الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عُمَرَ. وَعَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّهَا أَوْصَتْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ لَا تَدْفِنِّي مَعَهُمْ وَادْفِنِّي مَعَ صَوَاحِبِي بِالْبَقِيعِ لَا أُزَكَّى بِهِ أَبَدًا.
قُلْتُ: كَانَ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ حِينَ وَلِيَ الْإِمَارَةَ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَمَانِينَ قَدْ شَرَعَ فِي بِنَاءِ جَامِعِ دِمَشْقَ وَكَتَبَ إِلَى نَائِبِهِ بِالْمَدِينَةِ ابْنِ عَمِّهِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنْ يُوَسِّعَ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ فَوَسَّعَهُ حَتَّى مِنْ نَاحِيَةِ الشَّرْقِ [1] فَدَخَلَتِ الْحُجْرَةُ النَّبَوِيَّةُ فِيهِ. وَقَدْ رَوَى الْحَافِظُ ابْنُ عَسَاكِرَ بِسَنَدِهِ عَنْ زَاذَانَ مَوْلَى الْفُرَافِصَةِ، وَهُوَ الَّذِي بَنَى الْمَسْجِدَ النَّبَوِيَّ أَيَّامَ [وِلَايَةِ] عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَلَى الْمَدِينَةِ، فَذَكَرَ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ نَحْوَ مَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ، وَحَكَى صِفَةَ الْقُبُورِ كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
ذِكْرُ مَا أَصَابَ الْمُسْلِمِينَ مِنَ المصيبة العظيمة بوفاته عليه الصلاة والسلام
قَالَ الْبُخَارِيُّ ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ. قَالَ: لَمَّا ثَقُلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم جعل يتغشاه الكرب. فقالت فاطمة: وا كرب أَبَتَاهْ. فَقَالَ لَهَا: «لَيْسَ عَلَى أَبِيكِ كَرْبٌ بعد اليوم» فلما مات قالت: وا أَبَتَاهْ أَجَابَ رَبًّا دَعَاهْ، يَا أَبَتَاهْ مِنْ جَنَّةِ الْفِرْدَوْسِ مَأْوَاهْ، يَا أَبَتَاهُ إِلَى جِبْرِيلَ نَنْعَاهْ. فَلَمَّا دُفِنَ قَالَتْ فَاطِمَةُ: يَا أَنَسُ أَطَابَتْ أَنْفُسُكُمْ أَنْ تَحْثُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم التُّرَابَ؟ تَفَرَّدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ رحمه الله. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا يَزِيدُ ثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ. قَالَ أَنَسٌ: فلما دفن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قَالَتْ فَاطِمَةُ: يَا أَنَسُ أَطَابَتْ أَنْفُسُكُمْ أَنْ دَفَنْتُمْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم فِي التُّرَابِ وَرَجَعْتُمْ.
وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مُخْتَصَرًا مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ بِهِ. وَعِنْدَهُ قَالَ حَمَّادٌ: فَكَانَ ثَابِتٌ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيثِ بَكَى حَتَّى تَخْتَلِفَ أَضْلَاعُهُ. وَهَذَا لَا يُعَدُّ نِيَاحَةً بَلْ هُوَ مِنْ بَابِ ذِكْرِ فَضَائِلِهِ الْحَقِّ [2] عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا هَذَا لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم نَهَى عَنِ النِّيَاحَةِ. وَقَدْ رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ سَمِعْتُ مُطَرِّفًا يُحَدِّثُ عَنْ حَكِيمِ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِيهِ- فِيمَا أَوْصَى بِهِ إِلَى بَنِيهِ- أَنَّهُ قَالَ: وَلَا تَنُوحُوا عَلِيًّ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم لَمْ يُنَحْ عَلَيْهِ.
وَقَدْ رَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْقَاضِي فِي النَّوَادِرِ عَنْ عَمْرِو بن ميمون عَنْ شُعْبَةَ بِهِ. ثُمَّ رَوَاهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ سَلَمَةَ عَنِ الصَّعْقِ بْنِ حَزْنٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُطَيَّبٍ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ عَنْ قَيْسِ بْنِ عَاصِمٍ بِهِ. قَالَ: لَا تَنُوحُوا عَلِيًّ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم لَمْ يُنَحْ عَلَيْهِ، وَقَدْ سَمِعْتُهُ يَنْهَى عَنِ النِّيَاحَةِ. ثُمَّ رَوَاهُ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ عَنِ الصَّعْقِ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ عَاصِمٍ بِهِ. وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ: ثَنَا عُقْبَةُ بْنُ سِنَانٍ ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُثْمَانَ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم لَمْ يُنَحْ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ ثَنَا عَفَّانُ ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ثَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ. قَالَ: لَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي قَدِمَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم المدينة أضاء
[1] في التيمورية: من ناحية السوق.
[2]
كذا في الأصل، وليست هذه اللفظة في التيمورية.
مِنْهَا كُلُّ شَيْءٍ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ أَظْلَمَ مِنْهَا كُلُّ شَيْءٍ. قَالَ: وَمَا نَفَضْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم الْأَيْدِيَ حَتَّى أَنْكَرْنَا قُلُوبَنَا. وَهَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ جَمِيعًا عَنْ بِشْرِ بْنِ هِلَالٍ الصَّوَّافِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيِّ بِهِ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ [1] غَرِيبٌ.
قُلْتُ: وَإِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحَيْنِ، وَمَحْفُوظٌ مِنْ حَدِيثِ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ وَقَدْ أَخْرَجَ لَهُ الْجَمَاعَةُ رَوَاهُ النَّاسُ عَنْهُ كَذَلِكَ. وَقَدْ أَغْرَبَ الْكُدَيْمِيُّ وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ رحمه الله فِي رِوَايَتِهِ لَهُ حَيْثُ قَالَ ثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الطَّيَالِسِيُّ ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ. قَالَ: لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم أَظْلَمَتِ الْمَدِينَةُ حَتَّى لَمْ يَنْظُرْ بَعْضُنَا إِلَى بَعْضٍ، وَكَانَ أَحَدُنَا يَبْسُطُ يَدَهُ فَلَا يَرَاهَا- أَوْ لَا يُبْصِرُهَا، وَمَا فَرَغْنَا مِنْ دَفْنِهِ حَتَّى أَنْكَرْنَا قُلُوبَنَا. رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ كَذَلِكَ، وَقَدْ رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ غَيْرِهِ مِنَ الْحُفَّاظِ عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيِّ كَمَا قَدَّمْنَا وَهُوَ الْمَحْفُوظُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ رَوَى الْحَافِظُ الْكَبِيرُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَسَاكِرَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي حَفْصِ بْنِ شَاهِينَ ثَنَا حُسَيْنُ ابن أَحْمَدَ بْنِ بِسْطَامَ بِالْأُبُلَّةِ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يزيد الرواسي ثنا سلمة بْنُ عَلْقَمَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ. قَالَ: لَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم الْمَدِينَةَ أَضَاءَ مِنْهَا كُلُّ شَيْءٍ، فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ أَظْلَمَ مِنْهَا كُلُّ شَيْءٍ. وَقَالَ ابْنُ مَاجَهْ ثَنَا إِسْحَاقُ بن منصور ثنا عبد الوهاب ابن عَطَاءٍ الْعِجْلِيُّ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ. قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم وَإِنَّمَا وَجْهُنَا وَاحِدٌ، فَلَمَّا قُبِضَ نَظَرْنَا هَكَذَا وَهَكَذَا. وَقَالَ أَيْضًا ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ المنذر الحزامي ثنا خالي محمد ابن إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ السَّائِبِ بْنِ أَبِي وَدَاعَةَ السَّهْمِيُّ حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ الْمَخْزُومِيُّ حَدَّثَنِي مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ بِنْتِ أَبِي أمية زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم. أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ النَّاسُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم إِذَا قَامَ الْمُصَلِّي يُصَلِّي لَمْ يَعُدْ بَصَرُ أَحَدِهِمْ مَوْضِعَ قَدَمَيْهِ، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم (وكان أبو بكر) فَكَانَ النَّاسُ إِذَا قَامَ أَحَدُهُمْ يُصَلِّي لَمْ يَعُدْ بَصَرُ أَحَدِهِمْ مَوْضِعَ جَبِينِهِ، فَتُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ وَكَانَ عُمَرُ فَكَانَ النَّاسُ إِذَا قَامَ أَحَدُهُمْ يُصَلِّي لَمْ يَعُدْ بَصَرُ أَحَدِهِمْ مَوْضِعَ القبلة، فتوفى عمرو كان عُثْمَانُ وَكَانَتِ الْفِتْنَةُ فَتَلَفَّتَ النَّاسُ يَمِينًا وَشِمَالًا. وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ ثَنَا حَمَّادٌ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ أُمَّ أَيْمَنَ بَكَتْ لَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم فَقِيلَ لَهَا مَا يُبْكِيكِ؟ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم؟ فَقَالَتْ:
إِنِّي قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ الله سَيَمُوتُ، وَلَكِنِّي إِنَّمَا أَبْكِي عَلَى الْوَحْيِ الَّذِي رُفِعَ عَنَّا. هَكَذَا رَوَاهُ مُخْتَصَرًا. وَقَدْ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ أَنْبَأَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نُعَيْمٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ النَّضْرِ الْجَارُودِيُّ. قالا: ثنا الحسن بن على الخولانيّ ثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ الْكِلَابِيُّ ثَنَا سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ. قَالَ: ذهب رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم إِلَى أُمِّ أَيْمَنَ زَائِرًا وَذَهَبْتُ مَعَهُ،
[1] في التيمورية: حسن.
فَقَرَّبَتْ إِلَيْهِ شَرَابًا. فَإِمَّا كَانَ صَائِمًا وَإِمَّا كَانَ لَا يُرِيدُهُ فَرَدَّهُ. فَأَقْبَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم تُضَاحِكُهُ.
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ وَفَاةِ النبي صلى الله عليه وآله وسلم لِعُمَرَ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَى أُمِّ أَيْمَنَ نَزُورُهَا، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَيْهَا بَكَتْ. فَقَالَا لَهَا: مَا يُبْكِيكِ؟ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِرَسُولِهِ قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا أَبْكِي أَنْ لَا أَكُونَ أَعْلَمُ أَنَّ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِرَسُولِهِ، وَلَكِنْ أَبْكِي أَنَّ الْوَحْيَ انْقَطَعَ مِنَ السَّمَاءِ فَهَيَّجَتْهُمَا عَلَى الْبُكَاءِ فَجَعَلَا يَبْكِيَانِ. وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مُنْفَرِدًا بِهِ عَنْ زُهَيْرِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَاصِمٍ بِهِ. وَقَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ فِي قِصَّةِ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَخُطْبَةِ أَبِي بَكْرٍ فِيهَا. قَالَ: وَرَجَعَ النَّاسُ حِينَ فَرَغَ أَبُو بَكْرٍ مِنَ الْخُطْبَةِ وَأُمُّ أَيْمَنَ قَاعِدَةٌ تَبْكِي، فَقِيلَ لَهَا مَا يُبْكِيكِ؟ قَدْ أَكْرَمَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وآله وسلم فأدخله جَنَّتَهُ، وَأَرَاحَهُ مِنْ نَصَبِ الدُّنْيَا. فَقَالَتْ إِنَّمَا أَبْكِي عَلَى خَبَرِ السَّمَاءِ كَانَ يَأْتِينَا غَضًّا جَدِيدًا كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَقَدِ انْقَطَعَ وَرُفِعَ، فَعَلَيْهِ أَبْكِي.
فَعَجِبَ النَّاسُ مِنْ قَوْلِهَا. وَقَدْ قَالَ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ فِي صَحِيحِهِ وَحُدِّثْتُ عَنْ أَبِي أُسَامَةَ. وَمِمَّنْ رَوَى ذَلِكَ عَنْهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ الْجَوْهَرِيُّ ثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حدثني يزيد بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم. قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ إِذَا أَرَادَ رَحْمَةَ أُمَّةٍ مِنْ عِبَادِهِ قَبَضَ نَبِيَّهَا قَبْلَهَا فَجَعْلَهُ لَهَا فَرَطًا وَسَلَفًا يَشْهَدُ لَهَا، وَإِذَا أَرَادَ هِلْكَةَ أُمَّةٍ عَذَّبَهَا وَنَبِيُّهَا حَيٌّ فَأَهْلَكَهَا وَهُوَ ينظر اليها فأقر عينه بهلكها حِينَ كَذَّبُوهُ وَعَصَوْا أَمْرَهُ» . تَفَرَّدَ بِهِ مُسْلِمٌ إِسْنَادًا وَمَتْنًا. وَقَدْ قَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَزَّارُ: حَدَّثَنَا يوسف ابن موسى ثنا عبد الحميد بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ عَنْ زَاذَانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ- هُوَ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم. قَالَ: «إِنَّ للَّه مَلَائِكَةً سَيَّاحِينَ يُبَلِّغُونِي عَنْ أُمَّتِي السَّلَامَ» . قَالَ وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «حَيَاتِي خَيْرٌ لَكُمْ تُحَدِّثُونَ وَيُحَدَّثُ لَكُمْ، وَوَفَاتِي خَيْرٌ لَكُمْ تُعْرَضُ عَلَيَّ أَعْمَالَكُمْ، فَمَا رَأَيْتُ مِنْ خَيْرٍ حَمِدْتُ اللَّهَ عَلَيْهِ، وَمَا رَأَيْتُ مِنْ شَرٍّ اسْتَغْفَرْتُ اللَّهَ لَكُمْ» . ثُمَّ قال البزار لم نَعْرِفُ آخِرَهُ يُرْوَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.
قُلْتُ: وَأَمَّا أَوَّلُهُ وَهُوَ قوله عليه السلام: «إِنَّ للَّه مَلَائِكَةً سَيَّاحِينَ يُبَلِّغُونِي عَنْ أُمَّتِي السَّلَامَ» فَقَدْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَعَنِ الْأَعْمَشِ كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ عن أبيه بِهِ. وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْجُعْفِيُّ عَنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ عَنْ أبى الأسود الصَّنْعَانِيِّ عَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ. قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمُ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ قُبِضَ، وَفِيهِ النَّفْخَةُ، وَفِيهِ الصَّعْقَةُ، فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ فِيهِ، فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ» . قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تُعْرَضُ صَلَاتُنَا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرِمْتَ- يَعْنِي قَدْ بَلِيتَ-. قَالَ:
«إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَنْ تَأْكُلَ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ عليهم السلام» . وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ هَارُونِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَعَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، وَالنَّسَائِيُّ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ بِهِ. وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ حسين بن على عن جَابِرٍ عَنْ أَبِي الْأَشْعَثِ