرِقَانِ وَلِذَا قَالَ (وَعَمْدُهُ كَالْخَطَأِ إلَّا فِي الْأَدَبِ) لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَيْسَتْ جِرَاحَاتٍ وَإِنَّمَا وَرَدَ الْقِصَاصُ فِي الْجِرَاحِ وَبَعْدَ ذَلِكَ يُنْظَرُ فَإِنْ لَمْ يَنْبُتْ الشَّعْرُ فَفِيهِ حُكُومَةٌ وَإِنْ نَبَتَ فَلَا شَيْءَ فِيهِ (ص) وَكَأَنْ يَعْظُمَ الْخَطَرُ فِي غَيْرِهَا كَعَظْمِ الصَّدْرِ (ش) مُشَبَّهٌ بِمَا قَبْلَهُ فِي وُجُوبِ الْعَقْلِ وَعَدَمِ الْقِصَاصِ يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ الْجِرَاحَاتِ يَتَعَيَّنُ فِيهَا الْعَقْلُ لِعِظَمِ الْخَطَرِ فِيهَا وَالْخَطَرُ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ الْإِشْرَافُ عَلَى الْهَلَاكِ وَالضَّمِيرُ فِي غَيْرِهَا عَائِدٌ عَلَى الْمُنَقِّلَةِ وَالْمَأْمُومَةِ وَالدَّامِغَةِ وَالْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إذَا ضَرَبَهُ فَكَسَرَ عَظْمَ صَدْرِهِ أَوْ صُلْبِهِ أَوْ عُنُقِهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ فِيهِ وَإِنَّمَا فِيهِ الْعَقْلُ وَفِي نُسْخَةٍ وَإِلَّا بِأَدَاةِ الِاسْتِثْنَاءِ
(ص) وَفِيهَا أَخَافُ فِي رَضِّ الْأُنْثَيَيْنِ أَنْ يُتْلَفَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا رَضَّ أُنْثَيَيْ شَخْصٍ أَيْ كَسَرَهُمَا فَإِنَّهُ لَا يُفْعَلُ بِالْجَانِي مِثْلُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا فِيهِ الْعَقْلُ كَامِلًا لِمَا عَلِمْت أَنَّ هَذِهِ مِنْ الْمَتَالِفِ فَيُخْشَى عَلَى الْجَانِي أَنْ يُهْلَكَ فَقَدْ أَخَذْنَا فِيمَا دُونَ النَّفْسِ نَفْسًا وَفَاعِلُ أَخَافُ هُوَ الْإِمَامُ مَالِكٌ أَوْ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ مَا ارْتَضَاهُ س وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يُفِيدُ أَنَّ فِي قَطْعِهِمَا الْقِصَاصَ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمُتَآلَفِ وَظَاهِرُ الرِّسَالَةِ أَنَّهُ كَرَضِّهِمَا وَلَكِنْ الْمُرْتَضَى الْأَوَّلُ
(ص) وَإِنْ ذَهَبَ كَبَصَرٍ بِجُرْحٍ اُقْتُصَّ مِنْهُ فَإِنْ حَصَلَ أَوْ زَادَ وَإِلَّا فَدِيَةٌ مَا لَمْ يَذْهَبْ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ جَرَحَ إنْسَانًا جُرْحًا فِيهِ الْقِصَاصُ فَتَسَبَّبَ عَنْ ذَلِكَ الْجُرْحِ ذَهَابُ كَسَمْعِ أَوْ بَصَرِ الْمَجْرُوحِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الْمَعَانِي فَإِنَّهُ يُفْعَلُ بِالْجَانِي أَيْ يُقْتَصُّ مِنْهُ مِثْلَ ذَلِكَ بَعْدَ بُرْءِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَإِنْ حَصَلَ لِلْجَانِي مِثْلُ مَا حَصَلَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ فَلَا كَلَامَ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لِلْجَانِي شَيْءٌ أَوْ حَصَلَ الْبَعْضُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ دِيَةٌ مَا لَمْ يَذْهَبْ فِي مَالِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا وَأَمَّا لَوْ ذَهَبَتْ مَنْفَعَةٌ مِنْ الْمَنَافِعِ بِسَبَبِ شَيْءٍ لَا قِصَاصَ فِيهِ فَلَا قَوَدَ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الدِّيَةُ إلَّا أَنْ يُمْكِنَ ذَهَابُ تِلْكَ الْمَنْفَعَةِ بِغَيْرِ فِعْلٍ فَيُقَادُ مِنْهُ فَمَنْ ضَرَبَ يَدَ رَجُلٍ فَشَلَّتْ يَدُهُ ضُرِبَ الضَّارِبُ كَمَا ضَرَبَ فَإِنْ شَلَّتْ يَدُهُ فَلَا كَلَامَ وَإِلَّا فَعَقْلُهَا فِي مَالِهِ ابْنُ يُونُسَ وَقَالَ أَشْهَبُ هَذَا إذَا كَانَتْ الضَّرْبَةُ بِجُرْحٍ فِيهِ الْقَوَدُ وَلَوْ ضَرَبَهُ عَلَى رَأْسِهِ بِعَصًا فَشَلَّتْ يَدُهُ فَلَا قَوَدَ وَعَلَيْهِ دِيَةُ الْيَدِ ابْنُ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ تَقْيِيدٌ قَوْلُهُ كَبَصَرِ الْكَافُ فَاعِلُ ذَهَبَ بِمَعْنَى مِثْلِ فَلَيْسَتْ تَمْثِيلِيَّةً وَلَا تَشْبِيهِيَّةً وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْفَاعِلُ مَحْذُوفًا أَيْ وَإِنْ ذَهَبَ ذَاهِبٌ وَقَوْلُهُ بِجُرْحٍ أَيْ فِيهِ قِصَاصٌ وَقَوْلُهُ اُقْتُصَّ مِنْهُ أَيْ مِنْ الْجَارِحِ الَّذِي تَضَمُّنُهُ بِجُرْحٍ أَيْ اُقْتُصَّ مِنْ الْجَارِحِ نَظِيرَ تِلْكَ الْجِنَايَةِ وَقَوْلُهُ فَإِنْ حَصَلَ أَوْ زَادَ ضَمِيرُ حَصَلَ عَائِدٌ عَلَى الذَّاهِبِ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ وَضَمِيرُ زَادَ عَائِدٌ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ لِأَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْجَانِي أَيْ فَإِنْ حَصَلَ مِثْلُ الذَّاهِبِ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ زَادَ الذَّاهِبُ مِنْ الْجَانِي فَلَا كَلَامَ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ إنْ حَصَلَ لَا لِقَوْلِهِ زَادَ وَقَوْلُهُ فَدِيَةٌ مَا لَمْ يَذْهَبْ أَيْ نَظِيرٌ أَوْ مُقَابِلٌ أَوْ مُمَاثِلٌ مَا لَمْ يَذْهَبْ
ــ
[حاشية العدوي]
أَنْ يَقُولَ وَهُدْبِ عَيْنٍ
(قَوْلُهُ أَيْ شَعْرُ الْهُدْبِ) الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ أَيْ شَعْرٌ هُوَ الْهُدْبُ وَقَوْلُهُ وَشَعْرُ الْحَاجِبِ الْإِضَافَةُ حَقِيقِيَّةٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحَاجِبَيْنِ الْعَظْمَاتُ فَوْقَ الْعَيْنَيْنِ بِالشَّعْرِ وَاللَّحْمِ قَالَهُ ابْنُ فَارِسٍ وَقَوْلُهُ بِالشَّعْرِ يَحْتَمِلُ مَعَ الشَّعْرِ وَاللَّحْمِ فَيَكُونُ الْحَاجِبُ الْمَجْمُوعَ وَيَحْتَمِلُ الْمُلْتَبِسُ بِالشَّعْرِ وَاللَّحْمِ فَيَكُونُ قَاصِرًا عَلَى الْعَظْمِ الْمُلْتَبِسِ بِذَلِكَ فَعَلَى الْأَوَّلِ فَإِضَافَةُ شَعْرٍ مِنْ إضَافَةِ الْجُزْءِ لِلْكُلِّ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَعَلَى الثَّانِي فَمِنْ إضَافَةِ الْمُلَابِسِ لِمُلَابِسِهِ (قَوْلُهُ وَشَعْرُ اللِّحْيَةِ) الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ وَذَلِكَ لِأَنَّ اللِّحْيَةَ الشَّعْرُ النَّازِلُ عَلَى الذَّقَنِ (قَوْلُهُ وَعَمْدُهُ كَالْخَطَأِ إلَّا فِي الْأَدَبِ) أَيْ لِلْمُتَعَمِّدِ وَالْمُرَادُ عَمْدُ مَا لَا قِصَاصَ فِيهِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّ مَا فِيهِ الْقِصَاصُ لَا أَدَبَ فِيهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الَّذِي فِيهِ الْقِصَاصُ فِيهِ الْأَدَبُ وَوَجْهُهُ الرَّدْعُ وَالزَّجْرُ لِتَنَاهِي النَّاسِ خِلَافًا لِمَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ عَدَمِ الْأَدَبِ (قَوْلُهُ مُشَبَّهٌ بِمَا قَبْلَهُ) أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ لِعَظْمِ الصَّدْرِ أَيْ أَوْ تَمْثِيلٌ لِمَا قَبْلَهُ وَقَوْلُهُ فِي وُجُوبِ الْعَقْلِ إلَخْ أَيْ وَفِيهِ حُكُومَةٌ إنْ بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ كَذَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ وَفِي بَعْضٍ آخَرَ أَنَّ فِيهِ الدِّيَةَ (قَوْلُهُ وَالدَّامِغَةِ) عَطْفُهُ عَلَى الْمَأْمُومَةِ مُرَادِفٌ (قَوْلُهُ وَالْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ مِنْ أَنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْ كُلِّ جُرْحٍ وَإِنْ كَانَ مُتْلِفًا إلَّا مَا خَصَّهُ الْحَدِيثُ مِنْ الْجَائِفَةِ وَالْمَأْمُومَةِ
(قَوْلُهُ رَضُّ الْأُنْثَيَيْنِ) أَيْ أَوْ أَحَدِهِمَا وَقَوْلُهُ وَهُوَ مَا ارْتَضَاهُ س أَيْ فَاعِلُ أَخَافُ هُوَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ الَّذِي فِي التَّهْذِيبِ لَا مَالِكٌ وَقَوْلُهُ يُفِيدُ أَنَّ فِي قَطْعِهِمَا أَيْ وَمِثْلُ قَطْعِهِمَا جُرْحُهُمَا
(قَوْلُهُ بِجُرْحٍ إلَخْ) أَيْ كَمَا لَوْ أَوْضَحَهُ فَذَهَبَ مَعَ الْمُوضِحَةِ مَعْنًى مِنْ هَذِهِ الْمَعَانِي أَوْ أَكْثَرُ كَأَنْ ذَهَبَ سَمْعُهُ فَقَطْ أَوْ هُوَ وَعَقْلُهُ (قَوْلُهُ أَوْ أَكْثَرُ إلَخْ) وَلَمْ يَعْتَبِرُوا الزَّائِدَ لِأَنَّ الظَّالِمَ أَحَقُّ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فِي مَالِهِ) عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُقَابِلُهُ مَا لِأَشْهَبَ مِنْ أَنَّهُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَقَوْلُهُ فَمَنْ ضَرَبَ إلَخْ هَذَا مِثَالٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ ذَهَبَ وَلَيْسَ مِثَالًا لِقَوْلِ هَذَا الشَّارِحِ
وَأَمَّا لَوْ ذَهَبَ إلَخْ وَالْأَحْسَنُ تَأْخِيرُ هَذَا لِأَنَّهُ يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ بَعْدُ كَأَنْ شَلَّتْ يَدُهُ بِضَرْبَةٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ ضَرَبَهُ عَلَى رَأْسِهِ) لَا يَخْفَى أَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ الضَّرْبَ عَلَى الرَّأْسِ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ جُرْحٌ فِيهِ الْقَوَدُ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ تَقْيِيدٌ أَيْ أَنْ قَوْلَ أَشْهَبَ تَقْيِيدٌ لَا خِلَافَ وَقَوْلُهُ فَلَيْسَتْ تَمْثِيلِيَّةً إلَخْ أَيْ لِأَنَّ الْكَافَ التَّمْثِيلِيَّةَ وَالتَّشْبِيهِيَّة حَرْفٌ وَقَوْلُهُ عَائِدٌ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُلَاحَظَةِ الِاسْتِخْدَامِ لِأَنَّ الْمُحَدَّثَ عَنْهُ زِيَادَةُ الذَّاهِبِ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ زِيَادَةُ الذَّاهِبِ مِنْ الْجَانِي (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ إنْ حَصَلَ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ الْمِثْلُ (قَوْلُهُ أَوْ مُقَابِلٌ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ بِتَقْدِيرِ ذَلِكَ الْمُضَافِ لَا يَشْكُلُ مَا إذَا كَانَ
وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا وَنَظِيرُهُ وَمُمَاثِلُهُ هُوَ مَا قَامَ بِالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لَا مَا قَامَ بِالْجَانِي فَإِنَّ الَّذِي لَمْ يَذْهَبْ هُوَ الْقَائِمُ بِالْجَانِي وَنَظِيرُهُ وَمُقَابِلُهُ هُوَ الْقَائِمُ بِالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ
(ص) وَإِنْ ذَهَبَ وَالْعَيْنُ قَائِمَةٌ فَإِنْ اُسْتُطِيعَ كَذَلِكَ وَإِلَّا فَالْعَقْلُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ ضَرَبَ إنْسَانًا فَذَهَبَ نُورُ بَصَرِهِ وَالْعَيْنُ قَائِمَةٌ مَكَانَهَا لَمْ تُخْسَفْ فَإِنَّهُ يُفْعَلُ بِالْجَانِي مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ حَصَلَ لَهُ ذَلِكَ أَوْ زَادَ فَلَا كَلَامَ وَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَفْعَلَ بِهِ مِثْلَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ الْعَقْلُ وَبِعِبَارَةٍ: أَيْ وَإِنْ ذَهَبَ الْبَصَرُ بِضَرْبَةٍ فَإِنْ اُسْتُطِيعَ ذَهَابُ الْبَصَرِ بِحِيلَةٍ مِنْ الْحِيَلِ فَعَلَ ذَلِكَ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يَضْرِبَهُ ضَرْبَةً مِثْلَ مَا ضَرَبَ لِأَنَّ الضَّرْبَةَ لَا يُقْتَصُّ مِنْهَا وَإِنَّمَا يُقْتَصُّ مِنْ الْجُرْحِ فَالْمَسْأَلَةُ السَّابِقَةُ ذَهَبَ بِشَيْءٍ فِيهِ الْقِصَاصُ وَهَذِهِ ذَهَبَ بِشَيْءٍ لَا قِصَاصَ فِيهِ (ص) كَأَنْ شَلَّتْ يَدُهُ بِضَرْبَةٍ (ش) التَّشْبِيهُ فِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ مَعَ الْإِمْكَانِ وَإِلَّا فَالْعَقْلُ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ ضَرَبَ يَدَ شَخْصٍ أَوْ رِجْلَهُ عَمْدًا فَبِسَبَبِ تِلْكَ الضَّرْبَةِ شُلَّتْ يَدُ الْمَضْرُوبِ فَإِنَّهُ يُفْعَلُ بِالضَّارِبِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ شَلَّتْ يَدُ الضَّارِبِ وَإِلَّا فَالْعَقْلُ فِي مَالِهِ دُونَ الْعَاقِلَةِ وَقَيَّدَ أَشْهَبُ هَذَا بِمَا إذَا كَانَتْ الضَّرْبَةُ بِجُرْحٍ فِيهِ الْقَوَدُ وَأَمَّا إنْ ضَرَبَهُ عَلَى رَأْسِهِ فَشَلَّتْ يَدُهُ فَلَا قَوَدَ فِيهِ وَعَلَيْهِ دِيَةُ الْيَدِ وَلَا يُنْظَرُ هُنَا لِكَوْنِهِ يُسْتَطَاعُ فِعْلُ الشَّلَلِ بِدُونِ الضَّرْبِ أَمْ لَا وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ نُدُورُ الشَّلَلِ عَنْ الضَّرْبِ بِخِلَافِ ذَهَابِ الْبَصَرِ
(ص) وَإِنْ قُطِعَتْ يَدُ قَاطِعٍ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ قِصَاصٍ لِغَيْرِهِ فَلَا شَيْءَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَطَعَ يَدَ شَخْصٍ عَمْدًا ثُمَّ إنَّ يَدَ الْقَاطِعِ ذَهَبَتْ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ أَوْ بِسَبَبِ سَرِقَةٍ أَيْ سَرَقَ الْقَاطِعُ فَقُطِعَتْ يَدُهُ أَوْ ذَهَبَتْ يَدُ الْقَاطِعِ بِسَبَبِ قِصَاصٍ لِغَيْرِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِأَنْ قَطَعَ يَدَ آخَرَ فَاقْتُصَّ لَهُ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ عَلَى الْجَانِي لِأَنَّ حَقَّهُ إنَّمَا تَعَلَّقَ بِالْعُضْوِ الْمَخْصُوصِ فَلَمَّا تَعَذَّرَ بَطَلَ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا مَاتَ الْقَاتِلُ فَإِنَّ الْمَقْتُولَ لَا شَيْءَ لَهُ
(ص) وَإِنْ قَطَعَ أَقْطَعُ الْكَفِّ مِنْ الْمَرْفِقِ فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ أَوْ الدِّيَةُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الَّذِي يَدُهُ الْيُمْنَى مَقْطُوعَةٌ مِنْ الْكَفِّ إذَا قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ مِنْ الْمَرْفِقِ فَإِنَّ الَّذِي قُطِعَتْ يَدُهُ مِنْ الْمَرْفِقِ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ قَطَعَ النَّاقِصَةَ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ دِيَةَ يَمِينِهِ وَإِنَّمَا كَانَ مُخَيَّرًا لِأَنَّ الْجَانِيَ جَنَى وَهُوَ نَاقِصٌ ذَلِكَ الْعُضْوَ وَلَا جَائِزٌ أَنْ يَنْتَقِلَ إلَى عُضْوٍ غَيْرِهِ وَلَا أَنْ يَتَعَيَّنَ الْقِصَاصُ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مِنْ حَقِّهِ وَلَا أَنْ يَتَعَيَّنَ الدِّيَةُ لِأَنَّهُ جَنَى عَمْدًا عَلَى الْمِعْصَمِ وَالْخِيَارُ جَابِرٌ لَهُ وَهَذَا لَا يُخَالِفُ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمَنْ قُطِعَ مِنْ الْمَرْفِقِ أَنْ يَرْضَى بِقَطْعِ يَدِ الْجَانِي مِنْ الْكُوعِ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ وُجِدَ مِنْ الْجَانِي مُمَاثِلُ مَا جَنَى عَلَيْهِ وَفِيمَا نَحْنُ فِيهِ إنَّمَا لِلْجَانِي مُمَاثِلُ بَعْضِ مَا جَنَى عَلَيْهِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45] أَيْ أَنَّهُ يُفْعَلُ بِالْجَانِي مِثْلُ مَا جَنَى عَلَيْهِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ الرِّضَا بِدُونِهِ
ــ
[حاشية العدوي]
الْجَانِي غَيْرَ مُمَاثِلٍ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ كَامْرَأَةٍ جَنَتْ عَلَى رَجُلٍ وَفَعَلَ بِهَا ذَلِكَ الْفِعْلَ وَلَمْ يَذْهَبْ مِنْهَا شَيْءٌ فَإِنَّ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْهَا دِيَةُ الرَّجُلِ أَيْ عَلَى حَسَبِ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ دِيَةَ عَيْنِهَا عَلَى نِصْفِ دِيَتِهَا وَعَيْنُ الرَّجُلِ عَلَى نِصْفِ دِيَتِهِ وَانْظُرْ لَوْ ذَهَبَ مِنْهُ غَيْرُ مَا ذَهَبَ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ ذَهَبَ مِنْ الْجَانِي سَمْعُهُ وَقَدْ كَانَ ذَهَبَ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بَصَرُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ دِيَةُ الْبَصَرِ (قَوْلُهُ هُوَ الْقَائِمُ بِالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) أَيْ مَا كَانَ قَائِمًا قَبْلَ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَهُوَ الْآنَ ذَاهِبٌ
(قَوْلُهُ وَإِنْ ذَهَبَ) أَيْ الْبَصَرُ مَثَلًا الْمَفْهُومُ مِنْ كَبَصَرٍ بِفِعْلِ مَا لَا قِصَاصَ فِيهِ كَلَطْمَةٍ فَأَذْهَبَ بِهَا بَصَرَهُ وَقَوْلُ الشَّارِحِ فَإِنَّهُ يُفْعَلُ بِالْجَانِي مِثْلُ ذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُفْعَلُ بِالْجَانِي مِثْلُ مَا فَعَلَ مِنْ كَوْنِهِ يَلْطِمُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْأَحْسَنُ الْعِبَارَةُ الْآتِيَةُ الَّتِي مَعْنَاهَا فَإِنْ اُسْتُطِيعَ إذْهَابُ الْبَصَرِ بِغَيْرِ الضَّرْبَةِ أَوْ اللَّطْمَةِ لَا أَنَّنَا نَضْرِبُهُ أَوْ نَلْطِمُهُ فَقَدْ جِيءَ لِعُثْمَانَ رضي الله عنه بِرَجُلٍ لَطَمَ رَجُلًا آخَرَ وَأَصَابَهُ شَيْءٌ فَأَذْهَبَ بَصَرَهُ وَعَيْنُهُ قَائِمَةٌ فَأَرَادَ أَنْ يَقْتَصَّ لَهُ مِنْهُ فَأَعْيَا ذَلِكَ عَلَيْهِ وَعَلَى النَّاسِ حَتَّى أَتَى عَلِيٌّ رضي الله عنه فَأَمَرَ بِالْمُصِيبِ فَجَعَلَ عَلَى عَيْنِهِ كُرْسُفًا ثُمَّ اسْتَقْبَلَ بِهِ عَيْنَ الشَّمْسِ وَأُدْنِيَتْ مِنْ عَيْنِهِ مِرْآةٌ فَالْتَمَسَ بَصَرُهُ وَعَيْنُهُ قَائِمَةٌ وَقِيلَ أَمَرَ بِمِرْآةٍ فَأُحْمِيَتْ ثُمَّ أُدْنِيَتْ مِنْ عَيْنِهِ فَسَالَتْ نُقْطَتُهَا الَّتِي يَجِبُ فِيهَا الْقِصَاصُ مَعَ الْعَمْدِ وَبَقِيَتْ الْعَيْنُ قَائِمَةً
(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ الْعَقْلُ) أَيْ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَا سَقَطَ فِيهِ الْقِصَاصُ لِعَدَمِ إمْكَانِهِ وَيَكُونُ فِي مَالِهِ لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ (قَوْلُهُ فَالْمَسْأَلَةُ السَّابِقَةُ ذَهَبَ بِشَيْءٍ إلَخْ) رَدَّهُ مُحَشِّي تت بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ تَبَعًا لِلْمُدَوَّنَةِ خَاصٌّ بِالْبَصَرِ لِمَا جَاءَ فِي ذَلِكَ عَنْ عُثْمَانَ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ غَيْرَهُ مِنْ الْمَنَافِعِ لَا يُسْتَطَاعُ فِيهِ ذَلِكَ وَلَوْ أَمْكَنَ لَقِيلَ فِيهِ كَذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ الضَّرْبُ يُقْتَصُّ مِنْهُ أَمْ لَا فِي مَحَلِّ الْمَنْفَعَةِ أَمْ لَا عَلَى مَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ كَأَنْ شَلَّتْ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَضَمُّهَا خَطَأٌ أَوْ قَلِيلٌ أَوْ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ قَالَهُ الْقَسْطَلَّانِيُّ (قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ ضَرَبَ يَدَ شَخْصٍ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى قَدْ حَلَّ بِهِ الشَّارِحُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ ذَهَبَ كَبَصَرٍ إلَخْ فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَأَنْ شَلَّتْ يَدُهُ فَالْأَحْسَنُ لِلشَّارِحِ أَنْ لَا يُمَثِّلَ بِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ ذَهَبَ كَبَصَرٍ بِجُرْحٍ بَلْ يُمَثِّلُ بِمِثَالٍ آخَرَ وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ قَوْلُ الشَّارِحِ التَّشْبِيهُ فِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ مَعَ الْإِمْكَانِ أَيْ بِأَنْ كَانَ الشَّلَلُ بِجُرْحٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُقْتَصُّ مِنْهُ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْعَقْلُ أَيْ وَإِلَّا يُمْكِنُ بِأَنْ كَانَ الشَّلَلُ بِدُونِ جُرْحٍ (قَوْلُهُ وَلَا يُنْظَرُ هُنَا إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ فَإِنَّهُ إنْ اُسْتُطِيعَ إذْهَابُ نَظِيرِ مَا ذَهَبَ بِغَيْرِ الضَّرْبِ فَعَلَ وَلَا يَرْجِعُ لِلْعَقْلِ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ بِخِلَافِ الشَّلَلِ
(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) أَيْ فَلَا قِصَاصَ وَلَا دِيَةَ
(قَوْلُهُ مِنْ الْمَرْفِقِ) اُحْتُرِزَ بِهِ مِنْ جِنَايَةِ الْأَقْطَعِ عَلَيْهِ مِنْ الْكُوعِ فَالْعَقْلُ
لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى لَا لَهُ وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا مَعَ الْإِمْكَانِ وَأَمَّا مَعَ عَدَمِهِ فَهُوَ حَقٌّ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لَا لِلَّهِ تَعَالَى قَوْلُهُ مِنْ الْمَرْفِقِ مُتَعَلِّقٌ بِقُطِعَ (ص) كَمَقْطُوعِ الْحَشَفَةِ (ش) التَّشْبِيهُ تَامٌّ وَالْمَعْنَى أَنَّ الَّذِي ذَكَرُهُ مَقْطُوعُ الْحَشَفَةِ إذَا قَطَعَ ذَكَرَ رَجُلٍ مِنْ أَصْلِهِ فَإِنَّ الَّذِي قُطِعَ ذَكَرُهُ الْكَامِلُ يُخَيِّرُ بَيْنَ أَنْ يَقْطَعَ قَصَبَةَ الذَّكَرِ أَوْ يَأْخُذَ دِيَةَ ذَكَرِهِ وَالْخِيَارُ لِأَجْلِ عَدَمِ الْمُمَاثَلَةِ
(ص) وَتُقْطَعُ الْيَدُ النَّاقِصَةُ إصْبَعًا بِالْكَامِلَةِ بِلَا غُرْمٍ وَخُيِّرَ إنْ نَقَصَتْ أَكْثَرَ فِيهِ وَفِي الدِّيَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الَّذِي يَدُهُ نَاقِصَةٌ إصْبَعًا بِسَبَبِ جِنَايَةٍ أَوْ غَيْرِهَا إذَا قَطَعَ يَدًا كَامِلَةً لِرَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ فَإِنَّ يَدَهُ النَّاقِصَةَ تُقْطَعُ بِالْكَامِلَةِ بِلَا غَرَامَةٍ لِصَاحِبِ الْكَامِلَةِ عَلَى الْجَانِي صَاحِبِ النَّاقِصَةِ بِسَبَبِ إصْبَعِهِ فَإِنْ نَقَصَتْ يَدُ الْجَانِي أَكْثَرَ مِنْ إصْبَعٍ فَإِنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَقْتَصَّ أَوْ يَأْخُذَ الدِّيَةَ أَيْ دِيَةَ يَدِهِ كَامِلَةً أَيْ دِيَةَ يَدِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لَا دِيَةَ يَدِ الْجَانِي
(ص) وَإِنْ نَقَصَتْ يَدُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَالْقَوَدُ وَلَوْ إبْهَامًا (ش) يَعْنِي لَوْ كَانَتْ يَدُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ هِيَ النَّاقِصَةُ أُصْبُعًا وَلَوْ إبْهَامًا فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْقِصَاصَ عَلَى الْجَانِي فَتُقْطَعُ يَدُهُ الْكَامِلَةُ فِي يَدِهِ النَّاقِصَةِ وَلَا غَرَامَةَ عَلَيْهِ لِصَاحِبِ الْكَامِلَةِ وَهُوَ الْجَانِي فَقَوْلُهُ وَإِنْ نَقَصَتْ أَيْ أُصْبُعًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَلَوْ إبْهَامًا (ص) لَا أَكْثَرَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْيَدَ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهَا إذَا نَقَصَتْ أَكْثَرَ مِنْ إصْبَعٍ بِأَنْ نَقَصَتْ إصْبَعَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فَلِصَاحِبِهَا دِيَةُ مَا فِيهَا مِنْ الْأَصَابِعِ وَلَا شَيْءَ فِي الْكَفِّ حَيْثُ كَانَ فِيهَا أَكْثَرُ مِنْ أُصْبُعٍ وَإِنْ كَانَ فِيهَا وَاحِدَةٌ فَدِيَتُهَا وَحُكُومَةٌ فِي الْكَفِّ قَالَهُ الْمَوَّاقُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا الْكَفُّ فَلَيْسَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إلَّا الْحُكُومَةُ إنْ شَاءَ وَإِنْ شَاءَ قَطَعَ وَبِعِبَارَةٍ لَا أَكْثَرَ أَيْ كَأُصْبُعَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ لِأَنَّ الْكَثْرَةَ إنَّمَا تُسْتَعْمَلُ فِي الْكَامِلِ لِأَنَّ الْأَفْرَادَ هُنَا أَصَابِعُ فَلَا يُعَارِضُ مَفْهُومَ الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ قُلْت تَقَدَّمَ فِي يَدِ الْجَانِي إذَا كَانَتْ نَاقِصَةً أَكْثَرَ أَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ يُخَيَّرُ وَهُنَا اتَّفَقَ عَلَى تَعَيُّنِ الْعَقْلِ فَمَا الْفَرْقُ قُلْت لِأَنَّ يَدَ الْجَانِي إذَا كَانَتْ نَاقِصَةً أَكْثَرَ وَاخْتَارَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الْقَوَدَ فَقَدْ رَضِيَ بِتَرْكِ بَعْضِ حَقِّهِ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ يَدُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ نَاقِصَةً أَكْثَرَ مِنْ أُصْبُعٍ لَوْ اقْتَصَّ مِنْ يَدِ الْجَانِي الْكَامِلَةِ لَأَخَذَ زَائِدًا عَلَى حَقِّهِ
(ص) وَلَا يَجُوزُ بِكُوعٍ لِذِي مَرْفِقٍ وَإِنْ رَضِيَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَطَعَ يَدَ شَخْصٍ مِنْ الْمَرْفِقِ ثُمَّ تَرَاضَيَا عَلَى أَنْ يَقْطَعَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ يَدَ الْجَانِي مِنْ الْكُوعِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْقِصَاصُ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45] إذْ الْمُمَاثَلَةُ فِي الْمَحَلِّ شَرْطٌ كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَقْطَعَ رِجْلَهُ فِي يَدِهِ مَثَلًا وَفَاعِلُ يَجُوزُ الْقِصَاصُ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ وَالْبَاءُ بِمَعْنَى مِنْ الَّتِي لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ أَيْ وَلَا يَجُوزُ الْقِصَاصُ مِنْ كُوعٍ أَيْ مُبْتَدَأٍ مِنْ كُوعٍ لِذِي مَرْفِقٍ أَيْ لِذِي مَرْفِقٍ مَقْطُوعٍ أَيْ لَا يَجُوزُ لِذِي مَرْفِقٍ مَقْطُوعٍ الْقِصَاصُ مِنْ كُوعٍ وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ وتت أَنَّ فَاعِلَ يَجُوزُ الرِّضَا وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْفَاعِلَ لَا يُحْذَفُ إلَّا فِي مَوَاضِعَ لَيْسَ هَذَا مِنْهَا وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مُوَافِقٌ لِلنَّقْلِ وَبَحْثُ ابْنِ عَرَفَةَ ضَعِيفٌ وَالْوَاوُ فِي وَإِنْ رَضِيَا لِلْحَالِ وَإِذَا وَقَعَ وَنَزَلَ يُجْزِئُ وَلَا يُعَادُ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضٌ
(ص) وَتُؤْخَذُ الْعَيْنُ السَّلِيمَةُ بِالضَّعِيفَةِ خِلْقَةً أَوْ مِنْ كِبَرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ
ــ
[حاشية العدوي]
فَقَطْ لِعَدَمِ اتِّحَادِ مَحَلِّ الْقِصَاصِ
(قَوْلُهُ وَتُقْطَعُ الْيَدُ) أَيْ أَوْ الرِّجْلُ وَقَوْلُهُ أُصْبُعًا أَيْ أَوْ وَبَعْضَ آخَرَ وَقَوْلُهُ إنْ نَقَصَتْ أَيْ يَدُ الْجَانِي أَيْ أَوْ رِجْلُهُ وَقَوْلُهُ خُيِّرَ أَيْ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْتَصَّ وَيَأْخُذَ أَرْشَ النَّاقِصِ
(قَوْلُهُ وَإِنْ نَقَصَتْ يَدُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) أَوْ رِجْلُهُ أُصْبُعًا أَيْ وَبَعْضَ آخَرَ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ أَوْ بِجِنَايَةٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ إبْهَامًا) فِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ يَقُولُ فِي الْأُصْبُعِ إذَا كَانَتْ إبْهَامًا الْعَقْلُ (قَوْلُهُ وَإِنْ شَاءَ قَطَعَ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ قَطْعُ السَّالِمَةِ بِالْكَفِّ وَلَك أَنْ تَقُولَ يُفْرَضُ فِيمَا إذَا كَانَ الْجَانِي لَيْسَ لَهُ إلَّا الْكَفُّ أَيْضًا لَكِنَّهُ يَصِيرُ مُخَالِفًا لِمَوْضُوعِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ أَنَّ الْجَانِيَ سَالِمُ الْأَصَابِعِ (قَوْلُهُ لَا أَكْثَرَ) مَا لَمْ يَكُنْ النَّقْصُ بِسَبَبِ جِنَايَةِ الْجَانِي الْآنَ عَمْدًا قَبْلَ ذَلِكَ خَطَأً أَوْ أَخَذَ لَهَا مِنْهُ عَقْلًا فَيُقَادُ لَهَا مِنْ الْكَامِلِ لِاتِّهَامِهِ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا جَنَى الْآنَ عَلَيْهَا عَمْدًا لِمَا غَرِمَهُ قَبْلُ مِنْ الْخَطَأِ (قَوْلُهُ إنَّمَا تُسْتَعْمَلُ فِي الْكَامِلِ) أَيْ فِي الْأُصْبُعِ الْكَامِلِ وَقَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَفْرَادَ إلَخْ أَيْ لِأَنَّ الْأَفْرَادَ الَّتِي يَتَعَلَّقُ بِهَا الْكَثْرَةُ هُنَا أَصَابِعُ أَيْ لَا أَجْزَاءُ وَهُوَ عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ وَقُلْنَا هُنَا أَيْ كَأُصْبُعَيْنِ مُعَلَّلَيْنِ بِتِلْكَ الْعِلَّةِ لِأَنَّ الْأَفْرَادَ هُنَا أَصَابِعُ (قَوْلُهُ فَلَا يُعَارِضُ مَفْهُومَ الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْأُصْبُعَ وَبَعْضَ الْأُصْبُعِ كَالْأُصْبُعِ (تَنْبِيهٌ) : هَلْ الْأُصْبُعُ الزَّائِدَةُ الْقَوِيَّةُ أَوْ الْأُصْبُعَانِ أَوْ أَكْثَرُ كَذَلِكَ هَلْ يُعْطَى حُكْمُ الْأَصْلِيَّةِ فِي أَنَّ نَقْصَ الْوَاحِدِ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ وَنَقْصَ الْأَكْثَرِ يُوجِبُ التَّخْيِيرَ فِي الْأُولَى وَعَدَمَ الْقِصَاصِ فِي يَدِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ وَأَنَّهُ يَلْحَقُ النَّادِرُ بِالْغَالِبِ وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ أَوْ إنَّمَا يُعْتَبَرُ نَقْصُ الْأُصْبُعِ أَوْ الْأَكْثَرِ مِنْ الْأُصُولِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ إلَخْ) لَا يَرِدُ عَلَى التَّعْلِيلِ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الظَّالِمَ أَحَقُّ بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ فِي ذَهَابِ مَعْنًى أَكْثَرَ مِمَّا ذَهَبَ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مِنْ الْمَعْنَى
(قَوْلُهُ وَإِنْ رَضِيَا) لِأَنَّ الْمُسَاوَاةَ فِي الْقِصَاصِ حَقٌّ لِلَّهِ مَعَ الْإِمْكَانِ وَأَمَّا عَدَمُ الْإِمْكَانِ فَهُوَ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ فَيَجُوزُ الرِّضَا بِأَنْقَصَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ قَطَعَ أَقْطَعُ الْكَفِّ مِنْ الْمَرْفِقِ فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ أَوْ الدِّيَةُ وَكَذَا أَصْلُ الْقِصَاصِ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَبَحْثُ ابْنِ عَرَفَةَ ضَعِيفٌ) اعْلَمْ أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ بَحَثَ فَقَالَ الْإِجْمَاعُ عَلَى وُجُوبِ ارْتِكَابِ أَخَفِّ ضَرَرٍ بِدَفْعِ مَا هُوَ أَضَرُّ مِنْهُ مِنْ نَوْعِهِ وَضَرَرُ الْقَطْعِ مِنْ الْكُوعِ أَخَفُّ مِنْهُ مِنْ الْمَرْفِقِ ضَرُورَةً وَقَدْ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي أَجْوِبَتِهِ إذَا لَزِمَ أَحَدُ الضَّرَرَيْنِ وَجَبَ ارْتِكَابُ أَخَفِّهِمَا وَفِيهِ نَظَرٌ كَمَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَرْتَكِبُ أَخَفَّ الضَّرَرَيْنِ إذَا لَمْ يَنْهَ الشَّارِعُ عَنْ أَخَفِّهِمَا وَهُنَا نَهَى عَنْهُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45]
صَاحِبَ الْعَيْنِ السَّلِيمَةِ إبْصَارًا إذَا قَلَعَ عَيْنًا ضَعِيفَةَ الْإِبْصَارِ خِلْقَةً أَوْ مِنْ كِبَرٍ لِشَخْصٍ فَإِنَّ السَّلِيمَةَ تُؤْخَذُ بِالضَّعِيفَةِ كَمَا يُقْتَصُّ لِلْمَرِيضِ مِنْ الصَّحِيحِ وَخِلْقَةً مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ الضَّعِيفَةِ مِنْ أَصْلِ خِلْقَتِهَا (ص) وَلِجُدَرِيٍّ أَوْ لِكَرَمْيَةٍ فَالْقَوَدُ إنْ تَعَمَّدَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَيْنَ السَّالِمَةَ تُؤْخَذُ بِالْعَيْنِ الضَّعِيفَةِ مِنْ جُدَرِيٍّ أَوْ مِنْ رَمْيَةٍ وَسَوَاءٌ أَخَذَ لَعَيْنِهِ بِسَبَبِ الرَّمْيَةِ عَقْلًا أَمْ لَا هَذَا إذَا تَعَمَّدَ الْجِنَايَةَ فَإِنْ لَمْ يَتَعَمَّدْهَا فَيُؤْخَذُ مِنْ الْجَانِي بِحِسَابِ مَا بَقِيَ مِنْ نُورِهَا بِأَنْ يُقَالَ مَا بَقِيَ مِنْ الرَّمْيَةِ فَيُقَالُ النِّصْفُ مَثَلًا فَعَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ (وَإِلَّا فَبِحِسَابِهِ) أَيْ حَيْثُ أَخَذَ عَقْلًا وَإِلَّا فَالدِّيَةُ كَامِلَةً كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَكَذَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهَا إنْ لَمْ يَأْخُذْ عَقْلًا فَقَوْلُهُ وَإِلَّا إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ لِكَرَمْيَةٍ وَقَوْلُهُ فَالْقَوَدُ إلَخْ رَاجِعٌ لِلْجُدَرِيِّ وَالرَّمْيَةِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى مَا قَبْلَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ وَتُؤْخَذُ الْعَيْنُ السَّلِيمَةُ إلَخْ لِفَهْمِ الْقَوَدِ مِنْهُ وَبِعِبَارَةٍ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ فَالْقَوَدُ مَعَ قَوْلِهِ وَتُؤْخَذُ الْعَيْنُ إلَخْ وَلَا لِقَوْلِهِ إنْ تَعَمَّدَهُ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ وَلَا لِقَوْلِهِ وَإِلَّا فَبِحِسَابِهِ مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي وَكَذَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهَا إنْ لَمْ يَأْخُذْ عَقْلًا مَعَ إخْلَالِ مَا هُنَا بِالشَّرْطِ الْآتِي
(ص) وَإِنْ فَقَأَ سَالِمٌ عَيْنَ أَعْوَرَ فَلَهُ الْقَوَدُ أَوْ أَخْذُ دِيَةٍ كَامِلَةٍ مِنْ مَالِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ سَالِمَ الْعَيْنَيْنِ إذَا فَقَأَ عَيْنَ أَعْوَرَ عَمْدًا وَهُوَ الَّذِي ذَهَبَ بَصَرُ إحْدَى عَيْنَيْهِ بِجِنَايَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَإِنَّ الْخِيَارَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إنْ شَاءَ اقْتَصَّ مِنْ الْجَانِي مُمَاثَلَتَهُ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ الْقِصَاصَ وَأَخَذَ دِيَةَ عَيْنِهِ وَهِيَ أَلْفُ دِينَارٍ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ فَقَوْلُهُ سَالِمٌ أَيْ سَالِمُ الْعَيْنِ الْمُمَاثِلَةِ لِعَيْنِ الْأَعْوَرِ كَانَتْ الْأُخْرَى سَلِيمَةً أَمْ لَا فَيَصْدُقُ بِمَا إذَا كَانَ سَالِمَ الْعَيْنَيْنِ أَوْ سَالِمَ الْمُمَاثَلَةِ فَقَطْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ سَالِمُ الْعَيْنَيْنِ
(ص) وَإِنْ فَقَأَ أَعْوَرَ مِنْ سَالِمٍ مُمَاثِلَتَهُ فَلَهُ الْقِصَاصُ أَوْ دِيَةُ مَا تَرَكَ وَغَيْرُهَا فَنِصْفُ دِيَةٍ فَقَطْ فِي مَالِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَعْوَرَ إذَا فَقَأَ مِنْ سَالِمِ الْعَيْنَيْنِ الْعَيْنَ الَّتِي تُمَاثِلُ عَيْنَهُ فَلِسَالِمِ الْعَيْنَيْنِ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْ الْأَعْوَرِ أَوْ يَأْخُذَ دِيَةَ مَا تَرَكَ وَهِيَ عَيْنُ الْأَعْوَرِ أَلْفُ دِينَارٍ عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ وَإِنَّمَا جُعِلَ التَّخْيِيرُ هُنَا لِعَدَمِ الْمُسَاوَاةِ لِأَنَّ عَيْنَ الْأَعْوَرِ فِيهَا الدِّيَةُ كَامِلَةً بِخِلَافِ عَيْنِ غَيْرِ الْأَعْوَرِ فَفِيهَا نِصْفُ الدِّيَةِ فَقَطْ وَإِنْ فَقَأَ الْأَعْوَرُ مِنْ سَالِمِ الْعَيْنَيْنِ الْعَيْنَ الَّتِي لَا تُمَاثِلُ عَيْنَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ نِصْفُ الدِّيَةِ فَقَطْ وَلَيْسَ لَهُ الْقِصَاصُ لِتَعَذُّرِ الْمَحَلِّ
(ص) وَإِنْ فَقَأَ عَيْنَيْ السَّالِمِ فَالْقَوَدُ وَنِصْفُ الدِّيَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَعْوَرَ إذَا فَقَأَ عَيْنَيْ السَّالِمِ عَمْدًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْقَوَدُ فِي الْعَيْنِ الْمُمَاثِلَةِ لَعَيْنِهِ وَيَلْزَمُهُ أَيْضًا نِصْفُ الدِّيَةِ فِي الْعَيْنِ الَّتِي لَيْسَ لَهُ مِثْلُهَا وَسَوَاءٌ فَقَأَ الْعَيْنَ الَّتِي لَيْسَ لَهُ مِثْلُهَا أَوَّلًا أَمْ لَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُنَاكَ تَفْصِيلٌ
(ص) وَإِنْ قُلِعَتْ سِنٌّ فَثَبَتَتْ فَالْقَوَدُ وَفِي الْخَطَأِ كَدِيَةِ الْخَطَأِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَلَعَ سِنًّا لِشَخْصٍ كَبِيرٍ أَيْ أَثَغْرَ عَمْدًا فَرَدَّهَا فَثَبَتَتْ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْقَوَدُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ أَنْ يَتَأَلَّمَ الْجَانِي بِمِثْلِ مَا فَعَلَ وَخَطَأَ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ فِيهَا الْعَقْلَ وَهُوَ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ لِأَنَّ حُكْمَهَا حِينَئِذٍ كَدِيَةِ الْخَطَأِ فِي غَيْرِهَا مِمَّا لَهُ عَقْلٌ مُسَمًّى كَمُوضِحَةٍ وَنَحْوِهَا يُؤْخَذُ عَقْلُهَا ثُمَّ تَعُودُ كَمَا كَانَتْ قَبْلُ فَلَا يَسْقُطُ الْعَقْلُ اتِّفَاقًا حَكَاهُ اللَّخْمِيُّ وَإِنْ أَخَذَ الدِّيَةَ فَرُدَّتْ وَثَبَتَتْ لَمْ يَرُدَّ الْآخِذُ شَيْئًا فَقَوْلُهُ وَإِنْ قُلِعَتْ سِنٌّ
ــ
[حاشية العدوي]
(قَوْلُهُ خِلْقَةً) أَيْ مِنْ أَصْلِ خِلْقَتِهَا أَيْ كَاَلَّذِي يُولَدُ أَعْشَى وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّ الْعَارِضَ قَدِيمٌ كَمَا قَالَ الْبِسَاطِيُّ (قَوْلُهُ فَالْقَوَدُ إنْ تَعَمَّدَهُ) لَا حَاجَةَ لِقَيْدِ التَّعَمُّدِ مَعَ قَوْلِهِ فَالْقَوَدُ وَلَكِنْ أَتَى بِهِ لِلِاسْتِثْنَاءِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجِنَايَةَ الثَّانِيَةَ إذَا كَانَتْ عَمْدًا فَيَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى السَّالِمِ الْعَيْنِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْأُولَى الَّتِي أَضْعَفَتْهَا عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَخَذَ لَهَا عَقْلًا أَمْ لَا أَذْهَبَتْ كُلَّ الْمَنْفَعَةِ أَمْ لَا كَذَا قِيلَ وَلَكِنْ الْحَقُّ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ النَّقْلُ أَنَّ الْعَيْنَ النَّاقِصَةَ يَسِيرًا كَانَ ذَلِكَ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ أَوْ بِجِنَايَةٍ ثُمَّ تُصَابُ عَمْدًا فَالْقَوَدُ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا فَالْعَقْلُ وَلَا قَوَدَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ يُقَيِّدُ بِالنَّقْصِ الْيَسِيرِ الَّذِي مَعَهُ الْإِبْصَارُ (قَوْلُهُ أَوْ مِنْ رَمْيَةٍ) أَقُولُ وَسَكَتَ عَمَّا أَدْخَلَتْ الْكَافُ وَنَقُولُ هُوَ الضَّرْبَةُ
(قَوْلُهُ أَيْ حَيْثُ أَخَذَ لَهَا عَقْلًا) أَيْ حَقِيقَةً وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ غَيْرُ حَقِيقَةٍ بِأَنْ تَرَكَهُ بِاخْتِيَارِهِ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَالدِّيَةُ كَامِلَةً أَيْ بِأَنْ لَمْ يَأْخُذْهُ لَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا أَيْ انْتَفَى الْأَخْذُ الْحَقِيقِيُّ وَالْحُكْمِيُّ وَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى تَفْصِيلُ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا فِي الْعِبَارَةِ تَسَامُحٌ وَالْمُرَادُ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ وَتُؤْخَذُ إلَخْ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ خِلْقَةً أَوْ مِنْ كِبَرٍ بَلْ مُرْتَبِطٌ بِمَحْذُوفٍ وَالْمَعْنَى وَأَمَّا إذَا كَانَ الضَّعْفُ لِجُدَرِيٍّ أَوْ لِكَرَمْيَةٍ فَالْقَوَدُ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ: صَاحِبُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ يَنْظُرُ لِظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ غَيْرَ نَاظِرٍ لِلْمَحْذُوفِ الَّذِي قَدَرْنَاهُ وَقَوْلُهُ مَعَ قَوْلِهِ أَيْ مَعَ مَفْهُومِهِ وَهُوَ مَا إذَا أَخَذَ عَقْلًا وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَأَمَّا إذَا أَخَذَ عَقْلًا فَبِحِسَابِهِ وَقَوْلُهُ مَعَ إخْلَالِ مَا هُنَا بِالشَّرْطِ الْآتِي أَيْ الْمَفْهُومِ مِمَّا سَيَأْتِي وَهُوَ قَوْلُهُ حَيْثُ أَخَذَ عَقْلًا
(قَوْلُهُ فَلَهُ الْقَوَدُ) أَيْ لِلْأَعْوَرِ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ وَإِلَّا فَهُوَ الْآنَ غَيْرُ أَعْوَرَ (قَوْلُهُ أَيْ سَالِمُ الْعَيْنِ الْمُمَاثِلَةِ) هَذَا مُنَافٍ لِصَدْرِ حِلِّهِ لِأَنَّهُ قَالَ فِيهِ فَلِلسَّالِمِ الْعَيْنَيْنِ وَيُجَابُ بِتَقْدِيرِ مَثَلًا فِي الْأَوَّلِ
(قَوْلُهُ فَالْقَوَدُ وَنِصْفُ الدِّيَةِ) وَلَمْ يُخَيَّرْ فِي الْمُمَاثِلَةِ هُنَا كَمَا خُيِّرَ فِيمَا إذَا فَقَأَهَا وَحْدَهَا لِئَلَّا يَلْزَمَ أَخْذُهُ فِي الْعَيْنَيْنِ دِيَةً وَنِصْفَ دِيَةٍ وَهُوَ خِلَافُ مَا قَرَّرَهُ الشَّارِعُ صلى الله عليه وسلم (قَوْلُهُ وَهُنَاكَ تَفْصِيلٌ) أَيْ الَّذِي هُوَ مُقَابِلٌ لِلْمَشْهُورِ فَإِنَّهُ يُوَافِقُ مَا ذُكِرَ إذَا فَقَأَهُمَا مَعًا أَوْ بَدَأَ بِاَلَّتِي لَيْسَ لَهُ مِثْلُهَا وَأَمَّا إذَا بَدَأَ بِاَلَّتِي لَهُ مِثْلُهَا فَإِنَّ عَلَيْهِ الْقِصَاصَ وَالدِّيَةَ أَلْفَيْ دِينَارٍ لِأَنَّهُ لَمَّا فَعَلَ بِاَلَّتِي لَهُ مِثْلُهَا وَجَبَ الْقِصَاصُ وَصَارَ أَعْوَرَ وَجَبَ أَنْ تَكُونَ الدِّيَةُ كَامِلَةً
أَيْ لِكَبِيرٍ وَيَأْتِي أَيْضًا وَسِنٌّ مُضْطَرِبَةٌ جِدًّا وَإِنْ ثَبَتَتْ قَبْلَ أَخْذِ عَقْلِهَا أَخَذَهُ وَعَلَيْهِ فَهُوَ مَعَ قَوْلِهِ وَفِي الْخَطَأِ كَدِيَةِ الْخَطَأِ تَكْرَارٌ وَالْمُرَادُ بِالْكَبِيرِ مَنْ أَثَغْرَ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَسِنٌّ لِصَغِيرٍ لَمْ يُثْغِرْ وَيَأْتِي حُكْمُ الصَّغِيرِ فِي قَوْلِهِ وَاسْتُؤْنِيَ بِالصَّغِيرِ وَسِنُّ الصَّغِيرِ لِلْإِيَاسِ كَالْقَوَدِ وَإِلَّا اُنْتُظِرَ سَنَةً وَيَأْتِي أَنَّ حَقَّهُ أَنْ يَقُولَ لِلْإِيَاسِ أَوْ مُضِيِّ سَنَةٍ كَالْقَوَدِ
(ص) وَالِاسْتِيفَاءُ لِلْعَاصِبِ كَالْوَلَاءِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الِاسْتِيفَاءَ فِي النَّفْسِ لِلْعَاصِبِ الذَّكَرِ فَلَا يَدْخُلُ الزَّوْجُ وَالْأَخُ لِلْأُمِّ وَتَرْتِيبُ الْعَاصِبِ هُنَا كَتَرْتِيبِهِ فِي بَابِ مِيرَاثِ الْوَلَاءِ فَيَخْتَصُّ بِالذُّكُورِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ إلَّا أَنَّ التَّشْبِيهَ لَمَّا اقْتَضَى أَنَّ الْإِخْوَةَ وَبَنِيهِمْ مُقَدَّمُونَ عَلَى الْجَدِّ اسْتَثْنَى الْإِخْوَةَ بِقَوْلِهِ (إلَّا الْجَدَّ وَالْإِخْوَةَ فَسِيَّانِ) فِي الْقَتْلِ وَالْعَفْوِ وَبِاسْتِثْنَائِهِمْ يُعْلَمُ سُقُوطُ بَنِيهِمْ مَعَ الْجَدِّ لِأَنَّهُمْ لَا كَلَامَ لَهُمْ مَعَ آبَائِهِمْ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ آبَائِهِمْ فَلَا كَلَامَ لَهُمْ مَعَهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ كَالْإِرْثِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَدِّ فِي بَابِ الْإِرْثِ الْجَدُّ وَإِنْ عَلَا وَفِي بَابِ الْوَلَاءِ الْجَدُّ دُنْيَةً فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَقْتُولِ عَصَبَةٌ أَصْلًا فَإِنَّ الْإِمَامَ يَقْتَصُّ لَهُ وَلَيْسَ لَهُ الْعَفْوُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ كَافِرَيْنِ ثُمَّ يَسْلَمُ الْقَاتِلُ (ص) وَيَحْلِفُ الثُّلُثَ وَهَلْ إلَّا فِي الْعَمْدِ فَكَأَخٍ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجَدَّ يَحْلِفُ ثُلُثَ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ حَيْثُ كَانَ يَرِثُ الثُّلُثَ وَهَلْ يَحْلِفُ الْجَدُّ ثُلُثَ الْأَيْمَانِ حَيْثُ كَانَ يَرِثُهُ بِأَنْ كَانَ مَعَهُ أَكْثَرُ مِنْ أَخٍ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ كَمَا تَأَوَّلَ ابْنُ رُشْدٍ قَوْلَ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ كَانُوا عَشَرَةَ إخْوَةٍ وَجَدًّا يَحْلِفُ الْجَدُّ ثُلُثَ الْأَيْمَانِ انْتَهَى لِأَنَّ الْعَمْدَ قَدْ يَئُولُ إلَى الْمَالِ وَتَأَوَّلَ بَعْضُ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ بِصِقِلِّيَةَ عَلَى أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِي الْخَطَأِ فَقَطْ وَأَمَّا فِي الْعَمْدِ فَإِنَّهُ كَأَخٍ وَاحِدٍ فَتُقْسَمُ الْأَيْمَانُ عَلَى عَدَدِهِمْ فَيَحْلِفُ مَا نَابَهُ فَيَحْلِفُ خَمْسَةَ أَيْمَانٍ فِي مِثَالِهَا لِأَنَّ مَا يَنْوِيهِ مِنْهَا أَرْبَعَةُ أَيْمَانٍ وَبَعْضُ يَمِينٍ فَتَكْمُلُ
(ص) وَانْتُظِرَ غَائِبٌ لَمْ تَبْعُدْ غَيْبَتُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ أَوْلِيَاءَ الدَّمِ إذَا كَانُوا فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ فَغَابَ أَحَدُهُمْ غَيْبَةً قَرِيبَةً بِحَيْثُ تَصِلُ إلَيْهِ الْأَخْبَارُ فَإِنَّهُ يُنْتَظَرُ إلَى قُدُومِهِ لِيَعْفُوَ أَوْ يَقْتُلَ وَأَمَّا إنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ فَإِنَّهُ لَا يُنْتَظَرُ وَلِمَنْ حَضَرَ أَنْ يَقْتُلَ فَانْتِظَارُ الْغَائِبِ حَيْثُ أَرَادَ الْحَاضِرُ الْقَتْلَ وَأَمَّا لَوْ أَرَادَ الْعَفْوَ فَلَا يُنْتَظَرُ وَسَقَطَ الْقَتْلُ وَلِلْغَائِبِ نَصِيبُهُ مِنْ الدِّيَةِ كَمَا يَأْتِي وَسَقَطَ إنْ عَفَا رَجُلٌ كَالْبَاقِي وَمَهْمَا أَسْقَطَ الْبَعْضُ فَلِمَنْ بَقِيَ نَصِيبُهُ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ
(ص) وَمُغْمًى وَمُبَرْسَمٌ (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ أَحَدُ الْأَوْلِيَاءِ مُغْمًى عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُنْتَظَرُ إذَا أَرَادَ الْحَاضِرُ أَنْ يَقْتُلَ لِأَنَّ زَوَالَ الْإِغْمَاءِ قَرِيبٌ وَكَذَلِكَ يُنْتَظَرُ زَوَالُ الْبِرْسَامِ لِأَنَّ الْمُبَرْسَمَ إمَّا أَنْ يَمُوتَ عَاجِلًا أَوْ يَعِيشَ عَاجِلًا وَالْبِرْسَامُ وَرَمٌ فِي الرَّأْسِ يَثْقُلُ مِنْهُ الدِّمَاغُ وَإِنَّمَا اُنْتُظِرَ مَا ذُكِرَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَعْفُوَ وَأَمَّا لَوْ أَرَادَ الْحَاضِرُ الْعَفْوَ فَلَا يُنْتَظَرُ ذُو الْعُذْرِ وَيَسْقُطُ الْقَتْلُ (ص) لَا مُطْبَقٌ وَصَغِيرٌ لَمْ يَتَوَقَّفْ الثُّبُوتُ عَلَيْهِ (ش) يَعْنِي لَوْ كَانَ أَحَدُ الْأَوْلِيَاءِ مَجْنُونًا مُطْبِقًا فَإِنَّهُ لَا يُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ وَأَمَّا إنْ كَانَ يُجَنُّ أَحْيَانًا وَيُفِيقُ أَحْيَانًا فَإِنَّهُ يُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ وَكَذَلِكَ لَا يُنْتَظَرُ بُلُوغُ الصَّغِيرِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ حَيْثُ لَمْ يَتَوَقَّفْ الثُّبُوتُ عَلَيْهِ بِأَنْ يَكُونَ مِنْ الْعَصَبَةِ اثْنَانِ أَبْعَدُ مِنْهُ أَوْ وَاحِدٌ وَيَسْتَعِينُ
ــ
[حاشية العدوي]
(قَوْلُهُ وَيَأْتِي أَيْضًا وَسِنٌّ مُضْطَرِبَةٌ جِدًّا) أَيْ فِي قَلْعِهَا الْحُكُومَةُ أَيْ فَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالسِّنِّ فِي الْمُصَنِّفِ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مُضْطَرِبَةً جِدًّا وَأَمَّا إذَا كَانَ الِاضْطِرَابُ يَسِيرًا فَفِيهَا الْعَقْلُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ فِي إزَالَةِ الْمُضْطَرِبَةِ وَسَيَأْتِي مَا إذَا وُجِدَ الِاضْطِرَابُ فِيهَا وَقَوْلُهُ وَإِنْ ثَبَتَتْ أَيْ وَيَأْتِي أَنَّ الْمُصَنِّفَ يَقُولُ وَإِنْ ثَبَتَتْ إلَخْ وَقَوْلُهُ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَاسْتُؤْنِيَ بِالصَّغِيرِ إلَخْ أَيْ مِنْ جِهَةِ أَخْذِ الدِّيَةِ وَقَوْلُهُ كَالْقَوَدِ أَيْ فَإِنَّهُ يُؤَخَّرُ لِلْإِيَاسِ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا اُنْتُظِرَ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ إيَاسٌ وَقَوْلُهُ وَيَأْتِي أَيْضًا أَنَّ حَقَّهُ إلَخْ أَيْ لِكَوْنِهِ أَوْضَحَ
(قَوْلُهُ وَالِاسْتِيفَاءُ لِلْعَاصِبِ) أَيْ الذَّكَرِ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَعَاصِبُ الْوَلَاءِ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَالْإِمَامُ (قَوْلُهُ كَالْوَلَاءِ) حَقُّهُ أَنْ يُحِيلَ عَلَى النِّكَاحِ إذْ فِيهِ ذِكْرُ تَرْتِيبِهِمْ وَلَكِنْ قَالَ بَعْضُهُمْ إنَّمَا شَبَّهَ الِاسْتِيفَاءَ بِالْوَلَاءِ دُونَ النِّكَاحِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي كَوْنِ التَّسَلُّطِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بَعْدَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ حَيْثُ كَانَ يَرِثُ الثُّلُثَ) أَيْ حَيْثُ يَتَعَيَّنُ لَهُ الثُّلُثُ بِأَنْ زَادُوا عَلَى مِثْلَيْهِ وَكَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا لِأَنَّهُ مَحَلُّ التَّأْوِيلَيْنِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَعَهُ مِثْلَاهُ فَيُتَّفَقُ التَّأْوِيلَانِ فِي الْعَمْدِ وَمِثْلُهُ فِي الْخَطَأِ عَلَى حَلِفِ الثُّلُثِ كَمَا أَنَّهُمَا يَتَّفِقَانِ عَلَى حَلِفِ النِّصْفِ إذَا كَانَ مَعَهُ أَخٌ وَاحِدٌ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ وَأَمَّا إذَا كَانَ مَعَهُ أَكْثَرُ مِنْ مِثْلَيْهِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ فِي الْخَطَأِ الثُّلُثَ لِأَنَّهُ فَرْضُهُ وَفِي الْعَمْدِ هَلْ يَحْلِفُ الثُّلُثَ أَيْضًا كَالْخَطَأِ أَوْ كَوَاحِدٍ مِنْ الْإِخْوَةِ أَيْ يُقَدَّرُ زَائِدًا عَلَى عَدَدِ الْإِخْوَةِ فَإِنْ كَانَ الْإِخْوَةُ ثَلَاثَةً حَلَفَ رُبُعَ الْأَيْمَانِ وَأَرْبَعًا حَلَفَ خُمُسَهَا وَهُوَ عَشَرَةُ أَيْمَانٍ وَإِذَا كَانَ مَعَهُ خَمْسَةُ إخْوَةٍ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ تِسْعَةَ أَيْمَانٍ لِأَنَّ مَا يَنُوبُهُ مِنْهَا السُّدُسُ وَهُوَ ثَمَانِيَةُ أَيْمَانٍ وَرُبُعٌ (تَنْبِيهٌ) : هَذَا كُلُّهُ فِي النَّفْسِ لِأَنَّ الِاسْتِيفَاءَ فِي الْجُرْحِ إنَّمَا هُوَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ بِحَيْثُ تَصِلُ إلَخْ) أَيْ فَضَابِطُ الْقُرْبِ أَنْ تَصِلَ إلَيْهِ الْأَخْبَارُ وَيَكُونُ ضَابِطُ الْبُعْدِ عَدَمَ وُصُولِ الْأَخْبَارِ أَيْ فَلَا يُنْتَظَرُ أَسِيرٌ بِأَرْضِ حَرْبٍ وَشِبْهِهِ وَمَفْقُودٌ عَجَزَ عَنْ خَبَرِهِ فَإِنْ رُجِيَ قُدُومُهُ فِي مُدَّةٍ كَمُدَّةٍ يُظَنُّ مَعَهَا زَوَالُ الْإِغْمَاءِ وَالْبِرْسَامِ فَيَنْبَغِي انْتِظَارُهُ وَقَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي أَيْ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَسَقَطَ إنْ عَفَا رَجُلٌ أَيْ فَحَيْثُ عَفَا الْحَاضِرُ يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ مَشْمُولَاتِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَسَقَطَ إنْ عَفَا رَجُلٌ إلَخْ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَمَهْمَا أَسْقَطَ الْبَعْضُ فَإِنَّ لِمَنْ بَقِيَ نَصِيبُهُ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ (قَوْلُهُ بِأَنْ يَكُونَ مِنْ الْعَصَبَةِ اثْنَانِ أَبْعَدُ) أَيْ كَمَا إذَا كَانَ الْمَقْتُولُ لَهُ ابْنٌ صَغِيرٌ وَإِخْوَةٌ كِبَارٌ أَشِقَّاءُ أَوْ لِأَبٍ وَقَوْلُهُ أَوْ وَاحِدٌ أَيْ أَوْ وَاحِدٌ بَعِيدٌ وَيَسْتَعِينُ بِعَاصِبِهِ بِأَنْ يَكُونَ لِلْمَرْأَةِ الْمَقْتُولَةِ ابْنٌ صَغِيرٌ أَوْ ابْنَانِ صَغِيرَانِ وَابْنُ ابْنٍ إلَّا أَنَّهُ كَبِيرٌ فَهُوَ أَبْعَدُ مِنْ ابْنِهَا الصَّغِيرِ فَيَسْتَعِينُ بِعَاصِبِهِ كَعَمِّ أَبِيهِ وَقَوْلُهُ أَوْ يَكُونُ فِي مَرْتَبَتِهِ
بِعَاصِبِهِ أَوْ يَكُونُ فِي مَرْتَبَتِهِ كَبِيرٌ وَيَسْتَعِينُ بِعَاصِبِهِ فَلَهُمْ أَنْ يَقْسِمُوا وَيَقْتُلُوا أَمَّا إنْ تَوَقَّفَ ثُبُوتُ الْقِصَاصِ عَلَى بُلُوغِ الصَّغِيرِ بِأَنْ لَا يُوجَدَ غَيْرُهُ فَإِنَّ الْكَبِيرَ يَحْلِفُ حِصَّتَهُ مِنْ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ يَمِينًا وَالصَّغِيرُ مَعَهُ ثُمَّ يُنْتَظَرُ الصَّغِيرُ إلَى بُلُوغِهِ فَيَحْلِفُ بَقِيَّةَ الْأَيْمَانِ وَيَسْتَحِقُّ الدَّمَ فَإِنْ شَاءَا اقْتَصَّا أَوْ عَفَوَا عَنْ الْجَانِي وَبِعِبَارَةٍ لَمْ يَتَوَقَّفْ إلَخْ رَاجِعٌ لَهُمَا ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ فِيمَا يَأْتِي وَلَا يُنْتَظَرُ صَغِيرٌ بِخِلَافِ الْمُغْمَى وَالْمُبَرْسَمِ إلَّا أَنْ لَا يُوجَدَ غَيْرُهُ فَيَحْلِفَ الْكَبِيرُ حِصَّتَهُ وَالصَّغِيرُ مَعَهُ فِيهِ نَوْعُ تَكْرَارٍ مَعَ مَا هُنَا
(ص) وَلِلنِّسَاءِ إنْ وَرِثْنَ وَلَمْ يُسَاوِهِنَّ عَاصِبٌ (ش) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَالِاسْتِيفَاءُ لِلْعَاصِبِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الِاسْتِيفَاءَ لِلنِّسَاءِ الْوَارِثَاتِ اللَّاتِي لَوْ كُنَّ ذُكُورًا كُنَّ عَصَبَةً فَتَخْرُجُ الْأُخْتُ لِلْأُمِّ وَإِنْ وَرِثَتْ وَيُشْتَرَطُ أَنْ لَا يُسَاوِيَهُنَّ عَاصِبٌ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ أَصْلًا أَوْ يُوجَدُ عَاصِبٌ أَنْزَلَ كَعَمٍّ مَعَ بِنْتٍ أَوْ أُخْتٍ فَيُحْتَرَزُ بِهِ عَنْ الْبِنْتِ مَعَ الِابْنِ وَعَنْ الْأُخْتِ مَعَ الْأَخِ فَإِنَّهُ لَا دُخُولَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فِي عَفْوٍ وَلَا قَوَدٍ وَقَوْلُهُ وَلِلنِّسَاءِ إلَخْ أَيْ وَالْقَتْلُ ثَابِتٌ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ وَأَمَّا بِقَسَامَةٍ فَسَيَأْتِي قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَلَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ النِّسَاءُ مِمَّنْ لَوْ كَانَ فِي دَرَجَتِهِنَّ رَجُلٌ وَرِثَ ذَلِكَ الرَّجُلُ بِالتَّعْصِيبِ احْتِرَازٌ مِنْ الْأُخْتِ لِلْأُمِّ وَالزَّوْجَةِ وَالْجَدَّةِ لِلْأُمِّ وَأَمَّا الْأُمُّ فَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي دَرَجَتِهَا رَجُلٌ وَهُوَ الْأَبُ وَرِثَ بِالتَّعْصِيبِ إذْ لَهَا الثُّلُثُ وَلَهُ الْبَاقِي وَلَكِنْ لَا حَقَّ لَهَا مَعَهُ لِأَنَّهُ قَدْ سَاوَاهَا الْعَاصِبُ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْجَوَاهِرِ وَيُفْهِمُهُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ قَالَ الْبِسَاطِيُّ وَهَذَا الشَّرْطُ أَيْ الزَّائِدُ عَلَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ يُفْهِمُهُ قَوْلُهُ وَلَمْ يُسَاوِهِنَّ عَاصِبٌ
(ص) وَلِكُلٍّ الْقَتْلُ وَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ (ش) أَيْ وَلِكُلٍّ مِنْ النِّسَاءِ وَالْعَاصِبِ غَيْرِ الْمُسَاوِي الْقَتْلُ أَيْ مَنْ طَلَبَهُ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ فَإِنَّهُ يُجَابُ إلَى ذَلِكَ وَلَوْ عَفَا الْفَرِيقُ الْآخَرُ وَسَوَاءٌ ثَبَتَ الْقَتْلُ بِقَسَامَةٍ أَوْ بَيِّنَةٍ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَمَّا حُكْمُ الْعَفْوِ عَنْ الدَّمِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِاجْتِمَاعِ الْفَرِيقَيْنِ مَعًا أَوْ بِوَاحِدٍ مِنْ هَذَا الْفَرِيقِ وَوَاحِدٍ مِنْ الْآخَرِ وَلِهَذَا عَبَّرَ الْمُؤَلِّفُ بِالِاجْتِمَاعِ لَا بِالْجَمِيعِ وَتَقْيِيدُ هَذِهِ بِمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَفِي رِجَالٍ وَنِسَاءٍ لَمْ يَسْقُطْ إلَّا بِهِمَا أَوْ بِبَعْضِهِمَا فِيهِ نَوْعُ تَكْرَارٍ مَعَ هَذَا
(ص) كَأَنْ حُزْنَ الْمِيرَاثَ وَثَبَتَ بِقَسَامَةٍ (ش) تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ وَلِكُلٍّ الْقَتْلُ وَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ كَمَا إذَا تَرَكَ الْمَقْتُولُ ابْنَةً وَأُخْتًا شَقِيقَةً أَوْ لِأَبٍ وَأَعْمَامًا وَالْحَالُ أَنَّ الْقَتْلَ ثَبَتَ بِقَسَامَةٍ فَمَنْ طَلَبَ الْقَتْلَ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ أُجِيبَ إلَى ذَلِكَ وَأَمَّا حُكْمُ الْعَفْوِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِالِاجْتِمَاعِ كَمَا مَرَّ أَمَّا إنْ ثَبَتَ الْقَتْلُ بِبَيِّنَةٍ فَإِنَّهُ لَا مَدْخَلَ لِلْعَصَبَةِ غَيْرِ الْوَارِثِينَ فِيهِ وَالْحَقُّ فِيهِ لِلنِّسَاءِ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَحُزْنَ الْمِيرَاثَ كَالْبَنَاتِ مَعَ الْإِخْوَةِ فَلِكُلٍّ الْقَتْلُ وَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ سَوَاءٌ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِقَسَامَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ وَهَذَا دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ وَلِلنِّسَاءِ إنْ وَرِثْنَ وَلَمْ يُسَاوِهِنَّ عَاصِبٌ (ص) وَالْوَارِثُ كَمُوَرِّثِهِ (ش)
ــ
[حاشية العدوي]
كَبِيرٌ أَيْ بِأَنْ تَكُونَ تَرَكَتْ ابْنًا صَغِيرًا وَابْنًا كَبِيرًا فَذَلِكَ الِابْنُ الْكَبِيرُ يَسْتَعِينُ بِعَاصِبِهِ كَعَمِّهِ أَوْ ابْنِ عَمِّهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَحَلَّ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَحْتَاجُ لِقَسَامَةٍ وَأَمَّا مَنْ ثَبَتَ قَتْلُهُ بِبَيِّنَةٍ فَيُقْتَلُ وَلَا يَجْرِي فِيهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ نَوْعُ تَكْرَارٍ) إنَّمَا لَمْ يَقُلْ تَكْرَارًا بَلْ قَالَ نَوْعَ تَكْرَارٍ لِأَنَّ قَوْلَهُ فَيَحْلِفُ الْكَبِيرُ حِصَّتَهُ وَالصَّغِيرُ مَعَهُ لَا تَكْرَارَ بِالنِّسْبَةِ لَهُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ وَلَا يُنْتَظَرُ صَغِيرٌ بِخِلَافِ الْمُغْمَى وَالْمُبَرْسَمِ إلَّا أَنْ يُوجَدَ غَيْرُهُ فَإِنَّهُ يُعْلَمُ مِمَّا هُنَا
(قَوْلُهُ وَلِلنِّسَاءِ إنْ وَرِثْنَ) أَيْ وَالِاسْتِيفَاءُ يَثْبُتُ لِلنِّسَاءِ إنْ وَرِثْنَ أَيْ يَثْبُتُ لَهُنَّ مَعَ غَيْرِهِنَّ عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ التَّفْصِيلِ لَا أَنَّ الْمُرَادَ يَثْبُتُ لَهُنَّ وَحْدَهُنَّ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يُسَاوِهِنَّ عَاصِبٌ أَيْ فِي الدَّرَجَةِ وَالْقُوَّةِ فَمَتَى سَاوَاهُنَّ فِي الدَّرَجَةِ وَالْقُوَّةِ فَلَا كَلَامَ أَيْ فَإِنْ سَاوَاهُنَّ فِي الدَّرَجَةِ دُونَ الْقُوَّةِ كَإِخْوَةٍ أَشِقَّاءَ مَعَ إخْوَةٍ لِأَبٍ فَلَهُنَّ الْكَلَامُ مَعَهُمْ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَعَنْ الْأُخْتِ مَعَ الْأَخِ أَيْ الْمُسَاوِي لَهَا فِي الدَّرَجَةِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا بِقَسَامَةٍ فَسَيَأْتِي) الْمُنَاسِبُ التَّعْمِيمُ لِأَنَّ الشَّارِحَ سَيَأْتِي يَقُولُ وَسَوَاءٌ ثَبَتَ الْقَتْلُ بِقَسَامَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ احْتِرَازًا مِنْ الْأُخْتِ لِلْأُمِّ) لَا شَكَّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي دَرَجَتِهَا رَجُلٌ لَكَانَ أَخًا لِأُمٍّ وَقَوْلُهُ وَالزَّوْجَةُ لَا يَخْفَى أَنَّ الرَّجُلَ الَّذِي فِي دَرَجَتِهَا الزَّوْجُ وَقَوْلُهُ وَالْجَدَّةُ لِلْأُمِّ لَا يَخْفَى أَنَّ الَّذِي فِي دَرَجَتِهَا الْجَدُّ لِلْأُمِّ (قَوْلُهُ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ) أَيْ بِمَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ (قَوْلُهُ وَيُفْهِمُهُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ) أَيْ لِأَنَّ نَفْيَ مُسَاوَاةِ الْعَاصِبِ فَرْعٌ عَنْ تَعَقُّلِ مُسَاوَاةِ الْعَاصِبِ (قَوْلُهُ أَيْ الزَّائِدُ) أَيْ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ إلَخْ
(قَوْلُهُ وَتَقْيِيدُ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ نَقُولَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ فَلَا عَفْوَ أَيْ إلَّا أَنْ يَحْصُلَ الْعَفْوُ مِنْ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ وَقَوْلُهُ فَفِيهِ نَوْعُ تَكْرَارٍ أَيْ لِأَنَّ التَّكْرَارَ بِالنِّسْبَةِ لِمَا إذَا حَصَلَ الْعَفْوُ مِنْ كُلٍّ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِمَا إذَا حَصَلَ الْعَفْوُ مِنْ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ فَلَا تَكْرَارَ بِالنِّسْبَةِ لَهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَدْ مِنْ هُنَا إنَّمَا أُفِيدَ مِمَّا يَأْتِي أَيْ وَأَمَّا مَعَ عَدَمِ التَّقْيِيدِ وَهُوَ مَا أَفَادَهُ حِلُّهُ مِنْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ حَاوٍ لِلصُّورَتَيْنِ فَهُوَ تَكْرَارٌ مَحْضٌ لَا نَوْعُ تَكْرَارٍ (قَوْلُهُ وَالْحَالُ أَنَّ الْقَتْلَ ثَبَتَ بِقَسَامَةٍ) أَيْ مِنْ الْأَعْمَامِ الْمُصَاحِبِينَ لَهُنَّ
(قَوْلُهُ فَمَنْ طَلَبَ الْقَتْلَ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ) لَا يَخْفَى أَنَّ ظَاهِرَ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْأُخْتَ تُسَاوِي الْبِنْتَ فِي ذَلِكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْبِنْتَ أَوْلَى مِنْ الْأُخْتِ فِي عَفْوٍ وَضِدِّهِ (قَوْلُهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِالِاجْتِمَاعِ) أَيْ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ (قَوْلُهُ وَالْحَقُّ فِيهِ لِلنِّسَاءِ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ النِّسَاءَ لَا يَكُونُ لَهُنَّ الْكَلَامُ اسْتِقْلَالًا إلَّا إذَا حُزْنَ الْمِيرَاثَ وَثَبَتَ الْقَتْلُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ وَأَمَّا فِي غَيْرِ ذَلِكَ فَيُشَارِكُهُنَّ فِي الْكَلَامِ غَيْرُهُنَّ مِمَّنْ هُوَ دُونَهُنَّ (قَوْلُهُ وَهَذَا دَاخِلٌ) التَّعْبِيرُ بِالدُّخُولِ يُفِيدُ شُمُولَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلِلنِّسَاءِ إنْ وَرِثْنَ بِمَا إذَا كُنَّ حُزْنَ الْمِيرَاثَ أَوَّلًا وَلَوْ كَانَ قَاصِرًا عَلَى عَدَمِ حِيَازَةِ الْمِيرَاثِ لَقَالَ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَلِلنِّسَاءِ إنْ وَرِثْنَ
يَعْنِي أَنَّ الْوَارِثَ يَنْتَقِلُ لَهُ مِنْ الْكَلَامِ فِي الِاسْتِيفَاءِ وَعَدَمِهِ مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ لِمُوَرِّثِهِ وَإِنْ كَانَ فِي الْوَارِثِ ذَكَرٌ وَأُنْثَى كَانَ الْكَلَامُ لَهُمَا وَإِنْ اسْتَوَتْ دَرَجَتُهُمَا فَإِذَا كَانَ الْكَلَامُ لِابْنِ الْمَقْتُولِ وَمَاتَ عَنْ ابْنٍ وَبِنْتٍ كَانَ الْكَلَامُ لِلْبِنْتِ مَعَ أَخِيهَا فَلَا يُرَاعَى فِي الْوَارِثِ الْأُنْثَى عَدَمُ مُسَاوَاةِ عَاصِبٍ لَهَا كَمَا رُوعِيَ ذَلِكَ فِي أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ وَلَوْ كَانَ الْكَلَامُ لِبِنْتِ الْمَقْتُولِ وَعَمِّهَا مَثَلًا وَمَاتَتْ عَنْ بِنْتٍ كَانَ لَهَا الْكَلَامُ مَعَ الْعَمِّ وَلَا يَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ
(ص) وَلِلصَّغِيرِ إنْ عَفَا نَصِيبُهُ مِنْ الدِّيَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ أَوْلِيَاءَ الدَّمِ إذَا كَانَ فِيهِمْ كِبَارٌ وَصِغَارٌ فَعَفَا الْكِبَارُ عَنْ الْقَتْلِ أَوْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَإِنَّ الْقِصَاصَ يَسْقُطُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَسَقَطَ إنْ عَفَا رَجُلٌ كَالْبَاقِي وَإِنْ سَقَطَ الْقَتْلُ فَإِنَّ حَقَّ الصَّغِيرِ لَا يَسْقُطُ مِنْ الدِّيَةِ بَلْ لَهُ نَصِيبُهُ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ (ص) وَلِوَلِيِّهِ النَّظَرُ فِي الْقَتْلِ أَوْ الدِّيَةُ كَامِلَةً (ش) يَعْنِي لَوْ كَانَ مُسْتَحِقُّ الدَّمِ هُوَ الصَّغِيرُ وَحْدَهُ فَإِنَّ وَلِيَّهُ مِنْ أَبٍ أَوْ وَصِيٍّ أَوْ غَيْرِهِمَا يَنْظُرُ فِي أَمْرِ مَحْجُورِهِ فَإِنْ رَأَى الْقِصَاصَ هُوَ الْأَصْلَحُ فِي حَقِّ مَحْجُورِهِ اقْتَصَّ لَهُ مِنْ الْجَانِي وَإِنْ رَأَى أَخْذَ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ هُوَ الْأَصْلَحُ فِي حَقِّ مَحْجُورِهِ أَخَذَهَا وَلَا يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُصَالِحَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ حَيْثُ كَانَ الْقَاتِلُ مَلِيئًا وَهَذَا لَا يَتَمَشَّى عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ أَنَّ الْقِصَاصَ يَتَعَيَّنُ وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ هَذَا الْمَحَلُّ مَحَلَّ ضَرُورَةٍ لِأَجْلِ الصَّغِيرِ كَانَ الْحُكْمُ كَمَا مَرَّ وَبِعِبَارَةٍ وَمَحَلُّ التَّخْيِيرِ فِي هَذِهِ وَفِي مَسْأَلَةِ الْقَطْعِ الْآتِيَةِ حَيْثُ رَضِيَ الْجَانِي بِدَفْعِ الدِّيَةِ فَإِنْ أَبَى فَلَيْسَ إلَّا الْقِصَاصُ أَوْ الْعَفْوُ مَجَّانًا وَحِينَئِذٍ لَا مُخَالَفَةَ لَكِنْ هَذَا الْحَمْلُ خِلَافُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَلَا يَظْهَرُ إلَّا الْجَوَابُ الْأَوَّلُ وَمَحَلُّ كَوْنِ النَّظَرِ لِوَلِيِّهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَقْتُولِ أَوْلِيَاءٌ وَإِلَّا فَالْحَقُّ لَهُمْ
وَقَوْلُهُ (كَقَطْعِ يَدِهِ) تَشْبِيهٌ تَامٌّ وَالْمَعْنَى أَنَّ الصَّغِيرَ إذَا تَعَدَّى عَلَيْهِ شَخْصٌ فَقَطَعَ يَدَهُ فَإِنَّ وَلِيَّهُ يَنْظُرُ فِي أَمْرِهِ فَإِنْ رَأَى الْقَطْعَ أَصْلَحَ فِي حَقِّ مَحْجُورِهِ قَطَعَ يَدَ الْقَاطِعِ وَإِنْ رَأَى أَخْذَ الدِّيَةِ كَامِلَةً أَصْلَحَ فِي حَقِّ مَحْجُورِهِ أَخَذَهَا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُصَالِحَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ حَيْثُ كَانَ الْقَاطِعُ مَلِيئًا فَإِنْ كَانَ الْجَانِي عَلَى النَّفْسِ أَوْ الطَّرَفِ مُعْسِرًا فَيَجُوزُ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُصَالِحَ بِأَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ (إلَّا لِعُسْرٍ) أَيْ إلَّا لِعُسْرِ الْجَانِي (فَيَجُوزُ) صُلْحُهُ (بِأَقَلَّ) مِنْ الدِّيَةِ فِيهِمَا (ص) بِخِلَافِ قَتْلِهِ فَلِعَاصِبِهِ وَالْأَحَبُّ أَخْذُ الْمَالِ فِي عَبْدِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصَّغِيرَ إذَا تَعَدَّى عَلَيْهِ شَخْصٌ فَقَتَلَهُ فَإِنَّ النَّظَرَ فِي أَمْرِهِ يَنْتَقِلُ لِعَصَبَتِهِ وَقَدْ انْقَطَعَتْ وِلَايَةُ الْوَصِيِّ بِالْمَوْتِ وَلَوْ قَتَلَ إنْسَانٌ عَبْدَ كُلٍّ مِنْ الصَّغِيرِ أَوْ السَّفِيهِ عَمْدًا أَوْ جَرَحَهُ فَالْأَوْلَى لِلْوَلِيِّ أَنْ يَأْخُذَ الْمَالَ أَيْ الْقِيمَةَ أَوْ مَا نَقَصَهُ وَلَا يَقْتَصُّ فِي نَظِيرِ ذَلِكَ إذْ لَا نَفْعَ لِلْمَحْجُورِ فِي الْقَوَدِ وَإِنَّمَا قَالَ لِعَاصِبِهِ وَلَمْ يَقُلْ لِوَارِثِهِ لِيُعْلَمَ أَنَّ الْحُكْمَ هُنَا كَالْحُكْمِ الْمُتَقَدِّمِ فِي وِلَايَةِ الِاسْتِيفَاءِ عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ وَأَنَّ حُكْمَ النِّسَاءِ هُنَا كَحُكْمِهِنَّ فِيمَا مَرَّ يَعْنِي إذَا سَاوَاهُنَّ عَاصِبٌ فَلَا كَلَامَ لَهُنَّ فِي عَفْوٍ وَلَا فِي ضِدِّهِ وَالْإِخْرَاجُ مِنْ قَوْلِهِ وَلِوَلِيِّهِ النَّظَرُ وَقَتْلُهُ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ وَقَوْلُهُ وَالْأَحَبُّ أَيْ وَالْقَوْلُ الْأَحَبُّ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى عَبْدِهِ أَيْ عَبْدِ الْمَحْجُورِ
(ص) وَيَقْتَصُّ مَنْ يَعْرِفُ بِأَجْرِهِ الْمُسْتَحِقِّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقِصَاصَ إذَا وَجَبَ فِي جُرْحٍ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الَّذِي يَقْتَصُّ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ وَلَا يَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ) أَيْ يُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ قَوْلِهِ الْوَارِثُ الَّذِي جَعَلَهُ كَالْمُوَرِّثِ زَوْجُ الْمُوَرِّثِ الَّذِي هُوَ مُسْتَحِقُّ الدَّمِ وَزَوْجَتُهُ فَلَا كَلَامَ لَهُمَا
(قَوْلُهُ فَإِنْ رَأَى الْقِصَاصَ إلَخْ) مُفَادُهُ أَنَّ اللَّامَ فِي قَوْلِهِ وَلِوَلِيِّهِ لِلِاخْتِصَاصِ فَقَوْلُهُ اُقْتُصَّ لَهُ مِنْ الْجَانِي أَيْ وُجُوبًا أَيْ لِتَعَيُّنِ الْمَصْلَحَةِ وَقَوْلُهُ أَخَذَهَا أَيْ وُجُوبًا أَيْ لِكَوْنِ الْمَصْلَحَةِ تَعَيَّنَتْ فِي ذَلِكَ وَسَكَتَ عَمَّا إذَا اسْتَوَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي ذَلِكَ وَالْحُكْمُ التَّخْيِيرُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ جَعْلَهَا لِلِاخْتِصَاصِ يُجَامِعُ الصُّوَرَ الثَّلَاثَ فَإِنْ كَانَ مَعَ الصَّغِيرِ كَبِيرٌ اسْتَقَلَّ عَنْ وَصِيِّ الصَّغِيرِ بِالْقَتْلِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقِيلَ يَتَوَقَّفُ عَلَى نَظَرِ الْوَصِيِّ مَعَهُ (قَوْلُهُ وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ الْمَحَلُّ مَحَلَّ ضَرُورَةٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ قَضِيَّتَهُ أَنَّ صِغَرَهُ ضَرُورَةٌ فَلِذَلِكَ كَانَ يَقُولُ ابْنُ الْقَاسِمِ بِالتَّخْيِيرِ فِي ذَلِكَ مَعَ أَنَّ الصَّغِيرَ قَدْ يَكُونُ ذَا مَالٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ شَأْنُهُ الضَّعْفُ فِي الْجُمْلَةِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ هَذَا الْفَرْعَ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَلَعَلَّ هَذَا أَحْسَنُ (قَوْلُهُ حَيْثُ كَانَ الْقَاطِعُ مَلِيئًا) فَلَوْ صَالَحَ بِأَقَلَّ مَعَ عَدَمِ الْجَوَازِ فَإِنَّ الصَّغِيرَ يَرْجِعُ عَلَى الْجَانِي أَيْ وَيُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا كَانَ يَرْضَى بِأَكْثَرَ وَتَرَكَهُ الْوَلِيُّ وَرَضِيَ بِالْأَقَلِّ وَلَا رُجُوعَ لِلْجَانِي عَلَى الْوَلِيِّ
(قَوْلُهُ إلَّا لِعُسْرِ الْجَانِي) أَيْ وَيُحْتَمَلُ إلَّا لِعُسْرِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَيْ حَيْثُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ الْجَانِي الْمَلِيءِ إلَّا هـ. ذَا الشَّيْءُ الْقَلِيلُ فَيَجُوزُ لِحَاجَةِ الصِّغَرِ (قَوْلُهُ عَبْدَ كُلٍّ مِنْ الصَّغِيرِ أَوْ السَّفِيهِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مِثْلَ الصَّغِيرِ السَّفِيهُ وَإِنْ كَانَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الصَّغِيرِ (قَوْلُهُ وَقَوْلُهُ وَالْأَحَبُّ إلَخْ) مُنَاقِضٌ لِمَا تَقَدَّمَ أَوَّلًا مِنْ الْأَوْلَوِيَّةِ الْمُفِيدَةِ لِلتَّخْيِيرِ وَهَذَا يَقْتَضِي تَعَيُّنَ أَخْذِ الْمَالِ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَالْقَوْلُ الْأَحَبُّ بِمَعْنَى وَالْقَوْلُ الرَّاجِحُ هَذَا مَعْنَاهُ خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ عب وَالْمَنْقُولُ هُوَ الْأَوَّلُ وَجَعَلَ بَعْضٌ أَنَّهُ عِنْدَ الِاسْتِوَاءِ الْأَوْلَى أَخْذُ الْمَالِ أَيْ الْقِيمَةِ أَوْ مَا نَقَصَهُ وَأَمَّا عِنْدَ تَحَقُّقِ الْمَصْلَحَةِ فِي أَحَدِهِمَا أَيْ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا الْقِيمَةُ أَوْ مَا نَقَصَهُ الثَّانِي الْقِصَاصُ فَيَكُونُ هُوَ الْمُتَعَيِّنُ فَتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ إذَا وَجَبَ فِي جُرْحٍ) أَيْ أَوْ قَتْلٍ وَقَوْلُهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ أَيْ يَعْرِفُ الْجِرَاحَ طُولًا وَعَرْضًا وَعُمْقًا وَكَيْفِيَّةً وَمَا يَقْتُلُ مِنْهَا وَمَا لَا يَقْتُلُ وَيُسْتَحَبُّ فِيهِ التَّعَدُّدُ وَكَذَا قَالَ اللَّقَانِيِّ وَأَفَادَ الْحَطَّابُ أَنَّ الْقِصَاصَ فِي الْجُرْحِ لَا يُطْلَبُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ بِمِثْلِ مَا جَرَحَ بِهِ فَإِذَا شَجَّهُ مُوضِحَةً مَثَلًا بِحَجَرٍ أَوْ عَصًا يُقْتَصُّ مِنْهُ بِالْمُوسَى وَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ بِحَجَرٍ أَوْ عَصًا وَمَحَلُّ هَذَا مَا لَمْ يُسَلَّمْ لِوَلِيِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَلَهُ قَتْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الْقَتْلِ يَسِيرٌ
أَيْ يُبَاشِرُ الْقِصَاصَ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْقِصَاصِ وَأَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْعَدَالَةِ وَأَنَّ أُجْرَتَهُ عَلَى مُسْتَحِقِّ الْقِصَاصِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْجَانِي إنَّمَا هُوَ التَّمْكِينُ مِنْ نَفْسِهِ فَقَطْ
(ص) وَلِلْحَاكِمِ رَدُّ الْقَتْلِ فَقَطْ لِلْوَلِيِّ وَنَهْيٌ عَنْ الْعَبَثِ (ش) الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْقِصَاصَ فِي النَّفْسِ الْخِيَارُ فِيهِ لِلْحَاكِمِ إنْ شَاءَ اقْتَصَّ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ الْقَتْلَ إلَى مُسْتَحِقِّ الدَّمِ لَكِنْ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَنْهَى عَنْ الْعَبَثِ بِالْجَانِي فَلَا يُمَثَّلُ بِهِ فَإِنْ قَتَلَهُ الْمُسْتَحِقُّ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ كَمَا مَرَّ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُرَدُّ غَيْرُ الْقَتْلِ لِلْوَلِيِّ وَعَلَى هَذَا فَلَوْ كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ سَفِيهًا أَوْ صَغِيرًا وَلَهُ وَلِيٌّ فَلَا يُرَدُّ مَا ذُكِرَ إلَيْهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَإِنَّ غَيْرَ الْقَتْلِ لَا يَتَوَلَّاهُ إلَّا الْحَاكِمُ
(ص) وَأُخِّرَ لِبَرْدٍ أَوْ حَرٍّ كَ لِبُرْءٍ كَدِيَةِ الْخَطَأِ وَلَوْ كَجَائِفَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجَانِيَ إذَا جَنَى جِنَايَةً فِيمَا دُونَ النَّفْسِ تُوجِبُ الْقِصَاصَ فَإِنَّهُ يُؤَخَّرُ عَنْهُ الْقِصَاصُ لِأَجْلِ الْبَرْدِ الْمُفْرِطِ أَوْ لِأَجْلِ الْحَرِّ الْمُفْرِطِ خَوْفَ الْهَلَاكِ عَلَى الْجَانِي فَيُؤَدِّي إلَى أَخْذِ نَفْسٍ فِيمَا دُونَهَا وَأَمَّا إذَا جَنَى جِنَايَةً عَلَى نَفْسٍ فَلَا يُؤَخَّرُ لِمَا ذُكِرَ وَهُوَ وَاضِحٌ فَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ وَأُخِّرَ لِزَوَالِ حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ مُحَارِبًا وَاخْتِيرَ قَطْعُهُ مِنْ خِلَافٍ فَلَا يُؤَخَّرُ لِحَرٍّ وَلَا لِبَرْدٍ لِأَنَّهُ وَإِنْ مَاتَ هُوَ أَحَدُ حُدُودِهِ وَكَذَلِكَ يُؤَخَّرُ الْقَوَدُ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ إلَى أَنْ يَبْرَأَ الْجَانِي إنْ كَانَ مَرِيضًا وَتَبْرَأَ أَطْرَافُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَأْتِيَ عَلَى النَّفْسِ فَتُسْتَحَقُّ تِلْكَ النَّفْسُ بِقَسَامَةٍ كَمَا يُؤَخَّرُ الْعَقْلُ فِي الْجُرْحِ إلَى الْبُرْءِ خَوْفَ السَّرَيَانِ إلَى النَّفْسِ فَتُؤْخَذُ الدِّيَةُ كَامِلَةً فَإِنْ بَرِئَ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ فَلَا عَقْلَ فِيهِ وَلَا أَدَبَ إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ وَإِنْ بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ فَحُكُومَةٌ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُ التَّأْخِيرُ فِيمَا لَا يُسْتَطَاعُ الْقَوَدُ فِيهِ إنْ كَانَ عَمْدًا كَكَسْرِ عِظَامِ الصَّدْرِ وَالصُّلْبِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنْ بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ فَحُكُومَةٌ وَإِلَّا فَلَا وَالتَّأْخِيرُ لِلْعَقْلِ مَطْلُوبٌ وَلَوْ كَانَ الْجُرْحُ فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ مِنْ الشَّارِعِ كَالْجَائِفَةِ وَالْآمَّةِ وَالْمُوضِحَةِ خَوْفَ السَّرَيَانِ إلَى النَّفْسِ أَوْ إلَى مَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ وَبِمَا قَرَّرْنَا عُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ كَدِيَةِ خَطَأٍ مُشَبَّهٌ بِالْمُشَبَّهِ وَهُوَ قَوْلُهُ كَ لِبُرْءٍ أَيْ كَمَا تُؤَخَّرُ دِيَةُ الْجُرْحِ الْخَطَأِ لِ كَبُرْءٍ سَوَاءٌ كَانَ فِي حَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَمْ لَا لَا بِالْمُشَبَّهِ بِهِ وَهُوَ أُخِّرَ لِحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ وَأَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْعَدَالَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مُتَعَذِّرٌ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) مُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ شَعْبَانَ مِنْ أَنَّهُ عَلَى الْجَانِي لِأَنَّهُ ظَالِمٌ أَحَقُّ بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ وَمَثَارُ الْخِلَافِ هَلْ الْوَاجِبُ عَلَى الْجَانِي التَّمْكِينُ مِنْ نَفْسِهِ وَالْقَطْعُ وَنَحْوُهُ أَمْرٌ زَائِدٌ أَوْ الْوَاجِبُ عَلَى الْجَانِي الْقَطْعُ
(قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ إلَخْ) مُقَابِلُهُ مَا لِأَشْهَبَ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لِلسُّلْطَانِ رَدُّ الْقَتْلِ لِلْوَلِيِّ (قَوْلُهُ الْخِيَارُ فِيهِ لِلْحَاكِمِ إلَخْ) قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَنُصُوصُ الْمُدَوَّنَةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ تَدُلُّ عَلَى طَلَبِ دَفْعِ الْقَاتِلِ لِلْوَلِيِّ وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ تَقْتَضِي تَخْيِيرَ الْحَاكِمِ فِي ذَلِكَ وَحِينَئِذٍ فَاللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى وَحِينَئِذٍ فَمَا مَشَى عَلَيْهِ شَارِحُنَا مِنْ التَّخْيِيرِ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ لَكِنْ يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُنْهِيَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ ظَاهِرَ هَذَا وَلَوْ كَانَ قَدْ عَبِثَ بِالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ مُثْلَتَهُ
(قَوْلُهُ وَلَهُ وَلِيٌّ إلَخْ) أَيْ فَالْمُرَادُ بِالْوَلِيِّ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلِلْحَاكِمِ رَدُّ الْقَتْلِ لِلْوَلِيِّ الْمُتَكَلِّمِ فِي الدَّمِ لِيَشْمَلَ وَصِيَّ الصَّغِيرِ وَالسَّفِيهِ الْمَحْجُورَيْنِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ فَإِنَّ غَيْرَ الْقَتْلِ إلَخْ) أَيْ كَالْأَطْرَافِ وَالْحُدُودِ وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّمْكِينِ فَوُرُدُ النَّصِّ «بِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَسْلَمَ الْقَاتِلَ لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ وَقَالَ دُونَك صَاحِبُك» فَبَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى أَصْلِهِ
(قَوْلُهُ أَيْ وَأُخِّرَ لِزَوَالِ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ اللَّامَ فِي قَوْلِهِ لِبَرْدٍ بِمَعْنَى إلَى الَّتِي لِانْتِهَاءِ الْغَايَةِ فَيُعَارِضُ مَا سَبَقَ لَهُ مِنْ جَعْلِهَا لِلتَّعْلِيلِ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ عَلَى وَجْهٍ يُؤْذِنُ بِأَنَّهُ احْتِمَالٌ ثَانٍ (قَوْلُهُ وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ مُحَارِبًا) فِيهِ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْقِصَاصِ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَمْرٌ عَامٌّ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ وَحَيْثُ كَانَتْ عِلَّةُ التَّأْخِيرِ الْخَوْفَ فَكُلُّ جِرَاحَةٍ كَذَلِكَ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ قِصَاصًا أَمْ لَا يُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ مُحَارِبًا (قَوْلُهُ إلَى أَنْ يَبْرَأَ الْجَانِي إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لِكَبُرْءٍ شَامِلٌ لِبُرْءِ الْجَانِي وَبُرْءِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَسَوَاءٌ حَصَلَ الْبُرْءُ قَبْلَ سَنَةٍ أَوْ بَعْدَهَا بِخِلَافِ ذَهَابِ الْعَقْلِ فَإِنَّهُ يُؤَخَّرُ سَنَةً لِتَمُرَّ عَلَيْهِ الْفُصُولُ الْأَرْبَعَةُ وَكَذَا غَيْرُهُ يَقُولُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ (قَوْلُهُ كَمَا يُؤَخَّرُ الْعَقْلُ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَدِيَةِ الْخَطَأِ وَقَوْلُهُ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُ التَّأْخِيرُ إلَخْ هَذَا دَاخِلٌ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَدِيَةِ الْخَطَأِ بِأَنْ يُرَادَ بِالْخَطَأِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا وَيُرَادَ بِالْعَقْلِ مَا يَشْمَلُ الْحُكُومَةَ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ الْجُرْحُ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ كَجَائِفَةٍ عَمْدًا أَوْ خَطَأً لِأَنَّ الْمُرَادَ كَمَا تَقَدَّمَ بِالْخَطَأِ مَا يَشْمَلُ الْعَمْدَ الَّذِي لَا قِصَاصَ فِيهِ عَلَى طَرِيقِ التَّحَوُّزِ بِجَامِعِ عَدَمِ الْقِصَاصِ فِي كُلٍّ وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُعَمَّمُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ كَالْجَائِفَةِ وَالْآمَّةِ فَنَقُولُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً وَأَمَّا قَوْلُهُ وَالْمُوضِحَةِ فَيُخَصَّصُ بِالْخَطَأِ لِأَنَّ الْمُوضِحَةَ الْعَمْدَ فِيهَا الْقِصَاصُ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ بِلَوْ لِقَوْلِ أَشْهَبَ يُعَجَّلُ لِلْمَجْرُوحِ مَا فِيهِ دِيَةٌ مُقَرَّرَةٌ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ مُقَيَّدٌ عِنْدَهُ بِمَا إذَا بَلَغَ ثُلُثَ الدِّيَةِ وَأَمَّا الْمُوضِحَةُ وَالْمُنَقِّلَةُ فَلَا يُعَجَّلُ الْعَقْلُ فِيهِمَا عِنْدَهُ انْتَهَى وَلَعَلَّ وَجْهَهُ كَمَا قَالُوا أَنَّ مَا بَلَغَ الثُّلُثَ تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ
وَأَمَّا الْمُوضِحَةُ وَالْمُنَقِّلَةُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَزِيدَ حَتَّى تَحْمِلَهُ الْعَاقِلَةُ فَلِذَا قَالَ بِتَأْخِيرِهِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَلَا يُنَاسِبُ مِنْ شَارِحِنَا ذِكْرُ الْمُوضِحَةِ لِإِفَادَتِهِ أَنَّهَا مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ خَوْفَ السَّرَيَانِ إلَى النَّفْسِ أَيْ فِي الْعَمْدِ لِأَنَّ فِيهِ الْقَوَدَ وَقَوْلُهُ أَوْ إلَى مَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ أَيْ فِي الْخَطَأِ (قَوْلُهُ وَهُوَ أُخِّرَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَعْنَى الْمُصَنِّفِ وَأُخِّرَ الْقَوَدُ لِبَرْدٍ أَوْ حَرٍّ كَمَا يُؤَخَّرُ الْقَوَدُ لِكَبُرْءٍ وَلَوْ فِي غَيْرِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ فَعَلَى كُلِّ حَالٍ الْمُؤَخَّرُ الْقَوَدُ فَيَكُونُ قَوْلُهُ كَدِيَةٍ إلَخْ مُشَبَّهًا بِالْقَوَدِ الْمُؤَخَّرِ لَكِنْ إنْ شُبِّهَ بِهِ بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ لِكَبُرْءٍ أَفَادَ تَأْخِيرَ أَخْذِ دِيَةِ الْخَطَأِ مُطْلَقًا فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَغَيْرِهِمَا وَإِنْ شُبِّهَ بِهِ بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ لِبَرْدٍ وَحَرٍّ أَفَادَ أَنَّ تَأْخِيرَ دِيَةِ الْخَطَأِ إنَّمَا هُوَ فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ فَقَطْ
لِقُصُورِهِ عَلَى ذَلِكَ
(ص) وَالْحَامِلُ وَإِنْ بِجُرْحٍ مُخِيفٍ لَا بِدَعْوَاهَا وَحُبِسَتْ كَالْحَدِّ (ص) يَعْنِي أَنَّ الْحَامِلَ إذَا تَرَتَّبَ عَلَيْهَا قَتْلٌ أَوْ جُرْحٌ يُخَافُ مِنْهُ مَوْتُهَا فَإِنَّ الْقَوَدَ يُؤَخَّرُ عَنْهَا إلَى الْوَضْعِ وَوُجُودِ مُرْضِعٍ لِضَرُورَةِ الْحَمْلِ لِأَنَّهَا لَوْ قُتِلَتْ الْآنَ لَأُخِذَ بِالنَّفْسِ الْوَاحِدَةِ نَفْسَانِ وَمِثْلُهُ الْجُرْحُ الْمُخِيفُ وَهَذَا إذَا عُرِفَ أَنَّهَا حَامِلٌ إمَّا بِظُهُورِ الْحَمْلِ أَوْ حَرَكَتِهِ أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ لَا بِدَعْوَاهَا فَإِذَا وَجَبَ عَلَيْهَا الْقِصَاصُ فِي النَّفْسِ وَقُلْنَا تُؤَخَّرُ لِأَجْلِ حَمْلِهَا لِلْوَضْعِ فَإِنَّهَا تُحْبَسُ ثُمَّ تُقْتَلُ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا كَفِيلٌ فِي ذَلِكَ كَمَا أَنَّهُ إذَا لَزِمَهَا حَدٌّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ فَإِنَّهَا تُحْبَسُ إلَى الْوَضْعِ إذَا خِيفَ عَلَيْهَا مِنْ إقَامَتِهِ فِي الْحَالِ الْمَوْتُ وَتَعَرَّضَ الْمُؤَلِّفُ لِحَبْسِ الْحَامِلِ دُونَ غَيْرِهَا مِمَّنْ أُخِّرَ لِحَرٍّ أَوْ بَرْدٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ (ص) وَالْمُرْضِعُ لِوُجُودِ مُرْضِعٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُرْضِعَ إذَا تَرَتَّبَ عَلَيْهَا قِصَاصٌ فِي النَّفْسِ فَإِنَّ الْقَوَدَ يُؤَخَّرُ عَنْهَا إلَى أَنْ يُوجَدَ مَنْ يُرْضِعُ الطِّفْلَ خَوْفَ هَلَاكِهِ مِنْ قِلَّةِ الرَّضَاعِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ أُخِّرَتْ حَتَّى تُرْضِعَهُ وَكَذَا إنْ لَمْ يَقْبَلْ غَيْرَهَا (ص) وَالْمُوَالَاةُ فِي الْأَطْرَافِ كَحَدَّيْنِ لِلَّهِ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِمَا وَبُدِئَ بِأَشَدَّ لَمْ يُخَفْ لَا بِدُخُولِ الْحَرَمِ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ تُؤَخَّرُ الْمُوَالَاةُ فِي الْأَطْرَافِ إنْ خِيفَ عَلَيْهِ الْهَلَاكُ مِنْ قَطْعِهِمَا فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ حَيْثُ اجْتَمَعَ عَلَى الْجَانِي قَطْعُ طَرَفَيْنِ مَثَلًا وَإِنْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ حَدَّانِ لِلَّهِ أَوْ لِآدَمِيٍّ أَوْ أَحَدُهُمَا لِلَّهِ وَالْآخَرُ لِآدَمِيٍّ فَإِنْ لَمْ يُخَفْ عَلَيْهِ مِنْ إقَامَتِهِمَا عَلَيْهِ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ أُقِيمَا عَلَيْهِ وَإِنْ خِيفَ عَلَيْهِ أُقِيمَ عَلَيْهِ أَكْبَرُهُمَا كَمَا لَوْ زَنَى الْمُسْلِمُ وَقَذَفَ أَوْ شَرِبَ فَإِنَّهُ يُقَامُ عَلَيْهِ الْمِائَةُ حَدُّ الزِّنَا فَإِنْ خِيفَ عَلَيْهِ أُقِيمَ عَلَيْهِ الثَّمَانُونَ قَالَ فِيهَا مَنْ اجْتَمَعَ عَلَيْهِ حَدٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَحَدٌّ لِلْعِبَادِ بُدِئَ بِحَدِّ اللَّهِ إذْ لَا عَفْوَ فِيهِ وَيُجْمَعُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُخَافَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ فَيُفَرَّقُ انْتَهَى فَلَوْ قَطَعَ وَاحِدًا وَقَذَفَ آخَرَ فَإِنَّهُمَا يَقْتَرِعَانِ عَلَى التَّبْدِئَةِ فَمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ أُقِيمَ حَدُّهُ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ لِلَّهِ كَمَا قَالَهُ تت وَإِذَا لَزِمَ الْجَانِيَ قِصَاصٌ فِي نَفْسٍ أَوْ جُرْحٍ ثُمَّ دَخَلَ الْحَرَمَ فَإِنَّهُ لَا يُؤَخَّرُ لِأَجْلِ ذَلِكَ وَيُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ فِي الْحَرَمِ لِأَنَّهُ أَحَقُّ أَنْ تُقَامَ فِيهِ حُدُودُ اللَّهِ تَعَالَى فَلَوْ كَانَ مُحْرِمًا بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ فَإِنَّهُ لَا يُنْتَظَرُ إلَى فَرَاغِ نُسُكِهِ بَلْ يُقْتَصُّ مِنْهُ قَبْلَ فَرَاغِهِ وَنَبَّهَ بِذَلِكَ عَلَى خِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ الْقَائِلِ بِأَنَّ الْقَاتِلَ إذَا الْتَجَأَ إلَى الْحَرَمِ فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ فِيهِ بَلْ يُضَيَّقُ عَلَيْهِ فَإِذَا خَرَجَ مِنْهُ اُقْتُصَّ مِنْهُ وَالْمُرَادُ بِالْحَرَمِ الْمُحَدَّدُ فِي بَابِ الْحَجِّ لَا خُصُوصُ الْمَسْجِدِ لِأَنَّ الْأَئِمَّةَ فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} [آل عمران: 97] حَمَلُوهُ عَلَى مَا يَحْرُمُ فِيهِ الِاصْطِيَادُ
وَلَمَّا كَانَ الْقَائِمُ بِالدَّمِ إمَّا رِجَالٌ فَقَطْ أَوْ نِسَاءٌ فَقَطْ أَوْ هُمَا تَكَلَّمَ عَلَى الثَّلَاثَةِ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ وَأَشَارَ لِلْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (ص) وَسَقَطَ إنْ عَفَا رَجُلٌ كَالْبَاقِي
ــ
[حاشية العدوي]
فَظَهَرَ أَنَّ الْمُشَبَّهَ وَالْمُشَبَّهَ بِهِ ذَاتُهُمَا وَاحِدَةٌ وَهُوَ الْقَوَدُ لَكِنْ بِاعْتِبَارِ التَّأْخِيرِ لِلْحَرِّ وَالْبَرْدِ غَيْرُ نَفْسِهِ بِاعْتِبَارِ التَّأْخِيرِ لِلْبُرْءِ فَخُلَاصَةُ الْكَلَامِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهُ إنْ جُعِلَ مُشَبَّهًا بِالْقَوَدِ بِاعْتِبَارِ التَّأْخِيرِ لِلْبُرْءِ الَّذِي هُوَ الْمُشَبَّهُ أَفَادَ أَنَّ التَّأْخِيرَ يَكُونُ مُطْلَقًا فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ وَغَيْرِهِمَا وَإِنْ جُعِلَ مُشَبَّهًا بِالْقَوَدِ الَّذِي هُوَ الْمُشَبَّهُ بِهِ بِاعْتِبَارِ التَّأْخِيرِ لِلْحَرِّ وَالْبَرْدِ أَفَادَ أَنَّ التَّأْخِيرَ فِي دِيَةِ الْخَطَأِ لِخُصُوصِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ مَعَ أَنَّ التَّأْخِيرَ عَامٌّ وَلَوْ فِي غَيْرِ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَالْحَامِلُ وَإِنْ بِجُرْحٍ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْقِصَاصُ فِيهَا بِجُرْحٍ مُخِيفٍ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ الْجُرْحُ الْمُخِيفُ) أَيْ مِثْلُهُ فِي الْجُمْلَةِ أَيْ لَوْ جُرِحَتْ لَرُبَّمَا مَاتَتْ فَيُؤَدِّي إلَى أَخْذِ نَفْسٍ فِيمَا دُونَهَا (قَوْلُهُ أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ) كَالْوَحَمِ الْمَعْلُومِ لِلنِّسَاءِ وَأَوْلَى شَهَادَةُ النِّسَاءِ بِهِ وَأَنْ يَظْهَرَ بِحَرَكَتِهِ (قَوْلُهُ كَمَا أَنَّهُ إذَا لَزِمَهَا حَدٌّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ) قَذْفًا أَوْ غَيْرَهُ وَكَذَا تُحْبَسُ لِغَيْبَةِ وَلِيِّ الدَّمِ الَّذِي يُنْتَظَرُ وَقَوْلُهُ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ كَمَرَضِ جَانٍ أَوْ مَجْنِيٍّ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ وَالْمُوَالَاةُ فِي الْأَطْرَافِ) أَيْ فِي قَطْعِ الْأَطْرَافِ إذَا خِيفَ جَمْعُهَا وَعِبَارَتُهُ تَقْتَضِي أَنَّ الْمَعْنَى تُؤَخَّرُ مُوَالَاتُهَا إلَى أَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهَا فَتُجْمَعُ وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادًا وَإِنَّمَا الْمُرَادُ يُفَرَّقُ الْقِصَاصُ فِي الْأَطْرَافِ إنْ خِيفَ الْهَلَاكُ بِجَمْعِهِ وَقَوْلُهُ كَحَدَّيْنِ لِلَّهِ أَيْ كَشُرْبِ وَزِنَا بِكْرٍ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِمَا بِأَنْ خِيفَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ مِنْ مُوَالَاتِهِمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ) مِنْ الْمَوْتِ فَإِنْ خِيفَ بُدِئَ بِالْأَخَفِّ كَالثَّمَانِينَ لِلشُّرْبِ فَإِنْ خِيفَ مِنْهُ أَيْضًا بُدِئَ بِالْأَشَدِّ مُفَرَّقًا إنْ أَمْكَنَ تَفْرِيقُهُ وَإِلَّا بُدِئَ بِالْأَخَفِّ مُفَرَّقًا إنْ أَمْكَنَ أَيْضًا وَإِلَّا اُنْتُظِرَ إلَى أَنْ يَقْدِرَ أَوْ يَمُوتَ فَإِنْ أَيِسَ مِنْهُ حُبِسَ وَأُدِّبَ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ لِلَّهِ أَنَّهُمَا لَوْ كَانَا لِآدَمِيَّيْنِ كَقَطْعِ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ عَمْدًا وَقَذْفِ آخَرَ بُدِئَ بِأَحَدِهِمَا بِالْقُرْعَةِ إنْ قَدَرَ عَلَى مَا ظَهَرَ بِهَا وَلَوْ مُفَرَّقًا فِيمَا يُمْكِنُ تَفْرِيقُهُ كَقَطْعِ الْأَصَابِعِ فِي الْيَدِ أَوْ الرِّجْلِ لِشَخْصٍ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ بُدِئَ بِالْآخِرِ مُجْمَلًا أَوْ مُفَرَّقًا فِيمَا يُمْكِنُ تَفْرِيقُهُ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِمَا اُنْتُظِرَتْ قُدْرَتُهُ فَإِنْ أَيِسَ مِنْ الْقُدْرَةِ أُدِّبَ وَسُجِنَ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ فَإِذَا كَانَ أَحَدُهُمَا لِلَّهِ وَالْآخَرُ لِآدَمِيٍّ بُدِئَ بِمَا لِلَّهِ لِأَنَّهُ لَا عَفْوَ فِيهِ وَيُجْمَعُ عَلَيْهِ أَوْ يُفَرَّقُ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا بُدِئَ بِمَا لِلْآدَمِيِّ مُجْمَلًا أَوْ مُفَرَّقًا إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا اُنْتُظِرَتْ قُدْرَتُهُ أَوْ مَوْتُهُ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ زَنَى الْمُسْلِمُ إلَخْ) أَيْ بِبِكْرٍ مَثَلًا أَوْ قَذَفَ فَيَكُونُ مِثَالًا لِمَا إذَا كَانَ الْحَقُّ لِلَّهِ وَلِآدَمِيٍّ وَإِنْ حُمِلَ عَلَى مَا إذَا زَنَى بِذَاتِ زَوْجٍ فَيَكُونُ مِثَالًا لِمَا إذَا كَانَ الْحَقَّانِ لِآدَمِيٍّ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلزَّوْجِ وَالْقَذْفُ مَعْلُومٌ أَنَّ الْحَقَّ فِيهِ لِآدَمِيٍّ (قَوْلُهُ أَوْ شَرِبَ) أَيْ كَمَا لَوْ زَنَى الْمُسْلِمُ وَشَرِبَ إنْ أُرِيدَ زَنَى بِبِكْرٍ فَالْحَقَّانِ لِلَّهِ وَإِنْ أُرِيدَ زَنَى بِثَيِّبٍ فَيَكُونُ مِثَالًا لِمَا إذَا كَانَ الْحَقُّ لِلَّهِ وَلِآدَمِيٍّ فَالزِّنَا حَقٌّ لِآدَمِيٍّ وَالشُّرْبُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى
(قَوْلُهُ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ لِلَّهِ) أَيْ بَلْ إذَا كَانَ لِآدَمِيٍّ أَوْ أَحَدُهُمَا لِلَّهِ وَالْآخَرُ لِآدَمِيٍّ وَيَخَافُ مِنْ مُوَالَاتِهِمَا فَإِنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا عَلَى الْوَجْهِ الْمُتَقَدِّمِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ الْقَائِلِ بِأَنَّ الْقَاتِلَ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ فَصَلَ بَيْنَ الطَّرَفِ فَيُقْتَصُّ فِي الْحَرَمِ وَبَيْنَ النَّفْسِ فَيُضَيَّقُ عَلَيْهِ فِيهِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْهُ وَأَمَّا إنْ جَنَى فِيهِ فَيُقْتَصُّ فِيهِ إجْمَاعًا (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَئِمَّةَ فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ دَخَلَهُ} [آل عمران: 97] إلَخْ) وَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَمْنِ
(ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُسْتَحَقِّينَ لِلدَّمِ إنْ كَانُوا رِجَالًا فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ كَأَعْمَامٍ أَوْ إخْوَةٍ مَثَلًا فَعَفَا أَحَدُهُمْ فَإِنَّ الْقِصَاصَ يَسْقُطُ بِعَفْوِهِ لِأَنَّ عَفَوْهُ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ عَفْوِ الْجَمِيعِ فَقَوْلُهُ كَالْبَاقِي الْمَجْرُورُ نَعْتٌ لِرَجُلٍ أَيْ مُسَاوٍ مَعَ الْبَاقِي فِي دَرَجَتِهِ وَأُخْرَى لَوْ كَانَ أَعْلَى مِنْهُ فِي الدَّرَجَةِ كَمَا لَوْ عَفَا الِابْنُ مَعَ وُجُودِ الْعَمِّ أَوْ الْأَخِ وَمَفْهُومُهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ الْبَاقِي فِي دَرَجَةِ الْعَافِي بَلْ كَانَ غَيْرُهُ أَقْرَبَ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِعَفْوِهِ كَمَا لَوْ عَفَا الْعَمُّ مَعَ وُجُودِ الْأَخِ وَالضَّمِيرُ فِي سَقَطَ لِلْقِصَاصِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ وَيَقْتَصُّ مَنْ يَعْرِفُ وَيُحْتَمَلُ رُجُوعُهُ لِلِاسْتِيفَاءِ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ وَالِاسْتِيفَاءُ لِلْعَاصِبِ قَوْلُهُ رَجُلٌ أَيْ لَا امْرَأَةٌ فَإِنَّ فِيهَا التَّفْصِيلَ الْمُشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (ص) وَالْبِنْتُ أَوْلَى مِنْ الْأُخْتِ فِي عَفْوٍ وَضِدِّهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقِصَاصَ إذَا ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِاعْتِرَافٍ مِنْ الْجَانِي وَكَانَ الْمُسْتَحِقُّ لِلدَّمِ بِنْتًا وَأُخْتًا فَقَطْ فَإِنَّ الْبِنْتَ أَوْلَى مِنْ الْأُخْتِ فِي الْقِيَامِ بِالدَّمِ وَتَرْكِهِ وَلَا شَيْءَ لِلْأُخْتِ مِنْ الدِّيَةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ مُسَاوَاتِهِمَا فِي الْمِيرَاثِ مُسَاوَاتُهُمَا فِي الْقِصَاصِ وَعَدَمِهِ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَمَّا لَوْ احْتَاجَ الْقِصَاصُ لِقَسَامَةٍ فَلَيْسَ لَهُمَا أَنْ يَقْسِمَا لِأَنَّ النِّسَاءَ لَا يَقْسِمْنَ فِي الْعَمْدِ وَيَقْسِمُ الْعَصَبَةُ فَإِنْ أَقْسَمُوا وَأَرَادُوا الْقَتْلَ وَعَفَتْ الْبِنْتُ فَلَا عَفْوَ لَهَا وَإِنْ أَرَادَتْ الْقَتْلَ وَعَفَا الْعَصَبَةُ فَلَا عَفْوَ لَهُمْ إلَّا بِاجْتِمَاعٍ مِنْهَا وَمِنْهُمْ أَوْ مِنْهَا وَمِنْ بَعْضِهِمْ ثُمَّ إنَّ الْمُرَادَ بِالْبِنْتِ مَا يَشْمَلُ بِنْتَ الِابْنِ (ص) وَإِنْ عَفَتْ بِنْتٌ مِنْ بَنَاتٍ نَظَرَ الْحَاكِمُ (ش) أَيْ أَوْ أُخْتٌ مِنْ أَخَوَاتٍ أَوْ بِنْتُ ابْنٍ مِنْ بَنَاتِ ابْنٍ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ فَإِنْ رَأَى الْإِمْضَاءَ صَوَابًا وَسَدَادًا أَمْضَاهُ وَإِنْ رَأَى أَنَّ قَصْدَهَا الضَّرَرُ وَإِذَايَةُ الْبَاقِي رَدَّهُ لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا وَإِلَّا فَجَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ فَلَوْ قَالَ وَاحِدَةٌ مِنْ كَبَنَاتٍ كَانَ أَوْلَى وَإِنَّمَا كَانَ الْحَاكِمُ يَنْظُرُ وَالْحَالُ مَا ذُكِرَ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَصَبَةِ لِأَنَّهُ يَرِثُ الْبَاقِيَ لِبَيْتِ الْمَالِ
(ص) وَفِي رِجَالٍ وَنِسَاءٍ لَمْ يَسْقُطْ إلَّا بِهِمَا أَوْ بِبَعْضِهِمَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُسْتَحَقِّينَ لِلدَّمِ إذَا كَانُوا رِجَالًا وَالنِّسَاءُ أَعْلَى دَرَجَةً مِنْ الرِّجَالِ وَثَبَتَ الْقَتْلُ بِقَسَامَةٍ فَإِنَّ الْقَوَدَ لَا يَسْقُطُ إلَّا بِعَفْوِ الْفَرِيقَيْنِ جَمِيعًا أَوْ بِبَعْضِ الْفَرِيقَيْنِ فَإِنْ عَفَا فَرِيقٌ وَطَلَبَ الْفَرِيقُ الْآخَرُ الْقِصَاصَ فَإِنَّهُ يُجَابُ إلَى ذَلِكَ وَأَتَى بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَعَ أَنَّهُ يُمْكِنُ عِلْمُهَا مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ وَلِلنِّسَاءِ إنْ وَرِثْنَ وَلَمْ يُسَاوِهِنَّ عَاصِبٌ وَلِكُلٍّ الْقَتْلُ وَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ لِأَجْلِ قَوْلِهِ أَوْ بِبَعْضِهِمَا الْمُقَيِّدِ لِمَا مَرَّ كَمَا سَبَقَتْ الْإِشَارَةُ لَهُ وَقَوْلُنَا وَالنِّسَاءُ أَعْلَى دَرَجَةً مِنْ الرِّجَالِ احْتِرَازًا مِمَّا لَوْ كَانَ الرِّجَالُ مُسَاوِينَ لِلنِّسَاءِ فَلَا كَلَامَ لَهُنَّ وَالِاسْتِيفَاءُ لِلْعَاصِبِ كَمَا مَرَّ
(ص) وَمَهْمَا أَسْقَطَ الْبَعْضُ فَلِمَنْ بَقِيَ نَصِيبُهُ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَتْلَ إذَا كَانَ
ــ
[حاشية العدوي]
فِي الْآخِرَةِ أَوْ فِي الدُّنْيَا إلَّا لِمَانِعٍ بِدَلِيلِ آيَةِ {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: 45]
(قَوْلُهُ أَيْ مُسَاوٍ مَعَ الْبَاقِي فِي دَرَجَتِهِ) أَيْ وَفِي الْقُوَّةِ فَلَا عِبْرَةَ بِعَفْوِ الْأَخِ لِلْأَبِ أَوْ لِلْأُمِّ مَعَ الْأَخِ الشَّقِيقِ أَوْ الْأَخِ لِلْأُمِّ مَعَ الْأَخِ لِلْأَبِ وَشَمِلَ قَوْلُهُ كَالْبَاقِي عَفْوَ الْجَدِّ حَيْثُ كَانَ يَرِثُ الثُّلُثَ مَعَ الْأَخَوَيْنِ فَإِنْ وَرِثَ أَنْقَصَ مِنْهُ لَمْ يُعْتَبَرْ عَفْوُهُ (قَوْلُهُ أَوْلَى) أَيْ أَحَقُّ وَأَوْجَبُ (قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا عَفَتْ الْبِنْتُ سَقَطَ الْقِصَاصُ ظَاهِرُهُ وَلَا شَيْءَ لِلْأُخْتِ مِنْ الدِّيَةِ وَإِذَا طَلَبَتْ الْقِصَاصَ أُجِيبَتْ إلَيْهِ وَلَا كَلَامَ لِلْأُخْتِ مَعَهَا أَفَادَهُ فِي ك أَيْ بِخِلَافِ لَوْ عَفَا ابْنٌ فَلِأَخِيهِ نَصِيبُهُ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ وَكَذَا لَا كَلَامَ لِلْأَوْلِيَاءِ مَعَ الْبِنْتِ الَّتِي مَعَهَا الْأُخْتُ وَهَذَا إذَا ثَبَتَ الْقَتْلُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ وَأَمَّا إذَا ثَبَتَ بِقَسَامَةٍ كَمَا هُوَ قَوْلُ الشَّارِحِ وَأَمَّا لَوْ احْتَاجَ الْقِصَاصُ لِقَسَامَةٍ إلَخْ فَإِذَا أَرَادَتْ الْبِنْتُ الْقَتْلَ دُونَ الْأَوْلِيَاءِ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِمَا أَرَادَتْهُ وَلَوْ وَافَقَتْ الْأُخْتُ الْأَوْلِيَاءَ عَلَى عَدَمِ الْقَتْلِ وَإِذَا أَرَادَ الْأَوْلِيَاءُ الْقَتْلَ وَأَبَتْ الْبِنْتُ مِنْهُ فَالْكَلَامُ لَهُمْ وَلَوْ وَافَقَتْهَا الْأُخْتُ فَالْعَفْوُ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِاجْتِمَاعِ الْبِنْتِ مَعَ الْأَوْلِيَاءِ أَوْ بَعْضِهِمْ
(تَنْبِيهٌ) : عُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ التَّكَلُّمُ فِي الدَّمِ لِلْبِنْتِ وَالْأُخْتِ دُونَ أَحَدٍ مِنْ الْعَصَبَةِ وَيَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى مَا يَشْمَلُ ذَلِكَ وَلِمَا إذَا كَانَ التَّكَلُّمُ لِلْبِنْتِ وَالْأُخْتِ مَعَ الْعَصَبَةِ كَمَا إذَا ثَبَتَ بِقَسَامَةٍ وَيُعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَعْضِ الَّذِي يُعْتَبَرُ مِنْ النِّسَاءِ هُوَ الْبِنْتُ فَقَطْ لَا الْأُخْتُ (قَوْلُهُ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ) وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ غَيْرُهُ مِنْ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى نَحْوِ مِيرَاثِ اسْتِيفَاءِ الدَّمِ وَلَا يَدْخُلُ الْإِنَاثُ إلَّا إذَا كُنَّ أَعْلَى دَرَجَةً مِنْ الذُّكُورِ (قَوْلُهُ فَلَا عَفْوَ لَهَا) أَيْ وَالْقَوْلُ لَهُمْ فِي طَلَبِ الْقَتْلِ وَهُوَ الْمُتَقَدِّمُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلِكُلٍّ الْقَتْلُ وَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ (قَوْلُهُ وَإِنْ عَفَتْ بِنْتٌ إلَخْ) فَإِذَا أَمْضَى الْإِمَامُ بِنَظَرِهِ عَفْوَ بَعْضِ الْبَنَاتِ فَلِمَنْ بَقِيَ مِنْهُنَّ وَمِنْ جَمِيعِ الْأَخَوَاتِ نَصِيبُهُ مِنْ الدِّيَةِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِنْتٌ يُفْهِمُ أَنَّهُنَّ لَوْ عَفَيْنَ كُلُّهُنَّ أَوْ أَرَدْنَ الْقَتْلَ كُلُّهُنَّ لَمْ يَكُنْ لِلْإِمَامِ نَظَرٌ ثُمَّ إذَا عَفَا كُلُّهُنَّ دَفْعَةً وَاحِدَةً فَلَا شَيْءَ لِلْأَخَوَاتِ فَإِنْ تَرَتَّبَ عَفْوُهُنَّ فَلِلْأَخَوَاتِ نَصِيبُهُنَّ مِنْ الدِّيَةِ.
(تَنْبِيهٌ) : قَالَ عج وَمَوْضُوعُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ التَّكَلُّمَ فِي الدَّمِ لِلْبَنَاتِ وَالْأَخَوَاتِ أَوْ لِلْبَنَاتِ فَقَطْ دُونَ أَحَدٍ مِنْ عَصَبَةِ الْبِنْتِ
(قَوْلُهُ أَوْ بِبَعْضِهِمَا) أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَ عَدَدُ أَحَدِ الْبَعْضَيْنِ دُونَ عَدَدِ الْبَعْضِ الْآخَرِ أَوْ مُسَاوِيًا (قَوْلُهُ وَثَبَتَ الْقَتْلُ بِقَسَامَةٍ) لَا مَفْهُومَ لَهُ إذَا كَانَ النِّسَاءُ لَمْ يَحُزْنَ الْمِيرَاثَ (قَوْلُهُ الْمُقَيِّدِ لِمَا مَرَّ) أَيْ الْمُقَيِّدِ لِمَفْهُومِ مَا مَرَّ أَيْ فَكَأَنَّهُ قَالَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ فَإِنْ لَمْ يَجْتَمِعُوا فَلَا إلَّا إذَا حَصَلَ مِنْ بَعْضٍ كُلٌّ
(قَوْلُهُ فَلِمَنْ بَقِيَ نَصِيبُهُ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ) اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا كَانَ وَلِيُّ الدَّمِ وَاحِدًا أَوْ عَفَا مَجَّانًا فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ لِمَنْ بَقِيَ مِنْ الْوَرَثَةِ وَكَذَا لَوْ تَعَدَّدَ وَحَصَلَ الْعَفْوُ مِنْ الْجَمِيعِ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ وَأَمَّا إنْ تَعَدَّدَ وَحَصَلَ الْعَفْوُ مِنْ الْبَعْضِ مَجَّانًا فَإِنَّ لِمَنْ بَقِيَ مِنْ الْوَرَثَةِ نَصِيبَهُ أَوْ وَقَعَ الْعَفْوُ مِنْ الْجَمِيعِ مُرَتَّبًا كَمَا إذَا وَقَعَ الْعَفْوُ مِنْ الْبَعْضِ ثُمَّ بَلَغَ عَفْوُهُ مَنْ بَقِيَ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ فَعَفَا فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ بَقِيَّةَ الْوَرَثَةِ مِنْ أُخْتٍ وَزَوْجٍ وَزَوْجَةٍ لِأَنَّهُ مَالٌ ثَبَتَ بِعَفْوِ الْأَوَّلِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ
عَمْدًا وَعَفَا عَنْ الْقِصَاصِ بَعْضُ مُسْتَحَقِّيهِ وَالْحَالُ أَنَّهُمْ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ بَعْدَ تَرَتُّبِ الدَّمِ وَثُبُوتِهِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ أَوْ قَسَامَةٍ فَإِنَّ الْقَوَدَ يَسْقُطُ وَلَكِنْ لِمَنْ لَمْ يَعْفُ نَصِيبُهُ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ فَقَوْلُهُ وَمَهْمَا أَسْقَطَ الْبَعْضُ يُشْعِرُ بِأَنَّ الْقَتْلَ ثَابِتٌ إذْ لَا يُقَالُ أَسْقَطَ إلَّا إذَا كَانَ الْقَتْلُ ثَابِتًا وَهَذَا رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ مِنْ قَوْلِهِ وَسَقَطَ إنْ عَفَا رَجُلٌ كَالْبَاقِي إلَى هُنَا وَفِيهِ نَوْعُ تَكْرَارٍ مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا وَلِلصَّغِيرِ إنْ عَفَا نَصِيبُهُ مِنْ الدِّيَةِ قَوْلُهُ وَمَهْمَا أَيْ وَحَيْثُ أَسْقَطَ الْبَعْضُ الْقِصَاصَ سَقَطَ فَجَوَابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ وَقَوْلُهُ فَلِمَنْ بَقِيَ إلَخْ مُسَبَّبٌ عَنْ الْجَوَابِ قَوْلُهُ فَلِمَنْ بَقِيَ إلَخْ أَيْ وَمَهْمَا أَسْقَطَ بَعْضُ مَنْ لَهُ التَّكَلُّمُ فِي الْقِصَاصِ مَجَّانًا فَلِمَنْ بَقِيَ مِمَّنْ لَهُ التَّكَلُّمُ أَوْ مَعَ مَنْ لَهُ التَّكَلُّمُ كَأَحَدِ الْوَلَدَيْنِ أَوْ مَعَهُمَا بِنْتٌ بِخِلَافِ لَوْ عَفَتْ الْبِنْتُ وَمَعَهَا أُخْتُهُ فَلَا شَيْءَ لِلْأُخْتِ لِأَنَّهُ لَا تَكَلُّمَ لَهَا وَلَيْسَ مَعَهَا مِمَّنْ لَهُ التَّكَلُّمُ وَيَدْخُلُ فِيمَنْ لَا تَكَلُّمَ لَهُ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ
(ص) كَإِرْثِهِ وَلَوْ قِسْطًا مِنْ نَفْسِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْقَاتِلَ إذَا وَرِثَ الدَّمَ أَوْ بَعْضَهُ فَإِنَّ الْقَوَدَ يَسْقُطُ عَنْهُ لِأَنَّهُ كَالْعَفْوِ عَنْهُ مِثَالُ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ إذَا قَتَلَ أَحَدُ ابْنَيْنِ أَبَاهُ ثُمَّ مَاتَ الِابْنُ الْآخَرُ فَإِنَّ الْقَاتِلَ قَدْ وَرِثَ جَمِيعَ دَمِ نَفْسِهِ وَمِثَالُ مَا بَعْدَهَا إذَا قَتَلَ أَحَدُ الْأَوْلَادِ أَبَاهُ عَمْدًا فَثَبَتَ الْقِصَاصُ عَلَيْهِ لِجَمِيعِ الْإِخْوَةِ ثُمَّ يَمُوتُ أَحَدُهُمْ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ الْقِصَاصُ عَنْ الْقَاتِلِ لِأَنَّهُ وَرِثَ مِنْ دَمِهِ حِصَّةً فَهُوَ كَالْعَفْوِ وَلِبَقِيَّةِ الْإِخْوَةِ حَظُّهُمْ مِنْ الدِّيَةِ لَكِنْ قَوْلُهُ وَلَوْ قِسْطًا مِنْ نَفْسِهِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ مَنْ بَقِيَ يَسْتَقِلُّ بِالْعَفْوِ كَمَا مَرَّ مِنْ الْمِثَالِ أَمَّا لَوْ كَانَ مَنْ بَقِيَ رِجَالًا وَنِسَاءً وَالتَّكَلُّمُ لِلْجَمِيعِ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ الْقَتْلُ عَمَّنْ وَرِثَ قِسْطًا مِنْ دَمِ نَفْسِهِ حَتَّى يَجْتَمِعَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ أَوْ الْبَعْضُ مِنْ كُلٍّ عَلَى الْعَفْوِ مِثَالُهُ مَا إذَا قَتَلَ أَخٌ شَقِيقٌ أَخَاهُ وَتَرَكَ الْمَقْتُولُ بَنَاتٍ وَثَلَاثَةَ إخْوَةٍ أَشِقَّاءَ غَيْرَ الْقَاتِلِ فَمَاتَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ فَقَدْ وَرِثَ الْقَاتِلُ قِسْطًا مِنْ نَفْسِهِ وَهُوَ كَمُوَرِّثِهِ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْقِصَاصُ بِإِرْثِهِ ذَلِكَ فَقَوْلُهُ كَإِرْثِهِ تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ سَقَطَ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ وَلَوْ قِسْطًا لَكَفَاهُ عَنْ قَوْلِهِ مِنْ نَفْسِهِ لَكِنَّهُ تَبِعَ ابْنَ الْحَاجِبِ
(ص) وَإِرْثُهُ كَالْمَالِ (ش) أَيْ إرْثُ الدَّمِ كَالْمَالِ لَا كَالِاسْتِيفَاءِ فَإِذَا مَاتَ وَلِيُّ الدَّمِ تَنْزِلُ وَرَثَتُهُ مَنْزِلَتَهُ مِنْ غَيْرِ خُصُوصِيَّةٍ لِلْعَصَبَةِ مِنْهُمْ عَلَى ذَوِي الْفُرُوضِ فَتَرِثُهُ الْبَنَاتُ وَالْأُمَّهَاتُ وَيَكُونُ لَهُنَّ الْعَفْوُ وَالْقِصَاصُ كَمَا لَوْ كَانُوا كُلُّهُمْ عَصَبَةً لِأَنَّهُمْ وَرِثُوهُ عَمَّنْ كَانَ ذَلِكَ لَهُ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَفِيهَا مَنْ قُتِلَ وَلَهُ أُمٌّ وَعَصَبَةٌ فَمَاتَتْ الْأُمُّ فَوَرَثَتُهَا مَكَانُهَا إنْ أَحَبُّوا أَنْ يَقْتُلُوا قَتَلُوا وَلَا عَفْوَ لِلْعَصَبَةِ دُونَهُمْ كَمَا لَوْ كَانَتْ الْأُمُّ بَاقِيَةً فَقَوْلُهُ وَإِرْثُهُ أَيْ وَإِرْثُ الْقِصَاصِ أَوْ الدَّمِ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ كَالْمَالِ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يَرِدُ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ وَفِي تَعْقِيبِ ابْنِ عَرَفَةَ عَلَى شَارِحَيْ ابْنِ الْحَاجِبِ نَظَرٌ لِأَنَّ كَلَامَ شَارِحَيْ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي الْمَالِ الْمَوْرُوثِ وَهَذَا يَدْخُلَانِ فِيهِ وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ فِي الْقِصَاصِ وَأَمَّا عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى الْمَالِ الْمَأْخُوذِ عَنْ دِيَةِ عَمْدٍ أَيْ وَإِرْثُ الْمَالِ الْمَأْخُوذِ عَنْ دِيَةِ عَمْدٍ كَالْمَالِ الْمَوْرُوثِ فِي عَدَمِ اخْتِصَاصِ الْعَاصِبِ بِهِ فَيُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ وَلِمَنْ بَقِيَ نَصِيبُهُ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ لِأَنَّ مَنْ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ كَمَا عَلِمْت
(ص) وَجَازَ صُلْحُهُ فِي عَمْدٍ بِأَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْعَمْدَ لَا عَقْلَ فِيهِ مُسَمًّى وَإِنَّمَا فِيهِ الْقَوَدُ عَيْنًا كَمَا مَرَّ فَيَجُوزُ صُلْحُ الْجَانِي فِيهِ عَلَى ذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ أَوْ عَرَضٍ قَدْرِ الدِّيَةِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا وَهَذَا تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ فِي بَابِ الصُّلْحِ وَعَنْ الْعَمْدِ بِأَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَقَوْلُهُ فِي عَمْدٍ أَيْ فِي جِنَايَةِ عَمْدٍ فَيَشْمَلُ النَّفْسَ وَالْجُرْحَ
(ص) وَالْخَطَأِ كَبَيْعِ الدَّيْنِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الصُّلْحَ فِي الْخَطَأِ فِي النَّفْسِ أَوْ فِي الْجُرْحِ حُكْمُهُ حُكْمُ بَيْعِ الدَّيْنِ لِأَنَّ الْخَطَأَ مَا فِيهِ إلَّا الْمَالُ وَهُوَ دَيْنٌ فَيُرَاعَى فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ ذَهَبٍ عَنْ وَرِقٍ وَلَا الْعَكْسُ لِأَنَّهُ صَرْفٌ مُسْتَأْخِرٌ وَلَا أَخْذُ أَحَدِهِمَا عَنْ إبِلٍ لِأَنَّهُ
ــ
[حاشية العدوي]
التَّرْتِيبِ وَالْمُصَاحَبَةِ أَنَّ التَّرْتِيبَ بِمُجَرَّدِ عَفْوِ الْأَوَّلِ تَرَتُّبٌ لَهَا أُلْحِقَ عَلَى الْجَانِي فَلَا يَسْقُطُ بِعَفْوِ الثَّانِي بِخِلَافِ الْعَفْوِ دَفْعَةً (قَوْلُهُ كَإِرْثِهِ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ وَالْفَاعِلُ مَحْذُوفٌ وَالْأَصْلُ كَإِرْثِ الْقَاتِلِ الدَّمَ (قَوْلُهُ بِإِرْثِهِ مِنْ ذَلِكَ) لِأَنَّ الَّذِي بَقِيَ بَنَاتٌ لَا يَسْتَقْلِلْنَ بِالْعَفْوِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ اتِّفَاقِ النَّوْعَيْنِ أَيْ نَوْعِ الْبَنَاتِ وَنَوْعِ الْإِخْوَةِ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَسَقَطَ إنْ وَرِثَ قِسْطًا مِنْ نَفْسِهِ مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ لِلْمَيِّتِ مِنْ الْوَارِثِ وَالْبَنَاتُ هُنَا أَقْرَبُ مِنْ هَذَا الْأَخِ الَّذِي وَرِثَ قِسْطًا مِنْ نَفْسِهِ
(قَوْلُهُ لَا كَالِاسْتِيفَاءِ) أَيْ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَالِاسْتِيفَاءِ لَكَانَ إذَا مَاتَ وَلِيُّ الدَّمِ لَاخْتَصَّ بِالتَّكَلُّمِ الْعَصَبَةُ دُونَ ذَوِي الْفُرُوضِ وَقَوْلُهُ لَا كَالِاسْتِيفَاءِ الَّذِي هُوَ مَذْهَبُ أَشْهَبَ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَفِي كَوْنِهِ إرْثَهُ عَلَى نَحْوِ الْمَالِ أَوْ عَلَى نَحْوِ الِاسْتِيفَاءِ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ (قَوْلُهُ فَلَا يَرِدُ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ) أَيْ لِأَنَّهُمَا لَا يَدْخُلَانِ فِي الِاسْتِيفَاءِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يُوهِمُ أَنَّ لَهُمَا دَخْلًا (قَوْلُهُ وَفِي تَعَقُّبِ ابْنِ عَرَفَةَ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ قَالَ فَهِمَ شَارِحَا ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّ مُرَادَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِالنِّسَاءِ الْوَارِثَاتِ مَا يَشْمَلُ الزَّوْجَةَ وَكَذَا الزَّوْجُ فِي الرِّجَالِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ بَلْ لَا مَدْخَلَ لِلْأَزْوَاجِ فِي الدَّمِ
(قَوْلُهُ وَهَذَا يَدْخُلَانِ فِيهِ) أَيْ إذَا مَاتَ مُسْتَحِقُّ الدَّمِ عَنْ مَالٍ فَيَدْخُلُ فِيهِ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ وَأَمَّا إذَا مَاتَ عَنْ دَمٍ اسْتَحَقَّهُ فَلَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ وَالْمُرَادُ بِشَارِحَيْ ابْنِ الْحَاجِبِ ابْنُ هَارُونَ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -
(قَوْلُهُ قَدْرِ الدِّيَةِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ) أَيْ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِأَقَلَّ وَأَكْثَرَ
(قَوْلُهُ وَالْخَطَأُ كَبَيْعِ الدَّيْنِ) وَمِثْلُ الْخَطَأِ الْعَمْدُ الَّذِي لَا قِصَاصَ فِيهِ (قَوْلُهُ فَيُرَاعَى) أَيْ فَيُرَاعَى فِي الصُّلْحِ عَنْ الدِّيَةِ فِي الْخَطَأِ مَا يُرَاعَى فِي بَيْعِ الدَّيْنِ سَوَاءٌ (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ ذَهَبٍ) أَيْ وَلَوْ حَالًّا أَيْ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ صَرْفَ مَا فِي الذِّمَّةِ بِمُعَجَّلٍ إنَّمَا يَجُوزُ إذَا كَانَا حَالَّيْنِ وَمَا هُنَا بَيْعُهُ عَمَّا هُوَ مُؤَجَّلٌ عَلَيْهِ وَعَلَى الْعَاقِلَةِ
فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ إلَى أَجَلٍ وَأَمَّا مَعَ التَّعْجِيلِ فَجَائِزٌ وَيَدْخُلُ فِي الصُّلْحِ بِأَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ ضَعْ وَتَعَجَّلْ وَبِأَكْثَرَ لِأَبْعَدَ مِنْ أَجَلِهَا سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ
(ص) وَلَا يَمْضِي عَلَى عَاقِلَةٍ كَعَكْسِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجَانِيَ إذَا صَالَحَ أَوْلِيَاءَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِيمَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ فَإِنَّ صُلْحَهُ لَا يَلْزَمُهُمْ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ تَدْفَعُ الدِّيَةَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَلَا يَرْجِعُونَ بِهَا عَلَيْهِ فَهُوَ فُضُولِيٌّ فِي صُلْحِهِ عَنْهُمْ كَمَا أَنَّ صُلْحَ الْعَاقِلَةِ عَنْ الْجَانِي فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهِ لَا يَلْزَمُهُ كَمَا لَا يَلْزَمُ الْأَجْنَبِيَّ إذَا صَالَحَ عَنْهُ غَيْرُهُ
(ص) فَإِنْ عَفَا فَوَصِيَّةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قُتِلَ خَطَأً فَعَفَا عَمَّنْ قَتَلَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ وَصِيَّةً بِالدِّيَةِ لِلْعَاقِلَةِ فَتَكُونُ فِي ثُلُثِهِ فَإِنْ خَرَجَتْ مِنْ ثُلُثِهِ فَوَاضِحٌ وَإِنْ زَادَتْ عَلَيْهِ وُقِفَ الزَّائِدُ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهَا ضُمَّتْ لِمَالِهِ وَدَخَلَتْ الْوَصَايَا فِي ثُلُثِ الْجَمِيعِ
(ص) وَتَدْخُلُ الْوَصَايَا فِيهِ وَإِنْ بَعْدَ سَبَبِهَا أَوْ بِثُلُثِهِ أَوْ بِشَيْءٍ إذَا عَاشَ بَعْدَهَا مَا يُمْكِنُهُ التَّغْيِيرُ فَلَمْ يُغَيِّرْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ إذَا أَوْصَى بِوَصَايَا أُخَرَ مَعَ الْعَفْوِ الْمَذْكُورِ فَإِنَّ الْوَصَايَا تَدْخُلُ فِي ثُلُثِهِ وَمِنْ جُمْلَةِ ثُلُثِهِ الدِّيَةُ وَلَا فَرْقَ فِي الْوَصَايَا بَيْنَ أَنْ يُوصِيَ بِهَا قَبْلَ سَبَبِ الدِّيَةِ وَهُوَ الْجُرْحُ أَوْ إنْفَاذُ الْمَقَاتِلِ أَوْ بَعْدَ سَبَبِهَا لَكِنْ الْمُتَوَهَّمُ إنَّمَا هُوَ إذَا أَوْصَى بِهَا قَبْلَ سَبَبِهَا وَلِذَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ صَوَابُ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَإِنْ بَعْدَ سَبَبِهَا أَنْ يَقُولَ وَإِنْ قَبْلَ سَبَبِهَا وَكَذَلِكَ يَدْخُلُ فِي ثُلُثِ الدِّيَةِ مَا أَوْصَى بِهِ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ أَوْ أَوْصَى بِهِ لِزَيْدٍ مَثَلًا وَهُوَ شَيْءٌ مُعَيَّنٌ كَدَارٍ مَثَلًا أَوْ لَمْ يُعَيِّنْ شَيْئًا بِشَرْطِ أَنْ يَعِيشَ بَعْدَ الْجِنَايَةِ زَمَنًا يُمْكِنُهُ فِيهِ التَّغْيِيرُ لِلْوَصِيَّةِ وَهُوَ ثَابِتُ الذِّهْنِ فَلَمْ يُغَيِّرْ وَإِلَّا لَمْ تَدْخُلْ الْوَصَايَا فِي ثُلُثِ دِيَتِهِ وَهَذَا شَرْطٌ فِيمَا أَوْصَى بِهِ قَبْلَ السَّبَبِ فَالضَّمِيرُ فِي فِيهِ لِلثُّلُثِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ فَوَصِيَّةٌ إذْ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ إنَّمَا تَكُونُ فِي الثُّلُثِ أَيْ ثُلُثِ دِيَتِهِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُ الدِّيَةِ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ فِي ثُلُثِهَا أَوْ الدِّيَةُ وَذَكَرَهُ نَظَرًا إلَى أَنَّهَا مَالٌ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْوَصَايَا إنَّمَا تَكُونُ فِي الثُّلُثِ أَيْ فِي ثُلُثِ الْوَاجِبِ فِي الْخَطَأِ وَكَذَا الْعَمْدُ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ إلَّا الْمَالُ وَإِنَّمَا قَدَّرْنَا الْوَاجِبَ لِيَشْمَلَ مَا يَجِبُ فِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ أَوْ بَعْضُهَا أَوْ حُكُومَةٌ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ مَالٌ مِنْ أَمْوَالِهِ تَدْخُلُ فِيهِ كَمَا تَدْخُلُ فِي مَالِهِ
(ص) بِخِلَافِ الْعَمْدِ إلَّا أَنْ يَنْفُذَ مَقْتَلُهُ وَيَقْبَلَ وَارِثُهُ الدِّيَةَ وَعُلِمَ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قُتِلَ عَمْدًا وَمَاتَ وَلَمْ يَعْفُ عَمَّنْ قَتَلَهُ وَلَهُ وَصَايَا ثُمَّ بَعْدَ مَوْتِهِ قَبِلَ وَرَثَتُهُ الدِّيَةَ فَإِنَّ وَصَايَاهُ لَا تَدْخُلُ فِي الدِّيَةِ لِأَنَّهَا مَالٌ طَرَأَ بَعْدَ مَوْتِهِ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمَيِّتُ قَبْلَ مَوْتِهِ وَالْوَصَايَا لَا تَدْخُلُ إلَّا فِيمَا عُلِمَ لِلْمَيِّتِ قَالَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَلَوْ أَنَّ الْمُوصِيَ قَالَ إنْ قَبِلَ أَوْلَادِي الدِّيَةَ فَوَصِيَّتِي فِيهَا أَوْ أَوْصَى بِثُلُثِهَا لَمْ يَجُزْ وَلَا يَدْخُلُ مِنْهَا فِي ثُلُثِهِ شَيْءٌ
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَلَوْ قَالَ يَخْرُجُ ثُلُثِي مِمَّا عَلِمْت وَمِمَّا لَمْ أَعْلَمْ لَمْ تَدْخُلْ فِي ذَلِكَ الدِّيَةُ لِأَنَّهُ مَالٌ لَمْ يَكُنْ انْتَهَى وَلَوْ أَنْفَذَ الْجَانِي مَقْتَلًا مِنْ مَقَاتِلِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَصَارَ يَتَكَلَّمُ ثُمَّ إنَّ الْأَوْلِيَاءَ قَبِلُوا الدِّيَةَ مِنْ الْجَانِي وَعَلِمَ بِهَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْوَصَايَا حِينَئِذٍ تَدْخُلُ فِي الدِّيَةِ لِأَنَّهُ مَالٌ عَلِمَ بِهِ الْمَيِّتُ قَبْلَ مَوْتِهِ
ــ
[حاشية العدوي]
(قَوْلُهُ فِيمَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ) أَيْ وَأَمَّا عَلَى مَا يَنْوِيهِ فَيَمْضِي وَيُقَالُ فِي عَكْسِهِ وَهُوَ صُلْحُهُمْ عَنْهُ لَا يَمْضِي صُلْحُهُمْ عَلَيْهِ فِيمَا يَلْزَمُهُ وَيَمْضِي صُلْحُهُمْ عَلَى مَا يَلْزَمُهُمْ
(قَوْلُهُ فَإِنْ خَرَجَتْ إلَخْ) بِأَنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْ الْمَالِ أَلْفَانِ وَدِيَتُهُ أَلْفٌ (قَوْلُهُ وُقِفَ الزَّائِدُ) مِثْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَاعْتُرِضَ بِقَوْلِهِ وَإِنْ أُجِيزَ فَعَطِيَّةٌ أَيْ فَالزَّائِدُ بَاطِلٌ لَا أَنَّهُ صَحِيحٌ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَتِهِمْ وَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ إلَخْ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ لِأَنَّهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَتَدْخُلُ الْوَصَايَا فِيهِ
(قَوْلُهُ أَوْ بِثُلُثِهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ تَدْخُلُ الْوَصَايَا فِيهِ بِغَيْرِ ثُلُثِهِ وَبِغَيْرِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ أَوْ بِثُلُثِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ بِشَيْءٍ أَيْ مُعَيَّنٍ كَمَا يُفِيدُهُ شَارِحُنَا وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ الْمُصَنِّفُ أَوْ بِالشَّيْءِ أَيْ الْمُعَيَّنِ الْمَعْرُوفِ كَالدَّارِ الْفُلَانِيَّةِ فَقَوْلُ شَارِحِنَا وَهُوَ شَيْءٌ مُعَيَّنٌ إشَارَةٌ إلَى مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ بِشَيْءٍ وَقَوْلُهُ أَوْ لَمْ يُعَيَّنْ شَيْئًا يُرَادُ بِهِ الْمَحْذُوفُ الَّذِي أَشَرْنَا إلَيْهِ بِقَوْلِنَا وَبِغَيْرِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ وَمِنْ جُمْلَةِ ثُلُثِهِ الدِّيَةُ) أَيْ لِأَنَّ الدِّيَةَ تُضَمُّ لِمَالِهِ وَتَصِيرُ مَالًا وَيُنْظَرُ لِثُلُثِ الْجَمِيعِ فَإِنْ حَمَلَ الدِّيَةَ نَفَذَتْ الْوَصِيَّةُ كُلُّهَا وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ وَصَايَا أُخَرُ غَيْرُهَا اشْتَرَكَ الْجَمِيعُ فِي الثُّلُثِ فَإِنْ حَمَلَ الْجَمِيعَ فَلَا إشْكَالَ وَإِنْ ضَاقَ عَنْ الْجَمِيعِ وَجَبَ الْمَصِيرُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَقُدِّمَ لِضِيقِ الثُّلُثِ إلَخْ (قَوْلُهُ أَنْ يَقُولَ وَإِنْ قَبْلَ سَبَبِهَا إلَخْ) لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ إذَا كَانَتْ قَبْلَ السَّبَبِ الْمُوجِبِ لِلدِّيَةِ يُتَوَهَّمُ عَدَمُ دُخُولِهَا فِي الدِّيَةِ لِأَنَّ الْمَالَ الْحَاصِلَ مِنْ الدِّيَةِ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا حِينَ الْوَصِيَّةِ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ إنَّمَا تَكُونُ فِيمَا عَلِمَهُ الْمُوصِي حِينَ وَصِيَّتِهِ وَأُجِيبَ بِأَنْ يُقْرَأَ بَعْدُ بِصِيغَةِ الْمَاضِي مَضْمُومَ الْعَيْنِ سَبَبُهَا أَيْ الدِّيَةِ أَيْ تَأَخَّرَ بِبُعْدِ زَمَنِ سَبَبِ الدِّيَةِ عَنْ زَمَنِ الْإِيصَاءِ وَسَبَبُهَا هُوَ الْجُرْحُ وَمَا فِي حُكْمِهِ وَإِنْفَاذُ الْمَقَاتِلِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُبَالَغَ عَلَيْهِ هُوَ الْمُتَوَهَّمُ وَهُوَ هُنَا تَقَدُّمُ الْوَصِيَّةِ عَلَى سَبَبِ الدِّيَةِ بِبُعْدٍ وَاَلَّذِي قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَهُوَ تَقَدُّمُ الْوَصِيَّةِ عَلَى سَبَبِ الدِّيَةِ بِقُرْبٍ (قَوْلُهُ وَهَذَا شَرْطٌ فِيمَا أَوْصَى بِهِ قَبْلَ السَّبَبِ) فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَدْخُلُ مَا أَوْصَى بِهِ قَبْلَ السَّبَبِ مَعَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ إنَّمَا تَكُونُ فِيمَا يَكُونُ مَعْلُومًا لِلْمُوصِي حِينَ وَصِيَّتِهِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُوصِيَ لَمَّا عَاشَ وَأَمْكَنَهُ التَّغْيِيرُ وَلَمْ يُغَيِّرْ نُزِّلَ تَمَكُّنُهُ مِنْ التَّغْيِيرِ وَعَدَمِ التَّغْيِيرِ مَنْزِلَةَ الْعِلْمِ
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْعَمْدِ) أَيْ بِخِلَافِ دِيَةِ الْعَمْدِ إذَا قُبِلَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ وَيُرَادُ بِمَوْتِهِ مَا يَشْمَلُ إزْهَاقَ رُوحِهِ لِأَجْلِ اتِّصَالِ الِاسْتِثْنَاءِ (قَوْلُهُ أَوْ أَوْصَى بِثُلُثِهَا) يُقْرَأُ بِالْمُضَارِعِ (قَوْلُهُ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ) تَأْيِيدٌ لِمَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ وَعَلِمَ بِهَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ) أَيْ وَلَمْ يُغَيِّرْ مَعَ إمْكَانِهِ وَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ مَنْفُوذَ الْمَقَاتِلِ حُكْمُهُ فِي الْإِرْثِ مِنْهُ وَإِرْثُهُ مِنْ غَيْرِهِ كَالْحَيِّ فَإِذَا مَاتَ أَخُوهُ وَرِثَهُ وَإِذَا كَانَ لَهُ أَخٌ عَبْدٌ أَوْ كَافِرٌ فَأَسْلَمَ أَوْ عَتَقَ ثُمَّ مَاتَ مَنْفُوذُهَا وَرِثَهُ وَيَجِبُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالصَّوْمُ وَالزَّكَاةُ وَنَحْوُهَا وَانْظُرْ لَوْ جَنَى عَلَيْهِ شَخْصٌ فَقَطَعَ يَدَهُ هَلْ يُقْتَصُّ لَهُ مِنْهُ أَوْ يَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ فِيمَنْ أَجْهَزَ عَلَيْهِ فَإِنْ قُلْنَا لَا قَوَدَ عَلَيْهِ فَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْوَصَايَا تَدْخُلُ) اعْلَمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي
ص) وَإِنْ عَفَا عَنْ جُرْحِهِ أَوْ صَالَحَ فَمَاتَ فَلِأَوْلِيَائِهِ الْقَسَامَةُ وَالْقَتْلُ وَرَجَعَ الْجَانِي فِيمَا أُخِذَ مِنْهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ إذَا عَفَا عَمَّنْ جَرَحَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ صَالَحَهُ الْجَانِي عَلَى شَيْءٍ أَخَذَهُ مِنْهُ فِي ذَلِكَ ثُمَّ نَزَا فَمَاتَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَوْلِيَاؤُهُ مُخَيَّرُونَ بَيْنَ أَنْ يُجِيزُوا عَفْوَهُ أَوْ صُلْحَهُ أَوْ يَرُدُّوهُ وَيَقْسِمُوا وَيَسْتَحِقُّوا الْقَوَدَ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةَ فِي الْخَطَأِ مِنْ الْعَاقِلَةِ وَحِينَئِذٍ يَرْجِعُ الْجَانِي فِيمَا أَخَذَهُ مِنْهُ وَلِيُّهُمْ فَلَوْ أَرَادَ الْجَانِي الرُّجُوعَ فِيمَا أَخَذَهُ مِنْهُ وَأَبَى أَوْلِيَاءُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَلَا كَلَامَ لَهُ وَإِنَّمَا الْخِيَارُ لَهُمْ لَا لَهُ وَهَذَا إذَا لَمْ يُصَالِحْ عَنْهُ وَعَمَّا يَئُولُ إلَيْهِ وَإِلَّا فَخِلَافٌ وَقَدْ مَرَّتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِتَمَامِهَا فِي بَابِ الصُّلْحِ فَتَجْرِي عَلَى مَا مَرَّ مِنْ التَّفْصِيلِ وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ مَا ذَكَرَهُ هُنَا لِأَنَّهُ بَابُهُ
(ص) وَلِلْقَاتِلِ الِاسْتِحْلَافُ عَلَى الْعَفْوِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ وَاحِدَةً وَبَرِئَ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الْجَانِيَ إذَا ادَّعَى عَلَى وَلِيِّ الدَّمِ أَنَّهُ عَفَا عَنْهُ وَكَذَّبَهُ وَلِيُّ الدَّمِ فِي ذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَهُ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ نَكَلَ وَلِيُّ الدَّمِ عَنْ الْيَمِينِ حَلَفَ الْجَانِي يَمِينًا وَاحِدَةً لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي كَانَتْ عَلَى الْمُدَّعِي فَرَدَّهَا عَلَى الْجَانِي وَحِينَئِذٍ يَبْرَأُ الْجَانِي فَإِنْ نَكَلَ الْجَانِي قُتِلَ حِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ عَلَى الْعَفْوِ أَيْ عَلَى عَدَمِ الْعَفْوِ أَوْ أَنَّ عَلَى بِمَعْنَى فِي السَّبَبِيَّةِ أَيْ فِي دَعْوَى الْعَفْوِ أَيْ بِسَبَبِ دَعْوَى الْعَفْوِ
(ص) وَتَلَوَّمَ لَهُ فِي بَيِّنَتِهِ الْغَائِبَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجَانِيَ إذَا قَالَ بَيِّنَتِي الَّتِي تَشْهَدُ لِي بِالْعَفْوِ غَائِبَةٌ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَتَلَوَّمُ لَهُ بِاجْتِهَادِهِ أَيْ عَلَى قَدْرِ مَا يَرَى مِنْ صِحَّةِ دَعْوَاهُ وَدَيْنِهِ فَإِنْ حَضَرَتْ عَمِلَ بِمُقْتَضَاهَا وَإِنْ لَمْ تَحْضُرْ قُتِلَ وَظَاهِرُهُ أَنَّ التَّلَوُّمَ ثَابِتٌ سَوَاءٌ كَانَتْ بَيِّنَتُهُ قَرِيبَةَ الْغَيْبَةِ أَوْ بَعِيدَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَحَمَلَهَا عَلَيْهِ عِيَاضٌ وَالصَّقَلِّيُّ ثُمَّ إنَّ التَّلَوُّمَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ حَلِفِهِ أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً غَائِبَةً
(ص) وَقُتِلَ بِمَا قَتَلَ وَلَوْ نَارًا إلَّا بِخَمْرٍ وَلِوَاطٍ وَسِحْرٍ وَمَا يَطُولُ وَهَلْ وَالسُّمِّ أَوْ يُجْتَهَدُ فِي قَدْرِهِ تَأْوِيلَانِ (ش) الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْقَاتِلَ يَقْتُلُ بِاَلَّذِي قَتَلَ بِهِ وَلَوْ كَانَ نَارًا لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: 126] وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194] وَأَمَّا الْجِرَاحُ فَيُطْلَبُ فِيهَا الْقِصَاصُ مِنْ الْجَانِي بِأَرْفَقَ مِمَّا جَنَى بِهِ فَإِذَا أَوْضَحَ بِحَجَرٍ أَوْ عَصَا اُقْتُصَّ مِنْهُ بِالْمُوسَى وَأَمَّا لَوْ قَتَلَ بِخَمْرٍ أَوْ بِلِوَاطٍ أَوْ بِسِحْرٍ أَوْ قَتَلَ بِشَيْءٍ يَطُولُ كَالتَّعْذِيبِ كَمَا لَوْ مَنَعَهُ الطَّعَامَ وَنَحْوَهُ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ وَلَا يُقْتَلُ بِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ لِأَنَّ ذَلِكَ مَعَاصٍ وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْمُرَ بِالْمَعْصِيَةِ لِأَنَّهُ فِسْقٌ وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ قَوْلُهُمْ لَا يُقْتَصُّ بِاللِّوَاطِ مُرَادُهُمْ لَا يَجْعَلُ خَشَبَةً فِي دُبُرِهِ وَيَفْعَلُ بِهَا إلَى أَنْ يَمُوتَ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ الِاسْتِيفَاءُ بِاللِّوَاطِ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ وَمُرَادُهُمْ بِالْقَتْلِ بِالسِّحْرِ إذَا ثَبَتَ مِنْ غَيْرِ إقْرَارٍ وَأَمَّا إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ قَتَلَ بِالسِّحْرِ عَلَى كَيْفِيَّةٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَفْعَلَهَا مَعَ نَفْسِهِ فَإِنْ مَاتَ وَإِلَّا فَالسَّيْفُ وَوَقَعَ الْخِلَافُ فِيمَا إذَا قَتَلَ بِالسُّمِّ هَلْ لَا يُقْتَلُ بِهِ وَعَلَيْهِ تَأَوَّلَ الْمُدَوَّنَةَ أَبُو مُحَمَّدٍ بْنُ أَبِي زَيْدٍ أَوْ يُقْتَلُ بِهِ وَيَجْتَهِدُ الْإِمَامُ فِي قَدْرِهِ أَيْ فِي قَدْرِ الَّذِي يَمُوتُ بِهِ مِنْ السُّمِّ بِأَنْ يَسْأَلَ الْإِمَامُ أَهْلَ الْخِبْرَةِ بِالْقَدْرِ الَّذِي يَقْتُلُ مِثْلَ هَذَا وَعَلَيْهِ تَأَوَّلَهَا ابْنُ رُشْدٍ تَأْوِيلَيْنِ
فَقَوْلُهُ وَهَلْ وَالسُّمِّ أَيْ لَا يُقْتَلُ بِهِ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى الْمُسْتَثْنَى وَقَوْلُهُ أَوْ يُجْتَهَدُ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ
ــ
[حاشية العدوي]
الْوَصَايَا بَيْنَ الَّذِي أَحْدَثَهَا بَعْدَ الْعِلْمِ وَكَذَا مَا كَانَ قَبْلَ الْعِلْمِ خِلَافًا لتت
(قَوْلُهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً) عَمَّمَ الشَّارِحُ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَاصِرٌ وَأَنَّ هَذَا الْحُكْمَ لَا يَخُصُّ الْعَمْدَ (قَوْلُهُ أَوْ يَرُدُّونَهُ وَيُقْسِمُونَ) فَلَوْ رَدَّ الْوَلِيُّ الصُّلْحَ وَأَبَى مِنْ الْقَسَامَةِ لَا شَيْءَ لَهُ مِمَّا وَقَعَ بِهِ الصُّلْحُ (قَوْلُهُ وَقَدْ مَرَّتْ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الَّذِي تَقَدَّمَ إنَّمَا هُوَ الصُّلْحُ لَا الْعَفْوُ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ وَإِنْ صَالَحَ إلَخْ فَيُرَادُ بِالْمَسْأَلَةِ مَسْأَلَةُ الصُّلْحِ
(قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْجَانِيَ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِأَشْهَبَ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ الَّتِي كَانَتْ عَلَى الْمُدَّعَى) بِفَتْحِ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ فَإِنْ نَكَلَ قُتِلَ حِينَئِذٍ) أَيْ بِلَا قَسَامَةٍ لِأَنَّ دَعْوَى الْقَاتِلِ أَنَّ وَلِيَّ الدَّمِ عَفَا عَنْهُ يَتَضَمَّنُ اعْتِرَافَهُ بِالْقَتْلِ
(قَوْلُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَحَمَلَهَا عَلَيْهِ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ وَانْتُظِرَ غَائِبٌ لَمْ تَبْعُدْ غَيْبَتُهُ أَنَّ الْقَاتِلَ هُنَا جَازِمٌ بِأَنَّهُ حَصَلَ الْعَفْوُ عَنْهُ وَأَنَّ لَهُ بَيِّنَةً بِذَلِكَ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ وَلَا يَكُونُ التَّلَوُّمُ إلَّا بَعْدَ حَلِفِهِ أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً غَائِبَةً وَلَا يَخْفَى أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ قَيَّدَهَا بِالْقَرِيبَةِ وَتَبِعَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَابْنُ نَاجِي مُعْتَرِضًا إطْلَاقَ ابْنِ يُونُسَ الَّذِي هُوَ الصَّقَلِّيُّ وَالْقُرْبُ مِنْ إفْرِيقِيَّةَ إلَى الْمَدِينَةِ وَالْبُعْدُ مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنْ اقْتَصَّ الْحَاكِمُ بَعْدَ التَّلَوُّمِ فَقَدِمَتْ وَشَهِدَتْ بِالْعَفْوِ فَالدِّيَةُ فِي مَالِ الْوَلِيِّ فِيمَا يَنْبَغِي وَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ وَلَا يَكُونُ مِنْ خَطَأِ الْإِمَامِ فَإِنْ اقْتَصَّ الْحَاكِمُ مِنْ غَيْرِ تَلَوُّمٍ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ قَطْعًا فِيمَا يَظْهَرُ وَإِذَا قَتَلَهُ الْوَلِيُّ مِنْ غَيْرِ تَلَوُّمٍ فَهَلْ كَذَلِكَ عَلَى عَاقِلَتِهِ أَوْ يُقْتَصُّ مِنْهُ اُنْظُرْ فِي ذَلِكَ هَكَذَا ذَكَرُوا وَتَأَمَّلْهُ
(قَوْلُهُ وَمَا يَطُولُ إلَخْ) أَيْ يَطُولُ الْقَتْلُ بِهِ إنْ كَانَ الْفِعْلُ ثُلَاثِيًّا أَوْ يَطُولُ فِي مِثْلِهِ إنْ كَانَ رُبَاعِيًّا وَإِنَّمَا لَمْ يُجْزِئْهُ قَتْلُهُ بِالثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ لِتَحْرِيمِ تِلْكَ الْأَفْعَالِ وَأَمَّا الرَّابِعُ فَلِمَا فِيهِ مِنْ التَّعْذِيبِ (قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ إلَخْ) مُقَابِلُهُ مَا لِعَبْدِ الْمَلِكِ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِالنَّارِ (قَوْلُهُ بِاَلَّذِي قَتَلَ بِهِ) هَذَا كُلُّهُ إذَا ثَبَتَ الْقَتْلُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ
وَأَمَّا إنْ كَانَ ثَبَتَ بِقَسَامَةٍ فَلَا يُقْتَلُ إلَّا بِالسَّيْفِ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا أَرَادَ ذَلِكَ الْوَلِيُّ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مُكِّنَ مُسْتَحِقٌّ مِنْ السَّيْفِ مُطْلَقًا وَلَا يُشْتَرَطُ الْمُمَاثَلَةُ فِي الصِّفَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ كَذِي عَصَوَيْنِ (قَوْلُهُ وَلَا يُقْتَلُ بِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ) فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَلُوطُ الشَّخْصُ بِغَيْرِهِ وَيَقْتُلُهُ وَيَسْتَمِرُّ حَيًّا وَيُقْتَصُّ مِنْهُ بِغَيْرِ اللِّوَاطِ مَعَ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ اللِّوَاطِ يُقْتَلُ رَجْمًا لِلِّوَاطِ وَلَا يَبْقَى وَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا فَعَلَهُ بِأَجْنَبِيَّةٍ فِي دُبُرِهَا (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَفْعَلَهُ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ السِّحْرُ حَرَامٌ مُطْلَقًا فَأَمْرُهُ أَنْ يَفْعَلَهُ مَعَ نَفْسِهِ أَمْرٌ لَهُ بِفِعْلِ مَعْصِيَةٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الصُّورَتَيْنِ بَلْ يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَالسَّمُّ) فِيهِ لُغَاتٌ ثَلَاثٌ الْفَتْحُ وَالضَّمُّ وَالْكَسْرُ وَالْفَتْحُ أَشْهَرُ (قَوْلُهُ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى الْمُسْتَثْنَى) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ مِنْ ذَلِكَ الْعَطْفُ الْمَذْكُورُ إلَّا بِأَنْ يُقَالَ إنَّ الْمَعْنَى وَهَلْ
أَوْ يُقْتَلُ بِهِ وَيُجْتَهَدُ فِي قَدْرِهِ (ص) فَيُغَرَّقُ وَيُخْنَقُ وَيُحْجَرُ وَضُرِبَ بِالْعَصَا لِلْمَوْتِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَتَلَ شَخْصًا بِالتَّغْرِيقِ أَوْ بِالْخَنْقِ أَوْ بِالْحَجَرِ فَإِنَّهُ يُفْعَلُ بِهِ مِثْلُ ذَلِكَ أَيْ يُقْتَلُ بِمَا قَتَلَ بِهِ وَكَذَلِكَ مَنْ قَتَلَ شَخْصًا بِالْعَصَا فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِالْعَصَا أَيْ يُضْرَبُ بِهَا إلَى أَنْ يَمُوتَ وَقَوْلُهُ (كَذِي عَصَوَيْنِ) مِثَالٌ فِي الْمَعْنَى لِقَوْلِهِ وَضُرِبَ بِالْعَصَا لِلْمَوْتِ أَيْ كَذِي ضَرْبَتَيْ عَصَا أَيْ أَنَّ مَنْ ضَرَبَ شَخْصًا بِالْعَصَا مَرَّتَيْنِ فَمَاتَ مِنْهُمَا فَإِنَّ الْقَاتِلَ يُضْرَبُ بِالْعَصَا إلَى أَنْ يَمُوتَ وَلَا يُرَاعَى فِي ذَلِكَ عَدَدُ الضَّرَبَاتِ
(ص) وَمُكِّنَ مُسْتَحِقٌّ مِنْ السَّيْفِ مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي أَنَّ مُسْتَحِقَّ الدَّمِ إذَا طَلَبَ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْ الْجَانِي بِالسَّيْفِ فَإِنَّهُ يُجَابُ إلَى ذَلِكَ فِي كُلِّ وَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ السَّابِقَةِ وَسَوَاءٌ قَتَلَ بِأَخَفَّ مِنْ السَّيْفِ أَمْ لَا لِأَنَّ الْقِصَاصَ بِالسَّيْفِ أَخَفُّ عَلَى الْجَانِي فِي الْغَالِبِ فَيُجَابُ إلَيْهِ
(ص) وَانْدَرَجَ طَرَفٌ إنْ تَعَمَّدَهُ وَإِنْ لِغَيْرِهِ لَمْ يَقْصِدْ مُثْلَةً (ش) يَعْنِي أَنَّ مَا دُونَ النَّفْسِ يَنْدَرِجُ فِيهَا إنْ تَعَمَّدَ الْجَانِي ذَلِكَ وَلَمْ يَقْصِدْ الْمُثْلَةَ وَسَوَاءٌ كَانَ الطَّرَفُ لِلْمَقْتُولِ أَوْ لِغَيْرِهِ فَإِذَا فَقَأَ عَيْنَ وَاحِدٍ وَقَطَعَ يَدَ آخَرَ وَقَتَلَ آخَرَ فَإِنَّهُ يَقْتَصُّ مِنْهُ لِوُلَاةِ الدَّمِ وَيَسْقُطُ حَقُّ غَيْرِهِمْ لِأَنَّ الْقَتْلَ يَأْتِي عَلَى الْجَمِيعِ وَلَيْسَ هَذَا تَكْرَارًا مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا أَوْ قِصَاصٍ لِغَيْرِهِ لِأَنَّ السَّابِقَ فِي الْأَطْرَافِ وَهَذَا فِي النَّفْسِ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ إنْ تَعَمَّدَهُ مِنْ الْخَطَأِ فَإِنَّ فِيهِ الدِّيَةَ فَإِذَا قَطَعَ يَدَ رَجُلٍ مَثَلًا خَطَأً ثُمَّ قَتَلَ آخَرَ عَمْدًا فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِمَا قَتَلَ وَلَا تَسْقُطُ دِيَةُ الْيَدِ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ لَمْ يَقْصِدْ مُثْلَةً مِمَّا إذَا قَصَدَ الْمُثْلَةَ فَإِنَّهُ يُفْعَلُ بِهِ مِثْلُ ذَلِكَ ثُمَّ يُقْتَصُّ مِنْهُ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ لَمْ يَقْصِدْ مُثْلَةً رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَمَا بَعْدَهَا ثُمَّ مَثَّلَ لِلِانْدِرَاجِ بِقَوْلِهِ (كَالْأَصَابِعِ فِي الْيَدِ) أَيْ كَمَا تَنْدَرِجُ الْأَطْرَافُ فِي النَّفْسِ كَذَلِكَ تَنْدَرِجُ الْأَصَابِعُ فِي الْيَدِ مَا لَمْ يَقْصِدْ الْمُثْلَةَ
وَلَمَّا كَانَ مُوجِبُ الْجِنَايَةِ قِصَاصًا أَوْ دِيَةً وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْقِصَاصِ أَخَذَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الدِّيَةِ وَهِيَ مِنْ الْوَدْيِ وَهُوَ الْهَلَاكُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا مُسَبَّبَةٌ عَنْهُ وَذَكَرَ أَنَّهَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ أَمْوَالِ النَّاسِ مِنْ إبِلٍ وَذَهَبٍ وَوَرِقٍ بِقَوْلِهِ (ص) وَدِيَةُ الْخَطَأِ عَلَى الْبَادِي مُخَمَّسَةٌ بِنْتُ مَخَاضٍ وَوَلَدَا لَبُونٍ وَحِقَّةٌ وَجَذَعَةٌ وَرُبِّعَتْ فِي عَمْدٍ بِحَذْفِ ابْنِ اللَّبُونِ (ش) أَيْ وَدِيَةُ الْحُرِّ الذَّكَرِ الْمُسْلِمِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ مُخَمَّسَةٌ رِفْقًا بِمُؤَدِّيهَا عِشْرُونَ بِنْتُ مَخَاضٍ وَعِشْرُونَ بِنْتُ لَبُونٍ وَعِشْرُونَ ابْنُ لَبُونٍ وَعِشْرُونَ حِقَّةٌ وَعِشْرُونَ جَذَعَةٌ وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ أَسْنَانِهَا فِي الزَّكَاةِ وَيَأْتِي أَنَّ الرَّقِيقَ فِيهِ قِيمَتُهُ وَلَوْ زَادَتْ عَلَى الدِّيَةِ وَأَنَّ الْأُنْثَى عَلَى النِّصْفِ مِنْ الذَّكَرِ وَأَنَّ الْكِتَابِيَّ وَالْمُعَاهَدَ فِي كُلٍّ نِصْفُ دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْبَادِيَ فِي أَيِّ إقْلِيمٍ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْإِبِلِ حَيْثُ كَانَ عِنْدَهُمْ إبِلٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ إبِلٌ كَأَهْلِ الْبَوَادِي الَّذِينَ لَيْسَ عِنْدَهُمْ إلَّا الْخَيْلُ مَثَلًا فَهَلْ يُكَلَّفُونَ بِمَا يَجِبُ عَلَى حَاضِرَتِهِمْ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَمْ لَا وَدِيَةُ الْعَمْدِ إذَا قُبِلَتْ مِنْ أَهْلِ الْإِبِلِ بِأَنْ عَفَا الْأَوْلِيَاءُ كُلُّهُمْ أَوْ بَعْضُهُمْ أَوْ صَالَحُوا عَلَيْهَا مُبْهَمَةً فَإِنَّهَا مِنْ أَرْبَعَةِ أَنْوَاعٍ بِحَذْفِ ابْنِ اللَّبُونِ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتُ مَخَاضٍ وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ بِنْتُ لَبُونٍ وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ حِقَّةٌ وَخَمْسٌ وَعِشْرُونَ جَذَعَةٌ قَالَ مَالِكٌ بِذَلِكَ مَضَتْ السُّنَّةُ وَلَا يُؤْخَذُ فِي الدِّيَةِ بَقَرٌ وَلَا غَنْمٌ وَلَا عَرَضٌ وَأَوَّلُ مَنْ سَنَّ الدِّيَةَ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ وَقِيلَ النَّضْرُ بْنُ كِنَانَةَ
(ص) وَثُلِّثَتْ فِي الْأَبِ وَلَوْ مَجُوسِيًّا فِي عَمْدٍ لَمْ يُقْتَلْ بِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَبَ وَإِنْ عَلَا وَيَشْمَلُ الْأُمَّ وَالْجَدَّاتِ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا
ــ
[حاشية العدوي]
يُزَادُ عَلَى مَا ذُكِرَ فَيُقَالُ لَا يُقْتَلُ بِمَا ذُكِرَ وَالسُّمِّ إلَخْ (قَوْلُهُ فَيُغَرَّقُ) تُقْرَأُ الْأَفْعَالُ بِالتَّخْفِيفِ لِأَنَّ يُغْرَقُ مِنْ أَغْرَقَ وَيُخْنَقُ مِنْ خَنَقَهُ وَيُحْجَرُ مِنْ أَحْجَرَهُ إذَا رَمَاهُ بِحَجَرٍ لَا بِالتَّشْدِيدِ وَإِنْ كَانَ هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ شَارِحِنَا بِالتَّغْرِيقِ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّهُ يُقْرَأُ يُغَرَّقُ بِالتَّشْدِيدِ لِأَنَّهُ لِلْمُبَالَغَةِ وَلَيْسَ لَنَا حَاجَةٌ بِهَا لِأَنَّ مُجَرَّدَ الْفِعْلِ كَافٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ قَتَلَ شَخْصًا بِحَجَرٍ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ هَذَا مُرَادُهُ لَا أَنَّهُ يُرْمَى بِالْحِجَارَةِ حَتَّى يَمُوتَ (قَوْلُهُ وَضُرِبَ بِالْعَصَا لِلْمَوْتِ) قَدْ يُقَالُ هَذَا يَطُولُ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ الْمُرَادُ كَمَا تَقَدَّمَ غَيْرَ هَذَا وَأَجَابَ بَعْضُ الشُّيُوخِ بِأَنَّهُ يُضْرَبُ بِمَوْضِعِ خَطَرٍ بِحَيْثُ يَمُوتُ بِسُرْعَةٍ كَالضَّرْبِ بِشِدَّةٍ فِي عُنُقِهِ (قَوْلُهُ مِثَالٌ فِي الْمَعْنَى لِقَوْلِهِ وَضُرِبَ بِالْعَصَا إلَخْ) أَيْ مِثَالٌ لِفَاعِلِ ضَرَبَ أَيْ مِثَالُ الَّذِي يُضْرَبُ بِالْعَصَا لِلْمَوْتِ شَخْصٌ صَاحِبُ ضَرْبَتَيْ عَصَا إلَخْ وَإِنَّمَا قَالَ فِي الْمَعْنَى أَيْ لِأَنَّ اللَّفْظَ جُمْلَةٌ مُرَادٌ مِنْهَا الْإِخْبَارُ بِأَنَّ مَنْ قُتِلَ بِالْعَصَا يُضْرَبُ بِالْعَصَا لِلْمَوْتِ فَتَكُونُ الْكَافُ لِلتَّشْبِيهِ
(قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَمَا بَعْدَهَا) تَبِعَ فِيهِ الزَّرْقَانِيَّ وَاللَّقَانِيَّ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ مَا عَلَيْهِ الْمَوَّاقُ وَابْنُ مَرْزُوقٍ مِنْ أَنَّهُ خَاصٌّ بِطَرَفِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الَّذِي يُقْتَلُ بِهِ وَأَمَّا طَرَفُ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَنْدَرِجُ مُطْلَقًا قَصَدَ الْمُثْلَةَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ تَنْدَرِجُ الْأَصَابِعُ فِي الْيَدِ) أَيْ إذَا قَطَعَ الْكَفَّ عَمْدًا بِعَدْوٍ كَذَا إذَا قَطَعَ أَصَابِعَ يَدِ رَجُلٍ وَيَدَ آخَرَ مِنْ الْكُوعِ وَيَدَ آخَرَ مِنْ الْمَرْفِقِ قُطِعَ لَهُمْ مِنْ الْمَرْفِقِ إنْ لَمْ يَقْصِدْ مُثْلَةً وَإِلَّا لَمْ تَنْدَرِجْ
(قَوْلُهُ مُوجَبُ الْجِنَايَةِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ (قَوْلُهُ مِنْ الْوَدْيِ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الدَّالِ وَفِيهِ أَنَّ الْوَدْيَ إعْطَاءُ الدِّيَةِ لَا الْهَلَاكُ نَعَمْ يُقَالُ أَوْدَى إذَا هَلَكَ (قَوْلُهُ وَيَأْتِي إلَخْ) لَمَّا قَيَّدَ صَدْرَ الْكَلَامِ بِالْحُرِّ الْمُسْلِمِ طَفِقَ يُبَادِرُ بِذِكْرِ مُقَابِلِهِ لِيَتَقَرَّرَ ذَلِكَ فِي النَّفْسِ وَلِيُعْلَمَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَغْفُلْ عَنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ مِنْ أَهْلِ الْإِبِلِ) خَبَرُ أَنَّ (قَوْلُهُ بِأَنْ عَفَا الْأَوْلِيَاءُ أَوْ بَعْضُهُمْ) أَيْ عَلَى الدِّيَةِ أَيْ بِأَنْ وَقَعَ اتِّفَاقٌ عَلَى تَرْكِ الْقِصَاصِ فِي مُقَابَلَةِ الدِّيَةِ وَقَوْلُهُ عَلَيْهَا مُبْهَمَةٌ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ بِأَنْ عَفَا الْأَوْلِيَاءُ وَلِقَوْلِهِ أَوْ صَالَحُوا عَلَيْهَا وَكَأَنَّهُ قَالَ بِأَنْ عَفَا الْأَوْلِيَاءُ عَلَيْهَا مُبْهَمَةً أَوْ صَالَحُوا عَلَيْهَا مُبْهَمَةً وَأَمَّا لَوْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى مُعَيَّنٍ فَيَرْجِعُ إلَيْهِ فَإِنْ قُلْت مَا الْفَرْقُ بَيْنَ قَوْلِهِ بِأَنْ عَفَا الْأَوْلِيَاءُ عَلَيْهَا وَقَوْلِهِ أَوْ صَالَحُوا عَلَيْهَا إلَخْ قُلْت الْفَرْقُ إنَّمَا هُوَ بِالنَّظَرِ لِلَّفْظِ الَّذِي يَصْدُرُ
كِتَابِيًّا أَوْ مَجُوسِيًّا وَتَحَاكَمُوا إلَيْنَا إذَا قَتَلَ وَلَدَهُ قَتْلًا عَمْدًا لَمْ يُقْتَلْ بِهِ وَضَابِطُهُ أَنْ لَا يَقْصِدَ إزْهَاقَ رُوحِهِ فَإِنَّ الدِّيَةَ تُغَلَّظُ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ مُثَلَّثَةً بِثَلَاثِينَ حِقَّةً وَثَلَاثِينَ جَذَعَةً وَأَرْبَعِينَ خَلِفَةً بِلَا حَدِّ سِنٍّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَالْخَلِفَةُ هِيَ الَّتِي وَلَدُهَا فِي بَطْنِهَا وَاحْتُرِزَ بِالْعَمْدِ مِنْ الْخَطَأِ وَبِالْعَمْدِ الَّذِي لَمْ يَقْتُلْ بِهِ مِنْ الْعَمْدِ الَّذِي يَقْتُلُ بِهِ بِأَنْ يَقْصِدَ إزْهَاقَ رُوحِهِ كَمَا إذَا أَضْجَعَ وَلَدَهُ وَذَبَحَهُ أَوْ شَقَّ جَوْفَهُ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ
(ص) كَجُرْحِهِ (ش) تَشْبِيهٌ فِي التَّغْلِيظِ أَيْ فَكَمَا أَنَّ التَّغْلِيظَ يَجِبُ فِي النَّفْسِ كَذَلِكَ يَجِبُ فِي الْجُرْحِ وَلَا فَرْقَ فِي الْجُرْحِ بَيْنَ مَا يُقْتَصُّ مِنْهُ وَمَا لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ وَسَوَاءٌ بَلَغَ الْجُرْحُ ثُلُثَ الدِّيَةِ أَمْ لَا فَفِي الْجَائِفَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ بِالتَّغْلِيظِ وَهَكَذَا بَقِيَّةُ الْجِرَاحِ عَلَى قَدْرِ نِسْبَتِهِ مِنْ الدِّيَةِ ثُمَّ بَيَّنَ الْمُؤَلِّفُ التَّغْلِيظَ يَكُونُ بِمَاذَا بِقَوْلِهِ (ص) بِثَلَاثِينَ حِقَّةً وَثَلَاثِينَ جَذَعَةً وَأَرْبَعِينَ خَلِفَةً بِلَا حَدِّ سِنٍّ (ش) وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ
(ص) وَعَلَى الشَّامِيِّ وَالْمِصْرِيِّ وَالْمَغْرِبِيِّ أَلْفُ دِينَارٍ وَعَلَى الْعِرَاقِيِّ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ دِيَةَ الْخَطَأِ وَاجِبَةٌ عَلَى الشَّامِيِّ وَالْمِصْرِيِّ وَالْمَغْرِبِيِّ أَلْفَ دِينَارٍ مِنْ الذَّهَبِ وَيَجِبُ عَلَى الْعِرَاقِيِّ وَالْفَارِسِيِّ وَالْخُرَاسَانِيِّ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدِّينَارَ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا وَالِاسْتِثْنَاءُ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (إلَّا فِي الْمُثَلَّثَةِ فَيُزَادُ بِنِسْبَةِ مَا بَيْنَ الدِّيَتَيْنِ) مِنْ مُقَدَّرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ أَلْفُ دِينَارٍ أَوْ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَلَا يُزَادُ عَلَى ذَلِكَ إلَّا فِي الْمُثَلَّثَةِ إلَخْ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَنَا طَرِيقٌ يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى مَعْرِفَةِ الْمُغَلَّظَةِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ إلَّا هَذَا الْمِيزَانُ فَتُقَوَّمُ الْمُثَلَّثَةُ حَالَّةً وَالْمُخَمَّسَةُ عَلَى تَأْجِيلِهَا وَيُؤْخَذُ مَا زَادَتْ الْمُثَلَّثَةُ عَلَى الْمُخَمَّسَةِ وَيُنْسَبُ إلَى الْمُخَمَّسَةِ فَمَا بَلَغَ بِالنِّسْبَةِ يُزَادُ عَلَى الدِّيَةِ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ مِثَالُ ذَلِكَ لَوْ كَانَتْ الْمُخَمَّسَةُ عَلَى آجَالِهَا تُسَاوِي مِائَةً وَالْمُثَلَّثَةُ عَلَى حَوْلِهَا تُسَاوِي مِائَةً وَعِشْرِينَ فَإِنَّهُ يُزَادُ عَلَى الدِّيَةِ الْمُخَمَّسَةِ مِثْلُ خُمُسِهَا فَيَكُونُ مِنْ الذَّهَبِ أَلْفًا وَمِائَتَيْنِ وَمِنْ الْوَرِقِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَرْبَعَمِائَةِ دِرْهَمٍ فَقَوْلُهُ مَا بَيْنَ الدِّيَتَيْنِ أَيْ دِيَةِ الْخَطَأِ الْمُخَمَّسَةِ وَالدِّيَةِ الْمُثَلَّثَةِ وَأَمَّا الدِّيَةُ الْمُرَبَّعَةُ فَإِنَّهَا لَا تُغَلَّظُ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ
(ص) وَالْكِتَابِيِّ وَالْمُعَاهَدِ نِصْفُهُ وَالْمَجُوسِيِّ وَالْمُرْتَدِّ ثُلُثُ خُمُسٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ دِيَةَ الْخَطَأِ فِي الْكِتَابِيِّ وَفِي الْمُعَاهَدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ الذَّكَرِ وَدِيَةَ الْمَجُوسِيِّ عَمْدًا أَوْ خَطَأً ثُلُثُ خُمُسِ دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ وَكَذَلِكَ الْمُرْتَدُّ دِيَتُهُ فِي الْخَطَأِ وَالْعَمْدِ ثُلُثُ خُمُسٍ أَيْضًا وَثُلُثُ الْخُمُسِ مِنْ الذَّهَبِ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ دِينَارًا وَثُلُثَا دِينَارٍ وَمِنْ الْوَرِقِ ثَمَانُمِائَةِ دِرْهَمٍ وَمِنْ الْإِبِلِ سِتَّةُ أَبْعِرَةٍ وَثُلُثَا بَعِيرٍ وَدِيَةُ جِرَاحِ غَيْرِ الْمُسْلِمِ كَجِرَاحِ الْمُسْلِمِ مِنْ دِيَتِهِ فَمَأْمُومَةُ كُلٍّ أَوْ جَائِفَتُهُ ثُلُثُ دِيَتِهِ وَمُنَقِّلَتُهُ عُشْرُ دِيَتِهِ وَنِصْفُ عُشْرِ دِيَتِهِ وَبِعِبَارَةٍ الْمُرَادُ بِالْكِتَابِيِّ الذِّمِّيُّ لَا مَنْ لَهُ
ــ
[حاشية العدوي]
أَيْ إمَّا أَنْ يُقَالَ تُصَالِحُونَا عَلَى الدِّيَةِ أَوْ يُقَالَ نَعْفُو عَلَى الدِّيَةِ
(قَوْلُهُ وَتَحَاكَمُوا إلَيْنَا) أَوْ كَانَ الْمَجُوسِيُّ قَتَلَ وَلَدَهُ الْمُسْلِمَ وَتُغَلَّظُ عَلَيْهِمْ عَلَى حَسَبِ دِيَاتِهِمْ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ سَبْعُ فَرَائِضَ إلَّا ثُلُثًا؛ حِقَّتَانِ وَجَذَعَتَانِ وَثَلَاثُ خِلْفَاتٍ إلَّا ثُلُثًا وَأَمَّا لَوْ قَتَلَ الْمُسْلِمُ وَلَدَهُ الْمَجُوسِيَّ فَهُوَ كَجُرْحِهِ (قَوْلُهُ بِلَا حَدِّ سِنٍّ) أَيْ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى كَوْنِهَا حَامِلًا كَانَتْ حِقَّةً أَوْ جَذَعَةً أَوْ غَيْرَهُمَا
(قَوْلُهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ) وَمُقَابِلُهُ مَا فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ مَا بَيْنَ ثَنِيَّةٍ إلَى بَازِلِ عَامٍ اهـ.
(قَوْلُهُ كَمَا إذَا أَضْجَعَ) تَشْبِيهٌ فَإِنَّهُ مَتَى أَضْجَعَهُ وَذَبَحَهُ قُتِلَ بِهِ وَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ إزْهَاقَ رُوحِهِ (قَوْلُهُ كَذَلِكَ يَجِبُ فِي الْجُرْحِ) أَيْ جُرْحِ الْأَصْلِ لِفَرْعِهِ لِأَنَّهُ الَّذِي فِيهِ التَّغْلِيظُ وَفِي كَلَامِ غَيْرِهِ وَهُوَ الصَّوَابُ مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ كَجُرْحِهِ أَيْ جُرْحِ الْعَمْدِ سَوَاءٌ كَانَ الْجَارِحُ الْأَبَ أَوْ أَجْنَبِيًّا فَإِنْ كَانَ الْأَبَ فَالدِّيَةُ مُثَلَّثَةٌ وَإِنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا فَهِيَ مُرَبَّعَةٌ وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ الصَّوَابَ لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ حُكْمُ تَغْلِيظِ الْجِرَاحِ فِي الدِّيَتَيْنِ الْمُرَبَّعَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ حُكْمُ الدِّيَةِ كَامِلَةً اهـ. (قَوْلُهُ ثُلُثُ الدِّيَةِ أَمْ لَا) أَيْ لِأَنَّ هَذَا عَلَيْهِ فِي مَالِهِ لَا عَلَى الْعَاقِلَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي الْجُرْحِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ كَمَا لَوْ ضَرَبَهُ بِعُودٍ فَفَقَأَ عَيْنَهُ مَثَلًا فَعَلَيْهِ دِيَتُهَا مُغَلَّظَةً أَمْ لَا وَعَلَيْهِ فَإِذَا كَانَ فِيهِ حُكُومَةٌ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ بِنِسْبَةِ النُّقْصَانِ مِنْ الدِّيَةِ الْمُغَلَّظَةِ كَانَتْ مُثَلَّثَةً أَوْ مُرَبَّعَةً فَإِذَا كَانَ فِيهِ حُكُومَةٌ وَكَانَتْ يَسِيرَةً بِحَيْثُ يَجْتَمِعُ فِي وَاحِدَةٍ مَثَلًا فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ رُبُعٌ فَيُؤْخَذُ رُبُعُ بِنْتِ مَخَاضٍ وَرُبُعُ بِنْتِ لَبُونٍ وَرُبُعُ حِقَّةٍ وَرُبُعُ جَذَعَةٍ وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْمُثَلَّثَةِ فَيُؤْخَذُ ثَلَاثَةُ أَعْشَارِ حِقَّةٍ وَثَلَاثَةُ أَعْشَارِ جَذَعَةٍ وَأَرْبَعَةُ أَعْشَارِ خَلِفَةٍ فَيَكُونُ شَرِيكًا بِالْأَجْزَاءِ الْمَذْكُورَةِ
(قَوْلُهُ فَيُزَادُ بِنِسْبَةٍ إلَخْ) أَيْ فَيُزَادُ عَلَى دِيَةِ الْخَطَأِ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ بِقَدْرِ نِسْبَةِ زِيَادَةِ قِيمَةِ الْمُثَلَّثَةِ عَلَى قِيمَةِ الْمُخَمَّسَةِ إلَى قِيمَةِ الْمُخَمَّسَةِ فَفِي الْكَلَامِ حَذْفُ بِقَدْرِ وَحَذْفُ قِيمَةِ وَحَذْفُ الْمَنْسُوبِ إلَيْهِ وَحَذْفُ مَا يُزَادُ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَنَا طَرِيقٌ إلَخْ) عِلَّةٌ فِي الْحَقِيقَةِ لِمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ إلَخْ الَّذِي هُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِنِسْبَةِ مَا بَيْنَ الدِّيَتَيْنِ (قَوْلُهُ فَتُقَوَّمُ الْمُثَلَّثَةُ حَالَّةً) أَيْ فَيُقَالُ مَا قِيمَةُ الدِّيَةِ مِنْ الْإِبِلِ حَالَةَ كَوْنِهَا مُخَمَّسَةً وَمَا قِيمَةُ الدِّيَةِ أَنْ لَوْ كَانَتْ مُثَلَّثَةً عَلَى حُلُولِهَا وَيُنْظَرُ مَا زَادَ بِنِسْبَةِ إحْدَاهُمَا إلَى الْأُخْرَى وَبِتِلْكَ النِّسْبَةِ يُزَادُ مِنْ الدِّيَةِ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُزَادُ عَلَى الدِّيَةِ الْمُخَمَّسَةِ مِثْلُ خُمُسِهَا) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ فَإِنَّ ذَلِكَ الزَّائِدَ يُنْسَبُ إلَى قِيمَةِ الْمُخَمَّسَةِ وَبِتِلْكَ النِّسْبَةِ يُزَادُ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ عَلَى الْأَلْفِ دِينَارٍ أَوْ الِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الدِّيَةُ الْمُرَبَّعَةُ) أَيْ أَنَّ الدِّيَةَ فِي الْعَمْدِ الَّذِي يُقْتَلُ بِهِ وَوَقَعَ أَنَّهُ حَصَلَ الْعَفْوُ فِيهِ فَالْوَاجِبُ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْأَلْفِ دِينَارٍ أَوْ الِاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُرَبَّعَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ أَنَّ الْمُرَبَّعَةَ لَمَّا قِيلَ فِيهَا إنَّهَا إذَا قُبِلَتْ تَكُونُ مُخَمَّسَةً مُؤَجَّلَةً رُوعِيَ هَذَا الْقَوْلُ فَلِذَلِكَ لَمْ تُغَلَّظْ فِي أَهْلِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ بِخِلَافِ الْمُثَلَّثَةِ
(قَوْلُهُ وَالْمُرْتَدُّ) أَيْ سَوَاءٌ قُتِلَ فِي زَمَنِ الِاسْتِتَابَةِ أَوْ بَعْدَهَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ
كِتَابٌ وَلَوْ كَانَ حَرْبِيًّا لِأَنَّهُ قَدْ مَرَّ اشْتِرَاطُ الْعِصْمَةِ وَاحْتُرِزَ بِذَلِكَ عَنْ الْحَرْبِيِّ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَالْمُعَاهَدُ وَلَوْ كَانَ مَجُوسِيًّا وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا سَيَأْتِي بَلْ الْمُرَادُ بِهِ مَنْ لَهُ كِتَابٌ سَوَاءٌ كَانَ تَحْتَ ذِمَّتِنَا أَمْ لَا وَالْمُرَادُ بِالْكِتَابِيِّ الذِّمِّيُّ فَهُوَ أَعَمُّ مِمَّا قَبْلَهُ فَإِنْ قِيلَ الْمَجُوسِيُّ الْآتِي غَيْرُ الْمُعَاهَدِ بِدَلِيلِ مَا هُنَا فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْمَجُوسِيَّ غَيْرُ الْمُعَاهَدِ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ دِيَةٌ إذْ هُوَ غَيْرُ مَعْصُومٍ وَبِعِبَارَةٍ هُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ أَيْ الْعَامِّ بِاعْتِبَارِ الْمَفْهُومِ فَإِنَّ مَفْهُومَ الْمُعَاهَدِ أَعَمُّ مِنْ الْكِتَابِيِّ لَا بِاعْتِبَارِ الْحُكْمِ الْفِقْهِيِّ فَإِنَّهُ خَاصٌّ بِالْكِتَابِيِّ أَيْ وَالْمُعَاهَدُ أَيْ وَلَوْ كِتَابِيًّا لِأَنَّ الْمُعَاهَدَ لَا يَكُونُ فِيهِ نِصْفَ دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ إلَّا إذَا كَانَ كِتَابِيًّا وَأَمَّا لَوْ كَانَ مَجُوسِيًّا فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا دِيَةُ مَجُوسِيٍّ وَالْعَطْفُ أَمْرٌ لُغَوِيٌّ فَالْعُمُومُ لِتَصْحِيحِ الْعَطْفِ وَإِلَّا كَانَ فِيهِ عَطْفُ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ لَا الْحُكْمِ الْفِقْهِيِّ (ص) وَأُنْثَى كُلٍّ كَنِصْفِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ أُنْثَى كُلِّ صِنْفٍ مِمَّنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ ذُكُورِهِمْ فَدِيَةُ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ مِنْ الْبَادِي خَمْسُونَ بَعِيرًا وَمِنْ الذَّهَبِ خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ وَمِنْ الْوَرِقِ سِتَّةُ آلَافِ دِرْهَمٍ وَنِسَاءُ الْكِتَابِيِّينَ عَلَى النِّصْفِ مِنْ ذَلِكَ وَدِيَةُ الْمَجُوسِيَّةِ وَالْمُرْتَدَّةِ أَرْبَعُمِائَةِ دِرْهَمٍ
(ص) وَفِي الرَّقِيقِ قِيمَتُهُ وَإِنْ زَادَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَتَلَ رَقِيقًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ وَلَوْ زَادَتْ عَلَى دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ لِأَنَّ الرَّقِيقَ مَالٌ فَهُوَ كَسِلْعَةٍ أَتْلَفَهَا شَخْصٌ فَيَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا فَقَوْلُهُ وَفِي الرَّقِيقِ إلَخْ الْوَاوُ لِلِاسْتِئْنَافِ أَيْ وَالْوَاجِبُ فِي الرَّقِيقِ قِيمَتُهُ عَلَى أَنَّهُ رَقِيقٌ وَلَوْ أُمَّ وَلَدٍ أَوْ مُبَعَّضًا سَوَاءٌ كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً أَوْ عَمْدًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْجَانِي مُكَافِئًا لَهُ فَيُقْتَلُ بِهِ
(ص) وَفِي الْجَنِينِ وَإِنْ عَلَقَةً عُشْرُ أُمِّهِ وَلَوْ أَمَةً (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجَنِينَ مِنْ حَيْثُ هُوَ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ إذَا انْفَصَلَ عَنْ أُمِّهِ مَيِّتًا أَيْ غَيْرِ مُسْتَهِلٍّ وَهِيَ حَيَّةٌ فَإِنَّهُ يَجِبُ فِيهِ عُشْرُ أُمِّهِ أَيْ عُشْرِ دِيَتِهَا أَوْ عُشْرُ قِيمَتِهَا إنْ كَانَتْ أَمَةً وَسَوَاءٌ كَانَ الْجَنِينُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى ضَرَبَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً كَانَ الضَّارِبُ أَبًا أَوْ غَيْرَهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الِانْفِصَالُ عَنْ ضَرْبٍ أَوْ تَخْوِيفٍ أَوْ شَمِّ شَيْءٍ بِشَرْطِ أَنْ تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ أَنَّهَا مِنْ التَّخْوِيفِ أَوْ الشَّمِّ لَزِمَتْ الْفِرَاشُ إلَى أَنْ سَقَطَتْ وَتَشْهَدُ الْبَيِّنَةُ عَلَى السَّقْطِ أَيْضًا وَالْمُرَادُ بِالْعَلَقَةِ الدَّمُ الْمُجْتَمِعُ الَّذِي إذَا صُبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ الْحَارُّ لَا يَذُوبُ لَا الدَّمُ الْمُجْتَمِعُ الَّذِي إذَا صُبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ الْحَارُّ يَذُوبُ لِأَنَّ هَذَا لَا شَيْءَ فِيهِ فَلَا يُقَدَّرُ قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَإِنَّمَا يُقَدَّرُ قَبْلَهَا الْمُضْغَةُ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَقَةً بَلْ كَانَ مُضْغَةً بَلْ وَإِنْ عَلَقَةً مِنْ الْعُلُوقِ وَهُوَ الِاتِّصَالُ لِأَنَّ بَعْضَهَا اتَّصَلَ بِبَعْضٍ وَكَلَامُ تت فِيهِ نَظَرٌ وَقَوْلُهُ عُشْرُ أُمِّهِ إنْ قُدِّرَ عُشْرُ دِيَةِ أُمِّهِ فَسَدَ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ أَمَةً وَإِنْ قُدِّرَ عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ فَسَدَ فِيمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَالشَّامِلُ لَهُمَا عُشْرُ وَاجِبِ أُمِّهِ وَقَوْلُهُ أَمَةً أَيْ وَهُوَ مِنْ زَوْجٍ حُرٍّ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ زِنًا وَأَمَّا مِنْ سَيِّدِهَا فَسَيَأْتِي وَأَشَارَ بِلَوْ لِرَدِّ قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ فِي جَنِينِهَا مَا نَقَصَهَا إذْ هِيَ مَالٌ كَسَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ (ص) نَقْدًا أَوْ غُرَّةُ عَبْدٍ أَوْ وَلِيدَةٍ تُسَاوِيهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجَانِيَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ دَفَعَ مِثْلَ عُشْرِ دِيَةِ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ تَحْتَ ذِمَّتِنَا) أَيْ عَلَى الدَّوَامِ كَالنَّصَارَى السَّاكِنِينَ فِي بِلَادِنَا أَمْ لَا أَيْ بِأَنْ كَانَ يَأْتِي عِنْدَنَا لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ وَيَذْهَبُ لِبِلَادِهِ فَعَلَى كُلِّ حَالٍ دَمُهُ مَعْصُومٌ وَإِلَّا بِأَنْ فُقِدَ هَذَانِ الْأَمْرَانِ فَهُوَ حَرْبِيٌّ دَمُهُ هَدَرٌ وَقَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْكِتَابِيِّ الذِّمِّيُّ أَيْ الَّذِي هُوَ مَاكِثٌ عِنْدَنَا عَلَى الدَّوَامِ وَقَوْلُهُ فَهُوَ أَعَمُّ أَيْ الْمُعَاهَدُ أَعَمُّ مِنْ الْكِتَابِيِّ بِالِاعْتِبَارِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ الْمَجُوسِيُّ الْآتِي) أَيْ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ وَالْمَجُوسِيُّ وَالْمُرْتَدُّ فَهُوَ آتٍ بِاعْتِبَارِ مَا قَبْلَهُ وَقَوْلُهُ غَيْرُ الْمُعَاهَدِ أَيْ وَيُرَادُ بِالْمُعَاهَدِ الْمَجُوسِيُّ الَّذِي عَاهَدَنَا وَقَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَجُوسِيَّ أَيْ وَأَيْضًا الْمَجُوسِيُّ الْمُعَاهَدُ لَيْسَ فِيهِ نِصْفُ دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ وَقَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ هَذِهِ الْعِبَارَةُ مُغَايِرَةٌ لِلْعِبَارَةِ الْأُولَى
(قَوْلُهُ فَإِنَّ مَفْهُومَ الْمُعَاهَدِ أَعَمُّ مِنْ الْكِتَابِيِّ) أَيْ لِأَنَّ مَدْلُولَ الْمُعَاهَدِ مَنْ عَاهَدْنَاهُ عَلَى الْإِقَامَةِ وَحِفْظِ نَفْسِهِ وَمَالِهِ وَهَذَا فِي حَدِّ ذَاتِهِ صَادِقٌ بِالْمَجُوسِيِّ وَالْكِتَابِيِّ فَيُقَالُ إنَّهُ حِينَئِذٍ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ الْمَفْهُومِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُرَادًا مِنْ حَيْثُ الْفِقْهُ بَلْ مِنْ حَيْثُ الْفِقْهُ يُرَادُ مَا أُرِيدَ مِنْ الْكِتَابِيِّ وَهُوَ النَّصْرَانِيُّ أَوْ الْيَهُودِيُّ الْمُؤَمَّنُ إمَّا عَلَى الدَّوَامِ أَوْ مُدَّةً وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ عَطْفٌ مُغَايِرٌ بِاعْتِبَارِ الْمَفْهُومِ وَإِنْ كَانَ مِنْ عَطْفِ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ حَيْثُ الْفِقْهُ وَلَا يَضُرُّ هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا تَكَلُّفٌ فَالْأَحْسَنُ الْعِبَارَةُ الْأُولَى وَقَوْلُهُ لَا الْحُكْمُ الْفِقْهِيُّ مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْنَى مَا تَقَدَّمَ أَيْ الْعُمُومُ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ الْمَنْظُورِ لَهُ بِاعْتِبَارِ الْعَطْفِ لَا بِاعْتِبَارِ الْحُكْمِ الْفِقْهِيِّ فَإِنَّهُ مِنْ عَطْفِ الشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ كَمَا بَيَّنَّا وَقَوْلُهُ أَيْ وَلَوْ كِتَابِيًّا الْوَاوُ لِلْحَالِ وَقَوْلُهُ وَأُنْثَى أَيْ وَدِيَةُ أُنْثَى كُلِّ ذَكَرٍ نِصْفُ دِيَةِ ذَلِكَ الذَّكَرِ
(قَوْلُهُ أَوْ عُشْرُ قِيمَتِهَا) فِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ أَنَّ الْقِيمَةَ تُعْتَبَرُ وَقْتَ الضَّرْبِ وَفِي تَقْرِيرٍ آخَرَ يَوْمَ الْإِلْقَاءِ وَبَعْضٌ نَظَرَ (قَوْلُهُ أَبًا) أَيْ أَوْ أُمًّا ضَرَبَتْ بَطْنَ نَفْسِهَا قِيلَ فِيهَا الْغُرَّةُ (قَوْلُهُ أَوْ شَمِّ شَيْءٍ) وَيَجِبُ عَلَى الْجِيرَانِ أَنْ يَدْفَعُوا لَهَا شَيْئًا مِنْ ذِي الرَّائِحَةِ إنْ طَلَبَتْ مِنْهُمْ أَوْ عَلِمُوا أَنَّهَا حَامِلٌ وَأَنَّ عَدَمَ أَكْلِهَا أَوْ شُرْبِهَا مِنْ ذِي الرَّائِحَةِ يَضُرُّهَا فَإِنْ لَمْ يَدْفَعُوا لَهَا فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ فَإِنَّهُمْ يَضْمَنُونَ الْغُرَّةَ وَقَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَمِثْلُ الضَّرْبِ الرَّائِحَةُ كَرَائِحَةِ الْمِسْكِ وَالسَّرَابِ لَكِنْ الضَّمَانُ عَلَى السُّرْيَانِيَّةِ وَعَلَى الصَّانِعِ لَا عَلَى رَبِّ الْكَنِيفِ فَلَوْ نَادَوْا بِالسَّرَابِ وَمَكَثَتْ الْأُمُّ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَيْهَا الْغُرَّةُ (قَوْلُهُ وَكَلَامُ تت فِيهِ نَظَرٌ) وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَالَ وَفِي الْجَنِينِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَقَةً بِأَنْ كَانَ دَمًا مُجْتَمَعًا لَا يُذِيبُهُ الْمَاءُ الْحَارُّ بَلْ وَإِنْ كَانَ عَلَقَةً انْتَهَى وَوَجْهُ النَّظَرِ أَنَّ الَّذِي وَضَّحَهُ بِقَوْلِهِ بِأَنْ كَانَ إلَخْ غَيْرُ الْعَلَقَةِ مَعَ أَنَّهُ الْعَلَقَةُ
(قَوْلُهُ نَقْدًا) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا أَيْ حَالَةَ كَوْنِ عُشْرِ وَاجِبِ أُمِّهِ نَقْدًا أَيْ مَنْقُودًا أَيْ حَالًّا لَا مُؤَجَّلًا وَعَيْنًا لَا عَرَضًا وَلَا مُقَوَّمًا وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَمْيِيزَ نِسْبَةٍ لِأَنَّ عُشْرَ أُمِّهِ فِيهِ إجْمَالٌ أَيْ مِنْ جِهَةِ النَّقْدِ لَكِنْ جَعْلُهُ حَالًا أَظْهَرُ (قَوْلُهُ تُسَاوِيهِ) الضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ
الْأُمِّ مِنْ الْعَيْنِ حَالًّا وَإِنْ شَاءَ دَفَعَ الْغُرَّةَ وَهِيَ عَبْدٌ أَوْ جَارِيَةٌ تُسَاوِي الْعُشْرَ وَهَذَا فِي جَنِينِ الْحُرَّةِ وَأَمَّا جَنِينُ الْأَمَةِ فَيَتَعَيَّنُ النَّقْدُ وَيَكُونُ فِي مَالِ الْجَانِي حَيْثُ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً وَلَمْ تَبْلُغْ الْغُرَّةُ الثُّلُثَ وَإِلَّا فَهِيَ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَقَوْلُهُ عَبْدٍ إلَخْ بَدَلٌ مِنْ غُرَّةٍ وَعَبَّرَ عَنْ الْأُنْثَى بِالْوَلِيدَةِ لِصِغَرِهَا
(ص) وَالْأَمَةُ مِنْ سَيِّدِهَا، وَالنَّصْرَانِيَّة مِنْ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ كَالْحُرَّةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ جَنِينَ الْأَمَةِ مِنْ سَيِّدِهَا الْحُرِّ الْمُسْلِمِ كَجَنِينِ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ فَفِيهِ عُشْرُ دِيَتِهَا وَكَذَلِكَ الْيَهُودِيَّةُ أَوْ النَّصْرَانِيَّةُ مِنْ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ إذَا تَزَوَّجَتْ بِهِ كَجَنِينِ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ لِأَنَّهُ حُرٌّ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ مُسْلِمٌ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ فَفِيهِ عُشْرُ دِيَةِ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ فَقَوْلُهُ وَالْأَمَةُ أَيْ وَجَنِينُ الْأَمَةِ وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ كَالْحُرَّةِ أَنَّ السَّيِّدَ حُرٌّ وَأَمَّا لَوْ كَانَ رَقِيقًا فَفِيهِ عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ وَلَا مَفْهُومَ لِسَيِّدِهَا بَلْ حَيْثُ كَانَ وَلَدُهَا حُرًّا كَالْغَارَّةِ لِلْحُرِّ وَكَأَمَةِ الْجَدِّ فَحُكْمُهُمَا كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ كَالْحُرَّةِ رَاجِعٌ لَهُمَا أَيْ وَالْأَمَةُ مِنْ سَيِّدِهَا الْحَرِّ كَالْحُرَّةِ مِنْ أَهْلِ دِينِ سَيِّدِهَا مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا أَوْ النَّصْرَانِيَّةُ مِنْ زَوْجِهَا الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ كَالْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ زَوْجُهَا كَافِرًا فَكَالْحُرَّةِ مِنْ أَهْلِ دِينِهِ وَاخْتُلِفَ فِي النَّصْرَانِيَّةِ يَتَزَوَّجُهَا مَجُوسِيٌّ وَبِالْعَكْسِ هَلْ لِجَنِينِهَا حُكْمُ أَبِيهِ أَوْ حُكْمُ أُمِّهِ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَاسْتَشْكَلَ التَّشْبِيهُ بِأَنَّ فِيهِ تَشْبِيهَ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ إذْ النَّصْرَانِيَّةُ حُرَّةٌ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحُرَّةِ هُنَا الْمُسْلِمَةُ فَانْتَفَى مَا ذُكِرَ
(ص) إنْ زَايَلَهَا كُلُّهُ حَيَّةً إلَّا أَنْ يَحْيَا فَالدِّيَةُ إنْ أَقْسَمُوا وَلَوْ مَاتَ عَاجِلًا (ش) يَعْنِي أَنَّ شَرْطَ الْجَنِينِ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الْغُرَّةُ أَنْ يَنْفَصِلَ عَنْ أُمِّهِ مَيِّتًا وَهِيَ حَيَّةٌ فَلَوْ انْفَصَلَ كُلُّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا أَوْ بَعْضُهُ فِي حَيَاتِهَا وَبَعْضُهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ فِيهِ شَيْءٌ فَلَوْ جَنَى عَلَى امْرَأَةٍ حَامِلٍ جِنَايَةَ خَطَأٍ فَأَلْقَتْ جَنِينَهَا حَيًّا أَيْ اسْتَهَلَّ صَارِخًا ثُمَّ مَاتَ وَسَوَاءٌ خَرَجَ مِنْهَا فِي حَالِ حَيَاتِهَا أَوْ بَعْدَ مَمَاتِهَا فَإِنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ الدِّيَةُ إنْ أَقْسَمُوا أَيْ وُلَاتُهُ عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ مَاتَ الْجَنِينُ عَاجِلًا بِخِلَافِ الْجَنِينِ الْكَبِيرِ فَإِنَّهُ لَا قَسَامَةَ فِيهِ إذَا مَاتَ عَاجِلًا وَالْفَرْقُ أَنَّ الصَّغِيرَ لِضَعْفِهِ يُسْرِعُ الْمَوْتُ إلَيْهِ بِأَدْنَى سَبَبٍ فَإِنْ لَمْ يُقْسِمُوا فَلَهُمْ الْغُرَّةُ كَمَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ ثُمَّ نَزَا مِنْهَا فَمَاتَ وَأَبَوْا أَنْ يُقْسِمُوا فَلَهُمْ دِيَةُ الْيَدِ وَالِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ إنْ زَايَلَهَا لِأَنَّ ظَاهِرَهُ سَوَاءٌ انْفَصَلَ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا اُسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ مَا إذَا انْفَصَلَ حَيًّا
(ص) وَإِنْ تَعَمَّدَهُ بِضَرْبِ ظَهْرٍ أَوْ بَطْنٍ أَوْ رَأْسٍ فَفِي الْقِصَاصِ خِلَافٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجَانِيَ إذَا تَعَمَّدَ الْجَنِينَ بِضَرْبِ بَطْنِ أُمِّهِ أَوْ ظَهْرِهَا أَوْ رَأْسِهَا فَنَزَلَ حَيًّا ثُمَّ مَاتَ فَقِيلَ يُقْتَصُّ مِنْ الْجَانِي بِقَسَامَةٍ وَقِيلَ الْوَاجِبُ فِيهِ الدِّيَةُ فِي مَالِ الْجَانِي أَيْ بِقَسَامَةٍ قَالُوا وَالْعِلَّةُ فِي إلْحَاقِ الرَّأْسِ بِالْبَطْنِ أَنَّ فِي الرَّأْسِ عِرْقًا يُسَمَّى عِرْقَ الْأَبْهَرِ وَاصِلٌ إلَى الْقَلْبِ فَمَا أَثَّرَ فِي الرَّأْسِ أَثَّرَ فِي الْقَلْبِ بِخِلَافِ الْيَدِ وَنَحْوِهَا لَكِنْ الرَّاجِحُ فِي مَسْأَلَةِ الرَّأْسِ عَدَمُ الْقِصَاصِ وَفِي مَسْأَلَةِ الْبَطْنِ وَالظَّهْرِ الْقِصَاصُ بِقَسَامَةٍ فِيهِمَا وَهَذَا مَا عَدَا الْأَبِ وَأَمَّا هُوَ فَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْقِصَاصِ إلَّا إذَا تَعَمَّدَ ضَرْبَ الْبَطْنِ خَاصَّةً (ص) وَتَعَدَّدَ الْوَاجِبُ بِتَعَدُّدِهِ (ش) أَلْ لِلْعَهْدِ الذِّكْرِيِّ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْوَاجِبَ الْمُتَقَدِّمَ ذِكْرُهُ وَهُوَ الْغُرَّةُ وَالْعُشْرُ إنْ نَزَلَ الْجَنِينُ مَيِّتًا وَالدِّيَةُ مَعَ الْقَسَامَةِ إنْ نَزَلَ حَيًّا أَيْ اسْتَهَلَّ صَارِخًا ثُمَّ مَاتَ يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْجَنِينِ (ص) وَوَرِثَتْ عَلَى الْفَرَائِضِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْغُرَّةَ الْمَذْكُورَةَ تُورَثُ عَلَى فَرَائِضِ
ــ
[حاشية العدوي]
فِي تُسَاوِيهِ عَائِدٌ عَلَى الرَّقَبَةِ كَانَتْ رَقَبَةَ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ وَالْمُرَادُ يُسَاوِي الْعُشْرَ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ يُسَاوِي الْعُشْرَ إلَّا اثْنَيْنِ يُؤْخَذُ ذَلِكَ فَالْمُرَادُ بِالْعَبْدِ وَالْوَلِيدَةِ الْجِنْسُ كَذَا فِي ك وَظَاهِرُهُ أَنَّ التَّخْيِيرَ لِلْجَانِي لَا لِمُسْتَحِقِّهَا (قَوْلُهُ وَيَكُونُ فِي مَالِ الْجَانِي) أَيْ يَكُونُ مَا ذُكِرَ مِنْ الْعُشْرِ وَنَحْوِهِ الشَّامِلُ لِجَنِينِ الْحُرَّةِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَهِيَ عَلَى الْعَاقِلَةِ) يُتَصَوَّرُ فِي تَعَدُّدِ الْجَنِينِ (قَوْلُهُ وَعَبَّرَ عَنْ الْأُنْثَى بِالْوَلِيدَةِ لِصِغَرِهَا) أَيْ وَأَقَلُّ عُمْرُهَا سَبْعُ سِنِينَ لِأَنَّهَا الَّتِي تُثْغِرُ عِنْدَهَا حَتَّى تَجُوزَ التَّفْرِقَةُ
(قَوْلُهُ فَفِيهِ عُشْرُ دِيَتِهَا) أَيْ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ لَا عُشْرُ دِيَةِ أَمَةٍ إذْ لَا دِيَةَ لَهَا (قَوْلُهُ وَاسْتَشْكَلَ إلَخْ) الْإِشْكَالُ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ وَالنَّصْرَانِيُّ مِنْ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ وَقَوْلُهُ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحُرَّةِ هُنَا الْمُسْلِمَةُ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِي الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ وَالنَّصْرَانِيُّ مِنْ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ
(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَحْيَا إلَخْ) لَوْ قَالَ إلَّا أَنْ يَسْتَهِلَّ لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّهُ لَوْ نَزَلَ حَيًّا غَيْرَ مُسْتَهِلٍّ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الْأَدَبُ وَالْغُرَّةُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ فَقَالَ لَوْ خَرَجَ وَلَمْ يَسْتَهِلَّ حَتَّى قَتَلَهُ رَجُلٌ لَا قَوَدَ فِيهِ وَإِنَّمَا فِيهِ الْغُرَّةُ وَعَلَى قَاتِلِهِ الْأَدَبُ فَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ كَذَا قَالَ عج قَوْلُهُ وَلَوْ مَاتَ عَاجِلًا أَيْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ الْقَائِلِ بِعَدَمِ الْقَسَامَةِ حِينَئِذٍ لِأَنَّ مَوْتَهُ عَاجِلًا قَرِينَةٌ عَلَى مَوْتِهِ بِالضَّرْبِ
(قَوْلُهُ فَلَوْ جَنَى إلَخْ) لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ وَكَذَا عَمْدًا لِأَنَّ الْقِصَاصَ إنَّمَا هُوَ فِي تَعَمُّدِ ضَرْبِ الْبَطْنِ وَالظَّهْرِ لَا فِي الرَّأْسِ عَلَى مَا سَيَأْتِي وَلَا فِي الْيَدِ وَالرِّجْلِ وَنَحْوِهِمَا (قَوْلُهُ أَيْ اسْتَهَلَّ صَارِخًا) أَيْ أَوْ رَضَعَ كَثِيرًا أَوْ تَطُولُ حَيَاتُهُ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْجَنِينِ الْكَبِيرِ إلَخْ) أَرَادَ بِهِ الطِّفْلَ الصَّغِيرَ وَسَمَّاهُ جَنِينًا بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ (قَوْلُهُ فَلَهُمْ الْغُرَّةُ) هَذَا خِلَافُ الْمُعْتَمَدِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنْ لَا غُرَّةَ لَهُمْ (قَوْلُهُ وَالِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ إلَخْ) لَا يَظْهَرُ الِاتِّصَالُ إذَا انْفَصَلَ الْجَنِينُ حَيًّا إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْأُمُّ حَيَّةً أَوْ مَيِّتَةً
(قَوْلُهُ أَيْ بِقَسَامَةٍ) فَلَوْ امْتَنَعُوا مِنْ الْقَسَامَةِ فِي فَرْضِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ مَا إذَا اسْتَهَلَّ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُمْ لَا دِيَةَ وَلَا غُرَّةَ لِأَنَّهُمْ أَعْرَضُوا عَمَّا وَصَلَهُمْ بِتَرْكِ الْقَسَامَةِ وَلَا يُقَالُ أَقَلُّ أَحْوَالِهِمْ أَنْ تَجِبَ فِيهِ الْغُرَّةُ لِأَنَّا نَقُولُ شَرَطُوا فِي الْغُرَّةِ شَرْطًا وَفُقِدَ هُنَا وَهُوَ نُزُولُهُ مَيِّتًا وَقَدْ نَزَلَ حَيًّا (قَوْلُهُ لَكِنْ الرَّاجِحُ فِي مَسْأَلَةِ الرَّأْسِ عَدَمُ الْقِصَاصِ) وَإِنَّمَا فِيهِ الدِّيَةُ بِقَسَامَةٍ لِبُعْدِ الرَّأْسِ عَنْ مَحَلِّ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا تَعَمَّدَ ضَرْبَ الْبَطْنِ خَاصَّةً) أَيْ وَقَصَدَ الْقَتْلَ فَلَا بُدَّ مِنْ هَذَيْنِ الْقَيْدَيْنِ فِي حَقِّ الْأَبِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَقَصْدُ الضَّرْبِ كَافٍ
اللَّهِ تَعَالَى فَرْضًا وَتَعْصِيبًا وَبِعِبَارَةٍ: أَيْ وَوَرِثَتْ الْوَاجِبَاتِ مِنْ عُشْرٍ وَغُرَّةٍ وَدِيَةٍ وَلَوْ تَعَدَّدَتْ بِتَعَدُّدِ الْجَنِينِ
(ص) وَفِي الْجِرَاحِ حُكُومَةٌ بِنِسْبَةِ نُقْصَانِ الْجِنَايَةِ إذَا بَرِئَ مِنْ قِيمَتِهِ عَبْدًا فَرْضًا مِنْ الدِّيَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ جِرَاحَ الْخَطَأِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا دِيَةٌ مُقَدَّرَةٌ تَجِبُ فِيهَا الْحُكُومَةُ وَكَذَلِكَ جِرَاحُ الْعَمْدِ الَّتِي لَا قِصَاصَ فِيهَا وَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مُقَدَّرٌ كَعَظْمِ الصَّدْرِ وَهَشْمِ الْفَخْذِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَفِيهَا حُكُومَةٌ بِأَنْ يُقَوَّمَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بَعْدَ بُرْئِهِ خَوْفَ أَنْ يَتَرَامَى إلَى النَّفْسِ أَوْ إلَى مَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ عَبْدًا سَالِمًا بِعَشَرَةٍ مَثَلًا ثُمَّ يُقَوَّمَ ثَانِيًا مَعِيبًا بِتِسْعَةٍ مَثَلًا فَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ هُوَ الْعُشْرُ فَيَجِبُ عَلَى الْجَانِي نِسْبَةُ ذَلِكَ مِنْ الدِّيَةِ وَهُوَ عُشْرُ الدِّيَةِ فَالْمُرَادُ بِالْحُكُومَةِ الْحُكْمُ أَيْ الْمَحْكُومُ بِهِ وَقَوْلُهُ بِنِسْبَةٍ الْبَاءُ بَاءُ الْمُلَابَسَةِ وَقَوْلُهُ إذَا ظَرْفُ زَمَانٍ مُتَعَلِّقٌ بِقِيمَتِهِ بِمَعْنَى تَقْوِيمٍ فَهُوَ ظَرْفٌ مُقَدَّمٌ عَلَى عَامِلِهِ وَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهُ عَنْهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعَامِلِ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَى مَعْمُولِهِ وَقَوْلُهُ مِنْ قِيمَتِهِ مُتَعَلِّقٌ بِنُقْصَانٍ وَقَوْلُهُ عَبْدًا حَالٌ مِنْ الضَّمِيرِ الْبَارِزِ فِي قِيمَتِهِ أَيْ حَالَ كَوْنِهِ مَفْرُوضًا عُبُودِيَّتُهُ لَا حُرِّيَّتُهُ وَقَوْلُهُ مِنْ الدِّيَةِ مُتَعَلِّقٌ بِنِسْبَةٍ
(ص) كَجَنِينِ الْبَهِيمَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبَهِيمَةَ إذَا ضُرِبَ بَطْنُهَا مَثَلًا فَأَلْقَتْ جَنِينًا فَنَقَصَتْ بِسَبَبِهِ فَإِنَّهَا تُقَوَّمُ سَالِمَةً وَمَعِيبَةً وَيَكُونُ فِيهَا مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهَا سَلِيمَةً فَالتَّشْبِيهُ فِي قَوْلِهِ حُكُومَةٌ سَوَاءٌ أَلْقَتْ الْجَنِينَ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا لَكِنْ إنْ نَزَلَ مَيِّتًا فَلَا شَيْءَ فِيهِ وَإِنْ نَزَلَ حَيًّا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ مَعَ مَا نَقَصَ مِنْ الْأُمِّ كَمَا مَرَّ وَانْظُرْ هَلْ تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ الْآنَ أَوْ بَعْدَ الْبُرْءِ كَمَا فِي الْجِرَاحِ وَهُوَ الظَّاهِرُ
(ص) إلَّا الْجَائِفَةَ وَالْآمَّةَ فَثُلُثٌ وَالْمُوضِحَةَ فَنِصْفُ عُشْرٍ (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ وَفِي الْجِرَاحِ حُكُومَةٌ فَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ أَيْ لَكِنْ هَذِهِ الْجِرَاحَاتُ قَدَّرَ الشَّارِعُ فِيهَا شَيْئًا مَعْلُومًا فَفِي الْجَائِفَةِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً ثُلُثُ الدِّيَةِ وَهِيَ مُخْتَصَّةٌ بِالْبَطْنِ وَبِالظَّهْرِ وَالْآمَّةُ وَهِيَ الَّتِي تُفْضِي إلَى الدِّمَاغِ فِيهَا ثُلُثٌ كَالْجَائِفَةِ وَهُوَ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَفِي الْمُوضِحَةِ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ وَهِيَ الَّتِي تُوَضِّحُ عَظْمَ الرَّأْسِ أَوْ الْجَبْهَةِ أَوْ الْخَدَّيْنِ قَوْلُهُ فَثُلُثٌ أَيْ فَثُلُثُ دِيَةِ الْخَطَأِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا مُخَمَّسَةٌ كَالدِّيَةِ الْكَامِلَةِ وَانْظُرْ هَلْ جِرَاحُ الْخَطَأِ كَالْأَصَابِعِ وَالْأَسْنَانِ كَذَلِكَ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَمْ لَا قَوْلُهُ وَالْمُوضِحَةُ أَيْ الْخَطَأُ وَفِي عَمْدِهَا الْقِصَاصُ وَمَا عَدَاهَا مِنْ جَائِفَةٍ وَآمَّةٍ وَمُنَقِّلَةٍ عَمْدُهُ وَخَطَؤُهُ سَوَاءٌ (ص) وَالْمُنَقِّلَةُ وَالْهَاشِمَةُ فَعُشْرٌ وَنِصْفُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُنَقِّلَةَ وَهِيَ الَّتِي يَطِيرُ فِرَاشُ الْعَظْمِ مِنْهَا لِأَجْلِ الدَّوَاءِ وَالْهَاشِمَةَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا عُشْرُ الدِّيَةِ وَنِصْفُ عُشْرِهَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ وَفِي كَلَامِ ابْنِ مَرْزُوقٍ مَا يُشْعِرُ بِتَرْجِيحِ مَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ فَإِنَّهُ قَالَ وَحَقُّهُ أَنْ لَا يَذْكُرَ هُنَا الْهَاشِمَةَ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى) هَذِهِ الْعِبَارَةُ أَحْسَنُ مِنْ الْأُولَى لِعُمُومِهَا وَلَا وَجْهَ لِتَخْصِيصِ الْأُولَى بِالْغُرَّةِ
(قَوْلُهُ بِنِسْبَةِ إلَخْ) إضَافَةُ نِسْبَةٍ إلَى نُقْصَانٍ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِلْمَفْعُولِ وَإِضَافَةُ نُقْصَانٍ لِلْجِنَايَةِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِلْفَاعِلِ بِتَأْوِيلٍ أَيْ مَا نَقَصَتْهُ الْجِنَايَةُ (قَوْلُهُ إذَا بَرِئَ) لَيْسَ خَاصًّا بِهَذِهِ بَلْ كُلُّ جُرْحٍ لَا يَعْقِلُ وَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ بِسَبَبِهِ إلَّا بَعْدَ الْبُرْءِ وَالتَّقْوِيمُ يَوْمَ الْحُكْمِ ك (قَوْلُهُ عَبْدًا فَرْضًا) أَيْ نَفْرِضُ ذَاتَهُ ذَاتَ عَبْدٍ بِالنَّظَرِ لِذَاتِهِ وَوَصْفِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ جَمِيلٌ أَوْ قَبِيحٌ بِأَنْ يُقَالَ لَوْ كَانَتْ هَذِهِ الذَّاتُ عَبْدًا مَا قِيمَتُهَا بِاعْتِبَارِ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِنْ الْأَوْصَافِ وَيُنْظَرُ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ وَقَوْلُهُ فَرْضًا أَيْ يُفْرَضُ فَرْضًا فَهُوَ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ
(قَوْلُهُ بِأَنْ يُقَوَّمَ) تَفْسِيرٌ لِلْحُكُومَةِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحُكُومَةِ الِاجْتِهَادُ لَا الْمَحْكُومُ بِهِ فَلَا يُنَاسِبُ مِنْ الشَّارِحِ أَنْ يُفَرِّعَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ بَعْدُ فَالْمُرَادُ بِالْحُكُومَةِ إلَخْ وَقَوْلُهُ خَوْفَ أَنْ يَتَرَامَى إلَى النَّفْسِ أَيْ فِي الْعَمْدِ وَقَوْلُهُ أَوْ إلَى مَا تَحْمِلُهُ أَيْ فِي الْخَطَأِ وَقَوْلُهُ عَبْدًا سَالِمًا أَيْ مَعَ مُلَاحَظَةِ مَا قَامَ بِهِ مِنْ أَوْصَافِ الْجَمَالِ وَالْقُبْحِ (قَوْلُهُ فَيَجِبُ عَلَى الْجَانِي نِسْبَةُ ذَلِكَ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ فَيَجِبُ عَلَى الْجَانِي مِثْلُ ذَلِكَ مِنْ الدِّيَةِ وَهُوَ عُشْرُهَا (قَوْلُهُ فَالْمُرَادُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ ابْنَ عَاشِرٍ قَدْ ذَكَرَ أَنَّ الْأَنْقَالَ اتَّفَقَتْ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحُكُومَةِ الِاجْتِهَادُ وَإِعْمَالُ الْفِكْرِ فِيمَا يَسْتَحِقُّهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مِنْ الْجَانِي وَحِينَئِذٍ فَلَا تَفْسِيرَ بِالْمَحْكُومِ بِهِ وَقَوْلُهُ بِنِسْبَةٍ الْبَاءُ بَاءُ الْمُلَابَسَةِ أَيْ مَحْكُومٌ بِهِ مُلْتَبِسٌ بِنِسْبَةٍ إلَخْ أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُعْرَفُ بِهَا أَقُولُ وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ مُتَعَلِّقًا بِ يُعْرَفُ مَحْذُوفًا أَيْ مَحْكُومٌ بِهِ يُعْرَفُ إلَخْ وَقَوْلُهُ إذَا مُتَعَلِّقٌ بِقِيمَتِهِ ثُمَّ أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ بِقِيمَتِهِ لَيْسَ مُؤَوَّلًا بِتَقْوِيمٍ كَمَا ادَّعَى فَلَا يَكُونُ الظَّرْفُ مُتَعَلِّقًا بِهِ بَلْ الْمُنَاسِبُ أَنْ يُعَلَّقَ بِقَوْلِهِ نِسْبَةً أَيْ أَنَّ النِّسْبَةَ وَقْتُ الْبُرْءِ (قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ بِنِسْبَةٍ) مِثْلُهُ لِابْنِ غَازِيٍّ أَيْ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ بَلْ هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ وَفِي الْجِرَاحِ مَحْكُومٌ بِهِ مَأْخُوذٌ مِنْ الدِّيَةِ مُلْتَبِسٌ بِنِسْبَةٍ إلَخْ أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّ ذَلِكَ الْمَأْخُوذَ مِنْ الدِّيَةِ يُعْرَفُ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ وَعَلَى مَا قُلْنَا مِنْ كَوْنِ الْعَامِلِ يُعْرَفُ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَالتَّقْدِيرُ وَفِي الْجِرَاحِ مَحْكُومٌ بِهِ يُؤْخَذُ مِنْ الدِّيَةِ يُعْرَفُ بِنِسْبَةٍ إلَخْ هَذَا كُلُّهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحُكُومَةِ الْمَحْكُومُ بِهِ وَأَمَّا إذَا مَشَيْنَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحُكُومَةِ الِاجْتِهَادُ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ النَّقْلُ فَالْمَعْنَى وَفِي الْجِرَاحِ اجْتِهَادٌ مُصَوَّرٌ بِأَنْ يُنْسَبَ مَا نَقَصَتْهُ الْجِنَايَةُ مِنْ الْقِيمَةِ إلَى الْقِيمَةِ ثُمَّ يُؤْخَذُ مِنْ الدِّيَةِ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ وَيَظْهَرُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ مِنْ الدِّيَةِ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وَهُوَ قَوْلُنَا ثُمَّ يُؤْخَذُ وَكَانَ الْمُصَنِّفُ يَقُولُ وَيَرْجِعُ فِي الْجِرَاحِ إلَى الِاجْتِهَادِ الْمَذْكُورِ وَتَبَيَّنَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ حَذَفَ الْمَنْسُوبَ إلَيْهِ
(قَوْلُهُ فَإِنَّهَا تُقَوَّمُ سَالِمَةً) أَيْ بَعْدَ الْبُرْءِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الزَّرْقَانِيُّ
(قَوْلُهُ فَفِي الْجَائِفَةِ) هِيَ مَا دَخَلَتْ لِلْجَوْفِ وَلَوْ مَدْخَلَ إبْرَةٍ فَمَا خَرَقَ جِلْدَةَ الْبَطْنِ وَلَمْ يَصِلْ لِلْجَوْفِ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا حُكُومَةٌ (قَوْلُهُ بِتَرْجِيحٍ إلَخْ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْمُنَقِّلَةَ هِيَ نَفْسُ الْهَاشِمَةِ وَأَنْ دِيَتَهُمَا وَاحِدَةٌ الْعُشْرُ وَنِصْفُ الْعُشْرِ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُقَابِلُ ذَلِكَ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَصَّارِ فِيهَا مَا فِي الْمُوضِحَةِ وَحُكُومَةٌ وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ مِنْ أَنَّ فِيهَا عُشْرًا وَمَا قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ عَنْ الْبَاجِيِّ
كَمَا فَعَلَ فِي الْقِصَاصِ لِأَنَّهَا هِيَ الْمُنَقِّلَةُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ سِيَّمَا مَعَ اتِّحَادِ دِيَتِهِمَا ثُمَّ بَالَغَ عَلَى أَنَّ فِي الْجِرَاحِ الْمَذْكُورَةِ مَا ذُكِرَ وَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ وَإِنْ بَرِئَتْ عَلَى شَيْنٍ أَيْ قُبْحٍ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ بِشَيْنٍ فِيهِنَّ) فَدَفَعَ بِالْمُبَالَغَةِ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ الزِّيَادَةِ وَلَوْ بَالَغَ عَلَى نَفْيِ الشَّيْنِ الدَّافِعِ لِتَوَهُّمِ النَّقْصِ كَانَ أَيْضًا ظَاهِرًا أَيْ فِي الْجِرَاحِ الْمَذْكُورَةِ مَا ذُكِرَ وَلَا يَنْقُصُ عَنْهُ وَإِنْ بَرِئَتْ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ وَلَعَلَّهُ اعْتَنَى بِشَأْنِ الْأُولَى لِأَنَّ النَّقْصَ يَقْتَضِي الْمُخَالَفَةَ لِمَا وَرَدَ فَلَا يُتَوَهَّمُ النَّقْصُ عَنْهُ بِخِلَافِ الزِّيَادَةِ فَالتَّوَهُّمُ فِيهَا أَكْثَرُ بِدَلِيلِ وُجُودِهِ فِي الْمُوضِحَةِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ الْمُوضِحَةُ فَإِنَّهَا إذَا بَرِئَتْ عَلَى شَيْنٍ وَهِيَ فِي الْوَجْهِ أَوْ الرَّأْسِ دَفَعَ دِيَتَهَا وَمَا حَصَلَ بِالشَّيْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ
(ص) إنْ كُنَّ بِرَأْسٍ أَوْ لَحْيٍ أَعْلَى (ش) يَعْنِي إنَّمَا يُؤْخَذُ الْقَدْرُ الْمَذْكُورُ فِي الْجِرَاحَاتِ الْمَذْكُورَةِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْجُرْحُ الْمَذْكُورُ فِي الرَّأْسِ أَوْ اللَّحْيِ الْأَعْلَى النَّابِتِ عَلَيْهَا الْأَسْنَانُ الْعُلْيَا وَهُوَ كُرْسِيُّ الْخَدِّ بِخِلَافِ الْأَسْفَلِ مَا عَدَا الْجَائِفَةِ فَإِنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِالظَّهْرِ وَالْبَطْنِ كَمَا مَرَّ فَقَوْلُهُ إنْ كُنَّ أَيْ مَجْمُوعُ الْجِرَاحَاتِ لَا جَمِيعُهَا وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا لِأَنَّ الْجَائِفَةَ لَا تَكُونُ بِرَأْسٍ وَلَا لَحْيٍ أَعْلَى وَقَوْلُهُ أَوْ لَحْيٍ أَعْلَى لَا يَتَأَتَّى فِي الْآمَّةِ فَهُوَ مِنْ بَابِ صَرْفِ الْكَلَامِ لِمَا يَصْلُحُ لَهُ
(ص) وَالْقِيمَةُ لِلْعَبْدِ كَالدِّيَةِ (ش) أَيْ وَالْقِيمَةُ لِلْعَبْدِ فِي جِرَاحَاتِهِ الْأَرْبَعَةِ كَالدِّيَةِ لِلْحُرِّ فِي النِّسْبَةِ فَمَا فِي جِرَاحَاتِ الْحُرِّ مَنْسُوبٌ إلَى دِيَتِهِ وَمَا فِي جِرَاحَاتِ الْعَبْدِ مَنْسُوبٌ إلَى قِيمَتِهِ فَفِي جَائِفَتِهِ وَآمَّتِهِ ثُلُثُ قِيمَتِهِ وَفِي مُوضِحَتِهِ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ وَفِي مُنَقِّلَتِهِ وَهَاشِمَتِهِ عُشْرُ قِيمَتِهِ وَنِصْفُ عُشْرِهَا وَمَا عَدَا الْجِرَاحَاتِ الْأَرْبَعِ مِنْ يَدٍ وَعَيْنٍ وَنَحْوِهِمَا فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا مَا نَقَصَهُ (ص) وَإِلَّا فَلَا تَقْدِيرَ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الْجِرَاحَاتُ الْمَذْكُورَةُ فِي الرَّأْسِ وَلَا فِي اللَّحْيِ الْأَعْلَى فَلَا تَقْدِيرَ فِيهَا مِنْ قِبَلِ الشَّارِعِ وَلَيْسَ فِيهَا إلَّا الِاجْتِهَادُ أَيْ الْحُكُومَةُ وَهِيَ اجْتِهَادُ الْحَاكِمِ فَإِنْ قِيلَ فَأَيْنَ الِاجْتِهَادُ الَّذِي فِي الْحُكُومَةِ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ فِي الْقِيمَةِ سَالِمًا وَمَعِيبًا كَذَا قِيلَ
(ص) وَتَعَدُّدُ الْوَاجِبِ بِجَائِفَةٍ نَفَذَتْ كَتَعَدُّدِ الْمُوضِحَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ وَالْآمَّةِ إنْ لَمْ تَتَّصِلْ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ بِفَوْرٍ فِي ضَرَبَاتٍ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الْجَائِفَةَ خَاصَّةٌ بِالْبَطْنِ وَبِالظَّهْرِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْوَاجِبَ فِيهَا ثُلُثُ الدِّيَةِ فَإِذَا ضَرَبَهُ فِي ظَهْرِهِ فَنَفَذَتْ إلَى بَطْنِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ فِي جَنْبِهِ فَنَفَذَتْ إلَى الْجَنْبِ الْآخَرِ فَإِنَّ الْوَاجِبَ فِيهَا يَتَعَدَّدُ فَيَكُونُ فِيهَا دِيَةُ جَائِفَتَيْنِ كَمَا أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْمُوضِحَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ وَالْآمَّةِ يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ مُوجِبِهِ أَمَّا تَعَدُّدُ الْوَاجِبِ فِي الْمُوضِحَةِ فَإِنَّمَا يَتَعَدَّدُ إذَا كَانَ مَا بَيْنَ الْمُوضِحَتَيْنِ سَالِمًا لَمْ يَبْلُغْ الْعَظْمَ بَلْ كَانَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مُنْفَصِلَةً عَنْ الْأُخْرَى وَكَذَا مَا بَعْدَهَا مِنْ مُنَقِّلَةٍ وَمَأْمُومَةٍ لَمْ تَبْلُغْ أُمَّ الدِّمَاغِ أَمَّا إذَا كَانَ مَا بَيْنَهُمَا وَصَلَ إلَى الْعَظْمِ أَوْ إلَى أُمِّ الدِّمَاغِ بِأَنْ كَانَتْ وَاحِدَةً مُتَّسِعَةً فَلَيْسَ فِيهَا إلَّا دِيَةٌ وَاحِدَةٌ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ مِنْ ضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ ضَرَبَاتٍ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ وَإِنْ بِفَوْرٍ فِي ضَرَبَاتٍ وَالْأَوْجَهُ وَإِنْ بِضَرَبَاتٍ فِي فَوْرٍ إذْ الضَّرْبُ لَيْسَ ظَرْفًا لِلْفَوْرِ بَلْ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْبَاءَ لِلظَّرْفِيَّةِ وَفِي لِلسَّبَبِيَّةِ أَيْ وَإِنْ فِي فَوْرٍ بِسَبَبِ ضَرَبَاتٍ
(ص) وَالدِّيَةُ فِي الْعَقْلِ أَوْ السَّمْعِ أَوْ الْبَصَرِ أَوْ النُّطْقِ أَوْ الصَّوْتِ أَوْ الذَّوْقِ أَوْ قُوَّةِ الْجِمَاعِ أَوْ نَسْلِهِ أَوْ تَجْذِيمِهِ أَوْ تَبْرِيصِهِ أَوْ تَسْوِيدِهِ أَوْ قِيَامِهِ وَجُلُوسِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ ضَرَبَ شَخْصًا عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَذَهَبَ عَقْلُهُ فَإِنَّهُ تَلْزَمُهُ الدِّيَةُ كَامِلَةً وَقَضَى بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَلَوْ جُنَّ مِنْ الشَّهْرِ يَوْمًا كَانَ لَهُ جَزْءٌ مِنْ ثَلَاثِينَ جُزْءًا مِنْ الدِّيَةِ وَإِنْ جُنَّ النَّهَارَ دُونَ اللَّيْلِ أَوْ بِالْعَكْسِ كَانَ لَهُ جَزْءٌ مِنْ سِتِّينَ جُزْءًا اهـ.
وَمَحَلُّ
ــ
[حاشية العدوي]
أَنَّ فِيهَا مَا فِي الْمُوضِحَةِ فَإِنْ صَارَتْ مُنَقِّلَةً فَخَمْسَةَ عَشَرَ فَإِنْ صَارَتْ مَأْمُومَةً فَثُلُثُ الدِّيَةِ (قَوْلُهُ سِيَّمَا مَعَ اتِّحَادِ دِيَتِهِمَا) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْحُكْمَ بِاتِّحَادِ دِيَتِهِمَا يُفِيدُ اتِّحَادَ الْحَقِيقَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ بِدَلِيلِ وُجُودِهِ فِي الْمُوضِحَةِ) أَيْ فَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا مِنْ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ فِي الْوَجْهِ وَالرَّأْسِ وَبَرِئَتْ عَلَى شَيْنٍ دَفَعَ دِيَتَهَا وَمَا حَصَلَ بِالشَّيْنِ وَقَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ مُقَابِلُهُ لَا زِيَادَةَ فِيهَا مُطْلَقًا وَهُوَ لِأَشْهَبَ وَمَا رَوَاهُ ابْنُ نَافِعٍ مِنْ أَنَّهُ يُزَادُ إلَّا أَنْ يَكُونَ شَيْئًا يَسِيرًا
(قَوْلُهُ إنْ لَمْ تَتَّصِلْ إلَخْ) رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ أَيْضًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَالْجَائِفَةُ كَذَلِكَ فِي التَّفْصِيلِ (قَوْلُهُ وَإِنْ بِفَوْرٍ إلَخْ) مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ هُوَ مَا إذَا تَعَدَّدَتْ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ وَأَمَّا إذَا تَعَدَّدَتْ بِضَرَبَاتٍ كُلِّ ضَرْبَةٍ فِي زَمَنٍ مِنْ غَيْرِ فَوْرِيَّةٍ فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ حُكْمُهَا اتَّصَلَتْ أَمْ لَا وَالِاتِّصَالُ فِي الْمُوضِحَةِ أَنْ يَكُونَ مَا بَيْنَ الْمُوضِحَتَيْنِ بَلَغَ الْعَظْمَ أَيْ أَوْضَحَهُ حَتَّى صَارَ شَيْئًا وَاحِدًا وَفِي الْمُنَقِّلَتَيْنِ أَنْ يَطِيرَ فِرَاشُ الْعَظْمِ مِنْ الدَّوَاءِ حَتَّى يَصِيرَ شَيْئًا وَاحِدًا وَفِي الْآمَّتَيْنِ أَنْ يُفْضِيَا لِلدِّمَاغِ حَتَّى يَصِيرَا شَيْئًا وَاحِدًا (قَوْلُهُ أَمَّا إذَا كَانَ مَا بَيْنَهُمَا وَصَلَ إلَى الْعَظْمِ) هَذَا رَاجِعٌ لِلْمُنْقَلَتَيْنِ وَقَوْلُهُ أَوْ إلَى أُمِّ الدِّمَاغِ رَاجِعٌ لِلْآمَّتَيْنِ
(قَوْلُهُ إذْ الضَّرْبُ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الْفَوْرَ فِي اللُّغَةِ الْفِعْلُ السَّرِيعُ ثُمَّ تُوُسِّعَ فِيهِ فَاسْتُعْمِلَ فِي الزَّمَانِ فَحَمَلَهُ هُنَا عَلَى الزَّمَانِ أَيْ وَإِنْ فِي زَمَنٍ بِسَبَبِ ضَرَبَاتٍ
(قَوْلُهُ أَوْ الصَّوْتِ إلَخْ) مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا بِانْفِرَادِهِ الدِّيَةَ وَحِينَئِذٍ فَلَوْ ضَرَبَهُ ضَرْبَةً ذَهَبَ مِنْهَا نُطْقُهُ وَصَارَ يُصَوِّتُ فَقَطْ ثُمَّ ضَرَبَهُ ضَرْبَةً ذَهَبَ فِيهَا صَوْتُهُ لَكَانَ فِي ذَلِكَ دِيَتَانِ (قَوْلُهُ أَوْ قُوَّةِ الْجِمَاعِ) وَلَا يَنْدَرِجُ فِي دِيَةِ الصُّلْبِ وَإِنْ كَانَ قُوَّةُ الْجِمَاعِ فِيهِ فَعَلَيْهِ دِيَتَانِ فِي ضَرْبِ صُلْبِهِ فَأَبْطَلَهُ وَجِمَاعَهُ (قَوْلُهُ كَانَ لَهُ جَزْءٌ مِنْ سِتِّينَ جُزْءًا) لَا يَخْفَى أَنَّ ظَاهِرَ هَذَا أَنَّهُ لَا يُرَاعَى طُولُ النَّهَارِ وَلَا قِصَرُهُ وَلَا طُولُ اللَّيْلِ وَلَا قِصَرُهُ حَيْثُ كَانَ يَحْصُلُ لَهُ الْجُنُونُ فِي اللَّيْلِ فَقَطْ أَوْ فِي النَّهَارِ فَقَطْ وَكَيْفَ يُجْعَلُ اللَّيْلُ الطَّوِيلُ إذَا كَانَ يُجَنُّ فِيهِ مُسَاوِيًا لِلنَّهَارِ الْقَصِيرِ وَالنَّهَارُ الْقَصِيرُ إذَا كَانَ يُجَنُّ فِيهِ مُسَاوِيًا لِلَّيْلِ الطَّوِيلِ وَأَجَابَ بَعْضُ شُيُوخِنَا بِأَنَّ اللَّيْلَ الطَّوِيلَ وَالنَّهَارَ الْقَصِيرَ لَمَّا عَادَ لَهُمَا مَا يَأْتِي مِنْ لَيْلٍ قَصِيرٍ وَنَهَارٍ طَوِيلٍ صَارَ أَمَدُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مُتَسَاوِيًا فَلَمْ يُعَوِّلُوا عَلَى
الْعَقْلِ الْقَلْبُ عَلَى الْمَشْهُورِ لَا الرَّأْسُ فَإِذَا ضَرَبَهُ ضَرْبَةً أَوْضَحَهُ فَذَهَبَ عَقْلُهُ فَتَلْزَمُهُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ لِلْعَقْلِ وَنِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ الْمُوضِحَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَعَلَى الْآخَرِ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا دِيَةُ الْعَقْلِ فَقَطْ لِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ إلَّا الْمَنْفَعَةَ بِمَحَلِّهَا وَهَذَا وَمَا بَعْدَهُ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ حُرًّا أَمَّا لَوْ كَانَ عَبْدًا فَإِنَّمَا عَلَى الْجَانِي مَا نَقَصَهُ فَقَطْ وَكَذَلِكَ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى مَنْ فَعَلَ بِشَخْصٍ فِعْلًا فَذَهَبَ بِسَبَبِهِ سَمْعُهُ أَوْ بَصَرُهُ أَوْ نُطْقُهُ وَهُوَ صَوْتٌ بِحُرُوفٍ أَوْ صَوْتُهُ وَهُوَ هَوَاءٌ مُنْضَغِطٌ يَخْرُجُ مِنْ دَاخِلِ الرِّئَةِ إلَى خَارِجِهَا كَانَ بِحُرُوفٍ أَمْ لَا وَإِنَّمَا عَطَفَ الصَّوْتَ عَلَى النُّطْقِ لِأَنَّهُ أَخَصُّ وَالصَّوْتُ أَعَمُّ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَهَابِ الْأَخَصِّ ذَهَابُ الْأَعَمِّ بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَكَذَلِكَ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى مَنْ فَعَلَ بِشَخْصٍ فِعْلًا ذَهَبَ بِسَبَبِهِ ذَوْقُهُ وَهُوَ قُوَّةٌ مُنْبَثَّةٌ فِي الْعَصَبِ الْمَفْرُوشِ عَلَى جِرْمِ اللِّسَانِ يُدْرَكُ بِهَا الْمَطْعُومُ بِمُخَالَطَةِ الرُّطُوبَةِ اللُّعَابِيَّةِ الَّتِي فِي الْفَمِ بِالْمَطْعُومِ وَوُصُولِهَا إلَى الْعَصَبِ وَلَمْ يَذْكُرْ اللَّمْسَ وَهُوَ قُوَّةٌ مُنْبَثَّةٌ أَيْ مَفْرُوشَةٌ فِي جَمِيعِ الْبَدَنِ يُدْرَكُ بِهَا الْحَرَارَةُ وَالْبُرُودَةُ وَالرُّطُوبَةُ وَالْيُبُوسَةُ وَنَحْوُ ذَلِكَ عِنْدَ التَّمَاسِّ وَالِاتِّصَالِ بِهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ فِيهِ حُكُومَةً إذْ لَمْ يَذْكُرْهُ فِيمَا فِيهِ شَيْءٌ وَسَكَتَ عَنْ بَقِيَّةِ مَا فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ وَهُوَ الشَّمُّ وَفِيهِ الدِّيَةُ وَكَذَلِكَ الشَّفَتَانِ وَعَظْمُ الصَّدْرِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَعَنْ الدَّامِغَةِ وَفِيهَا ثُلُثُ الدِّيَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَكَذَلِكَ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى مَنْ فَعَلَ بِشَخْصٍ فِعْلًا ذَهَبَ بِسَبَبِهِ قُوَّةُ جِمَاعِهِ بِأَنْ أَفْسَدَ إنْعَاظَهُ أَوْ فَعَلَ بِهِ فِعْلًا ذَهَبَ بِسَبَبِهِ نَسْلُهُ أَوْ حَصَلَ بِسَبَبِهِ تَجْذِيمُهُ أَوْ تَبْرِيصُهُ أَوْ تَسْوِيدُهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ بِتَسْوِيدِ أَوْ تَجْذِيمِ أَوْ تَبْرِيصِ الْبَعْضِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ تَسْوِيدُهُ أَوْ تَجْذِيمُهُ أَوْ تَبْرِيصُهُ حُصُولُ مَا ذُكِرَ وَانْظُرْ لَوْ جَذَمَهُ وَسَوَّدَهُ مَعًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَلَيْهِ دِيَتَيْنِ وَكَذَلِكَ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى مَنْ فَعَلَ بِشَخْصٍ فِعْلًا ذَهَبَ بِسَبَبِهِ قِيَامُهُ مَعَ جُلُوسِهِ صَارَ مُلْقًى وَفِي أَحَدِهِمَا حُكُومَةٌ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَهُوَ الصَّوَابُ تَبَعًا لِنَصِّ الْمُدَوَّنَةِ وَبِعِبَارَةٍ: أَوْ قِيَامِهِ وَجُلُوسِهِ مَعًا وَكَذَا قِيَامُهُ فَقَطْ وَأَمَّا جُلُوسُهُ فَقَطْ فَحُكُومَةٌ وَلَوْ أَذْهَبَ بَعْضَ جُلُوسِهِ وَقِيَامِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ عَلَيْهِ حُكُومَةً
(ص) أَوْ الْأُذُنَيْنِ أَوْ الشَّوَى أَوْ الْعَيْنَيْنِ أَوْ عَيْنِ الْأَعْوَرِ لِلسُّنَّةِ بِخِلَافِ كُلِّ زَوْجٍ فَإِنَّ فِي أَحَدِهِمَا نِصْفَهُ وَفِي الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ وَمَارِنِ الْأَنْفِ وَالْحَشَفَةِ وَفِي بَعْضِهِمَا بِحِسَابِهَا مِنْهُمَا لَا مِنْ أَصْلِهِ وَفِي الْأُنْثَيَيْنِ مُطْلَقًا وَفِي ذَكَرِ الْعِنِّينِ قَوْلَانِ (ش) لَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الْمَنَافِعِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الذَّوَاتِ الْمُقَدَّرَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ فَعَلَ بِشَخْصٍ فِعْلًا ذَهَبَتْ أُذُنَاهُ بِسَبَبِهِ فَإِنَّهُ تَلْزَمُهُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ وَالْمُؤَلِّفُ تَبِعَ فِي هَذَا تَصْحِيحَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ لِمَا فِي كِتَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ «وَفِي الْأُذُنِ خَمْسُونَ» وَإِنْ كَانَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافَهُ وَأَنَّ فِيهِمَا حُكُومَةً وَلَا دِيَةَ فِيهِمَا إلَّا إذَا أَذْهَبَ السَّمْعَ اُنْظُرْ الدَّمِيرِيَّ وَكَذَلِكَ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى مَنْ فَعَلَ بِشَخْصٍ فِعْلًا ذَهَبَ مَعَهُ جِلْدَةُ رَأْسِهِ وَبَعْضُهُ بِحِسَابِهِ وَكَذَلِكَ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى مَنْ فَعَلَ بِشَخْصٍ فِعْلًا ذَهَبَ بِسَبَبِهِ عَيْنَاهُ وَسَوَاءٌ طُمِسَتَا أَوْ بَرَزَتَا أَوْ ذَهَبَ نُورُهُمَا وَهُمَا بِحَالِهِمَا أَيْ جَمَالُهُمَا بَاقٍ وَفِي ذَهَابِ جَمَالِهِمَا بَعْدَ ذَلِكَ حُكُومَةٌ نَصَّ عَلَيْهِ اللَّخْمِيُّ فَإِنْ قُلْت قَوْلُهُ أَوْ الْعَيْنَيْنِ مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ أَوْ الْبَصَرِ فَالْجَوَابُ أَنَّ
ــ
[حاشية العدوي]
طُولٍ وَلَا عَلَى قِصَرٍ قَالَهُ الزَّرْقَانِيُّ قَالَ عج وَهَذَا إنَّمَا يَتِمُّ إذَا حَصَلَ لَهُ الْجُنُونُ فِي لَيْلٍ قَصِيرٍ وَنَهَارٍ طَوِيلٍ وَحَصَلَ لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي نَهَارٍ قَصِيرٍ وَلَيْلٍ طَوِيلٍ زَمَنَيْ الْحُصُولِ وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ قِيلَ فِي الْجَوَابِ إنَّهُ لَمَّا كَانَ الْغَالِبُ قُرْبَ تَفَاوُتِهِمَا لَمْ يُنْظَرْ لِلِاخْتِلَافِ بَيْنَهُمَا أَوْ يُقَالُ إنَّ الظَّالِمَ أَحَقُّ بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ لَكِنْ إنَّمَا يَتِمُّ هَذَا إذَا كَانَ الْجَانِي مُتَعَمِّدًا (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ مِنْ أَنَّ مَحَلَّهُ الْقَلْبُ أَيْ وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَكْثَرِ الْمُشَرِّعِينَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا} [الأعراف: 179] وَمُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَكْثَرُ الْفَلَاسِفَةِ مَحَلُّ الْعَقْلِ الرَّأْسُ وَنَقَلَ اللَّقَانِيِّ مَا صُورَتُهُ قَوْلُهُ وَهُوَ مَذْهَبُ أَكْثَرِ الْفَلَاسِفَةِ الَّذِي يَنْقُلُهُ عَنْهُمْ أَهْلُ الْعُلُومِ الْعَقْلِيَّةِ أَنَّ الْعَقْلَ قُوَّةٌ لِلنَّفْسِ بِهَا تَسْتَعِدُّ لِلْعُلُومِ وَالْإِدْرَاكَاتِ وَالنَّفْسُ عِنْدُهُمْ مُجَرَّدَةٌ وَالْعَقْلُ صِفَةٌ لَهَا قَائِمَةٌ بِهَا فَلَيْسَ مَحَلُّهَا الدِّمَاغَ نَعَمْ يُثْبِتُونَ فِي الدِّمَاغِ الْحَوَاسَّ الْبَاطِنَةَ وَهِيَ عِنْدَهُمْ مِنْ الْقُوَى الْمُدْرَكَةِ اهـ.
وَهَذَا وَمَا بَعْدَهُ إذَا كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ حُرًّا أَمَّا لَوْ كَانَ عَبْدًا فَإِنَّ مَا عَلَى الْجَانِي إلَّا مَا نَقَصَهُ اهـ.
(قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ كَانَ عَبْدًا) لَا يَخْفَى أَنَّ مُقْتَضَى جَعْلِ جَمِيعِ الدِّيَةِ فِي الْحُرِّ وُجُوبُ جَمِيعِ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ وَالِاتِّصَالُ بِهِ) رَاجِعٌ لِجَمِيعِ الْبَدَنِ (قَوْلُهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ) رَاجِعٌ لِلصَّدْرِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ بِالدِّيَةِ وَابْنَ عَبْدُوسٍ يَقُولُ بِعَدَمِهَا وَمُقَابِلُهُ أَنَّ فِي عَظْمِ الصَّدْرِ حُكُومَةً (قَوْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّ الدَّامِغَةَ إذَا بَرِئَتْ عَلَى شَيْنٍ فَفِيهَا حُكُومَةٌ (قَوْلُهُ أَوْ تَسْوِيدُهُ) اعْلَمْ أَنَّ السَّوَادَ الْمَذْكُورَ نَوْعٌ مِنْ الْبَرَصِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الصَّوَابُ) هَذَا كَلَامُ اللَّقَانِيِّ وَمَا بَعْدَهُ كَلَامُ عج وَالْمُعْتَمَدُ كَلَامُ عج كَمَا هُوَ مُفَادُ النَّقْلِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ كُلِّ زَوْجٍ) أَيْ مِمَّا فِيهِ جَمَالٌ وَمَنْفَعَةٌ وَأَمَّا مَا فِيهِ جَمَالٌ دُونَ مَنْفَعَةٍ كَالْحَاجِبَيْنِ وَالْهُدْبَيْنِ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا الْحُكُومَةُ اهـ. ك (قَوْلُهُ فَإِنَّ فِي أَحَدِهِمَا) أَيْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِأَنَّ الزَّوْجَ فِي اللُّغَةِ اسْمٌ لِلْوَاحِدِ الَّذِي مَعَهُ وَاحِدٌ مِنْ جِنْسِهِ وَقَوْلُهُ مِنْهُمَا أَيْ الْمَارِنِ وَالْحَشَفَةِ أَيْ يُعْتَبَرُ التَّبْعِيضُ بِاعْتِبَارِهِمَا لَا بِاعْتِبَارِ أَصْلِ مَا ذُكِرَ وَإِنَّمَا قُلْنَا مَا ذُكِرَ لِأَنَّ الْمَرْجِعَ اثْنَانِ وَالْأَصْلُ هُوَ الْأَنْفُ وَالذَّكَرُ (قَوْلُهُ وَمَارِنِ الْأَنْفِ) فِي ك وَانْظُرْ الْحُكْمَ إذَا خَرَمَهُ أَوْ شَرَمَهُ اهـ. (قَوْلُهُ وَفِي بَعْضِهِمَا) أَيْ الْمَارِنِ وَالْحَشَفَةِ وَقَوْلُهُ بِحِسَابِهَا أَيْ بِحِسَابِ الْبَعْضِ وَالْأَوْلَى التَّذْكِيرُ لَكِنَّهُ أَنَّثَ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ قِطْعَةً (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافَهُ) الْمُعْتَمَدُ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ فَيَجِبُ التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ كَمَا أَفَادَهُ الْمُحَقِّقُونَ (قَوْلُهُ جِلْدَةُ رَأْسِهِ) أَيْ فَأَرَادَ بِالشَّوَى جِلْدَةَ الرَّأْسِ وَكَذَا فِي تت وشب جِلْدَةُ الرَّأْسِ تَفْسِيرُ الشَّوَى (قَوْلُهُ طُمِسَتَا) أَيْ انْغَمَسَتَا (قَوْلُهُ فَالْجَوَابُ إلَخْ) هَذَا يُنَافِي التَّعْمِيمَ السَّابِقَ
الذَّاهِبَ هُنَاكَ الْبَصَرُ خَاصَّةً وَالْعَيْنُ مَفْتُوحَةٌ وَهُنَا أُغْلِقَتْ الْحَدَقَةُ مَعَ ذَهَابِ الْبَصَرِ فَأَتَى بِهَذَا لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ فِيمَا ذُكِرَ الدِّيَةَ خَاصَّةً لَا دِيَةً وَحُكُومَةً وَإِنْ كَانَ يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي وَكَذَلِكَ تَجِبُ الدِّيَةُ كَامِلَةً عَلَى مَنْ فَعَلَ بِشَخْصٍ فِعْلًا ذَهَبَ بِسَبَبِهِ عَيْنُ الْأَعْوَرِ الْبَاقِيَةُ وَسَوَاءٌ طُمِسَتْ أَوْ بَرَزَتْ أَوْ ذَهَبَ نُورُهَا وَجَمَالُهَا بَاقٍ وَفِي ذَهَابِهِ بَعْدَ ذَلِكَ حُكُومَةٌ وَإِنَّمَا كَانَ فِي عَيْنِ الْأَعْوَرِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ وَلَمْ يَكُنْ فِيهَا نِصْفُهَا لِمَا جَاءَ فِي السُّنَّةِ لِقَوْلِ ابْنِ شِهَابٍ هِيَ السُّنَّةُ وَبِهِ قَضَى عُمَرُ وَعُثْمَانُ وَغَيْرُهُمَا لَا لِانْتِقَالِ الْبَصَرِ إلَيْهَا لِأَنَّهُ خِلَافُ مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ لِأَنَّ الْبَصَرَ عَرَضٌ
وَالْأَعْرَاضُ لَا تَنْتَقِلُ بِخِلَافِ كُلِّ مُزْدَوِجٍ فِي الْإِنْسَانِ فَإِنَّ فِي أَحَدِهِمَا نِصْفَ الْوَاجِبِ فِيهِمَا مَا عَدَا عَيْنَ الْأَعْوَرِ لِلسُّنَّةِ فَالْإِخْرَاجُ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ عَيْنِ الْأَعْوَرِ وَقَوْلُهُ فَإِنَّ فِي أَحَدِهِمَا نِصْفَهُ تَعْلِيلٌ لِمُقَدَّرٍ أَيْ بِخِلَافِ كُلِّ زَوْجٍ فَلَيْسَ الْبَاقِي مِنْهُ كَالْبَاقِي مِنْ الْعَيْنَيْنِ لِأَنَّ فِي أَحَدِهِمَا نِصْفَ الْعَقْلِ كَأَحَدِ الْيَدَيْنِ أَوْ الْعَيْنَيْنِ وَنَحْوِهِمَا وَكَذَلِكَ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى مَنْ قَطَعَ يَدَيْ شَخْصٍ مِنْ الْأَصَابِعِ أَوْ مِنْ الْعَضُدِ أَوْ أَزَالَ مَنْفَعَتَهُمَا مَعَ بَقَائِهِمَا أَوْ رِجْلَيْ شَخْصٍ مِنْ الْكَعْبِ أَوْ مِنْ الْوَرِكِ أَوْ أَزَالَ مَنْفَعَتَهُمَا بِكَسْرٍ أَوْ نَحْوِهِ مَعَ بَقَائِهِمَا وَيَدْخُلُ فِيهِ مَا لَوْ حَصَلَ فِيهِمَا الرَّعْشَةُ وَكَذَلِكَ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى مَنْ فَعَلَ بِشَخْصٍ فِعْلًا ذَهَبَ بِسَبَبِهِ مَارِنُ أَنْفِهِ وَهُوَ مَا لَانَ مِنْهُ دُونَ الْعَظْمِ وَيُسَمَّى أَيْضًا الْأَرْنَبَةَ وَكَذَلِكَ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى مَنْ قَطَعَ رَأْسَ ذَكَرِ إنْسَانٍ دُونَ قَصَبَتِهِ وَإِذَا قَطَعَ بَعْضَ الْحَشَفَةِ فَمِنْ الْحَشَفَةِ يُقَاسُ لَا مِنْ أَصْلِ الذَّكَرِ فَمَا نَقَصَ مِنْهَا فَبِحِسَابِهِ مِنْ الدِّيَةِ وَكَذَلِكَ إذَا قَطَعَ بَعْضَ الْمَارِنِ فَمِنْ الْمَارِنِ يُقَاسُ لَا مِنْ أَصْلِ الْأَنْفِ فَمَا نَقَصَ مِنْهُ فَبِحِسَابِهِ وَكَذَلِكَ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى مَنْ قَطَعَ أُنْثَيَيْ شَخْصٍ وَسَوَاءٌ قَطَعَهُمَا أَوْ سَلَّهُمَا أَوْ رَضَّهُمَا قُطِعَتَا قَبْلَ الذَّكَرِ أَوْ بَعْدَهُ كَانَ لَهُ ذَكَرٌ أَمْ لَا وَفِي إحْدَاهُمَا نِصْفُ الدِّيَةِ وَإِنْ قُطِعَتَا مَعَ الذَّكَرِ فَدِيَتَانِ وَاخْتُلِفَ فِي ذَكَرِ الْعِنِّينِ وَهُوَ مَنْ لَا يَتَأَتَّى مِنْهُ الْجِمَاعُ إمَّا لِصِغَرِ آلَتِهِ وَإِمَّا لِكَوْنِهِ لَا يُنْعِظُ لِكِبْرٍ أَوْ عِلَّةٍ هَلْ يَلْزَمُ الْجَانِيَ عَلَى ذَلِكَ دِيَةٌ كَامِلَةٌ أَوْ حُكُومَةٌ وَأَمَّا ذَكَرُ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ فَنِصْفُ دِيَةٍ وَنِصْفُ حُكُومَةٍ
(ص) وَفِي شُفْرَيْ الْمَرْأَةِ إنْ بَدَا الْعَظْمُ وَفِي ثَدْيَيْهَا أَوْ حَلَمَتَيْهِمَا إنْ بَطَلَ اللَّبَنُ وَاسْتُؤْنِيَ بِالصَّغِيرَةِ وَسِنِّ الصَّغِيرِ لَمْ يُثْغِرْ لِلْإِيَاسِ كَالْقَوَدِ وَإِلَّا اُنْتُظِرَ سَنَةً وَسَقَطَا إنْ عَادَتْ وَوَرِثَا إنْ مَاتَ وَفِي عَوْدِ السِّنِّ أَصْغَرَ بِحِسَابِهَا (ش) الشُّفْرَانِ هُمَا حَرْفَا الْفَرَجِ وَالشُّفْرُ بِضَمِّ الشِّينِ وَسُكُونِ الْفَاءِ فَإِذَا قَطَعَ شُفْرَيْهَا إلَى أَنْ بَدَا الْعَظْمُ مِنْ فَرْجِهَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَقَضَى بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَمَفْهُومُ إنْ بَدَا الْعَظْمُ حُكُومَةٌ وَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ كَلَامِهِ إذْ لَمْ يَذْكُرْهُ فِيمَا فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ وَاخْتَارَ ز أَنَّ فِي أَحَدِهِمَا حُكُومَةً بِلَفْظِ يَنْبَغِي وَكَذَلِكَ تَجِبُ الدِّيَةُ عَلَى مَنْ قَطَعَ ثَدْيَيْ الْمَرْأَةِ أَيْ اسْتَأْصَلَهُمَا وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ عَجُوزًا لِأَنَّ ذَلِكَ جَمَالٌ لِصَدْرِهَا وَرُبَّمَا دَرَّ مِنْهَا لَبَنٌ وَأَمَّا إذَا قَطَعَ رُؤْسَهُمَا وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْحَلَمَتَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ إلَّا بِشَرْطِ أَنْ يَبْطُلَ اللَّبَنُ مِنْهُمَا مَا لَمْ تَكُنْ عَجُوزًا وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ
وَمِثْلُ إبْطَالِ اللَّبَنِ إفْسَادُهُ فَالشَّرْطُ قَاصِرٌ عَلَى الْحَلَمَتَيْنِ وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الدِّيَةَ إنَّمَا هِيَ لِلَّبَنِ لَا لِلْحَلَمَتَيْنِ فَلَوْ ضَرَبَهَا فِي مَوْضِعٍ فَبَطَلَ لَبَنُهَا وَجَبَتْ الدِّيَةُ وَأَمَّا لَوْ قَطَعَ حَلَمَتَيْ امْرَأَةٍ صَغِيرَةٍ فَإِنَّهُ يُسْتَأْنَى بِهَا إلَى زَمَنِ الْإِيَاسِ وَهَذَا فِي الْخَطَأِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ فَإِنْ أَتَى زَمَنُ الْإِيَاسِ قَبْلَ تَمَامِ سَنَةٍ مِنْ يَوْمِ الْجِنَايَةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ انْتِظَارُ تَمَامِ السَّنَةِ قَالَ فِي
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ لَا لِانْتِقَالِ إلَخْ) يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالِانْتِقَالِ أَنَّ نُورَ الثَّانِيَةِ قَامَ مَقَامَ الْأُولَى
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ كُلِّ مُزْدَوِجٍ) وَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ أَحَدُ الْأُنْثَيَيْنِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ فِي أَحَدِهِمَا نِصْفَ الْوَاجِبِ) أَيْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ (قَوْلُهُ كَأَحَدِ الْيَدَيْنِ) الْكَافُ لِلتَّشْبِيهِ (قَوْلُهُ أَوْ أَزَالَ مَنْفَعَتَهُمَا) أَيْ بِكَسْرٍ أَوْ غَيْرِهِ كَرَعْشَةٍ وَأَمَّا إنْ قَطَعَ الْأَصَابِعَ أَوْ مَعَ الْكَفِّ أَوْ مَعَ الْكَعْبِ فَأُخِذَتْ الدِّيَةُ ثُمَّ حَصَلَتْ جِنَايَةٌ عَلَيْهَا بَعْدَ إزَالَةِ الْأَصَابِعِ فَحُكُومَةٌ سَوَاءٌ قَطَعَ الْيَدَ مِنْ الْكُوعِ أَوْ الْمَرْفِقِ أَوْ الْمَنْكِبِ، وَالرِّجْلُ إلَى الْوَرِكِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ هَلْ يَلْزَمُ الْجَانِيَ عَلَى ذَلِكَ دِيَةٌ كَامِلَةٌ) أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالرَّاجِحُ قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ فَيَخْرُجُ حُكْمُ حَشَفَتِهِ وَلَوْ قَطَعَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَيَيْنِ فَدِيَتَانِ وَلَوْ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ وَهَذَا إنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِحُرٍّ فَإِنْ فَعَلَهُ بِعَبْدٍ أُدِّبَ فِي الْعَمْدِ وَلَا غُرْمَ إنْ لَمْ يُنْقِصْهُ وَفِي شَرْحِ عب وَانْظُرْ مَنْ خُلِقَ لَهُ ثَلَاثَةُ أَيْدٍ أَوْ أَرْجُلٍ أَوْ ذَكَرَانِ وَفِي كُلٍّ قُوَّةُ الْأَصْلِ ثُمَّ قَطَعَ الثَّلَاثَةَ أَوْ الذَّكَرَيْنِ وَفِي ك وَلَوْ كَانَ لَهُ ذَكَرَانِ لَكَانَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ دِيَةٌ كَامِلَةٌ اهـ. قُلْت وَالظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ فِي بَقِيَّةِ مَا نَظَرَ بِهِ الْأَوَّلَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ فَنِصْفُ دِيَةٍ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ ذَكَرٌ وَقَوْلُهُ وَنِصْفُ حُكُومَةٍ أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ أُنْثَى وَانْظُرْ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ أُنْثَى تَكُونُ الْجَمَالَةُ فِي قَطْعِهِ
(قَوْلُهُ كَالْقَوَدِ) فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ يَصِحُّ رُجُوعُ قَوْلُهُ كَالْقَوَدِ لِلْحَلَمَتَيْنِ أَيْضًا حَيْثُ كَانَ امْرَأَةً وَانْظُرْ لِسَانَ الصَّغِيرِ إذَا قُطِعَ هَلْ يُسْتَأْنَى بِهِ أَوْ يَرْجِعُ لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ (قَوْلُهُ وَوَرِثَا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ قَبْلَ الْإِيَاسِ وَقِيلَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ فِي الْخَطَأِ لِاحْتِمَالِ الْعَوْدِ ك (قَوْلُهُ وَاخْتَارَ الزَّرْقَانِيُّ) الَّذِي عِنْدَ ابْنِ مَرْزُوقٍ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ مِنْ مُقْتَضَى تَرَتُّبِ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ عَلَى قَطْعِ الشَّفْرَيْنِ مَعَ بُدُوِّ الْعَظْمِ فِيهِمَا تَرَتُّبَ نِصْفِ الدِّيَةِ عَلَى قَطْعِ أَحَدِهِمَا مَعَ بُدُوِّ عَظْمِهِ فَهَذَا يَرِدُ عَلَى الزَّرْقَانِيِّ وَلِذَا قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَفِي أَحَدِهِمَا نِصْفُهَا
(قَوْلُهُ ثَدْيَيْ الْمَرْأَةِ) وَأَمَّا ثَدْيَا الرَّجُلِ فَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَيْسَ فِي ثَدْيَيْ الرَّجُلِ إلَّا الِاجْتِهَادُ وَهُوَ بِفَتْحِ الثَّاءِ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ وَهُوَ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ وَالتَّذْكِيرُ أَشْهَرُ (قَوْلُهُ وَمِثْلُ إبْطَالِ اللَّبَنِ إفْسَادُهُ) فَإِنْ فَسَدَ مَوْضِعُ اللَّبَنِ ثُمَّ عَادَ رَدَّهَا كَمَا فِي ك (قَوْلُهُ وَهَذَا فِي الْخَطَأِ) قُصُورٌ بَلْ وَمِثْلُهُ الْعَمْدُ وَإِطْلَاقُ الْمُدَوَّنَةِ يَدُلُّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَتَى زَمَنُ الْإِيَاسِ إلَخْ) نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ الْآتِي يَدُلُّ عَلَى رَدِّهِ وَلِذَا قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا رَاجِعٌ لِلسِّنِّ بِأَنْ
الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ قَطَعَ ثَدْيَيْ الصَّغِيرَةِ فَإِنْ اسْتُوقِنَ أَنَّهُ أَبْطَلَهُمَا فَلَا يَعُودَانِ أَبَدًا فَفِيهِمَا الدِّيَةُ وَإِنْ شَكَّ فِي ذَلِكَ وُضِعَتْ الدِّيَةُ وَاسْتُؤْنِيَ بِهَا كَسِنِّ الصَّغِيرِ فَإِنْ نَبَتَا فَلَا عَقْلَ لَهُمَا وَإِنْ لَمْ يَنْبُتَا أَوْ شُرِطَتَا فَيَبِسَتَا أَوْ مَاتَتْ قَبْلَ أَنْ يُعْلَمَ ذَلِكَ فَفِيهِمَا الدِّيَةُ اهـ.
وَفِيهَا مَنْ طَرَحَ سِنَّ صَبِيٍّ لَمْ يُثْغِرْ خَطَأً أَوْقَفَ عَقْلَهُ بِيَدِ عَدْلٍ فَإِنْ عَادَتْ لِهَيْئَتِهَا رَجَعَ الْعَقْلُ إلَى مَخْرَجِهِ وَإِنْ لَمْ تَعُدْ أَعْطَى الْعَقْلَ كَامِلًا وَإِنْ هَلَكَ الصَّبِيُّ قَبْلَ أَنْ تَنْبُتَ سِنُّهُ فَالْعَقْلُ لِوَرَثَتِهِ وَإِنْ نَبَتَتْ أَصْغَرَ مِنْ قَدْرِهَا الَّذِي قُلِعَتْ مِنْهُ كَانَ لَهُ مِنْ الْعَقْلِ قَدْرُ مَا نَقَصَتْ وَلَوْ قُلِعَتْ عَمْدًا أَوْقَفَ لَهُ الْعَقْلَ أَيْضًا وَلَا يُعَجَّلْ بِالْقَوَدِ حَتَّى يُسْتَبْرَأَ أَمْرُهَا فَإِنْ عَادَتْ لِهَيْئَتِهَا فَلَا عَقْلَ فِيهَا وَلَا قَوَدَ وَإِنْ عَادَتْ أَصْغَرَ مِنْ قَدْرِهَا أَعْطَى مَا نَقَصَتْ فَإِنْ لَمْ تَعُدْ لِهَيْئَتِهَا حَتَّى مَاتَ الصَّبِيُّ اُقْتُصَّ مِنْهُ وَلَيْسَ فِيهَا عَقْلٌ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَمْ تَنْبُتْ فَقَوْلُهُ لِلْإِيَاسِ رَاجِعٌ لَهُمَا وَقَوْلُهُ كَالْقَوَدِ تَشْبِيهٌ فِي الِاسْتِينَاءِ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا أَيْ وَإِنْ انْقَضَى أَمَدُ الْإِيَاسِ مِنْ يَوْمِ الْجِنَايَةِ قَبْلَ تَمَامِ سَنَةٍ اُنْتُظِرَ تَمَامُ سَنَةٍ وَإِنْ مَضَى تَمَامُ سَنَةٍ قَبْلَ الْإِيَاسِ اُنْتُظِرَ الْإِيَاسُ فَيُنْتَظَرُ بِهِ أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ وَالضَّمِيرُ فِي وَسَقَطَا لِلْقَوَدِ وَالدِّيَةِ إنْ عَادَتْ سِنُّ الصَّغِيرِ لِهَيْئَتِهَا قَبْلَ قَلْعِهَا كَمَا أَنَّ الضَّمِيرَ فِي وَوَرِثَا يَرْجِعُ لِلْقَوَدِ وَلِلدِّيَةِ إنْ مَاتَ الصَّغِيرُ قَبْلَ نَبَاتِ سِنِّهِ فَإِنَّ وَرَثَتَهُ يَسْتَحِقُّونَ مَالَهُ مِنْ قَوَدٍ أَوْ دِيَةٍ
وَلَمَّا كَانَ لِزَوَالِ كُلِّ مَا فِيهِ الدِّيَةُ عَلَامَةٌ يُعْرَفُ بِهَا زَوَالُهُ أَوْ بَعْضُهُ وَمِنْ ذَلِكَ الْعَقْلُ أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (ص) وَجُرِّبَ الْعَقْلُ بِالْخَلَوَاتِ (ش) وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعَقْلَ إذَا شَكَكْنَا فِي زَوَالِهِ فَإِنَّا نَرْقُبُهُ فِي الْخَلَوَاتِ لِأَنَّهُ فِي الْغَالِبِ لَا يُعْرَفُ ذَهَابُهُ مِنْ عَوْدِهِ إلَّا مِنْ ذَلِكَ وَلَا بُدَّ مِنْ تَكَرُّرِ الْخَلَوَاتِ وَهَذَا يُفْهَمُ مِنْ جَمْعِهِ لِلْخَلَوَاتِ وَبِعِبَارَةٍ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُخْتَبَرُ بِمَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ عَدَمُ التَّحَيُّلِ وَالتَّصَنُّعِ فِيهِ ثُمَّ إنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّا نَسْتَغْفِلُهُ فِيهَا وَنَطَّلِعُ عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَا يَشْعُرُ بِنَا هَلْ يَفْعَلُ أَفْعَالَ الْعُقَلَاءِ أَمْ غَيْرِهِمْ وَيُحْتَمَلُ أَنَّا نَجْلِسُ مَعَهُ فِيهَا وَنُحَادِثُهُ وَنُسَايِرُهُ فِي الْكَلَامِ وَنَنْظُرُ خِطَابَهُ وَجَوَابَهُ وَلَا يَتَأَتَّى أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعِي فِي هَذِهِ إلَّا الْأَوْلِيَاءُ (ص) وَالسَّمْعُ بِأَنْ يُصَاحَ مِنْ أَمَاكِنَ مُخْتَلِفَةٍ مَعَ سَدِّ الصَّحِيحَةِ وَنُسِبَ لِسَمْعِهِ الْآخَرِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ ادَّعَى ذَهَابَ سَمْعِ إحْدَى أُذُنَيْهِ فَإِنَّهُ يُخْتَبَرُ ذَلِكَ بِأَنْ يُصَاحَ لَهُ مِنْ أَمَاكِنَ مُخْتَلِفَةِ الْجِهَاتِ بَعْدَ أَنْ تُسَدَّ الْأُذُنُ الصَّحِيحَةُ سَدًّا مُحْكَمًا يُرِيدُ وَجْهَ الصَّائِحِ لِوَجْهِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ فَإِنَّهُ يَتَقَرَّبُ مِنْهُ وَيَصِيحُ بِهِ كَذَلِكَ ثُمَّ كَذَلِكَ إلَى أَنْ يَسْمَعَ ثُمَّ تُسَدُّ تِلْكَ الْأُذُنُ وَتُفْتَحُ الْأُذُنُ الصَّحِيحَةُ وَيُصَاحُ بِهِ كَذَلِكَ ثُمَّ يَنْظُرُ أَهْلُ
ــ
[حاشية العدوي]
حَصَلَ الْإِيَاسُ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ وَأَمَّا الصَّغِيرَةُ فَبِالْإِيَاسِ مِنْ عَوْدِ الْعُضْوِ تُؤْخَذُ الدِّيَةُ اهـ.
وَقَالَ الْحَطَّابُ لَوْ قُلِعَتْ سِنُّ الصَّغِيرِ بَعْدَ الْإِثْغَارِ أَخَذَ الدِّيَةَ مُعَجَّلَةً فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَهَذَا فِي الْخَطَأِ وَأَمَّا فِي الْعَمْدِ فَيُقْتَصُّ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ اسْتِينَاءٍ وَبِعِبَارَةٍ وَقَوْلُهُ وَاسْتُؤْنِيَ وَيُحْبَسُ الْجَانِي فِي الْعَمْدِ وَيُوقَفُ الْعَقْلُ فِي الْخَطَأِ بِيَدِ أَمِينٍ إنْ لَمْ يَكُنْ الْجَانِي أَمِينًا خَوْفًا مِنْ هُرُوبِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ عَادَتْ أَصْغَرَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي الْعَمْدِ أَوْ الْخَطَأِ فَلَوْ عَادَتْ أَكْبَرَ كَانَ فِيهَا حُكُومَةٌ أَيْ فَإِنْ نَقَصَ نِصْفُهَا فَنِصْفُ دِيَتِهَا كَمَا فِي نَقْصِ السَّمْعِ وَلَمْ يَعْتَمِدْ الْمُؤَلِّفُ تَقْيِيدَ اللَّخْمِيِّ بِأَنَّ ذَلِكَ إذَا نَبَتَتْ وَصَارَتْ تَعْدِلُ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ وَأَمَّا إنْ عَادَتْ قَدْرَ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فَالْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ مَعَ ظُهُورِهِ أَقُولُ وَالظَّاهِرُ التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ وَسَقَطَا إلَخْ) اُسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الْعَمْدَ إنَّمَا يُقْصَدُ مَعَهُ إيلَامُ الْجَانِي بِمِثْلِ فِعْلِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْ الْجُرْحِ غَيْرِ الْخَطَرِ وَإِنْ بَرِئَ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ سِنَّ الصَّغِيرِ لَا تُمَاثِلُ سِنَّ الْكَبِيرِ لِنَبَاتِ سِنِّهِ وَعَدَمِ نَبَاتِ سِنِّ الْكَبِيرِ إنْ قُلِعَتْ فَإِنْ لَمْ تَنْبُتْ فَقَدْ سَاوَتْ جِنْسَ سِنِّ الْكَبِيرِ فَوَجَبَ الْقَوَدُ
(قَوْلُهُ بِالْخَلَوَاتِ) الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ عَلَى الِاحْتِمَالِ الْأَوَّلِ وَلِلظَّرْفِيَّةِ عَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي (قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ تَكَرُّرِ الْخَلَوَاتِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي اثْنَانِ وَظَاهِرُ تت أَنَّهُ يَكْفِي وَالظَّاهِرُ الرُّجُوعُ لِقَوْلِهِ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُخْتَبَرُ إلَخْ) أَيْ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِاثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ فَإِذَا كَانَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِثَلَاثَةٍ نَعْمِدُ إلَى الثَّلَاثَةِ وَهَكَذَا قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَالْمَدَارُ عَلَى مَا يُفِيدُ الْمُرَادَ وَلِذَا قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ بِالْخَلَوَاتِ بَلْ كُلُّ شَيْءٍ يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَى مَعْرِفَةِ زَوَالِ الْعَقْلِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ كَحَرَكَةِ النَّبْضِ وَنَحْوِهَا كَذَلِكَ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ (قَوْلُهُ ثُمَّ إنَّهُ يَحْتَمِلُ إلَخْ) الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ أَظْهَرُ ثُمَّ إنْ عَلِمَ حَالَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ قَبْلَ الْجِنَايَةِ فَظَاهِرٌ وَإِلَّا حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ كَامِلًا إذْ الظَّالِمُ أَحَقُّ بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ وَالْمُرَادُ بِالْكَمَالِ الْوَسَطُ فَإِنْ شَكَّ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ فِيمَا نَقَصَ بِالْجِنَايَةِ أَثُلُثٌ أَوْ رُبُعٌ حُمِلَ فِي الْعَمْدِ عَلَى الْأَوَّلِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَفِي الْخَطَأِ عَلَى الثَّانِي لِأَنَّ الذِّمَّةَ لَا تَلْزَمُ بِمَشْكُوكٍ فِيهِ (قَوْلُهُ وَنُسِبَ لِسَمْعِهِ الْآخَرِ) نَائِبُ الْفَاعِلِ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى السَّمْعِ فِي قَوْلِهِ وَالسَّمْعُ إلَخْ أَيْ وَنُسِبَ السَّمْعُ النَّاقِصُ لِسَمْعِهِ الْآخَرِ وَيُؤْخَذُ نِسْبَةُ النَّقْصِ مِنْ الدِّيَةِ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْجَارُ وَالْمَجْرُورُ نَائِبَ الْفَاعِلِ أَيْ وَقَعَتْ النِّسْبَةُ لِسَمْعِهِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ سَمْعِ إحْدَى أُذُنَيْهِ) أَيْ بَعْضِ سَمْعِ إحْدَى أُذُنَيْهِ أَمَّا إذَا ادَّعَى ذَهَابَ جَمِيعِهِ فَإِنَّهُ يُجَرَّبُ بِالْأَصْوَاتِ الْقَوِيَّةِ كَطَبْلٍ قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ (قَوْلُهُ يُرِيدُ وَوَجْهُ الصَّائِحِ لِوَجْهِهِ) أَيْ مِنْ سَائِرِ الْجِهَاتِ إذْ كُلُّ جِهَةٍ صِيحَ عَلَيْهِ فِيهَا يَصِيرُ وَجْهُهُ لِوَجْهِهِ وَمُفَادُ الشَّارِحِ أَنَّهُ يَبْدَأُ مِنْ بُعْدٍ ثُمَّ يَتَقَرَّبُ شَيْئًا فَشَيْئًا وَيَصِحُّ الْعَكْسُ وَكَذَلِكَ يُقَالُ فِي الْبَصَرِ (قَوْلُهُ وَيَصِحُّ بِهِ كَذَلِكَ) أَيْ مِنْ سَائِرِ الْجِهَاتِ فَإِنْ سَمِعَ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ فَيُصَاحُ بِهِ كَذَلِكَ أَيْ مِنْ سَائِرِ الْجِهَاتِ هَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ ثُمَّ كَذَلِكَ وَهَكَذَا إلَى أَنْ يَسْمَعَ فَقَوْلُهُ إلَى أَنْ يَسْمَعَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ
(قَوْلُهُ وَيُصَاحُ بِهِ كَذَلِكَ) ظَاهِرُهُ مِنْ الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ وَاسْتَظْهَرَ أَنَّهُ يَكْفِي فِي ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ مِنْ مَكَان وَاحِدٍ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الْمَدَارَ فِي ذَلِكَ عَلَى مَعْرِفَةِ النِّسْبَةِ
الْمَعْرِفَةِ مَا نَقَصَ مِنْ السَّمْعِ وَيُنْسَبُ الْقَدْرُ الَّذِي فَضَلَ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهَا لِسَمْعِ السَّالِمَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْ الدِّيَةِ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ وَالِاخْتِلَافُ هُنَا بِاعْتِبَارِ الْجِهَاتِ أَمَّا إنْ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ اخْتِلَافًا مُتَبَاعِدًا فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ وَيَكُونُ سَمْعُهُ هَدَرًا وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ (وَإِلَّا فَهَدَرٌ) لِكَذِبِهِ فَقَوْلُهُ وَالسَّمْعُ أَيْ وَجُرِّبَ السَّمْعُ أَيْ اُخْتُبِرَ نُقْصَانُهُ حَيْثُ ادَّعَى النَّقْصَ وَصِفَةُ الِاخْتِبَارِ مَا ذُكِرَ وَقَوْلُهُ بِأَنْ أَيْ بِسَبَبِ أَنْ يُصَاحَ وَقَوْلُهُ مِنْ أَمَاكِنَ مُخْتَلِفَةٍ أَيْ مَعَ هُدُوِّ الرِّيحِ وَالْمُرَادُ بِالْأَمَاكِنِ الْجِهَاتُ الْأَرْبَعُ (ص) وَإِلَّا فَسَمْعُ وَسَطٍ (ش) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ ادَّعَى ذَهَابَ سَمْعِ أُذُنَيْهِ مَعًا أَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا مَعْدُومَةً فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِالدِّيَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى سَمْعِ رَجُلٍ سَمْعًا وَسَطًا لَا فِي غَايَةِ حِدَّةِ السَّمْعِ وَلَا فِي غَايَةِ ثِقَلِهِ وَأَنْ يَكُونَ مِثْلَهُ فِي السِّنِّ فَيُوقَفُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ وَيُصَاحُ بِهِ مِنْ الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ ثُمَّ تُجْعَلُ عَلَامَةٌ عَلَى انْتِهَاءِ سَمْعِهِ فَإِذَا لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ اخْتِلَافًا بَيِّنًا أُزِيلَ وَوَقَفَ الرَّجُلُ مَكَانَهُ وَيُصَاحُ بِهِ مِنْ الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ ثُمَّ تُجْعَلُ عَلَامَةٌ عَلَى انْتِهَاءِ سَمْعِهِ وَيُنْظَرُ مَا نَقَصَ مِنْ سَمْعِهِ عَنْ سَمْعِ الرَّجُلِ الْوَسَطِ ثُمَّ يُؤْخَذُ بِنِسْبَةِ ذَلِكَ مِنْ الدِّيَةِ فَقَوْلُهُ (وَلَهُ نِسْبَتُهُ) رَاجِعٌ لَهُمَا أَيْ وَلَهُ نِسْبَةُ سَمْعِهِ الصَّحِيحِ إنْ كَانَتْ أُذُنُهُ الْأُخْرَى صَحِيحَةً أَوْ نِسْبَةُ سَمْعِ رَجُلٍ وَسَطٍ إنْ كَانَتْ الْأُخْرَى مَعِيبَةً
وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ (إنْ حَلَفَ) بِأَنْ يَقُولَ هَذَا غَايَةُ مَا أَسْمَعُ مَثَلًا (وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ أَوْ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ اخْتِلَافًا بَيِّنًا (فَهَدَرٌ) أَيْ لَا شَيْءَ لَهُ (ص) وَالْبَصَرُ بِإِغْلَاقِ الصَّحِيحَةِ كَذَلِكَ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ يُخْتَبَرُ الْبَصَرُ بِإِغْلَاقِ الْعَيْنِ الصَّحِيحَةِ كَذَلِكَ أَيْ كَمَا مَرَّ فِي تَجْرِبَةِ السَّمْعِ وَتُبَدَّلُ عَلَيْهِ الْأَمَاكِنُ ثُمَّ تُغْلَقُ الْمُصَابَةُ وَيُنْظَرُ مَا تُبْصِرُ بِهِ الصَّحِيحَةُ ثُمَّ يُقَاسُ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى فَإِذَا عُلِمَ قَدْرُ النَّقْصِ كَانَ لَهُ بِحِسَابِهِ وَإِنْ ادَّعَى ذَهَابَ جَمِيعِ بَصَرِهِ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ كَمَا يَأْتِي وَالظَّالِمُ أَحَقُّ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا لَمْ يُسْقِطْ الْمُؤَلِّفُ قَوْلَهُ بِإِغْلَاقِ الصَّحِيحَةِ لِئَلَّا يَقْتَضِيَ التَّشْبِيهُ أَنَّ الْعَيْنَ الصَّحِيحَةَ تُسَدُّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا تُغْلَقُ (ص) وَالشَّمُّ بِرَائِحَةٍ حَادَّةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّمَّ يُخْتَبَرُ بِرَائِحَةٍ حَادَّةٍ مُنَفِّرَةٍ لِلطَّبْعِ لِأَنَّهُ فِي الْغَالِبِ لَا يَصْبِرُ عَلَى ذَلِكَ فَإِذَا عُلِمَتْ مِنْهُ النَّفْرَةُ وَالْقَرِينَةُ الدَّالَّةُ عَلَى كَذِبِهِ عُمِلَ عَلَيْهَا فَإِنَّ مَنْ لَهُ قُوَّةُ الشَّمِّ لَا بُدَّ أَنْ يَتَأَثَّرَ لِلرَّائِحَةِ الْحَادَّةِ إمَّا بِعُطَاسٍ أَوْ غَيْرِهِ بِخِلَافِ فَاقِدِ ذَلِكَ وَهَذَا إذَا ادَّعَى ذَهَابَ الْجَمِيعِ فَإِنْ ادَّعَى ذَهَابَ بَعْضِهِ صُدِّقَ بِيَمِينٍ كَمُدَّعِي ذَهَابِ بَعْضِ الذَّوْقِ اُنْظُرْ ابْنَ غَازِيٍّ (ص) وَالنُّطْقُ بِالْكَلَامِ اجْتِهَادًا (ش) أَيْ وَجُرِّبَ النُّطْقُ بِكَلَامِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَيَرْجِعُ فِي نَقْصِهِ لِمَا يَقُولُهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ النَّاشِئِ عَنْ اجْتِهَادِهِمْ فِي ذَلِكَ مِنْ ثُلُثٍ أَوْ رُبُعٍ وَيُعْطَى الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِقَدْرِهِ فَإِنْ قَالُوا شَكَكْنَا هَلْ ذَهَبَ رُبُعٌ أَوْ ثُلُثٌ فَإِنَّهُ يُعْطَى الثُّلُثُ وَالظَّالِمُ أَحَقُّ بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ وَلَا يُنْظَرُ فِي النَّقْصِ إلَى عَدَدِ الْحُرُوفِ فَإِنَّ فِيهَا الرَّخْوَ وَالشَّدِيدَ وَقَوْلُهُمْ الظَّالِمُ أَحَقُّ بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ لَا يَشْمَلُ الْمُخْطِئَ وَقَدْ يُقَالُ يَشْمَلُهُ لِأَنَّهُ مُفَرِّطٌ (ص) وَالذَّوْقُ بِالْمَقِرِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الذَّوْقَ يُجَرَّبُ بِالْأَشْيَاءِ الْمَقِرَةِ أَيْ الْمُرَّةِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ الصَّبْرُ عَلَيْهَا مِثْلُ الصَّبْرِ وَشِبْهِهِ وَالْمَقِرُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَهُوَ الشَّدِيدُ الْمَرَارَةِ
(ص) وَصُدِّقَ مُدَّعِي ذَهَابِ الْجَمِيعِ بِيَمِينٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ ادَّعَى ذَهَابَ جَمِيعِ سَمْعِهِ أَوْ ذَهَابَ بَصَرِهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ إنْ لَمْ يُمْكِنْ اخْتِبَارُهُ فَإِنْ أَمْكَنَ كَالسَّمْعِ بِأَنْ يُصَاحَ بِإِزَائِهِ صَيْحَةً شَدِيدَةً قَالَ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى ذَلِكَ) وَهِيَ يَمِينُ تُهْمَةٍ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ) أَيْ اخْتِلَافًا مُتَبَاعِدًا وَهُوَ صَادِقٌ بِأَنْ لَا يَخْتَلِفَ قَوْلُهُ أَصْلًا أَوْ يَخْتَلِفَ اخْتِلَافًا مُتَقَارِبًا (قَوْلُهُ بِأَنْ ادَّعَى ذَهَابَ سَمْعِ أُذُنَيْهِ) أَيْ بَعْضِ سَمْعِ أُذُنَيْهِ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَتْ إحْدَاهُمَا مَعْدُومَةً) أَيْ أَوْ ضَعِيفَةً مِثْلُ ذَلِكَ وَإِذَا ادَّعَى ذَهَابَ جَمِيعِهِ فِي الْجِنَايَةِ عَلَيْهِمَا وَأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ فِيهِمَا بَقِيَّةٌ فَإِنَّهُ يُجَرَّبُ بِالْأَصْوَاتِ الْقَوِيَّةِ (قَوْلُهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى سَمْعِ رَجُلٍ) هَذَا إنْ لَمْ يُعْلَمْ سَمْعُهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَإِلَّا أُعْطِيَ مِثْلُهُ عَالِيًا أَوْ أَدْنَى (قَوْلُهُ وَيُصَاحُ عَلَيْهِ مِنْ الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ) أَيْ أَوْ يُصَاحُ عَلَيْهِ فِيهَا بِصَوْتٍ قَوِيٍّ (قَوْلُهُ وَوَقَفَ الرَّجُلُ مَكَانَهُ) أَيْ فِي الِابْتِدَاءِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَنْتَقِلُ بَعْدَ ذَلِكَ إلَى الْأَبْعَدِ لِيَعْلَمَ قَدْرَ مَا يَسْمَعُ أَوْ أَنَّنَا لَا نُوقِفُهُ مَكَانَهُ بَلْ يَقِفُ بِبُعْدٍ ثُمَّ يُقَرَّبُ شَيْئًا فَشَيْئًا إلَى أَنْ يَسْمَعَ (قَوْلُهُ وَالْبَصَرُ بِإِغْلَاقِ الصَّحِيحَةِ كَذَلِكَ) لَفْظُ كَذَلِكَ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ لِعَامِلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَجُرِّبَ تَجْرِيبًا كَذَلِكَ أَيْ مِثْلَ تَجْرِيبِ السَّمْعِ وَلَيْسَ رَاجِعًا لِلْإِغْلَاقِ فَإِذَا وَقَعَتْ الْجِنَايَةُ عَلَيْهِمَا بِأَنْ أَذْهَبَتْ الْبَعْضَ مِنْ كُلٍّ نُسِبَ لِبَصَرِ وَسَطٍ إنْ لَمْ يُعْلَمْ بَصَرُهُ قَبْلَ الْجِنَايَةِ وَإِلَّا فَلِمَا عُلِمَ أَقَلَّ مِنْ الْوَسَطِ أَوْ أَكْثَرَ (قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَى إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِيمَا إذَا ادَّعَى ذَهَابَ بَعْضِ أَحَدِهِمَا وَهَذَا ادَّعَى جَمِيعَ بَصَرِهِ أَيْ ذَهَبَ الْبَصَرُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا وَقَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي أَيْ فِي قَوْلِهِ وَصُدِّقَ مُدَّعٍ إلَخْ (وَقَوْلُهُ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ كَمَا يَأْتِي) أَيْ إنْ لَمْ يُمْكِنْ اخْتِبَارُهُ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا تُغْلَقُ) وَقَدْ يُقَالُ وَلَوْ أَسْقَطَهُ لَكَانَ أَحْسَنَ لِيَشْمَلَ مَا إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى وَاحِدَةٍ وَالْأُخْرَى مَعْدُومَةٌ وَمَا إذَا كَانَتْ عَلَيْهِمَا وَالْمَعْنَى ظَاهِرٌ فَلَا اقْتِضَاءَ
(قَوْلُهُ فَإِنْ ادَّعَى ذَهَابَ بَعْضِهِ إلَخْ) أَيْ وَنُسِبَ لِشَمِّ وَسَطٍ فَإِذَا قَالَ أَشُمُّ إلَى عَشَرَةِ أَذْرُعٍ فَقَطْ صُدِّقَ بِيَمِينٍ مِنْ غَيْرِ اخْتِبَارٍ بِمَشْمُومٍ حَادِّ الرَّائِحَةِ وَنُسِبَ لِشَمِّ وَسَطٍ لِعُسْرِ الِامْتِحَانِ (قَوْلُهُ هَلْ ذَهَبَ إلَخْ) كَأَنْ يَكُونَ يَقْرَأُ فِي السَّاعَةِ رُبُعَ الْقُرْآنِ فَيَعْجِزُ بِالْجِنَايَةِ عَنْ ذَلِكَ فَلَا يَقْدِرُ إلَّا عَلَى ثُمُنِهِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ فِيهَا الرَّخْوَ وَالشَّدِيدَ) فَالرَّخْوُ يَسْهُلُ النُّطْقُ بِهِ وَالشَّدِيدُ يَشُقُّ النُّطْقُ بِهِ أَيْ فَلَمَّا كَانَ فِيهَا الرَّخْوُ وَالشَّدِيدُ لَمْ يُنْظَرْ لَهَا (قَوْلُهُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْقَافِ) فِي اللُّغَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرَّاءَ مُخَفَّفَةٌ
(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ إنْ لَمْ يُمْكِنْ اخْتِبَارُهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مَعَ الِاخْتِبَارِ لَا يَمِينَ وَيُخَالِفُهُ قَوْلُهُ بَعْدُ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ إلَخْ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِاخْتِبَارَ مَعَ الْيَمِينِ وَكَلَامُ
أَشْهَبُ وَيُشَارُ عَلَيْهِ فِي الْعَيْنَيْنِ أَوْ الْعَيْنِ الَّتِي يَقُولُ ذَهَبَ ضَوْءُهَا فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى كَذِبِهِ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ ادَّعَى الْمَضْرُوبُ أَنَّ جَمِيعَ سَمْعِهِ أَوْ بَصَرِهِ قَدْ ذَهَبَ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى اخْتِبَارِهِ عَلَى حَقِيقَتِهِ وَأَشْكَلَ أَمْرُهُ صُدِّقَ الْمَضْرُوبُ مَعَ يَمِينِهِ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ الظَّالِمُ أَحَقُّ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَصُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ فِيمَا عَدَا الْعَقْلِ وَأَمَّا الْعَقْلُ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ فِيهِ إنَّمَا هُوَ الْأَوْلِيَاءُ وَهُمْ لَا يَمِينَ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ لَا يَحْلِفُونَ لِيَسْتَحِقَّ غَيْرُهُمْ
(ص) وَالضَّعِيفُ مِنْ عَيْنٍ وَرِجْلٍ وَنَحْوِهِمَا خِلْقَةً كَغَيْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَيْنَ إذَا خُلِقَتْ ضَعِيفَةً أَوْ الرِّجْلَ إذَا خُلِقَتْ ضَعِيفَةً وَنَحْوَهُمَا أَوْ حَصَلَ الضَّعْفُ لِذَلِكَ مِنْ أَمْرٍ سَمَاوِيٍّ كَغَيْرِهِ مِمَّا هُوَ صَحِيحٌ مِنْ ذَلِكَ أَيْ فَيَجِبُ فِيهِ الْقَوَدُ أَوْ الْعَقْلُ كَامِلًا وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ وَذَكَرٌ وَصَحِيحٌ وَضِدُّهُمَا فَهَلْ فِيهِ مَعَ هَذَا نَوْعُ تَكْرَارٍ أَوْ يُقَالُ ذَلِكَ فِي النَّفْسِ وَهَذَا فِي الْأَطْرَافِ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَتُؤْخَذُ الْعَيْنُ السَّلِيمَةُ بِالضَّعِيفَةِ إلَخْ فَإِنَّهُ فِي الْأَطْرَافِ تَأَمَّلْ (ص) وَكَذَلِكَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهَا إنْ لَمْ يَأْخُذْ لَهَا عَقْلًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَيْنَ أَوْ الرِّجْلَ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهَا كَالصَّحِيحَةِ فِي وُجُوبِ الْقَوَدِ أَوْ الْعَقْلِ كَامِلًا هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ أَخَذَ لِلْجِنَايَةِ عَقْلًا أَمَّا إنْ كَانَ أَخَذَ لَهَا عَقْلًا ثُمَّ حَصَلَ جِنَايَةٌ ثَانِيَةٌ فَلَيْسَ لَهُ مِنْ دِيَتِهَا إلَّا بِحِسَابِ مَا بَقِيَ مِنْهَا وَهَذَا فِي الْخَطَأِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَأْخُذْ عَقْلًا وَجِنَايَةُ الْعَمْدِ تَقَدَّمَتْ عِنْدَ قَوْلِهِ وَتُؤْخَذُ الْعَيْنُ السَّلِيمَةُ بِالضَّعِيفَةِ خِلْقَةً أَوْ مِنْ كِبَرٍ وَلِجُدَرِيٍّ أَوْ لِكَرَمْيَةٍ فَالْقَوَدُ إنْ تَعَمَّدَهُ وَإِلَّا فَبِحِسَابِهِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يُقَيَّدُ قَوْلُهُ فَبِحِسَابِهِ بِمَا هُنَا أَيْ حَيْثُ أَخَذَ عَقْلًا وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَأْخُذْ عَقْلًا أَيْ إنْ لَمْ يَجِبْ لَهُ عَقْلٌ أَخَذَهُ أَمْ لَا لِأَنَّهُ تَبَرَّعَ بِهِ لِلْجَانِي
(ص) وَفِي لِسَانِ النَّاطِقِ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَفِي ثَدْيِ الْمَرْأَةِ إلَخْ يَعْنِي أَنَّ لِسَانَ النَّاطِقِ فِيهِ الدِّيَةُ بِخِلَافِ لِسَانِ الْأَخْرَسِ فَإِنَّ فِيهِ حُكُومَةً (ص) وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ النُّطْقَ مَا قَطَعَهُ فَحُكُومَةٌ كَلِسَانِ الْأَخْرَسِ وَالْيَدِ الشَّلَّاءِ وَالسَّاعِدِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَطَعَ مِنْ شَخْصٍ بَعْضَ لِسَانِهِ النَّاطِقِ وَلَمْ يَمْنَعْ مَا قَطَعَهُ مِنْهُ نُطْقَهُ فَإِنَّمَا فِيهِ الْحُكُومَةُ بِالِاجْتِهَادِ مِنْ الْحَاكِمِ أَوْ مِمَّنْ حَضَرَهُ كَمَا مَرَّ وَإِنْ مَنَعَ ذَلِكَ نُطْقَهُ فَفِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ لِأَنَّهَا لِلنُّطْقِ لَا لِلِّسَانِ وَكَذَلِكَ تَجِبُ الْحُكُومَةُ فِي قَطْعِ لِسَانِ الْأَخْرَسِ أَوْ فِي قَطْعِ الْيَدِ الشَّلَّاءِ أَوْ فِي قَطْعِ السَّاعِدِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْكَفُّ ذَهَبَ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ جِنَايَةٍ أَخَذَ لَهَا عَقْلًا أَمْ لَا وَلَيْسَ قَوْلُهُ وَالْيَدُ الشَّلَّاءُ تَكْرَارًا مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا كَذِي شَلَّاءَ عَدِمَتْ النَّفْعَ لِأَنَّ مَا مَرَّ بَيَّنَ أَنَّ فِيهِ الْعَقْلَ لَا الْقِصَاصَ وَبَيَّنَ هُنَا مَا الْمُرَادُ بِالْعَقْلِ وَقَوْلُهُ كَلِسَانِ الْأَخْرَسِ أَيْ إنْ لَمْ يَمْنَعْ الصَّوْتَ وَإِلَّا فَالدِّيَةُ وَقَوْلُهُ وَالْيَدُ الشَّلَّاءُ
ــ
[حاشية العدوي]
مَالِكٍ الْآتِي يُفِيدُ أَنَّ الْيَمِينَ عِنْدَ عَدَمِ الِاخْتِبَارِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنْ يُقَالَ إذَا لَمْ يُمْكِنْ الِاخْتِبَارُ فَالْيَمِينُ ابْتِدَاءً وَإِذَا أَمْكَنَ فَالْيَمِينُ انْتِهَاءً وَقَالَ مُحَشِّي تت بَعْدَ اخْتِبَارِهِ بِمَا ذُكِرَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكَذَلِكَ فِي التَّوْضِيحِ وَكَذَلِكَ كَتَبَ شب فَقَالَ وَصُدِّقَ بَعْدَ الِاخْتِبَارِ مُدَّعِي ذَهَابِ الْجَمِيعِ بِيَمِينٍ ثُمَّ إنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الِاخْتِبَارَ بِاَلَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ يُمْكِنُ فَكَيْفَ يَأْتِي قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إلَخْ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ قَدْ يَتَّفِقُ عَدَمُ الْإِمْكَانِ بِأَنْ يَكُونَ يَتَعَذَّرُ أَنْ يُصَاحَ عَلَيْهِ صَيْحَةً شَدِيدَةً فِي غَفْلَةٍ
(قَوْلُهُ خِلْقَةً) أَيْ مِنْ اللَّهِ وَهُوَ تَمْيِيزٌ لِلضَّعِيفِ مِثْلُ اسْتِرْخَاءِ الْبَصَرِ وَثِقَلِ إبْصَارِهَا مِنْ كِبَرٍ (قَوْلُهُ فَهَلْ فِيهِ نَوْعُ تَكْرَارٍ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ جَعَلَ التَّكْرَارَ لِلْأَوَّلِ مَعَ أَنَّ الْمُكَرَّرَ إنَّمَا هُوَ الثَّانِي وَإِنَّمَا قَالَ نَوْعُ تَكْرَارٍ وَلَمْ يَقُلْ تَكْرَارًا لِأَنَّهُ لَا تَكْرَارَ فِي ذَلِكَ الذَّكَرِ (قَوْلُهُ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ مَا مَرَّ) قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ فِي الْقَوَدِ وَهَذَا فِي الْعَقْلِ (قَوْلُهُ أَمَّا إذَا كَانَ أَخَذَ لَهَا عَقْلًا) هَذَا إذَا لَمْ يَذْهَبْ جُلُّ الْمَنْفَعَةِ وَإِلَّا فَلَهُ بِحِسَابِ مَا بَقِيَ مُطْلَقًا أَخَذَ لَهَا عَقْلًا أَمْ لَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَاعْلَمْ أَنَّ لَنَا مَسَائِلَ: الْأُولَى: أَنْ تَكُونَ الْجِنَايَةُ الثَّانِيَةُ عَمْدًا فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْ الْجَانِي كَانَتْ الْأُولَى عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَخَذَ فِيهَا مَالًا أَمْ لَا أَذْهَبَتْ جُلَّ الْمَنْفَعَةِ أَمْ لَا وَهَذَا قَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ بِكَرَمْيَةٍ فَالْقَوَدُ إنْ تَعَمَّدَهُ. الثَّانِيَةَ: أَنْ تَكُونَ الثَّانِيَةُ خَطَأً وَالْأُولَى كَذَلِكَ وَأَخَذَ لَهَا عَقْلًا وَهَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَيْ لِأَنَّ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِحِسَابِ مَا بَقِيَ. الثَّالِثَةَ: أَنْ تَكُونَ كُلٌّ خَطَأً وَلَمْ يَأْخُذْ عَقْلًا لِلْأُولَى وَهِيَ كَالْمُتَقَدِّمَةِ وَهَذَا حَيْثُ حَصَلَ الْعَفْوُ أَذْهَبَتْ جُلَّ الْمَنْفَعَةِ أَمْ لَا وَأَمَّا إنْ كَانَ لِتَعَذُّرِ الْأَخْذِ مِنْ الْجَانِي فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ بِالْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ كُلَّ الدِّيَةِ وَهَذَا مَا لَمْ تَكُنْ الْجِنَايَةُ الْأُولَى أَذْهَبَتْ جُلَّ النَّفْعِ وَإِلَّا فَلَهُ بِحِسَابِ مَا بَقِيَ الرَّابِعَةَ أَنْ تَكُونَ الْأُولَى فَقَطْ عَمْدًا فَإِنْ ذَهَبَ جُلُّ نَفْعِهَا فَعَلَى الثَّانِي بِحِسَابِ مَا بَقِيَ وَإِلَّا فَكَذَلِكَ إنْ أَخَذَ لَهَا عَقْلًا أَوْ تَرَكَهُ بِاخْتِيَارِهِ لَا إنْ تَعَذَّرَ أَخْذُهُ فَلَهُ فِي الثَّانِي الْكُلُّ وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَالضَّعِيفُ السِّنِّ الْمُضْطَرِبَةُ جِدًّا وَالْيَدُ الشَّلَّاءُ فَإِنَّهُ لَا يُقْتَصُّ مِنْهَا وَلَا لَهَا إلَّا مِنْ مِثْلِهِ
(قَوْلُهُ وَفِي لِسَانِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ إنَّمَا وَجَبَتْ الدِّيَةُ فِيهِ لِمَا أَدَّى إلَيْهِ الْقَطْعُ مِنْ إزَالَةِ مَا فِيهِ مِنْ الْمَعْنَى وَحِينَئِذٍ فَقَدْ تَقَدَّمَ لَهُ مَا يُرْشِدُ إلَى ذَلِكَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بِأَنَّ إعَادَتَهُ تَوْطِئَةٌ لِقَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ النُّطْقَ (قَوْلُهُ وَلِسَانِ الْأَخْرَسِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ مِنْ عَدَمِ النُّطْقِ دَائِمًا لَا مِنْ يَعْرِضْ لَهُ عَدَمُ النُّطْقِ لِعَارِضٍ ثُمَّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَزُولَ كَمَا فِي شَرْحِ عب وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ هَذَا الَّذِي عَرَضَ لَهُ ذَلِكَ يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ السَّالِمِ وَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ وَالْيَدِ الشَّلَّاءِ) أَيْ الَّتِي لَا نَفْعَ لَهَا أَصْلًا وَأَمَّا إنْ كَانَ لَهَا نَفْعٌ فَقَدْ دَخَلَتْ فِي قَوْلِهِ وَالضَّعِيفُ مِنْ عَيْنٍ إلَخْ (قَوْلُهُ وَالسَّاعِدِ إلَخْ) هُوَ مَا عَدَا الْأَصَابِعَ مِنْ الْيَدِ الَّتِي مُنْتَهَاهَا الْمَنْكِبُ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَطَعَ إلَخْ) هَذَا فِي الْخَطَأِ وَانْظُرْ لَوْ قَطَعَهُ عَمْدًا هَلْ فِيهِ الْقِصَاصُ مَعَ احْتِمَالِ أَنْ يَذْهَبَ بِذَلِكَ نُطْقُهُ لِأَنَّ الظَّالِمَ أَحَقُّ بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ وَهُوَ مُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ فِي وَإِنْ ذَهَبَ إلَخْ أَوْ يَكُونُ فِيهِ حُكُومَةٌ وَيَكُونُ كَالتَّالِفِ أَوْ يُسْئِلُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ فَإِنْ قَالُوا إنْ فُعِلَ بِالْجَانِي لَا يَزِيدُ بِهِ وَإِلَّا لَمْ يُفْعَلْ بِهِ (قَوْلُهُ وَالسَّاعِدِ) هَذَا عِنْدَ قَطْعِهِ مُنْفَرِدًا أَوْ مَعَ أُصْبُعٍ وَيَجِبُ دِيَةُ
وَالسَّاعِدُ خَطَأً أَوْ عَمْدًا عِنْدَ عَدَمِ الْمُمَاثِلِ وَمِثْلُهُ الْعَسِيبُ وَأَمَّا مَعَ الْمُمَاثِلِ فَفِيهِ الْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ فِي لِسَانِ الصَّغِيرِ قَبْلَ نُطْقِهِ الدِّيَةَ لِأَنَّ الْغَالِبَ نُطْقُهُ بَعْدُ وَالْخَرَسُ نَادِرٌ وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ فَإِنْ قُلْت هَبْ أَنَّ لِسَانَ الْأَخْرَسِ لَا كَلَامَ فِيهِ لَكِنَّهُ يَذُوقُ بِهِ وَقَدْ قُلْتُمْ أَنَّ فِي الذَّوْقِ الدِّيَةَ قُلْت لَا بُدَّ فِي وُجُوبِ الدِّيَةِ مِنْ تَحَقُّقِ إزَالَةِ الْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ الدِّيَةُ وَهِيَ غَيْرُ مُتَحَقِّقَةٍ فِي لِسَانِ الْأَخْرَسِ وَلِهَذَا جَعَلَ فِيهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْحُكُومَةَ اهـ.
وَعَلَيْهِ فَإِنْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ كَانَ بِهِ ذَوْقٌ فَإِنَّ فِيهِ الدِّيَةَ ثُمَّ إنَّ مَفْهُومَ وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ إلَخْ أَنَّهُ إنْ مَنَعَ مَا قَطَعَهُ النُّطْقَ أَوْ بَعْضَهُ فَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَالنُّطْقُ بِالْكَلَامِ اجْتِهَادًا فِي قَوْلِهِ عَاطِفًا عَلَى مَا فِيهِ دِيَةٌ أَوْ النُّطْقُ (ص) وَأَلْيَتَيْ الْمَرْأَةِ وَسِنِّ مُضْطَرِبَةٍ جِدًّا وَعَسِيبِ ذَكَرٍ بَعْدَ الْحَشَفَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ أَلْيَتَيْ الْمَرْأَةِ إذَا قُطِعَتَا فَإِنَّمَا فِيهِمَا الْحُكُومَةُ قِيَاسًا عَلَى أَلْيَتَيْ الرَّجُلِ وَهَذَا إذَا كَانَ خَطَأً أَوْ أَمَّا إنْ كَانَ عَمْدًا فَفِيهِ الْقِصَاصُ وَكَذَلِكَ فِي السِّنِّ الْمُضْطَرِبَةِ جِدًّا بِأَنْ لَا يُرْجَى مَعَهُ ثَبَاتٌ إذَا قُلِعَتْ حُكُومَةٌ وَيَنْبَغِي مَا لَمْ يَكُنْ أَخَذَ لَهَا عَقْلًا فَإِنْ كَانَ اضْطِرَابُهَا لَا جِدًّا فَفِيهَا الْعَقْلُ كَامِلًا وَكَذَلِكَ تَجِبُ الْحُكُومَةُ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى الْعَسِيبِ إذَا قُطِعَ بَعْدَ ذَهَابِ الْحَشَفَةِ لِأَنَّ الدِّيَةَ إنَّمَا هِيَ لِلْحَشَفَةِ
(ص) وَحَاجِبٍ وَهُدْبٍ وَظُفْرٍ وَفِيهِ الْقِصَاصُ (ش) يَعْنِي أَنَّ شَعْرَ الْحَاجِبِ الْوَاحِدِ أَوْ الْمُتَعَدِّدِ وَهُدْبَ الْعَيْنَيْنِ وَهُوَ شَعْرُهُمَا وَشَعْرَ اللِّحْيَةِ فِي كُلٍّ حُكُومَةٌ إنْ لَمْ يَنْبُتْ فَإِنْ عَادَ لِهَيْئَتِهِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ لَكِنْ إنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَمْدًا أُدِّبَ وَإِنْ كَانَتْ خَطَأً فَلَا أَدَبَ عَلَى الْجَانِي وَأَمَّا الظُّفْرُ فَفِيهِ الْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ وَالْحُكُومَةُ فِي الْخَطَأِ وَأَمَّا عَمْدُ غَيْرِهِ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا الْأَدَبُ كَمَا مَرَّ (ص) وَإِفْضَاءٍ وَلَا يَنْدَرِجُ تَحْتَ مَهْرٍ بِخِلَافِ الْبَكَارَةِ إلَّا بِأُصْبُعِهِ (ش) ابْنُ عَرَفَةَ الْإِفْضَاءُ عِبَارَةٌ عَنْ رَفْعِ الْحَاجِزِ بَيْنَ مَخْرَجِ الْبَوْلِ وَمَحَلِّ الْجِمَاعِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِيهِ مَا شَأْنُهَا بِالِاجْتِهَادِ وَقَالَ الْبَاجِيُّ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِأَجْنَبِيَّةٍ فَعَلَيْهِ حُكُومَةٌ فِي مَالِهِ وَإِنْ جَاوَزَتْ الثُّلُثَ مَعَ صَدَاقِ الْمِثْلِ وَالْحَدِّ وَلَوْ فَعَلَهُ بِزَوْجَتِهِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ بَلَغَ الثُّلُثَ فَعَلَى الْعَاقِلَةِ وَإِلَّا فَفِي مَالِهِ وَبِعِبَارَةٍ وَمَعْنَى الْحُكُومَةِ هُنَا أَنْ يَغْرَمَ مَا شَأْنُهَا عِنْدَ الْأَزْوَاجِ بِأَنْ يُقَالَ مَا صَدَاقُهَا عَلَى أَنَّهَا مُفْضَاةٌ وَمَا صَدَاقُهَا عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ مُفْضَاةٍ وَيَغْرَمُ النَّقْصَ وَلَا يَنْدَرِجُ الْإِفْضَاءُ تَحْتَ مَهْرٍ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الزَّوْجِ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ اغْتَصَبَهَا بِخِلَافِ زَوَالِ الْبَكَارَةِ مِنْ الزَّوْجِ أَوْ الْغَاصِبِ فَإِنَّهَا تَنْدَرِجُ تَحْتَ الْمَهْرِ إذْ لَا يُمْكِنُ الْوَطْءُ إلَّا بِزَوَالِهَا فَهِيَ مِنْ لَوَاحِقِ الْوَطْءِ بِخِلَافِ الْإِفْضَاءِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُزِيلَ الْبَكَارَةَ بِأُصْبُعِهِ فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ لَا تَنْدَرِجُ وَالزَّوْجُ وَالْأَجْنَبِيُّ سَوَاءٌ إلَّا أَنَّ الزَّوْجَ يَلْزَمُهُ أَرْشُ الْبَكَارَةِ الَّتِي أَزَالَهَا بِأُصْبُعِهِ إذَا طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَإِنْ طَلَّقَ بَعْدَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ
(ص) وَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ عُشْرٌ وَالْأُنْمُلَةِ ثُلُثُهُ إلَّا فِي الْإِبْهَامِ فَنِصْفُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَطَعَ أُصْبُعًا لِإِنْسَانٍ مِنْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ عُشْرُ الدِّيَةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْخِنْصَرِ وَالْإِبْهَامِ
ــ
[حاشية العدوي]
الْأُصْبُعِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ لَهُ أُصْبُعَانِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ فِي السَّاعِدِ شَيْءٌ وَيَنْدَرِجُ فِي دِيَةِ الْأُصْبُعَيْنِ فَأَكْثَرَ وَالرِّجْلُ مِثْلُ السَّاعِدِ (قَوْلُهُ وَالْخَرَسُ نَادِرٌ إلَخْ) أَيْ وَلِأَنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا الْحُكُومَةَ إلَّا فِي لِسَانِ الْأَخْرَسِ وَقَدْ يُقَالُ الدِّيَةُ لَا تَلْزَمُ بِمَشْكُوكٍ فِيهِ كَذَا قَالَ عب وَأَجَابَ الشُّيُوخُ بِأَنَّ الشَّكَّ اسْتِوَاءُ الطَّرَفَيْنِ وَهُوَ مُنْتَفٍ لِأَنَّ الْمَوْجُودَ هُنَا الظَّنُّ (قَوْلُهُ وَأَلْيَتَيْ الْمَرْأَةِ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي مَا لَمْ يَكُنْ أَخَذَ لَهَا عَقْلًا) أَيْ فَإِنْ أَخَذَ لَهَا عَقْلًا فَهَدَرٌ أَقُولُ بَلْ وَيَنْبَغِي وَلَوْ أَخَذَ لَهَا عَقْلًا لِمَا فِيهِ مِنْ نَوْعِ جَمَالٍ وَالْفَرْقُ بَيْنَ السِّنِّ وَالْعَسِيبِ أَيْ حَيْثُ لَزِمَ فِي الْعَسِيبِ حُكُومَةٌ سَوَاءٌ أَخَذَ دِيَةً لِلْحَشَفَةِ أَمْ لَا وَالسِّنُّ الْمُضْطَرِبَةُ جِدًّا هَدَرٌ حَيْثُ أَخَذَ لَهَا أَوَّلًا عَقْلًا أَنَّ الْجِنَايَةَ فِي السِّنِّ لَا تَخْتَلِفُ لِأَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ أَوَّلًا عَيْنُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ثَانِيًا بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْعَسِيبِ فَإِنَّ الْجِنَايَةَ أَوَّلًا عَلَى الرَّأْسِ ثُمَّ وَقَعَتْ ثَانِيًا عَلَى غَيْرِهِ وَهُوَ الْعَسِيبُ
(قَوْلُهُ وَهُوَ الْعَسِيبُ إلَخْ) إطْلَاقُ الْعَسِيبِ عَلَى الْبَاقِي بَعْدَ الْحَشَفَةِ مَجَازٌ أَيْ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ إذْ الْعَسِيبُ إنَّمَا يُقَالُ مَعَ بَقَاءِ الْحَشَفَةِ (قَوْلُهُ وَهُدْبٍ) بِضَمِّ الْهَاءِ وَلَا تَكُونُ هَذِهِ مُكَرَّرَةً مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَشَفْرِ عَيْنٍ وَحَاجِبٍ عَطْفًا لَهُ عَلَى مَا لَا قِصَاصَ فِيهِ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ فِي نَفْيِ الْقِصَاصِ وَمَا هُنَا فِي بَيَانِ أَنَّ عَلَيْهِ الْحُكُومَةَ إذَا لَمْ يَعُدْ لِهَيْئَتِهِ (قَوْلُهُ وَإِفْضَاءٍ) أَيْ وَتَجِبُ الْحُكُومَةُ فِي إفْضَاءٍ وَكَذَا اخْتِلَاطُ مَسْلَكِ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ حَيْثُ لَمْ تَمُتْ (قَوْلُهُ وَلَا يَنْدَرِجُ تَحْتَ مَهْرٍ) حَاصِلُهُ أَنَّ ذَلِكَ عَامٌّ فِي الزَّوْجِ وَالْأَجْنَبِيِّ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْبَكَارَةِ فَتَنْدَرِجُ عَامٌّ فِي الزَّوْجِ وَالْأَجْنَبِيِّ وَقَوْلُهُ إلَّا بِأُصْبُعِهِ فَلَا يَنْدَرِجُ تَحْتَ مَهْرٍ لَكِنْ فِي الْأَجْنَبِيِّ مُطْلَقًا وَكَذَا فِي الزَّوْجِ إنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَأَمَّا لَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَ أَنْ دَخَلَ بِهَا فَيَنْدَرِجُ وَأَمَّا إنْ مَاتَتْ مِنْ وَطْئِهِ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ لِأَنَّهُ كَالْخَطَأِ صَغِيرَةً وَكَبِيرَةً مَعَ الْأَدَبِ فِي الصَّغِيرَةِ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَفَصَلَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ بَيْنَ الْكَبِيرَةِ وَالصَّغِيرَةِ (قَوْلُهُ فَعَلَيْهِ حُكُومَةٌ فِي مَالِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ عَمْدٌ بِخِلَافِ الزَّوْجِ فَإِنَّهُ مَأْذُونٌ فَفِعْلُهُ كَالْخَطَأِ (قَوْلُهُ وَمَعْنَى الْحُكُومَةِ هُنَا) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْحُكُومَةَ هُنَا لَيْسَتْ كَمَا تَقَدَّمَ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ يُقَدَّرُ عَبْدًا فَرْضًا وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ إذَا طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ) وَيُتَصَوَّرُ إزَالَتُهَا بِأُصْبُعِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِأَنْ يَفْعَلَ بِهَا ذَلِكَ بِحَضْرَةِ نِسَاءٍ لَا فِي خَلْوَةٍ اهْتِدَاءً وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فِي إزَالَتِهَا بِذَكَرِهِ إذَا ادَّعَتْ عَلَيْهِ أَنَّهُ بِأُصْبُعِهِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعَدَاءِ انْتَهَى
(قَوْلُهُ وَالْأُنْمُلَةِ إلَخْ) فِيهِ ضَمُّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحُهَا وَكَسْرُهَا مَعَ ضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِهَا وَكَسْرِهَا فَهِيَ تِسْعُ لُغَاتٍ وَفَتْحُ الْمِيمِ أَفْصَحُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْخِنْصَرَ اثْنَانِ وَذَكَرَ عج فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ أَنَّ الْخِنْصَرَ اثْنَانِ فَهُوَ كَالْإِبْهَامِ قَالَ ظَاهِرُ
وَغَيْرِهِمَا وَسَوَاءٌ كَانَ الْأُصْبُعُ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي مُعَاقَلَتِهَا لِلرَّجُلِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْكَافِرَ كَالْمُسْلِمِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ عُشْرُ الدِّيَةِ مِنْ الْإِبِلِ وَغَيْرِهَا وَأَسْنَانُهُ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ مِنْ مُثَلَّثَةٍ وَمُرَبَّعَةٍ وَمُخَمَّسَةٍ وَأَنَّ مَنْ قَطَعَ أُنْمُلَةً مِنْ أُصْبُعِ يَدِ شَخْصٍ أَوْ مِنْ رِجْلِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ فِيهَا ثُلُثُ دِيَةِ الْأُصْبُعِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثُ بَعِيرٍ مِنْ الْإِبِلِ إلَّا أُنْمُلَةَ الْإِبْهَامِ مِنْ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ فَإِنَّ فِيهَا نِصْفَ دِيَةِ الْأُصْبُعِ وَهُوَ خَمْسَةٌ مِنْ الْإِبِلِ فَقَوْلُهُ عُشْرٌ بِضَمِّ الْعَيْنِ لَا بِفَتْحِهَا لِئَلَّا يَكُونَ قَاصِرًا عَلَى الذَّكَرِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ وَلَا يَرُدُّ عَلَى الضَّمِّ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ الْآتِي وَسَاوَتْ الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ لِثُلُثِ دِيَتِهِ فَتَرْجِعُ لِدِيَتِهَا لِأَنَّهُ فِي قُوَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ هَذَا
(ص) وَفِي الْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ الْقَوِيَّةِ عُشْرٌ إنْ أُفْرِدَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأُصْبُعَ الزَّائِدَةَ الْقَوِيَّةَ الَّتِي فِيهَا مِنْ الْقُوَّةِ مَا يُوجِبُ الِاعْتِدَادَ بِهَا كَغَيْرِهَا مِنْ الْأَصَابِعِ الْأَصْلِيَّةِ فِي الْيَدِ أَوْ فِي الرِّجْلِ إذَا قُطِعَتْ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَإِنَّ الْوَاجِبَ فِيهَا عُشْرُ الدِّيَةِ وَلَا قِصَاصَ فِي حَالَةِ الْعَمْدِ لِعَدَمِ الْمُسَاوَاةِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تُقْطَعَ وَحْدَهَا أَوْ مَعَ غَيْرِهَا بِحَيْثُ لَوْ قَطَعَ جَمِيعَ الْكَفِّ فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ سِتُّونَ مِنْ الْإِبِلِ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ إنْ أُفْرِدَتْ وَاحْتُرِزَ بِالْقَوِيَّةِ مِنْ الضَّعِيفَةِ فَإِنَّهَا إنْ قُطِعَتْ وَحْدَهَا فَفِيهَا حُكُومَةٌ وَإِنْ قُطِعَتْ مَعَ الْكَفِّ فَلَا شَيْءَ فِيهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْيَدَ الزَّائِدَةَ تَجْرِي عَلَى حُكْمِ الْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ
(ص) وَفِي كُلِّ سِنٍّ خَمْسٌ وَإِنْ سَوْدَاءَ (ش) يَعْنِي أَنَّ السِّنَّ إذَا كَانَتْ ضِرْسًا أَوْ نَابًا أَوْ رُبَاعِيَّةً أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ أَوْ كَانَتْ سَوْدَاءَ بِخِلْقَةٍ أَوْ جِنَايَةٍ إذَا جَنَى عَلَيْهَا إنْسَانٌ فَقَلَعَهَا مِنْ أَصْلِهَا أَوْ مِنْ اللَّحْمِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ وَخَمْسٌ بِفَتْحِ الْخَاءِ وَيَكُونُ قَاصِرًا عَلَى الذَّكَرِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ وَلَا يَصِحُّ ضَمُّهَا لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ عَلَى صَاحِبِ الذَّهَبِ إذَا جَنَى عَلَى مُسْلِمٍ مِائَتَيْنِ وَهُوَ فَاسِدٌ إذْ لَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا خَمْسُونَ نِصْفُ الْعُشْرِ فَالْقُصُورُ أَخَفُّ مِنْ الْفَسَادِ وَلَوْ قَالَ نِصْفُهُ أَيْ نِصْفُ الْعُشْرِ كَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ الْمُسْلِمَ وَغَيْرَهُ مُثَلَّثَةً أَوْ مُرَبَّعَةً أَوْ مُخَمَّسَةً (ص) بِقَلْعٍ أَوْ اسْوِدَادٍ أَوْ بِهِمَا أَوْ بِحُمْرَةٍ أَوْ صُفْرَةٍ إنْ كَانَا عُرِفَا كَالسَّوَادِ أَوْ بِاضْطِرَابِهَا جِدًّا (ش) يَعْنِي أَنَّ دِيَةَ السِّنِّ تَجِبُ بِأَحَدِ أُمُورٍ مِنْهَا الْقَلْعُ كَمَا مَرَّ وَمِنْهَا اسْوِدَادُهَا فَقَطْ بَعْدَ بَيَاضِهَا بِجِنَايَةٍ عَلَيْهَا مَعَ بَقَائِهَا لِأَنَّهُ أَذْهَبَ جَمَالَهَا وَمِنْهَا إذَا جَنَى عَلَيْهَا فَاسْوَدَّتْ ثُمَّ انْقَلَعَتْ وَمِنْهَا إذَا جَنَى عَلَيْهَا فَاحْمَرَّتْ بَعْدَ بَيَاضِهَا وَمِنْهَا إذَا جَنَى عَلَيْهَا فَاصْفَرَّتْ بَعْدَ بَيَاضِهَا بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ الْحُمْرَةُ أَوْ الصُّفْرَةُ فِي الْعُرْفِ كَالسَّوَادِ أَيْ يَذْهَبُ بِذَلِكَ جَمَالُهَا وَإِلَّا فَعَلَى حِسَابِ مَا نَقَصَ وَمِنْهَا إذَا جَنَى عَلَيْهَا فَاضْطَرَبَتْ بِذَلِكَ اضْطِرَابًا كَثِيرًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ لِأَنَّهُ أَذْهَبَ مَنْفَعَتَهَا مَا لَمْ تَثْبُتْ وَإِلَّا فَلَيْسَ فِيهَا إلَّا الْأَدَبُ فِي الْعَمْدِ فَلَوْ كَانَ الِاضْطِرَابُ لَا جِدًّا فَأَنَّهُ يَلْزَمُهُ بِحِسَابِ مَا نَقَصَ مِنْهَا
(ص) وَإِنْ ثَبَتَتْ لِكَبِيرٍ قَبْلَ أَخْذِ عَقْلِهَا أَخَذَهُ كَالْجِرَاحَاتِ الْأَرْبَعِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَلَعَ سِنًّا لِشَخْصٍ كَبِيرٍ أَيْ بَلَغَ حَدَّ الْإِثْغَارِ أَيْ تَبَدَّلَتْ أَسْنَانُهُ ثُمَّ رَدَّهَا صَاحِبُهَا فَثَبَتَتْ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ عَقْلَهَا فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ وَمَفْهُومُ قَبْلَ إلَخْ أَحْرَوِيٌّ كَمَا أَنَّ الْجِرَاحَاتِ الْأَرْبَعَ الْمُنَقِّلَةَ وَالْمُوضِحَةَ وَالْجَائِفَةَ وَالْمَأْمُومَةَ يُؤْخَذُ مَا قَدَّرَهُ الشَّارِعُ فِي كُلٍّ وَإِنْ بَرِئَ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ
(ص) وَرُدَّ فِي عَوْدِ الْبَصَرِ وَقُوَّةِ الْجِمَاعِ وَمَنْفَعَةِ اللَّبَنِ وَفِي الْأُذُنِ إنْ ثَبَتَتْ تَأْوِيلَانِ (ش) تَقَدَّمَ
ــ
[حاشية العدوي]
الْمُصَنِّفِ وَالرِّسَالَةِ أَنَّهُ كَغَيْرِهِ مِنْ جُمْلَةِ الْأَصَابِعِ (قَوْلُهُ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي مُعَاقَلَتِهَا لِلرَّجُلِ) أَيْ كَوْنِ عَقْلِ جَوَارِحِهَا يُسَاوِي عَقْلَ الرَّجُلِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى قِرَاءَةِ عُشْرٍ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَالضَّمِيرُ فِي بِهِ عَائِدٌ عَلَى مَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ فِي قُوَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ) وَكَأَنَّهُ قَالَ وَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ عُشْرُ الدِّيَةِ إلَّا فِي بَعْضِ الصُّوَرِ وَهُوَ أَنَّ الْمَرْأَةَ فِي أَصَابِعِهَا عُشْرُ دِيَةِ الرَّجُلِ عَشَرَةٌ مِنْ الْإِبِلِ إلَّا أَنْ تَبْلُغَ ثُلُثَ دِيَتِهَا
(قَوْلُهُ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ إنْ أُفْرِدَتْ) قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُصَحَّحَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِجَعْلِ إنْ أُفْرِدَتْ رَاجِعًا لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ الْقَوِيَّةِ وَكَأَنَّهُ قَالَ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَوِيَّةً وَقَطَعَهَا فَفِيهَا حُكُومَةٌ إنْ أُفْرِدَتْ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ فِيهَا (قَوْلُهُ فَإِنَّهَا إنْ قُلِعَتْ وَحْدَهَا إلَخْ) فَلَوْ جَنَى صَاحِبُ خَمْسِ أَصَابِعَ عَلَى كَفٍّ فِيهِ سِتُّ أَصَابِعَ عَمْدًا فَالظَّاهِرُ الْقِصَاصُ وَكَذَا عَكْسُهُ لِأَنَّ نَقْصَ الْأُصْبُعِ مِنْ الْكَفِّ لَا نَظَرَ إلَيْهِ فِي الْكَفِّ الْجَانِيَةِ أَوْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ تَجْرِي عَلَى حُكْمِ الْأُصْبُعِ الزَّائِدِ) أَيْ فَيَكُونُ إذَا قَطَعَهَا عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ
(قَوْلُهُ فَقَلَعَهَا مِنْ أَصْلِهَا) أَيْ بِأَنْ أَبْقَى بَعْضَ السِّنِّ مَغْرُوزًا فِي اللَّحْمِ وَقَوْلُهُ أَوْ مِنْ اللَّحْمِ بِأَنْ أَخْرَجَهَا بِتَمَامِهَا لَمْ يَبْقَ مِنْهَا شَيْءٌ أَصْلًا (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي إلَخْ) أَيْ وَيَقْتَضِي أَنَّ عَلَى صَاحِبِ الْإِبِلِ إذَا جَنَى عَلَى مُسْلِمٍ أَرْبَعَمِائَةٍ وَهُوَ فَاسِدٌ (قَوْلُهُ بِقَلْعٍ أَوْ اسْوِدَادٍ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الْخَطَأِ وَأَمَّا إذَا ضَرَبَهُ عَمْدًا فَاسْوَدَّتْ أَوْ احْمَرَّتْ أَوْ اصْفَرَّتْ أَوْ اضْطَرَبَتْ جِدًّا وَلَمْ تَسْقُطْ لَهُ فَهَلْ لَهُ عَقْلُهَا كَالْخَطَأِ أَوْ يَجْرِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ ذَهَبَ كَبَصَرٍ إلَخْ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي الْجِنَايَةِ قِصَاصًا فَيَفْعَلُ بِهِ مِثْلَهَا فَإِنْ حَصَلَ أَوْ زَادَ وَإِلَّا فَدِيَةُ مَا ذَهَبَ وَبَيْنَ مَا لَا قِصَاصَ فِيهِ فَيُؤْخَذُ الْعَقْلُ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ
(قَوْلُهُ وَإِنْ ثَبَتَتْ لِكَبِيرٍ قَبْلَ أَخْذِ عَقْلِهَا) سُمِّيَ الْعَقْلُ عَقْلًا لِأَنَّ الْعَرَبَ كَانَتْ تَعْقِلُ الْإِبِلَ الدِّيَةَ بِدَارِ أَهْلِ الْقَتِيلِ وَإِنْ ثَبَتَتْ لَهُ بَعْدَ اضْطِرَابِهَا فَلَا يَأْخُذُهُ وَقَوْلُهُ كَالْجِرَاحَاتِ الْأَرْبَعِ وَكَذَا الدَّامِغَةُ (قَوْلُهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِأَشْهَبَ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ وَظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْجِرَاحَاتِ الْأَرْبَعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هِيَ مَحَلُّ اتِّفَاقٍ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي السِّنِّ الَّتِي ثَبَتَتْ الَّذِي تَكَلَّمَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ أَوَّلًا
(قَوْلُهُ وَفِي الْأُذُنِ إنْ ثَبَتَتْ إلَخْ) وَعَلَى الْأَوَّلِ فَفَرْقٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ السِّنِّ إذَا ثَبَتَتْ فَلَا يُرَدُّ عَقْلُهَا
أَنَّ الْبَصَرَ فِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ فَإِذَا عَادَ لِصَاحِبِهِ كَمَا كَانَ فَإِنَّهُ يَرُدُّ لِلْجَانِي مَا أَخَذَ مِنْهُ وَسَوَاءٌ أَخَذَهُ بِحُكْمِ حَاكِمٍ أَمْ لَا وَكَذَلِكَ السَّمْعُ يَرُدُّ لِلْجَانِي مَا كَانَ أَخَذَ مِنْهُ بِسَبَبِ عَوْدِهِ لِصَاحِبِهِ كَمَا كَانَ وَكَذَلِكَ الْعَقْلُ وَالْكَلَامُ وَكَذَلِكَ قُوَّةُ الْجِمَاعِ وَكَذَلِكَ مَنْفَعَةُ اللَّبَنِ إذَا عَادَتْ كَمَا كَانَتْ قَبْلَ قَطْعِ الْحَلَمَتَيْنِ وَأَمَّا مَنْ قَطَعَ أُذُنَ شَخْصٍ ثُمَّ عَادَتْ كَمَا كَانَتْ بِأَنْ رَدَّهَا صَاحِبُهَا وَثَبَتَتْ فَهَلْ يَرُدُّ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْجَانِي أَوْ لَا يَرُدُّهُ فِي ذَلِكَ تَأْوِيلَانِ
(ص) وَتَعَدَّدَتْ الدِّيَةُ بِتَعَدُّدِهَا إلَّا الْمَنْفَعَةَ بِمَحَلِّهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الدِّيَةَ تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْجِنَايَةِ فَإِذَا قَطَعَ يَدَيْهِ فَزَالَ عَقْلُهُ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ دِيَتَانِ دِيَةٌ لِلْيَدَيْنِ وَدِيَةٌ لِذَهَابِ الْعَقْلِ وَإِذَا ضَرَبَهُ فَقَطَعَ أُذُنَيْهِ فَزَالَ سَمْعُهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ دِيَةٌ وَاحِدَةٌ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ بِمَحَلِّ الْجِنَايَةِ وَكَذَلِكَ إذَا ضَرَبَهُ فَقَلَعَ عَيْنَيْهِ فَزَالَ بَصَرُهُ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ بِمَحَلِّ الْجِنَايَةِ وَلَا تَنْدَرِجُ قُوَّةُ الْجِمَاعِ فِي الصُّلْبِ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ قُوَّةِ الْجِمَاعِ مِنْ الصُّلْبِ بَلْ تَتَعَدَّدُ الدِّيَةُ فَعَلَيْهِ دِيَتَانِ فَقَوْلُهُ إلَّا إلَخْ أَيْ إلَّا أَنْ يَجْنِيَ عَلَيْهِ جِنَايَةً فَتُذْهِبَ مَنْفَعَةً بِمَحَلِّهَا وَالْبَاءُ بِمَعْنَى فِي أَيْ حَالَ كَوْنِهَا فِي مَحَلِّهَا أَيْ مَحَلِّ الْجِنَايَةِ
(ص) وَسَاوَتْ الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ لِثُلُثِ دِيَتِهِ فَتَرْجِعُ لِدِيَتِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ تُسَاوِي الرَّجُلَ مِنْ أَهْلِ دِينِهَا إلَى ثُلُثِ دِيَتِهِ فَتَرْجِعُ حِينَئِذٍ لِدِيَتِهَا فَإِذَا قَطَعَ لَهَا ثَلَاثَةَ أَصَابِعَ فَفِيهَا ثَلَاثُونَ مِنْ الْإِبِلِ فَإِذَا قَطَعَ لَهَا أَرْبَعَةَ أَصَابِعَ فَفِيهَا عِشْرُونَ مِنْ الْإِبِلِ لِرُجُوعِهَا إلَى دِيَتِهَا وَهِيَ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ دِينِهَا وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ فِي مُنَقِّلَتِهَا وَهَاشِمَتِهَا وَمُوضِحَتِهَا وَلَا تَكُونُ مِثْلَهُ فِي جَائِفَتِهَا وَآمَّتِهَا لِأَنَّ فِي كُلٍّ ثُلُثَ الدِّيَةِ فَتَرْجِعُ فِيهِمَا لِدِيَتِهَا فَيَكُونُ فِيهِمَا ثُلُثُ دِيَتِهَا سِتَّةَ عَشَرَ بَعِيرًا وَثُلُثَا بَعِيرٍ
(ص) وَضُمَّ مُتَّحِدُ الْفِعْلِ أَوْ فِي حُكْمِهِ (ش) أَيْ وَضُمَّ فِي جِنَايَةِ الْمَرْأَةِ الْجِنَايَةُ اللَّاحِقَةُ لِلسَّابِقَةِ مُتَّحِدُ الْفِعْلِ أَيْ مَا يَنْشَأُ عَنْهُ وَلَوْ تَعَدَّدَ الْمَحَلُّ فَإِذَا ضَرَبَهَا ضَرْبَةً وَاحِدَةً أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا كَضَرَبَاتٍ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ أَوْ مِنْ جَمَاعَةٍ وَهَذَا مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ أَوْ فِي حُكْمِهِ فَقَطَعَ لَهَا أَرْبَعَةَ أَصَابِعَ فِي كُلِّ يَدٍ أُصْبُعَيْنِ أَوْ قَطَعَ لَهَا مِنْ يَدِ ثَلَاثَةَ أَصَابِعَ وَمِنْ الْأُخْرَى أُصْبُعًا وَاحِدَةً فَإِنَّهَا تَأْخُذُ فِي الْأَرْبَعَةِ عِشْرِينَ فَقَطْ مِنْ الْإِبِلِ فَقَوْلُهُ وَضُمَّ إلَخْ أَيْ فِي كُلِّ شَيْءٍ فِي الْأَصَابِعِ وَالْأَسْنَانِ وَالْمَوَاضِحِ وَالْمَنَاقِلِ وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ أَيْ الْفِعْلِ الْمُتَّحِدِ وَفِيهِ حَذْفٌ أَيْ أَثَرُ الْفِعْلِ وَهُوَ الْجِرَاحَاتُ إذْ الْفِعْلُ نَفْسُهُ لَا يُضَمُّ وَفَائِدَةُ الضَّمِّ أَنَّ الْجِنَايَةَ إذَا بَلَغَتْ لِثُلُثِ دِيَةِ الرَّجُلِ تَرْجِعُ لِدِيَتِهَا (ص) أَوْ الْمَحَلِّ فِي الْأَصَابِعِ لَا الْأَسْنَانِ (ش) عَطْفٌ عَلَى الْفِعْلِ أَيْ وَضُمَّ مُتَّحِدُ الْمَحَلِّ وَلَوْ تَعَدَّدَ الْفِعْلُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فَوْرًا فِي الْأَصَابِعِ لَا الْأَسْنَانِ فَإِذَا قَطَعَ لَهَا ثَلَاثًا مِنْ يَدٍ فَأَخَذَتْ ثَلَاثِينَ مِنْ الْإِبِلِ ثُمَّ قَطَعَ لَهَا مِنْ الْيَدِ الْأُخْرَى ثَلَاثًا فَأَخَذَتْ ثَلَاثِينَ مِنْ الْإِبِلِ أَيْضًا فَإِذَا قَطَعَ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ أُصْبُعًا فَأَكْثَرَ مِنْ أَيِّ يَدٍ كَانَتْ فَإِنَّ لَهَا فِي كُلِّ أُصْبُعٍ خَمْسًا مِنْ الْإِبِلِ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ
ــ
[حاشية العدوي]
لِأَنَّهَا لَا يَجْرِي فِيهَا الدَّمُ وَالْأُذُنُ إذَا رُدَّتْ اسْتَمْسَكَتْ وَعَادَتْ لِهَيْئَتِهَا وَجَرَى فِيهَا الدَّمُ
(قَوْلُهُ وَتَعَدَّدَتْ الدِّيَةُ) وَمِثْلُهَا الْحُكُومَةُ فَلَوْ قَالَ وَتَعَدَّدَ الْوَاجِبُ بِتَعَدُّدِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ إذْ يَشْمَلُ الدِّيَةَ وَالْحُكُومَةَ (قَوْلُهُ فَزَالَ سَمْعُهُ) تَبِعَ تت قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ إذْ السَّمْعُ لَيْسَ فِي الْأُذُنِ وَإِنَّمَا هُوَ فِي مُقَعَّرِ الصِّمَاخِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُ إلَخْ) وَهَلْ مُقَابِلُ الْأَكْثَرِ الْبَيْضَةُ الْيُسْرَى (قَوْلُهُ وَالْبَاءُ بِمَعْنَى فِي) أَيْ وَالتَّقْدِيرُ إلَّا الْمَنْفَعَةَ الْكَائِنَةَ بِمَحَلِّ الْجِنَايَةِ إذَا ذَهَبَتْ مَعَ مَحَلِّ الْجِنَايَةِ فَلَا تَعَدُّدَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي تَعَدُّدِهَا عَائِدٌ عَلَى الْمَنْفَعَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ إلَّا الْمَنْفَعَةَ إلَخْ وَالْبَاءُ فِي بِمَحَلٍّ بِمَعْنَى مَعَ وَالْمَعْنَى إلَّا الْمَنْفَعَةَ الذَّاهِبَ مَعَ مَحَلِّهَا فَلَا تَعَدُّدَ فِيهَا
(قَوْلُهُ لِثُلُثِ دِيَتِهِ) الْغَايَةُ خَارِجَةٌ وَقَوْلُهُ فَإِذَا قَطَعَ لَهَا ثَلَاثَةَ أَصَابِعَ إلَخْ أَيْ وَفِي ثَلَاثَةٍ وَنِصْفِ أُنْمُلَةٍ وَاحِدٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثَانِ وَأَمَّا ثَلَاثَةٌ وَأُنْمُلَةٌ فَلَهَا فِي ذَلِكَ سِتَّةَ عَشَرَ بَعِيرًا وَثُلُثَانِ لِبُلُوغِهَا الثُّلُثَ فَحِينَ اشْتَدَّتْ الْبَلِيَّةُ بِهَا نَقَصَ عَقْلُهَا وَحِينَ ضَعُفَتْ كَثُرَ عَقْلُهَا هَكَذَا السُّنَّةُ (قَوْلُهُ وَهَاشِمَتِهَا) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُنَقِّلَةَ وَالْهَاشِمَةَ شَيْءٌ وَاحِدٌ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ لِأَنَّ فِي كُلٍّ إلَخْ) الْمُتَبَادَرُ مِنْ جَائِفَتِهَا وَآمَّتِهَا فَحِينَئِذٍ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِأَنَّ فِي كُلٍّ ثُلُثَ دِيَتِهَا وَيُحْذَفُ مَا بَعْدُ وَيُمْكِنُ أَنْ يُصَحَّحَ بِأَنَّ الْمَعْنَى لِأَنَّ فِي كُلٍّ أَيْ فِي الْجَائِفَةِ وَالْآمَّةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ هِيَ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهَا جَائِفَةَ الْمَرْأَةِ وَآمَّتَهَا
(قَوْلُهُ الْجِنَايَةُ اللَّاحِقَةُ لِلسَّابِقَةِ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ حَذْفُهَا لِأَنَّهُ إذَا ضَرَبَهَا ضَرْبَةً وَاحِدَةً لَيْسَ فِيهَا جِنَايَةٌ لَاحِقَةٌ وَسَابِقَةٌ بَلْ هِيَ جِنَايَةٌ وَاحِدَةٌ وَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِمُتَعَدِّدٍ (قَوْلُهُ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ) أَيْ ضَرَبَاتٍ فِي أَزْمِنَةٍ إلَّا أَنَّهَا مُتَعَاقِبَةٌ هَذَا مَعْنَى فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ أَقُولُ وَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ الضَّرْبَةُ الْوَاحِدَةُ مِنْ جَمَاعَةٍ بِأَنْ تَكُونَ جَمَاعَةٌ قَبَضُوا عَلَى عَصَا وَضَرَبُوا بِهَا ضَرْبَةً وَاحِدَةً (قَوْلُهُ أَوْ فِي جَمَاعَةٍ) فِي عج عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَعَمْدٌ لِخَطَأٍ مَا يُخَالِفُهُ وَنَصُّهُ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ فِيمَا رَأَيْت أَنَّهُ لَا يُضَمُّ فِعْلُ شَخْصٍ لِفِعْلٍ آخَرَ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي يُضَمُّ فِيهِ الْأَفْعَالُ وَلَوْ تَعَدَّدَ زَمَانُهَا كَالْأَصَابِعِ فَمَنْ قَطَعَ ثَلَاثَةَ أَصَابِعَ مِنْ يَدِ امْرَأَةٍ الْيُمْنَى ثُمَّ جَنَى غَيْرُهُ عَلَيْهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَقَطَعَ أُصْبُعًا رَابِعًا مِنْ الْيَدِ الْيُمْنَى فَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا عُشْرٌ لَا خُمُسٌ (قَوْلُهُ أَوْ الْمَحَلُّ فِي الْأَصَابِعِ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ يُعْتَبَرُ أَصَابِعُ كُلِّ يَدٍ وَحْدِهَا لِأَنَّ كُلَّ يَدٍ مَحَلٌّ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّارِحِ
(تَنْبِيهٌ) : قَالَ مُحَشِّي تت لَا خُصُوصِيَّةَ لِلْأَصَابِعِ قَالَ اللَّخْمِيُّ مَا أُصِيبَ مِنْ الْعَيْنِ وَالْأَنْفِ وَالسَّمْعِ وَشِبْهِهِ مِمَّا فِيهِ دِيَةٌ فَإِنَّهُ يُضَمُّ لِلْآخَرِ كَالْأَصَابِعِ انْتَهَى (قَوْلُهُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فَوْرًا) وَأَمَّا لَوْ كَانَ فَوْرًا فَلَا تَفْتَرِقُ الْأَصَابِعُ مِنْ الْأَسْنَانِ أَيْ وَيَحْصُلُ الضَّمُّ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي قَوْلِهِ أَوْ فِي حُكْمِهِ وَلَوْ تَعَدَّدَ الْمَحَلُّ (قَوْلُهُ فَأَخَذَتْ ثَلَاثِينَ مِنْ الْإِبِلِ أَيْضًا) أَيْ كَمَا أَنَّ ثَلَاثَةَ الْيَدِ الْأُولَى مِنْهَا ثَلَاثُونَ وَإِنَّمَا لَمْ تَرْجِعْ عِنْدَ قَطْعِ ثَلَاثَةِ الْيَدِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّ كُلَّ يَدٍ مَحَلٌّ بِانْفِرَادِهِ فَلَا يُضَمُّ دِيَةُ أَصَابِعِ يَدٍ إلَى دِيَةِ يَدٍ أُخْرَى حَيْثُ لَا فَوْرِيَّةَ
بِخِلَافِ الْأَسْنَانِ فَلَا يُضَمُّ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ بَلْ تَأْخُذُ لِكُلِّ سِنٍّ خَمْسًا مِنْ الْإِبِلِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي ضَرْبَةٍ أَوْ ضَرَبَاتٍ فِي فَوْرٍ فَيُضَمُّ كَمَا مَرَّ فَقَوْلُهُ أَوْ الْمَحَلِّ فِي الْأَصَابِعِ شَرَطَ فِي الضَّمِّ أَمْرَيْنِ وَالضَّمُّ فِي هَذِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسْتَقْبَلِ لَا لِلْمَاضِي
فَلَوْ ضَرَبَهَا فَقَطَعَ لَهَا أُصْبُعَيْنِ مِنْ الْيَدِ الْيُمْنَى مَثَلًا فَأَخَذَتْ لَهُمَا عِشْرِينَ مِنْ الْإِبِلِ ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ ضَرَبَهَا فَقَطَعَ لَهَا أُصْبُعَيْنِ مِنْ تِلْكَ الْيَدِ فَإِنَّهَا تَأْخُذُ لَهُمَا عَشَرَةً مِنْ الْإِبِلِ وَكَذَلِكَ لَوْ قَطَعَ لَهَا فِي الضَّرْبَةِ الْأُولَى ثَلَاثَةً وَأَخَذَتْ لَهَا ثَلَاثِينَ وَفِي الضَّرْبَةِ الثَّانِيَةِ وَاحِدًا فَأَخَذَتْ لَهُ خَمْسًا وَلَا تَرُدُّ مَا أَخَذَتْ فِي الصُّورَتَيْنِ وَلَوْ كَانَ الْقَطْعُ الثَّانِي مِنْ غَيْرِ الْيَدِ الْأُولَى لَمْ يُضَمَّ وَأَمَّا فِي الْقِسْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهِمَا مَاضٍ وَلَا مُسْتَقْبَلٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفِعْلَ الْمُتَّحِدَ أَوْ مَا فِي حُكْمِهِ يُضَمُّ فِي الْأَصَابِعِ وَالْأَسْنَانِ وَغَيْرِهِمَا وَأَمَّا إذَا اتَّحَدَ الْمَحَلُّ فَيُضَمُّ فِي الْأَصَابِعِ لَا فِي غَيْرِهَا فَقَوْلُهُ فِي الْأَصَابِعِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أَوْ الْمَحَلِّ وَلَوْ قَالَ كَالْمَحَلِّ كَانَ أَحْسَنَ لِيَكُونَ قَوْلُهُ فِي الْأَصَابِعِ قَاصِرًا عَلَى مَا بَعْدَ الْكَافِ وَمَحَلُّ الْأَسْنَانِ مُتَّحِدٌ وَلَوْ كَانَتْ مِنْ فَكَّيْنِ وَمَا فِي ز مِنْ أَنَّهُمَا مَحَلَّانِ فَاسِدٌ (ص) وَالْمَوَاضِحِ وَالْمَنَاقِلِ (ش) قَالَ فِيهَا لَوْ ضَرَبَهَا مُنَقِّلَةً ثُمَّ مُنَقِّلَةً فَلَهَا فِي كُلِّ ذَلِكَ مَا لِلرَّجُلِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ وَكَذَا لَوْ كَانَتْ الْمُنَقِّلَةُ فِي مَوْضِعِ الْأُولَى نَفْسِهِ بَعْدَ بُرْئِهَا فَلَهَا فِيهَا مِثْلُ مَا لِلرَّجُلِ وَكَذَلِكَ الْمَوَاضِحُ وَلَوْ أَصَابَهَا فِي ضَرْبَةٍ بِمَنَاقِلَ أَوْ مَوَاضِحَ بَلَغَتْ ثُلُثَ الدِّيَةِ رَجَعَتْ فِيهَا إلَى عَقْلِهَا يُرِيدُ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ (ص) وَعَمْدٍ لِخَطَأٍ وَإِنْ عَفَتْ (ش) فَإِذَا قَطَعَ لَهَا ثَلَاثَةَ أَصَابِعَ عَمْدًا فَاقْتَصَّتْ مِنْهُ أَوْ عَفَتْ عَنْهُ ثُمَّ قَطَعَ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَصَابِعَ خَطَأً فَلَهَا فِي كُلِّ أُصْبُعٍ عَشَرَةٌ مِنْ الْإِبِلِ فَقَوْلُهُ وَعَمْدٍ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى الْأَسْنَانِ أَيْ وَلَا يُضَمُّ عَمْدُ الْخَطَأِ اتَّحَدَ مَحَلُّهُمَا أَوْ تَعَدَّدَ وَكَانَ الْفِعْلُ فِي حُكْمِ الْمُتَّحِدِ وَلَيْسَ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِمُتَّحِدِ الْفِعْلِ كَمَا تَقَرَّرَ
(ص) وَنُجِّمَتْ دِيَةُ الْحُرِّ الْخَطَأُ بِلَا اعْتِرَافٍ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَالْجَانِي (ش) هَذَا شُرُوعٌ فِي بَيَانِ مَنْ يَحْمِلُ الدِّيَةَ الْمُتَقَدِّمَ ذِكْرُهَا فِي النَّفْسِ وَأَجْزَائِهَا فَذَكَرَ أَنَّ دِيَةَ جِنَايَةِ الْحُرِّ الْخَطَأِ الثَّابِتَةِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِلَوْثٍ سَوَاءٌ كَانَ مُسْلِمًا أَوْ مَجُوسِيًّا أَوْ ذِمِّيًّا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى تُنَجَّمُ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي وَالْجَانِي كَرَجُلٍ مِنْهُمْ وَلَوْ كَانَ صَبِيًّا كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ مَعَ كَيْفِيَّةِ التَّنْجِيمِ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تَعْقِلُ لِسَانَ الطَّالِبِ عَنْ الْجَانِي وَيَأْتِي حَدُّهَا فَاحْتُرِزَ بِالْحُرِّ عَنْ الرَّقِيقِ فَإِنَّ قِيمَتَهُ حَالَّةٌ عَلَى الْجَانِي وَاحْتُرِزَ بِالْخَطَأِ عَنْ الْعَمْدِ فَإِنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ شَيْئًا مِنْهَا بَلْ هِيَ حَالَّةٌ عَلَى الْجَانِي حَيْثُ عَفَا عَنْهُ وَفِي حُكْمِ الْخَطَأِ الْعَمْدُ الَّذِي لَا قِصَاصَ فِيهِ كَالْمَأْمُومَةِ وَالْجَائِفَةِ كَمَا يَأْتِي وَلَا تَحْمِلْ مَا اعْتَرَفَ بِهِ الْجَانِي بَلْ تَكُونُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ اُنْظُرْ شُرَّاحَ الرِّسَالَةِ
وَذَكَرَ الشَّيْخُ شَرَفُ الدِّينِ أَنَّ الْجَانِيَ إذَا كَانَ عَدْلًا مَأْمُونًا بِأَنْ لَا يَقْبَلَ الرِّشْوَةَ مِنْ أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ بِأَنْ يَقُولُوا لَهُ اعْتَرِفْ بِأَنَّك قَتَلْت وَلِيَّنَا وَنَحْنُ نُعْطِيكَ كَذَا وَلَيْسَ أَكِيدَ الْقَرَابَةِ لِلْمَقْتُولِ وَلَا صَدِيقًا مُلَاطِفًا لَهُ وَلَا يُتَّهَمُ فِي إغْنَاءِ وَرَثَةِ الْمَقْتُولِ أَقْسَمَ أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْأَسْنَانِ) الْفَرْقُ بَيْنَ الْأَسْنَانِ وَغَيْرِهَا أَنَّ الْأَصَابِعَ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ لِأَنَّ كُلَّ أُصْبُعٍ بِانْفِرَادِهِ لَا يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ غَالِبًا بِخِلَافِ الْأَسْنَانِ لَمَّا كَانَ كُلُّ سِنٍّ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَعَ انْفِرَادِهِ صَارَتْ كَالْأَعْضَاءِ الْمُتَعَدِّدَةِ (قَوْلُهُ شَرَطَ فِي الضَّمِّ أَمْرَيْنِ) الْأَمْرَانِ هُمَا اتِّحَادُ الْمَحَلِّ وَكَوْنُهُ فِي الْأَصَابِعِ (قَوْلُهُ فِي الْقِسْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ) أَيْ وَهُمَا الْمُتَقَدِّمَانِ فِي قَوْلِهِ وَضُمَّ مُتَّحِدُ الْفِعْلِ أَوْ مَا فِي حُكْمِهِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا إذَا اتَّحَدَ الْمَحَلُّ) أَيْ وَتَعَدَّدَ الْفِعْلُ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ فَاتِّحَادُ الْفِعْلِ أَوْ مَا فِي حُكْمِهِ كَالضَّرَبَاتِ فِي فَوْرٍ أَقْوَى مِنْ اتِّحَادِ الْمَحَلِّ مَعَ تَعَدُّدِ الْفِعْلِ لِأَنَّهُ عِنْدَ اتِّحَادِ الْفِعْلِ لَا فَرْقَ فِي الضَّمِّ بَيْنَ اتِّحَادِ الْمَحَلِّ وَاخْتِلَافِهِ بَلْ يُضَمُّ مَا فِي مَحَلٍّ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ وَلَا يَتَقَيَّدُ بِأَصَابِعَ وَلَا أَسْنَانٍ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمَحَلُّ مُخْتَلِفًا وَتَعَدَّدَ الْفِعْلُ فَيَفْصِلُ بَيْنَ الْأَصَابِعِ فَيَجِبُ الضَّمُّ فِيهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ دُونَ غَيْرِهَا كَالْأَسْنَانِ وَالْمَوَاضِحِ وَالْمَنَاقِلِ (قَوْلُهُ وَمَا فِي ز إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ اتِّحَادَ الْمَحَلِّ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي الْأَسْنَانِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْفَكَّيْنِ مَحَلًّا أَوْ مَحَلَّيْنِ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ وَكَذَا وَجَدْت بَعْضَ شُيُوخِنَا اسْتَشْكَلَهُ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّهُ يَظْهَرُ لِذَلِكَ ثَمَرَةٌ فِي الْقِصَاصِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ ذَلِكَ أَيْضًا عَلَى الْقَوْلِ الْمُقَابِلِ فِي الْأَسْنَانِ فَإِنَّ فِيهَا قَوْلَيْنِ
(قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ) وَإِلَّا ضُمَّ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ حَتَّى تَبْلُغَ الثُّلُثَ فَتَرْجِعَ لِلدِّيَةِ (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ) أَيْ ضَرَبَاتٌ وَلَكِنْ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ وَلَا يُضَمُّ عَمْدٌ لِخَطَأٍ) أَيْ وَسَوَاءٌ اتَّحَدَ مَحَلُّهُمَا كَيَدٍ وَاحِدَةٍ أَوْ تَعَدَّدَ (قَوْلُهُ وَكَانَ الْفِعْلُ فِي حُكْمِ الْمُتَّحِدِ) أَيْ وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ وَاحِدًا وَقَوْلُهُ لِأَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِمُتَّحِدِ الْفِعْلِ الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ وَكَانَ الْفِعْلُ فِي حُكْمِ الْمُتَّحِدِ وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ وَاحِدًا بِخِلَافِ الَّذِي قَبْلَهُ فَإِنَّهُ يُتَصَوَّرُ اتِّحَادُ الْفِعْلِ كَمَا يُتَصَوَّرُ كَوْنُهُ فِي حُكْمِ الْمُتَّحِدِ
(قَوْلُهُ وَنُجِّمَتْ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَنُجِّمَ وَجَرَّدَهُ مِنْ التَّاءِ لِأَنَّ الْفِعْلَ إذَا أُسْنِدَ إلَى ظَاهِرٍ مَجَازِيِّ التَّأْنِيثِ جَازَ فِيهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ صَبِيًّا) أَيْ أَوْ امْرَأَةً أَوْ مَجْنُونًا فَيَعْقِلُونَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَلَا يَعْقِلُونَ عَنْ غَيْرِهِمْ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا تَعْقِلُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهَا لَمَا كَانَتْ تَغْرَمُ الدِّيَةَ مَعَهُ تَعْقِلُ لِسَانَهُ عَنْهُ مِنْ حَيْثُ أَخْذُ الدِّيَةِ بِتَمَامِهَا مِنْهُ أَوْ لِأَنَّ شَأْنَهَا أَنْ تُدَافِعَ عَنْهُ وَذَلِكَ لِأَنَّ دَفْعَهَا عَنْهُ دَفْعُهَا عَنْ نَفْسِهَا (قَوْلُهُ حَيْثُ عَفَا عَنْهُ) أَيْ أَوْ كَانَتْ مُثَلَّثَةً عَلَى الْأَبِ أَوْ تَرَكَ الْقِصَاصَ لِعَدَمِ الْمُمَاثَلَةِ وَمَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ الْعَمْدِ فَهُوَ عَلَى الْعَاقِلَةِ كَالْخَطَأِ كَمَا أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ إلَّا مَا لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ مِنْ الْجِرَاحِ لِإِتْلَافِهِ فَعَلَيْهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُثَلَّثَةَ وَالْمُرَبَّعَةَ كُلٌّ مِنْهُمَا حَالَّةٌ فِي مَالِ الْجَانِي (قَوْلُهُ وَذَكَرَ الشَّيْخُ شَرَفُ الدِّينِ) هُوَ الطِّخِّيخِيُّ الْمَعْرُوفُ وَكَلَامُ الشَّيْخِ شَرَفِ الدِّينِ ضَعِيفٌ وَالصَّوَابُ أَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ الِاعْتِرَافَ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ أَقْسَمَ أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّ إقْرَارَهُ لَوْثٌ يَحْلِفُ بِسَبَبِهِ أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ خَمْسِينَ يَمِينًا وَتَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ
وَكَانَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي مُنَجَّمَةً اهـ. وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ لَا يُخَالِفُهُ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ بِلَا اعْتِرَافٍ أَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ مَا اعْتَرَفَ بِهِ الْجَانِي مِنْ حَيْثُ اعْتِرَافُهُ وَأَمَّا إذَا وُجِدَتْ شُرُوطُ الْحَمْلِ فِي الِاعْتِرَافِ فَإِنَّهَا تَحْمِلُهَا مِنْ حَيْثُ الْقَسَامَةُ لَا مِنْ حَيْثُ اعْتِرَافُهُ (ص) إنْ بَلَغَ ثُلُثَ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ الْجَانِي وَمَا لَمْ يَبْلُغْ فَحَالٌّ عَلَيْهِ كَعَمْدٍ وَدِيَةٍ غُلِّظَتْ وَسَاقِطٍ لِعَدَمِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ شَرْطَ الدِّيَةِ الَّتِي تُنَجَّمُ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَالْجَانِي أَنْ تَكُونَ قَدْ بَلَغَتْ ثُلُثَ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ الْجَانِي فَأَكْثَرَ وَمَا لَمْ يَبْلُغْ ثُلُثَ دِيَةِ مَا ذُكِرَ فَيَكُونُ حَالًّا عَلَى الْجَانِي فَقَطْ وَكَذَلِكَ لَا تَحْمِلُ شَيْئًا مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ الْعَمْدِ وَكَذَلِكَ لَا تَحْمِلُ شَيْئًا مِنْ الدِّيَةِ الْمُغَلَّظَةِ عَلَى الْأَبِ بَلْ هِيَ حَالَّةٌ عَلَى الْجَانِي وَكَذَلِكَ لَا تَحْمِلُ شَيْئًا مِمَّا وَجَبَ مِنْ الْمَالِ عَلَى الْجَانِي حَيْثُ سَقَطَ عَنْهُ الْقِصَاصُ لِعَدَمِ الْعُضْوِ الْمُمَاثِلِ لِمَا وَقَعَتْ الْجِنَايَةُ عَلَيْهِ كَمَا إذَا فَقَأَ أَعْوَرُ الْيُمْنَى عَيْنَ شَخْصٍ يُمْنَى عَمْدًا فَعَلَيْهِ خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ فِي مَالِهِ حَالَّةٌ وَبَقِيَ شَرْطٌ خَامِسٌ أَنَّهَا لَا تَحْمِلُ دِيَةَ قَاتِلِ نَفْسِهِ كَمَا يَأْتِي فَقَوْلُهُ إنْ بَلَغَ إلَخْ فَلَوْ جَنَى مُسْلِمٌ عَلَى مَجُوسِيَّةٍ خَطَأً مَا يَبْلُغُ ثُلُثَ دِيَتِهَا أَوْ ثُلُثَ دِيَتِهِ حَمَلَتْهُ الْعَاقِلَةُ وَإِنْ جَنَى مَجُوسِيٌّ أَوْ مَجُوسِيَّةٌ عَلَى مُسْلِمٍ مَا يَبْلُغُ ثُلُثَ دِيَةِ الْجَانِي أَوْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ حَمَلَتْهُ الْعَاقِلَةُ وَقَوْلُهُ كَعَمْدٍ أَيْ كَدِيَةِ عَمْدٍ وَقَوْلُهُ وَدِيَةٍ غُلِّظَتْ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا فِي الْعَمْدِ وَإِنَّمَا أَتَى بِهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْقِصَاصَ لَمَّا كَانَ سَاقِطًا صَارَ كَالْخَطَأِ (ص) إلَّا مَا لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ مِنْ الْجِرَاحِ لِإِتْلَافِهِ فَعَلَيْهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجِرَاحَ الَّتِي لَا يُمْكِنُ الْقِصَاصُ مِنْهَا كَالْجَائِفَةِ وَالْآمَّةِ وَكَسْرِ الْفَخْذِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً وَسَوَاءٌ قَدَّرَ الشَّارِعُ فِيهَا شَيْئًا مَعْلُومًا أَمْ لَا فَإِنَّ الْعَاقِلَةَ تَحْمِلُ ذَلِكَ حَيْثُ بَلَغَتْ الثُّلُثَ وَهَذَا مَعْلُومٌ مِمَّا تَقَدَّمَ لِأَنَّهَا إذَا لَمْ تَحْمِلْ فِي الْخَطَإِ مَا هُوَ أَقَلُّ مِنْ الثُّلُثِ فَأَوْلَى مَا هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْخَطَأِ وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ قَوْلِهِ كَعَمْدٍ
(ص) وَهِيَ الْعَصَبَةُ وَبُدِئَ بِالدِّيوَانِ إنْ أَعْطَوْا ثُمَّ بِهَا الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ (ش) مُرَادُهُ أَنَّ الْعَاقِلَةَ عِدَّةُ أُمُورٍ الْعَصَبَةُ وَأَهْلُ الدِّيوَانِ وَالْمَوَالِي وَبَيْتُ الْمَالِ فَقَوْلُهُ وَهِيَ الْعَصَبَةُ أَيْ بَعْضُ الْعَاقِلَةِ الْعَصَبَةُ أَوْ وَهِيَ الْعَصَبَةُ وَمَنْ بَعْدَهَا فَيُقَدَّرُ مَعَ الْمُبْتَدَأِ أَوْ مَعَ الْخَبَرِ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَهِيَ الْعَصَبَةُ وَيُقَدَّمُ مِنْهَا الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ لَكِنْ أَهْلُ الدِّيوَانِ مُقَدَّمُونَ عَلَى الْعَصَبَةِ إنْ كَانَ لَهُمْ جَوَامِكُ تُصْرَفُ لَهُمْ قَالَ ابْنُ شَاسٍ إذَا كَانَ الْقَاتِلُ مِنْ أَهْلِ الدِّيوَانِ مَعَ غَيْرِ قَوْمِهِ حَمَلُوا عَنْهُ دُونَ قَوْمِهِ قَالَ أَشْهَبُ وَهَذَا فِي دِيوَانٍ عَطَاؤُهُ قَائِمٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَطَاءٌ فَإِنَّمَا يَحْمِلُ عَنْهُ قَوْمُهُ فَإِنْ اضْطَرَّ أَهْلُ الدِّيوَانِ إلَى مَعُونَةِ قَوْمِهِمْ لِقِلَّتِهِمْ أَوْ لِانْقِطَاعِ دِيوَانِهِمْ أَعَانُوهُمْ قَالَهُ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ وَسَاقِطٍ لِعَدَمِهِ إلَخْ) أَيْ وَعُضْوٍ سَاقِطٍ فِيهِ الْقِصَاصُ لِعَدَمِهِ أَيْ لِعَدَمِ الْمُمَاثَلَةِ لَهُ
(قَوْلُهُ أَوْ ثُلُثَ دِيَتِهِ) أَيْ دِيَةِ مُسْلِمٍ يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا أَمَّهَا فِي مَوَاضِعَ مُتَعَدِّدَةٍ بِحَيْثُ تَبْلُغُ ثُلُثَ دِيَتِهِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا أَتَى) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ عَطْفُ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ نُكْتَةٍ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّوْجِيهَ يَأْتِي أَيْضًا فِي قَوْلِهِ وَسَاقِطٍ لِعَدَمِهِ (قَوْلُهُ وَكَسْرِ الْفَخْذِ) وَإِنَّمَا نَحْمِلُ كَسْرَ الْفَخْذِ مَعَ بُلُوغِهَا الثُّلُثَ حَيْثُ كَانَ فِيهِ حُكُومَةٌ وَأَمَّا إذَا جَنَى وَلَا مُمَاثِلَ لَهُ وَبِفَرْضِ وُجُودِهِ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ لِأَنَّهُ مُتْلِفٌ فَيَتَعَارَضُ فِيهَا قَوْلُهُ وَسَاقِطٍ لِعَدَمِهِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الدِّيَةَ فِي هَذِهِ فِي مَالِ الْجَانِي وَقَوْلُهُ إلَّا مَا لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ إلَخْ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الدِّيَةَ فِيهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ وَالظَّاهِرُ الْعَمَلُ عَلَى الثَّانِي بِالْأَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ مِنْ الشُّرُوطِ السَّابِقَةِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ مِنْ الشَّرْطِ السَّابِقِ أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ إنْ بَلَغَ (قَوْلُهُ وَبُدِئَ بِالدِّيوَانِ) نَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِابْنِ شَاسٍ وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ إنَّمَا الْعَقْلُ عَلَى الْقَبَائِلِ كَانُوا أَهْلَ دِيوَانٍ أَمْ لَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَقَدْ نَقَلَ فِي تَوْضِيحِهِ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ الْقَوْلُ أَنَّهَا تَكُونُ عَلَى أَهْلِ الدِّيوَانِ ضَعِيفٌ إنَّمَا يُرَاعَى قُبَيْلَ الْقَاتِلِ فَكَانَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ الْجَرْيُ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ فَإِنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ هُوَ لِمَالِكٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْعُتْبِيَّةِ وَقَدْ تَوَرَّكَ ابْنُ مَرْزُوقٍ عَلَى الْمُؤَلِّفِ بِظَاهِرِهَا (قَوْلُهُ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ) أَيْ عَلَى تَرْتِيبِ النِّكَاحِ مِنْ قَوْلِهِ وَقُدِّمَ ابْنٌ إلَخْ ثُمَّ إنَّهُ يَصِحُّ جَرُّهُ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ الْهَاءِ وَنَصْبُهُ عَلَى الْحَالِ وَ " الـ " زَائِدَةٌ أَيْ مُتَرَتِّبِينَ (قَوْلُهُ أَوْ هِيَ الْعَصَبَةُ وَمَنْ بَعْدَهَا) أَيْ وَهِيَ الْعَصَبَةُ وَأَهْلُ الدِّيوَانِ وَالْمَوَالِي الْأَعْلَوْنَ وَالْأَسْفَلُونَ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَطَاءٌ) أَيْ أَصْلًا أَيْ انْتَفَى الْعَطَاءُ مِنْ أَصْلِهِ
(قَوْلُهُ قَوْمِهِمْ) أَيْ قَوْمُ أَهْلِ الدِّيوَانِ هَذَا ظَاهِرُهُ وَفِيهِ مُخَالَفَةٌ لِمَا قَبْلَهُ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ حَكَمَ فِيمَا قَبْلَهُ بِأَنَّهُ إذَا انْقَطَعَ الْعَطَاءُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ الدِّيَةَ قَوْمُ الْجَانِي وَهُنَا قَدْ جَعَلَ الْحَامِلَ قَوْمَ أَهْلِ الدِّيوَانِ لَكِنْ مَعَ أَهْلِ الدِّيوَانِ وَلَكِنْ النَّقْلُ أَنَّ الَّذِي يُعَيَّنُ عَاقِلَةُ الْجَانِي فَظَاهِرُ تِلْكَ الْعِبَارَةِ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَإِنْ عَوَّلَ عَلَيْهِ عج وَقَوْلُهُ لِقَتْلِهِمْ إلَخْ سَيَأْتِي أَنَّ حَدَّهَا سَبْعُمِائَةٍ أَوْ الزَّائِدُ عَلَى أَلْفٍ أَيْ فَتَكُونُ الْقِلَّةُ عَدَمَ بُلُوغِهِمْ السَّبْعَمِائَةِ أَوْ الزَّائِدَ عَلَى الْأَلْفِ وَقَوْلُهُ أَوْ لِانْقِطَاعِ دِيوَانِهِمْ أَيْ كَانَ دِيوَانُهُمْ قَائِمًا ثُمَّ انْقَطَعَ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا يُخَالِفُ مَا فِي عب وشب وَذَلِكَ أَنَّهُمَا يُصَرِّحَانِ بِأَنَّ الْمُرَادَ إنْ أَعْطَوْا عَطَاءً مُسْتَمِرًّا وَعِبَارَةُ عج يَعْنِي أَنَّ حَمْلَ أَهْلِ الدِّيوَانِ مَشْرُوطٌ بِكَوْنِ الْعَطَاءِ قَائِمًا لَهُمْ أَيْ بِأَنْ يَعْطُوا بِالْفِعْلِ مِنْهُ وَكَذَا نَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ اهـ. أَقُولُ وَعِبَارَةُ عج هَذِهِ لَا تُنَافِي مَا قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ الَّذِي ذَكَرَهُ شَارِحُنَا فَيَكُونُ التَّعْوِيلُ عَلَى ذَلِكَ لَا عَلَى كَلَامِ عب وشب وَالْحَاصِلُ أَنَّ بَعْضَهُمْ أَفَادَ أَنَّ الْمُرَادَ بِأَهْلِ الدِّيوَانِ الْوَاحِدِ دِيوَانُ إقْلِيمٍ وَاحِدٍ فَأَهْلُ مِصْرَ كُلُّهُمْ دِيوَانٌ وَاحِدٌ وَإِنْ اشْتَمَلَتْ عَلَى سَبْعَةِ أَنْفَارٍ كَعَرَبٍ وَشَرَاكِسَةَ وَجَاوِيشِيَّةَ وَاسْتَظْهَرَ غَيْرُهُ أَنَّهُ لَا يَعْقِلُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ إلَّا طَائِفَتُهُ كَالْمُتَفَرِّقَةِ
فِي الْجَوَاهِرِ فَالْإِعْطَاءُ شَرْطٌ فِي التَّبْدِئَةِ لَا فِي كَوْنِهِمْ عَاقِلَةً لِأَنَّهُمْ عَاقِلَةٌ مُطْلَقًا (ص) ثُمَّ الْمَوَالِي الْأَعْلَوْنَ ثُمَّ الْأَسْفَلُونَ ثُمَّ بَيْتُ الْمَالِ إنْ كَانَ الْجَانِي مُسْلِمًا (ش) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْجَانِي عَصَبَةٌ فَإِنَّهُ يَبْدَأُ بِالْمَوَالِي الْأَعْلَيْنَ وَهُمْ الْمُعْتِقُونَ بِكَسْرِ التَّاءِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ لِأَنَّهُمْ مِنْ الْعَصَبَةِ غَيْرَ أَنَّ عَصَبَةَ النَّسَبِ مُقَدَّمَةٌ عَلَيْهِمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فَالْمَوَالِي الْأَسْفَلُونَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْقَاتِلِ عَاقِلَةٌ فَإِنَّ بَيْتَ الْمَالِ يَحْمِلُ الدِّيَةَ عَنْهُ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ بَيْتَ الْمَالِ لَا يَعْقِلُ عَنْ غَيْرِ الْمُسْلِمِ وَهَلْ عَلَى الْجَانِي شَيْءٌ مِنْ الدِّيَةِ حَيْثُ عَقَلَ عَنْهُ بَيْتُ الْمَالِ أَوْ لَا؟ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَعَلَيْهِ بِقَدْرِ مَا يَنُوبُهُ أَنْ لَوْ كَانَتْ عَلَى الْعَاقِلَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْتُ مَالٍ أَوْ كَانَ وَلَا يُمْكِنُ الْوُصُولُ إلَيْهِ فَإِنَّهَا تَكُونُ فِي مَالِ الْجَانِي فَقَوْلُهُ إنْ كَانَ الْجَانِي مُسْلِمًا أَيْ أَوْ مُرْتَدًّا كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الرِّدَّةِ فِي قَوْلِهِ وَالْخَطَأُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ كَأَخْذِهِ جِنَايَةً عَلَيْهِ شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ ثُمَّ بَيْتُ الْمَالِ خَاصَّةً كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُهُ فِي تَوْضِيحِهِ وَعَلَيْهِ فَالذِّمِّيُّ كَالْمُسْلِمِ فِي أَنَّ عَاقِلَتَهُ عَصَبَتُهُ وَأَهْلُ دِيوَانِهِ إنْ وُجِدَ ذَلِكَ ثُمَّ الْمَوَالِي الْأَعْلَوْنَ ثُمَّ الْأَسْفَلُونَ وَبِعِبَارَةٍ شُرِطَ فِي بَيْتِ الْمَالِ لَا فِيهِ وَفِيمَا قَبْلَهُ إذْ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ لِأَنَّ الْعِلَّةَ التَّنَاصُرُ لَا الْوِرَاثَةُ خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمَوَّاقِ
(ص) وَإِلَّا فَالذِّمِّيُّ ذُو دِينِهِ (ش) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ الْجَانِي كَافِرًا وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا فَعَاقِلَةُ الْجَانِي الَّتِي تُحْمَلُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ دِينِهِ النَّصْرَانِيِّ لِلنَّصَارَى وَالْيَهُودِيِّ لِلْيَهُودِ فَلَا يَعْقِلُ يَهُودِيٌّ عَنْ نَصْرَانِيٍّ وَلَا الْعَكْسُ وَالْمُرَادُ بِذِي دِينِهِ مَنْ يَحْمِلُ عَنْهُ الْجِزْيَةَ أَنْ لَوْ كَانَتْ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ أَقَارِبِهِ فَيَشْمَلُ الْمَرْأَةَ وَمَنْ أَعْتَقَهُ مُسْلِمٌ إذَا جَنَيَا (ص) وَضُمَّ كَكُوَرِ مِصْرَ (ش) الْكُوَرُ بِضَمِّ الْكَافِ وَفَتْحِ الْوَاوِ جَمْعُ كُورَةٍ بِضَمِّ الْكَافِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَهِيَ الْمَدِينَةُ كَمَا قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ وَالْمُرَادُ بِكُوَرِ مِصْرَ هُنَا الْبِلَادُ الَّتِي بِعَمَلِهَا وَكَذَا الْمُرَادُ بِكُوَرِ الشَّامِ وَنَحْوِ ذَلِكَ ثُمَّ إنَّ هَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِي عَاقِلَةِ الْمُسْلِمِ وَغَيْرِهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي عَاقِلَةِ غَيْرِهِ وَعَلَيْهِ فَيُسْتَفَادُ مِثْلُ هَذَا فِي عَاقِلَةِ الْمُسْلِمِ مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي وَلَا شَامِيٍّ مَعَ مِصْرِيٍّ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ هُنَا لَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ وَلَا دُخُولَ لِبَدْوِيٍّ مَعَ حَضَرِيٍّ إذْ أَهْلُ الْكُوَرِ كُلُّهُمْ أَهْلُ حَضَرٍ وَإِنْ سَلِمَ أَنَّ فِيهِ أَهْلَ بَدْوٍ فَيُضَمُّ مِنْهُمْ الْحَضَرِيُّ لِلْمِصْرِيِّ لَا لِغَيْرِهِ (ص) وَالصُّلْحِيُّ أَهْلَ صُلْحِهِ (ش) أَيْ مِنْ أَهْلِ دِينِهِ ثُمَّ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّ عَاقِلَةَ الصُّلْحِيِّ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ دِيوَانٍ وَلَيْسَ لَهُ عَصَبَةٌ وَلَا مَوَالٍ أَعْلَوْنَ وَلَا أَسْفَلُونَ وَلَا بَيْتُ مَالٍ إنْ كَانَ لَهُمْ أَهْلُ صُلْحِهِ وَيَحْتَمِلُ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَهْلِ دِيوَانٍ أَوْ لَا فَفِيهِ نَحْوُ مَا مَرَّ فِي الذِّمِّيِّ (ص) وَضُرِبَ عَلَى كُلِّ مَا لَا يَضُرُّ (ش) هَذَا رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ أَيْ وَضُرِبَ عَلَى كُلِّ مَنْ لَزِمَتْهُ الدِّيَةُ مِنْ عَصَبَةٍ وَأَهْلِ دِيوَانٍ وَقَرِيبٍ وَذِمِّيٍّ وَصُلْحِيٍّ إذَا تَحَاكَمَ كُلٌّ إلَيْنَا مَا لَا يَضْرِبُهُ
(ص) وَعُقِلَ عَنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَامْرَأَةٍ وَفَقِيرٍ وَغَارِمٍ وَلَا يَعْقِلُونَ (ش) يَعْنِي أَنَّ كُلَّ
ــ
[حاشية العدوي]
وَالْجَاوِيشِيَّةُ لِاتِّحَادِ الْعَطَاءِ وَالدِّيوَانُ مَعْنَاهُ الْبَرْنَامَجُ الَّذِي يَجْمَعُهُمْ بِمَا لَهُمْ وَبِمَا عَلَيْهِمْ نُزِّلَ ذَلِكَ مَنْزِلَةَ النَّسَبِ لِمَا جُبِلُوا عَلَيْهِ مِنْ التَّنَاصُرِ وَالتَّعَاوُنِ وَدِيوَانٌ أَصْلُهُ دِوْوَانٌ فَتُصُورِفَ فِي أَحَدِ الْوَاوَيْنِ يَاءً لِأَنَّهُ يُجْمَعُ عَلَى دَوَاوِينَ وَلَوْ كَانَتْ الْيَاءُ أَصْلِيَّةً لَقِيلَ دَيَاوِينَ (قَوْلُهُ فَالْإِعْطَاءُ شَرْطٌ فِي التَّبْدِئَةِ) الَّذِي عِنْدَ ابْنِ مَرْزُوقٍ أَنَّهُ شَرْطٌ فِي كَوْنِهِمْ عَاقِلَةً
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُمْ عَاقِلَةٌ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ حَمَلُوا الدِّيَةَ أَوْ لَمْ يَحْمِلُوهَا (قَوْلُهُ ثُمَّ الْمَوَالِي الْأَعْلَوْنَ) وَيَدْخُلُ فِيهِمْ الْمَرْأَةُ الْمُبَاشِرَةُ لِلْعِتْقِ بِخِلَافِ الْأَسْفَلُونَ فَلَا تَدْخُلُ الْمَرْأَةُ الْمُعْتِقَةُ (قَوْلُهُ فَعَلَيْهِ بِقَدْرِ مَا يَنْوِيهِ إلَخْ) أَيْ بِحَيْثُ يُقَدَّرُ أَنَّ الْعَاقِلَةَ سَبْعُمِائَةٍ وَيُعْطِي جُزْءًا أَنْ لَوْ كَانَتْ عَاقِلَةً وَكَانُوا سَبْعَمِائَةٍ وَقَوْلُهُ لِأَنَّ الْعِلَّةَ التَّنَاصُرُ أَيْ وَهِيَ جَارِيَةٌ فِي الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ وَقَوْلُهُ لَا الْوِرَاثَةُ أَيْ وَلَوْ قُلْنَا الْعِلَّةُ الْوِرَاثَةُ لَكَانَ الَّذِي يَعْقِلُ عَلَى الْكَافِرِ أَهْلَ دِينِهِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُمْ الَّذِينَ يَرِثُونَهُ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمَوَّاقِ) أَنَّهُ شَرَطَ فِي قَوْلِهِ وَهِيَ الْعَصَبَةُ إلَخْ أَيْ فَهُوَ شَرْطٌ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ وَإِنَّمَا دِيَتُهُ أَيْ الذِّمِّيِّ عَلَى أَهْلِ دِينِهِ قَالَ وَهَذَا الَّذِي فِي الْمَوَّاقِ هُوَ مَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ وَشَارِحُنَا تَبِعَ اللَّقَانِيِّ (قَوْلُهُ النَّصْرَانِيُّ لِلنَّصَارَى) أَيْ يَرْجِعُ النَّصْرَانِيُّ لِلنَّصَارَى وَيَرْجِعُ الْيَهُودِيُّ لِلْيَهُودِ أَيْ فَيَعْقِلُ عَنْ كُلٍّ أَهْلُ دِينِهِ وَقَوْلُهُ فَيَشْمَلُ الْمَرْأَةَ أَيْ فَيَشْمَلُ الْجَانِي الْمَرْأَةَ الْجَانِيَةَ أَيْ فَلَوْ أُرِيدَ مَنْ كَانَتْ الْجِزْيَةُ عَلَيْهِ بِالْفِعْلِ فَلَا يَشْمَلُ الْمَرْأَةَ إذَا جَنَتْ وَالْمُعْتَقَ لِمُسْلِمٍ إذَا جَنَى لِأَنَّهُ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّ قَوْلَنَا مَنْ يَحْمِلُ مَعَهُ الْجِزْيَةَ يَقْتَضِي أَنَّ الْجَانِيَ عَلَيْهِ جِزْيَةٌ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِكُوَرِ مِصْرَ هُنَا الْبِلَادُ) أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْكُوَرِ الْمُدُنَ وَمِصْرُ مِنْ أُسْوَانَ إلَى الْإِسْكَنْدَرِيَّة وَذَكَرَ مِصْرَ لِأَنَّهُ قَلَّ أَنْ يُوجَدَ بُلْدَانٌ كَثِيرَةٌ تَحْتَ حُكْمِ مَدِينَةٍ وَاحِدَةٍ غَيْرِهَا وَالْكَافُ دَاخِلَةٌ عَلَى مِصْرَ لِأَنَّ قَاعِدَةَ الْمُؤَلِّفِ إدْخَالُ الْكَافِ عَلَى الْمُضَافِ وَإِرَادَةُ الْمُضَافِ إلَيْهِ أَيْ وَضُمَّ كُوَرٌ كَمِصْرِ وَالشَّامِ وَالْمَغْرِبِ (قَوْلُهُ ثُمَّ إنَّ هَذَا يَحْتَمِلُ إلَخْ) وَعَلَى أَنَّهُ عَامٌّ حَتَّى فِي الْمُسْلِمِ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْعَصَبَةُ مُتَفَرِّقَةً فِي كُوَرٍ وَبُلْدَانٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَقَصَرَ السَّاكِنُونَ مَعَهُ فِي كُورَتِهِ عَلَى الْحَمْلِ فَيَسْتَعِينُ بِمَنْ فِي غَيْرِ كُورَتِهِ مِنْ عَصَبَتِهِ لَا أَنَّ الْكُوَرَ تُضَمُّ لِبَعْضِهَا وَلَوْ أَجَانِبَ لِأَنَّ الْأَجَانِبَ لَا تَحْمِلُ عَنْهُ
(قَوْلُهُ وَإِنْ سَلِمَ أَنَّ فِيهِمْ أَهْلَ بَدْوٍ) أَيْ سَكَنَ مَعَهُمْ أَهْلُ بَدْوٍ وَقَوْلُهُ الْحَضَرِيُّ لِلْمِصْرِيِّ الْأَوْلَى لِلْحَضَرِيِّ (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ إلَخْ) هَذَا الِاحْتِمَالُ الثَّانِي مُفَادُ بَهْرَامَ وَالْمَوَّاقِ وتت (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ فَفِيهِ مَا مَرَّ فِي الذِّمِّيِّ) أَيْ مِنْ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إنْ كَانَ مُسْلِمًا هَلْ هُوَ شَرْطٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ فَقَطْ أَوْ فِي قَوْلِهِ وَهِيَ الْعَصَبَةُ وعج ارْتَضَى أَنَّهُ شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ وَهِيَ الْعَصَبَةُ فَيَكُونُ الِاحْتِمَالُ الثَّانِي هُوَ الرَّاجِحُ
(قَوْلُهُ وَفَقِيرٍ) أَيْ لَا شَيْءَ فِي يَدِهِ وَقَوْلُهُ وَغَارِمٍ وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ مَا فِي يَدِهِ
وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْخَمْسَةِ إذَا حَصَلَ مِنْهُ جِنَايَةٌ عَلَى الْغَيْرِ يُعْقَلُ عَنْهُ أَيْ يُغْرَمُ عَنْهُمْ وَكُلٌّ مِنْهُمْ لَا يَعْقِلُ أَيْ لَا يَدْخُلُ فِي الْعَاقِلَةِ إذَا حَصَلَتْ الْجِنَايَةُ مِنْ الْغَيْرِ وَالْعَبْدُ كَالْفَقِيرِ كَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ جِنَايَةَ الْعَبْدِ فِي رَقَبَتِهِ وَإِنَّمَا لَمْ تُضْرَبْ عَلَى هَؤُلَاءِ لِأَنَّهَا إعَانَةٌ وَالْفَقِيرُ وَالْغَارِمُ مُحْتَاجَانِ لِلْإِعَانَةِ وَسَقَطَتْ عَنْ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالْمَرْأَةِ لِعَدَمِ التَّنَاصُرِ مِنْهُمْ وَهُوَ عِلَّةٌ فِي ضَرْبِهَا وَقَوْلُهُ وَامْرَأَةٍ حَقِيقَةً أَوْ احْتِمَالًا كَالْخُنْثَى الْمُشْكِلِ وَالِاعْتِبَارُ بِوَقْتِ الضَّرْبِ فَلَوْ كَانَ حِينَئِذٍ خُنْثَى مُشْكِلًا ثُمَّ اتَّضَحَ بَعْدَهُ فَلَا يَدْخُلُ فَقَوْلُهُ وَلَا يَعْقِلُونَ أَيْ عَنْ غَيْرِهِمْ وَيَعْقِلُونَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ لِأَنَّهُمْ مُبَاشِرُونَ لِلْإِتْلَافِ فَتُؤْخَذُ مِنْ الْمَلِيءِ وَيُتْبَعُ الْمُعْدِمُ وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهِ وَالْجَانِي لَكِنْ قَوْلُهُ وَلَا يَعْقِلُونَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَرْأَةِ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَهِيَ الْعَصَبَةُ إذْ تَخْرُجُ مِنْهُ الْمَرْأَةُ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ ذَكَرَهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَوَالِي إذْ هُوَ شَامِلٌ لِلْإِنَاثِ وَبِعِبَارَةٍ وَلَا يَعْقِلُونَ لَا عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَلَا عَنْ غَيْرِهِمْ كَمَا قَالَهُ س
(ص) وَالْمُعْتَبَرُ وَقْتُ الضَّرْبِ لَا إنْ قَدِمَ غَائِبٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْمِلَاءِ وَالْعُسْرِ وَالْبُلُوغِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَقْتُ ضَرْبِ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَلِهَذَا لَا تُضْرَبُ عَلَى مَنْ كَانَ غَائِبًا غَيْبَةً بَعِيدَةً وَقْتَ الضَّرْبِ أَوْ كَانَ غَيْرَ بَالِغٍ ثُمَّ قَدِمَ أَوْ بَلَغَ بَعْدَ ذَلِكَ قَوْلُهُ وَالْمُعْتَبَرُ نَائِبُ فَاعِلِهِ عَائِدٌ عَلَى أَلْ وَوَقْتُ بِالرَّفْعِ خَبَرٌ وَيُقَدَّرُ مُضَافٌ أَيْ وَالْوَصْفُ الْمُعْتَبَرُ وَصْفُ أَوْ حَالُ وَقْتِ الضَّرْبِ
(ص) وَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ بِعُسْرِهِ أَوْ مَوْتِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الدِّيَةَ إذَا ضُرِبَتْ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِقَدْرِ حَالِ كُلِّ وَاحِدٍ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَعْسَرَ أَحَدُهُمْ أَوْ مَاتَ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ شَيْءٌ مِمَّا ضُرِبَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَتَحِلُّ بِالْمَوْتِ وَالْفَلَسِ
(ص) وَلَا دُخُولَ لِبَدْوِيٍّ مَعَ حَضَرِيٍّ وَلَا شَامِيٍّ مَعَ مِصْرِيٍّ مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي أَنَّ عَاقِلَةَ الْجَانِي إذَا كَانَ فِيهَا بَدْوِيٌّ وَحَضَرِيٌّ فَإِنَّ الْبَدْوِيَّ لَا يَدْخُلُ مَعَ الْحَضَرِيِّ وَلَا عَكْسُهُ وَلَا دُخُولَ لِشَامِيٍّ مَعَ مِصْرِيٍّ وَلَا عَكْسُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَأْخُوذُ مُتَّحِدَ الْجِنْسِ أَوْ لَا لِأَنَّ الْعِلَّةَ التَّنَاصُرُ وَالشَّامِيُّ لَا يَنْصُرُ مَنْ فِي مِصْرَ وَلَا الْبَدْوِيُّ الْحَضَرِيَّ بَلْ الدِّيَةُ عَلَى أَهْلِ قُطْرِهِ وَانْظُرْ لَوْ كَانَتْ إقَامَةُ الْجَانِي فِي أَحَدِ الْقُطْرَيْنِ أَكْثَرَ أَوْ مُسَاوِيَةً مَا الْحُكْمُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالْمُتَمَتِّعِ الَّذِي لَهُ أَهْلَانِ
(ص) الْكَامِلَةُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ تَحِلُّ بِأَوَاخِرِهَا مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الدِّيَةَ الْكَامِلَةَ تُنَجَّمُ عَلَى الْعَاقِلَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ أَوَّلُهَا يَوْمُ الْحُكْمِ أَيْ ابْتِدَاءُ تَنْجِيمِ الدِّيَةِ يَوْمَ الْحُكْمِ لَا يَوْمَ الْقَتْلِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالدِّيَةِ الْكَامِلَةِ دِيَةَ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ بَلْ الْمُرَادُ بِهَا أَيَّ دِيَةٍ كَانَتْ سَوَاءٌ كَانَ الْمَقْتُولُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَسَوَاءٌ كَانَتْ عَنْ نَفْسٍ أَوْ طَرَفٍ كَقَطْعِ الْيَدَيْنِ أَوْ ذَهَابِ عَقْلٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ خَطَأً وَيَحِلُّ النَّجْمُ الثَّالِثُ بِآخِرِ السَّنَةِ الثَّالِثَةِ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ كَالْخُنْثَى الْمُشْكِلِ) اُنْظُرْ لِمَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا نِصْفُ مَا عَلَى الذَّكَرِ الْمُحَقَّقِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِهِ وَالْجَانِي) أَيْ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ سَابِقًا وَنُجِّمَتْ دِيَةُ الْحُرِّ الْخَطَأُ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَالْجَانِي (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ إلَخْ) هَذِهِ مُخَالِفَةٌ لِلْعِبَارَةِ الْأُولَى وَالْأُولَى لِلزَّرْقَانِيِّ الشَّيْخِ أَحْمَدَ وَارْتَضَاهَا عج وَلَكِنْ مُفَادُ النَّقْلِ الْعِبَارَةُ الثَّانِيَةُ
(قَوْلُهُ لَا إنْ قَدِمَ غَائِبٌ) أَيْ أَوْ بَلَغَ صَبِيٌّ أَوْ أَفَاقَ مَجْنُونٌ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ لَا إنْ قَدِمَ غَائِبٌ وَلَمْ يَقُلْ إنْ بَلَغَ صَبِيٌّ أَوْ أَفَاقَ مَجْنُونٌ لِأَنَّ الْغَائِبَ بِصِفَةِ مَنْ تُضْرَبُ عَلَيْهِ فَكَانَ يُتَوَهَّمُ أَنَّهَا تُضْرَبُ عَلَيْهِ وَأَمَّا عَدَمُ ضَرْبِهَا عَلَى الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَنَحْوِهِمَا فَلَيْسَ مَحَلًّا لِلْإِيهَامِ حَتَّى يَنُصَّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَقْتُ ضَرْبِ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ) أَيْ جَعْلِهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ
(قَوْلُهُ عَلَى مَنْ كَانَ غَائِبًا غَيْبَةً بَعِيدَةً إلَخْ) وَهَذَا إذَا لَمْ يُعْلَمْ حَالُهُ وَأَمَّا إذَا عُلِمَ أَنَّهُ غَائِبٌ غَيْبَةَ انْقِطَاعٍ فَلَا يُضْرَبُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَغَيْبَةُ الرُّجُوعِ يُضْرَبُ مُطْلَقًا أَيْ قَرُبَتْ أَوْ بَعُدَتْ أَفَادَهُ عج وَلَمْ يُبَيِّنْ كعج قَدْرَ الْبُعْدِ وَالظَّاهِرُ مَا كَانَ كَأَفْرِيقِيَّةَ مِنْ الْمَدِينَةِ أَوْ مَكَّةَ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ الْجَانِي وَأَمَّا الْجَانِي نَفْسُهُ فَيُضْرَبُ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ غَائِبًا وَقْتَ الضَّرْبِ غَيْبَةً بَعِيدَةً (قَوْلُهُ وَصْفٌ أَوْ حَالٌ) الْمُنَاسِبُ لِتَقْدِيرِ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ أَنْ يَقُولَ وَالْوَصْفُ أَوْ الْحَالُ الْمُعْتَبَرُ وَصْفُ أَوْ حَالُ وَقْتَ الضَّرْبِ وَالْوَصْفُ وَالْحَالُ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَالْمُرَادُ وَصْفُ الشَّخْصِ الَّذِي مِنْ الْعَاقِلَةِ مِنْ كَوْنِهِ بَالِغًا أَوْ غَيْرَ بَالِغٍ مَثَلًا وَقْتَ ضَرْبِهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ حَالَ نَفْسِ الْوَقْتِ وَمِنْ ذَلِكَ مَا إذَا كَانَ فِي الْعَاقِلَةِ خُنْثَى فَإِنْ اسْتَمَرَّ الْإِشْكَالُ لِوَقْتِ الضَّرْبِ لَمْ تُضْرَبْ عَلَيْهِ وَإِنْ اتَّضَحَ بَعْدَهُ ضُرِبَتْ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ وَلَا تَسْقُطُ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ الْمُصَنِّفُ فَلَا تَسْقُطُ إلَخْ لِأَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَالْمُعْتَبَرُ وَقْتُ الضَّرْبِ (قَوْلُهُ وَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ بِعُسْرِهِ أَوْ مَوْتِهِ) وَكَذَا لَا تَسْقُطُ بِجُنُونِهِ أَوْ سَفَرِهِ رَافِضًا سُكْنَى بَلَدِهِ أَوْ فَارًّا وَكَذَا قَبْلَ الضَّرْبِ إنْ قَصَدَ الْفِرَارَ فَتُضْرَبُ عَلَيْهِ لَا إنْ قَصَدَ رَفْضَ سُكْنَاهَا بِغَيْرِ فِرَارٍ فَلَا تُضْرَبُ عَلَيْهِ وَهَذَا فِي الْعَاقِلَةِ لَا الْجَانِي وَأَمَّا انْتِقَالُ الْجَانِي فَإِنَّهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فَتُضْرَبُ عَلَيْهِ وَلَوْ قَصَدَ رَفْضَ سُكْنَاهَا لِغَيْرِ فِرَارٍ (قَوْلُهُ ثُمَّ بَعْدَ أَنْ أَعْسَرَ أَحَدُهُمْ) أَيْ وَحُبِسَ لِثُبُوتِ عُسْرِهِ إنْ جُهِلَ حَالُهُ وَإِنْ ظَهَرَ مِلَاؤُهُ أَوْ عُلِمَ فَيَجْرِي عَلَى مَا سَبَقَ
(قَوْلُهُ فَإِنَّ الْبَدْوِيَّ إلَخْ) أَيْ إذَا كَانَتْ عَاقِلَةُ الْقَاتِلِ بَعْضُهَا حَضَرِيٌّ وَبَعْضُهَا بَدْوِيٌّ وَكَانَ سَاكِنًا مَعَ أَحَدِهِمَا فَإِنَّهُ لَا يُضَمُّ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ وَتَكُونُ الدِّيَةُ عَلَى مَنْ هُوَ مَعَهُمْ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ إلَخْ) تَفْسِيرُ الْإِطْلَاقِ إنَّمَا يَحْسُنُ بِهَذَا إذَا اخْتَلَفَ الْعُرْفُ وَإِلَّا فَدِيَةُ الشَّامِيِّ وَالْمِصْرِيِّ مُتَّحِدَةٌ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُفَسَّرَ الْإِطْلَاقُ سَوَاءٌ قَرِبُوا مِنْ الْجَانِي أَوْ بَعُدُوا وَسَوَاءٌ كَانُوا أَقْرَبَ مِنْ الْآخَرِينَ أَوْ عَكْسَهُ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي إلَخْ) اسْتَظْهَرَ عج خِلَافَهُ وَأَنَّ الظَّاهِرَ اعْتِبَارُ الْمَحَلِّ الَّذِي هُوَ بِهِ وَقْتَ الضَّرْبِ سَوَاءٌ كَانَتْ إقَامَتُهُ بِهِ أَكْثَرَ أَمْ لَا وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْمُعْتَبَرُ وَقْتُ الضَّرْبِ
(قَوْلُهُ لَا يَوْمَ الْقَتْلِ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ هُوَ مَنْ يَقُولُ يَوْمَ الْقَتْلِ وَهُوَ لِلْأَبْهَرِيِّ
وَكَذَلِكَ كُلُّ نَجْمٍ غَيْرِهِ فَقَوْلُهُ الْكَامِلَةُ مُبْتَدَأٌ وَفِي ثَلَاثٍ خَبَرٌ أَيْ كَائِنَةٌ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لَيْسَ فِيهَا سِنِينَ وَقَوْلُهُ تَحِلُّ صِفَةٌ لِثَلَاثٍ (ص) وَالثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ بِالنِّسْبَةِ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الدِّيَةَ غَيْرَ الْكَامِلَةِ تُنَجَّمُ كَالْكَامِلَةِ فَالثُّلُثُ يُنَجَّمُ فِي سَنَةٍ وَالثُّلُثَانِ سَنَتَانِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فَقَوْلُهُ بِالنِّسْبَةِ أَيْ إلَى الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ (ص) وَنَجْمٌ فِي النِّصْفِ وَالثَّلَاثَةِ الْأَرْبَاعِ بِالتَّثْلِيثِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجِنَايَةَ إذَا بَلَغَ مُوجِبُهَا نِصْفَ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ أَوْ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهَا فَإِنَّهُ يُنَجَّمُ لِلثُّلُثِ سَنَةً وَلِلسُّدُسِ الْبَاقِي سَنَةً وَيُنَجَّمُ الثُّلُثَانِ فِي سَنَتَيْنِ وَيُنَجَّمُ الْبَاقِي وَهُوَ نِصْفُ السُّدُسِ فِي سَنَةٍ ثَالِثَةٍ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ (ثُمَّ لِلزَّائِدِ سَنَةً) وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ يَشْهَدُ لِمَا قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ إنَّ الثَّلَاثَةَ الْأَرْبَاعَ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ
(ص) وَحُكْمُ مَا وَجَبَ عَلَى عَوَاقِلَ بِجِنَايَةٍ وَاحِدَةٍ كَحُكْمِ الْوَاحِدَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ حُكْمَ التَّنْجِيمِ عَلَى عَوَاقِلَ مُتَعَدِّدَةٍ مَعَ اتِّحَادِ الْجِنَايَةِ حُكْمُ التَّنْجِيمِ عَلَى الْعَاقِلَةِ الْوَاحِدَةِ فَلَوْ حَمَلَ أَرْبَعَةُ رِجَالٍ مَثَلًا صَخْرَةً فَسَقَطَتْ مِنْهُمْ عَلَى رَجُلٍ فَقَتَلَتْهُ فَإِنَّ رُبُعَ الدِّيَةِ الْوَاجِبِ عَلَى عَاقِلَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يُنَجَّمُ عَلَيْهَا فِي ثَلَاثِ سِنِينَ كَحُكْمِ الدِّيَةِ الْوَاحِدَةِ وَإِنْ كَانَ مَا يَنُوبُ كُلَّ وَاحِدَةِ دُونَ الثُّلُثِ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ مَا يُؤْخَذُ مِنْ كُلٍّ مُخَالِفًا لِمَا يُؤْخَذُ مِنْ الْآخَرِ كَأَنْ يَكُونَ بَعْضُهُمْ مِنْ أَهْلِ الذَّهَبِ وَبَعْضُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْإِبِلِ مَثَلًا وَعَلَى هَذَا فَهَذِهِ تُخَصِّصُ عُمُومَ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ أَوَّلًا مِنْ أَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ مَا دُونَ الثُّلُثِ وَمِنْ أَنَّ الدِّيَةَ لَا تَكُونُ مِنْ صِنْفَيْنِ (ص) كَتَعَدُّدِ الْجِنَايَاتِ عَلَيْهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ أَوْ الرِّجَالَ مِنْ قَبِيلَةٍ وَاحِدَةٍ إذَا قَتَلَ رِجَالًا خَطَأً فَإِنَّ الدِّيَاتِ تُنَجَّمُ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ وَتَصِيرُ فِي التَّنْجِيمِ حُكْمَ الْجِنَايَةِ الْوَاحِدَةِ فَهُوَ مُشَبَّهٌ بِمَا قَبْلَهُ مِنْ أَنَّ الْمُتَعَدِّدَ كَالْمُتَّحِدِ أَيْ تَعَدُّدُ الْجِنَايَاتِ كَالْجِنَايَةِ الْوَاحِدَةِ فِي كَوْنِهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ خَاصَّةً وَلَا يَصِحُّ تَشْبِيهُهُ بِقَوْلِهِ كَحُكْمِ الْوَاحِدَةِ لِأَنَّ مَعْنَاهُ كَحُكْمِ الْعَاقِلَةِ الْوَاحِدَةِ وَلَا يُشْبِهُ تَعَدُّدُ الْجِنَايَاتِ بِالْعَاقِلَةِ الْوَاحِدَةِ (ص) وَهَلْ حَدُّهَا سَبْعُمِائَةٍ أَوْ الزَّائِدُ عَلَى أَلْفٍ قَوْلَانِ (ش) أَيْ وَهَلْ حَدُّ الْعَاقِلَةِ الَّذِي لَا تَنْقُصُ عَنْهُ سَبْعُمِائَةٍ أَوْ الزَّائِدُ عَلَى أَلْفٍ أَيْ زِيَادَةٌ لَهَا بَالٌ كَالْعِشْرِينِ فَفَوْقُ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ وَجَدَ أَقَلَّ مِنْ سَبْعِمِائَةٍ وَلَوْ كَانَ فِيهِمْ كِفَايَةٌ كَمُلَ مِنْ غَيْرِهِمْ وَعَلَى الثَّانِي لَوْ وَجَدَ أَقَلَّ مِنْ الزَّائِدِ عَلَى أَلْفٍ كَمُلَ حَتَّى يَبْلُغَ ذَلِكَ فَأَلْ فِي الزَّائِدِ لِلْكَمَالِ أَيْ الْكَامِلِ فِي الزِّيَادَةِ كَمَا مَرَّ وَبِعِبَارَةٍ وَهَلْ حَدُّ الْعَاقِلَةِ الَّذِي لَا يُضَمُّ مَنْ بَعْدَهُ لَهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ فَإِذَا وُجِدَ هَذَا الْعَدَدُ مَثَلًا مِنْ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ الْكَامِلَةُ مُبْتَدَأٌ) لَا يَخْفَى أَنَّهَا جُمْلَةُ اسْتِئْنَافٍ بَيَانِيٍّ كَأَنَّهُ يُسْأَلُ عَنْ تَنْجِيمِهَا فِي كَمْ مِنْ الزَّمَنِ فَقَالَ الْكَامِلَةُ (قَوْلُهُ تَحِلُّ صِفَةٌ لِثَلَاثٍ) أَيْ أَنَّ كُلَّ سَنَةٍ تَحِلُّ بِآخِرِهَا لَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَظْهَرُ بَلْ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَكُونَ ضَمِيرُ تَحِلُّ عَائِدًا عَلَى النُّجُومِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ السِّيَاقِ أَوْ أَنَّ ضَمِيرَهُ يَرْجِعُ لِلْكَامِلَةِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ أَجْزَاؤُهَا (قَوْلُهُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ) وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ حُلُولُ غَيْرِ الْكَامِلَةِ (قَوْلُهُ بِالتَّثْلِيثِ) مَأْخُوذٌ مِنْ الثُّلُثِ أَيْ أَنَّ الْمُنَجَّمَ الثُّلُثُ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ لَا يَخْفَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ النِّصْفَ يُنَجَّمُ فِي سَنَتَيْنِ كُلُّ سَنَةٍ رُبُعٌ وَأَنَّ الثَّلَاثَةَ الْأَرْبَاعَ ثَلَاثُ سِنِينَ كُلُّ سَنَةٍ رُبُعٌ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا نَقْلًا عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ لَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الدِّيَةَ تُرَبَّعُ (قَوْلُهُ يَشْهَدُ لِمَا قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ) أَقُولُ لَا يَشْهَدُ لِأَنَّ الْمُدَوَّنَةَ قَابِلَةٌ لَأَنْ يُقَالَ تُنَجَّمُ فِي ثَلَاثَةٍ كُلُّ سَنَةٍ رُبُعٌ
(قَوْلُهُ كَحُكْمِ الدِّيَةِ الْوَاحِدَةِ إلَخْ) هَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ كَحُكْمِ الْوَاحِدَةِ يَجُوزُ فِيهِ أَمْرَانِ الْأَوَّلُ كَحُكْمِ الْجِنَايَةِ الْوَاحِدَةِ الثَّانِي كَحُكْمِ الدِّيَةِ الْوَاحِدَةِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَعْنَى عَلَى الْأَوَّلِ ظَاهِرٌ وَأَمَّا الْمَعْنَى عَلَى الثَّانِي فَمَعْنَاهُ أَنَّ أَجْزَاءَ الدِّيَةِ الَّتِي عَلَى عَوَاقِلَ كَحُكْمِ الدِّيَةِ الْوَاحِدَةِ (قَوْلُهُ وَتَصِيرُ فِي التَّنْجِيمِ حُكْمَ الْجِنَايَةِ الْوَاحِدَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ نَبَّهَ عَلَى هَذَا لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الدِّيَةَ الثَّانِيَةَ إنَّمَا تُنَجَّمُ عَلَى الْعَاقِلَةِ بَعْدَ وَفَاءِ الْأُولَى (قَوْلُهُ مِنْ أَنَّ الْمُتَعَدِّدَ كَالْمُتَّحِدِ) مِنْ بِمَعْنَى فِي أَيْ مُطْلَقُ الْمُتَعَدِّدِ كَالْمُتَّحِدِ أَيْ وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ حُكْمُ التَّنْجِيمِ عَلَى عَوَاقِلَ حُكْمَ التَّنْجِيمِ عَلَى الْعَاقِلَةِ الْوَاحِدَةِ وَمَعْنَى الثَّانِي تَعَدُّدُ الْجِنَايَاتِ كَالْجِنَايَةِ الْوَاحِدَةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ مَعْنَاهُ كَحُكْمِ إلَخْ) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ مِنْ الْوَجْهَيْنِ السَّابِقَيْنِ (قَوْلُهُ وَلَا يُشْبِهُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ يُشْبِهُ بِمَا قَبْلَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُتَعَدِّدَ كَالْمُتَّحِدِ وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى مُخْتَلِفًا وَلَا يَصِحُّ التَّشْبِيهُ بِقَوْلِهِ كَحُكْمِ الْوَاحِدِ بِدُونِ أَنْ يُلَاحَظَ الْإِطْلَاقُ بَلْ يُلَاحَظُ أَنْ يَكُونَ الْمُشَبَّهُ فِي الْأَمْرَيْنِ وَاحِدًا بِحَيْثُ يَقُولُ تَعَدُّدُ الْجِنَايَاتِ كَحُكْمِ الْعَاقِلَةِ الْوَاحِدَةِ لِأَنَّ هَذَا لَا يَصِحُّ لِأَنَّ تَعَدُّدَ الْجِنَايَاتِ لَا يُنَاسِبُ أَنْ يُشَبَّهَ إلَّا بِمَا هُوَ مِنْ نَوْعِهِ وَهُوَ الْجِنَايَةُ لَا مَا كَانَ مِنْ غَيْرِ نَوْعِهِ وَهُوَ الْعَاقِلَةُ الْوَاحِدَةُ (قَوْلُهُ أَيْ وَهَلْ حَدُّ الْعَاقِلَةِ) أَيْ حَدُّ أَقَلِّهَا أَيْ وَأَمَّا أَكْثَرُهَا فَلَا حَدَّ لَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ سَبْعُمِائَةٍ أَيْ وَلَا يُضَمُّ لَهُمْ الْأَبْعَدُ وَأَمَّا أَهْلُ الطَّبَقَةِ الْوَاحِدَةِ فَيُضْرَبُ عَلَيْهِمْ وَلَوْ عَشَرَةَ آلَافٍ كَمَا فِي ك (قَوْلُهُ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ وُجِدَ أَقَلُّ مِنْ سَبْعِمِائَةٍ) أَيْ بِأَنْ وُجِدَ مِنْ الْإِخْوَةِ أَقَلُّ مِنْ سَبْعِمِائَةٍ فَإِنَّهُ يَكْمُلُ مِنْ بَنِي الْإِخْوَةِ مَثَلًا إنْ وُجِدُوا أَوْ الْأَعْمَامِ مَثَلًا إنْ لَمْ يُوجَدُوا
(قَوْلُهُ فَإِذَا وُجِدَ هَذَا الْعَدَدُ مَثَلًا مِنْ الْفَصِيلَةِ) اعْلَمْ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعْدِ بْنِ عَدْنَانَ فَخُزَيْمَةُ شَعْبُهُ صلى الله عليه وسلم وَكِنَانَةُ قَبِيلَتُهُ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ خُزَيْمَةَ شَعْبُهُ وَتَفَرَّقَتْ مِنْهُ قَبَائِلُ كِنَانَةَ وَتَمِيمٍ وَقَيْسٍ وَأَسَدٍ وَقِيلَ: مُضَرُ شَعْبٌ وَقُرَيْشٌ الَّذِي هُوَ فِهْرٌ عِمَارَتُهُ وَقُصَيٌّ بَطْنُهُ وَهَاشِمٌ فَخْذُهُ وَبَنُو الْعَبَّاسِ فَصِيلَتُهُ وَالْعَشِيرَةُ الْإِخْوَةُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ أَعَمُّ مِمَّا بَعْدَهُ فَالشَّعْبُ أَعَمُّ مِمَّا بَعْدَهُ وَالْقَبِيلَةُ كَذَلِكَ
الْفَصِيلَةِ لَا يُضَمُّ إلَيْهِمْ الْفَخْذُ مَثَلًا وَإِذَا كَمُلَ مِنْ الْفَصِيلَةِ وَالْفَخْذِ لَا يُضَمُّ إلَيْهِمَا الْبَطْنُ مَثَلًا وَهَكَذَا إلَّا أَنَّ هَذَا حَدٌّ لِمَنْ يُضْرَبُ عَلَيْهِ بِحَيْثُ إذَا قَصَرُوا عَنْهُ لَا يُضْرَبُ عَلَيْهِمْ لِفَسَادِهِ فَإِنَّهُ يُضْرَبُ عَلَى كُلِّ مَنْ لَهُ قُوَّةُ الضَّرْبِ عَلَيْهِ وَإِنْ قَلَّ بِقَدْرِ مَا لَا يَضُرُّ بِهِ ثُمَّ يَكْمُلُ مِنْ غَيْرِهِ
(ص) وَعَلَى الْقَاتِلِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ وَإِنْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ شَرِيكًا إذَا قَتَلَ مِثْلَهُ مَعْصُومًا خَطَأً عِتْقُ رَقَبَةٍ وَلِعَجْزِهَا شَهْرَانِ كَالظِّهَارِ (ش) هَذَا شُرُوعٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى حُكْمِ الْكَفَّارَةِ فِي قَتْلِ الْخَطَأِ وَأَنَّهَا مُرَتَّبَةٌ وَاجِبَةٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [النساء: 92] فَقَوْلُهُ وَعَلَى الْقَاتِلِ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَقَوْلُهُ عِتْقُ رَقَبَةٍ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْقَاتِلَ الْحُرَّ الْمُسْلِمَ وَإِنْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ شَرِيكًا إذَا قَتَلَ مَعْصُومًا مِثْلَهُ قَتْلًا خَطَأً فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ عِتْقُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْعِتْقِ فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ إلَى الصَّوْمِ وَلَا يُجْزِئُ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى عِتْقِ الرَّقَبَةِ وَحُكْمُ صِيَامِ الشَّهْرَيْنِ وَعِتْقُ الرَّقَبَةِ حُكْمُ صِيَامِ الشَّهْرَيْنِ وَعِتْقُ الرَّقَبَةِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ فَمَا يُطْلَبُ هُنَاكَ يُطْلَبُ هُنَا وَمَا يَمْتَنِعُ هُنَاكَ يَمْتَنِعُ هُنَا كَمَا أَشَارَ لَهُ هُنَاكَ بِقَوْلِهِ سَلِيمَةً عَنْ قَطْعِ أُصْبُعٍ وَعَمًى وَبُكْمٍ وَجُنُونٍ وَإِنْ قَلَّ وَمَرَضٍ مُشْرِفٍ وَقَطْعِ أُذُنَيْنِ وَصَمَمٍ وَهَرَمٍ وَعَرَجٍ شَدِيدَيْنِ وَجُذَامٍ وَبَرَصٍ وَفَلْجٍ إلَخْ ثُمَّ قَالَ صَوْمُ شَهْرَيْنِ بِالْهِلَالِ مَنْوِيَّ التَّتَابُعِ وَالْكَفَّارَةِ وَتُمِّمَ الْأَوَّلُ إنْ انْكَسَرَ مِنْ الثَّالِثِ وَخَرَجَ بِالْحُرِّ الْعَبْدُ فَإِنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ إذْ لَا يَصِحُّ عِتْقُهُ إذْ لَا وَلَاءَ لَهُ وَخَرَجَ بِالْمُسْلِمِ الْكَافِرُ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْقُرَبِ وَخَرَجَ بِالْمَعْصُومِ مَنْ كَانَ غَيْرَ مَعْصُومِ الدَّمِ كَالزِّنْدِيقِ وَالزَّانِي الْمُحْصَنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَلَا كَفَّارَةَ فِي قَتْلِهِمْ وَأَمَّا الْمُرْتَدُّ فَقَدْ خَرَجَ بِقَوْلِهِ مِثْلُهُ وَخَرَجَ بِالْخَطَأِ الْقَتْلُ الْعَمْدُ فَإِنَّ الْكَفَّارَةَ لَا تَجِبُ فِيهِ بَلْ هِيَ مَنْدُوبَةٌ كَمَا يَأْتِي وَتَجِبُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ لِأَنَّهَا مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ كَالزَّكَاةِ وَلَوْ أَعْسَرَ كُلٌّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُنْتَظَرُ الْبُلُوغُ وَالْإِفَاقَةُ لِأَجْلِ أَنْ يَصُومَا وَقَوْلُهُ أَوْ شَرِيكًا وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُشَارِكُ لِهَذَا الْمُكَلَّفِ صَغِيرًا أَوْ مُكَلَّفًا فَيَلْزَمُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ مِنْهُمْ كَفَّارَةٌ كَامِلَةٌ وَلَوْ لَمْ يَخُصَّهُ مِنْ الدِّيَةِ إلَّا جُزْءٌ قَلِيلٌ لِأَنَّ ذَلِكَ عِبَادَةٌ وَهِيَ لَا تَتَبَعَّضُ
(ص) لَا صَائِلًا وَقَاتِلَ نَفْسِهِ كَدِيَتِهِ (ش) أَيْ لَا كَفَّارَةَ عَلَى قَاتِلِ صَائِلٍ وَهُوَ الْقَاصِدُ الْوُثُوبَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا تَعَرَّضَ لِهَذَا مَعَ أَنَّهُ يَخْرُجُ بِقَوْلِهِ خَطَأً لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ فِيهِ قَتْلٌ يَكُونُ كَالْخَطَأِ وَهُوَ مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ مَعْصُومًا وَكَذَلِكَ لَا كَفَّارَةَ عَلَى قَاتِلِ نَفْسِهِ خَطَأً وَأَوْلَى عَمْدًا لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ
ــ
[حاشية العدوي]
وَهَكَذَا وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ
قَبِيلَةٌ قَبْلَهَا شَعْبٌ وَبَعْدَهُمَا
…
عَمَارَةٌ ثُمَّ بَطْنٌ تَلَاهُ فَخْذُ
وَلَيْسَ يَأْوِي الْفَتَى إلَّا فَصِيلَتُهُ
…
وَلَا سِدَادَ لِسَهْمٍ مَالَهُ قُذَذُ
وَالْقُذَذُ بِضَمِّ الْقَافِ وَذَالَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ أَوَّلُهُمَا مَفْتُوحَةٌ الرِّيشُ الَّذِي يُجْعَلُ فِي السَّهْمِ وَالشَّعَبُ بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالْعَمَارَةُ بِالْفَتْحِ وَقَدْ تُكْسَرُ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَنَقُولُ إخْوَةُ الْقَاتِلِ عَشِيرَتُهُ وَبَنُو عَمِّهِ فَصِيلَتُهُ وَافْهَمْ غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا ذَكَرْنَا وَقَوْلُ الشَّارِحِ فَإِذَا وُجِدَ هَذَا الْعَدَدُ مِنْ الْفَصِيلَةِ بِأَنْ قُدِّرَ أَنَّ أَوْلَادَ عَمِّ الْجَانِي سَبْعُمِائَةٍ أَوْ أَزْيَدُ مِنْ أَلْفٍ عَلَى الْخِلَافِ فَيُحْكَمُ بِأَنَّ الدِّيَةَ تُنْقَلُ إلَى مَنْ بَعْدَهُمْ وَهَذَا عِنْدَ فَقْدِ الْعَشِيرَةِ الَّتِي هِيَ الْإِخْوَةُ وَفَقْدِ بَنِيهِمْ وَالْأَوْلَادِ وَإِلَّا فَلَوْ كَانَ لِلْجَانِي أَوْلَادٌ ذُكُورٌ وَكَانُوا سَبْعَمِائَةٍ لَا يَعْدِلُ إلَى أَبْنَائِهِمْ فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ فِي الْأَوْلَادِ الْعَدَدُ الْمَذْكُورُ يَنْتَقِلُ إلَى مَنْ بَعْدَهُمْ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ طَرِيقَةٌ يُعْرَفُ مِنْهَا تَقْدِيمُ الْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ فِي الْجُمْلَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْفَصِيلَةَ يُؤْخَذُ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ مَنْ هُمْ أَقْرَبُ مِنْهُمْ مَوْجُودًا فَيَرْجِعُ لِمَا تَقَدَّمَ فِي النِّكَاحِ مِنْ قَوْلِهِ وَقُدِّمَ ابْنٌ فَابْنُهُ إلَخْ فَيُقَدَّمُ الْأَخُ وَابْنُهُ عَلَى الْجَدِّ دِنْيَةً كَمَا فِي ك
(قَوْلُهُ عَلَى حُكْمِ الْكَفَّارَةِ فِي قَتْلِ) اُنْظُرْ وَجْهَ وُجُوبِهَا مَعَ أَنَّ الْقَتْلَ خَطَأٌ وَفِي الْحَدِيثِ «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ» أَيْ الْمُؤَاخَذَةُ بِهِمَا وَلَعَلَّ ذَلِكَ لِخَطَرِ الدِّمَاءِ (قَوْلُهُ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ إلَخْ) أَيْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَصْدُرَ الْقَتْلُ مِنْهُ إلَّا عَلَى وَجْهِ الْخَطَأِ وَقَوْلُهُ مُؤْمِنًا أَيْ وَلَا غَيْرَهُ مِمَّنْ هُوَ مَعْصُومٌ (قَوْلُهُ أَوْ شَرِيكًا) وَلَوْ تَعَدَّدَ الْقَاتِلُ وَالْمَقْتُولُ لَوَجَبَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْقَاتِلِينَ كَفَّارَةٌ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَقْتُولِينَ (قَوْلُهُ إذَا قَتَلَ مِثْلَهُ) أَيْ حُرًّا مُسْلِمًا فَلَا تَجِبُ فِي قَتْلِ عَبْدٍ خِلَافًا لِظَاهِرِ قَوْلِ أَشْهَبَ وَقَوْلُهُ مَعْصُومًا لَا صَائِلًا وَزَانِيًا مُحْصَنًا وَمُرْتَدًّا وَزِنْدِيقًا (قَوْلُهُ إذْ لَا وَلَاءَ لَهُ) ابْنُ مَرْزُوقٍ لَا يَخْفَى عَلَيْك ضَعْفُ الِاسْتِدْلَالِ أَمَّا أَوَّلًا فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ لَا يَصِحُّ عِتْقُهُ يَصِحُّ صَوْمُهُ فَقُصَارَى أَمْرِهِ أَنْ يَكُونَ كَمَنْ لَا يَجِدُ مَا يَعْتِقُ وَأَمَّا ثَانِيًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ لَا يُكَفِّرَ فِي الظِّهَارِ لِوُجُودِ مِثْلِ هَذَا الِاسْتِدْلَالِ فِيهِ وَأَمَّا ثَالِثًا فَلِأَنَّ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ قَتَلَ} [النساء: 92] يَشْمَلُ الْحُرَّ وَالْعَبْدَ فَتَخْصِيصُهُ بِالْحُرِّ يَحْتَاجُ لِدَلِيلٍ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مَذْهَبَ أَكْثَرِ الْأُصُولِيِّينَ أَنَّ الْخِطَابَ بِالنَّاسِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ يَشْمَلُ الْعَبِيدَ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى اشْتِرَاطِ الْحُرِّيَّةِ فِي هَذَا الْبَابِ لِغَيْرِ الْمُصَنِّفِ وَمَتْبُوعِيهِ ثُمَّ إنَّ بَعْضَ الشُّيُوخِ جَعَلَهُ وَجِيهًا غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ إنَّ طَلَبَ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ لَيْسَ كَطَلَبِهَا فِي قَتْلِ الْخَطَأِ إذْ لَا يَخْرُجُ عَنْ الظِّهَارِ بِدُونِهَا مَعَ كَوْنِ الظِّهَارِ مَعْصِيَةً مُرْتَكِبُهُ آثِمٌ فَتَأَكَّدَ أَمْرُهَا (قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِالْمُسْلِمِ الْكَافِرُ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْقُرَبِ) قَدْ يُقَالُ الْكُفَّارُ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ
(قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِالْخَطَأِ الْعَمْدُ) لَا يَخْفَى أَنَّ مِنْ الْخَطَأِ الَّذِي فِيهِ دِيَةٌ عَمْدَ الصَّبِيُّ وَنَوْمَ امْرَأَةٍ عَلَى وَلَدِهَا فَقَتَلَتْهُ وَامْتِنَاعُهَا مِنْ إرْضَاعِهِ لَا لِقَصْدِ قَتْلِهِ حَتَّى مَاتَ وَسُقُوطُ شَيْءٍ مِنْ يَدِهَا أَوْ يَدِ أَبِيهِ عَلَيْهِ خَطَأً فَقَتَلَهُ لَا خَطَأً لَيْسَ فِيهِ دِيَةٌ كَسُقُوطِ وَلَدٍ مِنْ أَحَدِ أَبَوَيْهِ أَوْ سَقْيِهِ دَوَاءً فَمَاتَ فَهَدَرٌ فَلَا كَفَّارَةَ فِيهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ) أَيْ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ وُجُوبَ إخْرَاجِهَا عَلَى الْوَلِيِّ خِطَابُ تَكْلِيفٍ وَخِطَابُ الْوَضْعِ هُوَ جَعْلُ اللَّهِ جِنَايَةَ مَا ذُكِرَ سَبَبًا فِي وُجُوبِ إخْرَاجِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْوَلِيِّ
مَشْرُوطَةٌ بِعَدَمِ الْقَتْلِ فَإِذَا حَصَلَ الْقَتْلُ بَطَلَ الْخِطَابُ بِهَا كَمَا تَسْقُطُ دِيَتُهُ عَنْ الْعَاقِلَةِ لِوَرَثَتِهِ
(ص) وَنُدِبَتْ فِي جَنِينٍ وَرَقِيقٍ وَعَمْدٍ وَعَبْدٍ وَذِمِّيٍّ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ الْكَفَّارَةَ مَنْدُوبَةٌ فِي قَتْلِ الْجَنِينِ وَفِي قَتْلِ الرَّقِيقِ الْجَارِي فِي مِلْكِ غَيْرِ الْقَاتِلِ وَفِي قَتْلِ الْعَمْدِ الَّذِي لَا يُقْتَلُ بِهِ إمَّا لِكَوْنِهِ عُفِيَ عَنْهُ وَإِمَّا لِعَدَمِ التَّكَافُؤِ وَأَمَّا إنْ قُتِلَ بِهِ فَلَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ عَدَمُ الْكَفَّارَةِ وَكَذَلِكَ تُنْدَبُ الْكَفَّارَةُ فِي قَتْلِ الرَّقِيقِ الْجَارِي فِي مِلْكِ الْقَاتِلِ وَكَذَلِكَ فِي قَتْلِ الذِّمِّيِّ سَوَاءٌ وَقَعَ الْقَتْلُ خَطَأً أَوْ عَمْدًا
(ص) وَعَلَيْهِ مُطْلَقًا جَلْدُ مِائَةٍ ثُمَّ حَبْسُ سَنَةٍ وَإِنْ بِقَتْلِ مَجُوسِيٍّ أَوْ عَبْدِهِ أَوْ نُكُولِ الْمُدَّعِي عَلَى ذِي اللَّوْثِ وَحَلِفِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ الْبَالِغَ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً حُرًّا كَانَ أَوْ عَبْدًا مُسْلِمًا كَانَ أَوْ ذِمِّيًّا إذَا قَتَلَ غَيْرَهُ عَمْدًا وَلَوْ مَجُوسِيًّا أَوْ عَبْدًا لِغَيْرِهِ أَوْ لَهُ يُوجِبُ عَلَيْهِ جَلْدُ مِائَةٍ وَحَبْسُ عَامٍ مِنْ غَيْرِ تَغْرِيبٍ أَيْ حَيْثُ عُفِيَ عَنْهُ أَوْ قَتَلَ مَنْ لَا يُكَافِئُهُ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُقَامَ عَلَيْهِ لَوْثٌ بِالْقَتْلِ جَلْدُ مِائَةٍ وَحَبْسُ سَنَةٍ إذَا حَلَفَ خَمْسِينَ يَمِينًا بَعْدَ نُكُولِ الْمُدَّعِي رَعْيًا لِلَّوْثِ فَقَوْلُهُ عَلَى ذِي اللَّوْثِ أَيْ عَلَى مَنْ قَامَ عَلَيْهِ لَوْثٌ وَالْوَاوُ فِي وَحَلِفِهِ بِمَعْنَى مَعَ أَيْ أَوْ نُكُولِ الْمُدَّعِي مَعَ حَلِفِهِ أَيْ حَلِفِ ذِي اللَّوْثِ وَهُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَوْلَى لَوْ نَكَلَ وَبِعِبَارَةٍ أَوْ نُكُولِ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى قَتْلِ أَيْ أَوْ كَانَ الْقَتْلُ الْمُدَّعَى بِهِ مُلْتَبِسًا بِنُكُولِ الْمُدَّعِي عَلَى ذِي اللَّوْثِ مَعَ حَلِفِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خَمْسِينَ يَمِينًا لِأَنَّ الْيَمِينَ تَرُدُّ مِثْلَ مَا تَجُبُّ وَسَيُصَرِّحُ بِذَلِكَ الْمُؤَلِّفُ فِي قَوْلِهِ فَتُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ فَيَحْلِفُ كُلٌّ خَمْسِينَ وَمَنْ نَكَلَ حُبِسَ حَتَّى يَحْلِفَ وَذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ الْحَلِفَ لِأَجْلِ كَوْنِهِ دَاخِلًا تَحْتَ الْمُبَالَغَةِ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَحْلِفْ فَلَا يُتَوَهَّمُ هَذَا الْحُكْمُ فِيهِ
(ص) وَالْقَسَامَةُ سَبَبُهَا قَتْلُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ فِي مَحَلِّ اللَّوْثِ (ش) الْقَسَامَةُ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَقَرَّهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي الْإِسْلَامِ وَالْمَعْنَى أَنَّ السَّبَبَ الَّذِي تَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ هُوَ قَتْلُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ فِي مَحَلِّ اللَّوْثِ أَيْ فِي مَحَلِّ التَّلَطُّخِ أَيْ فِي الِاتِّهَامِ وَهُوَ الْمَحَلُّ الَّذِي يَنْشَأُ عَنْهُ غَلَبَةُ الظَّنِّ بِصِدْقِ الْمُدَّعِي فَلَا قَسَامَةَ فِي الْجُرْحِ وَلَا فِي الْعَبْدِ وَلَا فِي الْكَافِرِ وَسَتَأْتِي هَذِهِ الْمَفَاهِيمُ فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَمَنْ أَقَامَ شَاهِدًا عَلَى جَرْحِ أَوْ قَتْلِ كَافِرٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ جَنِينٍ حَلَفَ وَاحِدَةً إلَخْ (ص) كَأَنْ يَقُولَ بَالِغٌ حُرٌّ مُسْلِمٌ قَتَلَنِي فُلَانٌ وَلَوْ خَطَأً أَوْ مَسْخُوطًا عَلَى وَرِعٍ أَوْ وَلَدًا عَلَى وَالِدِهِ أَنَّهُ ذَبَحَهُ أَوْ زَوْجَةً عَلَى زَوْجِهَا (ش) هَذَا أَوَّلُ أَمْثِلَةِ اللَّوْثِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْبَالِغَ الْحُرَّ الْمُسْلِمَ الذَّكَرَ أَوْ الْأُنْثَى إذَا قَالَ قَتَلَنِي فُلَانٌ عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَيَكُونُ لَوْثًا بِشَرْطِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى إقْرَارِهِ بِذَلِكَ عَدْلَانِ فَأَكْثَرُ وَأَنْ يَتَمَادَى عَلَى قَوْلِهِ فَإِنْ قَالَ قَتَلَنِي فُلَانٌ ثُمَّ قَالَ بَلْ فُلَانٌ بَطَلَ الدَّمُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْقَائِلُ عَدْلًا أَوْ مَسْخُوطًا ادَّعَى عَلَى أَوْرَعِ أَهْلِ زَمَانِهِ أَنَّهُ قَتَلَهُ أَوْ زَوْجَةً ادَّعَتْ عَلَى زَوْجِهَا أَنَّهُ قَتَلَهَا أَوْ كَانَ الْقَائِلُ وَلَدًا ادَّعَى أَنَّ أَبَوْهُ ذَبَحَهُ أَوْ شَقَّ جَوْفَهُ أَوْ قَصَدَ إزْهَاقَ رُوحِهِ وَأَمَّا لَوْ رَمَاهُ بِحَدِيدَةٍ فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِهِ بَلْ يَحْلِفُ الْوُلَاةُ خَمْسِينَ يَمِينًا وَيَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ مُغَلَّظَةً فِي مَالِ الْأَبِ وَاحْتُرِزَ بِبَالِغٍ مِنْ الصَّغِيرِ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَبِالْحُرِّ مِنْ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُدَّعٍ لِغَيْرِهِ وَبِالْمُسْلِمِ مِنْ الْكَافِرِ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَأَطْلَقَ فِي قَوْلِهِ قَتَلَنِي فُلَانٌ لِيَشْمَلَ الْحُرَّ وَالْعَبْدَ الْبَالِغَ وَغَيْرَهُ وَالذَّكَرَ وَالْأُنْثَى وَالْعَدْلَ وَالْمَسْخُوطَ وَالْمُسْلِمَ وَالْكَافِرَ
(ص)
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ كَمَا تَسْقُطُ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ كَدِيَتِهِ رَاجِعٌ لِقَاتِلِ نَفْسِهِ وَأَمَّا الصَّائِلُ فَلَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ دِيَةٌ
(قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ إلَخْ) أَمَّا الْجَنِينُ فَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ أَنَّهُ لَا يُنْدَبُ فِيهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِنَفْسٍ وَظَاهِرُ بَهْرَامَ أَنَّهَا مَنْدُوبَةٌ فِي الْعَمْدِ اتِّفَاقًا وَخَالَفَ الشَّافِعِيُّ فَجَعَلَهَا وَاجِبَةً فِي الْعَمْدِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِ بَهْرَامَ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْجَنِينِ فَقَطْ (قَوْلُهُ فَلَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ عَدَمُ الْكَفَّارَةِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ كَفَّارَةٌ أَيْ بَلْ يَجْزِمُ بِعَدَمِهَا فَلَيْسَتْ مَطْلُوبَةً أَصْلًا
(قَوْلُهُ أَوْ نُكُولِ إلَخْ) يُرِيدُ بِهِ أَنَّ الْأَوْلِيَاءَ إذَا وَجَبَتْ لَهُمْ الْقَسَامَةُ بِقِيَامِ اللَّوْثِ عَلَى الْقَاتِلِ فَيَنْكُلُوا عَنْهَا فَحَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَلَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ هَذَا الْحُكْمُ) أَيْ الَّذِي هُوَ جَلْدُ مِائَةٍ أَيْ لَا يُتَوَهَّمُ أَيْ بَلْ يُجْزَمُ بِهِ وَالْأَوْضَحُ أَنْ لَوْ قَالَ فَلَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ عَدَمُ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ أَيْ بَلْ يُجْزَمُ بِالْحُكْمِ الْمَذْكُورِ
(قَوْلُهُ قَتْلُ الْحُرِّ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِلْمَفْعُولِ وَقَوْلُهُ قَتْلُ أَيْ دَعْوَى قَتْلٍ وَالْمُرَادُ بِالْقَتْلِ الْمَوْتُ النَّاشِئُ عَنْ فِعْلِ فَاعِلٍ مِنْ جَرْحٍ أَوْ ضَرْبٍ أَوْ سُمٍّ أَوْ نَحْوِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمَحَلُّ الَّذِي يَنْشَأُ عَنْهُ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ قَتَلَنِي فُلَانٌ مَعَ الْجُرْحِ (قَوْلُهُ كَأَنْ يَقُولَ بَالِغٌ) أَيْ لَا صَبِيٌّ وَلَوْ مُرَاهِقًا وَشَرْطُ الْبَالِغِ الْعَقْلُ (قَوْلُهُ حُرٌّ مُسْلِمٌ) أَتَى بِهِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْمَقْتُولِ حُرًّا مُسْلِمًا حِينَ الْقَتْلِ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ حِينَ الْقَوْلِ مَعَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ وَقَوْلُهُ وَلَوْ خَطَأً وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ لَا قَسَامَةَ مَعَ ذَلِكَ لِأَنَّهَا دَعْوَى فِي مَالٍ وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ مَالِكٍ وَقَوْلُهُ أَوْ مَسْخُوطًا هُوَ الْمَشْهُورُ وَمُقَابِلُهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمَسْخُوطِ عَلَى الْعَدْلِ لِبُعْدِ دَعْوَاهُ وَالْمَسْخُوطُ هُوَ غَيْرُ مَرَضِيِّ الْحَالِ بَلْ وَلَوْ عَدُوًّا عَلَى عَدُوِّهِ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ الْعَدَاوَةُ هُنَا تُؤَكِّدُ صِدْقَ الْمُدَّعِي لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ الْقَتْلِ بِخِلَافِ سَائِرِ الدَّعَاوَى (قَوْلُهُ أَوْ زَوْجَةً عَلَى زَوْجِهَا) مُقَابِلُهُ قَوْلُ ابْنِ مُزَيْنٍ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِي ضَرْبِهَا (قَوْلُهُ عَدْلَانِ فَأَكْثَرُ) وَانْظُرْ مَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ أَوْ بِإِقْرَارِ الْمَقْتُولِ فِي الْجُرْحِ وَلَوْ قِيلَ لِلْمَجْرُوحِ مَنْ ضَرَبَك فَقَالَ لَا أَعْرِفُهُ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ فُلَانٌ لَمْ يُعْتَبَرْ قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ قَالَ فُلَانٌ أَوْ فُلَانٌ عَلَى الشَّكِّ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُدَّعٍ لِغَيْرِهِ) الصَّوَابُ فِي التَّعْلِيلِ أَنْ يُقَالَ الصَّبِيُّ وَالْعَبْدُ وَالْكَافِرُ لَيْسُوا مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ بِخِلَافِ الْمَسْخُوطِ وَالْمَرْأَةِ فَإِنَّهُمَا مِنْ أَهْلِ جِنْسِهَا فِي الْجُمْلَةِ وَأَيْضًا قَدْ يُوجَدُ مَنْ يَعْدِلُ الْمَسْخُوطَ وَأَمَّا تَعْلِيلُ هَذَا الشَّارِحِ فَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْحُرَّ إذَا قَالَ قَتَلَنِي خَطَأً يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُدَّعٍ لِغَيْرِهِ
إنْ كَانَ بِهِ جُرْحٌ (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّ قَوْلَ الْمَقْتُولِ قَتَلَنِي فُلَانٌ لَا يُقْبَلُ إلَّا إذَا كَانَ فِيهِ جُرْحٌ وَأَثَرُ الضَّرْبِ وَنَحْوُهُ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْجُرْحِ وَهَذِهِ هِيَ التَّدْمِيَةُ الْحَمْرَاءُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَبِهِ الْعَمَلُ وَالْحُكْمُ قَالَهُ الْمُتَيْطِيُّ وَأَمَّا التَّدْمِيَةُ الْبَيْضَاءُ فَالْمَشْهُورُ عَدَمُ قَبُولِهَا (ص) أَوْ أَطْلَقَ وَبَيَّنُوا (ش) هَذَا دَاخِلٌ فِي الْمُبَالَغَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَقْتُولَ إذَا قَالَ قَتَلَنِي فُلَانٌ وَأَطْلَقَ فِي كَلَامِهِ فَلَمْ يَقُلْ لَا عَمْدًا وَلَا خَطَأً فَإِنَّ أَوْلِيَاءَهُ يُبَيِّنُونَ ذَلِكَ وَيُقْسِمُونَ عَلَيْهِ فَإِنْ حَلَفُوا عَلَى الْعَمْدِ قَتَلُوا وَإِنْ حَلَفُوا عَلَى الْخَطَأِ أَخَذُوا الدِّيَةَ كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ وَوَاوُ وَبَيَّنُوا وَاوُ الْحَالِ (ص) لَا خَالَفُوا (ش) يَعْنِي أَنَّ أَوْلِيَاءَ الْمَقْتُولِ إذَا خَالَفُوا قَوْلَهُ بِأَنْ قَالَ قَتَلَنِي فُلَانٌ عَمْدًا فَقَالُوا بَلْ قَتَلَهُ خَطَأً أَوْ بِالْعَكْسِ فَإِنَّهُ لَا قَسَامَةَ لَهُمْ وَبَطَلَ حَقُّهُمْ وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَرْجِعُوا إلَى قَوْلِ الْمَيِّتِ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا يُجَابُوا لِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا أَنْفُسَهُمْ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُمْ) فَقَوْلُهُ لَا خَالَفُوا مَعْطُوفٌ عَلَى أَطْلَقَ أَيْ وَلَا إنْ خَالَفُوا وَلَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى بَيَّنُوا لِأَنَّهُ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ حِينَئِذٍ لَا أَطْلَقَ وَخَالَفُوا مَعَ أَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ مَعَ الْإِطْلَاقِ
(ص) وَلَا إنْ قَالَ بَعْضٌ عَمْدًا وَبَعْضٌ لَا نَعْلَمُ أَوْ نَكَلُوا (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَا خَالَفُوا وَعَطَفَ هَذَا عَلَيْهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَقْتُولَ إذَا أَطْلَقَ فِي قَوْلِهِ فَقَالَ بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ قَتَلَهُ عَمْدًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا نَعْلَمُ هَلْ قَتَلَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ قَالُوا كُلُّهُمْ قَتَلَهُ عَمْدًا وَنَكَلُوا عَنْ الْقَسَامَةِ فَإِنَّ الدَّمَ يَبْطُلُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَمَّا الْأُولَى فَلِأَنَّ الْأَوْلِيَاءَ لَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى أَنَّ وَلِيَّهُمْ قُتِلَ عَمْدًا فَيَسْتَحِقُّونَ الْقَوَدَ وَلَا عَلَى قَاتِلٍ فَيُقْسِمُونَ عَلَيْهِ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِمُجَرَّدِ نُكُولِهِمْ كَمَا يُفِيدُهُ مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَنُكُولُ الْمُعَيَّنِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَلَوْ بَعْدَ وَاوٍ مِنْ قَوْلِهِ وَاجْتُزِئَ بِاثْنَيْنِ طَاعَا مِنْ أَكْثَرَ (ص) بِخِلَافِ ذِي الْخَطَأِ فَلَهُ الْحَلِفُ وَأَخْذُ نَصِيبِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مُدَّعِيَ الْخَطَأِ إذَا خَالَفَهُ غَيْرُهُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ وَقَالُوا لَا نَعْلَمُ خَطَأً أَوْ عَمْدًا فَلِمُدَّعِي الْخَطَأِ الْحَلِفُ لِجَمِيعِ الْأَيْمَانِ وَيَأْخُذُ نَصِيبَهُ مِنْ الدِّيَةِ لِأَنَّهُ مَالٌ أَمْكَنَ تَوْزِيعُهُ بِخِلَافِ مُدَّعِي الْعَمْدِ فَيَسْقُطُ نَصِيبُهُ وَمِثْلُ ذَلِكَ لَوْ قَالُوا كُلُّهُمْ خَطَأً وَنَكَلَ بَعْضُهُمْ فَإِنَّ لِمَنْ حَلَفَ نَصِيبَهُ وَلَا شَيْءَ لِمَنْ نَكَلَ وَأَمَّا لَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ خَطَأً وَبَعْضُهُمْ عَمْدًا فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ
(ص) وَإِنْ اخْتَلَفَا فِيهِمَا وَاسْتَوَوْا حَلَفَ كُلٌّ وَلِلْجَمِيعِ دِيَةُ الْخَطَأِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَقْتُولَ إذَا أَطْلَقَ فِي قَوْلِهِ بِأَنْ قَالَ قَتَلَنِي فُلَانٌ فَقَالَ بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ قَتَلَهُ خَطَأً وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ قَتَلَهُ عَمْدًا وَالْحَالُ أَنَّهُمْ كُلَّهُمْ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ بِأَنْ كَانُوا بَنِينَ أَوْ إخْوَةً أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ كُلَّهُمْ أَيْ مَنْ ادَّعَى الْعَمْدَ وَالْخَطَأَ يَحْلِفُونَ أَيْمَانَ الْقَسَامَةِ وَيُقْضَى لِلْجَمِيعِ بِدِيَةِ الْخَطَأِ فَإِنْ اخْتَلَفُوا كَبِنْتٍ وَعَصَبَةٍ فَإِنْ ادَّعَى الْعَصَبَةُ الْعَمْدَ وَالْبِنْتُ الْخَطَأَ فَهُوَ هَدَرٌ وَلَا قَسَامَةَ وَلَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ عَمْدًا فَذَلِكَ لِلْعَصَبَةِ وَلَمْ يُثْبِتْ الْمَيِّتُ لَهُمْ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَالدِّيَةُ وَلَمْ يَثْبُتُ أَنَّهُ خَطَأٌ وَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ خَمْسِينَ يَمِينًا مَا قَتَلَهُ عَمْدًا وَيُحْرَزُ دَمُهُ كَمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَإِنْ ادَّعَى الْعَصَبَةُ الْخَطَأَ وَالْبِنْتُ الْعَمْدَ تَحْلِفُ الْعَصَبَةُ وَيَأْخُذُونَ نَصِيبَهُمْ مِنْ الدِّيَةِ وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِ الْبِنْتِ لِأَنَّهُ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ إنْ كَانَ بِهِ جُرْحٌ) بِضَمِّ الْجِيمِ (قَوْلُهُ التَّدْمِيَةُ الْحَمْرَاءُ) أَيْ الْمُصَاحِبَةُ لِلْجُرْحِ الْمُحْتَوِي عَلَى الدَّمِ الْأَحْمَرِ وَالتَّدْمِيَةُ هِيَ قَوْلُهُ قَتَلَنِي فُلَانٌ (قَوْلُهُ وَأَمَّا التَّدْمِيَةُ الْبَيْضَاءُ) أَيْ قَوْلُهُ قَتَلَنِي فُلَانٌ الْخَالِي عَنْ أَثَرِ جُرْحٍ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ كَانَ بِهِ جُرْحٌ شَرْطٌ فِيمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ فَحَقُّهُ أَنْ يُقَدَّمَ عَلَيْهَا
(قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَقْتُولَ إذَا أَطْلَقَ فِي قَوْلِهِ) فِي شَرْحِ شب وَسَوَاءٌ أَطْلَقَ الْمَقْتُولُ أَوْ بَيَّنَ خِلَافًا لتت اهـ. أَقُولُ إنَّهُ إذَا بَيَّنَ وَثَبَتَ ذَلِكَ فَلَا وَجْهَ لِلْبُطْلَانِ (قَوْلُهُ وَوَاوُ وَبَيَّنُوا وَاوُ الْحَالِ) أَيْ حَالٌ مُنْتَظَرَةٌ مَعَ اخْتِلَافِ فَاعِلِهَا مِنْ فَاعِلِ صَاحِبِهَا وَهُوَ فَاعِلُ أَطْلَقَ كَمَا ارْتَضَاهُ الدَّمَامِينِيُّ رَدًّا عَلَى الْمُغْنِي وَإِنْ مَنَعَهُ الشُّمُنِّيُّ (قَوْلُهُ لَا خَالَفُوا) أَيْ كُلُّهُمْ أَوْ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُرْجِعُوا الْقَوْلَ لِلْمَيِّتِ) وَكَذَا لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ إلَى قَوْلِهِمْ وَأَمَّا رُجُوعُهُ قَبْلَ مُخَالَفَتِهِمْ فَالظَّاهِرُ بُطْلَانُ الدَّمِ (قَوْلُهُ وَلَا إنْ قَالَ إلَخْ) هَذَا مَفْهُومُ وَبَيَّنُوا لِأَنَّ عَدَمَ الْبَيَانِ صَادِقٌ بِمَا ذَكَرَهُ هُنَا (قَوْلُهُ أَوْ قَالُوا كُلُّهُمْ قَتَلَهُ عَمْدًا) أَيْ بَلْ وَكَذَلِكَ إذَا قَالُوا كُلُّهُمْ قَتَلَهُ خَطَأً وَنَكَلُوا (قَوْلُهُ وَلَا عَلَى قَاتِلٍ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ إسْقَاطُهُ فَلَا مُنَاسَبَةَ لَهُ هُنَا (قَوْلُهُ وَمِنْ قَوْلِهِ وَاجْتُزِئَ إلَخْ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ قَوْلِهِ وَنُكُولِ إلَخْ أَيْ وَكَمَا يُفِيدُهُ مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَاجْتُزِئَ وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ حَاصِلَهُ إنْ وُجِدَ اثْنَانِ طَاعَا يَحْصُلُ الِاجْتِزَاءُ فَمَفْهُومُهُ إنْ لَمْ يُوجَدْ اثْنَانِ فَلَا اجْتِزَاءَ أَيْ وَحِينَئِذٍ يَسْقُطُ الدَّمُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مَالٌ أَمْكَنَ تَوْزِيعُهُ) وَمِثْلُ ذَلِكَ لَوْ قَالُوا كُلُّهُمْ: خَطَأٌ وَنَكَلَ بَعْضُهُمْ فَإِنَّ لِمَنْ حَلَفَ نَصِيبُهُ وَلَا شَيْءَ لِمَنْ نَكَلَ إلَى آخِرِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ حَلَفَ جَمِيعَ الْأَيْمَانِ فِيمَا إذَا ادَّعَى كُلُّ الْأَوْلِيَاءِ الْخَطَأَ فَلَهُ حِصَّتُهُ مِنْ الدِّيَةِ وَلَمْ تَحْلِفْ الْعَاقِلَةُ جَمِيعَ الْأَيْمَانِ وَأَمَّا إنْ حَلَفَ بَعْضَ الْأَيْمَانِ فَهُوَ وَالنَّاكِلُ لَا شَيْءَ لَهُمْ مِنْ الدِّيَةِ إنْ حَلَفَ الْعَاقِلَةُ جَمِيعَ الْأَيْمَانِ فَإِنْ نَكَلَ بَعْضُ الْعَاقِلَةِ عَنْ الْأَيْمَانِ فَلِمَنْ نَكَلَ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ أَوْ حَلَفَ بَعْضَ الْأَيْمَانِ حِصَّتُهُ مِمَّا يُؤْخَذُ مِمَّنْ نَكَلَ مِنْ الْعَاقِلَةِ
(قَوْلُهُ وَيَحْلِفُونَ أَيْمَانَ الْقَسَامَةِ) وَيَحْلِفُ مُدَّعِي الْعَمْدِ عَلَى قَدْرِ مِيرَاثِهِ كَمُدَّعِي الْخَطَأِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَتِهِ فِي أَخْذِ الدِّيَةِ كَانَ مُدَّعِي الْعَمْدِ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً (قَوْلُهُ وَيُقْضَى لِلْجَمِيعِ بِدِيَةِ الْخَطَأِ إلَخْ) أَيْ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي (قَوْلُهُ فَإِنْ اخْتَلَفُوا) هَذَا مُحْتَرَزُ اسْتِوَائِهِمْ فِي الدَّرَجَةِ أَيْ بِأَنْ كَانَ الْمَقْتُولُ تَرَكَ بَنَاتٍ وَأَعْمَامًا مَثَلًا أَيْ لَمْ يَكُونُوا فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ فَذَلِكَ لِلْعَصَبَةِ) أَيْ فَذَلِكَ الْعَمْدُ لِلْعَصَبَةِ أَيْ فَأَمْرُهُ لِلْعَصَبَةِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّهُ خَطَأٌ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ حَاصِلَ ذَلِكَ أَنَّ الْمَيِّتَ لَمْ يُثْبِتْ كَوْنَهُ عَمْدًا وَلَمْ يُثْبِتْ كَوْنَهُ خَطَأً أَيْ لَمْ يَدَّعِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَتْ الْعَصَبَةُ الْخَطَأَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ التَّعْلِيلَ الْمُتَقَدِّمَ وَهُوَ عَدَمُ الثُّبُوتِ أَيْ عَدَمُ ادِّعَاءِ الْمَيِّتِ جَارٍ أَيْضًا فِي تِلْكَ
لَا يَحْلِفُ فِي الْعَمْدِ أَقَلُّ مِنْ رَجُلَيْنِ عَصَبَةً وَتَثْنِيَةُ الْمُؤَلِّفِ الضَّمِيرَ أَوَّلًا وَجَمْعُهُ ثَانِيًا تَفَنُّنٌ أَيْ وَإِنْ اخْتَلَفَا أَيْ الصِّنْفَانِ وَاسْتَوَوْا أَيْ الْمُخَالِفُونَ
(ص) وَبَطَلَ حَقُّ ذِي الْعَمْدِ بِنُكُولِ غَيْرِهِمْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَيِّتَ إذَا قَالَ قَتَلَنِي فُلَانٌ وَقَالَ بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ قَتَلَهُ عَمْدًا وَقَالَ بَعْضُهُمْ بَلْ قَتَلَهُ خَطَأً وَنَكَلَ مُدَّعُو الْخَطَأِ عَنْ الْحَلِفِ فَإِنَّ حَقَّ مُدَّعِي الْعَمْدِ يَبْطُلُ وَلَا قَسَامَةَ لَهُمْ وَلَا دِيَةَ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا كَانُوا يَأْخُذُونَ مِنْ الدِّيَةِ بِطَرِيقِ التَّبَعِ لِمُدَّعِي الْخَطَأِ لِأَنَّ مَنْ ادَّعَى الْعَمْدَ إنَّمَا يَدَّعِي الدَّمَ وَإِنْ نَكَلَ بَعْضُ مُدَّعِي الْخَطَأِ فَلِمُدَّعِي الْعَمْدِ أَنْ يَدْخُلَ فِي حِصَّةِ مَنْ حَلَفَ وَيَبْطُلُ حَقُّهُمْ فِي حِصَّةِ مَنْ نَكَلَ فَقَوْلُهُ وَبَطَلَ إلَخْ أَيْ وَلَا دُخُولَ لَهُمْ فِي حِصَّةِ مَنْ نَكَلَ فَإِنْ نَكَلَ الْجَمِيعُ فَلَا دُخُولَ لَهُمْ وَإِنْ نَكَلَ بَعْضُهُمْ بَطَلَ حَقُّهُمْ فِي حِصَّةِ مَنْ نَكَلَ وَدَخَلُوا فِي حِصَّةِ مَنْ حَلَفَ
(ص) وَكَشَاهِدَيْنِ بِجُرْحٍ أَوْ ضَرْبٍ مُطْلَقًا (ش) هَذَا هُوَ الْمِثَالُ الثَّانِي مِنْ أَمْثِلَةِ اللَّوْثِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ إذَا شَهِدَا عَلَى مُعَايَنَةِ الْجُرْحِ أَوْ عَلَى مُعَايَنَةِ الضَّرْبِ خَطَأً أَوْ عَمْدًا وَهُوَ مَعْنَى الْإِطْلَاقِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ لَوْثًا يُقْسِمُ مَعَهُ الْأَوْلِيَاءُ وَيَسْتَحِقُّونَ الْقَوَدَ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةَ فِي الْخَطَأِ فَقَوْلُهُ وَكَشَاهِدَيْنِ مَعْطُوفٌ عَلَى كَأَنْ يَقُولَ وَقَوْلُهُ بِجُرْحٍ أَوْ ضَرْبٍ أَيْ بِجُرْحِ أَوْ ضَرْبِ حُرٍّ مُسْلِمٍ (ص) أَوْ بِإِقْرَارِ الْمَقْتُولِ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى إقْرَارِ الْمَقْتُولِ أَنَّ فُلَانًا ضَرَبَهُ أَوْ جَرَحَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً يَكُونُ ذَلِكَ لَوْثًا يُقْسِمُ أَوْلِيَاؤُهُ مَعَ ذَلِكَ وَيَسْتَحِقُّونَ الْقَوَدَ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةَ فِي الْخَطَأِ وَهَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى جُرْحٍ أَيْ وَكَشَاهِدَيْنِ بِجُرْحٍ أَوْ ضَرْبٍ أَوْ إقْرَارِ الْمَقْتُولِ وَهُوَ وَاضِحٌ قَوْلُهُ الْمَقْتُولِ أَيْ مَنْ يَصِيرُ مَقْتُولًا
(ص) ثُمَّ يَتَأَخَّرُ الْمَوْتُ يُقْسِمُ لَمِنْ ضَرْبِهِ مَاتَ (ش) رَجَعَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لِلْأَرْبَعِ مَسَائِلَ الَّتِي قَبْلَهُ وَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ ثَمَانِيَةٌ لِأَنَّ الشَّاهِدَيْنِ إمَّا أَنْ يَشْهَدَا بِمُعَايَنَةِ الْجُرْحِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ بِمُعَايَنَةِ الضَّرْبِ كَذَلِكَ أَوْ يَشْهَدَا بِإِقْرَارِ الْمَقْتُولِ بِالْجُرْحِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ بِالضَّرْبِ كَذَلِكَ وَالصَّوَابُ رُجُوعُهُ لِمَسْأَلَتَيْ الْجُرْحِ وَالضَّرْبِ لَا لِمَسْأَلَتَيْ الْإِقْرَارِ بِهِ لِأَنَّهُمَا إنَّمَا يَشْهَدَانِ عَلَى إقْرَارِهِ بِالْجُرْحِ أَوْ الضَّرْبِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَتَأَخَّرَ الْمَوْتُ أَوْ لَا فِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْقَسَامَةِ وَأَمَّا فِي مَسْأَلَتَيْ الْجُرْحِ وَالضَّرْبِ إذَا لَمْ يَتَأَخَّرْ الْمَوْتُ فَإِنَّ الْأَوْلِيَاءَ يَسْتَحِقُّونَ الدَّمَ أَوْ الدِّيَةَ مِنْ غَيْرِ قَسَامَةٍ قَوْلُهُ لَمِنْ ضَرْبِهِ مَاتَ أَيْ يُقْسِمُونَ بِهَذِهِ الصِّيغَةِ بِتَقْدِيمِ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ أَوْ يَقُولُونَ إنَّمَا مَاتَ مِنْ ضَرْبِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا أَيْ يُقْسِمُونَ لَمِنْ ضَرْبِهِ أَوْ جَرْحِهِ مَاتَ أَوْ إنَّمَا مَاتَ مِنْ ضَرْبِهِ أَوْ جَرْحِهِ وَقَوْلُهُ يُقْسِمُ إلَخْ هَذَا مَعَ الشَّاهِدَيْنِ وَأَمَّا مَعَ الشَّاهِدِ فَسَكَتَ الْمُؤَلِّفُ عَنْهُ لِأَنَّهُ أَخَّرَ قَوْلَهُ كَشَاهِدٍ بِذَلِكَ عَنْهُ وَكَلَامُهُ فِي أَنَّهُ لَوْثٌ وَالْحَلِفُ وَعَدَمُهُ شَيْءٌ آخَرُ وَالْمَذْهَبُ فِيهِ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ كَمَا يَأْتِي نَصُّهُ وَأَمَّا الْمِثَالُ الْأَوَّلُ فَيَحْلِفُونَ لَقَدْ قَتَلَهُ خَاصَّةً وَبِعِبَارَةٍ يُقْسِمُ إلَخْ صِفَةٌ لِلْيَمِينِ فِيمَا بَعْدَ الْكَافِ وَأَمَّا صِفَتُهَا مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ عَلَى الْجَرْحِ فَيَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا لَقَدْ جَرَحَهُ وَلَقَدْ مَاتَ مِنْهُ وَأَمَّا عَلَى الْقَتْلِ
ــ
[حاشية العدوي]
الْحَالَةِ وَهِيَ دَعْوَى الْعَصَبَةِ الْخَطَأَ فَانْظُرْ مَا وَجْهُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الْعِلَّةَ مَوْجُودَةٌ فِيمَا إذَا أَطْلَقَ الْمَيِّتُ وَقَالُوا عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَلَهُمْ الْحَلِفُ مَعَ أَنَّ الْمَيِّتَ لَمْ يُثْبِتْ لَهُمْ ذَلِكَ
(قَوْلُهُ وَبَطَلَ حَقُّ ذِي الْعَمْدِ) وَتُرَدُّ أَيْمَانُ مَنْ نَكَلَ وَهُوَ مُدَّعِي الْخَطَأِ فَقَطْ لَا مُدَّعِي الْعَمْدِ فَلَا تُرَدُّ أَيْمَانُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْكُلْ (قَوْلُهُ فَلِمُدَّعِي الْعَمْدِ أَنْ يَدْخُلَ إلَخْ) حَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مُدَّعِي الْخَطَأِ اثْنَيْنِ مَثَلًا وَمُدَّعِي الْعَمْدِ اثْنَيْنِ فَإِنْ نَكَلَ الِاثْنَانِ اللَّذَانِ ادَّعَيَا الْخَطَأَ فَلَا شَيْءَ لِمُدَّعِي الْعَمْدِ وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ وَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا وَأَرَادَ الثَّانِي الْحَلِفَ فَيَحْلِفُ مَعَهُ مُدَّعِي الْعَمْدِ وَيُشَارِكُونَهُ فِي نِصْفِ الدِّيَةِ الَّذِي حَلَفَ مِمَّنْ يَدَّعِي الْخَطَأَ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا النِّصْفَ (وَقَوْلُهُ وَيَبْطُلُ حَقُّهُمْ فِي حِصَّةِ مَنْ نَكَلَ) أَيْ الَّتِي كَانَ يَأْخُذُهَا أَنْ لَوْ حَلَفَ وَإِلَّا فَهُوَ مَعَ النُّكُولِ لَا حِصَّةَ لَهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ نَكَلَ الْجَمِيعُ إلَخْ) هَذَا تَكْرَارٌ مَعَ مَا تَقَدَّمَ
(قَوْلُهُ بِجَرْحٍ أَوْ ضَرْبٍ) أَيْ لِحُرٍّ مُسْلِمٍ أَيْ عَلَى مُعَايَنَةِ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَثَرٌ وَقَوْلُهُ مَعْطُوفٌ عَلَى كَانَ يَقُولُ أَيْ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ وَالتَّقْدِيرُ أَيْ كَقَوْلِ بَالِغٍ وَكَشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ لِأَنَّ الَّذِي مِنْ أَمْثِلَةِ اللَّوْثِ هُوَ قَوْلُ الْمَقْتُولِ وَالشَّهَادَةُ لَا الشَّاهِدَانِ (قَوْلُهُ خَطَأً أَوْ عَمْدًا) أَيْ وَأَثَرُهُ مَوْجُودٌ وَإِلَّا لَمْ يُعْمَلْ بِشَهَادَتِهِمَا عَلَى إقْرَارِهِ فَلَيْسَ هَذَا بِمُخَالِفٍ لِقَوْلِهِ كَأَنْ يَقُولَ بَالِغٌ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ بِالْقَتْلِ إلَخْ قَالَ الزَّرْقَانِيُّ إنْ قِيلَ لِمَ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِيمَا تَقَدَّمَ مُطْلَقًا وَهُنَا عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَالْجَوَابُ أَنَّ قَوْلَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ مُطْلَقًا وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ لَمْ يَتَقَدَّمْ مَا يُبَيِّنُهُ فَلِذَلِكَ احْتَاجَ إلَى تَفْسِيرِهِ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ خَطَأً أَوْ عَمْدًا وَتَرَكَ قَوْلَهُ مُطْلَقًا كَفَاهُ (قَوْلُهُ فِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْقَسَامَةِ) وَوَجْهُهُ أَنَّهُمَا لَمْ يُعَايِنَا جَرْحًا وَلَا ضَرْبًا لِأَنَّ الْإِقْرَارَ أَمْرُهُ ضَعِيفٌ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَسَامَةِ مُطْلَقًا تَأَخَّرَ مَوْتُهُ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ وَأَمَّا فِي مَسْأَلَتَيْ الْجَرْحِ وَالضَّرْبِ أَيْ مُعَايَنَةِ الْجَرْحِ أَوْ الضَّرْبِ (قَوْلُهُ وَكَلَامُهُ فِي أَنَّهُ لَوْثٌ) أَيْ الشَّاهِدُ الْوَاحِدُ لَوْثٌ (قَوْلُهُ وَالْحَلِفُ وَعَدَمُهُ شَيْءٌ آخَرُ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُخَالِفُ مَا يَأْتِي لَهُ مِنْ أَنَّ اللَّوْثَ لَيْسَ بِشَهَادَةِ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ فَإِنَّهُ سَيَأْتِي بِقَوْلِ وَحَلَفَ الْوُلَاةُ مَعَ الشَّاهِدِ الْمَذْكُورِ يَمِينًا وَاحِدَةً لَقَدْ ضَرَبَهُ وَهَذِهِ الْيَمِينُ تَكْمِلَةُ النِّصَابِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ لَوْثًا إلَخْ وَقَوْلُهُ وَالْحَلِفُ إلَخْ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْحَلِفِ وَعَدَمِهِ مَعَ أَنَّ الْخِلَافَ الْآتِيَ مُتَّفَقٌ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ لَكِنْ هَلْ يَحْلِفُ الْيَمِينَ الْمُكَمِّلَةَ لِلنِّصَابِ أَوَّلًا ثُمَّ يَحْلِفُ أَيْمَانَ الْقَسَامَةِ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ يَحْلِفُهَا مَعَ كُلِّ يَمِينٍ مِنْ الْخَمْسِينَ (قَوْلُهُ وَالْمَذْهَبُ فِيهِ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ) مِنْ أَنَّهُ يَحْلِفُ الْيَمِينَ الْمُكَمِّلَةَ مَعَ كُلِّ يَمِينٍ مِنْ الْخَمْسِينَ (قَوْلُهُ يَحْلِفُونَ لَقَدْ قَتَلَهُ خَاصَّةً) أَيْ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى زِيَادَةٍ وَلَقَدْ مَاتَ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْجُرْحِ فَإِنَّهُ يَقُولُ لَقَدْ جَرَحَهُ وَلَمِنْ جُرْحِهِ مَاتَ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ قَوْلَهُ لَقَدْ قَتَلَهُ لَقَدْ أَمَاتَهُ
(قَوْلُهُ لَقَدْ جَرَحَهُ) فَتَكُونُ هَذِهِ الْيَمِينُ اجْتَمَعَ فِيهَا الْيَمِينُ الْمُكَمِّلَةُ لِلنِّصَابِ
فَيَحْلِفُونَ لَقَدْ قَتَلَهُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَوْ نَصُّهُ أَنَّهُمْ يَحْلِفُونَ عَلَى الْجَرْحِ وَالْمَوْتِ عَنْهُ فِي كُلِّ يَمِينٍ مِنْ الْخَمْسِينَ يَعْنِي حَيْثُ قَالَ فِي رَسْمِ الْمُكَاتَبِ مِنْ سَمَاعِ يَحْيَى مِنْ كِتَابِ الدِّيَاتِ فَعَلَى الْقَوْلِ بِالْقَسَامَةِ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ يَحْلِفُونَ لَقَدْ جَرَحَهُ وَلَقَدْ مَاتَ مِنْ جَرْحِهِ وَلَا يَحْلِفُونَ مَعَ الشَّاهِدَيْنِ إلَّا لَقَدْ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْجَرْحِ وَأَمَّا مَعَ الشَّاهِدِ عَلَى الْقَتْلِ فَيَحْلِفُونَ لَقَدْ قَتَلَهُ خَاصَّةً
(ص) أَوْ بِشَاهِدٍ بِذَلِكَ مُطْلَقًا (ش) هَذَا هُوَ الْمِثَالُ الثَّالِثُ مِنْ أَمْثِلَةِ اللَّوْثِ وَفِيهِ مَسَائِلُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعَدْلَ الْوَاحِدَ إذَا شَهِدَ عَلَى مُعَايَنَةِ الْجُرْحِ أَوْ الضَّرْبِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْإِطْلَاقِ وَحَلَفَ الْوُلَاةُ مَعَ الشَّاهِدِ الْمَذْكُورِ يَمِينًا وَاحِدَةً لَقَدْ ضَرَبَهُ وَهَذِهِ الْيَمِينُ مُكَمِّلَةٌ لِلنِّصَابِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ لَوْثًا تُقْسِمُ الْوُلَاةُ مَعَهُ خَمْسِينَ يَمِينًا وَيَسْتَحِقُّونَ الْقَوَدَ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةَ فِي الْخَطَأِ وَسَيَأْتِي مَا إذَا شَهِدَ شَاهِدٌ عَلَى إقْرَارِ الْمَقْتُولِ بِالضَّرْبِ وَالْجَرْحِ فِي قَوْلِهِ أَوْ بِإِقْرَارِ الْمَقْتُولِ عَمْدًا (ص) إنْ ثَبَتَ الْمَوْتُ (ش) هَذَا عَامٌّ فِي جَمِيعِ مَسَائِلِ الْقَسَامَةِ أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ الْمَوْتِ لِأَنَّهُ قَبْلَ ثُبُوتِهِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ حَيًّا وَلَا قَسَامَةَ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ فَتَمْكِينُ الْأَوْلِيَاءِ حِينَئِذٍ مِنْ الْقَسَامَةِ يَسْتَلْزِمُ قَتْلَ الْجَانِي وَيَسْتَلْزِمُ تَزْوِيجَ امْرَأَةِ الْمَقْتُولِ وَقَسْمَ مَالِهِ بِشَاهِدٍ أَوْ بِشَاهِدَيْنِ عَلَى الْجُرْحِ وَذَلِكَ بَاطِلٌ وَبِعِبَارَةٍ الشَّرْطُ رَاجِعٌ لِهَذِهِ وَأَمَّا الَّتِي قَبْلَهَا وَهِيَ قَوْلُهُ وَكَشَاهِدَيْنِ بِجُرْحٍ أَوْ ضَرْبٍ مُطْلَقًا إلَخْ فَالْمُؤَلِّفُ ذَكَرَ فِيهَا ثُبُوتَ الْمَوْتِ لِأَنَّهُ قَالَ ثَمَّ بِتَأَخُّرِ الْمَوْتِ وَمَعْرِفَةُ تَأَخُّرِ الْمَوْتِ فَرْعُ ثُبُوتِهِ وَبِهَذَا يَسْقُطُ اعْتِرَاضُ ابْنِ غَازِيٍّ
(ص) أَوْ بِإِقْرَارِ الْمَقْتُولِ عَمْدًا (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ تَكُونُ شَهَادَةُ الْعَدْلِ الْوَاحِدِ عَلَى إقْرَارِ الْمَقْتُولِ أَنَّ فُلَانًا جَرَحَهُ أَوْ ضَرَبَهُ عَمْدًا لَوْثًا بَعْدَ حَلِفِ الْوُلَاةِ يَمِينًا وَاحِدَةً مُكَمِّلَةً لِلنِّصَابِ كَمَا مَرَّ ثُمَّ تَحْلِفُ الْوُلَاةُ خَمْسِينَ يَمِينًا وَيَسْتَحِقُّونَ الْقَوَدَ وَيَفْتَرِقُ هَذَا الْمِثَالُ مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ بِأَنَّهُ لَا يُكْتَفَى فِي هَذَا بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ عَلَى إقْرَارِ الْمَقْتُولِ بِ جَرَحَنِي فُلَانٌ خَطَأً وَلَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ فِي الْخَطَأِ تَأَمَّلْ وَأَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى قَوْلِهِ قَتَلَنِي فُلَانٌ فَنَصُّ الرِّوَايَةِ فِيهَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي قَوْلِهِ فِي الْخَطَأِ جَارٍ مَجْرَى الشَّهَادَةِ لِأَنَّهُ شَاهِدٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَالشَّاهِدُ لَا يَنْقُلُ عَنْهُ إلَّا اثْنَانِ بِخِلَافِ الْعَمْدِ فَإِنَّ الْمَنْقُولَ عَنْهُ إنَّمَا يَطْلُبُ ثُبُوتَ الْحُكْمِ لِنَفْسِهِ وَهُوَ الْقِصَاصُ
(ص) كَإِقْرَارِهِ مَعَ شَاهِدٍ مُطْلَقًا (ش) مَوْضُوعُ هَذَا الْفَرْعِ أَنَّ الْمَقْتُولَ
ــ
[حاشية العدوي]
وَأَيْمَانُ الْقَسَامَةِ فَقَوْلُهُ لَقَدْ جَرَحَهُ نَاظِرٌ لِلْيَمِينِ الْمُكَمِّلَةِ لِلنِّصَابِ وَقَوْلُهُ وَلَقَدْ مَاتَ إشَارَةٌ لِيَمِينِ الْقَسَامَةِ وَالْمَسْأَلَةُ فِيهَا خِلَافٌ هَلْ يَحْلِفُ الْيَمِينَ الْمُكَمِّلَةَ لِلنِّصَابِ أَوَّلًا ثُمَّ يَحْلِفُ أَيْمَانَ الْقَسَامَةِ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ يَحْلِفُهَا مَعَ كُلِّ يَمِينٍ مِنْ الْخَمْسِينَ (قَوْلُهُ رَسْمِ الْمُكَاتَبِ) أَيْ فَصْلِ الْمُكَاتَبِ وَقَوْلُهُ مِنْ سَمَاعِ يَحْيَى أَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ فَعَلَى الْقَوْلِ بِالْقَسَامَةِ مَعَ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ) يُفِيدُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ خِلَافٍ وَالْمُعْتَمَدُ وُجُودُ الْقَسَامَةِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا مَعَ الشَّاهِدِ عَلَى الْقَتْلِ) أَيْ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ هِيَ عَيْنُ قَوْلِهِ سَابِقًا وَأَمَّا عَلَى الْقَتْلِ أَيْ وَأَمَّا شَهَادَةُ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ عَلَى الْقَتْلِ وَهَذِهِ يُفِيدُهَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ بَعْدُ وَكَالْعَدْلِ فَقَطْ فِي مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ وَحَاصِلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْمِثَالِ الثَّالِثِ أَنَّهَا أَرْبَعُ صُوَرٍ وَكُلُّهَا فِي شَهَادَةِ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ الْأُولَى أَنْ يَشْهَدَ عَلَى مُعَايَنَةِ الْجُرْحِ أَوْ الضَّرْبِ وَلَا فَرْقَ فِي هَذِهِ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ فِي أَنَّهَا لَوْثٌ الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى إقْرَارِ الْمَقْتُولِ بِالْجَرْحِ أَوْ الضَّرْبِ وَفِي هَذِهِ التَّفْصِيلُ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ فَإِنْ أَقَرَّ بِالْجُرْحِ أَوْ الضَّرْبِ عَمْدًا كَانَ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ لَوْثًا وَأَمَّا الْخَطَأُ فَلَا يَكُونُ لَوْثًا إلَّا إذَا شَهِدَ عَلَى إقْرَارِهِ شَاهِدَانِ الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ أَنْ يَشْهَدَ الْوَاحِدُ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ وَيَشْهَدَ مَعَهُ شَاهِدَانِ أَيْضًا عَلَى إقْرَارِ الْمَقْتُولِ بِأَنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ فَاجْتَمَعَ شَهَادَةٌ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ مِنْ الْوَاحِدِ وَشَهَادَةٌ عَلَى إقْرَارِهِ بِأَنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ مِنْ اثْنَيْنِ الرَّابِعَةُ أَنْ يَشْهَدَ شَاهِدٌ وَاحِدٌ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ وَفِي هَذِهِ تَارَةً يُقِرُّ الْقَاتِلُ بِالْقَتْلِ فَيَكُونُ لَوْثًا وَأَمَّا إنْ لَمْ يُقِرَّ بِأَنْ أَنْكَرَ لَوْثٌ أَيْضًا وَلَكِنْ الْمُصَنِّفُ جَعَلَ هَذَا الْمِثَالَ الرَّابِعَ لِلَّوْثِ
(قَوْلُهُ وَحَلَفَ الْوُلَاةُ مَعَ الشَّاهِدِ يَمِينًا وَاحِدَةً) لَعَلَّ الْمُرَادَ وَاحِدٌ مِنْ الْوُلَاةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ خِلَافُ الْمَذْهَبِ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ أَفَادَ ذَلِكَ بَعْضُ شُرَّاحِهِ (قَوْلُهُ وَبِهَذَا يَسْقُطُ اعْتِرَاضُ ابْنِ غَازِيٍّ) عِبَارَةُ ابْنِ غَازِيٍّ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ يُشْعِرُ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ عَدْلَانِ بِالْجَرْحِ أَوْ بِالضَّرْبِ وَلَمْ تَقُمْ الْبَيِّنَةُ عَلَى صِحَّةِ مَوْتِ الْمَجْرُوحِ أَوْ الْمَضْرُوبِ لَاتُّفِقَ عَلَى صِحَّةِ الْقَسَامَةِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ فِي ظَاهِرِ كَلَامِ الشُّيُوخِ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَثْبُتْ وَفَاةُ الْمَجْرُوحِ فَتَمْكِينُ الْأَوْلِيَاءِ مِنْ الْقَسَامَةِ حِينَئِذٍ مُسْتَلْزِمٌ لِقَتْلِ الْجَانِي وَتَزْوِيجِ امْرَأَةِ الْمَقْتُولِ وَقَسْمِ مَالِهِ بِشَاهِدٍ أَوْ شَاهِدَيْنِ عَلَى الْجَرْحِ وَذَلِكَ بَاطِلٌ
(قَوْلُهُ أَوْ بِإِقْرَارٍ إلَخْ) وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُقِرُّ بِالْجُرْحِ أَوْ الضَّرْبِ بَالِغًا بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ عَلَى مُعَايَنَةِ الْجُرْحِ أَوْ الضَّرْبِ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَجْرُوحُ بَالِغًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَأَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى قَوْلِهِ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ فِي الْحِلِّ أَنَّهُ جَرَحَهُ أَوْ ضَرَبَهُ وَأَمَّا لَوْ قَالَ قَتَلَنِي فَلَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ سَوَاءٌ الْعَمْدُ وَالْخَطَأُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ صِحَّةِ شَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى إقْرَارِهِ بِالْجَرْحِ أَوْ الضَّرْبِ عَمْدًا وَقَبُولِ شَهَادَتِهِ عَلَى قَوْلِهِ قَتَلَنِي وَاشْتِرَاطِ شَاهِدَيْنِ لِأَنَّ الْقَتْلَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ الْعَمْدَ أَوْ الْخَطَأَ وَأَمَّا الْجَرْحُ فَهُوَ يَثْبُتُ عِنْدَ الْإِمَامِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ حَيْثُ كَانَ خَطَأً لِأَنَّهُ يَئُولُ إلَى الْمَالِ (قَوْلُهُ إنَّمَا يَطْلُبُ ثُبُوتَ الْحُكْمِ لِنَفْسِهِ) أَيْ فَلَمْ يَكُنْ شَاهِدًا عَلَى الْعَاقِلَةِ (قَوْلُهُ كَإِقْرَارِهِ إلَخْ) قَالَ عج فَإِنْ قُلْت قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ إقْرَارَهُ بِالْقَتْلِ حَيْثُ يَثْبُتُ لَوْثٌ وَثُبُوتُهُ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ وَإِذَا كَانَ هَذَا لَوْثًا فَأَوْلَى إذَا انْضَمَّ لَهُ شَاهِدٌ بِمُعَايَنَةِ الْقَتْلِ قُلْت إنَّمَا نَصَّ عَلَى هَذَا دَفْعًا لِتَوَهُّمِ
قَالَ قَتَلَنِي فُلَانٌ عَمْدًا أَوْ خَطَأً وَشَهِدَ عَلَى إقْرَارِهِ عَدْلَانِ وَشَهِدَ مَعَ هَذَا الْإِقْرَارِ شَاهِدٌ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ لَوْثًا تَحْلِفُ الْوُلَاةُ مَعَهُ خَمْسِينَ يَمِينًا وَيَسْتَحِقُّونَ الْقَوَدَ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةَ فِي الْخَطَأِ أَوْ مَا قَرَّرْنَا بِهِ هُوَ الْمُتَعَيِّنُ وَلَا يَتَكَرَّرُ مَعَ قَوْلِهِ وَوَجَبَتْ وَإِنْ تَعَدَّدَ اللَّوْثُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ هُنَا إثْبَاتُ أَنَّهُ لَوْثٌ وَفِيمَا سَيَأْتِي الْمَقْصُودُ أَنَّ تَعَدُّدَ اللَّوْثِ لَا يُغْنِي عَنْ وُجُوبِ الْقَسَامَةِ
(ص) أَوْ إقْرَارِ الْقَاتِلِ فِي الْخَطَأِ فَقَطْ بِشَاهِدٍ (ش) مَعْنَاهُ أَنَّ الْقَاتِلَ أَقَرَّ أَنَّهُ قَتَلَ خَطَأً وَشَهِدَ شَاهِدٌ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ خَطَأً فَالْبَاءُ فِي بِشَاهِدٍ بِمَعْنَى مَعَ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَحْصُلْ غَيْرُ إقْرَارِ الْقَاتِلِ فَقَطْ فَلَيْسَ بِلَوْثٍ مُطْلَقًا بَلْ فِيهِ تَفْصِيلٌ وَهُوَ أَنَّهُ تَارَةً يَبْطُلُ وَتَارَةً يَكُونُ لَوْثًا كَمَا مَرَّ عَنْ الشَّيْخِ شَرَفِ الدِّينِ وَهَذَا التَّفْصِيلُ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ بِشَاهِدٍ عَلَى مَا حَمَلْنَاهُ عَلَيْهِ وَنَحْوُهُ لِلشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَلَا يَحْتَاجُ لِتَصْوِيبِ ابْنِ غَازِيٍّ
(ص) وَإِنْ اخْتَلَفَ شَاهِدَاهُ بَطَلَ (ش) الضَّمِيرُ يَرْجِعُ لِلْقَتْلِ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا شَهِدَ شَاهِدٌ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَ فُلَانًا عَمْدًا وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ قَتَلَهُ خَطَأً أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا إنَّهُ قَتَلَهُ بِسَيْفٍ وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ قَتَلَهُ بِخَشَبَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّ الْقَتْلَ يَسْقُطُ لِتَنَاقُضِ الشَّهَادَتَيْنِ وَلَا يَلْزَمُ الشُّهُودَ أَنْ يُبَيِّنُوا صِفَةَ الْقَتْلِ لَكِنْ لَوْ بَيَّنُوهَا وَاخْتَلَفُوا فِيهَا بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمْ
(ص) وَكَالْعَدْلِ فَقَطْ فِي مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ (ش) هَذَا هُوَ الْمِثَالُ الرَّابِعُ مِنْ أَمْثِلَةِ اللَّوْثِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا شَهِدَ عَدْلٌ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ مِنْ غَيْرِ إقْرَارِ الْمَقْتُولِ فَإِنَّهَا تَكُونُ لَوْثًا وَإِنَّمَا قُلْنَا مِنْ غَيْرِ إلَخْ لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ قَوْلِهِ كَإِقْرَارِهِ مَعَ شَاهِدٍ مُطْلَقًا فَإِنَّ مَوْضُوعَهَا أَنَّهُ قَالَ قَتَلَنِي فُلَانٌ وَمَفْهُومُ الْعَدْلِ أَنَّ شَهَادَةَ غَيْرِهِ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ لَا تَكُونُ لَوْثًا وَظَاهِرُ قَوْلِهِ الْقَتْلُ يَشْمَلُ الْعَمْدَ وَالْخَطَأَ وَالْمَرْأَتَانِ كَالْعَدْلِ فِي هَذَا وَفِي سَائِرِ مَا قُلْنَا أَنَّ شَهَادَةَ الشَّاهِدِ فِيهِ لَوْثٌ
(ص) أَوْ يَرَاهُ يَتَشَحَّطُ فِي دَمِهِ وَالْمُتَّهَمَ قُرْبُهُ وَعَلَيْهِ آثَارُهُ (ش) هَذَا هُوَ الْمِثَالُ الْخَامِسُ مِنْ أَمْثِلَةِ اللَّوْثِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعَدْلَ إذَا رَأَى الْمَقْتُولَ يَتَشَحَّطُ فِي دَمِهِ أَيْ يَضْطَرِبُ فِيهِ وَالشَّخْصُ الْمُتَّهَمُ بِالْقَتْلِ قَرِيبٌ مِنْ مَكَانِ الْمَقْتُولِ وَعَلَى الْمُتَّهَمِ آثَارُ الْقَتْلِ بِأَنْ كَانَتْ الْآلَةُ بِيَدِهِ وَهِيَ مُلَطَّخَةٌ بِالدَّمِ أَوْ خَارِجًا مِنْ مَكَانِ الْمَقْتُولِ وَلَا وَجَدَ فِيهِ غَيْرَهُ وَشَهِدَ الْعَدْلُ بِذَلِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ لَوْثًا يَحْلِفُ الْوُلَاةُ مَعَهُ خَمْسِينَ يَمِينًا وَيَسْتَحِقُّونَ الْقَوَدَ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةَ فِي الْخَطَأِ فَقَوْلُهُ قُرْبَهُ مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ وَقَوْلُهُ أَوْ يَرَاهُ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى مُعَايَنَةِ وَيُقَدَّرُ أَنَّ فِي الْمَعْطُوفِ مِنْ عَطْفِ مَصْدَرٍ مُؤَوَّلٍ عَلَى مَصْدَرٍ صَرِيحٍ وَيَرَاهُ بَصَرِيَّةٌ وَلِذَا تَعَدَّتْ لِمَفْعُولٍ وَجُمْلَةُ يَتَشَحَّطُ حَالٌ مِنْ الْمَقْتُولِ وَفِي مِنْ قَوْلِهِ فِي دَمِهِ بِمَعْنَى عَلَى
(ص) وَوَجَبَتْ وَإِنْ تَعَدَّدَ اللَّوْثُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْقَسَامَةِ وَإِنْ تَعَدَّدَ اللَّوْثُ كَمَا لَوْ شَهِدَ الْعَدْلُ بِمُعَايَنَةِ الْقَتْلِ وَقَالَ الْمَقْتُولُ قَتَلَنِي فُلَانٌ وَشَهِدَ عَلَى إقْرَارِهِ بِذَلِكَ عَدْلَانِ وَالْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ إذَا أَرَادَ الْأَوْلِيَاءُ الْقِصَاصَ أَوْ الدِّيَةَ فَلَا يُمَكَّنُونَ مِنْ ذَلِكَ إلَّا بِالْأَيْمَانِ أَمَّا إنْ أَرَادُوا التَّرْكَ فَلَا يُكَلَّفُونَ الْأَيْمَانَ
(ص) وَلَيْسَ مِنْهُ وُجُودُهُ بِقَرْيَةِ قَوْمٍ أَوْ دَارِهِمْ (ش) يَعْنِي أَنَّ وُجُودَ الْمَقْتُولِ فِي دَارِ قَوْمٍ أَوْ فِي أَرْضِ قَوْمٍ لَا يَكُونُ لَوْثًا يُوجِبُ الْقَسَامَةَ وَعَلَّلَهُ فِي الْمَجْمُوعَةِ بِأَنَّهُ لَوْ أَخَذَ بِذَلِكَ لَمْ يَشَأْ رَجُلٌ أَنْ يُلَطِّخَ قَوْمًا بِذَلِكَ إلَّا فَعَلَ وَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ حَيْثُ كَانَ يُخَالِطُهُمْ فِي الْقَرْيَةِ غَيْرُهُمْ فَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ قَضِيَّةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ حَيْثُ جَعَلَ النَّبِيُّ عليه الصلاة والسلام فِيهِ الْقَسَامَةَ لِابْنَيْ عَمِّهِ لِأَنَّ خَيْبَرَ مَا كَانَ يُخَالِطُ الْيَهُودَ فِيهَا غَيْرُهُمْ
(ص) وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ قَتَلَ وَدَخَلَ فِي جَمَاعَةٍ اُسْتُحْلِفَ كُلٌّ خَمْسِينَ يَمِينًا وَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ أَوْ عَلَى مَنْ نَكَلَ بِلَا قَسَامَةٍ (ش) يَعْنِي لَوْ شَهِدَ عَدْلَانِ عَلَى شَخْصٍ أَنَّهُ قَتَلَ عَمْدًا وَدَخَلَ فِي جَمَاعَةٍ وَلَمْ يُعْرَفْ مِنْ جُمْلَتِهِمْ فَإِنَّهُ يَلْزَمُ كُلًّا مِنْهُمْ أَنْ
ــ
[حاشية العدوي]
أَنَّ الْقَتْلَ هُنَا أَوْ أَخْذَ الدِّيَةِ لَا يَحْتَاجُ لِقَسَامَةٍ
(قَوْلُهُ وَيَشْهَدُ شَاهِدٌ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ إلَخْ) فَإِنْ قُلْت إذَا كَانَ الْقَاتِلُ مُقِرًّا فَلَا حَاجَةَ لِلشَّاهِدِ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ اُشْتُرِطَ الشَّاهِدُ مَعَ إقْرَارِهِ لِأَجْلِ أَنْ يَكُونَ لَوْثًا وَتُقْسِمُ الْأَوْلِيَاءُ مَعَهُ وَتَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ الدِّيَةَ فَمُحَصِّلُهُ اشْتِرَاطُ مُقَارَنَةِ الشَّاهِدِ لِأَجْلِ حَمْلِ الْعَاقِلَةِ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا الْإِقْرَارُ فَلَا يَكُونُ لَوْثًا وَتَكُونُ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ أَنَّهُ تَارَةً إلَخْ) الَّذِي مَرَّ عَنْ الشَّيْخِ شَرَفِ الدِّينِ التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ يُتَّهَمُ عَلَى إغْنَاءِ وَرَثَةِ الْمَقْتُولِ أَوْ لَا يُتَّهَمُ فَالْأَوَّلُ لَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ وَالثَّانِي تَحْمِلُهُ وَلَكِنْ الْمُعْتَمَدُ خِلَافُ هَذَا التَّفْصِيلِ وَأَنَّ إقْرَارَ الْقَاتِلِ لَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ مُطْلَقًا كَانَ مَأْمُونًا ثِقَةً أَمْ لَا أَقْسَمُوا أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَلَا يَحْتَاجُ لِتَصْوِيبِ ابْنِ غَازِيٍّ إلَخْ) نَصُّ ابْنِ غَازِيٍّ أَوْ إقْرَارُ الْقَاتِلِ فِي الْعَمْدِ فَقَطْ بِشَاهِدٍ كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ فِي الْعَمْدِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَأَمَّا النُّسْخَةُ الَّتِي فِيهَا الْخَطَأُ فَخَطَأٌ صُرَاحٌ إلَى أَنْ قَالَ إنَّ إقْرَارَ الْقَاتِلِ بِالْقَتْلِ خَطَأٌ لَيْسَ بِلَوْثٍ يُوجِبُ الْقَسَامَةَ فَكَيْفَ إذَا لَمْ يَثْبُتْ قَوْلُهُ وَإِنَّمَا شَهِدَ بِهِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ اهـ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ ابْنَ غَازِيٍّ فَهِمَ أَنَّ قَوْلَهُ بِشَاهِدٍ الْبَاءُ فِيهِ سَبَبِيَّةٌ وَالرَّدُّ عَلَيْهِ بِجَعْلِهَا بِمَعْنَى مَعَ
(قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَ شَاهِدَاهُ بَطَلَ) أَيْ بَطَلَ الْحَقُّ فِي الْقَسَامَةِ أَوْ بَطَلَ اللَّوْثُ وَإِذَا بَطَلَ اللَّوْثُ بَطَلَتْ الْقَسَامَةُ
(قَوْلُهُ فِي مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ) فُهِمَ مِنْهُ أَنَّ شَهَادَةَ الْعَدْلِ عَلَى إقْرَارِ الْمَقْتُولِ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَهُ لَا يَكُونُ لَوْثًا وَهُوَ كَذَلِكَ
(قَوْلُهُ وَالْمُتَّهَمُ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْمُتَّهَمِ مَنْ يَتَّهِمُهُ أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ بِأَنْ يَقُولُوا هَذَا قَتَلَهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يُتَّهَمُ بِالْقَتْلِ أَيْ يُشَارُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ آثَارُهُ) الْجَمْعُ لَيْسَ بِشَرْطٍ (قَوْلُهُ مَنْصُوبٌ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ) أَيْ وَهُوَ الْخَبَرُ وَالتَّقْدِيرُ كَائِنٌ قُرْبَهُ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ آثَارُهُ جُمْلَةٌ فِي مَحَلِّ الْحَالِ مِنْ الضَّمِيرِ فِي الْخَبَرِ
(قَوْلُهُ وَإِنْ تَعَدَّدَ اللَّوْثُ) إنْ لِدَفْعِ التَّوَهُّمِ لَا لِرَدِّ قَوْلٍ
(قَوْلُهُ قَضِيَّةُ عَبْدِ اللَّهِ بْن سَهْلٍ) فَإِنَّهُ وُجِدَ مَقْتُولًا فِي خَيْبَرَ وَلَيْسَتْ دَارَ أَهْلِهِ وَمَعَ ذَلِكَ جَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيهِ الْقَسَامَةَ (قَوْلُهُ لِابْنَيْ عَمِّهِ) أَيْ حُوَيِّصَةَ وَمُحَيِّصَةَ
(قَوْلُهُ وَدَخَلَ فِي جَمَاعَةٍ)
يَحْلِفَ خَمْسِينَ يَمِينًا لِأَنَّ يَمِينَ الدَّمِ لَا تَكُونُ إلَّا خَمْسِينَ وَلِأَنَّ التُّهْمَةَ تَتَنَاوَلُ كُلَّ شَخْصٍ بِمُفْرَدِهِ ثُمَّ بَعْدَ الْحَلِفِ تَلْزَمُهُمْ الدِّيَةُ فِي أَمْوَالِهِمْ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إذَا نَكَلُوا كُلُّهُمْ فَلَوْ حَلَفَ الْبَعْضُ وَنَكَلَ الْبَعْضُ فَمَنْ حَلَفَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمَنْ نَكَلَ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ الدِّيَةَ كَامِلَةً مِنْ مَالِهِ بِلَا قَسَامَةٍ عَلَى أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ شَهِدَتْ بِالْقَتْلِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ أَيْ فِي أَمْوَالِهِمْ أَنَّ الْقَتْلَ عَمْدٌ فَلَوْ كَانَ خَطَأً كَانَتْ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِمْ إنْ حَلَفُوا أَوْ نَكَلُوا أَوْ إنْ حَلَفَ بَعْضٌ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ مَنْ نَكَلَ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضٌ وَمَفْهُومُ اثْنَانِ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَالْحُكْمُ أَنَّهُمْ يُقْسِمُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا أَنَّ وَاحِدًا مِنْ هَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةِ قَتَلَهُ وَيَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ عَلَى الْجَمِيعِ وَلَا يُنَافِي هَذَا أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الْقَسَامَةُ عَلَى وَاحِدٍ تَعَيَّنَ لَهَا لِأَنَّ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَتْلِ
(ص) وَإِنْ انْفَصَلَتْ بُغَاةٌ عَنْ قَتْلَى وَلَمْ يُعْلَمْ الْقَاتِلُ فَهَلْ لَا قَسَامَةَ وَلَا قَوَدَ مُطْلَقًا أَوْ إنْ تَجَرَّدَ عَنْ تَدْمِيَةٍ وَشَاهِدٍ أَوْ عَنْ شَاهِدٍ فَقَطْ تَأْوِيلَاتٌ (ش) الْمُرَادُ بِالْبَغْيِ قِتَالُ الْمُسْلِمِينَ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ لِأَجْلِ عَدَاوَةٍ أَوْ غَارَةٍ فَيَخْرُجُ قِتَالُ الْكُفَّارِ وَالْمُحَارِبِينَ وَنَحْوِهِمَا فَإِنْ انْفَصَلَتْ الْبُغَاةُ عَنْ الْقَتْلَى وَلَمْ يُعْلَمْ الْقَاتِلُ فَهَلْ يَكُونُ الْمَقْتُولُ هَدَرًا وَلَا قَسَامَةَ وَلَا قَوَدَ سَوَاءٌ ادَّعَى الْمَقْتُولُ أَنَّ دَمَهُ عِنْدَ أَحَدٍ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ شَهِدَ بِذَلِكَ شَاهِدٌ مِنْ غَيْرِ الْبُغَاةِ أَمْ لَا وَهُوَ لِمَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَوْ مَحَلُّ عَدَمِ الْقَسَامَةِ وَالْقَوَدِ مَا إذَا لَمْ تَكُنْ تَدْمِيَةٌ وَلَا شَاهِدٌ وَعَلَيْهِ لَوْ كَانَ هُنَاكَ تَدْمِيَةٌ أَيْ بِأَنْ قَالَ الْمَقْتُولُ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ أَوْ شَهِدَ بِالْقَتْلِ شَاهِدٌ فَالْقَسَامَةُ وَالْقَوَدُ ثَابِتَانِ وَبِهِ فَسَّرَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَوْلَ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَجْمُوعَةِ أَوْ مَحَلُّ عَدَمِ الْقَسَامَةِ وَالْقَوَدِ وَلَوْ كَانَ هُنَاكَ تَدْمِيَةٌ إذَا لَمْ يَشْهَدْ شَاهِدٌ وَعَلَى هَذَا لَوْ شَهِدَ بِالْقَتْلِ شَاهِدٌ لَوَجَبَتْ الْقَسَامَةُ وَالْقَوَدُ وَعَلَى هَذَا تَأَوَّلَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ الْمُدَوَّنَةَ فَهِيَ ثَلَاثُ تَأْوِيلَاتٍ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَذْهَبِ الْأَوَّلِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَمْ يُعْلَمْ الْقَاتِلُ أَنَّهُ لَوْ عُلِمَ بِبَيِّنَةٍ لَاقْتُصَّ مِنْهُ قَالَهُ مَالِكٌ
(ص) وَإِنْ تَأَوَّلُوا فَهَدَرٌ كَزَاحِفَةٍ عَلَى دَافِعَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبُغَاةَ الْمُتَقَدِّمَ ذِكْرُهُمْ لَوْ كَانَ قِتَالُهُمْ بِتَأْوِيلٍ مِنْهُمْ فَإِنَّ مَنْ قُتِلَ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ يَكُونُ هَدَرًا كَدِمَاءِ زَاحِفَةٍ عَلَى دَافِعَةٍ فَإِنَّ دِمَاءَ الزَّاحِفَةِ هَدَرٌ بِخِلَافِ دِمَاءِ الدَّافِعَةِ فَلَيْسَ بِهَدَرٍ بَلْ فِيهِ الْقِصَاصُ وَالْمُرَادُ بِالتَّأْوِيلِ هُنَا الشُّبْهَةُ أَيْ أَنْ يَكُونَ لِكُلٍّ شُبْهَةٌ يُعْذَرُ بِهَا بِأَنْ ظَنَّتْ كُلُّ طَائِفَةٍ أَنَّهَا يَجُوزُ لَهَا قِتَالُ الْأُخْرَى لِكَوْنِهَا أَخَذَتْ مَالَهَا وَأَوْلَادَهَا أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ لَا التَّأْوِيلُ بِاصْطِلَاحِ الْمُتَكَلِّمِينَ وَهُوَ النَّظَرُ فِي الدَّلِيلِ السَّمْعِيِّ خِلَافًا لتت
(ص) وَهِيَ خَمْسُونَ يَمِينًا مُتَوَالِيَةً بَتًّا وَإِنْ أَعْمَى أَوْ غَائِبًا (ش) لَمَّا قَدَّمَ سَبَبَ الْقَسَامَةِ ذَكَرَ تَفْسِيرَهَا بِأَنَّهَا خَمْسُونَ يَمِينًا مُتَوَالِيَةً لِأَنَّهَا أَرْهَبُ وَأَوْقَعُ فِي النَّفْسِ وَتَكُونُ عَلَى الْبَتِّ لَا عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَلَوْ كَانَ الَّذِي يَحْلِفُ أَعْمَى أَوْ كَانَ غَائِبًا حَالَ الْقَتْلِ إذْ الْعَمَى وَالْغَيْبَةُ لَا يَمْنَعَانِ مِنْ تَحْصِيلِ أَسْبَابِ الْعِلْمِ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِالْخَبَرِ وَالسَّمَاعِ كَمَا يَحْصُلُ بِالْمُعَايَنَةِ وَاعْتَمَدَ الْبَاتُّ
ــ
[حاشية العدوي]
أَيْ مَحْصُورِينَ حَتَّى يَتَأَتَّى اسْتِحْلَافُ كُلٍّ خَمْسِينَ يَمِينًا وَإِلَّا فَهَدَرٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْقَاتِلُ فِيمَنْ هَرَبَ
(قَوْلُهُ عَنْ قَتْلَى) أَيْ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ الْمُرَادُ بِالْبَغْيِ إلَخْ) أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْبُغَاةِ هُنَا مَنْ خَرَجُوا عَنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ بَلْ الْمُرَادُ مِنْ بَغَى بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَوْ كَانُوا مُلْتَزِمِينَ لِطَاعَةِ الْإِمَامِ كَمَا يَقَعُ فِي بَعْضِ قُرَى مِصْرَ (قَوْلُهُ لِأَجْلِ عَدَاوَةٍ) أَيْ أَنَّ الْقِتَالَ إمَّا لِأَجْلِ عَدَاوَةٍ بَيْنَهُمَا أَوْ لِأَجْلِ غَارَةٍ أَيْ غَارَةِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّ الْغَارَةَ تَسْتَلْزِمُ الْعَدَاوَةَ وَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ لَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ شَاهِدٌ مِنْ غَيْرِ الْبُغَاةِ) وَأَمَّا مِنْ الْبُغَاةِ فَلَا يُعْتَبَرُ وَلَوْ مِنْ طَائِفَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ بِالْقَتْلِ لِعَدَمِ الْعَدَالَةِ لِحُصُولِ الْبَغْيِ (تَنْبِيهٌ) : قَالَ اللَّقَانِيِّ وَالْمَسْأَلَةُ مُشْكِلَةٌ مِنْ أَصْلِهَا لِأَنَّهُمْ مُتَمَالِئُونَ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَ فَإِذَا كَانَ الْقَتْلُ مِنْ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ اُقْتُصَّ مِنْ الْأُخْرَى وَإِنْ كَانَ مِنْ كُلٍّ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ اُقْتُصَّ مِنْ كُلٍّ لِلْأُخْرَى إلَّا أَنَّ الْحُكْمَ وَقَعَ فِي الْمَسْأَلَةِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فِي زَمَنِ الصَّحَابَةِ وَهِيَ مُشْكِلَةٌ اهـ.
وَقَرَّرَ بَعْضُ شُيُوخِنَا فَقَالَ كَانَ الْقِيَاسُ قَتْلَ الْجَمِيعِ فِي إحْدَاهُمَا بِقَتْلِ وَاحِدٍ لِأَنَّهُمْ مُتَمَالِئُونَ لَكِنْ لَمْ يُنْظَرْ لِذَلِكَ هُنَا كَمَا حَكَمَ بِذَلِكَ الصَّحَابَةُ اهـ.
(قَوْلُهُ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ) قَالَ مُحَشِّي تت قَوْلُهُ أَوْ إنْ تَجَرَّدَ عَنْ تَدْمِيَةٍ وَشَاهِدٍ رَجَعَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَعَلَيْهِ الْأَخَوَانِ وَأَشْهَبُ وَأَصْبَغُ وَهُوَ تَأْوِيلُ الْأَكْثَرِ فَكَانَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ تَأَوَّلُوا فَهَدَرٌ) أَيْ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ مُتَأَوِّلًا فَالدَّمُ الْحَاصِلُ بَيْنَهُمَا هَدَرٌ وَأَمَّا إذَا تَأَوَّلَتْ إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى فَإِنَّ دَمَ الْمُتَأَوِّلَةِ قِصَاصٌ وَدَمَ الْأُخْرَى هَدَرٌ وَقَدْ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ كَزَاحِفَةٍ عَلَى دَافِعَةٍ فَالزَّاحِفَةُ غَيْرُ مُتَأَوِّلَةٍ وَالدَّافِعَةُ مُتَأَوِّلَةٌ ثُمَّ إنَّ ذَلِكَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ الرَّفْعُ لِلْحَاكِمِ أَوْ دَفْعُهُمْ بِالْمُنَاشَدَةِ وَإِلَّا فَلَا قِصَاصَ فِي الدَّافِعَةِ أَيْضًا وَتَلَخَّصَ أَنَّ ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ إمَّا أَنَّ الطَّائِفَتَيْنِ لَا يَتَأَوَّلَانِ أَوْ يَتَأَوَّلَانِ أَوْ تَتَأَوَّلُ إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى
(فَائِدَةٌ) كَانَ الْقِصَاصُ مُتَعَيِّنًا فِي زَمَنِ مُوسَى وَالدِّيَةُ مُتَعَيِّنَةً فِي زَمَنِ عِيسَى - عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَفِي شَرِيعَتِنَا شَرِيعَةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم يَجُوزُ الْأَمْرَانِ عَلَى تَفْصِيلِهِ ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ
(قَوْلُهُ مُتَوَالِيَةً) إلَّا أَنَّهُ فِي الْعَمْدِ يَحْلِفُ هَذَا يَمِينًا وَهَذَا يَمِينًا حَتَّى تَتِمُّ أَيْمَانُ الْقَسَامَةِ وَأَمَّا فِي الْخَطَأِ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَحْلِفُ جَمِيعَ مَا يَنْوِيهِ عَلَى حِدَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَحْلِفَ أَصْحَابُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ أَنَّ الْعَمْدَ إذَا نَكَلَ وَاحِدٌ يَبْطُلُ الدَّمُ وَأَمَّا الْخَطَأُ إذَا نَكَلَ وَاحِدٌ لَا يَبْطُلُ عَلَى أَصْحَابِهِ أَفَادَهُ عج (قَوْلُهُ لَا عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) بِأَنْ يَقُولَ لَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَتَلَهُ غَيْرَك بَلْ يَقُولُ أُقْسِمُ بِاَللَّهِ أَنَّك قَتَلْته وَصِفَةُ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ فَقَطْ وَلَا يَلْزَمُهُ زِيَادَةُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِالْخَبَرِ وَالسَّمَاعِ) أَيْ يَحْصُلُ بِسَمَاعِ الْخَبَرِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَحْصُلُ بِالْخَبَرِ عَلَى حِدَتِهِ وَبِالسَّمَاعِ عَلَى حِدَتِهِ
عَلَى ظَنٍّ قَوِيٍّ أَوْ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ وَالتَّحْدِيدُ بِالْخَمْسِينَ تَعَبُّدٌ فَالْقَسَامَةُ نَفْسُ الْأَيْمَانِ لَا الْحَلِفِ وَلَا الْقَوْمِ الْحَالِفُونَ فَالْمُؤَلِّفُ رَجَّحَ هَذَا الْقَوْلَ (ص) يَحْلِفُهَا فِي الْخَطَأِ مَنْ يَرِثُ وَإِنْ وَاحِدًا أَوْ امْرَأَةً (ش) اعْلَمْ أَنَّ الْقَسَامَةَ فِي قَتْلِ الْخَطَأِ مُقَاسَةٌ عَلَى الْقَسَامَةِ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ الَّذِي وَرَدَ النَّصُّ فِيهِ فَيَحْلِفُهَا فِي الْخَطَأِ مَنْ يَرِثُ الْمَقْتُولَ مِنْ الْمُكَلَّفِينَ وَتَوَزُّعُ هَذِهِ الْأَيْمَانُ عَلَى قَدْرِ الْمِيرَاثِ لِأَنَّهَا سَبَبٌ فِي حُصُولِهِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِي الْخَطَأِ إلَّا امْرَأَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِنَّهَا تَحْلِفُ الْأَيْمَانَ كُلَّهَا وَتَأْخُذُ حَظَّهَا مِنْ الدِّيَةِ وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَحْلِفُ إلَّا وَاحِدٌ مِنْ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا وَيَأْخُذُ حَظَّهُ مِنْ الدِّيَةِ وَيَسْقُطُ مَا عَلَى الْجَانِي مِنْ الدِّيَةِ لِتَعَذُّرِ الْحَلِفِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ
(ص) وَجُبِرَتْ الْيَمِينُ عَلَى أَكْثَرِ كَسْرِهَا وَإِلَّا فَعَلَى الْجَمِيعِ (ش) يَعْنِي أَنَّ كَسْرَ الْيَمِينِ يَكْمُلُ عَلَى ذِي الْأَكْثَرِ مِنْ الْكُسُورِ وَلَوْ أَقَلُّهُمْ نَصِيبًا مِنْ غَيْرِهِ كَابْنٍ وَبِنْتٍ عَلَى الِابْنِ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ يَمِينًا وَثُلُثٌ وَعَلَى الْبِنْتِ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ فَيُجْبَرُ كَسْرُ الْيَمِينِ عَلَى الْبِنْتِ لِأَنَّ كَسْرِ يَمِينِهَا أَكْثَرُ مِنْ كَسْرِ يَمِينِ الِابْنِ وَإِنْ كَانَتْ الْبِنْتُ أَقَلَّ نَصِيبًا فَتَحْلِفُ سَبْعَةَ عَشَرَ يَمِينًا فَلَوْ تَسَاوَى الْكَسْرُ كَثَلَاثَةِ بَنِينَ عَلَى كُلٍّ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ فَتَكْمُلُ عَلَى كُلٍّ فَيَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمْ سَبْعَةَ عَشَرَ فَقَوْلُهُ وَإِلَّا أَيْ وَإِلَّا تَنْكَسِرُ بِتَفَاوُتٍ بَلْ بِتَسَاوٍ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْجَمِيعِ تَتْمِيمُ كَسْرِهِ فَقَوْلُهُ وَهِيَ خَمْسُونَ يَمِينًا مَعْنَاهُ مَا لَمْ يَكُنْ كَسْرٌ وَإِلَّا فَتَزِيدُ
(ص) وَلَا يَأْخُذُ أَحَدٌ إلَّا بَعْدَهَا ثُمَّ حَلَفَ مَنْ حَضَرَ حِصَّتَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ أَوْلِيَاءَ الدَّمِ إذَا غَابَ بَعْضُهُمْ أَوْ كَانَ صَغِيرًا فَإِنَّ غَيْرَهُ يَحْلِفُ جَمِيعَ الْأَيْمَانِ وَيَأْخُذُ حِصَّتَهُ مِنْ الدِّيَةِ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا يُخَاطَبُونَ بِالدِّيَةِ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ الدَّمِ وَهُوَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بَعْدَ حَلِفِ جَمِيعِ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ ثُمَّ إذَا حَضَرَ مَنْ كَانَ غَائِبًا أَوْ بَلَغَ الصَّغِيرُ يَحْلِفُ حِصَّتَهُ فَقَطْ مِنْ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ وَيَأْخُذُ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الدِّيَةِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ رَجَعَ الْحَالِفُ أَوَّلًا عَنْ جَمِيعِ الْأَيْمَانِ الَّتِي حَلَفَهَا فَقَدْ نَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ سَمِعَ عِيسَى مَنْ أَقْسَمَتْ خَمْسِينَ يَمِينًا وَأَخَذَتْ حَظَّهَا مِنْ الدِّيَةِ خَطَأً ثُمَّ نَزَعَتْ وَرَدَّتْ مَا أَخَذَتْ ثُمَّ أَتَتْ أُخْتٌ لَهَا فَإِنَّهَا تَحْلِفُ بِقَدْرِ حَظِّهَا لِأَنَّ يَمِينَ الْأُولَى حُكْمٌ مَضَى
(ص) وَإِنْ نَكَلُوا أَوْ بَعْضٌ حَلَفَتْ الْعَاقِلَةُ فَمَنْ نَكَلَ فَحِصَّتُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَقْتُولَ إذَا قَالَ قَتَلَنِي فُلَانٌ وَأَطْلَقَ فِي قَوْلِهِ وَقَالَ الْأَوْلِيَاءُ كُلُّهُمْ قَتَلَهُ خَطَأً وَنَكَلُوا كُلُّهُمْ عَنْ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ أَوْ نَكَلَ الْبَعْضُ دُونَ الْبَعْضِ فَإِنَّ الْأَيْمَانَ تُرَدُّ حِينَئِذٍ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي فَيَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَمِينًا وَاحِدَةً وَلَوْ كَانُوا عَشَرَةَ آلَافِ رَجُلٍ فَمَنْ حَلَفَ مِنْهُمْ بَرِئَ وَلَا يَلْزَمُهُ غُرْمٌ وَمَنْ نَكَلَ مِنْهُمْ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ وَالْقَاتِلُ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ فَقَوْلُهُ فَمَنْ نَكَلَ أَيْ مِنْ الْعَاقِلَةِ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ حِصَّتَهُ مِنْ الدِّيَةِ وَتَكُونُ لِلنَّاكِلِينَ وَقَوْلُهُ حَلَفَتْ الْعَاقِلَةُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَلَفَ الْجَانِي خَمْسِينَ يَمِينًا وَيَبْرَأُ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ حِصَّتَهُ وَتَكُونُ لِلنَّاكِلِينَ
(ص) وَلَا يَحْلِفُ فِي الْعَمْدِ أَقَلُّ مِنْ رَجُلَيْنِ عَصَبَةً وَإِلَّا فَمُوَالٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ قَتْلَ الْعَمْدِ لَا يَحْلِفُ فِيهِ إلَّا الرِّجَالُ الْعَصَبَةُ أَيْ مِنْ النَّسَبِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ سَوَاءٌ وَرِثُوا أَمْ لَا بِأَنْ كَانَ هُنَاكَ مَنْ يَحْجُبُهُمْ وَلَا يُقْبَلُ فِيهِ أَقَلُّ مِنْ رَجُلَيْنِ وَأَمَّا النِّسَاءُ فَلَا يَحْلِفْنَ فِيهِ لِعَدَمِ شَهَادَتِهِنَّ فِيهِ وَإِنْ انْفَرَدْنَ صَارَ الْمَقْتُولُ بِمَثَابَةِ مَنْ لَا وَارِثَ لَهُ فَتُرَدُّ الْأَيْمَانُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَقْتُولِ عَصَبَةٌ مِنْ جِهَةِ النَّسَبِ فَإِنَّ مَوَالِيَهُ الَّذِينَ أَعْتَقُوهُ يُقْسِمُونَ وَيَسْتَحِقُّونَ الْقَوَدَ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةَ فِي الْخَطَأِ فَقَوْلُهُ وَإِلَّا رَاجِعٌ لِمَا قَرَرْنَاهُ وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ الْمَوَالِيَ مِنْ الْعَصَبَةِ وَقَرْنُهُ الْمَوَالِي بِالْعَصَبَةِ يُرَشِّحُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمْ الْأَعْلَوْنَ وَسَكَتَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ أَكْثَرَ مَنْ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ أَوْ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ ظَنٍّ قَوِيٍّ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَيْ اعْتَمَدَ عَلَى قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَرَائِنَ الْأَحْوَالِ مِمَّا تُفِيدُ الظَّنَّ الْقَوِيَّ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ السَّبَبِ عَلَى الْمُسَبَّبِ (قَوْلُهُ وَالتَّحْدِيدُ بِالْخَمْسِينَ تَعَبُّدٌ) أَيْ فَلَوْ كَانَ الْأَوْلِيَاءُ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسِينَ فَيَحْلِفُ مِنْهُمْ خَمْسُونَ بِالْقُرْعَةِ وَإِنَّمَا يَحْلِفُهَا الْبَالِغُ الْعَاقِلُ وَالصَّبِيُّ يُنْتَظَرُ بُلُوغُهُ (قَوْلُهُ لَا الْحَلِفِ) أَيْ لَا نَفْسُ التَّلَفُّظِ بِالْأَيْمَانِ وَقَوْلُهُ فَالْمُؤَلِّفُ رَجَّحَ هَذَا الْقَوْلَ أَيْ فَالْمَسْأَلَةُ ذَاتُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ (قَوْلُهُ مَنْ يَرِثُ) أَيْ يَرِثُ الْمَقْتُولَ وَقْتَ زُهُوقِ رُوحِهِ وَفِي تَعْبِيرِهِ بِقَوْلِهِ مَنْ يَرِثُ إشَارَةٌ بِأَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى قَدْرِ إرْثِهِ حَيْثُ كَانَ مَعَهُ مَنْ يَسْتَوْفِي الْإِرْثَ (قَوْلُهُ لِتَعَذُّرِ الْحَلِفِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) أَيْ وَلَكِنْ تُرَدُّ الْأَيْمَانُ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِمَثَابَةِ نُكُولِ أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ فَلَوْ نَكَلَتْ عَاقِلَةُ الْقَاتِلِ فَإِنَّهَا تَغْرَمُ لِبَيْتِ الْمَالِ
(قَوْلُهُ وَجُبِرَتْ الْيَمِينُ إلَخْ) فِي الْعِبَارَةِ مُسَامَحَةٌ لِأَنَّ الْمَجْبُورَ إنَّمَا هُوَ كَسْرُ الْيَمِينِ وَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ ذِي أَكْثَرَ وَالضَّمِيرُ فِي كَسْرِهَا لِلْيَمِينِ وَهَذَا كُلُّهُ مَعَ التَّنَازُعِ وَإِلَّا لَوْ أَطَاعَ الْأَقَلُّ أَنْ يَجْبُرَ الْكَسْرَ جَازَ
(قَوْلُهُ وَلَا يَأْخُذُ أَحَدٌ إلَّا بَعْدَهَا) أَيْ وَلَوْ إحْدَى جَدَّتَيْنِ لَهَا نِصْفُ السُّدُسِ (قَوْلُهُ مَنْ أَقْسَمَتْ) أَيْ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَقْسَمَتْ أَيْ حَلَفَتْ أَيْمَانَ الْقَسَامَةِ (قَوْلُهُ ثُمَّ نَزَعَتْ) بِالنُّونِ وَالزَّايِ أَيْ كَفَّتْ وَرَجَعَتْ
(قَوْلُهُ وَإِنْ نَكَلُوا أَوْ بَعْضٌ) هَذِهِ عِبَارَةٌ مُجْمَلَةٌ وَحَاصِلُهَا كَمَا بَيَّنَهُ عج أَنَّهُ إذَا نَكَلَ كُلُّ أَوْلِيَاءِ الدَّمِ أَوْ حَلَفَ بَعْضُهُمْ حِصَّتَهُ مِنْ الْأَيْمَانِ ثُمَّ رُدَّتْ الْأَيْمَانُ عَلَى الْعَاقِلَةِ فَحَلَفَ بَعْضُهُمْ أَوْ نَكَلَ جَمِيعُهُمْ فَإِنَّ كُلَّ مَنْ نَكَلَ يَغْرَمُ حِصَّتَهُ وَأَمَّا إذَا حَلَفَ بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ جَمِيعَ الْأَيْمَانِ وَأَخَذَ نَصِيبَهُ فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي شَيْءٍ مِمَّا رُدَّ بِنُكُولِ الْعَاقِلَةِ وَيَكُونُ لِلنَّاكِلِينَ مِنْ أَوْلِيَاءِ الدَّمِ وَمَنْ حَلَفَ بَعْضَ الْأَيْمَانِ بِمَثَابَةٍ النَّاكِلِ وَمَنْ قَالَ لَا أَدْرِي مِنْ أَوْلِيَاءِ الدَّمِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ النَّاكِلِ (قَوْلُهُ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ حِصَّتَهُ) أَيْ وَهِيَ كُلُّ الدِّيَةِ
(قَوْلُهُ وَإِنْ انْفَرَدْنَ صَارَ إلَخْ) أَيْ وَالْأَيْمَانُ تُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَإِلَّا حُبِسَ وَكَذَا لَوْ كَانَ لَهُ عَاصِبٌ وَاحِدٌ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَسْتَعِينُ بِهِ أَوْ وَجَدَهُ وَلَمْ يَحْلِفْ الْمُعِينُ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ فَتُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِمْ الْأَعْلَوْنَ)
يَحْلِفُ فِي الْعَمْدِ لِأَنَّهُ لَا حَدَّ لَهُ فَلَمَّا كَانَ الْأَقَلُّ مَحْدُودًا عَيَّنَهُ وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ الْأَكْثَرُ مَحْدُودًا سَكَتَ عَنْهُ
(ص) وَلِلْوَلِيِّ الِاسْتِعَانَةُ بِعَاصِبِهِ (ش) الْمُرَادُ بِالْعَاصِبِ الْجِنْسُ وَاحِدًا فَأَكْثَرَ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمَقْتُولَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا عَاصِبٌ وَاحِدٌ فَإِنَّهُ يَسْتَعِينُ بِعَاصِبٍ يَلْقَاهُ فِي أَبٍ مَعْرُوفٍ يُوَازِيهِ وَلَوْ كَانَ دُونَهُ فِي الرُّتْبَةِ فَقَوْلُهُ بِعَاصِبِهِ أَيْ عَاصِبِ نَفْسِهِ وَلَوْ كَانَ أَجْنَبِيًّا مِنْ الْمَقْتُولِ كَمَا إذَا قُتِلَتْ أُمُّهُ فَاسْتَعَانَ بِعَمِّهِ مَثَلًا فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَاصِبًا لِلْوَلِيِّ وَلِذَلِكَ أَضَافَ الْعَاصِبَ لَهُ وَلَمْ يَقُلْ بِعَاصِبٍ أَوْ بِالْعَاصِبِ وَقَوْلُهُ بِعَاصِبِهِ وَأَوْلَى بِمُشَارِكِهِ فِي السَّهْمِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي الْعَمْدِ وَأَمَّا فِي الْخَطَأِ فَيَحْلِفُهَا مَنْ يَرِثُ وَإِنْ وَاحِدًا إلَخْ وَقَوْلُهُ وَلِلْوَلِيِّ وُجُوبًا إنْ كَانَ وَاحِدًا وَجَوَازًا إنْ كَانَ أَكْثَرَ
(ص) وَلِلْوَلِيِّ فَقَطْ حَلِفُ الْأَكْثَرِ إنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى نِصْفِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَلِيَّ إذَا اسْتَعَانَ بِعَاصِبٍ فَأَكْثَرَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ مِنْ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ وَإِنْ لَمْ تَزِدْ الْأَيْمَانُ الَّتِي يَحْلِفُهَا عَلَى نِصْفِ الْقَسَامَةِ فَإِذَا وَجَدَ الْوَلِيُّ عَاصِبًا فَقَطْ حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا خَمْسَةً وَعِشْرِينَ يَمِينًا فَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَحْلِفَ أَكْثَرَ مِنْ نَصِيبِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَإِنْ وُجِدَ رَجُلَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ قُسِمَتْ الْأَيْمَانُ بَيْنَهُمْ عَلَى عَدَدِهِمْ فَإِنْ رَضَوْا أَنْ يَحْمِلُوا عَنْهُ مِنْهَا أَكْثَرَ مِمَّا يَجِبُ عَلَيْهِمْ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ رَضِيَ هُوَ أَنْ يَحْمِلَ مِنْهَا أَكْثَرَ مِمَّا يَجِبُ عَلَيْهِ فَذَلِكَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ وَلِلْوَلِيِّ إلَخْ أَيْ وَلِلْوَلِيِّ حِينَ الِاسْتِعَانَةِ أَنْ يَحْلِفَ أَكْثَرَ مِمَّا يَخُصُّهُ مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى نِصْفِ الْخَمْسِينَ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ اسْتِعَانَةٌ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ أَكْثَرَ مِمَّا يَخُصُّهُ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ فَقَطْ مِنْ الْمُسْتَعَانِ بِهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ أَكْثَرَ مِمَّا يَخُصُّهُ يُرِيدُ مِنْ نَصِيبِ الْوَلِيِّ وَأَمَّا مِنْ نَصِيبِ الْمُسْتَعَانِ بِهِ الْآخَرِ فَإِنَّ لَهُ ذَلِكَ
(ص) وَوُزِّعَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ أَيْمَانَ الْقَسَامَةِ تُوَزَّعُ عَلَى عَدَدِ الْمُسْتَحِقِّينَ لِلدَّمِ إنْ كَانُوا خَمْسِينَ فَأَقَلَّ فَإِنْ زَادُوا عَلَى خَمْسِينَ اُجْتُزِئَ مِنْهُمْ بِخَمْسِينَ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى ذَلِكَ خَارِجَةٌ عَنْ سُنَّةِ الْقَسَامَةِ (ص) وَاجْتُزِئَ بِاثْنَيْنِ طَاعَا مِنْ أَكْثَرَ (ش) يَعْنِي أَنَّ أَوْلِيَاءَ الدَّمِ إذَا كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ فَطَاعَ مِنْهُمْ اثْنَانِ لِيَحْلِفَا جَمِيعَ الْأَيْمَانِ فَإِنَّهُ يُجْتَزَأُ بِذَلِكَ بِشَرْطَيْنِ الْأَوَّلِ أَنْ يَكُونَ طَاعَا بِالْحَلِفِ وَالثَّانِيَ أَنْ يَكُونَ الَّذِي لَمْ يَحْلِفْ غَيْرَ نَاكِلٍ وَهَذَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ وَاجْتُزِئَ بِاثْنَيْنِ إنْ أَبَى الْأَكْثَرُ
(ص) وَنُكُولُ الْمُعَيَّنِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ بِخِلَافِ غَيْرِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ وَلِيَّ الدَّمِ إذَا كَانَ وَاحِدًا وَاسْتَعَانَ بِعَاصِبِهِ لِيَحْلِفَ مَعَهُ فَنَكَلَ الْمُعَيَّنُ عَنْ الْحَلِفِ فَإِنَّ نُكُولَهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ لِاتِّهَامِهِ عَلَى الرِّشْوَةِ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي الدَّمِ فَإِنْ وَجَدَ الْوَلِيُّ غَيْرَهُ مِنْ الْعَصَبَةِ يَحْلِفُ مَعَهُ فَلَا كَلَامَ وَإِلَّا بَطَلَ الدَّمُ لِأَنَّهُ لَا يَحْلِفُ فِي الْعَمْدِ أَقَلُّ مِنْ رَجُلَيْنِ مِنْ الْعَصَبَةِ وَمِثْلُ النُّكُولِ التَّكْذِيبُ بِخِلَافِ نُكُولِ غَيْرِ الْمُعِينِ وَهُوَ أَحَدُ الْأَوْلِيَاءِ الَّذِي فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ كَالْإِخْوَةِ وَالْبَنِينَ مَثَلًا فَإِنَّهُ مُعْتَبَرٌ وَيَسْقُطُ الْقَوَدُ بِذَلِكَ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَسَقَطَ إنْ عَفَا رَجُلٌ كَالْبَاقِي إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَفْوِ وَالنُّكُولِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ بَعِدُوا) إلَى أَنَّ نُكُولَ غَيْرِ الْمُعِينِ مُعْتَبَرٌ وَلَوْ بَعُدَ فِي الدَّرَجَةِ مَعَ اسْتِوَائِهِ مَعَ غَيْرِهِ كَأَوْلَادِ عَمٍّ وَنَكَلَ بَعْضُهُمْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بُعْدٌ فِي الدَّرَجَةِ مَعَ كَوْنِ غَيْرِهِ أَقْرَبَ مِنْهُ كَأَبْنَاءِ عَمٍّ مَعَ عَمٍّ فَإِنَّهُ لَا كَلَامَ لَهُمْ مَعَهُ فَلَا يُعْتَبَرُ نُكُولُهُمْ وَإِنَّمَا جَمَعَ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ بَعُدُوا لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدِّدٍ فِي الْمَعْنَى (ص) فَتُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ فَيَحْلِفُ كُلٌّ خَمْسِينَ وَمَنْ نَكَلَ حُبِسَ حَتَّى يَحْلِفَ
ــ
[حاشية العدوي]
أَيْ وَأَمَّا الْأَسْفَلُونَ فَلَا يُقْسِمُونَ قَطْعًا
(قَوْلُهُ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ اسْتِعَانَةٌ) أَيْ بِأَنْ كَانُوا كُلُّهُمْ عَصَبَةً فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ أَكْثَرَ مِمَّا يَخُصُّهُ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْبَاقِي بِذَلِكَ إلَّا أَنْ يَزِيدَ عَلَى نِصْفِهَا وَقَدْ ذَكَرَ عج أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعٌ. الْأُولَى: أَنْ يَكُونَ الْحَالِفُ أَكْثَرَ مِنْ وَلِيَّيْنِ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَحْلِفَ أَكْثَرَ مِنْ حِصَّتِهِ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْبَاقِي بِذَلِكَ إلَّا أَنْ يَزِيدَ عَلَى نِصْفِهَا كَمَا مَرَّ مَا يُفِيدُهُ وَرُبَّمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ وَاجْتُزِئَ بِاثْنَيْنِ طَاعَا مِنْ أَكْثَرَ. الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ الْوَلِيُّ وَاحِدًا وَيَتَعَدَّدُ الْمُسْتَعَانُ بِهِ وَلَهُ فِي هَذِهِ حَلِفُ الْأَكْثَرِ مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى النِّصْفِ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ الْمُسْتَعَانِ بِهِ أَنْ يَحْلِفَ زِيَادَةً عَلَى مَا يَخُصُّهُ مِنْ حِصَّةِ الْوَلِيِّ وَلَهُ ذَلِكَ فِي حِصَّةِ مَنْ مَعَهُ مِنْ الْمُسْتَعَانِ بِهِمَا أَوْ بِهِمْ مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى النِّصْفِ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَتَعَدَّدَ الْوَلِيُّ وَيَتَّحِدَ الْمُسْتَعَانُ بِهِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَلِيَّيْنِ أَنْ يَحْلِفَ أَكْثَرَ مِمَّا يَنُوبُهُ مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى نِصْفِهَا وَلَيْسَ لِلْمُسْتَعَانِ بِهِ أَنْ يَحْلِفَ أَكْثَرَ مِمَّا نَابَهُ مِنْ قَسَمِ الْخَمْسِينَ عَلَيْهِ وَعَلَى الْوَلِيَّيْنِ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ ذَلِكَ إلَى حَلِفِ أَكْثَرَ مِنْ حِصَّةِ أَحَدِ الْوَلِيَّيْنِ الرَّابِعَةُ: أَنْ يَتَعَدَّدَ الْوَلِيُّ وَالْمُسْتَعَانُ بِهِ فَلِأَحَدِ الْأَوْلِيَاءِ أَنْ يَحْلِفَ زِيَادَةً عَلَى مَا يَخُصُّهُ مِنْ حِصَّةِ بَاقِي الْأَوْلِيَاءِ مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى نِصْفِ الْأَيْمَانِ وَلَهُ ذَلِكَ فِي حِصَّةِ الْمُسْتَعَانِ بِهِ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْ الْمُسْتَعَانِ بِهِ أَنْ يَحْلِفَ زِيَادَةً عَلَى مَا يَخُصُّهُ مِنْ حِصَّةِ أَحَدٍ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ وَلَهُ ذَلِكَ مِنْ حِصَّةِ غَيْرِهِ مِنْ الْمُسْتَعَانِ بِهِ اهـ. (قَوْلُهُ فَإِنَّ لَهُ ذَلِكَ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ وَهَلْ هُوَ كَذَلِكَ
(قَوْلُهُ وَوُزِّعَتْ) ظَاهِرُ حِلِّ الشَّارِحِ أَنَّ هَذَا فِي الْعَمْدِ وَالْمَعْنَى تُوَزَّعُ عَلَى قَدْرِ الرُّءُوسِ وَقَالَ الْفِيشِيُّ وَوُزِّعَتْ فِي الْخَطَأِ عَلَى قَدْرِ الْإِرْثِ وَفِي الْعَمْدِ عَلَى قَدْرِ الرُّءُوسِ وَقَوْلُهُ فَإِنْ زَادُوا عَلَى خَمْسِينَ إلَخْ أَيْ وَتَدْخُلُ الْقُرْعَةُ عِنْدَ الْمُشَاحَّةِ فِيمَنْ يَحْلِفُهَا مِنْهُمْ (قَوْلُهُ مِنْ أَكْثَرَ) حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ طَاعَا أَيْ طَاعَا فِي حَالَةِ كَوْنِهِمَا مِنْ أَكْثَرَ
(قَوْلُهُ وَنُكُولُ الْمُعِينِ) فَلَوْ رَجَعَ الْمُعِينُ بَعْدَ ذَلِكَ لِلْحَلِفِ فَهَلْ يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ بِرِضَا الْوَلِيِّ أَوْ لَا وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ ك (قَوْلُهُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ) أَتَى بِهِ مَعَ قَوْلِهِ وَسَقَطَ إنْ عَفَا رَجُلٌ إلَخْ لِأَجْلِ الْمُبَالَغَةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي الدَّمِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لِاتِّهَامِهِ عَلَى الرِّشْوَةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدِّدٍ فِي الْمَعْنَى) أَيْ قَدْ يَكُونُ مُتَعَدِّدًا (قَوْلُهُ فَتُرَدُّ إلَخْ) رُبَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ وَلِيُّ الدَّمِ رَجُلًا وَاحِدًا وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُعِينُهُ أَيْ أَوْ نَكَلَ الْمُعِينُ أَنَّهَا لَا تُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهَا تُرَدُّ عَلَيْهِ أَيْضًا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ
(ش) يَعْنِي فَإِنْ نَكَلَ وَاحِدٌ مِنْ وُلَاةِ الدَّمِ وَهُوَ مُشَارِكٌ لِغَيْرِ النَّاكِلِ فِي الْعَدَدِ أَوْ عَفَا وَسَقَطَ الدَّمُ فَإِنَّ الْأَيْمَانَ تُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ بِالْقَتْلِ فَإِنْ كَانُوا جَمَاعَةً حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ خَمْسِينَ يَمِينًا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى الْبَدَلِ مُرْتَهِنٌ بِالْقَتْلِ وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا حَلَفَ خَمْسِينَ يَمِينًا فَلَوْ أَرَادَ النَّاكِلُ مِنْ الْمُدَّعِينَ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْحَلِفِ فَإِنَّهُ لَا يُجَابُ إلَى ذَلِكَ بِدَلِيلِ مَا مَرَّ فِي الشَّهَادَاتِ فِي قَوْلِهِ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْهَا إنْ نَكَلَ وَمَنْ نَكَلَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ بِالْقَتْلِ عَنْ الْحَلِفِ فَإِنَّهُ يُحْبَسُ حَتَّى يَحْلِفَ فَإِنْ طَالَ حَبْسُهُ أُدِّبَ وَأَطْلَقَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُتَمَرِّدًا فَإِنَّهُ يُخَلَّدُ فِي السِّجْنِ قَالَ فِي الْجَلَّابِ إذَا نَكَلَ الْمُدَّعُونَ لِلدَّمِ عَنْ الْقَسَامَةِ وَرُدَّتْ الْأَيْمَانُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ فَنَكَلُوا حُبِسُوا حَتَّى يَحْلِفُوا فَإِنْ طَالَ حَبْسُهُمْ تُرِكُوا وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جَلْدُ مِائَةٍ وَحَبْسُ سَنَةٍ اهـ.
(ص) وَلَا اسْتِعَانَةَ (ش) أَيْ لَيْسَ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ بِالْقَتْلِ أَنْ يَسْتَعِينُوا وَلَوْ كَانَ وَاحِدًا لَكِنْ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا مَرَّ فَيَحْلِفُ خَمْسِينَ يَمِينًا يُشْعِرُ بِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ لَا يَسْتَعِينُونَ فَالتَّصْرِيحُ بِهِ هُنَا تَصْرِيحٌ بِمَا عُلِمَ الْتِزَامًا وَتَقَدَّمَ أَنَّ لِعَاصِبِ الدَّمِ أَنْ يَسْتَعِينَ بِغَيْرِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَوْلِيَاءِ الدَّمِ وَبَيْنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ أَنَّ أَيْمَانَ الْعَصَبَةِ مُوجِبَةٌ وَقَدْ يَحْلِفُ فِيهَا مَنْ يُوجِبُ لِغَيْرِهِ كَوَلِيِّ الْمَحْجُورِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ وَأَيْمَانُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ دَافِعَةٌ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَدْفَعَ بِيَمِينِهِ مَا تَعَلَّقَ بِغَيْرِهِ
(ص) وَإِنْ أَكْذَبَ بَعْضٌ نَفْسَهُ بَطَلَ بِخِلَافِ عَفْوِهِ فَلِلْبَاقِي نَصِيبُهُ مِنْ الدِّيَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ أَوْلِيَاءَ الدَّمِ إذَا حَلَفُوا أَيْمَانَ الْقَسَامَةِ وَوَجَبَ الْقَوَدُ فِي الْعَمْدِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَكْذَبَ بَعْضُهُمْ نَفْسَهُ فَإِنَّ الْقَتْلَ يَسْقُطُ بِخِلَافِ عَفْوِ أَحَدِ الْأَوْلِيَاءِ بَعْدَ الْقَسَامَةِ فَإِنَّ الْبَاقِينَ يَأْخُذُونَ نَصِيبَهُمْ مِنْ الدِّيَةِ قَوْلُهُ وَإِنْ أَكْذَبَ بَعْضٌ أَيْ مِمَّنْ لَهُ الِاسْتِيفَاءُ قَوْلُهُ وَإِنْ إلَخْ أَيْ قَبْلَ الْقَسَامَةِ أَوْ بَعْدَهَا وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ عَفْوِهِ أَيْ بَعْدَ الْقَسَامَةِ وَأَمَّا قَبْلَهَا فَكَالتَّكْذِيبِ
(ص) وَلَا يُنْتَظَرُ صَغِيرٌ بِخِلَافِ الْمُغْمَى وَالْمُبَرْسَمِ إلَّا أَنْ لَا يُوجَدَ غَيْرُهُ فَيَحْلِفَ الْكَبِيرُ حِصَّتَهُ وَالصَّغِيرُ مَعَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْأَوْلِيَاءَ إذَا كَانُوا فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ وَفِيهِمْ صَغِيرٌ مُسْتَغْنًى عَنْهُ وَلَوْ بِالِاسْتِعَانَةِ بِأَحَدِ الْعَصَبَةِ فَإِنَّ الصَّغِيرَ لَا يُنْتَظَرُ وَلِلْكِبَارِ أَنْ يُقْسِمُوا وَيَقْتُلُوا بِخِلَافِ لَوْ كَانَ فِي الْأَوْلِيَاءِ مُغْمًى عَلَيْهِ أَوْ مُبَرْسَمٌ فَإِنَّهُ يُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ لِقُرْبِ إفَاقَتِهِمَا لِأَنَّ الْإِغْمَاءَ يَزُولُ عَنْ قُرْبٍ وَكَذَلِكَ الْبِرْسَامُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ الْكَبِيرُ مَنْ يَحْلِفُ مَعَهُ مِنْ الْعَصَبَةِ وَانْحَصَرَ الْأَمْرُ فِيهِ وَفِي الصَّغِيرِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ حِصَّتَهُ مِنْ الْأَيْمَانِ وَهِيَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَالصَّغِيرُ حَاضِرٌ مَعَهُ وَقْتَ الْحَلِفِ لِأَنَّهُ أَرْهَبُ فِي النَّفْسِ وَأَبْلَغُ فَإِذَا بَلَغَ الصَّغِيرُ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ حِصَّتَهُ مِنْ الْأَيْمَانِ وَهِيَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَيَقْتُلُ الْجَانِيَ أَوْ يَعْفُو عَنْهُ وَلَا يُؤَخَّرُ حَلِفُ الْكَبِيرِ لِبُلُوغِ الصَّغِيرِ لِيَحْلِفَ هُوَ وَالصَّغِيرُ لِاحْتِمَالِ مَوْتِ الْكَبِيرِ أَوْ غَيْبَتِهِ قَبْلَ بُلُوغِ الصَّبِيِّ فَيَبْطُلُ الدَّمُ قَوْلُهُ فَيَحْلِفُ الْكَبِيرُ وَإِنْ عَفَا اُعْتُبِرَ عَفْوُهُ وَلِلصَّغِيرِ نَصِيبُهُ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ وَالضَّمِيرُ فِي غَيْرِهِ رَاجِعٌ لِلْكَبِيرِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَيَحْلِفُ الْكَبِيرُ وَقَوْلُهُ وَالصَّغِيرُ مَعَهُ يَنْبَغِي عَلَى سَبِيلِ النَّدْبِ لَا الْوُجُوبِ لِأَنَّ هَذَا مُنْكَرٌ مِنْ أَصْلِهِ فِي الْمَذْهَبِ
(ص) وَوَجَبَ بِهَا الدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ وَالْقَوَدُ فِي الْعَمْدِ مِنْ وَاحِدٍ تَعَيَّنَ لَهَا (ش) لَمَّا ذَكَرَ الْقَسَامَةَ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى حُكْمِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا وَذَكَرَ أَنَّ الْوَاجِبَ بِهَا الدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ وَالْقَوَدُ فِي الْعَمْدِ مِنْ وَاحِدٍ تَعَيَّنَ لَهَا فَلَا يُقْتَلُ بِهَا أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ فَلَا بُدَّ أَنْ يُعَيِّنُوا وَاحِدًا وَيُقْسِمُوا عَلَى عَيْنِهِ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ أَوْ عَفَا إلَخْ) الْأَوْلَى حَذْفُهَا (قَوْلُهُ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ كَانُوا لَا يُقْسِمُونَ إلَّا عَلَى وَاحِدٍ تَعَيَّنَ لَهَا (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْجَلَّابِ) يَرْجِعُ لِلَّذِي قَبْلَهُ وَقَوْلُهُ جَلْدُ مِائَةٍ هَذَا هُوَ الْأَدَبُ وَقَوْلُهُ وَحَبْسُ سَنَةٍ تَفْسِيرٌ لِلطُّولِ أَيْ أَنَّ الطُّولَ هُوَ سَنَةٌ ثُمَّ إنَّ هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهُ يُحْبَسُ إلَى أَنْ يَحْلِفَ أَوْ يَمُوتَ لِأَنَّ مَنْ طُلِبَ مِنْهُ أَمْرٌ سُجِنَ بِسَبَبِهِ فَلَا يَخْرُجُ إلَّا بَعْدَ حُصُولِ ذَلِكَ الْمَطْلُوبِ أَفَادَهُ تت وَبَعْضُ شُيُوخِنَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَا اسْتِعَانَةَ إلَخْ ضَعِيفٌ وَالْمَشْهُورُ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ أَنَّ لَهُمْ الِاسْتِعَانَةَ (قَوْلُهُ كَوَلِيِّ الْمَحْجُورِ إلَخْ) وَهُوَ أَنَّ الْمَحْجُورَ إذَا قَامَ لَهُ شَاهِدٌ وَاحِدٌ بِحَقٍّ مَالِيٍّ وَكَانَ الْوَلِيُّ قَدْ وَلِيَ الْمُعَامَلَةَ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ وَيَثْبُتُ الْحَقُّ لِلْمَحْجُورِ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَحْلِفْ يَغْرَمُ
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ عَفْوِهِ) وَإِذَا أَكْذَبَ بَعْضَ نَفْسِهِ بَعْدَ الْقَسَامَةِ وَالِاسْتِيفَاءِ فَحُكْمُ الْمُكَذِّبِ نَفْسَهُ حُكْمُ مَنْ رَجَعَ عَنْ شَهَادَتِهِ فَيَغْرَمُ الدِّيَةَ وَلَوْ مُتَعَمِّدًا كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ بَعْضِهِمْ وَإِذَا كَانَتْ الْقَسَامَةُ فِي الْخَطَأِ وَأَكْذَبَ بَعْضَ نَفْسِهِ فَيَسْتَحِقُّ غَيْرُهُ نَصِيبَهُ مِنْ الدِّيَةِ بِحَلِفِهِ مِقْدَارَ مَا يَنُوبُهُ مِنْ الْأَيْمَانِ فَقَطْ كَمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ إلْغَاءِ الْأَيْمَانِ الصَّادِرَةِ مِنْ الْمُكَذِّبِ نَفْسَهُ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ اهـ.
(قَوْلُهُ فَكَالتَّكْذِيبِ) أَيْ فَيُسْقِطُ الْقَوَدَ وَالدِّيَةَ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُغْمَى وَالْمُبَرْسَمِ) أَيْ إذَا أَرَادَ غَيْرُهُمَا الْقَتْلَ لَا أَنَّ الْمُرَادَ الْحَلِفُ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِانْتِظَارِهِمَا إذَا كَانَ هُنَاكَ مَنْ يَحْلِفُ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ فَيَحْلِفُ الْكَبِيرُ حِصَّتَهُ) أَيْ وَيُحْبَسُ الْقَاتِلُ حَتَّى يَبْلُغَ الصَّغِيرُ فَيَحْلِفَ (قَوْلُهُ وَلَا يُؤَخَّرُ حَلِفُ الْكَبِيرِ) بَلْ يُعَجَّلُ بِحَلِفِهِ فَإِنْ مَاتَ الصَّغِيرُ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَلَمْ يَجِدْ الْكَبِيرُ مَنْ يَحْلِفُ مَعَهُ بَطَلَ الدَّمُ (قَوْلُهُ وَالضَّمِيرُ فِي غَيْرِهِ رَاجِعٌ لِلْكَبِيرِ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ رُجُوعُهُ لِلصَّغِيرِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ هَذَا مُنْكَرٌ إلَخْ) أَيْ فَقَدْ قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ لَمْ أَقِفْ عَلَى هَذَا الْحُكْمِ لِغَيْرِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ قُلْت إذَا كَانَ مُنْكَرًا فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ ابْتِدَاءً قَوْلُهُ كَذَا لَا صِحَّةَ لَهُ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمَعْنَى هَذَا لَا صِحَّةَ لَهُ وَعَلَى فَرْضِ صِحَّتِهِ فَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى النَّدْبِ لِأَنَّهُ لَا مُقْتَضَى لِلْوُجُوبِ
(قَوْلُهُ مِنْ وَاحِدٍ تَعَيَّنَ لَهَا إلَخْ) حَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّهُ إذَا صَدَرَ قَتْلُ شَخْصٍ مِنْ جَمَاعَةٍ بِفِعْلِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ كَمَا لَوْ ضَرَبَهُ كُلُّ وَاحِدٍ ضَرْبَةً وَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ تُعْلَمْ
وَيَقُولُونَ فِي الْقَسَامَةِ: لَمَاتَ مِنْ ضَرْبِهِ لَا مِنْ ضَرْبِهِمْ وَفُهِمَ مِنْ تَعْيِينِ الْمُقْسَمِ عَلَيْهِ فِي الْعَمْدِ أَنَّ الْقَسَامَةَ فِي الْخَطَأِ تَقَعُ عَلَى جَمِيعِهِمْ وَهُوَ كَذَلِكَ وَتُوَزَّعُ الدِّيَةُ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ كَمَا مَرَّ
(ص) وَمَنْ أَقَامَ شَاهِدًا عَلَى جُرْحٍ أَوْ قَتْلِ كَافِرٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ جَنِينٍ حَلَفَ وَاحِدَةً وَأَخَذَ الدِّيَةَ (ش) تَكَلَّمَ الْمُؤَلِّفُ هُنَا عَلَى مَفَاهِيمِ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَالْقَسَامَةُ سَبَبُهَا قَتْلُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ وَاعْلَمْ أَنَّ حُكْمَ قَتْلِ الْكَافِرِ وَالْعَبْدِ وَالْجَنِينِ الْحُرِّ حُكْمُ الْجِرَاحِ فَمَنْ أَقَامَ شَاهِدًا عَلَى جُرْحٍ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ عَلَى قَتْلِ كَافِرٍ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ عَلَى قَتْلِ عَبْدٍ عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ عَلَى قَتْلِ جَنِينٍ حُرٍّ عَمْدًا أَوْ خَطَأً يُرِيدُ وَنَزَلَ الْجَنِينُ مَيِّتًا فَإِنَّهُ يَحْلِفُ يَمِينًا وَاحِدَةً وَيَأْخُذُ دِيَةَ ذَلِكَ وَيُقْتَصُّ فِي الْجِرَاحِ الْعَمْدِ إذْ لَا قَسَامَةَ فِي الْجِرَاحِ وَبِعِبَارَةٍ عَلَى جُرْحٍ أَيْ عَمْدًا وَأَمَّا خَطَأً فَإِنْ كَانَ فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ فَفِيهِ دِيَةٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ فَإِنْ بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ فَفِيهِ حُكُومَةٌ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ فِيهِ وَقَوْلُهُ أَوْ عَلَى قَتْلِ كَافِرٍ أَيْ خَطَأً إنْ كَانَ الْقَاتِلُ كَافِرًا أَوْ عَمْدًا أَوْ خَطَأً إنْ كَانَ الْقَاتِلُ مُسْلِمًا وَقَوْلُهُ أَوْ عَبْدٍ أَيْ عَمْدًا أَوْ خَطَأً كَانَ الْقَاتِلُ حُرًّا أَوْ رَقِيقًا لَكِنْ إنْ كَانَ الْقَاتِلُ لِلْعَبْدِ عَمْدًا رَقِيقًا خُيِّرَ سَيِّدُهُ بَيْنَ إسْلَامِهِ وَفِدَائِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ جَنِينٍ أَيْ عَمْدًا أَوْ خَطَأً اسْتَهَلَّ أَمْ لَا لَكِنْ إنْ اسْتَهَلَّ فَفِيهِ الدِّيَةُ بِقَسَامَةٍ فَقَوْلُهُ حَلَفَ وَاحِدَةً وَأَخَذَ الدِّيَةَ هَذَا فِي الْخَطَأِ فِي الْجَمِيعِ وَاقْتُصَّ فِي جُرْحِ الْعَمْدِ لِأَنَّهَا إحْدَى الْمُسْتَحْسَنَاتِ وَالْمُرَادُ بِالدِّيَةِ اللُّغَوِيَّةِ أَيْ الْمَالُ الْمُؤَدَّى فَيَشْمَلُ الدِّيَةَ فِي الْجُرْحِ وَالْقِيمَةَ فِي الرَّقِيقِ وَالْغُرَّةَ أَوْ الدِّيَةَ فِي الْجَنِينِ إنْ اسْتَهَلَّ
(ص) فَإِنْ نَكَلَ بَرِئَ الْجَارِحُ إنْ حَلَفَ وَإِلَّا حُبِسَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُدَّعِيَ لِذَلِكَ إذَا نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ مَعَ شَاهِدٍ فَإِنَّ الْجَارِحَ وَمَنْ مَعَهُ وَهُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِقَتْلِ الْكَافِرِ أَوْ الْعَبْدِ أَوْ الْجَنِينِ يَحْلِفُ يَمِينًا وَاحِدَةً وَيَبْرَأُ فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِأَنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فِي الصُّوَرِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مَا عَدَا جُرْحَ الْعَمْدِ فَإِنَّهُ يُحْبَسُ فَإِنْ طَالَ حَبْسُهُ عُوقِبَ وَأُطْلِقَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُتَمَرِّدًا فَإِنَّهُ يُخَلَّدُ فِي السِّجْنِ فَقَوْلُهُ بَرِئَ الْجَارِحُ وَأَوْلَى غَيْرُهُ إنْ بَرِئَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَتَّى يَشْمَلَ الْقَتْلَ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا حُبِسَ خَاصٌّ بِجُرْحِ الْعَمْدِ وَمَا عَدَاهُ يَغْرَمُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ (ص) فَلَوْ قَالَتْ دَمِي وَجَنِينِي عِنْدَ فُلَانٍ فَفِيهَا الْقَسَامَةُ وَلَا شَيْءَ فِي الْجَنِينِ وَلَوْ اسْتَهَلَّ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الْجَنِينَ كَالْجُرْحِ لَا قَسَامَةَ فِيهِ فَلِهَذَا إذَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ دَمِي وَجَنِينِي عِنْدَ فُلَانٍ وَمَاتَتْ فَفِيهَا الْقَسَامَةُ لِأَنَّ قَوْلَهَا لَوْثٌ وَلِأَنَّهَا نَفْسٌ وَالْجَنِينُ لَا شَيْءَ فِيهِ لِأَنَّهُ كَالْجُرْحِ لَا يَثْبُتُ بِاللَّوْثِ فَلَا قَسَامَةَ وَلَوْ اسْتَهَلَّ صَارِخًا ثُمَّ مَاتَ لِأَنَّهَا لَوْ قَالَتْ فُلَانٌ قَتَلَنِي وَقَتَلَ فُلَانًا مَعِي لَمْ يَكُنْ فِي فُلَانٍ قَسَامَةٌ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ قَالَتْ لَوْ ثَبَتَ مَوْتُهَا وَخُرُوجُ جَنِينِهَا مَيِّتًا بِبَيِّنَةٍ أَوْ عَدْلٍ لَكَانَ فِيهَا
ــ
[حاشية العدوي]
الضَّرْبَةُ الَّتِي مَاتَ مِنْهَا مِمَّنْ هِيَ أَوْ كَانَتْ الضَّرَبَاتُ فِي قَتْلِهِ سَوَاءٌ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ جَمِيعُهُمْ مِنْ غَيْرِ قَسَامَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَيُقْتَلُ الْجَمِيعُ بِوَاحِدٍ وَهَذَا إذَا مَاتَ مَكَانَهُ أَوْ تَأَخَّرَ مَوْتُهُ وَقَدْ أُنْفِذَتْ مَقَاتِلُهُ أَوْ رُفِعَ مَغْمُورًا وَمَاتَ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَسَامَةِ مِنْ وَاحِدٍ تَعَيَّنَ لَهَا وَهَذَا مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ وَالْقَوَدُ مِنْ وَاحِدٍ تَعَيَّنَ لَهَا فَإِذَا قُتِلَ الشَّخْصُ الْمُعَيَّنُ بِالْقَسَامَةِ يُضْرَبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْبَاقِينَ مِائَةً وَيُحْبَسُ سَنَةً مِنْ غَيْرِ أَيْمَانٍ فَلَوْ أَقَرَّ شَخْصٌ بِالْقَتْلِ ثُمَّ عَفَا الْأَوْلِيَاءُ عَنْهُ يُضْرَبُ مِائَةً وَيُحْبَسُ سَنَةً فَلَوْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ بَطَلَ التَّعْزِيرُ لِأَنَّهُ لِمَحْضِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَصَارَ كَالْمُقِرِّ بِالزِّنَا فَلَوْ اخْتَلَفَتْ الْوُلَاةُ فَبَعْضُهُمْ عَيَّنَ مَا لَمْ يُعَيِّنْهُ الْآخَرُ مَاذَا يَفْعَلُ ك وَإِذَا وَقَعَتْ الْقَسَامَةُ عَلَى وَاحِدٍ بِعَيْنِهِ ثُمَّ اعْتَرَفَ آخَرُ بِالْقَتْلِ فَإِنَّ الْمَقْتُولَ مُخَيَّرٌ فِي قَتْلِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَقَطْ وَإِذَا قُتِلَ أَحَدُهُمَا حُبِسَ الثَّانِي عَامًا وَجُلِدَ مِائَةً
(تَنْبِيهٌ) : قَوْلُهُ مِنْ وَاحِدٍ تَعَيَّنَ لَهَا يَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا اُحْتُمِلَ مَوْتُهُ مِنْ فِعْلِ أَحَدِهِمْ وَأَمَّا إنْ لَمْ يُحْتَمَلْ كَرَمْيِ جَمَاعَةٍ صَخْرَةً لَا يَقْدِرُ بَعْضُهُمْ عَلَى رَفْعِهَا فَإِنَّ الْقَسَامَةَ تَقَعُ عَلَى جَمِيعِهِمْ وَيَقْتُلُونَ أَيَّ وَاحِدٍ شَاءُوا مِنْهُمْ كَمَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَإِذَا قُتِلَ وَاحِدٌ مِنْ الَّذِينَ رَمَوْا الصَّخْرَةَ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِمَّنْ بَقِيَ جَلْدُ مِائَةٍ وَحَبْسُ سَنَةٍ
(قَوْلُهُ حَلَفَ وَاحِدَةً) أَيْ إنْ اتَّحَدَ فَإِنْ تَعَدَّدَ وَلِيُّ الْكَافِرِ أَوْ الْغُرَّةِ حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ يَمِينًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ سَيِّدَ الْعَبْدِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ عَلَى جُرْحٍ أَيْ عَمْدًا إلَخْ) أَقُولُ كَيْفَ هَذَا مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأَخَذَ الدِّيَةَ وَهِيَ إنَّمَا تَكُونُ فِي الْخَطَأِ وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضٌ أَيْ خَطَأً بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَأَخَذَ الدِّيَةَ إذْ جُرْحُ الْعَمْدِ يُقْتَصُّ مِنْهُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى قَتْلِ كَافِرٍ أَيْ خَطَأً) إنَّمَا قُيِّدَ بِالْخَطَأِ حَتَّى تَأْتِيَ الدِّيَةُ لِأَنَّهُ قِصَاصٌ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُ قَالَ حَلَفَ وَاحِدَةً وَأَخَذَ الدِّيَةَ أَقُولُ وَمُفَادُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْقَاتِلُ لِلْكَافِرِ كَافِرًا وَأَقَامَ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ شَاهِدًا وَاحِدًا يَكُونُ هَدَرًا وَلَا شَيْءَ فِيهِ وَلَا قَسَامَةَ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ فِي قَتْلِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ كَلَامُ اللَّقَانِيِّ أَقُولُ وَأَمَّا عج فَعَمَّمَ فِي قَتْلِ الْكَافِرِ فَقَالَ عَمْدًا أَوْ خَطَأً كَانَ الْقَاتِلُ لَهُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا أَقُولُ وَالظَّاهِرُ كَلَامُ اللَّقَانِيِّ (قَوْلُهُ خُيِّرَ سَيِّدُهُ بَيْنَ إسْلَامِهِ) وَإِذَا أَسْلَمَهُ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ فَلَا يَقْتُلُهُ لِأَنَّ الْقَتْلَ لَا يَكُونُ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ فَرْضَ الْمُصَنِّفِ أَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا فَقَطْ وَلَا قَسَامَةَ فِيهِ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ فِي قَتْلِ الْحُرِّ (قَوْلُهُ وَأَوْلَى غَيْرُهُ) لَا حَاجَةَ لَهُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَنْ مَعَهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمُصَنِّفِ وَمَنْ مَعَهُ (قَوْلُهُ فَلَوْ قَالَتْ دَمِي إلَخْ) أَيْ مِنْ غَيْرِ ثُبُوتِ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَهَا بَلْ بِإِقْرَارِهَا فَقَطْ وَشَهِدَ عَلَى إقْرَارِهَا عَدْلَانِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ
(قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ فِي الْجَنِينِ) أَيْ لَا قِيمَةَ وَلَا دِيَةَ لِأَنَّهُ كَالْعَدَمِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ (قَوْلُهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ عَدْلٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ ثَبَتَ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْبَيِّنَةَ شَهِدَتْ عَلَى الْجُرْحِ أَوْ الضَّرْبِ وَقَوْلُهُ أَوْ عَدْلٍ أَيْ شَهِدَ عَلَى الْجُرْحِ أَوْ الضَّرْبِ عَمْدًا أَوْ عَلَى الْقَتْلِ