الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ فَصَارَتْ قَارِنَةً-: يَكْفِيكِ طَوَافُكِ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِحَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ. وَعِنْدَ أَصْحَابِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّ قَوْلَ جَابِرٍ وَأَصْحَابِهِ عَامٌّ فِي الْقَارِنِينَ وَالْمُتَمَتِّعِينَ. وَلِهَذَا نَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَلَى أَنَّ الْمُتَمَتِّعَ يَكْفِيهِ طَوَافٌ وَاحِدٌ عَنْ حَجِّهِ وَعُمْرَتِهِ وَإِنَّ تَحَلَّلَ بَيْنَهُمَا تَحَلَّلَ. وَهُوَ قَوْلٌ غَرِيبٌ مَأْخَذُهُ ظَاهِرُ عُمُومِ الْحَدِيثِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْمُتَمَتِّعِ كَمَا قَالَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ طَوَافَانِ وَسَعْيَانِ حَتَّى طَرَدَتِ الْحَنَفِيَّةُ ذَلِكَ فِي الْقَارِنِ وَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ مَذْهَبِهِمْ أَنَّهُ يَطُوفُ طَوَافَيْنِ وَيَسْعَى سَعْيَيْنِ وَنَقَلُوا ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ مَوْقُوفًا. وَرُوِيَ عَنْهُ مَرْفُوعًا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ عِنْدَ الطَّوَافِ وَبَيَّنَّا أَنَّ أَسَانِيدَ ذَلِكَ ضَعِيفَةٌ مُخَالِفَةٌ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَاللَّهُ أعلم.
فصل
ثم رجع عليه السلام إِلَى مِنًى بَعْدَ مَا صَلَّى الظُّهْرَ بِمَكَّةَ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ جَابِرٍ. وَقَالَ: ابْنُ عُمَرَ رَجَعَ فَصَلَّى الظُّهْرَ بِمِنًى رَوَاهُمَا مُسْلِمٌ كَمَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِوُقُوعِ ذَلِكَ بِمَكَّةَ وَبِمِنًى وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَتَوَقَّفَ ابْنُ حَزْمٍ فِي هَذَا الْمَقَامِ فَلَمْ يَجْزِمْ فِيهِ بِشَيْءٍ وَهُوَ مَعْذُورٌ لِتَعَارُضِ النَّقْلَيْنِ الصَّحِيحَيْنِ فِيهِ فاللَّه أَعْلَمُ. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ أَفَاضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ آخِرِ يَوْمِهِ حِينَ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى مِنًى فَمَكَثَ بِهَا لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ يَرْمِي الْجَمَرَاتِ إِذَا زَالَتِ الشمس كل جمرة بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة. ورواه أَبُو دَاوُدَ مُنْفَرِدًا بِهِ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أن ذهابه عليه السلام إِلَى مَكَّةَ يَوْمَ النَّحْرِ كَانَ بَعْدَ الزَّوَالِ. وَهَذَا يُنَافِي حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ قَطْعًا وَفِي منافاته لحديث جابر نظر والله أعلم.
فصل
وَقَدْ خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْيَوْمِ الشَّرِيفِ خُطْبَةً عَظِيمَةً تَوَاتَرَتْ بِهَا الْأَحَادِيثُ وَنَحْنُ نَذْكُرُ مِنْهَا مَا يَسَّرَهُ اللَّهُ عز وجل. قَالَ الْبُخَارِيُّ بَابُ الْخُطْبَةِ أَيَّامَ مِنًى. حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ثَنَا فُضَيْلُ بْنُ غَزْوَانَ ثَنَا عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ النَّاسَ يَوْمَ النَّحْرِ. فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ قَالُوا يَوْمٌ حَرَامٌ قَالَ: فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟ قَالُوا بَلَدٌ حَرَامٌ.
قَالَ: فَأَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟ قَالُوا شَهْرٌ حَرَامٌ. قَالَ: فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا. قَالَ فَأَعَادَهَا مِرَارًا ثُمَّ رَفَعَ رأسه فقال: اللَّهمّ هل بلغت اللَّهمّ قد بلغت قال: ابن عباس فو الّذي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهَا لِوَصِيَّتُهُ إِلَى أُمَّتِهِ- فَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ. وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنِ الْفَلَّاسِ عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ بِهِ. وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَقَالَ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ثَنَا أَبُو عَامِرٍ ثَنَا قُرَّةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ