الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَتِلْكَ شَكَاةٌ ظَاهِرٌ عَنْكَ عَارُهَا
وَاللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
[مَنْ قُتِلَ مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ بِمَكَّةَ مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ قُتِلَ مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ بِمَكَّةَ مِنَ الْأَعْيَانِ:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ الْجُمَحِيُّ، أَبُو صَفْوَانَ الْمَكِّيُّ
وَكَانَ أَكْبَرَ وَلَدِ أَبِيهِ، أَدْرَكَ حَيَاةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَرَوَى عَنْ عُمَرَ وَجَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَحَدَّثَ عَنْهُ خَلْقٌ مِنَ التَّابِعَيْنِ، وَكَانَ سَيِّدًا شَرِيفًا مُطَاعًا حَلِيمًا، يَحْتَمِلُ الْأَذَى، لَوْ سَبَّهُ عَبْدٌ أَسْوَدُ، مَا اسْتَنْكَفَ عَنْهُ، وَلَمْ يَقْصِدْهُ أَحَدٌ فِي شَيْءٍ فَرَدَّهُ خَائِبًا، وَلَا سَمِعَ بِمَفَازَةٍ إِلَّا حَفَرَ جُبًّا، أَوْ عَمِلَ فِيهَا بِرْكَةً، وَلَا عَقَبَةٍ إِلَّا سَهَّلَهَا.
وَقِيلَ: إِنَّ الْمُهَلَّبَ بْنَ أَبِي صُفْرَةَ قَدِمَ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ مِنَ الْعِرَاقِ، فَأَطَالَ الْخَلْوَةَ مَعَهُ، فَجَاءَ ابْنُ صَفْوَانَ فَقَالَ: مَنْ هَذَا الَّذِي شَغَلَكَ مُنْذُ الْيَوْمِ؟ قَالَ: هَذَا سَيِّدُ الْعَرَبِ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ. فَقَالَ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُهَلَّبَ. فَقَالَ الْمُهَلَّبُ لِابْنِ الزُّبَيْرِ: وَمَنْ هَذَا الَّذِي يَسْأَلُ عَنِّي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: هَذَا سَيِّدُ قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ. فَقَالَ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ صَفْوَانَ. وَكَانَ ابْنُ صَفْوَانَ كَرِيمًا جِدًّا.
وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ بِسَنَدِهِ: إِنَّ مُعَاوِيَةَ قَدِمَ حَاجًّا فَتَلَقَّاهُ النَّاسُ، فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ فِي جُمْلَةِ مَنْ تَلَقَّاهُ، فَجَعَلَ يُسَايِرُ مُعَاوِيَةَ، وَجَعَلَ أَهْلُ
الشَّامِ يَقُولُونَ: مَنْ هَذَا الَّذِي يُسَايِرُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى مَكَّةَ إِذَا الْجَبَلُ أَبْيَضُ مِنَ الْغَنَمِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، هَذِهِ غَنَمٌ أَجْزَرْتُكَهَا ; تُقَسِّمُهَا بَيْنَ الْجُنْدِ. فَإِذَا هِيَ أَلَفَا شَاةٍ، فَقَالُوا: مَا رَأَيْنَا أَكْرَمَ مِنِ ابْنِ عَمِّ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ.
ثُمَّ كَانَ ابْنُ صَفْوَانَ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ صَبَرَ مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ حِينَ حَصَرَهُ الْحَجَّاجُ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ الزُّبَيْرِ: إِنِّي قَدْ أَقَلْتُكَ بَيْعَتِي، فَاذْهَبْ حَيْثُ شِئْتَ. فَقَالَ: إِنِّي إِنَّمَا قَاتَلْتُ عَنْ دِينِي. ثُمَّ صَبَّرَ نَفْسَهُ، حَتَّى قُتِلَ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، رحمه الله وَأَكْرَمَ مَثْوَاهُ.
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعِ بْنِ الْأَسْوَدِ بْنِ حَارِثَةَ الْقُرَشِيُّ الْعَدَوِيُّ الْمَدَنِيُّ
وُلِدَ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَحَنَّكَهُ، وَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ، وَرَوَى عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:«لَا يُقْتَلُ قُرَشِيٌّ بَعْدَ الْيَوْمِ صَبْرًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» .
وَعَنْهُ ابْنَاهُ: إِبْرَاهِيمُ، وَمُحَمَّدٌ، وَالشَّعْبِيُّ، وَعِيسَى بْنُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُوسَى.
قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: كَانَ ابْنُ مُطِيعٍ مِنْ كِبَارِ رِجَالِ قُرَيْشٍ جَلَدًا وَشَجَاعَةً،
وَأَخْبَرَنِي عَمِّي مُصْعَبٌ أَنَّهُ كَانَ عَلَى قُرَيْشٍ يَوْمَ الْحَرَّةِ، وَقُتِلَ مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ، وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ:
أَنَا الَّذِي فَرَرْتُ يَوْمَ الْحَرَّةْ
…
وَالشَّيْخُ لَا يَفِرُّ إِلَّا مَرَّةْ
لَأُجْبُرَنَّ كَرَةً بِفَرَّةْ
رحمه الله.
عَوْفُ بْنُ مَالِكِ بْنِ أَبِي عَوْفٍ الْأَشْجَعِيُّ الْغَطَفَانِيُّ
صَحَابِيٌّ جَلِيلٌ، شَهِدَ مُؤْتَةَ مَعَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ وَالْأُمَرَاءِ قَبْلَهُ، وَشَهِدَ الْفَتْحَ، وَكَانَتْ مَعَهُ رَايَةُ قَوْمِهِ يَوْمَئِذٍ، وَشَهِدَ فَتْحَ الشَّامِ، وَرَوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحَادِيثَ، وَرَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ التَّابِعَيْنِ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَقَدْ مَاتَ قَبْلَهُ، وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ، وَخَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ: تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ بِالشَّامِ.
أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ
وَالِدَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، يُقَالُ لَهَا: ذَاتُ النِّطَاقَيْنِ، وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ عَامَ الْهِجْرَةِ حِينَ شَقَّتْ نِطَاقَهَا، وَرَبَطَتْ بِهِ سُفْرَةَ
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ حِينَ خَرَجَا إِلَى غَارِ ثَوْرٍ لِلْهِجْرَةِ. وَأُمُّهَا قَيْلَةُ، وَقِيلَ: قُتَيْلَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْعُزَّى مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ.
أَسْلَمَتْ أَسْمَاءُ قَدِيمًا، وَهُمْ بِمَكَّةَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، وَهَاجَرَتْ هِيَ وَزَوْجُهَا الزُّبَيْرُ، وَهِيَ حَامِلٌ مُتِمٌّ بِوَلَدِهَا عَبْدِ اللَّهِ، فَوَضَعَتْهُ بِقُبَاءٍ، أَوَّلَ مَقْدِمِهِمِ الْمَدِينَةَ، ثُمَّ وَلَدَتْ لِلزُّبَيْرِ بَعْدَ ذَلِكَ عُرْوَةَ، وَالْمُنْذِرَ، ثُمَّ لَمَّا كَبُرَتْ طَلَّقَهَا الزُّبَيْرُ، وَقِيلَ: بَلْ قَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ ابْنُهُ: إِنَّ مِثْلِي لَا تُوطَأُ أُمُّهُ. فَطَلَّقَهَا الزُّبَيْرُ، وَقِيلَ: بَلِ اخْتَصَمَتْ هِيَ وَالزُّبَيْرُ، فَجَاءَ عَبْدُ اللَّهِ لِيُصْلِحَ بَيْنَهُمَا، فَقَالَ الزُّبَيْرُ: إِنْ دَخَلْتَ فَهِيَ طَالِقٌ. فَدَخَلْتُ فَبَانَتْ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ عُمِّرَتْ أَسْمَاءُ دَهْرًا صَالِحًا وَأَضَرَّتْ فِي آخِرِ عُمُرِهَا، وَقِيلَ: بَلْ كَانَتْ صَحِيحَةَ الْبَصَرِ، لَمْ يَسْقُطْ لَهَا سِنٌّ، وَأَدْرَكَتْ قَتْلَ وَلَدِهَا فِي هَذِهِ السَّنَةِ كَمَا ذَكَرْنَا، ثُمَّ مَاتَتْ بَعْدَهُ بِخَمْسَةِ أَيَّامٍ. وَقِيلَ: بِعَشَرَةٍ. وَقِيلَ: بِعِشْرِينَ. وَقِيلَ: بِبِضْعَةٍ وَعِشْرِينَ يَوْمًا. وَقِيلَ: عَاشَتْ بَعْدَهُ مِائَةَ يَوْمٍ. وَهُوَ الْأَشْهَرُ، وَبَلَغَتْ مِنَ الْعُمُرِ مِائَةَ سَنَةٍ، وَلَمْ يَسْقُطْ لَهَا سِنٌّ، وَلَمْ يُنْكَرْ لَهَا عَقْلٌ، رَحِمَهَا اللَّهُ وَرَضِيَ عَنْهَا، وَقَدْ رَوَتْ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِدَّةَ أَحَادِيثَ طَيِّبَةٍ مُبَارَكَةٍ، رضي الله عنها وَرَحِمَهَا.
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ - يَعْنِي سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ - عَزَلَ عَبْدُ الْمَلِكِ خَالِدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ الْبَصْرَةِ، وَأَضَافَهَا إِلَى أَخِيهِ بِشْرِ بْنِ مَرْوَانَ مَعَ الْكُوفَةِ، فَارْتَحَلَ إِلَيْهَا بِشْرٌ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْكُوفَةِ عَمْرَو بْنَ حُرَيْثٍ.
وَفِيهَا غَزَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ الصَّائِفَةَ، فَهَزَمَ الرُّومَ.
وَقِيلَ: إِنَّهُ كَانَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَقْعَةُ عُثْمَانَ بْنِ الْوَلِيدِ بِالرُّومِ، مِنْ نَاحِيَةِ أَرْمِينِيَّةَ، وَهُوَ فِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ، وَالرُّومُ فِي سِتِّينَ أَلْفًا، فَهَزَمَهُمْ، وَأَكْثَرَ الْقَتْلَ فِيهِمْ.
وَأَقَامَ لِلنَّاسِ الْحَجَّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ الثَّقَفِيُّ أَيْضًا، وَهُوَ عَلَى
مَكَّةَ وَالْيَمَنِ وَالْيَمَامَةِ، وَعَلَى الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ بِشْرُ بْنُ مَرْوَانَ، فِي قَوْلِ الْوَاقِدِيِّ، وَفِي قَوْلِ غَيْرِهِ: عَلَى الْكُوفَةِ بِشْرُ بْنُ مَرْوَانَ، وَعَلَى الْبَصْرَةِ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَعَلَى قَضَاءِ الْكُوفَةِ شُرَيْحُ بْنُ الْحَارِثِ. وَعَلَى قَضَاءِ الْبَصْرَةِ هِشَامُ بْنُ هُبَيْرَةَ. وَعَلَى إِمْرَةِ خُرَاسَانَ بُكَيْرُ بْنُ وِشَاحٍ، يَعْنِي الَّذِي كَانَ نَائِبًا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَازِمٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا غَيْرُ مَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ:
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ خَيْثَمَةَ الْأَنْصَارِيُّ
لَهُ صُحْبَةٌ، وَشَهِدَ الْيَرْمُوكَ، وَكَانَ كَثِيرَ الْعِبَادَةِ وَالْغَزْوِ.
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي حَدْرَدٍ الْأَسْلَمِيُّ
أَبُو مُحَمَّدٍ، لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، تُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ.
مَالِكُ بْنُ مِسْمَعِ بْنِ غَسَّانَ الْبَصْرِيُّ
كَانَ شَدِيدَ الِاجْتِهَادِ فِي الْعِبَادَةِ وَالزَّهَادَةِ.
ثَابِتُ بْنُ الضَّحَّاكِ الْأَنْصَارِيُّ
لَهُ صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، تُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ، يُقَالُ
لَهُ: أَبُو زَيْدٍ الْأَشْهَلِيُّ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْبَيْعَةِ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، قَالَ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ: أَخْبَرَنِي أَبُو قِلَابَةَ، أَنَّ ثَابِتَ بْنَ الضَّحَّاكِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَحْتَ الشَّجَرَةِ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ قَذَفَ مُؤْمِنًا بِكُفْرٍ فَهُوَ كَقَتْلِهِ» .
زَيْنَبُ بِنْتُ أَبِي سَلَمَةَ الْمَخْزُومِيَّةُ
رَبِيبَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَلَدَتْهَا أُمُّهَا بِالْحَبَشَةِ، وَلَهَا رِوَايَةٌ وَصُحْبَةٌ.
تَوْبَةُ بْنُ الْحُمَيِّرِ
وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: مَجْنُونُ لَيْلَى. كَانَ تَوْبَةُ يَشُنُّ الْغَارَاتِ عَلَى بَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ، فَرَأَى لَيْلَى، فَهَوَاهَا وَتَهَتَّكَ بِهَا، وَهَامَ بِهَا مَحَبَّةً وَعِشْقًا، وَقَالَ فِيهَا الْأَشْعَارَ الْكَثِيرَةَ الْقَوِيَّةَ الرَّائِقَةَ، الَّتِي لَمْ يُسْبَقْ إِلَيْهَا، وَلَمْ يُلْحَقْ فِيهَا ; لِكَثْرَةِ مَا فِيهَا مِنَ الْمَعَانِي وَالْحِكَمِ، وَقَدْ قِيلَ لَهُ مَرَّةً: هَلْ كَانَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ لَيْلَى رِيبَةٌ قَطُّ؟ فَقَالَ: بَرِئْتُ مِنْ شَفَاعَةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم إِنْ كُنْتُ قَطُّ حَلَلْتُ سَرَاوِيلِي عَلَى مُحَرَّمٍ.
وَقَدْ دَخَلَتْ لَيْلَى عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ تَشْكُو ظُلَامَةً، فَقَالَ لَهَا: مَاذَا رَأَى مِنْكِ تَوْبَةُ حَتَّى عَشِقَكِ هَذَا الْعِشْقَ كُلَّهُ؟ فَقَالَتْ: وَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ قَطُّ رِيبَةٌ، وَلَا خَنَا، وَإِنَّمَا الْعَرَبُ تَعْشَقُ وَتَعِفُّ،
وَتَقُولُ الْأَشْعَارَ فِي مَنْ تَهْوَى وَتُحِبُّ، مَعَ الْعِفَّةِ وَالصِّيَانَةِ لِأَنْفُسِهَا عَنِ الدَّنَاءَاتِ. فَأَزَالَ ظُلَامَتَهَا وَأَجَازَهَا. تُوُفِّيَ تَوْبَةُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَقِيلَ: إِنَّ لَيْلَى جَاءَتْ إِلَى قَبْرِهِ فَبَكَتْ عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَتْ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.