المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ إرث الخنثى المشكل - شرح الخرشي على مختصر خليل - ومعه حاشية العدوي - جـ ٨

[الخرشي = الخراشي - العدوي]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابٌ أَحْكَامُ الدِّمَاءِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[بَاب الْبَغْيَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[بَاب الرِّدَّةَ وَالسَّبَّ وَأَحْكَامَهُمَا وَمَا يَتَعَلَّق بِذَلِكَ]

- ‌[بَابٌ حَدَّ الزِّنَا وَحُكْمَهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[بَابٌ حَدَّ الْقَذْفِ وَحُكْمَهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[بَاب السَّرِقَةَ]

- ‌[بَاب الْحِرَابَةَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[بَاب حَدَّ الشَّارِبِ وَأَشْيَاءَ تُوجِبُ الضَّمَانَ وَدَفْعَ الصَّائِلِ]

- ‌[بَاب الْعِتْقَ وَأَحْكَامَهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[أَرْكَانُ الْعِتْقُ]

- ‌ الْعِتْقَ يَجِبُ بِالنَّذْرِ

- ‌[الْجَنِينَ لَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ فِي بَيْعٍ وَلَا فِي عِتْقٍ]

- ‌لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْعَبْدِ وَالْوَلَاءُ لَهُ

- ‌[بَابٌ فِي التَّدْبِيرُ]

- ‌ صَرِيحِ التَّدْبِيرِ

- ‌[مَا يَبْطُلُ بِهِ التَّدْبِيرُ]

- ‌[بَاب الْمُكَاتَبَ وَالْكِتَابَةَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌ بَيْعِ الْكِتَابَةِ

- ‌مُكَاتَبَةِ جَمَاعَةٍ لِمَالِكٍ

- ‌[الْمُكَاتَبَة بِلَا مُحَابَاةٍ]

- ‌[الْخِيَارَ فِي حَالِ عَقْدِ الْكِتَابَةِ]

- ‌ الْمُكَاتَبَ إذَا مَاتَ عَنْ مَالٍ

- ‌ الْكَافِرَ إذَا كَاتَبَ عَبْدَهُ الْمُسْلِمَ

- ‌ الْمُكَاتَبَ إذَا لَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ

- ‌ الْمُكَاتَبَ إذَا قَتَلَهُ شَخْصٌ

- ‌الْقَوْلُ لِلسَّيِّدِ فِي الْكِتَابَةِ وَالْأَدَاءِ لَا الْقَدْرِ وَالْأَجَلِ وَالْجِنْسِ

- ‌[بَابٌ فِي أَحْكَامُ أُمِّ الْوَلَدِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌ أُمَّ الْوَلَدِ لَا تَجُوزُ كِتَابَتُهَا

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوَلَاءُ]

- ‌ الْوَلَاءَ لَا يَكُونُ إلَّا لِمُعْتِقٍ

- ‌ الْوَلَاءَ لَا تَرِثُهُ النِّسَاءُ

- ‌[بَابٌ فِي الْوَصَايَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[أَرْكَانُ الْوَصِيَّةِ]

- ‌ الْوَصِيَّةُ لِلْمَيِّتِ

- ‌ الْوَصِيَّةَ تَصِحُّ لِلذِّمِّيِّ

- ‌[مَا تَبْطُلُ بِهِ الْوَصِيَّةُ]

- ‌ أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ بَعْدَ أُخْرَى

- ‌[الْوَصِيَّةُ لِلْجِيرَانِ]

- ‌ أَوْصَى لَهُ بِمَا لَيْسَ فِي التَّرِكَةِ

- ‌ شُرُوطِ الْوَصِيِّ الَّذِي تُسْنَدُ إلَيْهِ الْوَصِيَّةُ

- ‌[بَابٌ فِي الْفَرَائِضُ]

- ‌ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ

- ‌[قِسْمَةِ التَّرِكَةِ عَلَى الْفَرِيضَة]

- ‌الْمُنَاسَخَةُ عَلَى قِسْمَيْنِ

- ‌[فَصْلُ فِي الْمُنَاسَخَةِ]

- ‌لَا يَرِثُ مُلَاعِنٌ وَمُلَاعِنَةٌ

- ‌[مَوَانِعِ الْإِرْثِ]

- ‌وُقِفَ الْقَسْمُ لِلْحَمْلِ وَمَالُ الْمَفْقُودِ لِلْحُكْمِ بِمَوْتِهِ

- ‌ إرْثِ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ

الفصل: ‌ إرث الخنثى المشكل

وَوُقِفَ الْبَاقِي، فَإِنْ ظَهَرَ أَنَّهُ حَيٌّ فَلِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأَبِ ثَمَانِيَةٌ أَوْ مَوْتُهُ، أَوْ مَضَى التَّعْمِيرُ فَلِلْأُخْتِ تِسْعَةٌ وَلِلْأُمِّ اثْنَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا مَاتَتْ وَتَرَكَتْ زَوْجَهَا وَأُمَّهَا وَأُخْتَهَا الشَّقِيقَةَ، أَوْ لِأَبٍ وَأَبَاهَا مَفْقُودًا فَعَلَى أَنَّ الْأَبَ حَيٌّ حِينَ مَوْتِ الْمَرْأَةِ تَكُونُ الْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةٍ لِأَنَّهَا إحْدَى الْغَرَّاوَيْنِ لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُمِّ ثُلُثُ مَا بَقِيَ وَالْبَاقِي لِلْأَبِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْأُمَّ مَعَ الْأَبِ فِي الْغَرَّاوَيْنِ كَالْأُخْتِ مَعَ الْأَخِ وَعَلَى تَقْدِيرِ أَنَّهُ مَيِّتٌ قَبْلَ مَوْتِ الْمَرْأَةِ فَكَذَلِكَ تَكُونُ الْمَسْأَلَةُ أَيْضًا مِنْ سِتَّةٍ وَتَعُولُ إلَى ثَمَانِيَةٍ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ فَالثَّمَانِيَةُ تُوَافِقُ السِّتَّةَ بِالنِّصْفِ فَتَضْرِبُ نِصْفَ أَحَدِهِمَا فِي كَامِلِ الْأُخْرَى بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرُونَ فَالزَّوْجُ يَكُونُ لَهُ فِي الْعَائِلَةِ أَقَلُّ مِنْ غَيْرِ الْعَائِلَةِ فَيَأْخُذُ الْمُحَقَّقَ بِتَقْدِيرِ مَوْتِ الْأَبِ وَهُوَ تِسْعَةٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ وَالْأُمُّ يَكُونُ لَهَا فِي غَيْرِ الْعَائِلَةِ أَقَلُّ مِنْ الْعَائِلَةِ فَتَأْخُذُ الْمُحَقَّقَ بِتَقْدِيرِ حَيَاةِ الْأَبِ وَهُوَ السُّدُسُ وَيُوقَفُ أَحَدَ عَشَرَ بَقِيَّةُ الْأَرْبَعَةِ وَالْعِشْرِينَ

فَإِنْ ثَبَتَ حَيَاةُ الْأَبِ أَخَذَ الزَّوْجُ مِنْ الْمُوقَفِ ثَلَاثَةً تَتِمَّةَ النِّصْفِ وَيَأْخُذُ الْأَبُ ثَمَانِيَةً وَقَدْ أَخَذَتْ الْأُمُّ مَا كَانَ يَخُصُّهَا عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ، وَإِنْ ثَبَتَ مَوْتُهُ أَوْ مَضَى التَّعْمِير أَخَذَتْ الْأُخْتُ مِمَّا وُقِفَ تِسْعَةً وَتَأْخُذُ الْأُمُّ اثْنَيْنِ، وَأَمَّا الزَّوْجُ، فَإِنَّهُ أَخَذَ حِصَّتَهُ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ وَهُوَ تِسْعَةٌ فَقَوْلُهُ فَعَلَى حَيَاتِهِ مِنْ سِتَّةٍ وَجُزْءُ سَهْمِهَا أَرْبَعَةٌ فَيُضْرَبُ فِيهَا وَجُزْءُ سَهْمِ حَالَةِ الْمَوْتِ ثَلَاثَةٌ فَيُضْرَبُ فِيهَا لِلزَّوْجِ تِسْعَةٌ أَيْ يُعَجَّلُ لِلزَّوْجِ تِسْعَةٌ وَيُعَجَّلُ لِلْأُمِّ أَرْبَعَةٌ قَوْلُهُ: أَوْ مَوْتُهُ عَطْفٌ عَلَى الْمَعْنَى أَيْ، فَإِنْ ظَهَرَتْ حَيَاتُهُ أَوْ مَوْتُهُ، وَلَوْ رَاعَى اللَّفْظَ لَقَالَ أَوْ مَيِّتٌ وَقَوْلُهُ أَوْ مَضَى التَّعْمِيرُ عَلَى قِرَاءَتِهِ بِالْفِعْلِ يَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى فِعْلِ الشَّرْطِ وَعَلَى قِرَاءَتِهِ بِالْمَصْدَرِ يُقَدَّرُ لَهُ عَامِلٌ وَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ أَيْ، أَوْ ظَهَرَ مُضِيُّ التَّعْمِيرِ

، وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ أَحْكَامِ الْمَفْقُودِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى‌

‌ إرْثِ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ

وَأَخَّرَهُ عَنْ مِيرَاثِ الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ الْمُحَقَّقَيْنِ لِتَوَقُّفِ مَعْرِفَةِ مِيرَاثِهِ عَلَى مَعْرِفَةِ مِقْدَارِ مِيرَاثِهِمَا وَهُوَ بِالْخَاءِ وَالْمُثَلَّثَةِ مَأْخُوذٌ مِنْ الِانْخِنَاثِ وَهُوَ التَّثَنِّي وَالتَّكَسُّرُ، أَوْ مِنْ قَوْلِهِمْ خَنَثَ الطَّعَامُ إذَا اشْتَبَهَهُ أَمْرُهُ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ فَتَضْرِبُ نِصْفَ إحْدَاهُمَا) أَيْ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَفْقَ الْمُرَادِ بِالْوَفْقِ مَا يَعُمُّ وَفْقَ السِّتَّةِ وَوَفْقِ الثَّمَانِيَةِ وَالْمُرَادُ بِالْكُلِّ السِّتَّةُ أَوْ الثَّمَانِيَةُ (قَوْلُهُ وَجُزْءُ سَهْمِهَا) وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْأَرْبَعَةَ وَالْعِشْرِينَ تُقْسَمُ عَلَى سِتَّةٍ مَسْأَلَةِ الْحَيَاةِ، فَيَخْرُجُ جُزْءُ السَّهْمِ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ وَعَلَى ثَمَانِيَةٍ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْمَوْتِ يَخْرُجُ ثَلَاثَةٌ فَكُلُّ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ مَسْأَلَةِ الْحَيَاةِ وَهُوَ سِتَّةٌ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي أَرْبَعَةٍ وَفْقَ مَسْأَلَةِ الْمَوْتِ وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ مَسْأَلَةِ الْمَوْتِ وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي ثَلَاثَةٍ وَفْقِ مَسْأَلَةِ الْحَيَاةِ.

(تَنْبِيهٌ) كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الْمَفْقُودِ الْحُرِّ الْمُحَقَّقِ وَأَمَّا لَوْ فُقِدَ عَبْدٌ فَانْظُرْ حُكْمَهُ فِي شُرَّاحِ هَذَا الْكِتَابِ فَلَا حَاجَةَ لِلْإِطَالَةِ بِذِكْرِهِ.

(قَوْلُهُ أَوْ مَوْتُهُ عَطْفٌ عَلَى الْمَعْنَى) لَا حَاجَةَ بَلْ عَطْفٌ عَلَى أَنَّهُ حَيٌّ أَيْ: ظَهَرَ مَوْتُهُ وَقَوْلُهُ، وَلَوْ رَاعَى اللَّفْظَ أَيْ: لَفْظَ حَيًّا بِأَنْ يُعْطَفَ مَوْتٌ عَلَى حَيًّا.

(قَوْلُهُ مَعْطُوفًا عَلَى فِعْلِ الشَّرْطِ) وَهُوَ ظَهَرَ.

(قَوْلُهُ يُقَدَّرُ لَهُ عَامِلٌ) لَا حَاجَةَ لَهُ بَلْ يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى أَنَّهُ حَيٌّ فَهُوَ عَطْفُ مُفْرَدَاتٍ لَا جُمَلٍ

[إرْثِ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ]

(قَوْلُهُ الْمُحَقِّقِينَ) الْأَوْلَى الْمُتَحَقِّقِينَ (قَوْلُهُ لِتَوَقُّفِ إلَخْ) أَيْ: فَقَدَّمَ الْمُتَوَقَّفَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ وَالْمُتَوَقِّفُ مُسَبَّبٌ وَالسَّبَبُ يُقَدَّمُ عَلَى الْمُسَبَّبِ.

(قَوْلُهُ مَعْرِفَةِ مِيرَاثِهِ) أَرَادَ بِهَا التَّصْدِيقَ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلِلْخُنْثَى الْمُشْكِلِ جُمْلَةٌ خَبَرِيَّةٌ مَدْلُولُهَا التَّصْدِيقُ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ.

(قَوْلُهُ مَأْخُوذٌ مِنْ الِانْخِنَاثِ) أَيْ لَفْظِهِ لَا ذَاتِهِ اعْلَمْ أَنَّ الِاشْتِقَاقَ يَنْقَسِمُ إلَى أَقْسَامٍ صَغِيرٍ وَهُوَ رَدُّ لَفْظٍ إلَى آخَرَ لِمُنَاسَبَةٍ فِي الْمَعْنَى وَمُوَافَقَةٍ فِي جَمِيعِ الْحُرُوفِ الْأُصُولِ وَفِي التَّرْتِيبِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ ثَلَاثَةُ أُمُورٍ كَضَارِبٍ مِنْ الضَّرْبِ وَكَبِيرٍ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا مُنَاسَبَةٌ فِي الْمَعْنَى وَجَمِيعُ الْحُرُوفِ الْأُصُولِ مَعَ الْمُخَالَفَةِ فِي التَّرْتِيبِ كَجَبَذَ مِنْ الْجَذْبِ أَوْ جَذَبَ مِنْ الْجَبْذِ وَأَكْبَرُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا مُنَاسَبَةٌ فِي الْمَعْنَى أَيْ مُنَاسَبَةٌ وَفِي غَالِبِ الْحُرُوفِ مَعَ الْمُخَالَفَةِ فِي بَعْضِهَا كَثَلَبَ مِنْ الثَّلْمِ وَيُسَمَّى أَكْبَرَ لِاحْتِيَاجِهِ لِمَزِيدِ تَأَمُّلٍ بِخِلَافِ الْكَبِيرِ، فَيَحْتَاجُ لِأَصْلِ تَأَمُّلٍ وَالْأَصْغَرُ لَا يَحْتَاجُ لِتَأَمُّلٍ فَالْأَخْذُ الْمَذْكُورُ خَارِجٌ عَنْ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ فَهُوَ قِسْمٌ رَابِعٌ وَقِيلَ أَكْبَرُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا مُطْلَقُ مُنَاسَبَةٍ سَوَاءٌ تَوَافَقَا فِي جَمِيعِ الْحُرُوفِ أَوْ الْبَعْضِ وَعَلَى هَذَا فَالْأَخْذُ مِنْ أَفْرَادِ الِاشْتِقَاقِ وَالِانْخِنَاثُ مَصْدَرُ انْخَنَثَ وَيُقَالُ أَيْضًا تَخَنَّثَ إذَا كَانَ فِيهِ لِينٌ وَتَكَسُّرٌ وَيُقَالُ أَيْضًا خَنَثَ خَنْثًا إذَا كَانَ فِيهِ لِينٌ وَتَكَسُّرٌ.

(قَوْلُهُ التَّثَنِّي وَالتَّكَسُّرُ) هُمَا مُتَرَادِفَانِ أَيْ تَكَسُّرُ الْقَوْلِ وَلِينُهُ فَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ خَنَّثَ الرَّجُلُ كَلَامَهُ بِالتَّثْقِيلِ إذَا شَبَّهَهُ بِكَلَامِ النِّسَاءِ لِينًا وَرَخَامَةً اهـ.

فَلَا يَشْمَلُ التَّشْبِيهَ بِالنِّسَاءِ فِي الْأَفْعَالِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الشَّارِحُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ وَهُوَ التَّثَنِّي وَالتَّكَسُّرُ أَيْ: فِي الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ (قَوْلُهُ أَوْ مِنْ قَوْلِهِمْ) مَعْطُوفٌ عَلَى الِانْخِنَاثِ (قَوْلُهُ خَنِثَ الطَّعَامُ) مِنْ بَابِ تَعِبَ أَيْ: مَصْدَرُهُ فَيُوَافِقُ مَا قَبْلَهُ فِي الْمَصْدَرِيَّةِ أَوْ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ دَائِرَةَ الْأَخْذِ أَعَمُّ وَلَعَلَّ ذَلِكَ هُوَ السِّرُّ فِي الْعُدُولِ هُنَا عَنْ الْمَصْدَرِ إلَى الْفِعْلِ أَيْ: حَيْثُ لَمْ يُقَدَّرْ مَصْدَرُ خَنِثَ.

(قَوْلُهُ الطَّعَامُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ جَمْعَ الطَّعَامِ أَطْعِمَةٌ وَجَمْعُهُ أَطْعِمَاتٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَطْعِمَاتٍ جَمْعُ الْجَمْعِ وَالطَّعَامُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ الْبُرُّ وَمَا يُؤْكَلُ وَقَالَ ابْنُ فَارِسٍ فِي الْمُجْمَلِ يَقَعُ عَلَى كُلِّ مَا يُطْعَمُ حَتَّى الْمَاءِ قَالَ تَعَالَى {وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي} [البقرة: 249] أَيْ: وَمَنْ لَمْ يَشْرَبْ مِنْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي ك.

(قَوْلُهُ إذَا اشْتَبَهَ أَمْرُهُ إلَخْ) هَذَا إنَّمَا يُنَاسِبُ الْخُنْثَى الْمُقَيَّدَ بِالْمُشْكِلِ مَعَ أَنَّ الْخُنْثَى أَعَمُّ مِنْ الْمُشْكِلِ وَلِذَا قَيَّدُوهُ بِقَوْلِهِمْ الْمُشْكِلِ فَالِاشْتِبَاهُ لَيْسَ لَازِمًا لِلْخُنْثَى وَيُجَابُ بِأَنَّ شَأْنَهُ الِاشْتِبَاهُ فَذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى الِاشْتِبَاهِ

ص: 225

فَلَمْ يَخْلُصْ طَعْمُهُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ وَشَارَكَ طَعْمَ غَيْرِهِ وَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِاشْتِرَاكِ الشَّبَهَيْنِ فِيهِ وَأَلِفُهُ لِلتَّأْنِيثِ فَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ الصَّرْفِ وَجَمْعُهُ خَنَاثَى كَالْحَبَالَى وَالضَّمَائِرُ الْعَائِدَةُ عَلَيْهِ وَيُؤْتَى بِهَا مُذَكَّرَةً، وَإِنْ اتَّضَحَتْ أُنُوثَتُهُ لِأَنَّ مَدْلُولَهُ شَخْصٌ صِفَتُهُ كَذَا، وَكَذَا وَحَقِيقَةُ الْخُنْثَى، سَوَاءٌ كَانَ مُشْكِلًا أَمْ لَا مَنْ لَهُ آلَةُ الْمَرْأَةِ وَآلَةُ الرَّجُلِ وَقِيلَ يُوجَدُ مِنْهُ نَوْعٌ لَيْسَ لَهُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا، وَلَهُ مَكَانٌ يَبُولُ مِنْهُ، وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ أَبًا، وَلَا أُمًّا، وَلَا جَدًّا، وَلَا جَدَّةً، وَلَا زَوْجًا، وَلَا زَوْجَةً لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ مُنَاكَحَتُهُ مَا دَامَ مُشْكِلًا وَهُوَ مُنْحَصِرٌ فِي سَبْعَةِ أَصْنَافٍ الْأَوْلَادُ وَأَوْلَادُهُمْ وَالْإِخْوَةُ وَأَوْلَادُهُمْ وَالْأَعْمَامُ وَأَوْلَادُهُمْ وَالْمَوَالِي وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَى قَدْرِ مِيرَاثِهِ بِقَوْلِهِ. (ص) وَلِلْخُنْثَى الْمُشْكِلُ نِصْفُ نَصِيبَيْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَأْخُذُ نِصْفَ نَصِيبِهِ حَالَ فَرْضِهِ ذَكَرًا وَحَالَ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ فَلَمْ يَخْلُصْ) بِضَمِّ اللَّامِ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ إذَا اشْتَبَهَ أَمْرُهُ أَيْ فَلَمْ تُعْلَمُ حَقِيقَتُهُ بَلْ حَصَلَ فِيهَا اشْتِبَاهٌ أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْلُصْ طَعْمُهُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ إذَا اشْتَبَهَ أَمْرُهُ أَيْ فَالِاشْتِبَاهُ إنَّمَا هُوَ فِي الطَّعْمِ بِخِلَافِ الْحَقِيقَةِ فَمَعْلُومَةٌ فَإِنْ قُلْت يَرُدُّ الْأَوَّلَ قَوْلُهُ وَشَارَكَ طَعْمَ غَيْرِهِ يُفِيدُ عِلْمَ الْحَقِيقَةِ قُلْت إنَّ اخْتِلَافَ الطَّعْمِ مِمَّا قَدْ يُؤَدِّي إلَى عَدَمِ الْحَقِيقَةِ وَإِنْ كَانَتْ بِحَسَبِ الظَّاهِرِ مَعْلُومَةً (قَوْلُهُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ) أَيْ الْمَعْهُودُ فِيهِ (قَوْلُهُ وَشَارَكَ) عَطْفُ عِلَّةٍ عَلَى مَعْلُولٍ.

(قَوْلُهُ وَسُمِّيَ بِذَلِكَ) أَيْ: سُمِّيَ الْخُنْثَى أَيْ: ذَاتُهُ بِذَلِكَ أَيْ: بِالْخُنْثَى أَيْ بِلَفْظِهِ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلٍ مَأْخُوذٍ.

(قَوْلُهُ لِاشْتِرَاكِ الشَّبَهَيْنِ فِيهِ) أَيْ: لِاشْتِرَاكِ مُوجِبِ الشَّبَهَيْنِ وَهُوَ الْآلَتَانِ أَيْ وَحِينَئِذٍ يَحْصُلُ الِاشْتِبَاهُ فَاسْتَقَامَ الْكَلَامُ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ بِاعْتِبَارِ الثَّانِي الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ أَوْ مِنْ قَوْلِهِمْ خَنِثَ الطَّعَامُ لَا بِاعْتِبَارِ الْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ مِنْ الِانْخِنَاثِ وَهُوَ التَّثَنِّي وَالتَّكَسُّرُ (قَوْلُهُ وَأَلِفُهُ لِلتَّأْنِيثِ) أَيْ: لَا لِلْإِلْحَاقِ؛ لِأَنَّ مَا فِيهِ أَلِفُ الْإِلْحَاقِ لَا يَكُونُ عَلَى وَزْنِ فُعْلَى بِالضَّمِّ (قَوْلُهُ وَإِنْ اتَّضَحَتْ إلَخْ) مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ صُورَتَانِ وَهُمَا إنْ اتَّضَحَتْ ذُكُورَتُهُ أَوْ حَصَلَ فِيهَا اشْتِبَاهٌ بَلْ وَإِنْ اتَّضَحَتْ أُنُوثَتُهُ أَتَى بِهِ دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّهُ إذَا اتَّضَحَتْ أُنُوثَتُهُ يُؤْتَى بِالضَّمَائِرِ مُؤَنَّثَةً.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ مَا لَوْ لَهُ شَخْصٌ) أَيْ مَدْلُولُ لَفْظِهِ وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ مَدْلُولُهُ وَكَأَنْ يَقُولَ؛ لِأَنَّ الْخُنْثَى شَخْصٌ إلَخْ أَيْ فَهُوَ نَكِرَةٌ وَيَصِحُّ أَنْ يُجْعَلَ اسْمَ جِنْسٍ وَيُقَدَّرَ مُضَافٌ أَيْ مَاهِيَةُ شَخْصٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا صَحَّ أَنْ يَكُونَ نَكِرَةً صَحَّ أَنْ يَكُونَ اسْمَ جِنْسٍ فَإِنْ لَاحَظْت الْفَرْدَ الْمُنْتَشِرَ كَانَ نَكِرَةً وَإِنْ لَاحَظْت الْمَاهِيَّةَ كَانَ اسْمَ جِنْسٍ.

(قَوْلُهُ وَحَقِيقَةُ الْخُنْثَى) أَيْ: مَدْلُولُهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْمَاهِيَّةَ الْكُلِّيَّةَ مَا لَمْ تُلَاحِظْ أَنَّهُ اسْمَ جِنْسٍ ثُمَّ أَقُولُ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ وَحَقِيقَةُ الْخُنْثَى بَعْدَ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ مَدْلُولَهُ إلَخْ إذْ هُوَ عَيْنُهُ.

(قَوْلُهُ مَنْ لَهُ آلَةُ الْمَرْأَةِ وَآلَةُ الرَّجُلِ إلَخْ) أَرَادَ بِالرَّجُلِ الذَّكَرَ لَا الْبَالِغَ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ وَالْمُخْتَارِ جَعَلَا الرَّجُلَ خِلَافَ الْمَرْأَةِ أَيْ الذَّكَرَ وَقَدْ خَالَفَ التَّنْبِيهُ فَقَالَ الرَّجُلُ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَضَمِّ الْجِيمِ وَسُكُونِهَا خِلَافُ الْمَرْأَةِ وَإِنَّمَا هُوَ إذَا احْتَلَمَ وَشَبَّ أَوْ هُوَ رَجُلٌ سَاعَةَ يُولَدُ وَالْجَمْعُ رِجَالٌ وَرِجَالَاتٌ مِثْلُ جِمَالٌ وَجِمَالَاتٌ اهـ.

وَكَأَنَّ أَوْ لِحِكَايَةِ الْخِلَافِ أَيْ: الْآلَتَيْنِ الْكَامِلَتَيْنِ قَالَ تت فِي شَرْحِ الْغِمَارِيَّةِ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ هُوَ الَّذِي يَكُونُ لَهُ فَرْجَا الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى عَلَى صِفَتِهِمَا غَيْرَ نَاقِصَتَيْنِ عَنْهُمَا فَلَوْ كَانَ لَهُ فَرْجُ الْمَرْأَةِ وَذَكَرٌ مِنْ غَيْرِ خُصْيَتَيْنِ أَوْ خُصْيَتَانِ بِلَا ذَكَرٍ فَامْرَأَةٌ بِلَا إشْكَالٍ، وَكَذَا لَوْ كَانَ لَهُ ذَكَرٌ وَخُصْيَتَانِ وَلَهُ ثُقْبَةٌ فِي مَوْضِعِ الْفَرْجِ نَاقِصَةٌ عَنْ صُورَةِ فَرْجِ الْمَرْأَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ نَافِذَةً أَمْ لَا فَرَجُلٌ وَإِنَّمَا الْمُشْكِلُ مَنْ لَهُ الْفَرْجَانِ الْكَامِلَانِ أَوْ لَا فَرْجَ لَهُ وَإِنَّمَا لَهُ ثُقْبَةٌ يَبُولُ مِنْهَا.

(قَوْلُهُ وَقِيلَ يُوجَدُ مِنْهُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْخُنْثَى نَوْعَانِ نَوْعٌ لَهُ الْآلَتَانِ وَنَوْعٌ لَهُ ثُقْبَةٌ فَقَطْ وَفِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ أَنَّ حِكَايَةَ هَذَا الْقَوْلَ بِقِيلَ أَنَّ الْمَشْهُورَ عَدَمُ وُجُودِهِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَقِيلَ يُوجَدُ مِنْهُ نَوْعٌ أَيْ: مِنْ الْخُنْثَى لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ فَفِي الْعِبَارَةِ اسْتِخْدَامٌ (أَقُولُ) وَيُمْكِنُ التَّوْفِيقُ بِأَنْ يُحْمَلَ الْأَوَّلُ عَلَى الْأَكْثَرِ ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا وَجَدْت مَا يُفِيدُهُ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ (قَوْلُهُ وَلَا يُتَصَوَّرُ) أَيْ تَصَوُّرًا صَحِيحًا أَنْ يَكُونَ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ أُمًّا (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ (قَوْلُهُ وَالْمَوَالِي) أَيْ: الْمُعْتِقُونَ بِكَسْرِ التَّاءِ لَا بِفَتْحِهَا؛ لِأَنَّ السِّيَاقَ فِي بَيَانِ الْإِرْثِ مِنْ الْغَيْرِ أَيْ: إنَّ الْخُنْثَى الْمُشْكِلَ الَّذِي حُكِمَ بِإِرْثِهِ إنَّمَا يَكُونُ وَلَدًا أَوْ وَلَدَ وَلَدٍ أَوْ أَخًا وَوَلَدَ أَخٍ أَوْ عَمًّا أَوْ ابْنَ عَمٍّ أَوْ مُعْتِقًا بِكَسْرِ التَّاءِ.

(قَوْلُهُ وَلِلْخُنْثَى إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ لِلْخُنْثَى خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَقَوْلُهُ نِصْفُ نَصِيبَيْ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ تَحَقَّقَ إشْكَالُهُ؛ لِأَنَّهُ الْمُسَمَّى بِذَلِكَ لَا مَنْ اتَّضَحَتْ ذُكُورَتُهُ أَوْ أُنُوثَتُهُ فَحِينَئِذٍ لَا تَوَقُّفَ لِلْإِيضَاحِ وَلَكِنْ لَا يُعْلَمُ تَحَقُّقُهُ إلَّا بِاخْتِيَارِهِ هَلْ يَتَّضِحُ أَوْ لَا فَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُقَدِّمَ الْعَلَامَاتِ ثُمَّ يَقُولَ فَإِنْ لَمْ يَتَّضِحْ فَلَهُ نِصْفُ إلَخْ وَلَكِنْ أَخَّرَهُ لِقَصْدِ التَّوْرِيَةِ بِقَوْلِهِ فَلَا إشْكَالَ أَنَّهُ لَا إشْكَالَ فِي كِتَابِهِ فَالْمُصَنِّفُ لَمْ يَجْعَلْهُ مِمَّا يُوقَفُ إرْثُهُ خِلَافًا لِمَا فَعَلَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَإِلَّا لَقَالَ وَمِيرَاثُ الْخُنْثَى لِبَيَانِ حَالِهِ، فَيَكُونُ عَطْفًا عَلَى نَائِبِ فَاعِلِ وُقِفَ فَمَا فَعَلَهُ صَوَابٌ كَمَا قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ اهـ.

(قَوْلُهُ نِصْفُ نَصِيبَيْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى) يَنْبَغِي أَنْ يُرَاعَى الْعَطْفُ سَابِقًا عَلَى الْإِضَافَةِ وَيُرْتَكَبَ التَّوْزِيعُ وَالْإِلْزَامُ عَلَى الْأَوَّلِ أَنَّ النَّصِيبَيْنِ لِلذَّكَرِ وَحْدَهُ وَعَلَى الثَّانِي أَنَّ لِكُلٍّ مِنْ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى نَصِيبَيْنِ أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّهُ يَأْخُذُ نِصْفَ نَصِيبِهِ إلَخْ) أَيْ فَيُعْطَى نِصْفَ نَصِيبِهِ عَلَى كَوْنِهِ ذَكَرًا وَنِصْفَ نَصِيبِهِ عَلَى كَوْنِهِ أُنْثَى فَانْدَفَعَ مَا قَالَهُ ابْنُ خَرُوفٍ وَذَلِكَ أَنَّ ابْنَ خَرُوفٍ قَالَ إنَّ فِي أَخْذِهِ خَمْسَةً عَلَيْهِ الْغَبْنُ بِرُبُعِ سَهْمٍ؛ لِأَنَّ الذَّكَرَ إذَا وَصَلَهُ سَبْعَةٌ يَنْبَغِي أَنْ يُحْسَبَ لِلْخُنْثَى خَمْسَةٌ وَرُبُعٌ؛ لِأَنَّ لَهُ نِصْفَ السَّبْعَةِ ثَلَاثَةً وَنِصْفَ الثَّلَاثَةِ وَنِصْفَ اثْنَانِ غَيْرَ رُبُعٍ وَذَلِكَ خَمْسَةٌ وَرُبُعٌ وَهِيَ نِصْفُ مِيرَاثِ ذَكَرٍ وَنِصْفُ مِيرَاثِ أُنْثَى وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ مَا بِيَدِ الذَّكَرِ فَصَارَ عَلَيْهِ الْغَبْنُ فِي رُبُعِ سَهْمٍ ثُمَّ قَالَ

ص: 226

فَرْضِهِ أُنْثَى لَا أَنَّهُ يُعْطَى نِصْفَ نَصِيبِ الذَّكَرِ الْمُحَقَّقِ الذُّكُورَةِ الْمُقَابِلِ لَهُ وَنِصْفَ نَصِيبِ الْأُنْثَى الْمُحَقَّقَةِ الْأُنُوثَةِ الْمُقَابِلَةِ لَهُ، فَإِذَا كَانَ لَهُ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ ذَكَرًا سَهْمَانِ وَعَلَى كَوْنِهِ أُنْثَى سَهْمٌ، فَإِنَّهُ يُعْطَى نِصْفَ نَصِيبِ الذَّكَرِ وَهُوَ سَهْمٌ وَنِصْفَ نَصِيبِ الْأُنْثَى وَهُوَ نِصْفُ سَهْمٍ فَمَجْمُوعُ ذَلِكَ سَهْمٌ وَنِصْفُ سَهْمٍ، وَهَذَا إذَا كَانَ إرْثُهُ بِالْجِهَتَيْنِ مُخْتَلِفَانِ لِأَنَّ لَهُ أَرْبَعَةَ أَحْوَالٍ حَالٌ يَرِثُ عَلَى أَنَّهُ ذَكَرٌ وَيَرِثُ عَلَى أَنَّهُ أُنْثَى إلَّا أَنَّ مِيرَاثَهُ بِالذُّكُورَةِ أَكْثَرُ وَحَالٌ يَرِثُ عَلَى أَنَّهُ ذَكَرٌ فَقَطْ وَحَالٌ عَكْسُهُ وَحَالٌ مُسَاوَاةُ إرْثِهِ ذُكُورَةً وَأُنُوثَةً فَالْأَوَّلُ كَمَا إذَا كَانَ ابْنًا أَوْ ابْنَ ابْنٍ وَالثَّانِي كَمَا إذَا كَانَ عَمًّا، أَوْ ابْنَ عَمٍّ وَالثَّالِثُ إذَا كَانَ فِي مَسَائِلِ الْعَوْلِ كَالْأَكْدَرِيَّةِ، فَإِنَّهُ لَا يُعَالُ فِيهَا إذَا كَانَ ذَكَرًا، وَلَا يَرِثُ كَمَا مَرَّ وَالرَّابِعُ كَمَا إذَا كَانَ أَخًا لِأُمٍّ وَالْحُكْمُ فِي الثَّانِي وَالثَّالِثِ إعْطَاؤُهُ نِصْفَ نَصِيبِ الْوَجْهِ الَّذِي يَرِثُ بِهِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى، وَأَمَّا الرَّابِعُ فَيُعْطَى فَرْضَهُ كَامِلًا لِاسْتِوَاءِ الْحَالَيْنِ فَقَوْلُهُ وَلِلْخُنْثَى وَاحِدًا كَانَ، أَوْ مُتَعَدِّدًا لِأَنَّهُ إذَا تَعَدَّدَ ضَعُفَتْ الْأَحْوَالُ وَبِتَضْعِيفِ الْأَحْوَالِ يَحْصُلُ نِصْفُ نَصِيبَيْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَكَلَامُ ز لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ. (ص) تُصَحَّحُ الْمَسْأَلَةُ عَلَى التَّقْدِيرَاتِ ثُمَّ

ــ

[حاشية العدوي]

وَحَقِيقَةُ الْغَبْنِ فِي سُبُعِ سَهْمٍ؛ لِأَنَّ لِلذَّكَرِ سِتَّةً وَسِتَّةَ أَسْبَاعٍ وَلِلْخُنْثَى خَمْسَةٌ وَسُبُعٌ؛ لِأَنَّ لَهُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ مَا لِلذَّكَرِ فَكَانَ لِلذَّكَرِ وَاحِدٌ وَلَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ فَإِذَا قَسَمْت اثْنَيْ عَشَرَ عَلَى ذَلِكَ كَانَ لِلذَّكَرِ سِتَّةٌ وَسِتَّةُ أَسْبَاعٍ وَلِلْخُنْثَى خَمْسَةٌ وَسُبُعٌ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنْ تَضْرِبَ الْوَاحِدَ فِي مَخْرَجِ الْكَسْرِ بِأَنْ تَضْرِبَ وَاحِدًا فِي أَرْبَعَةٍ بِأَرْبَعَةٍ وَتَزِيدَ عَلَيْهِ بَسْطَ الْكَسْرِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ فَالْمَجْمُوعُ سَبْعَةٌ أَيْ: سَبْعَةُ أَرْبَاعٍ فَتَخْرُجُ مِنْ قِسْمَةِ الِاثْنَيْ عَشَرَ عَلَيْهَا لِكُلِّ وَاحِدٍ سَهْمٌ وَخَمْسَةُ أَسْبَاعِ سَهْمٍ؛ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ الِاثْنَيْ عَشَرَ سَبْعَةٌ لِلْمَقْسُومِ عَلَيْهِمْ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَرْبَعَةِ الْأَرْبَاعِ الَّتِي لِلْوَاحِدِ الْكَامِلِ الَّذِي لِلذَّكَرِ الْمُحَقَّقِ وَاحِدٌ كَامِلٌ، فَيَثْبُتُ لِلذَّكَرِ الْمُحَقَّقِ حِينَئِذٍ مِنْ الِاثْنَيْ عَشَرَ أَرْبَعَةٌ كَوَامِلُ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ ثَلَاثَةِ الْأَرْبَاعِ الَّتِي لِلْخُنْثَى وَاحِدٌ كَامِلٌ، فَيَثْبُتُ لِلْخُنْثَى ثَلَاثٌ كَوَامِلُ ثُمَّ يَبْقَى مِنْ الِاثْنَيْ عَشَرَ خَمْسَةٌ وَثَلَاثُونَ سُبْعًا مِنْ ضَرْبِ السَّبْعَةِ الْمَقْسُومِ عَلَيْهِمْ فِي الْخَمْسَةِ الْبَاقِيَةِ فَعِشْرُونَ سُبْعًا تُضَافُ لِلْأَرْبَعَةِ الْكَوَامِلِ الَّتِي لِلذَّكَرِ الْمُحَقَّقِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ كَوَامِلُ إلَّا سُبْعًا فَتَبَيَّنَ أَنَّ لَهُ سِتَّةً كَوَامِلَ وَسِتَّةَ أَسْبَاعٍ وَالْخَمْسَةَ عَشَرَ الْبَاقِيَةُ تُضَافُ لِلثَّلَاثَةِ الَّتِي لِلْخُنْثَى وَهِيَ بِاثْنَيْنِ وَسُبُعٍ، فَيَصِيرُ لَهُ خَمْسَةٌ وَسُبُعٌ فَظَهَرَ أَنَّ عَلَيْهِ الْغَبْنَ فِي سُبُعِ سَهْمٍ؛ لِأَنَّهُ مَا أُعْطِيَ إلَّا خَمْسَةً

وَمَا قُلْنَاهُ أَحْسَنُ مِنْ كَلَامِ عب فَإِنَّهُ لَا يُوَافِقُ الْقَوَاعِدَ وَحَاصِلُ جَوَابِ شَارِحِنَا تَبَعًا لِغَيْرِهِ أَنَّ ابْنَ خَرُوفٍ نَظَرَ إلَى أَنَّ الْمَعْنَى نِصْفُ نَصِيبِ ذَكَرٍ مُحَقَّقٍ وَأُنْثَى مُحَقَّقَةٍ غَيْرُهُ وَلَيْسَ هَذَا مُرَادًا بَلْ نِصْفُ ذُكُورَتِهِ هُوَ وَنِصْفُ أُنُوثَتِهِ هُوَ عَلَى تَقْدِيرِ ذَلِكَ وَإِذَا تَأَمَّلْت فِي كَلَامِهِمْ حَيْثُ مَثَّلُوا بِقَوْلِهِمْ كَذَكَرٍ وَخُنْثَى وَصَوَّرُوا ذَلِكَ بِقَوْلِهِمْ فَالتَّذْكِيرُ مِنْ اثْنَيْنِ إلَى آخِرِ مَا قَالَ الْمُصَنِّفُ تَجِدُ اعْتِرَاضَ ابْنِ خَرُوفٍ غَيْرَ مُتَوَجِّهٍ أَصْلًا وَلَا يَحْتَاجُ إلَى أَنْ يُقَالَ نِصْفُ نَصِيبِهِ حَالَ فَرْضِهِ ذَكَرًا إلَى آخِرِ مَا قَالُوا وَلِمِحَشِّي تت كَلَامٌ فِيهِ طُولٌ فَلَا حَاجَةَ إلَى جَلْبِهِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ لَهُ أَرْبَعَةَ أَحْوَالٍ) أَقُولُ بَقِيَتْ حَالَةٌ هُوَ أَنَّهُ يَرِثُ بِالْأُنُوثَةِ أَكْثَرَ كَزَوْجٍ وَإِخْوَةٍ لِأُمٍّ وَأَخٍ خُنْثَى (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الزَّرْقَانِيِّ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ) حَاصِلُهُ أَنَّ الشَّيْخَ أَحْمَدَ يَقُولُ إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلِلْخُنْثَى إلَخْ قَاصِرٌ عَلَى الْخُنْثَى الْوَاحِدِ وَلَا يَشْمَلُ الْخُنْثَيَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ سَيَأْتِي يَقُولُ لِكُلٍّ أَحَدَ عَشَرَ أَيْ: فَلَمْ يَكُنْ لَهُ نِصْفُ نَصِيبَيْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى بَلْ لَهُ رُبُعُ أَرْبَعَةِ أَنْصِبَةِ ذُكُورٍ وَإِنَاثٍ وَرَدَّهُ اللَّقَانِيِّ وَتَبِعَهُ شَارِحُنَا مِنْ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ شَامِلٌ لِمَا إذَا اتَّحَدَ الْخُنْثَى أَوْ تَعَدَّدَ وَمَا قَالَهُ الزَّرْقَانِيُّ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ بَلْ قَوْلُهُمْ وَلِلْخُنْثَى نِصْفُ نَصِيبَيْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى مَوْجُودٌ فِي اتِّحَادِ الْخُنْثَى وَتَعَدُّدِهِ كَذَا أَجْمَعُوا عَلَى ذَلِكَ فَوَرَدَ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ الْوَاقِعَ خِلَافُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فِي تَعَدُّدِ الْخُنْثَى كَمَا تَبَيَّنَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَكَخُنْثَيَيْنِ وَعَاصِبٍ وَأَجَابَ صَالِحٌ الْبُلْقِينِيُّ بِجَعْلِ ذُكُورَتِهِ وَإِنْ تَعَدَّدَتْ فَهِيَ وَاحِدَةٌ، وَكَذَا أُنُوثَتُهُ وَقَدْ حَصَلَ فِي مَجْمُوعِ الذُّكُورَتَيْنِ وَالْأُنُوثَتَيْنِ أَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ فَلَهُ عَلَى الذُّكُورَةِ الْوَاحِدَةِ وَالْأُنُوثَةِ الْوَاحِدَةِ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ وَنِصْفُهَا أَحَدَ عَشَرَ اهـ.

وَانْظُرْ هَذَا الْجَوَابَ مَعَ فَرْضِ اعْتِبَارِ الْأَرْبَعَةِ الْأَحْوَالِ وَأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ رُبُعَ مَا اجْتَمَعَ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ لَمَّا جَعَلَ الذُّكُورَةَ وَاحِدَةً وَإِنْ تَعَدَّدَتْ وَالْأُنُوثَةَ كَذَلِكَ صَارَتْ الِاثْنَانِ وَالْعِشْرُونَ أُخْرَى إلَّا تَقْرِيرًا لِلْأُولَى فَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ إلَّا اثْنَانِ وَعِشْرُونَ فَقَطْ وَنِصْفُهَا أَحَدَ عَشَرَ وَلَا يَخْفَى مَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّكْلِيفِ وَكَلَامُ الزَّرْقَانِيِّ وَجِيهٌ وَالْحَامِلُ لِلَّقَانِيِّ عَلَى الرَّدِّ عَلَيْهِ أَنَّ الْأَئِمَّةَ جَعَلُوا الْقَوْلَ بِأَنَّ نِصْفَ نَصِيبَيْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى عَامًّا فِي الْخُنْثَى الْوَاحِدِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ قَدْ خَالَفَهُمْ فَلَمْ تَكُنْ الْمُخَالَفَةُ فِي حُكْمٍ شَرْعِيٍّ فَقَوْلُهُ وَبِتَضْعِيفِ الْأَحْوَالِ يَحْصُلُ نِصْفٌ أَيْ: عَلَى مَا ذَكَرْنَا وَقَدْ قُلْنَا إنَّ فِيهِ تَكَلُّفًا (قَوْلُهُ تُصَحِّحُ الْمَسْأَلَةَ) أَيْ أَنْتَ أَيُّهَا الْمُخَاطَبُ أَيْ تَعْمَلُ الْمَسْأَلَةَ كَانَ فِيهَا كَسْرٌ أَوْ لَا وَهُوَ خَبَرٌ بِمَعْنَى الْإِنْشَاءِ وَكَأَنَّ السِّرَّ فِي الْعُدُولِ عَنْ صَحِّحْ إلَى تُصَحِّحُ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّ التَّصْحِيحَ حَاصِلٌ وَمُخْبَرٌ عَنْهُ فَهُوَ إشَارَةٌ إلَى الْحَثِّ عَلَى امْتِثَالِ ذَلِكَ الْأَمْرِ وَهُوَ جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ فَلَهُ نِصْفُ نَصِيبَيْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى أَيْ بِأَنْ تُصَحَّحَ إلَخْ أَوْ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانًا كَأَنَّ سَائِلًا سَأَلَ مَا كَيْفِيَّةُ الْعَمَلِ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ تُصَحِّحُ الْمَسْأَلَةَ أَيْ جِنْسَهَا الْمُتَحَقِّقَ فِي مُتَعَدِّدٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَضْرِبُ الْوَفْقَ أَوْ الْكُلَّ؛ لِأَنَّ ضَرْبَ الْوَفْقِ أَوْ الْكُلِّ لَا يَكُونُ إلَّا فِي مَسْأَلَتَيْنِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْجِنْسَ يَتَحَقَّقُ فِي وَاحِدٍ كَمَا هُوَ مَشْهُورٌ وَلَا يَصِحُّ هُنَا وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى التَّحْقِيقِ بِأَنَّ قَوْلَهُمْ أَلْ الَّتِي لِلْجِنْسِ تُبْطِلُ مَعْنَى الْجَمْعِيَّةِ أَيْ: الثَّلَاثَةِ فَأَكْثَرَ وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ التَّعَدُّدِ الْمُتَحَقِّقِ، وَلَوْ فِي اثْنَيْنِ تَحْقِيقًا لِلْجَمْعِيَّةِ فِي الْجُمْلَةِ وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ يَتَحَقَّقُ فِي وَاحِدٍ فَإِنْ مَرَرْنَا عَلَى الْأَوَّلِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِنْ مَرَرْنَا عَلَى الثَّانِي فَنَقُولُ أَرَادَ الْجِنْسَ الْمُتَحَقِّقَ فِي مُتَعَدِّدٍ بِقَرِينَةِ الْمَقَامِ

ص: 227

تَضْرِبُ الْوَفْقَ، أَوْ الْكُلَّ فِي حَالَتَيْ الْخُنْثَى وَتَأْخُذُ مِنْ كُلِّ نَصِيبٍ مِنْ الِاثْنَيْنِ النِّصْفَ وَأَرْبَعَةَ الرُّبُعِ فَمَا اجْتَمَعَ لَهُ فَنُصِيبُ كُلٍّ (ش) حَاصِلُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ أَنَّك تُصَحِّحُ الْمَسْأَلَةَ عَلَى إنَّهُ ذَكَرٌ مُحَقَّقٌ وَتُصَحِّحُهَا أَيْضًا عَلَى إنَّهُ أُنْثَى مُحَقَّقٌ ثُمَّ تَنْظُرُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ كَمَا تَنْظُرُ بَيْنَ الْعَدَدَيْنِ إذَا أَرَدْت رَدَّهُمَا إلَى عَدَدٍ وَاحِدٍ مِنْ تَدَاخُلٍ وَتَبَايُنٍ وَتَوَافُقٍ وَتَمَاثُلٍ، فَإِنْ تَمَاثَلَتَا اكْتَفَيْت بِأَحَدِهِمَا كَخُنْثَى وَبِنْتٍ، فَإِنَّ مَسْأَلَةَ الذُّكُورَةِ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَالْأُنُوثَةُ كَذَلِكَ، وَإِنْ تَدَاخَلَتَا اكْتَفَيْت بِأَكْبَرِهِمَا كَخُنْثَى وَأَخٍ فَفَرِيضَةُ التَّذْكِيرِ مِنْ وَاحِدٍ وَالتَّأْنِيثِ مِنْ اثْنَيْنِ، وَإِنْ تَوَافَقَا ضَرَبْت وَفْقَ إحْدَاهُمَا فِي كَامِلِ الْأُخْرَى وَيَأْتِي مِثَالُهُ، وَإِنْ تَبَايَنَتَا ضَرَبْت كَامِلَ إحْدَاهُمَا فِي كَامِلِ الْأُخْرَى وَمِثَالُهُ مَا قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ ثُمَّ تَضْرِبُ ذَلِكَ فِي عَدَدِ أَحْوَالِ الْخَنَاثَى ثُمَّ تَقْسِمُ عَلَى التَّذْكِيرِ وَعَلَى التَّأْنِيثِ ثُمَّ

ــ

[حاشية العدوي]

وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ عَلَى التَّقْدِيرَاتِ ثُمَّ لَا حَرَجَ فِي أَيِّهِمَا قَدَّمْت أَوْ أَخَّرْت فِي التَّقْدِيرَاتِ غَيْرَ أَنَّ الْمُصْطَلَحَ عَلَيْهِ تَقَدُّمُ مَسْأَلَةِ التَّذْكِيرِ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا.

(قَوْلُهُ تَضْرِبُ الْوَفْقَ) أَيْ: ثُمَّ بَعْدَ الْعَمَلِ تَضْرِبُ الْوَفْقَ أَيْ: وَفْقَ إحْدَى الْمَسْأَلَتَيْنِ أَيْ فِي كُلِّ الْأُخْرَى وَأَبْهَمَ الْمُصَنِّفُ الْوَفْقَ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ فِي الْوَجْهَيْنِ وَتَرَكَ الْمُصَنِّفُ الْمَضْرُوبَ فِيهِ لِعِلْمِهِ وَتَرَكَ الْمُصَنِّفُ مَا إذَا تَمَاثَلَا أَوْ تَدَاخَلَا لِقِلَّةِ الْعَمَلِ فِيهِمَا وَسَيَذْكُرُهُمَا الشَّارِحُ وَقَوْلُهُ فِي حَالَتَيْ الْخُنْثَى فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ ثُمَّ اضْرِبْ مَا تَحَصَّلَ فِي حَالَتَيْ الْخُنْثَى أَيْ: إنْ كَانَ وَاحِدًا وَأَحْوَالُهُ إنْ تَعَدَّدَ.

(قَوْلُهُ وَتَأْخُذُ مِنْ كُلِّ نَصِيبٍ إلَخْ) أَيْ نَصِيبِ ذُكُورَتِهِ وَنَصِيبِ أُنُوثَتِهِ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ ثُمَّ تَقْسِمُ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا بِاعْتِبَارِ ذُكُورَةِ الْخُنْثَى وَبِاعْتِبَارِ أُنُوثَتِهِ وَتَأْخُذُ إلَخْ قَالَ الزَّرْقَانِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ الْعَمَلِ فَكَانَ الْأَحْسَنَ عَطْفُهُ بِمَا يَقْتَضِي التَّرْتِيبَ كَمَا فِي الَّذِي قَبْلَهُ (قَوْلُهُ مِنْ الِاثْنَيْنِ النِّصْفُ) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ جَوَابًا عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ مَا كَيْفِيَّةُ الْأَخْذِ فَقَالَ تَأْخُذُ مِنْ النَّصِيبَيْنِ الْمُشْتَمِلِ عَلَيْهِمَا الْخُنْثَى الْوَاحِدُ النِّصْفَ إلَخْ وَعَلَى هَذَا فَمَفْعُولُ تَأْخُذُ فِي الْمُصَنِّفِ مَحْذُوفٌ وَقَوْلُهُ النِّصْفَ إلَخْ مَعْمُولٌ لِتَأْخُذَ مَحْذُوفًا وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ مِنْ الِاثْنَيْنِ بَدَلًا مِنْ قَوْلِهِ مِنْ كُلِّ نَصِيبٍ بَدَلَ مُفَصَّلٍ مِنْ مُجْمَلٍ لَا عَطْفَ بَيَانٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَادُ مَعَهُ حَرْفُ الْجَرِّ بِخِلَافِ الْبَدَلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى {عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ} [النبأ: 2] وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِنَصِيبٍ أَيْ: كَائِنٌ ذَلِكَ النَّصِيبُ مِنْ مَسْأَلَةِ الِاثْنَيْنِ وَعَلَى هَذَيْنِ فَقَوْلُهُ النِّصْفَ إلَخْ مَعْمُولٌ لِتَأْخُذَ الْمَذْكُورِ وَقَوْلُهُ وَأَرْبَعَةُ الرُّبُعِ فِيهِ عَطْفُ مَعْمُولِينَ عَلَى مَعْمُولَيْ عَامِلٍ وَاحِدٍ هَكَذَا فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ وَفِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْعَطْفِ عَلَى مَعْمُولِ عَامِلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَأَرْبَعَةٍ مَعْطُوفٌ عَلَى اثْنَيْنِ وَالْعَامِلُ مِنْ وَقَوْلُهُ وَالرُّبُعُ مَعْطُوفٌ عَلَى النِّصْفِ وَالْعَامِلُ تَأْخُذُ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يُقَدَّرُ عَامِلٌ قَبْلَ قَوْلِهِ أَرْبَعَةٍ وَيَكُونُ مَجْمُوعُ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ عَطْفًا عَلَى مِنْ اثْنَيْنِ الْمَعْمُولِ لِتَأْخُذَ وَقَوْلُهُ وَالرُّبْعَ مَعْطُوفٌ عَلَى النِّصْفِ الْمَعْمُولِ لِتَأْخُذَ فَاتَّضَحَ أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْعَطْفِ عَلَى مَعْمُولَيْ عَامِلٍ وَاحِدٍ لَكِنْ اُسْتُشْكِلَ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ فِيهِ حَذْفَ الْجَارِّ وَابَقَاءَ عَمَلِهِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ وَالْجَوَابُ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْجَائِزِ رَاجِعْ الْأُشْمُونِيَّ (قَوْلُهُ فَمَا اجْتَمَعَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ فَمَا اجْتَمَعَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَتَأْخُذُ إلَخْ ثُمَّ إنَّ بَعْضَ الشُّرَّاحِ لَاحَظَ أَنَّ مَا اجْتَمَعَ لَيْسَ نَصِيبَ كُلٍّ فَاحْتَاجَ إلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْ: نِصْفِ مَا اجْتَمَعَ (أَقُولُ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِقَوْلِهِ فَمَا اجْتَمَعَ أَيْ: مَا حَصَلَ بِالْأَخْذِ وَإِنْ كَانَ لَيْسَ ظَاهِرًا فِي الْمُرَادِ، وَلَوْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ وَهُوَ نَصِيبُ كُلٍّ أَيْ: مَا أُخِذَ مِمَّا ذُكِرَ فَهُوَ نَصِيبُ كُلٍّ لَكَانَ أَحْسَنَ وَأَدْخَلَ الْفَاءَ الثَّانِيَةَ؛ لِأَنَّ الْمُبْتَدَأَ مَوْصُولٌ وَهِيَ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي يُقَدَّرُ بَعْدَهَا مُبْتَدَأٌ فَالتَّقْدِيرُ فَهُوَ نَصِيبُ كُلٍّ وَنَبَّهَ بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ غَايَةُ الْعَمَلِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نَقْصٍ.

(قَوْلُهُ فَإِنَّ مَسْأَلَةَ الذُّكُورَةِ مِنْ ثَلَاثَةٍ) أَيْ:؛ لِأَنَّ الذَّكَرَ بِرَأْسَيْنِ وَقَوْلُهُ وَالْأُنُوثَةُ كَذَلِكَ أَيْ:؛ لِأَنَّ الْبِنْتَيْنِ لَهُمَا الثُّلُثَانِ، فَيَكْفِي بِثَلَاثَةٍ أَيًّا كَانَتْ وَتُضْرَبُ الثَّلَاثَةُ فِي حَالَتَيْ الْخُنْثَى بِسِتَّةٍ فَإِنْ اُعْتُبِرَتْ الذُّكُورَةُ خَصَّ الْخُنْثَى أَرْبَعَةٌ وَخَصَّ الْبِنْتَ اثْنَانِ وَلَا شَيْءَ لِلْعَاصِبِ وَإِنْ قَسَمْت عَلَى الْأُنُوثَةِ خَصَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْخُنْثَى وَالْبِنْتِ اثْنَانِ وَالْبَقِيَّةُ لِلْعَاصِبِ وَهُمَا اثْنَانِ فَقَدْ حَصَلَ لِلْخُنْثَى فِي الْحَالَتَيْنِ سِتَّةٌ فَلَهَا نِصْفُهَا وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَحَصَلَ لِلْبِنْتِ فِي الْحَالَتَيْنِ أَرْبَعَةٌ فَلَهَا نِصْفُهَا وَهُوَ اثْنَانِ وَحَصَلَ لِلْعَاصِبِ اثْنَانِ فَلَهُ نِصْفُهُمَا وَهُوَ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ فَفَرِيضَةُ التَّذْكِيرِ مِنْ وَاحِدٍ) أَيْ: وَلَا شَيْءَ لِلْأَخِ؛ لِأَنَّ الِابْنَ يَحْجُبُ الْأَخَ وَقَوْلُهُ وَالتَّأْنِيثُ مِنْ اثْنَيْنِ أَيْ:؛ لِأَنَّ الْبِنْتَ لَهَا النِّصْفُ وَهُوَ مِنْ اثْنَيْنِ فَلِلْبِنْتِ وَاحِدٌ وَالثَّانِي لِلْأَخِ فَتَكْتَفِي بِالِاثْنَيْنِ؛ لِأَنَّ الْوَاحِدَ دَاخِلٌ فِي الِاثْنَيْنِ ثُمَّ تَضْرِبُهُمَا فِي حَالَتَيْ الْخُنْثَى بِأَرْبَعَةٍ فَإِذَا قَسَمْت عَلَى التَّذْكِيرِ كَانَتْ الْأَرْبَعَةُ كُلُّهَا لِلِابْنِ وَلَا شَيْءَ لِلْأَخِ وَإِنْ قَسَمْتهَا عَلَى التَّأْنِيثِ خَصَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْخُنْثَى وَالْأَخِ اثْنَانِ فَمَجْمُوعُ مَا حَصَلَ لِلْخُنْثَى فِي الْحَالَتَيْنِ سِتَّةٌ فَيُعْطَى نِصْفَهَا ثَلَاثَةً وَمَا حَصَلَ لِلْأَخِ يُعْطَى نِصْفَهُمَا وَاحِدًا فَقَدْ كَمُلَتْ الْأَرْبَعَةُ ثُمَّ إنَّ فِي جَعْلِ الْوَاحِدِ دَاخِلًا فِي الِاثْنَيْنِ ضَرْبًا مِنْ التَّسَمُّحِ؛ لِأَنَّ الْوَاحِدَ لَيْسَ بِعَدَدٍ فَيُبَايِنُ كُلَّ عَدَدٍ فَتَبَيَّنَ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ كَخُنْثَى وَأَخٍ أَيْ خُنْثَى وَلَدٍ وَهُوَ صَادِقٌ بِكَوْنِهِ ذَكَرًا وَبِكَوْنِهِ أُنْثَى.

(قَوْلُهُ وَيَأْتِي مِثَالُهُ) أَقُولُ لَمْ يَأْتِ وَنُبَيِّنُهُ فَنَقُولُ وَمِثَالُهُ مَعَ الْعَوْلِ زَوْجٌ وَأَخَوَانِ لِأُمٍّ وَأَخٌ لِغَيْرِ أُمٍّ خُنْثَى فَبِتَقْدِيرِ الذُّكُورَةِ مِنْ سِتَّةٍ وَبِتَقْدِيرِ الْأُنُوثَةِ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَبَيْنَهُمَا مُوَافَقَةٌ بِالنِّصْفِ فَتَضْرِبُ وَفْقَ إحْدَاهُمَا فِي كَامِلِ الْأُخْرَى بِأَرْبَعَةِ وَعِشْرِينَ ثُمَّ تَضْرِبُ ذَلِكَ فِي حَالَتَيْ الْخُنْثَى بِثَمَانِيَةٍ وَأَرْبَعِينَ ثُمَّ تَقْسِمُ عَلَى الذُّكُورَةِ لِلزَّوْجِ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ وَلِلْأَخَوَيْنِ لِلْأُمِّ سِتَّةٌ وَلِلْأَخِ لِغَيْرِ أُمٍّ ثَمَانِيَةٌ وَعَلَى الْأُنُوثَةِ لِلزَّوْجِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَلِلْأَخَوَيْنِ لِلْأُمِّ اثْنَا عَشَرَ وَلِلْخُنْثَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ فَخَصَّ الزَّوْجَ فِي الْحَالَتَيْنِ اثْنَانِ وَأَرْبَعُونَ لِلْأَخَوَيْنِ لِلْأُمِّ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ وَلِلْخُنْثَى سِتَّةٌ وَعِشْرُونَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ نِصْفُ مَا بِيَدِهِ.

(قَوْلُهُ ثُمَّ نَقْسِمُ عَلَى التَّذْكِيرِ وَعَلَى التَّأْنِيثِ) قَدَّمَ الْقَسْمَ عَلَى التَّذْكِيرِ لِمَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ الْأَوْلَى الْبَدْءُ بِالْقَسْمِ عَلَى التَّذْكِيرِ

ص: 228

تَجْمَعُ مَا حَصَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ وَتَحْفَظُهُ ثُمَّ تَنْسُبُ وَاحِدًا مُفْرَدًا إلَى أَحْوَالِ الْخَنَاثَى الَّتِي بِيَدِك فَيَأْخُذُ كُلُّ وَارِثٍ مَا خَصَّهُ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ، فَإِنْ كَانَ بِيَدِك حَالَانِ فَتُعْطِي كُلَّ وَارِثٍ نِصْفَ مَا حَصَلَ بِيَدِهِ مِنْ مَجْمُوعِ الْفَرَائِضِ، فَإِنْ كَانَ أَرْبَعَةً فَرُبُعُ مَا بِيَدِهِ وَعَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ بِنِسْبَةِ وَاحِدٍ مُفْرَدٍ إلَى مَجْمُوعِ الْأَحْوَالِ، فَإِنْ كَانَ فِي الْفَرِيضَةِ خُنْثَى وَاحِدٌ فَلَهُ حَالَانِ، وَإِنْ كَانَ اثْنَانِ فَلَهُمَا أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ لِأَنَّهُمَا يُقَدَّرَانِ فِي حَالَةٍ ذَكَرَيْنِ وَفِي أُخْرَى أُنْثَيَيْنِ وَفِي أُخْرَى يُقَدَّرُ أَحَدُهُمَا ذَكَرًا وَالْآخَرُ أُنْثَى بِالْعَكْسِ وَهَكَذَا فَمَهْمَا زَادَ عَدَدُ الْخَنَاثَى، فَإِنَّك تُضَعِّفُ عَدَدَ الْأَحْوَالِ

. (ص) كَذَكَرٍ وَخُنْثَى فَالتَّذْكِيرُ مِنْ اثْنَيْنِ وَالتَّأْنِيثُ مِنْ ثَلَاثَةٍ فَتَضْرِبُ الِاثْنَيْنِ فِيهَا ثُمَّ فِي حَالَتَيْ الْخُنْثَى لَهُ فِي الذُّكُورَةِ سِتَّةٌ وَالْأُنُوثَةِ أَرْبَعَةٌ فَنِصْفُهَا خَمْسَةٌ، وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ (ش) يَعْنِي، فَلَوْ كَانَ فِي الْفَرِيضَةِ ذَكَرٌ وَاحِدٌ وَخُنْثَى وَاحِدٌ فَبِتَقْدِيرِ كَوْنِهَا ذَكَرَيْنِ تَكُونُ الْمَسْأَلَةُ مِنْ اثْنَيْنِ وَبِتَقْدِيرِ كَوْنِ الْخُنْثَى أُنْثَى فَمِنْ ثَلَاثَةٍ فَتَضْرِبُ الِاثْنَيْنِ فِي الثَّلَاثَةِ لِتَبَايُنِهِمَا يَكُونُ ذَلِكَ سِتَّةً ثُمَّ تَضْرِبُ السِّتَّةَ فِي حَالَتَيْ الْخُنْثَى بِاثْنَيْ عَشَرَ فَلِلْخُنْثَى فِي التَّذْكِيرِ سِتَّةٌ وَلِلذَّكَرِ الْمُحَقَّقِ سِتَّةٌ، وَلَهُ فِي التَّأْنِيثِ أَرْبَعَةٌ وَلِلذَّكَرِ الْمُحَقَّقِ ثَمَانِيَةٌ فَيُعْطَى كُلُّ وَاحِدٍ نِصْفَ مَا حَصَلَ بِيَدِهِ فَاَلَّذِي بِيَدِ الْخُنْثَى فِي الْحَالَتَيْنِ عَشَرَةٌ فَيُعْطَى نِصْفَهَا وَهُوَ خَمْسَةٌ وَاَلَّذِي بِيَدِ الذَّكَرِ الْمُحَقَّقِ فِي الْحَالَتَيْنِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَيُعْطَى نِصْفَهَا وَهُوَ سَبْعَةٌ فَقَدْ حَصَلَ لِلْخُنْثَى فِي هَذَا الْفَرْضِ سُدُسَانِ وَنِصْفُ سُدُسٍ وَلِلذَّكَرِ الْمُحَقَّقِ ثَلَاثَةُ أَسْدَاسٍ وَنِصْفُ سُدُسٍ

. (ص) وَكَخُنْثَيَيْنِ وَعَاصِبٍ فَأَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ تَنْتَهِي لِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ لِكُلٍّ أَحَدَ عَشَرَ وَلِلْعَاصِبِ اثْنَانِ (ش) يَعْنِي لَوْ تَرَكَ الْمَيِّتُ خُنْثَيَيْنِ وَعَاصِبًا، فَإِنَّ الْعَمَلَ فِي ذَلِكَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ أَرْبَعَةِ أَحْوَالٍ تَعْمَلُ فَرِيضَةُ التَّذْكِيرِ مِنْ اثْنَيْنِ، وَلَا شَيْءَ لِلْعَاصِبِ وَفَرِيضَةُ التَّأْنِيثِ مِنْ ثَلَاثَةٍ لِلْعَاصِبِ سَهْمٌ، وَلَهُمَا سَهْمَانِ ثُمَّ تَذْكِيرُ أَحَدِهِمَا فَقَطْ مِنْ ثَلَاثَةٍ أَيْضًا ثُمَّ تَذْكِيرُ الْأُنْثَى وَتَأْنِيثُ الذَّكَرِ مِنْ ثَلَاثَةٍ أَيْضًا فَثَلَاثُ فَرَائِضَ مُتَمَاثِلَةٌ تَكْتَفِي بِوَاحِدَةٍ مِنْهَا وَتَضْرِبُهَا فِي حَالَتَيْ التَّذْكِيرِ وَهُمَا اثْنَانِ بِسِتَّةٍ ثُمَّ تَضْرِبُهَا فِي الْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ فَعَلَى تَقْدِيرِ تَذْكِيرِهِمَا لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا اثْنَا عَشَرَ وَعَلَى تَقْدِيرِ تَأْنِيثِهِمَا يَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَمَانِيَةٌ وَلِلْعَاصِبِ ثَمَانِيَةٌ وَعَلَى تَذْكِيرِ وَاحِدٍ فَقَطْ يَكُونُ لِلذَّكَرِ سِتَّةَ عَشَرَ وَلِلْأُنْثَى ثَمَانِيَةٌ، وَكَذَلِكَ الْعَكْسُ ثُمَّ تَجْمَعُ مَا بِيَدِ كُلِّ وَاحِدٍ وَتُعْطِيهِ رُبُعَهُ لِأَنَّ نِسْبَةَ وَاحِدٍ هَوَائِيٍّ إلَى الْأَرْبَعَةِ الْأَحْوَالِ رُبُعٌ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مَجْمُوعَ مَا بِيَدِ كُلِّ خُنْثَى أَرْبَعَةٌ وَأَرْبَعُونَ لِأَنَّ لَهُ فِي التَّذْكِيرِ اثْنَيْ عَشَرَ وَفِي التَّأْنِيثِ ثَمَانِيَةٌ ثُمَّ ثَمَانِيَةٌ أَيْضًا فِي كَوْنِهِ أُنْثَى وَالْآخَرِ ذَكَرًا وَفِي الْعَكْسِ سِتَّةَ عَشَرَ وَبِيَدِ الْعَاصِبِ ثَمَانِيَةٌ فَيُعْطَى لِكُلِّ خُنْثَى أَحَدَ عَشَرَ وَلِلْعَاصِبِ اثْنَانِ. (ص) ، فَإِنْ بَالَ مِنْ وَاحِدٍ، أَوْ كَانَ أَكْثَرَ، أَوْ أَسْبَقَ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ ثُمَّ تَنْسُبُ وَاحِدًا) أَيْ هَوَائِيًّا.

(قَوْلُهُ وَهَكَذَا) أَيْ: فَإِذَا كَانَ ثَلَاثُ خَنَاثَى فَلَهَا اثْنَا عَشَرَ وَإِنْ كَانَ أَرْبَعَةٌ فَسِتَّةَ عَشَرَ وَهَكَذَا

(قَوْلُهُ فَالتَّذْكِيرُ مِنْ اثْنَيْنِ) أَيْ فَمَسْأَلَةُ التَّذْكِيرِ مِنْ اثْنَيْنِ وَقَوْلُهُ وَالتَّأْنِيثُ مِنْ ثَلَاثَةٍ أَيْ مَسْأَلَةُ التَّأْنِيثِ مِنْ ثَلَاثَةٍ (قَوْلُهُ فَتَضْرِبُ الِاثْنَيْنِ فِيهَا) وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ فَتَضْرِبُ الثَّلَاثَةَ فِيهِمَا وَقَوْلُهُ ثُمَّ فِي حَالَتَيْ الْخُنْثَى أَيْ: تَضْرِبُ مَا يَحْصُلُ فِي حَالَتَيْ الْخُنْثَى وَقَوْلُهُ لَهُ فِي الذُّكُورَةِ إلَخْ أَيْ ثُمَّ تُقَسِّمُ، فَيَحْصُلُ لَهُ فِي الذُّكُورَةِ كَذَا وَفِي الْأُنُوثَةِ كَذَا (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ إلَخْ) وَهُوَ الذَّكَرُ الْمُحَقَّقُ فَإِنْ قُلْت قَوْلُهُ وَلِلْخُنْثَى خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَقَوْلُهُ نِصْفُ نَصِيبَيْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ وَهُوَ يُفِيدُ الْحَصْرَ أَيْ: لَا غَيْرُ وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمَعْنَى لَا غَيْرُهُ مِمَّنْ لَيْسَ مَعَهُ وَأَمَّا مَنْ مَعَهُ فَيُعْطَى كَهُوَ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ، وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ ثُمَّ إنَّ بَعْضَ الشُّرَّاحِ قَالَ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ، وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ فَمَا اجْتَمَعَ فَنَصِيبُ كُلٍّ؛ لِأَنَّهُ عُلِمَ مِنْهُ أَقُولُ هَذَا مَرْدُودٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ التَّمْثِيلِ لِمَا تَقَدَّمَ فَلَا يُقَالُ مَا تَقَدَّمَ يُغْنِي عَنْهُ.

(قَوْلُهُ سُدُسَانِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْجَامِعَةَ اثْنَا عَشَرَ فَالسُّدُسَانِ أَرْبَعَةٌ وَنِصْفُ السُّدُسِ وَاحِدٌ فَالْجُمْلَةُ خَمْسَةٌ وَقَوْلُهُ وَلِلذَّكَرِ الْمُحَقَّقِ ثَلَاثَةُ أَسْدَاسٍ إلَخْ أَيْ وَالثَّلَاثَةُ الْأَسْدَاسِ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ سِتَّةٌ وَنِصْفُ السُّدُسِ وَاحِدٌ فَالْجُمْلَةُ سَبْعَةٌ تُضَمُّ لِلْخَمْسَةِ فَالْجُمْلَةُ اثْنَا عَشَرَ

(قَوْلُهُ فَأَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ) أَيْ: فِي ذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ فَهُوَ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ. (قَوْلُهُ فَإِنْ بَالَ مِنْ وَاحِدٍ) لَمْ يَأْتِ بِإِذَا الَّتِي لِلتَّحْقِيقِ؛ لِأَنَّ الْبَوْلَ مِنْ وَاحِدٍ لَيْسَ مُحَقَّقًا فَالْمَوْضِعُ لِإِنْ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْفِعْلَ فِي قُوَّةِ النَّكِرَةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ فَإِنْ حَصَلَ بَوْلٌ فَيُفِيدُ أَنَّ مُطْلَقَ الْبَوْلِ مِنْ وَاحِدٍ كَافٍ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا يَحْصُلُ بِهِ زَوَالُ الْإِشْكَالِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَاعَى فِي ذَلِكَ كَوْنُهُ بِصِفَةِ الْبَوْلِ كَمَا قِيلَ فِي الْمَنِيِّ إذَا كَانَ مِنْ الذَّكَرِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِصِفَةِ مَنِيِّ الرِّجَالِ وَإِنْ كَانَ مِنْ الْفَرْجِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ بِصِفَةِ مَنِيِّ النِّسَاءِ وَقَوْلُهُ أَوْ كَانَ أَكْثَرَ فِي الْعِبَارَةِ حُذِفَ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ وَالْعَاطِفُ وَالتَّقْدِيرُ أَوْ بَالَ مِنْهُمَا وَكَانَ الْبَوْلُ مِنْ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْبَوْلَ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرُ بَالَ ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي الْعَيْنِ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً لُغَوِيَّةً وَشَرْعِيَّةً وَعُرْفِيَّةً عِنْدَ النَّاسِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ أَوْ كَانَ أَكْثَرَ عَائِدٌ عَلَى الْبَوْلِ بِمَعْنَى الْعَيْنِ فَلَمْ يَكُنْ الْمَرْجِعُ مُتَقَدِّمًا لَا لَفْظًا وَلَا حُكْمًا وَلَا مَعْنًى فَهُوَ لَيْسَ كَ {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8] ؛ لِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي اعْدِلُوا عَائِدٌ عَلَى الْعَدْلِ الَّذِي هُوَ الْحَدَثُ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِ اعْدِلُوا قُلْت يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ مِنْ قَبِيلِ اعْدِلُوا مَعَ حَذْفِ مُضَافٍ وَالتَّقْدِيرُ أَوْ كَانَ الْبَوْلُ بِمَعْنَى الْحَدَثِ الْمَفْهُومِ مِنْ بَالَ أَيْ: مُتَعَلِّقُهُ وَهُوَ الْبَوْلُ بِمَعْنَى الْعَيْنِ قَوْلُهُ أَكْثَرُ الظَّاهِرِ أَنَّ لَفْظَةَ أَكْثَرَ تُقَالُ فِي أَحَدِ مَاءَيْنِ قَلِيلَيْنِ وَأَحَدُهُمَا زَائِدٌ عَلَى الْآخَرِ فَيُقَالُ فِي الزَّائِدِ إنَّهُ أَكْثَرُ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِكَا فِي كَثْرَةٍ بَلْ كُلٌّ مِنْهُمَا قَلِيلٌ عُرْفًا فَإِنْ صَحَّ هَذَا فَلَا تَفْضِيلَ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ وَقُلْنَا بَلْ يُفِيدُ الْكَثْرَةَ فِي كِلَيْهِمَا وَهَذَا أَكْثَرُ فَيُقَالُ وَيُقَاسُ عَلَى ذَلِكَ مَا إذَا كَانَا قَلِيلَيْنِ وَكَانَ أَحَدُهُمَا زَائِدًا عَلَى الْآخَرِ وَقَوْلُهُ أَوْ أَسْبَقَ يَصِحُّ

ص: 229

أَوْ نَبَتَتْ لَهُ لِحْيَةٌ، أَوْ ثَدْيٌ، أَوْ حَصَلَ مَنِيٌّ أَوْ حَيْضٌ، فَلَا إشْكَالَ (ش)

ــ

[حاشية العدوي]

أَنْ يَكُونَ أَفْعَلَ تَفْضِيلٍ وَيُفْهَمُ غَيْرُهُ بِأَنْ وُجِدَ السَّبْقُ مِنْ أَحَدِهِمَا فَقَطْ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى فِي حُصُولِ الِاتِّضَاحِ لَهُ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ أَسْبَقَ مَعْطُوفٌ عَلَى أَكْثَرَ وَلَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى بَالَ فَإِنْ قُلْت قَوْلُك وَلَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى بَالَ يَقْتَضِي صِحَّةَ عَطْفِهِ عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَةِ مَعَ أَنَّ إنْ لَا تَدْخُلُ عَلَى أَسْبَقَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِعْلًا

قُلْت يَصِحُّ بِاعْتِبَارِ التَّبَعِيَّةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ يَقُولُونَ يُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَتْبُوعِ كَمَا فِي قَوْلِهِ {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} [البقرة: 35] فَلَا شَكَّ أَنَّ زَوْجَك مَعْطُوفٌ عَلَى الضَّمِيرِ فِي اُسْكُنْ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَسَلُّطُ اُسْكُنْ عَلَى زَوْجِك وَقَوْلُهُ أَوْ نَبَتَتْ لَهُ لِحْيَةٌ مَعْطُوفَةٌ عَلَى بَالَ فَظَهَرَ أَنَّ فِي الْعَطْفِ بِأَوْ تَشْتِيتًا مِنْ جِهَةِ أَنَّ أَسْبَقَ مَعْطُوفٌ عَلَى أَكْثَرَ وَقَوْلُهُ أَوْ نَبَتَتْ مَعْطُوفٌ عَلَى بَالَ (قَوْلُهُ لِحْيَةٌ) بِكَسْرِ اللَّامِ أَيْ عَظِيمَةٌ كَلِحْيَةِ الرِّجَالِ وَقَوْلُهُ أَوْ ثَدْيٌ أَيْ كَثَدْيِ النِّسَاءِ وَهَلْ اسْتِعْمَالُ نَبَتَ فِي اللِّحْيَةِ وَالثَّدْيِ حَقِيقَةٌ أَوْ مَجَازٌ لَمْ أَرَ فِي الْأَسَاسِ الَّذِي يُفَرِّقُ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ شَيْئًا فِي ذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي الثَّدْيِ مَجَازٌ أَمَّا نَبْتُ الزَّرْعِ فَحَقِيقَةٌ قَطْعًا وَأَمَّا نَبَتَ زَيْدٌ نَبَاتًا حَسَنًا فَمَجَازُ قَطْعًا وَقَالَ فِي الْمِصْبَاحِ وَإِنْ كَانَ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ نَبَتَ نَبْتًا مِنْ بَابِ قَتَلَ وَالِاسْمُ النَّبَاتُ فَإِنْ خُصَّ النَّبَاتُ بِمَا هُوَ مَعْرُوفٌ وَإِنَّ الشَّعْرَ لَا يُقَالُ لَهُ نَبَاتٌ فَرُبَّمَا أَفَادَ أَنَّ نَبَتَ فِي الشَّعْرِ مَجَازٌ وَلْيُحَرَّرْ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الثَّدْيَ لِلْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ أَيْضًا وَيُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ فَيُقَالُ هُوَ الثَّدْيُ وَهِيَ الثَّدْيُ وَالْجَمْعُ أَثْدٍ وَثُدِيٌّ وَأَصْلُهُ أَفْعُلٌ وَفُعُولٌ مِثْلُ أَفْلُسٌ وَفُلُوسٌ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ وَقَالَ فِي التَّنْبِيهِ الثَّدْيُ بِفَتْحِ الثَّاءِ وَتُكْسَرُ (قَوْلُهُ أَوْ حَصَلَ مَنِيٌّ) لَمْ يُعْطَفُ عَلَى لِحْيَةٍ بَلْ قُدِّرَ لَهُ عَامِلٌ لِعَدَمِ صِحَّةِ تَسَلُّطِ الْعَامِلِ الَّذِي هُوَ نَبَتَ عَلَيْهِ كَذَا ذَكَرَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ (أَقُولُ) يَصِحُّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ لَنَا مِنْ أَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي التَّابِعِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْمَتْبُوعِ.

(قَوْلُهُ فَلَا إشْكَالَ) جَوَابٌ بِاعْتِبَارِ قَوْلِهِ بَالَ الَّذِي هُوَ الْعَامِلُ الْأَوَّلُ وَحُذِفَ مِمَّا عَدَاهُ لِدَلَالَةِ هَذَا عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ الْأَخِيرِ وَحُذِفَ مِمَّا عَدَاهُ لِدَلَالَتِهِ عَلَيْهِ أَوْ رَاجِعٌ لِأَحَدِ الْمُتَوَسِّطَاتِ وَحُذِفَ مِمَّا عَدَاهُ لِدَلَالَتِهِ عَلَيْهِ ثُمَّ إنَّ الْمَسْمُوعَ أَنَّ لَامَ فَلَا إشْكَالَ مَفْتُوحَةٌ فَهِيَ نَافِيَةٌ لِلْجِنْسِ فَتُفِيدُ نَفْيَ أَفْرَادِ الْأَشْكَالِ كُلِّهَا عَلَى جِهَةِ الِاسْتِغْرَاقِ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ لِظُهُورِهِ أَيْ: فَلَا إشْكَالَ فِي ذَلِكَ الْخُنْثَى بَلْ إمَّا ذَكَرٌ مُحَقَّقٌ إنْ كَانَتْ تِلْكَ الْعَلَامَةُ عَلَامَتَهُ أَوْ أُنْثَى مُحَقَّقَةٌ إنْ كَانَتْ تِلْكَ الْعَلَامَةُ عَلَامَتَهَا ثُمَّ إنَّ بَعْضَ شُيُوخِنَا ذَكَرَ أَنَّ هَذَا مِنْ بَرَاعَةِ الْمَقْطَعِ وَهِيَ تَفَوُّقُ الْخَتْمِ كَمَا أَنَّ بَرَاعَةَ الِاسْتِهْلَالِ تَفَوُّقُ الِابْتِدَاءِ وَبَرَاعَةُ الْمَطْلَبِ تَفَوُّقُ الطَّلَبِ كَمَا فِي أَوَّلِ الْفَاتِحَةِ إلَى قَوْلِنَا {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة: 6] وَالْبَرَاعَةُ الرَّابِعَةُ بَرَاعَةُ الِابْتِدَاءِ وَهِيَ أَعَمُّ مِنْ بَرَاعَةِ الِاسْتِهْلَالِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ فِيهَا الشُّعُورُ بِالْمَقْصُودِ مِنْهُ اهـ.

أَيْ: كَالِابْتِدَاءِ بِالْحَمْدِ وَالصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ إنَّ بَعْضَ الشُّرَّاحِ جَعَلَهُ مِنْ التَّوْرِيَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ التَّوْرِيَةَ إطْلَاقُ اللَّفْظِ الَّذِي لَهُ مَعْنَيَانِ قَرِيبٌ وَبَعِيدٌ وَيُرَادُ الْبَعِيدُ بِقَرِينَةٍ خَفِيَّةٍ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمَوْجُودٍ هُنَا بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ تَعْرِيضٌ بِأَنَّهُ لَا إشْكَالَ فِي كِتَابِهِ وَهَذَا الْمَعْنَى لَمْ يُسْتَعْمَلْ فِيهِ لَفْظٌ فَلَا إشْكَالَ لَا عَلَى طَرِيقِ الْمَجَازِ وَلَا عَلَى طَرِيقِ الْكِنَايَةِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قَوْلِهِ فَلَا إشْكَالَ فِي ذَلِكَ الْخُنْثَى فَهُوَ خُنْثَى غَيْرُ مُشْكِلٍ وَجَعَلَ لَفْظَ فَلَا إشْكَالَ قَرِيبًا فِي الْمَعَانِي بَعِيدًا فِي الْخُنْثَى وَجَعَلَهُ جَوَابًا عَنْ بَالَ الَّذِي ضَمِيرُهُ عَائِدٌ عَلَى الْخُنْثَى قَرِينَةٌ خَفِيَّةٌ فَصَحَّ أَنْ يَكُونَ تَوْرِيَةً بَعِيدٌ غَايَةَ الْبُعْدِ، وَكَذَا جَعْلُهُ تَوْجِيهًا

كَخَاطَ لِي عَمْرٌو قَبَاءً

لَيْتَ عَيْنَيْهِ سَوَاءٌ

بِجَعْلِ فَلَا إشْكَالَ مُحْتَمِلًا لِأَحَدِ أَمْرَيْنِ أَيْ: لَا إشْكَالَ فِي الْخُنْثَى أَوْ لَا إشْكَالَ فِي ذَلِكَ الْكِتَابِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الشَّرْطِ بَعِيدٌ غَايَةَ الْبُعْدِ بَلْ يُقَالُ لَا يَصِحُّ أَصْلًا ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ تَعَارُضَ الْبَوْلِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ بَالَ إذَا أُخِذَ مَعَ نَبَاتِ اللِّحْيَةِ وَأَمَّا بَعْدَهُ يَحْصُلُ صُوَرٌ أَرْبَعُ، وَكَذَا إذَا أُخِذَ قَوْلُهُ أَوْ كَانَ أَكْثَرَ مَعَ مَا بَعْدَهُ يَحْصُلُ خَمْسُ صُوَرٍ وَإِذَا أُخِذَ أَسْبَقُ مَعَ مَا بَعْدَهُ حَصَلَ أَرْبَعُ صُوَرٍ وَإِذَا أُخِذَ نَبَاتُ اللِّحْيَةِ مَعَ مَا بَعْدَهُ حَصَلَ ثَلَاثُ صُوَرٍ وَإِذَا أَخَذْت الثَّدْيَ مَعَ الْمَنِيِّ أَيْ: مِنْ الذَّكَرِ حَصَلَ صُورَةٌ وَاحِدَةٌ وَأَمَّا إذَا أُخِذَ الثَّدْيُ مَعَ الْحَيْضِ فَلَا تَعَارُضَ فِيهِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَلَامَةُ الْأُنْثَى فَجُمْلَةُ الصُّوَرِ سَبْعَ عَشَرَةَ صُورَةً فَأَمَّا الْأَرْبَعَةُ الْأُوَلُ فَالْإِشْكَالُ مَعَهَا ظَاهِرٌ وَأَمَّا الْأَكْثَرِيَّةُ مَعَ الْأَسْبَقِيَّةِ فَقَالَ اللَّخْمِيُّ تُرَجَّحُ الْأَسْبَقِيَّةُ وَقَالَ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ تُرَجَّحُ الْأَكْثَرِيَّةُ أَقُولُ وَالظَّاهِرُ تَرْجِيحُ الْأَسْبَقِيَّةِ ثُمَّ إنَّ عج جَمَعَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ بِأَنْ حَمَلَ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ بِتَرْجِيحِ الْأَسْبَقِيَّةِ عَلَى الْأَكْثَرِيَّةِ أَيْ قَدْرًا لَا مَرَّاتٍ وَيُحْمَلُ كَلَامُ صَاحِبِ الْجَوَاهِرِ أَنَّ الْأَكْثَرِيَّةَ تُرَجَّحُ عَلَى الْأَسْبَقِيَّةِ أَيْ تَكْرَارًا وَعَدَدًا مَعَ أَنَّ عج لَا يَقُولُ بِأَنَّ الْأَكْثَرِيَّةَ قَدْرًا عَلَامَةٌ عَلَى شَيْءٍ تَابِعًا لِلشَّعْبِيِّ وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ

وَأَمَّا تَعَارُضُ الْأَكْثَرِيَّةِ مَعَ النَّبَاتِ وَمَا بَعْدَهُ، فَيُقَدَّمُ النَّبَاتُ وَمَا بَعْدَهُ عَلَى الْأَكْثَرِ وَهِيَ أَرْبَعُ صُوَرٍ، وَكَذَا إذَا تَعَارَضَ الْأَسْبَقِيَّةُ مَعَ الْأَرْبَعَةِ فَتُرَجَّحُ الْأَرْبَعَةُ عَلَيْهَا وَهِيَ صُوَرٌ أَرْبَعُ فَالْجُمْلَةُ ثَمَانِيَةٌ وَأَمَّا تَعَارُضُ نَبَاتِ اللِّحْيَةِ مَعَ الثَّدْيِ بِأَنْ نَبَتَا مَعًا فِي آنٍ وَاحِدٍ فَهُوَ مُشْكِلٌ وَلَا تَرَجُّحَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ فَلَوْ تَعَارَضَ نَبَاتُ اللِّحْيَةِ مَعَ الْمَنِيِّ مِنْ الْفَرْجِ أَوْ الْحَيْضِ فَهُوَ مُشْكِلٌ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ عج فِي تَعَارُضِهِ مَعَ الْحَيْضِ أَيْ، وَكَذَا يُقَالُ فِي تَعَارُضِهِ مَعَ الْمَنِيِّ مِنْ الْفَرْجِ وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنْ يُقَدَّمَ الْحَيْضُ وَالْمَنِيُّ مِنْ الْفَرْجِ عَلَى نَبَاتِ اللِّحْيَةِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْفُقَهَاءَ ذَكَرُوا أَنَّ الْمَرْأَةَ يَجِبُ عَلَيْهَا حَلْقُ لِحْيَتِهَا وَأَطْلَقُوا وَمَا ذَاكَ إلَّا لِكَوْنِ ذَلِكَ يَتَأَتَّى إلَّا أَنْ يُقْطَعَ بِأَنَّ اللِّحْيَةَ إذَا كَانَتْ كَبِيرَةً لَا تُقْطَعُ فِي امْرَأَةٍ قَطُّ وَمَا ذَكَرَهُ الْفُقَهَاءُ إلَّا فِي اللِّحْيَةِ الَّتِي لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ أَوْ يُقَالُ إنَّ الْفُقَهَاءَ قَدْ يَفْرِضُونَ الْمُحَالَ وَأَمَّا تَعَارُضُ الثَّدْيِ أَيْ: الَّذِي يَدُلُّ عَلَى الْأُنُوثَةِ بِأَنْ كَانَ كَبِيرًا مَعَ الْمَنِيِّ مِنْ الذَّكَرِ فَهُوَ مُشْكِلٌ وَهَلْ يُقَالُ الْمَنِيُّ أَقْوَى فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الذُّكُورَةِ مِنْ دَلَالَةِ الثَّدْيِ الْكَبِيرِ عَلَى الْأُنُوثَةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ تَعَارُضٌ بَيْنَ الثَّدْيِ وَالْحَيْضِ

ص: 230

قَالَ الشَّعْبِيُّ رحمه الله لَا يُنْظَرُ لِلْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ فِي الْبَوْلِ بِكَيْلٍ، وَلَا وَزْنٍ بَلْ بِالنَّظَرِ لِتَكَرُّرِ خُرُوجِهِ إلَّا أَنَّ هَذَا الِاخْتِبَارَ بِالْبَوْلِ إنَّمَا يَجْرِي فِي حَالِ صِغَرِهِ حَيْثُ يَجُوزُ النَّظَرُ لِعَوْرَتِهِ، وَأَمَّا الْكَبِيرُ، فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِأَنْ يَبُولَ إلَى حَائِطٍ، أَوْ عَلَى حَائِطٍ، فَإِنْ ضَرَبَ بَوْلُهُ فِي الْحَائِطِ، أَوْ أَشْرَفَ عَلَى الْحَائِطِ فَهُوَ ذَكَرٌ، وَإِنْ بَالَ بَيْنَ فَخِذَيْهِ فَهُوَ أُنْثَى وَقِيلَ تُنْصَبُ لَهُ مِرْآةٌ أَمَامَهُ وَيُنْظَرُ فِيهَا إلَى مَبَالِهِ بِأَنْ يَجْلِسَ أَمَامَهُ يَنْظُرُ مِنْهَا لَهُ وَتُعُقِّبَ هَذَا بِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ النَّظَرُ لِصُورَةِ الْعَوْرَةِ كَمَا لَا يَجُوزُ النَّظَرُ إلَيْهَا وَظَاهِرُ

ــ

[حاشية العدوي]

وَكَذَا إذَا تَعَارَضَ مَنِيٌّ مِنْ ذَكَرٍ وَحَيْضٌ مِنْ فَرَجٍ فَهُوَ مُشْكِلٌ (قَوْلُهُ قَالَ الشَّعْبِيُّ) بِفَتْحِ الشِّينِ هُوَ عَامِرٌ الشَّعْبِيُّ مُجْتَهِدٌ نِسْبَةً لِشَعْبٍ حَيٍّ مِنْ الْيَمَنِ.

(قَوْلُهُ بِكَيْلٍ وَلَا وَزْنٍ) أَمَّا الْكَيْلُ بِأَنْ يُقَالَ إذَا بَالَ مِنْ الذَّكَرِ مِلْءَ مُدٍّ وَبَالَ مِنْ الْفَرْجِ نِصْفَهُ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ ذَكَرٌ وَأَمَّا الْوَزْنُ فَبِأَنْ يُقَالَ إذَا بَالَ مِنْ الذَّكَرِ قَدْرَ رِطْلٍ وَمِنْ الْفَرْجِ قَدْرَ نِصْفِ رِطْلٍ يُحْكَمُ لَهُ بِأَنَّهُ ذَكَرٌ وَقَوْلُهُ بَلْ بِالنَّظَرِ لِتَكَرُّرِ خُرُوجِهِ فَإِذَا بَالَ مِنْ الذَّكَرِ مَرَّتَيْنِ وَمِنْ الْفَرْجِ مَرَّةً فِي الْيَوْمِ فَيُحْكَمُ بِأَنَّهُ ذَكَرٌ أَقُولُ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ الَّذِي أَتَى فِي الْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ يَزِيدُ عَلَى الْمَرَّتَيْنِ بِأَضْعَافٍ هَكَذَا قَالَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لِعَجِّ وَلَكِنَّ النَّقْلَ فِي الْحَطَّابِ إنَّهُ يُعَوَّلُ عَلَى الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ أَيْ: عَلَى تَقْدِيرِهِمَا وَذَكَرَ كَلَامَ الشَّعْبِيِّ مُقَابِلَهُ وَنَصَّ الْحَطَّابُ فَلَوْ بَالَ مِنْ الْمَحَلَّيْنِ اُعْتُبِرَ الْأَكْثَرُ وَالْأَسْبَقُ وَأَنْكَرَ الشَّعْبِيُّ اعْتِبَارَ الْأَكْثَرِ وَرَآهُ مُتَعَذِّرًا وَانْظُرْ قَوْلَ ابْنِ حَبِيبٍ فَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ أَحَدُهُمَا فَمِنْ حَيْثُ يَخْرُجُ الْأَكْثَرُ وَانْظُرْ قَوْلَ ابْنِ يُونُسَ فَإِنْ بَالَ مِنْهُمَا جَمِيعًا فَمِنْ أَيِّهِمَا سَبَقَ قَالَ أَيُّوبُ فَإِنْ خَرَجَ مِنْهُمَا مَعًا فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَبَعْضُ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ يُنْظَرُ مِنْ أَيِّهِمَا خَرَجَ أَكْثَرَ، فَيَكُونُ الْحُكْمُ لَهُ قَالَ شَيْخُنَا عَتِيقٌ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الشَّعْبِيُّ وَقَالَ أَيُكَالُ الْبَوْلُ أَوْ يُوزَنُ وَالْأَوْلَى مَا قَالَتْهُ الْجَمَاعَةُ؛ لِأَنَّ الْأَقَلَّ تَبَعٌ لِلْأَكْثَرِ فِي أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ اهـ.

وَلَفْظُ الْجَوَاهِرِ إذَا كَانَ ذَا فَرْجَيْنِ فَيُعْطَى الْحُكْمَ لِمَا بَالَ مِنْهُ فَإِنْ بَالَ مِنْهُمَا اُعْتُبِرَتْ الْكَثْرَةُ مِنْ أَيِّهِمَا فَإِنْ اسْتَوَتْ اُعْتُبِرَ السَّبْقُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْهُمَا مَعًا اُعْتُبِرَتْ اللِّحْيَةُ أَوْ كِبَرُ الثَّدْيَيْنِ وَمُشَابَهَتُهَا لِثَدْيِ النِّسَاءِ فَإِنْ اجْتَمَعَ الْأَمْرَانِ اُعْتُبِرَ الْحَالُ عِنْدَ الْبُلُوغِ فَإِنْ وُجِدَ الْحَيْضُ حُكِمَ بِهِ وَإِنْ وُجِدَ الِاحْتِلَامُ حُكِمَ بِهِ وَإِنْ اجْتَمَعَا فَمُشْكِلٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فَرْجُ الرِّجَالِ وَلَا النِّسَاءِ وَإِنَّمَا لَهُ مَكَانٌ يَبُولُ مِنْهُ يُنْتَظَرُ بُلُوغُهُ فَإِنْ ظَهَرَتْ عَلَامَةٌ تُمَيِّزُ وَإِلَّا فَمُشْكِلٌ اهـ.

وَانْظُرْ قَوْلَ الْحَطَّابِ، وَلَوْ بَالَ مِنْ أَحَدِهِمَا مَرَّةً وَمِنْ الْآخَرِ أُخْرَى أَوْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا تَارَةً وَالْآخَرُ فَالْعِبْرَةُ بِالْأَكْثَرِ فَإِنْ اسْتَوَيَا فَمُشْكِلٌ اهـ.

فَهَذَا كُلُّهُ ظَاهِرٌ فِي اعْتِبَارِ الْكَثْرَةِ بِالْكَيْلِ وَالْوَزْنِ أَيْ تَقْدِيرًا وَلَا الْتِفَاتَ لِاعْتِبَارِ تَكْرَارِ الْخُرُوجِ وَفِي جَعْلِ كَلَامِ الشَّعْبِيِّ مُقَابِلًا الَّذِي هُوَ خَارِجُ الْمَذْهَبِ فَالْعَجَبُ مِنْ عج وَمَنْ تَبِعَهُ حَيْثُ اعْتَمَدُوا كَلَامَ الشَّعْبِيِّ الْخَارِجَ عَنْ الْمَذْهَبِ وَتَرَكُوامَا هُوَ صَرِيحُ الْمَذْهَبِ.

(قَوْلُهُ حَيْثُ يَجُوزُ النَّظَرُ لِعَوْرَتِهِ) قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا بِأَنْ لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الشَّهْوَةِ؛ لِأَنَّهُ إنْ نَاهَزَ الْحُلُمَ أَيْ رَاهَقَ يَصِيرُ كَالْبَالِغِ كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْجَنَائِزِ وَغُسْلِ امْرَأَةِ ابْنِ كَسَبْعٍ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَأَمَّا الْكَبِيرُ أَيْ: وَهُوَ الْمُرَاهِقُ وَمَا فَوْقَهُ وَقَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ، إلَخْ أَيْ: فَقَدْ رَجَعْنَا إلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ بَالَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَقَوْلُهُ إلَى الْحَائِطِ أَيْ، فَيَكُونُ فِي حَالَةِ بَوْلِهِ مُتَوَجِّهًا لِلْحَائِطِ وَقَوْلُهُ أَوْ عَلَى حَائِطٍ أَيْ بِأَنْ يَجْلِسَ فَوْقَ الْحَائِطِ وَيَبُولَ وَقَوْلُهُ فَإِنْ ضَرَبَ بَوْلُهُ فِي الْحَائِطِ عَائِدٌ عَلَى الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ أَوْ أَشْرَفَ عَلَى الْحَائِطِ أَيْ تَبَاعَدَ عَنْهَا عَائِدٌ عَلَى الثَّانِي وَقَوْلُهُ وَإِنْ بَالَ بَيْنَ فَخِذَيْهِ رَاجِعٌ لِلْأَمْرَيْنِ مَعًا.

(قَوْلُهُ بِأَنْ يَجْلِسَ أَمَامَهُ) أَيْ: بِأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ النَّاظِرُ مُتَوَسِّطًا بَيْنَ الْخُنْثَى وَالْمَرْأَةِ أَقُولُ وَيَصِحُّ أَنْ يَجْلِسَ خَلْفَ الْخُنْثَى.

(قَوْلُهُ لِصُورَةِ الْعَوْرَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ صُورَةَ الْعَوْرَةِ مَا قَامَ بِالْعَوْرَةِ؛ لِأَنَّ صُورَةَ الشَّيْءِ مَا قَامَ بِذَلِكَ الشَّيْءِ فَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ أَيْ مِثْلُ صُورَةِ الْعَوْرَةِ وَقَوْلُهُ وَتُعُقِّبَ هَذَا إلَخْ أَقُولُ إنْ كَانَ هَذَا الْحُكْمُ مَنْصُوصًا فَمُسَلَّمٌ وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ صُورَةُ الْعَوْرَةِ مِمَّا هُوَ مُسْتَنِدٌ لِلْعَوْرَةِ وَإِلَّا فَلَوْ وُجِدَتْ صُورَةُ الْعَوْرَةِ فِي قِطْعَةِ طِينٍ مُصَوَّرَةً بِصُورَةِ الذَّكَرِ فَلَا حُرْمَةَ فِي النَّظَرِ لِذَلِكَ وَقَوْلُهُ إلَى مَبَالِهِ أَيْ: مَحَلِّ بَوْلِهِ أَيْ الْمَوْضِعِ الْخَارِجِ مِنْهُ الْبَوْلُ وَقَوْلُهُ ثُمَّ مَاتَ إلَخْ مَفْهُومُهُ إنَّهُ لَوْ لَمْ يَمُتْ بَلْ حَيَّ إلَّا أَنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ بَالَ مِنْ الثَّانِي لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ وَقَوْلُهُ لِصَاحِبِ الْمَبَالِ أَرَادَ بِالْمَبَالِ الْبَوْلَ وَأَرَادَ بِصَاحِبِهِ الذَّكَرَ أَوْ الْفَرْجَ (تَنْبِيهٌ) : قَالَ الْحَطَّابُ إذَا حُكِمَ لَهُ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ ذُكُورَةٍ أَوْ أُنُوثَةٍ ثُمَّ حَدَثَتْ عَلَامَةٌ أُخْرَى تَقْتَضِي ضِدَّ الْأُولَى فَقَالَ الْعُقْبَانِيُّ لَمْ أَقِفْ فِيهِ عَلَى شَيْءٍ إلَّا مَا رَأَيْته لِبَعْضِ أَشْيَاخِي وَنَصُّهُ إنْ حُكِمَ بِأَنَّهُ ذَكَرٌ لِعَلَامَةٍ ظَهَرَتْ فِيهِ ثُمَّ جَاءَتْ عَلَامَةٌ أُخْرَى تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أُنْثَى أَوْ بِالْعَكْسِ لَمْ يُنْقَلْ عَمَّا حُكِمَ لَهُ بِهِ أَوَّلًا كَانَ يَبُولُ مِنْ الذَّكَرِ ثُمَّ جَاءَ الْحَيْضُ أَوْ كَانَ يَبُولُ مِنْ الْفَرْجِ ثُمَّ جَاءَتْ اللِّحْيَةُ اهـ.

قَالَ عج قُلْت الَّذِي يَنْبَغِي اعْتِبَارُهُ الْعَلَامَةُ الثَّانِيَةُ حَيْثُ كَانَتْ أَقْوَى مِنْ الْأُولَى كَمَا إذَا كَانَتْ الْأُولَى سَبْقَ الْبَوْلِ أَوْ أَكْثَرِيَّتَهُ وَالثَّانِيَةُ الْحَمْلَ اهـ.

ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ إنْ وَلَدَ مِنْ بَطْنِهِ أَوْ ظَهْرِهِ فَأَمْرُهُ وَاضِحٌ وَإِنْ وَلَدَ مِنْهُمَا مَعًا فَمُشْكِلٌ عَلَى مَا اخْتَارَهُ بَعْضٌ وَقَالَ الْحَطَّابُ فَإِنْ وَلَدَ مِنْهُمَا مَعًا فَقَالَ الْعُقْبَانِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْحُكْمَ لِوِلَادَةِ الْبَطْنِ؛ لِأَنَّهَا قَطْعِيَّةٌ لَكِنَّ هَذَا عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَمَّا عَلَى مَذْهَبِنَا فَالْخُنْثَى بَاقٍ عَلَى إشْكَالِهِ اهـ.

وَيَجِبُ تَقْيِيدُ هَذَا كَمَا ذَكَرَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ بِمَا إذَا كَانَتْ وِلَادَتُهُ مِنْ الظَّهْرِ وَالْبَطْنِ فِي آنٍ وَاحِدٍ وَإِلَّا فَالْعَمَلُ بِمَا ثَبَتَ لَهُ بِالْمُتَقَدِّمِ وَيَمْتَنِعُ بَيْنَ مَا وُلِدَ لَهُ مِنْ بَطْنِهِ الْإِرْثُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْمَعْهُمَا أَبٌ وَلَا أُمٌّ، وَكَذَا يَمْتَنِعُ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّ مَا خُلِقَ مِنْ مَائِهِ بِمَنْزِلَةِ وَلَدِهِ فِي النِّكَاحِ وَهَلْ لَا يَعْتِقُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ لِذَلِكَ أَيْ لِقَوْلِنَا لَمْ يَجْمَعْهُمَا إلَخْ وَأَمَّا لَوْ وَطِئَ فَرْجَهُ بِذَكَرِهِ غَلَطًا وَوَلَدَ فَمُشْكِلٌ وَيَرِثُهُ أَوْلَادُهُ بِالْأُبُوَّةِ

ص: 231

إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّكْرَارُ، فَلَوْ تَحَقَّقَتْ حَيَاتُهُ وَبَالَ مِنْ أَحَدِهِمَا مَرَّةً وَاحِدَةً ثُمَّ مَاتَ فَالْحُكْمُ لِصَاحِبِ الْمَبَالِ وَظَاهِرُهُ جَوَازُ نَظَرِ الصَّغِيرَةِ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ، فَإِنْ بَالَ مِنْهُمَا مُتَسَاوِيَيْنِ اُنْتُظِرَ بُلُوغُهُ إنْ كَانَ غَيْرَ بَالِغٍ، فَإِنْ نَبَتَتْ لَهُ لِحْيَةٌ فَهُوَ ذَكَرٌ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَحْنُونَ لِأَنَّ أَصْلَ نَبَاتِ الشَّعْرِ مِنْ الْبَيْضَةِ الْيُسْرَى، وَإِنْ نَبَتَ لَهُ ثَدْيٌ كَثَدْيِ النِّسَاءِ دُونَ لِحْيَةٍ فَهُوَ أُنْثَى، فَإِنْ نَبَتَا مَعًا فَاخْتُلِفَ هَلْ يُنْظَرُ إلَى عَدَدِ أَضْلَاعِهِ أَمْ لَا فَذَهَبَ الْحَسَنُ إلَى الْقَضَاءِ بِهِ وَقَالَ بِهِ غَيْرُهُ وَعَلَيْهِ فَالْمَرْأَةُ لَهَا ثَمَانِي عَشَرَ ضِلْعًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَالرَّجُلُ لَهُ مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ كَذَلِكَ وَمِنْ الْأَيْسَرِ سَبْعَةَ عَشَرَ هَكَذَا ذَكَرَ ابْنُ يُونُسَ وَقَالَ الْحُوفِيُّ سَبْعَةَ عَشَرَ لِلْمَرْأَةِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ لِلرَّجُلِ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ سِتَّةَ عَشَرَ قَالُوا وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا خَلَقَ آدَمَ عليه السلام ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَخْلُقَ حَوَّاءَ أَلْقَى عَلَيْهِ النَّوْمَ ثُمَّ أَزَالَ ضِلْعًا مِنْ جَانِبِهِ الْأَيْسَرِ فَخَلْقهَا مِنْهُ (خَاتِمَةٌ) أَوَّلُ مَنْ حَكَمَ فِي الْخُنْثَى عَامِرُ بْنُ الظَّرِبِ ثُمَّ حَكَمَ بِهِ فِي الْإِسْلَامِ

ــ

[حاشية العدوي]

وَالْأُمُومَةُ وَهُوَ يَرِثُهُمَا وَهُمْ إخْوَةٌ أَشِقَّاءُ عَلَى مَا ذَكَرُوا (تَنْبِيهٌ) : الْخُنْثَى كَمَا يَكُونُ فِي الْآدَمِيِّ يَكُونُ فِي الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَيَجُوزُ التَّضْحِيَةُ بِهِ، وَلَوْ كَانَ إشْكَالُهُ بِثُقْبَةٍ يَخْرُجُ مِنْهَا الْبَوْلُ؛ لِأَنَّهُ إمَّا ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى وَكُلٌّ مِنْهُمَا يَجُوزُ التَّضْحِيَةُ بِهِ فَعَلَى هَذَا ابْنُ آدَمَ مَحْصُورٌ فِي كَوْنِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى فَلَا فَرْدَ يَخْرُجُ عَنْهُمَا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى} [الليل: 3] فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْخُنْثَى إمَّا ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى، فَيَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا كَلَّمَ ذَكَرًا وَلَا أُنْثَى وَكَلَّمَهُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ وَاسِطَةٍ وَإِنَّهُ وَاقِعٌ خِلَافًا لِمَنْ مَنَعَهُ.

(قَوْلُهُ جَوَازُ نَظَرِ الصَّغِيرَةِ) أَيْ: الَّتِي لَا تُشْتَهَى كَبِنْتِ خَمْسِ سِنِينَ وَلَا يَجُوزُ جَسُّ عَوْرَتِهَا.

(قَوْلُهُ فَإِنْ بَالَ مِنْهُمَا مُتَسَاوِيَيْنِ) أَيْ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَلَمْ تُوجَدْ أَسْبَقِيَّةٌ وَلَا أَكْثَرِيَّةٌ وَعُدِمْت عَلَامَةٌ أُخْرَى تَدُلُّ عَلَى أَحَدِهِمَا وَقَوْلُهُ اُنْتُظِرَ بُلُوغُهُ لَعَلَّ هَذَا عَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَإِلَّا فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ حَيْثُ أَشْكَلَ يُعَجَّلُ بِأَنْ يُعْطَى نَصِيبَهُ الْمُتَقَدِّمَ وَلَا يُنْتَظَرُ لِلْإِيضَاحِ خُصُوصًا وَقَدْ صَرَّحَ فِي شَرْحِ التَّرْتِيبِ بِأَنَّهُ لَا يُنْظَرُ بُلُوغُهُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ ثُمَّ بَعْدَ كِتَابِي هَذَا رَأَيْت هَذَا الْفَرْعَ مَنْقُولًا عَنْ ابْنِ شَاسٍ فَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

(قَوْلُهُ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَحْنُونَ إلَخْ) كَانَ شَيْخُنَا حَسَنَ الْخَلْقِ جِدًّا وَكَانَ قَاضِيًا وَاتَّفَقَ أَنَّهُ كَانَ إذَا جَلَسَ فِي الدَّرْسِ يَقْدُمُ لَهُ إنْسَانٌ كُلَّ يَوْمٍ يَسُوءُهُ بِالسَّبِّ ثُمَّ انْقَطَعَ فَسَأَلَ عَنْهُ الشَّيْخُ فَلَمَّا اجْتَمَعَ بِهِ سَأَلَهُ عَنْ سَبَبِ انْقِطَاعِهِ فَقَالَ لَهُ إنَّ إنْسَانًا سَلَّطَنِي عَلَيْك بِالسَّبِّ وَالشَّتْمِ لِأَغِيظَك وَجَعَلَ لِي مِقْدَارًا مِنْ الدَّرَاهِمِ أَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى تَزْوِيجِ بَنَاتِي فَلَمَّا لَمْ يُفِدْ ذَلِكَ فِي الْإِغَاظَةِ انْقَطَعْت عَنْك فَقَالَ لَهُ لِمَ لَمْ تَذْكُرْ لِي ذَلِكَ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ ثُمَّ أَرْسَلَ إلَى قُضَاةِ عَمَلِهِ فِي مُسَاعِدَةِ ذَلِكَ الرَّجُلِ فَسَاعَدُوهُ عَلَى ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ أَصْلَ نَبَاتِ الشَّعْرِ مِنْ الْبَيْضَةِ الْيُسْرَى) كَذَا فِي تت فِي صَغِيرِهِ وَكَبِيرِهِ وَهُوَ مَرْدُودٌ مُخَالِفٌ لِمَا فِي اللَّقَانِيِّ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ مِنْ أَنَّ مَنْ ذَهَبَتْ بَيْضَتُهُ الْيُسْرَى لَا يُلَاعِنُ لِنَفْيِ الْحَمْلِ؛ لِأَنَّهَا تُنْضِجُ الْمَنِيَّ كَمَا قَالَهُ أَهْلُ الطِّبِّ وَالتَّشْرِيحِ فَإِذَا فُقِدَتْ فُقِدَ الْوَلَدُ وَالْيَمِينُ لِنَبَاتِ الشَّعْرِ (قَوْلُهُ فَذَهَبَ الْحَسَنُ إلَى الْقَضَاءِ بِهِ) أَيْ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَهُوَ سَيِّدُ التَّابِعِينَ عَلَى قَوْلٍ وَالرَّاجِحُ أَنَّ سَيِّدَهُمْ أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ وَحَذَفَ مُقَابِلَهُ أَيْ: وَقَالَ غَيْرُهُ لَا يَقْتَضِي بِهِ وَهُوَ الرَّاجِحُ (فَائِدَةٌ) وَجَدْت فِي خَطِّ بَعْضِ شُيُوخِنَا رحمه الله أَنَّهُ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ ذَكَرًا.

(قَوْلُهُ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَخْلُقَ حَوَّاءَ) هَلْ ذَلِكَ عَقِبَ خَلْقِهِ فَتَكُونُ ثُمَّ لِمُجَرَّدِ التَّرْتِيبِ أَوْ لَا فَتَكُونُ لِلتَّرْتِيبِ مَعَ التَّرَاخِي.

(قَوْلُهُ حَوَّاءَ) بِالْمَدِّ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا خُلِقَتْ مِنْ حَيٍّ وَقَوْلُهُ أَلْقَى عَلَيْهِ النَّوْمَ أَيْ الثَّقِيلَ لِئَلَّا يُؤْلِمَهُ ذَلِكَ أَوْ يَفْجَعَهُ ذَلِكَ وَذَكَرَ بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّهُ أَلْقَى عَلَيْهِ النَّوْمَ فِي الْجَنَّةِ لِكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا اهـ.

وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ لَا يَنَامُونَ.

(قَوْلُهُ ثُمَّ أَزَالَ ضِلْعًا) أَيْ: بِوَاسِطَةِ الْمَلَكِ جِبْرِيلَ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ بِمُجَرَّدِ تَعَلُّقِ قُدْرَتِهِ وَإِرَادَتِهِ بِذَلِكَ وَقَوْلُهُ ضِلْعًا بِكَسْرِ الضَّادِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَفَتْحِهَا وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ وَقَوْلُهُ الْأَيْسَرَ لَعَلَّ السِّرَّ فِي ذَلِكَ الْإِشَارَةُ إلَى مَفْضُولِيَّةِ النِّسَاءِ بِالنِّسْبَةِ لِلرِّجَالِ؛ لِأَنَّ الْجَانِبَ الْأَيْمَنَ أَفْضَلُ مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ لِتَقَدُّمِهِ عَلَيْهِ فِي التَّطْهِيرِ وَلِاشْتِمَالِهِ عَلَى الْيَدِ الْيُمْنَى الَّتِي هِيَ لِلتَّكْرِمَةِ بِخِلَافِ الْيَسَارِ فَهِيَ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى الْيُسْرَى الَّتِي يُزَالُ بِهَا الْأَقْذَارُ وَالرِّجْلُ الْيُسْرَى الَّتِي تُقَدَّمُ فِي مَوَاضِعِ الْأَقْذَارِ الْحِسِّيَّةِ فَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ مَحَلُّ الْأَقْذَارِ الْحِسِّيَّةِ مِنْ حَيْثُ دَمُ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ وَيَتْبَعُهَا فِي ذَلِكَ أَنَّهَا مَحَلُّ الْأَقْذَارِ الْمَعْنَوِيَّةِ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ الْحَدِيثُ «لَوْ أَحْسَنْت إلَى إحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ ثُمَّ رَأَتْ مِنْك شَيْئًا قَلِيلًا تَقُولُ مَا رَأَيْت مِنْك خَيْرًا قَطُّ» .

(قَوْلُهُ فَخَلَقَهَا مِنْهُ) أَيْ: فَنَبَتَتْ مِنْ ذَلِكَ الضِّلْعِ كَمَا نَبَتَتْ النَّخْلَةُ مِنْ النَّوَاةِ وَهَلْ ذَلِكَ فِي زَمَنٍ مُتَقَارِبٍ أَوْ مُتَبَاعِدٍ وَمَا قَدْرُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ خَاتِمَةٌ) أَيْ: هَذِهِ خَاتِمَةٌ لِمَسَائِلِ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ (قَوْلُهُ أَوَّلُ مَنْ حَكَمَ فِي الْخُنْثَى عَامِرُ بْنُ الظَّرِبِ) فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ حَكَمَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَكَانَ مُشْرِكًا كَمَا فِي شَرْحِ التَّرْتِيبِ وَكَانَتْ الْعَرَبُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَا تَقَعُ لَهُمْ مُعْضِلَةٌ إلَّا اخْتَصَمُوا إلَيْهِ وَرَضُوا بِحُكْمِهِ فَسَأَلُوهُ عَنْ خُنْثَى أَنَجْعَلُهُ ذَكَرًا أَمْ أُنْثَى فَقَالَ أَمْهِلُونِي فَبَاتَ لَيْلَتَهُ سَاهِرًا وَفِي عِبَارَةٍ وَأَقَامُوا عِنْدَهُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَهُوَ يَذْبَحُ لَهُمْ كُلَّ يَوْمٍ وَكَانَتْ لَهُ أَمَةٌ يُقَالُ لَهَا سَخِيلَةُ فَقَالَتْ لَهُ إنَّ مَقَامَ هَؤُلَاءِ عِنْدَك قَدْ أَسْرَعَ فِي غَنَمِك وَكَانَتْ تَرْعَى لَهُ غَنَمًا وَكَانَتْ تُؤَخِّرُ السَّرَاحَ وَالرَّوَاحَ حَتَّى تَسْبِقَ وَكَانَ يُعَاتِبُهَا فِي ذَلِكَ، فَيَقُولُ لَهَا أَصْبَحْت يَا سَخِيلَةُ أَمْسَيْت فَلَمَّا رَأَتْ سَهَرَهُ وَقَلَقَهُ قَالَتْ لَهُ مَا لَك فِي لَيْلَتِك سَاهِرًا فَقَالَ لَهَا وَيْلَك دَعِي أَمْرًا لَيْسَ مِنْ شَأْنِك فَأَعَادَتْ عَلَيْهِ السُّؤَالَ فَذَكَرَ لَهَا مَا بَدَا لَهُ فَقَالَتْ لَهُ سُبْحَانَ اللَّهِ أَتْبِعْ الْقَضَاءَ الْمَبَالَ فَقَالَ فَرَّجْتهَا وَاَللَّهِ يَا سَخِيلَةُ

ص: 232

عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَيْ أَوَّلُ مَنْ قَضَى بِهِ فِي الْإِسْلَامِ، فَلَا يُنَافِي مَا وَرَدَ أَنَّهُ «عليه السلام سُئِلَ عَنْ مَوْلُودٍ لَهُ قُبُلٌ وَذَكَرٌ مِنْ أَيْنَ يُوَرَّثُ فَقَالَ عليه السلام مِنْ حَيْثُ يَبُولُ» وَالْحَدِيثُ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيّ مِنْ طَرِيقِ يَعْقُوبَ بْنِ إبْرَاهِيمَ الْقَاضِي عَنْ الْكَلْبِيِّ، وَلَهُ شَاهِدٌ عَنْ عَلِيٍّ مَوْقُوفًا ذَكَرَ هَذَا الْحَافِظُ السُّيُوطِيّ فِي تَعَقُّبِهِ عَلَى مَوْضُوعَاتِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْأَصْلُ وَهُوَ الشَّيْخُ خَلِيلُ وَأَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يَنْفَعَ بِهِ مَنْ كَتَبَهُ أَوْ قَرَأَهُ، أَوْ حَصَّلَهُ، أَوْ سَعَى فِي شَيْءٍ مِنْهُ

ــ

[حاشية العدوي]

أَمْسَيْت بَعْدُ أَمْ أَصْبَحْت فَخَرَجَ حِينَ أَصْبَحَ فَقَضَى بِذَلِكَ وَاسْتَقَرَّ عَلَيْهِ الْحُكْمُ فِي الْإِسْلَامِ وَفِي ذَلِكَ عِبْرَةٌ وَمَزْجَرَةٌ لِمُفْتِي هَذَا الزَّمَانِ وَقُضَاتِهِ فَإِنْ هَذَا مُشْرِكٌ تَوَقَّفَ فِي حُكْمِ حَادِثَةٍ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَعِبْرَةٌ أُخْرَى وَهِيَ جَرَيَانُ الْحُكْمِ عَلَى لِسَانِ غَيْرِ أَهْلِهِ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّهَا لَمَّا صَارَتْ شَيْخًا لَهُ سَامَحَهَا فِي التَّأْخِيرِ وَهُوَ أَدَبٌ مِنْهُ لَهَا؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ شَيْخًا لَهُ وَهِيَ تَحْصُلُ، وَلَوْ بِمَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ مَا نُقِلَ عَنْ سَيِّدِنَا عِيسَى أَنَّ إبْلِيسَ قَالَ لَهُ قُلْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ فَقَالَ أَقُولُهَا لَا لِقَوْلِك وَذَلِكَ كَمَا ذَكَرُوا أَنَّ إبْلِيسَ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ عِيسَى تِلْمِيذًا لَهُ بِذَلِكَ فَحَمَاهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ وَنُقِلَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ الْعَوَامّ كَانَ إذَا قَدِمَ عَلَى الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه يَقُومُ لَهُ فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ أَنَا سَمِعْت مِنْهُ أَنَّ الْكَلْبَ إذَا بَلَغَ يَرْفَعُ رِجْلَهُ عَنْ الْبَوْلِ وَأَنَّ الْحُرَّ مَنْ رَاعَى وِدَادَ لَحْظَةٍ وَانْتَمَى لِمَنْ أَفَادَهُ لَفْظَةً

وَاللَّئِيمُ إذَا ارْتَفَعَ جَفَا أَقَارِبَهُ وَأَنْكَرَ مَعَارِفَهُ وَنَسِيَ فَضْلَ مُعَلِّمِيهِ وَنُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ رضي الله عنه مَنْ اسْتَخَفَّ بِأُسْتَاذِهِ ابْتَلَاهُ اللَّهُ بِثَلَاثٍ قِصَرِ عُمُرِهِ وَكَلِّ لِسَانِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ وَنِسْيَانِ مَا حَفِظَ وَلِلَّهِ دَرُّ الْقَائِلِ حَيْثُ قَالَ

مَا وَهَبَ اللَّهُ لِامْرِئٍ هِبَةً

أَحْسَنَ مِنْ عَقْلِهِ وَمِنْ أَدَبِهْ

هُمَا حَيَاةُ الْفَتَى فَإِنْ عَدِمَا

فَإِنَّ فَقْدَ الْحَيَاةِ أَجْمَلُ بِهْ

وَفِي حَدِيثِ الْبُخَارِيِّ عَنْ مُجَاهِدٍ «لِيَكُنْ أَدَبُك دَقِيقًا وَعِلْمُك مِلْحًا» وَمِنْ مَقَالَاتِ نُورِ الدِّينِ آخِرِ الْمُحَقِّقِينَ الشَّيْخِ عَلِيٍّ الشبراملسي قِيرَاطٌ مِنْ أَدَبٍ خَيْرٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ قِيرَاطًا مِنْ الْعِلْمِ وَالظَّرِبُ كَمَا فِي الصِّحَاحِ بِفَتْحِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَاحِدُ الظِّرَابِ وَهِيَ الرَّوَابِي الصِّغَارُ وَمِنْهُ عَامِرُ بْنُ الظَّرِبِ آخِرُ حُكَّامِ الْعَرَبِ اهـ.

وَهَلْ هُوَ اسْمُ أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ.

(قَوْلُهُ أَيْ: أَوَّلُ مَنْ قَضَى بِهِ) أَقُولُ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ التَّفْسِيرِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ هُوَ الْقَضَاءُ فَخَرَجَ الْإِفْتَاءُ بِدُونِ احْتِيَاجٍ لِلتَّفْسِيرِ وَمَا كَانَ يَحْتَاجُ لِذَلِكَ التَّفْسِيرِ إلَّا لَوْ كَانَ الْحُكْمُ يُطْلَقُ عَلَى مَعْنًى آخَرَ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ إنَّمَا احْتَاجَ لَهُ خَوْفًا مِنْ تَوَهُّمِ إنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْقَضَاءَ الَّذِي هُوَ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيُّ.

(قَوْلُهُ مِنْ أَيْنَ يُوَرَّثُ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الْوَاوِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمَفْتُوحَةِ أَيْ: مِنْ مَكَانِ يُوَرَّثُ أَيْ مِنْ أَيِّ جِهَةٍ كَوْنُهُ يُوَرَّثُ أَمِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ ذَكَرًا أَمْ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ أُنْثَى (قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ يَبُولُ) أَيْ: مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ يَبُولُ أَيْ: مِنْ جِهَةٍ هِيَ كَوْنُهُ يَبُولُ فَإِضَافَةُ حَيْثُ لِمَا بَعْدَهُ لِلْبَيَانِ وَلَا بُدَّ مِنْ حَذْفِ أَيْ: مِنْ مَوْضِعٍ هُوَ جِهَةُ كَوْنِهِ يَبُولُ وَذَلِكَ الْمَوْضِعُ الذَّكَرُ أَوْ الْفَرْجُ أَيْ: إنَّ إرْثَهُ مُرَاعًى فِيهِ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ مَوْلُودٌ أَنَّ الْحَادِثَةَ وَقَعَتْ قُرْبَ وِلَادَتِهِ (قَوْلُهُ الْبَيْهَقِيّ) هُوَ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الشَّافِعِيُّ قَالَ السُّبْكِيُّ تَصَدَّى الْبَيْهَقِيّ إلَى تَخْرِيجِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي رَدَّهَا أَرْبَابُ الْأَحَادِيثِ عَلَى الشَّافِعِيِّ وَتَقْوِيمِهَا فَمَا لِأَحَدٍ مِنَّةٌ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ مِثْلُهُ وَقِيلَ إنَّهُ زَادَ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ النِّصْفَ.

(قَوْلُهُ وَلَهُ شَاهِدٌ عَنْ عَلِيٍّ مَوْقُوفًا إلَخْ) أَيْ: وَهُوَ ضَعِيفُ السَّنَدِ كَمَا فِي الْحَطَّابِ اعْلَمْ أَنَّ لَهُ شَاهِدًا وَتَابِعًا فَالشَّاهِدُ أَنْ يُرْوَى الْحَدِيثُ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى بِالْمَعْنَى لَا بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ وَأَمَّا إذَا كَانَ بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ فَهُوَ التَّابِعُ وَقَوْلُهُ مَوْقُوفًا أَيْ: عَلَى الصَّحَابِيِّ فَلَيْسَ بِمَرْفُوعٍ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالْحَاصِلُ أَنَّ لَهُمْ مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا وَالْمَرْفُوعُ مَا كَانَ مَرْفُوعًا صَرِيحًا وَمَا كَانَ مَرْفُوعًا حُكْمًا فَالْمَرْفُوعُ الصَّرِيحُ كَأَنْ يَقُولَ الصَّحَابِيُّ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كَذَا وَأَمَّا الْمَرْفُوعُ الْحُكْمِيُّ فَهُوَ أَنْ يَقُولَ قَوْلًا وَلَا يُسْنِدُهُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَكِنْ لَا مَجَالَ لِلرَّأْيِ فِيهِ وَأَمَّا الْمَوْقُوفُ فَهُوَ مَا قَالَهُ الصَّحَابِيُّ وَلَمْ يُسْنِدْهُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَكِنْ لِلرَّأْيِ فِيهِ مَجَالٌ.

(قَوْلُهُ ذَكَرَ ذَلِكَ الْحَافِظُ السُّيُوطِيّ) هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِتَثْلِيثِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَيُقَالُ أَيْضًا الْأَسْيُوطِيُّ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِهَا الْمِصْرِيُّ الشَّافِعِيُّ وُلِدَ بَعْدَ الْمَغْرِبِ لَيْلَةَ الْأَحَدَ عَشَرَ غُرَّةَ رَجَبٍ سُنَّةَ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَثَمَانِمِائَةٍ بِالْقَاهِرَةِ وَلَقَّبَهُ وَالِدُهُ جَلَالَ الدِّينِ رَجَاءَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ وَقَدْ حَقَّقَ اللَّهُ رَجَاءَهُ وَكَانَ يَرَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقَظَةً وَلُقِّبَ بِابْنِ الْكُتُبِ وَكَانَتْ أُمُّهُ أُمَّ وَلَدٍ فَسَأَلَهَا أَبُوهُ عَنْ كِتَابٍ فَذَهَبَتْ لِتَأْتِي بِهِ فَوَلَدَتْهُ بَيْنَ الْكُتُبِ فَلُقِّبَ بِهِ وَيُكَنَّى أَبَا الْفَضْلِ نَفَعَنَا اللَّهُ بِهِ (قَوْلُهُ وَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْأَصْلُ إلَخْ) وَقَدْ اسْتَجَابَ اللَّهُ دُعَاءَهُ فَنَفَعَ اللَّهُ بِهَذَا الْكِتَابِ شَرْقًا وَغَرْبًا، وَكَذَلِكَ الْفَقِيرُ يَقُولُ وَأَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى مِنْ فَضْلِهِ وَإِحْسَانِهِ أَنْ يَنْفَعَ بِهَذِهِ الْأَوْرَاقِ وَيَخْتِمَ لِي وَلِإِخْوَانِي بِالْخَاتِمَةِ الْحُسْنَى عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ وَأَخْتِمُهَا كَمَا فَعَلَ فِي ك بِالدُّعَاءِ الْمَأْثُورِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْهُ عليه الصلاة والسلام «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ وَقَلْبٍ لَا يَخْشَعُ وَدُعَاءٍ لَا يُسْمَعُ وَنَفْسٍ لَا تَشْبَعُ أَعُوذُ بِك مِنْ شَرِّ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ وَصَلَاتُهُ وَسَلَامُهُ عَلَى أَشْرَفِ الْخَلَائِقِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَعِتْرَتِهِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ إلَى يَوْمِ الدِّينِ وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ» (فَائِدَةٌ) قَالَ الْإِمَامُ بَهْرَامُ عَنْ الْمُصَنِّفِ وَكَانَ الْفَرَاغُ مِنْ تَأْلِيفِ هَذَا الْمُخْتَصَرِ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ ثَانِيَ عَشَرَ رَمَضَانَ الْمُعَظَّمِ قَدْرُهُ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَسَبْعَمِائَةٍ (وَأَقُولُ) وَكَانَ الْفَرَاغُ مِنْ تَصْلِيحِ هَذِهِ الْحَوَاشِي غَايَةَ شَهْرِ جُمَادَى الْآخِرَةِ الَّذِي هُوَ مِنْ شُهُورِ سَنَةِ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ وَأَلْفٍ مِنْ هِجْرَةِ مَنْ لَهُ الْعِزُّ وَالشَّرَفُ

ص: 233