المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن وطلب القراءة من حسن الصوت والاستماع - شرح رياض الصالحين لابن عثيمين - جـ ٤

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌باب النهي عن سؤال الإمارة واختيار ترك الولايات إذا لم يتعين

- ‌باب حث السلطان والقاضي وغيرهما من ولاة الأمور على اتخاذ وزير

- ‌باب النهي عن تولية الإمارة والقضاء وغيرهما من الولايات لمن سألها

- ‌كتاب الأدب

- ‌باب الحياء وفضله والحث على التخلق به

- ‌باب حفظ السر

- ‌باب الوفاء بالعهد وإنجاز الوعد

- ‌باب المحافظة على ما اعتاده من الخير

- ‌باب استحباب طيب الكلام وطلاقة الوجه عند اللقاء

- ‌باب استحباب بيان الكلام وإيضاحه للمخاطب وتكريره ليفهم إذا لم

- ‌باب إصغاء الجليس لحديث جليسه الذي ليس بحرام واستنصات العالم والواعظ

- ‌باب الوعظ والاقتصاد فيه

- ‌باب الوقار والسكينة

- ‌باب الندب إلى إتيان الصلاة والعلم ونحوهما من العبادات بالسكينة والوقار

- ‌باب إكرام الضيف

- ‌باب استحباب التبشير والتهنئة بالخير

- ‌باب وداع الصاحب ووصيته عند فراقه لسفر وغيره والدعاء له وطلب

- ‌باب الاستخارة والمشاورة

- ‌باب استحباب الذهاب إلى العيد وعيادة المريض والحج والغزو والجنازة ونحوها

- ‌باب استحباب تقديم اليمين في كل ما هو من باب التكريم

- ‌كتاب أدب الطعام

- ‌باب التسمية في أوله والحمد في آخره

- ‌باب لا يعيب الطعام واستحباب مدحه

- ‌باب ما يقوله من حضر الطعام وهو صائم إذا لم يفطر

- ‌باب ما يقوله من دعي إلي طعام فتبعه غيره

- ‌باب الأكل مما يليه ووعظه وتأديبه من يسيء أكله

- ‌باب النهي عن القران بين تمرتين ونحوهما إذا أكل جماعة إلا

- ‌باب ما يقوله ويفعله من يأكل ولا يشبع

- ‌باب الأمر بالأكل من جانب القصعة والنهي عن الأكل من وسطها

- ‌باب كراهية الكل متكئا

- ‌باب استحباب الأكل بثلاثة أصابع واستحباب لعق الأصابع وكراهة مسحها قبل

- ‌باب أدب الشرب واستحباب النفس ثلاثا خارج الإناء وكراهة التنفس في

- ‌باب كراهة الشرب من فم القربة ونحوها وبيان أنه كراهة تنزيه

- ‌باب كراهة النفخ في الشراب

- ‌باب بيان جواز الشرب قائما وبيان أن الأكمل والأفضل الشرب قاعدا

- ‌باب استحباب كون ساقي القوم أخرهم شربا

- ‌باب جواز الشرب من جميع الأواني الطاهرة غير الذهب والفضة وجواز

- ‌كتاب اللباس

- ‌باب استحباب الثوب الأبيض وجواز الأحمر والأخضر والأصفر والأسود وجوازه من

- ‌باب استحباب القميص

- ‌باب صفة طول القميص والكم والإزرار وطرف العمامة وتحريم إسبال شيء

- ‌باب استحباب ترك الترفع في اللباس تواضعا

- ‌باب استحباب التوسط في اللباس ولا يقتصر على ما يزري به

- ‌باب تحريم لباس الحرير على الرجال وتحريم جلوسهم عليه واستنادهم إليه

- ‌باب جواز لبس الحرير لمن به حكة

- ‌باب النهي عن افتراش جلود النمور والركوب عليها

- ‌باب ما يقول إذا لبس ثوبا جديدا

- ‌كتاب آداب النوم

- ‌باب آداب النوم والاضطجاع والقعود والمجلس والجليس والرؤيا

- ‌باب جواز الاستلقاء على القفا ووضع إحدى الرجلين على الأخرى إذا

- ‌باب أداب المجلس والجليس

- ‌باب الرؤيا وما يتعلق بها

- ‌كتاب السلام

- ‌باب كيفية السلام

- ‌باب آداب السلام

- ‌باب استحباب إعادة السلام على من تكرر لقاؤه على قرب بأن

- ‌باب استحباب السلام إذا دخل بيته

- ‌باب السلام على الصبيان

- ‌باب سلام الرجل على زوجته والمرأة من محارمه وعلى أجنبية وأجنبيات

- ‌كتاب عيادة المريض وتشييع الميت

- ‌باب ما يدعى به للمريض

- ‌باب استحباب سؤال أهل المريض عن حاله

- ‌باب ما يقوله من أيس من حياته

- ‌باب استحباب وصية أهل المريض ومن يخدمه بالإحسان إليه واحتماله والصبر

- ‌باب جواز قول المريض أنا وجع أو شديد الوجع أو موعوك

- ‌باب تلقين المختصر لا إله إلا الله

- ‌باب ما يقوله بعد تغميض الميت

- ‌باب ما يقال عند الميت وما يقوله من مات له ميت

- ‌باب جواز البكاء على الميت بغير ندب ولا نياحة

- ‌باب الكف عما يرى من الميت من مكروه

- ‌باب الصلاة على الميت وتشييعه وحضور دفنه وكراهة اتباع النساء الجنائز

- ‌باب استحباب تكثير المصلين على الجنازة وجعل صفوفهم ثلاثة فأكثر

- ‌باب ما يقرأ في صلاة الجنازة

- ‌باب الإسراع بالجنازة

- ‌باب تعجيل قضاء الدين عن الميت والمبادرة إلى تجهيزه إلا أن

- ‌باب الموعظة عند القبر

- ‌باب الدعاء للميت بعد دفنه والقعود عند قبره ساعة للدعاء له

- ‌باب الصدقة عن الميت والدعاء له

- ‌باب ثناء الناس على الميت

- ‌باب فضل من مات له أولاد صغار

- ‌باب البكاء والخوف عند المرور بقبور الظالمين ومصارعهم وإظهار الافتقار إلى

- ‌كتاب آداب السفر

- ‌باب استحباب الخروج يوم الخميس واستحبابه أول النهار

- ‌باب استحباب طلب الرفقة وتأميرهم على أنفسهم واحدا يطيعونه/0

- ‌باب آداب السير والنزول والمبيت والنوم في السفر واستحباب السري والرفق

- ‌باب استحباب تعجيل المسافر الرجوع إلى أهله إذا قضى حاجته

- ‌باب استحباب القدوم على أهله نهارا وكراهته في الليل لغير حاجة

- ‌باب ما يقوله إذا رجع وإذا رأى بلدته

- ‌باب استحباب ابتداء القدوم بالمسجد الذي في جواره وصلاته فيه ركعتين

- ‌باب تحريم سفر المرأة وحدها

- ‌كتاب الفضائل

- ‌باب فضل قراءة القرآن

- ‌باب الأمر بتعهد القرآن والتحذير من تعريضه للنسيان

- ‌باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن وطلب القراءة من حسن الصوت والاستماع

- ‌باب الحث على سور وآيات مخصوصة

- ‌باب استحباب الاجتماع على القراءة

الفصل: ‌باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن وطلب القراءة من حسن الصوت والاستماع

‌باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن وطلب القراءة من حسن الصوت والاستماع

لها

1004 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما أذن لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به متفق عليه.

معنى أذن الله أي استمع وهو إشارة إلى الرضي والقبول.

1005 -

وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود متفق عليه.

وفي رواية لمسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له لو رأيتني وأنا أستمع لقراءتك البارحة

ص: 659

[الشَّرْحُ]

قال المؤلف رحمه الله في كتابه (رياض الصالحين) في آداب القراءة باب استحباب تحسين الصوت بالقراءة وطلب القراءة من حسن الصوت والاستماع إليه هاتان مسألتان: المسألة الأولى استحباب تحسين الصوت في قراءة القرآن وتحسين الصوت ينقسم إلى قسمين أحدهما تحسين الأداء بحيث يبين الحروف ويخرجها من مخارجها حتى يبدو القرآن واضحا بينا فلا يخفى ولا يحذف شيء من الحروف لئلا ينقص شيء مما أنزله الله على رسوله صلى الله عليه وسلم.

الثاني تحسين النغمة بالصوت يحسن به صوته وكلاهما أمر مطلوب ولكن الأمر الأول تحسين الأداء لا ينبغي المبالغة فيه والغلو فيه بحيث تجد الرجل يقرأ القرآن يتكلف ويحمر وجهه ويتكلف في الغنة وفي الإدغام وفي مثل ذلك فإن هذا من إقامة الحروف المتكلفة ولكن لتكن قراءته طبيعية يبين فيها الحروف والحركات هذا هو المطلوب وأما الغلو والمبالغة فإنهما ليسا مطلوبين وبه نعلم أن تعلم التجويد ليس بواجب لأنه يعود إلى تحسين الصوت بدون غلو ولا مبالغة فهو من الأمور المستحبة التي يتوصل بها الإنسان إلى شيء

ص: 660

مستحب لا إلى شيء واجب.

وأما القسم الثاني هو تحسين الصوت فقد يقول قائل حسن الصوت ليس باختيار الإنسان لأن الله تعالى هو الذي يمن على من يشاء من عباده فيعطيه حنجرة قوية وصوتا طيبا فيقال نعم الأمر كذلك لكن يحسن الإنسان الصوت بالتعلم لأن حسن الصوت غريزي ومكتسب فلا يزال يقرأ بصوت حسن حتى يتعلم ويؤدي بصوت حسن & ثم ذكر المؤلف رحمه الله حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما أذن الله لشيء إذنه لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به.

أذن قال العلماء استمع يعني ما استمع الله لشيء من الأشياء التي يسمعها جل وعلا مثل استماعه لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به يعني نبي والأنبياء هم أفضل طبقات الخلق يتغنى بالقرآن يعني يقرؤه بصوت حسن يجهر به يعني يرفع صوته به فهذا هو الذي يأذن الله له أي يستمع له جل وعلا لأنه يحب الصوت الحسن بالقرآن والأداء الحسن.

ثم ذكر حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه وهو عبد الله بن قيس أحد خطباء النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم استمع إلى قراءته ذات ليلة فأعجبته فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي موسى لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود

ص: 661

وآل داود يعني به داود صلى الله عليه وسلم داود عنده صوت حسن جميل رفيع حتى قال الله تعالى يا جبال أوبي معه والطير وألنا له الحديد فكانت الجبال ترجع مع داود وهو يتلو الزبور لحسن صوته تجاوبه جبال أحجار جامدة وكذلك الطير تؤوب معه سبحان الله تأتي فإذا سمعت قراءته تجمعت في جو السماء وجعلت ترجع معه فكانت الجبال والطيور إذا سمعت قراءة داود للزبور قامت ترجع معه ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي موسى لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود يعني صوتا حسنا كصوت آل داود يقول أبو موسى لما قال له الرسول لو رأيتني وأنا أستمع لقراءتك البارحة قال لو علمت أنك تستمع أو قال تسمع لحبرته لك تحبيرا يعني يزينه أحسن مما كان.

قال العلماء وفي هذا دليل على أن الإنسان لو حسن صوته بالقرآن لأجل أن يتلذذ السامع ويسر به فإن ذلك لا بأس به ولا يعد من الرياء بل هذا مما يدعو إلى الاستماع لكلام الله عز وجل حتى يسر الناس به ولهذا يوجد

ص: 662

بعض الناس إذا ضاق صدره استمع إلى قراءة إنسان حسن القراءة حسن الصوت وهذه متيسرة الآن في أشرطة لبعض القراء الذي لا يتكلفون القراءة وأصواتهم حسنة وأداؤهم حسن إذا استمع الإنسان إليهم لا يكاد يمل لأن كلام الله له تأثير إذا جاء من إنسان حسن الصوت وحسن الأداء لا يمل.

ويستفاد من هذين الحديثين أنه ينبغي للإنسان أن يقرأ القرآن على أكمل ما يمكنه أن يقرأه عليه من حسن الصوت وحسن الأداء ونسأل الله تعالى أن يجعلني وإياكم ممن يقيم حروفه وحدوده حتى يكون حجة لنا لا علينا والله الموفق.

1006 -

وعن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في العشاء بالتين والزيتون فما سمعت أحدا أحسن صوتا منه متفق عليه.

1007 -

وعن أبي لبابة بشير بن عبد المنذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من لن يتغن بالقرآن فليس منا رواه أبو داود بإسناد

ص: 663

جيد.

ومعنى يتغنى يحسن صوته بالقرآن.

1008 -

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال لي النبي صلى الله عليه وسلم اقرأ علي القرآن فقلت يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل قال إني أحب أن أسمعه من غيري فقرأت عليه سورة النساء حتى جئت إلى هذه الآية {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا} قال حسبك الآن فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان متفق عليه.

[الشَّرْحُ]

هذه الأحاديث في بيان تحسين الصوت والقراءة في القرآن الكريم فحديث البراء بن عازب رضي الله عنه أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء فقرأ والتين والزيتون قال فما سمعت قراءة أحسن من قراءته أو قال صوتا أحسن من صوته وكلاهما صحيح فالنبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس صوتا بالقرآن وهو أول وأولى من يدخل في قوله فيما سبق من حديث ما أذن الله لشيء

ص: 664

إذنه لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به فرسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس صوتا بالقرآن وأحسن الناس أداء في القراءة لأن القرآن عليه أنزل والقرآن هو خلقه صلى الله عليه وسلم.

وفي هذا الحديث دليل على أن صلاة العشاء لا بأس أن يقرأ فيها بقصار المفصل لأن سورة التين من قصار المفصل ولكن الأكثر أن يقرأ فيها من أوساطه لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر معاذ بن جبل أن يقرأ فيها بـ (سبح اسم ربك الأعلى)(هل أتاك حديث الغاشية)(والليل إذا يغشى)(والشمس وضحاها) وما أشبه ذلك لكن لا حرج أن يقرأ بقصار المفصل (كالتين وإذا زلزلت) وما أشبه ذلك وكذلك أيضا حث النبي صلى الله عليه وسلم على التغني بالقرآن وقال من لم يتغن بالقرآن فليس منا.

قال العلماء وهذه الكلمة لها معنيان الأول (من لم يتغن به) أي من لم يستغن به عن غيره بحيث يطلب الهدى من سواه فليس منا فهذا لا شك أن من طلب الهدى من غير القرآن أضله الله والعياذ بالله.

والمعنى الثاني (من لم يتغن) أي من لم يحسن صوته بالقرآن

ص: 665

فليس منا فيدل على أنه ينبغي للإنسان أن يحسن صوته بالقرآن وأن يستغنى به عن غيره.

وأما الحديث الثالث عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم طلب منه أن يقرأ عليه فقال عبد الله بن مسعود أأقرأ عليك وعليك أنزل فقال صلى الله عليه وسلم إني أحب أن أسمعه من غيري لأن الإنسان الذي يستمع قد يكون أقرب إلى تدبر القرآن من القارئ فالقارئ تجده يركز على ألا يخطئ في القراءة والمستمع يتدبر ويتأمل ولهذا قيل (القارئ حالب والمستمع شارب) يعني القارئ يحلب الناقة أو الشاة والمستمع شارب فهو الذي يستفيد المهم أن النبي صلى الله عليه وسلم طلب من عبد الله بن مسعود أن يقرأ عليه فقال أأقرأ القرآن وعليك أنزل قال إني أحب أن أسمعه من غيري فقرأ بسورة النساء حتى إذا جاء إلى قول الله تعالى {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيد} يعني كيف تكون الحال فقال صلى الله عليه وسلم حسبك الآن يقول فالتفت فإذا عيناه تذرفان يبكي صلى الله عليه وسلم أن يؤتى به يوم القيامة شهيدا على أمته لأنه يؤتى يوم القيامة من كل أمة بشهيد الأنبياء شهداء العلماء شهداء لأن العلماء واسطة بين الرسل وبين الخلق هم الذين يحملون شريعة الرسل إلى الخلق فهم شهداء

ص: 666

فالعالم يشهد بأمرين.

أمر أعلى وأمر أسفل الأمر الأعلى يشهد بأن هذا حكم الله والأمر الأسفل يشهد لأنه قد بلغ الناس لأن العالم يبلغ فمثلا يقرأ آية حديثا ويقول للناس معناها كذا وكذا اعلموا بها فيشهد عليهم فهو شاهد من طرفين طرف أعلى وطرف أسفل الطرف الأعلى أنه يشهد بأن هذا حكم الله بلغه للعباد والأسفل أنه يشهد أنه بلغ الناس به فقامت عليهم الحجة فيوم القيامة يؤتى من كل أمة بشهيد وأول من يشهد الرسل نشهد أننا بلغنا رسالة ربنا إلى خلقه ويؤتى من هذه الأمة بـ محمد صلى الله عليه وسلم يستشهده الله فيشهد أنه بلغ مع أن النبي صلى الله عليه وسلم استشهد ربه في أكبر مجمع للمسلمين في ذلك الوقت في يوم عرفة لما خطب الناس الخطبة الطويلة العظيمة البليغة قال ألا هل بلغت قالوا نعم قال اللهم اشهد قال ألا هل بلغت قالوا نعم قال اللهم اشهد قال

ص: 667

ألا هل بلغت قالوا نعم قال اللهم اشهد.

لما وصل إلى هذه الآية بكى صلى الله عليه وسلم لأمه تصور هذه الحال تخيلها حالا عظيمة كل أمة جاثية وكل أمة تدعى إلى كتابها كل أمة تأتي على الركب من شدة الهول وعظمته {كل أمة تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون} ولهذا قال في الآية الكريمة التي وقف عليها عبد الله بن مسعود {يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض} يعنى يودون أنهم ما بعثوا وما قبضوا {ولا يكتمون الله حديثا} {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا} يودون أنهم بقوا في الأرض أو أن يكونوا ترابا ولكن لا ينفعهم ولهذا قال تعالى {ولا يكتمون الله حديثا} فالمهم أنه يجوز للإنسان أن يطلب من شخص قارئ أن يقرأ عليه ولو كان هذا القارئ أقل منه علما لأن بعض الناس يعطيه الله تعالى حسن صوت وحسن أداء وإن كان قليل العلم فلا بأس أن تقول يا فلان جزاك الله خيرا اقرأ علي إما أن تعين له ما يقرأ وإما أن تدع الأمر إليه فتستمع وفي هذا الحديث بركة القرآن أنه ينتفع به القارئ والمستمع ولا شك أن القرآن أعظم الكتب بركة وأفيدها

ص: 668

وأصلحها للقلب وأرضاها للرب نسأل الله أن يجعلني وإياكم من أهل القرآن الذين يعملون به ظاهرا وباطنا يموتون عليه ويحيون عليه والله الموفق.

ص: 669