المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب فضل قراءة القرآن - شرح رياض الصالحين لابن عثيمين - جـ ٤

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌باب النهي عن سؤال الإمارة واختيار ترك الولايات إذا لم يتعين

- ‌باب حث السلطان والقاضي وغيرهما من ولاة الأمور على اتخاذ وزير

- ‌باب النهي عن تولية الإمارة والقضاء وغيرهما من الولايات لمن سألها

- ‌كتاب الأدب

- ‌باب الحياء وفضله والحث على التخلق به

- ‌باب حفظ السر

- ‌باب الوفاء بالعهد وإنجاز الوعد

- ‌باب المحافظة على ما اعتاده من الخير

- ‌باب استحباب طيب الكلام وطلاقة الوجه عند اللقاء

- ‌باب استحباب بيان الكلام وإيضاحه للمخاطب وتكريره ليفهم إذا لم

- ‌باب إصغاء الجليس لحديث جليسه الذي ليس بحرام واستنصات العالم والواعظ

- ‌باب الوعظ والاقتصاد فيه

- ‌باب الوقار والسكينة

- ‌باب الندب إلى إتيان الصلاة والعلم ونحوهما من العبادات بالسكينة والوقار

- ‌باب إكرام الضيف

- ‌باب استحباب التبشير والتهنئة بالخير

- ‌باب وداع الصاحب ووصيته عند فراقه لسفر وغيره والدعاء له وطلب

- ‌باب الاستخارة والمشاورة

- ‌باب استحباب الذهاب إلى العيد وعيادة المريض والحج والغزو والجنازة ونحوها

- ‌باب استحباب تقديم اليمين في كل ما هو من باب التكريم

- ‌كتاب أدب الطعام

- ‌باب التسمية في أوله والحمد في آخره

- ‌باب لا يعيب الطعام واستحباب مدحه

- ‌باب ما يقوله من حضر الطعام وهو صائم إذا لم يفطر

- ‌باب ما يقوله من دعي إلي طعام فتبعه غيره

- ‌باب الأكل مما يليه ووعظه وتأديبه من يسيء أكله

- ‌باب النهي عن القران بين تمرتين ونحوهما إذا أكل جماعة إلا

- ‌باب ما يقوله ويفعله من يأكل ولا يشبع

- ‌باب الأمر بالأكل من جانب القصعة والنهي عن الأكل من وسطها

- ‌باب كراهية الكل متكئا

- ‌باب استحباب الأكل بثلاثة أصابع واستحباب لعق الأصابع وكراهة مسحها قبل

- ‌باب أدب الشرب واستحباب النفس ثلاثا خارج الإناء وكراهة التنفس في

- ‌باب كراهة الشرب من فم القربة ونحوها وبيان أنه كراهة تنزيه

- ‌باب كراهة النفخ في الشراب

- ‌باب بيان جواز الشرب قائما وبيان أن الأكمل والأفضل الشرب قاعدا

- ‌باب استحباب كون ساقي القوم أخرهم شربا

- ‌باب جواز الشرب من جميع الأواني الطاهرة غير الذهب والفضة وجواز

- ‌كتاب اللباس

- ‌باب استحباب الثوب الأبيض وجواز الأحمر والأخضر والأصفر والأسود وجوازه من

- ‌باب استحباب القميص

- ‌باب صفة طول القميص والكم والإزرار وطرف العمامة وتحريم إسبال شيء

- ‌باب استحباب ترك الترفع في اللباس تواضعا

- ‌باب استحباب التوسط في اللباس ولا يقتصر على ما يزري به

- ‌باب تحريم لباس الحرير على الرجال وتحريم جلوسهم عليه واستنادهم إليه

- ‌باب جواز لبس الحرير لمن به حكة

- ‌باب النهي عن افتراش جلود النمور والركوب عليها

- ‌باب ما يقول إذا لبس ثوبا جديدا

- ‌كتاب آداب النوم

- ‌باب آداب النوم والاضطجاع والقعود والمجلس والجليس والرؤيا

- ‌باب جواز الاستلقاء على القفا ووضع إحدى الرجلين على الأخرى إذا

- ‌باب أداب المجلس والجليس

- ‌باب الرؤيا وما يتعلق بها

- ‌كتاب السلام

- ‌باب كيفية السلام

- ‌باب آداب السلام

- ‌باب استحباب إعادة السلام على من تكرر لقاؤه على قرب بأن

- ‌باب استحباب السلام إذا دخل بيته

- ‌باب السلام على الصبيان

- ‌باب سلام الرجل على زوجته والمرأة من محارمه وعلى أجنبية وأجنبيات

- ‌كتاب عيادة المريض وتشييع الميت

- ‌باب ما يدعى به للمريض

- ‌باب استحباب سؤال أهل المريض عن حاله

- ‌باب ما يقوله من أيس من حياته

- ‌باب استحباب وصية أهل المريض ومن يخدمه بالإحسان إليه واحتماله والصبر

- ‌باب جواز قول المريض أنا وجع أو شديد الوجع أو موعوك

- ‌باب تلقين المختصر لا إله إلا الله

- ‌باب ما يقوله بعد تغميض الميت

- ‌باب ما يقال عند الميت وما يقوله من مات له ميت

- ‌باب جواز البكاء على الميت بغير ندب ولا نياحة

- ‌باب الكف عما يرى من الميت من مكروه

- ‌باب الصلاة على الميت وتشييعه وحضور دفنه وكراهة اتباع النساء الجنائز

- ‌باب استحباب تكثير المصلين على الجنازة وجعل صفوفهم ثلاثة فأكثر

- ‌باب ما يقرأ في صلاة الجنازة

- ‌باب الإسراع بالجنازة

- ‌باب تعجيل قضاء الدين عن الميت والمبادرة إلى تجهيزه إلا أن

- ‌باب الموعظة عند القبر

- ‌باب الدعاء للميت بعد دفنه والقعود عند قبره ساعة للدعاء له

- ‌باب الصدقة عن الميت والدعاء له

- ‌باب ثناء الناس على الميت

- ‌باب فضل من مات له أولاد صغار

- ‌باب البكاء والخوف عند المرور بقبور الظالمين ومصارعهم وإظهار الافتقار إلى

- ‌كتاب آداب السفر

- ‌باب استحباب الخروج يوم الخميس واستحبابه أول النهار

- ‌باب استحباب طلب الرفقة وتأميرهم على أنفسهم واحدا يطيعونه/0

- ‌باب آداب السير والنزول والمبيت والنوم في السفر واستحباب السري والرفق

- ‌باب استحباب تعجيل المسافر الرجوع إلى أهله إذا قضى حاجته

- ‌باب استحباب القدوم على أهله نهارا وكراهته في الليل لغير حاجة

- ‌باب ما يقوله إذا رجع وإذا رأى بلدته

- ‌باب استحباب ابتداء القدوم بالمسجد الذي في جواره وصلاته فيه ركعتين

- ‌باب تحريم سفر المرأة وحدها

- ‌كتاب الفضائل

- ‌باب فضل قراءة القرآن

- ‌باب الأمر بتعهد القرآن والتحذير من تعريضه للنسيان

- ‌باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن وطلب القراءة من حسن الصوت والاستماع

- ‌باب الحث على سور وآيات مخصوصة

- ‌باب استحباب الاجتماع على القراءة

الفصل: ‌باب فضل قراءة القرآن

‌كتاب الفضائل

‌باب فضل قراءة القرآن

[الشَّرْحُ]

قال المؤلف رحمه الله تعالى في كتابه رياض الصالحين كتاب الفضائل الفضائل جمع فضيلة ثم بدأ بفرائض كتاب الله عز وجل فقال باب فضل قراءة القرآن والقرآن الذي بين أيدينا هو كلام الله عز وجل تكلم به سبحانه وتعالى حقيقة كلاما سمعه جبريل ثم تلاه جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى وإنه لتزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين وقال نزل به على قلبك لأن القلب هو محل الوعي والإدراك والفقه لتكون من المنذرين وقال الله تبارك وتعالى {لا تحرك به لسانك لتعجل به} وكان النبي صلى الله عليه وسلم من شدة حرصه على القرآن كان يبادر جبريل وجبريل يقرأ عليه يلقنه فيبادره القراءة فقال الله تعالى {لا تحرك به لسانك لتعجل به} يعني اسكت حتى يقرأ جبريل {إن علينا جمعه وقرءانه فإذا قرأنه فاتبع قرءانه} يعني قرأه جبريل الذي رسول رب العالمين إلى محمد صلى الله عليه وسلم

ص: 631

{فإذا قرأنه فاتبع قرءانه} يعني أقرأه بعده {ثم إن علينا بيانه} يعني لا تقاطع جبريل في القراءة فهذا القرآن تكلم الله به جل وعلا وهو يتكلم به سبحانه وتعالى إذا أراد أن ينزله كما قال تعالى {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها} وهذه الجملة جملة ماضية يعني أنها فعل ماض {قد سمع} يدل على تقدم كلام هذه المرأة وعلى تأخر كلام الله في قصتها وشأنها {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله يسمع تحاوركما أن الله سميع بصير} وقال تعالى {وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال} هذا في أحد يقول إذ غدوت من أهلك إذا فالغدو سابق المؤمنين على كلام الله تعالى هذا والله جل وعلا يتكلم متى شاء بما شاء كيف شاء ولا يحل لنا أن نقول إن كلام الله تعالى ككلامنا يعني أن صوته في القرآن كأصواتنا كلا لكنه يتكلم بالحروف التي نتكلم بها فهذا القرآن الذي بين أيدينا هو الحروف التي نكون منها كلامنا وهو كلام الله عز وجل المعنى واللفظ كله كلام الله هذا هو ما دل عليه الكتاب والسنة وإجماع السلف وأئمة أهل السنة أن القرآن كلام الله وأنه منزل من عنده وأن الله تكلم به حقيقة وأنه تلقاه عنه

ص: 632

جبريل ثم نزل به على قلب النبي صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى {إنه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين} فهو أمين أعني جبريل عليه الصلاة والسلام نزل به على أمين البشر جبريل أمين الملائكة ومحمد أمين البشر وكلاهما أمين على وحي الله عز وجل هذا القرآن له فضائل عظيمة فضائل عامة وفضائل في آيات وسور خاصة مثلا الفاتحة هي السبع المثاني وهي أم الكتاب آية الكرسي هي أعظم آية في كتاب الله وهلم جرا هناك آيات أو سور لها فضل خاصة أما القرآن عموما فله أيضا فضائل عامة وهذا يوجب علينا أن نحرص غاية الحرص على تلاوة كتاب الله عز وجل ليلا ونهارا لأن الإنسان إذا تلا كلام الله صار له بكل حرف بكل حرف عشر حسنات الحرف الواحد من الكلمة له فيه عشر حسنات فمثلا (قل) فيها عشرون حسنة لأنها حرفان القاف واللام (أعوذ) هذه أربعة أحرف فيها أربعون حسنة وهذا ثواب عظيم لا يتصور الإنسان إذا قرأ هذا الكتاب العزيز العظيم الذي {لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد} وينبغي إذا قرأ القرآن أن يترسل فيه وألا يتعجل عجلة توجب سقوط بعض الحروف فإن بعض الناس يهذه هذا حتى

ص: 633

يسقط بعض الحروف هذا ما تلاه كما أنزل لابد من بيان الحروف لكن التجويد المصطلح عليه في كتب التجويد ليس بواجب لكنه من كمال تحسين الصوت الواجب ألا تسقط حرفا من الحروف ولا شدة من الشدات وأما قواعد التجويد المعروفة فهي من باب التحسين والتكميل وليست من باب الواجبات ولهذا يضعف القول بأن التجويد واجب وأن من لم يجود القرآن آثم فإن هذا قول ضعيف جدا بل يقال القرآن أمره ولله الحمد بين واضح لا تسقط حرفا من حروفه وأما مراعاة قواعد التجويد فليست بواجبة لكنها من باب تحسين الصوت بالقرآن واعلم أن القرآن أول ما نزل نزل على سبعة أحرف لأن الناس عرب من قبائل متعددة ولهجات مختلفة وأنتم تعرفون أن الواحد إذا أراد أن يتكلم بلهجة غيره يصعب عليه ويشق عليه فكان من رحمة الله عز وجل أن جعل القرآن على سبعة أحرف كل يقرأ بلهجته بقي على هذا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كله وفي عهد أبي بكر وفي عهد عمر في عهد عثمان صار الناس يقرءون على لهجاتهم فصار في هذا اختلاف واللغة القرشية كانت غلبت على جميع اللهجات بعد أن تطور اللسان وصارت الدولة كل خلفائها من قريش غلبت اللغة

ص: 634

القرشية غلب حرف قريش على جميع اللهجات فلما خاف أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه أن يختلف الناس في كلام الله وأن تؤدي هذه الأحرف السبعة إلى شقاق ونزاع أمر رضي الله عنه أن يوحد القرآن على حرف واحد ألا وهو حرف قريش أي لغة قريش فجمع القرآن على حرف واحد على لغة قريش وهو الذي نقرأ به الآن ثم أمر بسائر المصاحف فأحرقت لئلا تبقى فيفتتن الناس بها فكان في ذلك مصلحة عظيمة وفضيلة لأمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه لا توصف فنسأل الله تعالى أن يجزيه عن المسلمين خيرا وأحث نفسي وإياكم على تلاوة كتاب الله لا تتركوا القرآن ولو في الشهر مرة تقرؤه كله أو مرتين أو أربعة أو عشر مرات وهذا أدنى ما يكون من الكمال أن تقرأه كل ثلاثة أيام هذا أفضل ما يكون وإن رأيت أنه لا يتيسر لك إلا في الأسبوع مرة أو كل عشرة أيام مرة أو في الأسبوعين مرة أو في ثلاثة أسابيع مرة أو في الشهر مرة المهم لا تهجر القرآن لأنه كلام الله عز وجل ولا يزيدك إلا نورا في القلب وبصيرة في العلم والله الموفق

ص: 635

991 -

عن أبي أمامة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه رواه مسلم

992 -

وعن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يؤتي يوم القيامة بالقرآن وأهله الذين كانوا يعملون به في الدنيا تقدمه سورة البقرة وآل عمران تحاجان عن صاحبهما رواه مسلم

[الشَّرْحُ]

قال النووي رحمه الله في كتاب رياض الصالحين كتاب الفضائل باب فضل قراءة القرآن عن أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال اقرءوا القرآن فأمر بقراءة القرآن وأطلق فهي مستحبة كل وقت وعلى كل حال إلا إذا كان الإنسان على حاجة يعني يبول أو يتغوط فلا يقرأ القرآن لأن القرآن معظم محترم فلا يقرأ في هذه الحال وكلك إذا كان الإنسان مع أهله حال جماعه فإنه لا يقرأ القرآن لكنه يقول عند جماعة بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا

ص: 636

قال النبي صلى الله عليه وسلم اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه إذا كان يوم القيامة جعل الله عز وجل ثواب هذا القرآن شيئا قائما بنفسه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه يشفع لهم عند الله سبحانه وتعالى فإن القرآن إذا تلاه الإنسان محتسبا فيه الأجر عند الله فله بكل حرف عشر حسنات ومثله حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن من قرأ القرآن وعمل به فإنه يأتي يوم القيامة يتقدمه سورة البقرة وآل عمران يحاجان عن صاحبهما يوم القيامة ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم قيد في هذا الحديث قراءة القرآن بالعمل به لأن الذين يقرءون القرآن ينقسمون إلى قسمين قسم لا يعمل به فلا يؤمنون بأخباره ولا يعملون بأحكامه هؤلاء يكون القرآن حجة عليهم وقسم آخر يؤمنون بأخباره ويصدقون بها ويعملون بأحكامه فهؤلاء يكون القرآن حجة لهم يحاج عنهم يوم القيامة لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال القرآن حجة لك أو عليك وفي هذا دليل على أن أهم شيء في القرآن العمل به ويؤيد هذا قوله تعالى كتاب أنزلناه إليك مباركا ليدبروا آياته وليتذكر أولو الألباب أي يتفهمون معانيها

ص: 637

ويعملون بها وإنما أخر العمل عن التدبر لأنه لا يمكن العمل بلا تدبر إذا إن التدبر يحصل به العلم والعمل فرع عن العلم فالمهم أن هذا هو الفائدة من إنزال القرآن أن يتلى ويعمل به يؤمن بأخباره يعمل بأحكامه يمتثل أمره يجتنب نهيه فإذا كان يوم القيامة فإنه يحاج عن أصحابه وفي هذا دليل على أن الترتيب بين سورة البقرة وآل عمران والنساء هو ما في المصحف الآن يعني البقرة ثم آل عمران ثم النساء وأما حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ بالبقرة ثم النساء ثم بآل عمران فإن هذا نسخ في الترتيب الأخير حيث جعلت آل عمران قبل النساء ولهذا اتفق الصحابة رضي الله عنهم على أن آل عمران بعد سورة البقر فهي بينها وبين سورة النساء والله الموفق

993 -

وعن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خيركم من تعلم القرآن وعلمه رواه البخاري

ص: 638

994 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران متفق عليه

[الشَّرْحُ]

قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما نقله في كتابه رياض الصالحين باب فضل قراءة القرآن عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال خيركم من تعلم القرآن وعلمه الخطاب للأمة عامة فخير الناس من جمع بين هذين الوصفين من تعلم القرآن وعلم القرآن تعلمه من غيره وعلمه غيره والتعلم والتعليم يشمل التعلم اللفظي والمعنوي فمن حفظ القرآن يعني صار يعلم الناس التلاوة ويحفظهم إياه فهو داخل في التعليم وكذلك من تعلم القرآن على هذا الوجه فهو داخل في التعلم وبه نعرف فضيلة الحلق الموجودة الآن في كثير من البلاد ولله الحمد في المساجد حيث يتعلم الصبيان فيها كلام الله عز وجل فمن ساهم فيها بشيء فله أجر ومن أدخل أولاده فيها فله أجر ومن تبرع وعلم فيها فله أجر كلهم داخلون في قوله خيركم من تعلم القرآن وعلمه

ص: 639

والنوع الثاني تعليم المعنى يعني تعليم التفسير أن الإنسان يجلس إلى الناس يعلمهم تفسير كلام الله عز وجل كيف يفسر القرآن والقرآن كما نعلم متشابه تجد في بعض الأحيان آيات تتكرر بلفظها مثل يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير هذه تكررت بلفظها في سورتين التوبة والتحريم وكذلك كثير من الآيات يتكرر فإذا علم الإنسان غيره كيف يفسر القرآن وأعطاه القواعد في ذلك فهذا من تعليم القرآن وليعلم أن القرآن الكريم ليس كغيره من الكتب من حيث التفسير يعني أنه لا يجوز للإنسان أن يفسر القرآن بهواه ويحمل الآيات على ما يريده هو كما يفعل أهل الإلحاد بآيات الله عز وجل من أهل التعطيل وغيرهم يحملون الآية على غير ما أراد الله مثلا يقول في قوله تعالى {وجاء ربك والملك صفا صفا} يقول وجاء أمر ربك هذا حرام لا يجوز لأن الذي يفسر القرآن إنما يشهد على الله أنه أراد كذا وهذه عظيمة وليست هينة لو كنت تفسر كلام عالم من العلماء لعد ذلك جناية إذا فسرته بما يريد أنت فكيف بكلام رب العالمين ولهذا جاء في الحديث من قال في

ص: 640

القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار فالواجب أن الإنسان يتحرز من أن يقول معنى الآية كذا وكذا وهو لا يدري لكن إذا كان طالب علم وتكلم بمعنى الآية عند من هو أعلم منه على أساس أنه سيرشده إذا أخطأ فلا بأس ومن ذلك ما يلقى في الاختبارات مثل فسر الآية كذا وكذا ويكون الطالب ليس عنده في تلك الساعة استحضار لمعناها فهل يفسرها بما عنده نقول نعم لأن هذا يختبر وإذا أخطأ فعنده من سينبهه لكن يتحرى أخطاءه أما الإنسان الذي يفسر ليس على هذا الوجه وهو ليس عنده علم فإنه لا يجوز له أن يقدم على هذا لأن كلام الله ليس كغيره أما حديث عائشة رضي الله عنها ففيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة الماهر الذي يجيد القرآن يتقنه هذا مع السفرة الكرام البررة وهؤلاء السفرة الكرام البررة هم الملائكة كما قال تعالى {في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة بأيدي سفرة كرام بررة} فالماهر مع الملائكة وأما الذي يتتعتع فيه يتهجاه وهو عليه شاق فله أجران الأول للتلاوة والثاني للتعب

ص: 641

والمشقة ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة أجرك على قدر نصبك أي على قدر تعبك فالذي يتتعتع في القرآن ويشق عليه له أجران أجر التلاوة وأجر قراءة القرآن لكن الأول أفضل منه لأن الأول مرتبته عظيمة وفرق بين إنسان له مرتبة عالية وإنسان دون ذلك ولكن له أجر ونضرب مثلا لهذا والثواب ليس له نظير لكن لو أن رجلا له شرف وسيادة ومنزلة عالية في الناس لكن دراهمه قليلة وآخر وضيع بين الناس ليس له قيمة لكن دراهمه كثيرة الأول أفضل فالمهم أن الماهر بالقرآن المجيد فيه مع السفرة الكرام البررة وأما الذي يتلوه ويتتعتع فيه وهو عليه شاق فله أجران إذا تالي القرآن ليس بخاسر مهما كان والله الموفق

995 -

وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة ريحها طيب وطعمها حلو ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة لا

ص: 642

ريح لها وطعمها حلو ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها مر ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح وطعمها مر متفق عليه

[الشَّرْحُ]

هذا الحديث ساقه المؤلف رحمه الله في باب فضل قراءة القرآن في رياض الصالحين في بيان أحوال الناس بالنسبة للقرآن أن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب أمثلة للمؤمن والمنافق المؤمن إما أن يكون قارئا للقرآن أو غير قارئ فإن كان قارئا له فمثله كمثل الأترجة يعني الثمرة ريحها طيب وطعمها طيب فهذا المؤمن الذي يقرأ القرآن لأن نفسه طيبة وقلب طيب وفيه خيره لغيره الجلسة معه خير وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل الجليس الصالح كمثل حامل المسك إما أن يبيعه أو تجد منه رائحة طيبة فالمؤمن الذي يقرأ القرآن كله خير في ذاته وفي غيره فهو كالأترجة لها رائحة طيبة ذكية وطعمها طيب

ص: 643

أما المؤمن الذي لا يقرأ القرآن فهو كمثل التمرة طعمها حلو ولكن ليس لها رائحة ذكية كرائحة الأترجة ونفى النبي صلى الله عليه وسلم ريحها لأنه ليس بريح طيب وإن كان كل شيء له رائحة لكن ليست رائحتها ذكية لكنها حلوة طيبة هذا المؤمن الذي لا يقرأ القرآن إذا فالمؤمن القارئ للقرآن أفضل بكثير من الذي لا يقرأ القرآن ومعنى لا يقرؤه يعني لا يعرفه ولم يتعلمه ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة لها رائحة طيبة لكن طعمها مر لأن المنافق في ذاته خبيث لا خير فيه والمنافق هو الذي يظهر أنه مسلم ولكن قلبه كافر والعياذ بالله هو الذي قال الله فيه ومن الناس يقول آمنا بالله وباليوم الأخر وما هم بمؤمنين يخادعون الله والذين آمنوا وما يخادعون إلا أنفسهم وما يشعرون في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون يوجد منافقون يقرءون القرآن قراءة طيبة مرتلة مجودة لكنهم منافقون والعياذ بالله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الخوارج يقرءون القرآن لا يتجاوز حناجرهم هؤلاء والعياذ بالله

ص: 644

ضرب لهم النبي صلى الله عليه وسلم مثلا بالريحانة ريحها طيب وذلك لما معهم من القرآن وطعمها مر وذلك لخبث طويتهم وفساد نيتهم والمنافق الذي لا يقرأ القرآن ضرب النبي صلى الله عليه وسلم له مثلا بالحنظلة طعمها مر وليست لها ريح هذا المنافق الذي لا يقرأ القرآن لا خير فيه طعمه مر وليس معه قرآن ينتفع الناس به هذه أقسام الناس بالنسبة لكتاب الله عز وجل فاحرص أخي المسلم على أن تكون من المؤمنين الذين يقرءون القرآن ويتلونه حق تلاوته حتى تكون كمثل الأترجة ريحها طيب وطعمها حلو والله الموفق

996 -

وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين رواه مسلم

[الشَّرْحُ]

قال المؤلف رحمه الله في كتابه رياض الصالحين في باب فضل قراءة القرآن فيما نقله عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما

ص: 645

ويضع به آخرين يعني معناه أن هذا القرآن يأخذه أناس يتلونه ويقرءونه فمنهم من يرفعه الله به في الدنيا والآخرة ومنهم من يضعهم الله به في الدنيا والآخرة فمن هذا ومن هذا من عمل بهذا القرآن تصديقا بأخباره وتنفيذا لأوامره واجتنابا لنواهيه واهتداء بهديه وتخلقا بما جاء به من أخلاق وكلها أخلاق فاضلة فإن الله تعالى يرفعه به في الدنيا والآخرة وذلك لأن هذا القرآن هو أصل العلم ومنبع العلم وكل العلم وقد قال الله تعالى يرفع الله الذين ءامنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات أما في الآخرة فيرفع الله به أقواما في جنات النعيم ويقال للقارئ اقرأ ورتل واصعد وله إلى منتهى قراءته صعود في الجنة إن شاء الله وأما الذين يضعهم الله به فقوم يقرءونه ويحسنون قراءته لكنهم يستكبرون عنه والعياذ بالله لا يصدقون بأخباره ولا يعملون بأحكامه يستكبرون عنه عملا ويجحدونه خبرا إذا جاءهم شيء من القرآن كقصص الأنبياء السابقين أو غيرهم أو عن اليوم الآخر أو ما أشبه ذلك صاروا والعياذ بالله يشككون في

ص: 646

ذلك ولا يؤمنون بل {في قلوبهم مرض} مرتابون والعياذ بالله وربما يصل بهم الحال إلى الجحد مع أنهم يقرءون القرآن وفي الأحكام يستكبرون لا يأتمرون بأمره ولا ينتهون بنهيه هؤلاء والعياذ بالله يضعهم الله في الدنيا والآخرة ولابد أن يكون أمرهم خسارا حتى لو فرض أن الدنيا دانت لهم وتزخرفت فإن مآلهم إلى الخسار والعياذ بالله ولكن ربما يمهل لهم ويملي لهم وتنفتح عليهم الدنيا ولكنهم كلما انفتح عليهم شيء من زهرة الدنيا فإنهم لا يزدادون به إلا خسارا والعياذ بالله {ويوم يعرض الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون} يعني ربما يمهل الله سبحانه وتعالى للكافر الجاحد المستكبر وتزدان له الدنيا لكنه لا يزيده ذلك إلا خسارا وإنما في الآخرة والعياذ بالله فالحذر الحذر أن تكون من القسم الثاني يضعهم الله بهذا القرآن كن من القسم الأول الذين يرفعهم الله بالقرآن جعلنا الله وإياكم منهم

ص: 647

997 -

وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا حسد إلا في اثنين رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار ورجل آتاه الله مالا فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار متفق عليه والآناء الساعات

[الشَّرْحُ]

قال المؤلف رحمه الله في باب فضل القرآن في كتاب رياض الصالحين فيما نقله عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا حسد إلا في اثنتين الحسد قال العلماء إن معناه هنا هو الغبطة يعني لا شيء فيه غبطة إلا هاتين الاثنتين وذلك لأن الناس يغبط بعضهم بعضا في أمور الدنيا وفي أمور الآخرة فتجد مثلا بعض الناس يغبط هذا الرجل حين أعطاه الله المال والأولاد والأهل والقصور والسيارات وما أشبه ذلك يقول هذا هو الحظ هذا هو المغتبط وما أشبه ذلك يحسد يغبط بعض الناس على ما آتاه الله من الصحة وسلامة البنيان وغير ذلك يغبطه على أنه له شرف وجاه في قومه إن قال سمع وإن عمل اتبع فيقول هذا هو

ص: 648

الحظ لكن النبي صلى الله عليه وسلم بين أن الذي يغبط من حصل على هذين الاثنين الأولى آتاه الله تعالى الحكمة القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار آتاه الله القرآن حفظه وفهمه وعمل به آناء الليل والنهار يقوم به يفكر ماذا قال الله عز وجل عن الصلاة فيقول أقيموا الصلاة فيقيمها ماذا قال عن الزكاة فيقول {وءاتوا الزكاة} فيؤتيها ماذا قال عن الوالدين قال الله تعالى {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا} وماذا قال عن صلة الأرحام {والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل} فيصل رحمه ماذا قال عن الجيران قال تعالى {والجار ذي القربى والجار الجنب} إلى آخره فتجده يقوم بالقرآن آناء الليل والنهار هذه هي الغبطة وهي الغنيمة وهي الحظ والثاني رجل آتاه الله المال يعني صار غنيا فهو ينفقه آناء الليل وآناء النهار يعني في سبيل الله فيما يرضي الله عز وجل أي شيء يرضي الله ينفق ماله فيه بناء المساجد الصدقات على الفقراء إعانة المجاهدين إعانة الملهوفين وغير ذلك المهم لا يجد شيئا يقرب إلى الله إلا بذل ماله فيه

ص: 649

ليلا ونهارا ليس ممسكا ولا مبذرا فيغلو ويزيد بل ينفقه لله وبالله وفي الله منفقا لله مستعينا به متمشيا على شرعه هذا هو الذي يغبط أما الذي عنده حظ من الدنيا يتمتع به كما تتمتع البهيمة بالعلف ثم يذهب عنها هذا ليس محسودا ولا يحسد على ذلك لأنه تالف أو متلوف عنه لكن الذي ينفق ماله في سبيل الله فهذا هو الذي يغبط وفي هذا دليل على أنه ينبغي للإنسان أن يقوم بالقرآن آناء الليل والنهار دائما يجعل أعماله كلها مبنية على القرآن يتمشى بهدي القرآن وأنه ينبغي لمن آتاه الله المال أن يؤدي حقه ويقوم بواجبه وينفقه حيث كان إنفاقه خيرا والله الموفق

998 -

وعن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال كان رجل يقرأ سورة الكهف وعنده فرس مربوط بشطنين فتغشته سحابة فجعلت تدنو وجعل فرس ينفر منها فلما أصبح أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك فقال تلك السكينة تنزلت للقرآن متفق عليه

ص: 650

الشطن بفتح الشين المعجمة والطاء المهملة الحبل

[الشَّرْحُ]

ذكر المؤلف النووي رحمه الله في كتاب رياض الصالحين في باب فضل قراءة القرآن ما يدل على فضل قراءة القرآن من الأحاديث السابقة واللاحقة فمن ذلك حديث البراء بن عازب رضي الله عنه أن رجلا كان يقرأ في سورة الكهف وسورة الكهف هي التي بين الإسراء ومريم هذه السورة من فضائلها أن الإنسان إذا قرأها يوم الجمعة أضاء له ما بين الجمعتين وفيها قصص وعبر قصها الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم وكان هذا الرجل يقرأ القرآن فغشاه يعني غطاه شيء مثل الظلة كأنه غمامة كلما قرأ نزل كلما قرا نزل من فوق وجعلت الفرس وهي مربوطة بشطنين جعلت تميل تنفر من هذا الذي رأته فلما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم قال تلك السكينة نزلت لقراءة القرآن لأن السكينة تنزل عند قراءة القرآن إذا قرأه الإنسان بتمهل وتدبر فإن السكينة تنزل حتى تصل إلى قلب القارئ فينزل الله السكينة في قلبه وهذه القصة من كرامات الأولياء والأولياء لهم كرامات لكن ليس لكل ولي كرامة إنما يؤتى الله بعض أوليائه كرامة تثبيتا له وتصديقا لما كان عليه من الحق وهي يعني

ص: 651

الكرامات أمور خارقة للعادة يعني لا يأتي على وفق العادة يجريها الله عز وجل على يدي بعض أوليائه تكريما له وتثبيتا له وتصديقا لما هو عليه من الحق وهي في نفس الوقت معجزة للرسول الذي يتبعه هذا الولي وقد ذكر العلماء رحمهم الله أن الخوارق ثلاثة أقسام 1 - قسم آيات للأنبياء 2 - وقسم كرامات للأولياء 3 - وقسم إهانات من الشياطين يجريها الله على خلاف العادة على أيدي الشياطين والعياذ بالله وعلامة ذلك أن الذي تحصل له هذه الخوارق إما أن يكون نبيا أو وليا للرحمن أو وليا للشيطان ومن المعلوم أنه بعد وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن تكون كرامة معجزة أبدا لأن النبوة انقطعت وذاك رسول الله وخاتم النبيين بقيت الكرامات والأحوال الشيطانية والشعوذات والسحر وما أشبه ذلك الكرامات علامتها أن يجريها الله عز وجل على يد عبد صالح من أولياء الله وأولياء الله هم المؤمنون المتقون كما قال تعالى ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون فإذا أجرى شيء خارق للعادة على يد رجل صالح مؤمن تقي معروف بالخير قيل هذه كرامة القسم الثالث السحر والأحوال الشيطانية وهذه تجري على طواغيت

ص: 652

وأولياء الشياطين الذين يدعون أنهم أولياء ويلعبون بعقول السفهاء وعقول العامة تجد الإنسان يكبر عمامته ويوسع كمه ويطيل لحيته ويعفر جبهته في الأرض ليظهر عليه أثر السجود وما أشبه ذلك من اللعب بعقول الناس ثم يستخدم الشياطين لأغراض خاصة فتقلب له البعير وربما تحمله في الهواء ويطير حتى إن بعضهم شوهد في أول يوم عرفة ثم حملته الشياطين حتى أدرك الناس في عرفة

هذا من زمان وهم يلعبون بعقول الناس هؤلاء شياطين وإن كانوا يفعلون هذا الشيء فإنه لا كرامة لهم والكرامات والإهانات ألف فيها العلماء كثيرا ومن أحسن ما ألف كتاب [الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان] لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ذكر فيها أشياء كثيرة من كرامات الأولياء وأشياء أخرى من إهانات الأعداء يذكر أن (مسيلمة الكذاب) الذي خرج في اليمامة بالرياض وادعى أنه نبي أنه جاءه قوم فقالوا له إن عندنا بئرا غار ماؤها ولم يبق منه إلا قليل

ص: 653

وطلبوا منه أن يأتي إليها لأجل أن يباركها كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا شكوا إليه قلة الماء يسر على يديه صلى الله عليه وسلم أن ينبع الماء من بين أصابعه فجاءوا إلى (مسيلمة الكذاب) فذهب إلى البئر يقولون إنه مج فيها مجة من الماء ولما مج فيها غار الماء الموجود فيها وكانوا يتوقعون أن الماء يكثر وينهمر فأراهم الله عز وجل آية لتكذيب هذا الرجل هذا لاشك أنه أمر خارق للعادة لأنه ليس من العادة أن الإنسان يمج الماء في بئر ليس فيها إلا ماء قليل ثم يغار هذا خلاف العادة لكن الله أجرى ذلك إهانة له فعلى كل حال إذا رأيت من شخص ما يكون خارقا للعادة فإن كان مؤمنا تقيا يعرف بالصلاح والاستقامة فهذا من كرامات الأولياء وإن لم يكن كذلك فهي أحوال شيطانية من الشياطين أو سحر يسحر أعين الناس لأن السحر قد يسحر الأعين حتى ترى المتحرك ساكنا والساكن متحركا فهاهم سحرة فرعون ألقوا حبالا عادية وعصيا في الأرض ثم سحروا أعين الناس حتى جعل الوادي كله حيات حتى موسى صلى الله عليه وسلم أوجس في نفسه خيفة فأوحى الله تعالى أن يلقى عصاه {فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين} حية عظيمة فجعلت تمشي على هذه الحبال والعصي تلقفها فعرفوا أنه صادق لأنه التهم كل سحر فالحاصل أن هذه الظلة التي حصلت للقارئ والذي كان يقرأ سورة الكهف هذه كرامة له وهي شهادة من الله عز وجل بالفعل

ص: 654

على أن هذا القرآن حق تنزل السكينة لقراءته وتلاوته نسأل الله تعالى أن ينفعنا وإياكم به وأن يجعله حجة لنا وقائدا إلى جنات النعيم

999 -

وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرأ حرفا من كتاب الله فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح

ص: 655