الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في ذكر سراريه عليه السلام
كانت له عليه السلام سُرِّيَّتَانِ، إِحْدَاهُمَا مَارِيَةُ بِنْتُ شَمْعُونَ الْقِبْطِيَّةُ أَهْدَاهَا لَهُ صَاحِبُ إِسْكَنْدَرِيَّةَ وَاسْمُهُ جُرَيْجُ بْنُ مِينَا، وأهدى معها أختها شيرين [وَذَكَرَ أَبُو نُعَيْمٍ أَنَّهُ أَهْدَاهَا فِي أَرْبَعِ جواري وَاللَّهُ أَعْلَمُ] وَغُلَامًا خَصِيًّا اسْمُهُ مَأْبُورٌ، وَبَغْلَةً يُقَالُ لَهَا الدُّلْدُلُ فَقَبِلَ هَدِيَّتِهِ وَاخْتَارَ لِنَفْسِهِ مَارِيَةَ وَكَانَتْ مِنْ قَرْيَةٍ بِبِلَادِ مِصْرَ يُقَالُ لَهَا حَفْنٌ مِنْ كُورَةِ أَنْصِنَا، وَقَدْ وَضَعَ عَنْ أَهْلِ هَذِهِ الْبَلْدَةِ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ فِي أَيَّامِ إِمَارَتِهِ الْخَرَاجَ إِكْرَامًا لَهَا مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا حَمَلَتْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِوَلَدٍ ذَكَرٍ وَهُوَ إِبْرَاهِيمُ عليه السلام، قَالُوا وَكَانَتْ مَارِيَةُ جَمِيلَةً بَيْضَاءَ أُعْجِبَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وأحبها وحضيت عِنْدَهُ، وَلَا سِيَّمَا بَعْدَ مَا وَضَعَتْ إِبْرَاهِيمَ ولده. وأما أختها شيرين فَوَهَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ، فَوَلَدَتْ لَهُ ابْنَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ حَسَّانَ، وَأَمَّا الْغُلَامُ الْخَصِيُّ وَهُوَ مابور فقد كان يدخل على مارية وشيرين بِلَا إِذْنٍ كَمَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُ بِمِصْرَ، فَتَكَلَّمَ بَعْضُ النَّاسِ فِيهَا بِسَبَبِ ذَلِكَ وَلَمْ يَشْعُرُوا أَنَّهُ خَصِيٌّ حَتَّى انْكَشَفَ الْحَالُ عَلَى ما سنبينه قريبا إن شاء الله، وأما البغلة فكان عليه السلام بركبها، وَالظَّاهِرُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهَا الَّتِي كَانَ رَاكِبَهَا يوم حنين. وقد تأخرت هذه البغلة فكان عليه السلام بركبها، وَالظَّاهِرُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّهَا الَّتِي كَانَ رَاكِبَهَا يوم حنين. وقد تأخرت هذه البلغة وَطَالَتْ مُدَّتُهَا حَتَّى كَانَتْ عِنْدَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي أَيَّامِ إِمَارَتِهِ، وَمَاتَ فَصَارَتْ إِلَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَكَبِرَتْ حَتَّى كَانَ يُجَشُّ لَهَا الشَّعِيرُ لِتَأْكُلَهُ. قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ خُزَيْمَةَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ بَشِيرِ بْنِ الْمُهَاجِرِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بريدة بن الخصيب عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَهْدَى أَمِيرُ الْقِبْطِ إِلَى رسول الله جَارِيَتَيْنِ أُخْتَيْنِ، وَبَغْلَةً فَكَانَ يَرْكَبُ الْبَغْلَةَ بِالْمَدِينَةِ، وَاتَّخَذَ إِحْدَى الْجَارِيَتَيْنِ فَوَلَدَتْ لَهُ إِبْرَاهِيمَ ابْنَهُ، وَوَهَبَ الْأُخْرَى. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعْجَبُ بِمَارِيَةَ الْقِبْطِيَّةِ، وَكَانَتْ بَيْضَاءَ جَعْدَةً جَمِيلَةً، فأنزلها وَأُخْتَهَا عَلَى أُمِّ سُلَيْمٍ بِنْتِ مِلْحَانَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم [فَعَرَضَ عَلَيْهِمَا الْإِسْلَامَ] فَأَسْلَمَتَا هُنَاكَ، فَوَطِئَ مَارِيَةَ بِالْمِلْكِ، وَحَوَّلَهَا إِلَى مَالٍ لَهُ بِالْعَالِيَةِ كَانَ مِنْ أَمْوَالِ بَنِي النَّضِيرِ، فَكَانَتْ فِيهِ فِي الصَّيْفِ، وَفِي خُرَافَةِ النَّخْلِ. فَكَانَ يَأْتِيهَا هُنَاكَ، وكانت حسنة الدين، ووهب أختها شيرين لِحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ فَوَلَدَتْ لَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ، وَوَلَدَتْ مَارِيَةُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غلاما سماه إبراهيم، وعق عنه بِشَاةٍ يَوْمَ سَابِعِهِ، وَحَلَقَ رَأَسَهُ وَتَصَدَّقَ بِزِنَةِ شِعْرِهِ فِضَّةً عَلَى الْمَسَاكِينِ، وَأَمَرَ بِشِعْرِهِ فَدُفِنَ فِي الْأَرْضِ، وَسَمَّاهُ إِبْرَاهِيمَ، وَكَانَتْ قَابِلَتُهَا سُلْمَى مُوَلَّاةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَخَرَجَتْ إِلَى زَوْجِهَا أَبِي رَافِعٍ فَأَخْبَرَتْهُ بِأَنَّهَا قَدْ وَلَدَتْ غُلَامًا، فَجَاءَ أَبُو رَافِعٍ
الى رسول الله فبشره فوهب له عقدا، وَغَارَ نِسَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاشْتَدَّ عَلَيْهِنَّ حِينَ رُزِقَ مِنْهَا الْوَلَدَ. وروى الحافظ أبو الحسن الدار قطنى عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ الْقَاسِمِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ زِيَادِ بْنِ أَيُّوبَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَكَرِيَّا المدائني عن ابن أبى سارة عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا وَلَدَتْ مَارِيَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «أعتقها ولدها» . ثم قال الدار قطنى: تَفَرَّدَ بِهِ زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ وَهُوَ ثِقَةٌ. وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِمِثْلِهِ.
وَرُوِّينَاهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ. وَقَدْ أَفْرَدَنَا لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهِيَ بَيْعُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ مُصَنَّفًا مُفْرَدًا عَلَى حِدَتِهِ، وَحَكَيْنَا فِيهِ أَقْوَالَ الْعُلَمَاءِ بِمَا حَاصِلُهُ يَرْجِعُ إِلَى ثَمَانِيَةِ أَقْوَالٍ، وَذَكَرْنَا مُسْتَنَدَ كُلِّ قَوْلٍ وللَّه الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
وَقَالَ يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عن إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: أَكْثَرُوا عَلَى مَارِيَةَ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ فِي قِبْطِيٍّ ابْنِ عَمٍّ لَهَا يَزُورُهَا وَيَخْتَلِفُ إِلَيْهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «خُذْ هَذَا السَّيْفَ فَانْطَلِقْ فَإِنْ وَجَدْتَهُ عِنْدَهَا فَاقْتُلْهُ» قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ الله أكون في أمرك إذا أرسلتنى كالسكة الْمُحَمَّاةِ لَا يُثْنِينِي شَيْءٌ حَتَّى أَمْضِيَ لِمَا أَمَرْتَنِي بِهِ، أَمِ الشَّاهِدُ يَرَى مَا لَا يَرَى الْغَائِبُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «بَلِ الشَّاهِدُ يَرَى مَا لَا يَرَى الْغَائِبُ» فَأَقْبَلْتُ مُتَوَشِّحًا السَّيْفَ فَوَجَدْتُهُ عِنْدَهَا، فَاخْتَرَطْتُ السَّيْفَ فَلَمَّا رَآنِي عَرَفَ أَنِّي أُرِيدُهُ، فَأَتَى نَخْلَةً فَرَقِيَ فِيهَا ثُمَّ رَمَى بِنَفْسِهِ عَلَى قَفَاهُ، ثُمَّ شَالَ رِجْلَيْهِ فَإِذَا بِهِ أجبّ أمسح ماله مما للرجال لا قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ:«الْحَمْدُ للَّه الَّذِي صَرَفَ عَنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ» . وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنِي مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذَا بَعَثْتَنِي أَكُونُ كَالسِّكَّةِ الْمُحَمَّاةِ أَمِ الشَّاهِدُ يَرَى مَا لَا يَرَى الْغَائِبُ؟ قَالَ «الشَّاهِدُ يَرَى مَا لَا يَرَى الْغَائِبُ» هَكَذَا رَوَاهُ مُخْتَصَرًا. وَهُوَ أَصْلُ الْحَدِيثِ الَّذِي أَوْرَدْنَاهُ وَإِسْنَادُهُ رِجَالٌ ثِقَاتٌ. [وَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ الْحَرَّانِيُّ حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ وَعُقَيْلٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمَّا وَلَدَتْ مَارِيَةُ إِبْرَاهِيمَ كَادَ أَنْ يَقَعَ فِي النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْهُ شَيْءٌ حَتَّى نَزَلَ جِبْرِيلُ عليه السلام فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا إِبْرَاهِيمَ. وَقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي عَاصِمٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْبَاهِلِيُّ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ رَجُلٍ سَمَّاهُ عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: أَهْدَى مَلِكٌ مِنْ بَطَارِقَةِ الرُّومِ يُقَالُ لَهُ الْمُقَوْقِسُ جَارِيَةً قِبْطِيَّةً مِنْ بَنَاتِ الْمُلُوكِ يقال لها مارية وَأَهْدَى مَعَهَا ابْنَ عَمٍّ لَهَا شَابًّا، فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم منها ذات يوم يدخل خلوته فأصابها حملت بِإِبْرَاهِيمَ، قَالَتْ عَائِشَةُ فَلَمَّا اسْتَبَانَ حَمْلُهَا جَزِعَتْ مِنْ ذَلِكَ فَسَكَتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ يَكُنْ لَهَا لَبَنٌ فَاشْتَرَى لَهَا ضَأْنَةً لَبَوْنًا تُغَذِّي مِنْهَا الصَّبِيَّ، فَصَلُحَ اليه جسمه وحسن لونه، وصفا لونه، فجاءته ذات يوم تحمله على عاتقها فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ كَيْفَ
ترين الشبه؟ «فقلت أنا وغيري: مَا أَرَى شَبَهًا، فَقَالَ «وَلَا اللَّحْمُ؟» فَقُلْتُ لَعَمْرِي مَنْ تَغَذَّى بِأَلْبَانِ الضَّأْنِ لَيَحْسُنُ لَحْمُهُ] . قَالَ الْوَاقِدِيُّ: مَاتَتْ مَارِيَةُ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ خمس عَشْرَةَ فَصَلَّى عَلَيْهَا عُمَرُ وَدَفَنَهَا فِي الْبَقِيعِ، وَكَذَا قَالَ الْمُفَضَّلُ بْنُ غَسَّانَ الْغَلَّابِيُّ. وَقَالَ خليفة وأبو عبيدة وَيَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ:
مَاتَتْ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ رَحِمَهَا اللَّهُ.
وَمِنْهُنَّ رَيْحَانَةُ بِنْتُ زَيْدٍ مِنْ بَنِي النَّضِيرِ وَيُقَالُ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: كَانَتْ رَيْحَانَةُ بِنْتُ زَيْدٍ مِنْ بَنِي النَّضِيرِ وَيُقَالُ مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ: كَانَتْ رَيْحَانَةُ بِنْتُ زَيْدٍ مِنْ بَنِي النَّضِيرِ وكانت مزوجة فيهم، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَخَذَهَا لِنَفْسِهِ صَفِيًّا، وَكَانَتْ جَمِيلَةً فَعَرَضَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ تُسْلِمَ فَأَبَتْ إِلَّا الْيَهُودِيَّةَ، فَعَزَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَوَجَدَ فِي نفسه، فأرسل الى ابن شعبة [1] فذكر له ذلك فقال ابن شعبة فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي هِيَ تُسْلِمُ، فَخَرَجَ حَتَّى جَاءَهَا فَجَعَلَ يَقُولُ لَهَا: لَا تَتَّبِعِي قَوْمَكِ فَقَدْ رَأَيْتِ مَا أَدْخَلَ عَلَيْهِمْ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ فَأَسْلِمِي يَصْطَفِيكِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِنَفْسِهِ، فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَصْحَابِهِ إِذْ سَمِعَ وَقْعَ نَعْلَيْنِ فَقَالَ:«إِنَّ هَاتَيْنِ لَنَعْلَا ابْنِ شعبة يبشرني بإسلام ريحانة» فجاء يقول: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ أَسْلَمَتْ رَيْحَانَةُ، فَسُّرَ بِذَلِكَ. [وَقَالَ مُحَمَّدُ ابْنُ إِسْحَاقَ: لَمَّا فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قُرَيْظَةَ اصْطَفَى لِنَفْسِهِ رَيْحَانَةَ بِنْتَ عَمْرِو بْنِ خُنَافَةَ فَكَانَتْ عِنْدَهُ حَتَّى تُوَفِّيَ عَنْهَا وَهِيَ فِي مِلْكِهِ، وَكَانَ عَرَضَ عَلَيْهَا الْإِسْلَامَ وَيَتَزَوَّجُهَا فَأَبَتْ إِلَّا الْيَهُودِيَّةَ ثُمَّ ذَكَرَ مِنْ إِسْلَامِهَا مَا تَقَدَّمَ] قَالَ الْوَاقِدِيُّ فَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ بَشِيرٍ الْمُعَاوِيِّ قَالَ: فَأَرْسَلَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ إِلَى بَيْتِ سَلْمَى بِنْتِ قَيْسٍ أَمِّ الْمُنْذِرِ، فَكَانَتْ عِنْدَهَا حَتَّى حَاضَتْ حَيْضَةً ثُمَّ طَهُرَتْ مِنْ حَيْضِهَا، فجاءت أم المنذر فأخبرت رسول الله، فَجَاءَهَا فِي مَنْزِلِ أُمِّ الْمُنْذِرِ فَقَالَ لَهَا «إِنْ أَحْبَبْتِ أَنْ أُعْتِقَكِ وَأَتَزَوَّجَكِ فَعَلْتُ، وَإِنْ أحببت أن تكوني في ملكي أطأك بالملك فعلت» فقالت: يا رسول الله إن أَخَفُّ عَلَيْكَ وَعَلَيَّ أَنْ أَكُونَ فِي مِلْكِكَ، فَكَانَتْ فِي مِلْكِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يطأها حَتَّى مَاتَتْ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ:
وَحَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ. قَالَ سَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ عَنْ رَيْحَانَةَ فَقَالَ: كانت أمة رسول الله فَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا، فَكَانَتْ تَحْتَجِبُ فِي أَهْلِهَا وَتَقُولُ: لَا يَرَانِي أَحَدٌ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ الْوَاقِدِيُّ:
وَهَذَا أَثْبَتُ الحديثين عندنا، وكان زوجها قبله عليه السلام الْحَكَمَ. وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ ثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَكَمِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْحَكَمِ قَالَ: أَعْتَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ريحانة بنت زيد ابن عَمْرِو بْنِ خُنَافَةَ، وَكَانَتْ عِنْدَ زَوْجٍ لَهَا، وَكَانَ مُحِبًّا لَهَا مُكْرِمًا، فَقَالَتْ لَا أَسْتَخْلِفُ بَعْدَهُ أَحَدًا أَبَدًا، وَكَانَتْ ذَاتَ جَمَالٍ. فَلَمَّا سُبِيَتْ بَنُو قُرَيْظَةَ عُرِضَ السَّبْيُ عَلَى رَسُولِ الله صلّى الله عليه
[1] في الأصل بدون نقط، وفي الاصابة: ثعلبة بن شعبة وفي ابن هشام ابن سعية بالمهملة.