المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌أعظم ما أمر الله به التوحيد - شرح ثلاثة الأصول لصالح الفوزان

[صالح الفوزان]

الفصل: ‌أعظم ما أمر الله به التوحيد

‌أعظم ما أمر الله به التوحيد

وَأَعْظَمُ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ التَّوْحيِدُ، وَهُوَ إفراد الله بالعبادة [17]

[17] قوله رحمه الله: أعظم ما أمر الله به التوحيد: هذا مهم جدا، إن التوحيد أعظم ما أمر الله به، كل الأوامر التي أمر الله بها كلها بعد التوحيد.

ما الدليل على أن أعظم ما أمر الله به التوحيد قوله تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} إلى آخر الآية [النساء: 36] .

هذه الآية فيها عشرة حقوق؛ ولهذا تسمى آية الحقوق العشرة، أول هذه الحقوق حق الله سبحانه:{وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} هذا هو الحق الثاني، {وَذِي الْقُرْبَى} هذا هو الحق الثالث، وذوو القربى هم الذين تجمعك بهم قرابة نسبية من جهة الأب أو الأم، كالآباء والأجداد، والأعمام والعمات، والأخوال والخالات، والإخوة والأخوات، وأولاد الإخوه والأخوات، وأولاد الأعمام والعمات، هؤلاء هم ذوو القربى، لهم حق القرابة.

ص: 79

( {وَالْيَتَامَى} ) الأيتام من المسلمين، وهم كل من مات أبوه وهو صغير ولم يبلغ وصار بحاجة إلى من يسد مسد أبيه في رعاية هذا الطفل تربية وإنفاقا والقيام بمصالحه، ورفع ما يضره؛ لأنه ليس له أب يحميه وينفق عليه ويدافع عنه، فهو بحاجة إلى من يساعده، لأنه فقد أباه وعائله، وله حق في الإسلام.

المهم أن الله بدأها بحقه سبحانه وتعالى قوله: {وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} لم يقتصر على قوله: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ} لأن العبادة لا تصح مع الشرك ولا تنفع، ولا تسمى عبادة إلا إذا كانت خالصة لله عز وجل، إن كان معها شرك فإنها لا تكون عبادة مهما أتعب الإنسان نفسه فيها، قرن الأمر بالعبادة بالنهي عن الشرك، إذ لا تصح العبادة مع وجود الشرك أبدا.

هذا دليل على قول الشيخ: أعظم ما أمر الله به التوحيد، حيث إن الله بدأ به في آيات كثيرة منها هذه الآية، ومنها قوله تعالى:{وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء: 23] فبدأ سبحانه وتعالى بالتوحيد، وهذا يدل على أنه أعظم ما أمر الله به.

ص: 80

{قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ} [الأنعام: 151] .

هذا دليل على ما يأتي أن أعظم ما نهى الله عنه الشرك، إذا كان أعظم ما أمر الله به التوحيد فإنه يجب أن يبدأ الإنسان بتعلم العقيدة قبل كل شيء، العقيدة هي الأساس، فيجب أن يبدأ بها بالتعلم والتعليم، وأن يداوم على تدريسها وبيانها للناس؛ لأنها هي أعظم ما أمر الله به، فليس من المناسب أن تجعلها آخر الأشياء، أو لا يؤبه بها، لأن الآن هناك دعاة يزهدون في تعليم التوحيد والعقيدة، فهناك أناس ابتلوا بهذا، ولأن الإخلال بها إخلال بالدين كله فيجب العناية بها.

وما هو التوحيد؟ هل هو أن تقر بأن الله هو الخالق الرازق المحيي المميت؟ لا؛ التوحيد هو إفراد الله بالعبادة، لأن الله قال:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] وقال أهل التفسير: يعبدون أي يوحدون، ففسروا التوحيد بالعبادة.

إذًا فالتوحيد هو إفراد الله بالعبادة وليس، هو الإقرار بأن الله هو الخالق الرازق المحيي المميت المدبر، لأن هذا

ص: 81

أعظم ما نهى الله عنه الشرك

وأعظم ما نهى عنه الشرك [18]

موجود في الفطر، موجود في عقول العقلاء، لا يوجد عاقل في الدنيا يعتقد أن أحدا خلق السماوات والأرض غير الله سبحانه وتعالى، لا يوجد أحد في العالم كله وما فيه من الكفار والملاحدة يعتقد أن أحدا خلق بشرا {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [الزخرف: 87] . لا يوجد عاقل في العالم يعتقد أن بشرا يخلق بشرا إنسانا يمشي على الأرض ويتكلم ويأكل ويشرب، هل يوجد عاقل يعتقد هذا؟ {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَا يُوقِنُونَ} [الطور: 35، 36] . توحيد الربوبية موجود في الفطر والعقول لكنه لا يكفي بدون توحيد العبادة، وهو إفراد الله بالعبادة.

ولهذا قال الشيخ: التوحيد هو إفراد الله بالعبادة، وليس هو إفراد الله بالخلق والرزق والإحياء والإماتة، لأن هذا شيء معروف، ولا يكفي توحيد الربوبية في تعريف التوحيد.

[18]

قوله رحمه الله: وأعظم ما نهى الله عنه الشرك: هذه فائدة عظيمة؛ لأن بعض الناس يعتقدون أن هناك أشياء هي

ص: 82

أعظم الجرائم، وأعظم ما نهى الله عنه، فيقول: الربا هو أعظم المحرمات، الزنا هو أعظم المحرمات؛ ولذلك يركزون على النهي عن الربا، وعن الزنا، وعن فساد الأخلاق، ولكن لا يهتمون بأمر الشرك، ولا يحذرون منه، وهم يرون الناس واقعين فيه، فهذا من الجهل العظيم بشريعة الله سبحانه وتعالى.

فأعظم ما نهى الله عنه هو الشرك، فهو أعظم من الربا، وأعظم من شرب الخمر، وأعظم من السرقة، وأعظم من أكل أموال الناس بالباطل، وأعظم من القمار والميسر، هو أعظم المحرمات، والدليل قوله تعالى:{قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} إلى آخر الآيات، وهذه الآيات تسمى بالوصايا العشر، {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ} إلى قوله:{ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الأنعام: 151، 152] .

ص: 83

هذه المحرمات بدأها الله بقوله: {أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} فدل على أن الشرك هو أعظم ما نهى الله عنه.

وفي سورة الإسراء قال الله تعالى: {لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا} [الإسراء: 22] . بدأ بالنهي عن الشرك، وختمها بالنهي عن الشرك فقال:{وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا} [الإسراء: 39] . فدل على أنه أعظم ما نهى الله عنه، هذا يدل على قول الشيخ: وأعظم ما نهى الله عنه الشرك.

وفي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم «سئل: أي الذنب أعظم قال: أن تجعل لله ندا وهو خلقك، قيل: ثم أي؟ قال: أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك، قيل ثم أي؟ قال: أن تزني بحليلة جارك»

وأنزل الله تصديق ذلك في قوله: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} [الفرقان: 68] . فبدأ بالشرك

ص: 84

في قوله: أن تجعل لله ندا - أي شريكا - وهو خلقك، وقال: هو أعظم الذنوب؛ لأنه سئل أي الذنب أعظم؟ فبدأ بالشرك.

وقال صلى الله عليه وسلم: «اجتنبوا السبع الموبقات! قيل وما هن يا رسول الله؟ ! قال: الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق.» " إلخ الحديث

بدأها بالشرك، فدل على أن الشرك هو أعظم الذنوب، ولذلك المشرك لا يدخل الجنة أبدا، قال تعالى:{إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} [المائدة: 72] . المشرك لا يغفر الله له: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] . فدل ذلك على تحريم الجنة على المشرك، وأيضا أن الله لا يغفر له، ودل هذا على أن الشرك أعظم الذنوب، لأن الذنوب ما عدا الشرك قابلة للمغفرة:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} فالزنا والسرقة وشرب الخمر والربا كله داخل تحت المشيئة، إن شاء الله غفر لصاحبه، وإن شاء عذبه.

ص: 85

أما الشرك فإنه لا يغفر، حكم الله أنه لا يغفره، وكذا العاصي وإن كان عنده كبائر دون الشرك فإنه لا تحرم عليه الجنة، مآله إلى الجنة، إما أن يغفر الله له من أول وهلة ويدخله الجنة، وإما أن يخرج من النار بعد تعذيبه ويدخل الجنة، المؤمن مهما كان منه من الفسق والمعاصي التي دون الشرك فإنه لا يقنط من رحمة الله، ولا يحرم من الجنة، وهو داخل تحت المغفرة بمشيئة الله سبحانه وتعالى.

أما المشرك فإنه محروم من ذلك كله والعياذ بالله، فدل على أن الشرك هو أعظم الذنوب، قال تعالى:{إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13] .

وقال سبحانه: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} [النساء: 48] . {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا} [النساء: 116] كل هذا يدل على أن الشرك أعظم الذنوب، وإذا كان الشرك أعظم الذنوب فإنه يجب على العلماء والمتعلمين النهي عنه والتحذير منه، وألا يسكتوا عن التحذير من الشرك، وأنه يجب جهاد المشركين مع القدرة كما جاهدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ص: 86

وهو دعوة غيره معه [19]

قال تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ} [التوبة: 5] فيجب التحذير من الشرك وبيانه للناس حتى يجتنبوه، هذا الذي يجب.

أما أن يسكت عن الشرك، ويترك الناس يهيمون في عبادة غير الله، وهم يدعون الإسلام، ولا أحد ينهي ولا أحد يحذر، الأمر خطير جدا، هناك ناس يتجهون إلى النهي عن الربا والزنا وفساد الأخلاق، هذه أمور نعم محرمة وفساد، لكن الشرك أعظم، فلماذا لا يهتم بالنهي عن الشرك، والتحذير من الشرك، وبيان ما يقع فيه كثير من الناس في الشرك الأكبر وهم يدعون الإسلام؟

لماذا هذا التساهل في أمر الشرك والتغافل عنه، وترك الناس يقعون فيه، والعلماء موجودون، بل يعيشون مع هؤلاء ويسكتون عنهم؟ الواجب أن يتجه أولا إلى النهي عن هذا الخطر العظيم الذي فتك بالأمة فتكا ذريعا، كل ذنب دونه فهو أهون منه، والواجب أن يبدأ بالأهم فالأهم.

[19]

هذا تعريف الشرك: هو دعوة غيره معه: بمعنى أن يُصرف شيء من العبادة لغير الله من ملك من الملائكة أو

ص: 87

نبي من الأنبياء أو صالح من الصالحين أو بنية من البنيات أو غير ذلك من كل المخلوقات، فمن صرف شيئا من العبادة لغير الله فهذا هو أعظم ما نهى الله عنه، هذا هو الشرك.

فاعرفوا تفسير التوحيد وتفسير الشرك، لأن هناك من الناس من يفسر التوحيد بغير تفسيره، ومن يفسر الشرك بغير تفسيره.

من الناس من يقولون إن الشرك هو الشرك في الحاكمية، وهذا ظهر الآن مع الأسف، الحكم بغير ما أنزل الله نوع من أنواع الشرك يسمى شرك الطاعة، لا شك أن طاعة المخلوق في تحليل ما حرم الله أو تحريم ما أحل الله هذا نوع من الشرك؛ لكن هناك ما هو أعظم منه وهو عبادة غير الله عز وجل بالذبح والنذر والطواف والاستغاثة، فالواجب أن يحذر من الشرك كله لا يؤخذ منه ويترك ما هو أعظم وأخطر منه، فلا يفسر الشرك بأنه شرك الحاكمية فقط أو الشرك السياسي، ويقولون الشرك بالقبور هذا شرك ساذج، أي هين، هذه جراءة على الله سبحانه وتعالى، الشرك أعظم ما نهى الله عنه، وهو دعوة غيره معه، هذا هو الشرك.

ص: 88

ومنهم من يقول الشرك هو محبة الدنيا ومحبة المال. المال جعله الله محبوبا حبا طبيعيا {وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا} [الفجر: 20] . {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ} أي المال {لَشَدِيدٌ} [العاديات: 8]{قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ} إلى قوله: {أَحَبَّ إِلَيْكُمْ} [التوبة: 24] .

قال: أحب إليكم، ما أنكر عليهم أنهم يحبونه، لكن أنكر عليهم أنهم يقدمون محبته على محبة الله، محبة المال ليست شركا؛ لأن هذه محبة طبيعية، الناس يحتاجون إلى المال ويحبونه، محبة المال ليست شركا، لأنه من محبة المنافع التي ينتفع بها الإنسان، لكن هؤلاء الذين يقولون هذه المقالات إما أنهم جهال لم يتعلموا التوحيد والشرك، وإما أنهم معرضون يريدون صرف الناس عن هذه الحقائق إلى أشياء هم يريدونها، ومآرب يريدونها، والله أعلم بالمقاصد.

المهم أن هذا ليس هو الشرك، الشرك هو دعوة غير الله معه، أو صرف شيء من أنواع العبادة لغير الله كالذبح والنذر والدعاء والاستغاثة والاستعانة والالتجاء والخوف والرجاء وغير ذلك، هذا هو الشرك الذي هو أعظم الذنوب، دعوة غيره معه سبحانه وتعالى، لأن الدعاء هو أعظم أنواع

ص: 89

وَالدَّلِيلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} [النساء: 36][20]

العبادة كما قال سبحانه: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ} [الرعد: 14] . وقال: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [غافر: 14] . فدعاء غير الله هو الشرك الذي حرمه الله ورسوله، أما هذه الجزئيات التي يجعلونها هي الشرك فليس كذلك، لكن يقال: إن بعضها جزء من الشرك؛ وإن هناك ما هو أخطر منه وأهم منه، لأن الشرك يتفاوت، بعضه أشد من بعض والعياذ بالله.

[20]

قوله: والدليل قوله تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} ، قلنا: إن الدليل على أن أعظم ما أمر الله به هو التوحيد قوله: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} ثم ذكر بقية الحقوق، فكونه بدأ بالتوحيد والنهي عن الشرك، هذا دليل على أن التوحيد هو أعظم ما أمر الله به، لأنه قال:{وَاعْبُدُوا اللَّهَ} وأتبعه بقوله: {وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا} فهذا نهي، فبدأ الأمر بالتوحيد والنهي عن الشرك، فدل على أن أعظم ما أمر الله به التوحيد، وأعظم ما نهى عنه الشرك، لأن الله بدأ بذلك، ولا يبدأ سبحانه إلا بالأهم فالأهم، هذا وجه الدلالة من الآية.

ص: 90