الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَتْحُ الْبَابِ
(1) قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَزَعَمَ سَيْفٌ أَنَّهُ كَانَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ كَتَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ كِتَابًا بِالْإِمْرَةِ عَلَى هَذِهِ الْغَزْوَةِ لِسُرَاقَةَ بْنِ عَمْرٍو - الْمُلَقَّبِ بِذِي النُّورِ - وَجَعَلَ عَلَى مُقَدِّمَتِهِ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ رَبِيعَةَ، وَيُقَالُ لَهُ - ذُو النُّورِ أَيْضًا - وَجَعَلَ عَلَى إِحْدَى الْمُجَنَّبَتَيْنِ حُذَيْفَةَ بْنَ أُسَيْدٍ، وَعَلَى الْأُخْرَى بُكَيْرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ اللِّيثِيَّ - وَكَانَ قَدْ تَقَدَّمَهُمْ إِلَى الْبَابِ - وَعَلَى الْمَقَاسِمِ سَلْمَانُ بْنُ رَبِيعَةَ.
فَسَارُوا كَمَا أَمَرَهُمْ عُمَرُ وَعَلَى تَعْبِئَتِهِ، فَلَمَّا انْتَهَى مُقَدَّمُ الْعَسَاكِرِ - وَهُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ رَبِيعَةَ - إِلَى الْمَلِكِ الَّذِي هُنَاكَ عِنْدَ الْبَابِ وَهُوَ شَهْرَبْرَازُ مَلِكُ أَرْمِينِيَّةَ وَهُوَ مِنْ بَيْتِ الْمَلِكِ الَّذِي قَتَلَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَغَزَا الشَّامَ فِي قَدِيمِ الزَّمَانِ، فَكَتَبَ شَهْرَبْرَازُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ وَاسْتَأْمَنَهُ فَأَمَّنَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ رَبِيعَةَ، فَقَدِمَ عَلَيْهِ الْمَلِكُ، فَأَنْهَى إِلَيْهِ أَنَّ صَغْوَهُ إِلَى الْمُسْلِمِينَ، وَأَنَّهُ مُنَاصِحٌ لِلْمُسْلِمِينَ.
فَقَالَ لَهُ: إِنَّ فَوْقِيَ رَجُلًا فَاذْهَبْ إِلَيْهِ.
فَبَعَثَهُ إِلَى سُرَاقَةَ بْنِ عَمْرٍو أَمِيرِ الْجَيْشِ، فَسَأَلَ مِنْ سُرَاقَةَ الْأَمَانَ، فَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ فَأَجَازَ مَا أَعْطَاهُ مِنَ الْأَمَانِ، وَاسْتَحْسَنَهُ، فَكَتَبَ لَهُ سُرَاقَةُ كِتَابًا بِذَلِكَ.
ثُمَّ بَعَثَ سُرَاقَةُ بُكَيْرًا، وَحَبِيبَ بْنَ مَسْلَمَةَ، وَحُذَيْفَةَ بْنَ أُسَيْدٍ، وَسَلْمَانَ بْنَ رَبِيعَةَ، إِلَى أَهْلِ تِلْكَ الْجِبَالِ الْمُحِيطَةِ بِأَرْمِينِيَةَ جِبَالِ اللَّانِ (2) وَتَفْلِيسَ وَمُوقَانَ، فَافْتَتَحَ بُكَيْرٌ مُوقَانَ، وَكَتَبَ لهم كتاب أمان ومات في غضون ذَلِكَ أَمِيرُ الْمُسْلِمِينَ هُنَالِكَ، وَهُوَ سُرَاقَةُ بْنُ عَمْرٍو، وَاسْتَخْلَفَ بَعْدَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ رَبِيعَةَ، فَلَمَّا بَلَغَ عُمَرَ ذَلِكَ أَقَرَّهُ عَلَى ذَلِكَ وَأَمَرَهُ بِغَزْوِ التُّرْكِ.
أَوَّلُ غَزْوِ التُّرْكِ
وَهُوَ تَصْدِيقُ الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمُ الثَّابِتِ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أبي هريرة وعمرو بْنُ تَغْلِبَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تُقَاتِلُوا قَوْمًا عراض الوجوه، دلف الْأُنُوفِ، حُمْرَ الْوُجُوهِ، كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الْمَجَانُّ الْمُطْرَقَةُ (3)" وَفِي رِوَايَةٍ " يَنْتَعِلُونَ الشَّعْرَ ".
لَمَّا جَاءَ كِتَابُ عُمَرَ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَبِيعَةَ يَأْمُرُهُ بِأَنْ يَغْزُوَ التُّرْكَ، سَارَ حَتَّى قَطَعَ الْبَابَ قَاصِدًا لِمَا أَمَرَهُ عُمَرُ، فَقَالَ لَهُ شَهْرَبْرَازُ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: أُرِيدُ مَلِكَ التُّرْكِ بَلَنْجَرَ، فَقَالَ لَهُ شَهْرَبْرَازُ: إِنَّا لَنَرْضَى مِنْهُمْ بِالْمُوَادَعَةِ، وَنَحْنُ مِنْ وَرَاءِ الْبَابِ.
فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ إِلَيْنَا رَسُولًا، وَوَعَدَنَا عَلَى لِسَانِهِ بِالنَّصْرِ وَالظَّفَرِ، وَنَحْنُ لَا نَزَالُ منصورين، فقاتل الترك وسار في
(1) الباب: كذا في الاصل.
وفي فتوح البلدان وابن الاعثم مدينة الباب.
وفي معجم البلدان: باب الابواب ويقال له الباب غير مضاف والباب الابواب
…
وأما حديثها أيام الفتوح فإن سليمان بن ربيعة الباهلي غزاها في أيام عمر بن الخطاب.
(2)
كذا في الاصل والطبري والكامل، وفي فتوح البلدان: أران.
(3)
أخرجه البخاري في كتاب المناقب - باب علامات النبوة في الاسلام.
(*)