المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في وفاة أبي طالب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم - البداية والنهاية - ط السعادة - جـ ٣

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الثالث]

- ‌[إسلام قبل الهجرة]

- ‌باب كيفية بدء الوحي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَذِكْرُ أَوَّلِ شَيْءٍ أُنْزِلَ عَلَيْهِ مِنَ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ

- ‌ذكر عمره عليه الصلاة والسلام وقت بعثته وَتَارِيخِهَا

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ إِتْيَانِ الوحي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌‌‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي ذِكْرِ أَوَّلِ مَنْ أَسْلَمَ، ثم ذكر متقدمي الإسلام من الصحابة وغيرهم

- ‌ذِكْرُ إِسْلَامِ حمزة بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رضى الله عنه

- ‌ذِكْرُ إِسْلَامِ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه

- ‌ذِكْرُ إِسْلَامِ ضِمَادٍ

- ‌باب أمر الله رسوله عليه الصلاة والسلام بإبلاغ الرسالة

- ‌قِصَّةُ الْإِرَاشِيِّ [1]

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌‌‌فَصْلٌفِي مُبَالَغَتِهِمْ فِي الْأَذِيَّةِ لِآحَادِ الْمُسْلِمِينَ الْمُسْتَضْعَفِينَ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فصل

- ‌بَابُ مُجَادَلَةِ الْمُشْرِكِينَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وإقامة الحجة الدامغة عليهم وَاعْتِرَافِهِمْ فِي أَنْفُسِهِمْ بِالْحَقِّ وَإِنْ أَظْهَرُوا الْمُخَالِفَةَ عِنَادًا وَحَسَدًا وَبَغْيًا وَجُحُودًا

- ‌بَابُ هِجْرَةِ مَنْ هَاجَرَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، مِنْ مَكَّةَ إلى أرض الحبشة، فِرَارًا بِدِينِهِمْ مِنَ الْفِتْنَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ذِكْرُ عَزْمِ الصِّدِّيقِ عَلَى الهجرة إلى أرض الحبشة

- ‌فَصْلٌ

- ‌ذِكْرُ نَقْضِ الصَّحِيفَةِ

- ‌فصل

- ‌قِصَّةُ أَعْشَى بْنِ قَيْسِ

- ‌قِصَّةُ مُصَارَعَةِ رُكَانَةَ وَكَيْفَ أَرَاهُ الشَّجَرَةَ الَّتِي دَعَاهَا فَأَقْبَلَتْ صلى الله عليه وسلم

- ‌فَصْلٌ

- ‌‌‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فصل انْشِقَاقِ الْقَمَرِ فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌فَصْلٌ فِي وَفَاةِ أَبِي طَالِبٍ عَمِّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في موت خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ

- ‌فصل في تزويجه عليه السلام بَعْدَ خَدِيجَةَ رضي الله عنها بِعَائِشَةَ بِنْتِ الصِّدِّيقِ وَسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ رضي الله عنهما

- ‌فَصْلٌ

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فصل قدوم وفد الأنصار عام بَعْدَ عَامٍ حَتَّى بَايَعُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْعَةً بَعْدَ بَيْعَةٍ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَحَوَّلَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ فَنَزَلَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ وَتَفْصِيلُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَبِهِ الثِّقَةُ

- ‌حَدِيثُ سُوِيدِ بْنِ صَامِتٍ الأنصاري

- ‌إِسْلَامُ إِيَاسِ بْنِ مُعَاذٍ

- ‌بَابُ بَدْءِ إِسْلَامِ الْأَنْصَارِ رضي الله عنهم

- ‌قِصَّةُ بَيْعَةِ الْعَقَبَةِ الثَّانِيَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ يَتَضَمَّنُ أَسْمَاءَ مَنْ شَهِدَ بَيْعَةَ الْعَقَبَةِ الثَّانِيَةِ وَجُمْلَتُهُمْ عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ ثَلَاثَةٌ وَسَبْعُونَ رَجُلًا وَامْرَأَتَانِ

- ‌[باب الهجرة]

- ‌بَابُ بَدْءِ الْهِجْرَةِ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ

- ‌فَصَلٌ فِي سَبَبِ هِجْرَةِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِنَفْسِهِ الْكَرِيمَةِ

- ‌بَابُ هِجْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِنَفْسِهِ الْكَرِيمَةِ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه

- ‌فَصْلٌ فِي دُخُولِهِ عليه السلام الْمَدِينَةَ وَأَيْنَ اسْتَقَرَّ منزله بها وما يتعلق به

- ‌فَصْلٌ

- ‌وقائع السنة الاولى من الهجرة

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ فِي إِسْلَامِ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ رضي الله عنه

- ‌فصل

- ‌ذِكْرُ خُطْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ

- ‌فصل في بناء مسجده الشريف في مدة مقامه عليه السلام بِدَارِ أَبِي أَيُّوبَ رضي الله عنه

- ‌تَنْبِيهٌ عَلَى فَضْلِ هَذَا الْمَسْجِدِ الشَّرِيفِ وَالْمَحَلِّ الْمُنِيفِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا أصاب المهاجرين من حمى المدينة رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ وَقَدْ سَلِمَ الرَّسُولُ منها بحول الله وقوته ودعا ربه فأزاحها الله عن مدينته

- ‌فَصْلٌ فِي عَقْدِهِ عليه السلام الألفة بين المهاجرين والأنصار بِالْكِتَابِ الَّذِي أَمَرَ بِهِ فَكُتِبَ بَيْنَهُمْ وَالْمُؤَاخَاةِ الَّتِي أَمَرَهُمْ بِهَا وَقَرَّرَهُمْ عَلَيْهَا وَمُوَادَعَتِهِ الْيَهُودَ الَّذِينَ كَانُوا بِالْمَدِينَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي مُؤَاخَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار ليرتفق المهاجري بالأنصاري

- ‌فَصْلٌ فِي مَوْتِ أَبِي أُمَامَةَ أَسْعَدَ بْنُ زُرَارَةَ بْنِ عُدَسِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ غَنْمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ أَحَدِ النُّقَبَاءِ الِاثْنَيْ عَشَرَ لَيْلَةَ الْعَقَبَةَ عَلَى قَوْمِهِ بَنِي النَّجَّارِ، وَقَدْ شَهِدَ الْعَقَبَاتِ الثَّلَاثَ وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ الثَّانِيَةِ فِي قَوْلٍ وَكَانَ شَابًّا

- ‌فَصْلٌ فِي مِيلَادِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ الْهِجْرَةِ

- ‌فَصْلٌ وَبَنَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِعَائِشَةَ فِي شَوَّالٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فصل في الأذان ومشروعيته عِنْدَ مَقْدَمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةَ النَّبَوِيَّةَ

- ‌‌‌فَصْلٌفِي سَرِيَّةِ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رضي الله عنه

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي سَرِيَّةِ عُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ذِكْرُ مَا وَقَعَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الهجرة

- ‌كِتَابُ الْمَغَازِي

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ذِكْرُ أَوَّلِ الْمَغَازِي وَهِيَ غَزْوَةُ الْأَبْوَاءِ وَيُقَالُ لَهَا غَزْوَةُ وَدَّانَ وَأَوَّلُ الْبُعُوثِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌غزوة بواط مِنْ نَاحِيَةِ رَضْوَى

- ‌غزوة العشيرة

- ‌غَزْوَةُ بَدْرٍ الْأُولَى

- ‌بَابُ سرية عبد الله بن جحش

- ‌فَصْلٌ فِي تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ فِي سَنَةِ ثنتين من الهجرة قبل وقعة بدر

- ‌فَصْلٌ فِي فريضة شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ

- ‌غزوة بدر العظمى يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ

- ‌مَقْتَلُ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ بْنِ هِشَامٍ

- ‌فَصْلٌ فِي مَقْتَلِ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ

- ‌مَقْتَلُ أَبِي جَهْلٍ لَعَنَهُ اللَّهُ

- ‌رَدُّهُ عليه السلام عَيْنَ قَتَادَةَ

- ‌فَصْلٌ قِصَّةٌ أُخْرَى شَبِيهَةٌ بِهَا

- ‌ذِكْرُ طَرْحِ رُءُوسِ الكفر في بئر يوم بَدْرٍ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌مَقْتَلُ النَّضْرَ بْنَ الْحَارِثِ وَعَقَبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ لَعَنَهُمَا اللَّهُ

- ‌ذِكْرُ فرح النجاشي بوقعة بدر رضي الله عنه

- ‌فَصْلٌ فِي وُصُولِ خَبَرِ مُصَابِ أَهْلِ بَدْرٍ إِلَى أَهَالِيهِمْ بِمَكَّةَ

- ‌فَصْلٌ فِي بَعْثِ قُرَيْشٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِدَاءِ أَسْرَاهُمْ

- ‌‌‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌أسماء أهل بدر مرتبة على حروف المعجم

- ‌حَرْفُ الْأَلِفِ

- ‌حَرْفُ الْبَاءِ

- ‌حَرْفُ التَّاءِ

- ‌حَرْفُ الثَّاءِ

- ‌حَرْفُ الْجِيمِ

- ‌حَرْفُ الْحَاءِ

- ‌حَرْفُ الخاء

- ‌حَرْفُ الذَّالِ

- ‌حَرْفُ الرَّاءِ

- ‌حَرْفُ الزَّايِ

- ‌حَرْفُ السِّينِ

- ‌حَرْفُ الشِّينِ

- ‌حَرْفُ الصَّادِ

- ‌حَرْفُ الضَّادِ

- ‌حَرْفُ الطَّاءِ

- ‌حَرْفُ الظَّاءِ

- ‌حَرْفُ الْعَيْنِ

- ‌حَرْفُ الْغَيْنِ

- ‌حَرْفُ الْفَاءِ

- ‌حَرْفُ الْقَافِ

- ‌حَرْفُ الْكَافِ

- ‌حَرْفُ الْمِيمِ

- ‌حَرْفُ النُّونِ

- ‌حَرْفُ الْهَاءِ

- ‌حَرْفُ الْوَاوِ

- ‌حَرْفُ الْيَاءِ

- ‌بَابُ الْكُنَى

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي فَضْلِ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ

- ‌فصل في قدوم زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُهَاجِرَةً مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ بِشَهْرٍ بِمُقْتَضَى مَا كَانَ شَرَطَ زَوْجُهَا أَبُو الْعَاصِ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَمَا تَقَدَّمَ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا قِيلَ مِنَ الْأَشْعَارِ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ الْعُظْمَى

- ‌فَصْلٌ

- ‌فصل في غزوة بنى سليم في سَنَةَ ثِنْتَيْنِ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ

- ‌فصل غزوة السويق فِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْهَا وَهِيَ غَزْوَةُ قَرْقَرَةِ الْكُدْرِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي ذكر جمل من الحوادث في سَنَةَ ثِنْتَيْنِ مِنَ الْهِجْرَةِ

الفصل: ‌فصل في وفاة أبي طالب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم

جبل حراء بين فلقتى القمر، فذهب فِلْقَةٌ. فَتَعَجَّبَ أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ ذَلِكَ وَقَالُوا هَذَا سِحْرٌ مَصْنُوعٌ سَيَذْهَبُ. وَقَالَ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ. قَالَ: انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَصَارَ فِرْقَتَيْنِ: فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: «فاشهد يَا أَبَا بَكْرٍ» وَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: سَحَرَ الْقَمَرَ حَتَّى انْشَقَّ فَهَذِهِ طُرُقٌ مُتَعَدِّدَةٌ قَوِيَّةُ الْأَسَانِيدِ تُفِيدُ الْقَطْعَ لِمَنْ تَأَمَّلَهَا وَعَرَفَ عَدَالَةَ رِجَالِهَا. وَمَا يَذْكُرُهُ بَعْضُ الْقُصَّاصِ مِنْ أَنَّ الْقَمَرَ سَقَطَ إِلَى الْأَرْضِ حَتَّى دَخَلَ فِي كُمِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَخَرَجَ مِنَ الْكُمِّ الْآخَرِ فَلَا أَصْلَ لَهُ، وَهُوَ كَذِبٌ مُفْتَرًى لَيْسَ بِصَحِيحٍ. وَالْقَمَرُ حِينَ انْشَقَّ لَمْ يُزَايِلِ السَّمَاءَ غَيْرَ أَنَّهُ حِينَ أَشَارَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم انْشَقَّ عَنْ إِشَارَتِهِ فَصَارَ فِرْقَتَيْنِ، فَسَارَتْ وَاحِدَةٌ حَتَّى صَارَتْ مِنْ وَرَاءِ حِرَاءَ، وَنَظَرُوا إِلَى الْجَبَلِ بَيْنَ هَذِهِ وَهَذِهِ كَمَا أَخْبَرَ بِذَلِكَ ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّهُ شَاهَدَ ذَلِكَ. وَمَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَنَسٍ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ: فَانْشَقَّ الْقَمَرُ بِمَكَّةَ مَرَّتَيْنِ فِيهِ نَظَرٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ فِرْقَتَيْنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

‌فَصْلٌ فِي وَفَاةِ أَبِي طَالِبٍ عَمِّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِ خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ زَوْجَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَرَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. وَقِيلَ بَلْ هِيَ تُوُفِّيَتْ قَبْلَهُ والمشهور الأول. وهذان المشفقان، هذا فِي الظَّاهِرِ وَهَذِهِ فِي الْبَاطِنِ، هَذَاكَ كَافِرٌ وَهَذِهِ مُؤْمِنَةٌ صِدِّيقَةٌ رضي الله عنها وَأَرْضَاهَا.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ إِنَّ خَدِيجَةَ وَأَبَا طَالِبٍ هَلَكَا فِي عَامٍ وَاحِدٍ، فَتَتَابَعَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَصَائِبُ بِهُلْكِ خَدِيجَةَ، وَكَانَتْ لَهُ وَزِيرَ صِدْقٍ عَلَى الابتلاء [1] يسكن اليها، ويهلك عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ وَكَانَ لَهُ عَضُدًا وَحِرْزًا فِي أَمْرِهِ، وَمَنَعَةً وَنَاصِرًا عَلَى قَوْمِهِ. وَذَلِكَ قَبْلَ مُهَاجَرِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ فَلَمَّا هَلَكَ أَبُو طَالِبٍ، نَالَتْ قُرَيْشٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْأَذَى مَا لَمْ تَكُنْ تَطْمَعُ بِهِ فِي حَيَاةِ أَبِي طَالِبٍ حَتَّى اعْتَرَضَهُ سَفِيهٌ مِنْ سُفَهَاءِ قُرَيْشٍ فَنَثَرَ عَلَى رَأْسِهِ تُرَابًا. فَحَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ.

قَالَ: فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْتَهُ وَالتُّرَابُ على رأسه فقامت اليه إحدى بناته تَغْسِلُهُ وَتَبْكِي، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«لَا تَبْكِي يَا بُنَيَّةُ فَإِنَّ اللَّهَ مَانِعٌ أَبَاكِ» وَيَقُولُ بَيْنَ ذَلِكَ: «مَا نَالَتْنِي قُرَيْشٌ شَيْئًا أَكْرَهُهُ حَتَّى مَاتَ أَبُو طَالِبٍ» . وَذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ قَبْلَ ذَلِكَ: أَنَّ أَحَدَهُمْ رُبَّمَا طَرَحَ الْأَذَى فِي بُرْمَتِهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا نُصِبَتْ لَهُ. قَالَ فَكَانَ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ كَمَا حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ عُرْوَةَ يَخْرُجُ بِذَلِكَ الشيء على العود فيقذفه على بابه ثم يقول: يا بني عبد مناف أي جوار هذا؟ ثم يلقيه في الطريق.

[1] في ابن هشام: على الإسلام يشكو اليها. وأحسب أن عبارة الأصل انسب للمقام.

ص: 122

قال ابن إسحاق: ولما اشْتَكَى أَبُو طَالِبٍ وَبَلَغَ قُرَيْشًا ثِقَلُهُ قَالَتْ قُرَيْشٌ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ: إِنَّ حَمْزَةَ وَعُمَرَ قَدْ أَسْلَمَا، وَقَدْ فَشَا أَمْرُ مُحَمَّدٍ فِي قَبَائِلِ قُرَيْشٍ كُلِّهَا، فَانْطَلِقُوا بِنَا إِلَى أَبِي طَالِبٍ فَلْيَأْخُذْ لَنَا عَلَى ابْنِ أَخِيهِ وَلْيُعْطِهِ مِنَّا، فَإِنَّا وَاللَّهِ مَا نَأْمَنُ أَنْ يَبْتَزُّونَا أَمْرَنَا. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ عَنْ بَعْضِ أَهْلِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ: لَمَّا مَشَوْا إِلَى أَبِي طَالِبٍ وَكَلَّمُوهُ- وَهُمْ أَشْرَافُ قَوْمِهِ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَأَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ، وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، فِي رِجَالٍ مِنْ أَشْرَافِهِمْ- فَقَالُوا: يَا أَبَا طَالِبٍ إِنَّكَ مِنَّا حَيْثُ قَدْ عَلِمْتَ، وَقَدْ حَضَرَكَ مَا تَرَى وَتَخَوَّفْنَا عَلَيْكَ وَقَدْ عَلِمْتَ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَ ابْنِ أَخِيكَ فَادْعُهُ فخذ لنا منه وخذله مِنَّا لِيَكُفَّ عَنَّا وَلِنَكُفَّ عَنْهُ، وَلِيَدَعَنَا وَدِينَنَا وَلِنَدَعَهُ وَدِينَهُ. فَبَعَثَ إِلَيْهِ أَبُو طَالِبٍ فَجَاءَهُ فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي هَؤُلَاءِ أَشْرَافُ قَوْمِكَ قد اجتمعوا إليك لِيُعْطُوكَ وَلِيَأْخُذُوا مِنْكَ. قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا عم كلمة واحدة تعطونها تَمْلِكُونَ بِهَا الْعَرَبَ وَتَدِينُ لَكُمْ بِهَا الْعَجَمُ» . فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: نَعَمْ وَأَبِيكَ وَعَشْرَ كَلَمَّاتٍ.

قَالَ: «تَقُولُونَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَتَخْلَعُونَ ما تعبدون من دونه» . فَصَفَّقُوا بِأَيْدِيهِمْ. ثُمَّ قَالُوا: يَا مُحَمَّدُ أَتُرِيدُ أَنْ تَجْعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا؟! إِنَّ أَمْرَكَ لَعَجَبٌ. قَالَ ثُمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: إِنَّهُ وَاللَّهِ مَا هَذَا الرَّجُلُ بِمُعْطِيكُمْ شَيْئًا مِمَّا تُرِيدُونَ، فَانْطَلِقُوا وَامْضُوا عَلَى دِينِ آبَائِكُمْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ، ثُمَّ تَفَرَّقُوا.

قَالَ فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: وَاللَّهِ يَا ابْنَ أَخِي مَا رَأَيْتُكَ سَأَلْتَهُمْ شَطَطًا. قَالَ فَطَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِ فَجَعَلَ يَقُولُ لَهُ: «أَيْ عَمِّ فَأَنْتَ فَقُلْهَا أَسْتَحِلُّ لك بها الشفاعة يوم القيامة» فَلَمَّا رَأَى حِرْصَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي وَاللَّهِ لَوْلَا مَخَافَةُ السُّبَّةِ عَلَيْكَ وَعَلَى بَنِي أَبِيكَ مِنْ بَعْدِي، وَأَنْ تَظُنَّ قُرَيْشٌ أَنِّي إِنَّمَا قُلْتُهَا جَزَعًا مِنَ الْمَوْتِ لَقُلْتُهَا، لَا أَقُولُهَا إِلَّا لِأَسُرَّكَ بِهَا. قَالَ: فَلَمَّا تَقَارَبَ مِنْ أَبِي طَالِبٍ الْمَوْتُ نَظَرَ الْعَبَّاسُ إِلَيْهِ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ فَأَصْغَى إِلَيْهِ بِأُذُنِهِ. قَالَ فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي وَاللَّهِ لَقَدْ قَالَ أَخِي الْكَلِمَةَ التِي أَمَرْتَهُ أَنْ يَقُولَهَا. قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَمْ أَسْمَعْ» قَالَ وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي أُولَئِكَ الرَّهْطِ (ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا في عِزَّةٍ وَشِقاقٍ) 38: 1- 2 الْآيَاتِ. وَقَدْ تَكَلَّمْنَا عَلَى ذَلِكَ فِي التَّفْسِيرِ وللَّه الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.

وَقَدِ اسْتَدَلَّ بَعْضُ مَنْ ذَهَبَ مِنَ الشِّيعَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْغُلَاةِ إِلَى أَنَّ أَبَا طَالِبٍ مَاتَ مُسْلِمًا بِقَوْلِ الْعَبَّاسِ هَذَا الْحَدِيثَ، يَا ابْنَ أَخِي لَقَدْ قَالَ أخى الْكَلِمَةَ التِي أَمَرْتَهُ أَنْ يَقُولَهَا- يَعْنِي لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ- وَالْجَوَابُ عَنْ هَذَا مِنْ وُجُوهٍ. أَحَدُهَا أَنَّ فِي السَّنَدِ مُبْهَمًا لَا يُعْرُفُ حَالُهُ وَهُوَ قَوْلُهُ عَنْ بَعْضِ أَهْلِهِ وَهَذَا إِبْهَامٌ فِي الِاسْمِ وَالْحَالِ، وَمِثْلُهُ يُتَوَقَّفُ فِيهِ لَوِ انْفَرَدَ. وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ نَحْوًا مِنْ هَذَا السِّيَاقِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي أُسَامَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ حَدَّثَنَا عباد عن سعيد بن جبير فَذَكَرَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ قَوْلَ الْعَبَّاسِ. وَرَوَاهُ الثَّوْرِيُّ أَيْضًا عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ الْكُوفِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ

ص: 123

جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَذَكَرَهُ بِغَيْرِ زِيَادَةِ قَوْلِ الْعَبَّاسِ. وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ أَيْضًا. وَلَفْظُ الْحَدِيثِ مِنْ سِيَاقِ الْبَيْهَقِيِّ فِيمَا رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ الثَّوْرِيِّ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. قَالَ: مَرِضَ أَبُو طَالِبٍ فَجَاءَتْ قُرَيْشٌ وَجَاءَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عند رأس أبى طالب، فجلس رَجُلٍ فَقَامَ أَبُو جَهْلٍ كَيْ يَمْنَعَهُ ذَاكَ. وَشَكَوْهُ إِلَى أَبِي طَالِبٍ. فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي مَا تُرِيدُ مِنْ قَوْمِكَ؟ فَقَالَ: «يَا عَمِّ إِنَّمَا أُرِيدُ مِنْهُمْ كَلِمَةً تَذِلُّ لَهُمْ بِهَا الْعَرَبُ، وَتُؤَدِّي إِلَيْهِمْ بِهَا الْجِزْيَةَ الْعَجَمُ، كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ» . قَالَ: مَا هِيَ؟ قَالَ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ» قَالَ فَقَالُوا أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ! قَالَ: ونزل فيهم (ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ) 38: 1 الآيات إلى قوله (إِلَّا اخْتِلاقٌ) 38: 7 ثُمَّ قَدْ عَارَضَهُ- أَعْنِي سِيَاقَ ابْنِ إِسْحَاقَ- مَا هُوَ أَصَحُّ مِنْهُ، وَهُوَ مَا رَوَاهُ البخاري قَائِلًا حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه. أَنَّ أَبَا طَالِبٍ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ دَخَلَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدَهُ أَبُو جَهْلٍ. فَقَالَ:«أَيْ عَمِّ قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كَلِمَةٌ أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللَّهِ» . فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ: يَا أَبَا طَالِبٍ أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ المطلب؟ فلم يزالا يكلماه حتى قال آخر ما كَلَّمَهُمْ بِهِ: عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. فَقَالَ النبي صلى الله عليه وسلم: «لأستغفر لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ» فَنَزَلَتْ (مَا كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ) 9: 113 ونزلت (إِنَّكَ لا تَهْدِي من أَحْبَبْتَ) 28: 56 وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَعَبْدٍ الله عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ. وَأَخْرَجَاهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِيهِ بِنَحْوِهِ وَقَالَ فِيهِ: فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ وَيَعُودَانِ لَهُ بِتِلْكَ الْمَقَالَةِ حَتَّى قَالَ آخَرَ مَا قال: عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَأَبَى أَنْ يَقُولَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَمَا لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ» فَأَنْزَلَ اللَّهُ- يَعْنِي بَعْدَ ذَلِكَ- (مَا كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى) 9: 113 وَنَزَلَ فِي أَبِي طَالِبٍ (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) 28: 56 وهكذا روى الامام احمد ومسلم والترمذي والنسائي مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ وَفَاةُ أَبِي طَالِبٍ أَتَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فَقَالَ: «يَا عَمَّاهُ قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ لَكَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» فَقَالَ: لَوْلَا أَنْ تُعَيَّرَنِي قُرَيْشٌ يقولون ما حمله عليه الافزع الموت لا قررت بها عينك، ولا أقولها الا لا قربها عَيْنَكَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) 28: 56 وَهَكَذَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ عمرو مجاهد وَالشَّعْبِيُّ وَقَتَادَةُ إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي أَبِي طَالِبٍ حِينَ عَرَضَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَقُولَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَأَبَى أَنْ يَقُولَهَا، وَقَالَ: هُوَ عَلَى مِلَّةِ الْأَشْيَاخِ. وَكَانَ آخِرَ مَا قَالَ: هُوَ عَلَى مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَيُؤَكِّدُ هَذَا كُلَّهُ مَا قَالَ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ

ص: 124

سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ حَدَّثَنِي عبد الله بن الحارث قال حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنَّهُ قَالَ قَلْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: مَا أَغْنَيْتَ عَنْ عَمِّكَ فَإِنَّهُ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَغْضَبُ لَكَ؟ قَالَ: « [هُوَ] فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ، ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل» وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طُرُقٍ عَنْ عبد الملك ابن عمير به أخرجاه فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ اللَّيْثِ حَدَّثَنِي ابْنُ الْهَادِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ذكر عِنْدَهُ عَمُّهُ فَقَالَ: «لَعَلَّهُ تَنْفَعُهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُجْعَلُ فِي ضَحْضَاحٍ مِنَ النَّارِ يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ يَغْلِي مِنْهُ دِمَاغُهُ» لَفْظُ الْبُخَارِيِّ. وَفِي رِوَايَةٍ «تَغْلِي مِنْهُ أُمُّ دِمَاغِهِ» وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَفَّانَ عَنْ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَهْوَنُ أَهْلِ النَّارِ عَذَابًا أَبُو طَالِبٍ، مُنْتَعِلٌ بِنَعْلَيْنِ مِنْ نَارٍ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ» وَفِي مَغَازِي يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ «يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ حَتَّى يَسِيلَ عَلَى قَدَمَيْهِ» ذَكَرَهُ السُّهَيْلِيُّ وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا عمرو- هُوَ ابْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُجَالِدٍ- حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ مُجَالِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ جَابِرٍ. قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ قِيلَ لَهُ- هَلْ نَفَعْتَ أَبَا طَالِبٍ؟ قَالَ: «أَخْرَجْتُهُ مِنَ النَّارِ إِلَى ضَحْضَاحٍ مِنْهَا» تَفَرَّدَ بِهِ الْبَزَّارُ. قَالَ السُّهَيْلِيُّ: وَإِنَّمَا لَمْ يَقْبَلِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم شَهَادَةَ العباس أخيه أَنَّهُ قَالَ الْكَلِمَةَ وَقَالَ: «لَمْ أَسْمَعْ» لِأَنَّ الْعَبَّاسَ كَانَ إِذْ ذَاكَ كَافِرًا غَيْرَ مَقْبُولِ الشَّهَادَةِ.

قُلْتُ: وَعِنْدِي أَنَّ الْخَبَرَ بِذَلِكَ مَا صَحَّ لِضَعْفِ سَنَدِهِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي طَالِبٍ فذكر له ما تقدم، وبتعليل صِحَّتِهِ لَعَلَّهُ قَالَ ذَلِكَ عِنْدَ مُعَايَنَةِ الْمَلَكِ بَعْدَ الْغَرْغَرَةِ حِينَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ سَمِعْتُ نَاجِيَةَ بْنَ كَعْبٍ يَقُولُ سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: لَمَّا تُوُفِّيَ أَبِي أَتَيْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ إِنْ عَمَّكَ قَدْ تُوُفِّيَ. فَقَالَ: «اذْهَبْ فَوَارِهِ» فَقُلْتُ إِنَّهُ مَاتَ مُشْرِكًا، فَقَالَ:«اذهب فواره ولا تحدثن شيئا حتى تأتى» ففعلت فأتيته، فَأَمَرَنِي أَنْ أَغْتَسِلَ وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى عَنْ غُنْدَرٍ عَنْ شعبة. وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ نَاجِيَةَ عَنْ عَلِيٍّ: لَمَّا مَاتَ أَبُو طَالِبٍ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ عَمَّكَ الشَّيْخَ الضَّالَّ قَدْ مَاتَ فَمَنْ يُوَارِيهِ؟ قَالَ: «اذْهَبْ فَوَارِ أَبَاكَ وَلَا تُحْدِثَنَّ شَيْئًا حَتَّى تَأْتِيَنِي» فَأَتَيْتُهُ فَأَمَرَنِي فَاغْتَسَلْتُ، ثُمَّ دَعَا لِي بِدَعَوَاتٍ مَا يَسُرُّنِي أَنَّ لِي بِهِنَّ مَا عَلَى الْأَرْضِ مِنْ شَيْءٍ. وَقَالَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو سَعْدٍ الْمَالِينِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ هَارُونَ بْنِ حُمَيْدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رِزْمَةَ حَدَّثَنَا الْفَضْلُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عاد من جِنَازَةَ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ: «وَصَلَتْكَ رَحِمٌ، وَجُزِيتَ خَيْرًا يَا عَمِّ» . قَالَ وَرُوِيَ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ الْهَوْزَنِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلًا وَزَادَ، وَلَمْ يَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ. قَالَ: وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ

ص: 125

عَبْدِ الرَّحْمَنِ هَذَا هُوَ الْخُوَارِزْمِيُّ تَكَلَّمُوا فِيهِ.

قُلْتُ: قَدْ رَوَى عَنْهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى السِّينَانِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ الْبِيكَنْدِيُّ، وَمَعَ هَذَا قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ، وَأَحَادِيثُهُ عَنْ كُلِّ مَنْ رَوَى عَنْهُ لَيْسَتْ بِمُسْتَقِيمَةٍ. وَقَدْ قَدَّمْنَا مَا كَانَ يَتَعَاطَاهُ أَبُو طَالِبٍ مِنَ الْمُحَامَاةِ وَالْمُحَاجَّةِ وَالْمُمَانَعَةِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالدَّفْعِ عَنْهُ وَعَنْ أَصْحَابِهِ وَمَا قَالَهُ فِيهِ مِنَ الممادح والثناء، وما أظهره لَهُ وَلِأَصْحَابِهِ مِنَ الْمَوَدَّةِ وَالْمَحَبَّةِ وَالشَّفَقَةِ فِي أَشْعَارِهِ التِي أَسْلَفْنَاهَا وَمَا تَضَمَّنَتْهُ مِنَ الْعَيْبِ والتنقيص لِمَنْ خَالَفَهُ وَكَذَّبَهُ بِتِلْكَ الْعِبَارَةِ الْفَصِيحَةِ الْبَلِيغَةِ الْهَاشِمِيَّةِ الْمُطَّلِبِيَّةِ التِي لَا تُدَانَى وَلَا تُسَامَى، وَلَا يُمْكِنُ عَرَبِيًّا مُقَارَبَتُهَا وَلَا مُعَارَضَتُهَا، وَهُوَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ يَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَادِقٌ بَارٌّ رَاشِدٌ، وَلَكِنْ مَعَ هَذَا لَمْ يُؤْمِنْ قَلْبُهُ. وَفَرْقٌ بَيْنَ عِلْمِ الْقَلْبِ وَتَصْدِيقِهِ كَمَا قَرَّرْنَا ذَلِكَ فِي شَرْحِ كِتَابِ الْإِيمَانِ مِنْ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، وَشَاهِدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ 2: 146 وَقَالَ تَعَالَى فِي قَوْمِ فِرْعَوْنَ وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ 27: 14 وَقَالَ مُوسَى لِفِرْعَوْنَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بَصائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً 17: 102 وَقَوْلُ بَعْضِ السَّلَفِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ 6: 26 إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي أَبِي طَالِبٍ حَيْثُ كَانَ يَنْهَى النَّاسَ عَنْ أَذِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَيَنْأَى هُوَ عَمَّا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ مِنَ الْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ. فَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ، وحبيب ابن أَبِي ثَابِتٍ، وَعَطَاءِ بْنِ دِينَارٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ كعب، وغيرهم، ففيه نَظَرٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَالْأَظْهَرُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ الرِّوَايَةُ الْأُخْرَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَهُمْ يَنْهَونَ النَّاسَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنْ يُؤْمِنُوا بِهِ. وَبِهَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ- وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ جَرِيرٍ- وَتَوْجِيهُهُ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ سِيقَ لِتَمَامِ ذَمِّ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ كَانُوا يَصُدُّونَ النَّاسَ عن اتباعه وَلَا يَنْتَفِعُونَ هُمْ أَيْضًا بِهِ. وَلِهَذَا قَالَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِها حَتَّى إِذا جاؤُكَ يُجادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ، وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ 6: 25- 26 وهذا اللفظ وهو قوله (وهم) يدل على أن المراد بهذا جماعة وهم المذكورون في سياق الكلام وقوله وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ 6: 26 يَدُلُّ عَلَى تَمَامِ الذَّمِّ. وَأَبُو طَالِبٍ لَمْ يَكُنْ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ بَلْ كَانَ يَصُدُّ النَّاسَ عَنْ أَذِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ بِكُلِّ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ فِعَالٍ وَمَقَالٍ، وَنَفْسٍ وَمَالٍ. وَلَكِنْ مَعَ هَذَا لَمْ يُقَدِّرِ اللَّهُ لَهُ الْإِيمَانَ لِمَا لَهُ تَعَالَى فِي ذَلِكَ مِنَ الْحِكْمَةِ الْعَظِيمَةِ، وَالْحُجَّةِ الْقَاطِعَةِ الْبَالِغَةِ الدَّامِغَةِ التِي يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهَا وَالتَّسْلِيمُ لَهَا، وَلَوْلَا مَا نَهَانَا اللَّهُ عَنْهُ مِنَ الِاسْتِغْفَارِ لِلْمُشْرِكِينَ لَاسْتَغْفَرْنَا لِأَبِي طَالِبٍ وَتَرَحَّمْنَا عليه.

ص: 126