الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَنْ لَا يُقَنِّطَهُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَعْنَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم إِنَّ الرَّجُلَ لِيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَإِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ وَكَذَا عَكْسُهُ أَنَّ هَذَا قَدْ يَقَعُ وَأَمَّا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم إِنَّ رَجُلًا مِمَّنْ كَانَ قَبْلَكُمْ خَرَجَتْ بِهِ قَرْحَةٌ فَلَمَّا آذَتْهُ انْتَزَعَ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ فَنَكَأَهَا فَلَمْ يَرْقَأِ الدَّمُ حَتَّى مَاتَ قَالَ رَبُّكُمْ قَدْ حَرَّمْتُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ فَقَالَ الْقَاضِي رحمه الله فِيهِ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ مُسْتَحِلًّا أَوْ يُحْرَمُهَا حِينَ يَدْخُلُهَا السَّابِقُونَ وَالْأَبْرَارُ أَوْ يُطِيلُ حِسَابَهُ أَوْ يُحْبَسُ فِي الْأَعْرَافِ هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي قُلْتُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ شَرْعَ أَهْلِ ذَلِكَ الْعَصْرِ تَكْفِيرُ أَصْحَابِ الْكَبَائِرِ ثُمَّ إِنَّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ نَكَأَهَا اسْتِعْجَالًا لِلْمَوْتِ أَوْ لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَى طَرِيقِ الْمُدَاوَاةِ الَّتِي يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ نَفْعُهَا لَمْ يَكُنْ حَرَامًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ
(بَابُ غِلَظِ تَحْرِيمِ الْغُلُولِ وَأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا
الْمُؤْمِنُونَ
[114]
فِيهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ (لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ أَقْبَلَ نَفَرٌ مِنْ صَحَابَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا فُلَانٌ شَهِيدٌ فُلَانٌ شَهِيدٌ حَتَّى مَرُّوا عَلَى رَجُلٍ فَقَالُوا فُلَانٌ شَهِيدٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَلَّا إِنِّي رَأَيْتُهُ فِي النَّارِ فِي بُرْدَةٍ غَلَّهَا أَوْ عَبَاءَةٍ ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يا بن الْخَطَّابِ اذْهَبْ فَنَادِ فِي النَّاسِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ قَالَ فَخَرَجْتُ فَنَادَيْتُ)
أَلَا إِنَّهُ لَا يَدْخُلِ الْجَنَّةَ إِلَّا الْمُؤْمِنُونَ) وَفِيهِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ نَحْوِ مَعْنَاهُ فِي الْإِسْنَادِ أَبُو زُمَيْلٍ بِضَمِّ الزَّايِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ الْمَفْتُوحَةِ وَتَقَدَّمَ وَقَوْلُهُ لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ هُوَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَآخِرَهُ رَاءٌ فَهَكَذَا وَقَعَ فِي مُسْلِمٍ وَهُوَ الصَّوَابُ وَذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رحمه الله أَنَّ أَكْثَرَ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ رَوَوْهُ هَكَذَا وَأَنَّهُ الصَّوَابُ قَالَ وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ حُنَيْنٍ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم كَلَّا زَجْرٌ وَرَدٌّ لِقَوْلِهِمْ فِي هَذَا الرَّجُلِ إِنَّهُ شَهِيدٌ مَحْكُومٌ لَهُ بِالْجَنَّةِ أَوَّلَ وَهْلَةٍ بَلْ هُوَ فِي النَّارِ بِسَبَبِ غُلُولِهِ
[115]
وَقَوْلُهُ (ثَوْرُ بْنُ زَيْدٍ الدِّيلِيُّ) هُوَ هُنَا بِكَسْرِ الدَّالِ وَإِسْكَانِ الْيَاءِ هَكَذَا هُوَ فِي أَكْثَرِ الْأُصُولِ الْمَوْجُودَةِ بِبِلَادِنَا وَفِي بَعْضِهَا الدُّؤَلِيُّ بِضَمِّ الدَّالِ وَبِالْهَمْزَةِ بَعْدَهَا الَّتِي تُكْتَبُ صُورَتُهَا وَاوًا وَذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رحمه الله أَنَّهُ ضَبَطَهُ هُنَا عَنْ أَبِي بَحْرٍ دُوَلِيٌّ بِضَمِّ الدَّالِ وَبِوَاوٍ سَاكِنَةٍ قَالَ وَضَبَطْنَاهُ عَنْ غَيْرِهِ بِكَسْرِ الدَّالِ وَإِسْكَانِ الْيَاءِ قَالَ وَكَذَا ذَكَرَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ وَالْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ وَغَيْرُهُمَا قُلْتُ وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو عَلِيٍّ الْغَسَّانِيُّ أَنَّ ثَوْرًا هَذَا مِنْ رَهْطِ أَبِي الْأَسْوَدِ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ فِيهِ الْخِلَافُ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ قَرِيبًا فِي أَبِي الْأَسْوَدِ وَقَوْلُهُ (عن سالم أبى الغيث مولى بن مُطِيعٍ) هَذَا صَحِيحٌ وَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ أَبَا الْغَيْثِ هَذَا يُسَمَّى سَالِمًا وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْبَرِّ فِي أَوَّلِ كِتَابِهِ التَّمْهِيدُ لَا يُوقَفُ عَلَى اسْمِهِ صَحِيحًا فَلَيْسَ بمعارض لهذا الاثبات الصحيح واسم بن مُطِيعٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعِ بْنِ الْأَسْوَدِ الْقُرَشِيِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم إِنِّي رَأَيْتُهُ فِي النَّارِ فِي بُرْدَةٍ غَلَّهَا أَوْ عَبَاءَةٍ أَمَّا الْبُرْدَةُ بِضَمِّ الْبَاءِ فَكِسَاءٌ مُخَطَّطٌ وَهِيَ الشَّمْلَةُ وَالنَّمِرَةُ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ هُوَ كِسَاءٌ أَسْوَدُ فِيهِ صُوَرٌ وَجَمْعُهَا بُرَدٌ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَأَمَّا الْعَبَاءَةُ فَمَعْرُوفَةٌ وَهِيَ مَمْدُودَةٌ وَيُقَالُ فِيهَا أَيْضًا عَبَايَةٌ بِالْيَاءِ قَالَهُ بن السِّكِّيتِ وَغَيْرُهُ وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فِي بُرْدَةٍ أَيْ مِنْ أَجْلِهَا وَبِسَبَبِهَا وَأَمَّا الْغُلُولُ فَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ هُوَ الْخِيَانَةُ
فِي الْغَنِيمَةِ خَاصَّةً وَقَالَ غَيْرُهُ هِيَ الْخِيَانَةُ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَيُقَالُ مِنْهُ غَلَّ يَغُلُّ بِضَمِّ الْغَيْنِ وَقَوْلُهُ (رَجُلٌ مِنْ بَنِي الضُّبَيْبِ) هُوَ بِضَمِّ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَبَعْدَهَا بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ مَفْتُوحَةٍ ثُمَّ يَاءٍ مُثَنَّاةٍ مِنْ تَحْتَ سَاكِنَةٍ ثُمَّ بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ قَوْلُهُ (يَحُلُّ رَحْلُهُ) هُوَ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ مَرْكَبُ الرَّجُلِ عَلَى الْبَعِيرِ وَقَوْلُهُ (فَكَانَ فِيهِ حَتْفُهُ) هُوَ بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ أَيْ مَوْتُهُ وَجَمْعُهُ حُتُوفٌ وَمَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ أَيْ مِنْ غَيْرِ قَتْلٍ وَلَا ضَرْبٍ قَوْلُهُ (فَجَاءَ رَجُلٌ بِشِرَاكٍ أَوْ شِرَاكَيْنِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَصَبْتُ يَوْمَ خَيْبَرَ) كَذَا هُوَ فِي الْأُصُولِ وَهُوَ صَحِيحٌ وَفِيهِ حَذْفُ الْمَفْعُولِ أَيْ أَصَبْتُ هَذَا وَالشِّرَاكُ بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ السَّيْرُ الْمَعْرُوفُ الَّذِي يَكُونُ فِي النَّعْلِ عَلَى ظَهْرِ الْقَدَمِ قال القاضي عياض رحمه الله قوله النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (إِنَّ الشَّمْلَةَ لَتَلْتَهِبُ عَلَيْهِ نَارًا) وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (شِرَاكٌ أَوْ شِرَاكَانِ مِنْ نَارٍ) تَنْبِيهٌ عَلَى الْمُعَاقَبَةِ عَلَيْهِمَا وَقَدْ تَكُونُ الْمُعَاقَبَةُ بِهِمَا أَنْفُسُهُمَا فَيُعَذَّبُ بِهِمَا وَهُمَا مِنْ نَارٍ وَقَدْ يَكُونُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُمَا سَبَبٌ لِعَذَابِ النَّارِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا قَوْلُهُ (وَمَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَبْدٌ لَهُ) فَاسْمُهُ مِدْعَمٌ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَإِسْكَانِ الدَّالِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَتَيْنِ كَذَا جَاءَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي الْمُوَطَّأِ فِي هذا الحديث بعينه قال الْقَاضِي عِيَاضٌ رحمه الله وَقِيلَ إِنَّهُ غَيْرُ مِدْعَمٍ قَالَ وَوَرَدَ فِي حَدِيثٍ مِثْلِ هَذَا اسْمُهُ كَرْكِرَةُ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ هَذَا كَلَامُ الْقَاضِي وكركرة بِفَتْحِ الْكَافِ الْأُولَى وَكَسْرِهَا وَأَمَّا