الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأصل الثاني: معرفة دين الإسلام
تعريف الدين
الأصل الثاني: معرفة دين الإسلام بالأدلة [27] .
[27] لما فرغ الشيخ من بيان معرفة الأصل الأول وهو معرفة الله سبحانه وتعالى بالأدلة، انتقل إلى بيان الأصل الثاني، وهو معرفة دين الإسلام بالأدلة.
فقال: الأصل الثاني: معرفة دين الإسلام بالأدلة، ثم عرفه وبين معناه ثم ذكر مراتبه.
وقوله رحمه الله: معرفة دين الإسلام: الدين يراد به الطاعة، يقال: دان له إذا أطاعه فيما أمر وترك ما نهى.
ويطلق الدين ويراد به الحساب، كما في قوله:{مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} ويقال: دانه إذا حاسبه، كما قال تعالى:{وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ} [الانفطار: 17، 18] أي: يوم الحساب {يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} [الانفطار: 19] .
قوله: بالأدلة، أي: أن معرفة دين الإسلام لا تكون بالتقليد أو تكون بالتخرص من عند الإنسان، الدين لا بد له
وهو الاستسلام له بِالتَّوْحِيدِ وَالانْقِيَادُ لَهُ بِالطَّاعَةِ وَالْبَرَاءَةُ مِنَ الشِّرْكِ وأهله [28] .
من أدلة من الكتاب والسنة، أما الإنسان الذي لا يعرف دينه وإنما يقلد الناس، ويكون إمعة مع الناس فهذا لن يعرف دينه وَحَرِيٌّ به أنه «إذا سئل عنه في القبر أن يقول: هاه، هاه، لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئًا فقلته» ، فواجب على الإنسان أن يعف دينه بالأدلة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولا يعرف هذا إلا بالتعلم.
[28]
الإسلام مأخوذ من أسلم للشيء إذا انقاد له، أسلم نفسه للقتل أي: خضع للقتل، فأسلم نفسه للشيء إذا انقاد له.
فالإسلام هو إسلام الوجه والقصد والنية له عز وجل: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [النساء: 125] . {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ} [البقرة: 112] أي أخلص عمله لله عز وجل، وانقاد لله عن طواعية واختيار ورغبة ومحبة.
الاستسلام لله بالتوحيد، وهو إفراد الله جل وعلا بالعبادة، وهذا هو معنى التوحيد، فمن عبد الله وحده لا شريك له فقد استسلم له.
قوله: والانقياد له سبحانه بالطاعة: فيما أمرك به وما نهاك عنه، فما أمرك به تفعله، وما نهاك عنه تجتنبه طاعة لله سبحانه وتعالى.
قوله: والبراءة من الشرك وأهله: البراءة معناها الانقطاع والاعتزال، والبعد عن الشرك وأهل الشرك، بأن تعتقد بطلان الشرك فتبتعد عنه، وتعتقد وجوب عداوة المشركين؛ لأنهم أعداء الله عز وجل فلا تتخذهم أولياء، إنما تتخذهم أعداء؛ لأنهم أعداء لله ولرسوله ولدينه فلا تحبهم ولا تواليهم، وإنما تقاطعهم في الدين وتبتعد عنهم، وتعتقد بطلان ما هم عليه، فلا تحبهم بالقلب ولا تناصرهم بالقول والفعل؛ لأنهم أعداء لربك وأعداء لدينك، فكيف تواليهم وهم أعداء الإسلام؟! .
لا يكفي أنك تستسلم لله وتنقاد له بالطاعة، وأنت لا تتبرأ من الشرك ولا من المشركين، هذا لا يكفي، ولا تعد مسلمًا حتى تتصف بهذه الصفات.
مراتب الدين
المرتبة الأولى الإسلام
وهو ثلاث مراتب: الإسلام [29]
أولًا: الاستسلام لله بالتوحيد.
ثانيًا: الانقياد له بالطاعة.
ثالثًا: البراءة مما يضاد التوحيد ويضاد الطاعة وهو الشرك.
رابعًا: البراءة من أهل الشرك.
بتحقيق هذه الصفات تكون مسلمًا، أما إذا نقصت صفة واحدة منها فإنك لا تكون مسلمًا، فبهذه الكلمات الثلاث لخص الشيخ تعريف الإسلام، وكم من إنسان لا يعرف معنى الإسلام؛ لأنه لم يتعلم هذا الشيء، ولو قيل له: ما هو الإسلام؟ لم يجب جوابًا صحيحًا.
[29]
معنى المراتب: الدرجات؛ لأننا قلنا أن الدين ثلاث درجات بعضها أعلى من بعض، أول مرتبة من مراتب الدين هي الإسلام، ثم بعدها الإيمان، ثم بعدها الإحسان
والإيمان، والإحسان [30] .
فالإسلام أوسع، والإيمان أضيق من الإسلام، والإحسان أضيق من الإيمان.
فدائرة الإسلام واسعة، المنافقون يدخلون فيها إذا انقادوا إلى الإسلام وأظهروه والتزموا به ظاهرا، إذا صلوا مع المسلمين وزكوا وعملوا العمال الظاهرة، يسمون مسلمين، وتطبق عليهم أحكام المسلمين في الدنيا، فلهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين، لكنهم في الآخرة في الدرك الأسفل من النار؛ لأنهم ليس عندهم إيمان وإنما عندهم إسلام ظاهري فقط.
[30]
قوله: الإيمان: هذه هي المرتبة الثانية، والمؤمنون يتفاوتون؛ منهم المقربون، ومنهم الأبرار، والمقربون هم أصحاب أعلى الدرجات، والأبرار دونهم، ومنهم الظالم لنفسه وهو المرتكب للكبائر التي هي دون الشرك، فهو مؤمن فاسق، أو مؤمن ناقص الإيمان، قال تعالى:{ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ} [فاطر: 32] .
وكل مرتبة لها أركان [31] .
قوله: الإحسان: هذه هي المرتبة الثالثة هي الإحسان، وهي أن يحسن العبد فيما بينه وبين الله، في عبادة الله عز وجل، وذكر النبي صلى الله عليه وسلم الإحسان فقال:«الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك» . أي: يكون عندك علمًا يقينيًّا أن الله يراك أينما كنت.
[31]
قوله: وكل مرتبة لها أركان: والأركان جمع ركن، وهو ما يقوم عليه الشيء.
فأركان الشيء جوانبه التي يقوم عليها ولا يقوم بدونها، وتكون بداخل الشيء، خلاف الشروط فهي تكون خارج الشيء، مثل شروط الصلاة فهي خارج الصلاة قبلها، وأما أركان الصلاة فإنها بداخلها، مثل تكبيرة الإحرام وقراءة الفاتحة، فإذا اختل شيء منها فإن الصلاة لا تصح، كما لو فقد شيء من أركان البنيان فإنه لا يقوم ولا يعتمد.