المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب الحرابة وما يتعلق بها] - شرح الخرشي على مختصر خليل - ومعه حاشية العدوي - جـ ٨

[الخرشي = الخراشي - العدوي]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابٌ أَحْكَامُ الدِّمَاءِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[بَاب الْبَغْيَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[بَاب الرِّدَّةَ وَالسَّبَّ وَأَحْكَامَهُمَا وَمَا يَتَعَلَّق بِذَلِكَ]

- ‌[بَابٌ حَدَّ الزِّنَا وَحُكْمَهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[بَابٌ حَدَّ الْقَذْفِ وَحُكْمَهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[بَاب السَّرِقَةَ]

- ‌[بَاب الْحِرَابَةَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[بَاب حَدَّ الشَّارِبِ وَأَشْيَاءَ تُوجِبُ الضَّمَانَ وَدَفْعَ الصَّائِلِ]

- ‌[بَاب الْعِتْقَ وَأَحْكَامَهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[أَرْكَانُ الْعِتْقُ]

- ‌ الْعِتْقَ يَجِبُ بِالنَّذْرِ

- ‌[الْجَنِينَ لَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ فِي بَيْعٍ وَلَا فِي عِتْقٍ]

- ‌لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْعَبْدِ وَالْوَلَاءُ لَهُ

- ‌[بَابٌ فِي التَّدْبِيرُ]

- ‌ صَرِيحِ التَّدْبِيرِ

- ‌[مَا يَبْطُلُ بِهِ التَّدْبِيرُ]

- ‌[بَاب الْمُكَاتَبَ وَالْكِتَابَةَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌ بَيْعِ الْكِتَابَةِ

- ‌مُكَاتَبَةِ جَمَاعَةٍ لِمَالِكٍ

- ‌[الْمُكَاتَبَة بِلَا مُحَابَاةٍ]

- ‌[الْخِيَارَ فِي حَالِ عَقْدِ الْكِتَابَةِ]

- ‌ الْمُكَاتَبَ إذَا مَاتَ عَنْ مَالٍ

- ‌ الْكَافِرَ إذَا كَاتَبَ عَبْدَهُ الْمُسْلِمَ

- ‌ الْمُكَاتَبَ إذَا لَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ

- ‌ الْمُكَاتَبَ إذَا قَتَلَهُ شَخْصٌ

- ‌الْقَوْلُ لِلسَّيِّدِ فِي الْكِتَابَةِ وَالْأَدَاءِ لَا الْقَدْرِ وَالْأَجَلِ وَالْجِنْسِ

- ‌[بَابٌ فِي أَحْكَامُ أُمِّ الْوَلَدِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌ أُمَّ الْوَلَدِ لَا تَجُوزُ كِتَابَتُهَا

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوَلَاءُ]

- ‌ الْوَلَاءَ لَا يَكُونُ إلَّا لِمُعْتِقٍ

- ‌ الْوَلَاءَ لَا تَرِثُهُ النِّسَاءُ

- ‌[بَابٌ فِي الْوَصَايَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[أَرْكَانُ الْوَصِيَّةِ]

- ‌ الْوَصِيَّةُ لِلْمَيِّتِ

- ‌ الْوَصِيَّةَ تَصِحُّ لِلذِّمِّيِّ

- ‌[مَا تَبْطُلُ بِهِ الْوَصِيَّةُ]

- ‌ أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ بَعْدَ أُخْرَى

- ‌[الْوَصِيَّةُ لِلْجِيرَانِ]

- ‌ أَوْصَى لَهُ بِمَا لَيْسَ فِي التَّرِكَةِ

- ‌ شُرُوطِ الْوَصِيِّ الَّذِي تُسْنَدُ إلَيْهِ الْوَصِيَّةُ

- ‌[بَابٌ فِي الْفَرَائِضُ]

- ‌ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ

- ‌[قِسْمَةِ التَّرِكَةِ عَلَى الْفَرِيضَة]

- ‌الْمُنَاسَخَةُ عَلَى قِسْمَيْنِ

- ‌[فَصْلُ فِي الْمُنَاسَخَةِ]

- ‌لَا يَرِثُ مُلَاعِنٌ وَمُلَاعِنَةٌ

- ‌[مَوَانِعِ الْإِرْثِ]

- ‌وُقِفَ الْقَسْمُ لِلْحَمْلِ وَمَالُ الْمَفْقُودِ لِلْحُكْمِ بِمَوْتِهِ

- ‌ إرْثِ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ

الفصل: ‌[باب الحرابة وما يتعلق بها]

الْعَبْدُ عَلَى نَفْسِهِ، فَإِنَّهُ يَثْبُتُ الْقَطْعُ عَلَى الْعَبْدِ مِنْ غَيْرِ غَرَامَةٍ عَلَى سَيِّدِهِ وَمَا قَرَّرْنَا عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ أَوْ أَقَرَّ السَّيِّدُ فِي الْغُرْمِ بِلَا قَطْعٍ، وَإِنْ أَقَرَّ الْعَبْدُ، فَالْعَكْسُ هُوَ الَّذِي فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَهُوَ الصَّوَابُ، وَأَمَّا نُسْخَةُ أَوْ أَقَرَّ الْعَبْدُ فَالْغُرْمُ، فَفِيهَا نَظَرٌ

. (ص) وَوَجَبَ رَدُّ الْمَالِ إنْ لَمْ يُقْطَعْ مُطْلَقًا، أَوْ قُطِعَ إنْ أَيْسَرَ إلَيْهِ مِنْ الْأَخْذِ. (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّارِقَ إذَا لَمْ يُقْطَعْ إمَّا لِعَدَمِ كَمَالِ النِّصَابِ الشَّاهِدِ عَلَيْهِ بِالسَّرِقَةِ، أَوْ لِعَدَمِ النِّصَابِ الْمَسْرُوقِ مِنْ الْحِرْزِ، أَوْ كَانَ نِصَابًا إلَّا أَنَّهُ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّ الْمَالَ الْمَسْرُوقَ يُرَدُّ لِرَبِّهِ سَوَاءٌ ذَهَبَ مِنْ السَّارِقِ أَمْ لَا كَانَ السَّارِقُ مَلِيئًا أَمْ لَا، وَيُحَاصِصُ رَبُّهُ غُرَمَاءَ السَّارِقِ إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَإِنْ قُطِعَ السَّارِقُ، فَإِنْ كَانَ مَلِيئًا مِنْ حِينِ السَّرِقَةِ إلَى يَوْمِ الْقَطْعِ، فَإِنَّ الْمَالَ يُؤْخَذُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْيَسَارَ الْمُتَّصِلَ كَالْمَالِ الْقَائِمِ بِعَيْنِهِ فَلَمْ يَجْتَمِعْ عَلَيْهِ عُقُوبَتَانِ، فَلَوْ وُجِدَ الْمَالُ الْمَسْرُوقُ بِعَيْنِهِ فَلِرَبِّهِ أَخْذُهُ بِإِجْمَاعٍ، وَلَيْسَ لِلسَّارِقِ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِهِ، وَيَدْفَعَ لِرَبِّهِ غَيْرَهُ أَمَّا لَوْ كَانَ السَّارِقُ عَدِيمًا حِينَ أَخَذَ الْمَالَ، أَوْ أُعْدِمَ فِي بَعْضِ هَذِهِ الْمُدَّةِ لَسَقَطَ عَنْهُ الْغُرْمُ، لِئَلَّا يَجْتَمِعَ عَلَيْهِ عُقُوبَتَانِ قَطْعُ يَدِهِ وَاتِّبَاعُ ذِمَّتِهِ بِخِلَافِ الْيَسَارِ الْمُتَّصِلِ، فَقَوْلُهُ: وَوَجَبَ رَدُّ الْمَالِ أَيْ: غُرْمٌ مِثْلُ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ قَائِمًا بِعَيْنِهِ وَجَبَ رَدُّهُ بِإِجْمَاعٍ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ

. (ص) وَسَقَطَ الْحَدُّ إنْ سَقَطَ الْعُضْوُ بِسَمَاوِيٍّ لَا بِتَوْبَةٍ وَعَدَالَةٍ، وَإِنْ طَالَ زَمَانُهُمَا. (ش) يَعْنِي أَنَّ السَّارِقَ إذَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْقَطْعُ فِي عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ، وَقَبْلَ أَنْ يُقَامَ عَلَيْهِ الْحَدُّ سَقَطَ ذَلِكَ الْعُضْوُ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ، أَوْ بِتَعَمُّدِ أَجْنَبِيٍّ جَنَى عَلَيْهِ بَعْدَ ثُبُوتِ السَّرِقَةِ، فَإِنَّ الْحَدَّ يَسْقُطُ عَنْهُ، وَيَغْرَمُ الْمَالَ وَلَا يُقْتَصُّ مِنْ الْمُتَعَدِّي، فَقَوْلُهُ: بِسَمَاوِيٍّ أَيْ: أَوْ جِنَايَةٍ، أَوْ قِصَاصٍ مُتَأَخِّرَةٍ عَنْ السَّرِقَةِ، وَأَمَّا مُتَقَدِّمَةٍ عَلَيْهَا فَلَا يَسْقُطُ الْحَدُّ، وَيَنْتَقِلُ إلَى الْعُضْوِ الَّذِي يَلِيهِ فِي الْقَطْعِ فَإِذَا قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى بِسَمَاوِيٍّ، أَوْ جِنَايَةٍ، أَوْ قِصَاصٍ يَنْتَقِلُ لِرِجْلِهِ الْيُسْرَى، وَلَا يَسْقُطُ حَدُّ السَّرِقَةِ، وَالزِّنَا، وَالْقَذْفِ بِالتَّوْبَةِ وَلَا بِالْعَدَالَةِ، وَإِنْ طَالَ زَمَانُهُمَا، وَأَمَّا حَدُّ الْحِرَابَةِ، فَإِنَّهُ يَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ، وَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ: بِالتَّوْبَةِ مَا ضَرَّهُ إذْ يُعْلَمُ مِنْ عَدَمِ سُقُوطِهِ بِالْعَدَالَةِ عَدَمُ سُقُوطِهِ بِالتَّوْبَةِ، وَلَا بَأْسَ بِالشَّفَاعَةِ لِلسَّارِقِ إذَا لَمْ يُعْلَمْ مِنْهُ أَذًى مَا لَمْ تَبْلُغْ الْإِمَامَ، وَأَمَّا الْمَعْرُوفُ بِالْفَسَادِ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَشْفَعَ لَهُ أَحَدٌ

. (ص) وَتَدَاخَلَتْ إنْ اتَّحَدَ الْمُوجِبِ كَقَذْفٍ وَشُرْبٍ، وَإِلَّا تَكَرَّرَتْ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحُدُودَ إذَا اتَّحَدَ مُوجِبُهَا فَإِنَّهَا تَتَدَاخَلُ، وَالْمُوجَبُ بِفَتْحِ الْجِيمِ هُوَ الْحَدُّ، وَبِكَسْرِهَا هُوَ شُرْبُ الْخَمْرِ أَوْ الزِّنَا، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَالْمُرَادُ بِالِاتِّحَادِ الِاتِّفَاقُ فِي الْقَدْرِ الْوَاجِبِ كَالْقَذْفِ، وَالشُّرْبِ مَثَلًا فَإِنَّ الْوَاجِبَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا ثَمَانُونَ جَلْدَةً، فَإِذَا أُقِيمَ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا سَقَطَ عَنْهُ الْآخَرُ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ عِنْدَ إقَامَةِ الْحَدِّ إلَّا وَاحِدً فَقَطْ، ثُمَّ ثَبَتَ أَنَّهُ شَرِبَ، أَوْ قَذَفَ فَإِنَّهُ يَكْتَفِي بِمَا ضُرِبَ لَهُ عَمَّا ثَبَتَ، وَكَذَلِكَ لَوْ سَرَقَ، وَقَطَعَ يَمِينَ آخَرَ، فَحَدٌّ وَاحِدٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ تَكَرَّرَتْ السَّرِقَةُ، أَوْ الشُّرْبُ، وَكُلُّ حَدٍّ مَا عَدَا الْقَذْفَ يَدْخُلُ فِي الْقَتْلِ مِنْ الرِّدَّةِ، أَوْ الْقِصَاصِ، وَأَمَّا حَدُّ الْقَذْفِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ، ثُمَّ يُقْتَلُ كَمَا مَرَّ، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ

[بَاب الْحِرَابَةَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

. (بَابٌ) ذَكَرَ فِيهِ الْحِرَابَةَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا وَإِنَّمَا أَتَى بِهَا بَعْدَ السَّرِقَةِ؛ لِاشْتِرَاكِهَا مَعَ السَّرِقَةِ فِي بَعْضِ حُدُودِهَا فِي مُطْلَقِ الْقَطْعِ، وَأَخَّرَهَا عَنْ السَّرِقَةِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ: وَاتُّبِعَ كَالسَّارِقِ، فَيَكُونُ الْمُشَبَّهُ بِهِ مَعْلُومًا، وَحَدَّ ابْنُ عَرَفَةَ الْحِرَابَةَ فَقَالَ: الْخُرُوجُ لِإِخَافَةِ سَبِيلٍ لِأَخْذِ مَالٍ مُحْتَرَمٍ بِمُكَابَرَةِ قِتَالٍ، أَوْ خَوْفِهِ، أَوْ ذَهَابِ عَقْلٍ، أَوْ قَتْلِ خِفْيَةٍ، أَوْ

ــ

[حاشية العدوي]

هَذَا أَنَّ السَّيِّدَ يَغْرَمُهَا مِنْ مَالِ الْعَبْدِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْغُرْمُ مِنْ مَالِ السَّيِّدِ لَمَا اُحْتِيجَ إلَى حَلِفِ الطَّالِبِ (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ غَرَامَةٍ عَلَى سَيِّدِهِ) الْحَاصِلُ أَنَّ مَحَلَّ قَطْعِ الْعَبْدِ حَيْثُ أَقَرَّ بِالسَّرِقَةِ إذَا عَيَّنَهَا وَلَمْ يَدَّعِ السَّيِّدُ أَنَّهَا لَهُ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهَا فَلَا قَطْعَ وَكَذَا إنْ عَيَّنَهَا وَادَّعَاهَا السَّيِّدُ إلَّا أَنَّ هَذَا فِي غَيْرِ الْمُكَاتَبِ وَالْمَأْذُونِ وَأَمَّا هُمَا فَيُقْطَعَانِ وَلَوْ ادَّعَى السَّيِّدُ أَنَّ مَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ السَّرِقَةِ لَهُ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ شَاهِدٌ أَوْ وُجِدَ شَاهِدٌ وَلَمْ يَحْلِفْ مَعَهُ الْمُدَّعِي أَمَّا لَوْ كَانَ شَاهِدٌ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي فَيَثْبُتُ الْغُرْمُ كَمَا يَثْبُتُ الْقَطْعُ

. (قَوْلُهُ: وَرَدَّ الْمَالَ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالرَّدِّ الْغُرْمُ أَيْ غُرْمُ مِثْلِهِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ قَائِمًا بِعَيْنِهِ وَجَبَ رَدُّهُ بِإِجْمَاعٍ فَكَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقُولَ وَوَجَبَ غُرْمُ الْمَالِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ قَائِمًا لَا تَفْصِيلَ فِيهِ. (قَوْلُهُ: إنْ أَيْسَرَ) أَيْ اسْتَمَرَّ يَسَارُهُ بِالْمَسْرُوقِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ

. (قَوْلُهُ: لَا بِتَوْبَةٍ) أَيْ لِأَنَّ السَّارِقَ بِمَثَابَةِ الزِّنْدِيقِ فَلَا تَمْنَعُ تَوْبَتُهُ الْحَدَّ وَالْمُحَارِبُ بِمَثَابَةِ الْمُتَجَاهِرِ بِالْكُفْرِ فَتُقْبَلُ تَوْبَتُهُ وَهَذَا فَرْقٌ فِي الْجُمْلَةِ لِأَنَّ الزِّنْدِيقَ تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَذَفَ إلَخْ) رُدَّ ذَلِكَ بِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي التَّوْبَةِ مَا لَا يُعْتَبَرُ فِي الْعَدَالَةِ وَيُعْتَبَرُ فِي الْعَدَالَةِ مَا لَا يُعْتَبَرُ فِي التَّوْبَةِ فَلَا يُغْنِي أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ

(بَابُ الْحِرَابَةِ) . (قَوْلُهُ: ذَكَرَ فِيهِ الْحِرَابَةَ) أَيْ حَدَّ الْحِرَابَةِ أَيْ ضِمْنًا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إنَّمَا حُدَّ الْمُحَارِبُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ حَدُّ الْحِرَابَةِ بِأَنَّهَا قَطْعُ طَرِيقٍ إلَخْ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا أَتَى بِهَا بَعْدَ السَّرِقَةِ) لَمْ يُرِدْ بِالْبَعْدِيَّةِ حَقِيقَتَهَا وَإِلَّا لَتَكَرَّرَ مَعَ قَوْلِهِ وَأَخَّرَهَا بَلْ أَرَادَ بِهَا الْجَمْعِيَّةَ. (قَوْلُهُ: فِي مُطْلَقِ الْقَطْعِ فِي) بِمَعْنَى مِنْ أَيْ مِنْ مُطْلَقِ الْقَطْعِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْقَطْعَ فِي السَّرِقَةِ عُضْوٌ وَاحِدٌ وَفِي الْحِرَابَةِ قَطْعُ عُضْوَيْنِ. (قَوْلُهُ: لِإِخَافَةِ السَّبِيلِ) أَيْ الْإِخَافَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَيْسَ السَّبِيلُ الَّذِي هُوَ الطَّرِيقُ يَكُونُ خَائِفًا. (قَوْلُهُ: لِأَخْذِ مَالٍ مُحْتَرَمٍ) مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ خَرَجَ الْحَرْبِيُّ وَقَوْلُهُ مُحْتَرَمٍ صِفَةٌ لِمَالٍ. (قَوْلُهُ: بِمُكَابَرَةِ قِتَالٍ) أَيْ بِسَبَبِ مُكَابَرَةِ قِتَالٍ لَا يَخْفَى أَنَّ الْمُكَابَرَةَ الْمُغَالَبَةُ وَالْمُعَانَدَةُ أَيْ مُغَالَبَةٌ بِسَبَبِ قِتَالٍ كَذَا مُقْتَضَى مَا قَالَهُ أَهْلُ اللُّغَةِ وَفِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ أَنَّ الْإِضَافَةَ بَيَانِيَّةٌ وَقَوْلُهُ أَوْ خَوْفِهِ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِمُكَابَرَةِ قِتَالٍ وَالْمَعْنَى لِأَخْذِ مَالٍ مُحْتَرَمٍ بِسَبَبِ مُكَابَرَةِ قِتَالٍ أَوْ بِسَبَبِ خَوْفِ الْقِتَالِ وَقَوْلُهُ أَوْ إذْهَابُ عَقْلٍ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ الْخُرُوجُ وَقَوْلُهُ أَوْ قَتْلُ خِفْيَةٍ

ص: 103

لِمُجَرَّدِ قَطْعِ الطَّرِيقِ لَا لِإِمْرَةٍ، وَلَا نَائِرَةٍ، وَلَا عَدَاوَةٍ، فَيَدْخُلُ قَوْلُهَا: وَالْخَنَّاقُونَ الَّذِينَ يَسْقُونَ النَّاسَ السَّيْكُرَانَ لِيَأْخُذُوا أَمْوَالَهُمْ مُحَارِبُونَ. فَقَوْلُهُ: الْخُرُوجُ مُنَاسِبٌ لِلْمَحْدُودِ؛ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ. قَوْلِهِ لِإِخَافَةِ سَبِيلٍ أَخْرَجَ بِهِ الْخُرُوجَ لِغَيْرِ إخَافَةِ السَّبِيلِ أَيْ: الطَّرِيقِ، وَقَوْلُهُ: لِأَخْذِ مَالٍ أَخْرَجَ بِهِ الْإِخَافَةَ لَا لِأَخْذِ مَالٍ، بَلْ خَرَجَ لِإِخَافَةِ عَدُوٍّ كَافِرٍ. قَوْلُهُ: بِمُكَابَرَةِ قِتَالٍ يَتَعَلَّقُ بِأَخْذِ مَالٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ قَتْلٍ خِفْيَةً لِيَدْخُلَ فِيهِ قَتْلُ الْغِيلَةِ. قَوْلُهُ: أَوْ لِمُجَرَّدِ قَطْعِ الطَّرِيقِ لِيَدْخُلَ فِيهِ مَنْ قَالَ: لَا أَدَعُ هَؤُلَاءِ يَمْشُونَ إلَى الشَّامِ مَثَلًا مِمَّا قَصَدَ مُجَرَّدَ قَطْعِ الطَّرِيقِ، وَعَرَّفَ الْمُؤَلِّفُ الْمُحَارِبَ الْمَفْهُومَ مِنْهُ الْحِرَابَةَ بِقَوْلِهِ:(ص) الْمُحَارِبُ قَاطِعُ طَرِيقٍ لِمَنْعِ سُلُوكٍ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحَارِبَ هُوَ مَنْ قَطَعَ الطَّرِيقَ، وَمَنَعَهُمْ مِنْ السُّلُوكِ فِيهَا، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ أَخْذَ الْمَالِ فَقَوْلُهُ: لِمَنْعٍ أَيْ: لِأَجْلِ مَنْعِ سُلُوكٍ أَيْ: لِأَجْلِ قَطْعِ الِانْتِفَاعِ بِهَا أَيْ: مَنْعِ الطَّرِيقِ لِأَجْلِ قَطْعِ الِانْتِفَاعِ بِهَا فَهُوَ عِلَّةٌ لِلْقَطْعِ؛ لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِالْوَصْفِ مُشْعِرٌ بِعَلِيَّتِهِ أَيْ: بِعَلِيَّةِ ذَلِكَ الْوَصْفِ لِذَلِكَ الْحُكْمِ فَيُفِيدُنَا هَذَا أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ غَيْرَ قَطْعِ الِانْتِفَاعِ، وَأَمَّا لَوْ قَطَعَهَا لِإِمْرَةٍ، أَوْ نَائِرَةٍ، أَوْ عَدَاوَةٍ فَلَا يَكُونُ مُحَارِبًا، فَفِي كَلَامِهِ مَا يُخْرِجُ مَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ فِي التَّعْرِيفِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى الْجَمِيعِ، وَلَمْ يُعَرِّفْ الْمُؤَلِّفُ الْحِرَابَةَ؛ لِأَنَّ تَعْرِيفَهَا يُؤْخَذُ مِنْ تَعْرِيفِ الْمُحَارِبِ، وَعَرَّفَ الْمُؤَلِّفُ الرِّدَّةَ فِيمَا سَبَقَ، وَلَمْ يُعَرِّفْ الْمُرْتَدَّ؛ لِأَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ تَعْرِيفِهَا، فَهُوَ تَارَةً يَكْتَفِي بِتَعْرِيفِ الْمُشْتَقِّ مِنْهُ، وَتَارَةً يَكْتَفِي بِتَعْرِيفِ الْمُشْتَقِّ عَنْ تَعْرِيفِ الْمُشْتَقِّ مِنْهُ، لَكِنَّ الِاكْتِفَاءَ بِتَعْرِيفِ الْمُشْتَقِّ مِنْهُ أَوْلَى مِنْهُ بِتَعْرِيفِ الْمُشْتَقِّ؛ لِأَنَّ مَعْرِفَةَ الْمُشْتَقِّ تَتَوَقَّفُ عَلَى مَعْرِفَةِ الْمُشْتَقِّ مِنْهُ. (ص) أَوْ أَخْذِ مَالِ مُسْلِمٍ، أَوْ غَيْرِهِ عَلَى وَجْهٍ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْغَوْثُ وَإِنْ انْفَرَدَ بِمَدِينَةٍ. (ش) هَذَا هُوَ الْفَرْدُ الثَّانِي الدَّاخِلُ فِي عُمُومِ قَطْعِ الطَّرِيقِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ مَنَعَ مِنْ سُلُوكِ الطَّرِيقِ لِأَجْلِ مَالٍ مُحْتَرَمٍ لِمُسْلِمٍ، أَوْ لِذِمِّيٍّ، أَوْ لِمُعَاهَدٍ عَلَى وَجْهٍ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْغَوْثُ، فَهُوَ مُحَارِبٌ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُحَارِبِ التَّعَدُّدُ، بَلْ، وَلَوْ انْفَرَدَ بِمَدِينَةٍ مِنْ الْمَدَنِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُحَارِبًا، فَلَوْ أَخَذَ الْمَالَ عَلَى وَجْهٍ لَا يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْغَوْثُ، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُحَارِبًا، بَلْ هُوَ غَاصِبٌ، وَلَوْ كَانَ سُلْطَانًا؛ لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ، وَهُمْ أَهْلُ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ يُنْكِرُونَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَيَأْخُذُونَ عَلَيْهِ، وَبِعِبَارَةِ أَوْ آخِذٌ بِالْمَدِّ اسْمُ فَاعِلٍ عَطْفٌ عَلَى قَاطِعٍ، فَيُفِيدُ أَنَّ آخِذَ الْمَالِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ مُحَارِبٌ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ قَطْعُ طَرِيقٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَأَمَّا جَعْلُهُ مَصْدَرًا مَعْطُوفًا عَلَى مَنْعٍ فَلَا يُفِيدُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُحَارِبَ هُوَ قَاطِعُ الطَّرِيقِ لِمَنْعِ سُلُوكٍ، أَوْ لِأَخْذِ مَالِ مُسْلِمٍ، فَلَا يَشْمَلُ مَسْقِيَّ السَّيْكُرَانِ لِأَجْلِ أَخْذِ الْمَالِ

ــ

[حاشية العدوي]

مَعْطُوفٌ عَلَى الْخُرُوجِ وَقَوْلُهُ أَوْ لِمُجَرَّدِ قَطْعِ الطَّرِيقِ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِإِخَافَةِ وَالتَّقْدِيرُ أَوْ الْخُرُوجُ لِمُجَرَّدِ قَطْعِ الطَّرِيقِ أَيْ مُجَرَّدٌ عَنْ أَخْذِ الْمَالِ وَقَوْلُهُ لَا لِإِمْرَةٍ أَيْ لَا لِأَجْلِ أَنْ يَجْعَلُوهُ أَمِيرًا عَلَيْهِمْ فَلَا يَكُونُ مُحَارِبًا وَيَكُونُ بَاغِيًا فَيُعَامَلُ مُعَامَلَةَ الْبَاغِي وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى لَا لِأَمَرَةٍ كَاَلَّذِينَ يَخْرُجُونَ لِأَجْلِ أَخْذِ الْعُشْرِ وَقَوْلُهُ وَلَا عَدَاوَةٍ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِنَائِرَةٍ وَالْعَطْفُ لِلتَّفْسِيرِ لِأَنَّ النَّائِرَةَ هِيَ الْعَدَاوَةُ أَيْ كَأَنْ يَكُونَ بَيْنَ أَهْلِ بَلَدَيْنِ قِتَالٌ فَيَمْنَعُ أَهْلُ إحْدَاهُمَا أَهْلَ الْأُخْرَى مِنْ الْمُرُورِ.

(قَوْلُهُ: فَيَدْخُلُ قَوْلُهَا إلَخْ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ إذْهَابُ عَقْلٍ. (قَوْلُهُ: السَّيْكُرَانَ) بِضَمِّ الْكَافِ وَقِيلَ بِالْفَتْحِ وَصُوِّبَ الْأَوَّلُ (قَوْلُ لِيَدْخُلَ فِيهِ قَاتِلُ الْغِيلَةِ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمَعْنَى يَدْخُلُ فِيهِ قَتْلُ الْغِيلَةِ كَمَا يَدْخُلُ فِيهِ قَتْلُ غَيْرِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ ذَلِكَ إشَارَةٌ إلَى قَتْلِ الْغِيلَةِ لَا غَيْرُ. (قَوْلُهُ: لِمَنْعِ سُلُوكٍ) وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ أَخْذَ الْمَالِ كَانَ الْمَمْنُوعُ خَاصًّا كَفُلَانٍ أَوْ مِصْرِيٍّ مَثَلًا أَوْ عَامًّا كَقَوْلِهِ لَا أَدْعُ أَحَدًا يَمُرُّ لِلشَّامِ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: وَمَنَعَهُمْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ قَطَعَ الطَّرِيقَ أَيْ مَنَعَهُمْ مِنْ السُّلُوكِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْحَكَمِ إلَخْ) فِي ذَلِكَ شَيْءٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحُكْمَ هُوَ قَطْعٌ وَالْوَصْفُ هُوَ مَنْعٌ وَأَنَّ الْعَلِيَّةَ أُخِذَتْ مِنْ التَّعْلِيقِ لَا صَرَاحَةً وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْعِلَّةُ صَرِيحَةٌ لِدُخُولِ اللَّامِ عَلَى مَنَعَ وَإِنَّ الْمَنْعَ لَيْسَ وَصْفًا بَلْ الْوَصْفُ قَاطِعٌ فَلَا ظُهُورَ لِمَا قَالَهُ شَارِحُنَا بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ قَطْعَ الطَّرِيقِ هُوَ مَنْعُ السُّلُوكِ فَلَا يَصِحُّ جَعْلُ أَحَدِهِمَا عِلَّةً لِلْآخَرِ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ مَنْ قَطَعَ الطَّرِيقَ وَمَنَعَهُمْ فَيُفِيدَانِ، الْمَنْعُ هُوَ الْقَطْعُ فَقَوْلُهُ أَيْ لِأَجْلِ قَطْعِ الِانْتِفَاعِ لَا يَخْفَى أَنَّ مَنْعَهُ السُّلُوكَ فِي الطَّرِيقِ هُوَ مَنْعُهُ الِانْتِفَاعَ بِهَا فَمَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ فِيهِ تَعْلِيلَ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ صَحِيحٌ وَقَوْلُهُ وَأَمَّا لَوْ قَطَعَهَا لِإِمْرَةٍ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّهُ حِينَئِذٍ لَمْ يَقْصِدْ قَطْعَ الِانْتِفَاعِ بِهَا مَعَ أَنَّهُ قَاصِدٌ قَطْعًا عَدَمَ الِانْتِفَاعِ بِهَا لِأَجْلِ أَنْ يُجْعَلَ أَمِيرًا فَإِنْ قُلْتَ مَا الَّذِي يُفْهَمُ بِهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ حِينَئِذٍ قُلْت يُفْهَمُ بِتَقْدِيرٍ فِي الْعِبَارَةِ وَهُوَ أَنْ تَقُولَ الْمُحَارِبُ قَاطِعٌ لِمُجَرَّدِ الْمَنْعِ مِنْ السُّلُوكِ أَوْ لِأَخْذِ مَالٍ إلَخْ أَيْ أَنَّ الْمُحَارِبَ هُوَ مَنْ يَمْنَعُ مِنْ السُّلُوكِ لِمُجَرَّدِهِ أَوْ لِأَخْذِ مَالٍ وَإِنْ كَانَ الْمَالُ دُونَ نِصَابِ السَّرِقَةِ وَالْبِضْعُ أَحْرَى.

(قَوْلُهُ: أَوْ عَدَاوَةٍ) عَطْفُهُ الْعَدَاوَةَ عَلَى النَّائِرَةِ بِأَوْ يُفِيدُ الْمُغَايِرَةَ مَعَ أَنَّ النَّائِرَةَ وَالْعَدَاوَةَ شَيْءٌ وَاحِدٌ. (قَوْلُهُ: يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْغَوْثُ) أَيْ شَأْنُهُ أَنْ يَتَعَذَّرَ مَعَهُ الْغَوْثُ حَصَلَ غَوْثٌ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ انْفَرَدَ بِمَدِينَةٍ إلَخْ) مُبَالَغَتَانِ أَيْ هَذَا إذَا لَمْ يَنْفَرِدُ بَلْ وَإِنْ انْفَرَدَ هَذَا إذَا كَانَ بَقَرِيَّةٍ بَلْ وَإِنْ بِمَدِينَةٍ كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ رحمه الله. (قَوْلُهُ: هَذَا هُوَ الْفَرْدُ الثَّانِي الدَّاخِلُ فِي عُمُومِ قَطْعِ الطَّرِيقِ) هَذَا يُفِيدُ قِرَاءَةَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ أَخْذِ مَصْدَرًا عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ لِمَنْعِ سُلُوكٍ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَشْمَلُ مَسْقِيَّ السَّيْكَرَانِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ تَمْثِيلٌ لَا تَشْبِيهٌ بِالْمُحَارِبِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَا سَقَاهُ يَمُوتُ بِهِ وَالْبَنْجُ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَدَخَلَ بِالْكَافِ بَعْضُ

ص: 104

وَمُخَادِعَ الصَّبِيِّ، أَوْ غَيْرَهُ؛ لِيَأْخُذَ مَا مَعَهُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ فِعْلٍ يُقْصَدُ بِهِ أَخْذُ الْمَالِ مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ

. (ص) كَمَسْقِيِّ السَّيْكَرَانِ لِذَلِكَ وَمُخَادِعِ الصَّبِيِّ، أَوْ غَيْرِهِ لِيَأْخُذَ مَا مَعَهُ، وَالدَّاخِلِ فِي لَيْلٍ، أَوْ نَهَارٍ فِي زُقَاقٍ، أَوْ دَارِ قَاتِلٍ؛ لِيَأْخُذَ الْمَالَ. (ش) السَّيْكَرَانُ نَبْتٌ دَائِمُ الْخُضْرَةِ يُؤْكَلُ حَبُّهُ، وَأَشَدُّ مِنْهُ لِتَغْيِيبِ الْعَقْلِ الْبَنْجُ، وَهُوَ نَبْتٌ يُشْبِهُ الْبَقْلَ، وَأَشَدُّ مِنْهُ نَبْتٌ يُسَمَّى الدَّاتُورَةَ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ سَقَى شَخْصًا مَا يُسْكِرُهُ لِأَجْلِ أَخْذِ مَالِهِ الْمُحْتَرَمِ فَهُوَ مُحَارِبٌ، أَوْ هُوَ يُشْبِهُ الْمُحَارِبَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ قَطْعُ طَرِيقٍ إلَّا أَنْ يَقْرَأَ آخِذًا بِالْمَدِّ كَمَا مَرَّ، وَكَذَلِكَ مِنْ خَدَعَ صَغِيرًا، أَوْ كَبِيرًا، فَأَدْخَلَهُ مَوْضِعًا فَقَتَلَهُ، وَأَخَذَ مَالَهُ، فَإِنَّهُ يَكُونُ مُحَارِبًا؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ مِنْهُ الْمَالَ عَلَى وَجْهٍ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْغَوْثُ، وَيُسَمَّى هَذَا قَتْلَ غِيلَةٍ، وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ السَّرِقَةِ عَدَمُ مُعَارِضَةِ هَذَا لِمَا مَرَّ حَيْثُ جَعَلَ مَا ذَكَرَ مِنْ السَّرِقَةِ وَكَذَلِكَ مَنْ دَخَلَ دَارًا فِي لَيْلٍ، أَوْ نَهَارٍ، أَوْ دَخَلَ زُقَاقًا فِي لَيْلٍ، أَوْ نَهَارٍ لِأَجْلِ أَخْذِ الْمَالِ فَإِنْ عَلِمَ بِهِ، فَقَاتَلَ عَلَيْهِ حَتَّى أَخَذَهُ فَهُوَ مُحَارِبٌ قَالَهُ مَالِكٌ لَا إنْ أَخَذَهُ، ثُمَّ عَلِمَ بِهِ فَقَاتَلَ لِيَنْجُوَ بِهِ، ثُمَّ نَجَا، فَإِنَّهُ سَارِقٌ إنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْ الْحِرْزِ لَا قَبْلَهُ

. (ص) فَيُقَاتَلُ بَعْدَ الْمُنَاشَدَةِ إنْ أَمْكَنَ، ثُمَّ يُصْلَبُ فَيُقْتَلُ، أَوْ يُنْفَى الْحُرُّ كَالزِّنَا، أَوْ تُقْطَعُ يَمِينُهُ، وَرِجْلُهُ الْيُسْرَى وَلَاءً، وَبِالْقَتْلِ يَجِبُ قَتْلُهُ وَلَوْ بِكَافِرٍ، أَوْ بِإِعَانَةٍ، وَلَوْ جَاءَ تَائِبًا. (ش) لَمَّا ذَكَرَ حَدَّ الْمُحَارِبِ، وَحَقِيقَتَهُ أَخَذَ يَذْكُرُ حُكْمَهُ أَيْ: وَإِذَا قَاتَلَ الْمُحَارِبُ لِأَجْلِ أَخْذِ الْمَالِ فَإِنَّهُ يُقَاتِلُ عَلَى سَبِيلِ الْجَوَازِ بَعْدَ الْمُنَاشَدَةِ أَيْ: بَعْدَ أَنْ يُنَاشِدَهُ اللَّهَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ يَقُولُ لَهُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ: نَاشَدْتُك اللَّه إلَّا مَا خَلَّيْتَ سَبِيلِي، وَمَحَلُّهَا إنْ أَمْكَنَ أَنْ يُنَاشِدَهُ بِأَنْ لَا يُعَاجِلَ بِالْقَتْلِ، وَإِلَّا فَإِنَّهُ يُعَاجِلُ بِالْقَتْلِ بِالسَّيْفِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يُسْرِعُ بِهِ إلَى الْهَلَاكِ، فَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ: فَيُقَاتِلُ أَنَّهُ يُقْتَلُ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِلْقِتَالِ إلَّا الْقَتْلُ، وَهَذَا أَحَدُ حُدُودِهِ الْأَرْبَعَةِ، الثَّانِي أَنْ يُصْلَبَ حَيًّا بِأَنْ يُرْبَطَ عَلَى جِذْعٍ مِنْ غَيْرِ تَنْكِيسٍ، ثُمَّ يُقْتَلُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَالصَّلْبُ مِنْ صِفَاتِ الْقَتْلِ، فَلَمْ يَجْتَمِعْ عَلَيْهِ عُقُوبَتَانِ.

قَالَ مُحَمَّدٌ وَلَوْ حَبَسَهُ الْإِمَامُ لِيَقْتُلَهُ فَمَاتَ فِي الْحَبْسِ لَمْ يَصْلُبْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ مَعَهُ مِنْ الْحُدُودِ شَيْءٌ، وَلَوْ قَتَلَهُ إنْسَانٌ فِي الْحَبْسِ لَصَلَبَهُ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ بَقِيَّةُ حَدِّهِ، الثَّالِثُ أَنْ يُنْفَى الْحُرُّ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ كَمَا يُنْفَى فِي الزِّنَا إلَى مِثْلِ فَدَكَ وَخَيْبَرَ، وَيُحْبَسُ بِهَا إلَى أَنْ تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ، أَوْ يَمُوتَ لَا أَنَّهُ يُخَلَّى سَبِيلُهُ بَعْدَ سَنَةٍ، وَيَكُونُ النَّفْيُ بَعْدَ الضَّرْبِ بِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ وَلَمْ يَذْكُرْ الضَّرْبَ الْمُؤَلِّفُ وَلَعَلَّ الْقَتْلَ مَعَ الصَّلْبِ إنَّمَا أُخِذَ مِنْ الْقُرْآنِ مِنْ الْمَعْنَى، وَكَذَا الضَّرْبُ مَعَ النَّفْيِ، وَإِلَّا فَظَاهِرُ الْقُرْآنِ خِلَافُهُ. الرَّابِعُ أَنْ تُقْطَعَ يَدُهُ الْيُمْنَى وَرِجْلُهُ الْيُسْرَى وَلَاءً أَيْ: مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ فَإِنْ كَانَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى مَقْطُوعَةً فِي قِصَاصٍ مَثَلًا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: تُقْطَعُ يَدُهُ الْيُسْرَى، وَرِجْلُهُ الْيُمْنَى حَتَّى يَكُونَ الْقَطْعُ مِنْ خِلَافٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى، وَهَذِهِ الْأَرْبَعَةُ يُخْبِرُ الْإِمَامُ فِيهَا بِاعْتِبَارِ

الْمَصْلَحَةِ

فِي حَقِّ الرِّجَالِ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ، فَلَا تُصْلَبُ، وَلَا تُنْفَى، وَإِنَّمَا حَدُّهَا الْقَطْعُ مِنْ خِلَافٍ، أَوْ الْقَتْلُ، وَأَمَّا الْعَبْدُ، فَحَدُّهُ ثَلَاثَةٌ الْقَطْعُ مِنْ خِلَافٍ، وَالْقَتْلُ الْمُجَرَّدُ، وَالصَّلْبُ وَالْقَتْلُ بَعْدَهُ، فَثُمَّ لِلتَّرْتِيبِ الْإِخْبَارِيِّ لَا الرُّتْبِيِّ، وَمَحَلُّ التَّخْيِيرِ إذَا لَمْ يَصْدُرْ مِنْ الْمُحَارِبِ

ــ

[حاشية العدوي]

ظَلَمَةٍ بِمِصْرَ يَمْنَعُ أَرْزَاقَ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يُبَالُونَ بِحُكْمِ الْبَاشَا عَلَيْهِمْ بِالدَّفْعِ وَشَمَلَ التَّعْرِيفُ النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ لَكِنْ لَا يَتَعَلَّقُ بِالصَّبِيِّ الْمُحَارِبِ أَحْكَامُهُ وَلَوْ قُتِلَ لِأَنَّ عَمْدَهُ كَالْخَطَأِ وَلَا بِالْمَرْأَةِ صُلْبٌ وَكَذَا النَّفْيُ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ

. (قَوْلُهُ: فَقَتَلَهُ وَأَخَذَ مَالَهُ) أَقُولُ لَيْسَ الْقَتْلُ شَرْطًا فِي تَحَقُّقِ الْحِرَابَةِ بَلْ هُوَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ مُحَارِبٌ وَلَوْ لَمْ يَقْتُلْ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ فِي هَذِهِ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ كَمَا قَرَّرَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ رحمه الله. (قَوْلُهُ: لِأَجْلِ أَخْذِ الْمَالِ إلَخْ) أَيْ عَلَى وَجْهٍ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْغَوْثُ.

(قَوْلُهُ: إنْ أَمْكَنَ) أَيْ مُنَاشَدَتُهُ وَذَكَرَ الْفِعْلَ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى الدُّعَاءِ وَقَوْلُهُ أَوْ بِإِعَانَةٍ أَيْ أَوْ شَارَكَ بِإِعَانَةٍ إلَى آخِرِ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: أَيْ بَعْدَ أَنْ يُنَاشِدَهُ اللَّهَ) وَهِيَ مُسْتَحَبَّةٌ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُعَاجَلُ بِالْقَتْلِ) وَالْمُعَاجَلَةُ فَرْضٌ عَلَى مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ الْمُحَارِبُ وَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ أَهْلِهِ الْقَتْلَ أَوْ الْجُرْحَ الْمُشِقَّ أَوْ الْفَاحِشَةَ بِأَهْلِهِ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا أَحَدُ حُدُودِهِ الْأَرْبَعَةِ) أَقُولُ لَوْ صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ بِأَنْ يَقُولَ ثُمَّ يُقْتَلُ أَوْ يُصْلَبُ فَيُقْتَلُ لَكَانَ أَوْلَى وَقَوْلُ الشَّارِحِ فَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ فَيُقَاتَلُ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يُبْعِدُهُ قَوْلُهُ ثُمَّ يُصْلَبُ وَإِلَّا كَانَ يَقُولُ أَوْ يُصْلَبُ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُرْبَطَ عَلَى جِذْعٍ) يُرْبَطُ جَمِيعُهُ بِهَا مِنْ غَيْرِ تَنْكِيسٍ لَا مِنْ أَعْلَاهُ فَقَطْ كَإِبْطِهِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ يُقْتَلُ بَعْدَ الصَّلْبِ) أَيْ يُقْتَلُ مَصْلُوبًا قَبْلَ نُزُولِهِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ بَقِيَّةُ حَدِّهِ) يَقْتَضِي أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: إلَى أَنْ تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ) فَلَوْ ظَهَرَتْ تَوْبَتُهُ قَبْلَ تَمَامِ سَنَةٍ فَإِنَّهُ يُحْبَسُ إلَى تَمَامِهَا وَظُهُورُ التَّوْبَةِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ظُهُورًا بَيَّنَّا لَا بِمُجَرَّدِ كَثْرَةِ صَوْمِهِ وَصَلَاتِهِ فَهَذَا لَا يُفِيدُ فِي التَّوْبَةِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ. (قَوْلُهُ: وَلَعَلَّ الْقَتْلَ مَعَ الصَّلْبِ إلَخْ) أَيْ مَعْنَى سُنَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَيَحْتَمِلُ مِنْ مَعْنَى الْقِرَاءَةِ أَيْ مِنْ جِهَةٍ أَنَّ التَّخْيِيرَ يَكُونُ بَيْنَ الْأَشْيَاءِ الْمُتَقَارِبَةِ وَالصَّلْبُ وَحْدَهُ لَا يُقَارِبُ الْقَتْلَ فَلَا يُنَاسِبُ أَنْ يَكُونَ حَدًّا مُسْتَقِلًّا فَيَنْتَقِلُ الذِّهْنُ لِضَمِّ شَيْءٍ آخَرَ مَعَهُ وَهُوَ الْقَتْلُ الْمَذْكُورُ قَبْلَهُ، وَالنَّفْيُ وَحْدَهُ لَا يُقَارِبُ الْقَتْلَ فَيُضَمُّ لَهُ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ الضَّرْبُ فَإِنْ قُلْتَ إنَّ الْمُتَبَادِرَ أَنْ يُضَمَّ لَهُ الْقَطْعُ قُلْت إنَّ الْقَطْعَ شَدِيدٌ فَيُجْعَلُ حَدًّا مُسْتَقِلًّا فَلَا يُضَمُّ لَهُ النَّفْيُ فَيَنْتَقِلُ الذِّهْنُ لِشَيْءٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْعُقُوبَةِ أَخَفَّ مِنْ الْقَتْلِ وَهُوَ الضَّرْبُ. (قَوْلُهُ: وَلَاءً أَيْ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ) أَيْ وَلَوْ خِيفَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ لِأَنَّ الْقَتْلَ أَحَدُ حُدُودِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُؤَخَّرُ لِلِانْدِمَالِ أَيْ الْبُرْءِ وَاسْتَظْهَرَ اللَّقَانِيِّ أَنَّ قَوْلَهُ وَلَاءً لَيْسَ شَرْطًا وَإِنَّمَا هُوَ مُسْقِطٌ لِلْإِثْمِ عَنْ الْإِمَامِ وَإِلَّا فَلَوْ فَرَّقَ الْقَطْعَ سَقَطَ الْحَدُّ

(قَوْلُهُ وَأَمَّا الْمَرْأَةُ) وَسَكَتَ عَنْ الصَّبِيِّ وَحُكْمُهُ أَنْ يُعَاقَبَ وَلَا يُفْعَلَ مَعَهُ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْحُدُودِ وَلَوْ حَارَبَ بِالسَّيْفِ وَالسِّكِّينِ (قَوْلُهُ فَثُمَّ لِلتَّرْتِيبِ الْإِخْبَارِيِّ) أَيْ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ ثُمَّ يُصْلَبُ فَيَقْتُلُ لِلتَّرْتِيبِ الْإِخْبَارِيِّ أَيْ

ص: 105

قَتْلٌ، وَأَمَّا إنْ صَدَرَ مِنْهُ قَتْلٌ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ وُجُوبًا، وَلَوْ كَانَ الَّذِي قَتَلَهُ كَافِرًا، أَوْ عَبْدًا وَلَا يُشْتَرَطُ مُبَاشَرَتُهُ لِلْقَتْلِ، بَلْ وَلَوْ شَارَكَهُ فِيهِ بِإِعَانَةٍ كَضَرْبٍ، أَوْ إمْسَاكٍ، بَلْ وَلَوْ لَمْ يَعْنِ بِمَا ذَكَرَ بَلْ بِمُمَالَأَةٍ بِحَيْثُ لَوْ اُسْتُعِينَ بِهِ لَأَعَانَ، وَلَا تُعْتَبَرُ تَوْبَتُهُ، وَلَوْ قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، وَلَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ تَوْبَتَهُ لَا تُسْقِطُ حُقُوقَ الْآدَمِيِّينَ بِخِلَافِ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى، فَتَسْقُطُ بِالتَّوْبَةِ كَمَا يَأْتِي، وَبِعِبَارَةِ (وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: وَبِالْقَتْلِ يَجِبُ قَتْلُهُ إلَخْ) أَنَّهُ يَتَحَتَّمُ وَلَوْ جَاءَ تَائِبًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا جَاءَ تَائِبًا قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ فَلَا يُقْتَلُ حِينَئِذٍ إلَّا قِصَاصًا، فَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ غَيْرَ مُكَافِئٍ لَهُ فَإِنَّمَا يَغْرَمُ الْقِيمَةَ فِي الْعَبْدِ، أَوْ الدِّيَةَ فِي الذِّمِّيِّ، وَإِنْ كَانَ مُكَافِئًا لَهُ، فَلِلْوَلِيِّ الْعَفْوُ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُ: وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ الْعَفْوُ عَنْهُ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ، وَهُوَ إذَا لَمْ يَأْتِ تَائِبًا، وَأَمَّا مَا أَفَادَتْهُ الْمُبَالَغَةُ مِنْ تَحَتُّمِ الْقَتْلِ الْمُرَادِ بِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَخْذُ الدِّيَةِ جَبْرًا عَلَى الْقَتْلِ لَا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الْعَفْوُ

. (ص) وَنُدِبَ لِذِي التَّدْبِيرِ الْقَتْلُ وَالْبَطْشُ وَالْقَطْعُ، وَلِغَيْرِهِمَا وَلِمَنْ وَقَعَتْ مِنْهُ فَلْتَةً النَّفْيُ وَالضَّرْبُ وَالتَّعْيِينُ لِلْإِمَامِ لَا لِمَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ وَنَحْوُهَا. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُحَارِبَ الَّذِي لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ قَتْلٌ يُنْدَبُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْظُرَ فِي حَالِهِ فَمَنْ كَانَ لَهُ تَدْبِيرٌ فِي الْحُرُوبِ، وَفِي الْخَلَاصِ مِنْهَا تَعَيَّنَ لَهُ الْقَتْلُ لَا الْقَطْعُ مِنْ خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُدْفَعُ ضَرَرُهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُحَارِبُ مِنْ أَهْلِ الْبَطْشِ وَالشُّجَاعَةِ، فَيَتَعَيَّنُ قَطْعُهُ مِنْ خِلَافٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ تَدْبِيرٌ وَلَا بَطْشٌ، بَلْ اتَّصَفَ بِغَيْرِهِمَا، أَوْ وَقَعَتْ مِنْهُ الْحِرَابَةُ فَلْتَةً مُخَالِفَةً لِظَاهِرِ حَالِهِ، وَمُوَافِقَةً لِغَيْرِهِ تَعَيَّنَ لَهُ الضَّرْبُ، وَالنَّفْيُ أَيْ: يَضْرِبُهُ وَيَنْفِيهِ، ثُمَّ إنَّ الْإِمَامَ هُوَ الَّذِي يُعَيِّنُ مَا يَفْعَلُ بِالْمُحَارِبِ مِنْ الْعُقُوبَاتِ الْأَرْبَعِ الْمَذْكُورَةِ، وَأَمَّا مَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ، وَنَحْوُهَا، فَلَا تَعْيِينَ لَهُ فِي ذَلِكَ إذْ لَا حَقَّ لَهُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا يَفْعَلُهُ الْإِمَامُ بِالْمُحَارِبِ لَيْسَ عَنْ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ، وَإِنَّمَا هُوَ عَنْ جَمِيعِ مَا يَفْعَلُهُ فِي حِرَابَتِهِ مِنْ إخَافَةٍ، وَأَخْذِ مَالٍ وَجُرْحٍ. (ص) وَغُرْمُ كُلٍّ عَنْ الْجَمِيعِ مُطْلَقًا وَاتُّبِعَ كَالسَّارِقِ. (ش) الْمُحَارِبُونَ كَالْحُمَلَاءِ فَمَنْ أَخَذَ مِنْهُمْ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ جَمِيعَ مَا أَخَذَهُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ سَوَاءٌ كَانَ مَا أَخَذَهُ أَصْحَابُهُ

ــ

[حاشية العدوي]

أَخْبَرَ بِأَنَّهُ بَعْدَ الْمُقَاتَلَةِ يُصْلَبُ ثُمَّ يُقْتَلُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ التَّرْتِيبَ بِأَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ الصَّلْبَ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ الْمُقَاتَلَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ لَا تَكُونُ مُقَاتَلَةً. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُقْتَلُ وُجُوبًا) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي إطْلَاقِهِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُقْتَلْ لَا يَجِبُ قَتْلُهُ وَلَوْ عَظُمَ فَسَادُهُ وَطَالَ أَمْرُهُ وَأَخَذَ الْأَمْوَالَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَجِبُ قَتْلُهُ كَمَا أَشَارَ لَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَقَوْلُهُ وَقَدْ يُجَابُ إلَخْ جَوَابٌ عَنْ قَوْلِهِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ إلَخْ فَإِنْ قُلْتَ هَلْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ تُخَالِفُ الْعِبَارَةَ الْأُولَى قُلْت لَا مُخَالَفَةَ وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَيْ وَلَا تُعْتَبَرُ تَوْبَتُهُ أَيْ إذَا جَاءَ تَائِبًا مَعْنَاهُ لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ أَيْ بِحَيْثُ نَقُولُ أَنَّهُ وَلَوْ قَتَلَ مُكَافِئًا وَتَابَ لَا يُقْتَلُ فِيهِ لِأَنَّهُ إذَا تَابَ وَجَاءَ تَائِبًا وَقَتَلَ مُكَافِئًا لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ الْقَتْلُ وَيَدُلُّك عَلَى هَذَا قَوْلُهُ لِأَنَّ تَوْبَتَهُ لَا تُسْقِطُ حُقُوقَ الْآدَمِيِّينَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ جَاءَ تَائِبًا مُبَالَغَةٌ فِي تَحَتُّمِ الْقَتْلِ فَيَكُونُ حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَتَحَتَّمُ قَتْلُهُ جَاءَ تَائِبًا أَوْ لَمْ يَجِئْ تَائِبًا لَكِنْ إذَا لَمْ يَجِئْ تَائِبًا لَا بُدَّ مِنْ قَتْلِهِ وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ الْعَفْوُ وَأَمَّا إذَا جَاءَ تَائِبًا فَلَا بُدَّ مِنْ قَتْلِهِ بِمَعْنَى لَيْسَ لِلْوَلِيِّ الدِّيَةُ جَبْرًا عَلَى الْجَانِي فَلَا يُنَافِي أَنَّ لَهُ الْعَفْوَ فَاخْتَلَفَ مَعْنَى تَحَتُّمِ الْقَتْلِ بِاعْتِبَارِ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَمَا بَعْدَهَا وَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ وَقَدْ يُجَابُ إلَخْ فَتَدَبَّرْ (تَنْبِيهٌ) حُكْمُ الْمُحَارِبِ أَنَّهُ يُنَزَّلُ مِنْ الْخَشَبَةِ قَبْلَ التَّغْيِيرِ وَيُغَسَّلُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ غَيْرُ أَهْلِ الْفَضْلِ وَالصَّلَاحِ وَيُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَإِذَا قَتَلَ الْمُحَارِبُ شَخْصًا مِنْ وَرَثَتِهِ فَقِيلَ يَرِثُهُ وَقِيلَ لَا يَرِثُهُ وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ

. (قَوْلُهُ: فَلْتَةً) مَنْصُوصٌ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ أَيْ وُقُوعَ فَلْتَةٍ بِأَنْ أَخَذَهُ بِفَوْرِ خُرُوجِهِ وَلَمْ يَقْتُلْ وَلَا أَخَذَ مَالَهُ. (قَوْلُهُ: يُنْدَبُ لِلْإِمَامِ إلَخْ) حَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ ذَا التَّدْبِيرِ يُنْدَبُ فِي حَقِّهِ الْقَتْلُ وَيَجُوزُ أَنْ يُفْعَلَ بِهِ غَيْرُ ذَلِكَ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا عَدَاهُ مَعَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ ذَا التَّدْبِيرِ يَجِبُ فِي حَقِّهِ الْقَتْلُ وَأَنَّ ذَا الْبَطْشِ يَتَعَيَّنُ فِي حَقِّهِ الْقَطْعُ وَأَنَّ غَيْرَهُمَا يُنْدَبُ فِي حَقِّهِ النَّفْيُ وَالضَّرْبُ فَأَرَادَ شَارِحُنَا الْجَوَابَ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ النَّدْبَ لَمْ يَتَوَجَّهْ لِمَا ذَكَرَ مِنْ الْقَتْلِ بِالنِّسْبَةِ لِذِي التَّدْبِيرِ وَالْقَطْعِ بِالنِّسْبَةِ لِذِي الْبَطْشِ وَهَكَذَا بَلْ إنَّمَا النَّدْبُ مُتَوَجِّهٌ لِلنَّظَرِ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ فِي حَالِ الْمُحَارِبِ وَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ ذُو تَدْبِيرٍ وَجَبَ فِي حَقِّهِ الْقَتْلُ وَهَكَذَا أَقُولُ بِحَمْدِ اللَّهِ وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا تَوَجَّهَ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ إلَى أَنَّ قَطْعَ ذَا التَّدْبِيرِ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ وَتَوَجَّهَ إلَى الْقَتْلِ فِي ذِي الْبَطْشِ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ وَتَوَجَّهَ لِمَنْ وَقَعَ فَلْتَةً وَقَتَلَهُ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ لَا إثْمَ عَلَيْهِ إنَّمَا خَالَفَ النَّدْبَ فَقَطْ وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ بَلْ يَتَعَيَّنُ النَّظَرُ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ فِي أَحْوَالِ الْمُحَارِبِ وَبَعْدَ ذَلِكَ إنَّ ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ ذُو تَدْبِيرٍ قَتَلَهُ وَهَكَذَا ثُمَّ لَا يَخْفَى بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ فِي غَيْرِ الْحَالَةِ الَّتِي يَجِبُ فِيهَا الْقَتْلُ وَأَمَّا إنْ قَتَلَ فَلَا بُدَّ مِنْ قَتْلِهِ. (قَوْلُهُ: بَلْ اتَّصَفَ بِغَيْرِهِمَا) أَيْ كَثُرَتْ مُحَارَبَتُهُ وَلَكِنْ لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ تَدْبِيرٌ وَلَا بَطْشٌ. (قَوْلُهُ: أَيْ يَضْرِبُهُ وَيَنْفِيهِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنَّفِ مِنْ كَوْنِ النَّفْيِ مُقَدَّمًا عَلَى الضَّرْبِ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ بَلْ الضَّرْبُ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّفْيِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ خِلَافٍ فَقِيلَ يُقَدَّمُ النَّفْيُ عَلَى الضَّرْبِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنَّفِ وَقِيلَ يُقَدَّمُ الضَّرْبُ عَلَى النَّفْيِ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ الرَّاجِحِ إذَا اتَّفَقَ أَنَّهُ نَفْيٌ قَبْلَ أَنْ يَضْرِبَ يُعْتَبَرُ وَهَلْ تَقْدِيمُ الضَّرْبِ عَلَى النَّفْيِ عَلَى هَذَا الْمُعْتَمَدُ وَاجِبٌ أَوْ مَنْدُوبٌ وَالْمُتَبَادِرُ مِنْ ظَاهِرِ الْكَلَامِ الْوُجُوبُ.

(قَوْلُهُ: وَاتُّبِعَ كَالسَّارِقِ) أَيْ فَإِنْ سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ بِمَجِيئِهِ تَائِبًا غَرِمَ مُطْلَقًا وَإِنْ قَطَعَ أَوْ قَتَلَ اسْتِقْلَالًا أَوْ مَعَ الصَّلْبِ أُغْرِمَ إنْ أَيْسَرَ مِنْ الْأَخْذِ إلَى الْقَطْعِ أَوْ الْقَتْلِ فَيُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ وَالضَّرْبُ وَالنَّفْيُ كَالْقَطْعِ عَلَى الرَّاجِحِ لِأَنَّ النَّفْيَ حَدٌّ مِنْ حُدُودِهِ وَقِيلَ كَسُقُوطِ الْحَدِّ.

ص: 106