الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[ذِكْرُ السَّاعَاتِ الَّتِي عَلَى بَابِ جَامِعِ دِمَشْقَ]
ذِكْرُ السَّاعَاتِ الَّتِي عَلَى بَابِهِ
قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ زَبْرٍ: إِنَّمَا سُمِّيَ بَابُ الْجَامِعِ الْقِبْلِيُّ بَابَ السَّاعَاتِ; لِأَنَّهُ عُمِلَ هُنَاكَ بِرْكَارُ السَّاعَاتِ; يُعْلَمُ بِهَا كُلُّ سَاعَةٍ تَمْضِي مِنَ النَّهَارِ، عَلَيْهَا عَصَافِيرُ مِنْ نُحَاسٍ، وَحَيَّةٌ مِنْ نُحَاسٍ، وَغُرَابٌ، فَإِذَا تَمَّتِ السَّاعَةُ خَرَجَتِ الْحَيَّةُ فَصَفَّرَتِ الْعَصَافِيرُ، وَصَاحَ الْغُرَابُ، وَسَقَطَتْ حَصَاةٌ فِي الطَّسْتِ فَيَعْلَمُ النَّاسُ أَنَّهُ قَدْ ذَهَبَ مِنَ النَّهَارِ سَاعَةٌ، وَكَذَلِكَ فِي سَائِرِهَا.
قُلْتُ: هَذَا يَحْتَمِلُ أَحَدَ شَيْئَيْنِ; إِمَّا أَنَّ السَّاعَاتِ كَانَتْ فِي الْبَابِ الْقِبْلِيِّ مِنَ الْجَامِعِ، وَهُوَ الَّذِي يُسَمَّى بَابُ الزِّيَادَةِ، وَلَكِنْ قَدْ قِيلَ: إِنَّهُ مُحْدَثٌ بَعْدَ بِنَاءِ الْجَامِعِ، وَلَا يَنْفِي ذَلِكَ أَنَّ السَّاعَاتِ كَانَتْ عِنْدَهُ فِي زَمَنِ الْقَاضِي ابْنِ زَبْرٍ. وَإِمَّا أَنَّهُ قَدْ كَانَ فِي الْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ مِنَ الْجَامِعِ، فِي حَائِطِهِ الْقِبْلِيِّ بَابٌ آخَرُ فِي مُحَاذَاةِ بَابِ الزِّيَادَةِ، وَعِنْدَهُ السَّاعَاتُ، ثُمَّ نُقِلَتْ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ إِلَى بَابِ الْوَرَّاقِينَ الْيَوْمَ; وَهُوَ بَابُ الْجَامِعِ مِنَ الشَّرْقِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قُلْتُ: فَأَمَّا الْقُبَّةُ الَّتِي فِي وَسَطِ صَحْنِ الْجَامِعِ الَّتِي فِيهَا الْمَاءُ الْجَارِي، وَتَقُولُ
الْعَامَّةُ لَهَا: قُبَّةُ أَبِي نُوَاسٍ. فَكَانَ بِنَاؤُهَا فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَسِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، أَرَّخَ ذَلِكَ ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ خَطِّ بَعْضِ الدَّمَاشِقَةِ، وَأَمَّا الْقُبَّةُ الْغَرْبِيَّةُ الْعَالِيَةُ الَّتِي فِي صَحْنِ الْجَامِعِ، الَّتِي يُقَالُ لَهَا: قُبَّةُ عَائِشَةَ. فَسَمِعْتُ شَيْخَنَا الذَّهَبِيَّ يَقُولُ: إِنَّهَا إِنَّمَا بُنِيَتْ فِي حُدُودِ سَنَةِ سِتِّينَ وَمِائَةٍ، فِي أَيَّامِ الْمَهْدِيِّ بْنِ الْمَنْصُورِ الْعَبَّاسِيِّ، وَجَعَلُوهَا لِحَوَاصِلِ الْجَامِعَ وَكُتُبِ أَوْقَافِهِ. وَأَمَّا الْقُبَّةُ الشَّرْقِيَّةُ الَّتِي عَلَى بَابِ مَشْهَدِ عَلِيٍّ فَيُقَالُ: إِنَّهَا بُنِيَتْ فِي زَمَنِ الْحَاكِمِ الْعُبَيْدِيِّ فِي حُدُودِ سَنَةِ أَرْبَعِمِائَةٍ.
وَأَمَّا الْفَوَّارَةُ الَّتِي تَحْتَ دُرْجِ جَيْرُونَ فَعَمِلَهَا الشَّرِيفُ فَخْرُ الدَّوْلَةِ أَبُو يَعْلَى حَمْزَةُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْعَبَّاسِ الْحُسَيْنِيُّ، وَكَأَنَّهُ كَانَ نَاظِرَ الْجَامِعِ، وَجَرَّ إِلَيْهَا قِطْعَةً مِنْ حَجَرٍ كَبِيرٍ مِنْ قَصْرِ حَجَّاجٍ، وَأَجْرَى فِيهَا الْمَاءَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ لِسَبْعِ لَيَالٍ خَلَوْنَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ سَنَةَ سَبْعَ عَشَرَةَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَعُمِلَتْ حَوْلَهَا قَنَاطِرُ، وَعُقِدَ عَلَيْهَا قُبَّةٌ، ثُمَّ سَقَطَتِ الْقُبَّةُ بِسَبَبِ جِمَالٍ تَحَاكَّتْ عِنْدَهَا وَازْدَحَمَتْ، وَذَلِكَ فِي صَفَرٍ سَنَةَ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، فَأُعِيدَتْ، ثُمَّ سَقَطَتْ أَعْمِدَتُهَا وَمَا عَلَيْهَا مِنْ حَرِيقِ اللَّبَّادِينَ وَدَارِ الْحِجَارَةِ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَخَمْسِمِائَةٍ. ذَكَرَ ذَلِكَ كُلَّهُ الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ.
قُلْتُ: وَأَمَّا الْقَصْعَةُ الَّتِي كَانَتْ فِي الْفَوَّارَةِ، فَمَا زَالَتْ وَسَطَهَا، وَقَدْ أَدْرَكْتُهَا