المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر من توفي فيها - البداية والنهاية - ت شيري - جـ ٩

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌ ج 9

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أربع وسبعين

- ‌ذكر من توفي فيها

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خمس وسبعين

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَسَبْعِينَ

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا

- ‌ثم دخلت سنة سبع وسبعين

- ‌مقتل شبيب عِنْدَ ابْنِ الْكَلْبِيِّ

- ‌وَفِيهَا تُوُفِّيَ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سنة ثمان وسبعين

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ

- ‌وَفِيهَا تُوُفِّيَ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانِينَ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبوِّية ففيها كان السيل الجحاف (3) بمكة لانه جحف على كل شئ فذهب به، وحمل الحجاج من بطن مكةٍ الجمال بِمَا عَلَيْهَا، وَالرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ لَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يُنْقِذَهُمْ مِنْهُ، وَبَلَغَ الْمَاءُ إِلَى الْحَجُونِ، وَغَرِقَ خلقٌ كَثِيرٌ، وَقِيلَ إِنَّهُ ارْتَفَعَ حتَّى كَادَ أَنْ يُغَطِّيَ الْبَيْتَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

- ‌وممَّن توفِّي فِي هَذِهِ السَّنَةِ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إحدى وثمانين

- ‌ فَتَحَ عَبِيدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ مَدِينَةَ قَالِيقَلَا

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْنِ وَثَمَانِينَ

- ‌ وَقْعَةُ الزَّاوِيَةِ

- ‌ وَقْعَةُ دَيْرِ الْجَمَاجِمِ

- ‌ وَفِيهَا تُوُفِّيَ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وثمانين استهلت هذه السنة والناس متوافقون لِقِتَالِ الْحَجَّاجِ وَأَصْحَابِهِ بِدَيْرِ قُرَّةَ، وَابْنُ الْأَشْعَثِ وَأَصْحَابُهُ بِدَيْرِ الْجَمَاجِمِ، وَالْمُبَارَزَةُ فِي كُلِّ يَوْمٍ بَيْنَهُمْ وَاقِعَةٌ، وَفِي غَالِبِ الْأَيَّامِ تَكُونُ النُّصْرَةُ لِأَهْلِ

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ قَالَ الْوَاقِدِيُّ: فِيهَا افْتَتَحَ عبد الله بن عبد الملك الْمِصِّيصَةَ، وَفِيهَا غَزَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْوَانَ أَرْمِينِيَّةَ فقتل منهم خلقاً وصرف كَنَائِسَهُمْ وَضِيَاعَهُمْ وَتُسَمَّى سَنَةَ الْحَرِيقِ، وَفِيهَا اسْتَعْمَلَ الْحَجَّاجُ عَلَى فَارِسَ مُحَمَّدَ بْنَ الْقَاسِمِ الثَّقَفِيَّ، وَأَمَرَهُ بِقَتْلِ الْأَكْرَادِ

- ‌وَفِيهَا توفي

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَثَمَانِينَ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وثمانين

- ‌فَفِيهَا غَزَا قُتَيْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ نَائِبُ الْحَجَّاجِ عَلَى مَرْوٍ وَخُرَاسَانَ، بِلَادًا كَثِيرَةً مِنْ أَرْضِ التُّرْكِ

- ‌خلافة الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وثمانين فَفِيهَا عَزَلَ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ هِشَامَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ عَنْ إِمْرَةِ الْمَدِينَةِ وَوَلَّى عَلَيْهَا ابْنَ عَمِّهِ وَزَوْجَ أُخْتِهِ فَاطِمَةَ بِنْتِ عَبْدِ الملك عمر بن عبد العزيز، فدخلها على ثَلَاثِينَ بَعِيرًا فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْهَا، فَنَزَلَ

- ‌وفيها تُوُفِّيَ

- ‌ثم دخلت سنة ثمان وثمانين

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا

- ‌وَفِيهَا تُوُفِّيَ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَثَمَانِينَ فِيهَا غَزَا مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَابْنُ أَخِيهِ الْعَبَّاسُ بِلَادَ الرُّومِ فَقَتَلَا خَلْقًا كَثِيرًا وَفَتَحَا حُصُونًا كَثِيرَةً، مِنْهَا حِصْنُ سُورِيَّةَ وَعَمُّورِيَّةَ وَهِرَقْلَةَ وَقَمُودِيَّةَ (1)

- ‌وَفِيهَا تُوُفِّيَ

- ‌ثم دخلت سنة تسعين من الهجرة فِيهَا غَزَا مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَالْعَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ بِلَادَ الرُّومِ، فَفَتَحَا حُصُونًا وَقَتَلَا خَلْقًا مِنَ الرُّومِ وَغَنِمَا وَأَسَرَا خَلْقًا كَثِيرًا

- ‌وفيها توفي

- ‌ثم دخلت سنة إحدى وتسعين فِيهَا غَزَا الصَّائِفَةَ مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَابْنُ أَخِيهِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْوَلِيدِ، وَفِيهَا غَزَا مَسْلَمَةُ بِلَادَ التُّرْكِ حَتَّى بَلَغَ الْبَابَ مِنْ نَاحِيَةِ أَذْرَبِيجَانَ، فَفَتَحَ مَدَائِنَ وَحُصُونًا كَثِيرَةً أَيْضًا، وَكَانَ الْوَلِيدُ قَدْ

- ‌ثم دخلت سنة ثنتين وتسعين فِيهَا غَزَا مَسْلَمَةُ وَابْنُ أَخِيهِ عُمَرُ بْنُ الْوَلِيدِ بِلَادَ الرُّومِ فَفَتَحَا حُصُونًا كَثِيرَةً وَغَنِمَا شَيْئًا كَثِيرًا وَهَرَبَتْ مِنْهُمُ الرُّومُ إِلَى أَقْصَى بِلَادِهِمْ، وَفِيهَا غَزَا طَارِقُ بْنُ زِيَادٍ مَوْلَى مُوسَى بْنِ نُصَيْرٍ بِلَادَ الْأَنْدَلُسِ فِي

- ‌وَتُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ مَالِكُ بْنُ أَوْسِ بن الحدثان النضري، أبو سعيد المدني

- ‌فَتْحُ سَمَرْقَنْدَ

- ‌وممَّن توفِّي فِي هَذِهِ السَّنَةِ

- ‌ أنس بن مالك ابن النَّضْرِ بْنِ ضَمْضَمَ

- ‌ثم دخلت سنة أربع وتسعين فِيهَا غَزَا العبَّاس بْنُ الْوَلِيدِ أَرْضَ الرُّومِ، فقيل إنه فتح أنطاكية، وَغَزَا أَخُوهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْوَلِيدِ فَبَلَغَ غَزَالَةَ، وَبَلَغَ الْوَلِيدُ بْنُ هِشَامٍ الْمُعَيْطِيُّ أَرْضَ بُرْجِ الْحَمَامِ، وَبَلَغَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي كَبْشَةَ أرض

- ‌مَقْتَلُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ

- ‌ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا

- ‌سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ الْأَسَدِيُّ

- ‌ وفيها توفي

- ‌ثم دخلت سنة خمس وتسعين فِيهَا غَزَا العبَّاس بْنُ الْوَلِيدِ بِلَادَ الرُّومِ، وافتتح حصوناً كثيرةً

- ‌ تَرْجَمَةُ الْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ الثَّقَفِيِّ

- ‌فصل

- ‌فصل فيما رُوي عنه من الكلمات النافعة وَالْجَرَاءَةِ الْبَالِغَةِ

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سنة ست وتسعين وَفِيهَا فَتَحَ قُتَيْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى كَاشْغَرَ (1) مِنْ أَرْضِ الصِّينِ وَبَعَثَ إِلَى مَلِكِ الصِّينِ رُسُلًا (2) يَتَهَدَّدُهُ وَيَتَوَعَّدُهُ وَيُقْسِمُ بِاللَّهِ لَا يَرْجِعُ حَتَّى يَطَأَ بِلَادَهُ وَيَخْتِمَ مُلُوكَهُمْ وَأَشْرَافَهُمْ، وَيَأْخُذَ الْجِزْيَةَ مِنْهُمْ أَوْ يَدْخُلُوا فِي الإسلام

- ‌فَصْلٌ فِيمَا رُوِيَ فِي جَامِعِ دِمَشْقَ مِنَ الْآثَارِ وَمَا وَرَدَ فِي فَضْلِهِ مِنَ الْأَخْبَارِ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّادَةِ الْأَخْيَارِ

- ‌ذِكْرُ السَّاعَاتِ الَّتِي عَلَى بَابِهِ

- ‌ذِكْرُ ابْتِدَاءِ أَمْرِ السُّبْعِ بِالْجَامِعِ الْأُمَوِيِّ

- ‌فصل

- ‌ وَفِيهَا تُوُفِّيَ بَانِيهِ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ

- ‌وَهَذِهِ تَرْجَمَةُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ

- ‌خِلَافَةُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ

- ‌مقتل قتيبة بن مسلم رحمه الله

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سبع وتسعين وَفِيهَا جَهَّزَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْجُيُوشَ إِلَى الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ، وَفِيهَا أَمَّرَ ابْنَهُ دَاوُدَ عَلَى الصَّائِفَةِ، فَفَتَحَ حِصْنَ الْمَرْأَةِ، قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَفِيهَا غَزَا مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَرْضَ الْوَضَّاحِيَّةِ ففتح الحصن الذي [بناه] الْوَضَّاحُ صَاحِبُ الْوَضَّاحِيَّةِ

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا

- ‌الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ

- ‌مُوسَى بْنُ نُصَيْرٍ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ فَفِي هَذِهِ السَّنَةِ جَهَّزَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَخَاهُ مَسْلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ لِغَزْوِ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وتسعين

- ‌ وَفَاةُ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ

- ‌خِلَافَةُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ رضي الله عنه

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا

- ‌سنة مائة من الهجرة النَّبوِّية

- ‌ بُدُوُّ دَعْوَةِ بَنِي الْعَبَّاسِ

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا

- ‌وَفِيهَا تُوُفِّيَ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إحدى ومائة

- ‌ ترجمة عمر بن عبد العزيز

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فَصْلُ

- ‌ذِكْرُ سَبَبِ وَفَاتِهِ رحمه الله

- ‌فصل

- ‌خِلَافَةُ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ

- ‌وَفِيهَا كَانَتْ وَقْعَةٌ بَيْنَ الْخَوَارِجِ

- ‌وَفِيهَا خَرَجَ يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ فَخَلَعَ يَزِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ

- ‌وَفِيهَا توفي

- ‌ثم دخلت سنة ثنتين ومائة فيها كَانَ اجْتِمَاعُ مَسْلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ مَعَ يَزِيدَ بْنِ الْمُهَلَّبِ، وَذَلِكَ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ الْمُهَلَّبِ رَكِبَ مِنْ وَاسِطٍ وَاسْتَخْلَفَ عَلَيْهَا ابْنَهُ مُعَاوِيَةَ، وَسَارَ هُوَ فِي جَيْشٍ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ أَخُوهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ

- ‌ذِكْرُ وَقْعَةٍ جَرَتْ بَيْنَ التُّرْكِ وَالْمُسْلِمِينَ

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا

- ‌ثم دخلت سنة ثلاث ومائة

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا

- ‌فصل

- ‌ثم دخلت سنة أربع ومائة فِيهَا قَاتَلَ سَعِيدُ بْنُ عَمْرٍو الْحَرَشِيُّ نَائِبُ خُرَاسَانَ أَهْلَ الصُّغْدِ وَحَاصَرَ أَهْلَ خُجَنْدَةَ وَقَتَلَ خَلْقًا كَثِيرًا، وَأَخَذَ أَمْوَالًا جَزِيلَةً، وَأَسَرَ رَقِيقًا كَثِيرًا جِدًّا، وَكَتَبَ بِذَلِكَ إِلَى يَزِيدَ بْنِ عبد الملك (1) ، لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي وَلَّاهُ

- ‌وفيها توفي

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَمِائَةٍ فِيهَا غَزَا الْجَرَّاحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَكَمِيُّ بِلَادَ اللَّانِ، وَفَتَحَ حُصُونًا كَثِيرَةً، وَبِلَادًا مُتَّسِعَةَ الْأَكْنَافِ مِنْ وَرَاءِ بَلَنْجَرَ، وَأَصَابَ غَنَائِمَ جَمَّةً، وَسَبَى خَلْقًا مِنْ أَوْلَادِ الْأَتْرَاكِ

- ‌ تُوَفِّيَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ

- ‌ تَرْجَمَتُهُ:

- ‌خِلَافَةُ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ

- ‌وَفِيهَا تُوُفِّيَ

- ‌وَمِمَّنْ تَوَفِّيَ فِيهَا:

- ‌ثم دخلت سنة سبع ومائة فِيهَا خَرَجَ بِالْيَمَنِ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ عَبَّادٌ الرُّعَيْنِيُّ فَدَعَا إِلَى مَذْهَبِ الْخَوَارِجِ وَاتَّبَعَهُ فِرْقَةٌ من النَّاس وحلموا فَقَاتَلَهُمْ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ فَقَتَلَهُ وَقَتَلَ أَصْحَابَهُ، وكانوا ثلاثمائة

- ‌وممن توفي فيها

- ‌وفيها توفي

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَمِائَةٍ فَفِيهَا افْتَتَحَ مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ قَيْسَارِيَّةَ مِنْ بِلَادِ الرُّومِ، وَفَتَحَ إِبْرَاهِيمُ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ حِصْنًا مِنْ حُصُونِ الرُّومِ أيضاً، وفيها غزا أسيد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ أَمِيرُ خُرَاسَانَ فَكَسَرَ الأتراك كسرة فاضحة

- ‌وفيها توفي

- ‌وَفِيهَا تُوُفِّيَ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعٍ وَمِائَةٍ

- ‌سَنَةُ عَشْرٍ وَمِائَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبوِّية

- ‌ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى عَشْرَةَ وَمِائَةٍ فَفِيهَا غَزَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ الصَّائِفَةَ الْيُسْرَى، وَغَزَا سَعِيدُ بْنُ هِشَامٍ الصَّائِفَةَ الْيُمْنَى (1) ، حَتَّى بَلَغَ قَيْسَارِيَّةَ مِنْ بِلَادِ الرُّومِ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ فِيهَا غَزَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ الصَّائِفَةَ فَافْتَتَحَ حُصُونًا (3) مِنْ نَاحِيَةِ ملاطية

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سنة ثلاث عَشْرَةَ وَمِائَةٍ فَفِيهَا غَزَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ أَرْضَ الرُّومِ مِنْ نَاحِيَةِ مَرْعَشَ، وَفِيهَا صَارَ جَمَاعَةٌ مِنْ دُعَاةِ بَنِي الْعَبَّاسِ إِلَى خُرَاسَانَ وَانْتَشَرُوا فِيهَا، وَقَدْ أَخَذَ أَمِيرُهُمْ رَجُلًا مِنْهُمْ فَقَتَلَهُ وَتَوَعَّدَ غَيْرَهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعِ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ فِيهَا غَزَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ الصَّائِفَةَ الْيُسْرَى وَعَلَى الْيُمْنَى سُلَيْمَانُ بْنُ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وهما ابنا أمير المؤمنين هشام: وَفِيهَا الْتَقَى عَبْدُ اللَّهِ الْبَطَّالُ وَمَلِكُ الرُّومِ المسمى فيهم قسطنطين، وهو ابن

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا

- ‌عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ

- ‌فصل

- ‌ثم دخلت سنة خمس عشرة ومائة فَفِيهَا وَقَعَ طَاعُونٌ بِالشَّامِ، وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِيهَا مُحَمَّدُ بْنُ هِشَامِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ وَهُوَ نَائِبُ الحرمين والطائف

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا

- ‌أَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ

- ‌فصل

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سبع عَشْرَةَ وَمِائَةٍ فِيهَا غَزَا مُعَاوِيَةُ بْنُ هِشَامٍ الصَّائِفَةَ الْيُسْرَى، وَسُلَيْمَانُ بْنُ هِشَامٍ الصَّائِفَةَ الْيُمْنَى، وهما ابنا أمير المؤمنين هشام

- ‌وفيها توفي:

- ‌وَفِيهَا تُوُفِّيَ:

- ‌فصل

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ

- ‌فِيهَا غَزَا مُعَاوِيَةُ وَسُلَيْمَانُ ابْنَا أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بِلَادَ الرُّومِ

- ‌فِيهَا كَانَتْ وَفَاةُ:

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ تِسْعَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ

- ‌سَنَةُ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ

- ‌فيها كانت وفاة

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ ومائة ففيها غزا مسلمة بن هشام الروم فافتتح مطامير وهو حصن، وافتتح مروان بن محمد بلاد صاحب الذهب، وأخذ قِلَاعَهُ وَخَرَّبَ أَرْضَهُ، فَأَذْعَنَ لَهُ بِالْجِزْيَةِ فِي كُلِّ سَنَةٍ بِأَلْفِ رَأْسٍ يُؤَدِّيهَا إِلَيْهِ، وَأَعْطَاهُ رَهْنًا عَلَى ذَلِكَ

- ‌ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا

- ‌ثم دخلت سنة ثنتين وعشرين ومائة فَفِيهَا كَانَ مَقْتَلُ زَيْدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا أَخَذَ الْبَيْعَةَ مِمَّنْ بَايَعَهُ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، أَمَرَهُمْ فِي أَوَّلِ هَذِهِ السَّنَةِ بِالْخُرُوجِ وَالتَّأَهُّبِ لَهُ، فَشَرَعُوا فِي أَخْذِ الْأُهْبَةِ لِذَلِكَ

- ‌وممَّن توفِّي فِي هَذِهِ السَّنَةِ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ ذَكَرَ الْمَدَائِنِيُّ عَنْ شُيُوخِهِ: أَنَّ خَاقَانَ مِلْكَ التُّرْكِ لَمَّا قُتِلَ فِي وِلَايَةِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيِّ عَلَى خُرَاسَانَ، تَفَرَّقَ شَمْلُ الْأَتْرَاكِ، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يُغِيرُ عَلَى بَعْضٍ، وَبَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا، حَتَّى كَادَتْ أَنْ تُخَرَّبَ بِلَادُهُمْ، وَاشْتَغَلُوا عَنِ الْمُسْلِمِينَ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ فِيهَا غَزَا سُلَيْمَانُ بْنُ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بلاد الروم فلقي ملك الروم اليون فقاتله فَسَلِمَ سُلَيْمَانُ وَغَنِمَ

- ‌وَفِيهَا تُوُفِّيَ:

- ‌فصل

- ‌ترجمة الْجَعْدُ بْنُ دِرْهَمٍ

- ‌ تُوَفِّي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ

- ‌ذِكْرُ وَفَاتِهِ وَتَرْجَمَتِهِ رحمه الله

الفصل: ‌ذكر من توفي فيها

وَغَنِمَ غَنَائِمَ جَمَّةً.

وَفِيهَا حَجَّ بِالنَّاسِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامٍ، وَعَلَى الْعِرَاقِ خَالِدٌ الْقَسْرِيُّ، وَعَلَى خراسان أشرس السُّلَمِيُّ.

‌ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا

مِنَ الْأَعْيَانِ: جَرِيرٌ الشَّاعِرُ وَهُوَ جَرِيرُ بْنُ الْخَطَفَى (1) وَيُقَالُ ابن عَطِيَّةَ بْنِ الْخَطَفَى وَاسْمُ الْخَطَفَى حُذَيْفَةُ بْنُ بَدْرِ بْنِ سَلَمَةَ بْنِ عَوْفِ بْنِ كُلَيْبِ بْنِ يَرْبُوعِ بْنِ حَنْظَلَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ تَمِيمِ بْنِ مُرِّ (2) بْنِ طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار، أَبُو حَزْرَةَ الشَّاعِرُ الْبَصْرِيُّ، قَدِمَ دِمَشْقَ مِرَارًا، وَامْتَدَحَ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ وَالْخُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِهِ وَوَفَدَ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَكَانَ في عصره من الشعراء الذين يقارنونه الفرزدق الاخطل، وَكَانَ جَرِيرٌ أَشْعَرَهُمْ وَأَخْيَرَهُمْ، قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ: هُوَ أَشْعَرُ الثَّلَاثَةِ، قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ ثَنَا الأشنانداني ثنا الثوري عن أبي عبيدة عن عثمان البني قَالَ: رَأَيْتُ جَرِيرًا وَمَا تُضَمُّ شَفَتَاهُ مِنَ التسبيح، فقلت: وما ينفعك هذا؟ فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ إِنَّ الحسنات يذهبن السيئات، وَعْدٌ مِنَ اللَّهِ حَقٌّ.

وَقَالَ هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: دَخْلُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ يَمْتَدِحُهُ بِقَصِيدَةٍ وَعِنْدَهُ الشُّعَرَاءُ الثَّلَاثَةُ، جَرِيرٌ وَالْفَرَزْدَقُ وَالْأَخْطَلُ، فَلَمْ يَعْرِفْهُمُ الْأَعْرَابِيُّ، فَقَالَ عَبْدُ الملك للأعرابي: هل تعرف أهجى بيت قالته العرب فِي الْإِسْلَامِ؟ قَالَ: نَعَمْ! قَوْلُ جَرِيرٍ: فَغُضَّ الطَّرْفَ إِنَّكَ مِنْ نُمَيْرٍ * فَلَا كَعْبًا بَلَغْتَ وَلَا كِلَابًا (3) فَقَالَ: أَحْسَنْتَ، فَهَلْ تَعْرِفُ أَمْدَحَ بَيْتٍ قِيلَ فِي الْإِسْلَامِ؟ قَالَ نَعَمْ! قَوْلُ جَرِيرٍ: أَلَسْتُمْ خَيْرَ مَنْ رَكِبَ الْمَطَايَا * وَأَنْدَى الْعَالَمِينَ بُطُونَ رَاحٍ فَقَالَ: أَصَبْتَ وَأَحْسَنْتَ، فَهَلْ تَعْرِفُ أَرَقَّ بَيْتٍ قِيلَ فِي الْإِسْلَامِ؟ قَالَ: نَعَمْ! قَوْلُ جَرِيرٍ: إِنَّ الْعُيُونَ الَّتِي فِي طَرْفِهَا مَرَضٌ * قَتَلْنَنَا ثُمَّ لَمْ يُحْيِينَ قَتْلَانَا

(1) في ابن خلكان 1 / 321 والاغاني 8 / 3: الخطفي لقب، قال أبو الفرج لقب به لقوله: يرفعن لليل إذا ما اسدفا * اعناق جنان وهاما رجفا وعنقا بعد الكلال خيطفا (2) في عامود النسب في الاغاني: مر بن أدّ بن طابخة.

(3)

قاله في ابن جندل شيخ مضر وشاعرها.

وهو عُبيد بن حصين بن معاوية بن جندل، يلقب براعي الابل وكان يفضل الفرزدق على جرير مما أغضب جرير عليه وقال فيه ما قال.

(*)

ص: 288

يَصْرَعْنَ ذَا اللُّبِّ حَتَّى لَا حَرَاكَ بِهِ * وَهُنَّ أَضْعَفُ خَلْقِ اللَّهِ أَرْكَانًا فَقَالَ: أَحْسَنْتَ، فَهَلْ تَعْرِفُ جَرِيرًا؟ قَالَ: لَا وَاللَّهِ، وَإِنِّي إِلَى رُؤْيَتِهِ لَمُشْتَاقٌ، قَالَ: فَهَذَا جَرِيرٌ وَهَذَا الفرزدق وهذا الأخطل، فَأَنْشَأَ الْأَعْرَابِيُّ يَقُولُ.

- فَحَيَّا الْإِلَهُ أَبَا حَرْزَةٍ * وَأَرْغَمَ أَنْفَكَ يَا أَخْطَلُ وَجَدُّ الْفَرَزْدَقِ أَتْعِسْ به * ورقَّ خَيَاشِيمَهُ الْجَنْدَلُ فَأَنْشَأَ الْفَرَزْدَقُ يَقُولُ: يَا أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفًا أَنْتَ حَامِلُهُ * يَا ذَا الْخَنَا وَمَقَالِ الزُّورِ وَالْخَطَلِ مَا أَنْتَ بِالْحَكَمِ التُّرْضَى حُكُومَتُهُ * وَلَا الْأَصِيلِ وَلَا ذِي الرَّأْيِ وَالْجَدَلِ ثُمَّ أَنْشَأَ الْأَخْطَلُ يَقُولُ: - يَا شَرَّ مَنْ حَمَلَتْ سَاقٌ عَلَى قَدَمٍ * مَا مِثْلُ قَوْلِكَ فِي الْأَقْوَامِ يُحْتَمَلُ إِنَّ الْحُكُومَةَ لَيْسَتْ فِي أَبِيكَ وَلَا * فِي مَعْشَرٍ أَنْتَ مِنْهُمْ إِنَّهُمْ سفل فقام جرير مُغضباً وقال: - أَتَشْتُمَانِ سَفَاهًا خَيْرَكُمْ حَسَبًا (1) * فَفِيكُمَا - وَإِلَهِي - الزُّورُ والخطل شتمتاه عَلَى رَفْعِي وَوَضْعِكُمَا * لَا زِلْتُمَا فِي سَفَالٍ أَيُّهَا السَّفَلُ ثُمَّ وَثَبَ جَرِيرٌ فَقَبَّلَ رَأْسَ الْأَعْرَابِيِّ وَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ جَائِزَتِي لَهُ، وكانت خمسة آلاف (2)، فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: وَلَهُ مِثْلُهَا مِنْ مَالِي، فَقَبَضَ الْأَعْرَابِيُّ ذَلِكَ كُلَّهُ وَخَرَجَ.

وَحَكَى يَعْقُوبُ بْنُ السِّكِّيتِ أَنَّ جَرِيرًا دَخَلَ عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ مَعَ وَفْدِ أَهْلِ الْعِرَاقِ مِنْ جِهَةِ الْحَجَّاجِ فَأَنْشَدَهُ مَدِيحَهُ الَّذِي يَقُولُ فِيهِ: أَلَسْتُمْ خَيْرَ مَنْ رَكِبَ الْمَطَايَا * وَأَنْدَى الْعَالَمِينَ بُطُونَ رَاحِ

فَأَطْلَقَ لَهُ مِائَةَ نَاقَةٍ وَثَمَانِيَةً مِنَ الرعاء أَرْبَعَةً مِنَ النُّوبَةِ وَأَرْبَعَةً مِنَ السَّبْيِ الَّذِينَ قَدِمَ بِهِمْ مِنَ الصُّغْدِ قَالَ جَرِيرٌ: وَبَيْنَ يدي عبد الملك جامان مِنْ فِضَّةٍ قَدْ أُهْدِيَتْ لَهُ، وَهُوَ لَا يَعْبَأُ بِهَا شَيْئًا، فَهُوَ يَقْرَعُهَا بِقَضِيبٍ فِي يَدِهِ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ الْمَحْلَبَ، فَأَلْقَى إلي واحداً مِنْ تِلْكَ الْجَامَاتِ، وَلَمَّا رَجَعَ إِلَى الْحَجَّاجِ أعجبه إكرام أمير المؤمنين له فأطلق الحجاج له خمسين ناقة تحمل طعاماً لأهله.

(1) كان الأعرابي من بني عذرة، وهم أخوال عبد الملك.

(2)

في الاغاني 8 / 42: أربعة آلاف درهم وتوابعها من الحملان والكسوة.

(*)

ص: 289

وَحَكَى نِفْطَوَيْهِ أَنَّ جَرِيرًا دَخَلَ يَوْمًا عَلَى بِشْرِ بْنِ مَرْوَانَ وَعِنْدَهُ الْأَخْطَلُ، فَقَالَ بِشْرٌ لِجَرِيرٍ: أَتَعْرِفُ هَذَا؟ قَالَ: لَا، وَمَنْ هَذَا أَيُّهَا الْأَمِيرُ؟ فَقَالَ: هَذَا الْأَخْطَلُ، فَقَالَ الْأَخْطَلُ، أنا الذي قذفت عِرْضَكَ، وَأَسْهَرْتُ لَيْلَكَ، وَآذَيْتُ قَوْمَكَ، فَقَالَ جَرِيرٌ: أَمَّا قَوْلُكَ شَتَمْتُ عِرْضَكَ فَمَا ضَرَّ الْبَحْرَ أَنْ يَشْتُمَهُ مَنْ غَرِقَ فِيهِ، وَأَمَّا قَوْلُكَ وَأَسْهَرْتُ لَيْلَكَ، فَلَوْ تَرَكْتَنِي أَنَامُ لَكَانَ خَيْرًا لَكَ، وَأَمَّا قَوْلُكَ وَآذَيْتُ قَوْمَكَ فَكَيْفَ تُؤْذِي قَوْمًا أَنْتَ تُؤَدِّي الْجِزْيَةَ إِلَيْهِمْ؟ وَكَانَ الْأَخْطَلُ مِنْ نَصَارَى الْعَرَبِ الْمُتَنَصِّرَةِ، قَبَّحَهُ اللَّهُ وَأَبْعَدَ مثواه، وهو الذي أنشد بشر بن مروان قصيدته التي يقول فيها: قَدِ اسْتَوَى بِشْرٌ عَلَى الْعِرَاقِ * مِنْ غَيْرِ سيف ودم مهراق وهذا البيت تستدل به الجهمية على أن الاستواء على العرش بمعنى الاستيلاء، وهذا من تحريف الكَلِم عن مواضعه، وليس في بيت هذا النصراني حجة ولا دليل على ذلك، ولا أراد الله عز وجل باستوائه على عرشه استيلاءه عليه، تعالى الله عن قول الجهمية علواً كبيراً.

فإنه إنما يقال استوى على الشئ إذ كان ذلك الشئ عاصياً عليه قبل استيلائه عليه، كاستيلاء بشر على العراق، واستيلاء الملك على المدينة بعد عصيانها عليه، وعرش الرب لم يكن ممتنعاً عليه نفساً واحداً، حتى يقال استوى عليه، أو معنى الاستواء الاستيلاء، ولا تجد أضعف من حجج الجهمية، حتى أداهم الإفلاس من الحجج إلى بيت هذا النصراني المقبوح وليس فيه حجة والله أعلم.

وَقَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ عَنْ عَوَانَةَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: لَمَّا اسْتُخْلِفَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَفَدَ إِلَيْهِ

الشُّعَرَاءُ فَمَكَثُوا بِبَابِهِ أَيَّامًا لَا يُؤْذَنُ لَهُمْ وَلَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِمْ، فَسَاءَهُمْ ذَلِكَ وَهَمُّوا بِالرُّجُوعِ إِلَى بِلَادِهِمْ، فَمَرَّ بِهِمْ رَجَاءُ بْنُ حَيْوَةَ فَقَالَ لَهُ جَرِيرٌ: - يَا أَيُّهَا الرَّجُلُ الْمُرْخِي عِمَامَتَهُ * هَذَا زَمَانُكَ فَاسْتَأْذِنْ لنا عمرا فدخل ولم يذكر لعمر بن أَمْرِهِمْ شَيْئًا، فَمَرَّ بِهِمْ عَدِيُّ بْنُ أَرْطَاةَ فَقَالَ لَهُ جَرِيرٌ مُنْشِدًا: يَا أَيُّهَا الرَّاكِبُ المرخي مَطِيَّتَهُ * هَذَا زَمَانُكَ إِنِّي قَدْ مَضَى زَمَنِي أَبْلِغْ خَلِيفَتَنَا إِنْ كُنْتَ لَاقِيَهُ * أَنِّي لَدَى الْبَابِ كَالْمَصْفُودِ فِي قَرَنِ لَا تَنْسَ حَاجَتَنَا لا قيت مَغْفِرَةً * قَدْ طَالَ مُكْثِيَ عَنْ أَهْلِي وَعَنْ وَطَنِي فَدَخَلَ عَدِيٌّ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ الشُّعَرَاءُ بِبَابِكَ وَسِهَامُهُمْ مَسْمُومَةٌ وَأَقْوَالُهُمْ نَافِذَةٌ، فَقَالَ: وَيْحَكَ يَا عَدِيُّ، مَالِي وَلِلشُّعَرَاءِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ كَانَ يَسْمَعُ الشِّعْرَ وَيَجْزِي عَلَيْهِ، وَقَدْ أَنْشَدَهُ العبَّاس بْنُ مِرْدَاسٍ مَدْحَهُ فَأَعْطَاهُ حُلَّةً، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: أَتَرْوِي مِنْهَا شَيْئًا؟ قَالَ: نَعَمْ فَأَنْشَدَهُ: - رَأَيْتُكَ يَا خَيْرَ الْبَرِيَّةِ كُلِّهَا * نَشَرْتَ كِتَابًا جَاءَ بِالْحَقِّ مُعْلَمَا

ص: 290

شَرَعْتَ لَنَا دِينَ الْهُدَى بَعْدَ جَوْرِنَا * عَنِ الْحَقِّ لَمَّا أَصْبَحَ الْحَقُّ مُظْلِمَا وَنَوَّرْتَ بِالْبُرْهَانِ أَمْرًا مُدَلَّسًا * وَأَطْفَأْتَ بِالْقُرْآنِ نَارًا تَضَرَّمَا فَمَنْ مُبْلِغٌ عَنِّي النَّبِيَّ مُحَمَّدًا * وَكُلُّ امْرِئٍ يُجْزَى بِمَا كَانَ قَدَّمَا أَقَمْتَ سَبِيلَ الْحَقِّ بَعْدَ اعْوِجَاجِهِ * وَكَانَ قَدِيمًا رُكْنُهُ قَدْ تَهَدَّمَا تَعَالَى عُلُوًّا فَوْقَ عَرْشِ إِلَهُنَا * وَكَانَ مَكَانُ اللَّهِ أعلا وأعظما فقال عمر: مَنْ بِالْبَابِ مِنْهُمْ؟ فَقَالَ: عُمَرُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ، فَقَالَ أَلَيْسَ هُوَ الَّذِي يَقُولُ: ثُمَّ نَبَّهْتُهَا فَهَبَّتْ كِعَابًا * طَفْلَةٌ مَا تَبِينُ رَجْعَ الكلام ساعة ثم إنها بعد قالت * ويلنا قد عجلت يا بن الْكِرَامِ أَعَلَى غَيْرِ مَوْعِدٍ جِئْتَ تُسْرِي * تَتَخَطَّى إلى رؤوس النيام

ما تجشمت ما تريد من الأمر * ولا حيت طَارِقًا لِخِصَامِ فَلَوْ كَانَ عَدُوُّ اللَّهِ إِذْ فَجَرَ كَتَمَ وَسَتَرَ عَلَى نَفْسِهِ، لَا يَدْخُلُ وَاللَّهِ أَبَدًا، فَمَنْ بِالْبَابِ سِوَاهُ؟ قَالَ: هَمَّامُ بن غالب - يعني الفرزدق - فقال عمر: أو ليس هو الذي يقول في شعره: هما دلياني مِنْ ثَمَانِينَ قَامَةً * كَمَا انْقَضَّ بَازٍ أَقْتَمُ الرِّيشِ كَاسِرُهْ فَلَمَّا اسْتَوَتْ رِجْلَايَ بِالْأَرْضِ قَالَتَا * أَحَيٌّ يُرَجَّى أَمْ قَتِيلٌ نُحَاذِرُهْ لَا يَطَأُ وَاللَّهِ بِسَاطِي وَهُوَ كَاذِبٌ، فَمَنْ سِوَاهُ بِالْبَابِ؟ قال: الأخطل، قال: أو ليس هُوَ الَّذِي يَقُولُ: وَلَسْتُ بِصَائِمٍ رَمَضَانَ طَوْعًا * ولست بآكل لحم الأضاحي ولست بزاجر عيساً بكور * إِلَى بَطْحَاءِ مَكَّةَ لِلنَّجَاحِ وَلَسْتُ بِزَائِرٍ بَيْتًا بَعِيدًا * بِمَكَّةَ أَبْتَغِي فِيهِ صَلَاحِي وَلَسْتُ بِقَائِمٍ كَالْعَيْرِ أَدْعُو * قُبَيْلَ الصُّبْحِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ وَلَكِنِّي سَأَشْرَبُهَا شَمُولًا * وَأَسْجُدُ عِنْدَ مُنْبَلَجِ الصَّبَاحِ وَاللَّهِ لَا يَدْخُلُ عليَّ وَهُوَ كَافِرٌ أَبَدًا، فَهَلْ بِالْبَابِ سِوَى مَنْ ذَكَرْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ الْأَحْوَصُ، قَالَ: أَلَيْسَ هُوَ الَّذِي يَقُولُ: اللَّهُ بَيْنِي وَبَيْنَ سَيِّدِهَا * يَفِرُّ مِنِّي بِهَا وَأَتْبَعُهُ فما هو دون من ذكرت، فمن ههنا غَيْرُهُ؟ قَالَ جَمِيلُ بْنُ مَعْمَرٍ، قَالَ: الَّذِي يَقُولُ: - أَلَا لَيْتَنَا نَحْيَا جَمِيعًا وَإِنْ نَمُتْ * يوافق في الموتى خريجي خريجها فَمَا أَنَا فِي طُولِ الْحَيَاةِ بِرَاغِبٍ * إِذَا قِيلَ قَدْ سوَّى عَلَيْهَا صَفِيحُهَا

ص: 291

فَلَوْ كَانَ عَدُوُّ اللَّهِ تَمَنَّى لِقَاءَهَا فِي الدنيا ليعمل بذلك صالحاً ويتوب، وَاللَّهِ لَا يُدْخِلُ عَلَيَّ أَبَدًا، فَهَلْ بِالْبَابِ أحد سوى ذلك؟ قلت: جَرِيرٌ، قَالَ أَمَا إِنَّهُ الَّذِي يَقُولُ: طَرَقَتْكَ صَائِدَةُ الْقُلُوبِ وَلَيْسَ ذَا * حِينَ الزِّيَارَةِ فَارْجِعِي بِسَلَامِ

فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ فَأْذَنْ لِجَرِيرٍ، فأذن له فدخل على عمر وَهُوَ يَقُولُ: إِنَّ الَّذِي بَعَثَ النَّبِيَّ مُحَمَّدًا * جَعَلَ الْخِلَافَةَ لِلْإِمَامِ الْعَادِلِ وَسِعَ الْخَلَائِقَ عَدْلُهُ وَوَفَاؤُهُ * حَتَّى ارْعَوى وَأَقَامَ مَيْلَ الْمَائِلِ إِنِّي لَأَرْجُوَ مِنْكَ خَيْرًا عَاجِلًا * وَالنَّفْسُ مُولَعَةٌ بِحُبِّ العاجل فقال له: وَيْحَكَ يَا جَرِيرُ، اتَّقِ اللَّهَ فِيمَا تَقُولُ، ثُمَّ إِنَّ جَرِيرًا اسْتَأْذَنَ عُمَرَ فِي الْإِنْشَادِ فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ وَلَمْ يَنْهَهُ، فَأَنْشَدَهُ قَصِيدَةً طويلة يمحده بِهَا، فَقَالَ لَهُ: وَيْحَكَ يَا جَرِيرُ لَا أرى لك فيما ههنا حقاً، فقال: إني مسكين وابن سبيل، قال: إِنَّا وُلِّينَا هَذَا الْأَمْرَ وَنَحْنُ لَا نَمْلِكُ إِلَّا ثَلَاثَمِائَةِ دِرْهَمٍ، أَخَذَتْ أُمُّ عَبْدِ اللَّهِ مِائَةً وَابْنُهَا مِائَةً وَقَدْ بَقِيَتْ مِائَةٌ، فَأَمَرَ له بها، فخرج عَلَى الشُّعَرَاءِ فَقَالُوا: مَا وَرَاءَكَ يَا جَرِيرُ؟ فقال: ما يسؤوكم، خَرَجْتُ مِنْ عِنْدِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَهُوَ يُعْطِي الْفُقَرَاءَ وَيَمْنَعُ الشُّعَرَاءَ وَإِنِّي عَنْهُ لَرَاضٍ، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ: رَأَيْتُ رُقَى الشَّيْطَانِ لَا تَسْتَفِزُّهُ * وَقَدْ كَانَ شَيْطَانِي مِنَ الْجِنِّ رَاقِيَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِيمَا حَكَاهُ الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا الْجَرِيرِيُّ قالت جارية للحجَّاج بن يوسف: إِنَّكَ تُدْخِلُ هَذَا عَلَيْنَا، فَقَالَ: إِنَّهُ مَا علمت عَفِيفًا، فَقَالَتْ: أَمَا إنَّك لَوْ أَخَلَيْتِنِي وَإِيَّاهُ سَتَرَى مَا يَصْنَعُ، فَأَمَرَ بِإِخْلَائِهَا مَعَ جَرِيرٍ في مكان يراهما الحجاج ولا يريانه، ولا يشعر جرير بشئ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَتْ لَهُ: يَا جَرِيرُ، فَأَطْرَقَ رأسه، وقال، هأنذا، فَقَالَتْ: أَنْشِدْنِي مِنْ قَوْلِكَ كَذَا وَكَذَا - لِشِعْرٍ فيه رقة - فَقَالَ: لَسْتُ أَحْفَظُهُ وَلَكِنْ أَحْفَظُ كَذَا وَكَذَا - وَيُعْرِضُ عَنْ ذَاكَ وَيُنْشِدُهَا شِعْرًا فِي مَدْحِ الحجاج - فقالت: لست أريد هَذَا، إِنَّمَا أُرِيدُ كَذَا وَكَذَا - فَيُعْرِضُ عَنْ ذاك وينشدها في الْحَجَّاجِ - حَتَّى انْقَضَى الْمَجْلِسُ فَقَالَ الْحَجَّاجُ: لِلَّهِ دَرُّكَ، أَبَيْتَ إِلَّا كَرَمًا وَتَكَرُّمًا.

وَقَالَ عِكْرِمَةُ أَنْشَدْتُ أَعْرَابِيًّا بَيْتًا لِجَرِيرٍ الْخَطَفَى: أَبُدِّلَ اللَّيْلُ لَا تَجْرِي كَوَاكِبُهُ * أَوْ طَالَ حَتَّى حَسِبْتُ النَّجْمَ حَيْرَانَا فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: إِنَّ هَذَا حَسَنٌ فِي مَعْنَاهُ وَأَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ مِثْلِهِ، وَلَكِنِّي أَنْشُدُكَ فِي ضِدِّهِ مِنْ قَوْلِي:

وَلَيْلٍ لَمْ يُقَصِّرْهُ رُقَادٌ * وَقَصَّرَهُ لَنَا وَصْلُ الْحَبِيبِ نَعِيمُ الْحُبِّ أَوْرَقَ فِيهِ * حَتَّى تَنَاوَلْنَا جَنَاهُ مِنْ قريب

ص: 292

بِمَجْلِسِ لَذَّةٍ لَمْ نَقْفِ فِيهِ * عَلَى شَكْوَى ولا عيب الذنوب فخشينا أَنْ نُقَطِّعَهُ بِلَفْظٍ * فَتَرْجَمَتِ الْعُيونُ عَنِ الْقُلُوبِ قلت لَهُ: زِدْنِي، قَالَ، أَمَّا مَنْ هَذَا فَحَسْبُكَ وَلَكِنْ أُنْشِدُكَ غَيْرَهُ فَأَنْشَدَنِي: وَكُنْتُ إِذَا عَقَدْتُ حِبَالَ قَوْمٍ * صَحِبْتُهُمْ وَشِيمَتِيَ الْوَفَاءُ فَأُحْسِنُ حِينَ يحسن محسنوهم * وأجتنب الإساءة إن أساؤوا أَشَاءُ سِوَى مَشِيئَتِهِمْ فَآتِي * مَشِيئَتَهُمْ وَأَتْرُكُ مَا أَشَاءُ قَالَ ابْنُ خَلِّكَانَ: كَانَ جَرِيرٌ أَشْعَرَ مِنَ الْفَرَزْدَقِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَأَفْخَرُ بَيْتٍ قَالَهُ جَرِيرٌ: إِذَا غَضِبَتْ عَلَيْكَ بَنُو تَمِيمٍ * حَسِبْتَ النَّاسَ كُلَّهُمُ غِضَابَا قَالَ وَقَدْ سَأَلَهُ رَجُلٌ: مَنْ أَشْعَرُ النَّاسِ؟ فَأَخَذَ بِيَدِهِ وَأَدْخَلَهُ عَلَى ابنه، وَإِذَا هُوَ يَرْتَضِعُ مِنْ ثَدْيِ عَنْزٍ، فَاسْتَدْعَاهُ فَنَهَضَ وَاللَّبَنُ يَسِيلُ عَلَى لِحْيَتِهِ، فَقَالَ جَرِيرٌ لِلَّذِي سَأَلَهُ: أَتُبْصِرُ هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: أَتَعْرِفُهُ؟ قَالَ: لَا، قَالَ: هَذَا أَبِي، وَإِنَّمَا يَشْرَبُ مِنْ ضَرْعِ الْعَنْزِ لِئَلَّا يَحْلِبَهَا فَيَسْمَعَ جِيرَانُهُ حِسَّ الْحَلْبِ فَيَطْلُبُوا مِنْهُ لَبَنًا، فَأَشْعُرُ النَّاسِ مَنْ فَاخَرَ بِهَذَا ثَمَانِينَ شَاعِرًا فَغَلَبَهُمْ، وَقَدْ كَانَ بَيْنَ جَرِيرٍ وَالْفَرَزْدَقِ مُقَاوَلَاتٌ وَمُهَاجَاةٌ كَثِيرَةٌ جِدًّا يَطُولُ ذِكْرُهَا، وَقَدْ مَاتَ فِي سَنَةِ عَشْرٍ وَمِائَةٍ، قَالَهُ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ، قَالَ خَلِيفَةُ: مَاتَ الْفَرَزْدَقُ وَجَرِيرٌ بَعْدَهُ بِأَشْهُرٍ، وَقَالَ الصُّولِيُّ: مَاتَا فِي سَنَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ وَمِائَةٍ، وَمَاتَ الْفَرَزْدَقُ قَبْلَ جَرِيرٍ بأربعين يوماً، وقال الكريمي عَنِ الْأَصْمَعِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَى رَجُلٌ جَرِيرًا فِي الْمَنَامِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَقَالَ لَهُ: مَا فَعَلَ اللَّهُ بِكَ؟ فَقَالَ: غَفَرَ لِي، فَقِيلَ: بِمَاذَا؟ قَالَ بِتَكْبِيرَةٍ كَبَّرْتُهَا بِالْبَادِيَةِ، قِيلَ لَهُ: فَمَا فَعَلَ الْفَرَزْدَقُ؟ قَالَ أَيْهَاتِ أَهْلَكَهُ قَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ.

قَالَ الْأَصْمَعِيُّ لَمْ يَدَعْهُ فِي الحياة ولا في الممات.

وأما الفرزدق

واسمه هَمَّامُ بْنُ غَالِبِ بْنِ صَعْصَعَةَ بْنُ نَاجِيَةَ بْنِ عِقَالِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ سُفْيَانَ بْنِ مجاشع بن دارم (1) بن حنظلة بن زيد بن مناة بْنِ مُرِّ بْنِ أُدِّ بْنِ طَابِخَةَ أَبُو فِرَاسِ بْنُ أَبِي خَطَلٍ التَّمِيمِيُّ الْبَصْرِيُّ الشَّاعِرُ الْمَعْرُوفُ بِالْفَرَزْدَقِ، وَجَدُّهُ صَعْصَعَةُ بْنُ نَاجِيَةَ صَحَابِيٌّ، وَفْدٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ، وكان يحيي الموؤودة فِي الْجَاهِلِيَّةِ، حَدَّثَ الْفَرَزْدَقُ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ ورد مَعَ أَبِيهِ عَلَيْهِ، فَقَالَ مَنْ هَذَا؟ قَالَ ابني وهو شاعر، قال علمه القراءة فهو خير له من الشعر.

وسمع الفرزدق الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ وَرَآهُ وَهُوَ ذَاهِبٌ إِلَى الْعِرَاقِ وَأَبَا هُرَيْرَةَ وَأَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ وَعَرْفَجَةَ بْنَ أَسْعَدَ، وَزُرَارَةَ بْنَ كَرْبٍ، وَالطِّرَمَّاحَ بْنَ عَدِيٍّ الشَّاعِرَ، وَرَوَى عَنْهُ خَالِدٌ الْحَذَّاءُ وَمَرْوَانُ الأصغر وَحَجَّاجُ بْنُ حَجَّاجٍ الْأَحْوَلُ، وَجَمَاعَةٌ، وَقَدْ وَفَدَ على معاوية يطلب ميراث عمه الحباب، وَعَلَى الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَعَلَى أَخِيهِ، ولم يصح ذلك،

(1) في الاغاني 21 / 276: ابن دارم بن مالك بن حنظلة.

وانظر ابن خلكان 6 / 86.

(*)

ص: 293

وقال أشعث بن عبد الله عَنِ الْفَرَزْدَقِ قَالَ نَظَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ إِلَى قَدَمِي فَقَالَ: يَا فَرَزْدَقُ إِنِّي أَرَى قَدَمَيْكَ صغيرين فَاطْلُبْ لَهُمَا مَوْضِعًا فِي الْجَنَّةِ، فَقُلْتُ: إِنَّ ذنوبي كثيرة، فقال: لا بأس فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " إِنَّ بِالْمَغْرِبِ بَابًا مَفْتُوحًا لِلتَّوْبَةِ لَا يُغْلَقُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا ".

وَقَالَ مُعَاوِيَةُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى الْفَرَزْدَقِ فَتَحَرَّكَ فَإِذَا فِي رِجْلِهِ قَيْدٌ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا؟ فَقَالَ: حَلَفْتُ أَنْ لَا أَنْزِعَهُ حَتَّى أَحْفَظَ الْقُرْآنَ.

وَقَالَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ: مَا رَأَيْتُ بَدَوِيًّا أَقَامَ بِالْحَضَرِ إِلَّا فَسَدَ لِسَانُهُ إِلَّا رُؤْبَةَ بْنَ الْعَجَّاجِ وَالْفَرَزْدَقَ فَإِنَّهُمَا زَادَا عَلَى طُولِ الاقامة جدة وحدة، وقال راويته أبوشفقل طَلَّقَ الْفَرَزْدَقُ امْرَأَتَهُ النَّوَارَ ثَلَاثًا ثُمَّ جَاءَ فَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ، ثُمَّ نَدِمَ عَلَى طَلَاقِهَا وَإِشْهَادِهِ الْحَسَنَ عَلَى ذَلِكَ فَأَنْشَأَ يقول: - فَلَوْ أَنِّي مَلَكْتُ يَدِي وَقَلْبِي (1) * لَكَانَ عليَّ للقدر الخيار نَدِمْتُ نَدَامَةَ الْكُسَعِيِّ لَمَّا * غَدَتْ مِنِّي مُطَلَّقَةً نَوَارُ (2) وَكَانَتْ جَنَّتِي فَخَرَجْتُ مِنْهَا * كَآدَمَ حِينَ أخرجه الضرار (3) وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ: لَمَّا مَاتَتِ النَّوَارُ بِنْتُ أَعْيَنَ بْنِ ضُبَيْعَةَ الْمُجَاشِعِيُّ امْرَأَةُ الْفَرَزْدَقِ -

- وَكَانَتْ قَدْ أَوْصَتْ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهَا الْحَسَنُ البصري - فشهدها أعيان أهل البصرة مع الحسن والحسن على بغلته، والفرزدق على بعيره، فسار فَقَالَ الْحَسَنُ لِلْفَرَزْدَقِ: مَاذَا يَقُولُ النَّاسُ؟ قَالَ: يَقُولُونَ شَهِدَ هَذِهِ الْجِنَازَةَ الْيَوْمَ خَيْرُ النَّاسِ - يعنونك - وشر النَّاسِ - يَعْنُونِي - فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا فِرَاسٍ لست أنا بخير الناس ولست أنت بِشَرِّ النَّاس، ثمَّ قَالَ لَهُ الْحَسَنُ: مَا أَعْدَدْتَ لِهَذَا الْيَوْمِ؟ قَالَ: شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُنْذُ ثَمَانِينَ سَنَةً، فَلَمَّا أَنْ صَلَّى عَلَيْهَا الْحَسَنُ مَالُوا إِلَى قَبْرِهَا فَأَنْشَأَ الْفَرَزْدَقُ يَقُولُ (4) : أَخَافُ وَرَاءَ الْقَبْرِ إِنْ لَمْ يُعَافِنِي * أَشَدَّ مِنَ الْقَبْرِ الْتِهَابًا وَأَضْيَقَا إِذَا جَاءَنِي (5) يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَائِدٌ * عَنِيفٌ وَسَوَّاقٌ يسوق الفرزدقا لقد خاب من أولاد دارم (6) مَنْ مَشَى * إِلَى النَّارِ مَغْلُولَ الْقِلَادَةِ أَزْرَقَا (7) يُسَاقُ إِلَى نَارِ الْجَحِيمِ مُسَرْبَلًا * سَرَابِيلَ قَطْرَانٍ لباساً مخرقا

(1) في المبرد 1 / 72: نفسي.

(2)

الكسعي: رجل يضرب المثل به في الندامة على كسره قوسه، وكان جربها في عدة ظباء، فظن انها لم تصبهن، ثم اتضح أنها أقصدتهن جميعا.

(3)

بعده في الاغاني 21 / 290 والكامل للمبرد 1 / 72: وكنت كفاقئ عينيه عمدا * فأصبح ما يضئ له النهار (4) في الكامل للمبرد 1 / 71: وقال الفرزدق في أيام نسكه.

(5)

في الكامل للمبرد: قادني.

(6)

في الاغاني 21 / 391 والكامل للمبرد: آدم.

(7)

في الكامل: موثقا.

ويراد بالقلادة الطوق.

والغل هنا: اطباق القلادة.

وأزرقا: يراد به ما ورد في التنزيل = (*)

ص: 294

إِذَا شَرِبُوا فِيهَا الصَّدِيدَ رَأَيْتَهُمْ * يَذُوبُونَ مِنْ حَرِّ الصَّدِيدِ (1) تَمَزُّقَا قَالَ: فَبَكَى الْحَسَنُ حَتَّى بَلَّ الثَّرَى ثُمَّ الْتَزَمَ الْفَرَزْدَقَ، وَقَالَ: لَقَدْ كُنْتَ مِنْ أَبْغَضِ النَّاسِ إِلَيَّ، وَإِنَّكَ الْيَوْمَ من أحب الناس إلي.

وقال له بعض الناس: أَلَا تَخَافُ مِنَ اللَّهِ فِي قَذْفِ

الْمُحْصَنَاتِ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَلَّهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ عَيْنَيَّ اللَّتَيْنِ أُبْصِرُ بِهِمَا، فَكَيْفَ يُعَذِّبُنِي؟ وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ مَاتَ سَنَةَ عَشْرٍ وَمِائَةٍ قَبْلَ جَرِيرٍ بأربعين يوماً (8) ، وقيل بأشهر فالله أَعْلَمُ.

وَأَمَّا الْحَسَنُ وَابْنُ سَيْرَيْنَ فَقَدْ ذَكَرْنَا ترجمة كل منهما في كتابنا التكميل مبسوطة وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.

فَأَمَّا الْحَسَنُ بْنُ أبي الحسن فاسم أبيه يسار وأبرد هو أَبُو سَعِيدٍ الْبَصْرِيُّ مَوْلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَيُقَالُ مَوْلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَقِيلَ غير ذلك، وأمه خيرة مولاة لأم سلمة كانت تخدمها، وربما أَرْسَلَتْهَا فِي الْحَاجَةِ فَتَشْتَغِلُ عَنْ وَلَدِهَا الْحَسَنِ وهو رضيع، فتشاغله أم سلمة بثدييها فيدران عليه فيرتضع منهما، فَكَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ تِلْكَ الْحِكْمَةَ وَالْعُلُومَ الَّتِي أُوتِيَهَا الْحَسَنُ مِنْ بَرَكَةِ تِلْكَ الرَّضَاعَةِ مِنَ الثَّدْيِ الْمَنْسُوبِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ كَانَ وَهُوَ صَغِيرٌ تُخْرِجُهُ أُمُّهُ إِلَى الصَّحَابَةِ فَيَدْعُونَ لَهُ، وَكَانَ فِي جُمْلَةِ مَنْ يَدْعُو لَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ: اللَّهم فقِّهه فِي الدِّينِ، وَحَبِّبْهُ إِلَى النَّاسِ.

وَسُئِلَ مَرَّةً أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَقَالَ: سَلُوا عَنْهَا مَوْلَانَا الْحَسَنَ، فَإِنَّهُ سمع وسمعنا، فحفظ ونسينا، وقال أنس مُرَّةَ: إِنِّي لَأَغْبِطُ أَهْلَ الْبَصْرَةِ بِهَذَيْنِ الشَّيْخَيْنِ - الْحَسَنِ وَابْنِ سِيرِينَ - وَقَالَ قَتَادَةُ: مَا جَالَسْتُ رَجُلًا فَقِيهًا إِلَّا رَأَيْتُ فَضْلَ الْحَسَنِ عَلَيْهِ، وَقَالَ أَيْضًا: مَا رَأَتْ عَيْنَايَ أَفْقَهَ مِنَ الْحَسَنِ، وَقَالَ أَيُّوبُ: كَانَ الرَّجُلُ يُجَالِسُ الْحَسَنَ ثَلَاثَ حِجَجٍ مَا يَسْأَلُهُ عَنْ مَسْأَلَةٍ هَيْبَةً لَهُ، وَقَالَ الشَّعْبِيُّ لِرَجُلٍ يُرِيدُ قُدُومَ الْبَصْرَةِ: إِذَا نَظَرْتَ إِلَى رَجُلٍ أَجْمَلِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وأهيبهم فهو الحسن، فأقرأه مِنِّي السَّلَامَ.

وَقَالَ يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ: كَانَ الرَّجُلُ إِذَا نَظَرَ إِلَى الْحَسَنِ انْتَفَعَ بِهِ وإن لم ير عمله ولم يسمع كلامه، وقال الأعمش: ما زال الحسن

= العزيز من أن المجرمين يحشرون إلى جهنم زرقا.

(1)

في الكامل: الحميم بدل الصديد في الموضعين.

(2)

قال البلاذري: أسن الفرزدق حتى قارب المئة ومات بالدبيلة (مرض يصيب الجوف) .

وعن ابن عائشة ان الفرزدق مات قبل جرير بستة أشهر.

وقال جرير لما بلغه موته: قلما تصاول فحلان فمات أحدهما إلا أسرع لحاق الآخر به.

وقال:

فمات الفرذدق بعد ما جرعته * ليت الفرزدق كان عاش قليلا فقيل له أتهجوه وقد مات، فقال يرثيه: فلا وضعت بعد الفرزدق حامل * ولا ذات بعل من نفاس تعلت هو الوافد الميمون والراتق الثأى * إذا النعل يوما بالعشيرة زلت (*)

ص: 295