الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شهاب أبو عبد الله وَفِيهِ يَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي شَرْحِ الْمُقَدِّمَةِ وَفِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الرُّومِيِّ هُوَ عبد الله بن محمد وقيل بن عُمَرَ بَغْدَادِيٌّ وفِيهِ جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَبِالْقَافِ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي الْمُقَدِّمَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي أَلْفَاظِ الْمَتْنِ حَتَّى يَقُولُوا اللَّهُ خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ هَكَذَا هُوَ فِي بَعْضِ الْأُصُولِ يَقُولُوا بِغَيْرِ نُونٍ وَفِي بَعْضِهَا يَقُولُونَ بِالنُّونِ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ وَإِثْبَاتُ النُّونِ مَعَ النَّاصِبِ لُغَةٌ قَلِيلَةٌ ذَكَرَهَا جَمَاعَةٌ مِنْ مُحَقِّقِي النَّحْوِيِّينَ وَجَاءَتْ مُتَكَرِّرَةٌ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ كَمَا سَتَرَاهَا فِي مَوَاضِعِهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ
(بَابُ وَعِيدِ مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ مُسْلِمٍ بِيَمِينٍ فَاجِرَةٍ بِالنَّارِ
[137]
فِيهِ
قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ النَّارَ وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ وَإِنْ كَانَ شَيْئًا يَسِيرًا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ وَإِنْ قَضِيبٌ مِنْ أَرَاكٍ))
[138]
وفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى (مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ هُوَ فِيهَا فَاجِرٌ لَقِيَ اللَّهَ تَعَالَى وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى (عَنِ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ رَجُلٍ أَرْضٌ بِالْيَمَنِ فَخَاصَمْتُهُ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ هَلْ لَكَ بَيِّنَةٌ فَقُلْتُ لَا قَالَ فَيَمِينُهُ قُلْتُ إِذَنْ يَحْلِفُ فَقَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ ذَلِكَ مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ يَقْتَطِعُ بِهَا مال امرئ
مُسْلِمٍ هُوَ فِيهَا فَاجِرٌ لَقِيَ اللَّهَ تَعَالَى وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ)
[139]
وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى (جَاءَ رَجُلٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ وَرَجُلٌ مِنْ كِنْدَةَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ الْحَضْرَمِيُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذَا غَلَبَنِي عَلَى أَرْضٍ لِي كَانَتْ لِأَبِي فَقَالَ الْكِنْدِيُّ هِيَ أَرْضِي فِي يَدِي أَزْرَعُهَا لَيْسَ لَهُ فِيهَا حَقٌّ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِلْحَضْرَمِيِّ أَلِكَ بَيِّنَةٌ قَالَ لَا قَالَ فَلَكَ يَمِينُهُ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ فَاجِرٌ لَا يُبَالِي عَلَى مَا حَلَفَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ يَتَوَرَّعُ مِنْ شَيْءٍ فَقَالَ لَيْسَ لَكَ مِنْهُ إِلَّا ذَلِكَ فَانْطَلَقَ لِيَحْلِفَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَدْبَرَ أَمَا لَئِنْ حَلَفَ عَلَى مَالِهِ لِيَأْكُلَهُ ظُلْمًا لَيَلْقَيَنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَهُوَ عَنْهُ مُعْرِضٌ) أَمَّا أَسْمَاءُ الْبَابِ وَلُغَاتُهُ فَفِيهِ مَوْلَى الْحُرَقَةِ بِضَمِّ الْحَاءِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَهِيَ بَطْنٌ مِنْ جُهَيْنَةَ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ مَرَّاتٍ وَفِيهِ مَعْبَدُ بْنُ كَعْبٍ السَّلَمِيُّ بِفَتْحِ السِّينِ وَاللَّامِ مَنْسُوبٌ إِلَى بَنِي سَلِمَةَ بِكَسْرِ اللَّامِ مِنَ الْأَنْصَارِ وَفِي النَّسَبِ بِفَتْحِ اللَّامِ عَلَى الْمَشْهُورِ عِنْدَ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ يَجُوزُ كَسْرُ اللَّامِ فِي النَّسَبِ أيضا وفيه عبد الله بن كعب بن أَبِي أُمَامَةَ الْحَارِثِيِّ وَفِي الرِّوَايَةِ
الْأُخْرَى سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ يُحَدِّثُ أَنَّ أَبَا أُمَامَةَ الْحَارِثِيَّ حَدَّثَهُ اعْلَمْ أَنَّ أَبَا أُمَامَةَ هَذَا لَيْسَ هُوَ أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ صُدَيَّ بْنَ عَجْلَانَ الْمَشْهُورَ بَلْ هَذَا غَيْرُهُ وَاسْمُ هَذَا إِيَاسُ بْنُ ثَعْلَبَةَ الْأَنْصَارِيُّ الحارثى من بنى الحرث بن الْخَزْرَجِ وَقِيلَ إِنَّهُ بَلْوِيٌّ وَهُوَ حَلِيفُ بَنِي حارثة وهو بن أُخْتِ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ نَيَّارٍ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي اسْمِهِ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَعْلَبَةَ وَيُقَالُ ثَعْلَبَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ هُنَا دقيقة لابد مِنَ التَّنْبِيهِ عَلَيْهَا وَهِيَ أَنَّ الَّذِينَ صَنَّفُوا فِي أَسْمَاءِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم ذَكَرَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ أَنَّ أَبَا أُمَامَةَ هَذَا الْحَارِثِيَّ رضي الله عنه تُوُفِّيَ عِنْدَ انْصِرَافِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ أُحُدٍ فَصَلَّى عَلَيْهِ وَمُقْتَضَى هَذَا التَّارِيخِ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ مُسْلِمٌ مُنْقَطِعًا فَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ تَابِعِيٌّ فَكَيْفَ يَسْمَعُ مَنْ تُوُفِّيَ عَامَ أُحُدٍ فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ مِنَ الْهِجْرَةِ وَلَكِنَّ هَذَا النَّقْلَ فِي وَفَاةِ أَبِي أُمَامَةَ لَيْسَ بِصَحِيحٍ فَإِنَّهُ صَحَّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ أَنَّهُ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو أُمَامَةَ كَمَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ فَهَذَا تَصْرِيحٌ بِسَمَاعِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبٍ التَّابِعِيِّ مِنْهُ فَبَطَلَ مَا قِيلَ فِي وَفَاتِهِ وَلَوْ كَانَ مَا قِيلَ فِي وَفَاتِهِ صَحِيحًا لَمْ يُخَرِّجْ مُسْلِمٌ حَدِيثَهُ وَلَقَدْ أَحْسَنَ الْإِمَامُ أَبُو الْبَرَكَاتِ الْجَزَرِيُّ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ الْأَثِيرِ حَيْثُ أَنْكَرَ فِي كِتَابِهِ مَعْرِفَةُ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم هَذَا الْقَوْلَ فِي وَفَاتِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِيهِ وَإِنْ قَضِيبٌ مِنْ أَرَاكٍ هَكَذَا هُوَ فِي بَعْضِ الْأُصُولِ أَوْ أَكْثَرِهَا وَفِي كَثِيرٍ مِنْهَا وَإِنْ قَضِيبًا عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ كَانَ الْمَحْذُوفَةِ أَوْ أَنَّهُ مَفْعُولٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ وَإِنِ اقْتَطَعَ قَضِيبًا وَفِيهِ مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ هُوَ بِإِضَافَةِ يَمِينٍ إِلَى صَبْرٍ وَيَمِينُ الصَّبْرِ هِيَ الَّتِي يَحْبِسُ الْحَالِفُ نَفْسَهُ عَلَيْهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهَا فِي بَابِ غِلَظِ تحريم قتل الانسان نفسه وفيه قول صلى الله عليه وسلم مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينِ صَبْرٍ هُوَ فِيهَا فَاجِرٌ أَيْ مُتَعَمِّدُ الْكَذِبِ وَتُسَمَّى هَذِهِ الْيَمِينُ الْغَمُوسَ وَفِيهِ قَوْلُهُ إِذَنْ يَحْلِفُ يَجُوزُ بِنَصْبِ الْفَاءِ وَرَفْعِهَا وَذَكَرَ الْإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ خَرُوفٍ فِي شَرْحِ الْجُمَلِ أَنَّ الرِّوَايَةَ فِيهِ بِرَفْعِ الْفَاءِ وَفِيهِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم شَاهِدَاكَ أَوْ يَمِينُهُ مَعْنَاهُ لَكَ مَا يَشْهَدُ بِهِ شَاهِدَاكَ أو يمينه وفيه حَضْرَمَوْتَ بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَالْمِيمِ وَفِيهِ قَوْلُ مُسْلِمٍ (حَدَّثَنِي زهير
بْنُ حَرْبٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ جَمِيعًا عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ قَالَ زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ) هِشَامٌ هُوَ أَبُو الْوَلِيدِ وَفِيهِ قَوْلُهُ (انْتَزَى عَلَى أَرْضِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ) مَعْنَاهُ غَلَبَ عَلَيْهَا وَاسْتَوْلَى وَالْجَاهِلِيَّةُ مَا قَبْلَ النُّبُوَّةِ لِكَثْرَةِ جَهْلِهِمْ وَفِيهِ (امْرُؤُ الْقِيسِ بْنُ عَابِسٍ وربيعة بن عيدان) وأما عابس فبالموحدة والسين المهملة وأما عيدان فَقَدْ ذَكَرَ مُسْلِمٌ أَنَّ زُهَيْرًا وَإِسْحَاقَ اخْتَلَفَا فِي ضَبْطِهِ وَذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ الْأَقْوَالَ فِيهِ وَاخْتِلَافَ الرُّوَاةِ فَقَالَ هُوَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَبِيَاءٍ مُثَنَّاةٍ مِنْ تَحْتُ هَذَا صَوَابُهُ وَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ وَأَمَّا رِوَايَةُ زُهَيْرٍ فَعِبْدَانَ بكسر العين وبباء موحدة قال القاضي كَذَا ضَبَطْنَاهُ فِي الْحَرْفَيْنِ عَنْ شُيُوخِنَا قَالَ ووقع عند بن الحذاء عكس ما ضبطناه فقال فِي رِوَايَةِ زُهَيْرٍ بِالْفَتْحِ وَالْمُثَنَّاةِ وَفِي رِوَايَةِ إِسْحَاقَ بِالْكَسْرِ وَالْمُوَحَّدَةِ قَالَ الْجَيَّانِيُّ وَكَذَا هُوَ فِي الْأَصْلِ عَنِ الْجُلُودِيِّ قَالَ الْقَاضِي وَالَّذِي صَوَّبْنَاهُ أَوَّلًا هُوَ قَوْلُ الدَّارَقُطْنِيِّ وَعَبْدِ الْغَنِيِّ بْنِ سَعِيدٍ وَأَبِي نَصْرِ بْنِ مَاكُولَا وَكَذَا قاله بن يُونُسَ فِي التَّارِيخِ هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي وَضَبَطَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْحُفَّاظِ مِنْهُمُ الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَسَاكِرَ الدِّمَشْقِيُّ عِبِدَّانُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَالْمُوَحَّدَةِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا أَحْكَامُ الْبَابِ فَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم مَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ إِلَى آخِرِهِ فِيهِ لَطِيفَةٌ وَهِيَ أَنَّ قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم حَقُّ امْرِئٍ يَدْخُلُ فِيهِ مَنْ حَلَفَ على غير مال كجلد الْمَيْتَةِ وَالسِّرْجِينِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ النَّجَاسَاتِ الَّتِي يُنْتَفَعُ بِهَا وَكَذَا سَائِرُ الْحُقُوقِ الَّتِي لَيْسَتْ بِمَالٍ كَحَدِّ الْقَذْفِ وَنَصِيبِ الزَّوْجَةِ فِي الْقَسْمِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَأَمَّا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ النَّارَ وَحَرَّمَ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ فَفِيهِ الْجَوَابَانِ الْمُتَقَدِّمَانِ الْمُتَكَرِّرَانِ فِي نَظَائِرِهِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُسْتَحِلِّ لِذَلِكَ إِذَا مَاتَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَكْفُرُ وَيُخَلَّدُ فِي النَّارِ وَالثَّانِي مَعْنَاهُ فَقَدِ
اسْتَحَقَّ النَّارَ وَيَجُوزُ الْعَفْوُ عَنْهُ وَقَدْ حَرُمَ عَلَيْهِ دُخُولُ الْجَنَّةِ أَوَّلَ وَهْلَةٍ مَعَ الْفَائِزِينَ وَأَمَّا تَقْيِيدُهُ صلى الله عليه وسلم بِالْمُسْلِمِ فَلَيْسَ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ تَحْرِيمِ حَقِّ الذِّمِّيِّ بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّ هَذَا الْوَعِيدَ الشَّدِيدَ وَهُوَ أَنَّهُ يَلْقَى اللَّهَ تَعَالَى وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ لِمَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ الْمُسْلِمِ وَأَمَّا الذِّمِّيُّ فَاقْتِطَاعُ حَقِّهِ حَرَامٌ لَكِنْ لَيْسَ يَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ فِيهِ هَذِهِ الْعُقُوبَةُ الْعَظِيمَةُ هَذَا كُلُّهُ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَقُولُ بِالْمَفْهُومِ وَأَمَّا مَنْ لَا يَقُولُ بِهِ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى تَأْوِيلٍ وَقَالَ القاضي عياض رحمه الله تخصيص المسلم لِكَوْنِهِمُ الْمُخَاطَبِينَ وَعَامَّةَ الْمُتَعَامِلِينَ فِي الشَّرِيعَةِ لَا أَنَّ غَيْرَ الْمُسْلِمِ بِخِلَافِهِ بَلْ حُكْمُهُ حُكْمُهُ فِي ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ثُمَّ إِنَّ هَذِهِ الْعُقُوبَةَ لِمَنِ اقْتَطَعَ حَقَّ الْمُسْلِمِ وَمَاتَ قَبْلَ التَّوْبَةِ أَمَّا مَنْ تَابَ فَنَدِمَ عَلَى فِعْلِهِ وَرَدَّ الْحَقَّ إِلَى صَاحِبِهِ وَتَحَلَّلَ مِنْهُ وَعَزَمَ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ فَقَدْ سَقَطَ عَنْهُ الْإِثْمُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ لِمَذْهَبِ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَالْجَمَاهِيرِ أَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ لَا يُبِيحُ لِلْإِنْسَانِ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَفِيهِ بَيَانُ غِلَظِ تَحْرِيمِ حُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَلِيلِ الْحَقِّ وَكَثِيرِهِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم وَإِنْ قَضِيبٌ مِنْ أَرَاكٍ وَأَمَّا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ هُوَ فِيهَا فَاجِرٌ لِيَقْتَطِعَ فَالتَّقْيِيدُ بِكَوْنِهِ فَاجِرًا لَا بُدَّ مِنْهُ وَمَعْنَاهُ هُوَ آثِمٌ وَلَا يَكُونُ آثِمًا إِلَّا إِذَا كَانَ مُتَعَمِّدًا عَالِمًا بِأَنَّهُ غَيْرُ مُحِقٍّ وَأَمَّا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لَقِيَ اللَّهَ تَعَالَى وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى وَهُوَ عَنْهُ مُعْرِضٌ فَقَالَ الْعُلَمَاءُ الْإِعْرَاضُ وَالْغَضَبُ وَالسَّخَطُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى هُوَ إِرَادَتُهُ إِبْعَادَ ذَلِكَ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَتَعْذِيبَهُ وانكار فعله وذمه والله أعلم وأما حديث الحضرمى والكندى ففيه أَنْوَاعٌ مِنَ الْعُلُومِ فَفِيهِ أَنَّ صَاحِبَ الْيَدِ أَوْلَى مِنْ أَجْنَبِيٍّ يَدَّعِي عَلَيْهِ وَفِيهِ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَلْزَمُهُ الْيَمِينُ إِذَا لَمْ يُقِرَّ وَفِيهِ أَنَّ الْبَيِّنَةَ تُقَدَّمُ عَلَى الْيَدِ وَيُقْضَى لِصَاحِبِهَا بِغَيْرِ يَمِينٍ وَفِيهِ أَنَّ يَمِينَ الْفَاجِرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ تُقْبَلُ كَيَمِينِ الْعَدْلِ وَتَسْقُطُ عَنْهُ الْمُطَالَبَةُ بِهَا وَفِيهِ أَنَّ أَحَدَ الْخَصْمَيْنِ إِذَا قَالَ لِصَاحِبِهِ إِنَّهُ ظَالِمٌ أَوْ فَاجِرٌ أَوْ نَحْوَهُ فِي حَالِ