الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مِنْ مَعْبَدٍ، وَقَدْ كَانَتْ لِمَعْبَدٍ عِبَادَةٌ وَفِيهِ زَهَادَةٌ، وَوَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ فِي حَدِيثِهِ، وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: إِيَّاكُمْ وَمَعْبَدًا فَإِنَّهُ ضَالٌّ مُضِلٌّ، وَكَانَ مِمَّنْ خَرَجَ مَعَ ابْنِ الْأَشْعَثِ فَعَاقَبَهُ الْحَجَّاجُ عُقُوبَةً عَظِيمَةً بِأَنْوَاعِ الْعَذَابِ ثُمَّ قَتَلَهُ.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ: بَلْ صَلَبَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ فِي سَنَةِ ثَمَانِينَ بِدِمَشْقَ ثُمَّ قَتَلَهُ، وَقَالَ خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ: مات قبل التسعين فالله أعلم، وقيل إن الأقرب قتل عبد الملك له وَاللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إحدى وثمانين
فَفِيهَا
فَتَحَ عَبِيدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ مَدِينَةَ قَالِيقَلَا
(1) وَغَنِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْهَا غَنَائِمَ كَثِيرَةً، وَفِيهَا قُتِلَ بُكَيْرُ بْنُ وِشَاحٍ، قتله بجير (2) بْنُ وَرْقَاءَ الصُّرَيْمِيُّ، وَكَانَ بُكَيْرٌ مِنَ الْأُمَرَاءِ الشُّجْعَانِ، ثُمَّ ثَارَ لَبُكَيْرِ بْنِ وِشَاحٍ رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ يُقَالُ لَهُ صَعْصَعَةُ بْنُ حَرْبٍ العوفي الصريمي، فقتل بجير بْنَ وَرْقَاءَ الَّذِي قَتَلَ بُكَيْرًا، طَعْنُهُ بِخِنْجَرٍ وَهُوَ جَالِسٌ عِنْدَ الْمُهَلَّبِ بْنِ أَبِي صُفْرَةَ فَحُمِلَ إِلَى مَنْزِلِهِ وَهُوَ بِآخِرِ رَمَقٍ، فَبَعَثَ الْمُهْلَّبُ بِصَعْصَعَةَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا تَمَكَّنَ مِنْهُ بُحَيْرُ بْنُ وَرْقَاءَ قَالَ ضَعُوا رَأْسَهُ عِنْدَ رِجْلِي، فوضعوه فطعنه بجير بِحَرْبَتِهِ حَتَّى قَتَلَهُ وَمَاتَ عَلَى إِثْرِهِ.
وَقَدْ قَالَ لَهُ أَنَسُ بْنُ طَارِقٍ (3) : اعْفُ عَنْهُ فَقَدْ قَتَلْتَ بُكَيْرَ بْنَ وِشَاحٍ، فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ لَا أَمُوتُ وَهَذَا حَيٌّ ثُمَّ قَتَلَهُ وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ إِنَّمَا قُتِلَ بَعْدَ مَوْتِهِ فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فِتْنَةُ ابْنِ الْأَشْعَثِ قَالَ أَبُو مِخْنَفٍ: كَانَ ابْتِدَاؤُهَا فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: فِي سَنَةِ ثِنْتَيْنِ وَثَمَانِينَ، وَقَدْ سَاقَهَا ابْنُ جَرِيرٍ فِي هَذِهِ السَّنَةِ فَوَافَقْنَاهُ فِي ذَلِكَ، وَكَانَ سَبَبَ هَذِهِ الْفِتْنَةِ أَنَّ ابْنَ الْأَشْعَثِ كَانَ الْحَجَّاجُ
يُبْغِضُهُ وَكَانَ هُوَ يَفْهَمُ ذَلِكَ وَيُضْمِرُ لَهُ السُّوءَ وَزَوَالَ الْمُلْكِ عَنْهُ، فَلَمَّا أَمَّرَهُ الْحَجَّاجُ عَلَى ذَلِكَ الْجَيْشِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ، وَأَمَرَهُ بِدُخُولِ بِلَادِ رُتْبِيلَ مَلِكِ التُّرْكِ، فَمَضَى وَصَنَعَ مَا قدَّمناه مِنْ أَخْذِهِ بَعْضَ بِلَادِ التُّرْكِ، ثُمَّ رَأَى لِأَصْحَابِهِ أَنْ يُقِيمُوا حَتَّى يَتَقَوَّوْا إِلَى الْعَامِ الْمُقْبِلِ، فَكَتَبَ إِلَى الْحَجَّاجِ بِذَلِكَ فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْحَجَّاجُ يَسْتَهْجِنُ رَأْيَهُ فِي ذَلِكَ وَيَسْتَضْعِفُ عَقْلَهُ وَيَقْرَعُهُ بِالْجُبْنِ وَالنُّكُولِ عَنِ الْحَرْبِ، وَيَأْمُرُهُ حَتْمًا بِدُخُولِ بِلَادِ رُتْبِيلَ، ثُمَّ أَرْدَفَ ذَلِكَ بِكِتَابٍ ثَانٍ ثُمَّ ثَالِثٍ مع البريد، وكتب في جملة ذلك يابن الحائك الغادر المرتد، امض إلى ما أمرتك به من الإيغال في أرض العدو وإلا حل بك ما لا يطاق.
وكان الحجاج يبغض ابن الأشعث: ويقول هو أهوج أحمق حسود، وأبوه الذي سلب أمير المؤمنين عثمان ثيابه وقاتله، ودل عبيد الله بن زياد على مسلم بن عقيل حتى قتله، وجده الأشعث ارتد عن
(1) قاليقلا: بارمينية العظمى من نواحي خلاط ثم من نواحي منازجرد.
(معجم البلدان) .
(2)
في الطبري وابن الاثير: بحير.
(3)
في الطبري 8 / 7: طلق.
(*)
الإسلام وما رأيته قط إلا هممت بقتله، ولما كتب الحجاج إلى ابن الأشعث بذلك وترادفت إليه البرد بذلك، غضب ابن الأشعث وقال: يكتب إلي بمثل هذا وهو لا يصلح أن يكون من بعض جندي ولا من بعض خدمي لخوره وضعف قوته؟ أما يذكر أباه من ثقيف هذا الجبان صاحب غزالة - يعني أن غزالة زوجة شبيب حملت على الحجاج وجيشه فانهزموا منها وهي امرأة لما دخلت الكوفة - ثم إن ابن الأشعث جمع رؤوس أهل العراق وقال لهم: إِنَّ الحجاج قد ألح عليكم في الإيغال في بلاد العدو، وهي البلاد التي قد هلك فيها إخوانكم بالأمس، وقد أقبل عليكم فصل الشتاء والبرد، فانظروا في أمركم أما أنا فلست مطيعه ولا أنقض رأيا رأيته بالأمس، ثم قام فيهم خطيباً فأعلمهم بما كان رأى من الرأي له ولهم، وطلب في ذلك من إصلاح البلاد التي فتحوها، وأن يقيموا بها حتى يتقووا بغلاتها وأموالها ويخرج عنهم فصل البرد ثم يسيرون في بلاد العدو فيفتحونها بلداً بلداً إلى أن يحصروا رتبيل ملك الترك في مدينة العظماء، ثم أعلمهم بما كَتَبَ إِلَيْهِ الْحَجَّاجُ مِنَ الْأَمْرِ بِمُعَاجَلَةِ رُتْبِيلَ (1) .
فَثَارَ إِلَيْهِ النَّاسُ وَقَالُوا: لَا بَلْ نَأْبَى عَلَى عَدُوِّ اللَّهِ الْحَجَّاجِ وَلَا نَسْمَعُ لَهُ ولا نطيع.
قال أبو مخنف: فدحثني مطرف بن عامر بن وائلة (2) الْكِنَانِيُّ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ أوَّل مَنْ تَكَلَّمَ فِي ذَلِكَ، وَكَانَ شَاعِرًا خَطِيبًا، وَكَانَ مِمَّا قَالَ: إِنَّ مَثَلَ الْحَجَّاجِ فِي هَذَا الرَّأْيِ وَمَثَلَنَا كَمَا قَالَ الْأَوَّلُ لِأَخِيهِ احْمِلْ عَبْدَكَ عَلَى الْفَرَسِ فَإِنْ هَلَكَ هَلَكَ، وَإِنْ نَجَا فلك، أنتم إذا ظَفِرْتُمْ كَانَ ذَلِكَ زِيَادَةً فِي سُلْطَانِهِ، وَإِنْ هَلَكْتُمْ كُنْتُمُ الْأَعْدَاءَ الْبُغَضَاءُ، ثُمَّ قَالَ: اخْلَعُوا عَدُوَّ اللَّهِ الْحَجَّاجَ - وَلَمْ يَذْكُرْ خَلْعَ عَبْدِ الْمَلِكِ - وَبَايِعُوا لِأَمِيرِكُمْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَشْعَثِ فَإِنِّي أُشْهِدُكُمْ أَنِّي أَوَّلُ خَالِعٍ لِلْحَجَّاجِ.
فَقَالَ النَّاسُ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ: خَلَعْنَا عَدُوَّ اللَّهِ، وَوَثَبُوا إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَشْعَثِ فَبَايَعُوهُ عِوَضًا عَنِ الْحَجَّاجِ، وَلَمْ يَذْكُرُوا خَلْعَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، وَبَعَثَ ابْنُ الْأَشْعَثِ إِلَى رتبيل فصالحه على أنه إن ظفروا بِالْحَجَّاجِ فَلَا خَرَاجَ عَلَى رُتْبِيلَ أَبَدًا.
ثُمَّ سَارَ ابْنُ الْأَشْعَثِ بِالْجُنُودِ الَّذِينَ مَعَهُ مُقْبِلًا مِنْ سِجِسْتَانَ إِلَى الْحَجَّاجِ لِيُقَاتِلَهُ وَيَأْخُذَ مِنْهُ العراق، فلما تَوَسَّطُوا الطَّرِيقَ (3) قَالُوا: إِنَّ خَلْعَنَا لِلْحَجَّاجِ خَلْعٌ لابن مروان فخلعوها وَجَدَّدُوا الْبَيْعَةَ لِابْنِ الْأَشْعَثِ فَبَايَعَهُمْ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وسنَّة رَسُولِهِ وَخَلْعِ أَئِمَّةِ الضَّلَالَةِ وَجِهَادِ الملحدين، فَإِذَا قَالُوا نَعَمْ بَايَعَهُمْ.
فَلَمَّا بَلَغَ الْحَجَّاجَ مَا صَنَعُوا مِنْ خَلْعِهِ وَخَلْعِ ابْنِ مَرْوَانَ، كَتَبَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ يُعْلِمُهُ بِذَلِكَ وَيَسْتَعْجِلُهُ فِي بَعْثِهِ الْجُنُودَ إِلَيْهِ، وَجَاءَ الْحَجَّاجُ حَتَّى نَزَلَ الْبَصْرَةَ، وَبَلَغَ الْمُهَلَّبَ خَبَرُ ابْنِ الْأَشْعَثِ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ يَدْعُوهُ إِلَى ذَلِكَ فَأَبَى عَلَيْهِ، وَبَعَثَ بِكِتَابِهِ إِلَى الْحَجَّاجِ، وَكَتَبَ الْمُهَلَّبُ إِلَى ابن الأشعث يقول له: إنك يابن الْأَشْعَثِ قَدْ وَضَعْتَ رَجْلَكَ فِي رِكَابٍ طَوِيلٍ، ابق على
(1) في ابن الاعثم 7 / 117: كتب ابن الاشعث كتاباً على لسان الحجاج إليه يأمره فيه بقتل فلان وفلان من أصحابه وأن يبعث برؤوسهم إليه، وقرأه أمام أصحابه
…
ثم أعلن امامهم خلعه وصاحبه عبد الملك بن مروان (وانظر الامامة والسياسة 2 / 33) .
(2)
في الطبري وابن الاثير: واثلة.
(3)
في مروج الذهب 3 / 159: صار إلى بلاد كرمان.
(*)
أمة محمد صلى الله عليه وسلم، انظر إلى نفسك فَلَا تُهْلِكْهَا، وَدِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ فَلَا تَسْفِكْهَا، وَالْجَمَاعَةِ فَلَا تُفَرِّقْهَا،
وَالْبَيْعَةِ فَلَا تَنْكُثْهَا، فَإِنْ قُلْتَ أَخَافُ النَّاسَ عَلَى نَفْسِي فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخَافَهُ مِنَ النَّاسِ، فَلَا تُعَرِّضْهَا لِلَّهِ فِي سَفْكِ الدِّمَاءِ، أَوِ اسْتِحْلَالِ مُحَرَّمٍ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ (1) .
وَكَتَبَ الْمُهَلَّبُ إِلَى الْحَجَّاجِ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ أَهْلَ الْعِرَاقِ قَدْ أَقْبَلُوا إِلَيْكَ مِثْلَ السَّيْلِ المنحدر من علو ليس شئ يَرُدُّهُ حَتَّى يَنْتَهِيَ إِلَى قَرَارِهِ، وَإِنَّ لِأَهْلِ العراق شدة (2) فِي أَوَّلِ مَخْرَجِهِمْ، وَصَبَابَةً إِلَى أَبْنَائِهِمْ وَنِسَائِهِمْ، فليس شئ يردهم حتى يصلوا إلى أهليهم وينبسطوا إلى نسائهم وَيَشَمُّوا أَوْلَادَهُمْ.
ثُمَّ وَاقِعْهُمْ عِنْدَهَا فَإِنَّ اللَّهَ نَاصِرُكَ عَلَيْهِمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
فَلَمَّا قَرَأَ الْحَجَّاجُ كِتَابَهُ قَالَ: فَعَلَ اللَّهُ بِهِ وَفَعَلَ، لا والله مالي نظر ولكن لابن عمه نصح.
ولما وصل البريد بكتاب الْحَجَّاجِ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ هَالَهُ ذَلِكَ ثُمَّ نَزَلَ عَنْ سَرِيرِهِ وَبَعَثَ إِلَى خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ فَأَقْرَأَهُ كِتَابَ الْحَجَّاجِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنْ كَانَ هَذَا الْحَدَثُ مِنْ قِبَلِ خُرَاسَانَ فَخَفْهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ سِجِسْتَانَ فَلَا تَخَفْهُ، ثُمَّ أَخَذَ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي تَجْهِيزِ الْجُنُودِ مِنَ الشَّامِ إِلَى العراق في نصرة الحجاج وتجهيزه في الخروج إِلَى ابْنِ الْأَشْعَثِ، وَعَصَى رَأْيَ الْمُهَلَّبِ فِيمَا أشار به عليه، وكان في شوره النُّصْحُ وَالصِّدْقُ، وَجُعِلَتْ كُتُبُ الْحَجَّاجِ لَا تَنْقَطِعُ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بِخَبَرِ ابْنِ الْأَشْعَثِ صَبَاحًا وَمَسَاءً، أَيْنَ نَزَلَ وَمِنْ أَيْنَ ارْتَحَلَ، وَأَيُّ النَّاسِ إِلَيْهِ أَسْرَعُ.
وَجَعَلَ النَّاسُ يَلْتَفُّونَ عَلَى ابْنِ الْأَشْعَثِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، حَتَّى قِيلَ إِنَّهُ سَارَ مَعَهُ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ أَلْفَ فَارِسٍ وَمِائَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفَ رَاجِلٍ، وَخَرَجَ الْحَجَّاجُ فِي جُنُودِ الشَّامِ مِنَ الْبَصْرَةِ نَحْوَ ابْنِ الْأَشْعَثِ، فَنَزَلَ تُسْتَرَ وَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْهِ مُطَهِّرَ بْنَ حيي الكعبي (3) أَمِيرًا عَلَى الْمُقَدِّمَةِ، وَمَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زميت (4) أميرا آخر، فانتهو إِلَى دُجَيْلٍ فَإِذَا مُقَدِّمَةُ ابْنِ الْأَشْعَثِ فِي ثَلَاثِمِائَةِ فَارِسٍ عَلَيْهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبَانٍ الْحَارِثِيُّ، فَالْتَقَوْا فِي يَوْمِ الْأَضْحَى عِنْدَ نَهْرِ دُجَيْلٍ، فَهُزِمَتْ مُقَدِّمَةُ الْحَجَّاجِ وَقَتَلَ أَصْحَابُ ابْنِ الْأَشْعَثِ مِنْهُمْ خَلْقًا كَثِيرًا نَحْوَ أَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ (5) ، وَاحْتَازُوا مَا فِي مُعَسْكَرِهِمْ مِنْ خُيُولٍ وَقُمَاشٍ وَأَمْوَالٍ.
وَجَاءَ الْخَبَرُ إِلَى الْحَجَّاجِ بِهَزِيمَةِ أَصْحَابِهِ وأخذه مادب وَدَرَجَ.
وَقَدْ كَانَ قَائِمًا يَخْطُبُ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ ارْجِعُوا إِلَى الْبَصْرَةِ فَإِنَّهُ أَرْفَقُ بِالْجُنْدِ، فرجع بالناس وتبعهم خُيُولُ ابْنِ الْأَشْعَثِ لَا يُدْرِكُونَ مِنْهُمْ شَاذًّا إِلَّا قَتَلُوهُ، وَلَا فَاذًّا إِلَّا أَهْلَكُوهُ، وَمَضَى الحجاج هارباً لا يلوي على شئ حَتَّى أَتَى الزَّاوِيَةَ فَعَسْكَرَ عِنْدَهَا وَجَعَلَ يَقُولُ: لله در المهلب أي صاحب حرب هذا، قَدْ أَشَارَ عَلَيْنَا بِالرَّأْيِ وَلَكِنَّا لَمْ نَقْبَلْ، وَأَنْفَقَ الْحَجَّاجُ عَلَى جَيْشِهِ وَهُوَ بِهَذَا الْمَكَانِ مِائَةً وَخَمْسِينَ أَلْفَ أَلْفِ
دِرْهَمٍ، وَخَنْدَقَ حَوْلَ جَيْشِهِ خَنْدَقًا، وَجَاءَ أَهْلُ الْعِرَاقِ فَدَخَلُوا الْبَصْرَةَ وَاجْتَمَعُوا بِأَهَالِيهِمْ وَشَمُّوا أَوْلَادَهُمْ، وَدَخَلَ ابْنُ الْأَشْعَثِ البصرة فخطب الناس بهم وَبَايَعَهُمْ وَبَايَعُوهُ عَلَى خَلْعِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَنَائِبِهِ
(1) نسخة الكتاب في الطبري 8 / 10 وانظر نسخة له باختلاف في ابن الاعثم 7 / 118 - 119.
(2)
في الطبري وابن الاثير: شرة.
(3)
في الطبري: مطهر بن حر العكي.
وفي ابن الاعثم 7 / 130: حيي العتكي.
(4)
في الطبري: ابن رميثة الطائي.
(5)
في ابن الاعثم: ثمانية الآف.
(*)