الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ كَانَ مِنْ علماء قريش وأشرافها، وله رِوَايَاتٌ كَثِيرَةٌ، وَكَانَ يَعْقِلُ مَجَّةً مَجَّهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي وَجْهِهِ وَعُمْرُهُ أَرْبَعُ سِنِينَ، تُوُفِّيَ وَعُمْرُهُ ثَلَاثٌ وَتِسْعُونَ سَنَةً بِالْمَدِينَةِ.
مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ البصري، الفقيه الزاهد، له روايات كثيرة، كَانَ لَا يُفَضَّلُ عَلَيْهِ أَحَدٌ فِي زَمَانِهِ، وكان عابداً ورعاً زاهداً كثير الصلاة كَثِيرَ الْخُشُوعِ، وَقِيلَ إِنَّهُ وَقَعَ فِي دَارِهِ حريق فأطفاؤه وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَشْعُرْ بِهِ.
وَلَهُ مَنَاقِبُ كَثِيرَةٌ رحمه الله.
قُلْتُ: وَانْهَدَمَتْ مَرَّةً نَاحِيَةٌ مِنَ الْمَسْجِدِ فَفَزِعَ أَهْلُ السُّوقِ لِهَدَّتِهَا، وَإِنَّهُ لَفِي الْمَسْجِدِ فِي صَلَاتِهِ فَمَا الْتَفَتَ.
وَقَالَ ابْنُهُ: رَأَيْتُهُ سَاجِدًا وَهُوَ يَقُولُ: مَتَى أَلْقَاكَ وَأَنْتَ عَنِّي رَاضٍ، ثُمَّ يَذْهَبُ فِي الدُّعَاءِ، ثُمَّ يَقُولُ: مَتَى أَلْقَاكَ وَأَنْتَ عَنِّي رَاضٍ، وَكَانَ إِذَا كَانَ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ كَأَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ تَرْجَمَتُهُ.
حَنَشُ بْنِ عَمْرٍو الصَّنْعَانِيُّ كَانَ وَالِيَ إِفْرِيقِيَّةَ وَبِلَادِ الْمَغْرِبِ، وَبِإِفْرِيقِيَّةَ تُوَفِّيَ غَازِيًا، وَلَهُ رِوَايَاتٌ كَثِيرَةٌ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ.
خَارِجَةُ بْنُ زَيْدِ ابن الضَّحَّاكِ الْأَنْصَارِيُّ الْمَدَنِيُّ الْفَقِيهُ، كَانَ يُفْتِي بِالْمَدِينَةِ، وكان من فقهائها المعدوين، كَانَ عَالِمًا بِالْفَرَائِضِ وَتَقْسِيمِ الْمَوَارِيثِ، وَهُوَ أَحَدُ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ الَّذِينَ مَدَارُ الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمْ.
سنة مائة من الهجرة النَّبوِّية
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَفْصٍ، أَنْبَأَ وَرْقَاءُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ نُعَيْمِ بْنِ دَجَاجَةَ قَالَ: دَخَلَ ابن مَسْعُودٍ عليَّ عَلِيٍّ فَقَالَ: أَنْتَ الْقَائِلُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا يَأْتِي عَلَى النَّاس مِائَةُ عَامٍ وَعَلَى الْأَرْضِ نَفْسٌ مَنْفُوسَةٌ "؟ إِنَّمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا يَأْتِي عَلَى النَّاس
مِائَةُ عَامٍ وَعَلَى الْأَرْضِ نَفْسٌ مَنْفُوسَةٌ مِمَّنْ هُوَ حَيٌّ، وَإِنَّ رَخَاءَ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ الْمِائَةِ ".
تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ.
وَفِي رِوَايَةٍ لِابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَلِيًّا قَالَ لَهُ: يَا فَرُّوخُ أَنْتَ الْقَائِلُ لَا يَأْتِي عَلَى النَّاس مِائَةُ سَنَةٍ وَعَلَى الْأَرْضِ عَيْنٌ تَطْرِفُ مِمَّنْ هو حي اليوم، وإنما رخاء هذه الأمة وفرحها بعد المائة؟ إِنَّمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " لَا يَأْتِي عَلَى النَّاس مِائَةُ سَنَةٍ وَعَلَى الْأَرْضِ عَيْنٌ تَطْرِفُ.
أَخْطَأَتِ اسْتُكَ الْحُفْرَةَ، وإنما أراد ممن هو اليوم حي " تَفَرَّدَ بِهِ وَهَكَذَا جَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ ابْنُ عُمَرَ.
فَوَهِلَ النَّاس فِي مَقَالَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تِلْكَ، وَإِنَّمَا أَرَادَ انْخِرَامَ قَرْنِهِ.
وَفِيهَا خَرَجَتْ خَارِجَةٌ مِنَ الْحَرُورِيَّةِ بِالْعِرَاقِ فَبَعَثَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى
عَبْدِ الْحَمِيدِ نَائِبِ الْكُوفَةِ، يَأْمُرُهُ بِأَنْ يَدْعُوَهُمْ إِلَى الْحَقِّ، وَيَتَلَطَّفَ بِهِمْ، وَلَا يُقَاتِلَهُمْ حَتَّى يُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ، فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ بَعَثَ إِلَيْهِمْ جَيْشًا فَكَسَرَهُمُ الْحَرُورِيَّةُ، فَبَعَثَ عُمَرُ إِلَيْهِ يَلُومُهُ عَلَى جَيْشِهِ، وَأَرْسَلَ عُمَرُ ابْنَ عَمِّهِ مَسْلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ مِنَ الْجَزِيرَةِ إِلَى حَرْبِهِمْ، فَأَظْفَرَهُ اللَّهُ بِهِمْ، وَقَدْ أَرْسَلَ عُمَرُ إِلَى كَبِيرِ الْخَوَارِجِ - وَكَانَ يُقَالُ لَهُ بِسْطَامُ - (1) يَقُولُ لَهُ: مَا أَخْرَجَكَ عَلَيَّ؟ فَإِنْ كُنْتَ خَرَجْتَ غَضَبًا لِلَّهِ فَأَنَا أَحَقُّ بِذَلِكَ مِنْكَ، وَلَسْتَ أَوْلَى بِذَلِكَ مِنِّي، وَهَلُمَّ أُنَاظِرْكَ، فَإِنْ رَأَيْتَ حَقًّا اتَّبَعْتَهُ، وَإِنْ أَبْدَيْتَ حَقًّا نَظَرْنَا فِيهِ.
فَبَعَثَ طَائِفَةً مِنْ أَصْحَابِهِ إِلَيْهِ فَاخْتَارَ مِنْهُمْ عُمَرُ رَجُلَيْنِ (2) فَسَأَلَهُمَا: مَاذَا تَنْقِمُونَ؟ فَقَالَا: جَعْلَكَ يَزِيدَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ مِنْ بَعْدِكَ، فَقَالَ: إِنِّي لَمْ أَجْعَلْهُ أَبَدًا وَإِنَّمَا جَعَلَهُ غَيْرِي.
قَالَا: فَكَيْفَ تَرْضَى بِهِ أَمِينًا لِلْأُمَّةِ من بعدك؟ فقال: أنظراني ثَلَاثَةً، فَيُقَالُ إِنَّ بَنِي أُمَيَّةَ دَسَّتْ إِلَيْهِ سُمًّا فَقَتَلُوهُ خَشْيَةَ أَنْ يَخْرُجَ الْأَمْرُ مِنْ أيديهم ويمنعهم الأموال والله أعلم (3) .
وفيها غَزَا عُمَرُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ هِشَامٍ الْمُعَيْطِيُّ، وَعَمْرُو بْنُ قَيْسٍ الْكِنْدِيُّ مِنْ أَهْلِ حِمْصَ، الصَّائِفَةِ وَفِيهَا وَلَّى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عُمَرَ بْنَ هُبَيْرَةَ الْجَزِيرَةَ فَسَارَ إِلَيْهَا.
وَفِيهَا حُمِلَ يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ إِلَى عُمَرَ بْنِ عبد العزيز من العراق، فأرسله عدي بن أرطاة نائب البصرة مَعَ مُوسَى بْنِ وَجِيهٍ، وَكَانَ عُمَرُ يُبْغِضُ يَزِيدَ بْنَ الْمُهَلَّبِ وَأَهْلَ بَيْتِهِ، وَيَقُولُ: هَؤُلَاءِ جَبَابِرَةٌ وَلَا أُحِبُّ مِثْلَهُمْ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَى عُمَرَ طَالَبَهُ بِمَا قِبَلَهُ مِنَ الْأَمْوَالِ الَّتِي كَانَ قَدْ كَتَبَ إِلَى سُلَيْمَانَ أَنَّهَا حَاصِلَةٌ عِنْدَهُ، فَقَالَ: إِنَّمَا كَتَبْتُ ذَلِكَ
لِأُرْهِبَ الْأَعْدَاءَ بذلك، ولم يكن بيني وبين سليمان شئ، وَقَدْ عَرَفْتَ مَكَانَتِي عِنْدَهُ.
فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: لَا أَسْمَعُ مِنْكَ هَذَا، وَلَسْتُ أُطْلِقُكَ حَتَّى تُؤَدِّيَ أَمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَرَ بِسَجْنِهِ.
وَكَانَ عُمَرُ قَدْ بَعَثَ عَلَى إِمْرَةِ خُرَاسَانَ الْجَرَّاحَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْحَكَمِيَّ عِوَضَهُ، وَقَدِمَ وَلَدُ يَزِيدَ بْنِ الْمُهَلَّبِ، مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ، فَقَالَ: يَا أمير المؤمنين إنَّ الله عزوجل قد منَّ على هذه الأمة ولايتك عليها، فلا نكونن نحن أَشْقَى النَّاسِ بِكَ فَعَلَامَ تَحْبِسُ هَذَا الشَّيْخَ وأنا أقوم له أتصالحني عَنْهُ؟ فَقَالَ عُمَرُ: لَا أُصَالِحُكَ عَنْهُ إِلَّا أن تقوم بجميع ما يطلب منه، ولا آخذ منه إلا جميع ما عنده من مال المسلمين.
فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنْ كَانَتْ لَكَ بَيِّنَةٌ عَلَيْهِ بِمَا تَقُولُ وَإِلَّا فَاقْبَلْ يَمِينَهُ أَوْ فَصَالِحْنِي عَنْهُ، فَقَالَ: لَا آخُذُ مِنْهُ إِلَّا جَمِيعَ مَا عِنْدَهُ.
فَخَرَجَ مَخْلَدُ بْنُ يَزِيدَ مِنْ عِنْدِ عُمَرَ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ مات مخلد.
وكان عُمَرُ يَقُولُ: هُوَ خَيْرٌ مِنْ أَبِيهِ.
ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ أَمَرَ بِأَنْ يَلْبَسَ يَزِيدُ بْنُ المهلب جبة صوف ويركب على بعير إِلَى جَزِيرَةِ دَهْلَكَ الَّتِي كَانَ يُنْفَى إِلَيْهَا الْفُسَّاقُ، فَشَفَعُوا فِيهِ فَرَدَّهُ إِلَى السِّجْنِ، فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى مَرِضَ عُمَرُ مَرَضَهُ الَّذِي
(1) وهو شوذب الخارجي، من بني يشكر وخرج في جوخى في ثمانين رجلاً.
(2)
في الطبري 8 / 132 وابن الاثير 5 / 45 ومروج الذهب 3 / 233: ان بسطام بعث رجلين إلى عمر يدارسانه ويناظرنه.
في الطبري وهما: ممزوج مولى بني شيبان (وفي ابن الاثير: عاصم) والآخر من صليبة بني يشكر.
(3)
كذا بالاصل والطبري 8 / 132 وانظر مناظرة طويلة بينه وبينهما في ابن الاثير 5 / 46 وما بعدها ومروج الذهب 3 / 233 وما بعدها.
والامامة والسياسة 2 / 118 - 120.