الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَوَائدٌ مُهِمَةٌ:
• أَكْثرُ أَهْلِ العِلم عَلَى أَنْ مَرَاسِيلَ صِغَار التَّابِعِين مُعْضَلة فَهُم لَمْ يَسْمَعُوا مِن الصَّحَابةِ إلا القَلِيل النَّادر، وغَالب الإرسال يكون لِتَحْصِيل عُلُوّ الإسْنَاد.
• يمكن تسمية حديث واحد مُرْسَلاً ومُعْضَلاً، وصورة ذلك أَنْ يَرْوِي تَابِعيّ حَدِيثًا عَن رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَهَذَا مُرْسَلٌ وبالتَّتبعِ يَتَبين أَنَّ التَّابِعي أَسْقَطَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم رَجُلين أو أكثر أو صحابيَّين فيكون مُعْضَلاً كَذَلِكَ.
• إذا سقط وَاحِدٌ بَين رجلَيْنِ، ثمَّ سَقَط آخر فِي مَوضِعٍ ثانٍ من الإسْنَادِ فَهُوَ مُنْقَطع فِي موضِعين وليس مُعْضَلاً.
الحدِيثُ الْمُدَلَّسُ:
ثم انتقل النَّاظمُ رحمه الله إلى مَبْحَثٍ آخَر مِن أَنْواعِ الحديثِ الضَّعِيف فَقَالَ:
.................... ومَا أَتى مُدلَّسًا نَوعَانِ
19 -
الأَوَّلُ: الاسْقَاطُ لِلشَّيْخِ وَأَنْ
…
يَنْقُلَ عَمَّنْ فَوْقَهُ بِعَنْ وَأَنْ
20 -
والثَّانِ: لَا يُسْقِطُهُ لَكِنْ يَصِفْ
…
أَوْصَافَهُ بِمَا بِهِ لَا يَنْعَرِفْ
قَولُهُ: ومَا أتى مُدَلَّسًا بِفَتْح اللام الْمُشَدّدَة وهو فِي اللغَةِ مِنَ الدَلَسِ ومَعْنَاه اخْتِلاط الظَّلام بِالنُّورِ، ويأتي بمعنَى الخفاء (1)، وفِي الاصطلاح: هُوَ نَوعَان: النَّوْعُ الأَوَّلُ تَدْلِيس الإسْنَادِ: وهو الإسْقَاطُ لِلشَّيْخِ وَأَنْ يَنْقُلُ عَمَّنْ فَوْقَهُ أَيِّ أَنْ يَرْوِيَ الرَّاوِي روايَتَه بِصيغَةٍ مُحْتَمِلَةٍ - بِعَنْ وَأَنْ - تُوهِمُ أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ شَيْخِه وَهُو لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ، بل سَمِعَ منه بِوَاسِطِةِ شيخٍ آخر أَسْقَطهُ. وقد فَصَّل أَهْل
(1) لسان العرب، لابن منظور الأنصاريّ الإفريقيّ، (6/ 7).
الحديث في رواية الْمُدَلِّس: فإذا صَرَّحَ فِي الرِّواية بالسماع قُبِل؛ وإذا لم يُصَرّح بالتَّحدِيثِ وأتى فيه بلفظ مُحْتَمَلٍ مثل: "عَنْ" أو "قَالَ" أو "أَنْ"، فلا يُقْبَل.
ومثاله: مَا أَخْرَجَه أَبُو دَاوُدَ فِي السنن فَقَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ قَالَتْ: كَانَ بَيْتِي مِنْ أَطْوَلِ بَيْتٍ حَوْلَ الْمَسْجِدِ وَكَانَ بِلالٌ يُؤَذِّنُ عَلَيْهِ الْفَجْرَ فَيَاتِي بِسَحَرٍ فَيَجْلِسُ عَلَى الْبَيْتِ يَنْظُرُ إِلَى الْفَجْرِ، فَإِذَا رَآهُ تَمَطَّى
…
الحديث. (1)، الإسناد فيه مُحَمَّد بْن إِسْحَاقَ وهو مُدَلِّس وَصَفَهُ بِذَلكَ جَمَاعةٌ من
نقاد الحديث، ولَمْ يُصَرِّح هنا ابْنُ إِسْحَاقَ بالسَّماع ممن فوقه فِي الإسنادِ وهو مُحَمَّد بْن جَعْفَرِ، فلا يُقْبل حتَى يُصَرِّح بالتَّحدِيث مِنْ شَيخِهِ.
وأمَّا النَّوْعُ الثَّانِي تَدْلِيس الشُّيوخِ أو الأسْمَاءِ: وهو أَنَّ الرَّاوي الْمُدَلِّس لَا يُسْقِطُهُ أَيِّ يَعْنِي شيخه؛ لَكِنْ يَصِفْ أَوْصَافَهُ بِمَا بِهِ لَا يَنْعَرِفْ، أَيِّ أَنَّ الرَّاوي يَصِف شَيخه بأوصافٍ لم يُشْتَهر بِهِا مِنْ اسمه أو كُنْيَتِه أو نَسَبِه أَو لقبه، والمقصود من ذلك إيهام السَّامع أَنَّ الشَّيخ الذي يَرْوِي عَنْهُ غير المعروف لدى السَّامِع فَيُظَن التَّعَدُّد والتَّكثّر ولا تَعَدُّد، ومثاله: رَوَى ابنُ جريجٍ - وهو مُدَلِّس - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَحْيَى الأَسْلَمِيّ وهو ضَعِيف جِدًا، فَكَان يَقُولُ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بنُ أَبِي عَطَاءٍ! وأَبُو عَطَاء جَده. ومن تدليس الأسماء تدليس البُلدان كذلك، مِثل أَنْ يَقُولَ الرَّاوي حَدَّثَنِي فُلانٌ بالْمَدِينةِ وهو يَعْنِي الْمَدِينةَ التي يَسْكُن فِيهَا.
فائدةٌ دَقِيقةٌ:
لَمْ يَذْكُر النَّاظم الْمُرسَل الْخَفِيّ، وهو: أَنْ يَرْوِي الرَّاوي عَمَّن عَاصَرهُ أو لَقِيهُ ولَمْ يَسْمعْ منه، ومثاله: رواية قَتَادَةَ عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عُمَر رضي الله عنهم، وَقَتَادَةُ بْنُ
(1) السنن، لأبِي دَاودَ، كِتَاب الصَّلاةِ، بَابُ الأَذَانِ فَوْقَ الْمَنَارَةِ، (1/ 143)، برقم (519).