الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَذَلِكَ أَنَّ دَوْلَةَ بَنِي أُمَيَّةَ قَدْ بَانَ عَلَيْهَا مَخَايِلُ الْوَهْنِ وَالضَّعْفِ، وَلَا سِيَّمَا بَعْدَ مَوْتِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ. وَقَدِ اخْتَارَ أَبُو مُحَمَّدٍ الصَّادِقُ لِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَهُمْ; سُلَيْمَانُ بْنُ كَثِيرٍ الْخُزَاعِيُّ وَلَاهِزُ بْنُ قُرَيْظٍ التَّمِيمِيُّ وَقَحْطَبَةُ بْنُ شَبِيبٍ الطَّائِيُّ وَمُوسَى بْنُ كَعْبٍ التَّمِيمِيُّ وَخَالِدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَبُو دَاوُدَ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ شَيْبَانَ بْنِ ذَهَبٍ وَالْقَاسِمُ بْنُ مُجَاشِعٍ التَّمِيمِيُّ وَعِمْرَانُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو النَّجْمِ مَوْلًى لِآلِ أَبِي مُعَيْطٍ وَمَالِكُ بْنُ الْهَيْثَمِ الْخُزَاعِيُّ وَطَلْحَةُ بْنُ زُرَيْقٍ الْخُزَاعِيُّ وَعَمْرُو بْنُ أَعْيَنَ أَبُو حَمْزَةَ مَوْلًى لِخُزَاعَةَ وَشِبْلُ بْنُ طَهْمَانَ أَبُو عَلِيٍّ الْهَرَوِيُّ مَوْلًى لِبَنِي حَنِيفَةَ وَعِيسَى ابْنُ أَعْيَنَ مَوْلَى خُزَاعَةَ أَيْضًا. وَاخْتَارَ مِنْهُمْ سَبْعِينَ رَجُلًا أَيْضًا. وَكَتَبَ إِلَيْهِمْ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ كِتَابًا يَكُونُ مِثَالًا وَسِيرَةً يَقْتَدُونَ بِهَا وَيَسِيرُونَ بِهَا.
وَقَدْ حَجَّ بِالنَّاسِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَبُو بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ نَائِبُ الْمَدِينَةِ. وَالنُّوَّابُ عَلَى الْأَمْصَارِ هُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا سِوَى مَنْ ذَكَرْنَا مِمَّنْ عُزِلَ وَتَوَلَّى غَيْرُهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَمْ يَحُجَّ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي أَيَّامِ خِلَافَتِهِ لِشُغْلِهِ بِالْأُمُورِ، وَلَكِنَّهُ كَانَ يُبْرِدُ الْبَرِيدَ إِلَى الْمَدِينَةِ فَيَقُولُ لَهُ: سَلِّمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِّي. وَسَيَأْتِي بِإِسْنَادِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ
سَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ الْأَشْجَعِيُّ مَوْلَاهُمُ الْكُوفِيُّ أَخُو زِيَادٍ وَعَبْدُ اللَّهِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ وَعِمْرَانُ وَمُسْلِمٌ، وَهُوَ تَابِعِيٌّ جَلِيلٌ رَوَى عَنْ ثَوْبَانَ وَجَابِرٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ وَغَيْرِهِمْ، وَعَنْهُ قَتَادَةُ وَالْأَعْمَشُ وَآخَرُونَ وَكَانَ ثِقَةً نَبِيلًا جَلِيلًا، تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ.
أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ
الْأَنْصَارِيُّ الْأَوْسِيُّ الْمَدَنِيُّ وُلِدَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَرَآهُ وَحَدَّثَ عَنْ أَبِيهِ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَمُعَاوِيَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ. وَعَنْهُ الزُّهْرِيُّ وَأَبُو حَازِمٍ وَجَمَاعَةٌ. قَالَ الزُّهْرِيُّ: كَانَ مِنْ عِلْيَةِ الْأَنْصَارِ وَعُلَمَائِهِمْ وَمِنْ أَبْنَاءِ الَّذِينَ شَهِدُوا بَدْرًا. وَقَالَ يُوسُفُ بْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ عُتْبَةَ بْنِ مُسْلِمٍ قَالَ: آخِرُ خَرْجَةٍ خَرَجَهَا عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ رضي الله عنه إِلَى الْجُمُعَةِ، حَصَبَهُ النَّاسُ وَحَالُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ فَصَلَّى بِالنَّاسِ يَوْمَئِذٍ أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ. قَالُوا: تُوُفِّيَ سَنَةَ مِائَةٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
أَبُو الزَّاهِرِيَّةِ حُدَيْرُ بْنُ كُرَيْبٍ الْحِمْصِيُّ
تَابِعِيٌّ جَلِيلٌ سَمِعَ أَبَا أُمَامَةَ صَدَى بْنَ عَجْلَانَ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ بُسْرٍ وَيُقَالُ أَنَّهُ أَدْرَكَ أَبَا الدَّرْدَاءِ. وَالصَّحِيحُ أَنَّ رِوَايَتَهُ عَنْهُ وَعَنْ حُذَيْفَةَ مُرْسَلَةٌ، وَقَدْ حَدَّثَ عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ وَقَدْ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ. وَمِنْ أَغْرَبِ مَا رُوِيَ عَنْهُ قَوْلُ قُتَيْبَةَ: ثَنَا شِهَابُ بْنُ خِرَاشٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ قَالَ: أَغْفَيْتُ فِي صَخْرَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَجَاءَتِ السَّدَنَةُ، فَأَغْلَقُوا عَلَيَّ الْبَابَ، فَمَا انْتَبَهْتُ إِلَّا بِتَسْبِيحِ الْمَلَائِكَةِ فَوَثَبْتُ مَذْعُورًا، فَإِذَا الْمَلَائِكَةُ صُفُوفٌ; فَدَخَلْتُ مَعَهُمْ فِي الصَّفِّ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ، وَغَيْرُهُ: مَاتَ سَنَةَ مِائَةٍ.
أَبُو الطُّفَيْلِ عَامِرُ بْنُ وَاثِلَةَ
ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو اللَّيْثِيُّ الْكِنَانِيُّ صَحَابِيٌّ وَهُوَ آخِرُ مَنْ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَفَاةً بِالْإِجْمَاعِ رَوَى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ رَآهُ يَسْتَلِمُ الرُّكْنَ بِمِحْجَنِهِ وَذَكَرَ صِفَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَرَوَى عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَلِيٍّ وَمُعَاذٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَحَدَّثَ عَنْهُ الزُّهْرِيُّ وَقَتَادَةُ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَأَبُو الزُّبَيْرِ وَجَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ. وَكَانَ مِنْ أَنْصَارِ
عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ شَهِدَ مَعَهُ حُرُوبَهُ كُلَّهَا لَكِنْ نَقِمَ بَعْضُهُمْ عَلَيْهِ كَوْنَهُ كَانَ مَعَ الْمُخْتَارِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ وَيُقَالُ: إِنَّهُ كَانَ حَامِلَ رَايَتِهِ. وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ لَهُ: مَا أَبْقَى لَكَ الدَّهْرُ مِنْ ثَكْلِكَ عَلِيًّا؟ فَقَالَ: ثُكْلَ الْعَجُوزِ الْمِقْلَاتِ وَالشَّيْخِ الرَّقُوبِ. قَالَ: كَيْفَ حُبُّكَ لَهُ؟ قَالَ: حُبُّ أُمِّ مُوسَى لِمُوسَى وَإِلَى اللَّهِ أَشْكُو التَّقْصِيرَ. قِيلَ: إِنَّهُ أَدْرَكَ مِنْ حَيَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثَمَانَ سِنِينَ وَمَاتَ سَنَةَ مِائَةٍ. وَقِيلَ: سَنَةَ سَبْعٍ وَمِائَةٍ. وَقِيلَ: سَنَةَ عَشْرٍ وَمِائَةٍ. فَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ: وَهُوَ آخِرُ مَنْ مَاتَ مِنَ الصَّحَابَةِ مُطْلَقًا وَمَاتَ سَنَةَ مِائَةٍ.
أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدَيُّ
وَاسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَلٍّ الْبَصْرِيُّ، أَدْرَكَ الْجَاهِلِيَّةَ وَحَجَّ فِي زَمَنِ الْجَاهِلِيَّةِ مَرَّتَيْنِ، وَأَسْلَمَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يَرَهُ، وَأَدَّى فِي زَمَانِهِ الزَّكَاةَ ثَلَاثَ سِنِينَ إِلَى عُمَّالِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم; وَمِثْلُ هَذَا يُسَمِّيهِ أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ مُخَضْرَمًا. وَهَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ فِي زَمَانِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَسَمِعَ مِنْهُ وَمِنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَخَلْقٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَصَحِبَ سَلْمَانَ الْفَارِسِيَّ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً حَتَّى دَفَنَهُ. وَرَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ، مِنْهُمْ أَيُّوبُ وَحُمَيْدٌ الطَّوِيلُ وَسُلَيْمَانُ بْنُ طَرْخَانَ التَّيْمِيُّ. وَقَالَ عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: أَدْرَكْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَغُوثَ; صَنَمًا مِنْ رَصَاصٍ يُحْمَلُ عَلَى جَمَلٍ أَجْرَدَ،
فَإِذَا بَلَغَ وَادِيَا بَرَكَ فِيهِ فَيَقُولُونَ: قَدْ رِضَى رَبُّكُمْ لَكُمْ هَذَا الْوَادِيَ فَيَنْزِلُونَ فِيهِ. قَالَ: وَسَمِعْتُهُ وَقَدْ قِيلَ لَهُ: أَدْرَكْتَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ: نَعَمْ أَسْلَمْتُ عَلَى عَهْدِهِ وَأَدَّيْتُ إِلَيْهِ الزَّكَاةَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَلَمْ أَلْقَهُ وَشَهِدْتُ الْيَرْمُوكَ وَالْقَادِسِيَّةَ وَجَلُولَاءَ وَنَهَاوَنْدَ وَتُسْتَرَ وَأَذْرَبِيجَانَ وَرُسْتُمْ. وَقَالَ غَيْرُهُ: كَانَ الْبَشِيرَ إِلَى عُمَرَ فِي فَتْحِ نَهَاوَنْدَ. قَالُوا: وَكَانَ أَبُو عُثْمَانَ صَوَّامًا قَوَّامًا; يَسْرُدُ الصَّوْمَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ لَا يَتْرُكُهُ وَكَانَ يُصَلِّي حَتَّى يُغْشَى عَلَيْهِ. وَحَجَّ سِتِّينَ مَرَّةً مَا بَيْنَ حِجَّةٍ وَعُمْرَةٍ. قَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ: إِنِّي لَأَحْسَبُهُ لَا يُصِيبُ ذَنْبًا; لِأَنَّهُ كَانَ لَيْلَهُ قَائِمًا وَنَهَارَهُ صَائِمًا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: سَمِعْتُ أَبَا عُثْمَانَ النَّهْدِيَّ يَقُولُ: أَتَتْ عَلَيَّ ثَلَاثُونَ وَمِائَةُ سَنَةٍ وَمَا مِنِّي شَيْءٌ إِلَّا وَقَدْ أَنْكَرْتُهُ خَلَا أَمَلِي فَإِنِّي أَجِدُهُ كَمَا هُوَ. وَقَالَ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ قَالَ: إِنِّي لَأَعْلَمُ حِينَ يَذْكُرُنِي اللَّهُ عز وجل. قَالَ: فَنَقُولُ لَهُ: مِنْ أَيْنَ تَعْلَمُ ذَلِكَ؟ فَيَقُولُ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [البقرة: 152] فَإِذَا ذَكَرْتُ اللَّهَ ذَكَرَنِي. قَالَ: وَكُنَّا إِذَا دَعَوْنَا اللَّهَ قَالَ: وَاللَّهِ لَقَدِ اسْتَجَابَ اللَّهُ لَنَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60] قَالُوا: وَعَاشَ مِائَةً وَثَلَاثِينَ سَنَةً. وَقِيلَ: وَأَرْبَعِينَ سَنَةً. قَالَهُ هُشَيْمٌ وَغَيْرُهُ. قَالَ الْمَدَائِنِيُّ وَغَيْرُهُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ مِائَةٍ. وَقَالَ الْفَلَّاسُ: تُوُفِّيَ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ. وَالصَّحِيحُ سَنَةَ مِائَةٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَفِيهَا تُوُفِّيَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَكَانَ يَفْضُلُ عَلَى وَالِدِهِ فِي الْعِبَادَةِ وَالِانْقِطَاعِ عَنِ النَّاسِ، وَلَهُ كَلِمَاتٌ حِسَانٌ مَعَ أَبِيهِ وَوَعْظِهِ إِيَّاهُ.