الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثَّانِيَةُ فَمَكْسُورَةٌ فِيهِمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا أَحْكَامُ الْحَدِيثِينَ فَمِنْهَا غِلَظُ تَحْرِيمِ الْغُلُولِ وَمِنْهَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ حَتَّى الشِّرَاكُ وَمِنْهَا أَنَّ الْغُلُولَ يَمْنَعُ مِنْ إِطْلَاقِ اسْمِ الشَّهَادَةِ عَلَى مَنْ غَلَّ إِذَا قُتِلَ وَسَيَأْتِي بَسْطُ هَذَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَمِنْهَا أَنَّهُ لَا يَدْخُلِ الْجَنَّةَ أَحَدٌ مِمَّنْ مَاتَ عَلَى الْكُفْرِ وَهَذَا بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ وَمِنْهَا جَوَازُ الْحَلِفِ بِاللَّهِ تَعَالَى مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ وَمِنْهَا أَنَّ مَنْ غَلَّ شَيْئًا مِنَ الْغَنِيمَةِ يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ وَأَنَّهُ إِذَا رَدَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ وَلَا يُحْرَقُ مَتَاعُهُ سَوَاءٌ رَدَّهُ أَوْ لَمْ يَرُدَّهُ فَإِنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُحَرِّقْ مَتَاعَ صَاحِبِ الشَّمْلَةِ وَصَاحِبِ الشِّرَاكِ وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا لَفَعَلَهُ وَلَوْ فَعَلَهُ لَنُقِلَ وَأَمَّا الْحَدِيثُ مَنْ غَلَّ فَاحْرِقُوا مَتَاعَهُ وَاضْرِبُوهُ وَفِي رِوَايَةٍ وَاضْرِبُوا عُنُقَهُ فَضَعِيفٌ بَيَّنَ بن عَبْدِ الْبَرِّ وَغَيْرُهُ ضَعْفَهُ قَالَ الطَّحَاوِيُّ رحمه الله وَلَوْ كَانَ صَحِيحًا لَكَانَ مَنْسُوخًا وَيَكُونُ هَذَا حِينَ كَانَتِ الْعُقُوبَاتِ فِي الْأَمْوَالِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ
(باب الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ قَاتِلَ نَفْسَهُ لَا يَكْفُرُ
[116]
فِيهِ حَدِيثُ جَابِرٍ
رضي الله عنه (أَنَّ الطُّفَيْلَ بْنَ عَمْرٍو الدَّوْسِيَّ هَاجَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ وَهَاجَرَ مَعَهُ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ فَاجْتَوَوُا الْمَدِينَةَ فَمَرِضَ فَجَزِعَ فَأَخَذَ مَشَاقِصَ)
فَقَطَعَ بِهَا بَرَاجِمَهُ فَشَخَبَتْ يَدَاهُ حَتَّى مَاتَ فَرَآهُ الطُّفَيْلُ فِي مَنَامِهِ وَهَيْئَتِهِ حَسَنَةٌ وَرَآهُ مُغَطِّيًا يَدَيْهِ فَقَالَ لَهُ مَا صَنَعَ بِكَ رَبُّكَ فَقَالَ غَفَرَ لِي بِهِجْرَتِي إِلَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ مَالِي أَرَاكَ مُغَطِّيًا يَدَيْكَ قَالَ قِيلَ لِي لَنْ نُصْلِحَ مِنْكَ مَا أَفْسَدْتَ فَقَصَّهَا الطُّفَيْلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اللَّهُمَّ وَلِيَدَيْهِ فَاغْفِرْ) قَوْلُهُ فَاجْتَوَوُا الْمَدِينَةَ هُوَ بِضَمِّ الْوَاوِ الثَّانِيَةِ ضَمِيرُ جَمْعٍ وَهُوَ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الطُّفَيْلِ وَالرَّجُلِ الْمَذْكُورِ وَمَنْ يَتَعَلَّقُ بِهِمَا وَمَعْنَاهُ كَرِهُوا الْمُقَامَ بِهَا لِضَجَرٍ وَنَوْعٍ مِنْ سَقَمٍ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ وَالْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُمَا اجْتَوَيْتُ الْبَلَدَ إِذَا كَرِهْتُ الْمَقَامَ بِهِ وَإِنْ كُنْتُ فِي نِعْمَةٍ قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَأَصْلُهُ مِنَ الْجَوَى وَهُوَ دَاءٌ يُصِيبُ الْجَوْفَ وَقَوْلُهُ فَأَخَذَ مَشَاقِصَ هِيَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَبِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالْقَافِ وَالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَهِيَ جَمْعُ مِشْقَصٍ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْقَافِ قال الخليل وبن فَارِسٍ وَغَيْرُهُمَا هُوَ سَهْمٌ فِيهِ نَصْلٌ عَرِيضٌ وَقَالَ آخَرُونَ سَهْمٌ طَوِيلٌ لَيْسَ بِالْعَرِيضِ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْمِشْقَصُ مَا طَالَ وَعَرُضَ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ هُنَا لِقَوْلِهِ قَطَعَ بِهَا بَرَاجِمَهُ وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْعَرِيضِ وَأَمَّا الْبَرَاجِمُ بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَبِالْجِيمِ فَهِيَ مَفَاصِلُ الْأَصَابِعِ وَاحِدَتهَا برجمة وقوله فَشَخَبَتْ يَدَاهُ هُوَ بِفَتْحِ الشِّينِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَتَيْنِ أَيْ سَالَ دَمُهُمَا وَقِيلَ سَالَ بِقُوَّةٍ وَقَوْلُهُ هَلْ لَكَ فِي حِصْنٍ حَصِينٍ وَمَنَعَةٍ هِيَ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَبِفَتْحِ النُّونِ وَإِسْكَانِهَا لُغَتَانِ ذَكَرَهُمَا بن السِّكِّيتِ وَالْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُمَا الْفَتْحُ أَفْصَحُ وَهِيَ الْعِزُّ وَالِامْتِنَاعُ مِمَّنْ يُرِيدُهُ وَقِيلَ الْمَنَعَةُ جَمْعُ مَانِعٍ كَظَالِمِ وَظَلَمَةٍ أَيْ جَمَاعَةً يَمْنَعُونَكَ مِمَّنْ يَقْصِدُكَ بِمَكْرُوهٍ أَمَّا أَحْكَامُ الْحَدِيثِ فَفِيهِ حُجَّةٌ لِقَاعِدَةٍ عظيمة