الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صلى الله عليه وسلم على خير ما عليه نبيٌّ من الأنبياء، قال: ثم استُخلف أبو بكر فعمل بعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وبسنَّته، ثم قُبض أبو بكر على خير ما قُبض عليه أحد، وكان خيرَ هذه الأمَّة بعد نبيِّها، ثم استُخلف عمر فعمل بعملهما وسنَّتهما، ثم قُبض على خير ما قُبض عليه أحد، وكان خيرَ هذه الأمَّة بعد نبيِّها وبعد أبي بكر" أخرجه ابن أبي شيبة (7/434) (رقم: 7053) عن ابن نمير، عن عبد الملك بن سلع، عن عبد خير، عن علي، ورجال هذا الإسناد محتجٌّ بهم، فعبد خير وعبد الله بن نمير ثقتان، وعبد الملك بن سلع صدوق.
وفي صحيح البخاري (3685) عن ابن عباس قال: "وُضع عمر على سريره، فتكنَّفه الناس يدعون ويُصلون قبل أن يُرفع وأنا فيهم، فلَم يَرُعْنِي إلَاّ رجل آخذ منكبي، فإذا علي بن أبي طالب، فترحَّم على عمر، وقال: ما خلفت أحداً أحب إليَّ أن ألقى الله بمثل عمله منك، وايم الله! إن كنتُ لأظنُّ أن يجعلك الله مع صاحبَيك، وحسبت أنِّي كثيراً أسمع النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: ذهبت أنا وأبو بكر وعمر، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر".
13 ـ
اختياره المزعوم للمذهب الحنبلي لنقده في العقيدة والردُّ عليه
ذكر عنواناً (ص: 102)"نقد المذهب الحنبلي في العقيدة"، وقال فيه: " وبما أنَّ كلَّ فرقة من الفرق تركز على نقد الطوائف الأخرى وتنسى نفسَها مع ما في هذا من تزكية للنفس وظلم للآخرين وجهل بالإنصاف، وبما أنَّني لم أجد إلى الآن داخل الفرق الإسلامية من يهتمُّ بالنَّقد الداخلي إلَاّ بعض الأفراد الذين يُخرجون بعض هذا النَّقد على استحياء وحذَر، وبما أنَّ تركيز
وتوسع الناقدين والباحثين في نقد المذاهب العقدية والفقهية التي ينتمون إليها له جوانب إيجابية تتمثَّل في تخفيف التعصب وتصحيح الأخطاء ومد جسور من التفهم لكثير من الإشكالات والعمل على حلِّها، فإنَّني سأنقد بعضَ الأمور التي أدخلناها نحن الحنابلة في العقيدة السلفية وهي أبعدُ ما تكون عمَّا يجب أن يعتقدَه المسلم.
إذن للأسباب السابقة سأحاول هنا أن أخالف القاعدة بالتركيز على النقد الذاتي لكثير من المسائل والتجاوزات الموجودة داخل المذهب الذي أنتمي إليه بل وينتمي إليه معظمنا في هذا الوطن وفي بعض بلدان العالم الإسلامي، والانتماء لا يعني التقليد، ألا وهو المذهب الحنبلي في العقيدة، وتركيزي على نقد عقائد الحنابلة له أكثر من فائدة:
1 ـ المشاركة في تصحيح أخطاء المذهب ونقد الغلو.
2 ـ عدم مجاراة الآخرين في التركيز على الفرق الأخرى.
3 ـ إحياء النقد الذاتي.
4 ـ تعلم وتعليم الإنصاف.
فلذلك أقول: ما أضاع المسلمين إلَاّ نسيان كلِّ فرقة لنفسها وتركيزها على الفرق الأخرى، ولو نظرت كلُّ فرقة لعقائدها ومَحَّصتها لاتفق المسلمون في كثير من الأمور (ورحم الله من اشتغل بعيوب نفسه) .
وقد احتوت كتب العقائد ـ ومن أبرزها كتب عقائد الحنابلة ـ على كثير من العيوب الكبيرة التي لا تزال تفتك بالأمَّة ولعلَّ من أبرزها:
التكفير، والظلم، والغلو في المشايخ، والشتم، والكذب، والقسوة في المعاملة، والذم بالمحاسن، والأثر السيِّء في الجرح والتعديل، والتجسيم الصريح، أو التأويل الباطل، وإرهاب المتسائلين، وتفضيل الكفار على
المسلمين، وتفضيل الفَسقة والظلمة على الصالحين، والمغالطة، والانتصار بالأساطير والأحلام، وتجويز قتل الخصوم، والإسرائيليات، والتناقض، والتقول على الخصوم، وزرع الكراهية الشديدة مع عدم معرفة حق المسلم، والأثر السيِّء على العلاقات الاجتماعية، واستثارة العامة والغوغاء، والتزهيد من العودة للقرآن الكريم، مع المبالغة في نشر أقوال العلماء الشاذة، مع انتشار عقائد ردود الأفعال (كالنَّصب وذم العقل) ، وجود القواعد المعلقة التي يطلقها بعضهم، والتركيز على الجزئيات وترك الأصول، وإطلاق دعاوى الإجماع، وإطلاق دعاوى الاتفاق مع الكتاب والسنة والصحابة، وتعميم معتقد البعض أو بعض الأفراد على جميع المسلمين، مع إرجاع أصول المخالفين كل فرقة أصول الفرقة الأخرى لأصول غير مسلمة يهودية أو نصرانية أو مجوسية، وغير ذلك من الأمراض التي نعلِّمها أبناءنا في المدارس والجامعات، فيخرجون فاقدين لأهليَّة التفكير الصحيح، وجاهلين أبرز أسس العدل والإنصاف، ثم نستغرب بعد هذا كلِّه لماذا هذا التوتر في المجتمع المسلم!! وهذا التباغض والتباعد بين المسلمين".
ويُجاب عن ذلك بما يلي:
1 ـ اختار المذهب الحنبلي لنقده في العقيدة لكونه ـ بزعمه ـ حنبليًّا، وأنَّ نقدَه من قبيل النَّقد الذاتي، قال:"فإنَّني سأنقد بعضَ الأمور التي أدخلناها نحن الحنابلة في العقيدة وهي أبعدُ ما تكون عمَّا يجب أن يعتقدَه المسلم"، والواقع الذي لا شكَّ فيه أنَّ أهلَ السنة ـ ومنهم الحنابلة ـ بريئون منه، ودخوله المزعوم في الحنابلة هو من قبيل التمويه والتلبيس للوصول إلى الطعن في عقيدة أهل السنَّة والجماعة؛ بزعمه أنَّ الناقدَ واحدٌ منهم، وحقيقة حاله أنَّه مندسٌّ فيهم، وهو أجنبيٌّ منهم، وأوضحُ مثال لدخوله المزعوم في
الحنابلة دخول ذئب في مجموعة من الغنم، لا يُتصوَّر من دخوله فيها إلَاّ قصد القضاء عليها وإتلافها.
وواضحٌ أنَّ قدحَه في معتقد أهل السنةَّ والجماعة عموماً، وإنَّما خصَّ الحنابلةَ؛ لأنَّ الحنابلةَ لهم جهودٌ كبيرة في تقرير عقيدة السلف ومقاومة أهل البدع والردِّ عليهم في مختلف العصور، بل إنَّ الإمام أحمد نفسَه قد ردَّ على أهل البدع، ومِمَّا ألَّف في ذلك كتاب الرد على الجهمية والزنادقة، قال في أوله:"الحمد لله الذي جعل في كلِّ زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم، يدْعونَ من ضلَّ إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يُحيون بكتاب الله الموتى، ويُبَصرون بنور الله أهلَ العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضالٍّ تائه قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس، وأقبح أثر الناس عليهم، ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، الذين عقدوا ألوية البدعة وأطلقوا عقال الفتنة، فهم مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، مجمعون على مفارقة الكتاب، يقولون على الله وفي الله وفي كتاب الله بغير علم، يتكلَّمون بالمتشابه من الكلام، ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم، فنعوذ بالله من فتن المضلِّين".
وكذلك أهل السنَّة من غير الحنابلة لهم جهود كبيرة في تقرير العقيدة والردِّ على أهل البدع، كما لا يخفى على مَن له عناية واهتمام بكتب العقيدة عند أهل السُّنَّة والجماعة.
2 ـ اشتمل كلام المالكي على أنَّه لم يُسبق بجرأة ووقاحة إلى النقد الذاتي المزعوم، فقال:"وبما أنَّني لم أجد إلى الآن داخل الفرق الإسلامية من يهتمُّ بالنَّقد الداخلي إلَاّ بعض الأفراد الذين يُخرجون بعض هذا النَّقد على استحياء وحذَر!! "، وقال: "سأحاول هنا أن أخالف القاعدة بالتركيز على
النقد الذاتي لكثير من المسائل والتجاوزات الموجودة داخل المذهب الذي أنتمي إليه وينتمي إليه معظمنا في هذا الوطن وفي بعض بلدان العالم الإسلامي، والانتماء لا يعني التقليد، ألا وهو المذهب الحنبلي في العقيدة، وتركيزي على نقد عقائد الحنابلة له أكثر من فائدة:
1 ـ المشاركة في تصحيح أخطاء المذهب ونقد الغلو.
2 ـ عدم مجاراة الآخرين في التركيز على الفرق الأخرى.
3 ـ إحياء النقد الذاتي.
4 ـ تعلم وتعليم الإنصاف".
أقول: إنَّ سَبْقَه إلى النَّقد الذاتي المزعوم يدل على مدى حقده على أهل السُّنَّة والجماعة السائرين على نهج الصحابة وتابعيهم بإحسان، وأمَّا الفوائد التي ذكرها للنقد الذاتي المزعوم، فالثالثة منها وهي"إحياء النقد الذاتي! "، معناها أنَّه السابق إلى بعث هذا النَّقد من مرقده، وأمَّا الأولى وهي"المشاركة في تصحيح أخطاء المذهب ونقد الغلو"، فليس مشاركاً في ذلك، بل هو سابقٌ إليه، وأمَّا الثانية منها وهي"عدم مجاراة الآخرين في التركيز على الفرق الأخرى"، فإنَّها تدلُّ على أنَّه في الوقت الذي يُتعب نفسَه في العيب والثلب لأهل السنَّة وحدهم يكون حظُّ فرق الضلال منه السلامة والعافية، وأمَّا الرابعة وهي"تعلم وتعليم الإنصاف"، فما أبعدَه عن الإنصاف، وفاقد الشيء لا يُعطيه، والجاهل لا يعلِّم غيرَه، وكيف يكون منصفاً من يعطفُ على أهل البدع والضلال على كثرة فرقهم، ويخصُّ بحقده وأذاه أهل السُّنَّة والجماعة، ومن لم يظفر أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم منه بالإنصاف، فمن باب أولى أن لا يظفر به غيرُهم، والمالكي سليطُ اللسان سيال القلم في النَّيل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكلِّ مَن سار على طريقتهم إلى زماننا هذا، وكتابه السيِّء في الصحابة أوضح شاهد على حقده على الصحابة، وكتابه