الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسألة التكفير (29) ، ورميه أهل السُّنَّة بالنَّصب وزعمه أنَّ ابن تيمية وابن القيم والذهبي وابن كثير نواصب (30) .
والله يعلم أنِّي كارهٌ لإيراد كلامه في هذه الأباطيل، لكن دعت الضرورة إلى ذلك، وأقول فيها كما قال السيوطي في كتابه"مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنَّة" (ص: 5) : "اعلموا ـ يرحمكم الله ـ أنَّ من العلم كهيئة الدواء، ومن الآراء كهيئة الخلاء، لا تُذكر إلَاّ عند داعية الضرورة، وأنَّ مِمَّا فاح ريحُه في هذا الزمان، وكان دارساً بحمد الله تعالى منذ أزمان، وهو أنَّ قائلاً رافضيًّا زنديقاً أكثر في كلامه أنَّ السنَّةَ النبويَّة والأحاديث المرويَّة ـ زادها الله علوًّا وشرَفاً ـ لا يُحتجُّ بها، وأنَّ الحجَّةَ في القرآن خاصَّة
…
فاعلموا ـ رحمكم الله ـ أنَّ مَن أنكر كون حديث النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قولاً كان أو فعلاً بشرطه المعروف في الأصول ـ حجَّةً كفرَ وخرج عن دائرة الإسلام، وحُشر مع اليهود والنصارى، أو مع مَن شاء الله من فرق الكفرَة
…
وهذه آراء ما كنتُ أستحلُّ حكايتَها لولا ما دعت إليه الضرورة من بيان أصل هذا المذهب الفاسد، الذي كان الناس في راحة منه من أعصار".
وما أشبه الليلة بالبارحة؛ فإنَّ التشابهَ بين المالكي وهذا الرافضي الذي ذكره السيوطي واضحٌ؛ لأنَّ المالكيَّ شكَّك في ثبوت السنَّة وزعم أنَّ ثبوتَها مختلفٌ فيه، وقال في (ص: 164) من قراءته المزعومة: "فقد اختلف المسلمون في ثبوت السنة وفي الإجماع وفي القياس وفي قول الصحابي وفي غير ذلك، لكن لم يختلفوا أنَّ القرآن هو المصدر الرئيس الشرعي في كلِّ أمر من الأمور الدينية"!!
ويرى بعضُ الناس أنَّ في الردِّ على هذا المالكيِّ إشهاراً له، وأقول: نعم! هو إشهارٌ له، لكن بالخزي والفضيحة، واشتهارُه نظيرُ اشتهار صاحب
الحكاية الذي قال: سأعملُ عملاً أُذكَر به في التاريخ، فما كان منه في جمع حاشد إلَاّ أن خلَع ثيابَه وتعرَّى أمامهم، فتحقَّق له ذلك الذي أراده، وأيضاً فمِن المعلوم أنَّ الباطلَ إذا ظهر تعيَّن كشفُه وتزييفُه وإيضاحُ بطلانه.
وإذا لَم يهتد المالكي قبل بلوغه أجلَه فسيموتُ بغيظه، وسيبقى إن شاء الله ذكرُه السيِّء كما بقي ذكرُ أسلافه، كالجعد بن درهم، وجهم بن صفوان، وغيرهما من المبتدعة أهل الزيغ والضلال، وستبقى إن شاء الله الردودُ عليه، كما بقيت الردودُ من علماء السلف، كالإمام أحمد والدارمي وابن منده الذين ردُّوا على الجهمية.
وقد قلت في مقدِّمة كتابي"الانتصار للصحابة الأخيار في ردِّ أباطيل حسن المالكي": "وسأُفرِدُ بحول الله الردَّ عليه فيه ـ أعني قراءته المزعومة في كتب العقائد ـ بكتاب بعنوان: الانتصار لأهل السُّنَّة والحديث في ردِّ أباطيل حسن المالكي"، وبإنجاز هذا الردّ أكون قد وفَّيتُ بهذا الوعد، والحمد لله ربِّ العالَمين.
ولكون الجهاد المتيسِّر في هذا الزمان جهاد أهل النفاق والإلحاد والزيغ والضلال، ولأنَّني عند قراءتي بحثيْه المزعومين الذين رددتُ عليهما مع كتابه السيِّء عن الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، وجدتُه ذكرَ أسماءَ بحوث زعم أنَّه بصدد كتابتها، فإنِّي أعِدُ الآنَ بأنِّي على استعداد للردِّ عليه، إمَّا بنفسي، أو بالطلب من غيري، ولذا آملُ مِمَّن يقف على شيء من بحوثه المزعومة تزويدي بنسخة من ذلك.
وأسأل الله عز وجل أن يُريَنا الحقَّ حقًّا ويُوفِّقنا لاتِّباعه، والباطلَ باطلاً ويُوفِّقنا لاجتنابه، وأن ينصرَ دينَه ويُعلي كلمتَه، إنَّه سبحانه وتعالى جوادٌ كريم، وصلى الله وسلَّم وبارَك على نبيِّنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
ينقصُ ذلك من أجورهم شيئاً، ومَن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً".
ومن الناس من يُهدي السَّمنَ والعسل، ومنهم مَن يُهدي السُّمَّ والحنظلَ والحيَّات والعقارب، وهديَّة المالكي هذه من نوع هدايا الضلال والسُّمِّ والحنظل والحيَّات والعقارب، كما سيتَّضح ذلك في دحض أباطيله التي اشتمل عليها هذا الكتاب المُهدَى.
3 ـ هذا الكتاب المُهدَى مشتملٌ على الذمِّ والثَّلب لأهل السُّنة والجماعة، والتَّأييد لفرق الضلال المختلفة، وهو في الحقيقة هديَّة ثمينةٌ لفرق الضلال.
4 ـ من العجيب شموله في هديته للعلمانيِّين ومَن ذكر معهم لعلَّهم يَجدون تصحيحاً لِما ألصقه المتمذهبون بدين الإسلام، وهم لن يُحصِّلوا التصحيح المزعوم، وإنَّما سيجدون ما يَسرُّهم من الذَّمِّ والنَّيل لأهل السنَّة.
2 ـ
كاتب هذا البحث المزعوم وناشره وصاحب الأَحَدية متعاونون على الإثم والعدوان
قال في (ص: 9 ـ الحاشية) : "أصل هذا الكتاب محاضرة ألقيتُها في أَحَدية الدكتور راشد المبارك (6/8/1420هـ ـ 14/11/1999م") ، وذكر في مطلع كتابه المشين في الصحابة الذي سبق أن رددتُ عليه في كتابي:"الانتصار للصحابة الأخيار"، ذكر أنَّ أصلَ ذلك الكتاب محاضرةٌ ألقاها في أحدية الدكتور راشد المبارك يوم الأحد 26 ذي القعدة 1419هـ.
أقول معلِّقاً على ذلك:
ما كان يليق بصاحب الأحدية المذكورة أن يُمكِّنَ من إلقاء هذا الباطل في أَحديَّته؛ لأنَّ مثلَ هذا التمكين من التعاون على الإثم والعدوان؛ فقد روى مسلمٌ في صحيحه (671) عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أحبُّ البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها"، وإنَّما كانت الأسواقُ أبغضَ البلاد إلى الله لِمَا يكون فيها من الصَّخَب واللَّغو والكلام الذي لا ينبغي، ولا شكَّ أنَّ الأماكنَ التي يكون فيها منابرُ لإعلان الباطل ونشره أَسْوأُ من الأسواق، فقد قال الله عز وجل عن الأرض:{يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} ، قال ابن كثير في تفسيره:"أي تُحدِّث بما عمل العاملون على ظهرها"، ثم ذكر حديثاً في ذلك ضعيف الإسناد.
وفي صحيح البخاري (986) عن جابر رضي الله عنه قال: "كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم عيد خالف الطريقَ"، وذكر الحافظ ابن حجر في الفتح في شرحه عدَّةَ أقوال في حكمة ذلك، أوَّلها: أنَّه فعل ذلك ليشهدَ له الطريقان.
وأسوأُ حالاً من صاحب الأَحَدية مَن قام بطباعة هذا الكتاب ونشره؛ فإنَّ لكلِّ ساقطةٍ لاقطة، فهذه القراءة المزعومة في كتب العقائد تلقَّفها ونشرها مركز للدراسات التاريخية في دولة عربية، وهو عملٌ من أعظم التعاون على الإثم والعدوان؛ لِمَا فيه من تعميم نشر الباطل على نطاق واسع، وقد مرَّ قريباً قول الرسول صلى الله عليه وسلم:"مَن دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقصُ ذلك من أجورهم شيئاً، ومَن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئاً".