الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بحتة؛ إذ لم يثبت هذا من حيث الرواية، إلَاّ أنَّه ليس هناك دليلٌ شرعي ولا عقلي يمنع من هذا؛ فالصحابة يعتريهم ما يعتري سائر البشر!!! ".
فهذا الكلام لا يتجاوز ثلاثة أسطر، وآخره يناقض أوَّلَه، وهو مع ذلك فيه سوء ظنٍّ واضح بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، نعوذ بالله من الخذلان!
19 ـ
قدحُه في أهل السنَّة بعدم فهم حجَّة الآخرين والردُّ عليه
ذكر المالكي في (ص: 137) عنواناً لفظه: "عدم فهم حجَّة الآخر" قال فيه: "مثل شبهتهم (يعني أهل السنَّة ومنهم الحنابلة) في النهي عن علم الكلام والجدل، مع أنَّهم يتناقضون ويُجادلون إذا تمكَّنوا من ذلك، لكن لهم شبهاً ضعيفة يَمنعون بها العلماء من الخوض في علم الكلام، بينما يعلِّمون العوام مصطلحات مستحدثة من علم الكلام، ويحسن أن أسردَ هنا نموذجاً للحوار معهم في جدوى علم الكلام للإمام أبي الحسن الأشعري، وكان يردُّ على غلاة الحنابلة في عصره الذين يحرِّمون علم الكلام نتيجة عدم فهمهم لوظيفة علم الكلام نفسه أو عدم فهمهم لحُجج الآخرين من المعتزلة وأصحاب الأشعري والكلابية وغيرهم، يقول أبو الحسن الأشعري في رسالته في (استحسان الخوض في علم الكلام) يرد على الحنابلة!! ".
ثم نقل كلاما كثيراً من هذه الرسالة لأبي الحسن الأشعري.
وأجيب عن ذلك من وجهين:
الوجه الأول: أنَّ أبا الحسن الأشعري كان على مذهب المعتزلة في تأويل الصفات كلِّها، ثم صار إلى القول بإثبات بعضها وتأويل أكثرها، وهو
المذهب الذي اشتهر بالنسبة إليه، ثم في آخر أمره كان على مذهب أهل السنَّة، يعوِّل على النصوص لا على علم الكلام، ومن ذلك ما جاء في كتابه الإبانة فيما يتعلَّق بصفة الاستواء على العرش حيث قال في (ص: 86) : ((وقد قال قائلون من المعتزلة والجهميّة والحرورية: إنَّ قول الله عز وجل: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} أنَّه استولى ومَلَكَ وقَهَر، وأنَّ الله عز وجل في كلِّ مكان، وجحدوا أن يكون اللهُ عز وجل على عرشه كما قال أهلُ الحق، وذهبوا في الاستواء إلى القُدرة، ولو كان هذا كما ذكروه كان لا فرق بين العرش والأرض السابعة؛ فالله سبحانه قادرٌ عليها وعلى الحشوش وعلى كلِّ ما في العالَم، فلو كان اللهُ مستوياً على العرش بمعنى الاستيلاء ـ وهو عز وجل مستوٍ على الأشياء كلِّها ـ لكان مستوياً على العرش وعلى الأرض وعلى السماء وعلى الحشوش والأقْذار؛ لأنَّه قادرٌ على الأشياء مستولٍ عليها، وإذا كان قادراً على الأشياء كلِّها ولَم يَجُزْ عند أحد من المسلمين أن يقول إنَّ اللهَ عز وجل مستوٍ على الحشوش والأخْلِيَة، لم يَجُز أن يكون الاستواءُ على العرش الاستيلاء الذي هو عامٌّ في الأشياء كلِّها، ووَجَبَ أن يكون معناه استواء يَختصُّ العرش دون الأشياء كلِّها".
وعلى هذا فإنَّ المنقول من رسالة استحسان الخوض في علم الكلام لأبي الحسن الأشعري رحمه الله محمولٌ على ما كان عليه قبل صيرورته في آخر أمره إلى ما كان عليه أهل الحقِّ أهل السنَّة والجماعة.
الوجه الثاني: أنَّ المالكيَّ نفسه من المخالفين لأهل السنَّة والجماعة، وقد أنكر عدالة الصحابة، وأنكر أن يكون كلُّ مَن أسلم بعد الحُديبية من أصحاب النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، ومنهم عمُّ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم العباس وابنه عبد الله، وزعم أنَّ