الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْقَبُولِ فِيهِ مُسَامَحَةٌ فَإِمَّا أَنْ يُقَالَ الْوَاوُ فِي وَلَوْ قَبْلَ لِلْحَالِ، أَوْ يُقَالُ الْمُرَادُ بِالْعَزْلِ الرَّدُّ أَيْ، وَلَهُ رَدَّ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَقْبَلْ بَلْ، وَلَوْ قَبِلَ، وَلَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَعْزِلَ نَفْسَهُ عَنْ الْوَصِيَّةِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَالْقَبُولِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْقَبُولُ قَبْلَ الْمَوْتِ، أَوْ بَعْدَهُ إلَّا أَنْ يَطْرَأَ عَجْزٌ، وَإِنْ أَبَى الْوَصِيُّ مِنْ قَبُولِ الْوَصِيَّةِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ لِأَنَّهُ بَعْدَ إبَايَتِهِ صَارَ كَالْأَجْنَبِيِّ، فَإِذَا أَرَادَ الرُّجُوعَ بَعْدَ ذَلِكَ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مُقَدَّمِ الْقَاضِي لَا حُكْمُ الْوَصِيِّ مِنْ قِبَلِ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ لَا يَعُودُ إلَّا بِأَمْرِ الْقَاضِي
. (ص) وَالْقَوْلُ لَهُ فِي قَدْرِ النَّفَقَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَصِيَّ إذَا تَنَازَعَ مَعَ مَحْجُورِهِ فِي قَدْرِ النَّفَقَةِ، فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْوَصِيِّ لِأَنَّهُ أَمِينٌ، وَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِ حَيْثُ أَشْبَهَ وَكَانَ فِي حَضَانَتِهِ وَمِثْلُهُ مَا إذَا كَانَ فِي كَفَالَةِ أُمِّهِ وَهِيَ فَقِيرَةٌ وَكَانَ أَثَرُ النِّعْمَةِ ظَاهِرًا عَلَى الْوَلَدِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي لَهُ لِلْوَصِيِّ الشَّامِلِ لِوَصِيِّ الْوَصِيِّ وَهُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِهِ وَمِثْلُهُ مُقَدَّمُ الْقَاضِي وَالْحَاضِنُ وَالْكَافِلُ. (ص) لَا فِي تَارِيخِ الْمَوْتِ، وَلَا فِي دَفْعِ مَالِهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَصِيَّ إذَا تَنَازَعَ مَعَ الصَّبِيِّ فِي تَارِيخِ الْمَوْتِ فَقَالَ الْوَصِيُّ مَاتَ مُنْذُ سَنَتَيْنِ مَثَلًا وَالنَّفَقَةُ وَاصِلَةٌ وَقَالَ الصَّبِيُّ بَلْ مَاتَ مِنْ نِصْفِ سَنَةٍ مَثَلًا، فَإِنَّ الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ قَوْلُ الصَّبِيِّ، وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَإِنَّمَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ: فِي تَارِيخِ الْمَوْتِ، وَإِنْ كَانَ يَرْجِعُ إلَى قِلَّةِ النَّفَقَةِ وَكَثْرَتِهَا لِأَنَّ الْأَمَانَةَ لَمْ تَتَنَاوَلْ الزَّمَانَ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ، وَكَذَلِكَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ إذَا تَنَازَعَ مَعَ الصَّبِيِّ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَرُشْدِهِ فَقَالَ الصَّبِيُّ ادْفَعْ إلَيَّ مَالِي الَّذِي عِنْدَك وَقَالَ الْوَصِيُّ قَدْ دَفَعْته إلَيْك بَعْدَ بُلُوغِك وَرُشْدِك إلَّا بِبَيِّنَةٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ} [النساء: 6] أَيْ لِئَلَّا تَغْرَمُوا عَلَى الْمَشْهُورِ أَوْ لِئَلَّا تَحْلِفُوا وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَتْ الْمُنَازَعَةُ بَعْدَ طُولٍ فَقَوْلُهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ مُتَعَلِّقٌ بِدَفَعَ، وَأَمَّا قَبْلَ الْبُلُوغِ، فَلَا يُصَدَّقُ، وَلَوْ وَافَقَهُ
(بَابٌ ذُكِرَ فِيهِ الْفَرَائِضُ) وَهُوَ عِلْمُ الْمَوَارِيثِ وَبَيَانُ مَنْ يَرِثُ وَمَنْ لَا يَرِثُ وَمِقْدَارُ مَا لِكُلِّ وَارِثٍ وَبَدَأَ أَوَّلًا بِبَيَانِ الْحُقُوقِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالتَّرِكَةِ وَنِهَايَتُهَا خَمْسَةٌ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ وَطَرِيقُ حَصْرِهَا بِالِاسْتِقْرَاءِ وَبِغَيْرِهِ كَمَا يَأْتِي وَبِعِبَارَةٍ وَعِلْمُ الْفَرَائِضِ لَهُ حَدٌّ وَمَوْضُوعٌ وَغَايَةٌ فَحَدُّهُ مَا يُوَصِّلُ لِمَعْرِفَةِ قَدْرِ مَا يَجِبُ لِكُلِّ ذِي حَقٍّ مِنْ التَّرِكَةِ وَمَوْضُوعُهُ التَّرِكَاتُ لِأَنَّهَا الَّتِي يُبْحَثُ فِيهَا عَنْ عَوَارِضِهِ الذَّاتِيَّةِ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ حَيْثُ أَشْبَهَ وَكَانَ فِي حَضَانَتِهِ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ شُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ أَفَادَهَا شَارِحُنَا وَهِيَ أَنْ يَكُونَ فِي حَضَانَتِهِ وَأَنْ يُشْبِهَ وَأَنْ يَحْلِفَ وَفَرَضَ الْمُصَنِّفُ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا تَنَازَعَا فِي قَدْرِ النَّفَقَةِ (أَقُولُ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا تَنَازَعَا فِي أَصْلِ الْإِنْفَاقِ أَوْ فِيهِمَا مَعًا؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ مَعَ وُجُودِ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ عِنْدَ انْتِفَاءِ شَرْطٍ مِنْهَا وَاخْتُلِفَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَحْسِبَ أَقَلَّ مَا يُمْكِنُ وَيُسْقِطَ الزَّائِدَ حَتَّى لَا يَحْلِفَ فَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَقَالَ عِيَاضٌ يَلْزَمُهُ الْيَمِينُ إذْ قَدْ يُمْكِنُ أَقَلُّ مِنْهُ (قَوْلُهُ لِئَلَّا تَغْرَمُوا عَلَى الْمَشْهُورِ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ قَوْلَيْنِ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الصَّبِيِّ فِي عَدَمِ الْقَبْضِ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَالرُّشْدِ وَمُقَابِلُهُ الْقَوْلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ بِيَمِينٍ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ اخْتِلَافُهُمْ فِي قَوْله تَعَالَى {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ} [النساء: 6] هَلْ لِئَلَّا تَغْرَمُوا وَهُوَ الْقَوْلُ الْمَشْهُورُ وَقَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ لِئَلَّا تَحْلِفُوا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ الْمُنَازَعَةُ بَعْدَ طُولٍ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَمَالَ إلَيْهِ عج وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ وَمَالَ إلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ إنْ طَالَ الزَّمَنُ كَعِشْرِينَ سَنَةً يُقِيمُونَ مَعَهُ وَلَا يَطْلُبُونَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ قَبْضُ أَمْوَالِهِمْ إذَا رَشَدُوا وَجَعَلَ ابْنُ زَرِبٍ الطُّولَ ثَمَانِيَةَ أَعْوَامٍ اهـ.
وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُنْظَرَ إلَى قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ وَذَلِكَ مُخْتَلِفٌ اهـ وَقَالَ عب وَالْقِيَاسُ أَنْ يَجْرِيَ هُنَا مَا تَقَدَّمَ فِي الْحِيَازَةِ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ ثُمَّ ادَّعَى حَاضِرٌ سَاكِتٌ إلَخْ فَظَهَرَ أَنَّ الْمَقَالَاتِ خَمْسَةٌ وَأَنَّ عج مَالَ إلَى الْأَوَّلِ وَعِنْدِي أَنَّ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي الْمَصِيرُ إلَيْهِ
[بَابٌ فِي الْفَرَائِضُ]
(بَابُ الْفَرَائِضِ)(قَوْلُهُ وَهُوَ عِلْمٌ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَهِيَ عِلْمُ الْمَوَارِيثِ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَرَائِضِ الْفَنُّ الْمَعْهُودُ فَذُكِّرَ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ وَأَرَادَ بِالْعِلْمِ الْقَوَاعِدَ لَا الْمَلَكَةَ وَلَا الْإِدْرَاكَ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَتَّصِفُ بِكَوْنِهِ مَذْكُورًا إنَّمَا هُوَ الْقَوَاعِدُ لَا الْمَلَكَةُ وَلَا الْإِدْرَاكُ إلَّا أَنْ يُقَالَ مُضَافٌ أَيْ إنَّ الْمُرَادَ بِالْفَرَائِضِ الْمَذْكُورَةِ مُتَعَلَّقُ عِلْمِ الْمَوَارِيثِ أَيْ: مُتَعَلَّقُ الْمَلَكَةِ أَوْ الْإِدْرَاكِ وَقَوْلُهُ وَبَيَانُ أَيْ وَتَبْيِينُ مَنْ يَرِثُ وَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ أَيْ: وَذُو تَبْيِينٍ وَإِنَّمَا قَدَّرْنَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْفَرَائِضَ الْمَذْكُورَةَ لَيْسَتْ هِيَ التَّبْيِينَ بَلْ سَبَبٌ فِي التَّبْيِينِ وَيَكُونُ الْعَطْفُ تَفْسِيرًا وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى قِرَاءَةِ، بَيَانُ بِالرَّفْعِ مَعْطُوفٌ عَلَى عِلْمِ الْمَوَارِيثِ وَيَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى الْمَوَارِيثِ أَيْ وَعِلْمُ بَيَانِ أَيْ تَبْيِينِ أَيْ: الْعِلْمِ الْمُحَصَّلِ لِتَبْيِينِ مَنْ يَرِثُ إلَخْ وَيَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِالْبَيَانِ التَّصْدِيقُ أَوْ التَّصَوُّرُ أَيْ: عِلْمٌ أَوْ تَصْدِيقٌ أَوْ تَصَوُّرٌ إلَخْ أَيْ الْمُفِيدُ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ بِبَيَانِ الْحُقُوقِ) أَيْ تَبْيِينِ الْحُقُوقِ (قَوْلُهُ بِالِاسْتِقْرَاءِ وَبِغَيْرِهِ) أَرَادَ بِالْغَيْرِ الْعَقْلَ وَسَيَأْتِي رَدُّهُ؛ لِأَنَّ الْعَقْلَ يُجَوِّزُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَالْأَوْلَى حَذْفُ الْبَاءِ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْبَاءَ لِلتَّصْوِيرِ (قَوْلُهُ مَا يُوصَلُ) أَيْ: شَيْءٌ يُوصَلُ إلَخْ أَيْ: وَهُوَ الْقَوَاعِدُ الْآتِيَةُ وَقَوْلُهُ لِمَعْرِفَةِ أَيْ: لِتَصَوُّرٍ أَوْ تَصْدِيقٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَعْرِفَةَ تَارَةً تُفَسَّرُ بِالتَّصْدِيقِ وَتَارَةً تُفَسَّرُ بِالتَّصَوُّرِ وَيَصِحُّ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي الْمَقَامِ بِتَأَمُّلٍ (قَوْلُهُ وَمَوْضُوعُهُ التَّرِكَاتُ) مَوْضُوعُ كُلِّ عِلْمٍ مَا يُبْحَثُ فِيهِ عَنْ عَوَارِضِهِ الذَّاتِيَّةِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مُقَرَّرٌ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا الَّتِي يُبْحَثُ فِيهَا عَنْ عَوَارِضِهِ الذَّاتِيَّةِ) هَكَذَا فِي نُسْخَةِ شَارِحِنَا وَنَقُولُ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يُبْحَثُ فِيهِ عَنْ
كَحَقِّ الْمَيِّتِ الْمُتَعَلِّقِ بِالتَّرِكَةِ مِنْ مُؤَنِ تَجْهِيزِهِ وَقَضَاءِ دُيُونِهِ وَحَقِّ الْوَارِثِ وَالْمُوصَى لَهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَغَايَتُهُ حُصُولُ مَلَكَةٍ لِلْإِنْسَانِ تُوجِبُ سُرْعَةَ الْجَوَابِ عَلَى وَجْهِ الصِّحَّةِ وَالصَّوَابِ وَالتَّرِكَةُ حَقٌّ يَقْبَلُ التَّجَزُّؤَ يَثْبُتُ لِمُسْتَحِقٍّ بَعْدَ مَوْتِ مَنْ كَانَ لَهُ بِقَرَابَةٍ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا كَالنِّكَاحِ وَالْوَلَاءِ فَقَوْلُهُ حَقٌّ يَتَنَاوَلُ الْمَالَ وَغَيْرَهُ كَالْخِيَارِ وَالشُّفْعَةِ وَالْقِصَاصِ وَخَرَجَ بِقَابِلِ التَّجَزُّؤِ الْوَلَاءُ وَالْوِلَايَةُ إذْ يَنْتَقِلَانِ إلَى الْأَبْعَدِ بَعْدَ مَوْتِ الْأَقْرَبِ لِعَدَمِ قَبُولِهِمَا التَّجَزُّؤَ، وَلَا يَرِدُ الْقِصَاصُ وَالشُّفْعَةُ وَالْخِيَارُ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِقَبُولِ التَّجَزُّؤِ قَبُولُ الْإِفْرَازِ بَلْ مَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ لِهَذَا نِصْفُهُ وَلِهَذَا ثُلُثُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ كَذَلِكَ وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا بَعْدَ مَوْتِ مَنْ كَانَ لَهُ الْحُقُوقُ الثَّابِتَةُ بِالشِّرَاءِ وَالِاتِّهَابُ وَغَيْرُهُمَا وَبِقَوْلِنَا بِقَرَابَةِ الْوَصِيَّةِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ تُمْلَكُ بِالْمَوْتِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ عِلْمُ الْفَرَائِضِ لَقَبًا الْفِقْهُ الْمُتَعَلِّقُ بِالْإِرْثِ وَعِلْمُ مَا يُوَصِّلُ لِمَعْرِفَةِ قَدْرِ مَا يَجِبُ لِكُلِّ ذِي حَقٍّ مِنْ التَّرِكَةِ وَمَوْضُوعُهُ التَّرِكَاتُ لَا الْعَدَدُ خِلَافًا لِلصُّورِيِّ وَأَدْخَلَ بِقَوْلِهِ وَعِلْمُ مَا يُوَصِّلُ إلَخْ، كَيْفِيَّةَ الْقِسْمَةِ وَالْعَمَلَ فِي مَسَائِلِ الْمُنَاسَخَاتِ وَغَيْرِهَا لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مِنْ عِلْمِ الْفَرَائِضِ قَوْلُهُ: لَا الْعَدَدُ لِأَنَّهُ إنَّمَا هُوَ آلَةٌ لِاسْتِخْرَاجِ الْفَرْضِ مِنْ التَّرِكَةِ فَلِذَلِكَ لَمْ يُجْعَلْ الْعَدَدُ مَوْضُوعًا، وَلَمَّا رَأَى بَعْضُهُمْ أَنَّ ذَلِكَ الْقَدْرَ لَا يُتَوَصَّلُ إلَيْهِ مِنْ التَّرِكَةِ إلَّا بِإِتْقَانِ الْعَمَلِ بِالْعَدَدِ صَيَّرَ الْعَدَدَ، كَأَنَّهُ هُوَ الْمَوْضُوعُ
وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الْفَرْضَ الْمُقَدَّرَ إنَّمَا خَرَجَ مِنْ التَّرِكَةِ وَهُوَ مَالٌ فَالتَّرِكَةُ أَنْسَبُ لِكَوْنِهَا مَوْضُوعَهُ وَالْعَدَدُ إنَّمَا هُوَ آلَةٌ ثُمَّ إنَّ الْمُؤَلِّفَ ذَكَرَ خَمْسَةَ أُمُورٍ حَقَّ تَعَلُّقٍ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ وَحَقَّ تَعَلُّقٍ بِالْمَيِّتِ وَحَقَّ تَعَلُّقٍ بِالذِّمَّةِ وَحَقَّ تَعَلُّقٍ بِالْغَيْرِ وَحَقَّ تَعَلُّقٍ بِالْوَارِثِ وَالْحَصْرُ فِي هَذِهِ وَتَرْتِيبُهَا اسْتِقْرَائِيٌّ، فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ تَتَبَّعُوا مَسَائِلَ الْفِقْهِ فَلَمْ يَجِدُوهَا تَزِيدُ عَلَى هَذِهِ الْمَرَاتِبِ الْخَمْسَةِ وَبَعْضُهُمْ جَعَلَهُ عَقْلِيًّا وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْعَقْلَ
ــ
[حاشية العدوي]
عَوَارِضِهَا الذَّاتِيَّةِ أَيْ فَالْعِلْمُ الْمَذْكُورُ يُبْحَثُ فِيهِ عَنْ عَوَارِضِ التَّرِكَةِ الذَّاتِيَّةِ وَأَفَادَ بِالْوَصْفِ بِالذَّاتِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْوَصْفِ التَّخْصِيصُ أَنَّ الْعَارِضَ إمَّا ذَاتِيٌّ وَإِمَّا غَرِيبٌ وَلَكِنَّ الْمَبْحُوثَ فِي هَذَا الْعِلْمِ إنَّمَا هُوَ عَنْ عَوَارِضِ التَّرِكَةِ الذَّاتِيَّةِ لَا الْغَرِيبَةِ مَثَلًا كَوْنُ رُبُعِهَا لِلزَّوْجِ هَذَا عَارِضٌ ذَاتِيٌّ لَهَا لَمْ يَلْحَقْ التَّرِكَةَ بِوَصْفِ كَوْنِهَا تَرِكَةً بِوَاسِطَةِ شَيْءٍ بِخِلَافِ مَا يَعْرِضُ لَهَا مِنْ حَرْقٍ مَثَلًا فَهَذَا عَارِضٌ غَرِيبٌ لَحِقَهَا بِوَاسِطَةِ النَّارِ فَلَا يُبْحَثُ فِيهِ عَنْ ذَلِكَ وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي الْمَنْطِقِ مَعْلُومٌ (قَوْلُهُ لِحَقِّ الْمَيِّتِ) اللَّامُ بِمَعْنَى مِنْ وَقَوْلُهُ فِي مُؤَنٍ بِمَعْنَى مِنْ وَقَوْلُهُ وَحَقُّ الْوَارِثِ مَعْطُوفٌ عَلَى حَقِّ الْمَيِّتِ وَقَوْلُهُ وَغَيْرُ ذَلِكَ أَيْ: كَاَلَّذِي أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ كَالْمَرْهُونِ وَعَبْدٍ جَنَى.
(قَوْلُهُ حُصُولُ مَلَكَةِ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هَذِهِ غَايَةٌ عَامَّةٌ فِي جَمِيعِ الْعُلُومِ لَا خُصُوصِ الْفَرَائِضِ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَلْ فِي الْجَوَابِ لِلْعَهْدِ أَيْ: الْجَوَابِ الْمُتَعَلِّقِ بِعِلْمِ الْمَوَارِيثِ. (قَوْلُهُ وَالصَّوَابُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ أَيْ: إنَّ الْمُرَادَ بِالصِّحَّةِ فِي الْمَقَامِ الصَّوَابُ ضَدُّ الْخَطَأِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصِّحَّةَ مُقَابِلُهَا الْفَسَادُ وَالْفَسَادُ فِي الْمَقَامِ الْخَطَأُ لَا الْفَسَادُ الْمُتَعَلِّقُ بِالْعِبَادَاتِ أَوْ الْعُقُودِ.
(قَوْلُهُ مَنْ كَانَ لَهُ) أَيْ مَنْ كَانَ الْحَقُّ لَهُ وَقَوْلُهُ بِقَرَابَةٍ مُتَعَلِّقٌ بِمُسْتَحَقٍّ أَوْ يَثْبُتُ.
(قَوْلُهُ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا) أَيْ: مَعْنَى الْقَرَابَةِ فَإِنْ قُلْت أَيُّ دَاعٍ لِقَوْلِهِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا وَهَلَّا قَالَ بِقَرَابَةٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ وَلَاءٍ قُلْت الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ أَصْلَ إيجَابِ الْإِرْثِ الْقَرَابَةُ وَلَمَّا كَانَ النِّكَاحُ وَالْوَلَاءُ فِيهِمَا اتِّصَالٌ كَاتِّصَالِ الْقَرَابَةِ جَعَلَهُمَا الشَّارِعُ سَبَبَيْنِ فِي الْإِرْثِ.
(قَوْلُهُ كَالنِّكَاحِ وَالْوَلَاءِ) الْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ (قَوْلُهُ كَالْخِيَارِ) فَإِذَا اشْتَرَى زَيْدٌ سِلْعَةً بِالْخِيَارِ وَمَاتَ، فَيَنْتَقِلُ الْخِيَارُ لِابْنِهِ بِالْإِرْثِ وَقَوْلُهُ وَالشُّفْعَةُ فَإِذَا كَانَتْ دَارٌ بَيْنَ عَمْرٍو وَزَيْدٍ شَرِكَةٌ وَبَاعَ زَيْدٌ حِصَّتَهُ وَثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ لِعَمْرٍو وَمَاتَ عَمْرٌو، فَيَثْبُتُ الْحَقُّ فِيهَا لِوَارِثِهِ (قَوْلُهُ وَالْقِصَاصُ) فَإِذَا قَتَلَ زَيْدٌ عَمْرًا وَكَانَ بَكْرٌ أَخًا لِعَمْرٍو وَمَاتَ بَكْرٌ، فَيَرِثُ ابْنُهُ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ الْوَلَاءُ وَالْوِلَايَةُ) أَيْ وِلَايَةُ النِّكَاحِ أَيْ:؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَقْبَلَانِ التَّجَزُّؤَ فِيهِ أَنْ يُقَالَ لَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ إذْ يُقَالُ لِزَيْدٍ نِصْفُ الْوَلَاءِ عَلَى عَمْرٍو لِمُشَارَكَةِ أَخِي زَيْدٍ لَهُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَقَوْلُهُ إذْ يَنْتَقِلَانِ لَا مَعْنَى لِذَلِكَ التَّعْلِيلِ فَالْمُنَاسِبُ حَذْفُهُ وَفِيهِ إنَّ الْوَلَاءَ بِمَعْنَى اللُّحْمَةِ لَا يَنْتَقِلُ إنَّمَا الَّذِي يَنْتَقِلُ مِنْ وَاحِدٍ لِوَاحِدٍ إنَّمَا هُوَ الْمَالُ وَقَوْلُهُ لِعَدَمِ قَبُولِهِمَا التَّجَزُّؤَ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ يَنْتَقِلَانِ وَلَا مَعْنَى لِذَلِكَ التَّعْلِيلِ.
(قَوْلُهُ وَلَا يَرِدُ الْقِصَاصُ إلَخْ) حَاصِلُ السُّؤَالِ أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ الثَّلَاثَةَ يَقَعُ فِيهَا الْإِرْثُ وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ يَمْنَعُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَالَ حَقٌّ يَقْبَلُ التَّجَزُّؤَ وَهَذِهِ لَا تَقْبَلُ التَّجَزُّؤَ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ إذَا أُرِيدَ بِالتَّجَزُّؤِ الْإِفْرَازُ أَيْ التَّمْيِيزُ بِحَيْثُ يُقَالُ لِهَذَا هَذَا الْجُزْءُ وَلِهَذَا هَذَا الْجُزْءُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ ذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ أَنْ يُقَالَ لِهَذَا نِصْفُهُ وَلِهَذَا نِصْفُهُ وَقَوْلُهُ وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ كَذَلِكَ أَيْ: يُقَالُ لِزَيْدٍ نِصْفُ الْقِصَاصِ وَعَمْرٍو النِّصْفُ الْآخَرُ.
(قَوْلُهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا تُمْلَكُ بِالْمَوْتِ) وَمُقَابِلُهُ الْقَوْلُ بِأَنَّهَا تُمْلَكُ بِالتَّنْفِيذِ (قَوْلُهُ لَقَبًا إلَخْ) احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ لَقَبًا مِنْ عِلْمِ الْفَرَائِضِ مُضَافًا بَاقِيًا عَلَى إضَافَتِهِ فَإِنَّهُ أَعَمُّ فَهُوَ مِثْلُ أُصُولِ الْفِقْهِ لَقَبًا وَإِضَافَةً وَهَكَذَا فَعَلَ فِي بُيُوعِ الْآجَالِ إضَافَةً وَلَقَبًا فَهُوَ إضَافَةً يَشْمَلُ كُلَّ بَيْعٍ لِأَجَلٍ وَلَقَبًا مَقْصُورٌ عَلَى بُيُوعِ الْآجَالِ الْمُتَحَيَّلِ فِيهَا عَلَى دَفْعِ قَلِيلٍ فِي كَثِيرٍ الْمُبَوَّبِ لَهَا (قَوْلُهُ خِلَافًا)(لِلصُّورِيِّ) هُوَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ بْنِ يَحْيَى الصُّورِيُّ شَارِحُ الْحَوفِيِّ الْمَالِكِيِّ (قَوْلُهُ وَأَدْخَلَ بِقَوْلِهِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ قَوْلَ ابْنِ عَرَفَةَ وَعِلْمُ مَا يُوصَلُ مَعْنَاهُ وَعِلْمُ شَيْءٍ يُوصِلُ وَذَلِكَ الشَّيْءُ الْمُوصِلُ هُوَ مَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ فِيمَا سَيَأْتِي وَإِنْ مَاتَ بَعْضٌ قَبْلَ الْقِسْمَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ فَالتَّرِكَةُ أَنْسَبُ) الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ وَالصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ وَالْمُتَعَيِّنُ.
(قَوْلُهُ اسْتِقْرَائِيٌّ) أَيْ حَاصِلٌ بِالِاسْتِقْرَاءِ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْحَصْرِ وَالتَّرْتِيبِ حَاصِلٌ بِالِاسْتِقْرَاءِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الَّذِي يَتَّصِفُ بِكَوْنِهِ
يُجَوِّزُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ أَنَّهُ حَصْرٌ لِمَا وُجِدَ فِي الْخَارِجِ أَيْ بَعْدَ أَنْ وُجِدَتْ فِي الْخَارِجِ حَصَرَهَا الْعَقْلُ فِيهَا وَبِعِبَارَةٍ وَطَرِيقُ حَصْرِ هَذِهِ الْأُمُورِ أَنْ تَقُولَ الْحَقُّ الْمُتَعَلِّقُ بِالتَّرِكَةِ إمَّا ثَابِتٌ قَبْلَ الْمَوْتِ، أَوْ بِالْمَوْتِ وَالثَّابِتُ قَبْلَ الْمَوْتِ إمَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِالْعَيْنِ، أَوْ لَا الْأَوَّلُ هُوَ الْحُقُوقُ الْعَيْنِيَّةُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (يَخْرُجُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِعَيْنٍ كَالْمَرْهُونِ وَعَبْدٍ جَنَى) وَالثَّانِي الدَّيْنُ الْمُطْلَقُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ثُمَّ تُقْضَى دُيُونُهُ) وَالثَّابِتُ بِالْمَوْتِ إمَّا لِلْمَيِّتِ وَهُوَ مُؤَنُ تَجْهِيزِهِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ثُمَّ مُؤَنُ تَجْهِيزِهِ بِالْمَعْرُوفِ) أَوْ لِغَيْرِهِ وَهُوَ الْوَصِيَّةُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ثُمَّ وَصَايَاهُ) أَوَّلًا وَهُوَ الْمِيرَاثُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ثُمَّ الْبَاقِي لِوَارِثِهِ) وَالْمَعْنَى أَنَّ أَوَّلَ مَا يُبْدَأُ بِهِ مِنْ التَّرِكَةِ الشَّيْءُ الَّذِي تَعَيَّنَ قَضَاؤُهُ كَالشَّيْءِ الْمَرْهُونِ وَالزَّكَاةِ الْحَالَّةُ عَلَيْهِ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَكَذَلِكَ أُمُّ وَلَدِهِ وَسِلْعَةُ الْمُفْلِسِ، وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ الَّذِي حَصَلَتْ مِنْهُ جِنَايَةٌ، وَلَيْسَ مَرْهُونًا لَكِنْ هُوَ فِي مَرْتَبَةِ الشَّيْءِ الْمَرْهُونِ مِنْ عَرْضٍ وَعَقَارٍ وَغَيْرِهِمَا، وَأَمَّا إذَا حَصَلَتْ مِنْ الْمَرْهُونِ جِنَايَةٌ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ حَقَّانِ حَقُّ الْمُرْتَهِنِ وَحَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ فِي بَابِ الرَّهْنِ إلَى بَيَانِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ ثَبَتَتْ أَيْ جِنَايَةُ الْعَبْدِ الْمَرْهُونِ، فَإِنْ أَسْلَمَهُ مُرْتَهِنُهُ فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِمَالِهِ، وَإِنْ فَدَاهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَفِدَاؤُهُ فِي رَقَبَتِهِ فَقَطْ إنْ لَمْ يَرْهَنْ بِمَالِهِ وَبِإِذْنِهِ فَلَيْسَ رَهْنًا بِهِ اهـ.
ثُمَّ بَعْدَ إخْرَاجِ مَا مَرَّ يَخْرُجُ مِنْ تَرِكَتِهِ مُؤَنُ تَجْهِيزِهِ كَغُسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ وَحَمْلِهِ، وَإِقْبَارِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يُنَاسِبُهُ بِحَسَبِهِ فَقْرًا وَغِنًى ثُمَّ بَعْدَ إخْرَاجِ مَا مَرَّ تَخْرُجُ الدُّيُونُ كَانَتْ بِضَامِنٍ أَمْ لَا لِأَنَّهَا تَحِلُّ بِمَوْتِ الْمَضْمُونِ لَكِنَّ دُيُونَ الْآدَمِيِّينَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى هَدْيِ التَّمَتُّعِ إذَا مَاتَ الْمُتَمَتِّعُ بَعْدَ أَنْ رَمَى الْعَقَبَةَ ثُمَّ حُقُوقُ اللَّهِ مِنْ الزَّكَوَاتِ الَّتِي فَرَّطَ فِيهَا وَالْكَفَّارَاتِ
ــ
[حاشية العدوي]
حَاصِلًا بِالِاسْتِقْرَاءِ إنَّمَا هُوَ الْحَصْرُ فَقَطْ.
(قَوْلُهُ يَخْرُجُ إلَخْ) بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ وَضَمِّ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ مِنْ الْخُرُوجِ وَبِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ مِنْ الْإِخْرَاجِ (قَوْلُهُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ) اسْمٌ لِمَا تَرَكَهُ الْمَيِّتُ كَالطَّلِبَةِ بِمَعْنَى الْمَطْلُوبِ (قَوْلُهُ كَالْمَرْهُونِ وَعَبْدٍ جَنَى إلَخْ) هُمَا فِي مَرْتَبَةٍ وَاحِدَةٍ وَفِي الْعِبَارَةِ قَلْبٌ وَالْأَصْلُ عَيْنٌ تَعَلَّقَ بِهَا حَقٌّ كَالْمَرْهُونِ وَعَبْدٍ جَنَى وَقَوْلُهُ وَعَبْدٍ جَنَى أَيْ إذَا لَمْ يُسْلِمْهُ السَّيِّدُ وَلَمْ يُفِدْهُ فِي حَيَاتِهِ (قَوْلُهُ كَالشَّيْءِ الْمَرْهُونِ) أَيْ: فَالشَّيْءُ الْمَرْهُونُ مِنْ جُمْلَةِ التَّرِكَةِ، فَيَبْدَأُ بِهِ بِمَعْنَى يُسَلَّمُ لِلْمُرْتَهِنِ، وَلَوْ كَانَ الثَّمَرُ مَرْهُونًا وَوَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِي عَيْنِهِ وَالدَّيْنُ يَسْتَغْرِقُ جَمِيعَ التَّرِكَةِ فَإِنَّ رَبَّ الدَّيْنِ يُقَدَّمُ بِدَيْنِهِ عَلَى الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ وَالزَّكَاةُ الْحَالَّةُ عَلَيْهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) أَيْ إذَا كَانَتْ حَرْثًا أَوْ ثَمَرًا أَوْ مَاشِيَةً وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّ زَكَاةَ الْعَامِ الْحَاضِرِ إذَا كَانَتْ حَرْثًا أَوْ ثَمَرًا فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ مَبْدَأً عَلَى الْكَفَنِ أَوْصَى بِهَا أَمْ لَا وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ فِيهَا مَاشِيَةٌ فَإِنْ احْتَوَتْ عَلَى السِّنِّ الْوَاجِبِ فَإِنَّهَا تَخْرُجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ مُقَدَّمَةً عَلَى الْكَفَنِ أَوْصَى بِهَا أَمْ لَا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ سَاعٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا سَنٌّ وَاجِبٌ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ سَاعٍ فَإِنَّهَا تَخْرُجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ بَعْدَ قَضَاءِ الدُّيُونِ وَهَدْيِ التَّمَتُّعِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ هُنَاكَ سَاعٍ وَلَمْ يُقَدَّمْ وَحَصَلَ الْمَوْتُ قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي فَإِنَّ الْوَارِثَ يَسْتَقْبِلُ وَأَمَّا إنْ كَانَتْ عَيْنًا فَإِنْ عَلِمَ حُلُولَهَا مِنْ غَيْرِهِ وَأَوْصَى بِهَا تَكُونُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ بَعْدَ الدَّيْنِ وَبَعْدَ هَدْيِ التَّمَتُّعِ وَقَوْلُنَا زَكَاةُ الْعَامِ الْحَاضِرِ احْتِرَازًا عَنْ الَّتِي فَرَّطَ فِيهَا الَّتِي يُشِيرُ إلَيْهَا فِيمَا بَعْدُ فَإِنَّهُ إذَا أَشْهَدَ فِي صِحَّتِهِ أَنَّهَا عَلَيْهِ فَإِنَّهَا تَخْرُجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ بَعْدَ قَضَاءِ الدُّيُونِ وَبَعْدَ هَدْيِ التَّمَتُّعِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَيْنِ وَغَيْرِهَا مِنْ حَرْثٍ وَمَاشِيَةٍ وَأَمَّا لَوْ أَوْصَى بِهَا فَإِنَّهَا تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ مَا يَخْرُجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ.
(قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ أُمُّ وَلَدِهِ) هَذَا مَعَ قَوْلِهِ وَالزَّكَاةُ مِمَّا دَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ فِي قَوْلِهِ كَالْمَرْهُونِ وَعَبْدٍ جَنَى وَدَخَلَ بِهَا أَيْضًا أُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُعْتَقُ لِأَجَلٍ وَالْهَدْيُ بَعْدَ التَّقْلِيدِ فِيمَا يُقَلَّدُ وَسَوْقُ الْغَنَمِ لِلْمَذْبَحِ وَسُكْنَى الزَّوْجَةِ فِي عِدَّتِهَا وَالضَّحِيَّةُ بَعْدَ الذَّبْحِ لَا النَّذْرِ هَذَا هُوَ الْمُتَعَيِّنُ إذْ الْمَنْذُورَةُ وَإِنْ كَانَتْ تَجِبُ بِالنَّذْرِ لَيْسَ حُكْمُهَا كَالْأُضْحِيَّةِ بَعْدَ الذَّبْحِ وَإِنَّمَا تَجِبُ وُجُوبَ الْمَنْذُورَاتِ وَلِذَا يُقَدَّمُ عَلَيْهَا الدُّيُونُ وَتُبَاعُ فِيهَا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ (قَوْلُهُ وَسِلْعَةُ الْمُفْلِسِ) صُورَتُهَا اشْتَرَى زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو سِلْعَةً فَطَلَبَ عَمْرٌو مِنْ زَيْدٍ ثَمَنَ سِلْعَتِهِ فَوَجَدَهُ مُفْلِسًا وَحَكَمَ لَهُ بِأَخْذِهَا ثُمَّ مَاتَ زَيْدٌ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَهَا صَاحِبُهَا فَإِنَّ عَمْرًا يَأْخُذُهَا وَيُقَدَّمُ بِهَا عَلَى مُؤَنِ التَّجْهِيزِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِالْعَيْنِ وَيُمْكِنُ أَنْ تُصَوَّرَ بِأَنْ يُجْعَلَ التَّفْلِيسَ صِفَةً لِصَاحِبِهَا وَهُوَ الْبَائِعُ وَيَكُونَ مَعْنَاهَا أَنَّهُ تَصَرَّفَ فِيهَا بَعْدَ فَلَسِهِ ثُمَّ قَامَ عَلَيْهِ الْغُرَمَاءُ فَوَجَدُوا الْمُشْتَرِيَ قَدْ مَاتَ فَإِنَّهُمْ يَأْخُذُونَهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَصَوَّرَهَا فِي تَحْقِيقِ الْمَبَانِي بِمَا إذَا خَاصَمَتْ رَجُلًا مُفْلِسًا فِي عَيْنِ سِلْعَةٍ ثُمَّ يَمُوتُ الْمُفْلِسُ وَالسِّلْعَةُ عِنْدَهُ فَإِنَّ رَبَّهَا أَحَقُّ بِهَا إنْ ثَبَتَتْ لَهُ بِالْبَيِّنَةِ وَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ قَالَ وَلِلْغَرِيمِ أَخْذُ عَيْنِ شَيْئِهِ فِي الْفَلَسِ لَا الْمَوْتِ فِي السِّلْعَةِ الثَّابِتَةِ لِلْبَائِعِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَفُلِّسَ بَعْدِ الشِّرَاءِ أَفَادَ ذَلِكَ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ (قَوْلُهُ كَغُسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ إلَخْ) أَيْ: أُجْرَةِ غُسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ إلَخْ وَإِنَّمَا قُدِّمَتْ مُؤَنُ التَّجْهِيزِ عَلَى الدُّيُونِ الْمُرْسَلَةِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ شَبِيهًا بِالْمُفْلِسِ وَالْمُفْلِسُ يُتْرَكُ لَهُ قُوتُهُ وَكِسْوَتُهُ وَهَذَا يُشَبَّهُ بِهِ وَأَيْضًا الدَّيْنُ قَضَاؤُهُ وَاجِبٌ عَلَى السَّلَاطِينِ كَذَا أَفَادَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ (قَوْلُهُ إذَا مَاتَ الْمُتَمَتِّعُ بَعْدَ أَنْ رَمَى الْعَقَبَةَ) أَيْ: سَوَاءٌ أَوْصَى بِهَا أَمْ لَا وَأَمَّا إذَا مَاتَ قَبْلَ أَنَّ رَمَى الْعَقَبَة فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ ثُمَّ حُقُوقُ اللَّهِ إلَخْ أَيْ بَعْدَ هَدْيِ التَّمَتُّعِ.
(قَوْلُهُ الَّتِي فَرَّطَ فِيهَا) أَيْ: فِي الْأَعْوَامِ الْمَاضِيَةِ لَا أَنَّهَا حَالَّةً زَمَنَ الْمَوْتِ وَقَوْلُهُ إذَا أَشْهَدَ إلَخْ رَاجِعٌ لِلزَّكَوَاتِ وَالْكَفَّارَاتِ وَقَوْلُهُ فَرْضًا أَيْ كَالزَّوْجِ وَقَوْلُهُ أَوْ تَعْصِيبًا كَالِابْنِ وَقَوْلُهُ أَوْ هُمَا أَيْ كَالْأَبِ مَعَ الْبِنْتِ السُّدُسَ فَرْضًا وَالسُّدُسَيْنِ تَعْصِيبًا؛ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ نِصْفَ التَّرِكَةِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يَتَبَيَّنْ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى وَجْهِهِ فِي شَارِحِنَا وَنَذْكُرُهُ لَك لِيَتَّضِحَ الْحَالُ وَنَصُّهُ يَخْرُجُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ حَقٌّ