المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الفصل السابع في عقد الإجارة على زيارة النبي صلى الله عليه - البدر التمام شرح بلوغ المرام ت الزبن - جـ ٥

[الحسين بن محمد المغربي]

الفصل: ‌ ‌الفصل السابع في عقد الإجارة على زيارة النبي صلى الله عليه

‌الفصل السابع

في عقد الإجارة على زيارة النبي صلى الله عليه وسلم فظاهر مذهب الهادوية (1) وغيرهم من الأئمة صحة عقد الإجارة لأن (أ) ذلك عمل مقدور معلوم وهو الوصول إلى حضرة النبي صلى الله عليه وسلم والتسليم عليه، ويستحق المسمى من الأجرة إذا زار وفعل ما أمر به وإن عين له الزمان تعين عليه فإذا استؤجر للحج والزيارة فإن فعلهما استحق الأجرة المسماة، وإن حج ولم يزر سقط عليه من الأجرة بقدر مسافة طريق الزيارة من مكة، وإن لم يعين له الزمان فله أن يزور في أي وقت شاء، وله أن يستنيب إذا شرط أو كان له عذر، وقد ذكر مثل هذا في تهذيب الطالب لعبد الحق وصححه السبكي وقال: والذي ذكره أصحابنا أن الاستئجار على الزيارة لا يصح لأنه عمل غير مضبوط ولا مقدر بشرع (ب) والجعالة إذا وقعت (جـ) على نفس الوقوف لم تصح أيضًا لأن ذلك مما لا يصح فيه النيابة عن الغير، وإن وقعت على الدعاء عند القبر الشريف كانت صحيحة لأن الدعاء مما يصح النيابة فيه والجهل بالدعاء لا يبطلها، قاله الماوردي.

وبقي قسم ثالث لم يذكره وهو إبلاغ السلام ولا شك في جواز الإجارة والجعالة عليه، وفي التنبيه للديمي (د) أن الاستئجار للزيارة فيه ثلاثة

(أ) هـ: (وأن).

(ب) هـ: (مشروع).

(جـ) هـ: (جعلت).

(د) غير ظاهر بالنسخ.

_________

(1)

هذا على مقتضى مذهب الهادوية أما شد الرحال فكما بين الرسول صلى الله عليه وسلم أنها للمساجد الثلاثة. فمن باب أولى أن هذا العقد لا يجوز.

ص: 451

أوجه أصحها فيما قاله ابن سراقة الجواز واختاره الأصبحي صاحب المفتاح.

والثاني المنع وبه قطع الماوردي.

والثالث وبه قال الإِمام الحكمي واختاره الأصبحي صاحب المغني على أنه يبني على ما إذا حلف لا أكلم فلانًا. فكاتبه أو راسله، والصحيح عدم الحنث فلا يصح الاستئجار، وإن قلنا يحنث صح.

قال السيد نور الدين بن علي السمهودي: والبناء ضعيف إذ الملحوظ في الأيمان العرف، وأما الزيارة وإبلاغ السلام فقربة مقصودة. والحق صحة الاستئجار للسلام على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء عنده، انتهى.

وأما النذر بالزيارة للنبي صلى الله عليه وسلم فعلى ما تقدم من الإشارة إلى أنها واجبة، فالنذر لازم عند الجميع، وعلى القول بأنها سنة فعلى ما ذهب إليه الهادوية، وذكره الأزرقي لمذهب الهادي وهو قول أبي حنيفة وأصحابه أنه لا يجب الوفاء إلا بما جنسه واجب والزيارة جنسها ليس بواجب فلا يلزم الوفاء بالنذر، وعلى ما ذهب إليه القاسم الراسي وصاحب الوافي ومالك والشافعي وهو ظاهر قول المؤيد بالله أنه يجب الوفاء بما جنسه قربة وإن كان غير واجب، والزيارة جنسها قربة فيجب الوفاء بها.

قال القاضي ابن كج من أصحاب الشافعي: إذا نذر أن يزور النبي صلى الله عليه وسلم فعندي أنه يلزمه الوفاء وجها واحدا وإذا نذر أن يزور غيره فيه وجهان، والقطع في زيارة النبي صلى الله عليه وسلم بالوجوب هو الحق لأنها قربة مقصودة للأدلة الخاصة، وقد وجب من جنس ذلك الهجرة إليه في حياته صلى الله عليه وسلم كما قيل بوجوب جنس الاعتكاف كوجوب الوقوف بعرفة، وإنما كان في زيارة غير النبي صلى الله عليه وسلم وجهان لأن جنس الزيارة ليس بقربة محضة فإنها قد تكون مباحة كزيارة آحاد الناس الأحياء فاحتمل عدم اللزوم، واحتمل اللزوم لأن زيارة القبور قربة عن نفسها مرغب فيها.

ص: 452

وبهذا تم الكلام في منسك الزيارة والحمد لله رب العالمين وتم بها الجزء الأول ويتلوه الجزء الثاني من كتاب البيع، وصلى الله على سيدنا محمَّد وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحابته الأخيار الراشدين كما ذكره الذاكرون وكلما غفل عن ذكره الغافلون (أ).

آخر الجزء الخامس، ويتلوه إِن شاء الله الجزء السادس وأوله: كتاب البيوع والحمد لله رب العالمين

(أ) في هامش نسخة الأصل:

"بلغ مقابلة .... الفضلاء في .... آخرها عقب صلاة

العالية الخمس لغاية

شهر ربيع أول سنة

لصفر .... عفا الله عنه آمين ............................ ".

وافق الفراغ من رقمه يوم الأربعاء لعله ثالث وعشرين من شهر جمادى الآخرة من شهور سنة إحدى وستين ومائة وألف سنة من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلوات والتسليم، وهو حسبي وكفى ودعم الوكيل.

بعناية سيدنا الشيخ العلامة ضياء الدين ناصر بن حسين بن علي بن الهادي المحبشي، أطال الله أيامه وبلغه من خير الدارين آماله ونفع به وجزاه عنا خيرًا ووفقنا وإياه إلى رضاه آمين اللهم آمين، بخط أفقر عباد الله وأحوجهم إلى عفوه وغفرانه الحيبن بن إبراهيم بن يحيى بن القاسم بن المؤيد بالله محمَّد بن القاسم المنصور بالله وفقه الله لصالح الأعمال، وختم له بالحسنى بحق محمَّد وآله صلى الله عليه وآله وسلم.

وفي آخر هـ:

"وكان الفراغ من زبره صبح يوم الإثنين لعله ثالث يوم في شهر صفر الخير سنة إحدى وسبعين ومائة وألف سنة من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام بمحروس مدينة صنعاء المحمية بالله تعالى بقلم العبد الفقير إلى ربه المعترف بذنبه السيد أحمد بن إسماعيل الخمري نسبًا والزيدي مذهبًا والحرة بلدًا والعدلي معتقدًا، غفر الله له ولوالديه ولجميع المسلمين بحق محمَّد وآله الطاهرين، بعناية الصنو (!) السيد الجليل السامي النبيل ................. تولى الله رعايته وشمل بالإسعاد بدايته ونهايته. آمين آمين آمين".

ص: 453