الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ يَرْوُونَهُ عَنْ شُعْبَةَ مَوْقُوفًا وَلَمْ يَرْفَعْهُ عَنْهُ غَيْرُ عَبْدِ الصَّمَدِ قُلْتُ وَلَا يَضُرُّ هَذَا عَلَى الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ الْمُخْتَارِ وَهُوَ إِذَا رَوَى الْحَدِيثَ بَعْضُ الرُّوَاةِ مَوْقُوفًا وَبَعْضُهُمْ مَرْفُوعًا أَوْ بَعْضُهُمْ مُتَّصِلًا وَبَعْضُهُمْ مُرْسَلًا فَإِنَّ الْحُكْمَ لِلرَّفْعِ وَالْوَصْلِ وَقِيلَ لِلْوَقْفِ وَالْإِرْسَالِ وَقِيلَ يُعْتَبَرُ الْأَحْفَظُ وَقِيلَ الْأَكْثَرُ وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ وَمَعَ هَذَا فَمُسْلِمٌ رحمه الله لَمْ يَذْكُرْ هَذَا الْإِسْنَادَ مُعْتَمِدًا عَلَيْهِ إِنَّمَا ذَكَرَهُ مُتَابَعَةً وَقَدْ تَكَلَّمْنَا قَرِيبًا عَلَى نَحْوِ هَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
(باب بَيَانِ غِلَظِ تَحْرِيمِ النَّمِيمَةِ
[105]
فِي رِوَايَةٍ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ
نَمَّامٌ وَفِي أُخْرَى قَتَّاتٌ وَهُوَ مِثْلُ الْأَوَّلِ فَالْقَتَّاتُ هُوَ النَّمَامُ وَهُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ التَّاءِ الْمُثَنَّاةِ مِنْ فوق قال الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ يُقَالُ نَمَّ الْحَدِيثَ يَنُمِّهُ وَيَنِمُّهُ بِكَسْرِ النُّونِ وَضَمِّهَا نَمًّا وَالرَّجُلُ نَمَّامٌ وَنَمٌّ وَقَتَّهُ يَقُتُّهُ بِضَمِّ الْقَافِ قَتًّا قَالَ الْعُلَمَاءُ النَّمِيمَةُ نَقْلُ كَلَامِ النَّاسِ بَعْضِهِمْ إِلَى بَعْضٍ عَلَى جِهَةِ الْإِفْسَادِ بَيْنَهُمْ قَالَ الْإِمَامُ أَبُو حَامِدٍ الْغَزَالِيُّ رحمه الله فِي الْإِحْيَاءِ اعْلَمْ أَنَّ النَّمِيمَةَ إِنَّمَا تُطْلَقُ فِي الْأَكْثَرِ عَلَى مَنْ يَنِمَّ قَوْلَ الْغَيْرِ إِلَى الْمَقُولِ فِيهِ كَمَا تَقُولُ فُلَانٌ يَتَكَلَّمُ فِيكَ بِكَذَا قَالَ وَلَيْسَتِ النَّمِيمَةُ مَخْصُوصَةٌ بِهَذَا بَلْ حَدُّ النَّمِيمَةِ كَشْفُ مَا يُكْرَهُ كَشْفُهُ سَوَاءٌ كَرِهَهُ الْمَنْقُولُ)
عَنْهُ أَوِ الْمَنْقُولُ إِلَيْهِ أَوْ ثَالِثٌ وَسَوَاءٌ كان الكشف بالنكاية أَوْ بِالرَّمْزِ أَوْ بِالْإِيمَاءِ فَحَقِيقَةُ النَّمِيمَةِ إِفْشَاءُ السِّرِّ وَهَتْكُ السِّتْرِ عَمَّا يُكْرَهُ كَشْفُهُ فَلَوْ رَآهُ يُخْفِي مَالًا لِنَفْسِهِ فَذَكَرَهُ فَهُوَ نَمِيمَةٌ قَالَ وَكُلُّ مَنْ حُمِلَتْ إِلَيْهِ نَمِيمَةٌ وَقِيلَ لَهُ فُلَانٌ يَقُولُ فِيكَ أَوْ يَفْعَلُ فِيكَ كذا فعليه ستة أمور الأول أن لا يُصَدِّقَهُ لِأَنَّ النَّمَّامَ فَاسِقٌ الثَّانِي أَنْ يَنْهَاهُ عَنْ ذَلِكَ وَيَنْصَحَهُ وَيُقَبِّحَ لَهُ فِعْلَهُ الثَّالِثُ أَنْ يُبْغِضَهُ فِي اللَّهِ تَعَالَى فَإِنَّهُ بَغِيضٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى وَيَجِبُ بُغْضُ مَنْ أَبْغَضَهُ الله تعالى الرابع أن لا يظن بأخيه الغائب السوء الخامس أن لا يَحْمِلَهُ مَا حُكِيَ لَهُ عَلَى التَّجَسُّسِ وَالْبَحْثِ عن ذلك السادس أن لا يَرْضَى لِنَفْسِهِ مَا نُهِيَ النَّمَّامُ عَنْهُ فَلَا يَحْكِي نَمِيمَتَهُ عَنْهُ فَيَقُولُ فُلَانٌ حَكَى كَذَا فَيَصِيرُ بِهِ نَمَّامًا وَيَكُونُ آتِيًا مَا نُهِيَ عَنْهُ هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْغَزَالِيِّ رحمه الله وَكُلُّ هَذَا الْمَذْكُورِ فِي النَّمِيمَةِ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا مَصْلَحَةٌ شَرْعِيَّةٌ فَإِنْ دَعَتْ حَاجَةٌ إِلَيْهَا فَلَا مَنْعَ مِنْهَا وَذَلِكَ كَمَا إِذَا أَخْبَرَهُ بِأَنَّ إِنْسَانًا يُرِيدُ الْفَتْكَ بِهِ أَوْ بأهله أو بماله أو أخبر الامام أومن لَهُ وِلَايَةٌ بِأَنَّ إِنْسَانًا يَفْعَلُ كَذَا وَيَسْعَى بِمَا فِيهِ مَفْسَدَةٌ وَيَجِبُ عَلَى صَاحِبِ الْوِلَايَةِ الْكَشْفُ عَنْ ذَلِكَ وَإِزَالَتُهُ فَكُلُّ هَذَا وَمَا أشبهه لَيْسَ بِحَرَامٍ وَقَدْ يَكُونُ بَعْضُهُ وَاجِبًا وَبَعْضُهُ مُسْتَحَبًّا عَلَى حَسَبِ الْمَوَاطِنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي الْإِسْنَادِ فَرُّوخُ وَهُوَ غَيْرُ مَصْرُوفٍ تَقَدَّمَ مَرَّاتٍ وفيه الضبعى بضم الضاد المعجمة وفتح الوحدة وَقَوْلُهُ فِي الْإِسْنَادِ الْأَخِيرِ (حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بن أبي شيبة إلى آخره) كلهم كوفيون الا حذيفة بن اليمان فانه استوطن المداين وأما قوله صلى الله عليه وسلم (لايدخل الْجَنَّةَ نَمَّامٌ) فَفِيهِ التَّأْوِيلَانِ الْمُتَقَدِّمَانِ فِي نَظَائِرِهِ أَحَدُهُمَا يُحْمَلُ عَلَى الْمُسْتَحِلِّ بِغَيْرِ تَأْوِيلٍ مَعَ الْعِلْمِ بِالتَّحْرِيمِ وَالثَّانِي لَا يَدْخُلُهَا دُخُولَ الْفَائِزِينَ والله أعلم
باب بيان غلط تَحْرِيمِ إِسْبَالِ الْإِزَارِ وَالْمَنِّ بِالْعَطِيَّةِ (وَتَنْفِيقِ السِّلْعَةِ بالحلف وبيان الثلاثة الذين لايكلمهم الله يوم القيامة)(ولا ينظر إليهم ولا يُزَكِّيهِمِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)
[106]
فِيهِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ قَالَ فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَ مَرَّاتٍ الْمُسْبِلُ وَالْمَنَّانُ وَالْمُنْفِقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ) وَفِي رِوَايَةٍ (الْمَنَّانُ الَّذِي لَا يُعْطِي شَيْئًا إِلَّا مَنَّهُ وَالْمُسْبِلُ إِزَارَهُ) وَفِي
[107]
رِوَايَةٍ (شَيْخٌ زَانٍ وَمَلِكٌ كَذَّابٌ وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ) وَفِي رِوَايَةٍ
[108]
(رَجُلٌ عَلَى فَضْلِ مَاءٍ بِالْفَلَاةِ يمنعه من بن السَّبِيلِ وَرَجُلٌ بَايَعَ رَجُلًا بِسِلْعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ فَحَلَفَ لَهُ بِاللَّهِ لَأَخَذَهَا بِكَذَا وَكَذَا فَصَدَّقَهُ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَامًا لَا يُبَايِعُهُ إِلَّا لِدُنْيَا فَإِنْ أَعْطَاهُ مِنْهَا وَفَى وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ مِنْهَا لَمْ يَفِ) أَمَّا أَلْفَاظُ أَسْمَاءِ الْبَابِ فَفِيهِ عَلِيُّ بْنُ مُدْرِكٍ بِضَمِّ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَفِيهِ خَرَشَةُ بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ ثُمَّ رَاءٍ مَفْتُوحَتَيْنِ ثُمَّ شِينٍ مُعْجَمَةٍ وَفِيهِ أَبُو زُرْعَةَ وهو بن عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ وَتَقَدَّمَ مَرَّاتٍ الْخِلَافُ فِي اسمه وأن الاشهر فيه هرم وفيه أَبُو حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ هُوَ أَبُو حازم سلمان الاغر مولى عزة وفيه أَبُو صَالِحٍ وَهُوَ ذَكْوَانُ تَقَدَّمَ وَفِيهِ سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو الْأَشْعَثِيُّ هُوَ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ مَنْسُوبٌ إِلَى جَدِّهِ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ الْكِنْدِيِّ فَإِنَّهُ سَعِيدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَهْلِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الاشعت بْنِ قَيْسٍ الْكِنْدِيُّ وَفِيهِ عَبْثَرٌ هُوَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَبَعْدَهَا بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ ثَاءٌ مُثَلَّثَةٌ وَأَمَّا أَلْفَاظُ اللُّغَةِ وَنَحْوُهَا فَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلَا يُزَكِّيهِمْ هُوَ عَلَى لفظ الآية
الْكَرِيمَةِ قِيلَ مَعْنَى لَا يُكَلِّمُهُمْ أَيْ لَا يكلمهم تكليم أهل الخيرات وباظهار الرضى بَلْ بِكَلَامِ أَهْلِ السُّخْطِ وَالْغَضَبِ وَقِيلَ الْمُرَادُ الْإِعْرَاضُ عَنْهُمْ وَقَالَ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ لَا يُكَلِّمُهُمْ كَلَامًا يَنْفَعُهُمْ وَيَسُرُّهُمْ وَقِيلَ لَا يُرْسِلُ إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ بِالتَّحِيَّةِ وَمَعْنَى لَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ أَيْ يُعْرِضْ عَنْهُمْ وَنَظَرُهُ سبحانه وتعالى لِعِبَادِهِ رَحْمَتُهُ وَلُطْفُهُ بِهِمْ وَمَعْنَى لَا يُزَكِّيهِمْ لَا يُطَهِّرُهُمْ مِنْ دَنَسِ ذُنُوبِهِمْ وَقَالَ الزَّجَّاجُ وَغَيْرُهُ مَعْنَاهُ لَا يُثْنِي عَلَيْهِمْ وَمَعْنَى عَذَابٌ أَلِيمٌ مُؤْلِمٌ قَالَ الْوَاحِدِيُّ هُوَ الْعَذَابُ الَّذِي يَخْلُصُ إِلَى قُلُوبِهِمْ وَجَعُهُ قَالَ وَالْعَذَابُ كُلُّ مَا يُعْيِي الْإِنْسَانَ وَيَشُقُّ عَلَيْهِ قَالَ وَأَصْلُ الْعَذَابِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مِنَ الْعَذْبِ وَهُوَ الْمَنْعُ يُقَالُ عَذَبْتُهُ عَذْبًا إِذَا مَنَعْتُهُ وَعَذُبَ عُذُوبًا أَيِ امْتَنَعَ وَسُمِّيَ الْمَاءُ عَذْبًا لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْعَطَشَ فَسُمِّيَ الْعَذَابُ عَذَابًا لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الْمُعَاقَبَ مِنْ مُعَاوَدَةِ مِثْلِ جُرْمِهِ وَيَمْنَعُ غَيْرَهُ مِنْ مِثْلِ فِعْلِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم الْمُسْبِلُ إِزَارَهُ فَمَعْنَاهُ الْمُرْخِي لَهُ الْجَارُّ طَرَفَهُ خُيَلَاءً كَمَا جَاءَ مُفَسَّرًا فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى مَنْ يَجُرُّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ وَالْخُيَلَاءُ الْكِبْرُ وَهَذَا التَّقْيِيدُ بِالْجَرِّ خُيَلَاءَ يُخَصِّصُ عُمُومَ الْمُسْبِلِ إِزَارَهُ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَعِيدِ مَنْ جَرَّهُ خُيَلَاءَ وَقَدْ رَخَّصَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ لِأَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه وَقَالَ لَسْتَ مِنْهُمْ إِذْ كَانَ جَرُّهُ لِغَيْرِ الْخُيَلَاءِ وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ وَذَكَرَ إِسْبَالَ الْإِزَارِ وَحْدَهُ لِأَنَّهُ كَانَ عَامَّةَ لِبَاسِهِمْ وَحُكْمُ غَيْرِهِ مِنْ الْقَمِيصِ وَغَيْرِهِ حُكْمُهُ قُلْتُ وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ مُبَيَّنًا مَنْصُوصًا عَلَيْهِ مِنْ كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ رِوَايَةِ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنهم عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ الْإِسْبَالُ فِي الْإِزَارِ وَالْقَمِيصِ وَالْعِمَامَةِ مَنْ جَرَّ شَيْئًا خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ والنسائى وبن ماجه باسناد حسن وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم الْمُنْفِقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْفَاجِرِ فَهُوَ بِمَعْنَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ وَيُقَالُ الْحَلِفُ بِكَسْرِ اللام واسكانها وممن ذكر الاسكان بن السِّكِّيتِ فِي أَوَّلِ إِصْلَاحِ الْمَنْطِقِ وَأَمَّا الْفَلَاةُ بِفَتْحِ الْفَاءِ فَهِيَ الْمَفَازَةُ وَالْقَفْرُ
الَّتِي لَا أَنِيسَ بِهَا وَأَمَّا تَخْصِيصُهُ صلى الله عليه وسلم فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى الشَّيْخَ الزَّانِي وَالْمَلِكَ الْكَذَّابَ وَالْعَائِلَ الْمُسْتَكْبِرَ بِالْوَعِيدِ الْمَذْكُورِ فَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ سَبَبُهُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْتَزَمَ الْمَعْصِيَةَ الْمَذْكُورَةَ مَعَ بُعْدِهَا مِنْهُ وَعَدَمِ ضَرُورَتِهِ إِلَيْهَا وَضَعْفِ دَوَاعِيهَا عِنْدَهُ وَإِنْ كَانَ لَا يُعْذَرُ أَحَدٌ بِذَنْبٍ لَكِنْ لَمَّا لَمْ يَكُنْ إِلَى هَذِهِ الْمَعَاصِي ضَرُورَةٌ مُزْعِجَةٌ ولا دواعى متعادة أَشْبَهَ إِقْدَامُهُمْ عَلَيْهَا الْمُعَانَدَةَ وَالِاسْتِخْفَافَ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَقَصْدَ مَعْصِيَتِهِ لَا لِحَاجَةٍ غَيْرِهَا فَإِنَّ الشَّيْخَ لِكَمَالِ عَقْلِهِ وَتَمَامِ مَعْرِفَتِهِ بِطُولِ مَا مَرَّ عَلَيْهِ مِنَ الزَّمَانِ وَضَعْفِ أَسْبَابِ الْجِمَاعِ وَالشَّهْوَةِ لِلنِّسَاءِ وَاخْتِلَالِ دَوَاعِيهِ لِذَلِكَ عِنْدَهُ مَا يُرِيحُهُ مِنْ دَوَاعِي الْحَلَالِ فِي هَذَا وَيُخَلِّي سره منه فكيف بالزنى الْحَرَامِ وَإِنَّمَا دَوَاعِي ذَلِكَ الشَّبَابُ وَالْحَرَارَةُ الْغَرِيزِيَّةُ وَقِلَّةُ الْمَعْرِفَةِ وَغَلَبَةُ الشَّهْوَةِ لِضَعْفِ الْعَقْلِ وَصِغَرِ السِّنِّ وَكَذَلِكَ الْإِمَامُ لَا يَخْشَى مِنْ أَحَدٍ مِنْ رَعِيَّتِهِ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى مُدَاهَنَتِهِ وَمُصَانَعَتِهِ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ إِنَّمَا يُدَاهِنُ وَيُصَانِعُ بِالْكَذِبِ وَشِبْهِهِ مَنْ يَحْذَرُهُ وَيَخْشَى أَذَاهُ وَمُعَاتَبَتَهُ أَوْ يَطْلُبُ عِنْدَهُ بِذَلِكَ مَنْزِلَةً أَوْ مَنْفَعَةً وَهُوَ غَنِيٌّ عَنِ الْكَذِبِ مُطْلَقًا وَكَذَلِكَ الْعَائِلُ الْفَقِيرُ قَدْ عَدِمَ الْمَالَ وَإِنَّمَا سَبَبُ الْفَخْرِ وَالْخُيَلَاءِ وَالتَّكَبُّرِ وَالِارْتِفَاعِ عَلَى الْقُرَنَاءِ الثَّرْوَةُ فِي الدُّنْيَا لِكَوْنِهِ ظَاهِرًا فِيهَا وَحَاجَاتُ أَهْلِهَا إِلَيْهِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ أَسْبَابُهَا فَلِمَاذَا يَسْتَكْبِرُ وَيَحْتَقِرُ غَيْرَهُ فَلَمْ يَبْقَ فِعْلُهُ وَفِعْلُ الشَّيْخِ الزَّانِي وَالْإِمَامُ الْكَاذِبُ إِلَّا لِضَرْبٍ مِنَ الِاسْتِخْفَافِ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا الثَّلَاثَةُ فِي الرِّوَايَةِ الْأَخِيرَةِ فَمِنْهُمْ رَجُلٌ مَنَعَ فَضْلَ الْمَاءِ مِنَ بن السَّبِيلِ الْمُحْتَاجِ وَلَا شَكَّ فِي غِلَظِ تَحْرِيمِ مَا فَعَلَ وَشِدَّةِ قُبْحِهِ فَإِذَا كَانَ مَنْ يَمْنَعُ فَضْلَ الْمَاءِ الْمَاشِيَةَ عَاصِيًا فَكَيْفَ بِمَنْ يَمْنَعُهُ الْآدَمِيَّ الْمُحْتَرَمَ فَإِنَّ الْكَلَامَ فِيهِ فَلَوْ كان بن السَّبِيلِ غَيْرَ مُحْتَرَمٍ كَالْحَرْبِيِّ وَالْمُرْتَدِّ لَمْ يَجِبْ بَذْلُ الْمَاءِ لَهُ وَأَمَّا الْحَالِفُ كَاذِبًا بَعْدَ الْعَصْرِ فَمُسْتَحِقٌّ هَذَا الْوَعِيدَ وَخَصَّ مَا بَعْدَ الْعَصْرِ لِشَرَفِهِ بِسَبَبِ اجْتِمَاعِ مَلَائِكَةِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَأَمَّا مُبَايِعُ الْإِمَامِ عَلَى الْوَجْهِ المذكور