المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب استحباب تقديم اليمين في كل ما هو من باب التكريم - شرح رياض الصالحين لابن عثيمين - جـ ٤

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌باب النهي عن سؤال الإمارة واختيار ترك الولايات إذا لم يتعين

- ‌باب حث السلطان والقاضي وغيرهما من ولاة الأمور على اتخاذ وزير

- ‌باب النهي عن تولية الإمارة والقضاء وغيرهما من الولايات لمن سألها

- ‌كتاب الأدب

- ‌باب الحياء وفضله والحث على التخلق به

- ‌باب حفظ السر

- ‌باب الوفاء بالعهد وإنجاز الوعد

- ‌باب المحافظة على ما اعتاده من الخير

- ‌باب استحباب طيب الكلام وطلاقة الوجه عند اللقاء

- ‌باب استحباب بيان الكلام وإيضاحه للمخاطب وتكريره ليفهم إذا لم

- ‌باب إصغاء الجليس لحديث جليسه الذي ليس بحرام واستنصات العالم والواعظ

- ‌باب الوعظ والاقتصاد فيه

- ‌باب الوقار والسكينة

- ‌باب الندب إلى إتيان الصلاة والعلم ونحوهما من العبادات بالسكينة والوقار

- ‌باب إكرام الضيف

- ‌باب استحباب التبشير والتهنئة بالخير

- ‌باب وداع الصاحب ووصيته عند فراقه لسفر وغيره والدعاء له وطلب

- ‌باب الاستخارة والمشاورة

- ‌باب استحباب الذهاب إلى العيد وعيادة المريض والحج والغزو والجنازة ونحوها

- ‌باب استحباب تقديم اليمين في كل ما هو من باب التكريم

- ‌كتاب أدب الطعام

- ‌باب التسمية في أوله والحمد في آخره

- ‌باب لا يعيب الطعام واستحباب مدحه

- ‌باب ما يقوله من حضر الطعام وهو صائم إذا لم يفطر

- ‌باب ما يقوله من دعي إلي طعام فتبعه غيره

- ‌باب الأكل مما يليه ووعظه وتأديبه من يسيء أكله

- ‌باب النهي عن القران بين تمرتين ونحوهما إذا أكل جماعة إلا

- ‌باب ما يقوله ويفعله من يأكل ولا يشبع

- ‌باب الأمر بالأكل من جانب القصعة والنهي عن الأكل من وسطها

- ‌باب كراهية الكل متكئا

- ‌باب استحباب الأكل بثلاثة أصابع واستحباب لعق الأصابع وكراهة مسحها قبل

- ‌باب أدب الشرب واستحباب النفس ثلاثا خارج الإناء وكراهة التنفس في

- ‌باب كراهة الشرب من فم القربة ونحوها وبيان أنه كراهة تنزيه

- ‌باب كراهة النفخ في الشراب

- ‌باب بيان جواز الشرب قائما وبيان أن الأكمل والأفضل الشرب قاعدا

- ‌باب استحباب كون ساقي القوم أخرهم شربا

- ‌باب جواز الشرب من جميع الأواني الطاهرة غير الذهب والفضة وجواز

- ‌كتاب اللباس

- ‌باب استحباب الثوب الأبيض وجواز الأحمر والأخضر والأصفر والأسود وجوازه من

- ‌باب استحباب القميص

- ‌باب صفة طول القميص والكم والإزرار وطرف العمامة وتحريم إسبال شيء

- ‌باب استحباب ترك الترفع في اللباس تواضعا

- ‌باب استحباب التوسط في اللباس ولا يقتصر على ما يزري به

- ‌باب تحريم لباس الحرير على الرجال وتحريم جلوسهم عليه واستنادهم إليه

- ‌باب جواز لبس الحرير لمن به حكة

- ‌باب النهي عن افتراش جلود النمور والركوب عليها

- ‌باب ما يقول إذا لبس ثوبا جديدا

- ‌كتاب آداب النوم

- ‌باب آداب النوم والاضطجاع والقعود والمجلس والجليس والرؤيا

- ‌باب جواز الاستلقاء على القفا ووضع إحدى الرجلين على الأخرى إذا

- ‌باب أداب المجلس والجليس

- ‌باب الرؤيا وما يتعلق بها

- ‌كتاب السلام

- ‌باب كيفية السلام

- ‌باب آداب السلام

- ‌باب استحباب إعادة السلام على من تكرر لقاؤه على قرب بأن

- ‌باب استحباب السلام إذا دخل بيته

- ‌باب السلام على الصبيان

- ‌باب سلام الرجل على زوجته والمرأة من محارمه وعلى أجنبية وأجنبيات

- ‌كتاب عيادة المريض وتشييع الميت

- ‌باب ما يدعى به للمريض

- ‌باب استحباب سؤال أهل المريض عن حاله

- ‌باب ما يقوله من أيس من حياته

- ‌باب استحباب وصية أهل المريض ومن يخدمه بالإحسان إليه واحتماله والصبر

- ‌باب جواز قول المريض أنا وجع أو شديد الوجع أو موعوك

- ‌باب تلقين المختصر لا إله إلا الله

- ‌باب ما يقوله بعد تغميض الميت

- ‌باب ما يقال عند الميت وما يقوله من مات له ميت

- ‌باب جواز البكاء على الميت بغير ندب ولا نياحة

- ‌باب الكف عما يرى من الميت من مكروه

- ‌باب الصلاة على الميت وتشييعه وحضور دفنه وكراهة اتباع النساء الجنائز

- ‌باب استحباب تكثير المصلين على الجنازة وجعل صفوفهم ثلاثة فأكثر

- ‌باب ما يقرأ في صلاة الجنازة

- ‌باب الإسراع بالجنازة

- ‌باب تعجيل قضاء الدين عن الميت والمبادرة إلى تجهيزه إلا أن

- ‌باب الموعظة عند القبر

- ‌باب الدعاء للميت بعد دفنه والقعود عند قبره ساعة للدعاء له

- ‌باب الصدقة عن الميت والدعاء له

- ‌باب ثناء الناس على الميت

- ‌باب فضل من مات له أولاد صغار

- ‌باب البكاء والخوف عند المرور بقبور الظالمين ومصارعهم وإظهار الافتقار إلى

- ‌كتاب آداب السفر

- ‌باب استحباب الخروج يوم الخميس واستحبابه أول النهار

- ‌باب استحباب طلب الرفقة وتأميرهم على أنفسهم واحدا يطيعونه/0

- ‌باب آداب السير والنزول والمبيت والنوم في السفر واستحباب السري والرفق

- ‌باب استحباب تعجيل المسافر الرجوع إلى أهله إذا قضى حاجته

- ‌باب استحباب القدوم على أهله نهارا وكراهته في الليل لغير حاجة

- ‌باب ما يقوله إذا رجع وإذا رأى بلدته

- ‌باب استحباب ابتداء القدوم بالمسجد الذي في جواره وصلاته فيه ركعتين

- ‌باب تحريم سفر المرأة وحدها

- ‌كتاب الفضائل

- ‌باب فضل قراءة القرآن

- ‌باب الأمر بتعهد القرآن والتحذير من تعريضه للنسيان

- ‌باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن وطلب القراءة من حسن الصوت والاستماع

- ‌باب الحث على سور وآيات مخصوصة

- ‌باب استحباب الاجتماع على القراءة

الفصل: ‌باب استحباب تقديم اليمين في كل ما هو من باب التكريم

‌باب استحباب تقديم اليمين في كل ما هو من باب التكريم

كالوضوء والغسل والتيمم ولبس الثوب والنعل والخف والسراويل ودخول المسجد والسواك والاكتحال وتقليم الأظافر وقص الشارب ونتف الإبط وحلق الرأس والسلام من الصلاة والأكل والشرب والمصافحة واستلام الحجر الأسود والخروج من الخلاء والأخذ والعطاء وغير ذلك مما هو في معناه ويستحب تقديم اليسار في ضد ذلك كالامتخاط والبصاق عن اليسار ودخول الخلاء والخروج من المسجد وخلع الخف والنعل والسراويل والثوب والاستنجاء وفعل المستقذرات وأشباه ذلك

قال الله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيَهْ} وقال تعالى: {فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ}

[الشَّرْحُ]

قال المؤلف رحمه الله تعالى (باب استحباب تقديم اليمين في كل ما هو من باب التكريم) والعكس بالعكس فيما يقصد به الإهانة فإنه يبدأ باليد اليسرى وقد ذكر المؤلف رحمه الله تعالى أشياء متعددة مثل

ص: 169

الوضوء والغسل والتيمم ولبس الثوب فالوضوء يبتدئ فيه الإنسان باليمين يبتدئ باليد اليمنى قبل اليد اليسرى وبالرجل اليمنى قبل الرجل اليسرى هذا إذا كانا عضوين متميزين أما إذا كان عضوا واحدا كالوجه مثلا فإننا لا نقول ابدأ بيمين الوجه قبل يساره بل يغسل الوجه مرة واحدة كما جاءت به السنة نعم لو فرض أن الإنسان لا يستطيع أن يغسل وجهه إلا بيد واحدة فهنا يبدأ باليمين بما يقال: يبدأ من اليمين وربما يقال: يبدأ من الأعلى وكذلك مسح الأذنين لا تمسح الأذن اليمنى قبل اليسرى بل يمسحان جميعا إلا إذا كان الإنسان لا يستطيع أن يمسح بيديه جميعا فيبدأ باليمنى قبل اليسرى وكذلك في الغسل إذا أراد الإنسان أن يغتسل من الجنابة فإنه يتوضأ وضوءه للصلاة ثم يفيض الماء على رأسه ثلاث مرات حتى يروي ثم يغسل سائر جسده ويبدأ بالشق الأيمن منه قبل الأيسر لقول النبي صلى الله عليه وسلم للنساء اللاتي كن يغسلن ابنته قال: ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها

ص: 170

فإذا كنت تحت الصنبور وهو يصيب على رأسك وأنت تريد أن تغتسل فإذا غسلت رأسك وأرويته فابدأ بغسل الجانب الأيمن من الجسد قبل الأيسر هذا هو السنة كذلك في التيمم ولكن التيمم جاءت السنة أن الإنسان يمسح وجهه بيديه جميعا ثم يمسح كل واحدة بالأخرى فلا يظهر فيها التيامن لأن التيمم في عضوين فقط في الوجه والكفين وإذا كان في الوجه والكفين فالوجه يمسح مرة واحدة والكفان يمسح بعضهما ببعض كذلك لبس الثوب والنعل والخف والسراويل كل هذه يبدأ فيها باليمين إذا أردت أن تلبس الثوب فأدخل اليد اليمنى في كمها قبل اليد اليسرى في السراويل أدخل الرجل اليمنى في كمها قبل أن تدخل الرجل اليسرى في النعل إذا أردت أن تلبس النعل ابدأ بالرجل اليمنى أدخلها في النعل قبل اليسرى كذلك في الخف والجوارب ابدأ بالرجل اليمنى قبل الرجل اليسرى هذه هي السنة كما جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك دخول المسجد تبدأ بالرجل اليمنى قبل الرجل اليسرى تقصد ذلك فإذا أقبلت على المسجد فانتبه حتى تكون رجلك اليمنى هي الداخلة الأولى

ص: 171

كذلك أيضا السواك إذا أراد الإنسان يتسوك فيبدأ بالجانب الأيمن قبل الأيسر وكذلك الاكتحال إذا أراد أن يكتحل يبدأ بالعين اليمنى قبل اليسرى كذلك تقليم الأظفار يبدأ بالأيمن قبل الأيسر فيبدأ مثلا في اليمنى بالخنصر ثم البنصر ثم الواسطى ثم السبابة ثم الإبهام وفي اليد اليسرى يبدأ بتقليم الإبهام ثم السبابة ثم الوسطى ثم البنصر ثم الخنصر ويبدأ أيضا بالقدم اليمنى في تقليم أظافرها قبل القدم اليسرى كذلك في قص الشارب ابدأ بالجانب الأيمن منه قبل الأيسر كذلك نتف الإبط وحلق الرأس نتف الإبط سنة فإذا أردت أن تنتف الآباط يعني تنتف الشعر فابدأ بالإبط الأيمن قبل الأيسر وكذلك في حلق الرأس ابدأ بالجانب الأيمن من الرأس قبل الأيسر وكذلك أيضا السلام من الصلاة يلتفت الإنسان عن يمينه قبل أن يلتفت عن يساره وكذلك الأكل والشرب فيأكل بيمينه ويشرب بيمينه ولا يجوز أن يأكل باليسرى أو يشرب باليسرى لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك

ص: 172

وقال: إن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله فإذا رأيت رجلين أحدهما يأكل باليمين ويشرب باليمين والثاني يأكل بالشمال ويشرب بالشمال فالأول على هدى النبي صلى الله عليه وسلم والثاني على هدى الشيطان وهل يرضى أحد من الناس أن يتبع هدى الشيطان ويعرض عن هدى محمد صلى الله عليه وسلم لا أحد يريد ذلك أبدا لكن الشيطان يزين للناس الأكل بالشمال والشرب بالشمال وربما بعض الناس يظن أن هذا تقدم وحضارة لأن الغربيين الكفرة يقدمون اليسار عن اليمين ولهذا يجب علي الإنسان أن يأكل باليمين وأن يشرب باليمين إلا للضرورة ويجب علينا أيضا أن نعلم أولادنا الصغار أن يأكلوا باليمين ويشربوا باليمين كذلك المصافحة يصافح باليمين ولا يصافح باليسار فإن مد إليك يده اليسرى للمصافحة فلا تصافحه اهجره لأنه خالف السنة إلا إذا كانت اليد اليمنى شلاء لا يستطيع أن يحركها فهذا عذر كذلك استلام الحجر الأسود باليمين وكذلك إذا لم يستطع الإنسان مسحه فإنه يشير إليه ويكون ذلك باليد اليمنى وكذلك استلام الركن اليماني يكون باليمين ونحن نرى الآن بعض الطائفتين يمسح الحجر الأسود باليسرى أو يشير إليه باليسرى أو يشير إليه باليدين جميعا أما الركن اليماني فإن استطعت أن تستلمه يعني تمسحه باليد فافعل وإلا فلا تشر إليه لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أشار إليه

ص: 173

والغالب أن هذا جهل منهم فإذا رأيت أحدا يمسح الركن اليماني أو الحجر الأسود باليد اليسرى فنبهه أن هذا ليس من الإكرام فليس من إكرام بيت الله أن تمسح الركن اليماني أو الحجر الأسود باليد اليسرى بل امسحهما باليد اليمنى كذلك الخروج من الخلاء يعني إذا دخلت الحمام لقضاء الحاجة من بول أو غائط ثم خرجت فقدم الرجل اليمنى لأن خارج الخلاء أحق بالتكريم من الخلاء فإذا خرجت فابدأ بالرجل اليمنى كذلك الأخذ والإعطاء وغير ذلك الأخذ والإعطاء يعني إذا أردت أن تناول صاحبك شيئا فناوله باليمين وإذا أردت أن تأخذ شيئا يناولك إياه فخذه باليمين هذه أخلاق الإسلام لكن بعض الناس يناولك باليسار ويأخذ منك باليسار ظنا منه أن هذا هو التقدم لأن الكفرة يأخذون باليسار ويعطون باليسار وسبحان الله العظيم أصحاب الشمال لهم الشمال لأن الكفرة أصحاب الشمال والمؤمنون هم أصحاب اليمين ولهذا تجد الكافر دائما يفضل اليسار لأنه أهل اليسار

ص: 174

وأهل الشمال فهو من أهل اليسار في الدنيا وفي الآخرة والعياذ بالله إذا كل هذه الأمور ابدأ فيها باليمين وكذلك غيرهما مما يشمله التكريم كل شيء للتكريم فإنه يبدأ فيه باليمين لأن اليمين أكرم وأفضل أما اليسار فبالعكس ثم ذكر المؤلف أشياء مما يقدم فيها اليسار، كالامتخاط والبصاق فإنه يكون باليسار الامتخاط: يعني إذا استنثر الإنسان ليخرج ما في أنفه من الأذى فإنه يكون باليد اليسرى وكذلك لو أراد أن يمسح المخاط فإنه يكون باليد اليسرى وكذلك عند دخول الخلاء يقدم الرجل اليسرى وأما الخروج منه فقد سبق أنه يقدم الرجل اليمنى وكذلك إذا خرج من المسجد فإنه يقدم الرجل اليسرى وكذلك إذا أراد أن يخلع النعل أو أن يخلع الخف أو أن يخلع الثوب أو أن يخلع السراويل فإنه يبدأ بإخراج الرجل اليسرى وتكون اليمنى هي الأولى عند اللبس كذلك الاستنجاء يكون باليد اليسرى وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن

ص: 175

يستنجئ الرجل بيمينه لأن اليمين محل الإكرام ويؤكل بها ويشرب بها فينبغي إبعادها عن القاذورات وكذلك كل شيء مستقذر فإنه يكون باليد اليسرى وأما اليمنى فهي لما يكون فيه الإكرام ولغيره مما إكرام فيه ولا إهانة فاليسرى تكون الأذى واليمنى لما سواها واعلم أن الناس حينما ظهرت الساعات التي تتعلق باليد صاروا يلبسونها باليد اليسار من أجل أن تبقى اليد اليمنى طليقه ليس فيها ساعة يتأذى بها الإنسان عند الحركة لأن حركة اليمنى أكثر من حركة اليسرى ويحتاج الإنسان لحركة اليمنى أكثر فكانوا يجعلونها في اليد اليسرى لأن ذلك أسهل ولأن اليد اليمنى هي التي يكون فيها العمل غالبا فربما تتعرض الساعة لشيء يضرها ولذلك جعلوها باليسار وقد ظن بعض الناس أن الأفضل جعلها في اليمين بناء على تقديم اليد اليمنى ولكن هذا ظن ليس مبنيا على صواب لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يتختم بيمينه ويتختم أحيانا بيساره وربما كان تختمه بيساره أفضل ليسهل أخذ الخاتم باليد اليمنى

ص: 176

والساعة أقرب ما تكون للخاتم فلا تفضل فيها اليمنى على اليسرى ولا اليسرى على اليمنى الأمر في هذا واسع وإن شئت جعلتها باليمين وإن شئت جعلتها باليسار كل هذا لا حرج فيه ثم ذكر المؤلف آيتين من كتاب الله هما قوله تعالى: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَؤُوا كِتَابِيَهْ وهذا يكون يوم القيامة فإن الناس يؤتون كتبهم أي كتب أعمالهم التي كتب فيها عمل الإنسان إما باليمين وإما بالشمال {من أوتي كتابه بيمينه} جعلنا الله منهم فإنه يأخذه فرحا مسرورا يقول للناس: انظروا إلى {اقرءوا كتابيه} كما نشاهد الآن الطالب إذا أخذ ورقة النجاح صار يريها أصدقاءه وأقاربه فرحا بها {وأما من أوتي كتابه بشماله} فإنه على العكس من ذلك يتمنى أنه لم يؤت الكتاب فضلا عن أن يطلع عليه غيره والآية الأخرى التي ذكرها المؤلف فهي قوله تعالى: {فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ مَا أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ} فذكر اله سبحانه أن الناس يكونون يوم القيامة ثلاثة أقسام: أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة والسابقون فالسابقون هم المقربون وأصحاب الميمنة ناجون وأصحاب المشأمة هالكون فهم يوم القيامة ثلاثة أصناف

ص: 177

وهم كذلك عند خروج الروح من البدن ثلاثة أصناف ذكر الله في سورة الواقعة أحوالهم يوم القيامة وذكر في آخرها أحوالهم عند الاختصار فقال: {فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِن لَا تُبْصِرُونَ فَلَوْلَا إِن كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ تَرْجِعُونَهَا إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ فَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ} والمقربون هم السابقون الذين يسبقون إلى الخيرات في كل نوع من أنواع الخير {وَأَمَّا إِن كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ فَسَلَامٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ وَأَمَّا إِن كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ} وهؤلاء هم أصحاب المشأمة والعياذ بالله فهم المكذبون الضالون أعاذنا الله من حالهم وأشار المؤلف رحمه الله في هاتين إلى أن أهل اليمين للفضائل الدائمة في الدنيا وفي الآخرة ويأتي إن شاء الله بقية الكلام على هذا

ص: 178

721 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في شأنه في ظهوره وترجله وتنعله متفق عليه

722 -

وعنها قالت: كانت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم اليمنى لطهوره وطعامه وكانت اليسرى لخلائه وما كان من أذى حديث صحيح رواه أبو داود وغيره بإسناد صحيح

[الشَّرْحُ]

نقل المؤلف رحمه الله تعالى في باب استحباب تقديم اليمن فيما من شأنه التكريم عن عائشة رضي الله عنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه التيامن في شأنه كله في شأنه كله أي: في جميع أحواله يعجبه يعني يسره ويستحسن البداءة باليمين في كل شيء في طهوره وترجله وتنعله في طهوره يعني إذا تطهر يبدأ باليمين فيبدأ بغسل اليد اليمنى قبل اليسرى وبغسل الرجل اليمنى قبل اليسرى وأما الأذنان فإنهما عضو واحد داخلان في الرأس فيمسح بهما جميعا إلا إذا كان لا يستطيع أن يمسح إلا بيد واحدة فهنا يبدأ بالأذان اليمنى للضرورة

ص: 179

قالت وترجله والترجل يعني تسريح الشعر ومشطه ودهنه وكان الرسول صلى الله عليه وسلم كعادة الناس في ذلك الوقت لا يأخذ رأسه إلا في حج أو عمرة لكن أحيانا يأخذ منه وأحيانا يبقيه فأحيانا يكون إلى شحمه أذنيه وأحيانا ينزل حتى يضرب على منكبيه فكان صلى الله عليه وسلم يتعاهده بالتنظيف والتسريح والدهن حتى نظيفا لا يكون فيه الغبار ولا القمل ولا غير ذلك مما يستقذر وكذلك أيضا يعجبه التيمن في تنعله أي إذا لبس النعل فإنه يبدأ باليمين قبل اليسار وإذا خلع يبدأ باليسار قبل اليمين وكذلك الثوب إذا لبسه بإدخال الكم اليمين قبل اليسار وكذلك السروال يبدأ بإدخال الرجل اليمنى قبل اليسرى والعكس في الخلع وفي الحديث الثاني عن عائشة رضي الله عنها أنها بينت ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يستعمل فيه اليمين ويستعمل فيه اليسار فذكرت أن الذي يستعمل فيه اليسار ما كان فيه أذى كالاستنجاء والاستجمار والاستنشاق والاستنثار وما أشبه ذلك كل ما فيه أذى فإنه تقدم فيه اليسرى وما سوى ذلك فإنه تقدم فيه اليمنى تكريما لها لأن الأيمن أفضل من الأيسر كما سبق

ص: 180

723 -

وعن أم عطية رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهن في غسل ابنته زينب رضي الله عنها ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها متفق عليه

724 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمنى وإذا نزع فليبدأ بالشمال لتكن اليمنى أولهما تنعل وآخرهما تنزع متفق عليه

725 -

وعن حفصة رضي الله عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجعل يمينه لطعامه وشرابه وثيابه ويجعل يساره لما سوى ذلك رواه أبو داود وغيره

726 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا لبستم وإذا توضأتم فابدؤوا بأيامنكم حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي بإسناد صحيح

727 -

وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى مني:

ص: 181

فأتى الجمرة فرماها ثم أتى منزله بمنى ونحر ثم قال للحلاق خذ وأشار إلى جانبه الأيمن ثم الأيسر ثم جعل يعطيه الناس متفق عليه وفي رواية: لما رمى الجمرة ونحر نسكه وحلق ناول الحلاق شقه الأيمن فحلقه ثم دعا أبا طلحة الأنصاري رضي الله عنه فأعطاه إياه ثم ناوله الشق الأيسر فقال: احلق فحلقه فأعطاه أبا طلحة فقال: اقسمه بين الناس

[الشَّرْحُ]

هذه الأحاديث في بيان استحباب البداءة باليمين فيما طريقه التكريم وتقديم اليسار فيما طريقه الأذى والقذر كالاستنجاء والاستجمار وما أشبه ذلك فذكر المؤلف حديثا عن أم عطية رضي الله عنها من نساء الأنصار وكان لها أعمال جليلة منها أنها كانت تغسل الأموات من النساء فلما ماتت زينب بنت محمد صلى الله عليه وسلم وحضرن ليغسلنها فقال لهن النبي صلى الله عليه وسلم ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها وكيفية تغسيل الميت بأن تخلع ثيابه بعد أن توضع على

ص: 182

عورته ما يسترها ثم يضع الغاسل خرقة على يده فينجيه يعني يغسل فرجه القبل والدبر حتى ينظفه ثم بعد ذلك يزيل هذه الخرقة ويغسل كفيه كما يتوضأ الإنسان في العادة ثم يأخذ خرقة مبلولة بالماء فينظف أسنانه وفمه وينظف منخريه بدلا عن المضمضة والاستنشاق ولا يدخل الماء في فمه ولا في أنفه لأنه إذا فعل ذلك نزل الماء إلى جوفه وربما يخرج فيؤذيهم عند التغسيل ثم بعد هذا يغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ويمسح رأسه ويغسل رجليه وضوءا كاملا ثم بعد ذلك يغسل رأسه برغوة السدر بعد أن يكون قد أعد ماء فيه سدر مطحون يضربه بيده حتى يكون له رغوة فيأخذ الرغوة ويغسل بها رأس الميت ثم يغسل ببقية السدر بقية البدن على أن المرأة لا يغسلها إلا نساء حتى أبوها لا يغسلها ولا ابنها ولا أحد من محارمها إلا النساء أو الزوج والرجل لا يغسله إلا رجل لا تغسله أمه ولا بنته ولا أحد من النساء إلا زوجته فالزوج يغسل زوجته والزوجة تغسل زوجها وما سوى ذلك لا يغسل الذكر الأنثى ولا الأنثى الذكر حضرت النساء لتغسيل زينب بنت الرسول صلى الله عليه وسلم فقال صلى الله عليه وسلم: ابدأن بميامنها يعني بالأيمن قبل الأيسر اليد اليمنى قبل اليسرى

ص: 183

والرجل اليمنى قبل اليسرى والشق الأيمن قبل الشق الأيسر ومواضع الوضوء منها ففعلن ذلك وجعلن رأسها ثلاثة قرون يعني ثلاث جدايل الجانب الأيمن قرن والأيسر قرن ووسط الرأس قرن وألقينه خلفها ثم أعطاهن النبي صلى الله عليه وسلم حقوه يعني إزاره وقال: أشعرنها إياه يعني الففنه على جسدها مباشرة تبركا بإزار النبي صلى الله عليه وسلم ففعلن ذلك والشاهد من هذا قوله ابدأن بميامنها ثم ذكر المؤلف أحاديث فيها معنى ما تقدم كحديثي أبي هريرة رضي الله عنه في لبس الثوب والنعل والوضوء وكذلك حديث حفصة رضي الله عنها ثم ذكر حديث أنس بن مالك رضي الله عنه في قصة حلق النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فإن النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع لما بات بمزدلفة وصلى الفجر وجلس يدعو حتى أسفر جدا ودفع قبل أن تطلع الشمس ووصل إلى جمرة العقبة وقد ارتفع النهار وصار للشمس حرارة فرمى الجمرة وذلك يوم العيد وذهب صلى الله عليه وسلم إلى منزله فدعا بالحلاق فحلق رأسه وأشار صلى الله عليه وسلم إلى الشق الأيمن فبدأ الحلاق بالشق الأيمن وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعفي شعر الرأس فكان شعر رأسه كثيرا فبدأ بالشق الأيمن فحلقه ثم

ص: 184

دعا أبا طلحة رضي الله عنه الأنصاري وأعطاه شعر الشق الأيمن كله ثم حلق بقية الرأس ودعا أبا طلحة وأعطاه إياه وقال: اقسمه بين الناس فقسمه فمن الناس من ناله شعرة واحدة ومنهم من ناله شعرتان ومنهم من ناله أكثر حسب ما تيسر وذلك لأجل التبرك بهذا الشعر الكريم شعر النبي صلى الله عليه وسلم وكون أبا طلحة خصه الرسول بالجنب الأيمن كله يدل على أن من الناس من يختص بخصيصة يخص الله بها وإن كان في الصحابة من هو أفضل منه فأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وكثير من الصحابة أفضل من أبي طلحة لكن فضل الله عز وجل يؤتيه من يشاء وكان الصحابة يتبركون بشعر النبي صلى الله عليه وسلم وبثيابه وبعرقه لكن غيره لا يتبرك بشعره ولا بثيابه ولا بعرقه وكان عند أم سلمة رضي الله عنها إحدى زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم شعرات من شعر الرسول صلى الله عليه وسلم وضعتها في جلجل يعني طابوق من الفضة وجعلته من الفضة تكريما لشعر الرسول صلى الله عليه وسلم فكان الناس إذا مرض عندهم مريض جاءوا إليها فصبت على الشعر ماء وحركته به ثم أعطته المريض فيشفى بإذن الله ببركة شعر النبي صلى الله عليه وسلم ولكن هذا ليس لغير النبي صلى الله عليه وسلم فإن الصحابة لم يتبركوا بشعر أبي بكر وهو أفضل الأمة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم ولا بشعر عمر

ص: 185

ولا غيره من الصحابة وكذلك من دونهم لا يتبرك بشعره ولا بعرقه ولا بثيابه إنما ذلك خاص برسول الله صلى الله عليه وسلم والشاهد من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أشار إلى الحلاق أن يبدأ بالجانب الأيمن فإذا حججت وأردت أن تحلق أو تقصر فابدأ بالجانب الأيمن وكذلك لو حلقت حلقا عاديا فابدأ بالجانب الأيمن

ص: 186