الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ مَاتَ! وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَمْ يَمُتْ وَضَعَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ يَدَهَا بَيْنَ كَتِفَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. فَقَالَتْ: قَدْ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ رُفِعَ الْخَاتَمُ مِنْ بَيْنِ كَتِفَيْهِ فَكَانَ هَذَا الَّذِي قد عرف به موته هكذا أَوْرَدَهُ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِهِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ مِنْ طريق الواقدي وهو ضعيف وشيوخه لم يسمون ثُمَّ هُوَ مُنْقَطِعٌ بِكُلِّ حَالٍ وَمُخَالِفٌ لِمَا صَحَّ وَفِيهِ غَرَابَةٌ شَدِيدَةٌ وَهُوَ رَفْعُ الْخَاتَمِ فاللَّه أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ. وَقَدْ ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ وَغَيْرُهُ فِي الْوَفَاةِ أَخْبَارًا كَثِيرَةً فِيهَا نَكَارَاتٌ وَغَرَابَةٌ شَدِيدَةٌ أَضْرَبْنَا عَنْ أَكْثَرِهَا صَفْحًا لِضَعْفِ أَسَانِيدِهَا وَنَكَارَةِ مُتُونِهَا وَلَا سِيَّمَا مَا يُورِدُهُ كَثِيرٌ مِنَ الْقُصَّاصِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَغَيْرُهُمْ فَكَثِيرٌ مِنْهُ مَوْضُوعٌ لا محالة وفي الأحاديث الصحيحة والحسنة المروية فِي الْكُتُبِ الْمَشْهُورَةِ غُنْيَةٌ عَنِ الْأَكَاذِيبِ وَمَا لَا يُعْرَفُ سَنَدُهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ فِي ذكر أمور مهمة وَقَعَتْ بَعْدَ وَفَاتِهِ صلى الله عليه وسلم وقبل دفنه
وَمِنْ أَعْظَمِهَا وَأَجَلِّهَا وَأَيْمَنِهَا بَرَكَةً عَلَى الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ بَيْعَةُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه وَذَلِكَ لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام لَمَّا مَاتَ كَانَ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه قَدْ صَلَّى بِالْمُسْلِمِينَ صَلَاةَ الصُّبْحِ وَكَانَ إِذْ ذَاكَ قَدْ أَفَاقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِفَاقَةً مِنْ غَمْرَةِ مَا كَانَ فِيهِ مِنَ الْوَجَعِ وَكَشَفَ سِتْرَ الْحُجْرَةِ وَنَظَرَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ وَهُمْ صُفُوفٌ فِي الصَّلَاةِ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ فَأَعْجَبَهُ ذَلِكَ وَتَبَسَّمَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ حَتَّى هَمَّ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يَتْرُكُوا مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الصَّلَاةِ لِفَرَحِهِمْ بِهِ وَحَتَّى أَرَادَ أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَتَأَخَّرَ لِيَصِلَ الصَّفَّ فَأَشَارَ إِلَيْهِمْ أَنْ يَمْكُثُوا كَمَا هُمْ وَأَرْخَى السِّتَارَةَ وَكَانَ آخِرَ الْعَهْدِ بِهِ عليه الصلاة والسلام فَلَمَّا انْصَرَفَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه مِنَ الصَّلَاةِ دَخَلَ عَلَيْهِ وَقَالَ لِعَائِشَةَ مَا أَرَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَلَا قد أقلع عنه الْوَجَعِ وَهَذَا يَوْمُ بِنْتِ خَارِجَةَ يَعْنِي إِحْدَى زَوْجَتَيْهِ وَكَانَتْ سَاكِنَةً بِالسُّنْحِ شَرْقِيِّ الْمَدِينَةِ فَرَكِبَ عَلَى فَرَسٍ لَهُ وَذَهَبَ إِلَى مَنْزِلِهِ وَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ اشْتَدَّ الضُّحَى مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَقِيلَ عِنْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَلَمَّا مَاتَ وَاخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ فِيمَا بَيْنَهُمْ فَمِنْ قَائِلٍ يَقُولُ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ومن قَائِلٍ لَمْ يَمُتْ فَذَهَبَ سَالِمُ بْنُ عُبَيْدٍ وَرَاءَ الصِّدِّيقِ إِلَى السُّنْحِ فَأَعْلَمَهُ بِمَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَ الصِّدِّيقُ مِنْ مَنْزِلِهِ حِينَ بَلَغَهُ الْخَبَرُ فَدَخَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم منزله وَكَشَفَ الْغِطَاءَ عَنْ وَجْهِهِ وَقَبَّلَهُ وَتَحَقَّقَ أَنَّهُ قد مات خرج إِلَى النَّاسِ فَخَطَبَهُمْ إِلَى جَانِبِ الْمِنْبَرِ وَبَيَّنَ لَهُمْ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا قدمنا وأزاح الجدل وَأَزَالَ الْإِشْكَالَ وَرَجَعَ النَّاسُ كُلُّهُمْ إِلَيْهِ وَبَايَعَهُ فِي الْمَسْجِدِ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَوَقَعَتْ شُبْهَةٌ لِبَعْضِ الْأَنْصَارِ وَقَامَ فِي أَذْهَانِ بَعْضِهِمْ جَوَازُ اسْتِخْلَافِ خَلِيفَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَتَوَسَّطَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ أَمِيرٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَأَمِيرٌ مِنَ الْأَنْصَارِ حَتَّى بَيَّنَ لَهُمُ الصِّدِّيقُ أَنَّ الْخِلَافَةَ لَا تَكُونُ إِلَّا فِي قُرَيْشٍ فَرَجَعُوا إِلَيْهِ وَأَجْمَعُوا عَلَيْهِ كَمَا سَنُبَيِّنُهُ وَنُنَبِّهُ عَلَيْهِ.