الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
32 -
وَالكَذِبُ المُخْتَلَقُ الْمَصْنُوعُ
…
عَلَى النَّبِي فَذلِكَ الموْضُوعُ
قَوْلُهُ: وَالْكَذِبُ أَي والْحَدِيث الْمَكْذُوب عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، الْمُخْتَلَقُ أَي الْمُفْتَرى عَلَيْهِ عَمْدًا الْمَصْنُوعُ مُرَادف للمُخْتَلَقِ عَلَى النَّبِيِّ، فَذلِكَ الموْضُوعُ أي هَذَا الحديث الموْضُوعُ عند أَهْلِ الفَنِ، وَيعرف الْوَضع بِأُمُور مِنْهَا إقرار قَائِله وَرَكَاكة أَلْفَاظه إِذْ أَلْفَاظ النُّبُوَّة لَهَا رونق وَنور وبلاغة، وَسَبَبُ الْوَضعِ إِمَّا عدم الدِّين كالزنادقة فقد قيل إِنَّهُم وضعُوا آلاف الأحاديث، أَوكان انتصارًا لِمَذْهَبٍ، أَو إتِّبَاع لهوى بعض الرُّؤسَاء أَو غَلَبَة الْجَهْل احتسابا لِلأجرِ عَلَى زَعم من اعتقد ذلك كَمَا روى الحاكمُ النِيسَابُورِيُّ بِسَنَدِهِ:"عَنْ أَبِي عَمَّارٍ الْمَرْوَزِيَّ يَقُولُ: قِيلَ لأَبِي عِصْمَةَ مِنْ أَيْنَ لَكَ عِنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ سُورَةٍ سُورَةٍ وَلَيْسَ عِنْدَ أَصْحَابِ عِكْرِمَةَ هَذَا؟ فَقَالَ إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ النَّاسَ قَدْ أَعْرَضُوا عَنِ الْقُرْآنِ وَاشْتَغَلُوا بِفِقْهِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَغَازِي مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ فَوَضَعْتُ هَذَا الْحَدِيثَ حسبة". (1)، وَقَد أَجْمَعَ أَهْلُ العِلْمِ عَلَى أَنَّ ذَلكَ كَبِيرةٌ مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ، لِقولِ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ، مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ
مُتَعَمِّدًا، فَلْيَتَبَوَّا مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ». (2)
الخَاتِمة:
ثم خَتم النَّاظمُ رحمه الله الْمَنْظُومةَ بهذه الأبياتِ الْجَمِيلةِ:
33 -
وَقَدْ أَتَتْ كَالجَوْهَرِ المَكْنُونِ
…
سَمَّيْتُهَا مَنْظُومَةَ البَيْقُوني
34 -
فَوْقَ الثَّلاثيَن بأرْبَعٍ أتَت
…
أقْسامُهَا تَمَّتْ بِخَيْرٍ خُتِمَتْ
(1) المدخل إلى كتاب الإكليل، لأبي عبد الله الحاكم، طبعة الدعوة، الإسكندرية (ص 54).
(2)
متفق عليه، الجامع الصحيح للبُخَاريّ، كِتَابُ الجَنَائِزِ، بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ النِّيَاحَةِ عَلَى المَيِّتِ، (2/ 80) برقم (1291)، والجامع الصحيح لمسلم، المقدمة، بَابُ فِي التَّحْذِيرِ مِنَ الْكَذِبِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، (1/ 10)، برقم (4).
شَبَّه النَّاظمُ رحمه الله هَذِهِ الْمَنْظُومَة بالْجَوْهَرِ النَّفيس الْمَكْنُونِ أي المحفوظ في وعاء، ثم قَالَ: سميَّتُها منظومة البَيْقُونِي، أي سمَّاها كذلك، وقَوْلُهُ: فَوْقَ الثَّلاثيَن بأرْبَعٍ أتَت: أي عدد أبياتها أربع وثلاثين بيتًا. وقَوْلُهُ: أقْسامُهَا تَمَّتْ بِخَيْرٍ خُتِمَتْ: أي خُتِمَتْ بالصَّلاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ خَيْرُ مَا يُخْتَمُ به الأَشْياء. وَنَحْنُ نَخْتِمُ هَذِهِ الْمَنْظُومَة بِالدُّعاءِ للنَّاظمِ بَأَنْ يَغْفِر لَهُ ذنوبه، وأَنْ يَجْزِيهُ خَيْرَ الْجَزاء عَلَى مَا حَفِظَ لنَا مِن سُنِّةِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، وأَنْ يَرْفَعَ دَرَجَاته، وأَنْ يُعِلي قَدْرَهُ، وأَنْ يُسْكِنَهُ الفِرْدَوسَ الأَعْلَى، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَارْزُقْنَا وَعَافِنَا وَاعْفُ عنَّا وَأَصْلِحْ لَنَا شَانَنَا كلَّه، واغْفِرْ لِمَشَايِخنا وَلِمَنْ لَهُم فَضْلٌ عَلَينَا، وَلِلمِسْلِمِينَ كَافَّةً، ولا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ العَليِّ العَظِيمِ. رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا.
تم بحمد الله.