المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ثم دخلت سنة ثلاث وستين - البداية والنهاية - ط السعادة - جـ ٨

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌[المجلد الثامن]

- ‌[تتمة سنة أربعين من الهجرة]

- ‌فَصْلٌ

- ‌فِي ذِكْرِ شَيْءٍ مِنْ سِيرَتِهِ الْعَادِلَةِ وسريرته الفاضلة ومواعظه وقضاياه الفاصلة وَخُطَبِهِ الْكَامِلَةِ وَحِكَمِهِ الَّتِي هِيَ إِلَى الْقُلُوبِ وَاصِلَةٌ

- ‌غَرِيبَةٌ مِنَ الْغَرَائِبِ وَآبِدَةٌ مِنَ الْأَوَابِدِ

- ‌خلافة الحسن بن على رضى الله عنه وعن أبيه وأمه

- ‌سنة إحدى وأربعين

- ‌ذِكْرُ أَيَّامِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أبى سفيان وَمُلْكِهِ

- ‌فَضْلُ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنه

- ‌خُرُوجُ طَائِفَةٍ مِنَ الْخَوَارِجِ عَلَيْهِ

- ‌وَمِنْ أَعْيَانِ مَنْ تُوُفِّيَ في هذا العام

- ‌رفاعة بن رافع

- ‌ركانة بن عبد يزيد

- ‌صفوان بن أمية

- ‌عثمان بن طلحة

- ‌عَمْرُو بن الأسود السكونيّ

- ‌عاتكة بنت زيد

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سُنَّةُ ثِنْتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِينَ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِينَ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِي هذه السنة

- ‌سُرَاقَةُ بْنُ كَعْبٍ شَهِدَ بَدْرًا وَمَا بَعْدَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ

- ‌ثم دخلت سنة تسع وأربعين

- ‌ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْأَعْيَانِ الْحَسَنُ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ

- ‌سنة خمسين من الهجرة

- ‌ففي هَذِهِ السَّنَةِ تُوُفِّيَ

- ‌أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ

- ‌صفية بنت حيي بن أخطب

- ‌وَأَمَّا أُمُّ شَرِيكٍ الْأَنْصَارِيَّةُ

- ‌وَأَمَّا عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيُّ

- ‌أَمَّا جُبَيْرُ بْنِ مُطْعِمٍ

- ‌وَأَمَّا حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ

- ‌وَأَمَّا الْحَكَمُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مُجَدَّعٍ الْغِفَارِيُّ

- ‌وَأَمَّا دِحْيَةُ بْنُ خَلِيفَةَ الْكَلْبِيُّ

- ‌وَأَمَّا عَقِيلُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ

- ‌وَأَمَّا كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ الأنصاري السلمي

- ‌المغيرة بن شعبة

- ‌جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ضِرَارٍ الْخُزَاعِيَّةُ المصطلقية

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سُنَّةُ إِحْدَى وَخَمْسِينَ

- ‌[وفيها توفى]

- ‌فَأَمَّا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ

- ‌وَأَمَّا جَعْفَرُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ

- ‌وَأَمَّا حَارِثَةُ بْنُ النُّعْمَانِ الْأَنْصَارِيُّ النَّجَّارِيُّ

- ‌وَأَمَّا سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ الْقُرَشِيُّ أَبُو الْأَعْوَرِ الْعَدَوِيُّ

- ‌وأما عبد الله أنيس بن الْجُهَنِيُّ أَبُو يَحْيَى الْمُدْنِيُّ

- ‌وَأَمَّا أَبُو بَكْرَةَ نفيع بن الحارث

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سنة ثنتين وخمسين

- ‌ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ

- ‌خَالِدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ كُلَيْبٍ

- ‌عَبْدُ اللَّهِ بْنُ المغفل المزني

- ‌وَفِيهَا تُوُفِّيَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنِ بْنِ عبيد

- ‌كَعْبُ بْنُ عُجْرَةَ الْأَنْصَارِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَدَنِيُّ

- ‌معاوية بن خديج

- ‌هَانِئُ بْنُ نِيَارٍ أَبُو بُرْدَةَ الْبَلَوِيُّ خَالُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ

- ‌وَفِيهَا تُوُفِّيَ

- ‌رويفع بْنُ ثَابِتٍ

- ‌صعصعة بن ناجية

- ‌جَبَلَةُ بْنُ الْأَيْهَمِ الْغَسَّانِيُّ

- ‌سنة أربع وخمسين

- ‌ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ

- ‌أُسَامَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ الْكَلْبِيُّ

- ‌ثوبان بن مجدد

- ‌جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ

- ‌الْحَارِثُ بْنُ رِبْعِيٍّ

- ‌حَكِيمَ بْنَ حِزَامِ

- ‌حُوَيْطِبُ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى الْعَامِرِيُّ

- ‌معبد بن يربوع بن عنكثة

- ‌مُرَّةُ بن شراحيل الهمدانيّ

- ‌النُّعَيْمَانُ بْنُ عمرو

- ‌سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ

- ‌ثم دخلت سنة خمس وخمسين

- ‌ذِكْرِ مَنْ تُوُفِّيَ مِنَ الأعيان في هذه السنة

- ‌أرقم بْنُ أَبِي الْأَرْقَمِ

- ‌سحبان بن زفر بن إياس

- ‌سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ

- ‌فَضَالَةُ بْنُ عُبَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ الْأَوْسِيُّ

- ‌قُثَمُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ

- ‌كَعْبُ بْنُ عَمْرٍو أَبُو الْيَسَرِ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سِتٍّ وَخَمْسِينَ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَخَمْسِينَ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وخمسين

- ‌قِصَّةٌ غَرِيبَةٌ

- ‌ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ فيها مِنَ الْأَعْيَانِ

- ‌شداد بن أوس بن ثابت

- ‌عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ

- ‌عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنهما

- ‌قصته مَعَ لَيْلَى بِنْتِ الْجُودِيِّ مَلِكِ عَرَبِ الشَّامِ

- ‌عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ

- ‌أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصَّدِيقِ

- ‌ثم دخلت سنة تسع وخمسين

- ‌قِصَّةُ يَزِيدَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ مُفَرِّغٍ الْحِمْيَرِيِّ مَعَ ابْنَيْ زِيَادٍ عُبَيْدِ اللَّهِ وَعَبَّادٍ

- ‌ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْمَشَاهِيرِ وَالْأَعْيَانِ

- ‌الْحُطَيْئَةُ الشَّاعِرُ

- ‌عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَالِكِ بْنِ الْقِشْبِ

- ‌قَيْسُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ الْأَنْصَارِيُّ الْخَزْرَجِيُّ

- ‌مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ الْمُزَنِيُّ

- ‌أَبُو هُرَيْرَةَ الدَّوْسِيُّ رضي الله عنه

- ‌سَنَةُ سِتِّينَ مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ

- ‌وَهَذِهِ تَرْجَمَةُ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه وَذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ أَيَّامِهِ وَدَوْلَتِهِ وَمَا وَرَدَ فِي مناقبه وفضائله رحمه الله

- ‌ذِكْرُ مَنْ تَزَوَّجَ مِنَ النِّسَاءِ وَمَنْ وُلِدَ لَهُ مِنَ الْأَوْلَادِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌أبو مسلم الخولانيّ

- ‌إِمَارَةُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَمَا جَرَى فِي أَيَّامِهِ مِنَ الْحَوَادِثِ وَالْفِتَنِ

- ‌قِصَّةُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنهما وَسَبَبُ خُرُوجِهِ بِأَهْلِهِ مِنْ مَكَّةَ إِلَى الْعِرَاقِ فِي طَلَبِ الْإِمَارَةِ وَكَيْفِيَّةِ مَقْتَلِهِ رضي الله عنه

- ‌صفة مخرج الحسين إلى العراق وَمَا جَرَى لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ

- ‌ثم دخلت سنة إحدى وستين

- ‌وَهَذِهِ صِفَةُ مَقْتَلِهِ رضي الله عنه مَأْخُوذَةً مِنْ كَلَامِ أَئِمَّةِ هَذَا الشَّأْنِ لَا كَمَا يَزْعُمُهُ أَهْلُ التَّشَيُّعِ مِنَ الْكَذِبِ الصَّرِيحِ وَالْبُهْتَانِ

- ‌فصل

- ‌وَأَمَّا قَبْرُ الْحُسَيْنِ رضي الله عنه

- ‌وأما رأس الحسين رضى الله عنه

- ‌فَصْلٌ فِي ذِكْرِ شَيْءٍ مِنْ فَضَائِلِهِ

- ‌فَصْلٌ فِي ذِكْرِ شَيْءٍ مِنْ أَشْعَارِهِ الَّتِي رُوِيَتْ عَنْهُ

- ‌ذِكْرُ مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ

- ‌جَابِرُ بْنُ عَتِيكِ بْنِ قَيْسٍ

- ‌حَمْزَةُ بْنُ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيُّ

- ‌شَيْبَةُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْعَبْدَرِيُّ الْحَجَبِيُّ

- ‌الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ بْنِ أبى معيط

- ‌أُمُّ سَلَمَةَ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْنِ وستين

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْأَعْيَانِ

- ‌الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ

- ‌عَلْقَمَةُ بْنُ قَيْسٍ أَبُو شِبْلٍ النَّخَعِيُّ الْكُوفِيُّ

- ‌عُقْبَةُ بْنُ نَافِعٍ الْفِهْرِيُّ

- ‌عَمْرُو بْنُ حَزْمٍ

- ‌مسلم بْنُ مُخَلَّدٍ الْأَنْصَارِيُّ

- ‌نوفل بن معاوية الديلميّ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ أربع وستين

- ‌وَهَذِهِ تَرْجَمَةُ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ

- ‌ذِكْرُ أَوْلَادِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَعَدَدِهِمْ

- ‌إمارة معاوية بن يزيد بن معاوية

- ‌إِمَارَةُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما

- ‌ذِكْرُ بَيْعَةِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ

- ‌وَقْعَةُ مَرْجِ رَاهِطٍ وَمَقْتَلُ الضَّحَّاكِ بْنِ قَيْسٍ الْفِهْرِيِّ رضي الله عنه

- ‌وَفِيهَا قُتِلَ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرِ بْنِ سَعْدٍ الأنصاري

- ‌المنذر بن الزبير بن العوام

- ‌مصعب بن عبد الرحمن بن عوف

- ‌ذِكْرُ هَدْمِ الْكَعْبةِ وَبِنَائِهَا فِي أَيَّامِ ابْنِ الزبير

- ‌ثم دخلت سنة خمس وستين

- ‌وقعة عين وردة

- ‌وهذه ترجمة مروان بن الحكم أحد خلفاء بنى أمية [1]

- ‌خِلَافَةُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ

- ‌ثم دخلت سنة ست وستين

- ‌فصل

- ‌ذِكْرُ مَقْتَلِ شَمِرِ بْنِ ذِي الْجَوْشَنِ. أَمِيرِ السَّرِيَّةِ الَّتِي قَتَلَتْ حُسَيْنًا

- ‌مَقْتَلُ خَوْلِيِّ بْنِ يَزِيدَ الْأَصْبَحِيِّ الَّذِي احتز رأس الحسين رضى الله عنه

- ‌مَقْتَلُ عمر بن سعد بن أبى وقاص وهو أَمِيرِ الْجَيْشِ الَّذِينَ قَتَلُوا الْحُسَيْنَ

- ‌فصل

- ‌فَصْلٌ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَسِتِّينَ

- ‌وَهَذِهِ تَرْجَمَةُ ابْنِ زِيَادٍ

- ‌وهذا ذكر مَقْتَلُ الْمُخْتَارِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ الثَّقَفِيِّ الْكَذَّابِ عَلَى يَدَيْ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ وَأَهْلِ الْبَصْرَةِ

- ‌وَهَذِهِ تَرْجَمَةُ الْمُخْتَارِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ الْكَذَّابِ

- ‌فصل

- ‌ثُمَّ دخلت سنة ثمان وستين

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ

- ‌وَفِيهَا تُوُفِّيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ تُرْجُمَانُ الْقُرْآنِ وَابْنُ عَمِّ رَسُولِ الْمَلِكِ الدَّيَّانِ

- ‌ذِكْرُ صِفَةٍ أُخْرَى لِرُؤْيَتِهِ جِبْرِيلَ

- ‌فَصَلٌ

- ‌صِفَةُ ابْنِ عباس

- ‌ثم دخلت سنة تسع وستين

- ‌وَهَذِهِ تَرْجَمَةُ الْأَشْدَقِ

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ أَيْضًا

- ‌أَبُو الأسود الدؤلي

- ‌ثُمَّ دخلت سنة سبعين من الهجرة

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ

- ‌عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ الْقُرَشِيُّ الْعَدَوِيُّ، وَأُمُّهُ جَمِيلَةُ بنت ثابت ابن أبى الأفلح

- ‌قبيصة بن ذؤيب الخزاعي الكلبي

- ‌قيس بن دريج

- ‌يَزِيدُ بْنُ زِيَادِ بْنِ رَبِيعَةَ الْحِمْيَرِيُّ

- ‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إحدى وسبعين

- ‌وَهَذِهِ تَرْجَمَةُ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ رحمه الله

- ‌فصل

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ

- ‌إِبْرَاهِيمُ بْنُ الأشتر

- ‌عبد الرحمن بن غسيلة

- ‌عُمَرُ بن سَلَمَةَ

- ‌سَفِينَةَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌عمر بْنُ أَخْطَبَ

- ‌يَزِيدُ بْنُ الْأَسْوَدِ الْجُرَشِيُّ السَّكُونِيُّ

- ‌ثم دخلت سنة ثنتين وسبعين

- ‌وهذه ترجمة عبد الله بن خَازِمٍ

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فيها من الأعيان

- ‌الأحنف بن قيس

- ‌الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبِ

- ‌ثم دخلت سنة ثلاث وسبعين

- ‌وَهَذِهِ تَرْجَمَةُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ رضي الله عنه

- ‌وَمِمَّنْ قُتِلَ مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ بِمَكَّةَ مِنَ الْأَعْيَانِ

- ‌عَبْدُ اللَّهِ بن صفوان

- ‌عبد الله بن مطيع

- ‌عوف بن مالك رضى الله عنه

- ‌أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ

- ‌وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ غَيْرُ مَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مَعَ ابْنِ الزُّبَيْرِ

- ‌عبد الله بن سعد بن جثم الْأَنْصَارِيُّ

- ‌عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي حَدْرَدٍ الْأَسْلَمِيُّ

- ‌مَالِكُ بْنُ مِسْمَعِ بْنِ غَسَّانَ الْبَصْرِيُّ

- ‌ثَابِتُ بْنُ الضَّحَّاكِ الْأَنْصَارِيُّ

- ‌زينب بنت أبى سلمة المخزومي

- ‌تَوْبَةُ بْنُ الصمة

الفصل: ‌ثم دخلت سنة ثلاث وستين

لَيْلَتَئِذٍ صَدْرًا مِنْ سُورَةِ مَرْيَمَ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم المدينة بعد أحد فشهد معه الْمُشَاهِدِ كُلَّهَا وَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ، فَلَمَّا فُتِحَتِ الْبَصْرَةُ نَزَلَهَا وَاخْتَطَّ بِهَا دَارًا، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى غَزْوِ خُرَاسَانَ فَمَاتَ بِمَرْوَ فِي خِلَافَةِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ. ذَكَرَ مَوْتَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ فِي هَذِهِ السَّنَةِ.

‌الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ

أَبُو يَزِيدَ الثَّوْرِيُّ الْكُوفِيُّ أَحَدُ أَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: مَا رَأَيْتُكَ قط إِلَّا ذَكَرْتُ الْمُخْبِتِينَ، وَلَوْ رَآكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَأَحَبَّكَ. وَكَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ يُجِلُّهُ كَثِيرًا، وَقَالَ الشَّعْبِيُّ:

كَانَ الرَّبِيعُ مِنْ مَعَادِنَ الصِّدْقِ، وَكَانَ أَوَرَعَ أَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَا يُسْأَلُ عَنْ مِثْلِهِ، وَلَهُ مَنَاقِبُ كَثِيرَةٌ جِدًّا، أَرَّخَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَفَاتَهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ.

‌عَلْقَمَةُ بْنُ قَيْسٍ أَبُو شِبْلٍ النَّخَعِيُّ الْكُوفِيُّ

كَانَ مِنْ أَكَابِرِ أَصْحَابِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَعُلَمَائِهِمْ وَكَانَ يُشَبَّهُ بِابْنِ مَسْعُودٍ. وَقَدْ رَوَى عَلْقَمَةُ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَعَنْهُ خَلْقٌ مِنَ التَّابِعِينَ.

‌عُقْبَةُ بْنُ نَافِعٍ الْفِهْرِيُّ

بَعَثَهُ مُعَاوِيَةُ إِلَى إِفْرِيقِيَّةَ فِي عَشَرَةِ آلَافٍ فَافْتَتَحَهَا، وَاخْتَطَّ الْقَيْرَوَانَ، وَكَانَ مَوْضِعُهَا غَيْضَةً لَا تُرَامُ مِنَ السِّبَاعِ وَالْحَيَّاتِ والحشرات، فدعا الله تعالى فجعلن يخرجن منها بِأَوْلَادِهِنَّ مِنَ الْأَوْكَارِ وَالْجِحَارِ، فَبَنَاهَا وَلَمْ يَزَلْ بِهَا حَتَّى هَذِهِ السَّنَةِ، غَزَا أَقْوَامًا مِنَ الْبَرْبَرِ وَالرُّومِ فَقُتِلَ شَهِيدًا رضي الله عنه.

‌عَمْرُو بْنُ حَزْمٍ

صَحَابِيٌّ جَلِيلٌ اسْتَعْمَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى نَجْرَانَ وَعُمْرُهُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَأَقَامَ بِهَا مُدَّةً، وأدرك أيام يزيد بن معاوية.

‌مسلم بْنُ مُخَلَّدٍ الْأَنْصَارِيُّ

الزُّرَقِيُّ وُلِدَ عَامَ الْهِجْرَةِ، وَسَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَشَهِدَ فَتَحَ مِصْرَ، وَوَلِيَ الْجُنْدَ بِهَا لِمُعَاوِيَةَ وَيَزِيدَ، وَمَاتَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ مِنْ هذه السنة.

‌نوفل بن معاوية الديلميّ

صَحَابِيٌّ جَلِيلٌ شَهِدَ بَدْرًا وَأُحُدًا وَالْخَنْدَقَ مَعَ الْمُشْرِكِينَ، وَكَانَتْ لَهُ فِي الْمُسْلِمِينَ نِكَايَةٌ، ثُمَّ أَسْلَمَ وَحَسُنَ إِسْلَامُهُ، وَشَهِدَ فَتْحَ مَكَّةَ وَحُنَيْنًا، وَحَجَّ مَعَ أَبِي بَكْرٍ سَنَةَ تِسْعٍ، وَشَهِدَ حَجَّةَ الْوَدَاعِ، وَعُمِّرَ سِتِّينَ سَنَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَمِثْلَهَا فِي الْإِسْلَامِ، قَالَهُ الْوَاقِدِيُّ. قَالَ: وَأَدْرَكَ أيام يزيد بن معاوية، وقال ابن الجوزي: مَاتَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ.

وَفِيهَا تُوُفِّيَتِ الرَّبَابُ بنت أنيف امْرَأَةُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةً أَهْلَ الْعِرَاقِ إِذْ هُمْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ أَوْ فِي الْجُمُعَةِ عَلَى زَوْجِهَا الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ ابْنِ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

‌ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ

فَفِيهَا كَانَتْ وَقْعَةُ الْحَرَّةِ وَكَانَ سَبَبَهَا أَنَّ أهل المدينة لما خلعوا يزيد بن معاوية وَوَلَّوْا عَلَى قُرَيْشٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُطِيعٍ وَعَلَى الْأَنْصَارِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي عَامِرٍ، فَلَمَّا كَانَ فِي أَوَّلِ هَذِهِ السَّنَةِ أَظْهَرُوا

ص: 217

ذلك واجتمعوا عند المنبر فجعل الرَّجُلُ مِنْهُمْ يَقُولُ: قَدْ خَلَعْتُ يَزِيدَ كَمَا خَلَعْتُ عِمَامَتِي هَذِهِ، وَيُلْقِيهَا عَنْ رَأْسِهِ، وَيَقُولُ الْآخَرُ: قَدْ خَلَعْتُهُ كَمَا خَلَعْتُ نَعْلِي هَذِهِ، حَتَّى اجْتَمَعَ شَيْءٌ كَثِيرٌ مِنَ الْعَمَائِمِ وَالنِّعَالِ هُنَاكَ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا عَلَى إِخْرَاجِ عَامِلِ يَزِيدَ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ، وَهُوَ عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بن أبى سفيان بن عَمِّ يَزِيدَ، وَعَلَى إِجْلَاءِ بَنِي أُمَيَّةَ مِنَ المدينة، فاجتمعت بنو أمية فِي دَارِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، وَأَحَاطَ بِهِمْ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يُحَاصِرُونَهُمْ، وَاعْتَزَلَ النَّاسَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ «زَيْنُ الْعَابِدِينَ» وَكَذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عمر ابن الخطاب لم يخلعا يزيد، ولا أحد من بيت ابن عمر، وَقَدْ قَالَ ابْنُ عُمَرَ لِأَهْلِهِ: لَا يَخْلَعَنَّ أحد منكم يزيد فتكون الْفَيْصَلُ وَيُرْوَى الصَّيْلَمُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، وَسَيَأْتِي هَذَا الْحَدِيثُ بِلَفْظِهِ وَإِسْنَادِهِ فِي تَرْجَمَةِ يَزِيدَ، وَأَنْكَرَ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي مُبَايَعَتِهِمْ لِابْنِ مُطِيعٍ وَابْنِ حَنْظَلَةَ عَلَى الْمَوْتِ، وَقَالَ: إِنَّمَا كُنَّا نُبَايِعُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَنْ لَا نَفِرَّ، وَكَذَلِكَ لَمْ يَخْلَعْ يَزِيدَ أَحَدٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَقَدْ سئل محمد بن الحنفية في ذلك فامتنع من ذلك أشد الامتناع، وَنَاظَرَهُمْ وَجَادَلَهُمْ فِي يَزِيدَ وَرَدَّ عَلَيْهِمْ مَا اتهموا يزيد به من شرب الْخَمْرَ وَتَرْكِهِ بَعْضَ الصَّلَوَاتِ كَمَا سَيَأْتِي مَبْسُوطًا فِي تَرْجَمَةِ يَزِيدَ قَرِيبًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَكَتَبَ بَنُو أُمَيَّةَ إِلَى يَزِيدَ بِمَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْحَصْرِ وَالْإِهَانَةِ، وَالْجُوعِ وَالْعَطَشِ، وَأَنَّهُ إِنْ لَمْ يَبْعَثْ إِلَيْهِمْ مَنْ يُنْقِذُهُمْ مِمَّا هُمْ فِيهِ وَإِلَّا اسْتُؤْصِلُوا عَنْ آخِرِهِمْ، وَبَعَثُوا ذَلِكَ مَعَ الْبَرِيدِ، فَلَمَّا قَدِمَ بِذَلِكَ عَلَى يَزِيدَ وَجَدَهُ جَالِسًا عَلَى سَرِيرِهِ وَرِجْلَاهُ فِي ماء يتبرد به مِمَّا بِهِ مِنَ النِّقْرِسِ فِي رِجْلَيْهِ، فَلَمَّا قرأ الكتاب انزعج لذلك وقال:

ويلك! ما فيهم ألف رجل؟ قال: بلى، قال: فهل لا قاتلوا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ؟ ثُمَّ بَعَثَ إِلَى عَمْرِو بن سعيد ابن الْعَاصِ فَقَرَأَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ وَاسْتَشَارَهُ فِيمَنْ يَبْعَثُهُ إليهم، وعرض عليه أن يبعثه إليهم فأبى عليه ذلك، وَقَالَ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَزَلَنِي عَنْهَا وَهِيَ مضبوطة وأمورها محكمة، فأما الآن فإنما دِمَاءُ قُرَيْشٍ تُرَاقُ بِالصَّعِيدِ فَلَا أُحِبُّ أَنْ أَتَوَلَّى ذَلِكَ مِنْهُمْ، لِيَتَوَلَّ ذَلِكَ مَنْ هُوَ أَبْعَدُ مِنْهُمْ مِنِّي، قَالَ: فَبَعَثَ الْبَرِيدُ إِلَى مسلم بن عقبة المزني وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ ضَعِيفٌ فَانْتَدَبَ لِذَلِكَ وَأَرْسَلَ معه يزيد عشرة آلاف فارس، وقيل اثنا عشر ألفا وخمسة عشر ألف رجل، وأعطى كل واحد منهم مائة دينار وقيل أربعة دنانير، ثم استعرضهم وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لَهُ، قَالَ الْمَدَائِنِيُّ: وَجَعَلَ عَلَى أَهْلِ دِمَشْقَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعَدَةَ الْفَزَارِيَّ، وَعَلَى أَهْلِ حِمْصَ حُصَيْنَ بْنَ نُمَيْرٍ السَّكُونِيَّ، وَعَلَى أَهْلِ الْأُرْدُنِّ حُبَيْشَ بْنَ دُلْجَةَ الْقَيْنِيَّ، وَعَلَى أَهْلِ فِلَسْطِينَ رَوْحَ بْنَ زِنْبَاعٍ الْجُذَامِيَّ وَشَرِيكَ الْكِنَانِيَّ، وَعَلَى أَهْلِ قِنَّسْرِينَ طَرِيفَ بن الحسحاس الهلالي، وعليهم مسلم بن عقبة المزني من غطفان، وإنما يسميه السلف مسرف بن عقبة. فَقَالَ النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ولنى عليهم أكفك- وكان العمان أَخَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْظَلَةَ لِأُمِّهِ عَمْرَةَ بِنْتِ رَوَاحَةَ- فَقَالَ يَزِيدُ لَا! لَيْسَ لَهُمْ إلا هذا الغشمة، والله لأقتلنهم بَعْدَ إِحْسَانِي إِلَيْهِمْ وَعَفْوِي عَنْهُمْ مَرَّةً بَعْدَ مرة. فقال النعمان يا أمير المؤمنين أنشدك الله فِي عَشِيرَتِكَ وَأَنْصَارِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جعفر: أرأيت

ص: 218

إن رجعوا إلى طاعتك أيقبل مِنْهُمْ؟ قَالَ: إِنْ فَعَلُوا فَلَا سَبِيلَ عَلَيْهِمْ، وقال يزيد لمسلم بن عقبة: ادع القوم ثلاثا فان راجعوا إِلَى الطَّاعَةِ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ، وَإِلَّا فاستعن باللَّه وقاتلهم، وإذا ظهرت عليهم فأبح المدينة ثلاثا ثم اكفف عن الناس، وَانْظُرْ إِلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ فَاكْفُفْ عَنْهُ وَاسْتَوْصِ بِهِ خَيْرًا، وَأَدْنِ مَجْلِسَهُ، فَإِنَّهُ لَمْ يدخل في شيء مما دخلوا فيه، وأمر مسلم إِذَا فَرَغَ مِنَ الْمَدِينَةِ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى مكة لحصار ابن نمير، وَقَالَ لَهُ: إِنْ حَدَثَ بِكَ أَمْرٌ فَعَلَى النَّاسِ حُصَيْنُ بْنُ نُمَيْرٍ السَّكُونِيُّ. وَقَدْ كَانَ يزيد كتب إلى عبد الله بن زياد أن يسير إلى الزُّبَيْرِ فَيُحَاصِرَهُ بِمَكَّةَ، فَأَبَى عَلَيْهِ وَقَالَ: وَاللَّهِ لَا أَجْمَعُهُمَا لِلْفَاسِقِ أَبَدًا، أَقْتُلُ ابْنَ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَغْزُو الْبَيْتَ الْحَرَامَ؟ وَقَدْ كَانَتْ أُمُّهُ مَرْجَانَةُ قَالَتْ لَهُ حِينَ قَتَلَ الْحُسَيْنَ: وَيْحَكَ مَاذَا صَنَعْتَ وماذا ركبت؟ وعنفته تعنيفا شديدا. قَالُوا: وَقَدْ بَلَغَ يَزِيدَ أَنَّ ابْنَ الزُّبَيْرِ يقول في خطبته: يزيد القرود، شارب الخمور، تارك الصلوات، منعكف على القينات. فَلَمَّا جَهَّزَ مُسْلِمَ بْنَ عُقْبَةَ وَاسْتَعْرَضَ الْجَيْشَ بِدِمَشْقَ جَعَلَ يَقُولُ: -

أَبْلِغْ أَبَا بَكْرٍ إِذَا الْجَيْشُ سَرَى

وَأَشْرَفَ الْجَيْشُ عَلَى وَادِي الْقُرَى

أَجَمْعَ سَكْرَانٍ مِنَ الْقَوْمِ تَرَى

يَا عَجَبًا من ملحد في أم القرى

مخادع للدين يقضى بِالْفِرَى

وَفِي رِوَايَةٍ

أَبْلِغْ أَبَا بَكْرٍ إِذَا الْأَمْرُ انْبَرَى

وَنَزَلَ الْجَيْشُ عَلَى وَادِي الْقُرَى

عِشْرُونَ أَلْفًا بَيْنَ كَهْلٍ وَفَتَى

أَجَمْعَ سَكْرَانٍ مِنَ الْقَوْمِ تَرَى

قَالُوا: وَسَارَ مُسْلِمٌ بِمَنْ مَعَهُ مِنَ الْجُيُوشِ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَلَمَّا اقْتَرَبَ مِنْهَا اجْتَهَدَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ فِي حِصَارِ بَنِي أُمَيَّةَ، وَقَالُوا لَهُمْ: وَاللَّهِ لَنَقْتُلَنَّكُمْ عَنْ آخِرِكُمْ أو تعطونا مَوْثِقًا أَنْ لَا تَدُلُّوا عَلَيْنَا أَحَدًا مِنْ هَؤُلَاءِ الشَّامِيِّينَ، وَلَا تُمَالِئُوهُمْ عَلَيْنَا، فَأَعْطَوْهُمُ الْعُهُودَ بِذَلِكَ، فَلَمَّا وَصَلَ الْجَيْشُ تَلَقَّاهُمْ بَنُو أُمَيَّةَ فَجَعَلَ مُسْلِمٌ يَسْأَلُهُمْ عَنِ الْأَخْبَارِ فَلَا يُخْبِرُهُ أَحَدٌ، فَانْحَصَرَ لِذَلِكَ، وَجَاءَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ فَقَالَ لَهُ: إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ.

النَّصْرَ فَانْزِلْ شَرْقِيَّ الْمَدِينَةِ فِي الْحَرَّةِ، فَإِذَا خَرَجُوا إِلَيْكَ كَانَتِ الشَّمْسُ فِي أَقْفِيَتِكُمْ وَفِي وُجُوهِهِمْ، فَادْعُهُمْ إِلَى الطَّاعَةِ، فَإِنْ أَجَابُوكَ وَإِلَّا فَاسْتَعِنْ باللَّه وَقَاتِلْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ نَاصِرُكَ عَلَيْهِمْ إِذْ خالفوا الامام وخرجوا عن الطَّاعَةِ. فَشَكَرَهُ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ عَلَى ذَلِكَ، وَامْتَثَلَ مَا أَشَارَ بِهِ، فَنَزَلَ شَرْقِيَّ الْمَدِينَةِ فِي الْحَرَّةِ، وَدَعَا أَهْلَهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، كُلُّ ذَلِكَ يَأْبَوْنَ إِلَّا الْمُحَارَبَةَ وَالْمُقَاتَلَةَ، فَلَمَّا مَضَتِ الثَّلَاثُ قَالَ لَهُمْ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ- وَهُوَ يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من ذي الحجة سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ- قَالَ لَهُمْ:

يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ: مَضَتِ الثَّلَاثُ وَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ لِي: إِنَّكُمْ أَصْلُهُ وَعَشِيرَتُهُ، وَإِنَّهُ يَكْرَهُ إِرَاقَةَ دِمَائِكُمْ، وَإِنَّهُ أَمَرَنِي أَنْ أُؤَجِّلَكُمْ ثَلَاثًا فَقَدْ مضت، فماذا أَنْتُمْ صَانِعُونَ؟ أَتُسَالِمُونَ أَمْ تُحَارِبُونَ؟

فَقَالُوا: بَلْ نُحَارِبُ. فَقَالَ: لَا تَفْعَلُوا بَلْ سَالِمُوا وَنَجْعَلُ جَدَّنَا وَقُوَّتَنَا عَلَى هَذَا الْمُلْحِدِ- يَعْنِي ابْنَ الزبير-

ص: 219

فقالوا: يَا عَدُوَّ اللَّهِ! لَوْ أَرَدْتَ ذَلِكَ لَمَا مَكَّنَّاكَ مِنْهُ، أَنَحْنُ نَذَرُكُمْ تَذْهَبُونَ فَتُلْحِدُونَ فِي بيت الله الحرام؟ ثم تهيأوا لِلْقِتَالِ، وَقَدْ كَانُوا اتَّخِذُوا خَنْدَقًا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ابن عُقْبَةَ، وَجَعَلُوا جَيْشَهُمْ أَرْبَعَةَ أَرْبَاعٍ عَلَى كُلِّ ربع أمير، وجعلوا أجمل الْأَرْبَاعِ الرُّبُعَ الَّذِي فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَنْظَلَةَ الْغَسِيلِ، ثُمَّ اقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، ثُمَّ انْهَزَمَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ إِلَيْهَا. وَقَدْ قُتِلَ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ خَلْقٌ مِنَ السَّادَاتِ وَالْأَعْيَانِ، مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُطِيعٍ وَبَنُونَ لَهُ سَبْعَةٌ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَنْظَلَةَ الْغَسِيلُ، وَأَخُوهُ لِأُمِّهِ مُحَمَّدُ بْنُ ثَابِتِ بْنِ شَمَّاسٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، وَقَدْ مَرَّ بِهِ مروان وهو مجندل فَقَالَ: رَحِمَكَ اللَّهُ فَكَمْ مِنْ سَارِيَةٍ قَدْ رَأَيْتُكَ تُطِيلُ عِنْدَهَا الْقِيَامَ وَالسُّجُودَ.

ثُمَّ أَبَاحَ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ، الَّذِي يَقُولُ فِيهِ السَّلَفُ مسرف بن عقبة- قبحه الله من شيخ سوء ما أجهله- الْمَدِينَةَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ كَمَا أَمَرَهُ يَزِيدُ، لَا جَزَاهُ اللَّهُ خَيْرًا، وَقَتَلَ خَلْقًا مِنْ أَشْرَافِهَا وَقُرَّائِهَا وَانْتَهَبَ أَمْوَالًا كَثِيرَةً مِنْهَا، وَوَقَعَ شَرٌّ عَظِيمٌ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ عَلَى مَا ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ. فَكَانَ مِمَّنْ قُتِلَ بَيْنَ يَدَيْهِ صَبْرًا معقل بن سنان، وَقَدْ كَانَ صَدِيقَهُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَلَكِنْ أَسْمَعَهُ فِي يَزِيدَ كَلَامًا غَلِيظًا فَنَقَمَ عَلَيْهِ بِسَبَبِهِ، وَاسْتَدْعَى بِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ فَجَاءَ يَمْشِي بَيْنَ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ وَابْنِهِ عَبْدِ الْمَلِكِ، لِيَأْخُذَ لَهُ بِهِمَا عِنْدَهُ أَمَانًا، وَلَمْ يَشْعُرْ أَنَّ يزيد أَوْصَاهُ بِهِ، فَلَمَّا جَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ اسْتَدْعَى مَرْوَانُ بِشَرَابٍ- وَقَدْ كَانَ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ حَمَلَ مَعَهُ مِنَ الشَّامِ ثَلْجًا إِلَى الْمَدِينَةِ فَكَانَ يُشَابُ لَهُ بِشَرَابِهِ- فَلَمَّا جِيءَ بِالشَّرَابِ شَرِبَ مَرْوَانُ قَلِيلًا ثُمَّ أَعْطَى الْبَاقِيَ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ لِيَأْخُذَ لَهُ بِذَلِكَ أَمَانًا، وَكَانَ مروان مواداً لعلى ابن الْحُسَيْنِ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ قَدْ أَخَذَ الْإِنَاءَ فِي يَدِهِ قَالَ لَهُ: لَا تَشْرَبْ مِنْ شَرَابِنَا، ثُمَّ قَالَ لَهُ: إِنَّمَا جِئْتَ مَعَ هَذَيْنَ لِتَأْمَنَ بِهِمَا؟ فَارْتَعَدَتْ يَدُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَجَعَلَ لَا يَضَعُ الْإِنَاءَ مِنْ يَدِهِ وَلَا يَشْرَبُهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: لَوْلَا أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَوْصَانِي بِكَ لَضَرَبْتُ عُنُقَكَ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: إِنْ شِئْتَ أَنْ تَشَرَبَ فَاشْرَبْ، وَإِنْ شِئْتَ دَعَوْنَا لَكَ بغيرها، فقال: هذه الّذي فِي كَفِّي أُرِيدُ، فَشَرِبَ ثُمَّ قَالَ لَهُ مسلم بن عقبة: قم إلى هاهنا فاجلس، فَأَجْلَسَهُ مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ وَقَالَ لَهُ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَوْصَانِي بِكَ، وَإِنَّ هَؤُلَاءِ شَغَلُونِي عنك. ثم قال لعلى بن الحسين: لعل أهلك فزعوا، فقال: إِي وَاللَّهِ. فَأَمَرَ بِدَابَّتِهِ فَأُسْرِجَتْ ثُمَّ حَمَلَهُ عَلَيْهَا حَتَّى رَدَّهُ إِلَى مَنْزِلِهِ مُكَرَّمًا. ثُمَّ اسْتَدْعَى بِعَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ- وَلَمْ يَكُنْ خَرَجَ مَعَ بَنِي أُمَيَّةَ- فَقَالَ لَهُ: إِنَّكَ إِنْ ظَهَرَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ قُلْتَ أَنَا مَعَكُمْ، وَإِنْ ظَهَرَ أَهْلُ الشَّامِ قُلْتَ أَنَا ابْنُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَنُتِفَتْ لحيته بين يديه- وكان ذا لحية كبيرة- قَالَ الْمَدَائِنِيُّ: وَأَبَاحَ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ الْمَدِينَةَ ثلاثة أيام، يقتلون من وجدوا من النَّاسَ، وَيَأْخُذُونَ الْأَمْوَالَ. فَأَرْسَلَتْ سُعْدَى بِنْتُ عَوْفٍ المرية إلى مسلم بن عقبة تقول له: أَنَا بِنْتُ عَمِّكَ فَمُرْ أَصْحَابَكَ أَنْ لَا يتعرضوا لإبلنا بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: لَا تَبْدَءُوا إلا بأخذ إبلها أولا. وجاءته امرأة فقالت:

ص: 220

أَنَا مَوْلَاتُكَ وَابْنِي فِي الْأُسَارَى، فَقَالَ: عَجِّلُوهُ لها، فضربت عنقه، وقال: أعطوه رأسه، أما ترضين أن لا يقتل حَتَّى تَتَكَلَّمِي فِي ابْنِكِ؟ وَوَقَعُوا عَلَى النِّسَاءِ حَتَّى قِيلَ إِنَّهُ حَبِلَتْ أَلْفُ امْرَأَةٍ فِي تلك الأيام من غير زوج فاللَّه أعلم. قَالَ الْمَدَائِنِيُّ عَنْ أَبِي قُرَّةَ قَالَ قَالَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ: وَلَدَتْ أَلْفُ امْرَأَةٍ مِنْ أهل المدينة بعد وقعة الْحَرَّةِ مِنْ غَيْرِ زَوْجٍ. وَقَدِ اخْتَفَى. جَمَاعَةٌ مِنْ سَادَاتِ الصَّحَابَةِ مِنْهُمْ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَخَرَجَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ فَلَجَأَ إِلَى غَارٍ فِي جَبَلٍ فَلَحِقَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، قَالَ: فَلَمَّا رَأَيْتُهُ انْتَضَيْتُ سَيْفِي فَقَصَدَنِي، فلما رآني صمم على قتلى فشممت سَيْفِي ثُمَّ قُلْتُ:(إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جزاء الظالمين) فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَالَ: مَنْ أَنْتَ؟

قُلْتُ: أَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ قَالَ: صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قُلْتُ: نَعَمَ! فَمَضَى وَتَرَكَنِي.

قَالَ الْمَدَائِنِيُّ: وَجِيءَ إِلَى مُسْلِمٍ بِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ فَقَالَ لَهُ: بَايِعْ! فَقَالَ: أُبَايِعُ عَلَى سِيرَةِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ: فَأَمَرَ بِضَرْبِ عُنُقِهِ، فَشَهِدَ رَجُلٌ أَنَّهُ مَجْنُونٌ فَخَلَّى سبيله. وقال المدائني عن عَبْدِ اللَّهِ الْقُرَشِيِّ وَأَبِي إِسْحَاقَ التَّمِيمِيِّ قَالَا: لَمَّا انْهَزَمَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَوْمَ الْحَرَّةِ صَاحَ النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ:

بِعُثْمَانَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ. قَالَ الْمَدَائِنِيُّ عَنْ شَيْخٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. قَالَ: سَأَلْتُ الزُّهْرِيَّ كَمْ كَانَ الْقَتْلَى يَوْمَ الْحَرَّةِ قَالَ: سَبْعُمِائَةٌ مِنْ وُجُوهِ النَّاسِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَوُجُوهِ الْمَوَالِي وَمِمَّنْ لَا أعرف مِنْ حُرٍّ وَعَبْدٍ وَغَيْرِهِمْ عَشَرَةُ آلَافٍ. قَالَ: وَكَانَتِ الْوَقْعَةُ لِثَلَاثٍ بَقِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ، وَانْتَهَبُوا الْمَدِينَةَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. قَالَ الْوَاقِدِيُّ وَأَبُو مَعْشَرٍ: كَانَتْ وَقْعَةُ الْحَرَّةِ يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من ذي الحجة سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ.

قَالَ الْوَاقِدِيُّ عَنْ عَبْدِ الله بن جعفر عن ابن عون قَالَ: وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَبْدُ اللَّهِ بن الزبير، وكانوا يسمونه العائذ- يعنى العائذ بالبيت- ويرون الأمر شورى، وجاء خبر الحرة إلى أهل مكة لَيْلَةَ مُسْتَهَلِّ الْمُحَرَّمِ مَعَ سَعِيدٍ مَوْلَى الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، فَحَزِنُوا حُزْنًا شَدِيدًا وَتَأَهَّبُوا لِقِتَالِ أَهْلِ الشَّامِ. قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَقَدْ رُوِيَتْ قِصَّةُ الْحَرَّةِ عَلَى غَيْرِ مَا رَوَاهُ أَبُو مِخْنَفٍ، فَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ زُهَيْرٍ ثَنَا أَبِي سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ جَرِيرٍ ثَنَا جُوَيْرِيَةُ بْنُ أَسْمَاءَ قَالَ: سَمِعْتُ أَشْيَاخَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يُحَدِّثُونَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ دَعَا ابْنَهُ يَزِيدَ فَقَالَ لَهُ: إِنْ لَكَ مِنْ أَهْلِ المدينة يوما، فان فعلوا فارمهم بمسلم ابن عقبة فإنه رجل قد عرفت نصيحته لنا، فلما هلك معاوية وفد إلى يزيد وَفْدٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَكَانَ مِمَّنْ وَفَدَ إليه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي عَامِرٍ- وكان شريفا فاضلا سيدا عابدا- ومعه ثمانية بنين له فأعطاه يزيد مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَأَعْطَى بَنِيهِ كُلَّ وَاحِدٍ منهم عشرة آلاف سوى كسوتهم وحملاتهم، ثم رجعوا إلى المدينة، فلما قدمها أتاه الناس فقالوا له: ما وراءك؟ فقال: جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ رَجُلٍ وَاللَّهِ لَوْ لَمْ أَجِدْ إِلَّا بَنِي هَؤُلَاءِ لَجَاهَدْتُهُ بِهِمْ. قَالُوا: قد بلغنا أنه أعطاك وأخدمك وأحذاك

ص: 221

وَأَكْرَمَكَ. قَالَ: قَدْ فَعَلَ وَمَا قَبِلْتُ مِنْهُ إلا لأتقوّى به على قتاله، فَحَضَّ النَّاسَ فَبَايَعُوهُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ يَزِيدَ فَبَعَثَ إِلَيْهِمْ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ، وَقَدْ بَعَثَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ إِلَى كُلِّ مَاءٍ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الشَّامِ فصبوا فيه زقا من قطران وغوّروه، فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَى جَيْشِ الشَّامِ السَّمَاءَ مِدْرَارًا بالمطر، فَلَمْ يَسْتَقُوا بِدَلْوٍ حَتَّى وَرَدُوا الْمَدِينَةَ، فَخَرَجَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ بِجُمُوعٍ كَثِيرَةٍ وَهَيْئَةٍ لَمْ يُرَ مثلها، فلم رآهم أهل الشام هابوهم وكرهوا قتالهم، وكان أميرهم مسلم شَدِيدُ الْوَجَعِ، فَبَيْنَمَا النَّاسُ فِي قِتَالِهِمْ إِذْ سَمِعُوا التَّكْبِيرَ مِنْ خَلْفِهِمْ فِي جَوْفِ الْمَدِينَةِ، قد أقحم عَلَيْهِمْ بَنُو حَارِثَةَ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ وَهُمْ على الجدر، فَانْهَزَمَ النَّاسُ فَكَانَ مَنْ أُصِيبَ فِي الْخَنْدَقِ أعظم ممن قتل، فدخلوا المدينة وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَنْظَلَةَ مُسْتَنِدٌ إِلَى الْجِدَارِ يَغُطُّ نَوْمًا، فَنَبَّهَهُ ابْنُهُ، فَلَمَّا فَتَحَ عَيْنَيْهِ وَرَأَى مَا صَنَعَ النَّاسُ، أَمَرَ أَكْبَرَ بَنِيهِ فتقدم فقاتل حَتَّى قُتِلَ، فَدَخَلَ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ الْمَدِينَةَ فَدَعَا النَّاسَ لِلْبَيْعَةِ عَلَى أَنَّهُمْ خَوَلٌ لِيَزِيدَ بن معاوية، ويحكم فِي دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ مَا شَاءَ.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَرْجَمَةِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الصَّمَدِ مِنْ تَارِيخِهِ مِنْ كِتَابِ الْمُجَالَسَةِ لِأَحْمَدَ بْنِ مَرْوَانَ الْمَالِكِيِّ: ثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْيَشْكُرِيُّ ثَنَا الزِّيَادِيُّ عَنِ الْأَصْمَعِيِّ ح. وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَارِثِ عَنِ الْمَدَائِنِيِّ قَالَ: لَمَّا قُتِلَ أَهْلُ الْحَرَّةِ هَتَفَ هَاتِفٌ بِمَكَّةَ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ مَسَاءَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ، وَابْنُ الزبير جالس يسمع: -

والصائمون القانتون

أولو العبادة والصلاح

المهتدون المحسنون

السَّابِقُونَ إِلَى الْفَلَاحِ

مَاذَا بِوَاقِمَ وَالْبَقِيعِ

مِنَ الجحاجحة الصباح

وبقاع يثرب ويحهنن

من النوادب والصياح

قتل الخيار بنوا الخيار

ذوى المهابة والسماح

فقال ابن الزبير: يا هؤلاء قتل أصحابكم ف إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ. 2: 156 وَقَدْ أَخْطَأَ يَزِيدُ خَطَأً فَاحِشًا فِي قَوْلِهِ لِمُسْلِمِ بْنِ عُقْبَةَ أَنْ يُبِيحَ الْمَدِينَةَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَهَذَا خَطَأٌ كبير فاحش، مع ما انضم إلى ذلك من قتل خلق من الصحابة وأبنائهم، وقد تقدم أنه قتل الحسين وأصحابه على يدي عبيد الله بن زياد. وقد وَقَعَ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنَ الْمَفَاسِدِ الْعَظِيمَةِ فِي الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ مَا لَا يُحَدُّ وَلَا يُوَصَفُ، مِمَّا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ عز وجل، وَقَدْ أَرَادَ بِإِرْسَالِ مُسْلِمِ بْنِ عقبة توطيد سلطانه وملكه، ودوام أيامه من غير منازع، فعاقبه الله بنقيض قصده، وحال بينه وبين ما يشتهيه، فَقَصَمَهُ اللَّهُ قَاصِمُ الْجَبَابِرَةِ، وَأَخَذَهُ أَخْذَ عَزِيزٍ مقتدر [وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظالمة إن أخذه أليم شديد.][1]

[1] سقط من المصرية.

ص: 222

قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الحارث ثنا الفضل بن موسى ثنا الجعد عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ عَنْ أَبِيهَا. قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «لَا يَكِيدُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَحَدٌ إِلَّا انْمَاعَ كَمَا يَنْمَاعُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ» . وَقَدْ رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أبى عبد الله القراظ المديني- وَاسْمُهُ دِينَارٌ- عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: «لا يريد أحد المدينة بسوء إلا إذا به اللَّهُ فِي النَّارِ ذَوْبَ الرَّصَاصِ- أَوْ ذَوْبَ الملح في الماء» . وفي رواية المسلم مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْقَرَّاظِ عَنْ سَعْدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ أَرَادَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ بِسُوءٍ أَذَابَهُ اللَّهُ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ» وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ ثَنَا يَزِيدُ بْنُ خُصَيْفَةَ عَنْ عطاء بن يسار عن السائب ابن خَلَّادٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ أَخَافَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ ظُلْمًا أَخَافَهُ اللَّهُ وَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا» . وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ غَيْرِ وجه عن على ابن حُجْرٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ يَزِيدَ بن خصيفة عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرحمن ابن أَبِي صَعْصَعَةَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنِ خلاد بن منجوف بْنِ الْخَزْرَجِ أَخْبَرَهُ فَذَكَرَهُ. وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْحُمَيْديُّ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ. وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا عَنْ يَحْيَى بْنِ حَبِيبِ بْنِ عَرَبِيٍّ عَنْ حَمَّادٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنِ ابْنِ خَلَّادٍ- وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَهُ. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ عَنِ ابْنِ الْهَادِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنِ السَّائِبِ بْنِ خَلَّادٍ، قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«مَنْ أَخَافَ أَهْلَ الْمَدِينَةِ أَخَافَهُ اللَّهُ، وَعَلَيْهِ لَعْنَةُ الله والملائكة والناس أجمعين» . وقال الدار قطنى: ثنا على بن أحمد بن القاسم ثَنَا أَبِي ثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ ثَنَا أَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ الْأَنْصَارِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ ابني جابر عَبْدِ اللَّهِ قَالَا: خَرَجْنَا مَعَ أَبِينَا يَوْمَ الْحَرَّةِ وَقَدْ كُفَّ بَصَرُهُ فَقَالَ: تَعِسَ مَنْ أَخَافَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

ابْنُ فقلنا: يا أبة وَهَلْ أَحَدٌ يُخِيفُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ أَخَافَ أَهْلَ هَذَا الْحَيَّ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقَدْ أَخَافَ مَا بين هذين- ووضع يده على جبينه-» قَالَ الدِّارَقُطْنِيُّ:

تَفَرَّدَ بِهِ سَعْدُ بْنُ عَبْدِ العزيز لَفْظًا وَإِسْنَادًا، وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَأَمْثَالِهِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى التَّرْخِيصِ فِي لَعْنَةِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ اخْتَارَهَا الْخَلَّالُ وَأَبُو بَكْرٍ عَبْدُ الْعَزِيزِ وَالْقَاضِي أَبُو يَعْلَى وَابْنُهُ الْقَاضِي أَبُو الْحُسَيْنِ وانتصر لذلك أَبُو الْفَرَجِ بْنُ الْجَوْزِيِّ فِي مُصَنَّفٍ مُفْرَدٍ، وجوز لعنته.

وَمَنَعَ مِنْ ذَلِكَ آخَرُونَ وَصَنَّفُوا فِيهِ أَيْضًا لِئَلَّا يُجْعَلَ لَعْنُهُ وَسِيلَةً إِلَى أَبِيهِ أَوْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَحَمَلُوا مَا صَدَرَ عَنْهُ مِنْ سُوءِ التَّصَرُّفَاتِ عَلَى أَنَّهُ تَأَوَّلَ وَأَخْطَأَ، وَقَالُوا: إِنَّهُ كَانَ مَعَ ذَلِكَ إِمَامًا فَاسِقًا، والامام إذا فسق لا يعزل بمجرد فسقه عَلَى أَصَحِّ قَوْلَيِ الْعُلَمَاءِ، بَلْ وَلَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ عَلَيْهِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ

ص: 223