الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَانَ نَبِيًّا، وَفِي قَبِيحٍ لِأَحَدِ ذُرِّيَّتِهِ عليه السلام مَعَ الْعِلْمِ بِهِ كَأَنْ انْتَسَبَ لَهُ، أَوْ احْتَمَلَ قَوْلُهُ: أَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ عَدْلٌ، أَوْ لَفِيفٌ فَعَاقَّ عَنْ الْقَتْلِ، أَوْ سَبَّ مَنْ لَمْ يُجْمَعْ عَلَى نُبُوَّتِهِ، أَوْ صَحَابِيًّا. (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَالَ: كُلُّ صَاحِبِ فُنْدُقٍ قَرْنَانُ وَإِنْ كَانَ نَبِيًّا، فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ وَيُشَدَّدُ عَلَيْهِ فِي التَّأْدِيبِ بِالْقُيُودِ وَالضَّرْبِ الشَّدِيدِ، وَكَذَلِكَ يُؤَدَّبُ بِالِاجْتِهَادِ، وَيُشَدَّدُ عَلَيْهِ فِي التَّعْزِيرِ مَنْ نَسَبَ قَبِيحًا مِنْ قَوْلٍ، أَوْ فِعْلٍ لِأَحَدٍ مِنْ ذُرِّيَّةِ الرَّسُولِ عليه الصلاة والسلام مَعَ الْعِلْمِ بِهِ أَنَّهُ مِنْ الْآلِ، وَكَذَلِكَ مَنْ انْتَسَبَ لِلنَّبِيِّ عليه السلام بِغَيْرِ حَقٍّ تَصْرِيحًا، أَوْ تَلْوِيحًا، وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ: أَوْ احْتَمَلَ قَوْلُهُ: أَيْ: الِانْتِسَابُ إلَيْهِ بِأَنْ يُقَالَ لَهُ: مَا أَنْتَ شَرِيفُ النَّفْسِ فَيَقُولُ: مَا أَحَدٌ أَشْرَفُ مِنْ أَوْلَادِ فَاطِمَةَ لَا احْتَمَلَ الْكُفْرَ وَغَيْرَهُ، وَإِلَّا تَكَرَّرَ مَعَ مَسَائِلِ الْأَدَبِ كُلِّهَا؛ لِأَنَّهَا كُلَّهَا قَوْلٌ مُحْتَمَلٌ لِلْكُفْرِ وَغَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ يُشَدَّدُ النَّكَالُ بِالضَّرْبِ وَغَيْرِهِ عَلَى مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ عَدْلٌ وَاحِدٌ، أَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ لَفِيفٌ مِنْ النَّاسِ بِالسَّبِّ، وَاللَّفِيفُ وَهُوَ مَا اجْتَمَعَ مِنْ قَبَائِلَ شَتَّى مِنْ غَيْرِ تَزْكِيَةٍ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ، فَحَصَلَ بِسَبَبِ ذَلِكَ أَمْرٌ عَاقٌّ عَنْ الْقَتْلِ، وَكَذَلِكَ يُؤَدَّبُ وَيُشَدَّدُ عَلَى مَنْ سَبَّ نَبِيًّا، أَوْ مَلَكًا لَمْ يُجْمَعْ عَلَى نُبُوَّتِهِ كَالْخَضِرِ وَلُقْمَانَ وَمَرْيَمَ، وَخَالِدَ بْنَ سِنَانٍ، أَوْ لَمْ يُجْمَعُ عَلَى مَلَكِيَّتِهِ كَهَارُوتَ وَمَارُوتَ، وَكَذَلِكَ يُؤَدَّبُ، وَيُشَدَّدُ عَلَى مَنْ سَبَّ صَحَابِيًّا، وَلَكِنَّ هَذَا لَيْسَ عَلَى عُمُومِهِ فَإِنَّ مَنْ رَمَى عَائِشَةَ بِمَا بَرَّأَهَا اللَّهُ مِنْهُ بِأَنْ قَالَ: زَنَتْ، أَوْ أَنْكَرَ صُحْبَةَ أَبِي بَكْرٍ، أَوْ إسْلَامَ، أَوْ إسْلَامَ جَمِيعِ الصَّحَابَةِ، أَوْ كَفَّرَ الْأَرْبَعَةَ، أَوْ وَاحِدًا مِنْهُمْ كَفَرَ
. (ص) وَسَبَّ اللَّهَ كَذَلِكَ وَفِي اسْتِتَابَةِ الْمُسْلِمِ خِلَافٌ. (ش) لَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى سَبِّ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَتْلٍ وَغَيْرِهِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى سَبِّ اللَّهِ تَعَالَى، فَذَكَرَ أَنَّ سَبَّ اللَّهِ تَعَالَى كَسَبِّ النَّبِيِّ أَيْ: صَرِيحُهُ كَصَرِيحِهِ، وَمُحْتَمَلُهُ كَمُحْتَمَلِهِ، فَيُقْتَلُ فِي الصَّرِيحِ، وَيُؤَدَّبُ فِي الْمُحْتَمَلِ سَوَاءٌ كَانَ السَّابُّ ذِمِّيًّا، أَوْ مُسْلِمًا إلَّا أَنَّ فِي اسْتِتَابَةِ الْمُسْلِمِ خِلَافًا، فَقَوْلُهُ: وَفِي اسْتِتَابَةِ الْمُسْلِمِ إلَخْ بِمَثَابَةِ الِاسْتِثْنَاءِ لَا يُقَالُ: كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّشْبِيهَ فِي الْأَدَبِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: قَوْلُهُ: وَفِي اسْتِتَابَةِ الْمُسْلِمِ خِلَافٌ يَدُلُّ عَلَى الْمُرَادِ إذْ لَوْ كَانَ فِيهِ الْأَدَبُ لَمْ يَتَأَتَّ الِاسْتِتَابَةُ، وَالرَّاجِحُ قَبُولُ تَوْبَتِهِ، وَقَوْلُهُ:(ص) كَمَنْ قَالَ: لَقِيتُ فِي مَرَضِي مَا لَوْ قَتَلْتُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ لَمْ أَسْتَوْجِبْهُ. (ش) تَشْبِيهٌ لِإِفَادَةِ الْخِلَافِ، وَإِنْ لَمْ يَتَّحِدْ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ إذْ هُوَ فِي الْأَوَّلِ فِي قَبُولِ تَوْبَةِ الْمُسْلِمِ، وَعَدَمِهَا، وَهَذَا فِي قَتْلِ الْقَائِلِ، وَتَنْكِيلِهِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ قَالَ فِي مَرَضِهِ هَذَا الْقَوْلَ فَهَلْ يُقْتَلُ؛ لِأَنَّهُ نَسَبَ الْبَارِئَ إلَى الْجَوْرِ؟ ، وَهَلْ يُسْتَتَابُ، أَوْ لَا؟ . قَوْلَانِ كَمَا مَرَّ، أَوْ لَا يُقْتَلُ بَلْ يُؤَدَّبُ وَيُشَدَّدُ عَلَيْهِ فِي التَّعْزِيرِ؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ الشَّكْوَى
. (بَابٌ ذَكَرَ فِيهِ حَدَّ الزِّنَا وَحُكْمَهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) وَالزِّنَا يُمَدُّ، وَيُقْصَرُ، فَالْقَصْرُ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ قَالَ تَعَالَى:{وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا} [الإسراء: 32] ، وَالْمُدُّ لِأَهْلِ نَجْدٍ، وَقَدْ زَنَى يَزْنِي، وَالنِّسْبَةُ إلَى الْمَقْصُورِ زَنَوِيٌّ وَإِلَى الْمَمْدُودِ زِنَائِيٌّ، وَيُكْتَبُ بِالْيَاءِ عَلَى لُغَةِ الْقَصْرِ، وَبِالْأَلِفِ عَلَى لُغَةِ الْمَدِّ، وَفِي التَّنْبِيهَاتِ الزِّنَا يُمَدُّ، وَيُقْصَرُ فَمَنْ مَدَّهُ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ فِعْلٌ مِنْ اثْنَيْنِ كَالْمُقَاتَلَةِ وَالْمُضَارَبَةِ
ــ
[حاشية العدوي]
إلَخْ فَكُلُّ مَرْفُوعٍ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَقَوْلُهُ: قَرْنَانُ هُوَ الْخَبَرُ فَهُوَ مَرْفُوعٌ بِضَمَّةٍ عَلَى النُّونِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ الصَّرْفِ لِلْوَصْفِ وَزِيَادَةِ الْأَلْفِ وَالنُّونِ، وَالْقَرْنَانُ هُوَ مَنْ لِزَوْجَتِهِ صَاحِبٌ يُزَانِيهَا أَيْ: يَقْرِنُ الْغَيْرَ بِزَوْجَتِهِ لِأَجْلِ الزِّنَا. (قَوْلُهُ: لِأَحَدٍ مِنْ ذُرِّيَّةِ الرَّسُولِ إلَخْ) نَظَرَ بَهْرَامُ بِأَنَّهُ لَا خُصُوصِيَّةَ لِلْأَدَبِ بِذُرِّيَّتِهِ بَلْ يُؤَدَّبُ فِي حَقِّ غَيْرِهِمْ أَيْضًا، وَأَجَابَ بِأَنَّهُ يُزَادُ فِي الْأَدَبِ بِالنِّسْبَةِ لَهُمْ دُونَ غَيْرِهِمْ.
(قَوْلُهُ تَصْرِيحًا) أَيْ: بِالْقَوْلِ أَوْ بِالْفِعْلِ كَلُبْسِ الْعِمَامَةِ الْخَضْرَاءِ فِي زَمَنِنَا، فَيُؤَدَّبُ لِعُمُومِ قَوْلِ مَالِكٍ مَنْ ادَّعَى الشَّرَفَ كَاذِبًا ضُرِبَ ضَرْبًا وَجِيعًا، ثُمَّ شُهِّرَ وَيُحْبَسُ مُدَّةً طَوِيلَةً حَتَّى تَظْهَرَ لَنَا تَوْبَتُهُ، لِأَنَّ ذَلِكَ اسْتِخْفَافٌ بِحَقِّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَ ذَلِكَ كَانَ يُعَظِّمُ مَنْ طَعَنَ فِي نَسَبِهِ، وَيَقُولُ: لَعَلَّهُ شَرِيفٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَإِنَّمَا أُدِّبَ وَلَمْ يُحَدَّ مَعَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ عَلَيْهِ حَمْلٌ غَيْرَ أَبِيهِ عَلَى أُمِّهِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِانْتِسَابِهِ لَهُ شَرَفُهُ لَا الْحَمْلُ الْمَذْكُورُ؛ وَلِأَنَّ لَازِمَ الْمَذْهَبِ لَيْسَ بِمَذْهَبٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ احْتَمَلَ قَوْلُهُ إلَخْ) إنَّمَا كَانَ قَوْلُ هَذَا مُحْتَمَلًا لَا صَرِيحًا فِي انْتِسَابِهِ لَهُ لِاحْتِمَالِ قَصْدِ هَضْمِهِ نَفْسَهُ أَيْ: أَنَّ ذُرِّيَّتَهُ عليه السلام هُمْ الَّذِينَ لَهُمْ شَرَفُ النَّفْسِ وَالنَّسَبِ وَلَمْ يَقْصِدْ الِانْتِسَابَ لَهُ. (قَوْلُهُ: مَا اجْتَمَعَ مِنْ قَبَائِلَ شَتَّى إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مَعْنَاهُ بِحَسَبِ الْأَصْلِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ هُنَا الْجَمَاعَةُ الَّذِينَ لَمْ تَثْبُتْ عَدَالَتُهُمْ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَنْكَرَ صُحْبَةَ أَبِو بَكْرٍ) أَيْ: لِوُرُودِ الْقُرْآنِ بِهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ كَفَّرَ الْأَرْبَعَةَ أَوْ وَاحِدًا مِنْهُمْ كَفَرَ) كَذَا يُفِيدُهُ الْقُرْطُبِيُّ أَيْ: لِأَنَّ إسْلَامَهُمْ وَإِيمَانَهُمْ صَارَ مَعْلُومًا مِنْ دِينِ اللَّهِ بِالضَّرُورَةِ قَالَ عج: فَتَلَخَّصَ أَنَّهُ يَكْفُرُ مَنْ كَفَّرَ الصَّحَابَةَ كُلَّهُمْ؛ لِأَنَّهُ أَنْكَرَ مَعْلُومًا مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ، وَكَذَّبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَأَمَّا مَنْ كَفَّرَ بَعْضَهُمْ وَلَوْ الْخُلَفَاءَ الْأَرْبَعَةَ، فَالرَّاجِحُ عَدَمُ كُفْرِهِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْإِكْمَالِ، وَهُوَ شَرْحٌ لِلْقَاضِي عِيَاضٍ عَلَى مُسْلِمٍ وَأَوَّلُ كَلَامِ الشَّامِلِ انْتَهَى أَقُولُ: عِلَّتُهُ الَّتِي ذَكَرَهَا تَجْرِي فِي الْأَرْبَعَةِ أَوْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ
. (قَوْلُهُ: كَمَنْ قَالَ: لَقِيتُ فِي مَرَضِي مَا لَوْ قَتَلْت إلَخْ) قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا خُصُوصِيَّةَ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ بِذَلِكَ انْتَهَى
[بَابٌ حَدَّ الزِّنَا وَحُكْمَهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]
. (بَابُ حَدِّ الزِّنَا) . (قَوْلُهُ: حَدَّ الزِّنَا) أَيْ: حَقِيقَتَهُ وَقَوْلُهُ: وَحُكْمَهُ أَيْ: الْأَحْكَامَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِهِ، وَقَوْلُهُ: وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ أَيْ: مِنْ الْمَسَائِلِ كَالْمُسَاحَقَةِ وَوَطْءِ الْبَهِيمَةِ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ زَنَى يَزْنِي) إشَارَةٌ إلَى تَصَارِيفِ الْمَادَّةِ. (قَوْلُهُ: فِعْلٌ مِنْ اثْنَيْنِ) أَيْ: لَا يَقَعُ إلَّا مِنْ اثْنَيْنِ فَلَا يَسْتَقِلُّ بِهِ وَاحِدٌ بِالْخُصُوصِ. (قَوْلُهُ: كَالْمُقَاتَلَةِ وَالْمُضَارَبَةِ) أَيْ: وَمَا شَابَهَهُمَا مِنْ صِيغَةِ
وَمَنْ قَصَرَهُ جَعَلَهُ اسْمَ الشَّيْءِ نَفْسِهِ. اهـ.، وَهُوَ مُحَرَّمٌ كِتَابًا وَسُنَّةً وَإِجْمَاعًا، وَجَاحِدُ حُرْمَتِهِ كَافِرٌ، وَعَرَّفَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ: الزِّنَا الشَّامِلُ لِلِّوَاطِ مَغِيبُ حَشَفَةِ آدَمِيٍّ فِي فَرْجٍ آخَرَ دُونَ شُبْهَةِ حِلِّيَّةٍ عَمْدًا، فَقَوْلُهُ: آدَمِيٍّ أَخْرَجَ بِهِ حَشَفَةَ غَيْرِهِ كَالْبَهِيمِيِّ، وَقَوْلُهُ: فِي فَرْجٍ أَخْرَجَ بِهِ مَغِيبَهَا فِي غَيْرِ فَرَجٍ، وَأَدْخَلَ فِي الْفَرْجِ الْقُبُلَ وَالدُّبُرَ؛ لِأَنَّهُ يَعُمُّ اللِّوَاطَ، قَوْلُهُ: آخَرَ عَلَى حَذْفِ الْمَوْصُوفِ أَيْ: فِي فَرْجِ آدَمِيٍّ آخَرَ أَخْرَجَ بِهِ مَغِيبَهَا فِي فَرْجِ غَيْرِ الْآدَمِيِّ، وَقَوْلُهُ: دُونَ شُبْهَةِ حِلِّيَّةٍ أَخْرَجَ بِهِ مَا إذَا كَانَ لِشُبْهَةٍ فِي الْحِلِّيَّةِ إمَّا بِاعْتِقَادِ حِلِّيَّةٍ، أَوْ بِجَهْلٍ فَتَخْرُجُ الْأَمَةُ الْمُحَلَّلَةُ، وَوَطْءُ الْأَبِ أَمَةَ وَلَدِهِ لَا زَوْجَةَ وَلَدِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ زِنًا؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَهُ شُبْهَةٌ فِي مَالِهِ وَلَا شُبْهَةَ فِي زَوْجَتِهِ، وَقَوْلُهُ: تَعَمُّدًا أَخْرَجَ بِهِ الْغَلَطَ وَالنِّسْيَانَ وَالْجَهْلَ وَالْمُؤَلِّفُ حَدَّهُ بِقَوْلِهِ: (ص) الزِّنَا وَطْءُ مُكَلَّفٍ مُسْلِمٍ فَرْجَ آدَمِيٍّ لَا مِلْكَ لَهُ فِيهِ بِاتِّفَاقٍ تَعَمُّدًا. (ش) فَقَوْلُهُ: وَطْءُ مُكَلَّفٍ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ وَمَعْنَى إضَافَةِ الْوَطْءِ لِلْمُكَلَّفِ تَعَلُّقُهُ بِهِ أَيْ: تَعَلُّقُ الْوَطْءِ بِمُكَلَّفٍ، وَالْمُرَادُ بِالْفَاعِلِ مَنْ يَمِيلُ إلَى ذَلِكَ الْفِعْلِ، وَالْمَرْأَةُ تَمِيلُ إلَى ذَلِكَ فَيَشْمَلُ الْوَاطِئَ وَالْمَوْطُوءَةَ، فَيَخْرُجُ بِهِ غَيْرُ الْمُكَلَّفِ كَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى زِنًا شَرْعًا، وَإِنْ كَانَ زِنًا لُغَةً، وَلَا يَدْخُلُ فِي تَعْرِيفِ الْمُؤَلِّفِ وَابْنِ عَرَفَةَ مَنْ لَاطَ بِنَفْسِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَمَّا كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ؛ فَلِأَنَّهُ أَتَى بِالْفَاعِلِ نَكِرَةً، وَكَذَا بِالْمَفْعُولِ، وَقَدْ ذَكَرَ ح أَنَّ مَنْ لَاطَ بِنَفْسِهِ يُعَزَّرُ، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: مُسْلِمٍ أَيْ: حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ خَرَجَ بِهِ وَطْءُ الْكَافِرِ الْكَافِرَةَ، أَوْ الْمُسْلِمَةَ إذْ لَا حَدَّ عَلَيْهِ فِي الصُّورَتَيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ الْمُسْلِمَةُ تُحَدُّ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ وَطْءُ مُسْلِمٍ، وَلَا يَضُرُّ كَوْنُ اللَّفْظَةِ الْوَاحِدَةِ مُدْخَلَةً مُخْرَجَةً، وَقَوْلُهُ: فَرْجَ آدَمِيٍّ مَعْمُولُ وَطْءٍ مَا لَمْ يَكُنْ الْآدَمِيُّ خُنْثَى مُشْكِلًا، فَلَا حَدَّ عَلَى وَاطِئِهِ، وَكَذَلِكَ لَا حَدَّ عَلَيْهِ إذَا وَطِئَ غَيْرَهُ لِلشُّبْهَةِ وَلَوْ أَدْخَلَتْ الْمَرْأَةُ ذَكَرَ نَائِمٍ فِي فَرْجِهَا، فَعَلَيْهَا الْحَدُّ، وَلَا حَدَّ عَلَى مَنْ وَطِئَ جِنِّيَّةً، وَلَا غُسْلَ عَلَيْهِ أَيْضًا إلَّا أَنْ يُنْزِلَ، قَوْلُهُ: لَا مِلْكَ لَهُ فِيهِ الْمُرَادُ بِالْمِلْكِ التَّسَلُّطُ الشَّرْعِيُّ، فَالْمَمْلُوكُ الذَّكَرُ لَا تَسَلُّطَ لَهُ عَلَيْهِ شَرْعًا مِنْ جِهَةِ الْوَطْءِ، وَخَرَجَ بِهِ مَنْ وَطْؤُهَا لَهُ حَلَالٌ مِنْ زَوْجَةٍ، أَوْ أَمَةٍ، وَلَكِنْ امْتَنَعَ وَطْؤُهُمَا عَلَيْهِ لِعَارِضٍ مِنْ حَيْضٍ وَنَحْوِهِ، فَإِنَّ وَطْأَهُ ذَلِكَ لَا يُسَمَّى زِنًا شَرْعًا، وَخَرَجَ
ــ
[حاشية العدوي]
الْمُفَاعَلَةِ كَفِعَالٍ، وَذَلِكَ لِأَنَّ زِنَاءَ عَلَى وَزْنِ فِعَالٍ لَا عَلَى زِنَةِ مُفَاعَلَةٍ أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِك: ضَارِبٌ فَإِنَّ مَصْدَرَهُ فِعَالٌ وَمُفَاعَلَةٌ؛ لِقَوْلِ صَاحِبِ الْأَلْفِيَّةِ
لِفَاعِلٍ الْفِعَالُ وَالْمُفَاعَلَةْ
وَقَوْلُهُ: وَمَنْ قَصَرَهُ جَعَلَهُ اسْمَ الشَّيْءِ نَفْسِهِ أَيْ: اسْمَ الْحَقِيقَةِ فِي حَدِّ ذَاتِهَا بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ كَوْنِهَا تَحْصُلُ مِنْ وَاحِدٍ، أَوْ مُتَعَدِّدٍ. (قَوْلُهُ: فِي فَرْجِ آخَرَ) أَيْ: فِي مَحَلِّ الْبَكَارَةِ، أَوْ فِي الْبَوْلِ كَمَا قِيلَ فِي بَابِ الْغُسْلِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي وَلَمْ أَرَهُ. (قَوْلُهُ: كَالْبَهِيمِيِّ إلَخْ) أَيْ: فَإِذَا أَدْخَلَتْ امْرَأَةٌ ذَكَرَ بَهِيمَةٍ فِي فَرْجِهَا فَلَا يُقَالُ لَهُ زِنًا.
(قَوْلُهُ: إمَّا بِاعْتِقَادِ حِلِّيَّةٍ أَوْ بِجَهْلٍ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ اعْتِقَادَ الْحِلِّيَّةِ نَاشِئٌ عَنْ الْجَهْلِ فَالْمُقَابَلَةُ لَا تَظْهَرُ، وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُقَابَلَةَ بِحَسَبِ الْمُلَاحَظَةِ أَيْ: أَنَّهُ إمَّا أَنْ يُلَاحِظَ اعْتِقَادَ الْحِلِّيَّةِ، أَوْ الْجَهْلَ، وَإِنْ كَانَ اعْتِقَادُ الْحِلِّيَّةِ نَاشِئًا مِنْ الْجَهْلِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَوَّلَ لَهُ شُبْهَةٌ إلَخْ) أَيْ: مَسْأَلَةُ وَطْءِ الْأَبِ أَمَةَ وَلَدِهِ. (قَوْلُهُ: وَالنِّسْيَانَ) لَا يَخْفَى أَنَّ النَّاسِيَ مَنْ يَفْعَلُ الْفِعْلَ، وَهُوَ ذَاهِلٌ أَنَّهُ يَفْعَلُهُ كَمَنْ قَامَ وَهُوَ ذَاهِلٌ عَنْ أَنَّهُ قَائِمٌ انْتَهَى أَقُولُ: وَلَا يَخْفَى أَنَّ وُقُوعَ مِثْلِ ذَلِكَ فِي الْوَطْءِ نَادِرٌ، فَيُحْمَلُ كَلَامُ الشَّارِحِ عَلَى فَرْضِ الْوُقُوعِ. (قَوْلُهُ: وَالْجَهْلِ) أَيْ: جَهْلِ الْحُكْمِ إذَا كَانَ يُظَنُّ بِهِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ وَطْءُ مُكَلَّفٍ) أَيْ: تَغْيِيبُ حَشَفَتِهِ أَوْ قَدْرِهَا وَلَوْ بِغَيْرِ انْتِشَارٍ أَوْ مَعَ لَفِّ خِرْقَةٍ خَفِيفَةٍ لَا تَمْنَعُ لَذَّةً لَا كَثِيفَةٍ، أَوْ فِي هَوَاءِ الْفَرْجِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ: مُكَلَّفٌ يَشْمَلُ السَّكْرَانَ إنْ أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَإِلَّا فَهُوَ كَالْمَجْنُونِ. (قَوْلُهُ تَعَمُّدًا إلَخْ) يَرِدُ عَلَيْهِ الْمُحَلَّلَةُ فَإِنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ فِيهَا وَكَذَا أَمَةُ الِابْنِ؛ لِأَنَّ نَفْيَ الْمِلْكِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ نَفْيُ شُبْهَةِ الْمِلْكِ. (قَوْلُهُ: وَالْمَرْأَةُ تَمِيلُ) أَيْ: بَلْ هِيَ أَشَدُّ مَيْلًا. (قَوْلُهُ: فَيَشْمَلُ الْوَاطِئَ وَالْمَوْطُوءَةَ) أَيْ: فَيَصْدُقُ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنَّهَا وَطِئَتْ بِفَرْجِهَا ذَكَرَ الرَّجُلِ أَيْ: تَعَلَّقَ فَرْجُهَا بِفَرْجِ الرَّجُلِ وَهُوَ مَعْنًى صَحِيحٌ. (قَوْلُهُ: فَلَا حَدَّ عَلَى وَاطِئِهِ) أَيْ: وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ أَيْضًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ إنْ زَنَى بِذَكَرِهِ، وَكَذَا بِفَرْجِهِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ، وَذَهَبَ الصِّقِلِّيُونَ إلَى أَنَّ عَلَيْهِ الْحَدَّ إنْ زَنَى بِفَرْجِهِ، وَأَمَّا لَوْ زَنَى بِهِمَا، فَالْحَدُّ اتِّفَاقًا وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ أَيْ: وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى
وَأَمَّا إنْ زَنَى بِهِ، فَإِنْ كَانَ فِي دُبُرِهِ فَعَلَى الزَّانِي حَدُّ الزِّنَا، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يُقَدَّرُ أُنْثَى لِدَرْءِ الْحَدِّ لَا تَقْدِيرُهُ ذَكَرًا مُلُوطًا بِهِ، وَأَمَّا بِفَرْجِهِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ كَمَا قُلْنَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَدْخَلَتْ امْرَأَةٌ ذَكَرَ نَائِمٍ) وَأَمَّا لَوْ أَدْخَلَتْ امْرَأَةٌ ذَكَرَ مَيِّتٍ غَيْرِ زَوْجٍ فِي فَرْجِهَا، فَلَا تُحَدُّ فِيمَا يَظْهَرُ لِعَدَمِ اللَّذَّةِ كَالصَّبِيِّ، وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْغُسْلُ بِذَلِكَ وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهَا الْغُسْلُ بِوَطْءِ الْبَهِيمَةِ مَعَ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ فَإِذَا كَانَ بَعْضُ مَا يُوجِبُ الْغُسْلَ لَا يُوجِبُ حَدًّا فَأَوْلَى مَا لَا يُوجِبُ غُسْلًا. (قَوْلُهُ: وَلَا حَدَّ عَلَى مَنْ وَطِئَ جِنِّيَّةً) لَا يَخْفَى إنْ كَانَ الْفِقْهُ هَكَذَا فَمُسْلِمٌ، وَإِلَّا فَقَضِيَّةُ كَوْنِهِمْ مُكَلَّفِينَ لَهُمْ مِثْلُ مَا لَنَا، وَعَلَيْهِمْ مِثْلُ مَا عَلَيْنَا أَنْ يُحَدَّ وَاطِئُ الْجِنِّيَّةِ، ثُمَّ وَجَدْتُ مَا يُقَوِّي ذَلِكَ وَذَلِكَ أَنَّ عب ذَكَرَ مَا نَصُّهُ وَبَقِيَ أَنَّ قَوْلَهُ: مُكَلَّفٍ يَشْمَلُ الْجِنِّيَّ فَإِذَا وَطِئَ جِنِّيٌّ آدَمِيَّةً فَإِنَّهُ زِنًا وَيُحَدَّانِ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ لَا يُسَمَّى زِنًا؛ لِأَنَّهُ قَالَ: الزِّنَا تَغْيِيبُ حَشَفَةِ آدَمِيٍّ فِي فَرْجِ آخَرَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُنْزِلَ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ غُسْلُهُ مِنْهَا أَوْلَى مِنْ غُسْلِهِ مِنْ وَطْءِ بَهِيمَةٍ وَمَيِّتَةٍ لِنَيْلِهِ مِنْهَا لَذَّةً، وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ كَذَا فِي شَرْحِ عب. (قَوْلُهُ: التَّسَلُّطُ الشَّرْعِيُّ) يَرِدُ عَلَيْهِ وَطْءُ الْأَبِ أَمَةَ وَلَدِهِ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ وَلَدَهُ وَطِئَ أَمَتَهُ، وَإِلَّا حُدَّ الْأَبُ وَجَوَابُهُ أَنَّ التَّقْدِيرَ لَا مِلْكَ أَيْ: وَلَا شُبْهَةَ وَيَرِدُ عَلَيْهِ الْمُحَلَّلَةُ، وَجَوَابُهُ أَنَّهَا مِلْكُهُ مَآلًا. (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ امْتَنَعَ وَطْؤُهُمَا عَلَيْهِ لِعَارِضٍ) أَيْ: فَذَلِكَ الْعَارِضُ لَمَّا كَانَ يَزُولُ صَارَ كَالْعَدَمِ فَالتَّسَلُّطُ الشَّرْعِيُّ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ مَوْجُودٌ
بِقَوْلِهِ: بِاتِّفَاقٍ النِّكَاحُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ كَالنِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ، فَإِنَّ الْوَطْءَ فِيهِ لَا يُسَمَّى زِنًا شَرْعًا إذْ لَا حَدَّ فِيهِ، فَالْمُرَادُ بِالِاتِّفَاقِ اتِّفَاقُ الْعُلَمَاءِ لَا الِاتِّفَاقُ الْمَذْهَبِيُّ، وَأَخْرَجَ بِقَوْلِهِ: تَعَمُّدًا الْجَاهِلَ بِالْعَيْنِ، أَوْ بِالْحُكْمِ كَمَا يَأْتِي. (ص) وَإِنْ لِوَاطًا. (ش) أَيْ: وَإِنْ كَانَ وَطْءُ الْفَرْجِ لِوَاطًا؛ لِأَنَّ الْفَرْجَ شَامِلٌ لِلدُّبُرِ فَيُسَمَّى زِنًا شَرْعًا
. (ص) أَوْ إتْيَانُ أَجْنَبِيَّةٍ بِدُبُرٍ، أَوْ مَيِّتَةٍ غَيْرِ زَوْجٍ، أَوْ صَغِيرَةٍ يُمْكِنُ وَطْؤُهَا. (ش) مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ إتْيَانَ الْأَجْنَبِيَّةِ فِي دُبُرِهَا يُسَمَّى زِنًا لَا لِوَاطًا، فَيُجْلَدُ فِيهِ الْبِكْرُ، وَيُرْجَمُ فِيهِ الْمُحْصَنُ، وَاحْتَرَزَ بِالْأَجْنَبِيَّةِ مِنْ الزَّوْجَةِ، فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ حَيْثُ وَطِئَهَا فِي دُبُرِهَا، وَكَذَلِكَ مَنْ أَتَى مَيِّتَةً غَيْرَ زَوْجَةٍ بَعْدَ مَوْتِهَا فِي قُبُلِهَا، أَوْ دُبُرِهَا، فَإِنَّهُ يُحَدُّ لِانْطِبَاقِ حَدِّ الزِّنَا عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مِنْ أَتَى نَائِمَةً، أَوْ مَجْنُونَةً، وَأَمَّا الزَّوْجُ إذَا أَتَى زَوْجَتَهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فِي قُبُلِهَا، أَوْ دُبُرِهَا، فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَمِثْلُهُ السَّيِّدُ مَعَ أَمَتِهِ، وَلَا صَدَاقَ عَلَى وَاطِئِ الْمَيِّتَةِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ جَنَى عَلَى عُضْوٍ مِنْهَا، وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّ مَنْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ الْمَيِّتَةَ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّدَاقُ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ زَنَى بِصَغِيرَةٍ يُمْكِنُ وَطْؤُهَا فِي قُبُلِهَا، أَوْ فِي دُبُرِهَا، وَأَمَّا مَنْ لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهَا إذَا وَطِئَهَا الْمُكَلَّفُ، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، قَوْلُهُ: يُمْكِنُ وَطْؤُهَا أَيْ: لِلْوَاطِئِ لَهَا، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ لِغَيْرِهِ، فَقَوْلُهُ: أَوْ صَغِيرَةٍ إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى أَجْنَبِيَّةٍ
. (ص) ، أَوْ مُسْتَأْجَرَةٍ لِوَطْءٍ، أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ مَمْلُوكَةٍ تُعْتَقُ، أَوْ يَعْلَمُ حُرِّيَّتَهَا، أَوْ مُحَرَّمَةٍ بِصِهْرٍ مُؤَبَّدٍ، أَوْ خَامِسَةٍ، أَوْ مَرْهُونَةٍ، أَوْ ذَاتِ مَغْنَمٍ، أَوْ حَرْبِيَّةٍ، أَوْ مَبْتُوتَةٍ، وَإِنْ بِعِدَّةٍ، وَهَلْ وَإِنْ أُبِتَّتْ فِي مَرَّةٍ تَأْوِيلَانِ. (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ أَمَةً لِلْوَطْءِ، أَوْ لِلْخِدْمَةِ ثُمَّ وَطِئَهَا، فَإِنَّهُ يُحَدُّ، وَلَا يَكُونُ عَقْدُ الْإِجَارَةِ شُبْهَةً تَدْرَأُ عَنْهُ الْحَدَّ، وَمِنْ بَابِ أَوْلَى الْأَمَةُ الْمُودَعَةُ، وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الْمُؤَجِّرَ لَهَا غَيْرُ السَّيِّدِ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهَا أَمَةٌ مُحَلَّلَةٌ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ اشْتَرَى أَمَةً تُعْتَقُ عَلَيْهِ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ كَالْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ، وَنَحْوِهِمَا ثُمَّ وَطِئَهَا، وَهُوَ عَالِمٌ بِالتَّحْرِيمِ، وَإِلَّا فَلَا، وَشَمَلَ قَوْلُهُ: تُعْتَقُ مَا إذَا اشْتَرَاهَا عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ وَكَذَلِكَ، يُحَدُّ مَنْ اشْتَرَى أَمَةً، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا حُرَّةٌ وَهِيَ مِمَّنْ لَا تُعْتَقُ عَلَيْهِ، ثُمَّ وَطِئَهَا وَهُوَ عَالِمٌ بِتَحْرِيمِ وَطْئِهَا، وَكَذَا لَوْ عَلِمَ أَنَّهَا مِلْكٌ لِلْغَيْرِ بِخِلَافِ لَوْ تَزَوَّجَهَا، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا مِلْكٌ لِلْغَيْرِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ وَطِئَ الْمُحَرَّمَةَ بِصِهْرٍ مُؤَبَّدٍ بِنِكَاحٍ، وَأَمَّا بِمِلْكٍ فَإِنَّهُ يُحَدُّ إنْ كَانَتْ تُعْتَقُ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ وَإِنْ كَانَتْ لَا تُعْتَقُ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِمَا اللَّخْمِيُّ إنْ تَزَوَّجَ ابْنَةَ زَوْجَتِهِ، وَدَخَلَ بِهَا، وَلَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِأُمِّهَا لَمْ يُحَدَّ؛ لِأَنَّهَا تَحِلُّ لَهُ لَوْ طَلَّقَ الْأُمَّ، وَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِالْأُمِّ حُدَّ، وَكَذَا إنْ تَزَوَّجَ أُمَّ امْرَأَتِهِ، فَإِنْ دَخَلَ بِالِابْنَةِ حُدَّ، وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا لَمْ يُحَدَّ لِلْخِلَافِ، وَإِنْ تَزَوَّجَ زَوْجَةَ أَبِيهِ، أَوْ زَوْجَةَ وَلَدِهِ حُدَّ إنْ كَانَ عَالِمًا بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ، وَإِذَا حُدَّ بِوَطْءِ الْمُحَرَّمَةِ بِالصُّهَارَةِ فَأَوْلَى مَنْ وَطِئَ مُحَرَّمَةً بِالنَّسَبِ، أَوْ بِالرَّضَاعِ بِنِكَاحٍ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَكُونَانِ إلَّا مُؤَبَّدَيْنِ بِخِلَافِ الصِّهْرِ قَدْ لَا يَكُونُ مُؤَبَّدًا كَمَا إذَا عَقَدَ عَلَى الْأُمِّ مِنْ غَيْرِ دُخُولٍ، فَلَا تَحْرُمُ بِنْتُهَا، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى الصِّهْرِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ: مُؤَبَّدٍ
وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ الصِّهْرَ لَا يَكُونُ إلَّا مُؤَبَّدًا، وَحُرْمَةُ نِكَاحِ الْبِنْتِ عَلَى الْأُمِّ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا لِأَجْلِ الْجَمْعِ كَالْأُخْتَيْنِ لَا بِالصُّهَارَةِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ طَلُقَتْ الْأُمُّ حَلَّتْ الْبِنْتُ، فَإِذَا دَخَلَ بِالْأُمِّ صَارَ صِهْرًا حِينَئِذٍ، وَلَا يَكُونُ إلَّا مُؤَبَّدًا أَيْ: لِأَنَّ الصُّهَارَةَ مَتَى حَصَلَتْ لَا تَكُونُ إلَّا مُؤَبَّدَةً، وَإِنَّمَا الَّذِي يَتَّصِفُ بِالتَّأْبِيدِ التَّحْرِيمُ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ تَزَوَّجَ خَامِسَةً، وَدَخَلَ بِهَا، وَهُوَ عَالِمٌ بِتَحْرِيمِهَا وَلَوْ ادَّعَى بَعْدَ عَقْدِهِ عَلَى الْخَامِسَةِ أَنَّهُ كَانَ طَلَّقَ وَاحِدَةً
ــ
[حاشية العدوي]
(قَوْلُهُ: النِّكَاحُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ إلَخْ) أَيْ: وَخَرَجَ بِهِ أَيْضًا وَطْءُ زَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ فِي دُبُرِهَا فَإِنَّ فِيهِ قَوْلًا بِالْإِبَاحَةِ وَإِنْ كَانَ شَاذًّا أَوْ ضَعِيفًا. (قَوْلُهُ: فَيُسَمَّى زِنًا شَرْعًا) أَيْ: وَيَكُونُ قَوْلُهُ: وَلَوْ لِوَاطًا مُبَالَغَةً فِي قَوْلِهِ: وَطْءُ مُكَلَّفٍ بِدُونِ قَيْدِهِ، وَهُوَ مُسْلِمٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي: وَإِنْ عَبْدَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ، وَاسْتَبْعَدَ ذَلِكَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ وَذَكَرَ أَنَّ الصَّوَابَ إسْقَاطُ هَذِهِ الْمُبَالَغَةِ
. (قَوْلُهُ: مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ: وَالْمَوَّازِيَّةِ وَالْوَاضِحَةِ وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ: هُوَ لِوَاطٌ وَثَمَرَةُ ذَلِكَ اعْتِبَارُ الْإِحْصَانِ وَعَدَمُهُ، فَلَوْ غَصَبَهَا فِي دُبُرِهَا لَزِمَهُ الْمَهْرُ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ فِي تَخْصِيصِ الْمَهْرِ بِالْقُبُلِ انْتَهَى ذَكَرَهُ الْبَدْرُ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ) لِحُرْمَتِهِ لِحَدِيثِ: «مَلْعُونٌ مَنْ أَتَى امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا»
. (قَوْلُهُ: وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الْمُؤَجِّرَ لَهَا غَيْرُ السَّيِّدِ) قَضِيَّتُهُ رُجُوعُهُ لِلْوَطْءِ أَوْ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) كَذَا قَالَ شَيْخُ عج وَاسْتَظْهَرَ عج أَنَّ عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَفَرَّقَ بَيْنَ حَدِّ وَاطِئِ الْمُسْتَأْجَرَةِ مُطْلَقًا وَبَيْنَ عَدَمِ حَدِّ وَاطِئِ الْأَمَةِ الْمُحَلَّلَةِ أَيْ: الَّتِي أَحَلَّهَا سَيِّدُهَا بِدُونِ عِوَضٍ بِأَنَّهُ قَدْ قِيلَ بِحِلِّ الْمُحَلَّلَةِ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِحِلِّ الْأَمَةِ الْمُسْتَأْجَرَةِ، وَبِأَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ تَقْوِيمُ الْمُحَلَّلَةِ عَلَى الْوَاطِئِ وَإِنْ أَبَى هُوَ وَالسَّيِّدُ فَكَأَنَّهُ وَطِئَ مِلْكَهُ انْتَهَى أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا اسْتَأْجَرَهَا لِلْوَطْءِ فَهِيَ مِنْ أَفْرَادِ الْأَمَةِ الْمُحَلَّلَةِ فَالْمُنَاسِبُ التَّفْصِيلُ بَيْنَ الْمُسْتَأْجَرَةِ لِلْوَطْءِ فَتُعْطَى حُكْمَ الْأَمَةِ الْمُحَلَّلَةِ وَبَيْنَ الْمُسْتَأْجَرَةِ لِلْخِدْمَةِ فَلَا تُعْطَى حُكْمَهَا فَتَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ وَطِئَهَا وَهُوَ عَالِمٌ بِتَحْرِيمِ وَطْئِهَا) لَا يَخْفَى أَنَّهُ سَكَتَ عَنْ حَدِّهَا، وَنَقُولُ: وَاخْتُلِفَ فِي حَدِّهَا هِيَ وَعَدَمِهِ إنْ عَلِمَتْ بِحُرِّيَّةِ نَفْسِهَا عَلَى قَوْلَيْنِ لِلْأَبْهَرِيِّ وَابْنِ الْقَاسِمِ. (قَوْلُهُ: فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ) أَيْ: لِاحْتِمَالِ أَنَّ سَيِّدَهَا وَكَّلَ مُزَوِّجَهَا فَيُدْرَأُ الْحَدُّ بِذَلِكَ انْتَهَى. أَقُولُ يُقَالُ: كَمَا إذَا اشْتَرَاهَا مِنْ رَجُلٍ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا مِلْكُ الْغَيْرِ لَا حَدَّ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ وُكِّلَ فِي بَيْعِهَا. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ تُعْتَقُ عَلَيْهِ) أَقُولُ يُتَصَوَّرُ فِي التَّعْلِيقِ كَأَنْ يَقُولَ: هِيَ حَرَّةٌ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يُحَدَّ لِلْخِلَافِ) هَكَذَا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا فِي شَرْحِ عب. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا الَّذِي يَتَّصِفُ بِالتَّأْبِيدِ إلَخْ) لَا دَاعِيَ إلَى ذَلِكَ الْحَصْرِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَفِي الْحَقِيقَةِ الْمُتَّصِفُ بِالتَّأْبِيدِ التَّحْرِيمُ. (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ تَزَوَّجَ خَامِسَةً إلَخْ) أَيْ: لِأَنَّ حِلَّهَا بِعَقْدٍ ضَعِيفٍ جِدًّا لَا أَثَرَ لَهُ فِي دَرْءِ الشُّبْهَةِ وَلَمْ يُحَدَّ الْوَاطِئُ فِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ؛ لِأَنَّ ضَعْفَهُ دُونَ ضَعْفِ الْخَامِسَةِ بِدَلِيلِ أَنَّ ابْنَ جُرَيْجٍ أَحَدَ الْأَعْلَامِ
مِنْ الْأَرْبَعِ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْخَامِسَةَ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ وَطِئَ أَمَةً عِنْدَهُ مَرْهُونَةً مَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الرَّاهِنُ فِي وَطْئِهَا، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ وَطِئَ أَمَةً مِنْ الْمَغْنَمِ قَبْلَ الْقَسْمِ سَوَاءٌ حِيزَ الْمَغْنَمُ أَمْ لَا بِأَنْ قَدَرْنَا عَلَيْهِمْ وَهَزَمْنَاهُمْ سَوَاءٌ كَانَ الْجَيْشُ كَثِيرًا، أَوْ يَسِيرًا، وَتَقْيِيدُ ابْنِ يُونُسَ بِكَثِيرٍ طَرِيقٌ غَيْرُ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ فَوَطِئَ حَرْبِيَّةً، وَكَذَلِكَ إذَا وَطِئَهَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَقَدْ خَرَجَتْ بِنَفْسِهَا لَا إنْ خَرَجَ هُوَ بِهَا؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ فِي مِلْكِهِ حِينَئِذٍ، وَالْحَرْبِيَّةُ تُفْهَمُ مِنْ ذَاتِ الْمَغْنَمِ بِالْأَوْلَى، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّمَا نَصَّ عَلَى الْحَدِّ فِي الْحَرْبِيَّةِ؛ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ عَدَمُ الْحَدِّ لِعَدَمِ حَوْزِهَا فِي مِلْكِ مَنْ دَمُهُ مَعْصُومٌ بِخِلَافِ ذَاتِ الْمَغْنَمِ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ بِلَفْظِ أَلْبَتَّةَ، وَهِيَ الثَّلَاثُ، أَوْ بِلَفْظِ الثَّلَاثِ ثُمَّ عَقَدَ عَلَيْهَا وَوَطِئَهَا فِي عِدَّتِهَا، وَأُولَى بَعْدَهَا، أَوْ بِغَيْرِ عَقْدٍ وَهَلْ الْحَدُّ مُطْلَقًا أَيْ: سَوَاءٌ بَتَّهَا فِي مَرَّةٍ، أَوْ مَرَّاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ لِضَعْفِ مَنْ قَالَ بِإِلْزَامِ الْوَاحِدَةِ فِي الْبَتَّةِ، أَوْ إنَّمَا يُحَدُّ فِي الْمُفْتَرَقَاتِ لَا فِيمَا إذَا أُبِتَّتْ فِي مَرَّةٍ لِقُوَّةِ الْخِلَافِ فِي الْبَتَّةِ هَلْ هِيَ وَاحِدَةٌ أَمْ لَا؟ . تَأْوِيلَانِ
. (ص) ، أَوْ مُطَلَّقَةً قَبْلَ الْبِنَاءِ، أَوْ مُعْتَقَةً بِلَا عَقْدٍ كَأَنْ يَطَأَهَا مَمْلُوكُهَا، أَوْ مَجْنُونٌ بِخِلَافِ الصَّبِيِّ إلَّا أَنْ يَجْهَلَ الْعَيْنَ، أَوْ الْحُكْمَ إنْ جَهِلَ مِثْلُهُ إلَّا الْوَاضِحَ. (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا طَلْقَةً، أَوْ طَلْقَتَيْنِ ثُمَّ، وَطِئَهَا مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ، فَإِنَّهُ يُحَدُّ إلَّا أَنْ يُعْذَرَ بِجَهْلٍ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ أَعْتَقَ أُمَّتَهُ ثُمَّ وَطِئَهَا مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ، فَقَوْلُهُ: بِلَا عَقْدٍ رَاجِعٌ لَهُمَا وَلَا صَدَاقَ عَلَيْهِ مُؤْتَنَفٌ كَمَنْ وَطِئَ بَعْدَ حِنْثِهِ، وَلَمْ يَعْلَمْ، وَأَمَّا الْمُطَلَّقَةُ بَعْدَ الْبِنَاءِ طَلَاقًا بَائِنًا دُونَ الثَّلَاثِ، فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى وَاطِئِهَا فِي الْعِدَّةِ، وَأَمَّا بَعْدَهَا فَيُحَدُّ قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ خِلَافًا لز فَإِنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ مُطْلَقًا، وَكَذَا تُحَدُّ الْمَرْأَةُ إذَا مَكَّنَتْ مَمْلُوكَهَا مِنْ نَفْسِهَا حَتَّى وَطِئَهَا عَنْ غَيْرِ عَقْدٍ لَا إنْ كَانَ بِعَقْدٍ لِلشُّبْهَةِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ صَحِيحٍ، وَكَذَلِكَ تُحَدُّ الْمَرْأَةُ إذَا مَكَّنَتْ مَجْنُونًا مِنْ نَفْسِهَا لَا إنْ مَكَّنَتْ صَبِيًّا يَقْدِرُ عَلَى الْجِمَاعِ إذْ لَا يَحْصُلُ لَهَا بِهِ لَذَّةٌ كَالْكَبِيرِ الْمَجْنُونِ، وَكَذَلِكَ لَا حَدَّ عَلَى مَنْ وَطِئَ، وَهُوَ جَاهِلٌ لِعَيْنِ الْمَوْطُوءَةِ بِأَنْ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ، أَوْ أُمَّتَهُ، وَأَمَّا إذَا قَدِمَ عَلَيْهَا، وَهُوَ شَاكٌّ، ثُمَّ تَبَيَّنَ بَعْدَ الْوَطْءِ أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ، فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَرِيحًا سُقُوطُ الْحَدِّ، وَكَذَلِكَ لَا حَدَّ عَلَى مَنْ وَطِئَ، وَهُوَ جَاهِلٌ لِلْحُكْمِ أَيْ: التَّحْرِيمِ لِأَجْلِ قُرْبِ عَهْدٍ مَعَ عِلْمِهِ بِعَيْنِ الْمَوْطُوءَةِ إلَّا الزِّنَا الْوَاضِحَ الَّذِي لَا يَجْهَلُهُ إلَّا النَّادِرُ فَيُحَدُّ، وَلَا يُعْذَرُ بِجَهْلٍ كَدَعْوَى الْمُرْتَهِنِ أَوْ الْمُسْتَعِيرِ حِلَّ وَطْءِ الْمَرْهُونَةِ، أَوْ الْمُسْتَعَارَةِ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ: إلَّا الْوَاضِحَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ: إنْ جَهِلَ مِثْلُهُ وَلِذَا قَالَ الْبِسَاطِيُّ: وَعِنْدِي أَنَّ هَذَا يَرْجِعُ إلَى جَهْلِ مِثْلِهِ، وَلَيْسَ بِقَيْدٍ زَائِدٍ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ: إلَّا أَنْ يَجْهَلَ الْعَيْنَ، أَوْ الْحُكْمَ غَيْرُ مُخَالِفٍ لِقَوْلِهِ: فِيمَا يَأْتِي فِي بَابِ
ــ
[حاشية العدوي]
فَقِيهَ أَهْلِ مَكَّةَ فِي زَمَنِهِ أَبَاحَهُ وَتَزَوَّجَ نَحْوًا مِنْ سَبْعِينَ امْرَأَةً نِكَاحَ مُتْعَةٍ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ عَقَدَ عَلَيْهَا إلَخْ) احْتَرَزَ بِذَلِكَ مِمَّا إذَا وَطِئَهَا بَعْدَ الشِّرَاءِ، وَبَعْدَ أَنْ أَبَتَّهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فِي مَرَّةٍ أَوْ مَرَّاتٍ، أَوْ بَعْدَ الْبِنَاءِ فِي مَرَّةٍ أَوْ مَرَّاتٍ وَوَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ، أَوْ بَعْدَهَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا فِي هَذِهِ السِّتِّ بِاتِّفَاقِ التَّأْوِيلَيْنِ. (قَوْلُهُ: أَوْ إنَّمَا يُحَدُّ فِي الْمُفْتَرَقَاتِ) أَيْ: مَحَلُّ الْخِلَافِ صُوَرٌ ثَمَانِيَةٌ، وَهِيَ مَا إذَا أَبَتَّهَا فِي مَرَّةٍ بَعْدَ الْبِنَاءِ، وَوَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ بِعَقْدٍ، أَوْ لَا أَوْ بَعْدَهَا بِعَقْدٍ وَهِيَ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ حَرَّةً، أَوْ أَمَةً فَهِيَ سِتِّ صُوَرٍ، وَكَذَا إنْ أَبَتَّهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فِي مَرَّةٍ، وَوَطِئَهَا بِعَقْدِ نِكَاحٍ حَرَّةً أَوْ أَمَةً فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ،
وَأَمَّا إنْ أَبَتَّهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فِي مَرَّاتٍ ثُمَّ وَطِئَهَا بِعَقْدٍ أَوْ لَا، أَوْ فِي مَرَّةٍ وَوَطِئَهَا بِدُونِ عَقْدٍ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ حَرَّةً أَوْ أَمَةً فَيُحَدُّ اتِّفَاقًا فِي هَذِهِ السِّتَّةِ، وَكَذَا إنْ أَبَتَّهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ فِي مَرَّاتٍ، وَوَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا بِعَقْدٍ أَمْ لَا، أَوْ أَبَتَّهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ فِي مَرَّةٍ وَوَطِئَ بَعْدَ الْعِدَّةِ بِدُونِ عَقْدٍ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي هَذِهِ الْخَمْسِ حَرَّةً، أَوْ أَمَةً فَيُتَّفَقُ عَلَى حَدِّهِ فِي هَذِهِ الْعَشَرَةِ كَالسِّتِّ قَبْلَهَا، فَتَحَصَّلَ أَنَّ الْأَقْسَامَ ثَلَاثَةٌ يُحَدُّ اتِّفَاقًا فِي سِتَّ عَشْرَةَ صُورَةً وَلَا حَدَّ اتِّفَاقًا فِي سِتَّةٍ وَالتَّأْوِيلَانِ فِي ثَمَانٍ.
(تَنْبِيهٌ) : التَّأْوِيلَانِ لَيْسَا عَلَى الْمُدَوَّنَةِ بَلْ فِي كَلَامِ أَصْبَغَ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ الْإِطْلَاقُ كَانَ فِي مَرَّةٍ أَوْ مَرَّاتٍ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَأَنَّهُمَا فِي الثَّلَاثِ فَقَطْ وَأَمَّا الْبَتَّةُ فَقَالَ أَصْبَغُ لَا حَدَّ فِيهَا وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَيْهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا كَانَتْ مُنْفَرِدَةً عَنْ الثَّلَاثِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ لُزُومِ الثَّلَاثِ فِيهَا أَنْ تَكُونَ هِيَ فِي جَمِيعِ الْأَحْكَامِ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت بِاخْتِصَارٍ
. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُعْذَرَ بِجَهْلٍ) أَيْ: فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: إنْ عُذِرَ بِجَهْلٍ يَرْجِعُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ: إنْ جَهِلَ مِثْلُهُ. (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ أَعْتَقَ أَمَتَهُ إلَخْ) أَيْ: إلَّا أَنْ يُعْذَرَ بِجَهْلٍ كَمَا عِنْدَ غَيْرِهِ أَيْ: وَيَكُونُ قَوْلُهُ: إنْ جَهِلَ مِثْلُهُ عَائِدًا عَلَيْهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ فِي وَطْئِهِ الْمُطَلَّقَةَ قَبْلَ الْبِنَاءِ الْمُعْتَقَةَ بِلَا عَقْدٍ صَدَاقٌ مُؤْتَنَفٌ. (قَوْلُهُ: حَتَّى وَطِئَهَا مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ) أَيْ: إلَّا إنْ تَعَذَّرَ بِجَهْلٍ كَمَا يُسْتَفَادُ مِمَّا حَكَى عَنْ النَّوَادِرِ مِنْ أَنَّهُ رُفِعَ لِعُمَرَ امْرَأَةٌ اتَّخَذَتْ غُلَامَهَا لِوَطْئِهَا فَأَرَادَ رَجْمَهَا فَقَالَتْ: قَرَأْتُ: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 3] فَقَالَ: تَأَوَّلْتِ كِتَابَ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ، وَتَرَكَهَا وَجَزَّ رَأْسَ الْغُلَامِ وَغَرَّبَهُ.
(قَوْلُهُ: إذَا مَكَّنَتْ مَجْنُونًا) أَيْ: مَا لَمْ يَجْهَلْ مِثْلُهَا وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُ مَنْ كَتَبَ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ الْحُكْمُ أَيْ: فِي الْمَسَائِلِ الْمُتَقَدِّمَةِ لَا الْمَرْهُونَةِ فَلَا يُعْذَرُ بِاعْتِقَادِهِ أَنَّ رَهْنَهَا يُبِيحُ لَهُ وَطْأَهَا اهـ.
(قَوْلُهُ: لَا إنْ مَكَّنَتْ صَبِيًّا) وَمِثْلُهُ مَا إذَا أَدْخَلَتْ ذَكَرَ الْمَيِّتِ فِي فَرْجِهَا. (قَوْلُهُ: كَدَعْوَى الْمُرْتَهِنِ إلَخْ) أَيْ: وَكَأَنْ تَكُونَ زَوْجَتُهُ، أَوْ أَمَتُهُ فِي غَايَةِ النَّحَافَةِ وَاَلَّذِي اعْتَقَدَ أَنَّهَا هِيَ فِي غَايَةِ السِّمَنِ، أَوْ عَكْسُهُ. (قَوْلُهُ: مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ: إنْ جَهِلَ مِثْلُهُ) أَيْ: لِأَنَّ قَوْلَهُ إنْ جَهِلَ مِثْلُهُ يُفْهَمُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَجْهَلْ مِثْلُهُ يُحَدُّ، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ الْوَاضِحُ. (قَوْلُهُ: أَنَّ هَذَا يَرْجِعُ إلَى جَهْلِ مِثْلِهِ) أَيْ: يُؤْخَذُ مَعْنَاهُ مِنْهُ لَا أَنَّ مَعْنَى هَذَا هُوَ مَعْنَى هَذَا كَمَا هُوَ وَاضِحٌ لِأَنَّهُمَا مُتَنَافِيَانِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ: إلَّا أَنْ يَجْهَلَ الْعَيْنَ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى قَوْلِهِ: الْحُكْمُ فَيَقُولُ: ثُمَّ أَنَّ مَحَلَّ قَوْلِهِ: أَوْ الْحُكْمُ
الشُّرْبِ، وَإِنْ جَهِلَ وُجُوبَ الْحَدِّ، أَوْ الْحُرْمَةِ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ الشُّرْبِ وَوُجُوبَ الْحَدِّ مِنْ الْوَاضِحِ الَّذِي لَا يُجْهَلُ، لَكِنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ قَوْلِ مَالِكٍ، وَقَدْ ظَهَرَ الْإِسْلَامُ وَفَشَا، فَلَا يُعْذَرُ جَاهِلٌ فِي شَيْءٍ مِنْ الْحُدُودِ
. (ص) لَا مُسَاحَقَةٌ وَأُدِّبَ اجْتِهَادًا كَبَهِيمَةٍ، وَهِيَ كَغَيْرِهَا فِي الذَّبْحِ، وَالْأَكْلِ وَمَنْ حُرِّمَ لِعَارِضٍ كَحَائِضٍ، أَوْ مُشْتَرَكَةٍ، أَوْ مَمْلُوكَةٍ لَا تُعْتَقُ. (ش) يَعْنِي أَنَّ شِرَارَ النِّسَاءِ إذَا فَعَلَ بَعْضُهُنَّ بِبَعْضٍ فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِنَّ، وَإِنَّمَا فِي هَذَا الْفِعْلِ الْأَدَبُ بِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ لَا إيلَاجَ فِيهِ، وَمِثْلُهُ وَاطِئُ الْبَهِيمَةِ، وَكَذَا سَائِرُ مَنْ قُلْنَا: إنَّهُ لَا يُحَدُّ مِنْ مَجْبُوبٍ وَمَقْطُوعِ ذَكَرٍ، وَصَبِيٍّ، وَصَبِيَّةٍ مُمَيِّزَيْنِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ فِي الْغَصْبِ، وَأُدِّبَ مُمَيِّزٌ، وَكَذَا الْمَرْأَةُ تُدْخِلُ فِي فَرْجِهَا ذَكَرَ بَهِيمٍ حَيٍّ، أَوْ مَيِّتٍ، أَوْ ذَكَرَ آدَمِيٍّ مَيِّتٍ؛ لِأَنَّ فِعْلَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ مَعْصِيَةٌ، وَلَيْسَ بِزِنًا، وَيَثْبُتُ بِشَاهِدَيْنِ، وَلَا تُقْتَلُ الْبَهِيمَةُ، وَإِنْ كَانَتْ مِمَّا تُؤْكَلُ أُكِلَتْ وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ بِقَتْلِهَا، وَهَلْ لِخَوْفِ الْإِتْيَانِ بِوَلَدٍ مُشَوَّهٍ، أَوْ لِأَنَّ بَقَاءَهَا يُذَكِّرُ الْفَاحِشَةَ فَيُعَيَّرُ بِهَا؟ . قَوْلَانِ أَصَحُّهُمَا الثَّانِي، وَكَذَلِكَ يُؤَدَّبُ مَنْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ، أَوْ أَمَتَهُ فِي حَالِ حَيْضِهَا، أَوْ إحْرَامِهَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ وَطْئِهَا عَلَيْهِ لَمْ تَكُنْ أَصْلِيَّةً، وَإِنَّمَا هُوَ لِعَارِضٍ وَيَزُولُ، وَلَا يَشْمَلُ ذَلِكَ حَدَّ الزِّنَا؛ لِأَنَّ هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ: لَا مِلْكَ لَهُ فِيهِ، وَكَذَلِكَ يُؤَدَّبُ مَنْ وَطِئَ أَمَةً مُشْتَرَكَةً مِنْ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ، أَوْ الشُّرَكَاءِ؛ لِأَنَّ الشَّرِيكَ لَهُ فِي الْأَمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ مِلْكٌ قَوِيٌّ وَالشُّبْهَةُ إذَا قَوِيَتْ تَدْرَأُ الْحَدَّ أَيْ: تُسْقِطُهُ وَكَذَلِكَ يُؤَدَّبُ مَنْ اشْتَرَى أَمَةً لَا تُعْتَقُ عَلَيْهِ بِنَفْسِ الْمِلْكِ كَعَمَّتِهِ، وَابْنَةِ أَخِيهِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ ثُمَّ وَطِئَهَا، وَهُوَ عَالِمٌ بِتَحْرِيمِهَا، وَإِنَّمَا لَمْ يُحَدَّ لِعَدَمِ انْطِبَاقِ حَدِّ الزِّنَا عَلَيْهِ، وَيَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ، وَتُبَاعُ عَلَيْهِ خَشْيَةَ أَنْ يَعُودَ إلَى وَطْئِهَا ثَانِيَةً. (ص)، أَوْ مُعْتَدَّةٍ. (ش) يَحْتَمِلُ أَمَةً مُعْتَدَّةً أَيْ: أَنَّ السَّيِّدَ إذَا وَطِئَ أَمَتَهُ الْمُعْتَدَّةَ لَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَيَحْتَمِلُ امْرَأَةً مُعْتَدَّةً أَيْ: إذَا عَقَدَ عَلَى مُعْتَدَّةٍ مِنْ غَيْرِهِ، وَوَطِئَهَا عَالِمًا، فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ مَعَ أَنَّ حَدَّ الزِّنَا صَادِقٌ عَلَيْهِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ مُعْتَدَّةً مِنْهُ، فَإِنْ كَانَتْ مَبْتُوتَةً فَقَدْ تَقَدَّمَتْ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَبْتُوتَةٍ بِأَنْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً، أَوْ بَائِنًا بِغَيْرِ الثَّلَاثِ، فَإِنْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً وَنَوَى بِوَطْئِهِ الرَّجْعَةَ، أَوْ غَيْرَ رَجْعِيَّةٍ، وَنَكَحَهَا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ، فَلَا حَدَّ وَلَا أَدَبَ، وَلَا حَرَجَ، وَإِنْ وَطِئَ الرَّجْعِيَّةَ، أَوْ الْبَائِنَ وَلَمْ يَنْوِ الرَّجْعَةَ فِي الرَّجْعِيَّةِ، وَبِغَيْرِ عَقْدٍ جَدِيدٍ فِي الْبَائِنِ فَفِي
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: لِأَنَّ حُرْمَةَ الشُّرْبِ وَوُجُوبَ الْحَدِّ مِنْ الْوَاضِحِ) أَيْ: فَحُرْمَةُ الزِّنَا لَيْسَتْ مِنْ الْوَاضِحِ بِخِلَافِ حُرْمَةِ الشُّرْبِ فَمِنْ الْوَاضِحِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُعْذَرُ جَاهِلٌ فِي شَيْءٍ) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ الزِّنَا أَوْ غَيْرَهُ أَيْ: وَيَكُونُ هَذَا مُخَالِفًا لِمَا تَقَدَّمَ لَهُ فِي قَوْلِهِ: لَا حَدَّ عَلَى مَنْ وَطِئَ، وَهُوَ جَاهِلٌ لِلْحُكْمِ إلَخْ وَجَهْلُ الْحُكْمِ لَا يُفِيدُ حَيْثُ عَلِمَ بِالْحُرْمَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ شَارِحَنَا أَفَادَ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ: إنْ جَهِلَ مِثْلَهُ فِي مَسْأَلَةِ الزِّنَا لِمَنْ كَانَ حَدِيثَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ، وَقَوْلُهُ: إلَّا الْوَاضِحَ فَرْضُهُ فِي دَعْوَى الْمُرْتَهِنِ وَالْمُسْتَعِيرِ حِلُّ وَطْءِ الْمُرْتَهِنَةِ وَالْمُسْتَعَارَةِ، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ وَإِذَا كَانَ الْحُكْمُ مَا ذَكَرَ، وَمُفَادُ النَّقْلِ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنْ يَجْهَلَ الْعَيْنَ أَيْ: فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ، وَقَوْلُهُ: أَوْ الْحُكْمُ أَيْ: فِي الْمَسَائِلِ الْمُتَقَدِّمَةِ غَيْرِ الْمَرْهُونَةِ، وَقَوْلُهُ: إلَّا الْوَاضِحَ هُوَ جَهْلُ تَحْرِيمِ الزِّنَا
. (قَوْلُهُ: لَا مُسَاحَقَةٌ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا، فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى (وَطْءُ) مِنْ قَوْلِهِ: الزِّنَا وَطْءُ مُكَلَّفٍ وَعَلَى الثَّانِي يَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى مُكَلَّفٍ أَيْ: لَا وَطْءُ مُسَاحَقَةٍ، فِي الْقَامُوسِ أَسْحَقَ الضَّرْعُ ذَهَبَ لَبَنُهُ وَبَلِيَ وَلَصِقَ بِالْبَطْنِ وَفُلَانًا أَبْعَدَهُ وَأَسْحَقَ اتَّسَعَ. اهـ.، وَحِينَئِذٍ سُمِّيَ مُسَاحَقَةً؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تُلْصِقُ فَرْجَهَا بِفَرْجِ الْأُخْرَى، أَوْ لِأَنَّ فِعْلَهُمَا يُبْعِدُهُمَا عَنْ الْخَيْرِ وَالرَّحْمَةِ وَالسِّمَاتِ الْحَسَنَةِ، أَوْ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تُوَسِّعُ نَفْسَهَا لِلْأُخْرَى فِي تِلْكَ الْحَالَةِ. (قَوْلُهُ: كَحَائِضٍ) أَيْ: وَكَذَا الْمُعْتَكِفَةُ. (قَوْلُهُ: أَوْ مُشْتَرَكَةٍ) وَمِثْلُهَا الْمُبَعَّضَةُ وَالْمُعْتَقَةُ لِأَجَلٍ أَيْ: وَلِذَا يُؤَدِّينَ إلَّا أَنْ لَا يَقْدِرْنَ عَلَى الْمَنْعِ. (قَوْلُهُ: وَيَثْبُتُ بِشَاهِدَيْنِ) أَيْ: جَمِيعُ مَا ذَكَرَ مِنْ الْمُسَاحَقَةِ وَمَا بَعْدَهَا بِشَاهِدَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِزِنًا وَلَا مَالٍ وَلَا آيِلَ إلَيْهِ، وَكَذَا فِي الثُّبُوتِ وَالْأَدَبِ مِنْ لَفِّ خِرْقَةٍ كَثِيفَةٍ، أَوْ غَيْبٍ فِي هَوَاءِ الْفَرَجِ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ. (قَوْلُهُ: وَلِلشَّافِعِيِّ إلَخْ) أَيْ: تُقْتَلُ بِلَا ذَبْحٍ وَتُحْرَقُ.
(قَوْلُهُ: وَهَلْ لِخَوْفِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ تَحْصُلُ بِالذَّبْحِ وَالْأَكْلِ فَلَا مُوجِبَ لِلْقَتْلِ وَالْحَرْقِ، ثُمَّ أَنَّهُ رَدَّ ذَلِكَ بِأَنَّ الْعَادَةَ لَمْ تَجْرِ بِالنِّتَاجِ بَيْنَ جِنْسَيْنِ إلَّا فِي شَيْئَيْنِ فَقَطْ الْبَغْلِ، وَالسِّمْعِ بِكَسْرِ السِّينِ وَسُكُونِ الْمِيمِ، وَهُوَ وَلَدُ الذِّئْبِ مَعَ الضَّبُعِ وَمِمَّا يَتَوَلَّدُ مِنْ جِنْسَيْنِ أَيْضًا الْعُقَابُ فَقَدْ قِيلَ: إنَّ الْعُقَابَ جَمِيعَهُ أُنْثَى، وَأَنَّ الَّذِي يُسَافِدُهُ طَائِرٌ آخَرُ غَيْرُ جِنْسِهِ، وَقِيلَ: إنَّ الثَّعْلَبَ يُسَافِدُهُ قَالَ ابْنُ خِلِّكَانَ: وَهَذَا مِنْ الْعَجَائِبِ، وَأَمَّا الزَّرَافَةُ فَهِيَ مُتَوَلِّدَةٌ مِنْ ثَلَاثِ حَيَوَانَاتٍ النَّاقَةِ الْوَحْشِيَّةِ، وَالضِّبْعَانِ وَهُوَ الذَّكَرُ مِنْ الضِّبَاعِ فَيَقَعُ الضِّبْعَانُ عَلَى النَّاقَةِ فَتَأْتِي بِوَلَدٍ بَيْنَ النَّاقَةِ وَالضَّبُعِ، فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ ذَكَرًا وَقَعَ عَلَى الْبَقَرَةِ فَتَأْتِي الزَّرَافَةُ، وَذَلِكَ فِي بِلَادِ الْحَبَشَةِ وَلِذَلِكَ قِيلَ لَهَا الزَّرَافَةُ وَهِيَ فِي الْأَصْلِ الْجَمَاعَةُ فَلَمَّا تَوَلَّدَتْ مِنْ جَمَاعَةٍ قِيلَ لَهَا ذَلِكَ أَقُولُ: وَكَذَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْبِرْذَوْنَ مِنْ الْخَيْلِ وَالْبَقَرِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ لَا مِلْكَ لَهُ فِيهِ) أَيْ: وَالْمَرْأَةُ وَالْحَائِضُ لِزَوْجِهَا مِلْكٌ لَهُ فِيهَا أَيْ: تَسَلُّطٌ شَرْعِيٌّ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهَا بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ التَّمَتُّعُ بِدُونِ الْوَطْءِ فِيمَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ. (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ انْطِبَاقِ حَدِّ الزِّنَا عَلَيْهِ) فِيهِ شَيْءٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: لَا مِلْكَ لَهُ مَعْنَاهُ لَا تَسَلُّطَ لَهُ شَرْعًا فَيَشْمَلُ الْعَمَّةَ وَأُجِيبَ بِأَنَّ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفًا وَالتَّقْدِيرُ لَا تَسَلُّطَ لَهُ شَرْعًا وَلَا شُبْهَةَ وَهُنَا وُجِدَتْ الشُّبْهَةُ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ لَا تُعْتَقُ عَلَيْهِ صَارَ لَهُ شُبْهَةُ تَسَلُّطٍ شَرْعِيٍّ، فَحِينَئِذٍ تَخْرُجُ مِنْ التَّعْرِيفِ الْأَمَةُ الْمَمْلُوكَةُ كَمَا تَخْرُجُ الْحَائِضُ. (قَوْلُهُ: إذَا وَطِئَ أَمَتَهُ الْمُعْتَدَّةَ) وَكَذَا أَمَتَهُ الْمُتَزَوِّجَةَ. (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّ حَدَّ الزِّنَا صَادِقٌ عَلَيْهِ) أَيْ: فَالْمَشْهُورُ مُشْكِلٌ، وَيُجَابُ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَذْفِ وَلَا شُبْهَةَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا عَقَدَ عَلَيْهَا وُجِدَتْ الشُّبْهَةُ
الرَّجْعِيَّةِ الْأَدَبُ، وَفِي الْبَائِنِ لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا؛ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ بَاقِيَةٌ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى اسْتِفَادَتِهَا مِنْ قَوْلِهِ: وَإِنْ أُبِتَّتْ فِي مَرَّةٍ خِلَافًا لز
. (ص) ، أَوْ بِنْتٍ عَلَى أُمٍّ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، أَوْ عَلَى أُخْتِهَا. (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ عَقَدَ عَلَى امْرَأَةٍ، وَقَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا عَقَدَ عَلَى ابْنَتِهَا وَدَخَلَ بِهَا، فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ لِمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْعَقْدَ عَلَى الْأُمِّ يُحَرِّمُ الْبِنْتَ مَا دَامَتْ الْأُمُّ فِي عِصْمَتِهِ، فَإِذَا طَلَّقَ الْأُمَّ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا حَلَّتْ لَهُ ابْنَتُهَا، أَمَّا لَوْ دَخَلَ أَيْ، أَوْ تَلَذَّذَ بِالْأُمِّ، فَإِنَّهُ يُحَدُّ، وَأَمَّا عَكْسُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ، فَالْحَدُّ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَكَذَلِكَ لَا حَدَّ عَلَى مَنْ تَزَوَّجَ أُخْتًا عَلَى أُخْتِهَا، وَدَخَلَ بِهِمَا وَهَلْ لَا حَدَّ سَوَاءٌ كَانَتْ الْأُخْتُ مِنْ نَسَبٍ، أَوْ رَضَاعٍ؛ لِأَنَّ الْآيَةَ اقْتَضَتْ تَعْمِيمَ الْأُخْتَيْنِ مِنْ نَسَبٍ، أَوْ رَضَاعٍ، أَوْ مَحَلَّ عَدَمِ الْحَدِّ إذَا كَانَتْ الْأُخْتُ مِنْ رَضَاعٍ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَ الْجَمْعِ حِينَئِذٍ بِالسُّنَّةِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ مِنْ نَسَبٍ فَإِنَّهُ يُحَدُّ إذَا وَطِئَهَا لِتَحْرِيمِ ذَلِكَ بِالْكِتَابِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ بَعْضُ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ:(وَهَلْ إلَّا أُخْتَ النَّسَبِ لِتَحْرِيمِهَا بِالْكِتَابِ؟ . تَأْوِيلَانِ) وَلَا حَدَّ عَلَى مَنْ تَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ عَلَى عَمَّتِهَا مَثَلًا؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ لِذَلِكَ بِالسُّنَّةِ لَا بِالْكِتَابِ
. (ص) وَكَأَمَةٍ مُحَلَّلَةٍ، وَقُوِّمَتْ، وَإِنْ أَبَيَا. (ش) الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى مَنْ وَطِئَ أَمَةً قَدْ حَلَّلَهَا لَهُ مَالِكُهَا لِلشُّبْهَةِ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْأَدَبُ فَقَطْ، وَسَوَاءٌ كَانَ عَالِمًا بِالتَّحْلِيلِ، أَوْ جَاهِلًا، وَالْوَلَدُ حُرٌّ لَاحِقٌ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ، وَتَقُومُ تِلْكَ الْأَمَةُ عَلَى وَاطِئِهَا لِتُتِمَّ لَهُ الشُّبْهَةَ، وَسَوَاءٌ رَضِيَا بِذَلِكَ أَيْ: صَاحِبُهَا، وَالْوَاطِئُ لَهَا أَمْ لَا، وَعَدَمُ الْحَدِّ مُرَاعَاةً لِمَذْهَبِ عَطَاءٍ الْقَائِلِ بِجَوَازِ التَّحْلِيلِ ابْتِدَاءً، وَانْظُرْ مَا أَدْخَلَتْهُ الْكَافُ؛ لِأَنَّ التَّحْلِيلَ خَاصٌّ بِالْإِمَاءِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: تُحْمَلُ الْأَمَةُ عَلَى الْقِنِّ، وَالْكَافُ أَدْخَلَتْ مَا فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ مِنْ مُدَبَّرَةٍ، وَمُعْتَقَةٍ لِأَجَلٍ، وَقَدْ يُقَالُ: أَدْخَلَتْ الْكَافُ الْحَرَائِرَ كَمَا بَلَغَنَا عَنْ بَعْضِ الْبَرْبَرِ، وَبَعْضِ بِلَادِ قزلباش أَنَّهُمْ يُحَلِّلُونَ أَزْوَاجَهُمْ لِلضِّيفَانِ يَعْتَقِدُونَهُ كَرَمًا جَهْلًا مِنْهُمْ، فَعَلَيْهِمْ الْأَدَبُ إنْ جَهِلُوا ذَلِكَ
. (ص) ، أَوْ مُكْرَهَةٍ، أَوْ مَبِيعَةٍ بِالْغَلَاءِ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُكْرَهَةَ لَا حَدَّ عَلَيْهَا، وَلَا أَدَبَ لِنَفْيِ التَّعَمُّدِ عَنْهَا اتِّفَاقًا، وَفِي الْمُكْرَهِ الْخِلَافُ الْآتِي وَكَذَلِكَ لَا حَدَّ عَلَى الْحُرَّةِ إذَا أَقَرَّتْ لِزَوْجِهَا بِالرِّقِّ فَبَاعَهَا لِأَجْلِ الْغَلَاءِ، فَوَطِئَهَا الْمُشْتَرِي لِعُذْرِهَا بِالْجُوعِ، وَقَدْ بَانَتْ مِنْ عِصْمَةِ زَوْجِهَا، وَمِثْلُ الْبَيْعِ تَزْوِيجُهَا لِغَيْرِهِ، وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الزَّوْجِ إنْ وَجَدَهُ وَإِلَّا فَعَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا غَرَّتْهُ قَوْلًا، وَفِعْلًا وَبِعِبَارَةِ الْبَاءِ بِمَعْنَى فِي أَيْ: مَبِيعَةٍ فِي زَمَنِ الْغَلَاءِ، وَبَيْعُهَا فِي زَمَنِ الْغَلَاءِ لَا يَسْتَلْزِمُ كَوْنَهَا جَوْعَانَةَ فَلَا يُخَالِفُ مَا فِي سَمَاعِ ابْنِ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: وَفِي الْبَائِنِ لَا حَدَّ عَلَيْهِ) أَيْ: وَالْأَدَبُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى مِنْ الرَّجْعِيَّةِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعِصْمَةَ بَاقِيَةٌ) أَيْ: لِأَنَّ الَّذِي يَقْطَعُ الْعِصْمَةَ إنَّمَا هُوَ الطَّلَاقُ الثَّلَاثُ لَا يَخْفَى ضَعْفُ هَذَا بَلْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُحَدُّ إذَا وَطِئَهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْتَاجُ إلَى اسْتِفَادَتِهَا) أَيْ: إلَى اسْتِفَادَةِ حُكْمِ الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ عَدَمُ الْحَدِّ أَيْ: لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مَبْتُوتَةً، وَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: فَلَا يَحْتَاجُ إلَى اسْتِفَادَتِهَا مِنْ قَوْلِهِ: وَالْمَبْتُوتَةُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ: وَإِنْ أُبِتَّتْ إلَخْ مِنْ تَعَلُّقَاتِ قَوْلِهِ: وَالْمَبْتُوتَةُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ تِلْكَ الْمَسْأَلَةَ مَعْلُومَةٌ مِنْ الْقَاعِدَةِ فَلَا حَاجَةَ إلَى اسْتِفَادَتِهَا مِمَّا ذَكَرَ، وَقَوْلُهُ: بَاقِيَةٌ فِي الْجُمْلَةِ أَيْ: فِي بَعْضِ الْوُجُوهِ
. (قَوْلُهُ: فَالْحَدُّ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَكَلَامُ اللَّخْمِيِّ السَّابِقُ ضَعِيفٌ، وَإِنْ رَجَّحَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ تَحْرِيمَ الْجَمْعِ حِينَئِذٍ بِالسُّنَّةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُعَارِضُ قَوْلَهُ: أَوَّلًا لِأَنَّ الْآيَةَ الْكَرِيمَةَ اقْتَضَتْ تَحْرِيمَ الْأُخْتَيْنِ مُطْلَقًا. وَيُجَابُ بِأَنَّ صَاحِبَ الْقَوْلِ الثَّانِي لَا يَقُولُ بِأَنَّ الْآيَةَ تَقْتَضِي تَعْمِيمَ الْأُخْتَيْنِ، بَلْ الْآيَةُ قَاصِرَةٌ عَلَى الْأُخْتَيْنِ مِنْ النَّسَبِ كَمَا هُوَ سِيَاقُ قَوْلِهِ {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23] . (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) حَقُّهُ قَوْلَانِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمُدَوَّنَةِ نَصٌّ عَلَى مَسْأَلَةِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ فِي نِكَاحٍ بِاعْتِبَارِ الْحَدِّ لَا وُجُوبًا وَلَا سُقُوطًا، وَإِنَّمَا ذَكَرَ فِيهَا التَّحْرِيمَ خَاصَّةً
. (قَوْلُهُ: وَقُوِّمَتْ) أَيْ: يَوْمَ الْوَطْءِ فَإِنْ كَانَ الْوَاطِئُ مَلِيئًا أُخِذَتْ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا وَانْتَظَرَهُ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ، وَإِلَّا فَإِنَّهَا تُبَاعُ، وَالزَّائِدُ يَأْخُذُهُ الْوَاطِئُ وَهَذَا إذَا لَمْ تَحْمِلْ، وَإِلَّا اُتُّبِعَ بِالْقِيمَةِ، وَلَا تُبَاعُ. (قَوْلُهُ: قَدْ حَلَّلَهَا لَهُ مَالِكُهَا) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْمَالِكِ الْمُحَلِّلِ بِأَنْ تَكُونَ زَوْجَةَ الْوَاطِئِ، أَوْ قَرِيبَتَهُ أَوْ أَجْنَبِيًّا.
(قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ كَانَ عَالِمًا بِالتَّحْلِيلِ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ سَوَاءٌ كَانَ عَالِمًا بِحُرْمَةِ التَّحْلِيلِ، أَوْ جَاهِلًا، وَيَحْتَمِلُ الْبَقَاءَ عَلَى الظَّاهِرِ وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ: أَوْ جَاهِلًا أَيْ: التَّحْلِيلُ وَقَعَ فِي غَيْبَتِهِ وَلَمْ يَعْلَمْهُ أَحَدٌ بِهِ. (قَوْلُهُ: بِجَوَازِ التَّحْلِيلِ ابْتِدَاءً) أَيْ: فَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي الِابْتِدَاءِ، وَأَمَّا الِانْتِهَاءُ فَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَهُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ: وَقُوِّمَتْ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: مِنْ مُدَبَّرَةٍ وَمُعْتَقَةٍ لِأَجَلٍ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ يَجُوزُ وَطْءُ الْمُدَبَّرَةِ، وَيُمْنَعُ وَطْءُ الْمُعْتَقَةِ لِأَجَلٍ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُقَالُ إلَخْ) هَذَا غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ عِنْدَ الْعِلْمِ. (قَوْلُهُ: قَزِلْبَاشَ) رَأَيْتهَا مَضْبُوطَةً بِخَطِّ بَعْضِ الْفُضَلَاءِ بِفَتْحَةٍ فَوْقَ الْقَافِ وَكَسْرِ الزَّايِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَبِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ. (قَوْلُهُ: إنْ جَهِلُوا) وَإِنْ عَلِمُوا ارْتَدُّوا لِاعْتِقَادِهِمْ حِلَّ الْحَرَامِ، وَأَمَّا الْوَاطِئُ فَيُؤَدَّبُ إنْ جَهِلَ مِثْلُهُ وَإِلَّا حُدَّ
. (قَوْلُهُ: وَفِي الْمُكْرَهِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَقَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ لَا حَدَّ أَيْ: وَلَا أَدَبَ. (قَوْلُهُ: إنْ أَقَرَّتْ لِزَوْجِهَا بِالرِّقِّ) لَا مَفْهُومَ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الْبَيْعِ تَزْوِيجُهَا إلَخْ) أَيْ: فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا وَقَوْلُهُ: وَيَرْجِعُ إلَخْ أَيْ: فِي صُورَةِ الْبَيْعِ. (قَوْلُهُ: إنْ وَجَدَهُ) أَيْ: وَجَدَ الزَّوْجَ، وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَعَلَيْهَا أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَجِدْهُ أَقُولُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلَهُ مَا إذَا وَجَدَهُ وَكَانَ مُعْدَمًا بِذَلِكَ الثَّمَنِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا غَرَّتْهُ قَوْلًا وَفِعْلًا) أَمَّا الْقَوْلُ فَإِقْرَارُهَا بِالرِّقِّ لَهُ، وَأَمَّا فِعْلًا فَتَمْكِينُهَا مِنْ نَفْسِهَا لَهُ، وَالْمَدَارُ عَلَى انْقِيَادِهَا لِلْبَيْعِ لَهُ وَإِظْهَارِ أَنَّهَا رَقِيقَةٌ.
(قَوْلُهُ: فَلَا يُخَالِفُ إلَخْ) أَيْ: لِأَنَّهُ سَيَأْتِي يَقُولُ: وَلَكِنَّ دَرْءَ الْحَدِّ أَحَبُّ إلَيَّ؛ لِأَنَّ حَاصِلَ الْكَلَامِ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهَا مُطْلَقًا كَانَتْ جَوْعَانَةَ أَوْ لَا
الْقَاسِمِ مَنْ جَاعَ فَبَاعَ زَوْجَتَهُ مِنْ رَجُلٍ، فَأَقَرَّتْ لَهُ بِذَلِكَ، فَوَطِئَهَا مُشْتَرِيهَا فَعَنْ مَالِكٍ، وَهُوَ رَأْيِي أَنَّهُمَا يُعْذَرَانِ، وَتَكُونُ طَلْقَةً بَائِنَةً، وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ قُلْت: فَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِهِمَا جُوعٌ قَالَ: فَحَرِيٌّ أَنْ تُحَدَّ، وَيُنَكَّلَ زَوْجُهَا، وَلَكِنَّ دَرْءَ الْحَدِّ أَحَبُّ إلَيَّ انْتَهَى
. (ص) وَالْأَظْهَرُ كَأَنْ ادَّعَى شِرَاءَ أَمَةٍ، وَنَكَلَ الْبَائِعُ وَحَلَفَ الْوَاطِئُ. (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ وَطِئَ أَمَةً ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ مَالِكِهَا فَكَذَّبَهُ الْمَالِكُ، وَأَنْكَرَ الْبَيْعَ لَهُ، فَتَوَجَّهَتْ الْيَمِينُ عَلَى الْبَائِعِ بِأَنْ طَلَبَهَا مِنْهُ الْمُشْتَرِي فَنَكَلَ عَنْهَا، فَتَوَجَّهَتْ عَلَى الْوَاطِئِ فَحَلَفَهَا أَيْ: حَلَفَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ إنَّمَا وَطِئَهَا، وَهِيَ عَلَى مِلْكِهِ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ إذَا نَكَلَ الْوَاطِئُ يُحَدُّ مَعَ نُكُولِ الْبَائِعِ أَيْضًا، وَأَنَّهُ إذَا حَلَفَ الْبَائِعُ يُحَدُّ أَيْضًا. (ص) وَالْمُخْتَارُ أَنَّ الْمُكْرَهَ كَذَلِكَ، وَالْأَكْثَرُ عَلَى خِلَافِهِ. (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُكْرَهَةَ عَلَى الْوَطْءِ لَا حَدَّ عَلَيْهَا اتِّفَاقًا، وَأَمَّا الرَّجُلُ الْمُكْرَهُ عَلَى الْجِمَاعِ هَلْ يُحَدُّ، أَوْ لَا؟ مَذْهَبُ الْمُحَقِّقِينَ كَابْنِ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيِّ وَابْنِ الْعَرَبِيِّ لَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَغَيْرُهُمْ يَقُولُونَ: عَلَيْهِ الْحَدُّ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ
. (ص) وَيَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ مَرَّةً إلَّا أَنْ يَرْجِعَ مُطْلَقًا، أَوْ يَهْرُبَ وَإِنْ فِي الْحَدِّ (ش) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى تَعْرِيفِ الزِّنَا، وَذَكَرَ هُنَا أَنَّهُ يَثْبُتُ بِأَحَدِ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ: الْأَوَّلُ الْإِقْرَارُ وَلَوْ مَرَّةً، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُقِرَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ فِي اشْتِرَاطِهِمَا ذَلِكَ كَمَا فِي حَدِيثِ مَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ إذْ رَدَّهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَقَرَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ نُصُوصُ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا وَاضِحَةٌ بِحَدِّ الْمُقِرِّ بِالزِّنَا طَوْعًا، وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً، وَفِي الصَّحِيحِ:«اُغْدُ يَا أُنَيْسُ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا فَإِنْ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا، فَغَدَا عَلَيْهَا فَاعْتَرَفَتْ فَأَمَرَ بِهَا، فَرُجِمَتْ» فَظَاهِرُ مَا فِي الْحَدِيثِ الِاكْتِفَاءُ بِأَقَلِّ مَا يَصْدُقُ اللَّفْظُ عَلَيْهِ، وَهُوَ يَصْدُقُ بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ انْتَهَى، وَالْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ مَاعِزٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَنْكَرَ عَقْلَهُ، وَلِذَا أَرْسَلَ لِقَوْمِهِ مَرَّتَيْنِ يَسْأَلُهُمْ عَنْ عَقْلِهِ حَتَّى أَخْبَرُوهُ بِصِحَّتِهِ فَأَمَرَ بِرَجْمِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَأْتِ الْمُؤَلِّفُ بِلَوْ كَابْنِ الْحَاجِبِ؛ لِأَنَّهُ يُشِيرُ بِهَا لِلْخِلَافِ الْمَذْهَبِيِّ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ بَلْ الْخِلَافُ لِأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ وَأَمَّا ابْنُ الْحَاجِبِ فَلَيْسَ كَالْمُؤَلَّفِ فِيمَا ذَكَرَ، وَمَحَلُّ كَوْنِ الزَّانِي يُحَدُّ بِإِقْرَارِهِ مَا لَمْ يَرْجِعْ، فَإِنْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ، فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ، وَلَا يُحَدُّ، وَسَوَاءٌ رَجَعَ فِي الْحَدِّ، أَوْ فِي غَيْرِ الْحَدِّ لِغَيْرِ شُبْهَةٍ، أَوْ لِشُبْهَةٍ كَقَوْلِهِ: وَطِئْتُ امْرَأَتِي، وَهِيَ حَائِضٌ، أَوْ أُخْتِي مِنْ الرَّضَاعِ وَظَنَنْت أَنَّ ذَلِكَ زِنًا، وَمِثْلُ الرُّجُوعِ مَا إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى إقْرَارِهِ بِالزِّنَا، وَهُوَ يُنْكِرُ ذَلِكَ فَإِنَّ إنْكَارَهُ يُعَدُّ رُجُوعًا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَكَذَلِكَ يَسْقُطُ الْحَدُّ عَنْ الزَّانِي الْمُقِرِّ بِهِ إذَا هَرَبَ فِي أَثْنَاءِ الْحَدِّ، وَلَا يُتْبَعُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَيُقَالُ: " قَدْ «هَرَبَ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ فِي أَثْنَاءِ الْحَدِّ، فَاتَّبَعُوهُ فَقَالَ لَهُمْ: رُدُّونِي إلَى رَسُولِ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَرُدُّوهُ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: هَلَّا تَرَكْتُمُوهُ لَعَلَّهُ يَتُوبُ فَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَيْهِ» ، وَأَمَّا الْهُرُوبُ قَبْلَ الْحَدِّ فَلَا يُعْتَبَرُ، وَيُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ، فَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ فِي الْحَدِّ وَاوُ الْحَالِ، وَإِنْ زَائِدَةٌ. أَيْ: أَوْ يَهْرُبَ، وَهُوَ فِي الْحَدِّ أَيْ: وَالْحَالُ أَنَّهُ فِي أَثْنَاءِ الْحَدِّ، وَإِنَّمَا كَانَ الْهُرُوبُ فِي أَثْنَاءِ الْحَدِّ مُسْقِطًا لَهُ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ إذَاقَةِ الْعَذَابِ دَالٌّ عَلَى الرُّجُوعِ بِخِلَافِهِ قَبْلَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَيْهِ
. (ص) وَبِالْبَيِّنَةِ فَلَا يَسْقُطُ بِشَهَادَةِ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ بِبَكَارَتِهَا، أَوْ يُحْمَلُ فِي غَيْرِ مُتَزَوِّجَةٍ، وَذَاتِ سَيِّدٍ مُقِرٍّ بِهِ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الزِّنَا يَثْبُتُ أَيْضًا بِالْبَيِّنَةِ الْعَادِلَةِ، وَلَا بُدَّ مِنْ أَرْبَعِ عُدُولٍ يَشْهَدُونَ أَنَّهُمْ رَأَوْا فَرْجَهُ فِي فَرْجِهَا كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحِلَةِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَرُؤْيَا
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: فَأَقَرَّتْ لَهُ بِذَلِكَ) الْفَاءُ لِلتَّعْلِيلِ أَيْ: بَاعَ لِكَوْنِهَا أَقَرَّتْ لَهُ بِذَلِكَ أَيْ: بِمُوجِبِ الْبَيْعِ وَهُوَ الرَّقَبَةُ. (قَوْلُهُ: وَلَكِنَّ دَرْءَ الْحَدِّ أَحَبُّ إلَيَّ) أَيْ: لِأَنَّهَا تَصِيرُ مُكْرَهَةً فِي وَطْئِهِ لَهَا إذْ لَوْ امْتَنَعَتْ لَأَكْرَهَهَا أَيْ: وَإِنْ كَانَ أَصْلُ الْبَيْعِ طَوْعًا وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الزِّنَا لَيْسَ فِيهِ إكْرَاهٌ، فَذَلِكَ فِي الرَّجُلِ؛ لِأَنَّ انْتِشَارَهُ يُنَافِي إكْرَاهَهُ
. (قَوْلُهُ: وَالْأَظْهَرُ إلَخْ) مُبْتَدَأٌ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ أَيْ: وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا حَدَّ فِيمَا يُذْكَرُ، وَالْكَافُ لِلتَّمْثِيلِ، أَوْ بِمَعْنَى الْبَاءِ، وَمُقَابِلُهُ مَا لِأَشْهَبَ إنْ كَانَتْ بِيَدِهِ فَلَا حَدَّ وَلَحِقَهُ الْوَلَدُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي يَدِهِ حَدٌّ وَلَمْ يَلْحَقْهُ الْوَلَدُ انْتَهَى. (قَوْلُهُ: وَحَلَفَ الْوَاطِئُ إلَخْ) الصُّوَرُ ثَلَاثٌ: نُكُولُهُمَا، حَلِفُ الْوَاطِئِ، حَلِفُ الْبَائِعِ، وَلَا يُتَصَوَّرُ حَلِفُهُمَا مَعًا؛ لِأَنَّهُ مَتَى حَلَفَ الْبَائِعُ ثَبَتَ قَوْلُهُ وَلَا يَتَوَجَّهُ عَلَى الْوَاطِئِ يَمِينٌ. (قَوْلُهُ: وَالْمُخْتَارُ أَنَّ الْمُكْرَهَ كَذَلِكَ) أَيْ: لَا حَدَّ وَلَا أَدَبَ إنْ زَنَى بِطَائِعَةٍ لَا زَوْجَ لَهَا وَلَا سَيِّدَ لِتَمَحُّضِ الْحَقِّ لِلَّهِ وَإِلَّا أَيْ: بِأَنْ زَنَى بِمُكْرَهَةٍ، أَوْ ذَاتِ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ حُدَّ إذْ إكْرَاهُهُ كَلَا إكْرَاهِ. (قَوْلُهُ: وَالْأَكْثَرُ عَلَى خِلَافِهِ) أَيْ: فَيُحَدُّ وَلَوْ كَانَتْ هِيَ الْمُكْرِهَةُ لَهُ عَلَى الزِّنَا وَلَا صَدَاقَ عَلَيْهِ إنْ كَانَتْ هِيَ الْمُكْرِهَةُ لَهُ وَإِنْ كَانَ الْمُكْرِهُ غَيْرَهَا فَعَلَى الْوَاطِئِ الصَّدَاقُ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى مَنْ أَكْرَهَهُ
. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَرْجِعَ مُطْلَقًا) أَيْ: فَيَنْفَعَهُ فِي نَفْيِ الْحَدِّ وَإِنْ كَانَ يَلْزَمُهُ الصَّدَاقُ إذَا أَقَرَّ بِأَنَّهُ وَطِئَ امْرَأَةً نَائِمَةً، ثُمَّ رَجَعَ وَلَا حَدَّ قَذْفٍ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا نَائِمَةٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ يَهْرُبَ) بِضَمِّ الرَّاءِ. (قَوْلُهُ: اُغْدُ يَا أُنَيْسُ إلَخْ) اسْمُ رَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ وَإِنَّمَا خَصَّهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلَةِ تِلْكَ الْمَرْأَةِ، وَكَانُوا يَكْرَهُونَ تَحَكُّمَ الْغَيْرِ عَلَيْهِمْ، وَقَوْلُهُ: فَأَمَرَ، ضَمِيرُهُ يَعُودُ عَلَى أُنَيْسٍ وَقَوْلُهُ: بِهَا أَيْ: بِرَجْمِهَا. (قَوْلُهُ: وَيُقَالُ إلَخْ) خَرَّجَهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، فَقَوْلُهُ: وَيُقَالُ إلَخْ فِيهِ شَيْءٌ. (قَوْلُهُ: لَعَلَّهُ يَتُوبُ إلَخْ) قَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ مُجَرَّدَ التَّوْبَةِ تَمْنَعُ الْحَدَّ، وَالْمَذْهَبُ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمَانِعُ لِلْحَدِّ هُوَ الرُّجُوعُ لَا التَّوْبَةُ الشَّرْعِيَّةُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ بَعْدَ إذَاقَةِ الْعَذَابِ إلَخْ) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: الْأَشْبَهُ هُوَ الْعَكْسُ، وَأَمَّا هُرُوبُهُ بَعْدَ الْحَدِّ فَقَدْ يَدَّعِي أَنَّهُ لِأَجْلِ الْعَذَابِ فَقَطْ كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.
وَاحِدَةٍ عَلَى مَا مَرَّ، وَلَوْ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ بَقَاءَ بَكَارَتِهَا، وَأَنَّهَا رَتْقَاءُ، أَوْ نَظَرَ إلَيْهَا أَرْبَعُ نِسْوَةٍ، وَصَدَّقْنَهَا عَلَى ذَلِكَ فَلَا يَسْقُطُ الْحَدُّ الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهَا بِشَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ، وَلَوْ قَامَ عَلَى الْعُذْرَةِ أَرْبَعَةُ رِجَالٍ لَسَقَطَ الْحَدُّ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الشَّارِحِ وَيَجُوزُ لِلرِّجَالِ أَنْ يَتَعَمَّدُوا الشَّهَادَةَ ابْتِدَاءً كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ مَرْزُوقٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَكَذَلِكَ يَثْبُتُ الزِّنَا بِظُهُورِ الْحَمْلِ فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ حُرَّةً، أَوْ أَمَةً غَيْرَ مُتَزَوِّجَةٍ أَيْ: لَمْ يُعْرَفْ لَهَا زَوْجٌ، وَفِي حَقِّ أَمَةِ سَيِّدِهَا مُنْكِرٍ لِوَطْئِهَا، وَتُحَدُّ. قَوْلُهُ: مُتَزَوِّجَةٍ أَيْ: بِزَوْجٍ يَلْحَقُ بِهِ الْحَمْلُ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا كَانَ صَبِيًّا، أَوْ مَجْبُوبًا، أَوْ وَلَدَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ بِكَثِيرٍ، فَإِنَّهَا بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَا زَوْجَ لَهَا فَتُحَدُّ. (ص) وَلَمْ يُقْبَلْ دَعْوَاهَا الْغَصْبَ بِلَا قَرِينَةٍ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ، وَلَا يُعْرَفُ لَهَا زَوْجٌ، أَوْ كَانَتْ أَمَةً، وَلَا سَيِّدَ لَهَا، أَوْ لَهَا سَيِّدٌ وَهُوَ مُنْكِرٌ لِوَطْئِهَا، فَإِنَّهَا تُحَدُّ، وَلَا يُقْبَلُ دَعْوَاهَا الْغَصْبَ عَلَى ذَلِكَ بِلَا قَرِينَةٍ تَشْهَدُ لَهَا بِذَلِكَ، وَأَمَّا إنْ قَامَتْ لَهَا قَرِينَةٌ فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا كَمَا إذَا جَاءَتْ تَدْمَى، وَهِيَ مُسْتَغِيثَةٌ عِنْدَ النَّازِلَةِ، أَوْ أَتَتْ مُتَعَلِّقَةً بِهِ عَلَى مَا مَرَّ بَيَانُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ: وَإِنْ ادَّعَتْ اسْتِكْرَاهًا عَلَى غَيْرِ لَائِقٍ بِلَا تَعَلُّقٍ إلَخْ
. وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الزِّنَا وَأَحْكَامِهِ، وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الرَّجْمِ وَأَحْكَامِهِ فَقَالَ:(ص) يُرْجَمُ الْمُكَلَّفُ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ إنْ أَصَابَ بَعْدَهُنَّ بِنِكَاحٍ لَازِمٍ صَحَّ. (ش) قَدْ عَلِمْتَ أَنَّ أَنْوَاعَ الْحَدِّ ثَلَاثَةٌ: رَجْمٌ وَجَلْدٌ مَعَ تَغْرِيبٍ، وَجَلْدٌ مُنْفَرِدٌ وَبَدَأَ بِالرَّجْمِ؛ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ أَنْوَاعِ الْحَدِّ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُكَلَّفَ الْحُرَّ الْمُسْلِمَ إذَا عَقَدَ عَقْدًا صَحِيحًا لَازِمًا، وَوَطِئَ وَطْئًا مُبَاحًا بِانْتِشَارٍ مِنْ غَيْرِ مُنَاكَرَةٍ فِيهِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، ثُمَّ زَنَى بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يُرْجَمُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُحْصِنًا، فَقَوْلُهُ: أَصَابَ أَيْ: وَطِئَ وَعَبَّرَ بِالْإِصَابَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَمَالُ الْوَطْءِ بَلْ يَكْفِي مَغِيبُ الْحَشَفَةِ، أَوْ قَدْرِهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا، وَالضَّمِيرُ فِي بَعْدِهِنَّ لِلْأَوْصَافِ أَيْ: بَعْدَ الْأَوْصَافِ السَّابِقَةِ، وَالْبَاءُ فِي بِنِكَاحٍ بِمَعْنَى فِي أَيْ: فِي عَقْدِ نِكَاحٍ لَازِمٍ فَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: عَقْدٌ وَطْءُ السَّيِّدِ أَمَتَهُ وَبِقَوْلِهِ: لَازِمٍ نِكَاحُ الْمَعِيبِ، وَالْمَعِيبَةِ وَالْمَغْرُورِ، وَالْمَغْرُورَةِ، فَلَا يَكُونُ مُحْصَنًا لِعَدَمِ اللُّزُومِ فَإِذَا زَنَى، فَلَا يُرْجَمُ، بَلْ يُحَدُّ حَدَّ الْبِكْرِ، وَفَاعِلٍ صَحَّ الْوَطْءُ أَيْ: حَلَّ فَإِذَا زَنَى بَعْدَ أَنْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ فِي حَيْضِهَا، وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ يُحَدُّ حَدَّ الْبِكْرِ؛ لِعَدَمِ حِلِّيَّةِ الْوَطْءِ الْوَاقِعِ بَعْدَ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ اللَّازِمِ فَقَوْلُهُ: يُرْجَمُ بِالْمُثَنَّاةِ مِنْ أَسْفَلِ، وَجَوَّزَ الْبِسَاطِيُّ قِرَاءَتَهُ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، وَعَلَيْهِ فَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِقَوْلِهِ: الزِّنَا، وَهِيَ لِلْمُصَاحَبَةِ أَيْ: الزِّنَا مَصْحُوبٌ بِرَجْمِ الْمُكَلَّفِ، وَجَلْدِ الْبِكْرِ، وَتَغْرِيبِ الذَّكَرِ أَيْ: هَذَا الْحُكْمُ مَصْحُوبٌ بِهَذَا الْحُكْمِ فَهَذِهِ النُّسْخَةُ
ــ
[حاشية العدوي]
(قَوْلُهُ: وَلَوْ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ بَقَاءَ بَكَارَتِهَا) أَيْ: أَنَّهَا عَذْرَاءُ. (قَوْلُهُ: أَنْ يَتَعَمَّدُوا الشَّهَادَةَ) أَيْ: عَلَى الْعَذْرَاءِ أَيْ: يَتَعَمَّدُوا مُوجِبَ الشَّهَادَةِ وَهُوَ النَّظَرُ لِبَكَارَتِهَا فَلَا يَقْدَحُ النَّظَرُ فِي شَهَادَتِهِمْ، وَقَوْلُهُ: كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ مَرْزُوقٍ كَلَامُ ابْنِ مَرْزُوقٍ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْعَذْرَاءِ. (قَوْلُهُ: سَيِّدُهَا مُنْكِرٌ إلَخْ) أَيْ: مَا لَمْ يَكُنْ السَّيِّدُ صَغِيرًا أَيْ: وَأَمَّا ظُهُورُهُ لِمُتَزَوِّجَةٍ وَذَاتِ سَيِّدٍ مُقِرٍّ بِهِ فَلَا حَدَّ. (قَوْلُهُ: دَعْوَاهَا الْغَصْبَ) أَيْ: لَا الْوَطْءَ بِشُبْهَةٍ، أَوْ الْغَلَطَ أَوْ النَّوْمَ فَتُقْبَلُ؛ لِأَنَّ هَذَا يَقَعُ كَثِيرًا
(قَوْلُهُ: بَعْدَهُنَّ) أَيْ: بَعْدَ التَّكْلِيفِ الْمُتَضَمِّنِ لِشَيْئَيْنِ الْبُلُوغِ وَالْعَقْلِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ فَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى مُتَقَدِّمٍ مَعْنًى. (قَوْلُهُ: لَازِمٍ) أَيْ: ابْتِدَاءً أَوْ دَوَامًا أَيْ: بِأَنْ لَزِمَ بَعْدَ الدُّخُولِ بِأَنْ كَانَ فَاسِدًا فَاتَ بِالدُّخُولِ وَهَلْ بِمُجَرَّدِ الدُّخُولِ الْمُفَوِّتِ يَحْصُلُ التَّحْصِينُ، أَوْ لَا بُدَّ مِنْ وَطْءٍ ثَانٍ قَوْلَانِ فَالْوَطْءُ الثَّانِي مُحْصَنٌ بِلَا نِزَاعٍ، فَخَرَجَ فَاسِدٌ يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ، وَخَرَجَ أَيْضًا بِقَوْلِهِ: لَازِمٍ نِكَاحُ عَبْدٍ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْوَطْءُ فِي زَوْجَةٍ مُطِيقَةٍ، وَلَوْ أَمَةً مُسْلِمَةً مَجْنُونَةً، أَوْ حُرَّةً كَافِرَةً مَجْنُونَةً، وَتُرْجَمُ الْمُكَلَّفَةُ الْحُرَّةُ الْمُسْلِمَةُ الْعَاقِلَةُ إنْ أُصِيبَتْ بَعْدَهُنَّ مِنْ بَالِغٍ مُسْلِمٍ، وَإِنْ عَبْدًا أَوْ مَجْنُونًا، وَقَوْلُهُ: إذَا عَقَدَ عَقْدًا صَحِيحًا لَازِمًا إشَارَةً لِتَفْسِيرِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِنِكَاحٍ لَازِمٍ إلَخْ، فَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنِّكَاحِ الْعَقْدُ لَا الْوَطْءُ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُقَدِّمَ صَحَّ عَلَى قَوْلِهِ لَازِمًا، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ اللُّزُومِ الصِّحَّةُ فَيَضِيعُ قَوْلُهُ: صَحَّ عَنْ الْفَائِدَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ: لَازِمٍ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ الصِّحَّةِ اللُّزُومُ فَفِي ذِكْرِ اللُّزُومِ بَعْدَ الصِّحَّةِ فَائِدَةٌ. (قَوْلُهُ: وَوَطِئَ إلَخْ) شُرُوعٌ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَصَابَ أَيْ: أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِصَابَةِ الْوَطْءُ الْمُبَاحُ الَّذِي مَعَهُ انْتِشَارٌ مِنْ غَيْرِ مُنَاكَرَةٍ. وَقَوْلُهُ: ثُمَّ زَنَى إلَخْ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ الرَّجْمُ مَنُوطًا بِمُجَرَّدِ اجْتِمَاعِ الْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الزِّنَا بَعْدَ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ: وَعَبَّرَ بِالْإِصَابَةِ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَوْ عَبَّرَ بِوَطْءٍ لَأَفْهَمَ أَنَّ الْمُرَادَ الْوَطْءُ الْكَامِلُ مَعَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ، بَلْ الْمُرَادُ مُجَرَّدُ الْوَطْءِ الَّذِي يُفِيدُهُ التَّعْبِيرُ بِالْإِصَابَةِ مَعَ أَنَّهُ فَسَّرَ الْإِصَابَةَ بِالْوَطْءِ وَأَطْلَقَ. (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى فِي) وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ لِلسَّبَبِيَّةِ.
(قَوْلُهُ: فَخَرَجَ بِقَوْلِهِ: عَقْدِ وَطْءٍ) أَيْ: لِأَنَّ وَطْءَ السَّيِّدِ أَمَتَهُ لَيْسَ بِسَبَبِ عَقْدٍ بَلْ بِسَبَبِ الْمِلْكِ، وَقَوْلُهُ: فَاعِلٌ صَحَّ الْوَطْءُ إلَخْ لَا يَخْفَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا يَكُونُ فِيهِ اسْتِخْدَامٌ؛ لِأَنَّهُ أَطْلَقَ النِّكَاحَ أَوَّلًا وَأَرَادَ بِهِ الْعَقْدَ ثُمَّ رَجَعَ ضَمِيرُ صَحَّ لَهُ لَا بِاعْتِبَارِ هَذَا الْمَعْنَى، بَلْ بِاعْتِبَارِ مَعْنًى آخَرَ وَهُوَ الْوَطْءُ أَيْ: أَنَّ الْوَطْءَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا احْتِرَازًا عَنْ وَطْءِ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَالْمُعْتَدَّةِ وَالصَّائِمَةِ وَالْمُحْرِمَةِ وَالْمُعْتَكِفَةِ وَعَنْ وَطْئِهَا فِي مَسْلَكِ الْبَوْلِ، أَوْ دُبُرِهَا كَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُ شُرَّاحِهِ، فَإِذَا عَلِمْتَ هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا غَيْرُ الْمُسْتَفَادِ مِنْ حِلِّهِ أَوَّلًا وَكَأَنَّهُ ارْتَكَبَ ذَلِكَ الِاسْتِخْدَامَ دَفْعًا لِلِاعْتِرَاضِ الَّذِي أَشَرْنَا لَهُ سَابِقًا مِنْ أَنَّ الْعَقْدَ مَتَى كَانَ لَازِمًا كَانَ صَحِيحًا فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ: صَحَّ بَعْدَ قَوْلِهِ لَازِمًا. (قَوْلُهُ: وَجَوَّزَ الْبِسَاطِيُّ إلَخْ) كَانَ نُسْخَةُ الْبِسَاطِيِّ لَيْسَ فِيهَا نُقْطَتَانِ تَحْتَ صُورَةِ الْيَاءِ وَإِلَّا لَمَا كَانَ لِجَلْبِ ذَلِكَ فَائِدَةٌ. (قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ الزِّنَا) أَيْ: فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوَّلَ الْبَابِ: الزِّنَا وَطْءُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَيْ: هَذَا الْحُكْمُ) أَيْ: هَذَا الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ صُورَةٌ بِأَنَّهُ وَطْءُ إلَخْ. وَقَوْلُهُ: مَصْحُوبٌ بِهَذَا الْحُكْمِ أَيْ: بِهَذَا الْمَحْكُومِ بِهِ عَلَى الزَّانِي
مَا هِيَ فَاسِدَةٌ، بَلْ صَحِيحَةٌ، وَلَهَا مَعْنَى لَكِنْ لَا حَاجَةَ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الْإِعْرَابِيَّ لَا يُتَكَلَّفُ إلَّا إذَا كَانَ هُنَاكَ فَائِدَةٌ، وَشُرُوطُ الْإِحْصَانِ عَشْرَةٌ مَتَى تَخَلَّفَ شَرْطٌ مِنْهَا لَا يُرْجَمُ، وَهِيَ الْبُلُوغُ، وَالْعَقْلُ وَالْحُرِّيَّةُ، وَالْإِسْلَامُ، وَالْإِصَابَةُ فِي عَقْدِ نِكَاحٍ لَازِمٍ، وَوَطْءٌ صَحِيحٌ بِانْتِشَارٍ، وَعَدَمُ مُنَاكَرَةٍ، وَأَمَّا عِلْمُ الْخَلْوَةِ، فَذَكَرَ مَا يُغْنِي عَنْهُ، وَهُوَ الْإِصَابَةُ لِأَنَّهَا أَخَصُّ. (ص) بِحِجَارَةٍ مُعْتَدِلَةٍ، وَلَمْ يَعْرِفْ بُدَاءَةَ الْبَيِّنَةِ، ثُمَّ الْإِمَامُ. (ش) مُتَعَلِّقٌ بِيُرْجَمُ عَلَى قِرَاءَتِهِ بِالْفِعْلِ وَبِرَجْمٍ عَلَى قِرَاءَتِهِ بِالْمَصْدَرِ أَيْ: الرَّجْمِ بِحِجَارَةٍ مُعْتَدِلَةٍ فَلَا يُرْجَمُ بِحِجَارَةٍ كِبَارٍ خَوْفَ التَّشْوِيهِ، وَلَا بِحِجَارَةٍ صِغَارٍ خَوْفَ التَّعْذِيبِ؛ لِعَدَمِ إسْرَاعِ الْمَوْتِ فَالْمُعْتَدِلَةُ أَقْرَبُ لِلْإِجْهَازِ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَعْرِفْ مَالِكٌ حَدِيثًا صَحِيحًا، وَلَا سُنَّةً مَعْمُولًا بِهَا أَنَّ الْبَيِّنَةَ الشَّاهِدَةَ بِالزِّنَا تَبْدَأُ بِالرَّجْمِ لِلزَّانِي، ثُمَّ الْإِمَامُ ثُمَّ النَّاسُ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ، وَالْحَدِيثُ وَإِنْ وُجِدَ فِي النَّسَائِيّ وَأَبِي دَاوُد إلَّا أَنَّهُ مَا صَحَّ عِنْدَ مَالِكٍ. (ص) كَلَائِطٍ مُطْلَقًا، وَإِنْ عَبْدَيْنِ وَكَافِرَيْنِ. (ش) يَعْنِي أَنَّ اللَّائِطَ إذَا كَانَ بَالِغًا طَائِعًا فَإِنَّهُ يُقْتَلُ سَوَاءٌ كَانَ مُحْصِنًا أَمْ لَا، سَوَاءٌ كَانَا عَبْدَيْنِ، أَوْ كَافِرَيْنِ قَالَ فِيهَا: وَمَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَعَلَى الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ بِهِ الرَّجْمُ، أَحْصَنَا، أَوْ لَمْ يُحْصِنَا، وَلَا صَدَاقَ فِي ذَلِكَ فِي طَوْعٍ، أَوْ إكْرَاهٍ، وَإِنْ كَانَ الْمَفْعُولُ بِهِ مُكْرَهًا، أَوْ صَبِيًّا طَائِعًا لَمْ يُرْجَمْ، وَرُجِمَ الْفَاعِلُ، وَالشَّهَادَةُ فِيهِ كَالشَّهَادَةِ عَلَى الزِّنَا. اهـ.، وَلَيْسَ عَلَى الْعَبْدِ فِي الزِّنَا رَجْمٌ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ نِصْفَ الْعَذَابِ، وَلَا نِصْفَ لِلرَّجْمِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَإِنْ أَسْلَمَ النَّصْرَانِيُّ قَبْلَ أَنْ يُقَامَ عَلَيْهِ حَدُّ الْقَتْلِ أَوْ الْفِرْيَةِ، أَوْ السَّرِقَةِ فَإِنَّهُ يُقَامُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا حَقٌّ لِآدَمِيٍّ فَهِيَ لَازِمَةٌ لَهُ كَالدَّيْنِ، أَلَا تَرَى أَنَّهَا تُقَامُ عَلَى الْمُسْلِمِ إذَا أَتَاهَا؟ ، فَكَذَلِكَ إذَا ارْتَكَبَهَا الْكَافِرُ، ثُمَّ أَسْلَمَ، فَأَمَّا حُقُوقُ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا تُقَامُ عَلَيْهِ كَحَدِّ الزِّنَا وَالْخَمْرِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: 38] . فَقَوْلُهُ: كَلَائِطٍ أَيْ: ذِي لِوَاطٍ فَهُوَ مِنْ بَابِ النِّسْبَةِ كَتَامِرٍ أَيْ: ذِي تَمْرٍ، وَنَابِلٍ أَيْ: ذِي نُبْلٍ، وَلَيْسَ اسْمَ فَاعِلٍ مِنْ لَاطَ يَلُوطُ فَهُوَ لَائِطٌ، وَإِلَّا لَمَا صَحَّ قَوْلُهُ: مُطْلَقًا أَيْ: فَاعِلًا، أَوْ مَفْعُولًا مُحْصَنًا، أَوْ غَيْرَ مُحْصَنٍ وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ بَالِغَيْنِ، أَوْ غَيْرَ بَالِغَيْنِ طَائِعَيْنِ، أَوْ مُكْرَهَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْبُلُوغُ وَالطَّوْعُ، وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ عَبْدَيْنِ وَكَافِرَيْنِ مَعَ دُخُولِ مَا ذَكَرَ تَحْتَ الْإِطْلَاقِ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ يَقُولُ: إنَّ الْعَبْدَ يُجْلَدُ خَمْسِينَ، وَإِنَّ الْكَافِرَ يُرَدُّ إلَى حُكَّامِ مِلَّتِهِ
. (ص) وَجَلْدُ الْبِكْرِ الْحُرِّ مِائَةٌ وَتُشْطَرُ لِلرِّقِّ، وَإِنْ قَلَّ. (ش) هَذَا هُوَ النَّوْعُ الثَّانِي مِنْ أَنْوَاعِ الْحَدِّ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْبِكْرَ الْحُرَّ الْمُسْلِمَ الْبَالِغَ إذَا زَنَى، فَإِنَّهُ يُجْلَدُ مِائَةَ جَلْدَةٍ، وَيُغَرَّبُ عَامًا، وَالْمُرَادُ بِالْبِكْرِ غَيْرُ الْمُحْصَنِ، وَهُوَ مَنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ وَطْءٌ مُبَاحٌ فِي نِكَاحٍ لَازِمٍ بِأَنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ وَطْءٌ أَصْلًا، أَوْ تَقَدَّمَ لَهُ وَطْءٌ فِي أَمَتِهِ، أَوْ فِي زَوْجَتِهِ، لَكِنْ فِي حَيْضِهَا، أَوْ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ لَمْ يَفُتْ، وَفُسِخَ، وَأَمَّا الرَّقِيقُ ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى، وَإِنْ قَلَّ جُزْءُ رِقِّهِ، فَيَلْزَمُهُ خَمْسُونَ جَلْدَةً؛ لِأَنَّ الرَّقِيقَ عَلَيْهِ نِصْفُ مَا عَلَى الْحُرِّ مِنْ الْعَذَابِ، وَذَهَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَجَمَاعَةٌ إلَى أَنَّ الْأَرِقَّاءَ لَا يُجْلَدُونَ إلَّا إذَا تَزَوَّجُوا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25] وَمَعْنَى أُحْصِنَّ تَزَوَّجْنَ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُنَّ إذَا لَمْ يَتَزَوَّجْنَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِنَّ الْجَلْدُ، وَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى
ــ
[حاشية العدوي]
وَهُوَ الرَّجْمُ لِأَنَّ الشَّارِعَ حَكَمَ بِهِ عَلَى الزَّانِي الْمَرْجُومِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا: صُورَةٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ الزِّنَا وَطْءُ إلَخْ تَعْرِيفٌ لِلزِّنَا بِذَلِكَ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ حُكْمٌ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ، وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَعْنَى الْإِعْرَابِيَّ أَيْ: الْمَعْنَى الْمَنْسُوبَ لِلْإِعْرَابِ فَقَوْلُهُ: الْمَعْنَى إشَارَةٌ إلَى الْمُصَاحَبَةِ، وَقَوْلُهُ: الْأَعْرَابِيُّ إشَارَةٌ إلَى التَّعَلُّقِ الْمَذْكُورِ.
(قَوْلُهُ: وَهِيَ الْبُلُوغُ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْبُلُوغَ شَرْطٌ أَوَّلٌ الْعَقْلُ شَرْطٌ ثَانٍ وَالْحُرِّيَّةُ شَرْطٌ ثَالِثٌ وَالْإِسْلَامُ رَابِعٌ وَالْإِصَابَةُ خَامِسٌ، وَقَوْلُهُ: فِي عَقْدِ نِكَاحٍ سَادِسٍ، وَقَوْلُهُ: لَازِمٌ سَابِعٌ، وَقَوْلُهُ: وَوَطْءٌ ثَامِنٌ، وَقَوْلُهُ: صَحِيحٌ تَاسِعٌ، وَقَوْلُهُ: بِانْتِشَارٍ هُوَ الْعَاشِرُ، وَنُسْخَةُ الشَّارِحِ لَمْ يَذْكُرْ فِيهَا عَدَمَ الْمُنَاكَرَةِ ثُمَّ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ لَا يَخْفَاك أَنَّ قَوْلَهُ: وَوَطْءٌ مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ: الْإِصَابَةُ فَلَوْ حَذَفَهُ وَزَادَ بَعْدَ قَوْلِهِ: بِانْتِشَارٍ وَأَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ مُنَاكَرَةٌ لَكَانَ أَظْهَرَ فَتَدَبَّرْ. وَيُشْتَرَطُ فِي إحْصَانِ الْمَوْطُوءَةِ أَنْ يَكُونَ وَاطِئُهَا بَالِغًا وَإِنْ كَانَ رَقِيقًا أَوْ مَجْنُونًا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا أَخَصُّ) أَيْ: لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ الْإِصَابَةِ عِلْمُ الْخَلْوَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَعْرِفْ مَالِكٌ إلَخْ) أَيْ: وَلَا يَحْفِرُ لَهُ حُفْرَةً عَلَى الْمَذْهَبِ، وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ: يَحْفِرُ لِنِصْفِهِ (تَنْبِيهٌ) : لَا يَخْتَصُّ الرَّمْيُ بِالظَّهْرِ بَلْ بِمَوَاضِعِ الْمَقَاتِلِ الظَّهْرِ وَغَيْرِهِ وَمِنْ السُّرَّةِ إلَى فَوْقَ، وَيَجْتَنِبُ الْوَجْهَ، وَالْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ إذْ هُوَ مِنْ التَّعْذِيبِ وَلَيْسَتْ بِمَقَاتِلَ. اهـ. الْمَقْصُودُ مِنْ تت أَقُولُ: وَظَاهِرُهُ أَنَّ الرَّأْسَ لَا يُتَّقَى قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُتَّقَى كَالْوَجْهِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُشَوَّهًا بِهِ إذَا ضُرِبَ عَلَى رَأْسِهِ. اهـ. تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْإِمَامُ) أَيْ: أَنَّ الْحَاكِمَ قَبْلَ النَّاسِ ثُمَّ النَّاسَ عَقِبَهُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَسْقَطَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَ الْمُدَوَّنَةِ: ثُمَّ النَّاسَ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ لَفْظِ بُدَاءَةٍ يُغْنِي عَنْهُ. (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ مُحْصِنًا أَمْ لَا) ذَكَرَ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ أَنَّ مُحْصَنًا وَمُسْهَبًا وَمُلْقَحًا بِالْفَتْحِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ، وَيَجُوزُ الْكَسْرُ فِيهَا عَلَى الْقِيَاسِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: أَوْ كَافِرَيْنِ) لَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُ: وَإِنْ لِوَاطًا؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِي بَيَانِ كَوْنِهِ زِنًا وَهَذَا فِي بَيَانِ الرَّجْمِ. (قَوْلُهُ: أَوْ الْفِرْيَةُ) أَيْ: الْقَذْفُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ الْبُلُوغُ وَالطَّوْعُ) اعْلَمْ أَنَّ الْمَفْعُولَ يُشْتَرَطُ فِي رَجْمِهِ تَكْلِيفُهُ وَطَوْعُهُ وَكَوْنُ وَاطِئِهِ بَالِغًا وَإِلَّا لَمْ يُرْجَمْ الْمَفْعُولُ
. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَلَّ) أَيْ: كَمُبَعَّضٍ أَيْ: وَكَذَا مَنْ فِيهِ عَقْدُ حُرِّيَّةٍ كَمُدَبَّرٍ وَمُكَاتَبٍ وَأُمِّ وَلَدٍ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ، وَقَوْلُهُ: وَيُغَرَّبُ إلَخْ الْمُنَاسِبُ حَذْفُهُ، وَإِلَّا لَاتَّحَدَ النَّوْعُ الثَّانِي وَالثَّالِثُ. قَوْلُهُ:{فَإِذَا أُحْصِنَّ} [النساء: 25] إلَخْ) وَالْعَبْدُ فِي مَعْنَى الْأَمَةِ مِنْ بَابِ لَا فَارِقَ
قِرَاءَةِ ضَمِّ الْهَمْزَةِ مِنْ أُحْصِنَّ، أَمَّا عَلَى فَتْحِهَا فَمَعْنَاهُ أَسْلَمْنَ، وَهَذَا قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ وَعَلَى الْقِرَاءَةِ الْأُولَى فَلَا حُجَّةَ فِي الْآيَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ عَلَيْهِمْ الْجَلْدُ مَعَ الْإِحْصَانِ دُونَ الرَّجْمِ فِي التَّزْوِيجِ فَلَأَنْ لَا يَجِبَ عَلَيْهِمْ الرَّجْمُ إذَا لَمْ يَتَزَوَّجْنَ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، فَالْآيَةُ سَبَقَتْ لِنَفْيِ الرَّجْمِ عَنْ الْأَرِقَّاءِ، وَذَلِكَ بِمَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ
. (ص) وَتُحُصِّنَ كُلٌّ دُونَ صَاحِبِهِ بِالْعِتْقِ وَالْوَطْءِ بَعْدَهُ. (ش) يَعْنِي أَنَّ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ الرَّقِيقَيْنِ إذَا أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ، ثُمَّ أَصَابَ صَاحِبَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَتَحَصَّنُ دُونَ صَاحِبِهِ الَّذِي لَمْ يَحْصُلْ لَهُ عِتْقٌ، وَكَذَلِكَ إذَا أَسْلَمَ الزَّوْجُ ثُمَّ أَصَابَ صَاحِبَهُ فَإِنَّهُ يَتَحَصَّنُ وَتَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْوَطْءِ الَّذِي يُحْصِنُ أَنْ يَكُونَ بِانْتِشَارٍ، وَأَنْ لَا يَكُونَ مَمْنُوعًا، وَأَنْ لَا يَكُونَ فِيهِ مُنَاكَرَةٌ كَمَا فِي الْإِحْلَالِ قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَبِعِبَارَةِ وَتُحُصِّنَ إلَخْ قَضِيَّةٌ مُهْمَلَةٌ فِي قُوَّةِ الْجُزْئِيَّةِ، وَكُلٌّ فَاعِلٌ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ السُّوءُ فَهُوَ فِي قُوَّةِ قَوْلِنَا: وَقَدْ يَتَحَصَّنُ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ دُونَ صَاحِبِهِ، وَقَدْ يَتَحَصَّنَانِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ قَدْ يَتَحَصَّنُ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ، وَقَدْ لَا يَتَحَصَّنَانِ، وَقَدْ يَتَحَصَّنُ الزَّوْجُ دُونَ الزَّوْجَةِ، أَوْ بِالْعَكْسِ وَلَوْ قَالَ: بِكَالْعِتْقِ، وَيَكُونُ الضَّمِيرُ فِي بَعْدِهِ رَاجِعًا لِكَالْعِتْقِ، وَيَكُونُ شَامِلًا لِجَمِيعِ الصُّوَرِ كَانَ أَحْسَنَ لَكِنْ إنَّمَا خَصَّ الْعِتْقَ؛ لِأَنَّهُ الْمُطَّرِدُ، وَأَمَّا الْإِسْلَامُ فَلَا يَطَّرِدُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَأَتَّى مِنْ جَانِبِ الرَّجُلِ، وَلَا يَتَأَتَّى فِي حُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ تَحْتَ كَافِرٍ
. (ص) وَغُرِّبَ الذَّكَرُ الْحُرُّ فَقَطْ عَامًا. (ش) هَذَا هُوَ النَّوْعُ الثَّالِثُ مِنْ أَنْوَاعِ الْحَدِّ، وَهُوَ التَّغْرِيبُ مَعَ الْحَدِّ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْحُرَّ الذَّكَرَ إذَا زَنَى فَإِنَّهُ يُحَدُّ مِائَةً، وَيُغَرَّبُ عَامًا كَامِلًا مِنْ يَوْمِ سِجْنِهِ فِي الْبَلَدِ الَّذِي نُفِيَ إلَيْهِ، وَأَمَّا الْعَبْدُ فَلَا تَغْرِيبَ عَلَيْهِ لِمَا يَلْحَقُ سَيِّدَهُ مِنْ الضَّرَرِ ذَكَرًا كَانَ، أَوْ أُنْثَى، وَكَذَا الْحُرَّةُ لَا تَغْرِيبَ عَلَيْهَا لَمَا يُخْشَى عَلَيْهَا مِنْ الزِّنَا بِسَبَبِ ذَلِكَ، وَلَوْ رَضِيَ سَيِّدُ الْعَبْدِ، أَوْ رَضِيَتْ الْمَرْأَةُ وَزَوْجُهَا، وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ: غُرِّبَ أَنَّهُ لَوْ غَرَّبَ نَفْسَهُ لَا يَكْفِي، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: وَغُرِّبَ الذَّكَرُ الْحُرُّ، وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ؛ لِأَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ. (ص) وَأَجْرُهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحُرَّ الذَّكَرَ الَّذِي يُغَرَّبُ أُجْرَةُ حَمْلِهِ إلَى الْبَلَدِ الَّذِي يُنْفَى إلَيْهِ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ، فَإِنَّهَا تَكُونُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ، وَكَذَا الْمُحَارِبُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْتُ مَالٍ، أَوْ لَمْ يُتَوَصَّلْ إلَيْهِ فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَتَجَوَّزَ الْمُؤَلِّفُ فِي الْأُجْرَةِ أَيْ: أُجْرَةِ الْحَمْلِ وَالْمَأْكَلِ وَالْمَشْرَبِ، وَالْغِطَاءِ وَالْوَطْءِ وَالسِّجْنِ. (ص) كَفَدَكَ وَخَيْبَرَ مِنْ الْمَدِينَةِ. (ش) فَدَكُ قَرْيَةٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ يَوْمَانِ، وَقِيلَ: ثَلَاثُ مَرَاحِلَ وَخَيْبَرُ قَرْيَةٌ أَيْضًا فَيُنْفَى الزَّانِي وَالْمُحَارِبُ إلَى
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: وَعَلَى الْقِرَاءَةِ الْأُولَى إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ لَا يَظْهَرُ وَذَلِكَ لِأَنَّ مَفْهُومَ الْآيَةِ قَطْعًا أَنَّهُمْ إذَا لَمْ يُحْصِنُوا لَا جَلْدَ عَلَيْهِمْ.
(تَنْبِيهٌ) : يُنْدَبُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَكُونَ الْجَلْدُ مَعَ حُضُورِ جَمَاعَةٍ أَرْبَعَةٍ، أَوْ اثْنَيْنِ وَهُمَا لِمَالِكٍ قِيلَ: الْحُضُورُ لِلزَّجْرِ، وَقِيلَ: لِلدُّعَاءِ بِالتَّوْبَةِ، وَيُفْهَمُ مِنْ الْقُرْطُبِيِّ أَنَّ الْحُضُورَ فِي الْجَلْدِ دُونَ الرَّجْمِ. اهـ. إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّهُ يُقَدَّمُ الْإِمَامُ ثُمَّ النَّاسُ، وَأَمَّا عَلَى الْقِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ، وَهِيَ أَحْصَنَّ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ فَهِيَ شَاهِدَةٌ لَنَا وَتَكُونُ عَامَّةً فَلَا تَخْتَصُّ بِالْقِرَاءَةِ الْأُولَى، ثُمَّ إنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ قَوْلَهُ: وَعَلَى الْقِرَاءَةِ الْأُولَى يُنَافِي قَوْلَهُ: إنَّمَا يَتَأَتَّى إلَخْ، فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: عَلَى أَنَّا نَقُولُ إلَخْ وَلَا يَخْفَى أَنَّ قِرَاءَةَ أَحْصَنَّ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ ثَابِتَةٌ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ لِأَنَّهَا سَبُعِيَّةٌ فَلَعَلَّ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ فِيهَا أَنَّهَا مِنْ بَابِ حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَأَمَّا الْجُمْهُورُ فَيَقُولُونَ: أَنَّ الْآيَةَ الْمُقَيَّدَةَ وَرَدَتْ عَلَى سَبَبٍ خَاصٍّ فَلَا تُقَيِّدُ الْمُطْلَقَ
(قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْإِحْلَالِ) أَيْ: إحْلَالِ الْمَبْتُوتَةِ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ فِي قُوَّةِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهَا كُلِّيَّةٌ لِقَوْلِهِ بِالْعِتْقِ، وَقَوْلُهُ: وَقَدْ يَتَحَصَّنَانِ أَيْ: إذَا عَتَقَ كُلٍّ مِنْهُمَا وَحَصَلَ الْوَطْءُ أَيْ: وَقَدْ لَا يَتَحَصَّنُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَقَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ أَيْ: حَاصِلُ الْمُصَنِّفِ، وَقَوْلُهُ: كُلٌّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ بِأَنْ تَجْتَمِعَ الشُّرُوطُ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي كُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ، وَقَوْلُهُ: وَقَدْ لَا يَتَحَصَّنَانِ كَمَا إذَا اخْتَلَّتْ الشُّرُوطُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَقَوْلُهُ: وَقَدْ يَتَحَصَّنُ الزَّوْجُ دُونَ الزَّوْجَةِ بِأَنْ وُجِدَتْ الشُّرُوطُ الْمُتَقَدِّمَةُ فِيهِ فَقَطْ وَكَذَا يُقَالُ فِي عَكْسِهِ. (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ شَامِلًا لِجَمِيعِ الصُّوَرِ) أَيْ: فَيَشْمَلُ الْعَقْلَ وَالْإِسْلَامَ وَالْبُلُوغَ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْعَقْلَ مُطَّرِدٌ كَالْعِتْقِ، وَأَمَّا الْإِسْلَامُ فَلَا يَطَّرِدُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَكَذَا الْبُلُوغُ لَا يَطَّرِدُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ فِي بُلُوغِ الزَّوْجِ فَيَتَحَصَّنُ بِبُلُوغِهِ وَوَطْئِهِ لِزَوْجَتِهِ الَّتِي لَمْ تَبْلُغْ وَلَا يَتَأَتَّى فِي الْعَكْسِ؛ لِأَنَّهَا إذَا بَلَغَتْ وَوَطِئَهَا زَوْجُهَا الصَّبِيُّ لَا يَتَحَصَّنُ، وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْمُطَّرِدُ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْعَقْلَ لَا يَطَّرِدُ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَطَّرِدُ، وَقَوْلُهُ: وَأَمَّا الْإِسْلَامُ فَلَا يَطَّرِدُ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْبُلُوغَ لَيْسَ مِثْلَهُ فَتَدَبَّرْ حَقَّ التَّدَبُّرِ
. (قَوْلُهُ: وَغُرِّبَ الذَّكَرُ إلَخْ) أَيْ: الْمُتَوَطِّنُ لَا مِنْ زِنًا بِفَوْرِ نُزُولِهِ بِبَلَدٍ فَيُجْلَدُ وَيُسْجَنُ بِهَا عَلَى مَا يَأْتِي وَإِنَّمَا غُرِّبَ عُقُوبَةً لَهُ لِيَنْقَطِعَ عَنْ أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ وَمَعَاشِهِ، وَتَلْحَقُهُ الْمَذَلَّةُ بِغَيْرِ بَلَدِهِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ رَضِيَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مُنَافٍ لِمُقْتَضَى قَوْلِهِ: بِمَا يَلْحَقُ سَيِّدَهُ مِنْ الضَّرَرِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ الضَّرَرُ عَلَى ضَرَرٍ فِي الْبَدَنِ مُشْتَقٍّ. (قَوْلُهُ: وَأَجْرُهُ عَلَيْهِ) أَيْ: الْحُرُّ الذَّكَرُ مِنْ حَمْلِهِ ذَهَابًا وَإِيَابًا. (قَوْلُهُ: فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ إلَخْ) اُنْظُرْهُ فَإِنَّهُ مُخَالِفٌ لِلنَّصِّ إذْ الْمُرَادُ بِبَيْتِ الْمَالِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ: وَكِرَاؤُهُ فِي مَسِيرِهِ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ فِي الزَّانِي وَالْمُحَارِبِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَفِي مَالِ الْمُسْلِمِينَ وَقَالَهُ أَصْبَغُ. (قَوْلُهُ: وَتَجَوَّزَ الْمُؤَلِّفُ فِي الْأَجْرِ) أَيْ: فَأَرَادَ بِالْأَجْرِ مَا يَشْمَلُ ثَمَنَ الْمَأْكَلِ وَالْمَشْرَبِ إلَخْ فَهُوَ مِنْ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ أَوْ مِنْ عُمُومِ الْمَجَازِ عَلَى الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَالْمَأْكَلِ إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: الْحَمْلِ وَالْمَعْنَى وَأَجْرُ الْمَأْكَلِ أَيْ: ثَمَنُهُ. (قَوْلُهُ: كَفَدَكَ إلَخْ) بِالصَّرْفِ وَعَدَمِهِ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ أَسْمَاءُ الْبِقَاعِ يَجُوزُ فِيهَا الصَّرْفُ وَعَدَمُهُ بِاعْتِبَارِ الْمَوْضِعِ وَالْبُقْعَةِ. (قَوْلُهُ: وَخَيْبَرَ) قَرْيَةٌ أَيْضًا بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَفَدَكُ بِفَتْحَتَيْنِ قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى خَيْبَرَ فَقَوْلُهُ: وَخَيْبَرَ عَطْفُ عَامٍّ عَلَى خَاصٍّ أَيْ: شَبِيهٌ بِهِ وَلَعَلَّ
إحْدَاهُمَا، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام نَفَى مِنْ الْمَدِينَةِ إلَى خَيْبَرَ، وَنَفَى عَلِيٌّ مِنْ الْكُوفَةِ إلَى الْبَصْرَةِ. (ص) فَيُسْجَنُ سَنَةً. (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّانِيَ أَوْ الْمُحَارِبَ إذَا غُرِّبَ فَإِنَّ الزَّانِيَ يُسْجَنُ سَنَةً، وَالْمُحَارِبَ يُسْجَنُ حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ، وَأَوَّلُ السَّنَةِ مِنْ حِينِ سِجْنِهِ فِي الْبَلَدِ الَّذِي يُنْفَى إلَيْهِ، فَذِكْرُ الْعَامِ قَبْلَهُ لَا فَائِدَةَ لَهُ مَعَ أَنَّ سِجْنَهُ قَدْ يَتَأَخَّرُ بَعْدَ دُخُولِ بَلَدِ التَّغْرِيبِ، فَيَكُونُ التَّغْرِيبُ حِينَئِذٍ أَكْثَرَ مِنْ عَامٍ، فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى مَا هُنَا كَانَ أَنْسَبَ. (ص) وَإِنْ عَادَ أُخْرِجَ ثَانِيَةً. (ش) أَيْ: فَإِنْ عَادَ الَّذِي غُرِّبَ وَسُجِنَ قَبْلَ مُضِيِّ سَنَةٍ مِنْ يَوْمِ سُجِنَ، فَإِنَّهُ يُخْرَجُ مَرَّةً ثَانِيَةً إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ بِهِ، أَوْ إلَى غَيْرِهِ مِنْ الْجِهَاتِ وَلِهَذَا عَبَّرَ بِالْخُرُوجِ دُونَ أُعِيدَ الْمُقْتَضِي لِإِعَادَتِهِ فِي مَوْضِعِهِ الْأَوَّلِ، فَالْإِخْرَاجُ أَعَمُّ مِنْ الْعَوْدِ وَلَيْسَ لَك أَنْ تَقُولَ: عَادَ لِلزِّنَا ثَانِيَةً، وَهُوَ فِي السِّجْنِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ مَنْصُوصَةً، وَإِنَّمَا تَرَدَّدَ فِي التَّوْضِيحِ فِيهَا وَفِي الْغَرِيبِ إذَا زَنَى، وَلَفْظُهُ: وَانْظُرْ لَوْ زَنَى فِي الْمَكَانِ الَّذِي نُفِيَ فِيهِ، أَوْ زَنَى الْغَرِيبُ بِغَيْرِ بَلَدِهِ هَلْ يَكُونُ سِجْنُهُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي زَنَى فِيهِ تَغْرِيبًا؟ . . اهـ. قَالَ بَعْضُهُمْ وَالظَّاهِرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهُ إنْ تَأَنَّسَ فِي السِّجْنِ مِنْ الْمَسْجُونِينَ بِحَيْثُ لَمْ يَتَوَحَّشْ بِهِ غُرِّبَ لِمَوْضِعٍ آخَرَ لِيُسْجَنَ فِيهِ، وَإِلَّا فَفِي سِجْنِهِ الْأَوَّلِ، وَالْغَرِيبُ إنْ كَانَ بِفَوْرِ نُزُولِهِ قَبْلَ أَنْ يَتَأَنَّسَ بِأَهْلِ الْبَلَدِ الَّتِي زَنَى بِهَا سُجِنَ فِيهَا، وَإِلَّا أُخْرِجَ لِبَلَدٍ آخَرَ
. (ص) وَتُؤَخَّرُ الْمُتَزَوِّجَةُ لِحَيْضَةٍ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ الْمُتَزَوِّجَةَ إذَا لَزِمَهَا حَدُّ الزِّنَا، فَإِنَّهُ لَا يُقَامُ عَلَيْهَا حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً وَاحِدَةً خَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ بِهَا حَمْلٌ، وَمِنْ بَابِ أَوْلَى تَأْخِيرُ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهَا إذَا كَانَتْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ، فَإِذَا وَضَعَتْ أُخِّرَتْ فِي الْجَلْدِ لِنِفَاسِهَا؛ لِأَنَّهَا مَرِيضَةٌ لَا فِي الرَّجْمِ إلَّا إذَا لَمْ يُوجَدْ مَنْ تُرْضِعُ الطِّفْلَ. (ص) وَبِالْجَلْدِ اعْتِدَالُ الْهَوَاءِ. (ش) يَعْنِي وَيَنْتَظِرُ بِالْجَلْدِ اعْتِدَالَ الْهَوَاءِ بِالْمَدِّ، فَلَا يَجْلِدُ فِي الْبَرْدِ وَالْحَرِّ الْمُفْرِطَيْنِ خَوْفَ الْهَلَاكِ وَالتَّأْخِيرُ لِلْبَرْدِ نَصَّ عَلَيْهِ مَالِكٌ، وَأَلْحَقَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْحَرَّ، وَأَمَّا الْهَوَى بِالْقَصْرِ فَهُوَ مَيْلُ النَّفْسِ
. (ص) وَأَقَامَهُ الْحَاكِمُ وَالسَّيِّدُ إنْ لَمْ يَتَزَوَّجْ بِغَيْرِ مِلْكِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَدَّ رَجْمًا، أَوْ جَلْدًا لَا يُقِيمُهُ عَلَى الْأَحْرَارِ وَالْعَبِيدِ إلَّا السُّلْطَانَ، وَلِلسَّيِّدِ أَنْ يُقِيمَ عَلَى مَمْلُوكِهِ حَدَّ الزِّنَا بِشَرْطَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْمَمْلُوكُ خَالِيًا مِنْ الزَّوَاجِ، أَوْ مُتَزَوِّجًا بِمِلْكِ سَيِّدِهِ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ لَهُ زَوْجَةٌ حَرَّةٌ، أَوْ أَمَةٌ لِغَيْرِ سَيِّدِهِ، فَلَا يُقِيمُ الْحَدَّ عَلَيْهِ إلَّا الْإِمَامُ. ثَانِيهِمَا: أَنْ يَثْبُتَ الزِّنَا عَلَى الرَّقِيقِ بِإِقْرَارِهِ، أَوْ بِظُهُورِ حَمْلٍ، أَوْ بِشَهَادَةِ أَرْبَعَةِ ذُكُورٍ أَحْرَارٍ غَيْرِ السَّيِّدِ فَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ أَحَدَهُمْ رُفِعَ إلَى الْإِمَامِ إذْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْلِدَ بِعِلْمِهِ، فَقَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَتَزَوَّجْ بِغَيْرِ مِلْكِهِ بِأَنْ لَمْ يَتَزَوَّجْ أَصْلًا، أَوْ تَزَوَّجَ بِمِلْكِهِ، فَالْجَارُ وَالْمَجْرُورُ الْأَوَّلُ مُتَعَلِّقٌ بِتَزَوَّجَ، وَالثَّانِي مُتَعَلِّقٌ بِإِقَامَةٍ، وَالْأَوَّلُ مِنْهُمَا قَيْدٌ فِي إقَامَةِ السَّيِّدِ فَقَطْ، وَالثَّانِي قَيْدٌ فِيهِ وَفِي الْحَاكِمِ، ثُمَّ إنَّ الضَّمِيرَ فِي أَقَامَهُ إنْ رَجَعَ لِلْجَلْدِ صَحَّ فِي السَّيِّدِ وَفَسَدَ فِي الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّهُ يُقِيمُ الْحَدَّ مُطْلَقًا وَإِنْ رَجَعَ لِلْحَدِّ مُطْلَقًا صَحَّ فِي الْحَاكِمِ، وَفَسَدَ فِي السَّيِّدِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُقِيمُ الْجَلْدَ فَيُجْعَلُ مُشْتَرَكًا، فَيَرْجِعُ لِلْحَدِّ مُطْلَقًا فِي الْحَاكِمِ، وَلِلْجَلْدِ فِي السَّيِّدِ، فَيَكُونُ مِنْ بَابِ عِنْدِي دِرْهَمٌ وَنِصْفُهُ أَيْ: وَأَقَامَ السَّيِّدُ عَلَى مَمْلُوكِهِ حَدَّ الزِّنَا وَالْقَذْفِ وَالْخَمْرِ لَا السَّرِقَةِ، فَلَا يُقِيمُهَا عَلَى الْعَبْدِ إلَّا الْوَالِي، فَإِنْ قَطَعَهُ السَّيِّدُ دُونَ الْوَالِي، وَكَانَتْ الْبَيِّنَةُ عَادِلَةً، وَأَصَابَ وَجْهَ الْقَطْعِ عُوقِبَ، وَوَجَّهَهُ بَعْضٌ لِئَلَّا يُمَثِّلَ النَّاسُ بِعَبِيدِهِمْ وَيَدَّعُوا سَرِقَتَهُمْ
. (ص) وَإِنْ أَنْكَرَتْ الْوَطْءَ
ــ
[حاشية العدوي]
الْمَعْنَى يُغَرَّبُ إلَى فَدَكَ بِعَيْنِهَا أَوْ خَيْبَرَ بِعَيْنِهَا أَوْ قَرْيَةٍ مِنْ قُرَاهَا فَدَكًا أَوْ غَيْرَهَا. (قَوْلُهُ: وَنَفَى عَلَى إلَخْ) وَيَجُوزُ النَّفْيُ مِنْ مِصْرَ إلَى الْحِجَازِ كَمَا قَالَهُ مَالِكٌ. (قَوْلُهُ: فَذِكْرُ الْعَامِّ) أَيْ: لَفْظُ عَامٍ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَخْرُجُ إلَيْهِ) وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَبْنِي وَيُلْغِي مَا بَيْنَ السِّجْنَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَك أَنْ تَقُولَ إلَخْ) أَقُولُ: وَيَحْتَمِلُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضٌ أَنَّ مَعْنَى عَادَ لِلزِّنَا بَعْدَ مُضِيِّ السَّنَةِ، وَإِطْلَاقُهُ أَخْرَجَ بَعْدَ جَلْدِهِ مِائَةَ مَرَّةٍ ثَانِيَةً لِلسِّجْنِ فِي الْأَوَّلِ أَوْ غَيْرِهِ
. (قَوْلُهُ: الْمُتَزَوِّجَةُ) أَيْ: فِي الرَّجْمِ وَالْجَلْدِ، وَمِثْلُ الْمُتَزَوِّجَةِ ذَاتُ السَّيِّدِ أَيْ: وَأَمَّا مَا لَا زَوْجَ لَهَا وَلَا سَيِّدَ لَا تُؤَخَّرُ لِحَيْضَةٍ إنْ لَمْ يَمْضِ لِمَاءِ الزَّانِي أَرْبَعُونَ يَوْمًا بِبَطْنِهَا، أَوْ مَضَى وَلَا يُمْكِنُ حَمْلُهَا وَإِلَّا أُخِّرَتْ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ حَمْلُهَا تُحَدُّ عَاجِلًا كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ أَوْ سَيِّدٍ، أَوْ خَلِيَّةً فَإِنْ أَمْكَنَ حَمْلُهَا أُخِّرَتْ كَانَتْ ذَاتَ زَوْجٍ، أَوْ سَيِّدٍ أَوْ خَلِيَّةً إنْ مَكَثَ مَاءُ الزَّانِي بِبَطْنِهَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا حَتَّى تَحِيضَ، أَوْ يَمْضِيَ لَهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ مِنْ الزِّنَا، وَلَمْ يَتَبَيَّنْ بِهَا حَمْلٌ، وَكَذَا أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعِينَ فِي ذَاتِ الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ حَيْثُ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا وَقَامَ بِحَقِّهِ تُؤَخَّرُ خَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ بِهَا حَمْلٌ لَا إنْ اسْتَبْرَأَهَا، أَوْ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا، وَلَمْ تَقُمْ بِحَقِّهِ فَلَا تُؤَخَّرُ وَيَقُومُ مَقَامَ الْحَيْضَةِ فِيمَنْ لَمْ تَحِضْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ حَيْثُ لَمْ تَحِضْ فِيهَا وَكُلُّ هَذَا حَيْثُ لَمْ يَظْهَرْ حَمْلٌ، وَإِلَّا أُخِّرَتْ لِوَضْعِهِ. (قَوْلُهُ: الْمُفْرِطَيْنِ) أَيْ: فِي أَيِّ فَصْلٍ كَانَ فَالْمَدَارُ عَلَى اعْتِدَالِ الْهَوَاءِ فِي أَيِّ فَصْلٍ كَانَ
. (قَوْلُهُ: وَالسَّيِّدُ) أَيْ: وَإِقَامَةُ السَّيِّدِ أَيْ: جَوَازًا وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْحَاكِمِ عِنْدَ بَهْرَامَ وَلَهُ أَنْ يَرْفَعَهُ إلَى الْحَاكِمِ لِيُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدَّ.
(تَنْبِيهٌ) : قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَأَقَامَهُ أَيْ: حَدَّ الزِّنَا وَكَذَلِكَ حَدُّ الْخَمْرِ أَيْ: وَالْقَذْفِ، وَأَمَّا حَدُّ السَّرِقَةِ فَلَا يُقِيمُهُ إلَّا السُّلْطَانُ فَإِنْ أَقَامَهُ السَّيِّدُ عَلَى وَجْهِ الْحَقِّ بِشُرُوطِهِ أُدِّبَ لِتَعَدِّيهِ عَلَى الْإِمَامِ؛ لِئَلَّا يُمَثِّلَ النَّاسُ بِعَبِيدِهِمْ وَيَدَّعُونَ سَرِقَتَهُمْ.
(قَوْلُهُ: إلَّا السُّلْطَانُ) أَيْ: فَالْمُرَادُ بِالْحَاكِمِ السُّلْطَانُ أَيْ: وَمِثْلُهُ الْقَاضِي لَا كُلُّ حَاكِمٍ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُقِيمُ الْحَدَّ عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ: لِمَا يَلْحَقُ الزَّوْجَةَ الْحُرَّةَ، أَوْ سَيِّدَ الْأَمَةِ مِنْ الْمَعَرَّةِ. (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي قَيْدٌ فِيهِ وَفِي الْحَاكِمِ) لَا يَخْفَى أَنَّ مَا سَبَقَ مِنْ كَلَامِهِ يَقْتَضِي تَخْصِيصَ الشَّرْطَيْنِ بِالسَّيِّدِ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُتَوَهَّمَ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلسَّيِّدِ لَا الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَنِدُ لِعِلْمِهِ فِي شَيْءٍ إلَّا فِي تَعْدِيلٍ وَتَجْرِيحٍ. (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ مِنْ بَابِ عِنْدِي دِرْهَمٌ وَنِصْفُهُ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَابِهِ فَتَأَمَّلْ.