المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب حد القذف وحكمه وما يتعلق به] - شرح الخرشي على مختصر خليل - ومعه حاشية العدوي - جـ ٨

[الخرشي = الخراشي - العدوي]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابٌ أَحْكَامُ الدِّمَاءِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[بَاب الْبَغْيَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[بَاب الرِّدَّةَ وَالسَّبَّ وَأَحْكَامَهُمَا وَمَا يَتَعَلَّق بِذَلِكَ]

- ‌[بَابٌ حَدَّ الزِّنَا وَحُكْمَهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[بَابٌ حَدَّ الْقَذْفِ وَحُكْمَهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[بَاب السَّرِقَةَ]

- ‌[بَاب الْحِرَابَةَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[بَاب حَدَّ الشَّارِبِ وَأَشْيَاءَ تُوجِبُ الضَّمَانَ وَدَفْعَ الصَّائِلِ]

- ‌[بَاب الْعِتْقَ وَأَحْكَامَهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[أَرْكَانُ الْعِتْقُ]

- ‌ الْعِتْقَ يَجِبُ بِالنَّذْرِ

- ‌[الْجَنِينَ لَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاؤُهُ فِي بَيْعٍ وَلَا فِي عِتْقٍ]

- ‌لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْعَبْدِ وَالْوَلَاءُ لَهُ

- ‌[بَابٌ فِي التَّدْبِيرُ]

- ‌ صَرِيحِ التَّدْبِيرِ

- ‌[مَا يَبْطُلُ بِهِ التَّدْبِيرُ]

- ‌[بَاب الْمُكَاتَبَ وَالْكِتَابَةَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌ بَيْعِ الْكِتَابَةِ

- ‌مُكَاتَبَةِ جَمَاعَةٍ لِمَالِكٍ

- ‌[الْمُكَاتَبَة بِلَا مُحَابَاةٍ]

- ‌[الْخِيَارَ فِي حَالِ عَقْدِ الْكِتَابَةِ]

- ‌ الْمُكَاتَبَ إذَا مَاتَ عَنْ مَالٍ

- ‌ الْكَافِرَ إذَا كَاتَبَ عَبْدَهُ الْمُسْلِمَ

- ‌ الْمُكَاتَبَ إذَا لَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ

- ‌ الْمُكَاتَبَ إذَا قَتَلَهُ شَخْصٌ

- ‌الْقَوْلُ لِلسَّيِّدِ فِي الْكِتَابَةِ وَالْأَدَاءِ لَا الْقَدْرِ وَالْأَجَلِ وَالْجِنْسِ

- ‌[بَابٌ فِي أَحْكَامُ أُمِّ الْوَلَدِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌ أُمَّ الْوَلَدِ لَا تَجُوزُ كِتَابَتُهَا

- ‌[فَصْلٌ فِي الْوَلَاءُ]

- ‌ الْوَلَاءَ لَا يَكُونُ إلَّا لِمُعْتِقٍ

- ‌ الْوَلَاءَ لَا تَرِثُهُ النِّسَاءُ

- ‌[بَابٌ فِي الْوَصَايَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

- ‌[أَرْكَانُ الْوَصِيَّةِ]

- ‌ الْوَصِيَّةُ لِلْمَيِّتِ

- ‌ الْوَصِيَّةَ تَصِحُّ لِلذِّمِّيِّ

- ‌[مَا تَبْطُلُ بِهِ الْوَصِيَّةُ]

- ‌ أَوْصَى بِوَصِيَّةٍ بَعْدَ أُخْرَى

- ‌[الْوَصِيَّةُ لِلْجِيرَانِ]

- ‌ أَوْصَى لَهُ بِمَا لَيْسَ فِي التَّرِكَةِ

- ‌ شُرُوطِ الْوَصِيِّ الَّذِي تُسْنَدُ إلَيْهِ الْوَصِيَّةُ

- ‌[بَابٌ فِي الْفَرَائِضُ]

- ‌ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ

- ‌[قِسْمَةِ التَّرِكَةِ عَلَى الْفَرِيضَة]

- ‌الْمُنَاسَخَةُ عَلَى قِسْمَيْنِ

- ‌[فَصْلُ فِي الْمُنَاسَخَةِ]

- ‌لَا يَرِثُ مُلَاعِنٌ وَمُلَاعِنَةٌ

- ‌[مَوَانِعِ الْإِرْثِ]

- ‌وُقِفَ الْقَسْمُ لِلْحَمْلِ وَمَالُ الْمَفْقُودِ لِلْحُكْمِ بِمَوْتِهِ

- ‌ إرْثِ الْخُنْثَى الْمُشْكِلِ

الفصل: ‌[باب حد القذف وحكمه وما يتعلق به]

بَعْد عِشْرِينَ سَنَةً، وَخَالَفَهَا الزَّوْجُ فَالْحَدُّ، وَعَنْهُ فِي الرَّجُلِ يَسْقُطُ مَا لَمْ يُقِرَّ بِهِ، أَوْ يُولَدْ لَهُ، وَأَوَّلًا عَلَى الْخِلَافِ، أَوْ لِخِلَافِ الزَّوْجِ فِي الْأَوَّلِ فَقَطْ، أَوْ لِأَنَّهُ يَسْكُتُ، أَوْ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ، لَمْ تَبْلُغْ عِشْرِينَ تَأْوِيلَاتٌ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا أَقَامَتْ مَعَ زَوْجِهَا عِشْرِينَ سَنَةً، ثُمَّ وُجِدَتْ تَزْنِي، فَقَالَتْ: مَا جَامَعَنِي زَوْجِي فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ، وَكَذَّبَهَا زَوْجُهَا، وَقَالَ: بَلْ وَطِئْتهَا، فَإِنَّهَا تُحَدُّ أَيْ: تُرْجَمُ؛ لِأَنَّهَا مُحْصَنَةٌ، وَلَا عِبْرَةَ بِإِنْكَارِهَا الْوَطْءَ وَعَنْ مَالِكٍ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً، وَطَالَ مُكْثُهُ مَعَهَا، ثُمَّ شَهِدَتْ الْعُدُولُ عَلَيْهِ بِالزِّنَا، فَقَالَ مَا جَامَعْتُ زَوْجَتِي مُنْذُ دَخَلْت بِهَا، وَأَنَا الْآنَ غَيْرُ مُحْصِنٍ، فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ: وَلَا يُرْجَمُ بَلْ يُجْلَدُ جَلْدَ الْبِكْرِ مَا لَمْ يُقِرَّ، أَوْ يَظْهَرُ حَمْلٌ لَهُ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ، فَإِنَّهُ يُرْجَمُ، فَقَوْلُهُ: فَالْحَدُّ الْمُرَادُ بِهِ الرَّجْمُ، وَقَوْلُهُ: وَعَنْهُ أَيْ: الْإِمَامِ، وَقَوْلُهُ: يَسْقُطُ أَيْ: الرَّجْمُ، وَأَمَّا الْجَلْدُ فَلَا نِزَاعَ فِي أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ إذَا سَقَطَ الرَّجْمُ، ثُمَّ إنَّ الْأَشْيَاخَ تَأَوَّلُوا الْمَسْأَلَتَيْنِ عَلَى أَنَّهُمَا مُتَعَارِضَتَانِ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ قُبِلَ قَوْلُهُ: وَالْمَرْأَةُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا، وَمِمَّنْ حَمَلَهُمَا عَلَى الْخِلَافِ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ وَسَحْنُونٌ وَأَبُو عِمْرَانَ وَاللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ، وَالْخِلَافُ هُوَ الْمَذْهَبُ، وَعَلَيْهِ فَاخْتُلِفَ فِي تَعْيِينِ الْمَذْهَبِ فِي حُكْمِ أَيِّ الْمَسْأَلَتَيْنِ فَعَيَّنَهُ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ فِي حُكْمِ الثَّانِيَةِ، وَعَيَّنَهُ سَحْنُونَ فِي حُكْمِ الْأُولَى، وَانْظُرْ مَا الْمَشْهُورُ مِنْهُمَا انْتَهَى، وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْأَشْيَاخِ إلَى التَّوْفِيقِ بَيْنَهُمَا بِوُجُوهٍ ذَكَرَهَا عَبْدُ الْحَقِّ فِي نُكَتِهِ، مِنْهَا: إنَّمَا قُبِلَ قَوْلُ الزَّوْجِ حَيْثُ أَنْكَرَ الْوَطْءَ فَلَمْ يُرْجَمْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تُكَذِّبْهُ زَوْجَتُهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ كَذَّبَهَا فَلَوْ لَمْ يُكَذِّبْهَا فِي مَسْأَلَتِهَا، أَوْ كَذَّبَتْهُ فِي مَسْأَلَتِهِ لَاتَّفَقَا، وَمِنْهَا إنَّمَا قُبِلَ قَوْلُ الزَّوْجِ، وَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ إذَا حَصَلَ لَهُ مَا يَمْنَعُهُ الْجِمَاعُ لِزَوْجَتِهِ يَسْكُتُ عَنْهُ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ إذَا حَصَلَ لَهَا عَدَمُ الْوَطْءِ مِنْ زَوْجِهَا، فَالْعَادَةُ أَنَّهَا لَا تَسْكُتُ عَنْهُ، بَلْ تُظْهِرُهُ، وَتُبْدِيهِ وَمِنْهَا إنَّمَا قُبِلَ قَوْلُ الزَّوْجِ، وَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي أَنْكَرَ الزَّوْجُ وَطْأَهَا لَمْ تَبْلُغْ الْمُدَّةَ فِيهَا عِشْرِينَ سَنَةً، وَمَسْأَلَةُ الزَّوْجَةِ بَلَغَتْ عِشْرِينَ، فَالتَّأْوِيلَاتُ أَرْبَعَةٌ: الْأَوَّلُ يَحْكِي الْخِلَافَ، وَالثَّلَاثَةُ تُوَفِّقُ بَيْنَ مَا وَقَعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ

. (ص) وَإِنْ قَالَتْ: زَنَيْتُ مَعَهُ فَادَّعَى الْوَطْءَ وَالزَّوْجِيَّةَ، أَوْ وُجِدَا بِبَيْتٍ، وَأَقَرَّا بِهِ وَادَّعَيَا النِّكَاحَ، أَوْ ادَّعَاهُ فَصَدَّقَتْهُ هِيَ وَوَلِيُّهَا، وَقَالَا لَمْ نُشْهِدْ حُدَّا. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا قَالَتْ: زَنَيْت مَعَ هَذَا الرَّجُلِ، فَأَقَرَّ بِوَطْئِهَا، وَأَنَّهَا زَوْجَتُهُ، وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ فَإِنَّهُمَا يُحَدَّانِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ السَّبَبِ الْمُبِيحِ، وَيَأْتَنِفَانِ نِكَاحًا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ إنْ أَحَبَّا، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ طَارِئَيْنِ، أَوْ حَصَلَ فُشُوٌّ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ الزَّوْجَانِ غَيْرُ الطَّارِئَيْنِ إذَا وُجِدَا فِي بَيْتٍ، أَوْ طَرِيقٍ، وَأَقَرَّا بِالْوَطْءِ وَادَّعَيَا النِّكَاحَ، وَلَا بَيِّنَةَ، وَلَا فُشُوَّ يَقُومُ مَقَامَهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ السَّبَبِ الْمُبِيحِ لِلْوَطْءِ، وَيَأْتَنِفَانِ نِكَاحًا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ إنْ أَحَبَّا، فَإِنْ حَصَلَ فُشُوٌّ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِمَا، وَأَمَّا لَوْ كَانَا طَارِئَيْنِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُمَا، وَلَا حَدَّ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَدَّعِيَا شَيْئًا مُخَالِفًا لِلْعُرْفِ بِدَلِيلِ مَا قَدَّمَهُ فِي بَابِ التَّنَازُعِ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ الزَّوْجَانِ إذَا ادَّعَى الرَّجُلُ وَطْءَ امْرَأَةٍ، فَصَدَّقَتْهُ هِيَ وَوَلِيُّهَا، وَقَالَا أَيْ: الْمَرْأَةُ وَوَلِيُّهَا لَمْ نُشْهِدْ أَيْ: قَالَا عَقَدْنَا النِّكَاحَ بِلَا إشْهَادٍ، وَنَحْنُ الْآنَ نُشْهِدُ أَيْ: وَلَمْ يَحْصُلْ فُشُوٌّ يَقُومُ مَقَامَ الْإِشْهَادِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ السَّبَبِ الْمُبِيحِ، وَيَأْتَنِفَانِ نِكَاحًا جَدِيدًا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ إنْ أَحَبَّا، وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَا طَارِئَيْنِ، وَهُوَ كَذَلِكَ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّهُمَا دَخَلَا بِلَا إشْهَادٍ، فَقَوْلُهُ: حُدَّا رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ

. (بَابٌ) ذَكَرَ فِيهِ (حَدَّ الْقَذْفِ وَحُكْمَهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) وَهُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، وَأَصْلُهُ الرَّمْيُ بِالْحِجَارَةِ وَنَحْوِهَا، ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ مَجَازًا فِي الرَّمْيِ بِالْمَكَارِهِ وَسَمَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى رَمْيًا فَقَالَ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: 4] وَيُسَمَّى أَيْضًا فِرْيَةً كَأَنَّهُ مِنْ الِافْتِرَاءِ، وَالْكَذِبِ، وَهُوَ مِنْ الْكَبَائِرِ وَالْمُوبِقَاتِ وَلِعَظَمِهِ أَوْجَبَ اللَّهُ فِيهِ الْحَدَّ، وَلَوْ نَسَبَ شَخْصٌ غَيْرَهُ لِلْكُفْرِ لَمْ يُحَدَّ،

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُقِرَّ بِهِ أَوْ يُولَدُ لَهُ) أَيْ: فَإِنْ ظَهَرَ وَطْؤُهُ بِوِلَادَتِهَا مِنْهُ أَوْ أَقَرَّ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُرْجَمُ، وَظَاهِرُهُ كَغَيْرِهِ، وَلَوْ بَعْدَ حَدِّهِ حَدَّ الْبِكْرِ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: أَوْ يُولَدُ لَهُ يَشْمَلُ مَا إذَا نَفَاهُ بِلِعَانٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ لِأَنَّهُ يَسْكُتُ إلَخْ) يُرَدُّ بِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ وَطِئَهَا لَمْ يَسْكُتْ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْأَنْسَبَ بِالتَّأَمُّلِ قَبْلَهُ أَنْ يَقُولَ: أَوْ لِأَنَّهَا لَا تَسْكُتُ، وَقَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلِهِ: وَأَوَّلًا أَيْ: لِأَنَّ قَوْلَهُ: أَوْ لِخِلَافِ الزَّوْجِ بِمَثَابَةِ الْوِفَاقِ فَلَوْ لَمْ يَأْتِ بِتَأْوِيلَانِ كَانَ الْمَعْنَى أَوَّلًا عَلَى الْخِلَافِ وَالْوِفَاقِ، وَتَعْدَادُ أَوْجُهِ الْوِفَاقِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا ثَلَاثَةٌ.

(قَوْلُهُ: وَانْظُرْ مَا الْمَشْهُورُ مِنْهُمَا) الظَّاهِرُ تَصْدِيقُهُمَا مَعًا

. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَتْ: زَنَيْت مَعَهُ إلَخْ) ذَكَرَ الْبَدْرُ لُغْزًا فِي هَذَا الْعِلْمِ لَا بَأْسَ بِذِكْرِهِ وَهُوَ خَمْسَةٌ زَنَوْا بِامْرَأَةٍ فَقُتِلَ وَاحِدٌ وَرُجِمَ آخَرُ وَحُدَّ آخَرُ وَحُدَّ النِّصْفَ آخَرُ وَلَا حَدَّ عَلَى الْخَامِسِ، فَالْأَوَّلُ مُشْرِكٌ، وَالْأَخِيرُ مَجْنُونٌ، لَكِنَّ وَطْءَ الصَّبِيِّ، وَالْمُشْرِكِ وَالْمَجْنُونِ لَا يُسَمَّى زِنًا. اهـ. .

[بَابٌ حَدَّ الْقَذْفِ وَحُكْمَهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

(بَابُ الْقَذْفِ) . (قَوْلُهُ: وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى قَوْلِهِ: حُكْمَهُ أَيْ: فَالْمُرَادُ بِالْحُكْمِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ الْأَحْكَامِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْحُرْمَةَ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ مَجَازًا) أَيْ: لُغَوِيًّا وَإِلَّا فَهُوَ الْآنَ حَقِيقَةٌ عُرْفِيَّةٌ شَرْعِيَّةٌ. (قَوْلُهُ: كَأَنَّهُ إلَخْ) كَانَ لِلتَّحْقِيقِ. (قَوْلُهُ: وَالْكَذِبِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ، وَقَوْلُهُ: وَالْمُوبِقَاتِ أَيْ: الْمُهْلِكَاتِ، وَهُوَ لَازِمٌ لِمَا قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَسَبَ شَخْصٌ إلَخْ) أَيْ: فَنِسْبَتُهُ لِلزِّنَا أَشَدُّ مِنْ نِسْبَتِهِ لِلْكُفْرِ هَذَا حَاصِلُهُ، وَفِيهِ أَنَّ الْكُفْرَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْخُلُودُ فِي النَّارِ بِخِلَافِ الزِّنَا، وَالْجَوَابُ أَنَّ نِسْبَتَهُ لِلْكُفْرِ لَا تَسْلَمُ وَيُكَذَّبُ فِيهَا بِخِلَافِ نِسْبَتِهِ لِلزِّنَا، فَيُمْكِنُ التَّسْلِيمُ، وَتَلْحَقُهُ الْمَعَرَّةُ نَظِيرُهُ مَا قَالُوهُ فِي سَبِّ النَّبِيِّ يُقْتَلُ مُطْلَقًا بِخِلَافِ مَنْ سَبَّ اللَّهَ تَعَالَى

ص: 85

وَشَرْعًا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الْقَذْفُ الْأَعَمُّ نِسْبَةُ آدَمِيٍّ غَيْرَهُ لِزِنًا، أَوْ قَطْعُ نَسَبِ مُسْلِمٍ وَالْأَخَصُّ لِإِيجَابِ الْحَدِّ نِسْبَةُ آدَمِيٍّ مُكَلَّفٍ غَيْرَهُ حُرًّا عَفِيفًا مُسْلِمًا بَالِغًا، أَوْ صَغِيرَةً تُطِيقُ الْوَطْءَ لِزِنًا، أَوْ قَطْعُ نَسَبِ مُسْلِمٍ فَقَوْلُهُ: نِسْبَةُ آدَمِيٍّ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ، وَغَيْرَهُ مَفْعُولُهُ أَخْرَجَ بِهِ قَذْفَ نَفْسِهِ وَيَدْخُلُ فِي هَذَا الْحَدِّ نِسْبَةُ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ غَيْرَهُ، وَنِسْبَةُ الْعَبْدِ وَكَثِيرًا مِمَّا لَا تَتَقَرَّرُ شُرُوطُ الْقَذْفِ فِيهِ إمَّا بِاتِّفَاقٍ، أَوْ بِخِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ، قَوْلُهُ: أَوْ قَطْعُ نَسَبِ مُسْلِمٍ أَخْرَجَ بِهِ مَا إذَا لَمْ يَقْطَعْ نَسَبًا، أَوْ قَطَعَ نَسَبَ غَيْرِ مُسْلِمٍ فَإِنَّهُ لَا يُسَمَّى قَذْفًا، الْأَوَّلُ إذَا قَالَ لِرَجُلٍ: لَسْت ابْنًا لِفُلَانَةَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ قَذْفًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ قَطْعُهُ عَنْهَا، وَإِنْ قَالَ: لَيْسَ أَبُوك الْكَافِرُ مِنْ أَبِيهِ فَلَمْ يَقْطَعْ نَسَبًا أَيْضًا، وَحَدَّ الْمُؤَلِّفُ الْقَذْفَ بِقَوْلِهِ:(ص) قَذْفُ الْمُكَلَّفِ. (ش) هُوَ مِنْ بَابِ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْمُكَلَّفِ هُوَ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ فَقَطْ، فَالصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ لَا حَدَّ عَلَيْهِمَا إذَا قَذَفَا غَيْرَهُمَا، وَيَدْخُلُ فِي الْمُكَلَّفِ السَّكْرَانُ. (ص) حُرًّا مُسْلِمًا. (ش) هَذَا هُوَ الْمَقْذُوفُ أَيْ: إنَّمَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ وَالْإِسْلَامُ فَقَطْ حَيْثُ كَانَ الْمَقْذُوفُ بِهِ نَفْيَ النَّسَبِ، فَالْكَافِرُ وَالْعَبْدُ لَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهِمَا مَا لَمْ يَكُنْ أَبَوَا الرَّقِيقِ حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ، وَإِلَّا حُدَّ لَهُمَا، وَقَوْلُهُ: حُرًّا مُسْلِمًا مَا لَمْ يَكُنْ أَبَوَاهُ رَقِيقَيْنِ، أَوْ كَافِرَيْنِ، وَقَوْلُهُ: حُرًّا مَفْعُولُ قَذَفَ، ثُمَّ إنَّ الشُّرُوطَ عَشْرَةٌ اثْنَانِ فِي الْقَاذِفِ، وَهُمَا الْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ وَاثْنَانِ فِي الْمَقْذُوفِ بِهِ، وَهُمَا نَفْيُ النَّسَبِ وَالزِّنَا، وَسِتَّةٌ فِي الْمَقْذُوفِ لَكِنْ إنْ كَانَ بِنَفْيِ نَسَبٍ اُشْتُرِطَ فِيهِ الْحُرِّيَّةُ، وَالْإِسْلَامُ فَقَطْ، وَيُزَادُ عَلَيْهِمَا فِي الْقَذْفِ بِزِنًا أَرْبَعَةٌ: الْبُلُوغُ، وَالْعَقْلُ، وَالْعِفَّةُ وَالْآلَةُ. (ص) بِنَفْيِ نَسَبٍ عَنْ أَبٍ، أَوْ جَدٍّ لَا أُمٍّ. (ش) هَذَا شَرْطٌ فِي الْمَقْذُوفِ بِهِ كَانَ صَرِيحًا، أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَالْإِشَارَةِ مِنْ الْأَخْرَسِ فَمَنْ نَفَى إنْسَانًا عَنْ أَبِيهِ، أَوْ عَنْ جَدِّهِ لِأَبِيهِ فَقَطْ، فَإِنَّهُ يُحَدُّ إذَا كَانَ نَسَبُهُ مَعْلُومًا، وَأَمَّا إنْ نَفَى نَسَبَهُ عَنْ أُمِّهِ، فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْأُمُومَةَ مُحَقَّقَةٌ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْأَدَبُ فَقَطْ، وَأَمَّا الْأُبُوَّةُ فَثَابِتَةٌ بِالْحُكْمِ، وَالظَّنِّ فَلَا يُعْلَمُ كَذِبُهُ فِي نَفْيِهِ فَتَلْحَقُهُ بِذَلِكَ مَعَرَّةٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ نَسَبَهُ إلَى الْكُفْرِ، فَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْأَدَبُ فَقَطْ. قَوْلُهُ: عَنْ أَبٍ أَيْ: دَنِيَّةٍ بِدَلِيلِ عَطْفِ الْجَدِّ عَلَيْهِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْأَبُ كَافِرًا، أَوْ عَبْدًا وَهُوَ كَذَلِكَ

. (ص) وَلَا إنْ نَبَذَ. (ش) أَيْ: إذَا نَفَى نَسَبَهُ عَنْ أَبٍ مُعَيَّنٍ كَلَسْتَ ابْنَ فُلَانٍ فَلَا يُحَدُّ، وَأَمَّا لَوْ نَفَى نَسَبَهُ مُطْلَقًا كَيَا ابْنَ الزَّانِيَةِ، أَوْ يَا ابْنَ الزَّانِي، أَوْ يَا وَلَدَ زِنًا فَإِنَّهُ يُحَدُّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ مَنْبُوذًا أَنْ يَكُونَ ابْنَ الزِّنَا، وَقَوْلُ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ: إذَا قَالَ لِلْمَنْبُوذِ: يَا ابْنَ الزَّانِيَةِ لَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَيُؤَدَّبُ؛ لِأَنَّ أُمَّهُ لَمْ تُعْرَفْ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: نِسْبَةُ آدَمِيٍّ غَيْرَهُ لِزِنًا) أَيْ: لِوَطْءٍ غَيْرِ مُبَاحٍ، وَقَوْلُهُ: أَوْ قَطْعُ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: نِسْبَةُ فَهُوَ بِالرَّفْعِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِهِ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا كَانَ الْمَقْطُوعُ نَسَبُهُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا.

(قَوْلُهُ: وَالْأَخَصُّ لِإِيجَابِ الْحَدِّ) أَيْ: الْكَائِنِ لِإِيجَابِ الْحَدِّ. (قَوْلُهُ: حُرًّا إلَخْ) حَالٌ مِنْ غَيْرِهِ أَيْ: حَالَةَ كَوْنِ الْغَيْرِ حُرًّا عَفِيفًا مُسْلِمًا بَالِغًا وَاشْتِرَاطُ الْبُلُوغِ إنَّمَا هُوَ فِي الذَّكَرِ الْفَاعِلِ، وَأَمَّا الْمَفْعُولُ فَلَا يُشْتَرَطُ بُلُوغُهُ. (قَوْلُهُ: لِزِنًا) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: نِسْبَةُ، وَقَوْلِهِ: أَوْ قَطْعُ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ نِسْبَةُ. (قَوْلُهُ: أَخْرَجَ بِهِ قَذْفَ نَفْسِهِ) كَقَوْلِهِ: أَنَا زَانٍ فَإِنَّهُ، وَإِنْ حُدَّ فَإِنَّمَا يُحَدُّ لِلزِّنَا مَا لَمْ يَرْجِعْ لَا لِلْقَذْفِ، وَكَذَا قَوْلُهُ: أَنَا نَغِلٌ فَإِنَّهُ وَإِنْ حُدَّ فَإِنَّمَا يُحَدُّ مِنْ حَيْثُ رَمَى أُمَّهُ بِالزِّنَا لَا مِنْ حَيْثُ نَفْسُهُ، وَقَوْلُهُ: وَنِسْبَةُ الْعَبْدِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ: نِسْبَةُ الْعَبْدِ لِزِنًا. (قَوْلُهُ: إمَّا بِاتِّفَاقٍ) أَيْ: عَدَمُ التَّقْرِيرِ إمَّا بِاتِّفَاقٍ أَوْ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ مِثَالُ الْأَوَّلِ مَا إذَا نَسَبَ صَغِيرَةً لَا تُطِيقُ الْوَطْءَ لِلزِّنَا، وَمِثَالُ الثَّانِي وَهُوَ مَا كَانَ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ مَا إذَا كَانَ الْمَقْذُوفُ بِنَفْيِ النَّسَبِ حُرًّا مُسْلِمًا، وَكَانَ أَبُوهُ كَافِرًا، أَوْ عَبْدًا فَهَذَا لَمْ تَتَوَفَّرْ فِيهِ شُرُوطُ الْقَذْفِ عَلَى الْخِلَافِ. (قَوْلُهُ: فَلَمْ يَقْطَعْ نَسَبًا إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: لَمْ يَقْطَعْ نَسَبَ مُسْلِمٍ.

(تَنْبِيهٌ) : يَدْخُلُ فِي تَعْرِيفِ ابْنِ عَرَفَةَ قَذْفُ الْمَجْنُونِ مَعَ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهِ إنْ كَانَ جُنُونُهُ مِنْ حِينِ بُلُوغِهِ إلَى حِينِ قَذْفِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَعَرَّةَ عَلَيْهِ فِي صُدُورِ ذَلِكَ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: وَحَدَّ الْمُؤَلِّفُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ حَدًّا لِلْقَذْفِ، وَإِنَّمَا هُوَ إخْبَارٌ عَنْهُ بِأَنَّهُ يُوجِبُ ثَمَانِينَ جَلْدَةً. (قَوْلُهُ: قَذْفُ الْمُكَلَّفِ) وَلَوْ حَرْبِيًّا بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ.

وَقَالَ أَشْهَبُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ احْتِرَازًا مِنْ الْحَرْبِيِّ إذَا قَذَفَ مُسْلِمًا بِبَلَدِ الْحَرْبِ ثُمَّ أَسْلَمَ، أَوْ أُسِرَ، أَوْ دَخَلَ بِأَمَانٍ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَيَدْخُلُ فِي الْمُكَلَّفِ السَّكْرَانُ) أَيْ: بِحَرَامٍ لِأَنَّهُ مَتَى أَطْلَقَ فَالْمَعْنَى سَكْرَانُ بِحَرَامٍ فَمَنْ شَرِبَ خَمْرًا يَعْتَقِدُ أَنَّهُ مَاءٌ فَسَكِرَ فَهَذَا غَيْرُ حَرَامٍ فَقَذْفُهُ لَا يُوجِبُ حَدًّا. (قَوْلُهُ: لَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهِمَا) أَيْ: بِنَفْيِ النَّسَبِ.

(قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَكُنْ أَبَوَا الرَّقِيقِ حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ) أَيْ: وَأَمَّا إذَا كَانَ أَبَوَاهُ حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ فَيُحَدُّ قَاذِفُهُمَا، وَمِثْلُ ذَلِكَ إذَا كَانَ أَبُوهُ حُرًّا مُسْلِمًا وَأُمُّهُ أَمَةً. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَكُنْ أَبَوَاهُ رَقِيقَيْنِ) أَيْ: وَأَمَّا إذَا كَانَ أَبَوَاهُ رَقِيقَيْنِ فَلَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهِ بِنَفْيِ النَّسَبِ، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ يَأْتِي مَا يُخَالِفُهُ وَهُمَا تَقْرِيرَانِ، وَالْآتِي هُوَ مَا لعج فَإِنَّهُ قَالَ: وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْأَبُ كَافِرًا أَوْ عَبْدًا، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَكَذَا كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ وَمُفَادُ تَقْرِيرِ بَعْضِ الشُّيُوخِ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ.

(تَنْبِيهٌ) شَمَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ قَذْفَ أَمَةٍ حَامِلٍ مِنْ سَيِّدِهَا الْحُرِّ بَعْدَ مَوْتِهِ وَقَبْلَ وَضْعِهَا بِأَنَّهَا حَامِلَةٌ مِنْ زِنًا فَيُحَدُّ عِنْدَ مَالِكٍ لَا عِنْدَ ابْنِ الْمَوَّازِ؛ لِاحْتِمَالِ انْفِشَاشِ الْحَمْلِ، وَيُفْهَمُ مِنْهُ اتِّفَاقُهُمَا عَلَى الْحَدِّ حَيْثُ لَمْ يُنْفَشْ. (قَوْلُهُ: الْبُلُوغُ) فَقَاذِفُ الصَّبِيِّ بِأَنَّهُ فَاعِلٌ لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَكَذَا يُقَالُ: فِيمَا بَعْدُ فَحِينَئِذٍ مَنْ قَذَفَ مَجْنُونًا أَوْ مَجْبُوبًا بِالْفِعْلِ فِيهِ فَيُحَدُّ وَلَوْ رَقِيقًا. (قَوْلُهُ: أَوْ عَنْ جَدِّهِ لِأَبِيهِ) كَقَوْلِهِ: لَسْتُ ابْنَهُ أَيْ: الْجَدِّ فَيُحَدُّ وَلَوْ قَالَ: أَرَدْتُ لَسْتُ ابْنَهُ مُبَاشَرَةً؛ لِأَنَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ أَبًا فَلَا يُصَدَّقُ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَنْ جَدِّهِ لِأَبِيهِ) أَيْ: وَأَمَّا لَوْ نَفَاهُ عَنْ جَدِّهِ لِأُمِّهِ فَلَا حَدَّ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْأَدَبُ.

ص: 86

ضَعِيفٌ. قَوْلُهُ: وَلَا إنْ نَبَذَ أَيْ: مَا دَامَ مَنْبُوذًا فَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ أَحَدٌ، وَلَحِقَ بِهِ انْتَفَى أَنَّهُ مَنْبُوذٌ وَحُدَّ قَاذِفُهُ حِينَئِذٍ

. (ص) أَوْ زِنًا إنْ كُلِّفَ وَعَفَّ عَنْ وَطْءٍ يُوجِبُ الْحَدَّ بِآلَةٍ، وَبَلَغَ كَأَنْ بَلَغَتْ الْوَطْءَ.

(ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى بِنَفْيِ نَسَبٍ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْقَذْفِ بِالزِّنَا أَنْ يَكُونَ الْمَقْذُوفُ مُكَلَّفًا بِآلَةٍ حَالَةَ تَكْلِيفِهِ، فَمَنْ قَذَفَ مَجْبُوبًا، أَوْ حَصُورًا بِالزِّنَا لَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَأَنْ يَكُونَ عَفِيفًا عَنْ وَطْءٍ يُوجِبُ الْحَدَّ، وَهُوَ الزِّنَا، وَاللِّوَاطُ فَمَنْ قَذَفَ رَجُلًا بِالزِّنَا، ثُمَّ أَثْبَتَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ إنْ أَثْبَتَ عَلَيْهِ أَنَّهُ كَانَ حُدَّ فِيهِ أَيْ: وَإِنْ تَابَ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ شَامِلٌ لِصُورَتَيْنِ. الْأُولَى: أَنْ يَكُونَ تَارِكًا لِلْوَطْءِ رَأْسًا، الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ مُرْتَكِبًا لِوَطْءٍ لَا يُوجِبُ الْحَدَّ كَوَطْءِ الْبَهِيمَةِ إذْ هُوَ فِيهَا عَفِيفٌ عَمَّا يُوجِبُ الْحَدَّ، وَعَلَى الْمَقْذُوفِ أَنْ يُثْبِتَ الْعَفَافَ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ: وَعَفَّ، وَلَوْ قَالَ: وَعَفَّ عَنْ زِنًا لَكَانَ أَخْصَرَ، وَيُشْتَرَطُ فِي الْمَقْذُوفِ بِالزِّنَا أَنْ يَكُونَ بَالِغًا يُرِيدُ إذَا كَانَ فَاعِلًا، وَأَمَّا إذَا كَانَ مَفْعُولًا فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ بُلُوغُهُ، بَلْ إطَاقَةُ الْوَطْءِ فَقَطْ، وَإِنَّمَا أَتَى بِهِ بَعْدَ قَوْلِهِ: إنْ كُلِّفَ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: كَأَنْ بَلَغَتْ الْوَطْءَ، وَإِلَّا فَهُوَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ، أَوْ هُوَ تَفْصِيلٌ لِقَوْلِهِ: كُلِّفَ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْأُنْثَى الْبُلُوغُ بَلْ إطَاقَةُ الْوَطْءِ.

(ص) أَوْ مَحْمُولًا. (ش) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمِيمِ وَالْمَحْمُولُونَ هُمْ الَّذِينَ يُرْسِلُهُمْ السُّلْطَانُ لِحِيَاطَةٍ أَيْ: حِرَاسَةٍ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ، أَوْ مَجْهُولًا بِالْجِيمِ وَالْهَاءِ أَيْ: مَسْبِيًّا، وَعَلَى كُلٍّ إنْ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ قَذْفٌ بِنَفْيِ نَسَبٍ عَنْ أَبٍ مُعَيَّنٍ كَانَ مَعْطُوفًا عَلَى نَبَذَ أَيْ: فَلَا حَدَّ، وَإِنْ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ قَذْفٌ بِنَفْيِ نَسَبٍ مُطْلَقًا، أَوْ بِزِنًا كَانَ مَعْطُوفًا عَلَى كَأَنْ بَلَغَتْ الْوَطْءَ أَيْ: أَوْ كَانَ الْمَقْذُوفُ مَحْمُولًا

. (ص) وَإِنْ مُلَاعَنَةً وَابْنَهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَذَفَ الْمُلَاعَنَةَ بِالزِّنَا، أَوْ قَذَفَ وَلَدَهَا بِنَفْيِ النَّسَبِ بِأَنْ قَالَ: لَا أَبَ لَك حُدَّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ قَطْعُهُ، وَلَوْ ثَبَتَ لَرُجِمَتْ فَهُوَ مِنْ بَابِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُشَوِّشِ، فَقَوْلُهُ: وَإِنْ مُلَاعَنَةً رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: أَوْ زِنًا وَقَوْلُهُ: وَابْنَهَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: بِنَفْيِ نَسَبٍ، وَمَحَلُّ حَدِّ قَاذِفِ الْمُلَاعَنَةِ حَيْثُ كَانَ غَيْرَ زَوْجٍ، أَوْ زَوْجًا، ثُمَّ قَذَفَهَا بِغَيْرِ مَا لَاعَنَهَا بِهِ، وَأَمَّا لَوْ قَذَفَهَا بِهِ، فَلَا يُحَدُّ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ. (ص) أَوْ عَرَّضَ غَيْرُ أَبٍ إنْ أَفْهَمَ. (ش) اعْلَمْ أَنَّ التَّعْرِيضَ الْمُفْهِمَ لِأَحَدِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَهِيَ الزِّنَا وَاللِّوَاطُ وَنَفْيُ النَّسَبِ عَنْ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ كَالتَّصْرِيحِ بِذَلِكَ فَإِذَا قَالَ لَهُ: مَا أَنَا بِزَانٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَهُ: يَا زَانِي، أَوْ قَالَ: أَمَّا أَنَا فَلَسْت بِلَائِطٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَهُ: يَا لَائِطُ، أَوْ قَالَ لَهُ: أَمَّا أَنَا فَأَبِي مَعْرُوفٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَهُ: أَبُوك لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ، فَيَتَرَتَّبُ عَلَى قَائِلِ ذَلِكَ وُجُوبُ الْحَدِّ، وَلَا فَرْقَ فِي التَّعْرِيضِ بَيْنَ النَّثْرِ وَالنَّظْمِ، وَأَمَّا الْأَبُ إذَا عَرَّضَ لِوَلَدِهِ، فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ لِذَلِكَ؛ لِبُعْدِهِ عَنْ التُّهْمَةِ فِي وَلَدِهِ وَلَا أَدَبَ، وَأَمَّا إنْ صَرَّحَ فَيُحَدُّ لِلْوَلَدِ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ فِيمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ: وَلَهُ حَدُّ أَبِيهِ وَفُسِّقَ، لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى الْأَبِ، وَلَوْ صَرَّحَ لِوَلَدِهِ، وَالْمُرَادُ بِالْأَبِ الْجِنْسُ الشَّامِلُ لِلْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ سَوَاءٌ كَانَا مِنْ جِهَةِ الْأَبِ، أَوْ الْأُمِّ

. (ص) يُوجِبُ ثَمَانِينَ جَلْدَةً، وَإِنْ كُرِّرَ لِوَاحِدٍ، أَوْ جَمَاعَةٍ. (ش) هَذِهِ الْجُمْلَةُ خَبَرٌ عَنْ قَوْلِهِ: قَذْفُ الْمُكَلَّفِ أَيْ: قَذْفُ الْمُكَلَّفِ يُوجِبُ ثَمَانِينَ جَلْدَةً

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ: ضَعِيفٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ عج ذَكَرَهُ، وَلَمْ يُضَعِّفْهُ وَكَذَا الْبَدْرُ لَكِنْ فِي التَّوْضِيحِ مَا يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِهِ كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -.

(قَوْلُهُ: بِآلَةٍ) أَيْ: وَيَشْتَهِي. (قَوْلُهُ: فَمَنْ قَذَفَ مَجْبُوبًا) أَيْ: أَوْ مَقْطُوعَ الذَّكَرِ وَقَيَّدَ ذَلِكَ بَعْدَ إزَالَةِ الْآلَةِ فَإِنْ قَيَّدَ زِنَاهُ بِهَا قَبْلَ قَطْعِهَا حُدَّ عَلَى مَا يَظْهَرُ، وَأَمَّا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَالظَّاهِرُ لَا حَدَّ، وَإِذَا قُذِفَ الْخُنْثَى الْمُشْكِلُ بِالزِّنَا بِفَرْجِهِ الذَّكَرِ، أَوْ فِي فَرْجِهِ الَّذِي لِلنِّسَاءِ فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ إذَا زَنَى بِهِمَا لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَإِنْ رَمَاهُ بِالْفِعْلِ فِي دُبُرِهِ حُدَّ؛ لِأَنَّهُ إذَا زَنَى بِهِ حُدَّ حَدَّ الزِّنَا لَا حَدَّ اللِّوَاطِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ يُقَدَّرُ أَجْنَبِيَّةً، وَقَوْلُهُ: أَوْ حَصُورًا أَيْ: لَا يَشْتَهِي النِّسَاءَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَصُورَ لَهُ آلَةٌ، وَلَكِنْ لَا شَهْوَةَ لَهُ فَلِذَلِكَ قُلْت أَوَّلًا: أَيْ: وَيَشْتَهِي. (قَوْلُهُ: بَلْ إطَاقَةُ الْوَطْءِ) أَيْ: لِأَنَّ الْمَعَرَّةَ تَلْحَقُهُ وَقَوْلُهُ: وَإِنَّمَا أَتَى بِهِ إلَخْ أَيْ: وَذَلِكَ لِأَنَّ التَّكْلِيفَ يَسْتَلْزِمُ الْبُلُوغَ، وَإِلَّا فَهُوَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ أَيْ: بِقَوْلِهِ: إنْ كُلِّفَ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ حَيْثُ أَتَى بِهِ لِلتَّوْطِئَةِ فَلَا يَكُونُ مُسْتَغْنًى عَنْهُ فَالْمَعْنَى أَنَّ فِيهِ فَائِدَةً. (قَوْلُهُ: أَوْ هُوَ تَفْصِيلٌ لِقَوْلِهِ كُلِّفَ) أَيْ: تَبْيِينٌ لَهُ ثُمَّ أَقُولُ أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ التَّكْلِيفَ الْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ لَا مُجَرَّدُ الْبُلُوغِ نَعَمْ هُوَ بَعْضُ التَّفْصِيلِ فَأَرَادَ بِقَوْلِهِ: تَفْصِيلٌ بَعْضَ تَفْصِيلٍ. (قَوْلُهُ: أَيْ: مَسْبِيًّا) أَيْ: حُرًّا مُسْلِمًا وَفَسَّرَهُ بِمَسْبِيًّا هُرُوبًا مِنْ تَفْسِيرِهِ بِالْغَرِيبِ الْمَجْهُولِ الْأَبِ فَإِنَّهُ يُحَدُّ مَنْ قَالَ لَهُ: يَا ابْنَ الزَّانِيَةِ مَثَلًا كَمَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْعُتْبِيَّةِ عَنْ مَالِكِ ابْنُ رُشْدٍ وَهَذَا بَيِّنٌ لِحَمْلِهِ عَلَى الْحُرِّيَّةِ، وَالْإِسْلَامِ مُحَشِّي تت كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمَجْهُولَ وَالْمَسْبِيَّ حُكْمُهُمَا وَاحِدٌ عَلَى مَا قَالَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّهُ إذَا قَالَ: لِكُلٍّ مِنْهُمَا يَا ابْنَ الزَّانِيَةِ يُحَدُّ

. (قَوْلُهُ: وَإِنْ مُلَاعَنَةً) يَصِحُّ كَسْرُ الْعَيْنِ وَفَتْحُهَا لِأَنَّهَا مُفَاعَلَةٌ لَا تَقَعُ إلَّا بَيْنَ اثْنَيْنِ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَرَّضَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ: حَالَ كَوْنِهِ صَرَّحَ بِذَلِكَ أَوْ عَرَّضَ. (قَوْلُهُ إنْ أَفْهَمَ) أَيْ: أَفْهَمَ الْقَذْفَ بِتَعْرِيضِهِ بِالْقَرَائِنِ كَخِصَامٍ وَلَوْ زَوْجًا لِزَوْجَتِهِ وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ عَدَمُ حَدِّهِ إنْ لَمْ يُفْهِمُ التَّعْرِيضُ قَذْفًا كَقَوْلِهِ: وَجَدْتُهَا فِي لِحَافٍ مَعَ رَجُلٍ فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ؛ لِأَنَّ قَصْدَ الزَّوْجِ حِفْظُ فِرَاشِهِ فَهُوَ خَارِجٌ بِقَوْلِهِ: إنْ أَفْهَمَ، نَعَمْ إنْ قَالَ ذَلِكَ أَجْنَبِيٌّ حُدَّ، وَكَذَا لَوْ عَرَّضَ لِلزَّوْجِ عَلَى وَجْهِ الْمُشَابَهَةِ حُدَّ كَذَا أَفَادَ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَتَأَمَّلْ قَالَ تت، وَالظَّاهِرُ لَا حَدَّ إنْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ هَلْ أَرَادَ الْقَذْفَ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْأَبِ الْجِنْسُ) قَالَ مُحَشِّي تت: وَانْظُرْ مَا يُسَاعِدُهُ مِنْ النَّقْلِ فَإِنَّ الَّذِي فِي عِبَارَةِ الْأَئِمَّةِ كَالتَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِ وَاحِدٍ الْأَبَ ابْنٌ مُحْرِزٍ مَنْ عَرَّضَ لِوَلَدِهِ بِالْقَذْفِ لَمْ يُحَدَّ لِبُعْدِهِ مِنْ التُّهْمَةِ فِي وَلَدِهِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إنْ كَانَ التَّعْرِيضُ مِنْ الْأَبِ لِوَلَدِهِ لَمْ يُحَدَّ

. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَرَّرَ) أَيْ: قَبْلَ الْحَدِّ، أَوْ أَثْنَاءَهُ وَيُبْتَدَأُ لَهُمَا الْحَدُّ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ

ص: 87

لِنَصِّ الْقُرْآنِ وَإِذَا كُرِّرَ الْقَذْفُ لِوَاحِدٍ، أَوْ جَمَاعَةٍ فِي مَجْلِسٍ، أَوْ مَجَالِسَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا حَدٌّ وَاحِدٌ سَوَاءٌ قَامُوا كُلُّهُمْ، أَوْ بَعْضُهُمْ، وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ قَالَ لِلْجَمَاعَةِ: يَا زُنَاةُ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَقْذِفْ الْجَمِيعَ بَلْ قَذَفَ وَاحِدًا مِنْهُمْ لَا بِعَيْنِهِ، فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ: أَوْ قَالَ لِجَمَاعَةٍ: أَحَدُكُمْ زَانٍ. (ص) إلَّا بَعْدَهُ وَنِصْفُهُ عَلَى الْعَبْدِ. (ش) الضَّمِيرُ يَرْجِعُ لِلْحَدِّ يَعْنِي أَنَّ الْقَاذِفَ إذَا حُدَّ لِأَجْلِ الْقَذْفِ، ثُمَّ بَعْدَ الْحَدِّ قُذِفَ، فَإِنَّهُ يُحَدُّ أَيْضًا، وَلَا فَرْقَ فِي التَّكْرِيرِ بَيْنَ التَّصْرِيحِ بِهِ، أَوْ لَا كَأَنْ يَقُولَ بَعْدَ الْحَدِّ: مَا كَذَبْتُ عَلَيْهِ وَلَقَدْ صَدَقْتُ؛ لِأَنَّهُ قَذْفٌ مُؤْتَنَفٌ، وَأَمَّا الْعَبْدُ، أَوْ الْأَمَةُ إذَا قَذَفَ غَيْرَهُ، وَلَوْ حُرًّا فَإِنَّهُ يُحَدُّ عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْحُرِّ، وَهُوَ أَرْبَعُونَ جَلْدَةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25] وَالْعَبْدُ مَقِيسٌ عَلَى الْأَمَةِ

. (ص) كَلَسْت بِزَانٍ، أَوْ زَنَتْ عَيْنُك، أَوْ زَنَيْتِ مُكْرَهَةً، أَوْ عَفِيفِ الْفَرَجِ، أَوْ لِعَرَبِيٍّ مَا أَنْتَ بِحُرٍّ، أَوْ يَا رُومِيُّ كَأَنْ نَسَبَهُ لِعَمِّهِ بِخِلَافِ جَدِّهِ. (ش) هَذَا مِنْ أَلْفَاظِ التَّعْرِيضِ فَإِذَا قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: مَا أَنَا بِزَانٍ، أَوْ لَقَدْ أُخْبِرْت أَنَّك زَانٍ، أَوْ زَنَى فَرْجُك، أَوْ يَدُك أَوْ عَيْنُك، أَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ: زَنَيْتِ مُكْرَهَةً، وَكَذَّبَتْهُ، فَإِنَّهُ يُحَدُّ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ زَنَيْتِ مُكْرَهَةً، فَإِنَّهُ يُلَاعِنُ، وَإِلَّا حُدَّ لَهَا إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً بِالْإِكْرَاهِ، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ: أَنَا عَفِيفُ الْفَرَجِ لِأَجْلِ ذِكْرِ الْفَرَجِ؛ لِأَنَّهُ تَعْرِيضٌ بِالزِّنَى، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَذْكُرْ الْفَرَجَ، فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ قَالَ لِشَخْصٍ عَرَبِيِّ الْأَصْلِ: مَا أَنْتَ بِحُرٍّ؛ لِأَنَّهُ نَفَى نَسَبَهُ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ لَهُ: يَا رُومِيُّ، أَوْ يَا فَارِسِيُّ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَطَعَ نَسَبَهُ، وَأَمَّا إذَا قَالَ لِفَارِسِيٍّ، أَوْ لِرُومِيٍّ: يَا عَرَبِيُّ، فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْطَعْ نَسَبَهُ، وَإِنَّمَا وَصَفَهُ بِصِفَاتِ الْعَرَبِ مِنْ الْكَرَمِ وَالشُّجَاعَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ وَلِأَنَّ الْعَرَبَ تَحْفَظُ نَسَبَهَا بِخِلَافِ غَيْرِهَا، فَقَوْلُهُ: أَوْ يَا رُومِيُّ عَطْفٌ عَلَى مَا أَنْتَ بِحُرٍّ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ نَسَبَ شَخْصًا لِعَمِّهِ؛ لِأَنَّهُ قَطَعَ نَسَبَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا نَسَبَهُ لِجَدِّهِ لِأَبِيهِ، أَوْ لِأُمِّهِ فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْجَدَّ يُسَمَّى أَبًا، وَسَوَاءٌ كَانَ فِي مُشَاتَمَةٍ، أَوْ لَا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ

. (ص) كَأَنْ قَالَ: أَنَا نَغِلٌ، أَوْ وَلَدُ زِنَا، أَوْ كَيَا قَحْبَةُ، أَوْ قَرْنَانُ، أَوْ يَا ابْنَ مُنْزِلَةِ الرُّكْبَانِ، أَوْ ذَاتَ الرَّايَةِ، أَوْ فَعَلْتُ بِهَا فِي عُكَنِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُكَلَّفَ إذَا قَالَ فِي حَقِّ نَفْسِهِ: أَنَا نَغِلٌ أَيْ: فَاسِدُ النَّسَبِ، فَإِنَّهُ يُحَدُّ؛ لِأَنَّهُ نَسَبَ أُمَّهُ إلَى الزِّنَا، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ فِي حَقِّ نَفْسِهِ: أَنَا وَلَدُ زِنًا؛ لِأَنَّهُ رَمَى أُمَّهُ بِالزِّنَا، وَكَذَلِكَ إذَا نَسَبَ نَفْسَهُ إلَى بَطْنٍ، أَوْ نَسَبٍ أَوْ عَشِيرَةٍ غَيْرَ بَطْنِهِ وَنَسَبِهِ وَعَشِيرَتِهِ؛ لِأَنَّهُ قَذَفَ أُمَّهُ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، وَغَيْرُهُ، وَمِثْلُهُ مَنْ نَسَبَ شَخْصًا إلَى ذَلِكَ بِجَامِعِ الْعِلَّةِ، ثُمَّ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ قَوْلَهُ: أَنَا نَغِلٌ، أَوْ وَلَدُ زِنَا مِنْ التَّعْرِيضِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الثَّانِي مِنْ التَّصْرِيحِ قَطْعًا، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَمِنْ التَّعْرِيضِ عَلَى مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ شَاسٍ وَمَنْ وَافَقَهُ، وَذَكَرَ بَعْضٌ أَنَّ النَّغِلَ وَلَدُ الزَّانِيَةِ وَعَلَيْهِ، فَيَكُونُ مِنْ الصَّرِيحِ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ قَالَ لِامْرَأَةٍ: يَا قَحْبَةُ وَهِيَ الزَّانِيَةُ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ زَوْجَتِهِ وَالْأَجْنَبِيَّةِ، وَمِثْلُهُ يَا فَاجِرَةُ يَا عَاهِرَةُ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ قَالَ لِآخَرَ: قَرْنَانُ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْفَاعِلَةِ كَأَنَّهُ يَقْرُنُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ

ــ

[حاشية العدوي]

إذَا كَرَّرَهُ بَعْدَ أَكْثَرِهِ كُمِّلَ الْأَوَّلُ وَابْتُدِئَ لِلثَّانِي وَإِنْ كَرَّرَهُ قَبْلَ مُضِيِّ أَكْثَرِهِ أُلْغِيَ مَا مَضَى وَابْتُدِئَ لَهُمَا كَمَا يَأْتِي. (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْضُهُمْ) أَيْ: فَإِذَا قَامَ بِهِ أَحَدُهُمْ وَضَرَبَ لَهُ كَانَ ذَلِكَ الضَّرْبُ لِكُلِّ قَذْفٍ كَانَ عَلَيْهِ وَلَا حَدَّ لِمَنْ قَامَ مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ قَالَ لِلْجَمَاعَةِ: يَا زُنَاةُ) بَقِيَ مَا لَوْ خَاطَبَ كُلُّ وَاحِدٍ بِمُفْرَدِهِ قَائِلًا لَهُ أَنْتِ زَانٍ فِي مَجْلِسٍ أَوْ مَجَالِسَ أَوْ قَالَ لَهُمْ فِي خِطَابٍ وَاحِدٍ: كُلٌّ مِنْكُمْ زَنَى وَالْحُكْمُ كَذَلِكَ أَيْ: مَا هُنَاكَ إلَّا حَدٌّ وَاحِدٌ.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْعَبْدُ أَوْ الْأَمَةُ) أَرَادَ بِهِ الْقِنَّ الْخَالِصَ أَوْ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ، وَإِنْ قَلَّ رِقُّهُ، وَيُعْتَبَرُ كَوْنُهُ كَذَلِكَ حِينَ الْقَذْفِ، وَإِنْ تَحَرَّرَ قَبْلَ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ، وَأَمَّا إنْ قَذَفَهُ، وَهُوَ عَبْدٌ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ حِينَ الْقَذْفِ حُرًّا أَوْ عَكْسُهُ فَإِنَّهُ يَعْمَلُ بِمَا تَبَيَّنَ

. (قَوْلُهُ: كَلَسْتُ بِزَانٍ) بِضَمِّ التَّاءِ إذَا قَالَهُ لِغَيْرِهِ فِي مُشَاتَمَةٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَقَدْ أُخْبِرْتُ أَنَّك زَانٍ) كَوْنُ هَذَا مِنْ التَّعْرِيضِ غَيْرُ ظَاهِرٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَيْنُكَ إلَخْ) كَوْنُ هَذَا مِنْ التَّعْرِيضِ ظَاهِرٌ إنْ أَرَادَ حَقِيقَةَ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّ الزِّنَا إذَا حَصَلَ تَعَلَّقَ بِجَمِيعِ الْأَعْضَاءِ فَنِسْبَتُهُ لِبَعْضِ الْأَعْضَاءِ لَا يَنْفِيهِ عَنْ الْبَقِيَّةِ، وَأَمَّا إنْ أَرَادَ بِهَا الذَّاتَ فَمِنْ الصَّرِيحِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُحَدُّ فِي ذَلِكَ) هَذَا إذَا قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى التَّعْرِيضِ، أَوْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ فَإِنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى الِاعْتِذَارِ فَلَا حَدَّ فَإِنْ: قَالَ لَهَا أُكْرِهْتِ عَلَى الزِّنَا حُدَّ إنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ قَصْدَهُ نِسْبَتُهَا لَهُ فَإِنْ لَمْ يَقُمْ شَيْءٌ، أَوْ قَامَتْ بِالِاعْتِذَارِ فَلَا حَدَّ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةٌ بِالْإِكْرَاهِ إلَخْ) أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ فِي زَوْجَتِهِ أَوْ أَجْنَبِيَّةٍ، وَقَوْلُهُ: فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ أَيْ: فِي الْأَجْنَبِيَّةِ وَلَا فِي الزَّوْجَةِ وَلَا لِعَانَ فِي الزَّوْجَةِ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: مَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ: أَنَا عَفِيفُ الْفَرَجِ) أَيْ: أَنَّهُ إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ فِي مُشَاتَمَةٍ: إنِّي أَوْ أَنَا أَوْ أَنْتَ عَفِيفُ الْفَرَجِ فَإِنَّهُ يُحَدُّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مُشَاتَمَةٍ فَلَا حَدَّ. (قَوْلُهُ: مَنْ قَالَ لِشَخْصٍ عَرَبِيٍّ) الْمُرَادُ بِهِ مَنْ يَكُونُ نَسَبُهُ مِنْ الْعَرَبِ وَلَوْ طَرَأَتْ عَلَيْهِ الْعُجْمَةُ لَا مَنْ تَكَلَّمَ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ نَفَى نَسَبَهُ إلَخْ) اُنْظُرْ هَذَا التَّعْلِيلَ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْحُرِّيَّةِ عَنْهُ نَفْيُ نَسَبِهِ؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ عَرَبِيًّا لَا يُنَافِي اسْتِرْقَاقَهُ؛ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ ضَرْبُ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِمْ قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ بَعْدَ ذِكْرِ هَذَا النَّصِّ: وَلَمْ أَرَ مَا أَنْتَ بِحُرٍّ لِغَيْرِ الْمُصَنِّفِ وَابْنِ الْحَاجِبِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا وَصَفَهُ بِصِفَاتٍ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ حِينَئِذٍ هَذَا إذَا قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى الْمَدْحِ، أَوْ أَشْكَلَ فَإِنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى التَّعْرِيضِ حُدَّ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَخْ) وَكَذَلِكَ عِنْدَهُ إذَا نَسَبَهُ لِخَالِهِ أَوْ زَوْجِ أُمِّهِ، وَمُقَابِلُهُ لَا حَدَّ مَا لَمْ يَكُنْ فِي مُشَاتَمَةٍ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ

. (قَوْلُهُ: أَيْ: فَاسِدُ النَّسَبِ) مِنْ نَغِلَ الْأَدِيمُ بِالْكَسْرِ أَيْ: فَسَدَ. (قَوْلُهُ: وَهِيَ الزَّانِيَةُ) كَانَتْ الْعَرَبُ تَدْعُوَا عَلَى الْفَاجِرَةِ بِالْقُحَابِ وَالرُّوَاءِ أَيْ: السُّعَالِ وَالْقَيْحِ فِي الرِّئَةِ أُطْلِقَ عَلَى الزَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهَا تَسْعُلُ وَتُنَحْنِحُ تَرْمُزُ بِذَلِكَ لِمَنْ يُرِيدُهَا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ صَاحِبَ الْفَاعِلَةِ) أَيْ: صَاحِبَ الْمَرْأَةِ الزَّانِيَةِ

ص: 88

غَيْرِهِ عَلَى زَوْجَتِهِ، فَالْحَدُّ لِزَوْجَتِهِ إنْ طَلَبَتْ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ قَالَ لِشَخْصٍ: يَا ابْنَ مُنْزِلَةِ الرُّكْبَانِ؛ لِأَنَّهُ نَسَبَ أُمَّهُ إلَى الزِّنَا؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إذَا أَرَادَتْ الْفَاحِشَةَ أَنْزَلَتْ الرُّكْبَانَ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ قَالَ لِآخَرَ: يَا ابْنَ ذَاتِ الرَّايَةِ؛ لِأَنَّهُ عَرَّضَ لِأُمِّهِ بِالزِّنَا؛ لِأَنَّهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَتْ الْمَرْأَةُ تُنْزِلُ الرُّكْبَانَ، وَتَجْعَلُ عَلَى بَابِهَا رَايَةً أَيْ: عَلَامَةً لِأَجْلِ النُّزُولِ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ قَالَ لِامْرَأَةٍ: فَعَلَتْ بِهَا فِي عُكَنِهَا لِأَنَّ ذَلِكَ أَشَدُّ مِنْ التَّعْرِيضِ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ ضَابِطُ هَذَا الْبَابِ الِاشْتِهَارَاتُ الْعُرْفِيَّةُ، وَالْقَرَائِنُ الْحَالِيَّةُ فَمَتَى فُقِدَا حُلِّفَ، أَوْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا حُدَّ، وَإِنْ انْتَقَلَ الْعُرْفُ وَبَطَلَ بَطَلَ الْحَدُّ، وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِحَسَبِ الْأَعْصَارِ وَالْأَمْصَارِ، وَبِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّ يَا ابْنَ ذَاتِ الرَّايَةِ، أَوْ يَا ابْنَ مُنْزِلَةِ الرُّكْبَانِ لَا يُوجِبُ حَدًّا وَأَنَّهُ لَوْ اُشْتُهِرَ مَا لَا يُوجِبُ حَدًّا الْآنَ فِي الْقَذْفِ أَوْجَبَ الْحَدَّ

. (ص) لَا إنْ نَسَبَ جِنْسًا لِغَيْرِهِ، وَلَوْ أَبْيَضَ لِأَسْوَدَ إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْعَرَبِ، أَوْ قَالَ مَوْلَى لِغَيْرِهِ: أَنَا خَيْرٌ مِنْك، أَوْ مَا لَك أَصْلٌ، وَلَا فَصْلٌ، أَوْ قَالَ لِجَمَاعَةٍ: أَحَدُكُمْ زَانٍ. (ش) الْفَرْقُ بَيْنَ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ الْعَرَبَ أَنْسَابُهَا مَحْفُوظَةٌ، وَغَيْرُ الْعَرَبِ مِنْ سَائِرِ الْأَجْنَاسِ أَنْسَابُهُمْ غَيْرُ مَحْفُوظَةٍ فَمَتَى نَسَبَ مِنْ غَيْرِ الْعَرَبِ إلَى غَيْرِ جِنْسِهِ، أَوْ إلَى غَيْرِ قَبِيلَتِهِ لَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ أَبْيَضَ وَنَسَبَهُ إلَى جِنْسٍ أَسْوَدَ، أَوْ بِالْعَكْسِ كَمَا إذَا قَالَ لِبَرْبَرِيٍّ: يَا رُومِيُّ مَثَلًا، وَمَتَى نَسَبَ مَنْ هُوَ مِنْ الْعَرَبِ إلَى غَيْرِهِ حُدَّ، وَالْمُرَادُ بِالْجِنْسِ هُنَا الصِّنْفُ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ نَوْعٌ مِنْ الْحَيَوَانِ فَمَا تَحْتَهُ أَصْنَافٌ، فَالْعَرَبُ صِنْفٌ، وَالرُّومُ صِنْفٌ، وَالْبَرْبَرُ صِنْفٌ، وَهَكَذَا وَكَذَلِكَ لَا حَدَّ عَلَى الشَّخْصِ الْمَوْلَى، وَهُوَ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْعِتْقُ إذَا قَالَ لِآخَرَ حُرِّ الْأَصْلِ: أَنَا خَيْرٌ مِنْكَ إذْ لَيْسَ فِيهِ قَذْفٌ، وَلَا تَعْرِيضٌ لِلْقَذْفِ وَوُجُوهُ الْخَيْرِ كَثِيرَةٌ، وَلِذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ: أَنَا خَيْرٌ مِنْك نَسَبًا، فَإِنَّهُ يُحَدُّ لِذَلِكَ، وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَا حَدَّ عَلَى مَنْ قَالَ لِآخَرَ: مَا لَك أَصْلٌ وَلَا فَصْلٌ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا نَفَى حَسَبَهُ فَقَطْ، وَكَذَلِكَ لَا حَدَّ عَلَى مَنْ قَالَ لِجَمَاعَةٍ: أَحَدُكُمْ زَانٍ، أَوْ ابْنُ زَانِيَةٍ، أَوْ لَا أَبَ لَهُ، وَسَوَاءٌ قَامُوا كُلُّهُمْ، أَوْ بَعْضُهُمْ؛ لِأَنَّ الْمَقْذُوفَ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا لَمْ يَلْحَقْ وَاحِدًا مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ، وَالْحَدُّ إنَّمَا هُوَ لِلْمَعَرَّةِ، وَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ إذَا كَثُرَتْ الْجَمَاعَةُ بِأَنْ زَادُوا عَلَى اثْنَيْنِ، وَمَا قَارَبَهُمَا فَإِنْ كَانُوا اثْنَيْنِ، وَمَا قَارَبَهُمَا، فَإِنَّهُ يُحَدُّ إنْ قَامُوا، أَوْ قَامَ بَعْضُهُمْ، وَعَفَا الْبَاقِي، فَإِنْ حَلَفَ مَا أَرَادَ الْقَائِمَ لَمْ يُحَدَّ وَإِلَّا حُدَّ

. (ص) وَحُدَّ فِي مَأْبُونٍ إنْ كَانَ لَا يَتَأَنَّثُ وَفِي يَا ابْنَ النَّصْرَانِيِّ، أَوْ الْأَزْرَقِ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي آبَائِهِ كَذَلِكَ وَفِي مُخَنَّثٍ إنْ لَمْ يَحْلِفْ، وَأُدِّبَ فِي يَا ابْنَ الْفَاسِقَةِ، أَوْ الْفَاجِرَةِ، أَوْ يَا حِمَارُ يَا ابْنَ الْحِمَارِ، أَوْ أَنَا عَفِيفٌ، أَوْ إنَّكِ عَفِيفَةٌ، أَوْ يَا فَاسِقُ، أَوْ يَا فَاجِرُ، وَإِنْ قَالَتْ: بِكَ، جَوَابًا لِزَنَيْت حُدَّتْ لِلزِّنَا وَالْقَذْفِ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا قَالَ لِآخَرَ: يَا مَأْبُونُ فَإِنَّهُ يُحَدُّ؛ لِأَنَّهُ حَقِيقَةٍ هُوَ صَاحِبُ الْعِلَّةِ فِي دُبُرِهِ، وَمَجَازًا هُوَ الَّذِي يَتَأَنَّثُ فِي كَلَامِهِ كَالنِّسَاءِ، وَلِذَا لَوْ كَانَ يَتَأَنَّثُ فِي كَلَامِهِ، فَلَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهِ، وَلَكِنْ يُؤَدَّبُ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا جَرَى الْعُرْفُ بِاسْتِعْمَالِ الْمَأْبُونِ فِيمَنْ يَتَأَنَّثُ، أَوْ فِيهِ، وَفِيمَنْ يُؤْتَى لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفَ حَيْثُ كَانَ لَا يَتَأَنَّثُ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهِ مَنْ يُؤْتَى أَمَّا لَوْ كَانَ الْعُرْفُ اسْتِعْمَالَهُ فِيمَنْ يُؤْتَى، فَإِنَّهُ يُحَدُّ، وَلَوْ تَأَنَّثَ، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ قَالَ لِآخَرَ: يَا ابْنَ النَّصْرَانِيِّ، أَوْ الْأَزْرَقِ، أَوْ الْأَعْوَرِ وَنَحْوِهِمْ وَلَيْسَ فِي آبَائِهِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ نَسَبَ أُمَّهُ لِلزِّنَا وَلَا فَرْقَ فِي الْمَقُولِ لَهُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْعَرَبِ أَمْ لَا، وَإِنْ كَانَ فِي آبَائِهِ مَنْ هُوَ كَذَلِكَ فَلَا حَدَّ، وَلَوْ قَالَ لَهُ: يَا ابْنَ الْحَائِكِ وَنَحْوَهُ مِنْ الصَّنَائِعِ؛ فَإِنْ كَانَ الْمَقُولُ لَهُ مِنْ الْعَرَبِ، فَيَفْصِلُ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ فِي آبَائِهِ كَذَلِكَ فَلَا حَدَّ، وَإِلَّا حُدَّ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الْعَرَبِ فَلَا حَدَّ مُطْلَقًا، وَكَذَلِكَ يُحَدُّ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ: يَا مُخَنَّثُ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِهَا، وَهُوَ التَّكَسُّرُ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ إنْ لَمْ يَحْلِفْ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ قَذْفَهُ، أَمَّا إنْ حَلَفَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ ظَاهِرٌ حَيْثُ لَمْ يَخُصَّهُ الْعُرْفُ بِمَنْ يُؤْتَى، وَإِلَّا حُدَّ وَلَوْ حَلَفَ

وَأَمَّا لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: يَا فَاسِقُ، أَوْ يَا فَاجِرُ، أَوْ يَا شَارِبَ الْخَمْرِ، أَوْ

ــ

[حاشية العدوي]

أَيْ: لِأَنَّهُ زَوْجُهَا وَقَوْلُهُ: فَالْحَدُّ لِزَوْجَتِهِ أَيْ: وَيُؤَدَّبُ لِلزَّوْجِ. (قَوْلُهُ: أَنْزَلَتْ الرُّكْبَانَ) مِنْ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّهُ يَقْرَأُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ مُنْزِلَةُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ النُّونِ وَكَسْرِ الزَّايِ. (قَوْلُهُ: فِي عُكَنِهَا) جَمْعُ عُكَنِهِ كَغُرَفٍ وَغُرْفَةٍ وَهِيَ طَيَّاتُ الْبَطْنِ.

قَوْلُهُ: (جِنْسًا) أَيْ: ذَا جِنْسٍ. قَوْلُهُ: (إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْعَرَبِ) شَرْطٌ فِيمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَمَا بَعْدَهَا فَإِنْ نَسَبَ وَاحِدًا مِنْهُمْ لِغَيْرِهِمْ حُدَّ وَلَوْ تَسَاوَيَا لَوْنًا، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ قَصَدَ بِقَوْلِهِ لِلْعَرَبِيِّ: يَا رُومِيُّ، أَوْ يَا بَرْبَرِيُّ فِي الْبَيَاضِ وَالسَّوَادِ فِي مُشَاتَمَةٍ أَمْ لَا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْمَنْسُوبُ لَهُ قَبِيلَةً أُخْرَى مِنْ الْعَرَبِ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي النَّقْلِ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ نَسَبَهُ لِأَعْلَى مِنْ قَبِيلَتِهِ فِي الشَّرَفِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ وُجُوهَ الْخَيْرِ كَثِيرَةٌ) فِي الدِّينِ وَالْخُلُقِ وَغَيْرِهِمَا وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ فِي الْكَلَامِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْخَيْرِيَّةُ فِي النَّسَبِ بِمَعْنَى أَنَّ نَسَبَهُ دُونَهُ فَيُحَدُّ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إنَّمَا نَفَى حَسَبَهُ) أَيْ: إنَّمَا نَفَى شَرَفَهُ وَهَذَا مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى نَفْيِ النَّسَبِ، وَإِلَّا حُدَّ وَيَجْرِي هَذَا فِي سَائِرِ الْمَسَائِلِ الَّتِي قِيلَ فِيهَا بِنَفْيِ الْحَدِّ.

(قَوْلُهُ: وَمَا قَارَبَهُمَا) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُقَارَبَةِ الثَّلَاثَةُ وَالْأَرْبَعَةُ

. (قَوْلُهُ: صَاحِبُ الْعِلَّةِ فِي دُبُرِهِ) أَيْ: الْأُبْنَةِ. (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ) أَيْ: فِي الْمَفْهُومِ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ كَانَ لَا يَتَأَنَّثُ) الصَّوَابُ إسْقَاطُ لَا. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِي آبَائِهِ إلَخْ) فَإِنْ ثَبَتَ وُجُودُ أَحَدِ آبَائِهِ كَذَلِكَ لَمْ يُحَدَّ الْقَائِلُ وَلَوْ جَهِلَ أَنَّ أَحَدَ أُصُولِهِ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْعَرَبِ أَوْ لَا) أَقُولُ لَا يَخْفَى أَنَّهُ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ لَا حَدَّ لِجَرَيَانِ الْعُرْفِ بِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ ذَلِكَ التَّشْدِيدُ، وَأَنَّ أَبَاهُ يُشْبِهُ النَّصَارَى. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الْعَرَبِ إلَخْ) وَجْهُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْعَرَبِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ تِلْكَ الصَّنَائِعَ يَفْعَلُهَا الْمَوَالِي كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ التَّكَسُّرُ بِالْقَوْلِ) أَيْ: بِأَنْ يَتَكَلَّمَ بِكَلَامِ النِّسَاءِ وَقَوْلُهُ: وَالْفِعْلُ بِأَنْ يُثْنِيَ مَعَاطِفَهُ كَالنِّسَاءِ، ثُمَّ أَقُولُ: قَضِيَّةُ كَوْنِ مَعْنَاهُ التَّكَسُّرَ الْمَذْكُورَ أَنَّهُ لَا حَدَّ، وَلَوْ لَمْ يَحْلِفْ. نَعَمْ لَوْ قَالَ: وَهُوَ يُطْلَقُ عَلَى التَّكَسُّرِ بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ وَالْإِتْيَانِ فِي الدُّبُرِ يُحَدُّ إنْ لَمْ يَحْلِفْ لَكَانَ لِذَلِكَ وَجْهٌ فَتَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ قَالَ

ص: 89

يَا ابْنَ الْفَاسِقَةِ، أَوْ يَا ابْنَ الْفَاجِرَةِ، أَوْ يَا آكِلَ الرِّبَا، أَوْ يَا حِمَارُ، أَوْ يَا ابْنَ الْحِمَارِ، أَوْ يَا خِنْزِيرُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ فِي ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ يُؤَدَّبُ مَنْ قَالَ لِآخَرَ: أَنَا عَفِيفٌ، أَوْ مَا أَنْتَ بِعَفِيفٍ، فَإِنْ قُلْتَ: فَمَا وَجْهُ عَدَمِ حَدِّهِ فِيمَا ذُكِرَ إنْ كَانَ فِي مُشَاتَمَةٍ؟ . قُلْت: لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَصِفْ الْعِفَّةَ لِلْفَرْجِ احْتَمَلَ الْعِفَّةَ فِي الْمَطْعَمِ وَغَيْرِهِ، فَلِذَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْحَدُّ إلَّا لِقَرِينَةٍ تَصْرِفُهُ لِلْفَرْجِ، ثُمَّ أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ هَذَا أَنَّ التَّعْرِيضَ بِمَا يُوجِبُ الْأَدَبَ كَالتَّصْرِيحِ، وَمَنْ قَالَ لِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ: أَنْتِ زَنَيْتِ فَقَالَتْ: بِكَ، أَيْ: زَنَيْت بِك فَإِنَّهَا تُحَدُّ حَدَّيْنِ حَدَّ الْقَذْفِ، وَحَدَّ الزِّنَا؛ لِتَصْدِيقِهَا عَلَيْهِ إلَّا أَنْ تَرْجِعَ عَنْ إقْرَارِهَا بِالزِّنَا؛ فَإِنَّهَا تُحَدُّ لِلْقَذْفِ فَقَطْ إلَّا أَنْ تَكُونَ أَرَادَتْ جَوَابَهُ، فَعَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ، وَلَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ: يَا زَانِي فَقَالَ: أَنْتَ أَزْنَى مِنِّي، فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى الْقَائِلِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ قَذَفَ غَيْرَ عَفِيفٍ، وَيُحَدُّ الثَّانِي لِلزِّنَا، وَالْقَذْفِ، وَمَا فِي تت مِنْ أَنَّ الْقَائِلَ الْأَوَّلَ يُحَدُّ أَيْضًا لَيْسَ بِظَاهِرٍ.

. (ص) وَلَهُ حَدُّ أَبِيهِ وَفُسِّقَ وَالْقِيَامُ بِهِ، وَإِنْ عَلِمَهُ مِنْ نَفْسِهِ كَوَارِثِهِ، وَإِنْ قُذِفَ بَعْدَ الْمَوْتِ مِنْ وَلَدٍ وَوَلَدِهِ، وَأَبٍ، وَأَبِيهِ، وَلِكُلٍّ الْقِيَامُ بِهِ، وَإِنْ حَصَلَ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ. (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَلَدَ إذَا تَرَتَّبَ لَهُ عَلَى أَبِيهِ حَدٌّ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحُدَّهُ، وَيَصِيرُ بِذَلِكَ فَاسِقًا، وَكَذَلِكَ إذَا وَجَبَ لَهُ قَبْلَ أَبِيهِ يَمِينٌ فَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَهُ، وَيَصِيرُ بِذَلِكَ فَاسِقًا، وَلَهُ تَرْكُ ذَلِكَ لَا يُقَالُ: إبَاحَةُ الْقِيَامِ تَقْتَضِي عَدَمَ الْمَعْصِيَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَا يَلْزَمُ مِنْ التَّفْسِيقِ كَوْنُهُ عَنْ مَعْصِيَةٍ لِحُصُولِهِ بِالْمُبَاحِ كَالْأَكْلِ فِي السُّوقِ، وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ هُنَا خِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ لِلِابْنِ حَدُّ أَبِيهِ، وَلَا تَحْلِيفُهُ وَلِلْمَقْذُوفِ أَنْ يَقُومَ بِحَقِّهِ، وَيُحَدَّ الْقَاذِفُ، وَإِنْ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّ مَا رَمَى بِهِ مِنْ زِنَا قَدْ صَدَرَ مِنْهُ قَالَ فِيهَا: حَلَالٌ لَهُ أَنْ يَحُدَّهُ؛ لِأَنَّهُ أَفْسَدَ عِرْضَهُ، وَلَيْسَ لِلْقَاذِفِ أَنْ يُحَلِّفَ الْمَقْذُوفَ أَنَّهُ لَيْسَ بِزَانٍ انْتَهَى، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِلْوَارِثِ أَنْ يَقُومَ بِحَدِّ مُوَرِّثِهِ إذَا مَاتَ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ، وَلَمْ يُوصِ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ غَيْرَ وَارِثِهِ أَنْ يَقُومَ بِهِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَصْدُرَ الْقَذْفُ قَبْلَ مَوْتِ الْمَقْذُوفِ، أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ، قَالَ فِيهَا: وَمَنْ قَذَفَ مَيِّتًا فَلِوَلَدِهِ وَإِنْ سَفَلَ، وَلِأَبِيهِ وَإِنْ عَلَا الْقِيَامُ بِذَلِكَ، وَمَنْ قَامَ مِنْهُمْ أَخَذَهُ بِحَدِّهِ، وَإِنْ كَانَ ثَمَّ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ عَيْبٌ يَلْزَمُهُمْ، وَلِلْمَقْذُوفِ أَنْ يُؤَخِّرَ حَدَّ الْقَاذِفِ إلَى غَيْرِ هَذَا الْوَقْتِ، وَيَقُومُ بِهِ مَتَى شَاءَ إنْ رَضِيَ الْقَاذِفُ بِذَلِكَ، وَالْمُرَادُ بِالْوَارِثِ مَنْ يَسْتَحِقُّ الْمِيرَاثَ لَا مَنْ يَرِثُ بِالْفِعْلِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَلِكُلٍّ الْقِيَامُ بِهِ، وَإِنْ حَصَلَ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَمَعْنَى حَصَلَ وُجِدَ

. (ص) وَالْعَفْوُ قَبْلَ الْإِمَامِ، أَوْ بَعْدَهُ إنْ أَرَادَ سَتْرًا. (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَقْذُوفِ أَنْ يَعْفُوَ عَمَّنْ

ــ

[حاشية العدوي]

قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ يَا فَاسِقُ) أَيْ: لِأَنَّ الْفِسْقَ الْخُرُوجُ عَنْ الطَّاعَةِ فَلَيْسَ نَصًّا فِي الزِّنَا أَقُولُ: هَذَا إذَا لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ بِأَنَّ لَفْظَ الْفِسْقَ يَكُونُ فِي الزِّنَا أَوْ اللِّوَاطِ، وَإِلَّا حُدَّ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ: يَا ابْنَ الْفَاسِقَةِ. (قَوْلُهُ: فَلِذَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْحَدُّ إلَخْ) أَقُولُ: قَضِيَّةُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُقَالُ: لَمَّا احْتَمَلَ الْعِفَّةَ فِي الْمَطْعَمِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يُحَدُّ إنْ لَمْ يَحْلِفْ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ قَذْفَهُ فَإِنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ قَذْفَهُ فَلَا حَدَّ نَعَمْ يُؤَدَّبُ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَنَّهُ يُفْهَمُ إلَخْ) أَيْ: يُفْهَمُ مِنْ مَسْأَلَةِ أَنَا عَفِيفٌ.

(قَوْلُهُ: لِامْرَأَةِ أَجْنَبِيَّةٍ) أَيْ: وَأَمَّا الزَّوْجَةُ فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا بِحَالٍ وَكَذَا لَا حَدَّ عَلَى الزَّوْجِ؛ لِأَنَّا نَحْمِلُ الزِّنَا عَلَى غَيْرِ حَقِيقَتِهِ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَكُونَ أَرَادَتْ جَوَابَهُ) أَيْ: إلَّا أَنْ تَقُولَ مَا أَرَدْتُ ذَلِكَ إلَّا عَلَى سَبِيلِ الْمُجَاوَبَةِ. (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ) أَيْ: وَلَا حَدَّ عَلَيْهَا أَصْلًا. (قَوْلُهُ: لَا حَدَّ عَلَى الْقَائِلِ الْأَوَّلِ إلَخْ) مَا قَالَهُ تت مِنْ حَدِّهِمَا مَعًا هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَنَحَا إلَيْهِ أَصْبَغُ وَقَالَهُ رَبِيعَةُ وَعَدَمُ حَدِّ الْأَوَّلِ إنَّمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ عَاتٍ وَهُوَ خَارِجَ الْمَذْهَبِ

. (قَوْلُهُ: وَلَهُ حَدُّ أَبِيهِ) أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْأُمَّ وَهَلْ أَرَادَ الْأَبَ دَنِيَّةً فَغَيْرُهُ بِالْأَوْلَى أَوْ الْجِنْسَ فَيَتَنَاوَلُ الْأَبَوَيْنِ وَالْجَدَّ لِأَبٍ أَوْ أُمٍّ؟ . كُلٌّ صَحِيحٌ. (قَوْلُهُ: وَفُسِّقَ) أَيْ: حُكِمَ بِعَدَمِ قَبُولِ شَهَادَتِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ ارْتِكَابَ الْمَعْصِيَةِ وَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ جَوَابِ الشَّارِحِ الْآتِي. (قَوْلُهُ: مِنْ وَلَدٍ وَوَلَدِهِ) أَيْ: وَإِنْ سَفَلَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَقَوْلُهُ: وَأَبٍ ذَكَرَ وَأَبِيهِ وَإِنْ عَلَا فَإِنْ عَدِمَ مَنْ ذُكِرَ قَامَ بِهِ غَيْرُهُمْ مِنْ الْإِخْوَةِ وَبَاقِي الْوَرَثَةِ، وَقَوْلُهُ: كَوَارِثِهِ أَيْ: مَا حَقُّهُ أَنْ يَكُونَ وَارِثًا وَإِنْ قَامَ بِهِ مَانِعُهُ مِنْ رِقٍّ أَوْ كُفْرٍ أَوْ قَتْلٍ هَذَا مَا أَفَادَهُ شُرَّاحُهُ وَنَذْكُرُ لَك نَصَّ الْمُدَوَّنَةِ لِتَعْلَمَ بِهِ الصَّوَابَ، وَأَنَّ مَا عَدَاهُ مِمَّا يُخَالِفُهُ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ. قَالَ فِيهَا: مَنْ قَذَفَ مَيِّتًا كَانَ لِوَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ وَلِأَبِيهِ وَلِجَدِّهِ لِأَبِيهِ أَنْ يَقُومُوا بِذَلِكَ مَنْ قَامَ بِذَلِكَ أَخَذَهُ يَحُدُّهُ وَإِنْ كَانَ ثَمَّ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ عَيْبٌ يَلْزَمُهُمْ وَلَيْسَ لِلْإِخْوَةِ وَسَائِرِ الْعَصَبَةِ قِيَامٌ مَعَ هَؤُلَاءِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ هَؤُلَاءِ أَحَدٌ فَلِلْعَصَبَةِ الْقِيَامُ وَلِلْأَخَوَاتِ وَالْجَدَّاتِ الْقِيَامُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِهَذَا الْمَقْذُوفِ وَارِثٌ فَلَيْسَ لِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَقُومَ بِحَدِّهِ

وَأَمَّا الْغَائِبُ فَلَيْسَ لِوَلَدِهِ وَلَا لِغَيْرِهِ الْقِيَامُ بِقَذْفِهِ إلَّا أَنْ يَمُوتَ وَإِنْ مَاتَ وَلَا وَارِثَ لَهُ فَأَوْصَى بِالْقِيَامِ بِقَذْفِهِ فَلِوَصِيِّهِ الْقِيَامُ بِهِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَيْسَ لِلِابْنِ حَدُّ أَبِيهِ وَلَا تَحْلِيفُهُ) هَلْ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ قَاصِرٌ عَلَى الْأَبِ دِنْيَةً وَالْأُمُّ دِنْيَةً أَوْ لَا لِيَشْمَلَ الْأَجْدَادَ وَالْجَدَّاتِ مَثَلًا؟ ، وَهُوَ الظَّاهِرُ وَحَرِّرْهُ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِلْقَاذِفِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ لَهُ الْقِيَامَ وَلَوْ عَلِمَ بِأَنَّ الْقَاذِفَ رَآهُ يَزْنِي؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالسَّتْرِ عَلَى نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ عَفِيفٌ فِي الظَّاهِرِ. (قَوْلُهُ: وَيَقُومُ بِهِ مَتَى شَاءَ إلَخْ) أَيْ: مَا لَمْ يَسْكُتْ مُدَّةً يَرَى أَنَّهُ تَرَكَ الْحَقَّ فِيهَا فَلَوْ قَذَفَ غَائِبًا عِنْدَ حَاكِمٍ مَعَ شُهُودٍ فَهَلْ يَحُدُّهُ أَوْ يَنْظُرُ قُدُومَهُ؟ . قَوْلَانِ (قَوْلُهُ: إنْ رَضِيَ الْقَاذِفُ بِذَلِكَ) فَإِنْ لَمْ يَرْضَ فَلَيْسَ لَهُ التَّأْخِيرُ

. (قَوْلُهُ: وَالْعَفْوُ قَبْلَ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ قَبْلَ بُلُوغِ الْإِمَامِ حَقُّ مَخْلُوقٍ وَبَعْدَهُ حَقُّ خَالِقٍ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ حَقٌّ لِلْخَالِقِ فَلَا عَفْوَ وَلَوْ قَبْلَ الْبُلُوغِ، وَلَا يَجُوزُ الْعَفْوُ عَنْ الْقَاذِفِ عَلَى مَالٍ يَأْخُذُهُ الْمَقْذُوفُ صُلْحًا؛ لِأَنَّهُ أَخْذُ مَالٍ عَنْ الْعِرْضِ، وَيُرَدُّ وَلَا شُفْعَةَ إنْ كَانَ عَلَى شِقْصٍ

ص: 90