الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْقَتْلِ أَيْ يَعْلَمَ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي قَتَلَهُ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْقَتْلُ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً وَتَكُونُ الْوَصِيَّةُ فِي الْخَطَأِ فِي الْمَالِ وَالدِّيَةِ وَفِي الْعَمْدِ فِي الْمَالِ فَقَطْ إلَّا أَنْ يُنْفِذَ مَقَاتِلَهُ وَيَقْبَلَ وَارِثُهُ الدِّيَةَ وَيَعْلَمَ بِهَا، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُوصِي بِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ هُوَ الَّذِي قَتَلَهُ فَهَلْ تَنْفُذُ الْوَصِيَّةُ لَهُ أَوْ تَبْطُلُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا شَيْءَ لَهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ هِيَ نَافِذَةٌ لَهُ عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَتَكُونُ فِي الْمَالِ وَفِي دِيَةِ الْخَطَإِ فَقَطْ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يَشْمَلُ مَا إذَا طَرَأَ الْقَتْلُ بَعْدَ الْوَصِيَّةِ، وَلَمْ يُغَيِّرْهَا، فَإِنْ عَلِمَ بِذِي السَّبَبِ صَحَّتْ، وَإِلَّا فَتَأْوِيلَانِ كَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ فَقَوْلُهُ بِالسَّبَبِ هُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ، أَوْ مَعْطُوفٍ أَيْ بِذِي السَّبَبِ، أَوْ بِالسَّبَبِ وَصَاحِبِهِ هَكَذَا قَالُوا، وَهَذَا لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّبَبِ فِي كَلَامِهِ السَّبَبُ الْفَاعِلِيُّ أَيْ السَّبَبُ الْفَاعِلُ لِلْقَتْلِ وَهُوَ عَيْنُ الْقَاتِلِ وَالسَّبَبُ يَكُونُ فَاعِلِيًّا وَصُورِيًّا وَمَادِّيًّا وَغَائِبًا كَمَا قَالُوهُ فِي السَّرِيرِ وَانْظُرْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ
. (ص) وَبَطَلَتْ بِرِدَّةٍ، وَإِيصَاءٍ بِمَعْصِيَةٍ وَلِوَارِثٍ كَغَيْرِهِ بِزَائِدِ الثُّلُثِ يَوْمَ التَّنْفِيذِ، وَإِنْ أُجِيزَ فَعَطِيَّةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَصِيَّةَ تَبْطُلُ بِرِدَّةِ الْمُوصِي أَوْ الْمُوصَى لَهُ وَلِذَا نَكَّرَ الرِّدَّةَ مَا لَمْ يَرْجِعْ لِلْإِسْلَامِ، وَإِلَّا جَازَتْ إنْ كَانَتْ مَكْتُوبَةً، وَإِلَّا فَلَا، وَأَمَّا رِدَّةُ الْمُوصَى بِهِ فَلَا أَثَرَ لَهَا وَكَذَلِكَ تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ إذَا كَانَتْ عَلَى مَعْصِيَةٍ كَشُرْبِ خَمْرٍ مَثَلًا وَيَبْقَى الْمَالُ لِلْوَرَثَةِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ مَنْ أَوْصَى بِمَالٍ لِمَنْ يَصُومُ بِهِ عَنْهُ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَتَّابٍ وَكَذَلِكَ لِمَنْ يُصَلِّي عَنْهُ بِخِلَافِ مَنْ عَهِدَتْ بِعَهْدٍ لِمَنْ يَقْرَأُ عَلَى قَبْرِهَا فَهُوَ نَافِذٌ كَالِاسْتِئْجَارِ لِلْحَجِّ وَهُوَ رَأْيُ شُيُوخِنَا قَالَ وَكَذَلِكَ رَأَى إنْفَاذَ الْوَصِيَّةِ بِضَرْبِ قُبَّةٍ عَلَى قَبْرِهَا وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ عِتْقُ مُسْتَغْرَقِي الذِّمَّةِ وَوَصَايَاهُمْ غَيْرُ جَائِزَةٍ، وَلَا تُورَثُ أَمْوَالُهُمْ وَيُسْلَكُ بِهَا مَسْلَكُ الْفَيْءِ، وَنَحْوُهُ فِي فَتَاوَى ابْنِ عَتَّابٍ لِبَعْضِ الْوُلَاةِ قَالَ إلَّا مَا ثَبَتَ كَسْبُهُ بِوَجْهٍ حَلَالٍ وَكَذَلِكَ تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ لِلْوَارِثِ بِأَنْ يُوصِيَ بِمَا يُخَالِفُ حُقُوقَهُمْ أَوْ لِبَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ لِخَبَرِ «إنَّ اللَّهَ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» كَمَا أَنَّ الْوَصِيَّةَ تَبْطُلُ لِغَيْرِ الْوَارِثِ بِمَا زَادَ عَلَى ثُلُثِ الْمُوصِي يَوْمَ التَّنْفِيذِ، وَلَا يُعْتَبَرُ يَوْمُ الْمَوْتِ، وَإِذَا أَجَازَ الْوَرَثَةُ مَا أَوْصَى بِهِ الْمُوصِي لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ، أَوْ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ لِغَيْرِ الْوَارِثِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ مِنْهُمْ ابْتِدَاءَ عَطِيَّةٍ لَا أَنَّهُ تَنْفِيذٌ لِلْوَصِيَّةِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَبُولِ الْمُوصَى لَهُ، وَلَا تَتِمُّ إلَّا بِالْحِيَازَةِ قَبْلَ حُصُولِ مَانِعٍ لِلْمُجِيزِ، وَأَنْ يَكُونَ الْمُجِيزُ مِنْ أَهْلِ الْإِجَازَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِهَا فَمِنْهُ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ مَنْ لَهُ الْإِجَازَةُ وَمِنْهُ مَا يَبْطُلُ
. ثُمَّ بَالَغَ عَلَى بُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ لِلْوَارِثِ بِقَوْلِهِ (ص) ، وَلَوْ قَالَ إنْ لَمْ يُجِيزُوا فَلِلْمَسَاكِينِ (ش) وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا أَوْصَى لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ وَقَالَ إنْ لَمْ تُجِزْ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ ذَلِكَ لَهُ فَهُوَ لِلْمَسَاكِينِ، فَإِنْ لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ الْوَصِيَّةَ، فَإِنَّهَا تَبْطُلُ وَتَرْجِعُ مِيرَاثًا؛ لِأَنَّهُ أَرَادَ بِذَلِكَ الْإِضْرَارَ لِلْوَرَثَةِ بِتَبْدِئَةِ مَنْ أَوْصَى لَهُ مِنْهُمْ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى فِي حَقِّ الْمُوصِي {غَيْرَ مُضَارٍّ} [النساء: 12] ، وَإِنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ الْوَصِيَّةَ فَيَكُونُ ابْتِدَاءَ عَطِيَّةٍ مِنْهُمْ فَيُعْتَبَرُ مَا مَرَّ مِنْ الشُّرُوطِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ
ــ
[حاشية العدوي]
(قَوْلُهُ اُنْظُرْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ إلَخْ) وَنَصَّ ك فَالْعِلَّةُ الْفَاعِلِيَّةُ هِيَ الْمُؤْثَرَةُ حَقِيقَةً وَهُوَ الْبَارِئُ وَإِطْلَاقُ الْعِلَّةِ عَلَيْهِ فِي كَلَامِهِمْ يَحْتَاجُ لِتَوْقِيفٍ أَوْ عَادَةٍ كَالنَّجَّارِ لِلسَّرِيرِ وَالْعِلَّةُ الصُّورِيَّةُ مَا مَعَهُ ذَلِكَ الشَّيْءُ بِالْفِعْلِ كَالصُّورَةِ الْحَاصِلَةِ بَعْدَ تَرَكُّبِ الْأَجْزَاءِ وَالْعِلَّةُ الْمَادِّيَّةُ هِيَ مَا مَعَهُ ذَلِكَ الْمُرَكَّبُ بِالْقُوَّةِ كَأَجْزَاءِ الْخَشَبِ لِلسَّرِيرِ وَالْعِلَّةُ الْغَائِيَّةُ هِيَ الْبَاعِثَةُ عَلَى إيجَادِ ذَلِكَ كَالْجُلُوسِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا ذُكِرَ وَهَذَا إنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِي الْعِلَّةِ الْعَادِيَّةِ وَأَمَّا الْفَاعِلُ حَقِيقَةً فَتَعَالَى أَنْ يَبْعَثَهُ شَيْءٌ عَلَى شَيْءٍ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالْبَاعِثِ مَا يَشْمَلُ الْمُنَاسِبَ؛ لِأَنَّهُ بَاعِثٌ لِلْمُكَلَّفِ عَلَى الِامْتِثَالِ فَإِنَّ أَفْعَالَ اللَّهِ لَا تَخْلُو عَنْ الْحِكَمِ وَالْمَصَالِحِ لَكِنْ بِمَعْنَى أَنَّهَا ثَمَرَاتٌ تَابِعَةٌ لِلْأَفْعَالِ لَا بِمَعْنَى أَنَّهَا عِلَلٌ غَائِبَةٌ بَاعِثَةٌ عَلَى الْأَفْعَالِ انْتَهَى
[مَا تَبْطُلُ بِهِ الْوَصِيَّةُ]
. (قَوْلُهُ تَبْطُلُ بِرِدَّةِ الْمُوصِي) أَيْ وَكَذَا وَصِيَّةُ الْمُرْتَدُّ فِي حَالِ رِدَّتِهِ بَاطِلَةٌ (قَوْلُهُ مَنْ عَهِدَتْ إلَخْ) أَيْ أَوْصَتْ بِوَصِيَّةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ وَهُوَ رَأْيُ شُيُوخِنَا) أَيْ شُيُوخِ ابْنِ عَتَّابٍ.
(قَوْلُهُ بِضَرْبِ قُبَّةٍ) أَيْ بِنَاءِ قُبَّةٍ عَلَى قَبْرِهَا لِلتَّمْيِيزِ أَيْ لِلْمُبَاهَاةِ وَإِلَّا بَطَلَتْ كَذَا فِي شَرْحِ عب وَيُحْتَمَلُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ أَنَّ الْمَعْنَى ضَرْبُ قُبَّةٍ أَيْ قُبَّةٍ مِنْ شَعْرٍ أَوْ صُوفٍ أَيْ عَلَى هَيْئَةِ الْقُبَّةِ مِنْ الْبِنَاءِ تُوصَى بِأَنْ تُضْرَبَ حِينَ وَضْعِهَا فِي قَبْرِهَا بِحَيْثُ لَا تُرِي ذَاتَهَا لِلْحَاضِرِينَ حِينَئِذٍ.
(قَوْلُهُ لِبَعْضِ الْوُلَاةِ) أَيْ أَفْنَاهَا لِبَعْضِ الْوُلَاةِ.
(قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ إلَخْ) اعْتَمَدَ مُحَشِّي تت الْقَوْلَ بِالصِّحَّةِ مُسْتَشْهِدًا بِقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَتَصِحُّ لِلْوَارِثِ وَتَقِفُ عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ كَزَائِدِ الثُّلُثِ لِغَيْرِهِ وَكَوْنُهَا بِالْإِجَازَةِ تَنْفِيذًا أَوْ ابْتِدَاءً عَطِيَّةً مِنْهُمْ قَوْلَانِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ شَاسٍ فَأَنْتَ تَرَى أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهَا عَطِيَّةٌ مُتَفَرِّعٌ عَلَى الصِّحَّةِ وَالْقَائِلُ بِأَنَّهَا ابْتِدَاءُ عَطِيَّةٍ لَيْسَتْ عِنْدَهُ عَطِيَّةً حَقِيقَةً إذْ لَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ مَا سَمَّوْهَا إجَازَةً لِفِعْلِ الْمُوصِي وَقَدْ عَبَّرَ عِيَاضٌ بِأَنَّهَا كَالْعَطِيَّةِ وَلَوْ كَانَتْ بَاطِلَةً مَا عَبَّرُوا بِالْإِجَازَةِ إذْ الْبَاطِلُ لَا يَجُوزُ وَإِنَّمَا الْقَائِلُ بِالْبُطْلَانِ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَجَعَلُوهُ مُقَابِلًا ابْنَ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ لَيْسَ لِلْوَارِثِ أَنْ يُجِيزَ مَا زَادَهُ الْمُوصِي عَلَى الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ فَاسِدٌ لِلنَّهْيِ عَنْهُ (قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ إلَخْ) قَالَ مُحَشِّي تت فَرَّعُوا عَلَى الْعَطِيَّةِ افْتِقَارَهَا لِلْحَوْزِ فِي الصِّحَّةِ وَالْمِلَاءِ أَمَّا الْمَدِينُ بِدَيْنٍ مُحِيطٍ فَلَا إجَازَةَ لَهُ وَزَادَ ج أَيْ الْأُجْهُورِيُّ فِي التَّفْرِيعِ عَلَى الْعَطِيَّةِ افْتِقَارَهَا لِلْقَبُولِ وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ وَتَعْبِيرُهُمْ بِالْإِجَازَةِ يُنَافِيهِ أَيْ فَالصَّوَابُ أَنَّهَا لَا تَفْتَقِرُ لِلْقَبُولِ.
(قَوْلُهُ مِنْ أَهْلِ الْإِجَازَةِ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ بَالِغًا رَشِيدًا صَحِيحًا وَقَوْلُهُ فَمِنْهُ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِجَازَةِ كَأَنْ يَكُونَ الْوَارِثُ الْمُجِيزُ مَرِيضًا فَإِنَّهَا صَحِيحَةٌ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى إجَازَةِ وَارِثِ الْمَرِيضِ وَقَوْلُهُ وَمِنْهُ مَا يَبْطُلُ أَيْ كَإِجَازَةِ الصَّبِيِّ وَالسَّفِيهِ
. (قَوْلُهُ فَيَكُونُ ابْتِدَاءَ عَطِيَّةٍ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ الْبَعْضِ الْمُجِيزِ لِلْبَعْضِ الْمُوصَى لَهُ أَيْ فَيُنْظَرُ فِي الْمُجِيزِ إنْ كَانَ رَشِيدًا غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَلَا دَيْنَ صَحَّتْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا عَطِيَّةً لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا وَصِيَّةً لِبُطْلَانِهَا (قَوْلُهُ فَيُعْتَبَرُ مَا مَرَّ مِنْ الشُّرُوطِ)
بِخِلَافِ الْعَكْسِ) إلَى أَنَّ مَنْ أَوْصَى بِشَيْءٍ لِلْمَسَاكِينِ وَقَالَ إلَّا أَنْ تُجِيزَهُ الْوَرَثَةُ لِابْنِي، فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ لِابْنِهِ إنْ أَجَازَهَا الْوَرَثَةُ لَهُ
. (ص) وَبِرُجُوعٍ فِيهَا، وَإِنْ بِمَرَضٍ بِقَوْلٍ، أَوْ بَيْعٍ وَعِتْقٍ وَكِتَابَةٍ، وَإِيلَادٍ وَحَصْدِ زَرْعٍ وَنَسْجِ غَزْلٍ وَصَوْغِ فِضَّةٍ وَحَشْوِ قُطْنٍ وَذَبْحِ شَاةٍ وَتَفْصِيلِ شَقَّةٍ (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّ عَقْدَ الْوَصِيَّةِ جَائِزٌ غَيْرُ لَازِمٍ إجْمَاعًا فَلِلْمُوصِي أَنْ يَرْجِعَ فِيهَا وَيُبْطِلَهَا مَا دَامَ حَيًّا، وَسَوَاءٌ اشْتَرَطَ عَدَمَ رُجُوعِهِ فِيهَا أَوْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَتْ بِعِتْقٍ، أَوْ غَيْرِهِ كَانَتْ فِي صِحَّتِهِ، أَوْ فِي مَرَضِهِ أَوْ فِي سَفَرِهِ وَمِثْلُ هَذَا مَا إذَا وَكَّلَهُ وَشَرَطَ عَدَمَ رُجُوعِهِ فِي وَكَالَتِهِ بِأَنْ قَالَ كُلَّمَا عَزَلْته كَانَ بَاقِيًا عَلَى وَكَالَتِهِ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِي وَكَالَتِهِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَقْدٌ غَيْرُ لَازِمٍ، وَأَمَّا مَا بَتَّلَهُ الْمَرِيضُ فِي مَرَضِهِ مِنْ صَدَقَةٍ أَوْ حَبْسٍ، أَوْ هِبَةٍ فَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ مَعَ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْوَصِيَّةِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الصَّدَقَةِ وَبَالَغَ عَلَى الرُّجُوعِ فِي الْمَرَضِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الرُّجُوعَ فِيهِ انْتِزَاعٌ لِلْغَيْرِ فَلَا يُعْتَبَرُ وَالرُّجُوعُ يَكُونُ بِأُمُورٍ مِنْهَا الْقَوْلُ كَقَوْلِهِ أَبْطَلْتُ وَصِيَّتِي، أَوْ رَجَعْتُ عَنْهَا وَمِنْهَا الْبَيْعُ مَا لَمْ يَشْتَرِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ، أَوْ بِثَوْبٍ فَبَاعَهُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ وَمِنْهَا الْعِتْقُ لِلرَّقَبَةِ الْمُوصَى بِهَا وَمِنْهَا الْكِتَابَةُ؛ لِأَنَّهَا إمَّا بَيْعٌ، وَإِمَّا عِتْقٌ، وَلَا يُقَالُ كَانَ يُمْكِنُهُ الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ الْكِتَابَةِ حِينَئِذٍ لِدُخُولِهَا فِيمَا مَرَّ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا رَأَى أَنَّهَا لَيْسَتْ بَيْعًا، وَلَا عِتْقًا مَحْضًا ذَكَرَهَا وَمِنْهَا الْإِيلَادُ لِلْأَمَةِ الَّتِي أَوْصَى بِهَا، وَأَمَّا الْوَطْءُ الْمُجَرَّدُ عَنْ الْإِيلَادِ فَلَا يَكُونُ رُجُوعًا كَمَا يَأْتِي وَمِنْهَا الْحَصْدُ وَالدَّرْسُ وَالتَّذْرِيَةُ لِلزَّرْعِ الْمُوصَى بِهِ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ حِينَئِذٍ تَغَيَّرَ، سَوَاءٌ أَدْخَلَهُ بَيْتَهُ أَمْ لَا فَمُرَادُ الْمُؤَلِّفِ بِالْحَصْدِ التَّصْفِيَةُ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141] ؛ لِأَنَّ الْحَصْدَ لَيْسَ بِرُجُوعٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَمِنْهَا نَسْجُ الْغَزْلِ الْمُوصَى بِهِ؛ لِأَنَّ الِاسْمَ انْتَقَلَ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ حَالَ الْوَصِيَّةِ وَمِنْهَا صَوْغُ الْفِضَّةِ الْمُوصَى بِهَا؛ لِأَنَّ الَّذِي أَوْصَى بِهِ انْتَقَلَ اسْمُهُ كَمَا كَانَ عَلَيْهِ حَالَ الْوَصِيَّةِ
وَمِنْهَا حَشْوُ الْقُطْنِ الْمُوصَى بِهِ فِي مِخَدَّةٍ، أَوْ فِي جُبَّةٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَفِي التَّوْضِيحِ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا إذَا حُشِيَ فِي الثِّيَابِ لَا فِي كَمِخَدَّةٍ فَلَا وَمِنْهَا ذَبْحُ مَا أَوْصَى بِهِ شَاةً أَوْ غَيْرَهَا وَمِنْهَا إذَا أَوْصَى لَهُ بِشَقَّةٍ ثُمَّ فَصَّلَهَا قَمِيصًا فَقَوْلُهُ وَتَفْصِيلُ شَقَّةٍ أَيْ، وَوَقَعَ الْإِيصَاءُ بِلَفْظِ شَقَّةٍ بِأَنْ قَالَ أَعْطُوهُ الشَّقَّةَ الْحَمْرَاءَ مَثَلًا، وَأَمَّا لَوْ أَوْصَى بِمَا سَمَّاهُ ثَوْبًا وَفَصَّلَهُ، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ رُجُوعًا؛ لِأَنَّ الْقَمِيصَ يُسَمَّى ثَوْبًا
(ص) ، أَوْ إيصَاءً بِمَرَضٍ، أَوْ سَفَرٍ انْتَفَيَا قَالَ إنْ مِتّ فِيهِمَا، وَإِنْ بِكِتَابٍ، وَلَمْ يُخْرِجْهُ أَوْ أَخْرَجَهُ ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ بَعْدَهُمَا، وَلَوْ أَطْلَقَهَا لَا إنْ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَهِيَ مَا إذَا
ــ
[حاشية العدوي]
وَهُوَ الْقَبُولُ وَالْحَوْزُ قَبْلَ الْمَانِعِ وَأَنْ يَكُونَ الْمُجِيزُ مِنْ أَهْلِ الْإِجَازَةِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ لِابْنِهِ إنْ أَجَازَهَا الْوَرَثَةُ لَهُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُجِزْهَا لِلْوَارِثِ كَانَتْ لِلْمَسَاكِينِ وَلَا تَبْطُلُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا رحمه الله وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَالسَّابِقَةِ عَلَيْهَا أَنَّهُ فِي هَذِهِ ابْتِدَاءٌ بِمَا يَصِحُّ بِهِ الْإِيصَاءُ بِهِ وَالسَّابِقَةُ بَدَأَ بِالْوَارِثِ الَّذِي لَا يَصِحُّ الْإِيصَاءُ بِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَتَدَبَّرْ
. (قَوْلُهُ بِقَوْلٍ أَوْ بَيْعٍ إلَخْ) لَمَّا كَانَ الْبَيْعُ مَعَ مَا بَعْدَهُ مُسْتَوِيًا فِي أَنَّهُ فِعْلٌ مُغَايِرٌ لِمَا قَبْلَهُ مِنْ الْقَوْلِ عَطَفَهُ بِأَوْ وَعَطَفَ مُشَارِكَهُ فِي الْفِعْلِ بِالْوَاوِ (قَوْلُهُ مَعَ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْوَصِيَّةِ) أَيْ فِي الْخُرُوجِ مِنْ الثُّلُثِ فِي النَّوَادِرِ مَا بَتَّلَهُ الْمَرِيضُ لَا رُجُوعَ لَهُ فِيهِ إلَّا أَنْ يُسْتَدَلَّ بِمَا يُعْلَمُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الْوَصِيَّةَ.
(قَوْلُهُ وَمِنْهَا الْكِتَابَةُ إلَخْ) وَلَوْ عَجَزَ عَادَتْ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَا تَنْقُلُ الْمِلْكَ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْحَصْدَ لَيْسَ بِرُجُوعٍ إلَخْ) أَقُولُ وَحَيْثُ كَانَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ التَّصْفِيَةَ فَكَذَا الْحَصْدُ إذَا صَاحَبَهُ دَرْسٌ فَقَطْ لَا يُعَدُّ رُجُوعًا (قَوْلُهُ وَفِي التَّوْضِيحِ إلَخْ) كَلَامُ التَّوْضِيحِ هَذَا ذَهَبَ إلَيْهِ عج وَتَبِعَهُ مَنْ بَعْدِهِ كُلٌّ مِنْ شب وعب قَائِلًا وَحَشْوُ قُطْنٍ أَوْصَى بِهِ حَشْوًا لَا يَجْتَمِعُ مِنْهُ إذَا خَلِصَ إلَّا دُونَ نِصْفِهِ وَمُقَارِبِهِ كَحَشْوِهِ بِثَوْبٍ كَاَلَّذِي يُقَالُ لَهُ مُضَرَّبٌ بِخِلَافِ حَشْوِهِ بِنَحْوِ وِسَادَةٍ فَغَيْرُ مُفِيتٍ لِخُرُوجِ النِّصْفِ وَمُقَارِبِهِ مِنْهَا وَأَوْلَى فِي عَدَمِ الْفَوْتِ خُرُوجُ أَكْثَرِهِ.
(قَوْلُهُ وَمِنْهَا إذَا أَوْصَى لَهُ بِشَقَّةٍ) وَمِثْلُ الشَّقَّةِ مَا شَابَهَهَا عُرْفًا كَبَفْتَةٍ وَبُرْدَةٍ وَحِرَامٍ فَيُفَصَّلُ كُلٌّ ثَوْبًا بِحَيْثُ يَزُولُ الِاسْمُ.
(قَوْلُهُ أَوْ إيصَاءٍ إلَخْ) لَمَّا قَدَّمَ مُبْطِلَاتِ الْوَصِيَّةِ مِنْ رِدَّةٍ وَغَيْرِهَا عَطَفَ عَلَيْهَا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى نَوْعَيْنِ مِنْ الْإِيصَاءِ مُقَيَّدٌ وَمُطْلَقٌ وَأَشَارَ لِلْأَوَّلِ (بِقَوْلِهِ وَإِيصَاءٌ إلَخْ) لَا مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ إذْ لَا مَعْنَى لِقَوْلِنَا وَبَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ بِإِيصَاءٍ وَإِنَّمَا الْمَعْنَى بَطَلَ الْإِيصَاءُ أَيْ الْإِيصَاءُ بِسَبَبِ عَدَمِ الْمَوْتِ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ وَالسَّفَرِ اللَّذَيْنِ انْتَفَيَا أَيْ زَالَا أَيْ انْتَفَى الْمَوْتُ فِي الْمَرَضِ وَالسَّفَرِ وَثَنَّاهُ وَإِنْ كَانَ وَاحِدًا نَظَرًا لِتَعَدُّدِ مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ انْتَفَيَا إلَخْ) مَفْهُومُهُ صِحَّتُهَا إنْ مَاتَ فِي مَرَضِهِ أَوْ سَفَرِهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ بِكِتَابٍ أَخْرَجَهُ وَرَدَّهُ وَهُوَ ظَاهِرُ تَوْضِيحِهِ أَيْضًا وَعَلَيْهِ حَمَلَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِوُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ وَقَالَ أَشْيَاخُ عج تَبْطُلُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ؛ لِأَنَّ رَدَّهُ فِي مَرَضِهِ أَوْ سَفَرِهِ دَلِيلٌ عَلَى رُجُوعِهِ عَنْ الْوَصِيَّةِ فَخَلَفَ وُجُودَ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ هُنَا مَانِعٌ آخَرُ وَهُوَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ إرَادَةُ رُجُوعِهِ عَنْهَا مِنْ رَدِّهِ الْكِتَابَةَ (قَوْلُهُ وَإِنْ بِكِتَابٍ) أَيْ هَذَا إنْ لَمْ يَكْتُبْ إيصَاءَهُ بِكِتَابٍ اتِّفَاقًا بَلْ وَإِنْ كَتَبَهُ بِكِتَابٍ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يُخْرِجْهُ أَيْ مِنْ يَدِهِ حَتَّى صَحَّ أَوْ قَدِمَ مِنْ السَّفَرِ وَمَاتَ بَعْدَهُمَا فَتَبْطُلُ إلَّا أَنْ يُشْهِدَ عَلَيْهِ فَقَوْلَانِ فِي بُطْلَانِهَا وَعَدَمِهِ
(قَوْلُهُ ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ بَعْدَهُمَا) أَيْ بَعْدَ صِحَّتِهِ وَقُدُومِهِ مِنْ سَفَرِهِ فَهُوَ رُجُوعٌ عَنْ وَصِيَّتِهِ إنْ مَاتَ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ الْمَرَضِ وَالسَّفَرِ وَأَوْلَى إنْ اسْتَرَدَّهُ قَبْلَهُمَا لِدَلَالَتِهِ عَلَى رُجُوعِهِ عَنْ وَصِيَّتِهِ وَلَكِنْ بَعْدَهُمَا أَوْ قَبْلَهُمَا أَيْضًا وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ انْتَفَيَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ مَعَ عَدَمِ الْكِتَابَةِ أَوْ مَعَهُ وَرَدَّهُ بَعْدَهُمَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ إمَّا أَنْ تَكُونَ مُطْلَقَةً أَوْ مُقَيَّدَةً بِمَا وُجِدَ أَوْ بِمَا فُقِدَ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ تَكُونَ بِغَيْرِ كِتَابٍ أَوْ بِكِتَابٍ وَلَمْ يُخْرِجْهُ أَوْ أَخْرَجَهُ وَاسْتَرَدَّهُ أَوْ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ فَالصُّوَرُ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً مِنْ ضَرْبِ
قَيَّدَهَا بِالْمَرَضِ، أَوْ بِالسَّفَرِ فَقَالَ إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا أَوْ سَفَرِي هَذَا فَعَبْدِي فُلَانٌ، أَوْ ثَوْبِي الْفُلَانِيَّةُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ لِزَيْدٍ مَثَلًا ثُمَّ إنَّ ذَلِكَ الْمَرَضَ، أَوْ السَّفَرَ زَالَ عَنْهُ، وَلَوْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ الْمَذْكُورَةُ بِكِتَابٍ، وَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ عِنْدِهِ، أَوْ أَخْرَجَهُ إلَّا أَنَّهُ اسْتَرَدَّهُ بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنْ سَفَرِهِ، أَوْ بَعْدَ صِحَّتِهِ مِنْ مَرَضِهِ لَكِنْ مَعَ الِاسْتِرْدَادِ لِلْكِتَابِ لَا فَرْقَ فِي الْبُطْلَانِ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ الْمُقَيَّدَةِ أَوْ الْمُطْلَقَةِ عَنْ التَّقْيِيدِ بِالْمَرَضِ وَالسَّفَرِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ، فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تَبْطُلُ فِي الصُّورَتَيْنِ أَيْ الْمُقَيَّدَةِ وَالْمُطْلَقَةِ فَقَوْلُهُ، وَلَوْ أَطْلَقَهَا أَيْ لَمْ يُقَيِّدْهَا بِمَرَضٍ مُعَيَّنٍ، وَلَا سَفَرٍ مُعَيَّنٍ مُبَالَغَةً فِي قَوْلِهِ أَوْ أَخْرَجَهُ ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ بِغَيْرِ كِتَابٍ، أَوْ بِكِتَابٍ، وَلَمْ يُخْرِجْهُ ثُمَّ مَاتَ، فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ صَحِيحَةٌ وَبِعِبَارَةٍ لَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ الْمُبَالَغَةُ فِيمَا قَبْلَهُ إذْ مَا قَبْلَهُ هُوَ الْوَصِيَّةُ الْمُقَيَّدَةُ فَالْوَاجِبُ جَعْلُ الْوَصِيَّةِ، وَلَوْ أَطْلَقَهَا شَرْطًا حُذِفَ جَوَابُهُ أَيْ، وَلَوْ أَطْلَقَهَا فَكَذَلِكَ أَيْ: تَبْطُلُ إنْ كَانَتْ بِكِتَابٍ وَأَخْرَجَهُ وَرَدَّهُ فَالْإِشَارَةُ فِي الْجَوَابِ الْمُقَدَّرِ أَيْ فَكَذَلِكَ رَاجِعَةٌ إلَى قَوْلِهِ، أَوْ أَخْرَجَهُ ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ لَا لَهُ وَلِمَا قَبْلَهُ، فَإِنَّ الْمُطْلَقَةَ إذَا كَانَتْ بِغَيْرِ كِتَابٍ، أَوْ بِكِتَابٍ، وَلَمْ يُخْرِجْهُ أَوْ أَخْرَجَهُ، وَلَمْ يَرُدَّهُ، فَإِنَّهَا صَحِيحَةٌ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ لَا إنْ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ لِلْكِتَابِ، فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ لَا تَبْطُلُ فِي الْمُقَيَّدَةِ وَالْمُطْلَقَةِ، وَهَذَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ
قَوْلُهُ: ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ أَعَادَهُ لِأَجْلِ قَوْلِهِ (ص) ، أَوْ قَالَ مَتَى حَدَثَ الْمَوْتُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ مَتَى حَدَثَ لِي الْمَوْتُ، أَوْ إذَا مِتّ، أَوْ مَتَى فَلِفُلَانٍ كَذَا، فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ تَكُونُ نَافِذَةً، وَهَذَا إذَا كَانَتْ بِغَيْرِ كِتَابٍ وَأَشْهَدَ أَوْ بِكِتَابٍ، وَلَمْ يُخْرِجْهُ أَوْ أَخْرَجَهُ، وَلَمْ يَسْتَرِدَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَأَمَّا إنْ اسْتَرَدَّهُ، فَإِنَّهَا تَبْطُلُ. (ص) أَوْ بَنَى الْعَرْصَةَ وَاشْتَرَكَا كَإِيصَائِهِ بِشَيْءٍ لِزَيْدٍ ثُمَّ بِهِ لِعَمْرٍو (ش) الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إذَا أَوْصَى لِزَيْدٍ بِعَرْصَةِ دَارٍ، أَوْ أَرْضٍ ثُمَّ بَنَاهَا الْمُوصِي دَارًا مَثَلًا، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُبْطِلُ الْوَصِيَّةَ وَيَشْتَرِكَانِ فِيهَا هَذَا بِقِيمَةِ بِنَائِهِ يَوْمَ التَّنْفِيذِ قَائِمًا؛ لِأَنَّ لَهُ شُبْهَةً، وَهَذَا بِقِيمَةِ عَرْصَتِهِ وَمِثْلُ الْبِنَاءِ الْغَرْسُ وَحَذَفَ الْمُؤَلِّفُ صِفَةَ الْبِنَاءِ لِيَعُمَّ الدَّارَ وَالْعَرْصَةَ وَنَحْوَهُمَا وَكَذَلِكَ يَشْتَرِكَانِ فِيمَا إذَا أَوْصَى بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ لِزَيْدٍ ثُمَّ أَوْصَى بِهِ لِعَمْرٍو إلَّا أَنْ تَقُومَ قَرِينَةٌ بَيِّنَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الثَّانِيَ، فَإِنَّهَا تَكُونُ لَهُ وَحْدَهُ كَمَا إذَا قَالَ الثَّوْبُ الَّذِي أَوْصَيْتُ بِهِ لِزَيْدٍ هُوَ لِعَمْرٍو، فَإِنَّهُ يَخْتَصُّ بِهِ
. (ص) ، وَلَا بِرَهْنٍ وَتَزْوِيجِ رَقِيقٍ وَتَعْلِيمِهِ وَوَطْءٍ، وَلَا إنْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ فَبَاعَهُ كَثِيَابِهِ وَاسْتَخْلَفَ غَيْرَهَا، أَوْ بِثَوْبٍ فَبَاعَهُ وَاشْتَرَاهُ بِخِلَافِ مِثْلِهِ، وَلَا إنْ جَصَّصَ الدَّارَ أَوْ صَبَغَ الثَّوْبَ أَوْ لَتَّ السَّوِيقَ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لَا إنْ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ أَوْصَى لِزَيْدٍ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ ثُمَّ رَهَنَهُ الْمُوصِي، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُبْطِلُ الْوَصِيَّةَ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَمْ يَنْتَقِلْ، وَلَمْ يَتَغَيَّرْ وَخَلَاصُ الرَّهْنِ عَلَى الْوَرَثَةِ وَكَذَلِكَ لَا تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ إذَا أَوْصَى لَهُ بِأَمَةٍ ثُمَّ زَوَّجَهَا أَوْ بِعَبْدٍ ثُمَّ زَوَّجَهُ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَمْ يَنْتَقِلْ وَكَذَلِكَ لَا تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ إذَا أَوْصَى بِعَبْدِهِ ثُمَّ عَلَّمَهُ الْمُوصِي صَنْعَةً وَتَكُونُ الْوَرَثَةُ مَعَ الْمُوصَى لَهُ شُرَكَاءَ بِمَا زَادَتْهُ الصَّنْعَةُ وَقِيمَةُ الْعَبْدِ الْمُوصَى بِهِ، وَكَذَلِكَ لَا تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ إذَا أَوْصَى لَهُ بِأَمَةٍ ثُمَّ إنَّ الْمُوصِيَ وَطِئَهَا مِنْ غَيْرِ اسْتِيلَادٍ وَكَذَلِكَ
ــ
[حاشية العدوي]
ثَلَاثَةٍ فِي أَرْبَعَةٍ فَمَتَى كَانَتْ بِكِتَابٍ أَخْرَجَهُ وَلَمْ يَرُدَّهُ فَالْوَصِيَّةُ صَحِيحَةٌ فِي الْمُطْلَقَةِ أَوْ الْمُقَيَّدَةِ بِمَا وُجِدَ أَوْ بِمَا فُقِدَ فَمِثَالُ الْمُقَيَّدَةِ بِمَا وُجِدَ بِأَنْ قَالَ إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا أَوَسَفَرِي هَذَا فَلِفُلَانٍ كَذَا ثُمَّ مَاتَ فِي السَّفَرِ أَوْ الْمَرَضِ فَهِيَ مُقَيَّدَةٌ بِمَا وُجِدَ وَمِثَالُ الْمُقَيَّدَةِ بِمَا فُقِدَ إنْ مِتّ مِنْ مَرَضِي هَذَا أَوْ سَفَرِي هَذَا فَلِفُلَانٍ كَذَا وَلَمْ يَمُتْ فِيهِمَا فَهَذِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ وَأَمَّا إنْ أَخْرَجَهُ وَاسْتَرَدَّهُ فَهِيَ بَاطِلَةٌ فِي الثَّلَاثِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كِتَابٌ أَوْ كِتَابٌ وَلَمْ يُخْرِجْهُ فَإِنْ كَانَتْ الْوَصِيَّةُ فِيهِمَا مُطْلَقَةً أَوْ مُقَيَّدَةً بِمَا وُجِدَ فَهِيَ صَحِيحَةٌ وَإِنْ قُيِّدَتْ فِيهِمَا بِمَا فُقِدَ فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ فَتَمَّتْ الصُّوَرُ الِاثْنَتَا عَشْرَةَ وَقَوْلُهُ وَلَوْ أَطْلَقَهَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ وَأَمَّا الْمُطْلَقَةُ بِغَيْرِ كِتَابٍ أَوْ بِكِتَابٍ لَمْ يُخْرِجْهُ أَوْ أَخْرَجَهُ وَلَمْ يَسْتَرِدَّهُ فَهِيَ صَحِيحَةٌ فَالْمُطْلَقَةُ فِيهَا أَرْبَعُ صُوَرٍ تَبْطُلُ فِي صُورَةِ مَا إذَا أَخْرَجَهُ وَاسْتَرَدَّهُ وَالثَّلَاثُ صَحِيحَةٌ وَالْمُقَيَّدَةُ بِمَا فُقِدَ بِأَنْ قَالَ إنْ مِتّ أَيْ وَلَمْ يَحْصُلْ مَوْتٌ فَتَبْطُلُ إنْ لَمْ تَكُنْ بِكِتَابٍ أَوْ بِكِتَابٍ وَلَمْ يُخْرِجْهُ أَوْ أَخْرَجَهُ ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ وَتَصِحُّ إنْ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ وَالْمُقَيَّدَةُ بِمَا وُجِدَ تَصِحُّ إنْ كَانَتْ بِغَيْرِ كِتَابٍ أَوْ بِكِتَابٍ وَلَمْ يُخْرِجْهُ أَوْ أَخْرَجَهُ وَلَمْ يَسْتَرِدَّهُ وَتَبْطُلُ إنْ اسْتَرَدَّهُ وَهَذَا أَحْسَنُ مِمَّا فِي عب
(قَوْلُهُ أَوْ قَالَ مَتَى حَدَثَ الْمَوْتُ) لَيْسَتْ هَذِهِ مِنْ الْمُطْلَقَةِ لِلتَّقْيِيدِ فِيهَا بِالشَّرْطِ.
(قَوْلُهُ أَوْ إذَا مِتّ أَوْ مَتَى) بِفَتْحَةٍ عَلَى الْمِيمِ وَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ أَوْ مَتَى مِتّ فَحَذَفَ مِتّ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ أَوْ بِكِتَابٍ وَلَمْ يُخْرِجْهُ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يُشْهِدَ عَلَى تِلْكَ الْوَصِيَّةِ وَأَمَّا لَوْ كَتَبَ الْوَصِيَّةَ وَلَمْ يُشْهِدْ وَمَاتَ وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ هَذَا خَطُّهُ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يُشْهِدَهُمْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكْتُبُ وَلَا يَعْزِمُ.
(قَوْلُهُ وَأَمَّا إنْ اسْتَرَدَّهُ فَإِنَّهَا تَبْطُلُ) كَذَا فِي شَرْحِ عب وَجَعَلَهَا فِي شَرْحِ شب صَحِيحَةً وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَالَهُ شَارِحُنَا وعب وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ رُجُوعٌ عَنْ الْوَصِيَّةِ ثُمَّ وَجَدْتُ مَا يُوَافِقُ ذَلِكَ أَيْ؛ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُطْلَقَةَ تَبْطُلُ إنَّ اسْتَرَدَّ الْكِتَابَ وَهَذِهِ مِنْهَا (قَوْلُهُ وَمِثْلُ الْبِنَاءِ الْغَرْسُ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا إذَا أَوْصَى لَهُ بِوَرَقٍ وَكَتَبَهُ (قَوْلُهُ كَمَا إذَا قَالَ إلَخْ) هَذِهِ قَرِينَةٌ لَفْظِيَّةٌ وَمِثْلُهَا الْقَرِينَةُ الْمَعْنَوِيَّةُ
. (قَوْلُهُ وَوَطْءٍ إلَخْ) أَيْ مِنْ الْمُوصِي بِجَارِيَةٍ مُوصًى بِهَا لَا تَبْطُلُ بِمُجَرَّدِهِ مِنْ غَيْرِ حَمْلٍ وَلَهُ وَطْؤُهَا؛ لِأَنَّ الْإِيصَاءَ سَبَبٌ ضَعِيفٌ لَا يُعَارِضُ الْمِلْكَ الْمُتَقَدِّمَ وَلَا سِيَّمَا وَالْحَمْلُ مُحْتَمَلٌ وَتُوقَفُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي لِيُنْظَرَ هَلْ حَمَلَتْ فَتَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ بِهَا أَمْ لَا فَتُعْطَى لِلْمُوصَى لَهُ فَإِنْ قُتِلَتْ حَالَ الْوَقْفِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قِيمَتُهَا لِلْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّ الْإِيصَاءَ سَبَبٌ ضَعِيفٌ لَا يُعَارِضُ الْمِلْكَ الْمُتَقَدِّمَ وَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ لِلْمُوصَى لَهُ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ لَيْسَ بِمَانِعٍ وَالْمَانِعُ أَيْ وَهُوَ الْحَمْلُ تَعَذَّرَ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ