المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب بدء الهجرة من مكة إلى المدينة - البداية والنهاية - ط السعادة - جـ ٣

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الثالث]

- ‌[إسلام قبل الهجرة]

- ‌باب كيفية بدء الوحي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَذِكْرُ أَوَّلِ شَيْءٍ أُنْزِلَ عَلَيْهِ مِنَ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ

- ‌ذكر عمره عليه الصلاة والسلام وقت بعثته وَتَارِيخِهَا

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ إِتْيَانِ الوحي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌‌‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي ذِكْرِ أَوَّلِ مَنْ أَسْلَمَ، ثم ذكر متقدمي الإسلام من الصحابة وغيرهم

- ‌ذِكْرُ إِسْلَامِ حمزة بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عَمِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رضى الله عنه

- ‌ذِكْرُ إِسْلَامِ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه

- ‌ذِكْرُ إِسْلَامِ ضِمَادٍ

- ‌باب أمر الله رسوله عليه الصلاة والسلام بإبلاغ الرسالة

- ‌قِصَّةُ الْإِرَاشِيِّ [1]

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌‌‌فَصْلٌفِي مُبَالَغَتِهِمْ فِي الْأَذِيَّةِ لِآحَادِ الْمُسْلِمِينَ الْمُسْتَضْعَفِينَ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فصل

- ‌بَابُ مُجَادَلَةِ الْمُشْرِكِينَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وإقامة الحجة الدامغة عليهم وَاعْتِرَافِهِمْ فِي أَنْفُسِهِمْ بِالْحَقِّ وَإِنْ أَظْهَرُوا الْمُخَالِفَةَ عِنَادًا وَحَسَدًا وَبَغْيًا وَجُحُودًا

- ‌بَابُ هِجْرَةِ مَنْ هَاجَرَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، مِنْ مَكَّةَ إلى أرض الحبشة، فِرَارًا بِدِينِهِمْ مِنَ الْفِتْنَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ذِكْرُ عَزْمِ الصِّدِّيقِ عَلَى الهجرة إلى أرض الحبشة

- ‌فَصْلٌ

- ‌ذِكْرُ نَقْضِ الصَّحِيفَةِ

- ‌فصل

- ‌قِصَّةُ أَعْشَى بْنِ قَيْسِ

- ‌قِصَّةُ مُصَارَعَةِ رُكَانَةَ وَكَيْفَ أَرَاهُ الشَّجَرَةَ الَّتِي دَعَاهَا فَأَقْبَلَتْ صلى الله عليه وسلم

- ‌فَصْلٌ

- ‌‌‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فصل انْشِقَاقِ الْقَمَرِ فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌فَصْلٌ فِي وَفَاةِ أَبِي طَالِبٍ عَمِّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في موت خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ

- ‌فصل في تزويجه عليه السلام بَعْدَ خَدِيجَةَ رضي الله عنها بِعَائِشَةَ بِنْتِ الصِّدِّيقِ وَسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ رضي الله عنهما

- ‌فَصْلٌ

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فصل قدوم وفد الأنصار عام بَعْدَ عَامٍ حَتَّى بَايَعُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْعَةً بَعْدَ بَيْعَةٍ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَحَوَّلَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ فَنَزَلَ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ وَتَفْصِيلُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَبِهِ الثِّقَةُ

- ‌حَدِيثُ سُوِيدِ بْنِ صَامِتٍ الأنصاري

- ‌إِسْلَامُ إِيَاسِ بْنِ مُعَاذٍ

- ‌بَابُ بَدْءِ إِسْلَامِ الْأَنْصَارِ رضي الله عنهم

- ‌قِصَّةُ بَيْعَةِ الْعَقَبَةِ الثَّانِيَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ يَتَضَمَّنُ أَسْمَاءَ مَنْ شَهِدَ بَيْعَةَ الْعَقَبَةِ الثَّانِيَةِ وَجُمْلَتُهُمْ عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ ثَلَاثَةٌ وَسَبْعُونَ رَجُلًا وَامْرَأَتَانِ

- ‌[باب الهجرة]

- ‌بَابُ بَدْءِ الْهِجْرَةِ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ

- ‌فَصَلٌ فِي سَبَبِ هِجْرَةِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِنَفْسِهِ الْكَرِيمَةِ

- ‌بَابُ هِجْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِنَفْسِهِ الْكَرِيمَةِ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَمَعَهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه

- ‌فَصْلٌ فِي دُخُولِهِ عليه السلام الْمَدِينَةَ وَأَيْنَ اسْتَقَرَّ منزله بها وما يتعلق به

- ‌فَصْلٌ

- ‌وقائع السنة الاولى من الهجرة

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ فِي إِسْلَامِ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ رضي الله عنه

- ‌فصل

- ‌ذِكْرُ خُطْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَئِذٍ

- ‌فصل في بناء مسجده الشريف في مدة مقامه عليه السلام بِدَارِ أَبِي أَيُّوبَ رضي الله عنه

- ‌تَنْبِيهٌ عَلَى فَضْلِ هَذَا الْمَسْجِدِ الشَّرِيفِ وَالْمَحَلِّ الْمُنِيفِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا أصاب المهاجرين من حمى المدينة رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ وَقَدْ سَلِمَ الرَّسُولُ منها بحول الله وقوته ودعا ربه فأزاحها الله عن مدينته

- ‌فَصْلٌ فِي عَقْدِهِ عليه السلام الألفة بين المهاجرين والأنصار بِالْكِتَابِ الَّذِي أَمَرَ بِهِ فَكُتِبَ بَيْنَهُمْ وَالْمُؤَاخَاةِ الَّتِي أَمَرَهُمْ بِهَا وَقَرَّرَهُمْ عَلَيْهَا وَمُوَادَعَتِهِ الْيَهُودَ الَّذِينَ كَانُوا بِالْمَدِينَةِ

- ‌فَصْلٌ فِي مُؤَاخَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار ليرتفق المهاجري بالأنصاري

- ‌فَصْلٌ فِي مَوْتِ أَبِي أُمَامَةَ أَسْعَدَ بْنُ زُرَارَةَ بْنِ عُدَسِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ غَنْمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّجَّارِ أَحَدِ النُّقَبَاءِ الِاثْنَيْ عَشَرَ لَيْلَةَ الْعَقَبَةَ عَلَى قَوْمِهِ بَنِي النَّجَّارِ، وَقَدْ شَهِدَ الْعَقَبَاتِ الثَّلَاثَ وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ الْعَقَبَةِ الثَّانِيَةِ فِي قَوْلٍ وَكَانَ شَابًّا

- ‌فَصْلٌ فِي مِيلَادِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ الْهِجْرَةِ

- ‌فَصْلٌ وَبَنَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِعَائِشَةَ فِي شَوَّالٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فصل في الأذان ومشروعيته عِنْدَ مَقْدَمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةَ النَّبَوِيَّةَ

- ‌‌‌فَصْلٌفِي سَرِيَّةِ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رضي الله عنه

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي سَرِيَّةِ عُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ذِكْرُ مَا وَقَعَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنَ الهجرة

- ‌كِتَابُ الْمَغَازِي

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌ذِكْرُ أَوَّلِ الْمَغَازِي وَهِيَ غَزْوَةُ الْأَبْوَاءِ وَيُقَالُ لَهَا غَزْوَةُ وَدَّانَ وَأَوَّلُ الْبُعُوثِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌غزوة بواط مِنْ نَاحِيَةِ رَضْوَى

- ‌غزوة العشيرة

- ‌غَزْوَةُ بَدْرٍ الْأُولَى

- ‌بَابُ سرية عبد الله بن جحش

- ‌فَصْلٌ فِي تَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ فِي سَنَةِ ثنتين من الهجرة قبل وقعة بدر

- ‌فَصْلٌ فِي فريضة شَهْرِ رَمَضَانَ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ

- ‌غزوة بدر العظمى يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ

- ‌مَقْتَلُ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ بْنِ هِشَامٍ

- ‌فَصْلٌ فِي مَقْتَلِ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ

- ‌مَقْتَلُ أَبِي جَهْلٍ لَعَنَهُ اللَّهُ

- ‌رَدُّهُ عليه السلام عَيْنَ قَتَادَةَ

- ‌فَصْلٌ قِصَّةٌ أُخْرَى شَبِيهَةٌ بِهَا

- ‌ذِكْرُ طَرْحِ رُءُوسِ الكفر في بئر يوم بَدْرٍ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌مَقْتَلُ النَّضْرَ بْنَ الْحَارِثِ وَعَقَبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ لَعَنَهُمَا اللَّهُ

- ‌ذِكْرُ فرح النجاشي بوقعة بدر رضي الله عنه

- ‌فَصْلٌ فِي وُصُولِ خَبَرِ مُصَابِ أَهْلِ بَدْرٍ إِلَى أَهَالِيهِمْ بِمَكَّةَ

- ‌فَصْلٌ فِي بَعْثِ قُرَيْشٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِدَاءِ أَسْرَاهُمْ

- ‌‌‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ

- ‌أسماء أهل بدر مرتبة على حروف المعجم

- ‌حَرْفُ الْأَلِفِ

- ‌حَرْفُ الْبَاءِ

- ‌حَرْفُ التَّاءِ

- ‌حَرْفُ الثَّاءِ

- ‌حَرْفُ الْجِيمِ

- ‌حَرْفُ الْحَاءِ

- ‌حَرْفُ الخاء

- ‌حَرْفُ الذَّالِ

- ‌حَرْفُ الرَّاءِ

- ‌حَرْفُ الزَّايِ

- ‌حَرْفُ السِّينِ

- ‌حَرْفُ الشِّينِ

- ‌حَرْفُ الصَّادِ

- ‌حَرْفُ الضَّادِ

- ‌حَرْفُ الطَّاءِ

- ‌حَرْفُ الظَّاءِ

- ‌حَرْفُ الْعَيْنِ

- ‌حَرْفُ الْغَيْنِ

- ‌حَرْفُ الْفَاءِ

- ‌حَرْفُ الْقَافِ

- ‌حَرْفُ الْكَافِ

- ‌حَرْفُ الْمِيمِ

- ‌حَرْفُ النُّونِ

- ‌حَرْفُ الْهَاءِ

- ‌حَرْفُ الْوَاوِ

- ‌حَرْفُ الْيَاءِ

- ‌بَابُ الْكُنَى

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي فَضْلِ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ

- ‌فصل في قدوم زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُهَاجِرَةً مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ بِشَهْرٍ بِمُقْتَضَى مَا كَانَ شَرَطَ زَوْجُهَا أَبُو الْعَاصِ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَمَا تَقَدَّمَ

- ‌فَصْلٌ فِيمَا قِيلَ مِنَ الْأَشْعَارِ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ الْعُظْمَى

- ‌فَصْلٌ

- ‌فصل في غزوة بنى سليم في سَنَةَ ثِنْتَيْنِ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ

- ‌فصل غزوة السويق فِي ذِي الْحِجَّةِ مِنْهَا وَهِيَ غَزْوَةُ قَرْقَرَةِ الْكُدْرِ

- ‌فَصْلٌ

- ‌فَصْلٌ فِي ذكر جمل من الحوادث في سَنَةَ ثِنْتَيْنِ مِنَ الْهِجْرَةِ

الفصل: ‌باب بدء الهجرة من مكة إلى المدينة

زَيْدٍ بَدْرِيٌّ، وَعُقْبَةُ بْنُ وَهْبِ بْنِ كَلْدَةَ حَلِيفٌ لَهُمْ بَدْرِيٌّ وَكَانَ مِمَّنْ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ فَأَقَامَ بِهَا حَتَّى هَاجَرَ مِنْهَا فَهُوَ مِمَّنْ يُقَالُ لَهُ مُهَاجِرِيٌّ أَنْصَارِيٌّ أَيْضًا، وَسَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ بْنِ دُلَيْمٍ أَحَدُ النُّقَبَاءِ، وَالْمُنْذِرُ بْنُ عَمْرٍو نَقِيبٌ بَدْرِيٌّ أُحُدِيٌّ وَقُتِلَ يَوْمَ بِئْرِ مَعُونَةَ أَمِيرًا وَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ أعتق لِيَمُوتَ، وَأَمَّا الْمَرْأَتَانِ فَأُمُّ عُمَارَةَ نَسِيبَةُ بِنْتُ كَعْبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفِ بْنِ مَبْذُولِ بْنِ عَمْرِو بْنِ غَنْمِ بْنِ مَازِنِ بْنِ النَّجَّارِ الْمَازِنِيَّةُ النَّجَّارِيَّةُ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَدْ كَانَتْ شَهِدَتِ الْحَرْبَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَشَهِدَتْ مَعَهَا أُخْتُهَا وَزَوْجُهَا زيد بن عاصم بن كعب، وابناها خبيب وعبد الله، وابنها خبيب هَذَا هُوَ الَّذِي قَتَلَهُ مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ حِينَ جَعَلَ يَقُولُ لَهُ أَتَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ؟ فَيَقُولُ نَعَمْ، فَيَقُولُ أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ فَيَقُولُ لَا أَسْمَعُ فَجَعَلَ يُقَطِّعُهُ عُضْوًا عَضْوًا حَتَّى مَاتَ فِي يَدَيْهِ لَا يَزِيدُهُ عَلَى ذَلِكَ، فَكَانَتْ أُمُّ عُمَارَةَ مِمَّنْ خَرَجَ إلى اليمامة مع المسلمين حين قتل مسيلمة ورجعت وبها اثنى عَشَرَ جُرْحًا مِنْ بَيْنِ طَعْنَةٍ وَضَرْبَةٍ رضي الله عنها، والأخرى أم منيع أسماء ابنة عَمْرِو بْنِ عَدِيِّ بْنِ نَابِي بْنِ عَمْرِو بن سواد ابن غَنْمِ بْنِ كَعْبِ بْنِ سَلَمَةَ رضي الله عنها.

[باب الهجرة]

‌بَابُ بَدْءِ الْهِجْرَةِ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْمَدِينَةِ

قَالَ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ. قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَوْمَئِذٍ بِمَكَّةَ- لِلْمُسْلِمِينَ: «قَدْ أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ، أُرِيتُ سَبْخَةً ذَاتَ نَخْلٍ بَيْنَ لَابَتَيْنِ» فَهَاجَرَ مَنْ هَاجَرَ قِبَلَ الْمَدِينَةِ حِينَ ذَكَرَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَرَجَعَ إِلَى الْمَدِينَةِ مَنْ كَانَ هَاجَرَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَقَالَ أَبُو مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:«رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أُهَاجِرُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى أَرْضٍ بِهَا نَخْلٌ فَذَهَبَ وَهْلِي إِلَى أَنَّهَا الْيَمَامَةُ أَوْ هَجَرُ، فَإِذَا هِيَ الْمَدِينَةُ يَثْرِبُ» وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ أَسْنَدَهُ الْبُخَارِيُّ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ بِطُولِهِ. وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ. زَادَ مُسْلِمٌ وَعَبْدُ اللَّهِ بن مراد كلاهما عن أبى أُسَامَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ جَدِّهِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ الْأَشْعَرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الحديث بطوله.

قَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْقَاسِمُ بْنُ الْقَاسِمِ السَّيَّارِيُّ بِمَرْوَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِلَالٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ عُبَيْدٍ الْكِنْدِيُّ عَنْ غَيْلَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعَامِرِيِّ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ عَنْ جَرِيرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَيَّ هَؤُلَاءِ الْبِلَادِ الثَّلَاثِ نَزَلْتَ فَهِيَ دَارُ هِجْرَتِكَ، الْمَدِينَةَ، أَوِ الْبَحْرَيْنِ، أَوْ قِنَّسْرِينَ» قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ: ثُمَّ عَزَمَ لَهُ عَلَى الْمَدِينَةِ فَأَمَرَ أَصْحَابَهُ بِالْهِجْرَةِ إِلَيْهَا.

ص: 168

هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ جِدًّا وَقَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الْمَنَاقِبِ مِنْ جَامِعِهِ مُنْفَرِدًا بِهِ عَنْ أَبِي عَمَّارٍ الْحُسَيْنِ بْنِ حُرَيْثٍ عَنِ الْفَضْلِ بْنِ مُوسَى عَنْ عِيسَى بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ غَيْلَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعَامِرِيِّ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ بْنِ عُمَرَ بْنِ جَرِيرٍ عَنْ جَرِيرٍ. قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَيَّ أَيَّ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ نَزَلْتَ فَهِيَ دَارُ هِجْرَتِكَ، الْمَدِينَةَ، أَوِ الْبَحْرَيْنِ، أَوْ قِنَّسْرِينَ» ثُمَّ قَالَ: غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ الْفَضْلِ تَفَرَّدَ بِهِ أَبُو عَمَّارٍ.

قُلْتُ: وَغَيْلَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْعَامِرِيُّ هَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: رَوَى عَنْ أَبِي زُرْعَةَ حديثا منكرا في الهجرة والله أعلم.

قال ابْنُ إِسْحَاقَ: لَمَّا أَذِنَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْحَرْبِ بِقَوْلِهِ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ، الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا الله 22: 39- 40 الآية. فلما أذن الله في الحرب وتابعه هَذَا الْحَيُّ مِنَ الْأَنْصَارِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالنُّصْرَةِ لَهُ، وَلِمَنِ اتَّبَعَهُ وَأَوَى إِلَيْهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ.

أَمْرَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَصْحَابَهُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مِنْ قَوْمِهِ وَمَنْ مَعَهُ بِمَكَّةَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِالْخُرُوجِ إِلَى الْمَدِينَةِ وَالْهِجْرَةِ إِلَيْهَا وَاللُّحُوقِ بِإِخْوَانِهِمْ مِنَ الْأَنْصَارِ وَقَالَ: «إِنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَ لَكُمْ إِخْوَانًا وَدَارًا تَأْمَنُونَ بها» فخرجوا إليها أَرْسَالًا وَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ يَنْتَظِرُ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ رَبُّهُ فِي الْخُرُوجِ مِنْ مَكَّةَ وَالْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ، أَبُو سَلَمَةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْأَسَدِ بْنِ هِلَالِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ مَخْزُومٍ وَكَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَيْهَا قَبْلَ بَيْعَةِ الْعَقَبَةِ بِسَنَةٍ حِينَ آذَتْهُ قُرَيْشٌ مَرْجِعَهُ مِنَ الْحَبَشَةِ فَعَزَمَ عَلَى الرُّجُوعِ إِلَيْهَا ثُمَّ بَلَغَهُ أَنَّ بِالْمَدِينَةِ لَهُمْ إِخْوَانًا فَعَزَمَ إِلَيْهَا.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي أَبِي عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَدَّتِهِ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: لَمَّا أَجْمَعَ أَبُو سَلَمَةَ الْخُرُوجَ إِلَى الْمَدِينَةِ رَحَّلَ لِي بَعِيرَهُ ثُمَّ حَمَلَنِي عَلَيْهِ وَجَعَلَ مَعِي ابْنِي سَلَمَةَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ فِي حِجْرِي، ثُمَّ خَرَجَ يَقُودُ بِي بِعِيرَهُ، فَلَمَّا رَأَتْهُ رِجَالُ بَنِي الْمُغِيرَةِ قَامُوا إِلَيْهِ فَقَالُوا هَذِهِ نَفْسُكَ غَلَبْتَنَا عَلَيْهَا، أَرَأَيْتَ صَاحِبَتَنَا هَذِهِ عَلَامَ نَتْرُكُكَ تَسِيرُ بِهَا فِي الْبِلَادِ؟ قَالَتْ فَنَزَعُوا خِطَامَ الْبَعِيرِ مِنْ يَدِهِ وَأَخَذُونِي مِنْهُ، قَالَتْ وَغَضِبَ عِنْدَ ذَلِكَ بَنُو عَبْدِ الْأَسَدِ رَهْطُ أَبِي سلمة وقالوا وَاللَّهِ لَا نَتْرُكُ ابْنَنَا عِنْدَهَا إِذْ نَزَعْتُمُوهَا مِنْ صَاحِبِنَا، قَالَتْ فَتَجَاذَبُوا ابْنِي سَلَمَةَ بَيْنَهُمْ حَتَّى خَلَعُوا يَدَهُ، وَانْطَلَقَ بِهِ بَنُو عَبْدُ الْأَسَدِ وَحَبَسَنِي بَنُو الْمُغِيرَةِ عِنْدَهُمْ وَانْطَلَقَ زَوْجِي أَبُو سَلَمَةَ إِلَى الْمَدِينَةِ، قَالَتْ فَفُرِّقَ بَيْنِي وَبَيْنَ ابْنِي وَبَيْنَ زَوْجِي. قَالَتْ فَكُنْتُ أَخْرُجُ كُلَّ غَدَاةٍ فَأَجْلِسُ فِي الْأَبْطَحِ فَمَا أَزَالُ أَبْكِي حَتَّى أُمْسِيَ- سَنَةً أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا- حَتَّى مَرَّ بِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَمِّي أَحَدُ بَنِي الْمُغِيرَةِ فَرَأَى مَا بِي فَرَحِمَنِي، فقال لبني المغيرة: ألا تخرجون من هَذِهِ الْمِسْكِينَةَ؟ فَرَّقْتُمْ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا وَبَيْنَ وَلَدِهَا؟ قَالَتْ فَقَالُوا لِي الْحَقِي

ص: 169

بِزَوْجِكِ إِنْ شِئْتِ. قَالَتْ فَرَدَّ بَنُو عَبْدِ الْأَسَدِ إِلَيَّ عِنْدَ ذَلِكَ ابْنِي، قَالَتْ فَارْتَحَلْتُ بَعِيرِي، ثُمَّ أَخَذْتُ ابْنِي فَوَضَعْتُهُ فِي حِجْرِي، ثُمَّ خَرَجْتُ أُرِيدُ زَوْجِي بِالْمَدِينَةِ، قَالَتْ وَمَا مَعِي أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ. حَتَّى إِذَا كُنْتُ بِالتَّنْعِيمِ لَقِيتُ عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ أَخَا بَنِي عَبْدِ الدَّارِ فَقَالَ إِلَى أَيْنَ يَا ابْنَةَ أَبِي أُمَيَّةَ؟ قُلْتُ أُرِيدُ زَوْجِي بِالْمَدِينَةِ، قَالَ أَوْ مَا مَعَكِ أَحَدٌ؟ قُلْتُ مَا مَعِي أَحَدٌ إِلَّا اللَّهُ وبنى هَذَا، فَقَالَ وَاللَّهِ مَا لَكِ مِنْ مَتْرَكٍ. فاخذ بخطإ من البعير فانطلق معى يهوى بى فو الله مَا صَحِبْتُ رَجُلًا مِنَ الْعَرَبِ قَطُّ أَرَى أَنَّهُ كَانَ أَكْرَمَ مِنْهُ، كَانَ إِذَا بَلَغَ الْمَنْزِلَ أَنَاخَ بِي ثُمَّ اسْتَأْخَرَ عَنِّي حَتَّى إِذَا نَزَلْتُ اسْتَأْخَرَ بِبَعِيرِي فَحَطَّ عَنْهُ ثُمَّ قَيَّدَهُ فِي الشَّجَرِ ثُمَّ تَنَحَّى إِلَى شَجَرَةٍ فَاضْطَجَعَ تَحْتَهَا، فَإِذَا دَنَا الرَّوَاحُ قَامَ إِلَى بَعِيرِي فَقَدَّمَهُ فَرَحَّلَهُ ثُمَّ اسْتَأْخَرَ عَنِّي وَقَالَ ارْكَبِي فَإِذَا رَكِبْتُ فَاسْتَوَيْتُ عَلَى بَعِيرِي أَتَى فَأَخَذَ بِخِطَامِهِ فَقَادَنِي حَتَّى يَنْزِلَ بِي، فَلَمْ يَزَلْ يَصْنَعُ ذَلِكَ بِي حَتَّى أَقْدَمَنِي الْمَدِينَةَ فلما نظر إلى قرية بنى عمرو ابن عَوْفٍ بِقُبَاءٍ قَالَ: زَوْجُكِ فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ- وَكَانَ أَبُو سَلَمَةَ بِهَا نَازِلًا- فَادْخُلِيهَا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ. ثُمَّ انْصَرَفَ رَاجِعًا إِلَى مَكَّةَ، فَكَانَتْ تَقُولُ: مَا أَعْلَمُ أَهْلَ بَيْتٍ فِي الْإِسْلَامِ أَصَابَهُمْ مَا أَصَابَ آلَ أَبِي سَلَمَةَ، وَمَا رَأَيْتُ صَاحِبًا قَطُّ كَانَ أَكْرَمَ مِنْ عُثْمَانَ بْنِ طَلْحَةَ، أَسْلَمَ عُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْعَبْدَرِيُّ هَذَا بَعْدَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَهَاجَرَ هُوَ وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ مَعًا، وَقُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ أَبُوهُ وَإِخْوَتُهُ، الْحَارِثُ وَكِلَابٌ وَمُسَافِعٌ، وَعَمُّهُ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ. وَدَفَعَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْفَتْحِ وَإِلَى ابْنِ عَمِّهِ شَيْبَةَ وَالِدِ بَنِي شَيْبَةَ مَفَاتِيحَ الْكَعْبَةِ أَقَرَّهَا عَلَيْهِمْ فِي الْإِسْلَامِ كَمَا كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَنَزَلَ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها 4: 58 الْآيَةَ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ كَانَ أَوَّلَ مَنْ قَدِمَهَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ بَعْدَ أَبِي سَلَمَةَ عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ حَلِيفُ بَنِي عَدِيٍّ، مَعَهُ امْرَأَتُهُ لَيْلَى بِنْتُ أَبِي حَثْمَةَ الْعَدَوِيَّةُ ثُمَّ عبد اللَّهِ بْنُ جَحْشِ بْنِ رِئَابِ بْنِ يَعْمَرَ بن صبرة ابن مُرَّةَ بْنِ كَبِيرِ بْنِ غَنْمِ بْنِ دُودَانَ بْنِ أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ حَلِيفُ بَنِي أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ احْتَمَلَ بِأَهْلِهِ وَبِأَخِيهِ عَبْدٍ أَبِي أَحْمَدَ، اسْمُهُ عَبْدٌ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ وَقِيلَ ثُمَامَةُ. قَالَ السُّهَيْلِيُّ: وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ.

وَكَانَ أَبُو أَحْمَدَ رَجُلًا ضَرِيرَ الْبَصَرِ وَكَانَ يَطُوفُ مَكَّةَ أَعْلَاهَا وَأَسْفَلَهَا بِغَيْرِ قَائِدٍ، وَكَانَ شَاعِرًا وَكَانَتْ عِنْدَهُ الْفَارِعَةُ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ، وَكَانَتْ أُمُّهُ أُمَيْمَةَ بِنْتَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ. فَغُلِقَتْ دَارُ بَنِي جَحْشٍ هِجْرَةً، فَمَرَّ بِهَا عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ وَالْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَأَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ وَهُمْ مُصْعِدُونَ إِلَى أَعْلَى مَكَّةَ، فَنَظَرَ إِلَيْهَا عُتْبَةُ تَخْفِقُ أَبْوَابُهَا يَبَابًا لَيْسَ بِهَا سَاكِنٌ، فَلَمَّا رَآهَا كَذَلِكَ تَنَفَّسَ الصُّعَدَاءَ وَقَالَ:

وَكُلُّ دَارٍ وَإِنْ طَالَتْ سَلَامَتُهَا

يَوْمًا سَتُدْرِكُهَا النَّكْبَاءُ والجوب

قال ابن هشام: وهذا البيت لأبي دواد الْإِيَادِيِّ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ. قَالَ السُّهَيْلِيُّ: وَاسْمُ أبى دواد

ص: 170

حنظلة بن شرقى وقيل حارثة. ثُمَّ قَالَ عُتْبَةُ: أَصْبَحَتْ دَارُ بَنِي جَحْشٍ خَلَاءً مِنْ أَهْلِهَا. فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ: وَمَا تبكى عليه من فل بن فل [1] ثُمَّ قَالَ- يَعْنِي لِلْعَبَّاسِ- هَذَا مِنْ عَمَلِ ابْنِ أَخِيكَ، هَذَا فَرَّقَ جَمَاعَتَنَا، وَشَتَّتَ أَمْرَنَا، وَقَطَّعَ بَيْنَنَا.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَنَزَلَ أَبُو سَلَمَةَ وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ وَبَنُو جَحْشٍ بِقُبَاءَ عَلَى مُبَشِّرِ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ ثُمَّ قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ أَرْسَالًا. قَالَ وَكَانَ بَنُو غَنْمِ بْنِ دُودَانَ أَهْلَ إِسْلَامٍ قَدْ أَوْعَبُوا إِلَى الْمَدِينَةِ هجرة رجالهم ونساؤهم وهم عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ، وَأَخُوهُ أَبُو أَحْمَدَ، وَعُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ، وَشُجَاعٌ، وَعُقْبَةُ ابْنَا وَهْبٍ، وأربد بن جميرة [2] وَمُنْقِذُ بْنُ نُبَاتَةَ، وَسَعِيدُ بْنُ رُقَيْشٍ، وَمُحْرِزُ بن نضلة، وزيد بْنُ رُقَيْشٍ، وَقَيْسُ بْنُ جَابِرٍ، وَعَمْرُو بْنُ مِحْصَنٍ، وَمَالِكُ بْنُ عَمْرٍو، وَصَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، وَثَقْفُ بْنُ عَمْرٍو وَرَبِيعَةُ بْنُ أَكْثَمَ، وَالزُّبَيْرُ بْنُ عُبَيْدَةَ، وَتَمَّامُ بْنُ عُبَيْدَةَ، وَسَخْبَرَةُ بْنُ عُبَيْدَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ، وَمِنْ نِسَائِهِمْ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ، وَحَمْنَةُ بِنْتُ جحش، وأم حبيب بنت جحش، وجدامة بَنَتُ جَنْدَلٍ، وَأُمُّ قَيْسٍ بِنْتُ مِحْصَنٍ، وَأُمُّ حَبِيبٍ بِنْتُ ثُمَامَةَ، وَآمِنَةُ بِنْتُ رُقَيْشٍ، وَسَخْبَرَةُ بِنْتُ تَمِيمٍ. قَالَ أَبُو أَحْمَدَ بْنِ جَحْشٍ فِي هِجْرَتِهِمْ إِلَى الْمَدِينَةِ:

وَلَمَّا رَأَتْنِي أُمُّ أَحْمَدَ غَادِيًا

بِذِمَّةِ مَنْ أَخْشَى بِغَيْبٍ وَأَرْهَبُ

تَقُولُ فَإِمَّا كُنْتَ لَا بُدَّ فَاعِلًا

فَيَمِّمْ بنا البلدان ولننأ يَثْرِبُ

فَقُلْتُ لَهَا مَا يَثْرِبٌ بِمَظِنَّةٍ [3]

وَمَا يَشَأِ الرَّحْمَنُ فَالْعَبْدُ يَرْكَبُ

إِلَى اللَّهِ وَجْهِي وَالرَّسُولِ وَمَنْ يُقِمْ

إِلَى اللَّهِ يَوْمًا وَجْهَهُ لَا يُخَيَّبُ

فَكَمْ قَدْ تَرَكْنَا مِنْ حَمِيمٍ مُنَاصِحٍ

وَنَاصِحَةٍ تَبْكِي بِدَمْعٍ وَتَنْدِبُ

تَرَى أَنَّ وترا نائيا عَنْ بِلَادِنَا

وَنَحْنُ نَرَى أَنَّ الرَّغَائِبَ نَطْلُبُ

دَعَوْتُ بَنِي غَنْمٍ لِحَقْنِ دِمَائِهِمُ

وَلِلْحَقِّ لَمَّا لَاحَ لِلنَّاسِ مَلْحَبُ

أَجَابُوا بِحَمْدِ اللَّهِ لَمَّا دَعَاهُمُ

إِلَى الْحَقِّ دَاعٍ وَالنَّجَاحِ فَأَوْعَبُوا

وَكُنَّا وأصحابا لَنَا فَارَقُوا الْهُدَى

أَعَانُوا عَلَيْنَا بِالسِّلَاحِ وَأَجْلَبُوا

كَفَوْجَيْنِ أَمَّا مِنْهُمَا فَمُوَفَّقٌ

عَلَى الْحَقِّ مَهْدِيٌّ وَفَوْجٌ مُعَذَّبُ

طَغَوْا وَتَمَنَّوْا كِذْبَةً وَأَزَلَّهُمْ

عَنِ الْحَقِّ إِبْلِيسٌ فَخَابُوا وَخَيَّبُوا

وَرِعْنَا إِلَى قَوْلِ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ

فَطَابَ وُلَاةُ الْحَقِّ مَنَّا وَطَيَّبُوا

[1] قال ابن هشام: الفل الواحد. واستشهد ببيت لبيد بن ربيعة:

كل بنى حرة مصيرهم

فل وإن أكثرت من العدد

[2]

قال ابن هشام: ويقال ابن حميرة.

[3]

في ابن هشام: فقلت لها بل يثرب اليوم وجهنا.

ص: 171

تمتّ بِأَرْحَامٍ إِلَيْهِمْ قَرِيبَةٍ

وَلَا قُرْبَ بِالْأَرْحَامِ إِذْ لَا تُقَرَّبُ

فَأَيُّ ابْنِ أُخْتٍ بَعْدَنَا يَأْمَنَنَّكُمْ

وأية صهر بعد صهري يرقب

ستعلم يوما أينا إذ تزايلوا

وَزُيِّلَ أَمْرُ النَّاسِ لِلْحَقِّ أَصْوَبُ

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعَيَّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ حَتَّى قَدِمَا الْمَدِينَةَ. فَحَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أبيه. قال: اتعدنا لما أردت الْهِجْرَةَ إِلَى الْمَدِينَةِ أَنَا وَعَيَّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ وَهِشَامُ بْنُ الْعَاصِ، التَّنَاضِبَ مِنْ أَضَاةِ بَنِي غِفَارٍ فَوْقَ سَرِفَ، وَقُلْنَا أَيُّنَا لَمْ يُصْبِحْ عِنْدَهَا فَقَدْ حُبِسَ فَلْيَمْضِ صَاحِبَاهُ، قَالَ فَأَصْبَحْتُ أَنَا وَعَيَّاشٌ عِنْدَ التَّنَاضِبِ وَحُبِسَ هِشَامٌ وَفُتِنَ فَافْتَتَنَ، فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ نَزَلْنَا فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ بِقُبَاءَ، وَخَرَجَ أَبُو جَهْلِ بْنُ هِشَامٍ وَالْحَارِثُ بْنُ هِشَامٍ إِلَى عَيَّاشٍ- وَكَانَ ابْنَ عَمِّهِمَا وَأَخَاهُمَا لِأُمِّهِمَا- حَتَّى قَدِمَا الْمَدِينَةَ وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَكَّةَ، فَكَلَّمَاهُ وَقَالَا لَهُ إِنَّ أُمَّكَ قَدْ نَذَرَتْ أَنْ لَا يَمَسَّ رَأْسَهَا مُشْطٌ حَتَّى تَرَاكَ، وَلَا تَسْتَظِلَّ مِنْ شَمْسٍ حَتَّى تَرَاكَ، فَرَقَّ لَهَا فَقُلْتُ لَهُ إِنَّهُ وَاللَّهِ إِنْ يُرِيدُكَ الْقَوْمُ إِلَّا لِيَفْتِنُوكَ عَنْ دِينِكَ فاحذرهم، فو الله لَوْ قَدْ آذَى أُمَّكَ الْقَمْلُ لَامْتَشَطَتْ، وَلَوْ قد اشتد عليها حرمكة لَاسْتَظَلَّتْ. قَالَ فَقَالَ: أَبَرُّ قَسَمَ أُمِّي وَلِي هُنَالِكَ مَالٌ فَآخُذُهُ قَالَ قُلْتُ وَاللَّهِ إِنَّكَ لَتَعْلَمُ أَنِّي لَمِنْ أَكْثَرِ قُرَيْشٍ مَالًا، فَلَكَ نِصْفُ مَالِي وَلَا تَذْهَبْ مَعَهُمَا. قَالَ فَأَبَى عَلَيَّ إِلَّا أَنْ يَخْرُجَ مَعَهُمَا، فَلَمَّا أَبَى إلا ذلك قلت أما إذ فَعَلْتَ مَا فَعَلْتَ فَخُذْ نَاقَتِي هَذِهِ فَإِنَّهَا نَاقَةٌ نَجِيبَةٌ ذَلُولٌ فَالْزَمْ ظَهْرَهَا، فَإِنْ رَابَكَ مِنْ أَمْرِ الْقَوْمِ رَيْبٌ فَانْجُ عَلَيْهَا. فَخَرَجَ عَلَيْهَا مَعَهُمَا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِبَعْضِ الطَّرِيقِ قَالَ لَهُ أَبُو جَهْلٍ: يَا أَخِي وَاللَّهِ لَقَدِ اسْتَغْلَظْتُ بَعِيرِي هَذَا أَفَلَا تَعْقِبُنِي عَلَى نَاقَتِكَ هَذِهِ قَالَ بَلَى. فَأَنَاخَ وَأَنَاخَا لِيَتَحَوَّلَ عَلَيْهَا، فَلَمَّا اسْتَوَوْا بِالْأَرْضِ عَدَوَا عَلَيْهِ فَأَوْثَقَاهُ رِبَاطًا، ثُمَّ دَخَلَا بِهِ مَكَّةَ وَفَتَنَاهُ فَافْتَتَنَ. قَالَ عُمَرُ: فَكُنَّا نَقُولُ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِمَّنِ افْتَتَنَ تَوْبَةً. وَكَانُوا يَقُولُونَ ذَلِكَ لِأَنْفُسِهِمْ حَتَّى قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ وَأَنْزَلَ اللَّهُ قُلْ يَا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ، وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ، وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ 39: 53- 55 قال عمر: وكتبتها وَبَعَثْتُ بِهَا إِلَى هِشَامِ بْنِ الْعَاصِ. قَالَ هشام: فلما أتتنى جعلت اقرأها بذي طوى أصعد بها وَأُصَوِّبُ وَلَا أَفْهَمُهَا حَتَّى قُلْتُ: اللَّهمّ فَهِّمْنِيهَا، فَأَلْقَى اللَّهُ فِي قَلْبِي أَنَّهَا إِنَّمَا أُنْزِلَتْ فِينَا وَفِيمَا كُنَّا نَقُولُ فِي أَنْفُسِنَا، وَيُقَالُ فِينَا، قَالَ فَرَجَعْتُ إِلَى بَعِيرِي فَجَلَسْتُ عَلَيْهِ فَلَحِقْتُ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْمَدِينَةِ. وَذَكَرَ ابْنُ هِشَامٍ أَنَّ الَّذِي قَدِمَ بهشام بن العاص، وعياش ابن أبى ربيعة إلى المدينة، الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ سَرَقَهُمَا مِنْ مَكَّةَ وَقِدَمَ بها يَحْمِلُهُمَا عَلَى بَعِيرِهِ وَهُوَ مَاشٍ مَعَهُمَا، فَعَثَرَ فَدَمِيَتْ أُصْبُعُهُ فَقَالَ:

ص: 172

هَلْ أَنْتِ إِلَّا أُصْبُعٌ دَمِيتِ

وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا لَقِيتِ

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ أَنْبَأَنَا أَبُو إِسْحَاقَ سَمِعَ الْبَرَاءَ. قَالَ: أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْنَا عَمَّارٌ وَبِلَالٌ. وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ. قَالَ: أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَابْنُ أُمِّ مكتوم وكانا يقرءان النَّاسَ، فَقَدِمَ بِلَالٌ وَسَعْدٌ وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ، ثُمَّ قَدِمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي عِشْرِينَ نفرا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. فَمَا رَأَيْتُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ فَرِحُوا بِشَيْءٍ فَرَحَهُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى جَعَلَ الْإِمَاءُ يَقُلْنَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَمَا قَدِمَ حَتَّى قَرَأْتُ سبح اسم ربك الأعلى فِي سُورٍ مِنَ الْمُفَصَّلِ. وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ إِسْرَائِيلَ عَنْ أَبِي إسحاق عن البراء ابن عَازِبٍ بِنَحْوِهِ وَفِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ هَاجَرَ قَبْلَ قُدُومِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ، وَقَدْ زَعَمَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ إِنَّمَا هَاجَرَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَالصَّوَابُ مَا تَقَدَّمَ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَلَمَّا قَدِمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ الْمَدِينَةَ هُوَ وَمَنْ لَحِقَ بِهِ مِنْ أَهْلِهِ وَقَوْمِهِ وَأَخُوهُ زيد ابن الْخَطَّابِ وَعَمْرٌو وَعَبْدُ اللَّهِ ابْنَا سُرَاقَةَ بْنِ الْمُعْتَمِرِ وَخُنَيْسُ بْنُ حُذَافَةَ السَّهْمِيُّ زَوْجُ ابْنَتِهِ حَفْصَةَ وَابْنُ عَمِّهِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ وَوَاقِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التَّمِيمِيُّ حَلِيفٌ لَهُمْ وَخَوْلِيُّ بْنُ أَبِي خَوْلِيٍّ وَمَالِكُ بْنُ أَبِي خَوْلِيٍّ حَلِيفَانِ لَهُمْ مِنْ بَنِي عِجْلٍ وَبَنُو الْبُكَيْرِ إِيَاسٌ وَخَالِدٌ وَعَاقِلٌ وَعَامِرٌ وَحُلَفَاؤُهُمْ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ لَيْثٍ، فَنَزَلُوا عَلَى رَفَاعَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ بْنِ زبير فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ بِقُبَاءَ.

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ تَتَابَعَ الْمُهَاجِرُونَ رضي الله عنهم فَنَزَلَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ وَصُهَيْبُ بْنُ سِنَانٍ عَلَى خُبَيْبِ بْنِ إِسَافٍ أَخِي بَلْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ بِالسَّنْحِ وَيُقَالُ بَلْ نَزَلَ طلحة على أسعد ابن زُرَارَةَ.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَذُكِرَ لِي عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ أَنَّهُ قَالَ بَلَغَنِي أَنَّ صُهَيْبًا حِينَ أَرَادَ الْهِجْرَةَ قَالَ لَهُ كُفَّارُ قُرَيْشٍ: أَتَيْتَنَا صُعْلُوكًا حَقِيرًا فَكَثُرَ مَالُكَ عِنْدَنَا وَبَلَغْتَ الَّذِي بَلَغْتَ، ثُمَّ تُرِيدُ أَنْ تَخْرُجَ بِمَالِكِ وَنَفْسِكَ وَاللَّهِ لَا يَكُونُ ذَلِكَ. فَقَالَ لَهُمْ صُهَيْبٌ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلْتُ لَكُمْ مَالِي أَتُخَلُّونَ سَبِيلِي؟

قَالُوا نَعَمْ! قَالَ فَإِنِّي قَدْ جَعَلْتُ لَكُمْ مَالِي. فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «رَبِحَ صُهَيْبٌ، رَبِحَ صُهَيْبٌ» وَقَدْ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: حَدَّثَنَا الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ- إِمْلَاءً- أَخْبَرَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مِيكَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدَانُ الْأَهْوَازِيُّ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الجريش حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ حَدَّثَنَا حُصَيْنُ بْنُ حُذَيْفَةَ بْنِ صَيْفِيِّ بْنِ صُهَيْبٍ حَدَّثَنِي أَبِي وَعُمُومَتِي عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ صُهَيْبٍ. قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أُرِيتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ سَبْخَةً بَيْنَ ظَهَرَانِي حَرَّتَيْنِ، فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ هَجَرَ أَوْ تَكُونُ يَثْرِبَ» قَالَ وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَدِينَةِ وَخَرَجَ مَعَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَكُنْتُ

ص: 173