الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
قَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ: ثُمَّ اسْتَتَبَّ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَفَرُهُ وَأَجْمَعَ السَّيْرَ فَلَمَّا خَرَجَ يَوْمَ الْخَمِيسِ ضَرَبَ عَسْكَرَهُ عَلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ وَمَعَهُ زِيَادَةٌ عَلَى ثَلَاثِينَ أَلْفًا مِنَ النَّاسِ، وَضَرَبَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ عَدُوُّ اللَّهِ عَسْكَرَهُ أَسْفَلَ مِنْهُ- وَمَا كَانَ فِيمَا يَزْعُمُونَ بِأَقَلِّ الْعَسْكَرَيْنِ- فَلَمَّا سَارَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَخَلَّفَ عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ فِي طَائِفَةٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَأَهْلِ الرَّيْبِ. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَاسْتَخْلَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمَدِينَةِ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ الْأَنْصَارِيَّ قَالَ وَذَكَرَ الدراوَرْديّ أَنَّهُ اسْتَخْلَفَ عَلَيْهَا عَامَ تَبُوكَ سِبَاعَ بْنَ عُرْفُطَةَ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَخَلَّفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَى أَهْلِهِ وَأَمَرَهُ بِالْإِقَامَةِ فِيهِمْ فَأَرْجَفَ بِهِ الْمُنَافِقُونَ وَقَالُوا مَا خَلَّفَهُ إِلَّا اسْتِثْقَالًا لَهُ وَتَخَفُّفًا مِنْهُ فَلَمَّا قَالُوا ذَلِكَ أَخَذَ عَلِيٌّ سِلَاحَهُ ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى لَحِقَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ نَازِلٌ بِالْجُرْفِ فَأَخْبَرَهُ بِمَا قَالُوا فَقَالَ «كَذَبُوا وَلَكِنِّي خَلَّفْتُكَ لِمَا تَرَكْتُ وَرَائِي فَارْجِعْ فَاخْلُفْنِي فِي أَهْلِي وَأَهْلِكَ أَفَلَا تَرْضَى يَا عَلِيُّ أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي» فَرَجَعَ عَلِيٌّ وَمَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَفَرِهِ. ثُمَّ قال ابن إسحاق: حدثني محمد ابن طَلْحَةَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُكَانَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ سَعْدٍ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لِعَلِيٍّ هَذِهِ الْمَقَالَةَ. وَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهِ بِهِ. وَقَدْ قَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الْحَكَمِ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُخَلِّفُنِي فِي النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ؟ فَقَالَ «أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى غَيْرَ أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي» . وَأَخْرَجَاهُ مِنْ طُرُقٍ عَنْ شُعْبَةَ نَحْوَهُ. وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ شُعْبَةَ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ عَنْ بُكَيْرِ بْنِ مِسْمَارٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أبيه سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لَهُ- وَخَلَّفَهُ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ- فَقَالَ عَلِيٌّ يَا رَسُولَ اللَّهِ تُخَلِّفُنِي مَعَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ؟ فَقَالَ «يَا عَلِيُّ أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي» ورواه مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ قُتَيْبَةَ: زَادَ مُسْلِمٌ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ.
كِلَاهُمَا عَنْ حَاتِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بِهِ. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: ثُمَّ إِنَّ أَبَا خَيْثَمَةَ رَجَعَ بَعْدَ مَا سَارَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيَّامًا إِلَى أَهْلِهِ فِي يَوْمٍ حَارٍّ فَوَجَدَ امْرَأَتَيْنِ لَهُ فِي عَرِيشَيْنِ لَهُمَا فِي حَائِطِهِ قَدْ رَشَّتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَرِيشَهَا وَبَرَّدَتْ فِيهِ مَاءً وَهَيَّأَتْ لَهُ فِيهِ طَعَامًا فَلَمَّا دَخَلَ قَامَ عَلَى بَابِ الْعَرِيشِ فَنَظَرَ إِلَى امْرَأَتَيْهِ وَمَا صَنَعَتَا لَهُ فَقَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الضِّحِّ وَالرِّيحِ وَالْحَرِّ وَأَبُو خَيْثَمَةَ فِي ظِلٍّ بَارِدٍ وَطَعَامٍ مُهَيَّأٍ وَامْرَأَةٍ حَسْنَاءَ فِي مَالِهِ مُقِيمٌ مَا هَذَا بِالنَّصَفِ
وَاللَّهِ لَا أَدْخُلُ عَرِيشَ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا حَتَّى أَلْحَقَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَهَيِّئَا زَادًا فَفَعَلَتَا ثُمَّ قَدَّمَ نَاضِحَهُ فَارْتَحَلَهُ ثُمَّ خَرَجَ فِي طَلَبِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَدْرَكَهُ حِينَ نَزَلَ تبوك، وكان أدرك أبا خيثمة عمير ابن وَهْبٍ الْجُمَحِيُّ فِي الطَّرِيقِ يَطْلُبُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَرَافَقَا حَتَّى إِذَا دَنَوْا مِنْ تَبُوكَ قَالَ أَبُو خَيْثَمَةَ لِعُمَيْرِ بْنِ وَهْبٍ إِنَّ لِي ذَنْبًا فَلَا عَلَيْكَ أَنْ تَخَلَّفَ عَنِّي حَتَّى أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَفَعَلَ حَتَّى إِذَا دَنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ النَّاسُ هَذَا رَاكِبٌ عَلَى الطَّرِيقِ مُقْبِلٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «كُنْ أَبَا خَيْثَمَةَ» فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ وَاللَّهِ أَبُو خَيْثَمَةَ فَلَمَّا بَلَغَ أَقْبَلَ فَسَلَّمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُ «أَوْلَى لَكَ يَا أبا خيثمة» ثم أخبر رسول الله الْخَبَرَ فَقَالَ خَيْرًا وَدَعَا لَهُ بِخَيْرٍ. وَقَدْ ذَكَرَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ وَمُوسَى بْنُ عُقْبَةَ قِصَّةَ أَبِي خَيْثَمَةَ بِنَحْوٍ مِنْ سِيَاقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ وَأَبْسَطَ وَذِكَرَ أَنَّ خُرُوجَهُ عليه السلام إِلَى تَبُوكَ كَانَ فِي زَمَنِ الْخَرِيفِ فاللَّه أَعْلَمُ. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ وَقَالَ أَبُو خَيْثَمَةَ وَاسْمُهُ مَالِكُ بْنُ قَيْسٍ فِي ذَلِكَ:
لَمَّا رَأَيْتُ النَّاسَ فِي الدِّينِ نَافَقُوا
…
أَتَيْتُ الَّتِي كَانَتْ أَعَفَّ وَأَكْرَمَا
وَبَايَعْتُ بِالْيُمْنَى يَدِي لمحمد
…
فلم أكتسب إنما وَلَمْ أَغْشَ مُحَرَّمَا
تَرَكْتُ خَضِيبًا فِي الْعَرِيشِ وَصِرْمَةً
…
صَفَايَا كِرَامًا بُسْرُهَا قَدْ تَحَمَّمَا
وَكُنْتُ إِذَا شَكَّ الْمُنَافِقُ أَسْمَحَتْ
…
إِلَى الدِّينِ نَفْسِي شَطْرَهُ حَيْثُ يَمَّمَا
قَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عن بريدة عن سُفْيَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: لَمَّا سَارَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى تَبُوكَ جَعَلَ لَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَتَخَلَّفُ فَيَقُولُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم تَخَلَّفَ فُلَانٌ فَيَقُولُ «دَعُوهُ إِنْ يَكُ فِيهِ خَيْرٌ فَسَيُلْحِقُهُ اللَّهُ بِكُمْ وَإِنْ يَكُ غَيْرَ ذَلِكَ فَقَدْ أَرَاحَكُمُ اللَّهُ مِنْهُ» حَتَّى قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ تَخَلَّفَ أَبُو ذَرٍّ وَأَبْطَأَ بِهِ بَعِيرُهُ فَقَالَ «دَعُوهُ إِنْ يَكُ فِيهِ خَيْرٌ فَسَيُلْحِقُهُ اللَّهُ بِكُمْ وَإِنْ يَكُ غَيْرَ ذَلِكَ فَقَدْ أَرَاحَكُمُ اللَّهُ مِنْهُ» فَتَلَوَّمَ أَبُو ذَرٍّ بَعِيرَهُ فَلَمَّا أَبْطَأَ عَلَيْهِ أَخَذَ مَتَاعَهُ فَجَعَلَهُ عَلَى ظَهْرِهِ ثُمَّ خَرَجَ يَتَّبِعُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَاشِيًا، وَنَزَلَ رَسُولُ الله فِي بَعْضِ مَنَازِلِهِ وَنَظَرَ نَاظِرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ مَاشٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «كُنْ أَبَا ذَرٍّ» فَلَمَّا تَأَمَّلَهُ الْقَوْمُ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ وَاللَّهِ أَبُو ذَرٍّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا ذَرٍّ يَمْشِي وَحْدَهُ وَيَمُوتُ وَحْدَهُ وَيُبْعَثُ وَحْدَهُ» قَالَ فضرب [1] ضَرْبِهِ وَسُيِّرَ أَبُو ذَرٍّ إِلَى الرَّبَذَة فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ أَوْصَى امْرَأَتَهُ وَغُلَامَهُ فَقَالَ إِذَا مِتُّ فَاغْسِلَانِي وَكَفِّنَانِي مِنَ اللَّيْلِ ثُمَّ ضَعَانِي عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ فَأَوَّلُ رَكْبٍ يَمُرُّونَ بِكُمْ فَقُولُوا هَذَا أَبُو ذَرٍّ، فَلَمَّا مَاتَ فَعَلُوا بِهِ كَذَلِكَ فَاطَّلَعَ رَكْبٌ فَمَا عَلِمُوا بِهِ حَتَّى كَادَتْ رِكَابُهُمْ تَطَأُ سَرِيرَهُ فَإِذَا ابْنُ مَسْعُودٍ فِي رَهْطٍ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَقَالَ ما هذا؟ فقيل جنازة أبى
[1] بياض في الأصل من النسختين ولعلها فضرب الدهر ضربه. وكان مسيره الى الرَّبَذَة مبعّدا في خلافة عثمان وقصته مشهورة وحكاية وفاته هذه مبسوطة في الجزء الأول من حلية الأولياء.
ذَرٍّ فَاسْتَهَلَّ ابْنُ مَسْعُودٍ يَبْكِي وَقَالَ: صَدَقَ رسول الله يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا ذَرٍّ يَمْشِي وَحْدَهُ وَيَمُوتُ وَحْدَهُ وَيُبْعَثُ وَحْدَهُ، فَنَزَلَ فَوَلِيَهُ بِنَفْسِهِ حَتَّى أَجَنَّهُ. إِسْنَادُهُ حَسَنٌ وَلَمْ يُخْرِجُوهُ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ فِي قوله (الذين اتبعوه في ساعة العسرة) .
قَالَ خَرَجُوا فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ الرَّجُلَانِ وَالثَّلَاثَةُ عَلَى بَعِيرٍ وَاحِدٍ وَخَرَجُوا فِي حَرٍّ شَدِيدٍ فَأَصَابَهُمْ فِي يَوْمٍ عَطَشٌ حَتَّى جَعَلُوا يَنْحَرُونَ إبلهم لينفضوا أَكْرَاشَهَا وَيَشْرَبُوا مَاءَهَا فَكَانَ ذَلِكَ عُسْرَةً فِي الْمَاءِ وَعُسْرَةً فِي النَّفَقَةِ وَعُسْرَةً فِي الظَّهْرِ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ عَنْ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي عُتْبَةَ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قِيلَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ حَدِّثْنَا عَنْ شَأْنِ سَاعَةِ الْعُسْرَةِ فَقَالَ عُمَرُ: خَرَجْنَا إِلَى تَبُوكَ فِي قَيْظٍ شَدِيدٍ فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا وَأَصَابَنَا فِيهِ عَطَشٌ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّ رِقَابَنَا سَتَنْقَطِعُ حَتَّى إِنْ كَانَ أَحَدُنَا لَيَذْهَبُ فَيَلْتَمِسُ الرَّحْلَ فَلَا يَرْجِعُ حَتَّى يَظُنَّ أَنَّ رَقَبَتَهُ سَتَنْقَطِعُ حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيَنْحَرُ بَعِيرَهُ فَيَعْتَصِرُ فَرْثَهُ فَيَشْرَبُهُ ثُمَّ يَجْعَلُ مَا بَقِيَ عَلَى كَبِدِهِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ قَدْ عَوَّدَكَ فِي الدُّعَاءِ خَيْرًا فَادْعُ اللَّهَ لَنَا فَقَالَ «أو تحب ذَلِكَ؟» قَالَ نَعَمْ! قَالَ فَرَفَعَ يَدَيْهِ نَحْوَ السماء فلم يرجعهما حتى قالت [1] السماء فاطلت ثُمَّ سَكَبَتْ فَمَلَئُوا مَا مَعَهُمْ ثُمَّ ذَهَبْنَا نَنْظُرُ فَلَمْ نَجِدْهَا جَاوَزَتِ الْعَسْكَرَ، إِسْنَادُهُ جَيِّدٌ وَلَمْ يُخَرِّجُوهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. وَقَدْ ذَكَرَ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ رِجَالٍ مِنْ قَوْمِهِ أَنَّ هَذِهِ القصة كَانَتْ وَهُمْ بِالْحِجْرِ وَأَنَّهُمْ قَالُوا لِرَجُلٍ مَعَهُمْ مُنَافِقٌ وَيْحَكَ هَلْ بَعْدَ هَذَا مِنْ شَيْءٍ؟! فَقَالَ سَحَابَةٌ مَارَّةٌ، وَذَكَرَ إِنَّ نَاقَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ضَلَّتْ فَذَهَبُوا فِي طَلَبِهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِعُمَارَةَ بْنِ حَزْمٍ الْأَنْصَارِيِّ- وَكَانَ عِنْدَهُ- «إِنَّ رَجُلًا قَالَ هَذَا مُحَمَّدٌ يُخْبِرُكُمْ أَنَّهُ نَبِيٌّ وَيُخْبِرُكُمْ خَبَرُ السَّمَاءِ وَهُوَ لَا يَدْرِي أَيْنَ نَاقَتُهُ، وَإِنِّي وَاللَّهِ لَا أَعْلَمُ إِلَّا مَا عَلَّمَنِي اللَّهُ وَقَدْ دَلَّنِي اللَّهُ عَلَيْهَا هِيَ فِي الْوَادِي قَدْ حَبَسَتْهَا شَجَرَةٌ بِزِمَامِهَا» فَانْطَلَقُوا فَجَاءُوا بِهَا فَرَجَعَ عُمَارَةُ إِلَى رَحْلِهِ فَحَدَّثَهُمْ عَمَّا جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ خَبَرِ الرَّجُلِ فَقَالَ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ فِي رَحْلِ عُمَارَةَ إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ زَيْدُ بْنُ اللُّصَيْتِ [2] وَكَانَ فِي رَحْلِ عُمَارَةَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ فَأَقْبَلَ عُمَارَةُ عَلَى زَيْدٍ يَجَأُ فِي عُنُقِهِ وَيَقُولُ إِنَّ فِي رَحْلِي لَدَاهِيَةً وَأَنَا لَا أَدْرِي، اخْرُجْ عَنِّي يَا عَدُوَّ اللَّهِ فَلَا تَصْحَبْنِي. فَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ إِنَّ زَيْدًا تَابَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لم يزل متهما بشر [3] حَتَّى هَلَكَ.
قَالَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ: وَقَدْ رَوَيْنَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ شَبِيهًا بِقِصَّةِ الرَّاحِلَةِ ثُمَّ رَوَى مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ وَقَدْ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَوْ عن أبى
[1] قالت بمعنى استعدت وتهيأت. عن القاموس.
[2]
كذا في الأصلين وفي التيمورية:
الصلت، وفي الاصابة لصيب وقيل نصيب، وفي ابن هشام: اللصيت وقيل لصيب ومثله في ابن جرير بالباء.
[3]
كذا في الحلبية، وفي المصرية لم يزل مصرا.