المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب الحث على سور وآيات مخصوصة - شرح رياض الصالحين لابن عثيمين - جـ ٤

[ابن عثيمين]

فهرس الكتاب

- ‌باب النهي عن سؤال الإمارة واختيار ترك الولايات إذا لم يتعين

- ‌باب حث السلطان والقاضي وغيرهما من ولاة الأمور على اتخاذ وزير

- ‌باب النهي عن تولية الإمارة والقضاء وغيرهما من الولايات لمن سألها

- ‌كتاب الأدب

- ‌باب الحياء وفضله والحث على التخلق به

- ‌باب حفظ السر

- ‌باب الوفاء بالعهد وإنجاز الوعد

- ‌باب المحافظة على ما اعتاده من الخير

- ‌باب استحباب طيب الكلام وطلاقة الوجه عند اللقاء

- ‌باب استحباب بيان الكلام وإيضاحه للمخاطب وتكريره ليفهم إذا لم

- ‌باب إصغاء الجليس لحديث جليسه الذي ليس بحرام واستنصات العالم والواعظ

- ‌باب الوعظ والاقتصاد فيه

- ‌باب الوقار والسكينة

- ‌باب الندب إلى إتيان الصلاة والعلم ونحوهما من العبادات بالسكينة والوقار

- ‌باب إكرام الضيف

- ‌باب استحباب التبشير والتهنئة بالخير

- ‌باب وداع الصاحب ووصيته عند فراقه لسفر وغيره والدعاء له وطلب

- ‌باب الاستخارة والمشاورة

- ‌باب استحباب الذهاب إلى العيد وعيادة المريض والحج والغزو والجنازة ونحوها

- ‌باب استحباب تقديم اليمين في كل ما هو من باب التكريم

- ‌كتاب أدب الطعام

- ‌باب التسمية في أوله والحمد في آخره

- ‌باب لا يعيب الطعام واستحباب مدحه

- ‌باب ما يقوله من حضر الطعام وهو صائم إذا لم يفطر

- ‌باب ما يقوله من دعي إلي طعام فتبعه غيره

- ‌باب الأكل مما يليه ووعظه وتأديبه من يسيء أكله

- ‌باب النهي عن القران بين تمرتين ونحوهما إذا أكل جماعة إلا

- ‌باب ما يقوله ويفعله من يأكل ولا يشبع

- ‌باب الأمر بالأكل من جانب القصعة والنهي عن الأكل من وسطها

- ‌باب كراهية الكل متكئا

- ‌باب استحباب الأكل بثلاثة أصابع واستحباب لعق الأصابع وكراهة مسحها قبل

- ‌باب أدب الشرب واستحباب النفس ثلاثا خارج الإناء وكراهة التنفس في

- ‌باب كراهة الشرب من فم القربة ونحوها وبيان أنه كراهة تنزيه

- ‌باب كراهة النفخ في الشراب

- ‌باب بيان جواز الشرب قائما وبيان أن الأكمل والأفضل الشرب قاعدا

- ‌باب استحباب كون ساقي القوم أخرهم شربا

- ‌باب جواز الشرب من جميع الأواني الطاهرة غير الذهب والفضة وجواز

- ‌كتاب اللباس

- ‌باب استحباب الثوب الأبيض وجواز الأحمر والأخضر والأصفر والأسود وجوازه من

- ‌باب استحباب القميص

- ‌باب صفة طول القميص والكم والإزرار وطرف العمامة وتحريم إسبال شيء

- ‌باب استحباب ترك الترفع في اللباس تواضعا

- ‌باب استحباب التوسط في اللباس ولا يقتصر على ما يزري به

- ‌باب تحريم لباس الحرير على الرجال وتحريم جلوسهم عليه واستنادهم إليه

- ‌باب جواز لبس الحرير لمن به حكة

- ‌باب النهي عن افتراش جلود النمور والركوب عليها

- ‌باب ما يقول إذا لبس ثوبا جديدا

- ‌كتاب آداب النوم

- ‌باب آداب النوم والاضطجاع والقعود والمجلس والجليس والرؤيا

- ‌باب جواز الاستلقاء على القفا ووضع إحدى الرجلين على الأخرى إذا

- ‌باب أداب المجلس والجليس

- ‌باب الرؤيا وما يتعلق بها

- ‌كتاب السلام

- ‌باب كيفية السلام

- ‌باب آداب السلام

- ‌باب استحباب إعادة السلام على من تكرر لقاؤه على قرب بأن

- ‌باب استحباب السلام إذا دخل بيته

- ‌باب السلام على الصبيان

- ‌باب سلام الرجل على زوجته والمرأة من محارمه وعلى أجنبية وأجنبيات

- ‌كتاب عيادة المريض وتشييع الميت

- ‌باب ما يدعى به للمريض

- ‌باب استحباب سؤال أهل المريض عن حاله

- ‌باب ما يقوله من أيس من حياته

- ‌باب استحباب وصية أهل المريض ومن يخدمه بالإحسان إليه واحتماله والصبر

- ‌باب جواز قول المريض أنا وجع أو شديد الوجع أو موعوك

- ‌باب تلقين المختصر لا إله إلا الله

- ‌باب ما يقوله بعد تغميض الميت

- ‌باب ما يقال عند الميت وما يقوله من مات له ميت

- ‌باب جواز البكاء على الميت بغير ندب ولا نياحة

- ‌باب الكف عما يرى من الميت من مكروه

- ‌باب الصلاة على الميت وتشييعه وحضور دفنه وكراهة اتباع النساء الجنائز

- ‌باب استحباب تكثير المصلين على الجنازة وجعل صفوفهم ثلاثة فأكثر

- ‌باب ما يقرأ في صلاة الجنازة

- ‌باب الإسراع بالجنازة

- ‌باب تعجيل قضاء الدين عن الميت والمبادرة إلى تجهيزه إلا أن

- ‌باب الموعظة عند القبر

- ‌باب الدعاء للميت بعد دفنه والقعود عند قبره ساعة للدعاء له

- ‌باب الصدقة عن الميت والدعاء له

- ‌باب ثناء الناس على الميت

- ‌باب فضل من مات له أولاد صغار

- ‌باب البكاء والخوف عند المرور بقبور الظالمين ومصارعهم وإظهار الافتقار إلى

- ‌كتاب آداب السفر

- ‌باب استحباب الخروج يوم الخميس واستحبابه أول النهار

- ‌باب استحباب طلب الرفقة وتأميرهم على أنفسهم واحدا يطيعونه/0

- ‌باب آداب السير والنزول والمبيت والنوم في السفر واستحباب السري والرفق

- ‌باب استحباب تعجيل المسافر الرجوع إلى أهله إذا قضى حاجته

- ‌باب استحباب القدوم على أهله نهارا وكراهته في الليل لغير حاجة

- ‌باب ما يقوله إذا رجع وإذا رأى بلدته

- ‌باب استحباب ابتداء القدوم بالمسجد الذي في جواره وصلاته فيه ركعتين

- ‌باب تحريم سفر المرأة وحدها

- ‌كتاب الفضائل

- ‌باب فضل قراءة القرآن

- ‌باب الأمر بتعهد القرآن والتحذير من تعريضه للنسيان

- ‌باب استحباب تحسين الصوت بالقرآن وطلب القراءة من حسن الصوت والاستماع

- ‌باب الحث على سور وآيات مخصوصة

- ‌باب استحباب الاجتماع على القراءة

الفصل: ‌باب الحث على سور وآيات مخصوصة

‌باب الحث على سور وآيات مخصوصة

1010 -

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في {قل هو الله أحد} والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن.

وفي رواية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه أيعجز أحدكم أن يقرأ بثلث القرآن في ليلة فشق ذلك عليهم وقالوا أينا يطيق ذلك يا رسول الله فقال قل هو الله أحد الله الصمد ثلث القرآن رواه البخاري.

ص: 670

1011 -

وعنه أن رجلا سمع رجلا يقرأ قل هو الله أحد يرددها فلما أصبح جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له وكأن الرجل يتقالها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن رواه البخاري.

[الشَّرْحُ]

قال النووي رحمه الله فيما نقله من الأحاديث في باب الحث على سور معينة في كتاب الله في فضل قل هو الله أحد الله الصمد

وهي تسمى سورة الإخلاص لأن الله سبحانه وتعالى أخلصها لنفسها فلم يذكر فيها شيئا إلا من أسماء الله وصفاته وأيضا من قرأها مؤمنا بها معتقدا لما دلت عليه فإنه مخلص الله عز وجل سالم من الشرك هذه السورة كلها أسماء لله وصفاته (قل هو الله أحد) يقال إن المشركين سألوا النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا انسب لنا ربك يعني ما نسبه كأنهم يقولون من

ص: 673

هو ابن له والعياذ بالله أو أنهم سألوه من أي شيء هو أمن ذهب أو فضة أو ما أشبه ذلك فأنزل الله هذه السورة.

{قل هو الله أحد} أحد يعني واحد منفرد عن كل مخلوقاته جل وعلا و (أحد) اسم مختص بالله سبحانه وتعالى لا يطلق على غيره.

{الله الصمد} الصمد اختلفت عبارات المفسرين في معناه لكن المعنى الجامع لها أن الصمد هو الكامل في صفاته الذي افتقرت إليه جميع مخلوقاته فهو الكامل في علمه في قدرته في رحمته في حلمه وفي غير ذلك من صفاته وكذلك هو الذي افتقرت إليه جميع مخلوقاته كل الخلائق تصمد إليه في حاجتها وتسأله حتى المشركون إذا كانوا في البحر وماجت الأمواج فإنما يدعون الله وحده فهو جل وعلا مرجع الخلائق كلها فالصمد إذا معناه الكامل في صفاته الذي افتقرت إليه جميع مخلوقاته {لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد} لم يلد ليس له أولاد عز وجل لأنه غني عن كل أحد قال الله تعالى {أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة} وفي هذا رد وإبطال لما ادعته اليهود والنصارى والمشركون اليهود قالوا عزيز ابن الله يعني قالوا إله يلد وابنه عزير والنصارى

ص: 674

قالوا المسيح ابن الله والمشركون قالوا الملائكة بنات الله فأبطل الله ذلك كله {لم يلد ولم يولد} وذلك لأنه جل وعلا هو الأول الذي ليس قبله شيء فهو الأول وما بعده كائن بعد أن لم يكن أما الرب جل وعلا فإنه أول أزلي أبدي.

{ولم يكن له كفوا أحد} يعني لا أحد يكافئه ويكون ندا له لا في علمه ولا في قدرته ولا في غير ذلك ولما افتخرت عاد بقوتها وقالوا {من أشد منا قوة} قال الله عز وجل {أو لم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيام نحسات} ريحا هواء من ألين المخلوقات فدمرهم تدميرا وهم يقولون من أشد منا قوة؟ ! والله عز وجل لا يكون له كفوا أحد.

واعلم أن (كفوا) فيها ثلاث قراءات كفوا بضم الفاء ولا يصلح أن تكون كفوا بسكون الفاء وفيها قراءتان أخريان بالهمز مع سكون الفاء وبالهمزة مع ضم الفاء كفئا وكفؤا وأما مع الواو فإنها مضمومة ونسمع كثيرا من القراء يقرءونها بالسكون مع الواو وهذا لحن فأنت إذا قرأتها بالواو ضم الفاء.

وهذه السورة أقسم النبي صلى الله عليه وسلم أنها تعدل ثلث القرآن وقال

ص: 675

لأصحابه أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة؟ فشق عليهم ذلك فقال {قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد} تعدل ثلث القرآن يعني أجرها كأجر ثلث القرآن لكنها لا تجزئ عن القرآن ولهذا لو قرأها الإنسان مثلا ثلاث مرات بدل قراءة الفاتحة في الصلاة لا تجزئ لأن هناك فرقا بين المعادلة في الأجر والمعادلة في الإجزاء قد يكون الشيء معادلا لغيره في الأجر ولكنه لا يعادله في إجزائه أرأيتم مثلا إذا قال الإنسان لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير عشر مرات كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل يعني يعادل عتق أربعة رقاب لكن لو كان عليه عتق رقبة وقال ذلك ما نفعه ذلك فهناك فرق بين المعادلة في الثواب والمعادلة في الإجزاء فهي تعدل ثلث القرآن في الثواب ولكنها لا تعدل في الإجزاء ولهذا لو قرأها الإنسان ثلاث مرات في الصلاة لم تجزئه عن الفاتحة والله الموفق.

ص: 676

1012 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في {قل هو الله أحد} إنها ثلث القرآن رواه مسلم.

1013 -

وعن أنس رضي الله عنه أن رجلا قال يا رسول الله إني أحب هذه السورة قل هو الله أحد قال إن حبها أدخلك الجنة رواه الترمذي وقال حديث حسن رواه البخاري في صحيحه تعليقا.

1014 -

وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ألم تر آيات أنزلت هذه الليلة لم ير مثلهن قط قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس رواه مسلم

1015 -

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من الجان وعين الإنسان حتى نزلت المعوذتان فلما نزلتا أخذ بهما وترك ما سواهما رواه الترمذي وقال حديث حسن.

ص: 677

1016 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من القرآن سورة ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له وهي تبارك الذي بيده الملك رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن وفي رواية أبي داود تشفع.

1017 -

وعن أبي مسعود البدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه متفق عليه.

قيل كفتاه المكروه تلك الليلة وقيل كفتاه من قيام الليل.

[الشَّرْحُ]

ذكر المؤلف رحمه الله تعالى في باب الحث على قراءة سور وآيات معينة من سور القرآن ما سبق في سورة الفاتحة وسورة الإخلاص وقد تقدم الكلام عليهما ومن ذلك المعوذتان فإن المعوذتين وهما قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس ما تعوذ بهما متعوذ عن إيمان وصدق إلا أعاذه الله عز

ص: 678

وجل أما سورة {الفلق} فيقول الله عز وجل {قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق} يعني قل أيها الإنسان مستعينا بربك أعوذ برب الفلق من شر ما خلق.

الفلق فلق الصبح وفلق الحب والنوى قال الله تعالى {فالق الإصباح} وقال {إن الله فالق الحب والنوى} فهو عز وجل رب الفلق لا يستطيع أحد أن يفلق شيئا من هذه التي ذكرها الله إلا الله عز وجل {من شر ما خلق} أي كل ما خلق ومنهم نفسه كما جاء في الحديث الصحيح نعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا والنفس أمارة بالسوء فتستعيذ بالله من شر ما خلق أي من شر كل ما خلق من الإنس والجن والنفس وغير ذلك {ومن شر غاسق إذا وقب} الغاسق الليل لأن الليل تخرج فيه الهوام وتخرج فيه السباع وتكون فيه الشرور فتستعيذ بالله من شر الليل إذا وقب أي إذا دخل {ومن شر النفاثات في العقد} يعني الساحرات

ص: 679

اللاتي ينفثن في العقد ليسحرن الناس ونص على النساء وإن كان السحر يكون في النساء وفي الرجال لأنه هو الغالب فيهن ويجوز أن يكون من {النفاثات} أي النفوس النفاثات فتشمل النساء والرجال {ومن شر حاسد إذا حسد} هذه العين صاحب العين والعياذ بالله الشرير الذي لا يحب الخير للغير تجده إذا من الله على أحد بشيء من مال أو جاه أو علم أو ولد أو زوجة أو غير ذلك يخرج من نفسه الخبيثة كما يخرج السهم فيصيب الرجل وهذا السهم لا ينفعه شيئا لكن نفسه خبيثة والعياذ بالله لا تحب الخير للغير فيصاب الإنسان بالعين قال النبي صلى الله عليه وسلم لو سبق القضاء شيء أو قال القدر لسبقته العين فالعين تدرك وهي حق حتى قال بعض العلماء إنها المراد من قوله تعالى {وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر} .

{ومن شر حاسد إذا حسد} ثم قال {إذا حسد} لأن الحاسد قد لا يحسد لكن إذا حسد والعياذ بالله تعدى شره غيره يعني تعدى إلى غيره ويجوز أن يكون المراد بالآية الحاسد العائن وغير العائن لأن بعض الناس حسود والعياذ بالله.

ص: 680

والحسد هو كراهة ما أنعم الله به على غيرك وإن كنت لا تتمنى زواله فإن تمنيت زواله صار أشد والعياذ بالله.

والحاسدون والعياذ بالله نسأل الله العافية لا يحرقون إلا أنفسهم الحاسد يحترق كلما أنعم الله على عباده نعمة احترق قلبه فهذا الحاسد والعياذ بالله أحيانا إذا حسد بغى على الغير واعتدى عليهم مثلا افترض أن إنسانا من الله عليه بمال وصار ينفقه في سبيل الله ووجده رجل حسود والعياذ بالله قلبه يحترق أيضا إذا من الله على إنسان بعلم وصار له قبول عند الناس صار والعياذ بالله يحسد وهلم جرا والحسد والعياذ بالله من كبائر الذنوب وقد ذم الله اليهود عليه فقال {أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله} فالفضل من الله يؤتيه من يشاء وأنت إذا حسدت جنيت على من أعطاهم الله الفضل وجنيت واعتديت على حق الله

ص: 681

كأنك تقول ما استحق هذا الرجل هذه النعمة فتحسد هذه سورة الفلق.

والمهم أن الإنسان ينبغي أن يتعوذ بهاتين السورتين وذكر الترمذي رحمه الله أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من الجان ومن عين الإنسان حتى نزلت {قل أعوذ برب الفلق} و {قل أعوذ برب الناس} فصار يتعوذ بهما وترك ما سواهما والله الموفق.

1018 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تجعلوا بيوتكم مقابر إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة رواه مسلم.

1019 -

وعن أبي بن كعب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا المنذر أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم قلت الله لا إله إلا هو الحي القيوم فضرب في صدري وقال ليهنك العلم أبا المنذر رواه مسلم.

ص: 682

[الشَّرْحُ]

هذه الأحاديث في بيان فضل آيات أو سور من القرآن الكريم منها سورة البقرة نقل المؤلف رحمه الله عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تجعلوا بيوتكم مقابر قال العلماء معنى ذلك لا تتركوا الصلاة فيها يعني صلوا في بيوتكم وإنما سمى البيوت في حال عدم الصلاة فيها مقابر لأن المقبرة لا تصح الصلاة فيها كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام وقال لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها فالمقبرة لا تصح فيها صلاة النافلة ولا الفريضة ولا سجدة التلاوة ولا سجدة الشكر ولا أي شيء من الصلوات إلا صلاة واحدة وهي صلاة الجنازة إذا صلى على الجنازة في المقبرة فلا بأس سواء كان ذلك قبل الدفن أم بعده لكن بعد الدفن لا

ص: 683

يصلى عليها في أوقات النهي يعني مثلا لو جئت لحضور جنازة بعد صلاة العصر ووجدت أنهم قد دفنوها فلا تصل عليها لأنه يمكنك أن تصلي في وقت آخر غير وقت النهي كالضحى مثلا وأما إذا جئت وهم لم يدفنوها لكن قد وضعت في الأرض للدفن فلا بأس أن تصلي عليها ولو كان ذلك بعد العصر لأنه في هذه الحال تكون صلاة لها سبب والصلاة التي لها سبب ليس عنها وقت نهي ثم أخبر صلى الله عليه وسلم أن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة يعني إذا قرأت في بيتك سورة البقرة فإن الشيطان يفر منها ولا يقرب البيت والسبب أن في سورة البقرة (آية الكرسي) ويدل لهذا ما بعد الحديث الذي ذكره المؤلف حديث أبي بن كعب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سأله أي آية في كتاب الله أعظم قال آية الكرسي فضرب النبي صلى الله عليه وسلم على صدره وقال ليهنك العلم يا أبا المنذر يعني هنأه حيث علم أن أعظم آية في كتاب الله (آية الكرسي) لأن هذه الآية مشتملة على عشر صفات من صفات الله عز وجل يقول عز وجل الله لا إله إلا هو الحي القيوم ففي هذا إخلاص التوحيد لله عز وجل ومعنى (لا إله إلا هو) أي لا معبود بحق إلا هو جل وعلا فجميع المعبودات من دون الله معبودة بغير حق حتى وإن سميت آلهة

ص: 684

فإنما هي أسماء سموها ما أنزل الله بها من سلطان {الحي القيوم} يعني الكامل في حياته وفي قيوميته فهو الحي الكامل في حياته لم يسبق حياته عدم ولا يلحقها فناء لأنه الأول الذي ليس قبله شيء والآخر الذي ليس بعده شيء قال الله عز وجل {كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام} قال بعض السلف ينبغي لمن قرأ بهذه الآية {كل من عليها فان} ألا يقف بل يقول {كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام} .

{كل من} لأجل أن يتبين في ذلك نقص المخلوقات وكمال الخالق جل وعلا فهو سبحانه وتعالى الحي الكامل في حياته كذلك حياته لا يلحقها نقص بوجه من الوجوه وحياة غيره كلها نقص انظر حياتك أنت إن جئت بالسمع فسمعك ناقص لا تسمع كل شيء البصر كذلك الصحة كذلك وما أكثر الأمراض التي تصيب الناس وهكذا بقية أسباب الحياة ناقصة.

أما الرب عز وجل فهو كامل الحياة القيوم معناها القائم بنفسه القائم على غيره يعني معنى القائم بنفسه لا يحتاج لغيره {ومن كفر فإن الله غني عن العالمين} و {إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضي لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم} فهو غني وفي

ص: 685

الحديث القدسي أنه قال جل وعلا يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني فهو قائم بنفسه لا يحتاج لأحد قائم على غيره كل من سواه فإن القائم عليه هو الله عز وجل قال الله تعالى {أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت} يعني كمن لا يملك شيئا والقائم على كل نفس بما كسبت هو الله عز وجل.

إذا (القيوم) له معنيان القائم بنفسه والقائم على غيره {لا تأخذه سنة ولا نوم} .

السنة هي النعاس والنعاس هو مقدمة النوم والنوم معروف الله عز وجل لا تأخذه سنة ولا نوم والإنسان تأخذه السنة ويأخذه النوم اختار أم لم يختر أحيانا ينام الإنسان وهو يصلي ينعس وهو يكلم الناس لكن الله عز وجل لا تأخذه سنة ولا نوم لكمال حياته وكمال قيوميته وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يعني

ص: 686

مستحيل غاية الاستحالة أن ينام عز وجل لأنه كامل الحياة كامل القيومية من يقوم على الخلق لو نام الخالق لا أحد فهو جل وعلا لا تأخذه سنة ولا نوم والله أعلم.

1020 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان فأتاني آت فجعل يحثو من الطعام فأخذته فقلت لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إني محتاج وعلي عيال وبي حاجة شديدة فخليت عنه فأصبحت فقال سول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة قلت يا رسول الله شكا حاجة وعيالا فرحمته فخليت سبيله فقال أما إنه قد كذبك وسيعود فعرفت أنه سيعود لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فرصدته.

فجاء يحثو من الطعام فقلت لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال دعني فإني محتاج وعلي عيال لا أعود فرحمته وخليت سبيله فأصبحت فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة قلت يا رسول الله شكا حاجة وعيالا فرحمته وخليت سبيله فقال إنه قد كذبك وسيعود.

فرصدته الثالثة فجاء يحثو من الطعام فأخذته فقلت لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا آخر ثلاث مرات أنك تزعم أنك لا

ص: 687

تعود ثم تعود فقال دعني فإني أعلمك كلمات ينفعك الله بها قلت ما هن قال إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي فإنه لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح فخليت سبيله فأصبحت فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما فعل أسيرك البارحة فقلت يا رسول الله زعم أنه يعلمني كلمات ينفعني الله بها فخليت سبيله قال ما هي قلت قال لي إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم الآية {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} وقال لي لا يزال عليك من الله حافظ ولن يقربك شيطان حتى تصبح فقال النبي صلى الله عليه وسلم أما إنه قد صدقك وهو كذوب تعلم من تخاطب منذ ثلاث يا أبا هريرة قلت لا قال ذاك شيطان رواه البخاري.

[الشَّرْحُ]

هذه القصة قصة عجيبة عظيمة وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم وكل أبا هريرة رضي الله عنه على صدقة رمضان يعني الفطر يحفظها وكانوا يجمعونها قبل العيد بيوم أو يومين وكان أبو هريرة وكيلا عليها وفي ليلة من الليالي جاء رجل يحثو من الطعام فأمسكه أبو هريرة وقال لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فخاف وقال إني

ص: 688

ذو عيال وذو حاجة فرحمه وأطلقه فلما أصبح وجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له صلى الله عليه وسلم ما فعل أسيرك البارحة وهذه من آيات الله لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن عنده ولكنه علم بذلك عن طريق الوحي قال ما فعل أسيرك البارحة قلت يا رسول الله إنه قال إنه ذو حاجة وذو عيال فرحمته وأطلقته فقال النبي صلى الله عليه وسلم كذبك يعني كذب عليك وسيعود يقول فعلمت أنه سيعود لقول النبي صلى الله عليه وسلم إنه سيعود وكان الصحابة رضي الله عنهم يؤمنون بما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم كما يؤمنون بما يشاهدونه بأعينهم أو أكثر يقول فرصدته فجاء فجعل يحثو من الطعام فقلت لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاشتكى شكايته الأولى أنه محتاج وذو عيال فرحمه رضي الله عنه وإنما رحمه مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال كذبك لأن أبا هريرة يعلم حلم النبي صلى الله عليه وسلم وسعة صدره وأنه لن يؤنبه وفعلا لم يؤنبه فلما أصبح وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره قال إنه كذبك وسيعود وفي المرة الثالثة جعل يترقبه وجاء يأكل من الطعام فقلت لأرفعن أمرك إلى النبي صلى الله عليه وسلم في هذه المرة لأنك قلت لن تعود ثلاث مرات وعدت فقال دعني وإني أعلمك كلمات ينفعك الله بهن قال وما هن قال آية الكرسي الله لا إله إلا هو الحي

ص: 689

القيوم إذا أويت إلى فراشك للنوم فاقرأها فإنه لا يزال عليك من الله حافظ فلا يقربك شيطان حتى تصبح كلمات يسيرة تحفظك لو جعلت مائة حارس ما استطاعوا أن يمنعوا الشياطين عنك ولكن هذه كلمات يسيرة يحفظك الله بها فلما أصبح غدا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له الخبر فقال إنه صدقك وهو كذوب يعني هذه المرة ما قاله لك صادق فيه وهو كذوب أتدري من تخاطب منذ ثلاث ليال قلت يا رسول الله لا أعلم قال ذاك شيطان متلبس في صورة آدمي وفي هذا الحديث فوائد كثيرة

ص: 690

ولكننا نعود لشرح آية الكرسي حيث وقفنا عند قوله تعالى {لا تأخذه سنة ولا نوم} والسنة النعاس والنوم معروف {له ما في السماوات وما في الأرض} هذه جملة تفيد عموم ملك الله عز وجل وأنه منفرد بالملك سبحانه وتعالى {له ما في السماوات وما في والأرض} والدليل على عموم ملكه أن (ما) في قوله {ما في السماوات} اسم موصول - يعني له الذي - واسم الموصول يفيد العموم والدليل على انفراده بالملك أنه قدم فيها الخبر {له ما في السماوات} وتقديم الخبر يدل على الحصر فلا أحد يملك شيئا في السماوات ولا في الأرض إلا الله وما يملكه الإنسان من ثياب وعقارات ونحو ذلك ملك مقيد لا يستطيع أن يتصرف فيه كيف يشاء لو أراد إنسان أن يحرق ثوبه منع إذا فلمكي الذي هو ملكي لست حرا في تصرفي فيه إلا على حسب الشرع ولهذا لا يجوز لنا أن نرابي في أموالنا مع أنه ربما يكون الذي أعطى الربا موافقا راضيا لكن لا يجوز لأننا لسنا أحرارا في أملاكنا لا نملكها إلا ملكا مقيدا الملك التام المطلق الذي يفعل فيه المالك ما يشاء هو ملك الله عز وجل {له ما في السماوات وما في الأرض} .

{من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه} (من) اسم استفهام بمعنى النفي يعني لا أحد يشفع عند الله إلا بإذن الله والشفاعة معروفة

ص: 695

وهي التوسط للغير لجلب منفعة أو لدفع مضرة من المعلوم أن ملوك الدنيا مهما عظم ملكهم يشفع الإنسان عندهم بدون أي استئذان حتى إن الملك الكبير الملك تشفع عنده زوجته ولا تستأذن منه لكن الله عز وجل لا أحد يشفع عنده إلا بإذنه أكرم عباده عنده لا يشفع إلا بإذن الله وهذا دليل على كمال سلطانه عز وجل وأنه من كمال سلطانه لا أحد يستطيع أن يتكلم عنده ولا بالشفاعة التي هي خير إلا بإذنه من أكرم الخلق من بني آدم عند الله إنه محمد صلى الله عليه وسلم ويوم القيامة لا يمكن أن يشفع إلا بعد أن يستأذن من الله ثم يسجد سجودا طويلا يفتح الله عليه من المحامد ما لم يفتحه عليه من قبل ثم يشفع ومن دونه من باب أولى لا أحد يشفع إلا بإذن الله لماذا لكمال ملكه وسلطانه عز وجل {يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم} يعلم الله عز وجل {ما بين أيديهم} كل الأمور المستقبلة {وما خلفهم} كل الأمور الماضية وهذا دليل على كمال علمه عز وجل وأنه محيط بكل شيء ماضيا وحاضرا ومستقبلا فما بين يديك ما تستقبله ولو بلحظة وما خلفك ما خلفته ولو بلحظة فمثلا كلامنا اليوم بعد صلاة العصر من بين أيدينا أم من خلفنا من خلفنا كلماتي الآن

ص: 696

أنا أقول الآن وما بعد الآن مستقبل والآن حاضر فالله عز وجل يعلم كل ما يكون بين أيدينا الحاضر والمستقبل وما خلفنا وهذا يدل على كمال علمه جل وعلا لأن علم غيره ناقص.

أولا نجهل كثيرا من الأمور ثم يتجدد لنا العلم.

ثانيا إذا علمنا شيئا فهناك آفة لعلمنا وهي النسيان أما علم الله عز وجل فليس فيه نسيان ولا جهل سابق كما قال موسى صلى الله عليه وسلم لما قال له فرعون {قال فما بال القرون الأولى قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى} .

لا يضل يعني لا يجهل ولا ينسى ما مضى فعلمنا نحن محفوف بآفتين آفة سابقة وهي الجهل وآفة لاحقة وهي النسيان وعلم الله عز وجل خال من ذلك كله.

ص: 697

1021 -

وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال وفي رواية من آخر سورة الكهف رواه مسلم.

1022 -

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال بينما جبريل عليه & السلام قاعد عند النبي صلى الله عليه وسلم سمع نقيضا من فوقه فرفع رأسه فقال هذا باب من السماء فتح اليوم ولم يفتح قط إلا اليوم فنزل منه ملك فقال هذا ملك نزل إلى الأرض لم ينزل قط إلا اليوم فسلم وقال أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة لن تقرأ بحرف منها إلا أعطيته رواه مسلم.

النقيض الصوت.

[الشَّرْحُ]

ذكر المؤلف رحمه الله تعالى في سياق الأحاديث في باب الحث على آيات وسور معينة من كتاب الله ما يتعلق بسورة الكهف وما يتعلق بفاتحة الكتاب وآخر سورة البقرة.

أما الأول فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أنه من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف أو من آخرها عصم من الدجال والدجال رجل كافر

ص: 700

يبعث في آخر الزمان يدعي النبوة أولا ثم يدعي أنه إله والعياذ بالله وفتنته أعظم فتنة تكون على الأرض منذ خلق آدم إلى قيام الساعة كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم وقال إن خرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم وإلا فالله خليفتي على كل مسلم وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من فتنته وما من نبي من الأنبياء إلا أنذر قومه حتى يستعد بنو آدم لهذه الفتنة العظيمة وإن كان من المعلوم أنه لا يأتي إلا في آخر الزمان لكن لأجل التنبيه لعظم فتنته وأنها كبيرة عظيمة لا ينجو منها إلا من أنجاه الله عز وجل هذا الدجال يجعل الله على يديه آيات خوارق فتنة للناس منها أنه يأمر السماء فتمطر ويأمر الأرض فتنبت فيأتي إلى القوم ليس في أرضهم رعي ومواشيهم ضعاف عجاف فيدعوهم ويمنيهم فيتبعونه فيأمر السماء فتمطر ويأمر الأرض فتنبت ثم تروح عليهم مواشيهم وهي أكثر ما تكون لبنا وأوفر ما تكون لحما ثم يأتي إلى آخرين فيدعوهم ولكنهم ينكرونه فيصبحون مقفرين ليس في أرضهم نبات هل تجدون أعظم من هذه الفتنة لاسيما في البادية فيتبعه أناس كثيرون فمن تبعه أدخله جنته

ص: 701

ومن أنكره أدخله ناره وهي جنة فيما يبدو للناس لكنها نار والعياذ بالله وناره نار فيما يبدو للناس لكنها جنة وماء عذب ولكن الناس ليس لهم إلا الظاهر إلا أن الله سبحانه وتعالى بين لنا آياته أنه كاذب لما أخبرنا به صلى الله عليه وسلم من أن هذا الرجل مكتوب بين عينيه كافر يقرؤها كل مؤمن حتى الذي لا يستطيع القراءة ويعمى عنها كل منافق كما أن الإنسان في القبر إذا كان مؤمنا أجاب بالصواب وقال ربي الله وديني الإسلام ونبيي محمد وإذا كان منافقا ولو كان قارئا لم يجب والعياذ بالله وأعطانا نبينا صلى الله عليه وسلم آية أيضا بينة وهي أنه أعور ليس له إلا عين واحدة وربنا جل وعلا ليس بأعور منزه عن كل عيب ونقص فمن وفق سلم من فتنته ونجا يبقى هذا الدجال الخبيث في الأرض أربعين يوما أول يوم كسنة يعني اثني عشر شهرا واليوم الثاني كشهر ثلاثون يوما والثالث كالأسبوع سبعة أيام وبقية الأيام كأيامنا يبقى هذه المدة ثم ينزل عيسى ابن مريم صلى الله عليه وسلم فيقتل هذا الدجال المسيح

ص: 702

الصادق النبي الطاهر يقتل هذا المسيح الخبيث الدجال يسلطه الله عز وجل عليه فيقتله ومن أجل عظم فتنته أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستعيذ منه في كل صلاة فقال إذا تشهد أحدكم فليقل أعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال لأن فتنته عظيمة فينبغي لنا أن نستعيذ بالله عز وجل بقلب صادق من فتنة هذا المسيح الدجال ثم إنه أيضا من أسباب الوقاية من فتنته أن من حفظ عشر آيات من سورة الكهف من أولها أو آخرها وقرآهن عليه عصم من فتنته.

ومن السور المعينة والآيات المعينة سورة الفاتحة وآيتان من آخر سورة البقرة فإنهما ما قرأهما واحد من هذه الأمة مؤمنا إلا آتاه الله تعالى ما فيهما من الطلب وفي سورة الفاتحة اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين قال الله تعالى لعبده إذا قرأها في الصلاة هذا لعبدي ولعبدي ما سأل.

وأما آخر سورة البقرة {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها

ص: 703

ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين} سبع جمل دعائية ما يدعو بهن مؤمن موقنا مؤمنا إلا استجاب الله له وهذه ميزة وفضل عظيم نسأل الله تعالى أن يعفو عنا وعنكم وأن ينصرنا على القوم الكافرين.

ص: 704